الضرر في الفعل الضار وفقاً للقانون
الأردني
– دراسة مقارنة–
نائل علي المساعدة*
المقدمة:
تختلف
التشريعات فيما بينها في النظريات التي تبنى على أساسها المسؤولية التقصيرية أو ما يطلق عليه في القانون الأردني بالفعل الضار. فبعضـها
يقيم المسؤولية
التقصيـرية على فعل الأضرار دون الخطأ، وبعضها الآخر يقيمها على الخطأ
بحيث إن من تسبـب في الضرر لا يلتزم بالتعويض إلا
إذا كان مخطئاً.
وترجع أهمية
الضرر باعتباره أحد أركان الفعل الضار المنشىً للالتزام إلى أنه المتطلب الأول
الذي لابد من توافره لكي يصار إلى البحث عن الأركان الأخرى، فعلى سبيل المثال لا
يكفي أن يقع من الفاعل فعل يشكل انحرافاً في السلوك لكي تنهض في مواجهته المسئولية
عن هذا الفعل طالما لم يترتب على ذلك الانحراف ضرر ألم بالمضرور وتوافرت شروطه
القانونية.
ولا تختلف التشريعات فيما بينها في اشتراط
وقوع الضرر لتحقق المسئولية عن الفعل الضار وفي أنه النواة التي من بعدها يبحث عن
الأركان والشرائط الأخرى، وإن اختلفت تلك التشريعات في الفعل المؤدي إلى الضرر
فبعضها اشترط أن ينطوي على الخطأ وما يستتبعه من القول بضرورة صدوره عن مدرك ذلك
أنه يجب أن يكون الفاعل مميزاً ومدركاً طبيعة فعل الانحراف في السلوك الذي يرتكبه
لكي يقال بمسؤوليته عن نتائج ذلك الفعل، وفي المقابل فإن البعض الآخر ومنها
القانون الأردني لم يشترط ذلك وجعل المسئولية قائمة في حق من يرتكب فعل الأضرار
متى أصاب الغير ضرر جراءه بغض النظر عن مدى تمييزه وإدراكه وفي ذلك زيادة في حماية
حق المضرور في اقتضاء التعويض من الفاعل([i]).
وعليه فإذا كان أساس المسؤولية التقصيرية في بعض التشريعات مثل القانون المدني
المصري هو الخطأ، فإن المشرع الأردني قد ساير الفقه الإسلامي.
باعتبار أساس هذه المسؤولية هو الفعل الضار ولو صدر من غير مميز. وعليه تنهض مسؤولية مرتكب الفعل الضار في
القانون المدني الأردني على أركان ثلاثة: فعل الإضرار، والضرر، وعلاقة السببية
بين الفعل والضرر، و هذه الأركان الثلاثة
تحددت بالمادة 256 من القانون المدني الأردني التي تنص على أن "كل إضرار بالغير يلزم
فاعله، ولو غير مميز بضمان الضرر".
ورجوعاً إلى
القانون المدني المصري نجد أنه يشترط القانون أن يكون الفعل
من قبيل الخطأ، فالمسؤولية في هذا القانون لا تقوم كقاعدة عامة إلا إذا كان الفعل
خطأ وهذا ما يتبين من المادة (163) من القانون المدني المصري التي تنص على أن "كل خطأ سبب ضرراً
للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض". والخطأ يتضمن ركنين أحدهما مادي وهو التعدي
والآخر معنوي وهو الإدراك،
والإدراك يعني أن يكون الفاعل مميزاً لأفعاله فلا تقوم مثلاً مسؤولية الصغير غير
المميز عن أفعاله الضارة بالغير لعدم توافر الإدراك لديه في نطاق هذا القانون([ii]).
وإذا كانت النظم القانونية المختلفة قد تباينت مواقفها من أساس المسؤولية
التقصيرية حيث ترددت بين الخطأ أو مجرد إحداث الضرر، فإنها لم تختلف حول ضرورة
اشتراط الضرر لقيام هذه المسؤولية، فالضرر هو الركن الذي لا خلاف عليه من أركان المسؤولية التقصيرية، فهو العنصر الذي لابد من توافره ابتداءً لإمكان البحث عن
مسؤولية محدثه وفق قواعد المسؤولية عن الفعل الضار المنشىً للالتزام([iii]).
لذلك إذا ارتكب شخص مخالفة
للقانون دون أن يوقع ضرراً بالغير، كما لو خرق السائق إشارة المرور ولم يلحق ضرراً بالغير، فانه لا يسأل مدنياً لأن أساس المسؤولية المدنية هو وقوع الضرر
وليس حدوث الفعل الخاطئ، وإن كان يسأل جزائياً عن ذلك الفعل وفقاً لقواعد
المسئولية الجزائية.
والضرر
يتناسب طردياً
مع درجة جسامة الفعل الضار، فهذا الأخير قد يؤدي إلى إتلاف المال أو موت المصاب أو جرحه أو
المساس بشرفه وكرامته، وللمضرور بالتالي المطالبة بجبر ذلك الضرر سواءً أكان
مادياً أم معنوياً طالما أنه كان ناجماً عن الفعل الضار.
والضرر: هو الأذى الذي يلحق
بالشخص في ماله أو جسده أو عرضه أو عاطفته، وهو واجب التعويض مهما كان نوعه مادياً كان أم معنوياً وفقاً لأحكام القانون
المدني الأردني.
ولعل مجرد معرفة وحدة التشريعات المختلفة
في تطلبها لركن الضرر باعتباره الأساس في المسؤولية يوضح مدى أهمية دراسة هذا
الموضوع، أضف إلى ذلك الاختلاف في أحكام الضرر الأدبي بين القانون الأردني وغيره
مما يزيد من أهمية بحثه للتعرف على تلك الأحكام ووضعها موضع التطبيق، وسوف يتناول
هذا البحث الضرر كأحد أركان المسؤولية التقصيرية في نوعيه المادي والمعنوي.
الفصل
الأول: الضرر المادي.
الفصل
الثاني: الضرر الأدبي.
الفصل الأول
الضـرر المـادي
الضرر المادي: هو ما يصيب الذمة المالية فيسبب لصاحبها خسارة
مالية([iv]).
ويشمل الأضرار التي تصيب الشخص في
سلامة جسمه([v]).
فيعتبر ضرراً مادياً كل مساس
بحقوق الشخص المالية كحق الملكية وحق الانتفاع وحق الارتفاق وحقوق الدائنية وحقوق
المؤلف والمخترع حيث يترتب على هذا المساس انتقاص للمزايا المالية التي تخولها هذه الحقوق
لأصحابها ويعتبر أيضاً ضرراً مادياً كل مساس بصحة الإنسان وسلامة جسمه إذا كان يترتب عليه خسارة مالية كالإصابة
التي تعجز الشخص عن الكسب عجزاً كلياً أو جزئياً أو تقتضي علاجاً يكلف نفقات مالية معينة، وكل مساس بحق من الحقوق
المتصلة بشخص الإنسان كالحرية الشخصية وحرية العمل وحرية الرأي إذا كان يترتب عليه
خسارة مالية كحبس شخص دون حق أو منعه من السفر إلى جهة معينه للحيلولة دون قيامه
بعمل معين يعود عليه بربح مالي أو يدرأ عنه خسارة مالية([vi]).
فالأضرار المادية التي يمكن تعويضها
تتخذ صوراً عديدة ومتنوعة. فقد يكون الضرر عبارة عن إتلاف المال، كحرق عقار أو
إتلاف سيارة بحادث اصطدام وقد يكمن الضرر المالي في مجرد نقص قيمة الشيء
الاقتصادية دون أن يصيبه تلف مادي، كما لو تسبب تمديد أسلاك كهرباء ضغط عالي في أرض معينة في نقص قيمة هذه الأرض.
والضرر
المادي لا يقف عند هذه الصور، فهو يمكن أن يشمل كل صور الخسارة المالية
الناجمة عن فعل من أفعال التعدي الذي ينسب
للغير، كالمنافسة غير المشروعة أو نتيجة الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية
والأدبية والصناعية، كطبع كتاب بدون إذن مؤلفه أو استغلال براءة اختراع مسجلة باسم
المتضرر أو تقلد علامة تجارية مملوكة للغير([vii]).
وقد جاء في حكم لمحكمة التمييز الأردنية أن انقطاع الإعالة بسبب طلاق
تعسفي يشكل ضرراً يستوجب التعويض
حيث نص الحكم على أنه "من المبادئ التي استقر عليها اجتهاد
الفقه والقضاء أن الزوج المسيحي الذي يطلق زوجته المسيحية بعد اعتناقه الديانة
الإسلامية فإنه يكون ملزماً بالتعويض عن الضرر الذي أصابها من جراء ذلك إذا كان
ناتجاً عن تعسف الزوج، لأن الزوجة المسيحية التي طلقت تكون قد حرمت بعد الطلاق من
إعالة زوجها لها والإنفاق عليها باعتبار أن عقد الزواج بين المسيحيين رابطة أبدية،
وهذا مستفاد من قواعد الأحوال الشخصية للطائفة المسيحية "([viii]).
والضرر
المادي الموجب
للتعويض يتمثل في عنصرين وردا في المادة (266) من القانون المدني الأردني التي جاء فيها:
"يقدر الضمان في جميع الأحوال بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب
بشرط أن يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار".
ونورد على سبيل المثال لا الحصر لو أن
تاجراً متجولاً أصيبت سيارته التي يستخدمها في نقل وعرض بضاعته بحادث سير فإن قيمة
السيارة إذا أتلفت كلياً أو أصبحت عديمة الفائدة، أو نفقات إصلاحها إن كانت قابلة
للإصلاح، هي الخسارة التي لحقت بالمضرور، أما عجز التاجر عن العمل وما فقده من
الربح الذي كان من الممكن أن يحققه من تجارته لولا وقوع الحادث فيعد كسباً فائتاً
يجب تعويضه عنه([ix]).
ومما سبق يستخلص أن للضرر المادي صورتين:
الصورة
الأولى: فهي صورة الأضرار الناشئة عن الاعتداء على مال. من ذلك غصب شيء أو إتلافه أو إنقاص قيمته
أو منفعته،
ويشمل أيضاً الحرمان من استعمال أو اكتساب حق مالي أو تكبد خسائر من منافسة غير
مشروعة.
الصورة
الثانية: فهي صورة الأضرار المادية للاعتداء على الكيان المادي للشخص.
ومن ذلك تكاليف علاج المصاب أو فقده لدخله، ومن ذلك أيضاً فقد
المضرور للنفقه التي كان يحصل عليها ممن كانت تجب عليه نفقته أو ممن كان يقوم
بإعالته بصفة
مستقره وعلى نحو تكون معه فرصة استمرار الإعالة محققة([x]).
وللضرر المادي شرطان لابد من تحققهما لإمكان المطالبة
بالتعويض عنه وهما:
1- أن يكون هناك إخلال بحق أو بمصلحة مالية مشروعة.
2- أن يكون الضرر محققاً.
المبحث الأول: الإخلال بحق أو بمصلحة مالية مشروعة:
يشترط في الضرر أن ينطوي على إخلال بحق أو بمصلحة مالية مشروعة، ويجب أن تكون المصلحة التي تم
الإخلال بها مصلحة مشروعة.
أولاً: الإخلال بحق يحميه القانون:
يقصد بالحق الذي يحميه القانون
الذي يكون القانون مصدره بحيث يعطي صاحبه حق اللجوء إلى القضاء للمطالبة بالتعويض
عما أصابه من ضرر جراء الاعتداء عليه فقد يؤدي الفعل الضار إلى الإضرار بحق معين للمضرور يحميه القانون ويستوي بعد ذلك في نظر هذا القانون أن يكون الحق متعلقاً
بالكيان المادي للإنسان أو بذمته المالية فيصيبها فالتعدي على حياة الإنسان وسلامة جسده بإصابته بجرح أو أي إصابة في جسده أو بغيره يعتبر اعتداءً على حق
يحميه القانون فإذا أدى إلى فقدانه حياته أو عجزه الكلي أو الجزئي عن
الكسب تحمل الفاعل
مسئولية جبر الضرر الذي أصاب المضرور بالطريقة التي عينها القانون.
ويعتبر أيضاً التعدي على الملك إخلالاً بحق يحميه القانون فإتلاف شخص لمال آخر كأثاث أو سيارة أو غير ذلك يعد ضرراً مادياً أصاب المضرور في حق ثابت له، وبشكل عام يمكن القول إن كل إخلال بحق مالي ثابت، عينياً كان هذا الحق أو
شخصياً، يعتبر ضرراً مادياً يستوجب التعويض([xi]).
ومثاله حالة الإخلال بحق من تجب له النفقة على آخر
بحرمانه منها بسبب مقتل من تجب عليه النفقة([xii]).
ثانياً: الإخلال بمصلحة:
لا بد أن تكون المصلحة التي تم
الإخلال بها ماليةً من ناحية ومشروعةً من ناحيةً ثانية.
أ- المصلحة مالية: قد لا يؤدي الضرر إلى إخلال بحق للمضرور، ولكن بمجرد مصلحة
مالية، وللتفرقة بين الحق والمصلحة المالية نضرب المثال التالي: إذا قتل شخص في
حادثة كان
لمن يعولهم الرجوع على المسؤول بالتعويض على أساس الإخلال بحق لهم إن كانوا ممن تجب عليه نفقتهم قانوناً، أو على
الأساس الإخلال بمصلحة مالية إذا لم يكونوا ممن تجب عليه نفقتهم قانوناً، ولكن
كان القتيل يتولى الإنفاق عليهم
تفضلاً أو تبرعاً، غير أنه يشترط في هذه الحالة الأخيرة أن
يثبت المضرور صاحب المصلحة أن القتيل كان يعوله على درجة مستمرة وأن فرصة الاستمرار هذه كانت
محققة([xiii]).
ب- المصلحة مشروعة: يشترط في الضرر الموجب
للمسؤولية أن يكون إخلالاً بمصلحة مشروعة، إلا أنه لا يلزم أن ترقى المصلحة
المشروعة إلى مصاف الحق، وإنما يكفي أن تكون غير مخالفة للقانون أو للنظام العام والآداب.
كحرمان من كانت تعايش المصاب معاشرة غير مشروعة من إعالته لها يعد إخلالاً بمصلحة غير مشروعة
لمخالفتها للنظام العام والآداب، ومن ثم لا يعد ضرراً موجباً للتعويض ولا تملك المطالبة بالتعويض عما فقدته من إعالة ذلك
المصاب([xiv]).
فالمصلحة المالية التي يعتد بها المصلحة المشروعة أما
المصلحة غير المشروعة فلا يعتد بها ولا يعتبر الضرر الناجم عن الإخلال
بها مستوجباً التعويض.
المبحث الثاني: أن يكون الضرر محققاً:
يشترط القانون المدني الأردني شأنه في ذلك شأن سائر
القوانين الأخرى أن يتحقق الضرر لنشوء المسؤولية التقصيرية وبالتالي لإمكان
التعويض عن هذا الضرر المحقق.
والضرر
المحقق هو الضرر الذي وقع فعلاً أو الذي سيقع مستقبلاً ولكنه لا محالة واقع وهو
يختلف عن الضرر المحتمل الذي لا يصلح أساساً للتعويض.
أولاً: الضرر الحال والضرر المستقبل:
الضرر المحقق هو الذي وقع فعلاً وأصاب المضرور أو الذي سيقع حتما ويصيب المضرور بنتائجه المختلفة.
1) الضرر الحال:
يشترط في الضرر لإمكان الحكم بالتعويض أن يكون ثابتاً على وجه اليقين والتأكيد، يكون كذلك إذا
كان قد وقع فعلاً وهو ما يسمى الضرر الحال سواء أكان هذا الضرر عبارة عن خسارة لحقت بالمضرور أو كسب فاته فكلاهما صورتان لضرر حال. ومن أمثلة
الضرر الحال الذي وقع فعلاً إحداث الوفاة أو الجرح أو إتلاف المال أو التشهير
بتاجر بقصد الإساءة بسمعته وصرف الزبائن عنه([xv]).
2) الضرر المستقبل: الضرر المستقبل هو الذي لم يقع بعد وإن كان وقوعه في المستقبل أمراً محققاً فمن يصاب دمه بفيروس الايدز على سبيل المثال فإنه سيموت
لا محالة لأن العلم عاجز حتى الآن عن إنقاذ حياته.
والضرر المستقبل قد يستطاع
تقديره فوراً وقد لا يستطاع ذلك، فإذا كان من المستطاع تقديره فوراً حكم القاضي
بتعويض كامل عنه، أما إذا لم يكن من المستطاع تقديره فوراً – وهذا هو الغالب – كإصابة عامل من شأنها أن تؤدي بحياته أو
تنتهي بعجزه عن العمل كلياً أو جزئياً، فيكون القاضي بالخيار بين الحكم بتعويض
مؤقت على أن يحفظ للمضرور حقه في التعويض النهائي بعد أن يستقر الضرر نهائياً، و
بين تأجيل الحكم بالتعويض إلى
حين استقرار الضرر نهائياً، وهذا الحكم مستخلص من المادة (268) من القانون المدني
الأردني التي تنص على أنه (إذا لم يتيسر للمحكمة أن تعين مدى الضمان تعييناً
نهائياً فلها أن تحتفظ للمتضرر بالحق في أن يطالب خلال مدة معينة بإعادة النظر في
التقدير).
وفي بعض الحالات لا يكون الضرر المستقبل منظوراً وقت الحكم بالتعويض وبالتالي لا يدخله القاضي في حسابه عند
تقدير هذا التعويض، ثم تنكشف الظروف عن استفحال الضرر بعد ذلك، وفي هذه الحالة يجوز للمضرور أن يطالب بدعوى جديدة بالتعويض عما استجد من الضرر
مما لم يكن قد دخل في حساب القاضي عند تقدير التعويض الأول، ولا يحول دون ذلك قوة الشيء المقضي به حيث إن
الحكم السابق بالتعويض لم يتناول هذا الضرر الجديد ولم يسبق أن حكم بتعويض عنه أو
قضي فيه([xvi]).
والتعويض عن الضرر قد يأخذ صورة
مبلغ إجمالي يدفع مرة واحدة أو على أقساط، وقد يأخذ صورة إيراد مرتب لمدى حياة
المضرور وهذا ما تقضي به المادة 269 من القانون المدني في فقرتها الأولى
التي تنص على أنه " يصح أن يكون الضمان مقسطاً كما يصح أن يكون
إيراداً مرتباً، ويجوز في هاتين الحالتين إلزام المدين بأن يقدم تأميناً تقدره
المحكمة".
ثانياً: الضرر المحتمل:
الضرر المحتمل: هو ضرر غير مؤكد الوقوع ولا يوجد ما يؤكد أو
ينفي وقوعه في المستقبل وغاية الأمر أنه يحتمل وقوعه مثلما يحتمل عدم وقوعه وتتفاوت
درجة هذا الاحتمال قوة وضعفاً، وقد تبلغ من الضعف حداً يعتبر وهمياً وهو لا يكفي
لقيام المسؤولية المدنية و لا تقوم هذه المسؤولية إلا بعد أن يتحقق فعلاً، وبذلك
يختلف الضرر المحتمل عن الضرر المستقبل، إذ إن هذا الأخير ضرر محقق الوقوع وإن لم
يقع بعد ولذلك وجب التعويض عنه كما سبق ذكره.
ومثال الضرر المحتمل ضرب الحامل
على بطنها ضرباً يحتمل معه إجهاضها أو عدمه، فلا يجيز لها المطالبة سلفاً بالتعويض
عن الإجهاض ما دام أنه لم يقع بعد ولم يتأكد أنه سيقع، ومثاله أيضاً أن يمزق شخص
أو يحرق ورقة يانصيب مملوكة لآخر وثابتاً رقمها، فلا يمكن القول بأنه بمجرد ذلك
أفقده قيمة الجائزة الأولى المخصصة لهذا اليانصيب، لأن هذا الضرر ضرر احتمالي
يتوقف تحققه أو عدمه على نتيجة السحب، فإن ربحت ورقته في السحب كان الضرر محققاً،
وإلا انتفى وجوده أصلاً([xvii]).
ومثاله أيضاً أن يحدث شخص بخطئه
خللاً في منزل جاره يخشى منه تهدم المنزل. هنا الخلل ضرر محقق حيث إنه وقع بالفعل
ويستحق عنه التعويض، أما الخشية من التهدم فضرر محتمل قد يقع أو لا يقع وبالتالي
لا يعوض عنه إلا إذا وقع بالفعل([xviii]).
ثالثاً: تفويت الفرصة:
قد يدق التمييز
أحياناً بين الضرر المستقبل وبين الضرر الاحتمالي وذلك في حالة الحرمان من الفرصة،
فإذا كانت نتيجة الفرصة أمراً محتملاً فقد تتحقق وقد لا تتحقق فإن تفويت ذات الفرصة أمر محقق
يجب التعويض عنه، فإذا كان حرمان مالك الحصان من جائزة السباق لا
يعدو أن يكون ضرراً احتمالياً فإن حرمانه من فرصة الاشتراك فيه ضرر محقق، وبأن قتل
الخطيب ضرر محقق بالمخطوبة وإن كان زواجها به احتمالياً([xix]).
ومن الأمثلة أيضاً على تفويت الفرصة، تفويت
فرصة النجاح في الامتحان وتفويت فرصة كسب دعوى النفقة, وتفويت فرصة الترقية إلى درجة أعلى، فإذا كانت نتائج تلك الفرص احتمالية غير موجبة للتعويض فإن مجرد فقدان الفرص
ذاتها يعتبر محققاً وبالتالي موجباً للتعويض([xx]).
ويشترط في مثل هذه الحالات توافر
شروط معينة، منها ما يشترط في الفرصة الفائتة، ومنها ما يشترط في الأمل في كسبها.
وأما عما يشترط في الفرصة
الفائتة، فهو أن تكون فرصة حقيقية جدية، ويتفرع عن ذلك تطلب أن تكون الفرصة حالة
أو وشيكة. ففرصة
الترقية يلزم أن تكون الترقية وشيكة وجدية لإمكان القول بأن تفويتها ضرر محقق وأما
عما يشترط في الأمل في كسب الفرصة الفائتة، فهو أن يكون مبنياً على أسباب معقولة مبنية على ظروف واقعية قد تؤدي بطبيعتها إلى تحقيق هذه
الفرصة فيما لو لم يتم تفويتها، فمثلاً لو أن شخصاً حرم من التقدم للامتحان الذي
تعقده جهة ما لنيل وظيفة معينة ومن شروطها إتقان اللغة الإنجليزية ولم يكن هذا
الشخص على دراية بهذه اللغة نهائياً فلا نكون بصدد تفويت الفرصة أو الأمل في كسبها
لأن فوزه بالوظيفة أمر مستحيل.
ومن الجدير بالذكر أنه يدق تقدير التعويض عن تفويت الفرصة، فلا يصح تقديره
بمقدار الكسب الذي فاتت فرصته، وإنما ينبغي أن يقل عنه، إذ يلتزم أن يؤخذ في الاعتبار مدى رجحان كسب الفرصة، وبقدر مدى هذا الرجحان يزيد أو ينقص مقدار التعويض([xxi]).
وقد أخذت محكمة التمييز الأردنية
بالتعويض عن تفويت الفرصة في العديد من قراراتها وقد جاء في أحد هذه القرارات
" أن المحامي الذي يفوت على الموكل المدد القانونية المقررة في إجراءات
التنفيذ يعتبر مقصراً في بذل العناية اللازمة في تنفيذ ما وكل به، وأن تقصيراً
كهذا يرتب على المحامي مسؤولية الضمان فيما يساوي الضرر الواقع فعلاً حين وقوعه
بمفهوم المادة 363 من القانون المدني"([xxii]).
ولعل ما قيل في شأن الفرصة الفائتة يقال في شأن الكسب
الفائت وهو ما لم يتحقق بسبب الفعل الضار، وهو يدخل في نطاق الضرر الموجب للتعويض
متى توافرت شروطه، فمثلاً يعتبر محققاً الكسب الفائت بالنسبة لبائع باع بضاعته
بربح معين وقبل موعد تسليمها أتلفت جراء فعل الأضرار، فالحقيقة هنا أن الضرر لا
يقتصر فقط على قيمة البضاعة التالفة وإنما يشمل أيضاً الربح الذي كان سيجنيه
البائع لو سلم البضاعة.
المبحث الثالث: أن يكون الضرر
شخصياً:
ويقصد بشخصية الضرر أن يكون قد
أصاب الشخص طالب التعويض سواءً أكان شخصاً طبيعياً أم اعتبارياً، ويبقى الضرر
شخصياً بالنسبة لمن أصيب به مرتدا عن غيره.
أولاً: الضرر الشخصي للشخص الطبيعي:
يعتبر الضرر المادي الذي يصيب
الشخص الطبيعي في جسمه أو ماله ضرراً شخصياً لأنه أصاب شخص المضرور ذاته وعلى ذلك
لا يعتبر هذا الشرط متحققاً بالنسبة لجار أو حتى قريب المضرور طالما لم يتأثر هو
شخصياً بأن أصيب جسمه أو ذمته المالية.
ثانياً: الضرر الشخصي للشخص المعنوي:
قد يصيب الشخص المعنوي ضرر مادي جراء الفعل الضار، وهو في ذلك شأن الشخص
الطبيعي من حيث ضرورة كون الضرر شخصياً أي أصابه ذاته بصفته شخصاً اعتبارياً، كأن
يهدم مبنى الشركة أو الجمعية بسبب الفعل الضار، فهذا الضرر شخصي بالنسبة له وبمعزل
عن الأشخاص الطبيعيين القائمين عليه.
ثالثاً: الضرر المرتد:
يعتبر الضرر المرتد شخصياً بالنسبة لمن ارتد عليه فلا يهم أن يكون المضرور قد
تلقى هذا الضرر مباشرة من مصدره أو أنه تلقاه مرتداً عن مضرور آخر فالضرر المرتد هو الضرر الذي أصاب شخصاً نتيجة ضرر أصاب شخصاً آخر، فهو يفترض أن الفعل الضار قد ألحق بشخص ضرراً أصلياً عاد على شخص آخر بضرر مرتد، ومثاله الضرر الذي يعود على منتج فيلم
من تشويه البطل، والضرر الذي يعود على العمال من تدمير مكان العمل([xxiii]).
المبحث الرابع: أن يكون الضرر مباشراً:
يختلف
الضرر الشخصي عن الضرر المباشر في أن الأخير يعني أن ينجم الضرر مباشرةً عن الفعل
الضار، بأن يرتبط به ارتباط السبب بالمسبب وتشترط التشريعات صراحةً هذا الشرط
كالتشريع المصري والفرنسي والأردني الذي عبر عنه في المادة 266 من القانون المدني
بوجوب أن يكون الضرر نتيجة طبيعية للفعل الضار.
وعلى ذلك لا يعتبر الضرر غير المباشر موجباً للتعويض كمن
يصاب بسبب فعل ضار بأذى يقعده عن العمل ومن ثم تتراكم ديونه عليه فيحزن لما أصابه
حزناً شديداً يؤدي إلى وفاته، فالوفاة هنا تعتبر ضرراً غير مباشر للفعل الضار ولا
يكون الفاعل مسؤولاً عنها وعلة ذلك انقطاع رابطة السببية بين الفعل والضرر([xxiv]).
([i]) المادة 256 من القانون المدني.
([ii]) د. أنور سلطان، مصادر الالتزام في القانون
المدني الأردني، مطبعة الجامعة الأردنية، عمان، 1987م، ص298– 299.
([iii]) د. سليمان مرقس، الوافي في شرح القانون
المدني، م1، ط5، القاهرة، 1992م، ص136– 137.
([iv]) د. سليمان مرقس، مرجع سابق، ص137.
([v]) د. عبد الرزاق السنهودي، مرجع سابق،
ص1196.
([vi]) د. سليمان مرقس، مرجع سابق، 137– 138.
([vii]) د. عدنان السرحان، د. نوري خاطر، مرجع سابق،
ص410– 411.
([viii]) تمييز حقوق، 361/92، مجلة نقابة المحامين،
1994م، عدد 1- 3، ص485.
([ix]) د. عدنان السرحان، ونوري خاطر، مرجع سابق،
ص411.
([x]) د. جلال علي العـدوي، أصول الالتزامات، مصـادر الالتزام،
منشأة المعارف، الإسكندريـة، 1997م، ص424– 425.
([xi])
د. نبيل إبراهيم سعد، مرجع سابق، ص405.
([xii])
د. جلال العدوي، مرجع سابق، ص429– 435.
([xiii])
د. أنور سلطان، مرجع سابق، ص329.
([xiv])
د. جلال العدوي، مرجع سابق، ص429– 430.
([xv])
د. عدنان السرحان، ونوري خاطر، مرجع سابق، ص435– 436.
([xvi])
د. نبيل إبراهيم سعد، مرجع سابق، ص407.
([xvii])
د. سيلمان مرقس، مرجع سابق، ص140– 141.
([xviii])
د. عبد الرزاق السنهوري، مرجع سابق، ص1205– 1206.
([xix])
د. حسن علي الذنون، د. محمد سعيد الرحو، الوجيز في النظرية العامة للالتزام،
ط1، مصادر الالتزام، دار وائل للنشر، عمان، 2002م، ج1، ص268– 269.
([xx])
د. نبيل إبراهيم سعد، مرجع سابق، ص408.
([xxi])
د. جلال العدوي، مرجع سابق، ص434– 435.
([xxii])
تمييز حقوق رقم 768/82، مجلة نقابة المحامين لسنة 1983م، عدد 6، ص832.
([xxiii])
تنص المادة 274 من القانون المدني
على أن كل من أتى فعلاً ضاراً بالنفس من قتل أو جرح أو ايذاء يلزم بالتعويض عما أحدثه
من ضرر للمجني عليه أو ورثته أو لمن كان يعولهم وحرموا من ذلك بسبب الفعل الضار.
([xxiv])
أنور سلطان، مرجع سابق، ص335.
الأردني
– دراسة مقارنة–
نائل علي المساعدة*
المقدمة:
تختلف
التشريعات فيما بينها في النظريات التي تبنى على أساسها المسؤولية التقصيرية أو ما يطلق عليه في القانون الأردني بالفعل الضار. فبعضـها
يقيم المسؤولية
التقصيـرية على فعل الأضرار دون الخطأ، وبعضها الآخر يقيمها على الخطأ
بحيث إن من تسبـب في الضرر لا يلتزم بالتعويض إلا
إذا كان مخطئاً.
وترجع أهمية
الضرر باعتباره أحد أركان الفعل الضار المنشىً للالتزام إلى أنه المتطلب الأول
الذي لابد من توافره لكي يصار إلى البحث عن الأركان الأخرى، فعلى سبيل المثال لا
يكفي أن يقع من الفاعل فعل يشكل انحرافاً في السلوك لكي تنهض في مواجهته المسئولية
عن هذا الفعل طالما لم يترتب على ذلك الانحراف ضرر ألم بالمضرور وتوافرت شروطه
القانونية.
ولا تختلف التشريعات فيما بينها في اشتراط
وقوع الضرر لتحقق المسئولية عن الفعل الضار وفي أنه النواة التي من بعدها يبحث عن
الأركان والشرائط الأخرى، وإن اختلفت تلك التشريعات في الفعل المؤدي إلى الضرر
فبعضها اشترط أن ينطوي على الخطأ وما يستتبعه من القول بضرورة صدوره عن مدرك ذلك
أنه يجب أن يكون الفاعل مميزاً ومدركاً طبيعة فعل الانحراف في السلوك الذي يرتكبه
لكي يقال بمسؤوليته عن نتائج ذلك الفعل، وفي المقابل فإن البعض الآخر ومنها
القانون الأردني لم يشترط ذلك وجعل المسئولية قائمة في حق من يرتكب فعل الأضرار
متى أصاب الغير ضرر جراءه بغض النظر عن مدى تمييزه وإدراكه وفي ذلك زيادة في حماية
حق المضرور في اقتضاء التعويض من الفاعل([i]).
وعليه فإذا كان أساس المسؤولية التقصيرية في بعض التشريعات مثل القانون المدني
المصري هو الخطأ، فإن المشرع الأردني قد ساير الفقه الإسلامي.
باعتبار أساس هذه المسؤولية هو الفعل الضار ولو صدر من غير مميز. وعليه تنهض مسؤولية مرتكب الفعل الضار في
القانون المدني الأردني على أركان ثلاثة: فعل الإضرار، والضرر، وعلاقة السببية
بين الفعل والضرر، و هذه الأركان الثلاثة
تحددت بالمادة 256 من القانون المدني الأردني التي تنص على أن "كل إضرار بالغير يلزم
فاعله، ولو غير مميز بضمان الضرر".
ورجوعاً إلى
القانون المدني المصري نجد أنه يشترط القانون أن يكون الفعل
من قبيل الخطأ، فالمسؤولية في هذا القانون لا تقوم كقاعدة عامة إلا إذا كان الفعل
خطأ وهذا ما يتبين من المادة (163) من القانون المدني المصري التي تنص على أن "كل خطأ سبب ضرراً
للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض". والخطأ يتضمن ركنين أحدهما مادي وهو التعدي
والآخر معنوي وهو الإدراك،
والإدراك يعني أن يكون الفاعل مميزاً لأفعاله فلا تقوم مثلاً مسؤولية الصغير غير
المميز عن أفعاله الضارة بالغير لعدم توافر الإدراك لديه في نطاق هذا القانون([ii]).
وإذا كانت النظم القانونية المختلفة قد تباينت مواقفها من أساس المسؤولية
التقصيرية حيث ترددت بين الخطأ أو مجرد إحداث الضرر، فإنها لم تختلف حول ضرورة
اشتراط الضرر لقيام هذه المسؤولية، فالضرر هو الركن الذي لا خلاف عليه من أركان المسؤولية التقصيرية، فهو العنصر الذي لابد من توافره ابتداءً لإمكان البحث عن
مسؤولية محدثه وفق قواعد المسؤولية عن الفعل الضار المنشىً للالتزام([iii]).
لذلك إذا ارتكب شخص مخالفة
للقانون دون أن يوقع ضرراً بالغير، كما لو خرق السائق إشارة المرور ولم يلحق ضرراً بالغير، فانه لا يسأل مدنياً لأن أساس المسؤولية المدنية هو وقوع الضرر
وليس حدوث الفعل الخاطئ، وإن كان يسأل جزائياً عن ذلك الفعل وفقاً لقواعد
المسئولية الجزائية.
والضرر
يتناسب طردياً
مع درجة جسامة الفعل الضار، فهذا الأخير قد يؤدي إلى إتلاف المال أو موت المصاب أو جرحه أو
المساس بشرفه وكرامته، وللمضرور بالتالي المطالبة بجبر ذلك الضرر سواءً أكان
مادياً أم معنوياً طالما أنه كان ناجماً عن الفعل الضار.
والضرر: هو الأذى الذي يلحق
بالشخص في ماله أو جسده أو عرضه أو عاطفته، وهو واجب التعويض مهما كان نوعه مادياً كان أم معنوياً وفقاً لأحكام القانون
المدني الأردني.
ولعل مجرد معرفة وحدة التشريعات المختلفة
في تطلبها لركن الضرر باعتباره الأساس في المسؤولية يوضح مدى أهمية دراسة هذا
الموضوع، أضف إلى ذلك الاختلاف في أحكام الضرر الأدبي بين القانون الأردني وغيره
مما يزيد من أهمية بحثه للتعرف على تلك الأحكام ووضعها موضع التطبيق، وسوف يتناول
هذا البحث الضرر كأحد أركان المسؤولية التقصيرية في نوعيه المادي والمعنوي.
الفصل
الأول: الضرر المادي.
الفصل
الثاني: الضرر الأدبي.
الفصل الأول
الضـرر المـادي
الضرر المادي: هو ما يصيب الذمة المالية فيسبب لصاحبها خسارة
مالية([iv]).
ويشمل الأضرار التي تصيب الشخص في
سلامة جسمه([v]).
فيعتبر ضرراً مادياً كل مساس
بحقوق الشخص المالية كحق الملكية وحق الانتفاع وحق الارتفاق وحقوق الدائنية وحقوق
المؤلف والمخترع حيث يترتب على هذا المساس انتقاص للمزايا المالية التي تخولها هذه الحقوق
لأصحابها ويعتبر أيضاً ضرراً مادياً كل مساس بصحة الإنسان وسلامة جسمه إذا كان يترتب عليه خسارة مالية كالإصابة
التي تعجز الشخص عن الكسب عجزاً كلياً أو جزئياً أو تقتضي علاجاً يكلف نفقات مالية معينة، وكل مساس بحق من الحقوق
المتصلة بشخص الإنسان كالحرية الشخصية وحرية العمل وحرية الرأي إذا كان يترتب عليه
خسارة مالية كحبس شخص دون حق أو منعه من السفر إلى جهة معينه للحيلولة دون قيامه
بعمل معين يعود عليه بربح مالي أو يدرأ عنه خسارة مالية([vi]).
فالأضرار المادية التي يمكن تعويضها
تتخذ صوراً عديدة ومتنوعة. فقد يكون الضرر عبارة عن إتلاف المال، كحرق عقار أو
إتلاف سيارة بحادث اصطدام وقد يكمن الضرر المالي في مجرد نقص قيمة الشيء
الاقتصادية دون أن يصيبه تلف مادي، كما لو تسبب تمديد أسلاك كهرباء ضغط عالي في أرض معينة في نقص قيمة هذه الأرض.
والضرر
المادي لا يقف عند هذه الصور، فهو يمكن أن يشمل كل صور الخسارة المالية
الناجمة عن فعل من أفعال التعدي الذي ينسب
للغير، كالمنافسة غير المشروعة أو نتيجة الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية
والأدبية والصناعية، كطبع كتاب بدون إذن مؤلفه أو استغلال براءة اختراع مسجلة باسم
المتضرر أو تقلد علامة تجارية مملوكة للغير([vii]).
وقد جاء في حكم لمحكمة التمييز الأردنية أن انقطاع الإعالة بسبب طلاق
تعسفي يشكل ضرراً يستوجب التعويض
حيث نص الحكم على أنه "من المبادئ التي استقر عليها اجتهاد
الفقه والقضاء أن الزوج المسيحي الذي يطلق زوجته المسيحية بعد اعتناقه الديانة
الإسلامية فإنه يكون ملزماً بالتعويض عن الضرر الذي أصابها من جراء ذلك إذا كان
ناتجاً عن تعسف الزوج، لأن الزوجة المسيحية التي طلقت تكون قد حرمت بعد الطلاق من
إعالة زوجها لها والإنفاق عليها باعتبار أن عقد الزواج بين المسيحيين رابطة أبدية،
وهذا مستفاد من قواعد الأحوال الشخصية للطائفة المسيحية "([viii]).
والضرر
المادي الموجب
للتعويض يتمثل في عنصرين وردا في المادة (266) من القانون المدني الأردني التي جاء فيها:
"يقدر الضمان في جميع الأحوال بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب
بشرط أن يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار".
ونورد على سبيل المثال لا الحصر لو أن
تاجراً متجولاً أصيبت سيارته التي يستخدمها في نقل وعرض بضاعته بحادث سير فإن قيمة
السيارة إذا أتلفت كلياً أو أصبحت عديمة الفائدة، أو نفقات إصلاحها إن كانت قابلة
للإصلاح، هي الخسارة التي لحقت بالمضرور، أما عجز التاجر عن العمل وما فقده من
الربح الذي كان من الممكن أن يحققه من تجارته لولا وقوع الحادث فيعد كسباً فائتاً
يجب تعويضه عنه([ix]).
ومما سبق يستخلص أن للضرر المادي صورتين:
الصورة
الأولى: فهي صورة الأضرار الناشئة عن الاعتداء على مال. من ذلك غصب شيء أو إتلافه أو إنقاص قيمته
أو منفعته،
ويشمل أيضاً الحرمان من استعمال أو اكتساب حق مالي أو تكبد خسائر من منافسة غير
مشروعة.
الصورة
الثانية: فهي صورة الأضرار المادية للاعتداء على الكيان المادي للشخص.
ومن ذلك تكاليف علاج المصاب أو فقده لدخله، ومن ذلك أيضاً فقد
المضرور للنفقه التي كان يحصل عليها ممن كانت تجب عليه نفقته أو ممن كان يقوم
بإعالته بصفة
مستقره وعلى نحو تكون معه فرصة استمرار الإعالة محققة([x]).
وللضرر المادي شرطان لابد من تحققهما لإمكان المطالبة
بالتعويض عنه وهما:
1- أن يكون هناك إخلال بحق أو بمصلحة مالية مشروعة.
2- أن يكون الضرر محققاً.
المبحث الأول: الإخلال بحق أو بمصلحة مالية مشروعة:
يشترط في الضرر أن ينطوي على إخلال بحق أو بمصلحة مالية مشروعة، ويجب أن تكون المصلحة التي تم
الإخلال بها مصلحة مشروعة.
أولاً: الإخلال بحق يحميه القانون:
يقصد بالحق الذي يحميه القانون
الذي يكون القانون مصدره بحيث يعطي صاحبه حق اللجوء إلى القضاء للمطالبة بالتعويض
عما أصابه من ضرر جراء الاعتداء عليه فقد يؤدي الفعل الضار إلى الإضرار بحق معين للمضرور يحميه القانون ويستوي بعد ذلك في نظر هذا القانون أن يكون الحق متعلقاً
بالكيان المادي للإنسان أو بذمته المالية فيصيبها فالتعدي على حياة الإنسان وسلامة جسده بإصابته بجرح أو أي إصابة في جسده أو بغيره يعتبر اعتداءً على حق
يحميه القانون فإذا أدى إلى فقدانه حياته أو عجزه الكلي أو الجزئي عن
الكسب تحمل الفاعل
مسئولية جبر الضرر الذي أصاب المضرور بالطريقة التي عينها القانون.
ويعتبر أيضاً التعدي على الملك إخلالاً بحق يحميه القانون فإتلاف شخص لمال آخر كأثاث أو سيارة أو غير ذلك يعد ضرراً مادياً أصاب المضرور في حق ثابت له، وبشكل عام يمكن القول إن كل إخلال بحق مالي ثابت، عينياً كان هذا الحق أو
شخصياً، يعتبر ضرراً مادياً يستوجب التعويض([xi]).
ومثاله حالة الإخلال بحق من تجب له النفقة على آخر
بحرمانه منها بسبب مقتل من تجب عليه النفقة([xii]).
ثانياً: الإخلال بمصلحة:
لا بد أن تكون المصلحة التي تم
الإخلال بها ماليةً من ناحية ومشروعةً من ناحيةً ثانية.
أ- المصلحة مالية: قد لا يؤدي الضرر إلى إخلال بحق للمضرور، ولكن بمجرد مصلحة
مالية، وللتفرقة بين الحق والمصلحة المالية نضرب المثال التالي: إذا قتل شخص في
حادثة كان
لمن يعولهم الرجوع على المسؤول بالتعويض على أساس الإخلال بحق لهم إن كانوا ممن تجب عليه نفقتهم قانوناً، أو على
الأساس الإخلال بمصلحة مالية إذا لم يكونوا ممن تجب عليه نفقتهم قانوناً، ولكن
كان القتيل يتولى الإنفاق عليهم
تفضلاً أو تبرعاً، غير أنه يشترط في هذه الحالة الأخيرة أن
يثبت المضرور صاحب المصلحة أن القتيل كان يعوله على درجة مستمرة وأن فرصة الاستمرار هذه كانت
محققة([xiii]).
ب- المصلحة مشروعة: يشترط في الضرر الموجب
للمسؤولية أن يكون إخلالاً بمصلحة مشروعة، إلا أنه لا يلزم أن ترقى المصلحة
المشروعة إلى مصاف الحق، وإنما يكفي أن تكون غير مخالفة للقانون أو للنظام العام والآداب.
كحرمان من كانت تعايش المصاب معاشرة غير مشروعة من إعالته لها يعد إخلالاً بمصلحة غير مشروعة
لمخالفتها للنظام العام والآداب، ومن ثم لا يعد ضرراً موجباً للتعويض ولا تملك المطالبة بالتعويض عما فقدته من إعالة ذلك
المصاب([xiv]).
فالمصلحة المالية التي يعتد بها المصلحة المشروعة أما
المصلحة غير المشروعة فلا يعتد بها ولا يعتبر الضرر الناجم عن الإخلال
بها مستوجباً التعويض.
المبحث الثاني: أن يكون الضرر محققاً:
يشترط القانون المدني الأردني شأنه في ذلك شأن سائر
القوانين الأخرى أن يتحقق الضرر لنشوء المسؤولية التقصيرية وبالتالي لإمكان
التعويض عن هذا الضرر المحقق.
والضرر
المحقق هو الضرر الذي وقع فعلاً أو الذي سيقع مستقبلاً ولكنه لا محالة واقع وهو
يختلف عن الضرر المحتمل الذي لا يصلح أساساً للتعويض.
أولاً: الضرر الحال والضرر المستقبل:
الضرر المحقق هو الذي وقع فعلاً وأصاب المضرور أو الذي سيقع حتما ويصيب المضرور بنتائجه المختلفة.
1) الضرر الحال:
يشترط في الضرر لإمكان الحكم بالتعويض أن يكون ثابتاً على وجه اليقين والتأكيد، يكون كذلك إذا
كان قد وقع فعلاً وهو ما يسمى الضرر الحال سواء أكان هذا الضرر عبارة عن خسارة لحقت بالمضرور أو كسب فاته فكلاهما صورتان لضرر حال. ومن أمثلة
الضرر الحال الذي وقع فعلاً إحداث الوفاة أو الجرح أو إتلاف المال أو التشهير
بتاجر بقصد الإساءة بسمعته وصرف الزبائن عنه([xv]).
2) الضرر المستقبل: الضرر المستقبل هو الذي لم يقع بعد وإن كان وقوعه في المستقبل أمراً محققاً فمن يصاب دمه بفيروس الايدز على سبيل المثال فإنه سيموت
لا محالة لأن العلم عاجز حتى الآن عن إنقاذ حياته.
والضرر المستقبل قد يستطاع
تقديره فوراً وقد لا يستطاع ذلك، فإذا كان من المستطاع تقديره فوراً حكم القاضي
بتعويض كامل عنه، أما إذا لم يكن من المستطاع تقديره فوراً – وهذا هو الغالب – كإصابة عامل من شأنها أن تؤدي بحياته أو
تنتهي بعجزه عن العمل كلياً أو جزئياً، فيكون القاضي بالخيار بين الحكم بتعويض
مؤقت على أن يحفظ للمضرور حقه في التعويض النهائي بعد أن يستقر الضرر نهائياً، و
بين تأجيل الحكم بالتعويض إلى
حين استقرار الضرر نهائياً، وهذا الحكم مستخلص من المادة (268) من القانون المدني
الأردني التي تنص على أنه (إذا لم يتيسر للمحكمة أن تعين مدى الضمان تعييناً
نهائياً فلها أن تحتفظ للمتضرر بالحق في أن يطالب خلال مدة معينة بإعادة النظر في
التقدير).
وفي بعض الحالات لا يكون الضرر المستقبل منظوراً وقت الحكم بالتعويض وبالتالي لا يدخله القاضي في حسابه عند
تقدير هذا التعويض، ثم تنكشف الظروف عن استفحال الضرر بعد ذلك، وفي هذه الحالة يجوز للمضرور أن يطالب بدعوى جديدة بالتعويض عما استجد من الضرر
مما لم يكن قد دخل في حساب القاضي عند تقدير التعويض الأول، ولا يحول دون ذلك قوة الشيء المقضي به حيث إن
الحكم السابق بالتعويض لم يتناول هذا الضرر الجديد ولم يسبق أن حكم بتعويض عنه أو
قضي فيه([xvi]).
والتعويض عن الضرر قد يأخذ صورة
مبلغ إجمالي يدفع مرة واحدة أو على أقساط، وقد يأخذ صورة إيراد مرتب لمدى حياة
المضرور وهذا ما تقضي به المادة 269 من القانون المدني في فقرتها الأولى
التي تنص على أنه " يصح أن يكون الضمان مقسطاً كما يصح أن يكون
إيراداً مرتباً، ويجوز في هاتين الحالتين إلزام المدين بأن يقدم تأميناً تقدره
المحكمة".
ثانياً: الضرر المحتمل:
الضرر المحتمل: هو ضرر غير مؤكد الوقوع ولا يوجد ما يؤكد أو
ينفي وقوعه في المستقبل وغاية الأمر أنه يحتمل وقوعه مثلما يحتمل عدم وقوعه وتتفاوت
درجة هذا الاحتمال قوة وضعفاً، وقد تبلغ من الضعف حداً يعتبر وهمياً وهو لا يكفي
لقيام المسؤولية المدنية و لا تقوم هذه المسؤولية إلا بعد أن يتحقق فعلاً، وبذلك
يختلف الضرر المحتمل عن الضرر المستقبل، إذ إن هذا الأخير ضرر محقق الوقوع وإن لم
يقع بعد ولذلك وجب التعويض عنه كما سبق ذكره.
ومثال الضرر المحتمل ضرب الحامل
على بطنها ضرباً يحتمل معه إجهاضها أو عدمه، فلا يجيز لها المطالبة سلفاً بالتعويض
عن الإجهاض ما دام أنه لم يقع بعد ولم يتأكد أنه سيقع، ومثاله أيضاً أن يمزق شخص
أو يحرق ورقة يانصيب مملوكة لآخر وثابتاً رقمها، فلا يمكن القول بأنه بمجرد ذلك
أفقده قيمة الجائزة الأولى المخصصة لهذا اليانصيب، لأن هذا الضرر ضرر احتمالي
يتوقف تحققه أو عدمه على نتيجة السحب، فإن ربحت ورقته في السحب كان الضرر محققاً،
وإلا انتفى وجوده أصلاً([xvii]).
ومثاله أيضاً أن يحدث شخص بخطئه
خللاً في منزل جاره يخشى منه تهدم المنزل. هنا الخلل ضرر محقق حيث إنه وقع بالفعل
ويستحق عنه التعويض، أما الخشية من التهدم فضرر محتمل قد يقع أو لا يقع وبالتالي
لا يعوض عنه إلا إذا وقع بالفعل([xviii]).
ثالثاً: تفويت الفرصة:
قد يدق التمييز
أحياناً بين الضرر المستقبل وبين الضرر الاحتمالي وذلك في حالة الحرمان من الفرصة،
فإذا كانت نتيجة الفرصة أمراً محتملاً فقد تتحقق وقد لا تتحقق فإن تفويت ذات الفرصة أمر محقق
يجب التعويض عنه، فإذا كان حرمان مالك الحصان من جائزة السباق لا
يعدو أن يكون ضرراً احتمالياً فإن حرمانه من فرصة الاشتراك فيه ضرر محقق، وبأن قتل
الخطيب ضرر محقق بالمخطوبة وإن كان زواجها به احتمالياً([xix]).
ومن الأمثلة أيضاً على تفويت الفرصة، تفويت
فرصة النجاح في الامتحان وتفويت فرصة كسب دعوى النفقة, وتفويت فرصة الترقية إلى درجة أعلى، فإذا كانت نتائج تلك الفرص احتمالية غير موجبة للتعويض فإن مجرد فقدان الفرص
ذاتها يعتبر محققاً وبالتالي موجباً للتعويض([xx]).
ويشترط في مثل هذه الحالات توافر
شروط معينة، منها ما يشترط في الفرصة الفائتة، ومنها ما يشترط في الأمل في كسبها.
وأما عما يشترط في الفرصة
الفائتة، فهو أن تكون فرصة حقيقية جدية، ويتفرع عن ذلك تطلب أن تكون الفرصة حالة
أو وشيكة. ففرصة
الترقية يلزم أن تكون الترقية وشيكة وجدية لإمكان القول بأن تفويتها ضرر محقق وأما
عما يشترط في الأمل في كسب الفرصة الفائتة، فهو أن يكون مبنياً على أسباب معقولة مبنية على ظروف واقعية قد تؤدي بطبيعتها إلى تحقيق هذه
الفرصة فيما لو لم يتم تفويتها، فمثلاً لو أن شخصاً حرم من التقدم للامتحان الذي
تعقده جهة ما لنيل وظيفة معينة ومن شروطها إتقان اللغة الإنجليزية ولم يكن هذا
الشخص على دراية بهذه اللغة نهائياً فلا نكون بصدد تفويت الفرصة أو الأمل في كسبها
لأن فوزه بالوظيفة أمر مستحيل.
ومن الجدير بالذكر أنه يدق تقدير التعويض عن تفويت الفرصة، فلا يصح تقديره
بمقدار الكسب الذي فاتت فرصته، وإنما ينبغي أن يقل عنه، إذ يلتزم أن يؤخذ في الاعتبار مدى رجحان كسب الفرصة، وبقدر مدى هذا الرجحان يزيد أو ينقص مقدار التعويض([xxi]).
وقد أخذت محكمة التمييز الأردنية
بالتعويض عن تفويت الفرصة في العديد من قراراتها وقد جاء في أحد هذه القرارات
" أن المحامي الذي يفوت على الموكل المدد القانونية المقررة في إجراءات
التنفيذ يعتبر مقصراً في بذل العناية اللازمة في تنفيذ ما وكل به، وأن تقصيراً
كهذا يرتب على المحامي مسؤولية الضمان فيما يساوي الضرر الواقع فعلاً حين وقوعه
بمفهوم المادة 363 من القانون المدني"([xxii]).
ولعل ما قيل في شأن الفرصة الفائتة يقال في شأن الكسب
الفائت وهو ما لم يتحقق بسبب الفعل الضار، وهو يدخل في نطاق الضرر الموجب للتعويض
متى توافرت شروطه، فمثلاً يعتبر محققاً الكسب الفائت بالنسبة لبائع باع بضاعته
بربح معين وقبل موعد تسليمها أتلفت جراء فعل الأضرار، فالحقيقة هنا أن الضرر لا
يقتصر فقط على قيمة البضاعة التالفة وإنما يشمل أيضاً الربح الذي كان سيجنيه
البائع لو سلم البضاعة.
المبحث الثالث: أن يكون الضرر
شخصياً:
ويقصد بشخصية الضرر أن يكون قد
أصاب الشخص طالب التعويض سواءً أكان شخصاً طبيعياً أم اعتبارياً، ويبقى الضرر
شخصياً بالنسبة لمن أصيب به مرتدا عن غيره.
أولاً: الضرر الشخصي للشخص الطبيعي:
يعتبر الضرر المادي الذي يصيب
الشخص الطبيعي في جسمه أو ماله ضرراً شخصياً لأنه أصاب شخص المضرور ذاته وعلى ذلك
لا يعتبر هذا الشرط متحققاً بالنسبة لجار أو حتى قريب المضرور طالما لم يتأثر هو
شخصياً بأن أصيب جسمه أو ذمته المالية.
ثانياً: الضرر الشخصي للشخص المعنوي:
قد يصيب الشخص المعنوي ضرر مادي جراء الفعل الضار، وهو في ذلك شأن الشخص
الطبيعي من حيث ضرورة كون الضرر شخصياً أي أصابه ذاته بصفته شخصاً اعتبارياً، كأن
يهدم مبنى الشركة أو الجمعية بسبب الفعل الضار، فهذا الضرر شخصي بالنسبة له وبمعزل
عن الأشخاص الطبيعيين القائمين عليه.
ثالثاً: الضرر المرتد:
يعتبر الضرر المرتد شخصياً بالنسبة لمن ارتد عليه فلا يهم أن يكون المضرور قد
تلقى هذا الضرر مباشرة من مصدره أو أنه تلقاه مرتداً عن مضرور آخر فالضرر المرتد هو الضرر الذي أصاب شخصاً نتيجة ضرر أصاب شخصاً آخر، فهو يفترض أن الفعل الضار قد ألحق بشخص ضرراً أصلياً عاد على شخص آخر بضرر مرتد، ومثاله الضرر الذي يعود على منتج فيلم
من تشويه البطل، والضرر الذي يعود على العمال من تدمير مكان العمل([xxiii]).
المبحث الرابع: أن يكون الضرر مباشراً:
يختلف
الضرر الشخصي عن الضرر المباشر في أن الأخير يعني أن ينجم الضرر مباشرةً عن الفعل
الضار، بأن يرتبط به ارتباط السبب بالمسبب وتشترط التشريعات صراحةً هذا الشرط
كالتشريع المصري والفرنسي والأردني الذي عبر عنه في المادة 266 من القانون المدني
بوجوب أن يكون الضرر نتيجة طبيعية للفعل الضار.
وعلى ذلك لا يعتبر الضرر غير المباشر موجباً للتعويض كمن
يصاب بسبب فعل ضار بأذى يقعده عن العمل ومن ثم تتراكم ديونه عليه فيحزن لما أصابه
حزناً شديداً يؤدي إلى وفاته، فالوفاة هنا تعتبر ضرراً غير مباشر للفعل الضار ولا
يكون الفاعل مسؤولاً عنها وعلة ذلك انقطاع رابطة السببية بين الفعل والضرر([xxiv]).
([i]) المادة 256 من القانون المدني.
([ii]) د. أنور سلطان، مصادر الالتزام في القانون
المدني الأردني، مطبعة الجامعة الأردنية، عمان، 1987م، ص298– 299.
([iii]) د. سليمان مرقس، الوافي في شرح القانون
المدني، م1، ط5، القاهرة، 1992م، ص136– 137.
([iv]) د. سليمان مرقس، مرجع سابق، ص137.
([v]) د. عبد الرزاق السنهودي، مرجع سابق،
ص1196.
([vi]) د. سليمان مرقس، مرجع سابق، 137– 138.
([vii]) د. عدنان السرحان، د. نوري خاطر، مرجع سابق،
ص410– 411.
([viii]) تمييز حقوق، 361/92، مجلة نقابة المحامين،
1994م، عدد 1- 3، ص485.
([ix]) د. عدنان السرحان، ونوري خاطر، مرجع سابق،
ص411.
([x]) د. جلال علي العـدوي، أصول الالتزامات، مصـادر الالتزام،
منشأة المعارف، الإسكندريـة، 1997م، ص424– 425.
([xi])
د. نبيل إبراهيم سعد، مرجع سابق، ص405.
([xii])
د. جلال العدوي، مرجع سابق، ص429– 435.
([xiii])
د. أنور سلطان، مرجع سابق، ص329.
([xiv])
د. جلال العدوي، مرجع سابق، ص429– 430.
([xv])
د. عدنان السرحان، ونوري خاطر، مرجع سابق، ص435– 436.
([xvi])
د. نبيل إبراهيم سعد، مرجع سابق، ص407.
([xvii])
د. سيلمان مرقس، مرجع سابق، ص140– 141.
([xviii])
د. عبد الرزاق السنهوري، مرجع سابق، ص1205– 1206.
([xix])
د. حسن علي الذنون، د. محمد سعيد الرحو، الوجيز في النظرية العامة للالتزام،
ط1، مصادر الالتزام، دار وائل للنشر، عمان، 2002م، ج1، ص268– 269.
([xx])
د. نبيل إبراهيم سعد، مرجع سابق، ص408.
([xxi])
د. جلال العدوي، مرجع سابق، ص434– 435.
([xxii])
تمييز حقوق رقم 768/82، مجلة نقابة المحامين لسنة 1983م، عدد 6، ص832.
([xxiii])
تنص المادة 274 من القانون المدني
على أن كل من أتى فعلاً ضاراً بالنفس من قتل أو جرح أو ايذاء يلزم بالتعويض عما أحدثه
من ضرر للمجني عليه أو ورثته أو لمن كان يعولهم وحرموا من ذلك بسبب الفعل الضار.
([xxiv])
أنور سلطان، مرجع سابق، ص335.
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب