أتعـــاب المحـــامي - دراسة مقارنــــة ( بحث فى القانون المغربى )
ذ. خالد المروني
محامي بهيئة القنيطرة
إن
الحديث عن أتعاب المحامي في الوقت الراهن لم يعد ترفا فكريا، كما لم يعد الخوض فيه
اقتراب من إحدى الطابوهات المسيجة للمهنة .
فبالنظر
لكون مهنة المحاماة تعتبر مهنة حرة ومستقلة فان الأتعاب التي يؤديها الموكلون
تعتبر المصدر الوحيد لدخل المحامي، والذي غالبا ما يخصص لضمان أداء المتطلبات
المالية لحسن السير العادي للمكتب ، وكذا لتغطية مصاريف عيش المحامي بشكل لائق .
لأجل
ذلك يعتبر التعامل، في الواقع، مع مسألة الأتعاب من أصعب القضايا التي تجعل
المحامي منزعجا من التعامل معها، لكنه مضطر لفعل ذلك بالنظر لكون مكتب المحامي
أصبح مقاولة حقيقية تهدف الى تسويق خدماتها بشكل جيد، يمكنها من ضمان تغطية تكاليف
المكتب وتحقيق الربح .
وتستحق
أتعاب المحامي عن كل قضية او خدمة قانونية يؤديها المحامي لفائدة موكله، حيث نصت
المادة 44 من قانون المحاماة على أن تحدد
الأتعاب باتفاق بين المحامي وموكله، وبذلك فان الأعمال القانونية التي يستحق عنها
المحامي أتعابه تم التنصيص عليها في المادة 30 من قانون المحاماة وهي : الترافع
ومؤازرة الأطراف والدفاع عنهم وتمثيلهم أمام جميع المحاكم والمؤسسات القضائية
والتأديبية للإدارات العمومية والجماعات والمؤسسات العمومية
والهيئات المهنية وممارسة جميع أنواع الطعون في مواجهة
كل ما يصدر عن هذه الجهات، وتقديم
كل عرض أو قبوله،
واعلان كل إقرار أو رضى ورفع اليد عن كل حجز، والقيام في كتابات ضبط المحاكم
وغيرها من جميع الجهات المعنية بكل مسطرة غير قضائية ومباشرة جميع الإجراءات أمامها،
وإبرام صلح، وقبض ما يجب قبضه ، واعداد الدراسات والأبحاث، وإعطاء الاستشارات
القانونية ، وتمثيل الأطراف بتوكيل خاص في العقود ،وتحرير العقود .
والمحامي غير ملزم بالتوفر على
وكالة مكتوبة ليمكنه المطالبة بأتعابه، اذ انه بمقتضى المادة 30 من قانون المحاماة
فان المحامي يمارس مهامه من غير الإدلاء بوكالة ، غير انه يتعين عليه ان يحتفظ
بملفه بما يفيد توكيله للإدلاء به عند المنازعة في التوكيل أمام النقيب أو الرئيس
الأول لمحكمة الاستيناف ، مع الاشارة الى ضرورة الإدلاء بتوكيل كلما تعلق الأمر
باستخلاص مبالغ مالية من محاسبين عموميين لفائدة موكليه في قضايا لم يكن ينوب فيها
( المادة 30 / فقرة أخيرة ) .
كما وجبت الإشارة الى ان الحق
في الأتعاب يمثل تكريسا لمبدأ استقلالية المحامي، حيث لا يجوز له ان يحدد مسبقا مع
موكله الأتعاب المستحقة عن أية قضية اعتبارا للنتيجة التي يقع التوصل إليها، كما
لا يجوز له ان يقتني بطريق التفويت حقوقا متنازعا فيها قضائيا أو أن يستفيد هو أو
زوجه او فروعه بأي وجه كان من القضايا التي يتولى الدفاع بشأنها، خاصة وان كل هذه
الاتفاقات تعتبر مشاركة في الحق المتنازع فيه
(Pacte de quota lias ) وتكون باطلة بصريح
الفصل 45 من قانون المحاماة.
-المبحث الأول : تقدير أتعاب
المحاماة
إن
تقدير أتعاب المحامي يخضع لعدة معايير متعددة ومتداخلة، لكن التشريع المغربي لم
ينص على أية معايير يمكن الاستئناس بها في هذا المجال خلافا للعديد من الأنظمة
المقارنة، ولأجل ذلك ارتأينا إبداء بعض الملاحظات بخصوص عناصر التقدير .
إن المحامي غير ملزم بتقدير أتعابه بصفة قبلية
ودونما انتظار الانتهاء من القضية او الخدمة القانونية المكلف بها، ذلك انه يتعذر
عليه في جل الحالات التكهن بحجم الخدمات التي سيقدمها لموكله، وكذا درجة تعقد الإجراءات التي سيباشرها في
القضية، وبالتالي فان المحامي غير ملزم قانونا بتحديد أتعابه مسبقا، خاصة ان
المادة 44 من قانون المهنة تفيد هذا المعنى ما دامت تتحدث عن المبلغ المسبق في
الفقرة الاولى، ثم عن مبلغ التسبيق الجديد في الفقرة الثانية .
وبالرغم
من ذلك فانه يتعين على المحامين الاجتهاد في وضع معايير موضوعية لتحديد الأتعاب،
استحضارا لتزايد مطالبة الموكلين بفهم بنود القيمة التي يطلب منهم سدادها وحاجتهم
للشعور بأنهم يحصلون على قيمة مناسبة مقابل الأموال التي يدفعونها(1).
وبالرجوع
إلى القوانين المقارنة التي أتيحت لنا فرصة الاطلاع عليها نستطيع القول ان هناك
جملة من المعايير في ميدان تحديد الأتعاب، حيث نصت مثلا المادة 69 من قانون
المحاماة اللبناني على انه في حالة عدم تحديد بدل الأتعاب باتفاق خطي، يعود للقضاء
تحديدها بعد أخد رأي النقابة، ويراعى في ذلك أهمية القضية والعمل الذي أداه
المحامي وحالة الموكل، كما تنص المادة 46 من قانون المحاماة الاردني على انه يراعى
في تحديد الأتعاب جهد المحامي وأهمية القضية وجميع العوامل الأخرى، وهي نفس المعايير
التي أوردتها المادة 30 من قانون المحاماة في دولة البحرين...
أما القانون المصري فقد نص في الفصل 82 على ان ما
يدخل في التقدير هو أهمية الدعوى والجهد المبذول وملاءة الموكل وأقدمية درجة قيد
المحامي والنتيجة المحققة، كما ينص الفصل 61 من قانون المحاماة السوري على أن مجلس
فرع النقابة يفصل في الخلاف حول الأتعاب مع مراعاة اهمية القضية والجهد المبذول
ومكانة المحامي .
كما يمكن الإشارة الى المادة 26
من نظام المحاماة السعودي والمادة 33 من قانون تنظيم مهنة المحاماة الكويتي،
وكلتاهما تشيران الى أن أتعاب المحامي تحدد بما يتناسب مع الجهد الذي بذله المحامي
والنفع الذي عاد على الموكل.
أما بالنسبة للتشريع الفرنسي الذي يعتبر المصدر
الرئيسي لجل القوانين المغربية، فقد نص الفصل 10 من قانون 10/07/1991 على انه في
حالة عدم وجود اتفاق بين المحامي وموكله، فان الأتعاب تحدد حسب العرف، أخدا بعين
الاعتبار الوضعية المالية للموكل، وصعوبة القضية، وقيمة المصاريف المبينة من طرف
المحامي، وشهرته، ودرجة عنايته بالقضية .
وإذا
تساءلنا عن نظام تحديد الأتعاب في الأنظمة الانكلوسكسونية استطعنا القول ان الأساس الرئيسي الذي يحسب بموجبه المحامون أتعابهم
يتمثل في الرجوع الى مقدار الوقت الذي استغرقوه في تقديم الخدمة القانونية الى
الموكل ، وتتم المحاسبة بالنظر لعدد الساعات المستهلكة في شؤون كل موكل ولحساب
التكلفة الكلية، على المحامي أن يضرب عدد الساعات التي استغرقها العمل في تكلفة
الساعة
(2)، وهكذا مثلا وفي الولايات المتحدة
الامريكية تصل أتعاب المحامي من 150 الى 600 دولار للساعة الواحدة في 250 مؤسسة
مصنفة ضمن الأوائل(3)
لكن
وبالرغم من ذلك فانه وحتى في ظل الأنظمة الانكلوسكونية، قد يسمح باعتماد معايير
أخرى الى جانب معيار الوقت في تحديد الأتعاب، وهكذا وعلى سبيل المثال تسمح جمعية
القانون في انجلترا ومنطقة ويلز لأعضائها ( محامي المرافعات) بأن يأخذوا في
اعتبارهم عددا من المعايير نذكر منها حجم ودرجة تعقد المسألة موضوع البحث ، ومدى
الإلحاح في طلب النصيحة القانونية الخ(4) لكن وجبت الإشارة الى انه بالرغم من خلو قانون
المحاماة المغربي الجديد من الإشارة الى أية معايير يمكن الاستئناس بها في ميدان
تقدير الأتعاب، فان القضاء المغربي دأب على إعمال العديد من المعايير من مثيل تلك
التي أقرتها القوانين المقارنة، ويمكن الإشارة في هذا الصدد مثلا للقرار الصادر عن
محكمة الاستيناف بمراكش بتاريخ 04/06/1986 والذي نص على انه » يراعى في تقدير الأتعاب، المجهود، وقيمة العمل ، والعناية التي
استلزمها العمل ، والزمن الذي قضاه في ذلك المحامي، وكذلك كسب الدعوى « (5)، كما جاء في القرار عدد 991 الصادر عن محكمة الاستيناف باسفي بتاريخ
17/05/1995 انه» عند تحديد أتعاب المحامي، ينبغي مراعاة ما قام
به هذا الأخير من اجراءات وما بذله من مجهودات في هذه الإجراءات وما تكبده من
مصاريف « (6)أما القرار عدد 33 الصادر عن محكمة الاستيناف بالرباط بتاريخ
22/05/2003 فقد جاء فيه ان» أتعاب المحامي تكون مناسبة
لما بذله من مجهود كبير في قضية موكله وما أحاطه من عناية فائقة بها« (7)
بينما نص القرار الصادر عن محكمة الاستيناف بالجديدة بتاريخ
27/06/2006 في الملف رقـــم
21/03/2006، انه من » المستقر عليه فقها وقضاء أن أتعاب المحامي يراعى في تقديرها الجهد
الفعال المبذول من طرفه والزمن
المستغرق في القضية او القضايا التي ناب فيها وأهمية النزاع وتعقده والقيمة الفنية
للعمل الذي قام به والفائدة التي حققها لموكله «.
(
وحيث انه إذا ثبت ما سبق
استطعنا القول ان أهم المعايير التي وضعها القانون والفقه المقارنيين هي :
-
المجهوذ الذي يبذله
المحامي .
-
الوقت المستغرق في
القضية .
-
أهمية وصعوبة القضية .
-
الوضعية المالية للموكل
.
-
أقدمية المحامي ومكانته
وشهرته .
-
قيمة الشيء المتنازع
فيه .
-
النتيجة المحققة .
-
أتعاب المثل المحددة في
القضايا المتشابهة .
-
تقديم خدمة غير
اعتيادية او تتطلب كفاءة خاصة .
-
الظروف الخاصة كفقدان
قضايا أخرى ، وطابع الاستعجال .
لكن وبالرغم من هذه المعايير،
فقد وجب التنبيه الى ان المحامي عند تقديره للأتعاب ملزم بمراعاة التوسط
والموضوعية لكي لا تتحول مهنة المحاماة الى وسيلة للإثراء على حساب الموكلين، خاصة
وأن المحامي ملزم بالتقيد في سلوكه المهني بمبادئ الاستقلال والتجرد والنزاهة
والكرامة والشرف وما تقتضيه الأخلاق الحميدة بصريح المادة 3 من قانون مهنة
المحاماة، ولأجل ذلك فانه اذا كان من
واجب المحامي تفادي كل الطرق
والسلوكات التي قد تضفي على مهنته طابع الربحية والروح التجارية، فيمنع عليه كليا
العمل مجانا او مقابل أتعاب هزيلة قد تؤدي الى إلحاق الضرر بكرامة المهنة (9)
(1) ذ . أندرو هود ج
: « تحصيل الاتعاب من الموكلين » عرض القي في اطار فعاليات البرنامج الدولي لتدريب
المحامين العرب المنظم من طرف جمعية انجلترا وبلاد الغال للقانون بشراكة مع اتحاد
المحامين العرب تحت شعار : محامون للألفية الجديدة ، وذلك خلال الفترة من 25 إلى
29 يونيو 2001 بالدار البيضاء .
(2) المرجع السابق
(3) المحامون الكبار في امريكا: من هم؟ كيف يشتغلون؟ مجلة » الاكسبريس « عدد
2573، منشور كذلك بجريدة
»الاتحاد
الاشتراكي« العدد 6360 بتاريخ 7 يناير 2000
(4) ذ. اندرو هودج – مرجع سابق -
(5) قرار
منشور بمجلة : المحامي العدد 10 الصفحة 81 .
(6) قرار منشور بمجلة : المحامون العدد 5 الصفحة 75
.
(قرار (7) منشور بمجلة : رسالة المحاماة العدد 21 الصفحة 145
( قرار منشور بمجلة :« الملف » العدد 9 الصفحة 234
.
(9) خالد خالص : »
المحامي ، ما فائدته ؟ دفاعا عن مهنة المحاماة II أتعاب المحامي » –
مجلة القصر العدد 5 صفحة 13.
ذ. خالد المروني
محامي بهيئة القنيطرة
إن
الحديث عن أتعاب المحامي في الوقت الراهن لم يعد ترفا فكريا، كما لم يعد الخوض فيه
اقتراب من إحدى الطابوهات المسيجة للمهنة .
فبالنظر
لكون مهنة المحاماة تعتبر مهنة حرة ومستقلة فان الأتعاب التي يؤديها الموكلون
تعتبر المصدر الوحيد لدخل المحامي، والذي غالبا ما يخصص لضمان أداء المتطلبات
المالية لحسن السير العادي للمكتب ، وكذا لتغطية مصاريف عيش المحامي بشكل لائق .
لأجل
ذلك يعتبر التعامل، في الواقع، مع مسألة الأتعاب من أصعب القضايا التي تجعل
المحامي منزعجا من التعامل معها، لكنه مضطر لفعل ذلك بالنظر لكون مكتب المحامي
أصبح مقاولة حقيقية تهدف الى تسويق خدماتها بشكل جيد، يمكنها من ضمان تغطية تكاليف
المكتب وتحقيق الربح .
وتستحق
أتعاب المحامي عن كل قضية او خدمة قانونية يؤديها المحامي لفائدة موكله، حيث نصت
المادة 44 من قانون المحاماة على أن تحدد
الأتعاب باتفاق بين المحامي وموكله، وبذلك فان الأعمال القانونية التي يستحق عنها
المحامي أتعابه تم التنصيص عليها في المادة 30 من قانون المحاماة وهي : الترافع
ومؤازرة الأطراف والدفاع عنهم وتمثيلهم أمام جميع المحاكم والمؤسسات القضائية
والتأديبية للإدارات العمومية والجماعات والمؤسسات العمومية
والهيئات المهنية وممارسة جميع أنواع الطعون في مواجهة
كل ما يصدر عن هذه الجهات، وتقديم
كل عرض أو قبوله،
واعلان كل إقرار أو رضى ورفع اليد عن كل حجز، والقيام في كتابات ضبط المحاكم
وغيرها من جميع الجهات المعنية بكل مسطرة غير قضائية ومباشرة جميع الإجراءات أمامها،
وإبرام صلح، وقبض ما يجب قبضه ، واعداد الدراسات والأبحاث، وإعطاء الاستشارات
القانونية ، وتمثيل الأطراف بتوكيل خاص في العقود ،وتحرير العقود .
والمحامي غير ملزم بالتوفر على
وكالة مكتوبة ليمكنه المطالبة بأتعابه، اذ انه بمقتضى المادة 30 من قانون المحاماة
فان المحامي يمارس مهامه من غير الإدلاء بوكالة ، غير انه يتعين عليه ان يحتفظ
بملفه بما يفيد توكيله للإدلاء به عند المنازعة في التوكيل أمام النقيب أو الرئيس
الأول لمحكمة الاستيناف ، مع الاشارة الى ضرورة الإدلاء بتوكيل كلما تعلق الأمر
باستخلاص مبالغ مالية من محاسبين عموميين لفائدة موكليه في قضايا لم يكن ينوب فيها
( المادة 30 / فقرة أخيرة ) .
كما وجبت الإشارة الى ان الحق
في الأتعاب يمثل تكريسا لمبدأ استقلالية المحامي، حيث لا يجوز له ان يحدد مسبقا مع
موكله الأتعاب المستحقة عن أية قضية اعتبارا للنتيجة التي يقع التوصل إليها، كما
لا يجوز له ان يقتني بطريق التفويت حقوقا متنازعا فيها قضائيا أو أن يستفيد هو أو
زوجه او فروعه بأي وجه كان من القضايا التي يتولى الدفاع بشأنها، خاصة وان كل هذه
الاتفاقات تعتبر مشاركة في الحق المتنازع فيه
(Pacte de quota lias ) وتكون باطلة بصريح
الفصل 45 من قانون المحاماة.
-المبحث الأول : تقدير أتعاب
المحاماة
إن
تقدير أتعاب المحامي يخضع لعدة معايير متعددة ومتداخلة، لكن التشريع المغربي لم
ينص على أية معايير يمكن الاستئناس بها في هذا المجال خلافا للعديد من الأنظمة
المقارنة، ولأجل ذلك ارتأينا إبداء بعض الملاحظات بخصوص عناصر التقدير .
إن المحامي غير ملزم بتقدير أتعابه بصفة قبلية
ودونما انتظار الانتهاء من القضية او الخدمة القانونية المكلف بها، ذلك انه يتعذر
عليه في جل الحالات التكهن بحجم الخدمات التي سيقدمها لموكله، وكذا درجة تعقد الإجراءات التي سيباشرها في
القضية، وبالتالي فان المحامي غير ملزم قانونا بتحديد أتعابه مسبقا، خاصة ان
المادة 44 من قانون المهنة تفيد هذا المعنى ما دامت تتحدث عن المبلغ المسبق في
الفقرة الاولى، ثم عن مبلغ التسبيق الجديد في الفقرة الثانية .
وبالرغم
من ذلك فانه يتعين على المحامين الاجتهاد في وضع معايير موضوعية لتحديد الأتعاب،
استحضارا لتزايد مطالبة الموكلين بفهم بنود القيمة التي يطلب منهم سدادها وحاجتهم
للشعور بأنهم يحصلون على قيمة مناسبة مقابل الأموال التي يدفعونها(1).
وبالرجوع
إلى القوانين المقارنة التي أتيحت لنا فرصة الاطلاع عليها نستطيع القول ان هناك
جملة من المعايير في ميدان تحديد الأتعاب، حيث نصت مثلا المادة 69 من قانون
المحاماة اللبناني على انه في حالة عدم تحديد بدل الأتعاب باتفاق خطي، يعود للقضاء
تحديدها بعد أخد رأي النقابة، ويراعى في ذلك أهمية القضية والعمل الذي أداه
المحامي وحالة الموكل، كما تنص المادة 46 من قانون المحاماة الاردني على انه يراعى
في تحديد الأتعاب جهد المحامي وأهمية القضية وجميع العوامل الأخرى، وهي نفس المعايير
التي أوردتها المادة 30 من قانون المحاماة في دولة البحرين...
أما القانون المصري فقد نص في الفصل 82 على ان ما
يدخل في التقدير هو أهمية الدعوى والجهد المبذول وملاءة الموكل وأقدمية درجة قيد
المحامي والنتيجة المحققة، كما ينص الفصل 61 من قانون المحاماة السوري على أن مجلس
فرع النقابة يفصل في الخلاف حول الأتعاب مع مراعاة اهمية القضية والجهد المبذول
ومكانة المحامي .
كما يمكن الإشارة الى المادة 26
من نظام المحاماة السعودي والمادة 33 من قانون تنظيم مهنة المحاماة الكويتي،
وكلتاهما تشيران الى أن أتعاب المحامي تحدد بما يتناسب مع الجهد الذي بذله المحامي
والنفع الذي عاد على الموكل.
أما بالنسبة للتشريع الفرنسي الذي يعتبر المصدر
الرئيسي لجل القوانين المغربية، فقد نص الفصل 10 من قانون 10/07/1991 على انه في
حالة عدم وجود اتفاق بين المحامي وموكله، فان الأتعاب تحدد حسب العرف، أخدا بعين
الاعتبار الوضعية المالية للموكل، وصعوبة القضية، وقيمة المصاريف المبينة من طرف
المحامي، وشهرته، ودرجة عنايته بالقضية .
وإذا
تساءلنا عن نظام تحديد الأتعاب في الأنظمة الانكلوسكسونية استطعنا القول ان الأساس الرئيسي الذي يحسب بموجبه المحامون أتعابهم
يتمثل في الرجوع الى مقدار الوقت الذي استغرقوه في تقديم الخدمة القانونية الى
الموكل ، وتتم المحاسبة بالنظر لعدد الساعات المستهلكة في شؤون كل موكل ولحساب
التكلفة الكلية، على المحامي أن يضرب عدد الساعات التي استغرقها العمل في تكلفة
الساعة
(2)، وهكذا مثلا وفي الولايات المتحدة
الامريكية تصل أتعاب المحامي من 150 الى 600 دولار للساعة الواحدة في 250 مؤسسة
مصنفة ضمن الأوائل(3)
لكن
وبالرغم من ذلك فانه وحتى في ظل الأنظمة الانكلوسكونية، قد يسمح باعتماد معايير
أخرى الى جانب معيار الوقت في تحديد الأتعاب، وهكذا وعلى سبيل المثال تسمح جمعية
القانون في انجلترا ومنطقة ويلز لأعضائها ( محامي المرافعات) بأن يأخذوا في
اعتبارهم عددا من المعايير نذكر منها حجم ودرجة تعقد المسألة موضوع البحث ، ومدى
الإلحاح في طلب النصيحة القانونية الخ(4) لكن وجبت الإشارة الى انه بالرغم من خلو قانون
المحاماة المغربي الجديد من الإشارة الى أية معايير يمكن الاستئناس بها في ميدان
تقدير الأتعاب، فان القضاء المغربي دأب على إعمال العديد من المعايير من مثيل تلك
التي أقرتها القوانين المقارنة، ويمكن الإشارة في هذا الصدد مثلا للقرار الصادر عن
محكمة الاستيناف بمراكش بتاريخ 04/06/1986 والذي نص على انه » يراعى في تقدير الأتعاب، المجهود، وقيمة العمل ، والعناية التي
استلزمها العمل ، والزمن الذي قضاه في ذلك المحامي، وكذلك كسب الدعوى « (5)، كما جاء في القرار عدد 991 الصادر عن محكمة الاستيناف باسفي بتاريخ
17/05/1995 انه» عند تحديد أتعاب المحامي، ينبغي مراعاة ما قام
به هذا الأخير من اجراءات وما بذله من مجهودات في هذه الإجراءات وما تكبده من
مصاريف « (6)أما القرار عدد 33 الصادر عن محكمة الاستيناف بالرباط بتاريخ
22/05/2003 فقد جاء فيه ان» أتعاب المحامي تكون مناسبة
لما بذله من مجهود كبير في قضية موكله وما أحاطه من عناية فائقة بها« (7)
بينما نص القرار الصادر عن محكمة الاستيناف بالجديدة بتاريخ
27/06/2006 في الملف رقـــم
21/03/2006، انه من » المستقر عليه فقها وقضاء أن أتعاب المحامي يراعى في تقديرها الجهد
الفعال المبذول من طرفه والزمن
المستغرق في القضية او القضايا التي ناب فيها وأهمية النزاع وتعقده والقيمة الفنية
للعمل الذي قام به والفائدة التي حققها لموكله «.
(
وحيث انه إذا ثبت ما سبق
استطعنا القول ان أهم المعايير التي وضعها القانون والفقه المقارنيين هي :
-
المجهوذ الذي يبذله
المحامي .
-
الوقت المستغرق في
القضية .
-
أهمية وصعوبة القضية .
-
الوضعية المالية للموكل
.
-
أقدمية المحامي ومكانته
وشهرته .
-
قيمة الشيء المتنازع
فيه .
-
النتيجة المحققة .
-
أتعاب المثل المحددة في
القضايا المتشابهة .
-
تقديم خدمة غير
اعتيادية او تتطلب كفاءة خاصة .
-
الظروف الخاصة كفقدان
قضايا أخرى ، وطابع الاستعجال .
لكن وبالرغم من هذه المعايير،
فقد وجب التنبيه الى ان المحامي عند تقديره للأتعاب ملزم بمراعاة التوسط
والموضوعية لكي لا تتحول مهنة المحاماة الى وسيلة للإثراء على حساب الموكلين، خاصة
وأن المحامي ملزم بالتقيد في سلوكه المهني بمبادئ الاستقلال والتجرد والنزاهة
والكرامة والشرف وما تقتضيه الأخلاق الحميدة بصريح المادة 3 من قانون مهنة
المحاماة، ولأجل ذلك فانه اذا كان من
واجب المحامي تفادي كل الطرق
والسلوكات التي قد تضفي على مهنته طابع الربحية والروح التجارية، فيمنع عليه كليا
العمل مجانا او مقابل أتعاب هزيلة قد تؤدي الى إلحاق الضرر بكرامة المهنة (9)
(1) ذ . أندرو هود ج
: « تحصيل الاتعاب من الموكلين » عرض القي في اطار فعاليات البرنامج الدولي لتدريب
المحامين العرب المنظم من طرف جمعية انجلترا وبلاد الغال للقانون بشراكة مع اتحاد
المحامين العرب تحت شعار : محامون للألفية الجديدة ، وذلك خلال الفترة من 25 إلى
29 يونيو 2001 بالدار البيضاء .
(2) المرجع السابق
(3) المحامون الكبار في امريكا: من هم؟ كيف يشتغلون؟ مجلة » الاكسبريس « عدد
2573، منشور كذلك بجريدة
»الاتحاد
الاشتراكي« العدد 6360 بتاريخ 7 يناير 2000
(4) ذ. اندرو هودج – مرجع سابق -
(5) قرار
منشور بمجلة : المحامي العدد 10 الصفحة 81 .
(6) قرار منشور بمجلة : المحامون العدد 5 الصفحة 75
.
(قرار (7) منشور بمجلة : رسالة المحاماة العدد 21 الصفحة 145
( قرار منشور بمجلة :« الملف » العدد 9 الصفحة 234
.
(9) خالد خالص : »
المحامي ، ما فائدته ؟ دفاعا عن مهنة المحاماة II أتعاب المحامي » –
مجلة القصر العدد 5 صفحة 13.
عدل سابقا من قبل Admin في الثلاثاء يوليو 13, 2010 3:21 pm عدل 2 مرات
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب