الاتجار في البشر
إعداد
هشام بشير
المستشار الإعلامي
للجمعية المصرية لمكافحة جرائم الإنترنت
§ مقدمة
لا زال الرق وتجارته موجوداً في بعض أنحاء العالم، وكذلك ثمة ممارسات أخرى تشبه الرق مثل تجارة
النساء واستخدامهن في ممارسة الدعارة – الرق الأبيض – وعلى ذلك فهذا عيب على جبين الإنسانية، ومأساة من
مآسيها.
ويزيد من هذه المأساة ظهور ممارسات إجرامية ضد الأطفال، تمثلت في خطفهم
وبيعهم وإجبارهم على الدعارة
وما هو أخطر من ذلك، حيث شاعت تجارة أعضاء جسم الإنسان وثبتت حالات عديدة استخرج فيها من الأطفال أجزاء من جسدهم
لبيعها لمن يريدون استبدال أعضاء بشرية([1])، فإذا كان الرق شائعاً عند الشعوب القديمة، فكان ذلك بسبب كثرة الغزوات والحروب وبالتالي استرقاق
الأسرى نتيجة هذه الغزوات
والحروب، أما في العصر الحالي فسبب الاتجار بالبشر هو ماثل([2]) في الظروف الاقتصادية الرديئة التي تمر بالأشخاص محل التجارة بالبشر وأيضاً
بسبب ممارسة هذه التجارة من جانب عصابات الإجرام المنظم بالإضافة إلى ذوبان الحدود السياسية للدول
وبالتالي جعل ذلك الوضح أيضاً ثمة ممارسة لهذه التجارة من جانب عصابات الجريمة المنظمة
عبر الوطنية.
هذا وقد كان الرق معروفاً في الشرائع البابلية واليونانية والعربية
الجاهلية، وكان للرقيق – آنذاك –
تجارة داخلية وخارجية مشهورة ومن أمثلتها التاريخية الأخيرة السباء الجماعي لزنوج أفريقيا وتهجيرهم إلى أمريكا([3]).
وجاءت الشريعة الإسلامية بنظام محكم – وأن لم يأتي بنص حاسم وصريح يحرم الرق([4]) لمكافحة الرق وذلك عن طريق وجوب حسن معاملة الرقيق وأيضاً ضيقت الشريعة
الإسلامية الخالدة من أسباب الاسترقاق وشجعت تحرير الأشخاص محل الرق عن طريق العتق والتدبير والكتابة
وبمرور الزمن كان لهذا النظام دور لا ينكر في محاربة الرق وتجارته، هذا وقد أكد مجمع
البحوث الإسلامية بعدم وجود
الرق في أي جزء من أجزاء العالم يقره الإسلام([5]).
هذا وقد حرمت جميع المواثيق الدولية ممارسة الرق بكل أنواعه وأشكاله فقد جاء في المادة الرابعة من
الإعلان العالمي لحقوق
الإنسان على أن "لا يجوز استرقاق أو استبعاد أي شخص ويحظر الاسترقاق أو استعباد أي شخص ويحظر الاسترقاق وتجارة
الرقيق بكافة أوضاعها".
وجاءت المادة الثامنة من الاتفاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أن "لا يجوز استرقاق
أحد" وكذلك حرمت الرق الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان([6]) وأيضاً الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان([7]).
ولا شك أن أول ما سوف نقوم ببحثه في موضح الاتجار بالبشر هو التعريف بهذه التجارة وأيضاً أنواعها
ثم بعض موضوعات عدة تتعلق بهذا
الموضوع لينقسم هذا البحث إلى ثلاثة مباحث كالأتي:
§ المبحث
الأول: مفهوم الاتجار بالبشر.
§ المبحث الثالث: الإجرام المنظم والاتجار بالبشر
عبر الانترنت.
§ المبحث الثاني: أنواع الاتجار بالبشر.
المبحث الأول
مفهوم الاتجار بالبشر
عطفا على ماسبق فإن الاتجار بالإشخاص يمثل ثالث أكثر تجارة غير مشروعة مربحة في العالم، ولا
يسبقها سوى بيع المخدرات والأسلحة غير المشروعة، وكل عام يتم الاتجار بعدد كبير من الأشخاص – معظمهم
من النساء والأطفال- عبر الحدود
الوطنية، هذا فضلا عمن يتم الاتجار بهم في داخل بلدانهم، لأغراض الدعارة أو العمل القسري، وهذه التجارة
بطبيعتها، تهدر كرامة الإنسان وتستغل أوضاع الفقر العالمي، وقد أصبحت نوعا من الاسترقاق المعاصر لضحايا أجبروا
أو أوقع بهم أو أكرهوا على العمل أو الاستغلال الجنسي، ويشك الاتجار بالبشر تهديدا
متعدد الأبعاد؛ إذ يحرم الضحايا من حقوقهم الإنسانية وحرياتهم، والأهم من ذلك أن هذه
التجارة تشكل خطرا صحيا
عالميا وتزيد من نمو الجريمة المنظمة([8]).
ولكي نبين
مفهوم الاتجاه بالبشر لابد وأن نعرض لتعريف الاتجار بالبشر ثم نبين عناصره، وبالتالي سوف
نقسم هذا المبحث إلى مطلبين نخصص الأول للتعريف والثاني لبيان العناصر.
· المطلب
الأول : التعريف بالاتجار بالبشر.
· المطلب
الثاني: عناصر الاتجار بالبشر.
المطلب الأول
التعريف بالاتجار بالبشر
تتعلق التجارة – في الغالب الأعم – بسلع مادية بحيث يمكن بيعها وشراؤها في نظير مقابل مادي محدد
وهذه السلع يمكن مصادرتها في أحوال معينة – فالتداول يتم في السوق وفقاً للتعبير الاقتصادي، أما الحديث عن
تجارة البشر، وبالتالي
يكون الإنسان نفسه هو محل هذه التجارة يكون هو السلعة التي تباع وتتباع والإنسان كرمه الله عز وجل وفضله على
سائر المخلوقات، وعلى ذلك يمكن القول بأن هذا النوع من التجارة يختلف من حيث محله – الإنسان - عن التجارة
بمفهومها الاقتصادي.
وعرف الفقه هذا الاتجار بأنه – كما يقول البعض ([9]) –"هي كافة التصرفات المشروعة وغير المشروعة، التي تحيل الإنسان إلى مجرد
سلعة أو ضحية يتم التصرف فيها فيه بواسطة وسطاء ومحترفين عبر الحدود الوطنية بقصد استغلاله في أعمال ذات
أجر متدن أو في أعمال
جنسية أو ما شابه ذلك، وسواء تم هذا التصرف بإرادة الضحية أو قسراً عنه أو بأي صورة أخرى من صور العبودية".
وتنص المادة 7 من الاتفاقية التكيملية لإلغاء الرق، والاتجار بالرقيق والأنظمة والممارسات
المشابهة للرق (1956) على أنه يقصد بالاتجار بالرقيق: " كل فعل بالقبض على أو اكتساب أو التنازل عن
شخص من أجل جعهل رقيقا؛ كل فعل اكتساب عبد لبيعه أو لمبادلته؛ كل تنازل بالبيع أو التبادل
لشخص في حوزة الشخص من أجل
بيعه أو تبادله، وكذلك –بصفة عامة- كل عمل تجارة أو نقل للعبيد، مهما كانت وسيلة النقل المستخدمة"(م 7/ج) ([10]).
وثمة تعريفات أخرى([11]) لهذه التجارة جاءت في بروتوكول منع وقمع الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال، المكمل
لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية الصادر من الأمم المتحدة
سنة 2000) حيث جاءت المادة
الثالثة:
أ- تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو أيواؤهم أو استقبالهم بواسطة التهديد
بالقوة أو إساءة استعمال السلطة أو إساءة استغلال حالة استضعاف، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا
لنيل موافقة شخص له سيطرة على
شخص آخر لغرض الاستغلال ويشمل الاستغلال كحد أدني ، استغلال دعارة الغير أو وسائل أشكال الاستغلال الجنسي أو
السخرة أو الخدمة قسراً أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستبعاد أو نزع الأعضاء.
ب- لا تكون موافقة ضحية الاتجار بالأشخاص على الاستغلال المقصود والمبين
في الفقرة (أ) محل اعتبار في
الحالات التي يكون قد استخدم فيها أي من الوسائل المبينة في الفقرة (أ).
ج- يعتبر تجنيد طفل أو نقله أو تنقيله أو
إيواؤه أو استقباله لغرض
الاستغلال "اتجار الأشخاص" حتى لو لم ينطو على استعمال أي من الوسائل
المبينة في الفقرة
(أ).
د- يقصد بتعبير "طفل" أي شخص دون
الثامن عشر من
العمر.
ومما تجدر الإشارة إليه أن هذا التعريف –الفقرة الأولى من المادة الثالثة بروتوكول منع وقمع
الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال - ينقسم إلى ثلاثة عناصر، هي([12]):
§ الأفعال: أفعال تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم
أو إيوائهم أو استقبالهم.
§ الوسائل المستخدمة لارتكاب تلك الأفعال: بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو
غير ذلك من أشكال القسر أو
الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو إساءة استعمال السلطة أو إساءة استغلال حالة استضعاف أو بإعطاء أو تلقي مبالغ
مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على الضحية.
§ لأغراض الاستغلال: الذي يشمل استغلال دعارة الغير أو سائر
أشكال الاستغلال الجنسي أو السخرة أو الخدمة قسرا أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستبعاد أو
نزع الأعضاء.
ومن الجدير بالذكر أن المادة 3 من ذات البروتوكول تضيف أمرين مهمين، هما([13]):
§ الأول: لا تكون موافقة ضحية الاتجار بالأشخاص
على الاستغلال المقصود
المبين في الفقرة (أ) محل اعتبار في الحالات التي يكون قد استخدم فيها أي من الوسائل المذكورة فيها (القسر أو
الاختطاف .... الخ) أي أن الرضا هنا لا يجوز أو يصبح نافذا.
§ الثاني: يعتبر تجنيد الطفل ( الذي يقل سنه عن
ثمانية عشر عاما) أو نقله أو
ترحيله أو إيواؤه أو استقباله لغرض الاستغلال "اتجار بالأشخاص"، حتى إذا لم ينطو على استعمال أي من الوسائل
المبينة في الفقرة (أ)، أي أن الاتجار بالطفل، ونظرا لقلة إدراكه ووعيه، يمكن أن يتوافر حتى ولو كان ذلك برضائه.
§ الفرق بين الاتجار بالأشخاص والهجرة غير الشرعية:
ونخلص مما سبق أن الاتجار بالبشر هو تجارة تمثل السلع فيها أشخاص يمكن تجنيدهم أو تنقلهم أو
تنقيلهم أو استقبالهم بواسطة تاجر يقوم بعملية النقل والتنقيل وغيره بين دولة طالبة لهذه السلع –
الأشخاص- أو دول أخرى عارضة لهذه السلع.
المطلب الثاني
عناصر الاتجار بالبشر
من التعريف التي عرضنا له يتضح أن عناصر الاتجار بالبشر هي السلعة والتاجر وحركة السلع.
1. السلعة:
السلعة في الاتجار بالبشر تكون ماثلة في الشخص الذي يتم تجنيده أو نقله
أو تنقله أو إيواؤه أو استقباله من بلد إلى بلد من أجل استغلاله ويستوي أن استغلاله
طواعية واختيار منه أو قسراً وكرها عنه ويمثل هذه الإكراه في استعمال القوة أو
التهديد بها أو النصب أو الاحتيال وغير ذلك مما يدخل في هذا الصدد.
ويتم استغلال هذه السلعة – الشخص – إما بطريق السخرة بعدم تقديم عمل قانوني ومشروع
له ولكن دون الحصول على مقابل عادل لهذا العمل، وإما في استغلاله في ممارسة البغاء والاستغلال الجنسي
وإما في مجال نزع أعضاءه
الجنسية للتجارة فيها.
ويكون خروج هذه السلع – الأشخاص محل الاتجار – من أوطانهم إلى البلاد الأخرى الطالبة – المستوردة
– يكون بعدة طرق لعل أول هذه الطرق الخروج طواعية وأختياراً – أولاً – عن طريق عرض وتقديم وعود كاذبة
وأوهام بتوفير فرص عمل بمقابل مغري يتم الإعلان عن فرص العمل هذه سواء بالإتصال
المباشر أو غيره مثل الإعلان في
الصحف والجرائد وعن طريق الإنترنت، ثم بعد حدوث هذا الاتصال بين الضحايا – السلع – والتجار، يتم تزويد الضحايا
بتذاكر ووثائق سفر مزورة للوصول إلى البلد المستوردة، وذلك في مقابل حصول هؤلاء التجار – الوسطاء – على
سندات مديونية بهذه المبالغ
مما يؤدي إلى تكاليف الضحايا بتكاليف باهظة وديون وبالتالي تضمن هذه الديون ارتباط الضحايا – السلع – بالتجار أو
الوسطاء([16]).
وقد يكون خروج هذه الضحايا – ثانياً – قسراً عنهم عن طريق الخطف واستخدام القوة على هؤلاء الأشخاص
الضحايا أو التهديد.
وسواء تمت هذه التجارة طوعية أو اختيارا من جانب الضحايا أو جبراً عنهم فأنهم
يكونوا محلاً للاستغلال.
ونحب أن نؤكد أنه عادة ما يتم الاتجار بأكثر فئات المجتمع ضعفا وهم غالبا من النساء والأطفال حيث
يقع ملايين النساء والأطفال والرجال الساعين للهروب من الفقر ضحايا لجريمة الاتجار بالأفراد، وتنتشر هذه
الظاهرة عند وقوع الكوارث
الإنسانية أو الصراعات المسلحة الداخلية وفي هذه الحالة يكون اللاجئون والنازحون من بلادهم هم المستهدفين من
الشبكات الإجرامية المنظمة العاملة في مجال الاتجار في الأفراد حيث يتم استدراجهم عن طريق الوعود بتوفير
وظائف ذات عائد مجز ثم يجبرون على ممارسة البغاء أو يتم شراء الضحايا من عائلاتهم
مقابل مبلغ من المال، وتمثل النساء نسبة كبيرة من بين ضحايا الاتجار ما بين 80% إلى
90% من تتم المتاجرة بهم عبر
الحدود الدولية والأغلبية تتم المتاجرة بهن في الأغراض الجنسية من خلال الدعارة القسرية، أما الباقون فيتم
إجبارهم على الخدمة بالمنازل والعمالة بأجور زهيدة أو في حالة معظم الرجال الذين يتنقصهم المهارات فيتم
استخدامهم في الأعمال الشاقة([17]).
2- الوسيط (التاجر) :
يقصد بالوسيط الشخص أو الجماعات والعصابات الإجرامية المنظمة التي
تباشر عمله نقل وتنقيل الأشخاص الضحايا من أوطانهم إلى البلد المستورد لهم وتقوم
بشئون هذه التجارة.
فالاتجار بالبشر هو ثالث أكبر تجارة إجرامية في العالم وبعد تجارة
المخدرات وتجارة السلاح، وهي تشكل بالنسبة لعصابات الإجرام المنظم مخاطر أقل من تجارة
المخدرات وتجارة السلاح([18]).
ويجب أن يكون الوسيط أو التاجر تابع لجماعات إجرامية منظمة تحترف القيام بالاتجار بالبشر، حيث أن
نص المادة الرابعة من بروتوكول منع وقمع الاتجار بالبشر المكمل لاتفاقية الأمم
المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية قالت بأنه لا تسري أحام هذا البروتوكول
إلا على الاتجار عبر الوطني –
الدولي – في البشر الذي تقوم به جماعات إجرامية منظمة دون الحالات الفردية العارضة. وعلى هذا الأساس يخرج الحالات
الفردية والعارضة في الاتجار بالبشر من نطاق ما صدقه الاتجار بالبشر([19]).
وعلى ذلك فلابد لنا أن نعرض لتعريف الإجرام المنظم ولو بشكل موجز وبيان عناصره حيث أنه يمثل
التاجر في هذه التجارة وفقاً لأحكام البروتوكول.
تعريف الجريمة المنظمة:
هو التنظيم الإجرامي الذي يضم أفراداً أو مجموعات ينشطون بشكل منظم للحصول على
فوائد مالية من خلال ممارسة أنشطة غير قانونية ويعمل أعضاؤه من خلال بناء تنظيمي دقيق ومعقد ويخضعون
لنظام الجزاءات الإداري([20])، وإذا تجاوز هذا النشاط حدود الدول السياسية أصبح جريمة منظمة عبر وطنية([21]).
ولا شك أن هذه العصابات ذات التنظيم الإجرامي المنظم تباشر هذه التجارة من أجل الأرباح الكبيرة
التي تحققها.
فقد أشار التقرير الذي أعدته منظمة العمل الدولية في عام 2005 أن
الأرباح غير المشروعة الناتجة عن الاتجار في العمالة القسرية قد تجاوز 32 مليار
دولار سنوياً بينها 28 مليار ناتجة عن الاتجار بالبشر، وكذلك أشار التقرير إلى وجود 12.3
مليون ضحية للعمل القسري في
العالم في الوقت الحاضر([22]). وكذلك وصلت تقديرات الأرباح التي يحققها هؤلاء الوسطاء من 5 إلى 7 بليون
في السنة، وفي بعض السنوات وصلت إلى 9.5 مليون دولار.
وهذا هو الدافع الحقيقي وراء انتشار هذه الظاهرة، حيث الأرباح مرتفعة جدا والنفقات منخفضة
للغاية بالإضافة إلى انخفاض عنصر المخاطرة وطول الفترة الزمنية لاستغلال هذه السلعة([23]).
وهذا دفع عصابات الجريمة المنظمة إلى احتراف هذه التجارة ولهم في ذلك طرق وأصبحت الآن تمارس هذه
التجارة عبر الانترنت مما يسهل شئون هذه التجارة ويجعلها عابرة للدول.
وبما يدل ذلك :
فقد ظهر على الموقع المخصص للمزادات على إحدى المواقع بشبكة الانترنت
عرض لبيع طفل بالمزاد العلني – وذلك بعد يوم واحد من وقف عملية لبيع كلية وصل سعرها
إلى رقم فلكي مبلغ (5.750.000 دولار أمريكي) ، وجاء في الإعلان أن لديه والدين يدرسان القانون في شيكاغوا وأن الطفل يتمتع بصحة جيدة([24]).
3- السوق :
يتعلق الاتجار في البشر بانتقال الضحايا من موطنهم الأصلي إلى بلد آخر أو عدة بلاد أخرى، وذلك
من أجل استغلالهم.
وعلى ذلك يكون النقل مباشرة بين الدولة العارضة والدولة المستوردة وقد يكون
بين هؤلاء البلدين بلد عبور أو تجمع.
وعلى ذلك فإن الاتجار بالبشر يرتبط بعدة أسواق([25]):
أ- دول العرض : أي الدول العارضة والمصدرة للضحايا. وهي في
الأغلب والأعم تكون دول فقيرة تعاني من العديد من المشاكل الاقتصادية([26]) والسياسية
ومن ثم ينفر هؤلاء الضحايا من هذه البلاد إلى بلاد الطلب عليهم للاتجار بهم.
ب- دول الطلب: أي الدول المستوردة ، وعلى عكس الدول
المصدرة، هي دول غنية أو صناعية كبرى، ولا يوجد بها مشاكل اقتصادية أو اجتماعية يتمتع الأفراد بداخلها بوضع
أفضل بكثير من البلاد الأخرى المصدرة. ومن ثم فيكون ثمة جذب لهؤلاء الدول.
ج- دول العبور (ترانزيت) : بين هذين
النوعين من الدول قد توجد دول عبور أو ترانزيت يكون بين الدول المصدرة والدول المستورة، إذ تمثل مجرد مكان أو مركز
لتجمع هؤلاء الضحايا توطئة
لتكمله باقي إجراءات الإنتقال إلى الدول المستوردة لهم.
إعداد
هشام بشير
المستشار الإعلامي
للجمعية المصرية لمكافحة جرائم الإنترنت
§ مقدمة
لا زال الرق وتجارته موجوداً في بعض أنحاء العالم، وكذلك ثمة ممارسات أخرى تشبه الرق مثل تجارة
النساء واستخدامهن في ممارسة الدعارة – الرق الأبيض – وعلى ذلك فهذا عيب على جبين الإنسانية، ومأساة من
مآسيها.
ويزيد من هذه المأساة ظهور ممارسات إجرامية ضد الأطفال، تمثلت في خطفهم
وبيعهم وإجبارهم على الدعارة
وما هو أخطر من ذلك، حيث شاعت تجارة أعضاء جسم الإنسان وثبتت حالات عديدة استخرج فيها من الأطفال أجزاء من جسدهم
لبيعها لمن يريدون استبدال أعضاء بشرية([1])، فإذا كان الرق شائعاً عند الشعوب القديمة، فكان ذلك بسبب كثرة الغزوات والحروب وبالتالي استرقاق
الأسرى نتيجة هذه الغزوات
والحروب، أما في العصر الحالي فسبب الاتجار بالبشر هو ماثل([2]) في الظروف الاقتصادية الرديئة التي تمر بالأشخاص محل التجارة بالبشر وأيضاً
بسبب ممارسة هذه التجارة من جانب عصابات الإجرام المنظم بالإضافة إلى ذوبان الحدود السياسية للدول
وبالتالي جعل ذلك الوضح أيضاً ثمة ممارسة لهذه التجارة من جانب عصابات الجريمة المنظمة
عبر الوطنية.
هذا وقد كان الرق معروفاً في الشرائع البابلية واليونانية والعربية
الجاهلية، وكان للرقيق – آنذاك –
تجارة داخلية وخارجية مشهورة ومن أمثلتها التاريخية الأخيرة السباء الجماعي لزنوج أفريقيا وتهجيرهم إلى أمريكا([3]).
وجاءت الشريعة الإسلامية بنظام محكم – وأن لم يأتي بنص حاسم وصريح يحرم الرق([4]) لمكافحة الرق وذلك عن طريق وجوب حسن معاملة الرقيق وأيضاً ضيقت الشريعة
الإسلامية الخالدة من أسباب الاسترقاق وشجعت تحرير الأشخاص محل الرق عن طريق العتق والتدبير والكتابة
وبمرور الزمن كان لهذا النظام دور لا ينكر في محاربة الرق وتجارته، هذا وقد أكد مجمع
البحوث الإسلامية بعدم وجود
الرق في أي جزء من أجزاء العالم يقره الإسلام([5]).
هذا وقد حرمت جميع المواثيق الدولية ممارسة الرق بكل أنواعه وأشكاله فقد جاء في المادة الرابعة من
الإعلان العالمي لحقوق
الإنسان على أن "لا يجوز استرقاق أو استبعاد أي شخص ويحظر الاسترقاق أو استعباد أي شخص ويحظر الاسترقاق وتجارة
الرقيق بكافة أوضاعها".
وجاءت المادة الثامنة من الاتفاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أن "لا يجوز استرقاق
أحد" وكذلك حرمت الرق الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان([6]) وأيضاً الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان([7]).
ولا شك أن أول ما سوف نقوم ببحثه في موضح الاتجار بالبشر هو التعريف بهذه التجارة وأيضاً أنواعها
ثم بعض موضوعات عدة تتعلق بهذا
الموضوع لينقسم هذا البحث إلى ثلاثة مباحث كالأتي:
§ المبحث
الأول: مفهوم الاتجار بالبشر.
§ المبحث الثالث: الإجرام المنظم والاتجار بالبشر
عبر الانترنت.
§ المبحث الثاني: أنواع الاتجار بالبشر.
المبحث الأول
مفهوم الاتجار بالبشر
عطفا على ماسبق فإن الاتجار بالإشخاص يمثل ثالث أكثر تجارة غير مشروعة مربحة في العالم، ولا
يسبقها سوى بيع المخدرات والأسلحة غير المشروعة، وكل عام يتم الاتجار بعدد كبير من الأشخاص – معظمهم
من النساء والأطفال- عبر الحدود
الوطنية، هذا فضلا عمن يتم الاتجار بهم في داخل بلدانهم، لأغراض الدعارة أو العمل القسري، وهذه التجارة
بطبيعتها، تهدر كرامة الإنسان وتستغل أوضاع الفقر العالمي، وقد أصبحت نوعا من الاسترقاق المعاصر لضحايا أجبروا
أو أوقع بهم أو أكرهوا على العمل أو الاستغلال الجنسي، ويشك الاتجار بالبشر تهديدا
متعدد الأبعاد؛ إذ يحرم الضحايا من حقوقهم الإنسانية وحرياتهم، والأهم من ذلك أن هذه
التجارة تشكل خطرا صحيا
عالميا وتزيد من نمو الجريمة المنظمة([8]).
ولكي نبين
مفهوم الاتجاه بالبشر لابد وأن نعرض لتعريف الاتجار بالبشر ثم نبين عناصره، وبالتالي سوف
نقسم هذا المبحث إلى مطلبين نخصص الأول للتعريف والثاني لبيان العناصر.
· المطلب
الأول : التعريف بالاتجار بالبشر.
· المطلب
الثاني: عناصر الاتجار بالبشر.
المطلب الأول
التعريف بالاتجار بالبشر
تتعلق التجارة – في الغالب الأعم – بسلع مادية بحيث يمكن بيعها وشراؤها في نظير مقابل مادي محدد
وهذه السلع يمكن مصادرتها في أحوال معينة – فالتداول يتم في السوق وفقاً للتعبير الاقتصادي، أما الحديث عن
تجارة البشر، وبالتالي
يكون الإنسان نفسه هو محل هذه التجارة يكون هو السلعة التي تباع وتتباع والإنسان كرمه الله عز وجل وفضله على
سائر المخلوقات، وعلى ذلك يمكن القول بأن هذا النوع من التجارة يختلف من حيث محله – الإنسان - عن التجارة
بمفهومها الاقتصادي.
وعرف الفقه هذا الاتجار بأنه – كما يقول البعض ([9]) –"هي كافة التصرفات المشروعة وغير المشروعة، التي تحيل الإنسان إلى مجرد
سلعة أو ضحية يتم التصرف فيها فيه بواسطة وسطاء ومحترفين عبر الحدود الوطنية بقصد استغلاله في أعمال ذات
أجر متدن أو في أعمال
جنسية أو ما شابه ذلك، وسواء تم هذا التصرف بإرادة الضحية أو قسراً عنه أو بأي صورة أخرى من صور العبودية".
وتنص المادة 7 من الاتفاقية التكيملية لإلغاء الرق، والاتجار بالرقيق والأنظمة والممارسات
المشابهة للرق (1956) على أنه يقصد بالاتجار بالرقيق: " كل فعل بالقبض على أو اكتساب أو التنازل عن
شخص من أجل جعهل رقيقا؛ كل فعل اكتساب عبد لبيعه أو لمبادلته؛ كل تنازل بالبيع أو التبادل
لشخص في حوزة الشخص من أجل
بيعه أو تبادله، وكذلك –بصفة عامة- كل عمل تجارة أو نقل للعبيد، مهما كانت وسيلة النقل المستخدمة"(م 7/ج) ([10]).
وثمة تعريفات أخرى([11]) لهذه التجارة جاءت في بروتوكول منع وقمع الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال، المكمل
لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية الصادر من الأمم المتحدة
سنة 2000) حيث جاءت المادة
الثالثة:
أ- تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو أيواؤهم أو استقبالهم بواسطة التهديد
بالقوة أو إساءة استعمال السلطة أو إساءة استغلال حالة استضعاف، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا
لنيل موافقة شخص له سيطرة على
شخص آخر لغرض الاستغلال ويشمل الاستغلال كحد أدني ، استغلال دعارة الغير أو وسائل أشكال الاستغلال الجنسي أو
السخرة أو الخدمة قسراً أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستبعاد أو نزع الأعضاء.
ب- لا تكون موافقة ضحية الاتجار بالأشخاص على الاستغلال المقصود والمبين
في الفقرة (أ) محل اعتبار في
الحالات التي يكون قد استخدم فيها أي من الوسائل المبينة في الفقرة (أ).
ج- يعتبر تجنيد طفل أو نقله أو تنقيله أو
إيواؤه أو استقباله لغرض
الاستغلال "اتجار الأشخاص" حتى لو لم ينطو على استعمال أي من الوسائل
المبينة في الفقرة
(أ).
د- يقصد بتعبير "طفل" أي شخص دون
الثامن عشر من
العمر.
ومما تجدر الإشارة إليه أن هذا التعريف –الفقرة الأولى من المادة الثالثة بروتوكول منع وقمع
الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال - ينقسم إلى ثلاثة عناصر، هي([12]):
§ الأفعال: أفعال تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم
أو إيوائهم أو استقبالهم.
§ الوسائل المستخدمة لارتكاب تلك الأفعال: بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو
غير ذلك من أشكال القسر أو
الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو إساءة استعمال السلطة أو إساءة استغلال حالة استضعاف أو بإعطاء أو تلقي مبالغ
مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على الضحية.
§ لأغراض الاستغلال: الذي يشمل استغلال دعارة الغير أو سائر
أشكال الاستغلال الجنسي أو السخرة أو الخدمة قسرا أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستبعاد أو
نزع الأعضاء.
ومن الجدير بالذكر أن المادة 3 من ذات البروتوكول تضيف أمرين مهمين، هما([13]):
§ الأول: لا تكون موافقة ضحية الاتجار بالأشخاص
على الاستغلال المقصود
المبين في الفقرة (أ) محل اعتبار في الحالات التي يكون قد استخدم فيها أي من الوسائل المذكورة فيها (القسر أو
الاختطاف .... الخ) أي أن الرضا هنا لا يجوز أو يصبح نافذا.
§ الثاني: يعتبر تجنيد الطفل ( الذي يقل سنه عن
ثمانية عشر عاما) أو نقله أو
ترحيله أو إيواؤه أو استقباله لغرض الاستغلال "اتجار بالأشخاص"، حتى إذا لم ينطو على استعمال أي من الوسائل
المبينة في الفقرة (أ)، أي أن الاتجار بالطفل، ونظرا لقلة إدراكه ووعيه، يمكن أن يتوافر حتى ولو كان ذلك برضائه.
§ الفرق بين الاتجار بالأشخاص والهجرة غير الشرعية:
ونخلص مما سبق أن الاتجار بالبشر هو تجارة تمثل السلع فيها أشخاص يمكن تجنيدهم أو تنقلهم أو
تنقيلهم أو استقبالهم بواسطة تاجر يقوم بعملية النقل والتنقيل وغيره بين دولة طالبة لهذه السلع –
الأشخاص- أو دول أخرى عارضة لهذه السلع.
المطلب الثاني
عناصر الاتجار بالبشر
من التعريف التي عرضنا له يتضح أن عناصر الاتجار بالبشر هي السلعة والتاجر وحركة السلع.
1. السلعة:
السلعة في الاتجار بالبشر تكون ماثلة في الشخص الذي يتم تجنيده أو نقله
أو تنقله أو إيواؤه أو استقباله من بلد إلى بلد من أجل استغلاله ويستوي أن استغلاله
طواعية واختيار منه أو قسراً وكرها عنه ويمثل هذه الإكراه في استعمال القوة أو
التهديد بها أو النصب أو الاحتيال وغير ذلك مما يدخل في هذا الصدد.
ويتم استغلال هذه السلعة – الشخص – إما بطريق السخرة بعدم تقديم عمل قانوني ومشروع
له ولكن دون الحصول على مقابل عادل لهذا العمل، وإما في استغلاله في ممارسة البغاء والاستغلال الجنسي
وإما في مجال نزع أعضاءه
الجنسية للتجارة فيها.
ويكون خروج هذه السلع – الأشخاص محل الاتجار – من أوطانهم إلى البلاد الأخرى الطالبة – المستوردة
– يكون بعدة طرق لعل أول هذه الطرق الخروج طواعية وأختياراً – أولاً – عن طريق عرض وتقديم وعود كاذبة
وأوهام بتوفير فرص عمل بمقابل مغري يتم الإعلان عن فرص العمل هذه سواء بالإتصال
المباشر أو غيره مثل الإعلان في
الصحف والجرائد وعن طريق الإنترنت، ثم بعد حدوث هذا الاتصال بين الضحايا – السلع – والتجار، يتم تزويد الضحايا
بتذاكر ووثائق سفر مزورة للوصول إلى البلد المستوردة، وذلك في مقابل حصول هؤلاء التجار – الوسطاء – على
سندات مديونية بهذه المبالغ
مما يؤدي إلى تكاليف الضحايا بتكاليف باهظة وديون وبالتالي تضمن هذه الديون ارتباط الضحايا – السلع – بالتجار أو
الوسطاء([16]).
وقد يكون خروج هذه الضحايا – ثانياً – قسراً عنهم عن طريق الخطف واستخدام القوة على هؤلاء الأشخاص
الضحايا أو التهديد.
وسواء تمت هذه التجارة طوعية أو اختيارا من جانب الضحايا أو جبراً عنهم فأنهم
يكونوا محلاً للاستغلال.
ونحب أن نؤكد أنه عادة ما يتم الاتجار بأكثر فئات المجتمع ضعفا وهم غالبا من النساء والأطفال حيث
يقع ملايين النساء والأطفال والرجال الساعين للهروب من الفقر ضحايا لجريمة الاتجار بالأفراد، وتنتشر هذه
الظاهرة عند وقوع الكوارث
الإنسانية أو الصراعات المسلحة الداخلية وفي هذه الحالة يكون اللاجئون والنازحون من بلادهم هم المستهدفين من
الشبكات الإجرامية المنظمة العاملة في مجال الاتجار في الأفراد حيث يتم استدراجهم عن طريق الوعود بتوفير
وظائف ذات عائد مجز ثم يجبرون على ممارسة البغاء أو يتم شراء الضحايا من عائلاتهم
مقابل مبلغ من المال، وتمثل النساء نسبة كبيرة من بين ضحايا الاتجار ما بين 80% إلى
90% من تتم المتاجرة بهم عبر
الحدود الدولية والأغلبية تتم المتاجرة بهن في الأغراض الجنسية من خلال الدعارة القسرية، أما الباقون فيتم
إجبارهم على الخدمة بالمنازل والعمالة بأجور زهيدة أو في حالة معظم الرجال الذين يتنقصهم المهارات فيتم
استخدامهم في الأعمال الشاقة([17]).
2- الوسيط (التاجر) :
يقصد بالوسيط الشخص أو الجماعات والعصابات الإجرامية المنظمة التي
تباشر عمله نقل وتنقيل الأشخاص الضحايا من أوطانهم إلى البلد المستورد لهم وتقوم
بشئون هذه التجارة.
فالاتجار بالبشر هو ثالث أكبر تجارة إجرامية في العالم وبعد تجارة
المخدرات وتجارة السلاح، وهي تشكل بالنسبة لعصابات الإجرام المنظم مخاطر أقل من تجارة
المخدرات وتجارة السلاح([18]).
ويجب أن يكون الوسيط أو التاجر تابع لجماعات إجرامية منظمة تحترف القيام بالاتجار بالبشر، حيث أن
نص المادة الرابعة من بروتوكول منع وقمع الاتجار بالبشر المكمل لاتفاقية الأمم
المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية قالت بأنه لا تسري أحام هذا البروتوكول
إلا على الاتجار عبر الوطني –
الدولي – في البشر الذي تقوم به جماعات إجرامية منظمة دون الحالات الفردية العارضة. وعلى هذا الأساس يخرج الحالات
الفردية والعارضة في الاتجار بالبشر من نطاق ما صدقه الاتجار بالبشر([19]).
وعلى ذلك فلابد لنا أن نعرض لتعريف الإجرام المنظم ولو بشكل موجز وبيان عناصره حيث أنه يمثل
التاجر في هذه التجارة وفقاً لأحكام البروتوكول.
تعريف الجريمة المنظمة:
هو التنظيم الإجرامي الذي يضم أفراداً أو مجموعات ينشطون بشكل منظم للحصول على
فوائد مالية من خلال ممارسة أنشطة غير قانونية ويعمل أعضاؤه من خلال بناء تنظيمي دقيق ومعقد ويخضعون
لنظام الجزاءات الإداري([20])، وإذا تجاوز هذا النشاط حدود الدول السياسية أصبح جريمة منظمة عبر وطنية([21]).
ولا شك أن هذه العصابات ذات التنظيم الإجرامي المنظم تباشر هذه التجارة من أجل الأرباح الكبيرة
التي تحققها.
فقد أشار التقرير الذي أعدته منظمة العمل الدولية في عام 2005 أن
الأرباح غير المشروعة الناتجة عن الاتجار في العمالة القسرية قد تجاوز 32 مليار
دولار سنوياً بينها 28 مليار ناتجة عن الاتجار بالبشر، وكذلك أشار التقرير إلى وجود 12.3
مليون ضحية للعمل القسري في
العالم في الوقت الحاضر([22]). وكذلك وصلت تقديرات الأرباح التي يحققها هؤلاء الوسطاء من 5 إلى 7 بليون
في السنة، وفي بعض السنوات وصلت إلى 9.5 مليون دولار.
وهذا هو الدافع الحقيقي وراء انتشار هذه الظاهرة، حيث الأرباح مرتفعة جدا والنفقات منخفضة
للغاية بالإضافة إلى انخفاض عنصر المخاطرة وطول الفترة الزمنية لاستغلال هذه السلعة([23]).
وهذا دفع عصابات الجريمة المنظمة إلى احتراف هذه التجارة ولهم في ذلك طرق وأصبحت الآن تمارس هذه
التجارة عبر الانترنت مما يسهل شئون هذه التجارة ويجعلها عابرة للدول.
وبما يدل ذلك :
فقد ظهر على الموقع المخصص للمزادات على إحدى المواقع بشبكة الانترنت
عرض لبيع طفل بالمزاد العلني – وذلك بعد يوم واحد من وقف عملية لبيع كلية وصل سعرها
إلى رقم فلكي مبلغ (5.750.000 دولار أمريكي) ، وجاء في الإعلان أن لديه والدين يدرسان القانون في شيكاغوا وأن الطفل يتمتع بصحة جيدة([24]).
3- السوق :
يتعلق الاتجار في البشر بانتقال الضحايا من موطنهم الأصلي إلى بلد آخر أو عدة بلاد أخرى، وذلك
من أجل استغلالهم.
وعلى ذلك يكون النقل مباشرة بين الدولة العارضة والدولة المستوردة وقد يكون
بين هؤلاء البلدين بلد عبور أو تجمع.
وعلى ذلك فإن الاتجار بالبشر يرتبط بعدة أسواق([25]):
أ- دول العرض : أي الدول العارضة والمصدرة للضحايا. وهي في
الأغلب والأعم تكون دول فقيرة تعاني من العديد من المشاكل الاقتصادية([26]) والسياسية
ومن ثم ينفر هؤلاء الضحايا من هذه البلاد إلى بلاد الطلب عليهم للاتجار بهم.
ب- دول الطلب: أي الدول المستوردة ، وعلى عكس الدول
المصدرة، هي دول غنية أو صناعية كبرى، ولا يوجد بها مشاكل اقتصادية أو اجتماعية يتمتع الأفراد بداخلها بوضع
أفضل بكثير من البلاد الأخرى المصدرة. ومن ثم فيكون ثمة جذب لهؤلاء الدول.
ج- دول العبور (ترانزيت) : بين هذين
النوعين من الدول قد توجد دول عبور أو ترانزيت يكون بين الدول المصدرة والدول المستورة، إذ تمثل مجرد مكان أو مركز
لتجمع هؤلاء الضحايا توطئة
لتكمله باقي إجراءات الإنتقال إلى الدول المستوردة لهم.
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب