حواس للمحاماه

نشكركم على اختياركم لمنتدانا و نتمنى ان تقضى وقت ممتعا و يشرفنا ان تكون احد افراد اسرتنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

حواس للمحاماه

نشكركم على اختياركم لمنتدانا و نتمنى ان تقضى وقت ممتعا و يشرفنا ان تكون احد افراد اسرتنا

حواس للمحاماه

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
حواس للمحاماه

قانوني . اسلامي - برامج . صيغ - دعاوى - معلومات

انت الزائر رقم

.: عدد زوار المنتدى :.

مرحبا بالزائرين

المواضيع الأخيرة

» التفكر في الاية 42 من سورة الزمر (رقم 39)
المعاملات المالية I_icon_minitimeالخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود

»  "خواطر "يا حبيبتي
المعاملات المالية I_icon_minitimeالجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود

» خواطر "يا حياتي "
المعاملات المالية I_icon_minitimeالجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود

» الطريق الى الجنة
المعاملات المالية I_icon_minitimeالأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود

» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
المعاملات المالية I_icon_minitimeالأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
المعاملات المالية I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
المعاملات المالية I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
المعاملات المالية I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
المعاملات المالية I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

مرحبا بك


counter globe

الاكثر زياره


    المعاملات المالية

    Admin
    Admin
    Admin


    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 2987
    تاريخ الميلاد : 18/06/1970
    تاريخ التسجيل : 27/09/2009
    العمر : 54

    المعاملات المالية Empty المعاملات المالية

    مُساهمة من طرف Admin الجمعة مايو 28, 2010 3:36 pm

    المعاملات المالية


    د. يوسف الشبيلي


    ( دورة
    ألقيت بالمدينة النبوية في صيف عام 1426هـ)






    بسم الله الرحمن الرحيم





    تشتمل هذه
    المذكرة على بابين:



    الباب
    الأول: التأصيل الفقهي لعقد البيع، ويشتمل على خمسة فصول:



    1-
    تعريف البيع وحكمه
    وأقسامه.



    2-
    شروط البيع.


    3-
    الشروط في البيع.


    4-
    القبض والخيارات في
    البيوع.



    5-
    المحرمات في البيوع،
    وفيه:



    1- الظلم 2-
    الغرر 3- الربا



    الباب
    الثاني:تطبيقات على معاملات مالية معاصرة



    ويشتمل على
    فصلين:



    الفصل
    الأول: الأعمال المصرفية.



    الفصل
    الثاني: معاملات مالية أخرى









    الباب
    الأول



    التأصيل
    الفقهي لعقد البيع



    الفصل الأول: تعريف البيع وأقسامه وأركانه


    تعريف البيع:


    البيع
    لغة : أخذ شيء وإعطاء شيء آخر ، مأخوذ من الباع لأن كلاً من المتبايعين يمد باعه
    للأخذ والإعطاء .



    واصطلاحاً
    : مبادلة مالٍ بمالٍ لغرض التملك.



    حكم البيع :


    الأصل
    في البيع الحل ، وقد تطرأ عليه الأحكام التكليفية الخمسة ، بحسب ما يترتب عليه من
    المصالح والمفاسد .



    و
    قد دل على أن الأصل فيه هو الحل الكتاب والسنة والإجماع والقياس:



    فمن
    الكتاب قوله تعالى : "و أحل الله البيع و حرم الربا".



    ومن السنة ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما عن
    النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" [1].



    وأما الإجماع فقد أجمعت الأمة من زمن النبي صلى
    الله عليه و سلم إلى وقتنا هذا على جواز البيع من حيث الجملة.



    وأما القياس فإن الناس لا غنى بهم عن
    الحاجات التي عند غيرهم ، و لا سبيل إلى تحصيلها إلا بالبيع و الشراء، والشريعة لا
    تمنع الناس مما يحقق مصالحهم .



    أقسام البيع :


    ينقسم
    البيع باعتبارات مختلفة. وفيما يأتي أهم تلك التقسيمات:



    1-فمن حيث موضوع العقد ينقسم إلى:


    أ‌-
    مبادلة نقد
    بعرَض[2].
    و هذا هو البيع عند إطلاقه.ومثالها بيع سيارة بريالات.



    ب‌- مبادلة
    عرض بعرَض و تسمى (المقايضة)، ومثالها بيع كتاب بساعة.



    ت‌- مبادلة
    نقد بنقد و تسمى الصرف. مثل مبادلة ريالات بدولارات.



    2-وينقسم من حيث وقت التسليم إلى أربعة أقسام :



    أ‌-
    فإما أن يكون كل من الثمن و المثمن معجلا. وهذا هو الأصل في
    البيوع.



    ب‌- أو
    يعجل الثمن و يؤخر المثمن و هذا هو السلم.



    ت‌- أو
    يعجل المثمن و يؤخر الثمن و هو بيع الأجل ، ومنه بيع التقسيط.



    ث‌- أو
    يكون كل منهما مؤجلا وهو بيع الدين بالدين (الكالىء بالكالىء).



    والأنواع الثلاثة الأولى مباحة ، أما الرابع
    فهو محرم.






    3-وينقسم من حيث طرق تحديد الثمن إلى:


    1)
    بيع المساومة:
    وهو البيع الذي لا يذكر البائع فيه رأس ماله بل يضع سعراً محدداً، و يكون فيه نوع
    من المساومة، و هذا هو الأصل في البيوع.



    2)
    بيع الأمانة:
    : البيع الذي يذكر البائع فيه رأس ماله و يضع سعرا محددا للسلعة.وينقسم هذا النوع
    إلى ثلاثة أقسام:



    أ‌- بيع
    المرابحة
    : أن يحدد البائع الثمن بزيادة على رأس المال.
    كأن يقول: اشتريتها بثمانين و سأبيعها بتسعين، أو بنسبة زيادة كذا عن رأس المال.



    ب‌- بيع
    الوضيعة
    : أن يحدد البائع الثمن بنقص عن رأس المال. كأن
    يقول: اشتريتها بثمانين وسأبيعها بسبعين، أو بنسبة خصم كذا عن رأس المال.



    ت‌- بيع
    التولية
    : أن يبيع السلعة برأسماله فيها.كأن يقول
    اشتريتها بثمانين وسأبيعها برأسمالها.



    أركان البيع:


    للبيع
    ثلاثة أركان، هي:



    1-
    العاقدان ،
    وهما البائع والمشتري.


    2-
    المعقود عليه ،
    وهو الثمن والمثمن.


    3-
    صيغة العقد،
    وهي ما يصدر من المتعاقدين دالا على توجه إرادتهما
    لإنشاء العقد ، وينعقد البيع بكل ما يدل عليه من قولٍ أو فعل.



    وللبيع صيغتان:


    أ‌-
    الصيغة القولية: وتسمى الإيجاب والقبول، فالإيجاب هو اللفظ الصادر أولاً،
    مثل أن يقول البائع: بعتك هذا الثوب بكذا، والقبول هو اللفظ الصدر ثانياً، مثل أن
    يقول المشتري: قبلت.



    ب‌-
    الصيغة الفعلية: وتسمى المعاطاة، مثل أن يدفع المشتري ريالاً إلى البائع
    ويأخذ بقيمته سلعة من دون أن يتلفظ أحدهما بشيء.



    الفصل الثاني: شروط البيع


    لا يكون البيع صحيحاً حتى تتوافر فيه شروط سبعة متى تخلف منها
    شرط فإن البيع يكون باطلاً، وهي:



    1-التراضي
    من العاقدين
    :فلا بد من تحقق رضا العاقدين بالمبايعة، ودليل ذلك قوله تعالى(ياأيها الذين
    آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) [3].وقوله
    عليه الصلاة و السلام( إنما البيع عن تراض)[4].



    فإذا أكره شخص على بيع ماله بغير حق، فالبيع باطل و لا
    يترتب عليه أي أثر ،وكذا إذا أكره على الشراء.



    أما لو كان الإكراه بحق فيصح،كما لو كان على رجل ديون
    للناس فأجبره القاضي على بيع بعض ما يملك ليسدد للناس ديونهم.



    ومثل الإكراه كذلك ما لو باع شخص أو اشترى هزلاً أو خجلاً،
    فلا يصح العقد لانعدام الرضا.



    2- أن يكون كل واحد من
    العاقدين جائز التصرف:

    أي أن يكون في كل منهما الأهلية المناسبة لإجراء العقد.



    والذي يجوز تصرفه في المال هو البالغ العاقل الرشيد. فلا
    يصح العقد من صغير أو مجنون أو سفيه إلا بإذن وليه.



    ودليل ذلك قوله تعالى: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم
    التي جعل الله لكم قياماً"[5]



    وقوله تعالى: " وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح
    فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم "[6]



    ويستثنى من ذلك تصرف الصغير في الشيء اليسير كشراء حلوى
    ونحوها.



    3- أن يكون العاقد مالكاً
    للمال أو من يقوم مقامه،
    فلا
    يصح تصرف الإنسان في ملك غيره إلا بإذنه، لقوله عليه الصلاة والسلام : " لا
    تبع ما ليس عندك"[7]



    والذي يقوم مقام المالك هو وكيله، أو ولي الطفل والمجنون
    والوصي عليهما، ونحو ذلك.



    فلو باع شخص ملك غيره بغير إذنه، أو اشترى بمال غيره شيئاً
    بغير إذنه، فإن العقد لا يصح إلا إن أجازه المالك، ويسمى هذا عند الفقهاء : ( تصرف
    الفضولي).



    4- أن يكون المبيع مباح
    المنفعة،
    فلا يجوز بيع ما فيه منفعة محرمة،
    مثل: الخمر والدخان، والآلات الموسيقية، وأشرطة الغناء، وأشرطة الفيديو المحرمة،
    ونحو ذلك.



    ودليل ذلك قوله عليه الصلاة والسلام:" إن الله إذا
    حرم على قومٍ أكل شيئٍ حرم عليهم ثمنه"[8].



    فإن كان في المبيع منفعة لا تباح إلا عند الضرورة مثل
    الميتة، أو تباح عند الحاجة مثل كلب الصيد والحراسة، فلا يجوز بيعه أيضاً، لقوله
    عليه الصلاة والسلام: " ثمن الكلب خبيث"[9]



    5- أن يكون المبيع مقدوراً على تسليمه، فلا يصح بيع سيارةٍ مفقودةٍ، أو طيرٍ في الهواء، ونحو
    ذلك، لعدم القدرة على التسليم.



    ودليل ذلك حديث أبي هريرة رضي الله أن النبي صلى الله عليه
    وسلم "نهى عن بيع الغرر"[10]



    6- أن يكون المبيع معلوماًعند
    البائع والمشتري وقت العقد،

    فلا يصح بيع شيءٍ مجهول؛ كأن يقول: بعتك سيارتي، فيقول المشتري: قبلت، وهو لم ير
    السيارة ولا يعلم صفاتها.



    ودليل ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه السابق في النهي عن
    بيع الغرر.



    والعلم بالمبيع يتحقق بأحد أمرين:


    الأول: برؤية المبيع وقت العقد، أو قبله بزمنٍ يسير لا يتغير فيه
    المبيع عادة.



    والثاني:بوصفه وصفاً منضبطاً يقوم مقام رؤيته.


    7- أن يكون ثمن السلعة
    معلوماً وقت العقد،
    فلا
    يصح أن يقول بعتك السيارة على أن نحدد سعرها فيما بعد.



    ودليل ذلك الحديث السابق في النهي عن بيع الغرر.


    الفصل الثالث: القبض
    والخيارات في البيع:



    عرفنا
    فيما سبق أن البيع يفيد انتقال ملكية المبيع من البائع إلى المشتري، والملكية
    تنتقل بمجرد البيع ولو لم يحصل تقابض بين العاقدين.



    فعلى
    سبيل المثال: لو قال البائع: بعتك سيارتي بعشرة آلاف ريال، فقال المشتري:قبلت،
    فهذا يعني أن ملكية السيارة قد انتقلت من البائع إلى المشتري ولو لم يتم نقل رخصة
    السيارة باسم المشتري، فإذا نقلت الرخصة باسم المشتري، فيقال عنه في هذه الحال:
    إنه قد تملك السيارة وقبضها.



    فالقبض
    إذاً بمعنى تمكين المشتري من التصرف في السلعة، والتخلية بينه وبينها،وهو أمر زائد
    عن مجرد التملك.



    ما يترتب على القبض:


    يترتب
    على قبض المبيع أمران:



    الأول: جواز التصرف فيه بالبيع ونحوه، فمن اشترى
    شيئاً فلا يجوز له أن يبيعه قبل أن يقبضه.



    والأدلة
    على ذلك:



    1-
    عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من ابتاع
    طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه".[11]



    2-
    وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، إني أشتري بيوعاً فما يحل
    لي منها، وما يحرم علي؟ فقال: "يابن أخي إذا اشتريت شيئاً فلا تبعه حتى
    تقبضه".[12]



    والحكمة
    في النهي عن ذلك أن البائع لم تنقطع علاقته بالمبيع، فقد يمتنع من تسليم المبيع
    لاسيما إذا رأى أن المشتري قد ربح فيه، فيؤدي ذلك إلى النزاع، ومن مقاصد الشريعة
    سد الذرائع التي تؤدي إلى العداوة والبغضاء بين المسلمين.



    والثاني: انتقال الضمان من البائع إلى المشتري، فلو تلفت
    السلعة بعد البيع وقبل أن يقبضها المشتري فالضمان على البائع لأن السلعة تحت يده،
    إلا إذا كان التلف بسبب المشتري.



    ويستثنى
    من ذلك ما إذا مكّن البائعُ المشتريَ من قبض السلعة فامتنع من قبضها فتضررت أو
    تلفت فالضمان على المشتري لأنه فرط في قبضها.



    ما يحصل به القبض:


    يرجع
    في تحديد القبض إلى العرف، وهو يختلف من سلعة إلى أخر، فعلى سبيل المثال:



    -
    قبض العقارات كالدور والأراضي يتحقق بالتخليه بينها وبين المشتري.



    -
    وقبض الأطعمة والثياب والأجهزة ونحو ذلك يحصل بنقلها من مكانها.



    -
    وقبض الذهب والفضة والجواهر يكون بتناولها باليد.



    -
    وقبض النقود بتناولها، أو بقيدها في الحساب المصرفي.



    -
    وقبض السيارات يحصل بتحريكها وإخراجها من مستودعات البائع، أو بتسلم الأوراق
    الثبوتية التي تفيد تملك المشتري لها.



    وهكذا
    سائر السلع يرجع فيها إلى العرف.



    الخيار في
    البيع



    تعريفه


    الخيار في اللغة: اسم
    مصدر من ( الاختيار ) وهو الاصطفاء والانتقاء.



    وفي
    الاصطلاح

    : هو حق العاقد في فسخ العقد أو إمضائه.



    أنواعه


    للخيار أنواع عدة،
    منها ما يأتي:



    النوع
    الأول: خيار المجلس:



    المراد بالمجلس أي
    مكان التبايع أو التعاقد، فما دام المكان الذي يضم كلا العاقدين واحدا فلهما
    الخيار في إمضاء العقد أو فسخه إلى أن يتفرقا.



    دليله:


    عن حيم بن حزام رضي
    الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" البيعان بالخيار ما لم يتفرقا،
    فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما".[13]



    والحكمة من مشروعيته
    أن الإنسان بعد أن يبيع شيئا أو يشتريه قد يبدو له فيندم ، فبالخيار الثابت له في
    المجلس يمكنه التدارك.



    مدة الخيار:


    يثبت خيار المجلس
    للعاقدين من حين العقد حتى يتفرقا بأبدانهما من النكان الذي تعاقدا فيه، سواء طال
    المجلس أم قصر.



    وإذا كان العقد قد تم
    بالهاتف مثلاً فمدة الخيار حتى انتهاء المكالمة، وإذا كان عن طريق الشبكة العالمية
    ( الانترنت ) فمدة الخيار تستمر حتى إغلاق صفحة المحادثة التي بينهما إن كان البيع
    قد تم بمحادثة، أما إن كان قد تم بتعبئة نموذج شراء ثم إرساله إلى البائع، فتعبئة
    نموذج الشراء ثم إرساله إلى البائع يعد إيجاباً، وإرسال البائع إشعاراً بما يفيد
    الموافقة يعد قبولاً ، وبإرسال هذا الإشعار تنهي مدة الخيار.



    نفي الخيار
    أو إسقاطه:



    يجوز نفي خيار المجلس
    وإسقاطه.



    ونفي الخيار: أن يتفق
    العاقدان قبل العقد على أن لا خيار بينهما، ويلزم البيع بمجرد العقد.



    وإسقاطه: أن يتبايعا
    ثم يتفقا بعد العقد وقبل التفرق على إسقاط الخيار، وهذا قد يلجآ إليه إذا كان مجلس
    العقد طويلاً، فيلزم العقد من حين إسقاط الخيار.






    التحايل
    لأجل إسقاط الخيار



    لا يجوز لأيٍ من
    العاقدين أن يتحايل من أجل إسقاط الخيار، مثل أن يستعجل في الانصراف من مجلس العقد
    بقصد إسقاط حق صاحبه في الخيار.



    ودليل ذلك حديث عبد
    الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"المتبايعان
    بالخيار ما لم يتفرقا، إلا أن تكون صفقة خيار، ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن
    يستقيله".[14]



    النوع
    الثاني:خيار الشرط:



    وهو أن يشترط العاقدان
    أو أحدهما أن له الخيار في فسخ البيع أو إمضائه مدة معلومة.



    مثل أن يقول المشتري:
    ابتعت هذه السلعة على أن يكون لي الخيار مدة أسبوع، فيكون له الخيار خلال هذه
    المدة في إمضاء البيع أو فسخه ولو لم يظهر في السلعة عيب.



    وللمشتري خلال هذه
    المدة أن ينتفع بالسلعة؛ لأن ضمانها عليه، فلو حصل فيها نقص عند إعادتها للبائع
    فيضمن النقص.



    دليله


    عن عمرو بن عوف أن
    النبي صلى الله عليه وسلم قال: " المسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً
    أو أحل حراماً".[15]



    شروطه


    يشترط لصحة خيار الشرط
    شرطان:



    1- تراضي الطرفين،
    سواء حصل الاتفاق في نفس العقد أو قبله.



    2- تحديد المدة، ولو
    طالت.



    انتهاؤه


    ينتهي خيار الشرط
    ويصبح العقد لازماً بانتهاء المدة المتفق عليها، أو باتفاقهما على قطع الخيار في
    أثناء المدة، لأن ذلك حق لهما فكان لهما قطعه.



    النوع
    الثالث: خيار العيب



    المراد بالعيب: ما
    ينقص قيمة المبيع عادة، مثل: تصدع جدار المنزل، وعطل في محرك السيارة، وفساد كثير
    في أسفل صندوق تفاحٍ، ونحو ذلك.



    حكم كتمان
    العيب



    إذا كان في
    السلعة عيبٌ ينقص من قيمتها، فيجب على البائع أن يبينه للمشتري، وإلا كان غاشاً
    له،فعن أبي هريرة رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على صبرة طعام –
    يعني كومة طعام- فأدخل يده فيها ، فنالت أصابعه بللا،
    فقال : ما
    هذا يا صاحب الطعام ؟ قال : أصابته السماء يا رسول الله يعني المطر قال : أفلا
    جعلته فوق الطعام كي يراه الناس ، من غش فليس مني } .[16]



    وعن عقبة بن عامر رضي
    الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { المسلم أخو المسلم ، ولا
    يحل لمسلم باع من أخيه بيعا وفيه عيب إلا بينه له } .
    [17]


    ما يثبت
    للمشتري



    من اشترى سلعة ثم تبين
    أن فيها عيباً لم يكن يعلم به قبل الشراء، فإنه يخير بين أمرين:



    الأول:رد السلعة وأخذ
    الثمن الذي دفعه كاملاً.



    والثاني: إمساك السلعة
    وأخذ الأرش، والأرش هو قسط ما بين قيمة السلعة وهي سليمة وقيمتها وهي معيبة.



    مثال ذلك: اشترى صالح
    سيارة بثلاثين ألف ريال، فوجد في ناقل الحركة فيها (القير) قد أصابه العطل،
    ولتقدير الأرش نفرض أن أهل الخبرة قدروا قيمة السيارة وهي سليمة بخمسة وعشرين ألف
    ريال[18]، وقيمتها وهي معيبة بعشرين
    ألف ريال، فالفرق بين القيمتين وهو خمسة آلاف ريال يعادل خمس قيمة السيارة وهي
    سليمة، فخير المشتري في هذه الحال بين أمرين:



    إما أن يرد السيارة
    ويأخذ ثلاثين ألف ريال، أو يمسكها ويأخذ من البائع خمس الثمن الذي اشتراها به وهو
    ستة آلاف ريال.



    البيع بشرط
    البراءة



    إذا اشترط البائع على
    المشتري أن يبرأه من العيوب التي في السلعة وقبل المشتري بهذا الشرط، فهل يبرأ
    البائع بذلك؟وهل يحق للمشتري المطالبة فيما لو تبين فيها عيب؟



    لهذه المسألة حالان:


    الحال الأولى: إذا كان
    المشتري يعلم بالعيب، بأن أخبره البائع به،
    مثل أن يقول: السيارة ينقص زيتها، أو كان العيب ظاهراً، مثل أن تكون السيارة
    مصدومة وآثار الصدمة ظاهرة ، فإن البائع يبرأ من ذلك العيب، وليس للمشتري الخيار
    من أجله.



    الحال الثانية: ألا يعلم
    المشتري بالعيب، ويشترط البائع البراءة من كل العيوب التي قد تظهر في السلعة، كأن
    يقول: بعتك بشرط أن تبرأني من كل عيب تجده في السلعة ، أو بعتك السيارة على أنها
    كومة حديد، أو بعتك الدار على أنها كومة تراب، ونحو ذلك من العبارات التي يقصد
    منها أن يقبل المشتري بالسلعة بما فيها من العيوب.



    والحكم في هذه الحال
    أن البائع يبرأ من العيوب إن كان لا يعلم بها عند العيب ، لأن الحق للمشتري وقد
    رضي بإسقاط حقه، أما إذا كان البائع يعلم أن في السلعة عيباً فكتمه واشترط على
    المشتري البراءة من العيوب التي قد تظهر في السلعة فإنه لا يبرأ بذلك، لأنه غش
    وتدليس، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من غش فليس مني".[19]










    [1] رواه البخاري في كتاب البيوع، باب إذا بين
    البيعان ولم يكتما ونصحا برقم (2079)، ومسلم في كتاب البيوع، باب الصدق في البيع
    والبيان، برقم (1532).







    [2] العرض كل ماليس بنقد كالثياب والأطعمة والأجهزة
    وغير ذلك.







    [3]
    الآية29 من سورة النساء







    [4]
    رواه ابن ماجه في كتاب التجارات، باب بيع الخيار2/737 برقم
    (2185) وصححه ابن حبان (4967).







    [5]
    سورة النساء الآية(5)







    [6]
    سورة النساء الآية(6)







    [7]
    رواه أبو داود في كتاب البيوع والإجارات، باب في الرجل يبيع ما
    ليس عنده، برقم ( 3503) والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس
    عندك، برقم (1232)







    [8]
    رواه أحمد 1/247، وأبوداود في كتاب البيوع والإجارات، باب في ثمن
    الخمر والميتة، برقم(3488).وقال ابن القيم: إسناده صحيح.







    [9]
    رواه مسلم برقم (1568)







    [10]
    أخرجه مسلم في كتاب البيوع، باب بطلان بيع الحصاة والبيع الذي
    فيه غرر برقم (1513)







    [11]
    رواه البخاري في كتاب البيوع، باب بيع الطعام قبل أن يقبض، برقم
    (2136) ومسلم في كتاب البيوع، باب بطلان بيع المبيع قبل القبض، برقم(1526).







    [12]
    رواه أحمد 3/204 وابن حبان في صحيحه ( الإحسان11/358) والدارقطني
    (3/Cool والبيهقي(5/313)، والحديث صححه ابن حبان، وقال عنه البيهقي:"إسناده حسن
    متصل"، وحسنه النووي ( المجموع9/271) وقال ابن القيم: " وهذا إسناد على
    شرطهما ، سوى عبد الله بن عصمة، وقد وثقه ابن حبان، واحتج به النسائي" تهذيب
    السنن 5/131.







    [13]
    أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب إذا بين البيعان ولم يكتما
    ونصحا برقم (2079)، ومسلم في البيوع، باب الصدق في البيع برقم (1532).







    [14]
    أخرجه أحمد 2/183، وأبوداود في كتاب البيوع باب في خيار
    المتبايعين برقم (3456) والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في البيعين بالخيار
    برقم(1247)، وحسنه.







    [15]
    أخرجه الترمذي في كتاب الأحكام باب ما ذكر عن رسول الله صلى الله
    عليه وسلم في الصلح بين الناس 3/634، برقم (1352)، وقال: حديث حسن صحيح.







    [16]
    أخرجه مسلم في كتب الإيمان، باب قول النبي صلى الله عليه
    وسلم" من غشنا فليس منا" برقم164.







    [17]
    أخرجه ابن ماجه في أبواب التجارات، باب من باع عيباً فليبينه
    برقم (2246)، والحاكم في مستدركه 2/8 وصححه على شرطهما ووافقه الذهبي، وقواه ابن
    تيمية في إقامة الدليل ص121.







    [18]
    لا يلزم أن تكون قيمة السيارة وهي سليمة نفس الثمن الذي اشتريت
    به، فقد يزيد المتبايعان في ثمن السلعة عن قيمتها الحقيقية أو ينقصان منها لأسباب
    لا علاقة لها بقيمة السيارة كقرابة بينهما أو التزام بالضمان أو لغير ذلك من
    الأسباب.







    [19]
    الحديث سبق تخريجه ص
    Admin
    Admin
    Admin


    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 2987
    تاريخ الميلاد : 18/06/1970
    تاريخ التسجيل : 27/09/2009
    العمر : 54

    المعاملات المالية Empty تابع

    مُساهمة من طرف Admin الجمعة مايو 28, 2010 3:37 pm

    الفصل
    الرابع: الشروط في البيع



    تعريفها :


    تعرف
    الشروط في البيع بأنها
    : إلزام أحد المتعاقدين الآخر بسبب العقد ما له فيه منفعة، أي غرض صحيح .


    مثالها: اشترى محمد سيارة واشترط على البائع نقلها إلى مدينة أخرى.


    وتختلف الشروط في
    البيع عن شروط البيع من وجهين :



    الأول
    :
    أن واضع شروط البيع هو الشارع، بينما الشروط في البيع
    يشترطها أحد المتعاقدين على الآخر .



    الثاني
    :
    إذا اختل شرط البيع فسد العقد ، بخلاف ما إذا اختل أحد
    الشروط فيه فيثبت الخيار للمشترط ولا يفسد البيع .



    الأصل في الشروط :


    الأصل في الشروط في البيع هو الصحة واللزوم ، فلكل من العاقدين أن يضيف على
    أصل العقد شروطاً يلزم بها الطرف الآخر .



    والأدلة على ذلك :


    1- قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " [1]ومن
    الوفاء بالعقد الوفاء بما شرط فيه .



    2- عن عمرو بن عوف المزني رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه
    وسلم قال: { المسلمون على شروطهم ، إلا شرطا حرم حلالا ، أو أحل حراما }.[2]



    أنواع
    الشروط في البيع



    تنقسم الشروط في البيع
    إلى قسمين:



    القسم
    الأول: الشروط الصحيحة



    وهذا هو الأصل في
    الشروط في البيع ، ومنها:



    1- الشروط الموافقة
    لمقتضى العقد
    [3]،
    مثل أن يشتري سيارة ويشترط على البائع ضمان العيوب المصنعية فيها، فالبائع يضمن
    هذه العيوب أصلاً سواء وجد شرط بذلك أم لم يوجد، وذكر هذا الشرط يفيد التوكيد.



    2- الشروط
    التوثيقية
    ، مثل أن يشترط البائع ضامناً أو رهناً، كأن يشتري شخص من آخر سيارة
    بثمن مؤجل، فيشترط البائع على المشتري ضامناً له، بحيث إذا تأخر المشتري عن السداد
    فيحق للبائع مطالبة الضامن بالثمن، أو يشتري شخص جوالاً بثمن مؤجل ويشترط البائع
    أن يرهنه المشتري ساعته بحيث إذا حل موعد السداد ولم يوفه حقه فإن البائع يستوفيه
    من ثمن الساعة بعد بيعها.



    3- الشروط الوصفية، مثل أن
    يشترط المشتري صفة معينة في المبيع أو في الثمن، كأن يشتري سيارة ويشترط أن يكون
    لونها أخضر، أو يشترط أن يكون الثمن أو بعضه مؤجلاً.



    4- اشتراط نفعٍ معلومٍ
    في المبيع،

    سواء اشترطه البائع أم المشتري، فمثال اشتراط البائع: كأن يبيعه سيارة ويشترط أن
    يستعملها أسبوعاً، ومثال اشتراط المشتري: أن يشتري منه قماشاً ويشترط عليه خياطته.



    5- الشروط التقييدية(
    المخالفة لمقتضى العقد)،
    بأن يقيد أحد العاقدين الآخر في تصرفه في
    المبيع أو في الثمن، كأن يكون لشخص أرض قريبة من داره فيبيعها على زميله بشرط ألا
    يبيعها لأنه لا يرضى بجوار غيره، ونحو ذلك.



    6- اشتراط عقدٍ في
    عقد،
    كأن
    يجمع بين بيعٍ وبيع، مثل أن يقول: بعتك سيارتي بعشرين ألف ريال، بشرط أن تبيعني
    سيارتك بثلاثين ألف ريال، أو يجمع بين البيع والإجارة، مثل أن يقول بعتك داري
    بمليون ريال بشرط أن تؤجرني دارك مدة ثلاث سنوات بمائة ألف ريال، فهذه الشروط
    صحيحة ما لم يكن أحد العقدين قرضاً.



    7- - الشروط الجزائية[4]، بشرط أن
    يكون محل الالتزام فيها عملاً،كأن يتفق شخص مع مقاول على بناء بيت بمليون ريال ،
    فإن تأخر في التسليم فيخصم 1% عن كل شهرٍ متأخر. أما إن كان محل الالتزام مالاً
    فلا يصح، لأنه يؤدي إلى الربا، ومن ذلك ما يعرف ب"غرامات التأخير" مثل
    أن يبيع شخص سيارة بالأجل ويشترط على المشتري أنه إن تأخر عن السداد فيدفع غرامة
    عن التأخير بقدر1% شهرياً عن المبلغ المتأخر.



    8-الشروط التعليقية، مثل أن
    يقول: بعتك سيارتي بعشرين ألف ريال إن رضي والدي،فيقول الآخر: قبلت، فإذا رضي
    والده لزم العقد، ومن ذلك أيضاً بيع العربون.



    فجميع الأنواع السابقة
    من الشروط صحيحة ، ويلزم الوفاء بها، وذلك لأن رغبات الناس تختلف فكان في إباحتها
    موافقة للحكمة التي من أجلها أبيح البيع.






    القسم
    الثاني : الشروط الفاسدة



    وهي على
    نوعين:



    النوع الأول: الشروط
    التي جاءت الشريعة بالمنع منها،
    مثل أن يجمع بين السلف والبيع، كأن
    يقرض زيد خالداً مائة ألف ريال على أن يردها بالمبلغ نفسه، بشرط أن يبيع خالد
    سيارته لزيد بعشرة آلاف ريال، فهذا الشرط محرم لأنه ذريعة إلى الربا[5]، فقد تكون قيمة السيارة
    أكثر من ذلك ولكن خالداً رضي بذلك لأجل القرض، وقد جاء عنه عليه الصلاة والسلام
    أنه قال:" لا يحل سلف وبيع".[6]



    النوع الثاني: الشروط
    المخالفة للمقصود من العقد،
    مثل أن يبيعه سيارة بشرط ألا يتملكها المشتري،
    فهذا الشرط يخالف المقصود من عقد البيع، إذ المقصود من عقد البيع انتقال ملكية
    المبيع من البائع إلى المشتري، ومع وجود هذا الشرط أصبح العقد صورياً.



    فهذه الشروط فاسدة،
    لايصح اشتراطها، ولا يلزم الوفاء بها، لقوله صلى الله عليه وسلم: "[7]كل شرط ليس في كتاب الله فهو
    باطل وإن كان مائة شرط".



    وقوله: " ليس في
    كتاب الله ": أي ليس في حكم الله وشرعه.



    الفصل الخامس: المحرمات في البيوع


    أنواع المحرمات في العقود:


    المحرم في العقود على نوعين: محرم لذاته، ومحرم
    لكسبه ( لوصفه ).



    أولاً-المحرم لذاته:


    ويشمل كل ما كانت منفعته محرمة كالخمر والميتة
    والخنزير والتماثيل، ولو
    كانت تلك المنفعة تباح للحاجة، كالكلب، ودليل هذا النوع قوله عليه الصلاة
    والسلام:" إن الله إذا حرم على قومٍ أكل شيئٍ حرم عليهم ثمنه"[8]،
    وقوله عليه الصلاة والسلام في حديث جابر المتفق عليه:" إن الله حرم بيع الخمر
    والمينة والخنزير والأصنام
    فقيل
    يا رسول الله أرأيت الميتة فإنها يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها
    الناس فقال لا هو ثم قال رسول الله عند ذلك قاتل الله اليهود إن الله لما حرم
    عليهم شحومها ثم باعوه فأكلوا ثمنه".



    والمحرم لذاته على نوعين:


    النوع الأول:ما هو حرام
    العين والانتفاع جملة، فهذا يحرم بيعه مطلقاً، ولو أبيح نفعه في بعض الحالات.ويدخل
    في هذا النوع خمسة أصناف، وهي الأصناف الأربعة المذكورة في حديث جابر، وهي الخمر
    والميتة والخنزير والأصنام، إضافة إلى الكلب.



    فدائرة الانتفاع بهذه الأصناف أوسع من دائرة
    البيع، فالكلب والميتة مثلاً قد يباح نفعهما، ومع ذلك يحرم بيعهما، يقول ابن القيم
    رحمه الله:"

    وهذا
    موضع اختلف الناس فيه لاختلافهم في فهم مراده وهو أن قوله-في حديث جابر-: لا هو
    حرام هل هو عائد إلى البيع أو عائد إلى
    الأفعال التي سألوا عنها فقال شيخنا –أي ابن تيمية-هو إلى البيع فإنه لما أخبرهم
    أن الله حرم بيع الميتة قالوا إن في شحومها من المنافع كذا وكذا يعنون فهل ذلك
    مسوغ لبيعها فقال لا هو حرام، قلت:كأنهم طلبوا تخصيص الشحوم من جملة الميتة
    بالجواز كما طلب العباس رضي الله تخصيص الإذخر من جملة تحريم نبات الحرم بالجواز
    فلم يجبهم إلى ذلك فقال لا هو حرام ... ومن رجح ذلك يقول ثبت عن النبي أنه قال
    إنما حرم من الميتة أكلها وهذا صريح أنه لا يحرم الانتفاع بها في غير الأكل
    كالوقيد وسد البثوق ونحوهما قالوا والخبيث إنما تحرم ملابسته باطنا وظاهرا كالأكل
    واللبس وأما الإنتفاع به من غير ملابسة فلأي شيء يحرم.. قالوا ومن تأمل سياق حديث جابر علم أن السؤال إنما
    كان منهم عن البيع وأنهم طلبوا أن يرخص لهم في بيع الشحوم لما فيها من المنافع
    فأبى عليهم وقال هو حرام فإنهم لو سألوه عن حكم هذه الأفعال لقالوا أرأيت شحوم
    الميتة هل يجوز أن يستصبح بها وتدهن بها الجلود ولم يقولوا فإنه يفعل بها كذا وكذا
    فإن هذا إخبار منهم لا سؤال وهم لم يخبروه بذلك عقيب تحريم هذه الأفعال عليهم
    ليكون قوله لا هو حرام في تحريمها وإنما أخبروه به عقيب تحريم بيع الميتة فكأنهم
    طلبوا منه أن يرخص في بيع الشحوم لهذه المنافع التي ذكروها فلم يفعل.. والمقصود
    أنه لا يلزم من تحريم بيع الميتة تحريم الإنتفاع بها في غير ما حرم الله ورسوله
    منها كالوقيد وإطعام الصقور والبزاة وغير ذلك وقد نص مالك على جواز الإستصباح
    بالزيت النجس في المساجد وعلى جواز عمل الصابون منه وينبغي أن يعلم أن باب
    الإنتفاع أوسع من البيع فليس كل ما حرم بيعه حرم الإنتفاع به بل لا تلازم بينهما
    فلا يؤخذ تحريم من تحريم البيع.اهـ



    والنوع الثاني: ما هو
    مباح العين من حيث الأصل، وقد يكون فيه منفعة محرمة. فهذا يحرم بيعه إذا بيع لأجل
    تلك المنفعة المحرمة.



    يقول ابن القيم رحمه الله –مبيناً نوعي المحرم
    لذاته-:

    " في قوله: "إن الله إذا حرم شيئا أو حرم أكل شيء حرم ثمنه" يراد
    به أمران: أحدهما ما هو حرام العين والانتفاع جملة كالخمر والميتة والدم والخنزير
    وآلات الشرك فهذه حرام كيفما اتفقت. والثاني ما يباح الانتفاع به في غير الأكل
    وإنما يحرم أكله كجلد الميتة بعد الدباغ وكالحمر الأهلية والبغال ونحوها مما يحرم
    أكله دون الانتفاع به فهذا قد يقال: إنه لا يدخل في الحديث وإنما يدخل فيه ما هو
    حرام على الاطلاق وقد يقال: إنه داخل فيه
    ويكون تحريم

    ثمنه
    إذا
    بيع لأجل المنفعة التي حرمت منه، فإذا بيع البغل والحمار لأكلهما حرم بخلاف ما إذا
    بيعا للركوب وغيره وإذا بيع جلد الميتة للانتفاع به حل ثمنه. وإذا بيع لأكله حرم
    ثمنه وطرد هذا ما قاله جمهور من الفقهاء كأحمد ومالك وأتباعهما: إنه إذا بيع العنب
    لمن يعصره خمرا حرم أكل ثمنه بخلاف ما إذا بيع لمن يأكله وكذلك السلاح إذا بيع لمن
    يقاتل به مسلما حرم أكل ثمنه وإذا بيع لمن يغزو به في سبيل فثمنه من الطيبات،
    وكذلك ثياب الحرير إذا بيعت لمن يلبسها ممن يحرم عليه حرم ثمنها بخلاف بيعها ممن
    يحل له لبسها.اهـ



    ثانياً-المحرم لكسبه:


    وهو المقبوض بعقد فاسد كالمال المقبوض بعقد
    ربوي أو بقمار، ونحو ذلك.



    الفروق بين المحرم لذاته
    والمحرم لكسبه:



    1- والمحرم لذاته لا
    ينفك عنه التحريم مهما تناقلته الأيدي، مثل بيع الخمر والخنزير، فلا يجوز لمسلم
    بيع ذلك لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان. أما المحرم لكسبه فإنه يحرم على
    كاسبه فقط ولا ينتقل التحريم إلى غيره، فلو دعي شخص إلى مأدبة صنعها رجل معروف
    بأكل الربا فله الأكل منه ، وكذا لو اشترى شخص بيتاً أو سيارة بعقد ربوي فالإثم
    على المشتري وليس على الساكن شيء ، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم
    كان يتعامل مع اليهود بالمدينة ، فيبيع ويشتري منهم بل ويقبل هداياهم مع أنهم
    كانوا معروفين بأكل الربا ، كما حكى الله ذلك عنهم في كتابه.



    2- في التوبة منهما، فالمحرم لذاته لا تصح
    التوبة منه إلا بإتلافه أو إزالة نفعه المحرم، أما المحرم لكسبه،فإن كان أخذه
    ظلماً بغير رضى صاحبه فلا تصح توبته إلا بإعادته إلى ربه، وإن كان أخذه بربا أو
    مقامرة ونحو ذلك برضى صاحبه فلا يلزمه التخلص من المال المقبوض بعقد فاسد بشرط
    تحقق التوبة منه، لقوله تعالى: " فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف
    وأمره إلى الله" ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر الصحابة الذين اسلموا
    بالتخلص من الأموال التي أخذوها بالربا أو بالقمار، وهذا القول هو اختيار شيخ الإسلام
    ابن تيمية.


    أسباب
    التحريم في المعاملات ( في المحرم لكسبه):





    ما حرم
    لكسبه، يعود سبب التحريم فيه في الغالب إلى واحدٍ من أسباب ثلاثة، وهي:



    الأول:
    الظلم.



    والثاني:الغرر.


    والثالث:
    الربا.



    قال شيخ
    الإسلام ابن تيمية : (( والأصل في ذلك أن الله حرم في كتابه أكل أموالنا بيننا
    بالباطل ، وذم الأحبار والرهبان الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ، وأكل المال
    بالباطل
    في المعاوضة نوعان ، ذكرهما الله في كتابه : (( هما : الربا والميسر )) ثم إن رسول
    الله صلى الله عليه وسلم فصل ما جمعه الله في كتابه ))



    وقال
    ابن القيم رحمه الله تعالى : (( والأصل في العقود كلها إنما هو العدل الذي بعثت به
    الرسل وأنزلت به الكتب ، قال تعالى :
    لقد
    أرسلنا رسلنا بالبينات ليقوم الناس بالقسط ...
    والشارع نهى عن الربا
    لما فيه من الظلم ، وعن الميسر لما فيه من الظلم ، والقرآن جاء بتحريم هذا وهذا ،
    وكلاهما أكل المال بالباطل ، وما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من المعاملات
    .. هي داخلة إما في الربا وإما في الميسر )).



    السبب الأول الظلم:


    والأصل
    في ذلك قول الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم
    بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم"، والظلم يفسد الرضا في العقد، فهو
    من أكل المال بالباطل، وفي السنن عنه عليه الصلاة والسلام : { لا يحل مال امرئ
    مسلم إلا بطيب نفس منه }.ومن صور الظلم في البيوع:



    1-
    الغش، وكتمان العيوب التي في السلعة، ودليله قوله عليه الصلاة والسلام:
    " من غش فليس مني" رواه مسلم.



    2-
    النجش
    ، وهو أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها، وفي الصحيحين عن ابن عمر أن
    النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النجش.



    3-بيع
    الرجل على بيع أخيه، وشراؤه على شرائه
    . فمثال بيع الرجل على بيع أخيه (أن يقول
    لمن اشترى سلعة بعشرة :أنا أعطيك مثلها بتسعة)، ومثال شرائه على شرائه(أن يقول لمن
    باع سلعة بتسعة:عندي مثلها بعشرة).



    4-
    التسعير، وهو أن يأمر السلطان أو نوابه أو كل من ولي من أمور المسلمين أمرا
    أهل السوق ألا يبيعوا أمتعتهم إلا بسعر كذا ، فيمنع من الزيادة عليه أو النقصان،
    ويحرم التسعير من حيث الأصل لقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا
    أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } . فاشترطت الآية التراضي ، والتسعير لا يتحقق به
    التراضي .



    وعن
    أنس رضي الله عنه قال : { غلا السعر في المدينة على عهد رسول الله صلى صلى الله
    عليه وسلم فقال الناس : يا رسول الله : غلا السعر فسعر لنا ، فقال رسول الله صلى
    الله عليه وسلم : إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق ، إني لأرجو أن ألقى
    الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم ولا مال } .أخرجه أبو داود والترمذي وابن
    ماجه.



    ويستثنى
    بعض الحالات التي يجوز فيها التسعير، ومنها:



    1.
    حاجة الناس إلى السلعة.


    2.
    احتكار المنتجين أو التجار.


    3.
    حصر البيع لأناس معينين.


    وخلاصة
    ما ذكره المحققون من أهل العلم أنه إذا لم تتم مصلحة إلا بالتسعير سعر عليهم
    السلطان تسعير عدل بلا وكس ولا شطط ، وإذا اندفعت حاجتهم ، وقامت مصلحتهم بدونه لم
    يفعل . وهذا يدل على أن الحالات المذكورة
    ليست حصرا للحالات التي يجب فيها التسعير ، بل كلما كانت حاجة الناس لا تندفع إلا
    بالتسعير ، ولا تتحقق مصلحتهم إلا به كان واجبا على الحاكم حقا للعامة.



    5-الاحتكار، وهو أن يحبس
    السلعة عن الناس مع حاجتهم إليها.



    وقد
    اتفق الفقهاء على تحريم الاحتكار من حيث الجملة،لحديث سعيد بن المسيب عن
    معمر بن عبد الله العدوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا يحتكر إلا خاطئ }
    رواه مسلم. والاحتكار المحرم هو ما كان
    وقت الغلاء مع حاجة الناس إلى السلعة وتضررهم بحبسها، فأما الاحتكار في وقت الاتساع
    والرخص، فلا يحرم ، وكذا لا يحرم احتكار السلع الكمالية التي لا يتضرر الناس
    بحبسها.



    السبب الثاني: الغرر:


    حقيقة الغرر:


    الغرر
    في اللغة اسم مصدر من التغرير ، وهو الخطر ، والخدعة ، وتعريض المرء نفسه أو ماله
    للهلكة[9].
    وتعددت تعريفات أهل العلم للغرر:



    فعرفه
    السرخسي بأنه: مايكون مستور العاقبة[10].



    وعرفه
    القرافي بأنه: هو الذي لايدرى هل يحصل أم لا[11].



    وعرفه
    السبكي بأنه: ما انطوى عليه أمره وخفي عليه عاقبته[12].



    وعرفه
    شيخ الإسلام ابن تيميةبأنه: المجهول العاقبة[13].



    وهذه
    التعريفات متقاربة فالغرر أن يدخل الإنسان في المعاملة وهو يجهل عاقبتها،والعقد في
    هذه الحالة يكون دائرا بين الغنم والغرم فإذا غنم أحد العاقدين غرم الآخر.



    صور من المعاملات المحرمة لما فيها من الغرر:


    1-ماروى
    أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحصاة وبيع الغرر.أخرجه مسلم



    وبيع
    الحصاة أن يتفقا على أن أي ثوب تقع عليه الحصاة فهو له بكذا ،أو يبيعه الأرض على
    أن له منها بقدار ماتصل إليه الحصاة ،فبيع الحصاة داخل في بيع الغرر.



    2-وعن
    أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الملامسة
    والمنابذة.متفق عليه
    والملامسة مثل أن يقول أي ثوب لمسته فهو لك بكذا،والمنابذة مثل أن يقول أي ثوب
    نبذته إلي
    أي طرحته علي فهو
    لك بكذا.



    3-وعن
    ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة.متفق
    عليه



    وحبل
    الحبلة أن يبيعه نتاج ما في بطن الناقة أي حمل الحمل،أو أن يتبايعاسلعة علىأن يكون
    تسليم الثمن بعد أن تلد الناقة ثم يلد مافي بطنها، فهنا الجهالة في الأجل.



    4-و
    روى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الثنيا إلا أن تعلم.



    أي
    نهى عن الاستثناء المجهول إلا أن يعلم مثل أن يبيعه القطيع من الغنم إلا بعضها من
    غير تحديد أو يبيعه الأقلام إلا واحداُمن غير تحديد ذلك المستثنى فلا يصح هذا
    البيع إلا إذاكانت الأقلام متساوية .



    5-و
    في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع
    الثمار حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمبتاع.وفي رواية نهى عن بيع الثمر حتى يزهو
    وعن بيع الحب حتى يشتد ويأمن العاهة.



    والنهي
    عن هذه لما فيها من الغرر إذ لا يؤمن تلف الثمار قبل أن يقطعها المشتري أما إذا
    تلونت بأن احمرت أو اصفرت فيجوز بيعها.



    6-وعن
    أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المضامين
    والملاقيح.أخرجه البزار وهو حديث ضعيف لكن أجمعت الأمة على معناه.



    والمضامين:مافي
    أصلاب الفحول .



    واالملاقيح:مافي
    البطون من الأجنة.



    وقدأجمع
    أهل العلم على تحريم بيع الحمل في البطن لما فيه من الجهالة.



    العلاقة بين الغرر والقمار والميسر:


    الميسر
    والقمار والغرر كلها من المحرمات.



    والقمار
    كالغرر إذا غنم فيه أحد الطرفين غرم الآخر، والفرق بينهما أن القمار يكون في اللعب
    والمسابقات بينما الغرر يكون في المبايعات، يقال: باع غرراً، ولعب قماراً.



    وذهب
    كثير من أهل العلم إلى أن الميسر والقمار بمعنى واحد، والذي عليه المحققون أن
    الميسر أعم من أن يكون مقامرة، قال الإمام مالك: الميسر ميسران: ميسر اللهو، فمنه
    النرد والشطرنج والملاهي كلها، وميسر القمار، وهو ما يتخاطر عليه الناس.



    وعلى
    هذا فالميسر يشمل أمرين:



    1-
    اللهو المحرم، ولو بدون مال، وقد سئل بعض السلف عن الميسر، فقال: كل ما ألهى عن
    ذكر الله، وعن الصلاة، فهو ميسر. وقال بعضهم: كل شيء فيه خطر فهو من الميسر حتى لعب
    الصبيان بالجوز.



    2-
    القمار المحرم، أي الذي فيه مال.



    واختار
    هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، ونقله عن جماهير أهل العلم، وذكر أن
    العلة في تحريمه ليس لأجل ما فيه من المخاطرة، وإنما لكونه يوقع العداوة والبغضاء
    ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وأكل المال فيه عون وذريعة إلى الإقبال عليه.



    العلاقة بين الغرر والمخاطرة:


    الغرر
    محرم من حيث الأصل بخلاف المخاطرة فإنها مباحة من حيث الأصل، يقول ابن تيمية:
    " أما المخاطرة فليس في الأدلة الشرعية ما يوجب تحريم كل مخاطرة، بل قد علم
    أن الله ورسوله لم يحرما كل مخاطرة، ولا كل ما كان متردداً بين أن يغنم أو يغرم أو
    يسلم.. وكذلك كل متبايعين لسلعة يرجو أن يربح فيها ويخاف أن يخسر فمثل هذه
    المخاطرة جائزة بالكتاب والسنة والإجماع، والتاجر مخاطر."اهـ.



    شروط
    كون الغرر مؤثراً:



    الأصل في بيع الغرر هو
    التحريم. يدل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم {
    نهى عن بيع الحصاة ، وعن بيع الغرر } .رواه مسلم[14].



    قال النووي : النهي عن
    بيع الغرر أصل عظيم من أصول كتاب البيوع ، يدل فيه مسائل كثيرة غير منحصرة ، وقال
    : وبيع ما فيه غرر ظاهر يمكن الاحتراز عنه ولا تدعو إليه الحاجة باطل [15].



    وينقسم الغرر من حيث
    تأثيره على العقد إلى : غرر مؤثر في العقدة وغرر غير مؤثر . قال ابن رشد الحفيد :
    اتفقوا على أن الغرر ينقسم إلى مؤثر في البيوع وغير مؤثر[16] .



    ويشترط في الغرر حتى
    يكون مؤثرا الشروط الآتية :



    الشرط
    الأول: أن يكون الغرر كثيراً :



    قال ابن القيم: "
    والغرر إذا كان يسيراً أو لا يمكن الاحتراز منه لم يكن مانعاً من صحة العقد، بخلاف
    الكثير الذي يمكن الاحتراز منه، وهو المذكور في الأنواع التي نهى رسول الله صلى
    الله عليه وسلم عنهاوما كان مساوياً لها لا فرق بينها وبينه، فهذا هو المانع من
    صحة العقد"[17].



    وقال القرافي : "الغرر
    والجهالة - أي في البيع - ثلاثة أقسام : كثير ممتنع إجماعا ، كالطير في الهواء ،
    وقليل جائز إجماعا ، كأساس الدار وقطن الجبة ، ومتوسط اختلف فيه ، هل يلحق بالأول
    أم بالثاني ؟"[18].



    وقال الباجي- مبيناً
    ضابط الغرر الكثير-:" الغرر الكثير هو ما غلب على العقد حتى أصبح العقد يوصف
    به"[19].



    الشرط
    الثاني: أن يكون الغرر في المعقود عليه أصالة
    :


    فيشترط في الغرر حتى
    يكون مؤثرا في صحة العقد أن يكون في المعقود عليه أصالة . أما إذا كان الغرر فيما
    يكون تابعا للمقصود بالعقد فإنه . لا يؤثر في العقد . ومن القواعد الفقهية المقررة
    : أنه يغتفر في التوابع ما لا يغتفر في
    غيرها ، ولذا جاز بيع الحمل في البطن تبعاً لأمه، وجاز بيع اللبن في الضرع
    مع الحيوان، ومن ذلك أيضاً أنه لا يجوز أن تباع الثمرة التي لم يبد صلاحها مفردة ،
    لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها ، ولكن لو بيعت مع
    أصلها جاز ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر ،
    فثمرتها للبائع ، إلا أن يشترط المبتاع }[20] وقد نقل ابن قدامة الإجماع
    على جواز هذا البيع ، وقال : ولأنه إذا باعها مع الأصل حصلت تبعا في البيع ، فلم
    يضر احتمال الغرر فيها[21].



    الشرط
    الثالث:ألا تدعو للعقد حاجة :



    فإن كان للناس حاجة لم
    يؤثر الغرر في العقد ، وكان العقد صحيحا .



    قال ابن تيمية: "
    ومفسدة الغرر أقل من الربا فلذلك رخص فيما تدعو الحاجة إليه منه، فإن تحريمه
    أشد ضرراً من ضرر كونه غرراً،
    مثل بيع العقار جملة وإن لم يعلم دواخل الحيطان
    والأساس".[22]
    وقال الكمال عن عقد السلم : ولا يخفى أن جوازه على خلاف القياس . إذ هو بيع
    المعدوم ، وجب المصير إليه بالنص والإجماع للحاجة من كل من البائع والمشتري[23] .



    وقال
    النووي : مدار البطلان بسبب الغرر والصحة مع وجوده أنه إذا دعت الحاجة إلى ارتكاب
    الغرر ولا يمكن الاحتراز عنه إلا بمشقة أو كان الغرر حقيراً جاز البيع، وإلا
    فلا"[24].



    والدليل
    على هذا الشرط جواز بيع المغيبات في الأرض كالجزر والبصل ونحوها، وبيع ما مأكوله
    في جوفه كالبطيخ والبيض ونحو ذلك مع ما فيه من الغرر، وإنما جاز للحاجة المقتضية
    لشراء هذه الأشياء دون فتحها أو إخراجها من الأرض.



    الشرط
    الرابع: أن يكون الغرر في عقد من عقود المعاوضات المالية :



    وقد اشترط هذا الشرط
    المالكية فقط ، حيث يرون أن الغرر المؤثر هو ما كان في عقود المعاوضات ، وأما عقود
    التبرعات فلا يؤثر فيها الغرر . واختار هذا القول ابن تيمية وابن القيم، وغيرهما
    [25].


    والدليل يؤيد ما ذهب إليه
    المالكية فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر فيختص النهي في المبايعات
    ويبقى ماعداها على أصل الحل. ويدل على ذلك ما ورد عنه عليه الصلاة والسلام لما
    جاءه رجل من الأنصار بكبة من خيوط شعر أخذها من المغنم، فقال له:" أما ما كان
    لي فهو لك".
    [26] ووجه الدلالة ان النبي صلى
    الله عليه وسلم وهبه نصيبه من الكبة مع عدم العلم بقدر الموهوب
    [27]









    [1]
    سورة المائدة الآية(1)







    [2]
    الحديث سبق تخريجه ص







    [3]
    المقصود ب"مقتضى العقد" أي أثر العقد، فالبيع مثلاً
    يترتب عليه آثار متعددة منها انتقال ملكية المبيع من البائع إلى المشتري ، ووجوب
    تسليمه للمشتري، فلو اشترط المشتري أن يسلمه البائع السلعة فيقال عن هذا الشرط:
    إنه موافق لمقتضى العقد بحيث لو لم يذكر هذا الشرط للزم البائع بمقتضى العقد الذي
    بينهما ، فذكر هذا الشرط يعد توكيدا.







    [4] الشرط الجزائي: اتفاق العاقدين على مبلغ التعويض الذي يستحقه الدائن عند عدم
    قيام المدين بتنفيذ التزامه أو تأخيره.، وقد أفتى مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة
    بجواز الشرط الجزائي. أبحاث هيئة كبار العلماء2/711







    [5]
    لأن المقرض إذا اشترط منفعة على المقترض فهو ربا.







    [6]
    أخرجه أبوداود في كتاب البيوع والإجارات، باب في الرجل يبيع ما
    ليس عنده برقم (3504)، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس
    عندك ،برقم (1234). من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما.







    [7]
    أخرجه البخاري في كتاب الشروط، باب الشروط في الولاء،
    برقم(2729)، ومسلم في كتاب العتق ، باب إنما الولاء لمن أعتق برقم (1504)







    [8]
    رواه أحمد 1/247، وأبوداود في كتاب البيوع والإجارات، باب في ثمن
    الخمر والميتة، برقم(3488).وقال ابن القيم: إسناده صحيح.







    [9]
    المصباح المنيرص324







    [10]
    المبسوط13/68







    [11]
    الفروق3/265







    [12]
    تكملة المجموع9/257







    [13]
    القواعد النورانية ص138







    [14]
    أخرجه مسلم (2/3) وأبوداود(3376).







    [15]
    صحيح مسلم بشرح النووي 11/156







    [16]
    بداية المجتهد2(187







    [17]
    زاد المعاد 5/820







    [18]
    الفروق 3/265







    [19]
    المنتقى5/41







    [20]
    أخرجه البخاري (فتح الباري4-368) ومسلم (شرح النووي 3/1158) من
    حديث أبي هريرة رضي الله عنه.







    [21]
    المغني 4/231







    [22]
    القواعد النورانية ص140







    [23]
    فتح القدير6/206







    [24]
    المجموع 9/258







    [25]بداية المجتهد 2/402 مجموع فتاوى ابن تيمية 31/270 أعلام الموقعين
    2/9







    [26]
    أخرجه أبو داود (2694) والنسائي (6/262) من حديث عمرو بن شعيب عن
    أبيه عن جده، وهو حديث حسن.







    [27]
    أعلام الموقعين 2/9
    Admin
    Admin
    Admin


    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 2987
    تاريخ الميلاد : 18/06/1970
    تاريخ التسجيل : 27/09/2009
    العمر : 54

    المعاملات المالية Empty تابع

    مُساهمة من طرف Admin الجمعة مايو 28, 2010 3:38 pm

    السبب الثالث: الربا:


    تعريف الربا:


    الربا
    في اللغة : اسم مقصور على الأشهر، . والأصل في معناه الزيادة ، يقال : ربا الشيء
    إذا زاد، ومن ذلك قول الله تبارك وتعالى : { يمحق الله الربا ويربي الصدقات} .



    والربا
    في اصطلاح الفقهاء : : تفاضل في أشياء ،
    ونسء في أشياء ، مختص بأشياء ورد الشرع بتحريمها - أي تحريم الربا فيها -
    نصا في البعض ، وقياسا في الباقي منها.


    الحكم التكليفي:


    الربا
    محرم بالكتاب والسنة والإجماع وهو من
    الكبائر ، ومن السبع الموبقات ، ولم يؤذن الله تعالى في كتابه عاصيا بالحرب سوى
    آكل الربا ، ومن استحله فقد كفر - لإنكاره معلوما من الدين بالضرورة - فيستتاب ،
    فإن تاب وإلا قتل ، أما من تعامل بالربا من غير أن يكون مستحلا له فهو فاسق . قال
    الماوردي وغيره : إن الربا لم يحل في شريعة قط لقوله تعالى :{وأخذهم
    الربا وقد نهوا عنه } يعني في الكتب السابقة .


    ودليل
    التحريم من الكتاب



    1.
    قول الله تبارك وتعالى : { وأحل الله
    البيع وحرم الربا } .



    2.
    وقوله عز وجل : { الذين يأكلون الربا لا
    يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس . . . } .قال السرخسي : ذكر الله
    تعالى لآكل الربا خمسا من العقوبات : إحداها : التخبط . . قال الله تعالى : { لا
    يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس } . الثانية : المحق . . قال
    تعالى : { يمحق الله الربا } والمراد الهلاك والاستئصال ، وقيل : ذهاب البركة
    والاستمتاع حتى لا ينتفع به ، ولا ولده بعده . الثالثة : الحرب . . قال الله تعالى
    : { فأذنوا بحرب من الله ورسوله } . الرابعة : الكفر . . قال الله تعالى : { وذروا
    ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين } وقال سبحانه بعد ذكر الربا : { والله لا يحب كل
    كفار أثيم } أي : كفار باستحلال الربا ، أثيم فاجر بأكل الربا . الخامسة : الخلود
    في النار . قال تعالى : { ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } .



    3.
    وكذلك - قول الله تعالى : { يا أيها
    الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون } ، وقوله
    سبحانه : { أضعافا مضاعفة } ليس لتقييد النهي به ، بل لمراعاة ما كانوا عليه من
    العادة توبيخا لهم بذلك ، إذ كان الرجل يربي إلى أجل ، فإذا حل الأجل قال للمدين :
    زدني في المال حتى أزيدك في الأجل ، فيفعل ، وهكذا عند محل كل أجل ، فيستغرق
    بالشيء الطفيف ماله الكلية ، فنهوا عن ذلك ونزلت الآية .



    وأدلة
    التحريم من السنة:



    أحاديث
    كثيرة منها :



    1-ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي
    صلى الله عليه وسلم قال : { اجتنبوا السبع الموبقات قالوا : يا رسول الله وما هن ؟ قال : الشرك
    بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال
    اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات } .



    2-وما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله
    تعالى عنهما قال : { لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه
    وشاهديه ، وقال : هم سواء } .



    الإجماع


    وأجمعت
    الأمة على أصل تحريم الربا . وإن اختلفوا في تفصيل مسائله وتبيين أحكامه وتفسير
    شرائطه.



    هذا
    ويجب على من يقرض أو يقترض أو يبيع أو يشتري أن يبدأ بتعلم أحكام هذه المعاملات
    قبل أن يباشرها ، حتى تكون صحيحة وبعيدة عن الحرام والشبهات ، وما لا يتم الواجب
    إلا به فهو واجب ، وتركه إثم وخطيئة ، وهو إن لم يتعلم هذه الأحكام قد يقع في
    الربا دون أن يقصد الإرباء ، بل قد يخوض في الربا وهو يجهل أنه تردى في الحرام
    وسقط في النار ، وجهله لا يعفيه من الإثم ولا ينجيه من النار ، لأن الجهل والقصد
    ليسا من شروط ترتب الجزاء على الربا ، فالربا بمجرد فعله - من المكلف - موجب
    للعذاب العظيم الذي توعد الله جل جلاله به المرابين ، يقول القرطبي : لو لم يكن
    الربا إلا على من قصده ما حرم إلا على الفقهاء . وقد أثر عن السلف أنهم كانوا
    يحذرون من الاتجار قبل تعلم ما يصون المعاملات التجارية من التخبط في الربا ، ومن
    ذلك قول عمر رضي الله
    عنه:
    لا يتجر في سوقنا إلا من فقه و إلا أكل الربا ، وقول علي رضي الله عنه : من اتجر
    قبل أن يتفقه ارتطم في الربا ثم ارتطم ثم ارتطم ، أي : وقع وارتبك ونشب .



    وباب
    الربا من أشكل الأبواب على كثير من
    أهل
    العلم ، وقد قال عمر رضي الله عنه : ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
    عهد إلينا فيهن عهدا ننتهي إليه : الجد والكلالة وأبواب من الربا ، يعني - كما قال
    ابن كثير - بذلك بعض المسائل التي فيها شائبة الربا ، وعن قتادة عن سعيد بن المسيب
    رحمة الله تعالى عليهما أن عمر رضي الله عنه قال : من آخر ما نزل آية الربا ، وإن
    رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض قبل أن يفسرها لنا ، فدعوا الربا والريبة ، وعنه
    رضي الله عنه قال : ثلاث لأن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهن أحب إلي من
    الدنيا وما فيها : الكلالة ، والربا ، والخلافة .



    أنواع الربا:


    النوع
    الأول
    :ربا
    الديون:وهو الربا الذي يكون في عقود المداينات، كالقروض، والبيوع الآجلة.



    ويشمل:


    1-ربا
    القروض.



    2-وربا
    الدين عند حلوله.



    والنوع الثاني:ربا
    البيوع:ويشمل:



    1-ربا
    الفضل.



    2-ربا
    النسيئة.



    أولاً:ربا الديون


    1-الزيادة في الدين عند حلوله:


    وهذا
    هو أخطر أنواع الربا وأشدها تحريماً،ويسمى:زدني أنظرك،وهذا هو ما كان يتعامل به
    أهل الجاهلية أساساً والذي قال الله فيهSadياأيها الذين آمنوا لاتأكلوا الربا
    أضعافاً مضاعفة)



    قال
    قتادة:إن ربا الجاهلية أن يبيع الرجل البيع إلى أجل مسمى فإذا حل الأجل ولم يكن
    عند صاحبه قضاء زاد وأخر عنه.



    2-ربا القروض:


    والمراد
    به القرض بفائدة مشروطة،أي أن الزيادة مشروطة في ابتداء العقد وليس عند السداد.



    وعلى
    هذا فإن ربا الديون (الربا الجلي)الذي كان يتعامل به أهل الجاهلية يشمل الزيادة
    المشروطة في ابتداء العقد(ربا القروض) والزيادة المشروطة عند حلول الأجل(زدني
    أنظرك).



    وقد دل على تحريم ربا القروض الكتاب والسنة والإجماع:


    أما الكتاب:


    فقوله
    تعالىSadياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا –إلى قوله-وإن تبتم
    فلكم رؤس أموالكم لاتظلمون ولا تظلمون)



    ووجه
    الدلال من الآية أن الجملة الأخيرة قد حصرت حق الدائن في رأس المال الذي أقرضه ولا
    يجوز إذا تاب إلا استرجاع أصل ماله وأن الزيادة عليه ظلم.



    وأما السنة:


    1.
    فمن ذلك ماروي عن النبي صلى الله عليه
    وسلم أنه قالSadكل قرض جر نفعاًفهو ربا) ،وهذا الحديث ضعيف جداً ولكن أجمعت الأمة
    على قبوله.



    2.
    وعن عبدالله بن عمرو عن النبي صلى الله
    عليه وسلم أنه قال : { لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن ولا
    بيع ما ليس عندك } رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي وصححه.
    قال ابن تيمية مبيناً حكمة النهي في الحديث: وما ذاك والله أعلم إلا أنه إذا باعه
    شيئا وأقرضه فإنه يزيد في الثمن لأجل القرض فيصير القرض بزيادة وذلك ربا . فمن تدبر هذا علم أن كل معاملة كان مقصود
    صاحبها أن يقرض قرضا بربح واحتال على ذلك بأن اشترى من المقترض سلعة بمائة حالة ثم
    باعه إياها بمائة وعشرين إلى أجل ، أو باعه سلعة بمائة وعشرين إلى أجل ثم ابتاعها
    بمائة حالة ، أو باعه سلعة تساوي عشرة بخمسين ، وأقرضه مع ذلك خمسين .



    وأما الإجماع:


    فقد
    حكى غير واحد من أهل العلم الإجماع على تحريم القرض بفائدة.



    ثانياً-ربا البيوع:


    وهو
    الربا الذي يكون محله عقود المعاوضات والمبادلات التجارية.



    ويختلف
    ربا البيوع عن ربا الديون في أمرين:



    الأول:أن
    ربا الديون محرم تحريم مقاصد فتحريمه أشد من ربا البيوع الذي هو محرم لكونه وسيلة
    لربا الديون.



    الثاني:أن
    ربا الديو ن يجري في جميع الأموال بينما ربا الديون لايجري إلا في أموال محددة
    بينها النبي صلى الله عليه وسلم.



    ومما
    يدل على أن ربا الديون يجري في جميع الأموال أمور:



    1.
    أن الربا الذي نزل القرآن بتحريمه كان
    في الإبل ومن المعلوم أن الإبل ليست من الأموال الربوية. فعن زيد بن قال:إنما كان
    ربا الجاهلية في التضعيف وفي السن يكون للرجل فضل دين فيأتيه إذا حل الأجل فيقول:تقضيني
    أو تزيدني؟فإن كان عنده شيء قضاه وإلا حوله إلى السن التي فوق ذلك .



    2.
    إجماع الأمة على أن أي قرض جر نفعاً فهو
    ربا سواء كان المقرض من الأموال الربوية أو لم يكن،وممن حكى الإجماع ابن حزم
    والنووي وابن تيمية والقرطبي. يقول
    القرطبي:أجمع المسلمون نقلاًعن نبيهم أن اشتراط الزيادة في السلف ربا ولو كان قبضة
    من علف.



    الأموال الربوية في ربا البيوع:


    روي
    عن النبي صلى الله عليه وسلم في الربا أحاديث كثيرة ، ومن أتمها ما روى عبادة بن
    الصامت ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
    { الذهب بالذهب مثلا بمثل ، والفضة بالفضة مثلا بمثل ، والتمر بالتمر مثلا
    بمثل والبر بالبر مثلا بمثل ، والملح بالملح مثلا بمثل، ،الشعير بالشعير مثلا بمثل
    ، فمن زاد أو ازداد فقد أربى ، بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يدا بيد ، وبيعوا البر
    بالتمر كيف شئتم يدا بيد ، وبيعوا الشعير بالتمر كيف شئتم يدا بيد } .



    وفي
    روايةSadفإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداًبيد) رواه مسلم .



    فهذه
    الأعيان المنصوص عليها يثبت الربا فيها بالنص والإجماع، وأما ما عداها من الأموال
    فإنها تلحق بها في الحكم إذا اشتركت معها في العلة الربوية.



    العلــة الربـويـة:


    اتفق
    الفقهاء على أن حديث عبادة السابق يحوي جملتين:



    الأولى:جملة
    النقدين .



    والثانية:جملة
    الأصناف الأربعة.



    وأن
    كل جملة من الجملتين تنفرد بعلة خاصة بها فعلة الذهب والفضة غير علة الأصناف
    الأربعة الباقية. وقد اختلف أهل العلم في تحديد العلة الربوية للأصناف المذكورة
    على اقوال متعددة، ولعل الراجح منها، أن العلة في الذهب والفضة هي الثمنية، فيلحق
    بهما جميع الأثمان كالفلوس والأوراق النقدية، ونحوها ، والعلة في الأصناف الأربعة
    الأخرى هي الاقتيات والادخار
    ، والمقصود
    بالاقتيات قيام البنية به وفسادها بعدمه. والمقصود بالادخار أي أنه لايفسد
    بالتأخير. وفي معنى القوت ما يصلح به القوت كالملح والتوابل. وعلى هذا فيجري الربا
    في كل الأطعمة التي يعتمد عليها أهل البلد إذا كانت قابلة للادخار كالأرز والذرة
    والفول ونحو ذلك أما ما ليس قوتا ولامدخرا فلايجري فيه الربا كالفواكه والخضروات
    والألبان والحلويات والكاكاو والبطاطس.



    ويستفاد
    من الحديث السابق أن مبادلة الأموال لها خمس حالات:



    1-
    مبادلة مالٍ ربوي بمال ربوي من جنسه، مثل ريال بريال أ وذهب بذهب، أو تمر
    بتمر،فيشترط شرطان:



    أ‌- التماثل:فإن كان العوضان موزونين اشترط التساوي في الوزن، مثل مبادلة الذهب بالذهب
    أو الفضة بالفضة فيشترط التساوي في الوزن أي في الغرامات بصرف النظر عن القيمة.
    ومثال ذلك لو أردنا استبدال 20 غرام ذهب جديد بذهب قديم فيجب التساوي في الوزن أي
    ب20غرام من الذهب القديم حتى ولو كان الذهب الجديد تساوي قيمته 1000 دولار والذهب
    القديم قيمته 600 دولار فالعبرة بالوزن لابالقيمة.ومثل ذلك الفضة.وإن كان العوضان
    معدودين مثل الأوراق النقدية فيجب التساوي في العدد ومثال ذلك لو أردنا صرف 100
    دولار فيجب أن تصرف ب100 دولار لاأقل ولاأكثر حتى ولو كانت إحداهما ورقية والأخرى
    معدنية ،أو كانت إحداهما من فئة العشرات والأخرى من فئة الدولارات.




    ب‌-
    التقابض في مجلس العقد:


    2-
    مبادلة مالٍ ربوي بمالٍ ربوي من جنسٍ آخر لكنه يشترك معه في العلة الربوية، مثل
    ذهبٍ بفضة ، أو ريالٍ بدولار، أو تمرٍ بشعير، فيشترط شرط واحد وهو التقابض في
    الحال، ولا يشترط تماثل.



    3-
    مبادلة مالٍ ربوي بمالٍ ربوي من جنس آخر مختلف عنه في العلة، كذهب بتمر، وأو
    ريالات بشعير.



    4-
    مبادلة مال ربوي بمالٍ غير بوي، كذهب بسيارات، أو أثاث بريالات.



    5-
    مبادلة مال غير ربوي بمال غير ربوي، كسيارة بأثاث.



    ففي
    الحالات الثلاث الأخيرة لا يشترط تقابض ولا تماثل، ولا يجري في هذه المبادلات لا ربا
    الفضل ولا ربا النسيئة.



    ربا الفضل والنسيئة:


    أولاً-ربا الفضل:


    ربا
    الفضل :هو البيع مع زيادة أحد العوضين الربويين عن الآخر في متحد الجنس.



    ومن
    هذا التعريف يتضح أن ربا الفضل له أربعة شروط:



    1.
    أن يكون في معاوضة، أي بيع، فلو أعطاه
    الزيادة تبرعاً أو هبة أوأعطاه عشرة وأعطاه الآخر ثمانية وسامحه عن الدولارين فليس
    بربا وهو جائز.



    2.
    أن يكون أحد العوضين فاضلاً عن الآخر.


    3.
    أن يكون بين عوضين ربويين فإن كان
    العوضان غير ربويين أوكان أحدهما ربوياً دون الآخر فلا ربا حتى ولو زاد أحدهما عن
    الآخر.



    والأموال الربوية هي-كما تقدم-:


    ‌أ.
    الأثمان فتشمل الذهب والفضة والأوراق
    النقدية والأوراق (الدولار والريال) والأوراق التجارية (مثل الشيكات ).



    ‌ب.
    الأطعمة التي تقتات وتدخر.


    والأشياء المقتاتة : هي التي
    تصلح أن تكون قوتا تغذى به الأجسام على الدوام.



    قال في بلغة السالك :الطعام الربوي : ما يقتات
    ويدخر ، أي ما تقوم به البنية عند الاقتصار عليه ويدخر إلى الأمد المبتغى منه عادة
    ولا يفسد بالتأخير ، ولا يشترط كونه متخذا للعيش غالبا عل الصحيح.



    فمن الأموال الربوية:
    البر والشعير والتمر والملح والذرة والأرز والزيت والبيض واللحم والفول والعدس
    والتوابل والسكر والعسل والزبيب ونحو ذلك.



    ومن الأموال غير الربوية:
    الأثاث والسيارات والمنازل وكل ما ليس بمطعوم ،والفواكه والخضروات والأدوية
    والحلويات.



    4.
    أن يكون العوضان متحدين في الجنس، أي
    يكونان من جنس واحد.



    والجنس ما له اسم خاص يشمل أنواعا.فالبر جنس
    واحد ولو كان من نوعين مختلفين والتمر جنس واحد وكذا الشعير والملح ،وفروع الأجناس
    كالأدقة والأخباز والأدهان أجناس، فمثلاًخبز الشعير جنس وخبز البر جنس آخر، وزيت
    الزيتون جنس وزيت الذرة جنس آخر ،ودقيق البر جنس ودقيق الشعير جنس آخر،وهكذا.
    واللحم أجناس باختلاف أصوله ،فلحم الضأن والمعز جنس واحد ،ولحم البقر جنس،ولحم
    الإبل جنس ، ولحم الطير جنس،ولحم السمك جنس، فيجوز بيع رطل لحم ضأن برطلي لحم بقر
    لاختلاف الجنس،ولايجوز بيع رطل لحم ضأن برطلي لحم ضأن لاتحاد الجنس.



    ثانياً-ربا النسيئة:


    ربا
    النسيئة:هو البيع مع تأخير قبض االعوضين المتفقين في العلة الربوية أو أحدهما. وهو
    مأخوذ من النسأ وهو التأخير أي أن ربا النسيئة لايكون إلا في مبادلة عوضين متفقين
    في العلة الربوية،وهذا يشمل حالتين:



    1.
    أن يكون العوضان من جنس واحد مثل مبادلة
    ذهب بذهب ،أوفضة بفضة ،أو دولار بدولار ،أوبر ببر ،فيجب التقابض فوراً قبل التفرق
    في جميع هذه الحالات وإلا وقع العاقدان في ربا النسيئة.



    2.
    أن يختلف الجنسان لكنهما يتفقان في
    العلة الربوية،وقد تقدم معنا أن العلة الروية إما الثمنية أو الاقتيات.



    فلوبيع
    ذهب بفضة، أوذهب بريال، أو ريال بدولار، فيجب التقابض في جميع هذه الصور لأن جميع
    هذه الأجناس تتفق في علة واحدة وهي الثمنية.



    وكذا
    لوبيع تمر ببر، أو ملح بسكر ،أو شعير برز فيجب التقابض في جميع ذلك لأن جميع هذه
    الأجناس متفقة في علة واحدة وهي الاقتيات والادخار، والأدلة علىذلك:



    1- حديث عن عبادة بن الصامت السابق.


    2-وعن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه
    وسلم أنه قال:{الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء}أخرجه السبعة،وقوله :هاء وهاء أي
    يداًبيد.



    فأما
    إذا اختلفت العلة الربوية فلا يشترط تقابض ولاتماثل
    ،مثل بيع
    الذهب بالتمر،أوأن يشتري بالدولارات براً،أو تمراً،والدليل على ذلك حديث ابن عباس
    قال : { قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، وهم يسلفون في الثمار السنة
    والسنتين ، فقال : من أسلف في ثمر فليسلف في كيل معلوم ، ووزن معلوم ، إلى أجل
    معلوم } متفق عليه . وللبخاري " من أسلف في شيء " .



    فدل الحديث على جواز السلم في التمر مع أنه
    سيتأخر تسليمه لأن المعاوضة هنا بين تمر ودنانير وهما مختلفان في العلة الربوية.



    ومثل ذلك أيضاًإذا كان العوضان أو أحدهما ليس
    بربوي أصلاً،فلايشترط تقابض ولا تماثل،مثل ما لواشترى سيارة بدولارات فيجوز تأخير
    تسليم السيارة أو تأخير تسليم الدولارات،وكذا لو اشترى بيتاً بسيارةأوسيارة
    بسيارةأومسجلاً بكمبيوتر وهكذا.



    ماالحكمة من تحريم
    ربا الفضل والنسيئة:



    الحكمة
    من ذلك والله أعلم أن كلاًمن ربا الفضل الذي هو زيادة من غير تأخير ،وربا النسيئة
    الذي فيه تأخير من دون زيادة ،كلاهما ذريعة إلى الوقوع في الربا الأعظم ربا الديون
    الذي كان يتعامل به أهل الجاهلية ،لأن الربا الجاهلي حقيقةمركب من ربا الفضل
    والنسيئة معا ففيه تأجيل وزيادة فمن يدفع 100 ليستردها 110 بعد شهر جمع حقيقة بين
    الفضل والنسأ،ولهذا حرم كل واحد منهما على انفراده لئلا يؤدي إلى الربا المستبشع.



    قال
    ابن القيم:
    إنه حرم التفريق في الصرف وبيع الربوي بمثله
    قبل القبض، لئلا يتخذ ذريعة إلى التأجيل الذي هو أصل باب الربا ، فحماهم من قربانه
    باشتراط التقابض في الحال ، ثم أوجب عليهم فيهم التماثل ، وأن لا يزيد أحد العوضين
    على الآخر إذا كانا من جنس واحد حتى لا يباع مد جيد بمدين رديئين وإن كانا
    يساويانه ، سدا لذريعة ربا النساء الذي هو حقيقة الربا ، وأنه إذا منعهم من
    الزيادة مع الحلول حيث تكون الزيادة في مقابلة جودة أو صفة أو سكة أو نحوهما ،
    فمنعهم منها حيث لا مقابل لها إلا مجرد الأجل أولى ، فهذه هي حكمة تحريم ربا الفضل
    التي خفيت على كثير من الناس ، حتى قال بعض المتأخرين : لا يتبين لي حكمة تحريم
    ربا الفضل ، وقد ذكر الشارع هذه الحكمة بعينها ، فإنه حرمه سدا لذريعة ربا النساء
    ، فقال في حديث تحريم ربا الفضل : { فإني أخاف عليكم الرما } والرما هو الربا ،
    فتحريم الربا نوعان : نوع حرم لما فيه من المفسدة وهو ربا النسيئة ، ونوع حرم
    تحريم الوسائل وسدا للذرائع ، فظهرت حكمة الشارع الحكيم وكمال شريعته الباهرة في
    تحريم النوعين ، ويلزم من لم يعتبر الذرائع ولم يأمر بسدها أن يجعل تحريم ربا
    الفضل تعبدا محضا لا يعقل معناه كما صرح بذلك كثير منهم.



    وهذا
    نقول:إن تحريم ربا الفضل الخالي من التأخير وتحريم ربا النسيئة الخالي من الزيادة
    من باب تحريم الوسلئل،ولهذا أبيحا عند الحاجة:



    الباب الثاني


    معاملات مالية معاصرة


    ويمكن
    تقسيم هذا الباب إلى فصلين:




    1-
    معاملات مصرفية.



    2-
    معاملات مالية أخرى.


    الفصل الأول


    المعاملات
    المصرفية



    أنواع
    الأعمال المصرفية:



    تصنف
    الأعمال المصرفية إلى ثلاث مجموعات:



    المجموعة
    الأولى: الخدمات المصرفية:



    وتشمل
    الخدمات الآتية:



    1.
    الودائع المصرفية.


    2.
    الحوالات.


    3.
    بطاقات الصرف الآلي.


    4.
    التحصيل والمقاصة.


    5.
    إصدار الشيكات المصدقة
    والسياحية.



    6.
    صرف العملات.


    7.
    صناديق الأمانات.


    8.
    الاتصال المصرفي.


    المجموعة
    الثانية: مجموعة الخدمات الائتمانية:



    وتشمل الخدمات
    الآتية:



    1.
    الإقراض المباشر.


    2.
    بيع التقسيط.


    3.
    التورق المصرفي.


    4.
    التأجير المنتهي
    بالتمليك.



    5.
    بطاقات الائتمان.


    6.
    الاعتمادات المستندية.


    7.
    خطابات الضمان.


    8.
    خصم الأوراق التجارية.


    المجموعة
    الثالثة: مجموعة الخدمات الاستثمارية:



    وتشمل
    الخدمات الآتية:



    1.
    صناديق الاستثمار
    بالبضائع.



    2.
    صناديق الاستثمار
    بالأسهم.



    3.
    صناديق الاستثمار
    بالسندات.



    4.
    صناديق الاستمار
    المتوازنة.



    5.
    صناديق المتاجرة
    بالعملات.



    وهذا
    التقسيم لا يعني أن هناك فصلاً واضحاً في واقع التنفيذ بين هذه المجموعات الثلاث ،
    ففي معظم الأحيان لا تخلو هذه الأعمال من شيء من التداخل .



    ويحتكر
    البنك تقديم المجموعتين الأولى والثانية من الخدمات، ذلك أن نظام البنك قائم على
    الدور الوساطي بين المودعين وجهات توظيف الأموال، فهو يقوم بتجميع الأموال من
    المودعين عن طريق مجموعة الخدمات المصرفية، ثم يضخ هذه الأموال في السوق إلى جهات
    التوظيف عن طريق مجموعة الخدمات
    الائتمانية، أما مجموعة الخدمات الاستثمارية فإنها ليست من صميم عمل البنك، ولا
    تدخل الأموال المجمعة فيها في المركز المالي للبنك، ولا يحتكر تقديم هذه الخدمات
    بل يشاركه فيها غيره من بيوت السمسرة والمحافظ الاستثمارية، بل إن بعض الدول –
    كالولايات المتحدة- تمنع البنك من تقديم الخدمات الاستثمارية لئلا يستغل تكدس
    الأموال عنده في التأثير على الأدوات الاستثمارية في السوق المالية كالأسهم
    والعملات ونحوها.



    الفرع
    الأول : مجموعة الخدمات المصرفية:



    تطلق الخدمات المصرفية
    في الأوسـاط الماليـة باعتبارين:



    الأول:أن كل تلك
    الأعمال التي تقوم بها المصارف تعتبر خدمات مصرفية ،وسبب ذلك أن الوظيفـة الأساس الأولى
    التي قامت بها المصارف هي ((أعمال الصيرفة )) أو ما يسمى في العصر الحديث ((بالخدمات
    المصرفية )) ، وهي الأعمال التي كان يقوم بها الصيارفة في بداية نشأة المصارف ، فشملت
    هذه التسمية كل الأعمال التي تزاولها المصارف التجارية وإن لم تكن خدمات مصرفية
    أي صيرفه - حقيقية.


    والإطلاق الثاني : يقصر مفهوم
    الخدمات المصرفية على تلك الخدمات المتعلقة بـالنقود وأعمال الصيرفة الاعتيادية ،
    من حوالات ، وبيع وشراء للعملات ، وتحصيل شيكات ونحو ذلك مما لا يدخل ضمن أنشطة
    المصرف الإقراضية أو الاستثمارية.



    ولضبط
    المصطلح، ودفعاً للبس الذي قد ينشأ بين مصطلحي " الأعمال " و "
    الخدمات " المصرفية، فسيحدد مفهوم الأعمال المصرفية هنا بما يشمل جميع
    الخدمات التي تقدمها المصارف سواء أكانت مصرفية أو ائتمانية أو استثمارية ، بينما
    يقصد ب " الخدمات المصرفية " ذلك الجزء من أعمال المصارف المتعلق بأعمال
    الصيرفة والذي هو قسيم للخدمات الائتمانية والاستثمارية .



    وبناء على
    ما سبق فالمراد بالخدمات المصرفية هنا المفهوم الثاني السابق ، وتشمل جميع أعمال الصيرفة التي يقوم بهـا المصـرف
    والتي يهدف منـها إلى خدمة عملائه بتسهيل وصولهم إلى حساباتهم الجارية، والتعامل
    معها سحباً وإيداعاً وتحويلاً وصرفاً وغير ذلك ، حتى ولو كانت تلك الخدمات مجانية،
    لأنه حقيقة غير متبرع فهـو يهدف إلى زيادة عملياته بصفة عامة ، فضلاً عن أنه ليس
    من طبيعته القيام بأعمال التـبرع أو التفضل.



    ويشترك في تقديم
    هذه الخدمات كل من المصارف الإسلامية، والمصارف التقليدية، على اختلاف بينهم في
    بعض الإجراءات.



    وأهم
    هذه الخدمات ما يأتي:



    أولاً-
    الحسابات المصرفية:



    وتشمل فتح
    الحسابات، وإصدار الشيكات العادية[1] والمصدقة[2] والمصرفية[3]، وتزويد العميـل بكشـوف
    الحسابات الدورية.






    وتنقسم
    الودائع(الحسابات) المصرفية إلى ثلاثة أقسام:



    1-الودائع الجارية( تحت الطلب):


    وهي
    المبالغ التي يودعها أصحابها في البنوك بقصد أن تكون حاضرة التداول والسحب عليها
    لحظة الحاجة بحيث ترد بمجرد الطلب .



    وقد
    اختلف الباحثون المعاصرون في التكييف الشرعي للحسابات الجارية على قولين:



    القول
    الأول
    :أنها ودائع حقيقية اعتباراً، بقصد المودع فإنه ماوضع
    أمواله في البنك إلا بقصد حفظها.وهذا رأي الدكتور حسن الأمين في بحثه"الودائع
    المصرفية".



    والقول
    الثاني
    :أنها قروض من المودعين للبنك، فالمودع مقرض، والبنك مقترض،
    وهذا ما عليه عامة الباحثين، والمجامع الفقهية.وتسميتها بالودائع لايغير من
    حقيقتها الشرعية شيئاً ،لأن العبرة في العقود بالمعاني لا بالألفاظ، وهذه الأموال
    تنطبق عليها خصائص القرض لا الوديعة.



    والفرق
    بين الوديعة والقرض في الشريعة من ثلاثة أوجه:



    الأول:أن
    القرض مضمون على الآخذ( المقترض) على كل حال، فيد المقترض يد ضمان، بخلاف الوديعة
    فإنها غير مضمونة على الآخذ ( المودع) إلا في حال التعدي أو التفريط، فيد المودع
    يد أمانة.



    والثاني:أن
    المقترض مأذون له باستعمال مبلغ القرض،بخلاف الوديعة فإن المودع غير مأذون له
    باستعمالها.



    والثالث:
    أن محل القرض في الأشياء التي تستهلك بالاستعمال، ولهذا كان الواجب فيه رد البدل
    لا عين المال المقترض، بخلاف الوديعة فإن الواجب فيها أن ترد الوديعة بعينها.



    والودائع
    الجارية مضمونة على البنك على كل حال، وهو يشترط على المودع أن يستعملها –أي
    البنك- ويرد للعميل بدلها عند الطلب، وهذه حقيقة القرض، ولو سميت وديعة. وإنما
    سميت ودائع لأن أول ظهورها كان مرتبطاً بالإيداع عند الصاغة.



    وهذا
    القول هو الصحيح.



    ويترتب
    على ذلك ما يأتي:



    1-أن
    يد البنك يد ضمان ، فهو يضمن مبالغ الحسابات الجارية على كل حال، سواء حصل منه
    تعدٍ أو تفريط، أو لم يحصل منه ذلك.



    2-الهدايا
    التي يقدمها البنك لأصحاب الحسابات الجارية على نوعين:



    النوع الأول: ما كان
    من قبل الدعاية والتسويق للبنك، مما لا يختص بأصحاب الحسابات وحدهم، ولا يراعى
    فيها رصيد صاحب الحساب، وإنما تقدم لعموم الناس، كالتقاويم والأقلام، ونحو ذلك،
    فهذه جائزة.



    والنوع الثاني:الهدايا
    الخاصة بأصحاب الحسابات، التي يراعى فيها عادة رصيد صاحب الحساب، فهذه لا تجوز،
    وإن لم تكن مشروطة ابتداءً عند فتح الحساب؛ لأن لها حكم هدية المقترض للمقرض قبل
    الوفاء، إذ إن صاحب الحساب ما زال مقرضاً للبنك، ولم يغلق حسابه، وهدية المقترض
    للمقرض قبل الوفاء لا تجوز عند جمهور أهل العلم؛ لما فيها من المحاباة، ولأنها
    منفعة للمقرض مقابل قرضه، وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه أنه
    قال لأبي بردة بن أبي موسى الأشعري: إنك في أرض الربا بها فاش ، إذا كان لك على
    رجل حق فأهدى إليك حمل تبن أو حمل شعير أو حمل قت فإنه ربا . قال ابن القيم:
    وكل ذلك سدا لذريعة أخذ الزيادة في القرض الذي موجبه رد المثل.



    3-الخدمات التي يقدمها
    البنك لأصحاب الحسابات الجارية التي تسهل عليهم استيفاء أموالهم جائزة، كصرف دفاتر
    الشيكات مجاناً، وبطاقات الصرف الآلي، والانترنت، وترتيب إجراءات خاصة لعملاء
    التميز ونحو ذلك.









    2-ودائع التوفير(الادخارية):


    وهي
    مبالغ مودعة في المصرف لحساب فئة من المودعين ترغب في أن تقوم بعملية توفير أو
    ادخار بحيث تتخلى مؤقتاً عن استخدام المبالغ المدخرة، مقابل الحصول على فائدة أو
    ربح، وعادة ما تكون هذه الفائدة يسيرة جداً، لأن هذه المبالغ لاتخصص كلها في
    الاستثمار بل يحتفظ بجزء كبير منها لمواجهة احتمالات السحب المفاجئة من قبل
    العملاء، لأن العميل يستطيع أن يسحبها متى شاء.



    3-الودائع الآجلة(ودائع الاستثمار):


    وهي
    الودائع المرتبطة بأجل ولا يجوز لأصحابها السحب منها إلا بعد انقضاء المدة
    المحددة، أو يكون السحب منها مشروطاًبإخطار سابق من العميل قبل فترة متفق عليها،
    وتسمى في هذه الحالة الودائع بإخطار.



    التكييف الفقهي لهذين النوعين (التوفير والآجلة):


    يختلف
    التكييف الفقهي لهذين النوعين بحسب طبيعة العقد بين البنك والعميل، وبيان ذلك:



    ·
    أن البنك إذا كان يضمن رأس مال الوديعة
    وربح معلوم، أو يضمن رأس مال الوديعة فقط، أو يضمن جزءً من رأس المال، فالعقد قرض
    واشتراط الفائدة فيه للعميل محرم، لأنه قرض جر نفعاً، وهذا هو الواقع في المصارف
    التقليدية(الربوية).



    ·
    أما إن كان البنك لايضمن رأس المال
    ولاجزءً منه فالعقد مضاربة والربح جائز وهذا هو الواقع في المصارف الإسلامية.



    وبهذا
    يتضح الفرق بين القرض والمضاربة، ففي المضاربة لا يضمن الآخذ ( العامل) المال لرب
    المال، بل يد العامل فيها يد أمانة، بخلاف القرض فإن يد الآخذ فيه (المقترض) يد
    ضمان، فهو يضمن المال للمقرض،فإذا شرط فيه للمقرض فائدة أو منفعة فهو ربا لأنه قرض
    جر نفعاً.



    وتصدر
    المصارف شهادات تسمى شهادات الاستثمار ويختلف حكمها بحسب نوع الوديعة التي تصدر
    منها فإذا كانت الشهادة مضمونة فهي محرمة، وإن سميت شهادة استثمار لأنها في
    الحقيقة قروض وليست استثماراً. أما إذا كانت قائمة على مبدأ التساوي في الربح
    والخسارة فهي جائزة.



    ثانياً-الحوالات :


    وتشمل إجراء التحويلات النقدية الداخلية
    والخارجية، أو ما يعرف باسم (( الكامبيو )).



    وتعرف الحوالة
    المصرفية:

    بأنها الأمر الصادر من مصرف بناء على طلب العميل إلى مصرف آخر –وقد يكون فرع
    المصرف نفسه- ليدفع ذلك المصرف المحول إليه مبلغاً معيناً من النقود إلى شخص مسمى.



    وقد يرافق عملية
    التحويل المصرفي نوع آخر من التعامل وهو الصرف (الكامبيو) لاسيما إذا كانت خارج
    حدود البلد الذي يعمل فيه المصرف.



    وتختلف الحوالات
    المصرفية من حيث كون المصرف المحال عليه مديناً للمصرف المحيل أو غير مدين، ومن
    حيث كونه فرعاً للمصرف المحيل أو مستقلاً بذاته.










    [1]
    وهي
    التي يحررها صاحب الحساب لصالح المستفيد ولا تكون مصدقة من قبل البنك المسحوب عليه.







    [2]
    وهي
    التي يحررها صاحب الحساب لصالح المستفيد وتكون مصدقة من قبل البنك المسحوب عليه،
    بحيث يحجز البنك المبلغ المدون فيها.







    [3]
    وهي التي تصدر من البنك نفسه، ويكون المبلغ المدون فيها محجوزاً
    لدى البنك.
    Admin
    Admin
    Admin


    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 2987
    تاريخ الميلاد : 18/06/1970
    تاريخ التسجيل : 27/09/2009
    العمر : 54

    المعاملات المالية Empty تابع

    مُساهمة من طرف Admin الجمعة مايو 28, 2010 3:40 pm

    أنواع الحوالات المصرفية:


    يتم نقل النقود عبر المصارف بإحدى الطريقتين الآتيتين:


    1.
    الحوالات المبرقة (السويفت)،
    حيث يوكل العميل البنك في تحويل مبلغ معين إلى حسابٍ آخر للعميل أو لشخصٍ آخر لدى
    البنك المحال عليه، ويجري البنك عملية التحويل هذه برقياً أو هاتفياً أو
    إلكترونياً.



    مثالها: يتقدم شخص
    إلى بنك في الرياض بمبلغ ألف دولار طالباً تحويله إلى بنك في القاهرة.



    2.
    الشيكات المصرفية، وهي
    أوامر بالدفع صادر من المصرف المحيل إلى المصرف المحال عليه بناء على طلب العميل
    يتسلمه بنفسه ليرسله إلى المستفيد من الشيك ليتولى صرفه.



    مثالها:يتقدم شخص
    إلى بنك في الرياض بمبلغ ألف دولار طالباً تسليمه شيكاً مصرفياً بهذا المبلغ
    ليتمكن من سحبه من أحد البنوك خارج المملكة.



    وكلا هذين النوعين قد
    تكون الحوالة فيهما داخلية أو خارجية.



    عوائد المصرف من عملية التحويل:


    للحوالات المصرفية
    ثلاثة أنواع من العوائد:



    1-عمولة يستحقها
    المصرف على هذه العملية.



    2-مصاريف الاتصالات
    والمراسلات.



    3-أجور تحويل المبلغ المرسل.


    التكييف الفقهي للحوالات المصرفية:


    أولاً-الحوالات
    المبرقة:



    اختلف العلماء
    المعاصرون في تكييفها على عدة أقوال، وأبرزها ثلاثة:



    1.
    تخريجها على عقد
    الحوالة
    : فالبنك الذي أجرى الحوالة محيل، والعميل طالب التحويل
    محال، والبنك في البلد الآخر محال عليه، فإذا كان للمصرف المحيل حساب لدى المصرف
    المحال عليه يغطي قيمة الحوالة، فهي حوالة على مدين لأن المصرف المحال عليه مدين
    للمصرف المحيل، وإن لم يكن للمصرف المحيل حساب لدى المصرف المحال عليه فهي حوالة
    على غير مدين وهي صحيحة أيضاً بناء على رأي الأحناف في صحة الحوالة على غير مدين.



    واعترض على
    هذا التخريج
    بأنه لا يلزم أن يكون المصرف المحيل مدينا للعميل طالب
    التحويل فقد يطلب العميل تحويل مبلغ موجود له في رصيده لدى البنك، وقد لا يكون له
    رصيد لدى البنك أصلاً فليس ثمة دين له على البنك.



    وأجيب عن
    هذا الاعتراض
    بأن العميل إذا كان له حساب لدى المصرف فالدين موجود، وإن
    لم يكن له حساب فالنقد الذي يقدمه إلى المصرف لتحويله هو الدين، لأن البنك ينتفع
    به، فهو دين في ذمته.وهذا الجواب فيه تكلف ظاهر.



    ويترتب على
    هذا التخريج
    أنه لا يجوز للبنك أخذ عمولة مقابل الحوالة نفسها لأن
    الحوالة عقد إرفاق، ومن شروط صحتها اتفاق الدينين المحال به والمحال عليه في القدر
    والجنس والصفة.



    2.
    تخريجها على عقد القرض : ووجه
    هذا التخريج أن الشخص الذي جاء بالنقد يعتبر مقرضا والبنك مقترضا، والوفاء سيكون
    ببلد آخر. وهذا نظير (السفتجة) المعروفة لدى الفقهاء المتقدمين، وقد عدها جمهورهم
    قرضاً.



    واعترض على
    هذا التخريج بأن العميل لم يقصد من هذه المعاملة القرض، وإنما نيته منصبة على نقل
    النقود، والعميل عادة يكون له حساب سابق لدى البنك.



    3.
    تخريجها على عقد
    الوكالة بأجر(الإجارة):
    فالشخص الذي يتقدم للمصرف يوكله في نقل النقود
    إلى المكان الذي يريده، والمصرف القابض يوكل المصرف الدافع إذا لم يكن فرعا له،
    وعلى هذا فيكون المصرف وكيلاً بأجر .



    والأظهر -والله أعلم-
    أن التخريجات السابقة صحيحة ولا تعارض بينها، فإن كان للعميل رصيد لدى البنك،
    فالعقد فيه حوالة واقتراض ووكالة بأجر، والبنك محيل ومقترض ووكيل بأجر، وإن لم يكن
    للعميل رصيد لدى البنك فالعقد مشتمل على القرض والوكالة بأجر.



    والعمولة التي يدفعها
    العميل للبنك جائزة، فهي عوض عن توكله –أي البنك- عن العميل في نقل نقوده إلى
    البلد الآخر، فنقل النقود هو المقصود بالعملية من بدايتها، وليست هذه العمولة
    مقابل الحوالة ولا القرض. أما كونها ليست مقابل الحوالة فلأن العميل لا يقصد
    التحول إلى البنك المحال عليه، يدل على ذلك أن الحوالة الشرعية فيها إرفاق بالمحيل
    ولهذا يكون طلب التحويل منه فهو الذي يطلب من الدائن التحول إلى المحال عليه،
    بينما في الحوالات المصرفية يكون طلب التحويل من الدائن (المحال) . وأما كونها
    ليست مقابل القرض فلأن البنك هنا هو المقترض وليس المقرض، والعمولة المحرمة شرعاً
    هي التي يأخذها المقرض.



    وعليه، فإن العمولة التي يأخذها البنك مقابل
    التحويل جائزة سواء أكانت بنسبة من المبلغ المحول أم بأجرة ثابتة.



    ثانياً-الشيكات
    المصرفية:



    تكيف العلاقة بين
    البنك والعميل في الشيكات المصرفية على أنها عقد صرف، فيشترط فيها شروط الصرف.



    فإن كان المبلغ الذي
    يقدمه العميل بنفس عملة الشيك المصرفي فيشترط شرطان:



    الأول: التقابض،
    بأن يسلم العميل المبلغ للبنك تسليماً فعلياً أو يخصم من حسابه فوراً، وفي المقابل
    يتسلم العميل الشيك من البنك في الحال، ويعد قبض العميل للشيك في قوة قبض محتواه.



    والثاني:التساوي،
    وفي العادة تأخذ البنوك رسوماً مقابل إصدار الشيك المصرفي، فيشترط في هذه الحال أن
    يكون مبلغاً مقطوعاً وبقدر التكلفة الفعلية فقط.



    وإن كان المبلغ الذي
    يقدمه العميل بعملة غير عملة الشيك المصرفي فيشترط شرط واحد وهو التقابض في الحال.



    اجتماع
    الصرف والحوالة في الحوالات المصرفية:



    من المعتاد في
    الحوالات المصرفية أن تقترن الحوالة بالصرف، وذلك فيما إذا كان التحويل بعملة أخرى
    غير العملة التي جاء بها العميل، فلو فرضنا أن زيداً من الناس تقدم إلى المصرف
    بمبلغ ألف ريال يريد تحويلها بالجنيهات إلى مصر، فالمتبع عادة في البنوك كالآتي:



    1- إن كان العميل يرغب
    بحوالة برقية، فإن البنك يجري عملية المصارفة أولاً، بتحويل المبلغ إلى جنيهات،
    ولنفرض أن الألف ريال تعادل ثمانمائة جنيه مصري، ثم يحول الجنيهات إلى مصر بحوالة
    برقية.وهنا يلحظ أن البنك ليس عنده جنيهات أصلا، فهو قد تسلم من العميل ريالات،
    بينما العميل لم يتسلم الجنيهات تسلماً فعلياً، وإنما تم قيدها في البنك لصالحه،ثم
    حولت إلى مصر.فهل يعد تقييدها في البنك لصالحه-مع أن البنك لا يملكها- بمنزلة قبض
    العميل لها.



    2-وإن كان العميل يرغب
    بشيك مصرفي، فإن البنك يحرر له شيكاً بمبلغ ثمانمائة جنيه، وسلمه إياه. وهنا يلحظ
    أيضاً أن البنك لا يملك أو يسلم العميل شيكاً مصرفياً بمبلغ ثمانمائة جنيه، ويلحظ
    هنا أن البنك لا يملك الجنيهات التي دونها للعميل في الشيك، وإنما تسلم من العميل
    ريالات، بينما العميل لم يتسلم الجنيهات تسلماً فعلياً، وإنما تسلم الشيك المدون
    به جنيهات ليصرفه في مصر. فهل يعد قبضه للشيك بمنزلة قبض ما دون فيه من الجنيهات؟



    ذهب أكثر العلماء المعاصرين إلى أن القبض
    المعتبر شرعاً متحقق في الحالين، ففي قرار مجمع الفقه الإِسلامي في دورته السادسة
    بجدة :" إن من صور القبض الحكمي المعتبرة شرعًا وعرفًا:



    1-
    القيد المصرفي لمبلغ من المال في حساب
    العميل في الحالات التالية... (ج ) إذا
    اقتطع المصرف – بأمر العميل – مبلغًا من حساب له إلى الحساب آخر بعملة أخرى ، في
    المصرف نفسه أو غيره ، لصالح العميل أو لمستفيد آخر ،
    وعلى المصارف
    مراعاة قواعد عقد الصرف في الشريعة الإِسلامية .



    ويغتفر تأخير القيد المصرفي بالصورة التي يتمكن
    المستفيد بها من التسلم الفعلي ، للمدد المتعارف عليها في أسواق التعامل .. . 2-
    تسلم الشيك إذا كان له رصيد قابل للسحب بالعملة المكتوب بها عند استيفائه وحجزه
    المصرف
    .اهـ



    ثالثاً-بطاقات الصرف الآلي : وتشمل جميع ما يتعلق بخدمات الصرف الآلي ،
    وبطاقات الخصم الفوري ، لتسهيل التعامل مع الحسـاب آلياً. وسيأتي الحديث عن هذه
    البطاقات عند الحديث عن بطاقات الائتمان.



    رابعاً-التحصيل والمقاصة : ويشمل تحصيل الأوراق التجارية كالشيكات
    والكمبيالات للعملاء، وسداد ديونهم نيابـة عنهم ، وإجراء المقاصة بين المصرف
    وعملائه أو بينه وبين المؤسسات الأخرى ( غرفة المقاصة ).



    ويكيف العقد في جميع هذه الخدمات على أنه وكالة
    بأجر، فالبنك وكيل عن العميل في التحصيل بأجرة معلومة.



    خامساً-إصدار الشيكات المصدقة : ومن خلاله
    يتم التصديق على شيكات العملاء بما يفيد أنها مقبولة الدفع.



    سادساً-صرف العملات : ويشمل عمليات بيع وشراء العملات الأجنبية
    وغيرها. ويشترط في هذه الخدمة شروط الصرف المعروفة.



    سابعاً-صناديق الأمانات : ويراد بها تأجير الخزائن الحديدية للعملاء.
    والعقد فيها يكيف على أنه عقد إجارة.



    ثامناً-الاتصال المصرفي : ويشمل
    الطرق الحديثة للاتصال بالحساب، كالانترنت والهاتف المصرفيين.والرسوم التي
    يتقاضاها البنك مقابل هذه الأعمال جائزة، لأنها مقابل خدمات معلومة، فالعقد فيها
    يكيف على أنه عقد جعالة.



    الفرع
    الثاني : مجموعة الخدمات الائتمانية (التسهيلات المصرفية وأعمال القروض) :



    المقصود
    بالائتمان في العرف المصرفي
    : مبادلة قيمة حاضرة بقيمة آجلة. وسمي بذلك لأن
    الطرفين يأتمن كل منهما الآخر، أي يثق به. فمن الأعمال الائتمانية التي تقوم بها
    المصارف بشكل معتاد : تقديم القروض والتسهيلات المصرفية.



    والمقصود
    بالقروض

    : استلاف النقود سواء أكان ذلك بالدفع
    الفعلي أم بالتمكين منـه عند اللزوم، أما التسهيل المصرفي فهو مصطلح أعم من مصطلح
    القروض في التعبير المصرفي ، لأن التسهيلات المصرفية ، تشمل ما كان من قبيل الكفـالات
    والضمانات التي قد تنتهي إلى قرض بالفعل وقد لا تنتهي إلى شيء من ذلك.



    ويتأثر
    اعتماد البنك على هذا النوع من الخدمات بسعر الفائدة في السوق، فكلما ارتفع سعر
    الفائدة كلما اتجهت البنوك نحو الخدمات الائتمانية، وإذا نقص سعر الفائدة توجهت
    البنوك نحو الخدمات الاستثمارية، ومن المؤشرات المتداولة لسعر الفائدة:"
    السيبور" وهو مؤشر سعر الفائدة المحلي، و"الليبور" وهو مؤشر سعر
    الفائدة على الدولار.



    ويطلق على
    هذه الخدمات أيضاً: " عقود التمويل المصرفي".



    وينقسم التمويل
    المصرفي إلى قسمين: تمويل الأفراد، وتمويل الشركات.



    وتشمل هذه
    المجموعة عدداً من الأعمال المصرفية، من أهمها:



    أولاً-الإقراض
    المباشر
    : وهذا هو التمويل
    المعتاد في البنوك التقليدية( الربوية) ، حيث يكون القرض بفائدة للأفراد والشركات
    والهيئات الحكومية ، وهي إما قروض قصيرة الأجل تستحق في سنة أو أقل ، أو متوسطة
    الأجل
    تستحق خلال فترة تتراوح بين سنة إلى خمس سنوات ، أو طويلة تستحق
    في مدة تزيد على خمس سنوات.



    حكمه
    الشرعي:



    القرض
    بفائدة محرم بإجماع العلماء، لافرق بين القروض الاستثمارية التي تقدم للشركات،
    والقروض الاستهلاكية التي تقدم للأفراد.



    وقد
    نازع بعضهم في دعوى الإجماع هذه بأن العلماء غير متفقين على جريان الربا في
    الأوراق النقدية المعاصرة، وعلى هذا فليس في المسألة إجماع.



    وهذه
    المنازعة غير صحيحة، بل الإجماع منعقد على أن إقراض النقود الورقية بفائدة من
    الربا، حتى ولو قيل: إن الأوراق النقدية المعاصرة ليست من الأموال الربوية، ذلك أن
    القرض بفائدة من ربا الديون، وربا الديون يجري في جميع الأموال بلا استثناء.



    ومما يدل على أن ربا الديون يجري في جميع
    الأموال أمران:



    الأول: أن الربا
    الذي نزل القرآن بتحريمه هو ربا الديون، وكان في الإبل، فعن زيد بن أسلم قال: إنما
    كان ربا الجاهلية في التضعيف وفي السن، يكون للرجل فضل دين فيأتيه إذا حل الأجل
    فيقول: تقضيني أو تزيدني؟ فإن كان عنده شيء قضاه وإلا حوله إلى السن التي فوق
    ذلك.رواه ابن أبي شيبة.



    ومن المعلوم أن الإبل ليست من الأموال الربوية.
    يدل على ذلك حديث عبد الله بن عمرو في شرائه البعير بالبعيرن والثلاثة من إبل
    الصدقة. رواه أحمد وأبوداود بإسناد صحيح.



    والثاني:إجماع الأمة
    على أن أي قرض جر نفعاً فهو ربا سواء أكان المال المقرض من الأموال الربوية أم لم
    يكن، وممن حكى الإجماع: ابن حزم والنووي وابن تيمية والقرطبي.



    يقول القرطبي: أجمع
    المسلمون نقلاًعن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة في السلف ربا ولو
    كان قبضة من علف.



    ثانياً-بيع التقسيط: وهو من
    عقود التمويل في المصارف الإسلامية.



    تعريفه:عقد
    على مبيع حال، بثمن مؤجل، يسدد مفرقاً علىأجزاء معلومة، في أوقات معلومة.



    حكمه من حيث الأصل:


    الأصل
    فيه الجواز لقوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل
    مسمى فاكتبوه".



    فبيع
    التقسيط من عقود المداينات، فهو بيع آجل ، ويختلف عن سائر بيوع الأجل بأمرين:



    الأول:
    أن الثمن يسدد مقسطاً.



    والثاني:
    أن الثمن الآجل يزيد عادة على الثمن الحال، فالبائع يضع سعرين للسلعة أحدهما في
    حال بيعها نقداً، والآخر أكثر في حال بيعها بالأجل.



    وكلا
    هذين الأمرين جائز.



    ودليل
    الأمر الأول
    : ما جاء في الصحيحين في قصة بريرة رضي الله
    عنها أنها قالت لعائشة: " إني كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام
    أوقية..الحديث".



    وأدلة
    الأمر الثاني:



    1-ما
    جاء في مسند أحمد وسنن أبي داود عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم
    أمره أن يجهز جيشاً فنفدت الإبل فأمره أن يأخذ البعير بالبعيرين والثلاثة من إبل
    الصدقة". ووجه الدلالة أن الثمن الحال للبعير هو بعير واحد فلما أجل الثمن
    صارت قيمة البعير بعيرين وثلاثة.



    2-
    الإجماع.فقد حكى غير واحد الإجماع على جواز ذلك.



    وقد
    خالف في هذه المسألة من المتأخرين الشيخ الألباني رحمه الله فحرم الزيادة مقابل
    التأجيل، واستدل بحديث:" نهى عن بيعتين في بيعة" رواه الخمسة، والصحيح
    ما ذهب إليه عامة أهل العلم وأما النهي عن البيعتين في بيعة فهو محمول على ما إذا
    فارقه من دون أن يتفقا على أحد السعرين.قال الخطابي: " حكي عن طاوس أنه قال:
    لا بأس أن يقول له هذا الثوب نقداً بعشرة ، وإلى شهر بخمسة عشر فيذهب به إلى
    أحدهما ، وقال الحكم وحماد: لابأس به ما لم يتفرقا، وقال الأوزاعي: لا بأس به ولكن
    لا يفارقه حتى يباته بأحد الثمنيين".



    شروط بيع التقسيط:


    يشترط
    لصحة بيع التقسيط ثلاثة شروط:



    الشرط
    الأول
    : أن يكون البائع مالكاً للسلعة، لقوله عليه الصلاة والسلام
    لحكيم بن حزام: " لا تبع ما ليس عندك". رواه الخمسة.



    فأما
    إذا لم تكن السلعة مملوكة للبائع وطلب منه المشتري أن يشتريها نقداً بعشرة مثلاً،
    ووعده بأن يشتريها منه باثني عشر إلى أجل، فهذا هو بيع المرابحة للواعد بالشراء
    الذي تجريه البنوك الإسلامية، وقد اختلف أهل العلم في صحته فذهب جمهور العلماء
    المعاصرين إلى جوازه وبه صدرت قرارات عددٍ
    من المجامع الفقهية ، بشرط ألا يعقد البائع مع المشتري عقد شراء قبل أن يتملك
    البائع السلعة، لئلا يكون من بيع ما لايملك ، وبشرط ألا يكون الوعد السابق بينهما
    ملزماً للبائع ولا للمشتري، فلو اشترى
    البائع السلعة ثم عدل المشتري عنها فليس للبائع أن يلزم المشتري بوعده السابق، لأن
    ذلك يخل بشرط الرضى في العقود، ولا شك أن من شروط أي عقد التراضي بين الطرفين،
    فإذا كان أحدهما مرغماً على الدخول فيه فالعقد فاسد.



    وعلى
    هذا فلا يصح في بيع المرابحة للواعد بالشراء أن يأخذ البائع عربوناً أو يفرض على المشتري
    شرطاً جزائياً في حال عدم شرائه منه.



    الشرط
    الثاني:
    أن يكون البائع قابضاً للسلعة، لقوله عليه
    الصلاة والسلام لحكيم بن حزام : " ابن أخي ابتعت شيئاً فلا تبعه حتى
    تقبضه". رواه أحمد.



    وقبض السلع يختلف باختلافها:


    1-فقبض
    الأسهم بأن تدخل في محفظة البنك.



    2-
    وقبض ما يكال ويوزن كالحديد والأرز ونحو ذلك بكيله أو وزنه مع تعيينه.



    3-
    وقبض البضائع البحرية بتسلم بوليصة الشحن.



    4-وقبض
    المعادن الدولية بتسلم شهادة الحيازة ( التخزين) المعينة للمعدن.



    5-
    وقبض السيارات بواحد من الأمور الآتية:1/ نقلها من مستودعات البائع/2/ أو بتسلم
    البطاقة الجمركية الأصلية/3/ أو بتسجيل ورقة رسمية كالاستمارة أو ورقة المبايعة
    تفيد تملك البنك للسيارة بعينها.



    الشرط
    الثالث:
    ألا يزيد الدين بعد ثبوته في ذمة المشتري، فإذا وقع العقد
    المؤجل على ثمن معين، فلا يجوز أن يتفقا بعد ذلك على زيادته مقابل زيادة الأجل ،
    لأن هذا من ربا الديون.



    ثالثاً-التورق المصرفي:


    وهو على نوعين:


    النوع
    الأول:
    التورق البسيط (العادي)، وهو أن يشتري
    العميل السلعة من البنك بالأجل، ثم يبيعها بنفسه على طرف ثالث بقصد الحصول على
    قيمتها نقداً، فالمستورق هنا لم يقصد السلعة لذاتها وإنما يقصد بيعها في السوق
    نقداً ليحصل على الورِق. ولا يتصور التورق العادي إلا في السلع المحلية، كالسيارات
    والأسهم.



    وقد اختلف أهل العلم
    في حكم التورق على قولين:



    القول الأول: التحريم.وهذا رأي شيخ
    الإسلام ابن تيمية وابن القيم.



    استدل أصحاب
    هذا القول بما يلي:



    الدليل
    الأول:
    عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن
    بيع المضطر.أخرجه أحمد



    قالوا: والتورق
    لايقع إلا من شخص مضطر إلى النقد.



    نوقش
    من ثلاثة أوجه:



    الأول:أن
    الحديث ضعيف فإن فيه راوياً مجهولاً، وممن ضعفه:ابن حجر،وأحمد شاكر والألباني.



    الثاني:أن
    الذي يضطر لبيع ماله لايقال إن بيعه حرام لأن الرضا متحقق منه حينئذ.



    الثالث:
    أنه ليس كل النتعاملين بالتورق يكونون مضطرين بل قد يشتري الواحد بالتورق أموراً
    حاجية أو تحسينية.



    الدليل الثاني: أن
    مقصود المشتري النقد وليس له غرض في السلعة، لذلك فهو يتحمل في ذمته ثمناً
    مؤجلاًمقابل ثمن حال أنقص منه ولامعنى للربا إلاهذا
    .


    نوقش: بأن
    السلعة مملوكة للمشتري حقيقة، فكما أن له الحق شرعاً في ركوبها إن كانت تركب، أو
    أكلها إن كانت تؤكل، أو الانتفاع بها بغير ذلك، فله الحق أيضاً في بيعها ولا يترتب
    على ذلك محظور شرعي.



    القول الثاني:الجواز، وهذا هو رأي
    جمهور العلماء، والمعتمد في مذهب الحنابلة واختاره من المتأخرين الشيخ ابن باز
    رحمه الله.



    استدل أصحاب
    هذا القول بأن الأصل في البيوع الحل ولادليل على المنع من هذه المعاملة فهي داخلة
    في عموم قوله تعالىSadوأحل الله البيع).



    وهذا القول
    هو الصحيح.



    مسألة:


    يثير البعض إشكالاً
    حول التمويل الذي تجريه البنوك الإسلامية، ويصفه بأنه عقد صوري، لا يختلف في
    حقيقته وجوهره عن التمويل الربوي الذي تقدمه البنوك التقليدية، بالنظر إلى أن
    النتائج المتحققة من كل منهما تكاد تكون متقاربة.



    فالتمويل الذي تقدمه
    البنوك التقليدية محرم لأنه مبادلة نقد بنقد مع التأخير والتفاضل، ولا يختلف عنه
    التمويل المقدم من البنوك الإسلامية سوى أن التمويل في البنوك الإسلامية يكون
    بتوسيط سلعة غير مقصودة للمول وهو البنك ( كما في المرابحة للواعد بالشراء التي
    سبق بيانها ) ، وقد لا تكون السلعة مقصودة للمتمول أيضاً وهو العميل ( كما في
    التورق المشار إليه آنفاً ) والنتيجة في نهاية المطاف أن ذمة العميل أصبحت مشغولة
    بمال أكثر من المال الذي دفعه البنك، وقد تكون نسبة الزيادة هذه مقاربة لسعر
    الفائدة أو مبنية عليها.



    والسؤال: هل يكون
    العقد صورياً لمجرد أن السلعة الوسيطة غير مقصودة للبنك ولا للعميل ؟ لأن نتيجة
    هذا التمويل –في ظاهر الأمر-لا فرق بينها وبين التمويل الربوي؟



    البعض يظن ذلك.
    والصحيح أن توسيط سلعة غير مقصودة لأجل التمويل أمر جائز ، وينقل العقد من الحرمة
    إلى الحل، وكون العميل أو البنك لم يشتر السلعة لذاتها وإنما لأجل بيعها والارتفاق
    بثمنها أو الاسترباح منه، لا يجعل العقد صورياً، ولا المعاملة ربوية، فإن توسيط
    سلعة غير مقصودة لأجل التمويل أمر جائز ، وينقل العقد من الحرمة إلى الحل، سواء
    أكانت السلعة غير مقصودة للعميل وحده، أم غير مقصودة لهما معاً أي للبنك والعميل، بشرط
    ان تتوافر شروط صحة العقد. يدل على ذلك ما جاء في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله
    عنهما { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا على خيبر ، فجاءه بتمر جنيب ،
    فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكل تمر خيبر هكذا فقال : لا والله يا رسول
    الله ، إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين ، والصاعين بالثلاثة ، فقال رسول الله صلى
    الله عليه وسلم : لا تفعل ، بع الجمع بالدراهم ، ثم ابتع بالدراهم جنيبا } وقال في
    الميزان مثل ذلك . متفق عليه.



    ووجه الدلالة من
    الحديث
    :
    أن الدراهم التي توسطت في هذه المعاملة غير مقصودة لصاحب التمر، وإنما قصده
    استبدال ما عنده من التمر الرديء بتمر جيد، ومع ذلك أرشد النبي صلى الله عليه وسلم
    إلى هذا المخرج ، وهذا الحديث يعد أصلاً في المخارج المشروعة.



    أي أن توسيط سلعة غير
    مقصودة في التمويل لا يجعل العقد صورياً ولا حيلة على الربا.



    ويبقى أن ننظر في
    الفرق بين ما أبيح في هذا الحديث وما نهي عنه من الحيل الربوية كالعينة وغيرها.



    والذي يظهر من خلال
    استقراء نصوص الفقهاء في هذه المسألة أن التمويل المشروع يختلف عن التمويل الصوري
    الممنوع من عدة أمور:



    الأول: في الحيل
    المحرمة لا يكون تملك السلعة من قبل البنك أو العميل تملكاً حقيقياً، بل تملكه لها
    صوري، بخلاف التمويل المشروع فإن السلعة وإن لم تكن مقصودة للبنك أو للعميل إلا
    أنه يتملكها حقيقة بعقد صحيح، ولهذا يحتاط في شرائه للسلعة، وفي هذا يقول
    الإمام ابن القيم معلقاً على الحديث السابق
    : " ومما يوضح فساد حمل
    الحديث على صورة الحيلة وأن كلام الرسول ومنصبه العالي منزه عن ذلك أن المقصود
    الذي شرع الله تعالى له البيع وأحله لأجله هو أن يحصل ملك الثمن للبائع ويحصل ملك
    المبيع للمشتري ; فيكون كل منهما قد حصل له مقصوده بالبيع ، هذا ينتفع بالثمن وهذا
    بالسلعة ، وهذا إنما يكون إذا قصد المشتري نفس السلعة للانتفاع بها أو التجارة
    فيها وقصد البائع نفس الثمن ، ولهذا يحتاط كل واحد منهما فيما يصير إليه من العرض
    هذا في وزن الثمن ونقده ورواجه وهذا في سلامة السلعة من العيب وأنها تساوي الثمن
    الذي بذله فيها ، فإذا كان مقصود كل منهما ذلك فقد قصدا بالسبب ما شرعه الله له ،
    وأتى بالسبب حقيقة وحكما ، وسواء حصل مقصوده بعقد أو توقف على عقود مثل أن يكون
    بيده سلعة وهو يريد أن يبتاع سلعة أخرى لا تباع سلعته [ بها ] لمانع شرعي أو عرفي
    أو غيرهما فيبيع سلعته ليملك ثمنها وهذا بيع مقصود وعوضه مقصود ثم يبتاع بالثمن
    سلعة أخرى وهذه قصة بلال في تمر خيبر سواء ، فإنه إذا باع الجمع بالدراهم فقد أراد
    بالبيع ملك الثمن ، وهذا مقصود مشروع ، ثم إذا ابتاع بالدراهم جنيبا فقد عقد عقدا
    مقصودا مشروعا ; فلما كان بائعا قصد تملك الثمن حقيقة ، ولما كان مبتاعا قصد تملك
    السلعة حقيقة".اهـ



    والثاني: في
    التمويل الصوري الممنوع لا تدخل السلعة في ضمان البنك أو العميل، وإنما ينتقل
    الضمان مباشرة من البائع الأول إلى المشتري الأخير.



    والثالث: في التمويل الصوري الممنوع يكون هناك اتفاق أو
    تواطؤ لفظي أو عرفي على أن تعود السلعة إلى البائع الأول، سواء كان العقد ثنائياً-
    وهو العينة- أو ثلاثياً – وهو الحيلة الثلاثية- ، وهذا يعني أن تملك المشتري
    للسلعة صوري ولهذا لا يحتاط أي منهما في العقد ، فلا يتحرى المشتري في اختيار
    السلعة ولا البائع في الثمن .



    وتجدر الإشارة هنا إلى
    أن الشافعية الذين جوزوا العينة يوافقون الجمهور في أنه إذا كان العقد الثاني
    مشروطاً في العقد الأول فالعقد باطل بالإجماع، كما ذكره ابن السبكي ، خلافاً لما
    توهمه البعض من أن الشافعية يجوزون العينة مطلقاً ، وإنما الخلاف بينهم وبين
    الجمهور فيما إذا كان هناك عرف بعودتها إلى البائع من دون اتفاق.






    النوع الثاني- من أنواع التورق المصرفي-: التورق
    المنظم
    ، وفيه يشتري العميل السلعة من البنك،
    مع توكيله ببيعها، فليس للعميل إلا خيار واحد وهو أن يوكل البنك بالبيع.



    وهذا يكون في المعادن الدولية –وهو الأكثر- وفي السلع المحلية
    كالحديد وغيره.



    وهذا النوع لا يجوز، لما يلي:


    1- أن العقد فيه صوري، فالسلع المشتراة غير معينة ولا مفرزة،
    بل هي موصوفة، ولهذا فإن السمسار الدولي الذي باع المعدن على البنك يبيع المعدن
    نفسه على غير البنك، وأيضاً فإن العميل ليس أمامه إلا خيار واحد وهو توكيل البائع
    بالبيع، وتتأكد الصورية في السلع الدولية حيث تتم هذه الصفقات بمبالغ ضئيلة مقارنة
    بما يتطلبه سوق المعادن الدولية، حيث إن الحد الأدنى للمعادن المبيعة هو 25 طناً،
    بينما تجري البنوك عقود التمويل للأفراد بنصف طن ونحوه.



    2- ولأن التورق الدولي يؤول إلى العينة، فإن البنوك عادة ما
    تشتري المعدن من أحد السماسرة، ثم تبيعه على العميل، ثم تتوكل عن العميل في بيعه،
    فتبيعه للسمسار الأول، وهذه هي العينة الثلاثية.



    3- ولأن العميل يوكل البنك في بيع السلعة قبل أن يتملكه، وفي
    حديث حكيم بن حزام:" لا تيع ما ليس عندك".رواه الخمسة



    4- كما أن العميل لم يتحمل مخاطرة السلعة أو ضمانها، فهي لم
    تدخل في ضمانه، وفي حيث عبد الله بن عمرو: " نهى عن ربح ما لم
    يضمن".رواه الخمسة



    5- والعميل كذلك لم يقبض السلعة، فهو قد باع السلعة قبل
    قبضها، وفي حديث زيد بن ثابت:" نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها
    التجار إلى رحالهم". رواه أحمد وأبوداود.



    ولهذا جاء في قرار
    مجمع الفقه الإسلامي التابع للرابطة:"
    بعد الاستماع إلى الأبحاث المقدمة حول الموضوع، والمناقشات التي دارت حوله،
    تبين للمجلس أن التورق الذي تجريه بعض المصارف في الوقت الحاضر هو: قيام المصرف
    بعمل نمطي يتم فيه ترتيب بيع سلعة (ليست من الذهب أو الفضة) من أسواق السلع
    العالمية أو غيرها، على المستورق بثمن آجل، على أن يلتزم المصرف - إما بشرط في
    العقد أو بحكم العرف والعادة - بأن ينوب عنه في بيعها على مشتر آخر بثمن حاضر،
    وتسليم ثمنها للمستورق.



    وبعد النظر والدراسة، قرر مجلس المجمع ما يلي:


    أولاً: عدم جواز التورق الذي سبق توصيفه في التمهيد للأمور
    الآتية:



    1) أن التزام البائع في عقد التورق بالوكالة في بيع السلعة لمشتر آخر أو ترتيب
    من يشتريها يجعلها شبيهة بالعينة الممنوعة شرعاً، سواء أكان الالتزام مشروطاً
    صراحة أم بحكم العرف والعادة المتبعة.



    2) أن هذه المعاملة تؤدي في كثير من
    الحالات إلى الإخلال بشروط القبض الشرعي اللازم لصحة المعاملة.



    3) أن واقع هذه المعاملة يقوم على منح تمويل نقدي بزيادة لما سمي بالمستورق
    فيها من المصرف في معاملات البيع والشراء التي تجري منه والتي هي صورية في معظم
    أحوالها، هدف البنك من إجرائها أن تعود عليه بزيادة على ما قدم من تمويل. وهذه
    المعاملة غير التورق الحقيقي المعروف عند الفقهاء، وقد سبق للمجمع في دورته
    الخامسة عشرة أن قال بجوازه بمعاملات حقيقية وشروط محددة بينها قراره.. وذلك لما
    بينهما من فروق عديدة فصلت القول فيها البحوث المقدمة. فالتورق الحقيقي يقوم على
    شراء حقيقي لسلعة بثمن آجل تدخل في ملك المشتري ويقبضها قبضاً حقيقياً وتقع في
    ضمانه، ثم يقوم ببيعها هو بثمن حال لحاجته إليه، قد يتمكن من الحصول عليه وقد لا
    يتمكن، والفرق بين الثمنين الآجل والحال لا يدخل في ملك المصرف الذي طرأ على
    المعاملة لغرض تبرير الحصول على زيادة لما قدم من تمويل لهذا الشخص بمعاملات صورية
    في معظم أحوالها، وهذا لا يتوافر في المعاملة المبينة التي تجريها بعض المصارف.



    ثانياً: يوصي مجلس المجمع جميع المصارف بتجنب المعاملات المحرمة،
    امتثالاً لأمر الله تعالى. كما أن المجلس إذ يقدر جهود المصارف الإسلامية في إنقاذ
    الأمة الإسلامية من بلوى الربا، فإنه يوصي بأن تستخدم لذلك المعاملات الحقيقية
    المشروعة دون اللجوء إلى معاملات صورية تؤول إلى كونها تمويلاً محضاً بزيادة ترجع
    إلى الممول.)أ.هـ



    رابعاً-الإجارة المنتهية بالتمليك:


    تعريفها: هي عقد إيجار مقرون بوعد بالبيع يقوم بموجبه أحد المتعاقدين
    بإيجار شيء إلى آخر لمدة معينة يكون للمستأجر عند انقضائها خيار شرائها بسعر معين.



    صور الإجارة المنتهية بالتمليك:


    1.
    عقد إجارة مقرونة بهبة السلعة
    للمستأجر في نهاية المدة .



    2.
    عقد إجارة مقرون ببيع السلعة في
    نهاية المدة.



    3.
    عقد إجارة مقرون بوعد من المؤجر للمستأجر
    ببيع السلعة أو هبتها له في نهاية المدة .



    التخريجات الفقهية لهذا العقد


    اختلفت أنظار الباحثين
    المعاصرين في تخريج الإجارة المنتهية بالتمليك على النحو التالي :



    1.
    تخريجها على بيع التقسيط:


    فيرى أصحاب هذا القول
    ، أن حقيقة هذا العقد أنه بيع تقسيط لأن المتعاقدين قصدا أن يكون الإيجار عقداً
    يستر العقد الحقيقي ، وهو البيع بالتقسيط ،فهو بيع تقسيط مشروط بعدم انتقال
    الملكية للمشتري إلا بعد سداد جميع الأقساط . ويناقش هذا التخريج بأن اشتراط عدم
    انتقال الملكية في البيع فاسد لأنه ينافي المقصود من العقد.



    2.
    تخريجها على عقد الإجارة مع
    شرط الهبة أو البيع:



    فإذا كانت السلعة
    تنتقل تلقائياً في نهاية عقد الإجارة فهو إجارة مع شرط الهبة ، أما إن كانت تنتقل
    بعوض فهو إجارة مع شرط البيع .



    نوقش هذا التخريج من
    وجهين:



    ‌أ.
    بأنه يتضمن اشتراط عقد في عقد ، وقد نهى
    صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة .



    أجيب :بأن الصحيح
    هو جواز اشتراط عقد في عقد وأما النهي فهو محمول على ما إذا كان في اجتماع العقدين
    حيلة على المحرم.



    ‌ب.
    الوجه الثاني : أن فيه غرراً لأن
    المستأجر لو لم يتمكن من تسديد أي قسط فسوف يخسر جميع الأقساط السابقة ، وتعود
    ملكية السلعة للبائع .



    أجيب :بأن هذا
    العقد ليس بأسوأ حالاً من الإجارة المجردة ، فإن مقتضى عقد الإجارة أن المستأجر
    إذا لم يوف المؤجر أجرته فله حق الفسخ .



    3.
    أنها عقد إجارة مع وعد بالهبة
    أو بالبيع:



    ثم اختلف أصحاب هذا
    القول في الوعد هل هو ملزم أم لا؟، والصحيح أنه غير ملزم ، لأنه لو كان ملزماً فلا
    فرق بينه وبين العقد أو الشرط، فيكون من البيعتين في بيعة.



    نص قرار
    مجمع الفقه الإسلامي:



    "الإيجار المنتهي
    بالتمليك:



    أولا: ضابط
    الصور الجائزة والممنوعة ما يلي:



    أ-ضابط المنع: أن يرد
    عقدان مختلفان، في وقت واحد، على عين واحدة، في زمن واحد.



    ب-ضابط الجواز:


    1-وجود عقدين منفصلين يستقل كل منهما عن الآخر، زماناً بحيث
    يكون إبرام عقد البيع بعد
    عقد الإجارة ، أو وجود وعد
    بالتمليك في نهاية مدة الإجارة ، والخيار
    يوازي الوعد في الأحكام.



    2-أن تكون الإجارة فعلية وليست ساترة للبيع.


    3-أن يكون ضمان العين المؤجرة على المالك لا على المستأجر وبذلك
    يتحمل المؤجر ما يلحق العين من ضرر غير ناشئ من تعد المستأجر أو تفريطه، ولا يلزم
    المستأجر بشيء إذا فاتت المنفعة.



    4-إذا اشتمل العقد على تأمين
    العين المؤجرة فيجب أن يكون التأمين
    تعاونياً إسلامياً لا تجارياً ويتحمله المالك المؤجر وليس المستأجر.



    5-يجب أن تطبق على عقد
    الإجارة المنتهية بالتمليك أحكام
    الإجارة طوال مدة الإجارة وأحكام البيع عند تملك العين.



    6-تكون نفقات الصيانة غير التشغيلية على المؤجر لا على المستأجر
    طوال مدة الإجارة .






    ثانياً- من
    صور العقد الممنوعة:



    أ- عقد إجارة
    ينتهي بتملك العين المؤجرة مقابل ما دفعه المستأجر من أجرة خلال المدة
    المحددة، دون إبرام عقد جديد، بحيث تنقلب الإجارة في نهاية المدة بيعاً
    تلقائياً.



    ب-إجارة عين لشخص
    بأجرة معلومة، ولمدة معلومة، مع عقد
    بيع له معلق على سداد جميع الأجرة المتفق
    عليها خلال المدة المعلومة، أو مضاف إلى وقت في المستقبل.



    جـ -عقد إجارة حقيقي
    واقترن به بيع بخيار الشرط لصالح المؤجر، ويكون مؤجلاً إلى أجل طويل محدد
    (هو آخر مدة عقد الإيجار ).



    وهذا ما تضمنته
    الفتاوى والقرارات الصادرة من هيئات علمية، ومنها هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية .



    ثالثاً- من
    صور العقد الجائزة :



    أ-عقد إجارة يمكن
    المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة، مقابل أجرة معلومة في مدة معلومة، واقترن به
    عقد هبة العين للمستأجر، معلقاً على سداد كامل الأجرة وذلك بعقد مستقل، أو
    وعد بالهبة بعد سداد كامل الأجرة.



    ب-عقد إجارة مع إعطاء
    المالك الخيار للمستأجر بعد الانتهاء من وفاء جميع الأقساط الإيجارية المستحقة
    خلال المدة في شراء العين المأجورة بسعر السوق عند انتهاء
    مدة الإجارة .



    جـ-عقد إجارة يمكن
    المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة، مقابل أجرة معلومة في مدة معلومة، واقترن به
    وعد ببيع العين المؤجرة للمستأجر بعد سداد كامل الأجرة بثمن يتفق عليه الطرفان.



    د-عقد إجارة يمكن
    المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة، مقابل أجرة معلومة، في مدة معلومة، ويعطي
    المؤجر للمستأجر حق الخيار في تملك العين المؤجرة في أي وقت يشاء، على أن يتم
    البيع في وقته بعقد جديد بسعر السوق.اهـ



    خامساً-بطاقات الائتمان:


    البطاقات المصرفية على نوعين:


    النوع الأول:بطاقات الخصم الفوري(الدبت كارد):


    وفيها
    يتم الخصم فوراً من رصيد العميل المودع لدى البنك ،وتسمية هذه البطاقات بطاقات
    ائتمانية فيه تجوز لأن هذه البطاقات لاائتمان فيها أي لاقرض لأن الخصم يتم فوراً
    من رصيد العميل.



    فهذه
    البطاقات يجوز التعامل بها بيعاً وشراءً واقتناء ًوغير ذلك ، ولو أخذ البنك رسوما
    ًنسبية أو أجوراً مقطوعة،مقابل استعمالها أو إصدارها .



    والتكييف
    الفقهي لهذه البطاقات أن حامل البطاقة يعتبر مقرضاً للبنك ،لأن العميل له رصيد
    يغطي كل العمليات التي يستخدم فيها البطاقة،وهذا الرصيد –كما تقدم-يعتبر ديناً على
    البنك،وعلى هذا فالرسوم التي يأخذها البنك لامحظور فيها لأن المحرم شرعا أن يكون
    في القرض فائدة للمقرض وليس المقترض ،والبنك هنا مقترض وليس مقرضاً.



    مسألة:حكم استخدام هذه البطاقات في شراء الذهب والفضة وفي صرف العملات:


    يجوز
    استعمال هذه البطاقات فيما يجب فيه التقابض شرعاً لأن القيد المصرفي في حساب
    العميل في قوة القبض الحقيقي للنقود،لكن يجب
    أن يتم الخصم في نفس المجلس الذي يتم فيه شراء واستلام الذهب.



    النوع الثاني:البطاقة القرضية (الائتمانية):


    وهذه
    البطاقات لايلزم أن يكون للعميل فيها رصيد لدى البنك أو الشركة المصدرة للبطاقة،
    ولايتم خصم القيمة من العميل فور استخدامها، بل يعطى العميل فترة سماح للتسديد.
    ويكون لهذه البطاقات عادة سقف ائتماني –أي حد للاستعمال- لا يتجاوزه العميل.



    وهذه البطاقات على نوعين:


    1-بطاقات
    الخصم الشهري
    : وهي بطاقات يتم فيها تسديد المبلغ المستحق على العميل دفعة
    واحدة بعد مضي فترة السماح المتفق عليها ، وهي في العادة لا تتجاوز ستين يوماً، من
    دون زيادة في قيمة الفاتورة.



    2-بطاقات
    الدين المتجدد:
    وفيها يتم فيها تقسيط الدين المستحق على العميل على فترات
    وتزداد قيمة الدين بزيادة فترة التسديد.



    وتستخدم هذه البطاقات في أمرين:


    الأمر الأول: استخدامها في السحب النقدي:


    وفي
    هذه الحال تكون العلاقة ثنائية بين البنك المصدر وحامل البطاقة، قيسحب العميل
    مبلغاً نقدياً ثم يسدده بعد مدة، وتكيف هذه العملية على أنها عقد قرض، فالبنك مقرض
    وحامل البطاقة مقترض، وعلى هذا فلا يجوز أن يأخذ البنك فائدة مقابل هذا القرض،
    ولكن يجوز أن يأخذ أجراً بقدر التكلفة الفعلية لهذه العملية وبشرط أن تكون مبلغاً
    مقطوعاً لا يزيد بزيادة المبلغ المسحوب.



    وإذا
    كان السحب من جهاز لغير البنك المصدر، فالعلاقة تكون رباعية: البنك المصدر، وحامل
    البطاقة، والبنك مالك الجهاز، والمنظمة الراعية للبطاقة كالفيزا والماستر كارد،
    وفي هذه الحال يتقاضى البنك صاحب الجهاز والمنظمة رسوماً مقابل السحب، وهذه الرسوم
    جائزة شرعاً سواء أكانت بمبلغ مقطوع أم بنسبة من المبلغ المسحوب لأن هذه الرسوم
    مقابل الخدمات المقدمة وهي الوساطة المالية، وأخذ الأجر عليها جائز، ولا يعد البنك
    صاحب الجهاز ولا المنظمة الراعية مقرضاً للعميل.
    Admin
    Admin
    Admin


    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 2987
    تاريخ الميلاد : 18/06/1970
    تاريخ التسجيل : 27/09/2009
    العمر : 54

    المعاملات المالية Empty تابع

    مُساهمة من طرف Admin الجمعة مايو 28, 2010 3:42 pm

    والأمر الثاني: استخدامها في الشراء عبر نقاط البيع.


    وأطراف
    العلاقة في هذه البطاقات ثلاثة:



    1-
    البنك المصدر


    2-
    وحامل البطاقة


    3-
    والتاجر قابل البطاقة


    فإن
    كان البنك المصدر غير البنك الذي يتعامل معه التاجر، فالعلاقة تكون خماسية، بإضافة
    بنك التاجر، والمنظمة الراعية للبطاقة كمنظمة الفيزا والماستر كارد.



    والتخريج
    الفقهي لهذه البطاقات
    : أنها ضمان ابتداءً من البنك المصدر لحامل
    البطاقة، فالبنك المصدر ضامن، وحامل البطاقة مضمون عنه، والتاجر القابل للبطاقة
    مضمون له، ثم ينظر في حال مآل هذا الضمان:



    ·
    فإن لم يكن لحامل البطاقة رصيد لدى
    البنك المصدر يغطي قيمة المبالغ المستحقة عليه، فإن هذا الضمان يؤول إلى القرض،
    فالبنك يقرض العميل قيمة الفاتورة المستحقة عليه ثم يطالبه بها بعد مضي فترة
    السماح.



    ·
    وإن كان لحامل البطاقة رصيد لدى البنك
    المصدر يغطي قيمة المستحقات عليه، فالبنك المصدر ضامن للعميل ووكيل عنه في السداد
    للتاجر، فاجتمع الضمان والوكالة في الأداء ،ولا يعد البنك في هذه الحال مقرضاً
    للعميل، ولايشكل على هذا التخريج كون البنك لايقوم بخصم الفواتير من حساب العميل
    المودع لديه في نفس الوقت الذي يسدد فيه للتاجر لأن تأخير الخصم لترتيبات إدارية
    لكنه من الناحية الشرعية قد وقعت مقاصة بين الدينين من حين قيام البنك بالتسديد.قال
    في شرح المنتهى:
    " ومن
    استحق على غريمه مثل ماله عليه من دين
    جنسا قدرا وصفة حالين أو مؤجلين أجلا واحدا تساقطا إن استويا أو سقط من الأكثر
    بقدر الأقل إن تفاوتا قدرا بدون تراض".



    وأما
    بنك التاجر، والمنظمة الراعية للبطاقة، فيعد كل منهما وسيطاً مالياً، والرسوم التي
    يتقاضاها كل منهما جائزة شرعاً لأنها من باب الوكالة بأجر.



    حكم البطاقات ذات الدين المتجدد:


    هذه
    البطاقات محرمة بالإجماع لأنها من الربا الجاهلي فهي زيادة في دين ثابت في الذمة
    فصورتها كصورة:زدني أنظرك.



    ويلحق
    بهذا النوع البطاقات التي تصدرها بعض المصارف الإسلامية وحتال على عملية التقسيط
    هذه بإجراء عملية تورق للعميل.



    مثال
    ذلك
    : لنفرض أن حامل البطاقة استخدمها بما يعادل خمسة آلاف
    ريال، ففي البطاقات الائتمانية الربوية يمكن العميل من تسديده على أقساط شهرية
    بزيادة، فيقسطه مثلاً في ستة اشهر ليصبح ستة آلاف ريال، وفي البطاقات التي يزعم
    بأنها إسلامية إذا حل موعد السداد ولم يسدد العميل فإن البنك يتوكل عن العميل في
    إجراء عملية تورق بناء على تفويض سابق منه، فيشتري للعميل معادن بالأجل بقيمة ستة
    آلاف ريال من المعادن التي يفترض أن البنك يملكها،ثم يبيعها له في السوق بخمسة
    آلاف ريال نقداً، فيسدد بهذه الخمسة دين البطاقة ويبقى مديناً للبنك بستة آلاف
    ريال هي قيمة المعادن التي باعها عليه بالأجل، وقد أجازت هذه المعاملة الهيئات
    الشرعية في كل من البنك الأهلي، والبريطاني، وسامبا.



    ولا
    شك في حرمة هذه الحيلة، فإنها من قلب الدين ، وهي حيلة ظاهرة على الربا، والصورية
    فيها ظاهرة لا خفاء فيها.



    حكم بطاقات الخصم الشهري:


    اختلف
    العلماء المعاصرون في حكمها، على قولين:



    القول
    الأول:
    التحريم،لأن البنك سيأخذ فائدة مقابل استعمال البطاقة على
    أية حال ،ففي السحب النقدي يأخذ الفائدة من العميل مباشرة ، وفي استعمالها في نقاط
    البيع يأخذ فائدة من التاجر الذي تم الشراء منه لأن االبنك لايسدد قيمة الفاتورة
    كاملة للتاجر بل يأخذ عليه نسبة خصم ،فلو كانت الفاتورة بقيمة 100 ريال فإنه يعطي
    التاجر 98 ريال مثلاً-حسب المتفق عليه بينهما-ثم يطالب العميل بتسديد 100 ريال،
    فيكون له فائدة مشروطة في عقد القرض، لأنه أقرض العميل وأخذ فائدة من التاجر.



    استدل
    أصحاب هذا القول
    بأن القرض المشروط بفائدة محرم بالإجماع حتى
    ولو كانت الفائدة مشروطة على غير المقترض، وممن حكى الإجماع على ذلك ابن حزم
    والنووي.



    وممن
    اختار هذا القول:دبكر أبوزيد،والسالوس،والجنة الدائمة للإفتاء.



    القول
    الثاني:
    الجواز، لكن بشرط ألايستخدمها العميل في السحب النقدي إذا
    كان البنك يأخذ نسبة مقابل استعمالها لأن هذه النسبة من الربا المحرم ،أما إذا كان
    يأخذ أجراً مقطوعاً لايتأثر بقيمة المبلغ المسحوب فيجوز ،لأن هذا المبلغ مقابل
    خدمة البنك،وكذلك يجوز استعمالها عند هؤلاء في نقاط البيع حتى ولو كان البنك يأخذ
    نسبة من قيمة الفاتورة على التاجر.



    استدل
    أصحاب هذا القول بما يلي :



    أن
    نسبة الخصم التي يأخذها البنك على التاجر ليست مقابل القرض، وإنما هي أجرة سمسرة،
    تؤخذ على التاجر، ولهذا لاتتأثر هذه الأجرة بفترة السماح التي تعطى للعميل ، بل إن
    هذه النسبة تؤخذ على التاجر ولو كان
    للعميل-أي حامل البطاقة- رصيد لدى البنك، مما يدل على أن النسبة مقابل التسويق أو
    السمسرة ،وأجرة السمسار يجوز أن تكون
    مبلغاً مقدراً وأن تكون بنسبة مما يبيعه.



    ولعل
    هذا القول هو الأقرب، وعلى هذا فيجوز استخدام بطاقة الخصم الشهري بشرطين:



    1-ألا
    تشتمل على غرامة تأخير، فإن من المعتاد أن البنوك الربوية تشترط على حامل البطاقة
    أنه إذا تأخر عن السداد فإنه يدفع غرامة عن التأخير، وهذا الشرط لا يجوز.



    2-
    ألا يستخدمها في السحب النقدي إذا كان البنك المصدر يأخذ أجراً نسبياً عن كل عملية
    سحب، وكذا إذا كان يأخذ أجراً مقطوعاً يزيد عن قدر التكلفة الفعلية.



    مسألة: حكم استخدام البطاقة الائتمانية في شراء الذهب وما يجب فيه
    القبض شرعاً:



    اختلف
    المعاصرون في هذه المسألة على قولين:



    القول
    الأول
    : المنع، لأن البنك عادة لا يقوم بالتسديد للتاجر إلا بعد
    عدة أيام ، فلم يتحقق التقابض.وهذا ما ذهب إليه مجمع الفقه الإسلامي.



    والقول
    الثاني:
    الجواز، لأنه يتم التقييد لصالح التالجر فور إجراء
    العملية، وإنما الذي يـتأخر هو التسوية النهائية، والقيد في الحساب يعد قبضاً ولو لم
    تسلم النقود بالفعل، ولأن قبض التاجر فاتورة الشراء الموقعة من العميل في قوة قبض
    محتواها، فهي كالشيك المصدق بل هي أقوى منه، لأنها واجبة الدفع متى استوفت شروطها،
    وهذا ما ذهبت إليه الهيئة الشرعية لبنك الراجحي، وهيئة بنك البلاد، وهو الصحيح.



    سادساً-الاعتمادات
    المستندية
    :


    تعريفه:يعرف
    الاعتماد المستندي بأنه وثيقة يوجهها بنك إلى أحد مراسليه[1] في الخارج يلتزم فيه البنك
    المصدر للاعتماد بدفع مبلغ معين للمستفيدمن الاعتماد متى ما تحققت الشروط المنصوص
    عليها عند فتح الاعتماد.



    مثاله: لنفرض أن
    تاجراً في السعودية يريد أن يستورد بضاعة من مصر، ولكنه لا يرغب في دفع الثمن حتى
    يتأكد من وصول البضاعة ومطابقتها للمواصفات المتفق عليها، وفي المقابل لا يقبل
    التاجر المصري بشحن البضاعة حتى يتأكد من تسلم النقود. فالحل المتبع في التجارة
    الدولية هو الاعتماد المستندي ، فيفتح المستورد اعتماداً لدى أحد البنوك المعتمدة
    في بلده –السعودية-، يوجه فيه البنك خطاباً إلى البنك المراسل في مصر (وهو البنك
    الذي يتعامل معه عادة في مصر)، ويتضمن هذا الخطاب التزاماً من البنك السعودي بدفع
    ثمن البضاعة للبائع متى ما شحنت طبقاً للمواصفات المتفق عليها.



    وقد يكون الاعتماد
    المستندي بالاطلاع أو بالقبول، فالاعتماد بالاطلاع يلتزم فيه البنك فاتح الاعتماد
    بدفع قيمة البضاعة بمجرد تسلم مستندات البضاعة، وأما الاعتماد بالقبول فلا يلتزم
    فيه البنك بالدفع إلا بعد أن تصل المستندات إلى المستورد وقبولها.



    رسوم فتح
    الاعتماد:



    تتقاضى البنوك عادة
    نوعين من الرسوم مقابل فتح الاعتماد:



    1-تكاليف فتح
    الاعتماد، وتشمل دراسة العميا ائتمانياً وأجور الاتصالات والمراسلات، ونحو ذلك.



    2- عمولة مقابل مبلغ
    الاعتماد، وتقدر هذه العكولة بنسبة من قيمة الاعتماد.



    الحكم
    الشرعي لرسوم الاعتماد:



    يكيف الاعتماد المستندي
    على أنه ضمان من البنك للعميل فاتح الاعتماد، وقد اختلف العلماء المعاصرون في حكم
    أخذ الأجر على الضمان، والأصح أنه يجوز أخذ الأجر على الضمان إذا كان لا يؤول إلى
    القرض، لأن أخذ الأجر على الضمان إذا آل إلى القرض يؤدي إلى القرض بفائدة، أما إذا
    كان لا يؤول إلى القرض فلا دليل على المنع من أخذ الأجر عليه.



    وعلى هذا :


    أ‌-
    فإذا كان الاعتماد مغطى كلياً من قبل
    العميل، بمعنى أن العميل وضع عند البنك رصيداً يغطي مبلغ الضمان كاملاً من حين فتح
    الاعتماد وحتى سداده، فيجوز أخذ الرسوم لأن البنك إذا سدد للمستفيد فإنه لا يسدد
    من ماله ، وإنما من مال العميل، فليس ثمة قرض.



    ب‌-
    وإن كان الاعتماد مغطى جزئياً أو غير
    مغطى بالكامل، فلا يجوز أن يأخذ البنك رسوماً على العميل إلا بقدر التكلفة الفعلية
    لفتح الاعتماد، وليس له أن يربح فيه، لأنه من المحتمل ألا يسدد العميل للبنك وقت
    استحقاق الدفع فيضطر البنك إلى أن يسدد عنه إلى المستفيد ثم يرجع عليه، فيكون قد
    أقرضه بفائدة.



    حلول شرعية
    لمسألة فتح الاعتماد:



    حيث إن أغلب
    الاعتمادات المستندية لا تكون مغطاة بالكامل، مما يجعل البنوك الإسلامية لا تربح
    من فتحها للاعتماد، لذا لجأت البنوك الإسلامية إلى ابتكار صيغتين من الاعتمادات
    المستندية تمكنهما من الربح فيه، وهما:



    1- الاعتماد
    بالمرابحة
    : بأن يدخل البنك مع عميله فاتح الاعتماد في عقد مرابحة للواعد
    بالشراء، بأن يطلب العميل من البنك شراء سلعة خارجية واستيرادها لصالح البنك، ويعد
    العميل البنك بأنه سيشتري البضاعة منه مرابحة عند وصولها إلى الميناء.



    2- الاعتماد
    بالمشاركة
    : بأن يدخل البنك مع العميل فاتح الاعتماد في عقد مشاركة بحيث
    يشتريان السلعة جميعاً، للعميل 10% منها مثلاً، وللبنك 90%، مع وعد من العميل
    للبنك بأن يشتري حصته مرابحة بالأجل فور وصول البضاعة إلى الميناء.



    سابعاً-خصم
    الأوراق التجارية
    : وهو اتفاق يعجل به البنك الخاصم لطالب الخصـم
    قيمة ورقة تجارية ، أو سند قابل للتداول ، أو مجرد حق آخر مخصوماً منها مبلغـاً
    يتناسب مع المدة الباقية حـتى اسـتيفاء قيمـة الـحق عنـد حلـول أجـل الورقة أو
    السند أو الحق ، وذلك في مقابل أن ينقل طالب الخصم إلى البنك هذا الحق على سبيل
    التمليك ، وأن يضمن له وفاءه عند حلول الأجل.



    مثاله:


    لنفرض أن
    مزارعاً باع لصوامع الغلال مائة طن من القمح بمليون ريال مستحقة الدفع بعد ثلاث
    سنوات، وحرر له كمبيالة بذلك المبلغ[2]، فبإمكان المزارع أن يقوم
    بخصم هذه الورقة لدى أحد البنوك التجارية، فيشتري البنك منه الورقة بثمن أقل من
    قيمتها نقداً، كأن يعطيه ثمانمائة ألف ريال نقداً، ويستحق البنك الكمبيالة على
    الصوامع.



    الحكم
    الشرعي:



    ذهب بعض
    المعاصرين إلى تجويز خصم الأوراق التجارية على أنها من صلح الحطيطة " ضع
    وتعجل"، لكن هذا التخريج غير صحيح، فإن صلح الحطيطة العلاقة فيه ثنائية بين
    الدائن والمدين، أما في خصم الأوراق التجارية فالعلاقة ثلاثية، لأن من يخصم الدين
    غير المدين، ولهذا فالصحيح أن هذه المعاملة محرمة لأنها من بيع الدين على غير من
    هو عليه على وجه يجري فيه بين العوضين ربا الفضل والنسيئة، فحقيقة العقد أنه باعه
    ثمانمائة ألف ريال حالة بمليون ريال مؤجلة، ففيه فضل ونسيئة.



    ثامناً- خطابات
    الضمان
    : ويعرف خطاب الضمان بأنه تعهد نهائي يصدر عن
    البنك بناءً على طلـب عميله بدفع مبلغ نقدي معين أو قابل للتعيين بمجرد أن يطلب
    المستفيد ذلك مـن البنك خلال مدة محددة.



    مثاله:


    لنفرض أن
    مقاولاً يريد أن يدخل في تنفيذ مشروع حكومي بمقدار مليون ريال. فإن من المعتاد أن
    تشترط الجهة الحكومية على المتعهد خطاب ضمان من البنك بمقدار كلفة المشروع أو قريب
    منه، للتأكد من ملاءته وجديته في التنفيذ، بحيث إذا أخل المقاول بتعهده فإن البنك
    يدفع المبلغ للجهة الحكومية.



    وتصدر
    البنوك خطابات الضمان برسوم تشبه الرسوم التي تأخذها على الاعتمادات المستندية.



    حكم
    الرسوم المأخوذة على خطاب الضمان:



    رسوم خطاب
    الضمان لها الحكم نفسه المذكور المذكور في رسوم الاعتمادات المستندية، لأن كلاً
    منهما يكيف شرعاً على أنه ضمان، إلا أنه لا يرد في خطاب الضمان التمويل بالمرابحة
    أو بالمشاركة.






    الفرع
    الثالث : مجموعة الخدمات الاستثمارية:



    يقصد
    بالاستثمار المصرفي : توظيف المصرف لجزء من أموالـه الخاصـة أو الأمـوال المودعة
    لديه
    لحساب الغير في العمليات الاستثمارية ، كشراء الأسهم والأوراق المالية ،
    وإجراء العقود التمويليه المتنوعة.



    وتنقسم
    الخدمات الاستثمارية في البنوك إلى قسمين :



    1- الخدمات
    التي يقوم بها البنك لاستثمار أمواله الخاصة ، أو ما يسمى (( محفظـة البنك)) أو
    ((الخزينة)).ويتم استثار أموال الخزينة في البنوك الربوية عن طريق الإقراض بفائدة،
    بينما تستثمر أموال الخزينة في البنوك الإسلامية عن طريق المتاجرة في المعادن،
    وذلك بشرائها في السوق الفورية ثم بيعها في السوق الآجلة مرابحة.



    2- خدمات
    استثمار أموال العملاء : والمقصود بها تلـك الأوعيـة الـتي تنشئـها المصارف لغرض
    تجميع أموال عملائها فيها ، ومن ثم تنميتها لهم عبر أسـاليب التوظيـف المختلفة وفي
    المقابل يأخذ المصرف عمولة أو مصاريف لقاء هذه الخدمة )).



    وهذه
    الأخيرة تتم عبر ما يعرف ب"الصناديق الاستثمارية".ويعرف الصندوق
    الاستثماري بأنه:" وعاء يتم فيه تجميع أموال المستثمرين والمتاجرة بها في
    الأدوات الاستثمارية المختلفة".



    أنواع
    الصناديق الاستثمارية:



    تقسم
    الصناديق الاستثمارية باعتبارات مختلفة:



    §
    فمن حيث القابلية لدخول مستثمرين جدد
    بعد بدء الصندوق تنقسم إلى صناديق مفتوحة وصناديق مغلقة.



    §
    ومن حيث ضمان رأس المال تنقسم إلى
    صناديق مضمونة، وهذه محرمة، وإلى صناديق غير مضمونة، وهذه جائزة من حيث الأصل.



    §
    ومن حيث محتوى الصندوق تنقسم إلى أقسام
    متعددة، من أبرزها ما يأتي:



    النوع
    الأول- صناديق الاستثمار بالبضائع:



    وفيها
    تستثمر الأموال بشراء معادن دولية من السوق الفورية ثم بيعها في السوق الآجلة، والغالب
    أن هذه الصناديق تكون مغلقة لمدة لا تقل عن ثلاثة اشهر، وأرباح هذه الصناديق عادة
    ما تكون قليلة لا تتجاوز 5%، لكنها قليلة المخاطرة، بل تكاد تكون معدومة المخاطرة.



    النوع
    الثاني-صناديق الاستثمار بالأسهم:



    وهذه
    الصناديق على نوعين:



    1-
    صناديق تقليدية، فتدخل في جميع الأسهم بما فيها أسهم البنوك، وهذه محرمة.



    2-
    وصناديق شرعية، أي أن الشركات التي تستثمر فيها أموال الصندوق مجازة من الهيئة
    الشرعية بالبنك الذي يدير الصندوق، ولا يعني كون الصندوق شرعياً أن جميع الشركات
    التي فيه من الشركات النقية، بل المقصود أن الصندوق لا تستثمر فيه الأموال في
    شركات أصل نشاطها محرم، وحكم هذه الصناديق ينبني على حكم الأسهم التي تستثمر فيها
    هذه الصناديق، وسيأتي بيان حكم الأسهم في الفصل الثاني.


    النوع الثالث- صناديق الاستثمار بالسندات:



    السندات من الأوراق المالية التي تصدرها
    الشركات المساهمة، أو المؤسسات العامة، أو الدول.وهذه الصناديق محرمة لما سيأتي
    بيانه في حكم السندات.





    النوع
    الرابع- صناديق الاستثمار المتوازنة:



    وفيها
    يستثمر البنك أموال الصندوق في أوعية متعددة ، فيخلط بين السندات والأسهم.



    وهذه
    الصناديق لا تجوز لاشتمالها على الاستثمارات المحرمة وهي السندات.



    النوع
    الخامس-صناديق المتاجرة بالعملات:



    وهذه
    الصناديق مخصصة في الاتجار بالعملات، والمقصود بها العملات الصعبة كالدولار
    واليورو والين والجنيه الاسترليني. وتتداول العملات في ما يعرف بسوق العملات
    الأجنبية، وهي سوق تنفذ من خلالها عمليات البيع والشراء بين البنوك بواسطة أجهزة تداول
    إلكترونية متطورة ومرتبطة بالأقمار الصناعية، تم إنشاؤها من قبل شركات الخدمات
    المالية، مثل رويتر وتلريت.



    وتتداول العملات في الأسواق المالية بطرق متعددة
    أشهرها وأكثرها انتشاراً طريقة: "الهامش" أو"المارجن".وسيأتي
    بيان حكمها في الفصل الثاني إن شاء الله.






    الفصل
    الثاني



    معاملات
    مالية أخرى (غير مصرفية)



    المسألة الأولى: الأسهم والسندات:


    أولاً-الأسهم:


    وفيه المطالب الآتية:


    المطلب الأول : تعريف الأسهم، وخصائصها، وأنواعها
    :



    يعرف
    السهم بأنه: (( صك قابل للتداول يصدر عن شركة مساهمة ، ويعطى للمساهم ليمثل حصته
    في رأس مال الشركة ))



    وتعتبر
    الأسهم أداة التمويل الأساسية لتكوين رأس المال في الشركات المساهمة، إذ تطرح
    للاكتتاب العام ضمن مهلة محددة يعلن عنها مع الإصدار.



    وللسهم ثلاث قيم:


    1- القيمة الاسمية: وهي قيمة السهم عند
    الطرح الأول، أي عند الاكتتاب. وللسهم قيمة اسمية واحة لا تتغير، والقيمة الاسمية
    لجميع الأسهم في المملكة خمسون ريالاً.



    2-القيمة الدفترية (الحقيقية): وهي قيمة ما يمثله
    السهم من موجودات في الشركة.



    3-القيمة السوقية:وهي القيمة التي يباع
    بها السهم في السوق.



    مثال ذلك: لنفرض أن شركة طرحت للاكتتاب ورأسمالها
    مائة مليون ريال، وعدد أسهمها مليون سهم. فالقيمة الاسمية للسهم مائة ريال، ثم
    بدأت الشركة بالتوسع في نشاطها فبلغت قيمة موجوداتها في نهاية السنة الأولى مثلاً
    مائتي مليون، بينما سهمها يباع في نهاية السنة الأولى بخمسمائة ريال.



    فالقيمة
    الاسمية للسهم مائة ريال، وهذه ثابتة لا تتغير ما بقيت الشركة.



    وقيمته
    الدفترية في نهاية السنة الأولى مائتا ريال، وهذه القيمة تتغير كلما أعلنت الشركة
    قائمتها المالية، أي كل ربع سنة، وتتأثر هذه القيمة بالقيمة الفعلية لموجودات
    الشركة.



    والقيمة
    السوقية للسهم في نهاية السنة الأولى خمسمائة ريال، وهذه القيمة تتغير كل لحظة
    وتتأثر بقدر العرض والطلب على السهم.



    وتتميز الأسهم بعدد من الخصائص، من أهمها:


    1- أنها متساوية القيمه : فلا يجوز إصدار أسهم
    عادية عن نفس الشركة بقيم مختلفة ، بينما لا يحكم هذا الشرط إصدار الأوراق المالية
    الأخرى .



    2- القابلية للتداول : وهذه الخاصية توفر
    للسهم مرونة كبيرة في سوق الأوراق المالية ، تجعل بالإمكان التنازل عنه بالطرق
    التجارية ، دون حاجـة لاتباع طرق الحوالة المدنية والتي تتطلب ضرورة قبول الشركة المصدرة
    للحوالة أو إبلاغها بها .



    وتضع
    القوانين التجارية في معظم الدول شروطاً خاصة على عملية التداول بقصد الحد من عمليات
    المضاربة غير المشروعة بالأسهم ، منها على سبيل المثال : عدم السماح للمؤسسين أن
    يتصرفوا في أسهمهم إلا بعد مضي سنتين على تأسيس الشركة نهائياً
    .


    3- عدم قابلية السهم للتجزئة في مواجهة الشركة :


    فإذا
    تملك السهم أشخاص متعددون سواء بطريق الشراء أو الإرث ، وجب عليهم أن يختاروا أحدهم
    فيوكلوه لينوب عنهم في استعمال الحقوق المختصة بالسهم في مواجهة الشركه.



    4- المسئولية المحدودة للمساهم : فمسئولية المساهم
    في الشركة لا تتجاوز قيمة السهم ، فلا يسأل عن ديون الشركة إلا بمقدار أسهمه التي
    يملكها.



    أنواع الأسهم:


    تتنوع
    الأسهم باعتبارات مختلفة، لعل من أبرزها تقسيم الأسهم بالنظر إلى الحقوق التي
    تمنحها الأسهم للمساهم. فهي بهذا الاعتبار تنقسم إلى:



    1-أسهم عادية :وفيها يتساوى
    المساهمون في كافة الحقوق، من حيث التصويت وتوزيع الأرباح والخسائر، كلٌ بحسب
    الأسهم التي يملكها.



    2-أسهم
    ممتازة
    : وفي هذا النوع يستحق المساهم بعض الامتيازات، منها ما هو جائز ومنها
    ما هو محرم. وحكم هذه الأسهم يختلف بحسب نوع الامتياز الذي يستحقه المساهم.



    فمن
    الامتيازات الجائزة أن بعض الأسهم الممتازة تمنح حاملها حقوقاً في التصويت أو في
    الأرباح أكثر مما لحملة الأسهم العادية.



    ومن
    الامتيازات المحرمة أن يكون له الأولوية عند تصفية الشركة بأن يأخذ حصته قبل أصحاب
    الأسهم العادية، أو تضمن له الشركة نسبة من الربح أو رأس المال، فإذا اشتملت
    الأسهم على شيءٍ من ذلك فهي محرمة؛ لأنها تخالف قاعدة الشركات في الشريعة وهي أن
    الخسارة يجب أن تكون على رأس المال، فالشركاء يتقاسمون الخسارة بحسب رؤوس أموالهم
    فلا يجوز أن يعفى بعضهم من تحمل الخسارة.


    المطلب الثاني : حكم تداول
    الأسهم :





    يختلف
    حكم الأسهم بحسب نوع نشاط الشركة المصدرة للسهم ، ويمكن تصنيف الأسهم بناء على نوع الشركة
    المصدرة إلى ثلاثة أنواع :



    النوع الأول : أسهم الشركات القائمة على أنشطة
    محرمة :



    والمقصود
    أن يكون أصل نشاط الشركة المساهمة في أمور محرمة .



    ويدخل في هذا النوع :


    1-
    الشركات التي تتاجر بالخمور أو المخدرات
    أو التصاوير أو الملاهي أو القمار .



    2-
    المصارف الربوية بشتى أنواعها ، لأن جل
    نشاطها في التمويل بفائدة .



    3-
    شركات التأمين التجاري ، لأن الأصل في
    عقد التأمين أنه محرم .



    4-
    شركات الإعلام الهابط ، أو الإعلام
    المحارب للعقائد والمبادئ الإسلامية .



    5-
    شركات الأسلحة في البلدان الكافرة .


    فهذه
    الأسهم جميعها لا يجوز إنشاؤها، ولا المساهمة فيها، ولا التصرف فيها بالبيع
    والشراء، لأن من شرط صحة البيع أن يكون المبيع مباحاً ، وهذه الأسهم محرمة ، ولا أعلم خلافاً بين العلماء المعاصرين في
    تحريم هذا النوع من الأسهم .



    النوع الثاني : أسهم الشركات القائمة على أنشطة
    مباحة :



    وهي
    الشركات التي تقع كل عملياتها في دائرة الحلال، حيث يكون رأس المال حلالاً،
    وتتعامل في الأنشطة المباحة، وينص نظامها وعقدها التأسيسي على أنها تتعامل في حدود
    الحلال، ولا تتعامل بالربا إقراضـاً أو اقتراضاً، ولا تتضمن امتيازاً خاصاً أو
    ضماناً ماليـاً لبعض دون بعض.



    فهذا
    النوع من أسهم الشركات
    مهما كانت تجارية أو صناعية أو زراعية لا خلاف في جواز إنشائها والاكتتاب بها وبيعها وشرائها.


    والأصل
    في التصرفات الإباحة، ولا تتضمن هذه الأسهم أي محرم، وكل ما فيها أنها نظمت أموال
    الشركة حسبما تقتضيه قواعد الاقتصاد الحديث دون التصادم مع أي من المبادئ
    الإسلامية ([3]).



    ويمكن
    أن نمثل لهذا النوع بالمصارف الإسلامية التي ثبت جديتها في أسلمة أعمالها المصرفية
    كلها ، مثل : الشركة الإسلامية للاستثمار الخليجي ، بنك فيصل الإسلامي السوداني ،
    البنك الإسلامي لغرب السودان



    النوع الثالث : أسهم الشركات ذات الأنشطة
    المختلطة :



    ويقصد
    بها تلك الشركات التي لا يغلب على استثماراتها أنها في أمور محرمة، وإنما تنتج
    سلعاً وخدمات مشروعة ، مثل شركات الأدوية والإسمنت والكهرباء والشركات الصناعية ..
    الخ ، ولكن وجودها في بيئة رأسمالية قد يؤدي إلى أن تمول عملياتها عن طريق
    الاقتراض الربوي أو توظف سيولتها الفائضة توظيفاً ربوياً قصير الأجل .



    فهذه
    المسألة واحدة من معضلات العصر ، نظراً لانتشار الشركات المساهمة في كل صقع ،
    وقلما تخلو واحدة منها من الاعتماد في جزء من تمويل مشاريعها على القروض الربوية
    أو إيداع فائض السيولة لديها في الحسابات الآجلة .



    وقد
    ثار جدل كبير حول حكم المساهمة في هذه الشركات ، وانقسم الباحثون حيالها إلى
    فريقين : مبيح ، ومانع .



    وسوف
    نعرض فيما يلي أقوال الفريقين ، وأدلتهما ، بإيجاز يتناسب مع هذا المقام ، سائلين الله عز وجل أن يلهمنا الصواب ، وأن
    يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه :



    فقد اختلف العلماء المعاصرون في حكم المساهمة في الشركات
    المشروعة من حيث الأصل لكنها تتعامل في بعض معاملاتها بالأنشطة المحرمة أو تقترض
    أو تودع بالفوائد على قولين :



    القول الأول : يرى جمع من العلماء
    المعاصرين ، وعدد من الهيئات الشرعية ، جواز المساهمة في هذه الشركات . ويرى هؤلاء
    أن الربح الناتج عن الفوائد الربوية قليل ، فيكون مغموراً وتابعاً للأرباح الحلال.
    ويضع هؤلاء خمسة ضوابط للمتاجرة بتلك الأسهم :



    1-
    أنه يجب على المساهم في هذه الحال أن يتحرى مقدار ما دخل على عائدات أسهمه من الإيرادات
    المحرمة، وذلك من واقع القوائم المالية للشركة، فيتخلص منها بتوزيعها على أوجه
    البر ، دون أن ينتفع بها أي منفعة ، ولا أن يحتسبها من زكاته ، ولا يعتبرها صدقة
    من حُرّ ماله ، ولا أن يدفع بها ضريبة حكومية .



    2-
    ألا يكون النشاط الأساسي للشركة محرماً ، كما سبق في النوع الأول من الشركات .



    3-
    ألا تتجاوز السيولة النقدية في الشركة 50% من أصولها ( أي ممتلكاتها ) ، لأنها إن زادت عن تلك النسبة أصبح للسهم حكم
    النقد وبالتالي لا يجوز بيعه إلا بقيمته
    الحقيقية لا بالقيمة السوقية .



    4-
    ألا تتجاوز نسبة الدخل المحرم في الشركة 5 % من إجمالي أرباح الشركة ، فإن
    تجاوزتها فتحرم المساهمة أياً كان نوع الشركة .



    5-
    ألا تتجاوز نسبة الديون التي على الشركة ثلث أصولها ( أي ممتلكاتها ) ، فإن تجاوزت
    الديون تلك النسبة فتكون المساهمة محرمة أياً كان نوع الشركة .



    وممن
    ذهب إلى هذا القول : مجمع الفقه الإسلامي ، الهيئة الشرعية لشركة الراجحي ، والهيئة الشرعية
    للبنك الإسلامي الأردني ، والمستشار الشرعي لبنك البركه، وندوة البركة السادسة ،
    وعدد من العلماء المعاصرين ،
    منهم فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، والشيخ عبدالله بن منيع وغيرهم ، على
    اختلاف طفيف بين هؤلاء في تحديد النسب المذكورة في الضوابط ( 3-5 ) وهم متفقون على
    الضابطين الأول والثاني .



    وقد قامت بعض الشركات
    بتحديث برامج حاسوبية تنتقي من الأدوات المالية ما يتفق مع تلك الضوابط المتقدمة
    مثل “
    داو جونز " الإسلامي.


    استدل أصحاب هذا القول بعددٍ من القواعد
    والمؤيدات الشرعية من أبرزها ما يلي:



    الدليل الأول: التكييف الفقهي للسهم:


    ذلك أن
    المساهم وإن كان يملك السهم، فإنه ليس بشريك في تملك موجودات الشركة، فالشركة
    المساهمة لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة عن المساهمين، وعلى هذا فالمحرم الذي في
    الشركة من المحرم لكسبه، لأن الشركة بشخصيتها الاعتبارية مستقلة عن المساهمين
    والمساهم ليس شريكاً في هذا التصرف، وما حرم لكسبه فإنه يحرم على الكاسب فقط. وأما
    السهم فهو سلعة تباع وتشترى، اختلط فيه الحرام بالحلال، فإذا كان الحرام الذي فيه
    يسيراً وتابعاً غير مقصود فإن ذلك لا يقتضي حرمة السهم كله؛ بناءً على القاعدة
    الشرعية " أن اليسير التابع مغتفر"، لاسيما مع عموم البلوى.



    الدليل الثاني:الاستدلال بقاعدة : ((
    يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً )).



    وهذا النوع
    من الأسهم وإن كان فيه نسبة بسيطة من الحرام لكنها جاءت تبعاً، وليست أصلاً
    مقصوداً بالتملك والتصرف، فيمكن اعتبار بيع سهم
    من هذا النوع من جزئيات هذه القاعدة .


    ونوقش هذا الاستدلال : بأن القواعد الفقهية
    ليست من الأدلة الشرعية
    المتفق عليها أو المختلف فيها التي نص عليها علماء الفقه والأصول ، فلا يصح الاحتجاج بها والسبب في ذلك : (( أن القواعد الفقهية هي أحكام
    أغلبيـة غير مطردة فهي إنما تصور الفكرة الفقهية المبدئية التي تعبر عن المنهاج
    القياسي العام في حلول القضايا ، وترتيب أحكامها ، والقياس كثيراً ما ينخرم ويعدل
    عنه في بعض المسائل إلى حلول استثنائية لمقتضيات خاصة بتلك المسائل تجعل الحكم
    الاستثنائي فيها أحسن وأقرب إلى مقاصد الشريعة في تحقيق العدالة ، وجلب المصالح
    ودرء المفاسد ودفع الحرج .. ولذلك كانت القواعد الفقهية قلما تخلو إحداها من
    مستثنيات في فروع الأحكام التطبيقية خارجة عنها )).



    الدليل الثالث : الاستدلال بقاعدة : ((
    الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة الخاصة )) .



    ووجه
    الاستدلال بهذه القاعدة: (( أن حاجة الناس تقتضي الإسهام في هذه الشركات
    الاستثمارية، لاستثمار مدخراتهم ، فيما لا يستطيعون الاستقلال بالاستثمار فيه ،
    كما أن حاجة الدولة تقتضي توجيه الثروة الشعبية إلى استخدامها فيما يعود على
    البلاد والعباد بالرفاهية والرخاء )).



    ونوقش هذا الاستدلال: بعدم التسليم بوجود
    حاجة عامة للاستثمار إذ المساهمة في هذه الشركات لم تتعين طريقاً للكسب، إذ يوجد
    طرق أخرى من الكسب الحلال أفضل منها وتغني عنها ، فثبت أن الحاجة غير متحققه ، وترك المساهمة في هذه الشركات المشبوهة فيه
    مشقة ، لكنها مشقة غير معتبرة شرعاً ، إذ لا يخلو حكم شرعي من قدر من المشقة ((
    والشازع إنما قصد بوضع الشريعة إخراج المكلف عن اتباع هواه حتى يكون عبداً لله ،
    فإن مخالفة الهوى ليست من المشقات المعتبرة في التكليف )).



    الدليل الرابع
    :
    الاستدلال
    بالمصلحة .



    ووجه
    ذلك : أن في تملك الأسهم من قبل أهل الخير والصلاح المنكرين لهذه المعاملات فيـه
    مصلحة شرعية بالقضاء على تلك المعاملات عن طريق الدخول في المجالس الإدارية.



    ونوقش هذا الاستدلال من وجهين :


    الوجه
    الأول :
    أن
    المصلحة إذا كانت مصادمة للنص فهي ملغاة ، فلا عبرة بها .



    الوجه
    الثاني :
    أن
    هذه المصلحة غير محققة ، والمفسدة المترتبة على المساهمة محققة ، والمفسدة المحققة
    مقدمة في الاعتبار على المصلحة المظنونة ، كما هو معلوم من قواعد الشرع .



    القول الثاني : يرى جمع من العلماء
    المعاصرين ، وعدد من الهيئات الشرعية تحريم المساهمة في الشركات التي يكون أصل
    نشاطها مباحاً ، إذا كانت تتعامل ببعض المعاملات المحرمة كالإقراض والاقتراض
    بفائدة .



    فيحرم
    الاكتتاب بها ، وبيعها وشراؤها وامتلاكها . وممن ذهب إلى هذا القول :
    اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكه العربية السعودية ، والهيئة
    الشرعية لبيت التمويل الكويتي، والهيئة الشرعية لبنك دبي الإسلامي، وهيئة الرقابة
    الشرعية للبنك الإسلامي السوداني ، وعدد من العلماء المعاصرين، منهم الشيخ ابن باز
    رحمه الله.



    استدل
    أصحاب هذا القول ما يلي :



    الدليل
    الأول :



    قول الله
    تعالى

    :
    "
    يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين "
    وقولـه عليه الصـلاة
    والسـلام : (( ألا وإن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع )).



    ووجه الدلالة من هذه
    النصوص أنها عامة فتشمل كثير الربا وقليله .



    الدليل الثاني :


    قول الله
    تعالى

    :
    " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا
    على الإثم والعدوان "
    .


    وعن جابر
    رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ))
    رواه مسلم.



    ووجه
    الدلالة من هذين النصين : أن الذي يساهم في الشركات التي تتعامل بالمحرمات معين
    لهما على الإثم ، فيشمله النهي .



    ولهذا
    اشترط الفقهاء لصحة العقد أن يكون السبب الباعث مشروعاً ، فبيع العنب مثلاً ، حلال
    ، لكن إذا كان باعه ممن يتخذه خمراً ، فهو محرم ، ومثله بيع السلاح لأهل الحرب ، أولقطاع
    الطريق .



    قال شيخ
    الإسلام ابن تيميه : (( لا يجوز بيع العنب لمن يعصره خمراً ، بـل لقـد لعـن رسول
    الله
    صلى الله عليه وسلم من يعصر العنب لمن يتخذه خمراً فكيف
    بالبائع له الذي هو أعظم معونة )).



    الدليل
    الثالث : قوله
    عليه الصلاة والسلام : (( درهم ربا يأكله الرجل ، وهو يعلم
    ، أشـد من سـت وثلاثين زنية )).
    أخرجه أحمد ،
    والدارقطني. وصحح الحديث : المقدسي في الأحاديث المختارة ، والمنذري في
    الترغيب والترهيب، والهيثمي في مجمع الزوائد ، والعراقي وابن حجر والسيوطي
    والمناوي ( فيض القدير)، والبوصيري في مصباح الزجاجه، والسفاريني في غذاء الألباب
    ، والألباني في السلسلة الصحيحه ، والساعاتي في الفتح الرباني .



    ووجه الدلالة منه : أن
    النبي صلى الله عليه وسلم عد أكل درهم واحد من الموبقات ، ورتب عليه هذا الوعيد
    الشديد ، فكيف بمن يضع المئين والآلاف من أمواله في المصارف الربوية ؟ وإخراج قدر
    الحرام تخمين فمن غير المستبعد أن يدخل ماله شيء من الحرام.



    والوعيد الوارد في الحديث غير مستبعد فإن
    الإيذان بحرب من الله ورسوله أشد عقوبة ونكالاً منه ، ولهذا قال ابن القيم
    : (( وآذن من لم يدعه بحربه وحرب رسوله ، ولم يجئ مثل هذا الوعيد في كبيرة غيره ،
    ولهذا كان من أكبر الكبائر )).



    الدليل
    الرابع :
    أن
    يد الشركة على المال هي نفس يد المساهم ، فأي عمل تقوم به فهو عمله لا فرق بينهما
    ، فكما يحرم على الإنسان أن يستثمر جزءً من ماله
    ولو يسيراً في معاملات
    محرمة ، فكذا يحرم عليه المشاركة في شركات تتعامل بالحرام ، لأن المال المستثمر هو
    ماله بعينه.



    ويتأيد هذا الدليل بأمرين :


    الأول : أن الشركة فيها معنى الوكالة ، والشريك
    وكيل عن صاحبه في التصرف ، فتصرف الوكيل يقع للموكل نفسه .



    قال ابن القيم رحمه الله تعالى : (( وما باعوه أي أهل الذمة من الخمر والخنـزير قبل مشاركة المسلم جاز لهم شركتهم في ثمنه ،
    وثمنه حلال ، لاعتقادهم حله ، وما باعوه واشتروه بمال الشركة ، فالعقد فيه فاسد ،
    فإن الشريك وكيل ، والعقد يقع للموكل ، والمسلم لا يثبت ملكه على الخمر والخنزير
    )).



    الأمر
    الثاني :
    أن
    أهل العلم رحمهم الله كرهوا مشاركة اليهودي والنصراني ، ومن لا يحترز من الشبهة ،
    وبعضهم حرم ذلك إذا كان على وجه يخلو بالمال ، وذلك خشية أن يدخل عليه الحرام .



    فهذا
    إذا لم يكن يعلم عنه أنه يستثمر المال في الحرام ، فما بالك إذا كان يعلم أنه
    يتعاطى الحرام ؟ فالتحريم حينئذٍ متعين ،ولا أعلم أحداً من أهل العلم أقره على
    الاشتراك معه إذا اكتشف أنه يتعامل بالحرام .



    قال في المغني : (( قال أحمد : يشارك اليهودي
    والنصراني ، ولكن لا يخلو اليهودي والنصراني بالمال دونه ، ويكون هو الذي يليه
    لأنه يعمل بالربا .. فأما ما يشتريه أو يبيعه من الخمر بمال الشركة أو المضاربة
    فإنه يقع فاسداً وعليه الضمان ، لأن عقد الوكيل يقع للموكل ، والمسلم لا يثبت ملكه
    على الخمر والخنزير فأشبه ما لو اشترى به ميتة أو عامل بالربا ، وما خفي أمره فلم
    يعلم فالأصل إباحته وحله )).










    [1]
    البنك
    المراسل : هو البنك الأجنبي الذي يعتمده البنك المحلي للتعامل معه في الاعتمادات
    المستندية والحوالات وغير ذلك.







    [2]
    الكمبيالة:
    ورقة تجارية مثل الشيك لكنها مؤجلة.







    ([3])
    (( الأسواق
    المالية في ميزان الفقه الإسلامي
    ))
    ص 89 .
    Admin
    Admin
    Admin


    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 2987
    تاريخ الميلاد : 18/06/1970
    تاريخ التسجيل : 27/09/2009
    العمر : 54

    المعاملات المالية Empty تابع

    مُساهمة من طرف Admin الجمعة مايو 28, 2010 3:44 pm

    المطلب الثالث: زكاة الأسهم:




    اختلف العلماء
    المعاصرون في كيفية زكاة الأسهم، والذي عليه الفتوى، وقرارات هيئات الاجتهاد
    الجماعي أنه يفرق في زكاة الأسهم بين المستثمر والمضارب:



    أما المستثمر – وهو من
    يقتني السهم بقصد الاستفادة من ريعه السنوي-، فإن كانت الشركة تزكي كما هو الحاصل
    في جميع الشركات المحلية، فلا زكاة عليه، لأن زكاة الشركة زكاة له، وأما إذا لم
    تكن الشركة تزكي فإنه يجب عليه أن يزكي ما يقابل أصل أسهمه من الموجودات الزكوية،
    فإذا لم يكن يعلم الموجودات الزكوية فإنه يتحرى في ذلك أو يخرج ربع عشر القيمة
    الدفترية للسهم احتياطاً.



    وأما المضارب – وهو
    الذي يتاجر بالأسهم-، فإنه يزكيها زكاة
    عروض التجارة ، فإذا جاء حول زكاته وهي في ملكه، زكى قيمتها السوقية، فيخرج
    ربع العشر 2.5% من تلك القيمة.


    ثانياً : المتاجرة في السندات




    وفيه مطلبان :

    المطلب الأول : حقيقة السندات:



    السندات من الأوراق
    المالية التي تصدرها الشركات المساهمة ، أو المؤسسات العامة ، أو الدول .





    ويعرف
    السند بأنه : (( قرض طويل الأجل تتعهد الشركات المقترضة بموجبه أن تسدد قيمته في
    تواريخ محدده )).



    والدافع
    لإصدار السندات أن الشركة المساهمة قد تحتاج في أثناء مزاولة عملها ، وبعد أن تكون
    قد حصلت على رأس مالها ، إلى بعض الأموال ، ولا ترغب في عرض اكتتاب بأسهم جديدة
    على الجمهور لئلا تتضاءل أنصبة الشركاء ، فتعمد إلى القروض عن طريق إصدار سندات
    متساوية القيمة.



    والسندات
    كالأسهم من حيث الخصائص العامة ، فهي قابلة للتداول ، ولا تكون قابلة للتجزئة ،
    ويمكن أن تكون اسمية أو لحاملها .



    وتختلف السندات عن الأسهم من عدة جوانب :


    1- السند يمثل ديناً
    على الشركة ، ويعتبر صاحبه دائناً للشركة ، بينما السهم حصة من رأس المال ، ويعتبر
    صاحبه شريكاً .



    2-
    السند يعطي صاحبه حقاً في فائدة ثابتة سواء ربحت الشركة أو خسرت ، أما السهم فإن
    حامله معرض للربح والخسارة في حالة تعرض المشروع لأي منها .



    3-
    عند تصفية الشركة يكون لصاحب السند الأولوية في الحصول على قيمة السند ، أما صاحب
    السهم فلا يأخذ شيئاً إلا بعد تصفية السندات وقضاء الديون .



    4-
    السند لا يعطي صاحبه حقاً في حضور الجمعية العمومية للشركة ولا بالتصويت ،
    والاشتراك في الإدارة وغير ذلك مما يستحقه صاحب السهم .



    5-
    لحامل السند أن يحصل على قيمته عند انتهاء الأجل المتفق عليه ، أما السهم فلا ترد
    قيمته طالما أن الشركة قائمة إلا في أسهم التمتع التي قد تلجأ الشركة إلى إصدارها
    .


    المطلب الثاني : حكم المتاجرة
    بالسندات





    تبين
    من خلال العرض السابق أن السندات قروض ، وأن صاحبها يستحق فائدة ثابتة بشكل دوري ،
    فهي من القرض بفائدة . وتكاد تتفق كلمة العلماء المعاصرين على تحريم السندات لما
    تتضمنه من الفائدة الربوية ،



    وفي
    قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي رقم 62/11/6 ، ما نصه
    : (( إن السندات التي تمثل التزاماً بدفع
    مبلغها مع فائدة منسوبة إليه أو نفع مشروط محرمة شرعاً ، من حيث الإصدار أو الشراء
    أو التداول ، لأنها قروض ربوية سواء أكانت الجهة المصدرة لها خاصة أو عامة ترتبط
    بالدولة ، ولا أثر لتسميتها شهادات أو صكوكاً استثمارية أو ادخارية ، أو تسمية
    الفائدة الربوية الملتزم بها ربحاً أو ريعاً أو عمولة أو عائداً .)).



    وعلى
    ذلك فإنه يحرم الاشتراك في الصناديق الاستثمارية التي تشمل أصولها على سندات أياً
    كان نوع هذه السندات .



    ويجدر
    التنبيه إلى أن هذا النوع من الاستثمارات يطلق عليه في الأوساط الماليه عدة أسماء
    منها :



    1-
    الاستثمارات النقدية ، نسبة إلى سوق النقد التي تتداول فيها هذه الأوراق .



    2-
    الاستثمارات قصيرة الأجل ، لأن هذه الأوراق المالية تستحق غالباً خلال أقل من سنة
    .



    3-
    الاستثمارات ذات الدخل الثابت ، لأن الفائدة المستحقة عليها ثابتة خلافاً للأسهم
    فهي ذات دخل متغير.



    المسألة
    الثانية: التأمين:



    وفيه المطالب الآتية:


    المطلب
    الأول: تعريف عقد التأمين:



    يعرف التأمين بأنه:
    عقد بين طرفين أحدهما يسمى المؤمن والثاني المؤمن له (أو المستأمن) يلتزم فيه
    المؤمن بأن يؤدي إلي المؤمن لمصلحته مبلغا من المال أو إيرادا مرتبا أو أي عوض
    مالي آخر في حالة وقوع حادث أو تحقق خطر مبين في العقد، وذلك في مقابل قسط أو أية
    دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له إلي المؤمن.



    وفي العصر الحاضر
    لا يقوم بالتأمين فرد نحو فرد بل تقوم به شركات مساهمة كبيرة يتعامل معها
    عدد ضخم من المستأمنين ، فيجتمع لها مبالغ كبيرة من أقساط التأمين، وتؤدي من هذه
    الأقساط المجتمعة ما يستحق عليها من تعويضات عند وقوع الحوادث المؤمن منها،
    ويبقى رأس مالها سندا احتياطيا، ويتكون ربحها من الفرق بين ما
    تجمعه من أقساط وما تدفعه من تعويضات.



    ثالثاً:
    نشأته:



    التأمين بمعناه الحقيقي المتعارف عليه عقد حديث النشأة
    في العالم فهو لم يظهر إلا في القرن الرابع عشر الميلادي في إيطاليا
    حيث وجد بعض الأشخاص الذين يتعهدون بتحمل جميع الأخطار البحرية التي تتعرض
    لها السفن أو حمولتها نظير مبلغ معين (التأمين البحري)، ثم ظهر بعده التأمين من
    الحريق ثم التأمين على الحياة، ثم انتشر بعد ذلك التأمين وتنوع حتى شمل جميع نواحى
    الحياة فأضحت شركات التأمين تؤمن الأفراد من كل خطر يتعرضون له في أشخاصهم
    وأموالهم ومسؤولياتهم بل أضحت بعض الحكومات تجبر رعاياها على بعض أنواع التأمين.



    المطلب
    الثاني:أنواع التأمين:



    (أ) ينقسم
    التأمين من حيث شكله إلي تأمين تعاوني
    وتأمين تجاري :



    1- التأمين
    التعاوني (أو التبادلي) (أو بالاكتتاب):



    في هذا النوع من
    التأمين يجتمع عدة أشخاص معرضين لأخطار متشابهة فيدفع كل منهم اشتراكا معينا،
    وتخصص هذه الاشتراكات لأداء التعويض المستحق لمن يصيبه الضرر، وإذا زادت الاشتراكات
    على ما صرف من تعويض كان للأعضاء حق استردادها، وإذا نقصت طولب الأعضاء باشتراك
    إضافي لتغطية العجز، أو أنقصت
    التعويضات المستحقة بنسبة العجز،
    وأعضاء شركة التأمين التعاوني لا يسعون إلي تحقيق ربح، بل إلي تخفيف الخسائر التي
    تلحق بعض الأعضاء، فهم يتعاقدون ليتعاونوا على تحمل مصيبة قد تحل ببعضهم، وتدار الشركة
    بوساطة أعضائها، فكل واحد منهم يكون مؤمنا ومؤمنا له.



    2- التأمين التجاري
    ذي القسط الثابت:



    في هذا النوع من
    التأمين: وهو النوع السائد الآن الذي تنصرف إليه كلمة التأمين لدى إطلاقها، يلتزم
    المؤمن له بدفع قسط محدد إلي المؤمن، وهو الشركة التي يتكون أفرادها من مساهمين
    آخرين غير المؤمن لهم، وهؤلاء المساهمون هم المستفيدون بأرباح الشركة، ففي التأمين
    بقسط ثابت يكون المؤمن له غير المؤمن الذي يسعى دائما إلي الربح، بخلاف التأمين
    التعاوني الذي لا يسعي إلي الربح أبدا، وإنما غاية أفراده التعاون على تحمل
    المخاطر، وهذا الهدف الإنساني النبيل لا يوجد إلا في التأمين التعاوني ولا
    يوجد البتة في التأمين بقسط ثابت ، فالفكرة الاسترباحية البحتة هي الأساس هنا
    والفكرة التعاونية غلاف براق لها فقط.



    (ب)
    وينقسم التأمين من حيث موضوعه إلي قسمين رئيسيين:



    1- تأمين
    الأضرار:



    وهو يتناول المخاطر
    التي تؤثر في ذمة المؤمن له، والغرض منه تعويض الخسارة التي تلحق المؤمن له بسبب
    الحادث وهو ينقسم إلي قسمين:



    - التأمين على
    الأشياء؛ ويراد به تعويض المؤمن له من الخسارة التي تلحقه في ماله كالتأمين من
    الحريق والسرقة.



    - والتأمين من
    المسؤولية؛ ويراد به ضمان المؤمن له ضد الرجوع الذي قد يتعرض له من جانب الغير
    بسبب ما أصابهم من ضرر يسأل عن
    التعويض عنه، وأهم صوره تأمين
    المسؤولية الناشئة من حوادث السيارات أو من حوادث
    العمل .



    وفي تأمين الأضرار
    يلتزم المؤمن بتعويض المؤمن له عند حدوث الكارثة في حدود مبلغ التأمين، أي أن
    المؤمن يدفع للمؤمن له أقل المبلغين؛ المبلغ المؤمن به، والمبلغ الذي يغطي الضرر
    الناشئ عن الحادثة، وليس للمؤمن له أن يجمع بين مبلغ التأمين ودعوى التعويض ضد
    الآخرين المسؤولين عن الحادث، وإنما يحل المؤمن محل المؤمن له في الدعاوى الكائنة
    له ضد من تسبب في الضرر.



    2- تأمين
    الأشخاص:



    وهو يتناول كل أنواع
    التأمين المتعلقة بشخص المؤمن له، ويقصد به دفع مبلغ معين للإنسان في وجوده أو
    سلامته، يحدده المؤمن باتفاق بينهما، ولا يتأثر بالضرر الذي يصيب المؤمن له،
    وللمؤمن له الجمع بين مبلغ التأمين من المؤمن والتعويض ممن تسبب في الضرر، فالمؤمن
    هنا لا يحل محل المؤمن له.



    ويشمل تأمين الأشخاص
    نوعين أساسيين:



    1.
    التأمين على
    الحياة، وله صورة متعددة أهمها:



    (أ) التأمين لحالة
    الوفاة وقد يكون عمريا وقد يكون مؤقتا وقد يكون تأمين البقيا حسب الاشتراط.



    (ب) التأمين لحال
    البقاء أو لحال الحياة؛ ومن أمثلته التأمين المضاد.



    (ج) التأمين
    المختلط البسيط: وهو أن يلتزم فيه المؤمن بأداء المبلغ المؤمن إما في تاريخ
    معين للمؤمن له نفسه إذا ظل حيا في هذا التاريخ، وإما إلي المستفيد المعين أو إلي
    ورثة المؤمن له إذا مات قبل التاريخ، ويكون القسط في هذا النوع اكبر من النوعين
    السابقين، وهذا النوع هو أكثر شيوعا في التأمين على الحياة.



    2.
    التأمين من الحوادث
    الجسمانية:
    وهو النوع الثاني من نوعي التأمين على
    الأشخاص، ويلتزم فيه المؤمن بدفع مبلغ من المال إلي المؤمن في حالة ما إذا أصابه
    في أثناء المدة المؤمن فيها حادث جسماني، أو إلي المستفيد المعين إذا مات المؤمن
    له.






    (ج) التقسيم
    الثالث: تأمين خاص وتأمين اجتماعي:



    1- فالتأمين الخاص هو ما يعقده المؤمن على نفسه من خطر معين،
    ويكون الدافع إليه هو الصالح الشخصي.



    2- والتأمين الاجتماعي هو ما كان الغرض منه تأمين الأفراد الذين يعتمدون
    في معاشهم على كسب عملهم من بعض الأخطار التي يتعرضون لها فتعجزهم عن العمل
    كالمرض والشيخوخة والبطالة والعجز. وهو يقوم على فكرة (التضامن
    الاجتماعي) ويشترك في دفع القسط مع المستفيد أصحاب العمل والدولة التي تتحمل هنا
    العبء الأكبر.



    (د) التقسيم
    الرابع: تأمين إجباري وتأمين اختياري:



    1- فالأول ما ألزمت به
    الدولة في قطر رعاياها كالتأمين الاجتماعي والتأمين على السيارات.



    2- الثاني ما كان خلاف
    ذلك.






    المطلب
    الثالث
    :أقوال العلماء المعاصرين في حكم التأمين التجاري:


    لم يكن التأمين
    معروفاً عند فقهائنا المتقدمين، لأنه لم يرد فيه نص شرعي ولم يكن من بين الصحابة
    والأئمة المجتهدين من تعرض لحكمه.



    وكان من أول من تكلم
    عن حكمه من الفقهاء الفقيه الحنفي ابن عابدين في حاشيته على الدر المختار.



    وللعلماء المعاصرين
    ثلاثة أقوال في حكم التأمين، ونشير إلى هذه الأقوال بشيء من الإيجاز :



    القول
    الأول: المنع مطلقاً:



    ومن أبرز أدلة هذا
    القول:



    1-
    أنه عقد يقوم على المقامرة والغرر، لأنه
    عقد معلق على خطر تارة يقع وتارة لا يقع، فهو قمار معنى، ولأن كلاً من طرفي العقد
    لا يدري عند إنشائه ما سيأخذ ولا ما سيعطي، وبقدر ربح أحد الطرفين في العقد تكون
    خسارة الآخر، فالعقد دائر بين الغنم والغرم، وهذا حقيقة عقد الغرر.



    2-
    أن فيه ربا، لأن التأمين مبادلة نقود (
    وهي أقساط التأمين) بنقود أخرى( وهي التعويض) بدون تقابض ولا تماثل.وفي حال
    التأمين على الحياة تحدد فوائد ربوية تدفع للمؤمن له مع ما دفعه من أقساط إن بقي
    حياً حتى نهاية مدة العقد.



    نوقش هذا
    الدليل
    :
    بعدم التسليم بأن فيه ربا لأمرين:



    الأول: أن
    المعاوضة حقيقة بين نقود تدفع أقساطاً للمؤمن ومنفعة هي تحمله تبعة الكارثة وضمانه
    رفع أضرارها، فأحد البدلين هو منفعة وهي ليست من الأموال الربوية.



    والثاني: أن ما
    يدفعه المؤمن للمؤمن له ليس بدلاً عن الأقساط بدليل أنه قد لا يدفع شيئاً في كثير
    من حالات التأمين، ولا يدفع إلا حيث يقع الخطر وذلك إنما يكون على سبيل التبعية
    لتحمله تبعة الحادث، ولو صح هذا الاستدلال لأمكن وصف أي مقامرة بأنها ربا.



    3-
    أن فيه أكلاً للمال بالباطل، فالمؤمن
    يأخذ أقساط التأمين بغير مقابل إذا لم يحصل للمؤمن له أي ضرر.



    القول
    الثاني: جواز التأمين:



    ومن أبرز
    من ذهب إلى ذلك الشيخ مصطفى الزرقا، والشيخ علي الخفيف رحمهما الله،



    ومن أبرز
    أدلتهم:



    1-
    أن التأمين عقد جديد لم يتناوله نص شرعي
    ولا يوجد في أصول الشريعة ما يمنع جوازه، فيبقى على الأصل هو الحل.



    2-
    القياس على ما ذكره فقهاء الحنفية في
    ضمان خطر الطريق، وذلك فيما إذا قال شخص لآخر: اسلك هذا الطريق فإنه آمن، فإن
    أصابك شيء فأنا ضامن، فلو سلكه وأخذ ماله فإنه يضمن. ووجه الشبه بين هذا وبين عقد
    التأمين أن الضامن هنا ضمن مع أنه غير متسبب في الضر كما أنه يضمن شيئاً مجهولاً
    ومحتمل الوقوع، وكذلك المؤمن يصح تضمينه ولو لم يكن متسبباً إذا التزم بذلك، ولو
    كان التعويض مجهولاً.



    ويناقش:
    بعدم التسليم بهذا القياس لأمرين:



    الأول: أن
    تضمين الأحناف له فيما لو ثبت هذا لأنه هو السبب لكونه غره حتى سلك هذا الطريق الخطر.



    والثاني:ولأن ما ذكره فقهاء الأحناف فيما إذا ضمن بلا عوض ،
    أما هنا فالمؤمن يضمن بعوض.



    3-
    القياس على قاعدة الالتزام والوعد
    الملزم عند المالكية، وخلاصتها: أن من وعد غيره عدة بغرض أو تحمل خسارة أو نحو ذلك
    مما ليس بواجب عليه في الأصل فإنه يلزمه الوفاء بوعده لاسيما إذا دخل الموعود في
    السبب، كما لو قال : تزوج، وأعطيك المهر.



    ويناقش:
    بأنه قياس مع الفارق لأن الوعد الملزم عند المالكية تبرع من الواعد ابتداء على غير
    عوض وبدون مقابل، بخلاف التأمين.



    4-
    أن التأمين يحقق مصالح متعددة فهو يمنح
    الأمان والاطمئنان للمستأمن، ويساهم في تحقيق مصالح اقتصادية بفضل تأسيسه على
    التعاون الذي يؤدي إلى توزيع أعباء المخاطر بين المستأمنين، وتحقيق التكافل فيما
    بينهم، وهذا من المصالح المرسلة التي جاءت الشريعة بحفظها.



    ويناقش بأن
    المصلحة إذا تعارضت مع نصوص الشريعة فهي ملغاة ولا يلتفت إليها ، فضلاً عن أنه من
    الممكن تحقيق مصالح التأمين بصورة التأمين التعاوني بدون الوقوع في المحاذير
    الشرعية.



    القول
    الثالث:تحريم التأمين على الحياة وجواز التأمين فيما عدا ذلك:



    كالتأمين الطبي
    والتأمين على الممتلكات ، وحجة هذا القول:



    أن التأمين الطبي
    والتأمين على الممتلكات لا يراد منه الحصول على النقد وإنما يقصد منه تحمل التبعة،
    فإن كان تأميناً طبياً فبتحمل العلاج، وإن كان على السيارات فبإصلاحها وهكذا،
    فلايقصد منه المال لذاته.



    وأما التأمين على
    الحياة فإن المقصود منه النقود، فالربا فيه ظاهر لأن المؤمن له يدفع نقوداً قليلة
    مقسطة مقابل الحصول على نقود كثيرة مؤجلة.



    الترجيح:


    الذي يظهر – والله
    أعلم- أن التأمين التجاري محرم من حيث الأصل، وبهذا صدرت قرارات عدد من المجامع
    والهيئات الشرعية، ومن ذلك قرار هيئة كبار
    العلماء في المملكة العربية السعودية رقم 51 وتاريخ 4/4/1397هـ. وقرار مجمع الفقه
    الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الأولى شعبان 1398، والمجمع
    الفقهي الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، في القرار رقم 9(9/2) سنة
    1406هـ=1985م.



    ومما ينبغي النظر فيه
    مأخذ التحريم، وبيان ذلك كالآتي:



    1-
    فالتأمين على الحياة محرم لأمرين، الربا
    والغرر، وقد سبق بيان ذلك.



    2-
    وأما ما عداه من أنواع التأمين التجاري
    الأخرى فجريان الربا فيها غير ظاهر، ولا يسلم من المناقشة،وإنما الواضح من هذه
    الأنواع أن فيها غرراً ، وعلى هذا فتنطبق على هذه الأنواع قاعدة الغرر في الشريعة،
    وتجري عليها أحكامه، وهذا يقودنا إلى الحديث عن الغرر وضوابطه في الشريعة.وعلى ذلك
    فمتى اختل شرط من شروط الغرر المؤثر فإن التأمين يكون جائزاً، ذلك أن الناظر في
    عقود الغرر التي جاءت الشريعة بإبطالها كحبل الحبلة وبيع الحصاة وبيع الملامسة
    والمنابذة ونحوها يدرك أن الغرر المحرم ما كان على سبيل اللعب والمقامرة حيث لا
    يثمر عائداً للبلد ولا يحقق مصلحة للفرد ولا للمجتمع، وليس ثمة حاجة تدعو إليه،
    بخلاف العقود التي لابد للناس منها وقد تنطوي على شيء من الغرر فليس من مبادئ
    الشريعة تحريم مثل ذلك.



    وعلى ذلك فيمكن القول: إن الأصل في التأمين هو
    التحريم، ولا يجوز إلزام االناس بنظام تأميني قائم على المعاوضة الربحية بين
    المؤمن والمؤمن له، وأما الدخول في عقد التأمين بالنسبة للأفراد فيجوز في الحالات
    الآتية:



    الحال الأولى: إذا كان التأمين
    تابعاً في العقد غير مقصود أصالة فيه:



    فإذا وقع العقد على شيء وجاء التأمين تبعاً
    لذلك فيغتفر وجوده في ذلك العقد، ولا حرج على المسلم من الدخول فيه ، ولهذه الحال
    أمثلة متعددة، فمن ذلك:



    1-
    التأمين الذي تقدمه الشركات لموظفيها
    على أنه مزية من المزايا التي تعطيها للموظفين. فهذا التأمين جزء من مستحقات
    متعددة للموظف ولم يقع عقد الإجارة ( الوظيفة) عليه أصالة.



    2-
    التأمين على السلع عند شرائها –كالسيارات
    والأجهزة الكهربائية- ، سواء أفرد بمبلغ مستقل عن قيمة السلعة أو لم يفرد، بشرط أن
    يكون التأمين في صفقة واحدة مع شرائه للجهاز.



    3-
    التأمين على السيارة المستأجرة إذا أمن
    المستأجر على السيارة في عقد الإجارة نفسه، ولو زادة قيمة الأجرة بسبب التأمين.



    4-
    التأمين على البضائع عند شحنها إذا كانت
    الشركة الناقلة تقدم خدمة التأمين مع عقد الشحن نفسه.



    ففي جميع ذلك يجوز الدخول في التأمين، وأخذ
    العوض عند استحقاقه.



    وقد يرد على هذه الأمثلة اعتراضان:


    الأول:أن الغرر
    المغتفر هو التابع الذي لا يمكن فصله عن أصله كما في الثمرة على النخل، أما هنا
    فالتأمين يمكن فصله عن أصله فلا يعد تابعاً.



    والجواب: أنه لا يلزم
    أن يكون التابع مرتبطاً بأصله لا ينفك عنه ، بدليل قوله عليه الصلاة والسلام في
    حديث ابن عمر السابق :{ من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر ، فثمرتها للبائع ، إلا أن
    يشترط المبتاع } إذ الأصل فصل الثمرة عن النخلة بدون شرط، ومع ذلك جاز بيعها تبعاً
    لأصلها بالشرط.وهذا يدل على أنه لو اشترط المشتري تأمين السلعة على البائع فهو شرط
    صحيح إذا كان هذا الشرط مقترناً بالعقد.



    والثاني:أن التأمين
    في الأمثلة المذكورة له وقع في الثمن بخلاف الحمل في البطن والثمرة في النخل ونحو
    ذلك مما يذكره الفقهاء من صور الغرر المغتفر فإن التابع ليس له ثمن.



    والجواب: بعدم التسليم
    بأن التابع في الأمثلة التي يذكرها الفقهاء ليس له ثمن، بل إن له تأثيراً في قيمة
    أصله فالناقة الحامل بلا شك أغلى ثمناً من غيرها، ولهذا كان تغليظ الدية في القتل
    العمد بإيجاب أربعين خلفة –أي ناقة حاملاً-على الجاني. وفي بيع النخل بثمره
    للمشتري أن يشترط الثمرة أو لا يشترط، ولا شك أن الثمن يختلف بوجود هذا الشرط من
    عدمه.



    والثالث: أن التأمين
    بذاته محرم بخلاف الحمل والثمرة واللبن ونحوها فإنها مباحة في ذاتها.



    والجواب: أنه لا فرق
    بين التأمين وهذه الأشياء المذكورة في هذا الجانب، فالكل إذا أفرد بالعقد صار بيعه
    محرماً.



    الحال الثانية: إذا كان التأمين
    تقتضيه الحاجة:



    ويقصد بالحاجة أن يلحق الإنسان حرج ومشقة إذا
    لم يؤمن، ولا يلزم أن يصل إلى مرحلة الضرورة، بل يكفي وجود الحاجة لاستباحة هذا
    العقد ، كماتقدم.



    ويشترط لهذه الحال أن تتحقق شروط الحاجة من حيث
    كونها حقيقية لا موهومة ، وأن تقدر بقدرها، وألا يوجد عقد آخر مباح تندفع به
    الحاجة.



    وتختلف الحاجة باختلاف الأحوال والأشخاص
    والأمكنة والأزمنة، فما يحتاجه صاحب المركبة العامة غير ما يحتاجه صاحب المركبة
    الخاصة ، والحاجة إلى تأمين المسكن في البلاد التي تكثر فيها الكوارث يختلف عن
    البلاد التي يندر فيها ذلك.



    ومن الأمثلة التي تدخل في هذه الحال:


    1-
    التأمين الطبي في البلاد التي تكون
    تكلفة العلاج فيها باهظة، ولا يتحملها المقيم بدون تأمين.



    2-
    تأمين المركبة إذا كان نظام البلد الذي
    يقيم فيه الشخص يلزم بذلك، ويجب أن يقتصر في ذلك على الحد الذي تندفع به الحاجة،
    وهو الحد الأدنى الذي يلزم به نظام البلد.



    3-
    تأمين المساكن والمراكز الإسلامية في
    البلدان غير الإسلامية، ضد الحوادث والسرقات والحريق إذا كانت الحاجة تقتضي مثل
    ذلك.



    الحال الثالثة: إذا كان التأمين
    تعاونياً:



    لأن الغرر الذي في العقد مغتفر لكونه من عقود
    التبرعات، والتأمين التعاوني يختلف في أهدافه وآثاره عن التأمين التجاري،
    فالتعاوني يهدف إلى تحقيق التكافل والتعاون فيما بين المستأمنين وهو بهذا يحقق
    مقصداً من مقاصد الشريعة الإسلامية بخلاف التامين التجاري فإن الهدف منه الاسترباح
    والمعاوضة فلذا كان محرماً.



    ومن صور التأمين التعاوني المعاصرة:


    1-
    التأمين الاجتماعي الذي تقدمه الحكومات
    والهيئات العامة للمواطنين.



    2-
    البرامج التقاعدية والادخارية التي
    تستثمر فيها الأموال المدخرة في وسائل استثمارية مباحة.



    3-
    التأمين الطبي الذي ترعاه الدولة
    وتتقاضى رسوماً ربما تكون في كثير من الأحيان رمزية.



    4-
    الجمعيات التعاونية والتأمين المعمول به
    في النقابات المهنية ونحوها.



    المطلب الرابع: الفروق بين التأمين
    التجاري والتأمين التعاوني:



    ذهب عامة العلماء المعاصرين إلى تحريم التأمين
    التجاري وجواز التأمين التعاوني، وقد أخذ بهذا القول معظم هيئات الفتوى الجماعية،
    كهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية ومجمع الفقه الإسلامي التابع
    للرابطة ، ومجمع الفقه التابع للمنظمة ، وغيرها ؛ وذلك لما يشتمل عليه التأمين
    التجاري من الغرر والمقامرة وأكل المال بالباطل ، بخلاف التأمين التعاوني فإن
    مبناه على التكافل والتضامن . وإن الناظر بعين الإنصاف في واقع صناعة التأمين
    اليوم ليدرك ما في هذا القول من التوسط والاعتدال ، ومدى موافقته لمقاصد الشريعة
    الإسلامية ، يتحقيق مصالح الناس وسد حاجاتهم دون غبن أو ضرر . وإحصائيات التأمين
    أوضح شاهدٍ على ذلك ، ففي نظام التأمين التجاري تتكدس الأموال الطائلة لدى شركات
    التأمين في مقابل تعويضات تعد يسيرة مقارنة بما تحققه من أرباح ، مما نتج عنه استئثار
    الأقلية الثرية بمزايا التأمين وخدماته ، بينما الأكثرية الفقيرة محرومة منها
    لكونها غير قادرة على تحمل أقساط التأمين ، وقد أوهمت تلك الشركات الناس أن لا
    مجال لتفتيت المخاطر إلا بهذا الأسلوب، وهو أمر تكذبه تجارب التأمين التعاوني التي
    طبقت في عددٍ من الدول المتقدمة فكانت أكثر نجاحاً وتحقيقاً لأهداف التأمين من
    شركات التأمين التجاري.



    ويتضح الفرق بين هذين النوعين في كون نظام
    التأمين التجاري قائماً على أساس أن تتولى إدارة التأمين شركة مستقلة عن المؤمن
    عليهم ، وتستحق هذه الشركة جميع أقساط التأمين في مقابل التزامها بدفع مبالغ
    التأمين عند استحقاقها ، وما يتبقى لديها من فائض أقساط التأمين فإنها لا تعيده
    للمؤمن لهم ، لأنها تعتبره عوضاً في مقابل التزامها بالتعويضات المتفق عليها ،
    وإذا لم تفِ الأقساط المحصلة لدفع كل التعويضات فلا يحق لها الرجوع عليهم بطلب
    زيادة أقساط التأمين .



    بينما في التأمين التعاوني يجتمع عدة أشخاص
    معرضين لأخطار متشابهة، ويدفع كل منهم اشتراكاً معيناً، وتخصص هذه الاشتراكات
    لأداء التعويض المستحق لمن يصيبه الضرر، وإذا زادت الاشتراكات على ما صرف من تعويض
    كان للأعضاء حق استردادها، وإذا نقصت طولب الأعضاء باشتراك إضافي لتغطية العجز، أو
    أنقصت التعويضات المستحقة بنسبة العجز.ولا مانع من أن يتولى إدارة التأمين
    التعاوني جهة مستقلة عن المؤمن لهم أنفسهم وأن تتقاضى أجوراً أو عمولات مقابل
    إدارتها للتأمين ، ولا يمنع كذلك من أن تأخذ جزءاً من أرباح استثمارات أموال التأمين
    بصفتها وكيلاً عنهم في الاستثمار.



    وبهذا يظهر أن شركة التأمين في كلا النوعين قد
    تكون شركة منفصلة عن المؤمن عليهم ، كما أنها في كليهما قد تكون شركة ربحية – أي
    أنها تهدف إلى الربح- ، ويظهر الفرق بين النوعين في ثلاثة أمور رئيسة :



    الفارق الأول ( في قصد
    المؤمن عليهم):
    فالأقساط المقدمة من حملة الوثائق في التأمين التعاوني يقصد
    منها التعاون على تفتيت الأخطار ، تأخذ هذه الأقساط صفة الهبة (التبرع) .



    أما التأمين التجاري
    فهو من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية .



    الفارق الثاني ( في
    الالتزام): ف
    في التأمين التجاري هناك التزام تعاقدي بين شركة التأمين
    والمؤمن لهم ، إذ تلتزم الشركة تجاه المؤمن عليهم بدفع التعويضات ، وفي مقابل ذلك
    تستحق كامل الأقساط المدفوعة ، بينما في التأمين التعاوني لا مجال لهذا الالتزام ،
    إذ إن التعويض يصرف من مجموع الأقساط المتاحة ، فإذا لم تكن الأقساط كافية في
    الوفاء بالتعويضات طلب من الأعضاء زيادة اشتراكاتهم لتعويض الفرق ، وإلا كان
    التعويض جزئياً بحسب الأرصدة المتاحة.



    الفارق الثالث ( في
    محل الاسترباح):
    فلا تهدف شركة التأمين التعاوني إلى الاسترباح من الفرق بين
    أقساط التأمين التي يدفعها المؤمن لهم وتعويضات الأضرار التي تقدمها الشركة لهم ،
    بل إذا حصلت زيادة في الأقساط عن التعويضات المدفوعة لترميم الأضرار ترد الزيادة
    إلى المؤمن عليهم، أو تبقى هذه الزيادة لدى الشركة كاحتياطي لعمليات التأمين
    اللاحقة ولا تدخل في المركز المالي للشركة .بينما الفائض في التأمين التجاري يكون من
    استحقاق شركة التأمين في مقابل التزامها بالتعويض تجاه المؤمن لهم.



    المسألة الثالثة: النقود الائتمانية:


    المقصود بالائتمان في العرف المصرفي مبادلة
    قيمة حاضرة بقيمة آجلة . وسمي بذلك لأن الطرفين يأتمن كل منهما الآخر،أي يثق فيه.
    وله صور متعددة :فالقرض وبيع التقسيط والسلم ونحوها كلها عقود ائتمانية.



    والنقود
    الإئتمانية هي تلك النقود التي تختلف قيمتها كسلعة عن قيمتها كنقد، وهي على نوعين:



    1-الأوراق النقدية (البنكنوت)،مثل الريال
    والدولار.



    2-الأوراق التجارية،مثل الشيك والكمبيالة
    والسند لحامله.



    فجميع
    هذه النقود لها ثمن مغاير لقيمتها الحقيقية فالريال مثلاً،له قيمة أكثر من قيمته
    كورقة لوبيعت،ولهذا سميت نقوداً ائتمانية لأن المتعامل بها يأتمن (يثق)جهة الاصدار
    في تأمين قيمتها.



    وقد
    مرت البشرية بعدة مراحل حتى وصلت إلى النقود الإتمانية:



    المرحلة
    الأولى:



    كان
    التبادل يتم عن طريق نظام المقايضة،أي مبادلة السلع بعضها ببعض،لكن هذا الأسلوب
    كان يكتنفه كثير من الصعوبات ،لعدم وجود معيار ثابت تقيم به السلع ،وقلما يجد شخص
    يريد البر مثلاً وعنده تمر شخصاًيريد تمراًبنفس الكمية وعنده بر بنفس الكمية التي
    يريدها الأول،ولهذا عدل الناس إلى المرحلة الثانية وهي إيجاد وسيط موحد للتبادل.



    المرحلة
    الثانية:



    استخدام
    الذهب(الدنانير )والفضة(الدراهم) كوسيط للتبادل، واختيار الذهب والفضة لكونهما
    عنصران نفيسان ولايبليان مع الزمن ولأن كل النفوس مجبولة على محبتهما بخلاف غيرهما
    من المعادن.



    المرحلة
    الثالثة:



    استخدام
    النقود الإتمانية(الورقية والتجارية)،وكان بدء انتشار هذه الأوراق في القرن الثامن
    عشر الميلادي في أوروبا وبالتحديد في إيطاليا عندما كان الناس يودعون أموالهم من
    الذهب والفضة عند الصاغة ويأخذون من الصائغ إيصالاُبقيمتها،ثم أصبحت هذه الإيصالات
    قابلة للتداول بين الناس فلم يحتج المودع إلى أن يسحب وديعته من الذهب والفضة بل
    يكتفي بتظهير الإيصال للمستفيد،وفي فترة لاحقة أدرك الصاغة أن الأرصدة المودعة
    لديهم تبقى لديهم لفترة طويلة دون أن يسحبها أصحابها فتفطنوا إلى إمكانية
    استثمارها،ثم بدأ الصاغة يصدرون إيصالات بلا أرصدة حقيقية ،ومن ثم تدخلت الحكومات
    فمنعت إصدار هذه الأوراق إلا من المصرف المركزي في الدولة ،فكان المصرف المركزي
    يحتفظ بودائع من الذهب والفضة تساوي قيمة الأوراق النقدية التي يصدرها ،ويكتب على
    ظهر الورقة:بأن البنك المركزي يتعهد بدفع قيمة هذه الورقة متى ما طلب حاملها ذلك .



    إلاأنه
    وبعد أن أصبح لهذه الورقة قبولاً عند الناس لم تعد البنوك المركزية تكتب هذا
    التعهد اكتفاء بالثقة بالبنك المركزي.



    ثم
    إنه في إبان الحرب العالمية الأولى ونظراً لقلة المخزون من الذهب والفضة ولانفتاح
    التجارة العالمية بشكل كبير مما لم يعد معه الذهب والفضة كافياً لتغطية إصدارات
    الدولة من الأوراق النقدية ،فلم تعد الدول تحتفظ برصيد من الذهب أو الفضة بل أصبحت
    قيمة العملة مرتبطة بالناتج القومي للبلد.،كذلك عهدت الحكومات إلى المصارف
    التجارية بإصدار الأوراق التجارية(الشيكات …)ووضعت قيود صارمة عليها لمتابعتها في
    عملية ضخ النقود في البلد.
    Admin
    Admin
    Admin


    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 2987
    تاريخ الميلاد : 18/06/1970
    تاريخ التسجيل : 27/09/2009
    العمر : 54

    المعاملات المالية Empty تابع

    مُساهمة من طرف Admin الجمعة مايو 28, 2010 3:45 pm

    هل عرفت الحضارة الإسلامية النقود الإئتمانية؟


    نعم
    عرفتها ،وذلك في صور متعددة:



    1-الفلوس وهي نقود تضرب من النحاس أو الحديد
    وتستخدم في شراء الأشياء الحقيرة ،فالفلوس نوع من النقود الإتمانية لأن قيمتها
    كنقد تخالف قيمتها كسلعة.



    2-السفاتج،جمع سفتجة،وهي أن يعطي ماله لآخر على
    أن يقضيه الآخر في بلد آخر ،والغرض منها الأمن من خطر الطريق ،فالسفتجه(وهي
    الإيصال الذي يأخذه المقرض)مثل الشيك المسحوب من بنك على أحد فروعه،وممن اشتهر بها
    عبدالله بن الزبير.



    3-الصكاك ،وهي أورا ق كان يصدرها الأمراء تتضمن
    قيمة العطاء الذي يستحقه من صدرت باسمه فكان الناس يتداولونها فيما بينهم.



    وفيما يلي الأحكام المتعلقة بكل نوع من النقود الإئتمانية:


    أولاً-النقود الورقية:


    ومن أمثلتها الريال والدولار والجنيه، وغيرها، وقد اختلف
    العلماء المعاصرون في بادئ الأمر في حقيقة الأوراق النقدية كالدولار والريال
    ونحوها، والذي استقر عليه الأمر أنها نقود
    قائمة بنفسها كالذهب والفضة ،وأنها أجناس تتعدد بتعددجهان إصدارها.وهذا هو ماعليه
    جمهور العلماء المعاصرين وبه صدرارات :مجمع الفقه الإسلامي بالرابطة ومجمع الفقه
    الإسلامي بالنتظمة ولجنة الفتوى بالأزهر وهيئة كبار العلماء بالمملكة .



    استدل
    أصحاب هذا القول بما يلي :



    1- أن النقود الورقية
    تؤدي وظائف النقدين تماماً،من أنها أثمان ولها قوة إبراء الذمم من الديون
    ةالالتزامات .



    2- ولأن الراجح من أقوال الفقهاء أن علة الربا في النقدين هي
    الثمنية،والأوراق النقدية أثمان ،فقد عرف الاقتصاديون الأثمان بأنها كل ما يستعمل
    مقياساًللقيم وواسطة للتبادل وأداة للادخار وإبراء الذمم.



    ويترتب على ذلك ما يلي:


    أ‌-
    أن الربا بنوعيه ربا الديون وربا البيوع
    يجري فيها.



    ب‌- عدم
    جواز بيع الجنس الواحد ببعضه متفاضلاً أو نسيئة.



    ت‌- عدم
    جواز بيعها بغير جنسها من الأوراق النقدية أو بالذهب والفضة نسيئة.



    ث‌- جواز
    بيع بعضها ببعض متفاضلاًإذا اختلف الجنس.



    ج‌- تجب
    الزكاة فيها وتزكى زكاة النقدين.



    ثانياً-الأوراق التجارية:


    والمشهور منها ثلاثة أنواع:


    1.
    الشيك:


    ويعرف بأنه أمر من العميل إلى المصرف ليدفع إلى
    شخص ثالث المبلغ المدون في الشيك من حسابه الجاري في المصرف .



    2.
    الكمبيالة:


    وهي عبارة عن صك مكتوب يتضمن أمراًصادراًمن
    الساحب إلى المسحوب عليه بدفع مبلغ معين في تاريخ معين لصالح شخص ثالث.



    فالكمبيالة مثل الشيك إلا انها تختلف عنه في
    أمرين:



    1-أنها تكون مؤجلة.


    2-لايلزم أن تكون مسحوبة على مصرف فقد تحررها
    شركة غير مصرفية.



    3.
    السندلحامله


    وهو ورقة تجارية تتضمن دفع قيمة معينة في تاريخ
    معين لحاملها.



    فهو يختلف عن الشيك في أمرين:


    1-أنه قد يكون مؤجلاً


    2-أن مستحقه غير معين.


    وتسمى
    الأوراق التجارية نقود الودائع لأنها مسحوبة على الودائع المصرفية.



    أحكامها


    النقود
    التجارية لها نفس أحكام النقود الورقية ،فتأخذ الورقة التجارية حكم نفس العملة
    المدونة فيها فلا يجوز صرف شيك بقيمة 100 دولار ب 105دولارات .ويجوز صرفه
    بالريالات بأي سعر بشرط التقابض.



    مسألة: هل قبض الورقة التجارية في قوة قبض محتواها؟ بمعنى أنه هل يجوز
    استعمالها فيما يجب فيه التقابض شرعاً؟فهل يجوز أن نستعملها في صرف العملات أو في
    شراء الذهب والورق؟



    لاخلاف
    بين العلماء المعاصرين على عدم جواز استعمال الأوراق التجارية المؤجلة كالكمبيالة
    فيما يجب فيه التقابض شرعا لأن التأجيل يتنافى مع شرط التقابض.



    واختلفوا
    في حكم شراء الذهب والفضة بالشيكات على ثلاثة أقوال:



    1.
    القول الأول:


    الجواز وهذا ماعليه جمهور العلماء المعاصرين.


    استدل أصحاب هذا القول بما يلي :


    1-أن العرف جار بين التجار على قبول هذه
    الأوراق وأن قبضها بمنزلة قبض محتواها ،والعرف محكم في هذه المسألة لأن القبض يرجع
    في تحديده إلى العرف كما تقدم،وعلى هذا فلها حكم النقد.



    2-وبالقياس على الأوراق النقدية فإنها كانت في
    السابق سندات بدين ثم تحولت إلى نقد بذاتهانظراُللحماية القانونية الفروضة عليها
    ولقبول الناس لها، فكذلك الأوراق التجارية إذ لها من القبول عند التجار والحماية
    ما يساوي أو يفوق الأوراق النقدية بل إن الصفقات الكبيرة لايمكن أن تتم إلا
    بلأوراق التجارية.



    2.
    القول الثاني


    أن قبضها ليس بمنزلة قبض محتواها فلايجوز
    استعمالها في شراء الذهب والفضة وفي صرف العملات.



    استدل أصحاب هذا القول بما يلي :


    1-أن الشيكات قد يتعذر استيفاء قيمتهافقد تكون
    بلا رصيد وقد يفلس البنك المسحوبة عليه



    أجيب:


    بأن الأوراق النقدية كذلك قد تكون مزورة ولم
    يمنع ذلك من صحة القبض بها.



    2-وبأن الأوراق التجارية لايصح قياسها على
    الأوراق النقدية لأن الأوراق النقدية نهائية أي أنها غير قابلة للتحويل بخلاف
    الأوراق التجارية.



    3.
    القول الثالث


    جواز استعمال الشيك المصدق فيما يجب فيه القبض
    شرعا دون الشيك العادي.



    وهذا هو اختيار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله


    استدل أصحاب هذا القول بما يلي :


    أن الشيك المصدق له من الحماية ما يكفي عن قبض
    محتواه بخلاف الشيك غير المصدق فقد يكون بلا رصيد.



    والراجح والله أعلم هو التفصيل وأنه إذا كان
    نظام البلد يحمي حامل الشيك ويعاقب من يحرر شيكاًبلا رصيد ،وقد تعارف التجار على
    قبول الشيكات في الوفاء بالإلتزامات فيجوز استعماله في شراء الذهب وفي المصارفة
    بين العملات أما إذا كان النظام بخلاف ذلك وكان استعمال الشيك على نطاق ضيق
    فلايجوز.



    مسألة:الشيكات السيحية:


    الشيكات السياحية نوع من الأوراق التجارية
    ،ويعتبر قبضها في قوة قبض محتواها بلا خلاف وعليه فيجوز استخدامها في شراء الذهب
    والفضة وفي شراء العملات الأخرى.



    ويأخذ الشيك السياحي حكم العملة المدونة فيه ،فإذاكان
    الشيك السياحي بالدولار فيجوز شراءه أو صرفه بريالات مثلاًبأي سعر لاختلاف
    الجنس،لكن لايجوز صرفه أو شراؤه بدولارات إلابنفس القيمة بلا زيادة ولانقصان،إلا
    أنه يجوز للبنك أن يأخذ أجور لصرف الشيك السياحي أو لإصداره بشرط أن تكون
    هذهالأجور بقدر الكلفة التي تكبدها البنك في ذلك،وعلى ذلك فلايجوز أنتكون هذه
    الأجور نسبية تزيد بزيادة المبلغ وتنقص بنقصانه مثل 1%من قيمة الشيك، أما لو كان
    الأجر ثابتاً وبقدر الكلفة الحقيقية مثل أن يجعل دولاراًواحداًعن كل شيك فيجوز.






    المسألة
    الرابعة:بطاقات التخفيض
    :


    بطاقات
    التخفيض على نوعين:



    النوع الأول-بطاقات تخفيض مجانية:


    وهي
    التي تمنحها بعض المحلات لبعض زبائنها مجانا، فهذه يجوز الاشتراك بها لأنه وإن كان
    فيها نوع من الغرر إلا أنه غرر معفو عنه لأن العقد هنا تبرع وليس معاوضة وقد سبق
    أن من شروط الغرر المؤثر أن يكون في عقد معاوضة.



    ولكن
    قد يرد التحريم من جهة أخرى وذلك فيما لو كان الشخص المهدى إليه موظفا وكانت الجهة
    المهدية تتعامل مع الجهة التي يعمل بها، مثل أن يكون موظفا في الجمارك أو الجوازات
    أويكون مدرساً لصاحب المحل أو قريبه
    أويرجو منه صاحب المحل منفعة ونحوذلك
    فيحرم في هذه الحالة قبول الهدية لأنها رشوة، وقد قال عليه الصلاة
    والسلامSadهدايا العمال غلول).



    تنبيه:


    من
    النوع الأول من بطاقات التخفيض أيضاً ماإذا كان المحل يمنح البطاقة مجاناُ لمن
    يشتري منه بمبلغ معين ، أوأن المحل يعطي خصماً فورياً(بدون بطاقة) لمن تزيد
    مشترياته عن كذا وكذا،فكل هذه الصور جائزة.



    النوع الثاني-بطاقات تخفيض بعوض:


    وهذه
    البطاقات قد تكون ثنائية بحيث يصدر المحل بطاقة تخفيض برسم معين، وقد تكون ثلاثية
    الأطراف، وصورتها أن تقوم شركة ببيع بطاقات تخفيض يستفيد منها المستهلك بالحصول
    على تخفيض من عدد من المحلات والمطاعم والفنادق. والوسيط عادة ما يتقاضى رسوماً من
    المستهلك ومن المحلات المشاركة في برنامج التخفيض.



    وقد
    اختلف العلماء المعاصرون فيها على قولين:



    القول الأول :التحريم:


    وهذا
    هو رأي اللجنة الدائمة للافتاء بالمملكة وعدد من العلماء المعاصرين منهم ابن باز
    وابن عثيمين وغيرهم.



    استدلوا:


    1-بأن
    فيها أكلاً للمال بالباطل لأن البائع يأخذ قيمتها بغير عوض وقد لايستفيد المشتري
    منها.



    2-ولما
    فيها من الغرر فإن المشتري لايعرف تحديداً مقدار الخصم الذي سيحصله والبائع كذلك، فلو
    فرضنا أن البطاقة بمائة واستخدمها المشتري فحصل على خصم يبلغ 200،فيكون المشتري
    غانماً والبائع غارماً، اما لوكان مقدار الخصم الذي حصل عليه خلال مدة الاشتراك
    مثلاً 50فقطفيكون البائع غانما والمشتري غارما،وبهذا يكون العقد دائراًبين الغنم
    والغرم.



    القول الثاني:جواز هذه البطاقات.


    استدلوا
    بما يلي:



    1-أن
    الأصل في المعاملات الحل فلا ينتقض هذا الأصل إلابدليل صحيح صريح.
    2-وأما الغرر الذي في المعاملة فهو غير مؤثر لأنه لايسبب ضررا على أي منهما أما
    البائع فإنه رابح على كل حال سواء اشترى المشتري بالبطاقة أوبدونهالأن المحلات تضع
    هامش ربح حتى في حال استخدام البطاقة، ولا يتصور الضرر على البائع إلا إذا كان
    يبيع السلعة على صاحب البطاقة بأقل من رأس ماله فيها لكن هذا غير واقع، وأما
    المشتري فالبطاقة بيده فمتى شاء استخدمهاوهذا كما لو استأجر سيارة فقد يستعملها
    طيلة فترة الإجارة وقد لايستخدمها إلا للحظات معدودة ولايعد ذلك غررا، وكذلك البيت
    قد يستأجرها سنة فلا يحتاج للسكنى فيها إلا أياماً وقد يسكنها طيلة السنه.



    والراجح
    والله أعلم هو التفصيل، وهو أن بطاقة التخفيض الثنائية جائزة ولو كانت بعوض،
    والغرر الذي فيها مغتفر؛ لأن من شروط الغرر المؤثر أن يكون فيه ضرر وهذه البطاقات
    لاضرر فيها على أي من الطرفين، وأما المال الذي أخذه البائع فليس من أكل المال
    بالباطل لأن المشتري يأخذ عوضاُ عته وهو نسبة الخصم المتفق عليها.وأما البطاقة الثلاثية
    ففيها غرر فاحش، لأن التاجر الذي يدفع رسوماً لشركة البطاقة لا يجزم بحصوله على
    المنفعة التي بذل من أجلها العوض، فقد يحصل المقصود من اشتراكه في البطاقة وهو
    التسويق له، وقد لا يأتيه أحد من حملة البطاقة.



    المسألة الخامسة: المسابقات التجارية:


    المسابقات
    التجارية على نوعين :



    النوع الأول: مسابقات يكون الاشتراك فيها بلا عوض:


    أي
    أن قسيمة الاشتراك في المسابقة تبذل للمتسابقين مجانا، فهذه اختلف فيها العلماء
    المعاصرون على قولين:



    القول الأول:تحريم
    الاشتراك فيها،وممن اختار هذا القول سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله
    واللجنة الدائمة للافتاء بالمملكة.



    استدل
    أصحاب هذا القول بما يلي :



    1-ما
    روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قالSadلاسبق إلا في نصل
    أوخف أوحافر)أخرجه الخمسة



    السبق:بفتح
    السين والباء هو مايوضع للمتسابق من جعل.



    النصل:أي
    السهم و الخف كناية عن الإبل و الحافر كناية عن الخيل.



    2-ولأن
    هذه المسابقات تتضمن غرراً لأن المشترك لايعلم هل سيحصل على الجائزة أم لا.



    القول الثاني:جواز
    الدخول في هذه المسابقات، وهذا رأي الشيخ ابن عثيمين.



    استدل
    أصحاب هذا القول بما يلي :



    أن
    الأصل في البيوع الحل ولا دليل على التحريم.



    وأما
    حديث أبي هريرة فالمراد به لاسبق أولى من السبق الكائن في هذه الأشياء المذكورة
    بدليل جواز الجعالة في غير الأشياء المذكورة.



    وأما
    الغرر الذي في هذه المعاملات فهو غير مؤثر، لأنه في عقد تبرع، لافي عقد معاوضة وقد
    سبق أن من شروط الغرر أن يكون في عقد معاوضة.



    تنبيه:


    ألحق
    بعض الفقهاء بالثلاثة المذكورة في الحديث كل ما كان معيناً على الجهاد كالبنادق
    والطائرات ونحو ذلك ، قالوا لأن الحكمة من التنصيص على هذه الأمور الثلاثة كونها
    من أدوات الجهاد فيلحق بها كل ما كان معينا على الجهاد ، بل ألحق شيخ الإسلام ابن
    تيمية وابن القيم بها المراهنات في المسائل العلمية لأن الجهاد كما يكون بالسنان
    يكون باللسان بدليل قول الله تعالى: (ياأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين) ومعلوم
    أن جهاد المنافقين بالعلم والبيان، وهذا هو الصحيح، ويؤيده الرهان الذي وقع بين
    أبي بكر رضي الله عنه وكفار قريش في انتصار الروم على الفرس.



    النوع
    الثاني: المسابقات التي يكون الاشتراك فيها بعوض:



    فهذه
    لاخلاف بين أهل العلم على تحريمها حتى ولو كان العوض يسيراً، لأنها من
    الميسر، ولأن فيها غرراً ظاهراُ، لأن المشترك يدفع قيمة الاشتراك وقد يربح الجائزة
    فيكون غانماً، وقد لايربح شيئاُ فيكون غارماُ.



    فإن
    كانت المسابقة لاقيمة لها بنفسها لكن الدخول فيها مشروط بشراء سلعة ونحوذلك، مثل
    أن تكون المسابقة منشورة في جريدة أو ملصقة على منتج ومن شرط الدخول فيهاشراء ذلك
    المنتج، فهنا يجوز الدخول في المسابقة حتى ولوزادت قيمة المنتج بسبب وجود
    المسابقة، لأن هذه المعاملة وإن تضمنت غرراً لكنه غرر غير مؤثر لأنه تابع، ومن شرط
    الغرر كما تقدم أن يكون مقصوداً في العقد لاتابعاً،لكن يشترط لذلك أن يكون
    المشتري محتاجاً فعلاً لتلك السلعة،
    أما إن اشترى السلعة لأجل المسابقة وهو
    لايحتاج السلعة فهنا يحرم شراؤه لأن المال المبذول قصد منه الجائزة وهي غير محققة.



    المسألة السادسة:المتاجرة بالعملات عن طريق الهامش ( المارجن):


    تصوير الشراء بالهامش:


    يقصد
    بالشراء بالهامش: شراء العملات بسداد جزء من قيمتها نقداً بينما يسدد الباقي بقرض،
    بضمان العملة محل الصفقة، والهامش هو التأمين النقدي الذي يدفعه العميل للبنك
    ضماناً لتسديد الخسائر التي قد تنتج عن تعامل العميل مع البنك.



    وفي هذه
    المعاملة يفتح العميل حساباً بالهامش لدى أحد سماسرة سوق العملات، الذي يقوم
    بدوره بالاقتراض من أحد البنوك التجارية
    -(وقد يكون السمسار نفسه هو البنك المقرض)- لتغطية الفرق بين قيمة الصفقة وبين
    القيمة المدفوعة كهامش.



    مثال ذلك:


    لنفرض أن
    عميلاً فتح حساباً بالهامش لدى أحد السماسرة، وضع فيه العميل تأميناً لدى السمسار
    بمقدار عشرة آلاف دولار.وفي المقابل يتيح السمسار للعميل أن يتاجر بما قيمته مليون
    دولار، أي يقرضه هذا المبلغ برصده في حساب العميل لدى السمار ليضارب العميل به،
    فيشتري بهذا الرصيد من العملات الأخرى كاليورو مثلاً، ثم إذا ارتفع اليورو مقابل
    الدولار باعه وهكذا، فيربح العميل من الارتفاع في قيمة العملة المشتراة.



    ويجدر
    التنبه إلى ما يلي:



    1-أن
    السمسار (سواء كان بنكاً أو غيره) لا يسلم العميل نقوداً فعلية، وإنما يقيد في
    رصيده المبلغ المقترض. بل إن السمسار لا يملك هذا المبلغ حقيقة، وإنما هو مجرد نقود
    قيدية، أي أن السمسار لم يخسر أو يتكلف شيئاً عندما قدم القرض لأن من خصائص البنوك
    القدرة على توليد النقود،أي منح القروض وإن لم تكن عنها فعلاً.



    2- العملة
    المشتراة تكون مرهونة لدى السمسار لسداد قيمة القرض، وتكون مسجلة باسمه وليس باسم
    العميل، ولكن يحق للعميل التصرف بها بالبيع والشراء.



    3-يمثل
    الهامش في المثال السابق 1% من قيمة القرض، وهو يعد هامش أمان – كما يقال- بالنسبة
    للسمسار، فلو انخفضت قيمة العملة المشتراة بمقدار 1% مقابل الدولار، فيحق للسمسار
    بيع تلك العملة لأنها مسجلة باسمه لاسترداد قيمة القرض، وبهذا يتبين أن السمسار قد
    ضمن عدم الخسارة لأنه متى شعر أن العملة قد تنخفض بما يهدد سلامة رأسماله في القرض
    فإنه يبيع تلك العملة ويسترد رأسماله.



    الحكم
    الشرعي للشراء بالهامش:



    ذهب جمهور
    العلماء المعاصرين إلى تحريم الشراء بالهامش، لاشتماله على عددٍ من المحاذير
    الشرعية، ومنها:



    1-لأن
    العقد صوري
    ، فالبيع والشراء يكون بالهامش، أي أن السمسار لا يملك حقيقة المبلغ
    الذي وضعه للعميل.



    2- ولعدم
    تحقق التقابض الواجب شرعاً في مبادلة العملات
    ، فإن مشتري العملة في الأسواق
    الفورية لا تسجل باسمه ولا تتم التسوية النهائية للصفقة إلا بعد مرور يومي عمل،
    فعندما يشتري العميل العملة فإنها تقيد في حسابه قيداً ابتدائياً، أما القيد
    النهائي فلا يتم إلا بعد مرور يومي عمل، والواقع أن مشتري العملة يبيعها قبل مرور
    اليومين.



    3- ولأنه
    قرض جر منفعة،
    ووجه ذلك أن المبلغ المقدم من السمسار يكيف شرعاً على أنه قرض،
    والسمسار يستفيد من هذا القرض فائدة مشروطة من جهتين:



    الأولى: أنه يشترط
    على العميل أن يكون شراء العملات وبيعها عن طريقه، ليستفيد السمسار من عمولات
    البيع والشراء، فجمع العقد سلفاً –(وهو القرض) وبيع –(وهو السمسرة بأجر)، وقد نهى
    صلى الله عليه وسلم عن سلف وبيع، رواه الخمسة.



    والثانية: أن يبيع
    العملة على العميل بسعر، ويشتريها منه بسعر أقل، فهو من يستفيد من فروق الأسعار
    بين البع والشراء.



    4-ولأنه
    قرض بفائدة،
    فالممول سواء أكان السمار أم غيره يشترط على العميل أنه إذا
    باتت النقود لأكثر من ليلة، ولم يرد العميل القرض، أي لم يغلق الصفقة، فإنه يأخذ
    عليه فائدة مقابل المبالغ المبيتة.



    ويعترض
    البعض على هذا الأمر باعتراضين:



    الأول: أن
    العميل بإمكانه أن يلتزم برد القرض وإغلاق الصفقة من دون تبييت.



    والجواب:
    أن مجرد الدخول بعقد فيه شرط فاسد لا يجوز، لأنه ذريعة إلى الوقوع في المحرم.



    والثاني: أن بعض
    شركات السمسرة تتنازل عن هذا الشرط، فلا تلزم العميل بدفع فوائد علىالمبالغ المبيتة.



    والجواب:
    أنه وإن انتفى هذا الشرط فيما بين السمسار والعميل فإن هذا الشرط يبقى قائماً بين
    السمسار والبنك الممول، ولو فرض انتفاؤه أيضاً فتبقى المحاذير الأخرى.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء نوفمبر 27, 2024 6:47 pm