السلطة القضائية في إطار الفصل المتوازن للسلطات في النظام السياسي الفلسطيني
إعداد
الباحثان
أ.
جهاد حرب- باحث في الشؤون البرلمانية
د.
احمد أبو دية-أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس
إشراف
د. عزمي الشعيبي –المنسق العام للائتلاف أمان
كانون ثاني
2007
مقدمة
يتطلب بناء نظام سياسي
ديمقراطي توزيع متوازن للسلطة ( Power) بين أطرافها
(التنفيذية والتشريعية والقضائية)، وتأمين علاقة تكاملية بين سلطات النظام السياسي
الثلاث، وتفعيل الرقابة المتبادلة بينها (Checks & Balances )،
واحترام كل منها للاختصاصات الوظيفية المنوطة بالسلطة الأخرى وفقا للقواعد
الدستورية والقانونية المرعية والمعتمدة، واعتماد الشفافية في عمل كل منها، ووجود
نظم مساءلة فاعلة مما يوفر بيئة تؤسس لنظام النزاهة الوطني لتقليل فرص الفساد.
لقد ضمّن المشرع الفلسطيني في
القانون الأساسي الفلسطيني بعض الأحكام التي تنظم قواعد الفصل بين السلطات حيث حدد
الصلاحيات الرئيسية المناطة بكل من السلطة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة
التنفيذية، فقد أُسند إلى السلطة التشريعية صلاحية إقرار القوانين إضافة إلى الرقابة
على أعمال السلطة التنفيذية (مجلس الوزراء والجهاز التنفيذي) وكذلك اسند إليها إقرار
الموازنة العامة. كما منح السلطة القضائية صلاحية الفصل في المنازعات، والرقابة
على الأعمال الإدارية للسلطة التنفيذية. في حين أسند القانون الأساسي لمجلس
الوزراء الصلاحيات المتعلقة بالإشراف على جميع الأعمال العامة التنفيذية والإدارية
وإصدار اللوائح التنظيمية وحفظ النظام العام والأمن الداخلي وبلورة السياسات
العامة وتنفيذها وجباية الأموال العامة وإعداد الموازنة وإنفاقها، وللرئيس اختيار
وتكليف رئيس مجلس الوزراء وإصدار القوانين المقرة من المجلس التشريعي وحق الاعتراض
عليها خلال ثلاثين يوما، وتعيين السفراء والمعتمدين الفلسطينيين وقبول اعتماد
السفراء والممثلين الأجانب، كما أعطى الرئيس حق تعيين بعض كبار المسؤولين في
السلطة ومنحة منصب القائد الأعلى ومنحة حق إعلان حالة الطوارئ وحق العفو الخاص عن
المحكومين. اعتبر القانون الأساسي رئيس الوزراء مسؤول أمام رئيس السلطة ومساءل في
الوقت ذاته من المجلس التشريعي، واعتبر رقابة السلطة التشريعية على أعمال السلطة
التنفيذية أمرا أساسيا.
عاني النظام السياسي
الفلسطيني 1996- 2006 من إشكاليات متعددة في موضوع توزيع السلطة (Separation
of Power) بين السلطات الثلاث تمثلت في عدم وضوح حدود دور كل منها في بعض
الصلاحيات والاختصاصات أو عدم شفافية آليات أو إجراءات العلاقة فيما بينها أو في
كيفية ممارسة الصلاحيات أو المسؤوليات. كما عانى من تغول السلطة التنفيذية على
صلاحيات السلطتين الأخيرتين بعد صدور قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة 2002 احتد الخلاف
بين وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى على الإشراف الإداري على المحاكم والطواقم
الإدارية لها، وموازنة السلطة القضائية وإجراءات تقديمها، ودور وزارة العدل في
تعيين وكلاء النيابة ومعاونيهم، والمسؤولية عن دائرة التفتيش القضائي والمعهد
القضائي ونشأت خلافات بين السلطة القضائية والتشريعية كما اشتكت السلطة القضائية
من تدخل مكتب الرئيس وبعض مستشاريه في أعمال السلطة القضائية وقد طالب عدد كبير من
القضاة بأن يمارسو سلطتهم باعتبارهم مفصولين عن السلطات الأخرى.
يعزى سبب الخلاف بين السلطات الثلاث
في النظام السياسي الفلسطيني إلى عدم تحديد صلاحيات كل سلطة منها بشكل دقيق في
القانون الأساسي والقوانين والأنظمة ذات العلاقة بعملها إضافة إلى شفافية عمل كل
منها أو نتيجة لتجاوز أو تجاهل أحدها لصلاحيات السلطة الأخرى في الممارسة
الواقعية، الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات حول مدى فهم واحترام مبدأ الفصل
بين السلطات (Separation of Power) القائم على
التوازن في توزيع السلطة، وضمان وجود مبدأ الرقابة المتبادلة بينها بشكل فعّال.
الفصل السليم بين
السلطات في النظام الديمقراطي
أولا: وجود السلطات الثلاث في
النظام السياسي: السلطة التنفيذية المعتمدة + السلطة التشريعية المنتخبة + السلطة
القضائية النزيهة والمستقلة، وتتمتع كل واحدة منها بصلاحيات واختصاصات محددة وفقا
للدستور (القانون الأساسي) والقوانين الخاصة بكل منها. كما تتمتع كل منها في
ممارسة عملها ودورها دون تدخل من ممثلي أو أعضاء أي من السلطتين بما يؤثر في مجرى
عملها أو قراراتها والتي عليها أن تبلورها باستقلال نسبي عن الأخريات مع وجود
إجراءات ومعايير معلنة وواضحة وشفافية في تنفيذها لعملها مع ضمان وجود آليات للتعاون
والتكامل فيما بينها تحول دون استئثار أي سلطة من السلطات الثلاث بمهام وصلاحيات تمنحها
سلطة مطلقة في العمل أي التأكد من الحيلولة دون احتكار السلطة (Power) والذي يسهل ويتيح الاستبداد باستعمالها. إن الفصل بين السلطات في
ممارسة الصلاحيات والمسؤوليات بشفافية ومسؤولية مع قيام قدر من التعاون فيما بينها
ووجود رقابة على كل منها من خارجها لا يتعارض مع احترام مبدأ الاستقلالية.
ثانيا: ضمان وجود رقابة متبادلة بين
السلطات بحيث تمارس كل منها صلاحياتها تحت رقابة السلطات الأخرى لضمان التزام كل
سلطة بحدود صلاحياتها وسيادة القانون.
إن
وضوح صلاحية كل سلطة وشفافية عمل كل منها ووضوح وسلاسة العلاقة بين السلطات الثلاث
واحترام كل منها صلاحيات ودور الأخرى والقبول بمبدأ الرقابة المتبادلة في أي نظام
سياسي ديمقراطي سواء كان رئاسيا، أو برلمانيا، أو (رئاسي برلماني)، تشترط
لفعاليتها وتطبيقها وجود إرادة سياسية لدى الأطراف القيادية في هذه السلطات لاحترام
القواعد الدستورية والقانونية الناظمة لعمل السلطات الثلاث وهذا هو الذي يوفر بيئة
عمل تحترم المواطن والقانون والنظام وتخشى من المساءلة والمحاسبة والعقاب مما يقلل
فرص الفساد والعكس صحيح أي أن عدم توفر إرادة سياسية باحترام مبدأ الفصل بين
السلطات أو عدم توزيع متوازن للصلاحيات أو ضعف الرقابة المتبادلة بين السلطات يولد
بيئة تزيد من فرص الفساد.
وعلى
ضوء هذا المفهوم وفي سبيل تحصين هذا الهدف سنقوم بمراجعة الحالة الفلسطينية. يؤكد
القانون الأساسي الفلسطيني على أن النظام السياسي يقوم على أساس مبدأ فصل السلطات
(التشريعية والتنفيذية والقضائية) حيث ينص في المادة الثانية على أن "الشعب
مصدر السلطات ويمارسها عن طريق السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية على أساس
مبدأ الفصل بين السلطات على الوجه المبين في هذا القانون الأساسي". إن توزيع
السلطة (Power) بين السلطات الثلاث في الحالة الفلسطينية ليس فصلا جامدا.
فالتشريع؛ صلاحية أصيلة للسلطة التشريعية إلا أنه أثناء مراحل إقراره المختلفة
يسمح بتدخل ودور للسلطة التنفيذية والسلطة القضائية. والمجلس التشريعي يمارس مهمته
الرقابة باعتبارها صلاحية أصيلة على أعمال السلطة التنفيذية من خلال مراجعة
واعتماد بيان الحكومة ومنح الثقة للحكومة، والمجلس يحق له حجب الثقة عن أي وزير أو
عن مجلس الوزراء. مجلس الوزراء يضع الموازنة العامة والمجلس التشريعي يصادق عليها،
وتتمتع السلطة التنفيذية في تنفيذ سياساتها وإنفاق ما تم إقراره في الموازنة
العامة باعتبارها صلاحية أساسية. في حين ينص القانون الأساسي على أن السلطة
القضائية مستقلة، وأن القضاة مستقلون؛ لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، والسلطة
التشريعية تقر قوانين السلطة القضائية والسلطة القضائية تتولى الرقابة على أعمال
الإدارة العامة وقراراتها. وعلى الرغم من أن القانون الأساسي لم يحدد شكل العلاقات
وآلياتها بين السلطات الثلاث بشكل واضح إلا أن هذا لم يكن السبب الوحيد والأساس
لاعتداء إحدى السلطات على صلاحيات الأخرى بل أن الممارسة اليومية والإمعان في
التغول لاستخدام القوة من قبل السلطة التنفيذية كانت تعكس تجاهل واعي لعدم
احترامها لمبدأ الفصل بين السلطات أساسا ليس بسبب غياب حدود واضحة لصلاحيات
السلطات الثلاث وحدود العلاقة فيما بينها. لقد شكلت ظاهرة غياب المساءلة والمحاسبة
للسلطة التنفيذية ورموزها التي أساءت استعمال الموقع العام من قبل السلطة
التشريعية وفقا للقانون حيث سيطر عليها علاقات تبعية للسلطة التنفيذية ما ساهم
بشكل أساسي في إشاعة مناخ عدم احترام القانون والشعور بغياب المحاسبة وهذا زاد من
عدد الفاسدين وأشاع انطباعات مبالغ فيها بمدى وجود الفساد في القطاع العام.
مبدأ
الفصل بين السلطات في النظام السياسي الفلسطيني ينسجم مع خصائص النظام البرلماني. لكن
الانتخاب المباشر لرئيس السلطة الفلسطينية، ومنحه حق الاعتراض على مشاريع القوانين
التي يقرها المجلس التشريعي بشكل محدود، وإعطائه حق إعلان حالة الطوارئ في حالات
معينة لفترة محددة (مع عدم منحه سلطة حل المجلس التشريعي) تصبغه بملامح النظام
السياسي الرئاسي. إن النظام السياسي الفلسطيني ليس نظاما برلمانيا خالصا ولا نظاما
رئاسيا مطلقا، وإنما هو نظام سياسي مختلط (رئاسي برلماني) يجمع بين خصائص النظامين
البرلماني والرئاسي ما ساهم في إثارة إشكال جديد وأدى إلى بروز إشكالات داخل السلطة
التنفيذية نفسها بين رئيس السلطة ورئيس الوزراء حول مدى تمتع الرئيس بصلاحيات حل
البرلمان أو إجراء انتخابات مبكرة أو إعلان حالة الطوارئ أو مدى إلزام الحكومة في
برنامجها بتوجيهات الرئيس وبرنامجه أو صلاحية الرئيس في عمل استفتاء حول شأن عام.
وأدخل المجتمع الفلسطيني في جدل فقهي حول قضايا لم يرد بها نص صريح في القانون
الأساسي، وحول مفهوم أن الشعب مصدر السلطات يمارسها كما وهو وارد في القانون عبر
سلطاته الثلاث.
موقع السلطة القضائية ودورها في النظام السياسي
ينص القانون الأساسي الفلسطيني
على أن السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها (مادة
97)، وأن القضاة مستقلون، ولا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية
سلطة التدخل في القضاء أو في شؤون العدالة (مادة 98). وأن القضاة غير قابلين للعزل
وأن قانون السلطة القضائية يحدد كيفية تعيين القضاة ونقلهم وانتدابهم وترقيتهم
ومساءلتهم. وفي نفس الاتجاه، أكدت المادة (1) من قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة
2002 على استقلال السلطة القضائية، وأكدت المادة (2) على استقلال القضاة. فيما تنص
المادة 82 من قانون السلطة القضائية على أن "الأحكام القضائية واجبة التنفيذ
والامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها على أي نحو جريمة يعاقب عليها بالحبس،
والعزل من الوظيفة إذا كان المتهم موظفا عاما أو مكلفا بخدمة عامة، وللمحكوم له
الحق في رفع الدعوى مباشرة إلى المحكمة المختصة، وتضمن السلطة الوطنية الفلسطينية
تعويضا كاملا له". نصت المادة 100 من القانون الأساسي على إنشاء مجلس قضاء
أعلى وأحالت إلى قانون السلطة القضائية الذي نص في المادة 37 منه على تشكيلته ومنح
مجلس القضاء الأعلى صلاحيات عديدة في الإشراف على مرفق القضاء وتسيير أعماله.
يتشكل
مجلس القضاء الأعلى بموجب قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة 2002 من رئيس المحكمة
العليا رئيسا، وأقدم نواب رئيس المحكمة العليا نائبا، وقاضيين من أقدم قضاة
المحكمة العليا، ورؤساء محاكم استئناف القدس وغزة ورام الله، والنائب العام ووكيل
وزارة العدل. نص القانون الأساسي على أن السلطة القضائية مستقلة، وأن القضاة
مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون للحكم في قضايا الخلاف على الحقوق
والحكم في الجرائم وتأمين العدالة، ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضاء أو في
شؤون العدالة باعتبارها المسؤولية الأولى ، وأن السلطة القضائية على أعمال الإدارة
العامة وقراراتها باعتبارها المسؤولية الثانية. يمارس مجلس القضاء الأعلى بعض
صلاحياته منفردا والبعض الآخر بحاجة إلى مصادقة رئيس السلطة وجزء منها بمشاركة مجلس
الوزراء (وزير العدل). كما أن القانون الأساسي أوجب أخذ رأي مجلس القضاء الأعلى في
مشروعات القوانين التي تنظم أي شأن من شؤون السلطة القضائية بما في ذلك النيابة
العامة.
أولا: تحقيق
العدالة
- الفصل في
قضايا الخلاف على الحقوق والحكم في الجرائم: تمارس السلطة القضائية مهامها عبر
المحاكم النظامية بدرجاتها[1] وفقا لأحكام المادة 14 من
قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة 2002 والمادة 2 من قانون تشكيل المحاكم النظامية
لسنة 2001.
- الرقابة على
القرارات الإدارية:
وفقا لأحكام المادة 30 من القانون الأساسي المعدل يحظر النص على تحصين أي قرار أو
عمل إداري من رقابة القضاء، كما أن المادة 33 من قانون تشكيل المحاكم النظامية
لسنة 2001 تحدد اختصاص محكمة العدل العليا (المحكمة الإدارية) بالفصل في المنازعات
المتعلقة بالوظيفة العمومية، ورفض الإدارة العامة أو امتناعها عن القيام بعملها
وفقا للقانون والأنظمة المعمول بها، والطلبات المتعلقة بإلغاء اللوائح والأنظمة أو
القرارات الإدارية النهائية الماسة بالأشخاص والأموال الصادرة عن أشخاص القانون
العام، طلبات المعارضة في الحبس عن الأشخاص الموقوفين بوجه غير مشروع، والطعون
الخاصة بالانتخابات.
-
المصادقة على حكم الإعدام: وفقا لأحكام المادة 109 من
القانون الأساسي أحكام المادة 409 من قانون الإجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001،
يصادق رئيس السلطة الوطنية حكم الإعدام الصادر من أية محكمة فلسطينية.
-
حق العفو الخاص عن العقوبة أو تخفيضها حسب المادة 42 من القانون
الأساسي لرئيس السلطة حق العفو الخاص عن العقوبة أو تخفيضها.
الإشكاليات:
- بطء النظر في
القضايا المنظورة أمام المحاكم، فعلى الرغم من أن هذا البطء ناجم عن عدم اكتمال
الهيئات القضائية(النقص في عدد القضاة) خاصة محاكم الصلح والبداية والاستئناف، وعن
عدم تمكن القضاة من الوصول إلى أماكن عملهم بسبب الإغلاقات والحواجز الإسرائيلية،
إلا أن هذا البطء شجع القضاء البديل بتنشيط لجان الإصلاح والقضاء العرفي وأضعف من
ثقة المواطنين بالسلطة القضائية.
-
أصدر
رئيس السلطة الوطنية خمسة قوانين بقرارات في الفترة الواقعة مابين
5/2/2006-16/2/2006 تتعلق بالشأن القضائي هي تعديل قانون السلة القضائية وقانون
معدل لأحكام في قانون تشكيل المحاكم النظامية، وقانون معدل لأحكام في قانون أصول
المحاكمات المدنية والتجارية، وقانون معدل لقانون الإجراءات الجزائية، وقانون
محكمة الجنايات الكبرى. وبغض النظر عن مدى دستورية إصدار هذه القوانين بقرارات،
فإن استخدام رئيس السلطة لصلاحياته هذه بإحداث تغييرات في البنية القانونية للقضاء
يعد تدخلا في السلطة القضائية ومهددا لاستقرار الجهاز القضائي واعتبار هذا التدخل
جزءا من الصراع على السلطة بين طرفي السلطة التنفيذية (رئيس السلطة والحكومة).
- امتناع السلطة
التنفيذية (وبخاصة الأجهزة الأمنية) وتباطؤها عن تنفيذ قرارات المحاكم على وجه
الخصوص قرارات محكمة العدل العليا؛ إذا ما كانت متعارضة مع توجهاتها ورغباتها أو
متناقضة مع اعتباراتها السياسية أو الاجتماعية، مما يوفر بيئة مواتية للفساد لغياب
تطبيق أحكام القضاء.
- ممارسة
الضغوطات على السلطة القضائية والقضاة من قبل أفراد في السلطة التنفيذية للتأثير
عليهم عند البت في القضايا المرفوعة أمامهم لإغلاق ملفاتها أو للبت فيها لصالح طرف
معين يكون في الغالب أحد أعضاء المؤسسة التنفيذية وأجهزتها أو من الموالين
والمحابين لها.
-
عدم
تحديد مهلة قانونية معينة لمصادقة رئيس السلطة على تنفيذ حكم الإعدام الصادر عن المحاكم
الفلسطينية ما يمنح رئيس السلطة القدرة على تعطيل تنفيذ الحكم إلى فترة طويلة أو
إلى ما لا نهاية، وقد ينتهي إلى صدور قرار عفو، ويهيئ بيئة تزيد من فرص الفساد.
-
غياب
قواعد محددة لممارسة رئيس السلطة الوطنية حق العفو الخاص عن العقوبة أو تخفيضها. ما
يشكل مدخلا لتدخل رئيس السلطة الوطنية في قرارات المحاكم، ومدخلا لزيادة فرص
الفساد خاصة إذا ما استخدم لتخفيض عقوبة أو العفو عن متنفذين تمت إدانتهم بقضايا
فساد.
ثانيا: تعيين شاغلي
الوظائف القضائية ونقلهم وندبهم
- تنسيب شاغلي
الوظائف القضائية:
ينسب مجلس القضاء الأعلى شاغلي الوظائف القضائية وفقا لأحكام المادة 18 من قانون
السلطة القضائية لتعيينهم بقرار من رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية.
- تنسيب
النائب العام:
وفقا لأحكام المادة 107 من القانون الأساسي والمادة 63 من قانون السلطة القضائية
لسنة 2002، ينسب مجلس القضاء الأعلى النائب العام لتعيينه بقرار من رئيس السلطة.
-
تنسيب أعضاء محكمة قضايا الانتخابات: وفقا لأحكام المادة 29 من
قانون الانتخابات رقم 9 لسنة 2005 ينسب مجلس
القضاء الأعلى أعضاء محكمة قضايا الانتخابات لإصدار مرسوم رئاسي بتعيينهم.
-
ترقية القضاة: يتولى مجلس القضاء الأعلى ترقية القضاة
وفقا لأحكام المادة 41 من قانون السلطة القضائية لسنة 2002 على أساس
الأقدمية مع مراعاة الكفاءة
حسب المادة 18 من قانون السلطة القضائية لسنة 2002.
- نقل القضاة: يكون نقل القضاة أو
ندبهم بقرار من مجلس القضاء الأعلى وفقا لأحكام المادة 22 من قانون السلطة
القضائية لسنة 2002.
- اختيار رئيس
المكتب الفني ومعاونيه: يختار مجلس القضاء الأعلى رئيس المكتب الفني بالمحكمة
العليا ومعاونيه من القضاة أو القضاة المتقاعدين أو كبار المحامين لمدة سنتين
قابلتين للتجديد. حسب المادة 9 من قانون السلطة القضائية لسنة 2002.
- قاضي الأمور
المستعجلة: وفقا
لأحكام المادتين 11 و17 من قانون تشكيل المحاكم النظامية لسنة 2001 لمجلس القضاء الأعلى ندب قاضي بداية أو
قاضي صلح أو أكثر للنظر في الأمور الوقتية والمستعجلة بمسمى قاضي الأمور
المستعجلة.
-
ندب قضاة محاكم الاستئناف أو
البداية أو الصلح لمحكمة أخرى من نفس الدرجة: لمجلس القضاء الأعلى ندب أحد
قضاة محاكم الاستئناف أو البداية للعمل في محكمة أخرى من ذات الدرجة لمدة ستة أشهر
قابلة للتجديد وفقا لأحكام المادة 24 من قانون السلطة القضائية والمادة 35 قانون
تشكيل المحاكم النظامية لسنة 2001.
- ندب أحد
قضاة محكمة الصلح ليجلس قاضيا في محكمة البداية: لمجلس القضاء الأعلى ندب
أحد قضاة محكمة الصلح ليجلس قاضيا في محكمة البداية لا تزيد عن ستة أشهر وفقا
لأحكام المادة 35 من قانون تشكيل المحاكم النظامية لسنة 2001.
- ندب أحد
قضاة محكمة البداية ليجلس قاضيا في محكمة استئناف: وفقا لأحكام المادة 35 من
قانون تشكيل المحاكم النظامية لسنة 2001، لمجلس القضاء الأعلى ندب أحد قضاة محكمة
البداية ليجلس قاضيا في محكمة استئناف لمدة لا تزيد عن ستة أشهر.
- ندب أحد
قضاة محاكم الاستئناف مؤقتا للعمل بالمحكمة العليا: وفقا لأحكام المادة 24 من
قانون السلطة القضائية والمادة 35 قانون تشكيل المحاكم النظامية لسنة 2001، لمجلس
القضاء الأعلى ندب أحد قضاة محاكم الاستئناف مؤقتا للعمل بالمحكمة العليا ممن
تتوافق فيهم شروط العمل بالمحكمة العليا لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد.
- ندب قضاة
لغير العمل القضائي:
حسب المادة 23 من قانون السلطة القضائية لسنة 2002 يتطلب قرار وزير العدل ندب قاضي
مؤقتا للقيام بأعمال قضائية غير عمله أو بالإضافة إليه أو للقيام بأعمال قانونية
متى اقتضت ذلك مصلحة وطنية موافقة مجلس القضاء الأعلى.
الإشكاليات:
-
غياب
قواعد مكتوبة وواضحة ومعلنة لتعيين شاغلي الوظائف القضائية مما قد يتيح المجال
أمام استخدام الواسطة والمحسوبية في التعيينات القضائية.
-
غياب
إجراءات واضحة ومعلنة ومحددة لآليات تنسيب شاغلي الوظائف القضائية من قبل مجلس
القضاء الأعلى لإصدار قرارات التعيين من قبل رئيس السلطة للحد من تعطيل رئيس
السلطة إقرار التعيينات ولتوضح سلطات رئيس السلطة في مجال التعيين وبخاصة أن رئيس
السلطة عين عددا من القضاة دون تنسيب من مجلس القضاء الأعلى مما أضعف السلطة
القضائية ويفقد القضاة استقلاليتهم لجهة صاحب التعيين (السلطة التنفيذية).
-
ترقية
عدد من قضاة في السلك القضائي بمختلف درجاته دون الأخذ بعين الاعتبار قاعدتي
الأقدمية والكفاءة ما يضعف قواعد النزاهة في الترقيات داخل الجهاز القضائي ويمنح
بيئة مناسبة للفساد داخل السلطة القضائية.
-
أدى
نقل قضاة من دائرة عملهم لدائرة أخرى للنظر في قضايا محددة على سبيل المثال قضية
بنك فلسطين الدولي إلى إضعاف استقلال السلطة القضائية بخضوعها لطلبات السلطة
التنفيذية والإخلال بقواعد النزاهة في السلطة القضائية.
-
غياب
إجراءات مكتوبة وواضحة ومعلنة لندب القضاة في الجهاز القضائي بشكل عام. وعدم وجود
لائحة تنظم العلاقة مع وزير العدل فيما يتعلق بندْب القاضي مؤقتا للقيام بأعمال
قضائية غير عمله، أو بالإضافة إليه، أو للقيام بأعمال قانونية متى اقتضت ذلك مصلحة
وطنية، بقرار من وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى. كما أن عدم وضوح عبارة
"متى اقتضت ذلك مصلحة وطنية" ما يشكل مدخلا لتدخل وزير العدل في تحديد
أماكن عمل القضاة والمحاكم التي يعملون فيها، و يفسح المجال أمام وزير العدل
للتقدم بطلبات النقل والندب بصورة تربك مجلس القضاء الأعلى، حتى لو لم يوافق مجلس القضاء
الأعلى على ذلك، وحتى لو كان دور وزير العدل دورا إداريا. علما أن قانون تشكيل
المحاكم النظامية[2]
ينص على انتداب القضاة كحق لمجلس القضاء الأعلى، ولم يتطرق للاستثناء الذي ورد في
قانون السلطة القضائية والذي يمنح دورا لوزير العدل بشأن ندْب القضاة.
ثالثا: علاقة
السلطة القضائية بالموازنة العامة بشكل عام وموازنتها الخاصة
- إعداد
موازنة السلطة القضائية: وفقا المادة 3 من قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة 2002، يعد مجلس القضاء الأعلى موازنة السلطة القضائية
ومن ثم يحيلها إلى وزير العدل لإجراء المقتضى القانوني وفقا الأحكام قانون تنظيم
الموازنة والشؤون المالية.
- الإشراف على
تنفيذ موازنة السلطة القضائية: يشرف مجلس القضاء الأعلى على تنفيذ
موازنة السلطة القضائية وفقا لأحكام المادة 3 من قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة
2002.
- إقرار
موازنة السلطة القضائية: يصادق المجلس التشريعي على موازنة السلطة في إطار إقراره الموازنة
العامة للسلطة الوطنية وفقا لأحكام المادة 3 من قانون السلطة القضائية.
الإشكاليات:
- أدى الصراع ما
بين مجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل على تقديم موازنة السلطة القضائية إلى تقديم
مجلس القضاء الأعلى موازنة عامي 2004 و2005 خلافا لأحكام المادة 3 من قانون السلطة
القضائية؛ حيث قام رئيس مجلس القضاء الأعلى بإرسال موازنة المجلس إلى وزارة
المالية بشكل مباشر دون إحالتها إلى وزير العدل. وذلك بسبب غياب إجراءات مكتوبة
وواضحة ومعلنة لإحالة مجلس القضاء الأعلى موازنة السلطة القضائية إلى وزير العدل
بالإضافة إلى عدم وضوح نص المادة 3 من قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة 2002 بخصوص
إجراء المقتضى القانوني وحدود اختصاصات وزير العدل.
- مفهوم كبار
القضاة بأن لا أحد له حق التدخل لأنهم سلطة مستقلة وبالتالي لا يخضعون لرقابة
الجهات ذات الاختصاص بما فيها دور المجلس التشريعي في الاطلاع على تفاصيل الإيرادات
والنفقات والمحاسبة عليها.
رابعا: الإعارة الخارجية للقضاة
- إعارة
القضاة
للحكومات الأجنبية أو الهيئات الدولية: وفقا لأحكام المادة 26 من قانون
السلطة القضائية ينسب مجلس القضاء الأعلى إعارة القاضي إلى حكومات أجنبية أو هيئات
دولية لإصدار قرار رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية.
خامسا: تأديب القضاة ومساءلتهم
- الفصل في
تظلمات القضاة: حسب المادة 45 من قانون
السلطة القضائية يفصل مجلس القضاء الأعلى في تظلمات القضاة الخاصة بتقارير الكفاية
قبل إجراء الحركة القضائية بوقت كافٍ.
- تنفيذ
القرارات التأديبية:
ينفذ مجلس القضاء الأعلى القرارات التأديبية الصادرة عن مجلس التأديب بعد صيرورتها
نهائية وفي كان القرار الصادر يقضي بعقوبة العزل اعتبر القاضي في إجازة حتمية من
تاريخ صدور القرار حتى صيرورته نهائيا وفقا لأحكام المادة 55 من قانون السلطة
القضائية.
- توقيف
القاضي:
وفقا لأحكام المادة 57 من قانون السلطة القضائية يختص مجلس القضاء الأعلى بالنظر
في توقيف القاضي وتجديد حبسه من اختصاص مجلس القضاء الأعلى ما لم يكن الأمر منظورا
أمام المحاكم الجزائية المختصة.
سادسا: عزل القضاة
-
يعزل القضاة، وفقا لأحكام المادة 55 من قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة
2002، بمرسوم يصدر من رئيس السلطة الوطنية لتنفيذ قرار عزل القاضي الصادر عن مجلس
التأديب (متى صار نهائيا) ويعتبر العزل نافذا من تاريخ صدور هذا القرار.
سابعا: وضع اللوائح وتنظيم
العمل
- يضع مجلس
القضاء الأعلى نظاما لتدريب القضاة وإعدادهم قبل تولي أعمال القضاء وفقا لأحكام
المادة 17 من قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة 2002.
- يحدد مجلس
القضاء الأعلى أنواع الأمور المستعجلة التي تنظر فيها المحاكم أثناء العطلة
القضائية وفقا لأحكام المادة 35 من قانون السلطة القضائية.
- يضع مجلس
القضاء الأعلى لائحة بالقواعد التي يسير عليها في مباشرة اختصاصاته، ويجوز له أن
يشكل لجنة أو أكثر من بين أعضائه يفوضها في بعض اختصاصاته عدا ما يتعلق منها
بالتعيين أو الترقية أو النقل حسب المادة 41 من قانون السلطة القضائية.
- يضع مجلس
القضاء الأعلى لائحة لدائرة التفتيش يبين فيها اختصاصاتها والقواعد والإجراءات
اللازمة لأداء عملها وعناصر تقدير الكفاية بما فيها نتائج الدورات التدريبية
وأسباب إلغاء أحكام القاضي أو نقضها أو تعديلها حسب المادة 42 من قانون السلطة
القضائية
-
وضع
اللوائح اللازمة لتنفيذ قانون السلطة القضائية. المادة 80 من قانون السلطة
القضائية لسنة 2002.
- إصدار الأنظمة
اللازمة لتنفيذ أحكام قانون تشكيل المحاكم النظامية في موعد أقصاه عام واحد من
تاريخ تشكيل مجلس القضاء الأعلى الانتقالي وفقا لأحكام المادة 38 من قانون تشكيل
المحاكم النظامية.
- تنظيم أحكام
المحكمة العليا ومحاكم الاستئناف ومحاكم الصلح وتقسيمها إلى دوائر متخصصة وفقا
لأحكام المواد 28 و21 و10 من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 5 لسنة 2001.
الإشكاليات
- إن عدم انتظام
جلسات مجلس القضاء الأعلى أدى إلى اتخاذ قرارات بصورة فردية من قبل رئيس مجلس
القضاء الأعلى خاصة في مجالات الترقية والتعيين، وإلى غياب الشفافية في إجراءات عمل
مجلس القضاء الأعلى؛ حيث أن مجلس القضاء الأعلى لم يقم طوال السنوات الماضية[3] بوضع اللائحة التنفيذية
(النظام الداخلي لمجلس القضاء الأعلى) لتحديد قواعد عمل المجلس وكيفية ممارسة
اختصاصاته المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بعمل مجلس القضاء الأعلى، مما أتاح
بيئة مناسبة للفساد في موضوعي الترقية والتعيين.
- غياب إجراءات
الرقابة الداخلية حيث أن مجلس القضاء الأعلى لم يقر لائحة[4] عمل دائرة التفتيش القضائي
واختصاصاتها في الرقابة على عمل القضاة وعناصر تقدير الكفاية مما يحول من قيام
دائرة التفتيش القضائي من تأدية مهامها وتزويد مجلس القضاء الأعلى بتقاريرها
والقيام بأعمال التفتيش الذي من شأنه تقويم عمل القضاة وتفعيل أدوات الرقابة
"الداخلية" عليهم مما قد يخلق فرصا لغياب النزاهة ولانتشار الفساد.
- إن عدم قيام مجلس
القضاء الأعلى بوضع أغلب اللوائح التنفيذية[5] المنصوص عليها في قانون
السلطة القضائية وتشكيل المحاكم النظامية لسنة 2001 والإجراءات الجزائية وأصول
المحكمات المدنية والتجارية أدى إلى ضعف النزاهة والشفافية والمساءلة في السلطة
القضائية.
ثامنا: الإشراف الإداري على مرفق القضاء
والعاملين من غير القضاة
·
الإشراف الإداري على المحاكم
- لوزير العدل
الإشراف الإداري على جميع المحاكم، لكن لرئيس كل محكمة الإشراف على القضاة
العاملين بها وعلى سير العمل فيها، وفقا لأحكام المادة 47 من قانون السلطة
القضائية. كما تنص المادة 6 من قانون تشكيل المحاكم النظامية لسنة 2001 على أن كل
رئيس محكمة يصدر القرارات الإدارية المنظمة للعمل الإداري فيها.
- تحديد مقار
محاكم الصلح:
يحدد وزير العدل مقار محاكم الصلح ودائرة اختصاصها ضمن دائرة محكمة البداية وفقا
لأحكام المادة 13 من قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة 2002.
- قبول
استقالة القاضي:
يصدر وزير العدل قرارا بقبول استقالة القاضي بعد أسبوعين من تاريخ تقديمها لرئيس
مجلس القضاء الأعلى.المادة 33 من قانون السلطة القضائية.
- تعيين
اختصاص المحاكم النظامية: يعين وزير العدل اختصاص المحاكم النظامية وفقا لأحكام
المادة 1 من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 5 لسنة 2001.
- إقامة
الدعوى التأديبية على القضاة: لوزير العدل طلب من النائب العام إقامة
الدعوى التأديبية على القضاة حسب المادة 49 قانون السلطة القضائية.
- طلب وقف
القاضي عن مباشرة عمله: لوزير العدل الطلب من مجلس القضاء الأعلى وقف القاضي عن
مباشرة أعمال وظيفته أثناء إجراءات التحقيق عن جريمة منسوب إليه ارتكابها حسب
المادة 58 من قانون السلطة القضائية.
الإشكاليات:
-
غياب
قواعد واضحة ومعلنة لحدود الإشراف الإداري لوزير العدل على المحاكم وآلية مباشرة
هذا الإشراف وفقا لأحكام المادة (47) من قانون السلطة القضائية لسنة 2002 "
لوزير العدل الإشراف الإداري على جميع المحاكم، ولرئيس كل محكمة الإشراف على
القضاة العاملين بها وعلى سير العمل فيها". ما يفسح هذا النص لوزير العدل التأثير
على مجريات العمل في المحاكم. كما أن "الإشراف الإداري" الممنوح لوزير
العدل قد يتعارض مع "الإشراف على سير العمل في المحكمة" الممنوح
لرئيسها. ومازال الخلاف دائرا بين وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى ينصب على تفسير
المادة (47) من قانون السلطة القضائية ففي الوقت الذي يرى مجلس القضاء الأعلى أن
الفقرة لا تعني الإشراف الفعلي لوزارة العدل وذلك عملا بمبدأ استقلال القضاء وعدم
تدخل السلطة التنفيذية في شؤون السلطة القضائية، وأن الإشراف الإداري من قبل وزارة
العدل مساساً باستقلال السلطة القضائية، وأن مفهوم الإشراف الإداري يتعلق فقط بأخذ
وزارة العدل للبيانات عن المحاكم وموظفيها لعرضها على المجلس التشريعي. لكن وزارة
العدل ترى أن النص واضح في مسؤولية وزارة العدل بالإشراف الإداري على المحاكم
والهدف من وجود هذه المادة هو عدم إشغال القضاة بالإدارة القضائية وتحولهم إلى
إداريين.
-
عدم
الوضوح في تبعية العاملين من غير القضاة في مرفق القضاء بحيث غاب التمييز بين
الاشراف الإداري لوزير العدل بحكم خضوع العاملين من غير القضاة لقانون الخدمة
المدنية وتقديم التقارير له وما بين الإشراف الفني لرئيس المحكمة فيما يتعلق بعمل
المحاكم وتقديم الخدمات القضائية. مما أدى إلى إضعاف آليات المساءلة في متابعة
عملهم من حيث رفع التقارير وتقييم أدائهم، وغياب النزاهة في تعيين بعض العاملين من
غير القضاة وترقيتهم.
- عدم تحديد
مجالات طلب وزير العدل إقامة دعوى تأديبية على القضاة من شأنه أن يفسح المجال
لتدخل السلطة التنفيذية تجاه القضاة، وقد يؤدي إلى تهديد القضاة برفع دعوى تأديبية
بحقهم للضغط عليهم في مسألة ما. كما أن مسألة
وقف القاضي عن العمل تصبح أكثر خطرا عند استغلال وزير العدل أحكام المادة 58
المتعلقة بحق وزير العدل طلب وقف القاضي عن العمل للتدخل في شؤون السلطة القضائية،
من خلال التدخل في مجريات التحقيق مع القاضي المتهم وطلب وقفه عن مباشرة أعمال
وظيفته.
[1] تتكون المحاكم النظامية من
1. المحكمة العليا (محكمة النقض ومحكمة العدل العليا). 2. محاكم الاستئناف. 3.
محاكم البداية. 4. محاكم الصلح.
[2] المادة 35 من قانون تشكل المحاكم النظامية رقم 5
لسنة 2001.
[3] تم نشر قرار رقم (1) لمجلس
القضاء الأعلى بشأن قواعد مباشرة مجلس القضاء الأعلى لاختصاصاته في الجريدة
الرسمية العدد 67 الصادرة في 19/10/2006.
[4] تم نشر قرار رقم (4) لمجلس القضاء الأعلى بشأن لائحة
التفتيش القضائي في الجريدة الرسمية العدد 67 الصادرة في19/10/2006.
[5] اللوائح التنفيذية المطلوب إصدارها تقدر بعشرين
لائحة تنفيذية هي: قواعد تعيين القضاة، وقواعد الندب والإعارة، ولائحة خاصة
بالتقييم والترقية والأقدمية للقضاة، قواعد تأديب القضاة، وقواعد سير الدعاوى،
ولائحة نموذجية تنظم العمل داخل المحكمة، ولائحة نموذجية تنظم العمل داخل دائرة
النيابة العامة، ولائحة تنظم عمل إدارة المحاكم، والقواعد المنظمة لحقوق الإدخال
والاستخدام، وقواعد التعيين في النيابة العامة، وقواعد تأديب أعضاء النيابة
العامة، وقواعد ندب وإعارة أعضاء النيابة العامة، والعلاقة ما بين الشرطة والنيابة
العامة، لائحة خاصة بتقييم وترقية أعضاء النيابة العامة، القواعد الخاصة بشأن
توفير المساعدة القانونية، والقواعد الخاصة الموازنة.
إعداد
الباحثان
أ.
جهاد حرب- باحث في الشؤون البرلمانية
د.
احمد أبو دية-أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس
إشراف
د. عزمي الشعيبي –المنسق العام للائتلاف أمان
كانون ثاني
2007
مقدمة
يتطلب بناء نظام سياسي
ديمقراطي توزيع متوازن للسلطة ( Power) بين أطرافها
(التنفيذية والتشريعية والقضائية)، وتأمين علاقة تكاملية بين سلطات النظام السياسي
الثلاث، وتفعيل الرقابة المتبادلة بينها (Checks & Balances )،
واحترام كل منها للاختصاصات الوظيفية المنوطة بالسلطة الأخرى وفقا للقواعد
الدستورية والقانونية المرعية والمعتمدة، واعتماد الشفافية في عمل كل منها، ووجود
نظم مساءلة فاعلة مما يوفر بيئة تؤسس لنظام النزاهة الوطني لتقليل فرص الفساد.
لقد ضمّن المشرع الفلسطيني في
القانون الأساسي الفلسطيني بعض الأحكام التي تنظم قواعد الفصل بين السلطات حيث حدد
الصلاحيات الرئيسية المناطة بكل من السلطة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة
التنفيذية، فقد أُسند إلى السلطة التشريعية صلاحية إقرار القوانين إضافة إلى الرقابة
على أعمال السلطة التنفيذية (مجلس الوزراء والجهاز التنفيذي) وكذلك اسند إليها إقرار
الموازنة العامة. كما منح السلطة القضائية صلاحية الفصل في المنازعات، والرقابة
على الأعمال الإدارية للسلطة التنفيذية. في حين أسند القانون الأساسي لمجلس
الوزراء الصلاحيات المتعلقة بالإشراف على جميع الأعمال العامة التنفيذية والإدارية
وإصدار اللوائح التنظيمية وحفظ النظام العام والأمن الداخلي وبلورة السياسات
العامة وتنفيذها وجباية الأموال العامة وإعداد الموازنة وإنفاقها، وللرئيس اختيار
وتكليف رئيس مجلس الوزراء وإصدار القوانين المقرة من المجلس التشريعي وحق الاعتراض
عليها خلال ثلاثين يوما، وتعيين السفراء والمعتمدين الفلسطينيين وقبول اعتماد
السفراء والممثلين الأجانب، كما أعطى الرئيس حق تعيين بعض كبار المسؤولين في
السلطة ومنحة منصب القائد الأعلى ومنحة حق إعلان حالة الطوارئ وحق العفو الخاص عن
المحكومين. اعتبر القانون الأساسي رئيس الوزراء مسؤول أمام رئيس السلطة ومساءل في
الوقت ذاته من المجلس التشريعي، واعتبر رقابة السلطة التشريعية على أعمال السلطة
التنفيذية أمرا أساسيا.
عاني النظام السياسي
الفلسطيني 1996- 2006 من إشكاليات متعددة في موضوع توزيع السلطة (Separation
of Power) بين السلطات الثلاث تمثلت في عدم وضوح حدود دور كل منها في بعض
الصلاحيات والاختصاصات أو عدم شفافية آليات أو إجراءات العلاقة فيما بينها أو في
كيفية ممارسة الصلاحيات أو المسؤوليات. كما عانى من تغول السلطة التنفيذية على
صلاحيات السلطتين الأخيرتين بعد صدور قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة 2002 احتد الخلاف
بين وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى على الإشراف الإداري على المحاكم والطواقم
الإدارية لها، وموازنة السلطة القضائية وإجراءات تقديمها، ودور وزارة العدل في
تعيين وكلاء النيابة ومعاونيهم، والمسؤولية عن دائرة التفتيش القضائي والمعهد
القضائي ونشأت خلافات بين السلطة القضائية والتشريعية كما اشتكت السلطة القضائية
من تدخل مكتب الرئيس وبعض مستشاريه في أعمال السلطة القضائية وقد طالب عدد كبير من
القضاة بأن يمارسو سلطتهم باعتبارهم مفصولين عن السلطات الأخرى.
يعزى سبب الخلاف بين السلطات الثلاث
في النظام السياسي الفلسطيني إلى عدم تحديد صلاحيات كل سلطة منها بشكل دقيق في
القانون الأساسي والقوانين والأنظمة ذات العلاقة بعملها إضافة إلى شفافية عمل كل
منها أو نتيجة لتجاوز أو تجاهل أحدها لصلاحيات السلطة الأخرى في الممارسة
الواقعية، الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات حول مدى فهم واحترام مبدأ الفصل
بين السلطات (Separation of Power) القائم على
التوازن في توزيع السلطة، وضمان وجود مبدأ الرقابة المتبادلة بينها بشكل فعّال.
الفصل السليم بين
السلطات في النظام الديمقراطي
أولا: وجود السلطات الثلاث في
النظام السياسي: السلطة التنفيذية المعتمدة + السلطة التشريعية المنتخبة + السلطة
القضائية النزيهة والمستقلة، وتتمتع كل واحدة منها بصلاحيات واختصاصات محددة وفقا
للدستور (القانون الأساسي) والقوانين الخاصة بكل منها. كما تتمتع كل منها في
ممارسة عملها ودورها دون تدخل من ممثلي أو أعضاء أي من السلطتين بما يؤثر في مجرى
عملها أو قراراتها والتي عليها أن تبلورها باستقلال نسبي عن الأخريات مع وجود
إجراءات ومعايير معلنة وواضحة وشفافية في تنفيذها لعملها مع ضمان وجود آليات للتعاون
والتكامل فيما بينها تحول دون استئثار أي سلطة من السلطات الثلاث بمهام وصلاحيات تمنحها
سلطة مطلقة في العمل أي التأكد من الحيلولة دون احتكار السلطة (Power) والذي يسهل ويتيح الاستبداد باستعمالها. إن الفصل بين السلطات في
ممارسة الصلاحيات والمسؤوليات بشفافية ومسؤولية مع قيام قدر من التعاون فيما بينها
ووجود رقابة على كل منها من خارجها لا يتعارض مع احترام مبدأ الاستقلالية.
ثانيا: ضمان وجود رقابة متبادلة بين
السلطات بحيث تمارس كل منها صلاحياتها تحت رقابة السلطات الأخرى لضمان التزام كل
سلطة بحدود صلاحياتها وسيادة القانون.
إن
وضوح صلاحية كل سلطة وشفافية عمل كل منها ووضوح وسلاسة العلاقة بين السلطات الثلاث
واحترام كل منها صلاحيات ودور الأخرى والقبول بمبدأ الرقابة المتبادلة في أي نظام
سياسي ديمقراطي سواء كان رئاسيا، أو برلمانيا، أو (رئاسي برلماني)، تشترط
لفعاليتها وتطبيقها وجود إرادة سياسية لدى الأطراف القيادية في هذه السلطات لاحترام
القواعد الدستورية والقانونية الناظمة لعمل السلطات الثلاث وهذا هو الذي يوفر بيئة
عمل تحترم المواطن والقانون والنظام وتخشى من المساءلة والمحاسبة والعقاب مما يقلل
فرص الفساد والعكس صحيح أي أن عدم توفر إرادة سياسية باحترام مبدأ الفصل بين
السلطات أو عدم توزيع متوازن للصلاحيات أو ضعف الرقابة المتبادلة بين السلطات يولد
بيئة تزيد من فرص الفساد.
وعلى
ضوء هذا المفهوم وفي سبيل تحصين هذا الهدف سنقوم بمراجعة الحالة الفلسطينية. يؤكد
القانون الأساسي الفلسطيني على أن النظام السياسي يقوم على أساس مبدأ فصل السلطات
(التشريعية والتنفيذية والقضائية) حيث ينص في المادة الثانية على أن "الشعب
مصدر السلطات ويمارسها عن طريق السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية على أساس
مبدأ الفصل بين السلطات على الوجه المبين في هذا القانون الأساسي". إن توزيع
السلطة (Power) بين السلطات الثلاث في الحالة الفلسطينية ليس فصلا جامدا.
فالتشريع؛ صلاحية أصيلة للسلطة التشريعية إلا أنه أثناء مراحل إقراره المختلفة
يسمح بتدخل ودور للسلطة التنفيذية والسلطة القضائية. والمجلس التشريعي يمارس مهمته
الرقابة باعتبارها صلاحية أصيلة على أعمال السلطة التنفيذية من خلال مراجعة
واعتماد بيان الحكومة ومنح الثقة للحكومة، والمجلس يحق له حجب الثقة عن أي وزير أو
عن مجلس الوزراء. مجلس الوزراء يضع الموازنة العامة والمجلس التشريعي يصادق عليها،
وتتمتع السلطة التنفيذية في تنفيذ سياساتها وإنفاق ما تم إقراره في الموازنة
العامة باعتبارها صلاحية أساسية. في حين ينص القانون الأساسي على أن السلطة
القضائية مستقلة، وأن القضاة مستقلون؛ لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، والسلطة
التشريعية تقر قوانين السلطة القضائية والسلطة القضائية تتولى الرقابة على أعمال
الإدارة العامة وقراراتها. وعلى الرغم من أن القانون الأساسي لم يحدد شكل العلاقات
وآلياتها بين السلطات الثلاث بشكل واضح إلا أن هذا لم يكن السبب الوحيد والأساس
لاعتداء إحدى السلطات على صلاحيات الأخرى بل أن الممارسة اليومية والإمعان في
التغول لاستخدام القوة من قبل السلطة التنفيذية كانت تعكس تجاهل واعي لعدم
احترامها لمبدأ الفصل بين السلطات أساسا ليس بسبب غياب حدود واضحة لصلاحيات
السلطات الثلاث وحدود العلاقة فيما بينها. لقد شكلت ظاهرة غياب المساءلة والمحاسبة
للسلطة التنفيذية ورموزها التي أساءت استعمال الموقع العام من قبل السلطة
التشريعية وفقا للقانون حيث سيطر عليها علاقات تبعية للسلطة التنفيذية ما ساهم
بشكل أساسي في إشاعة مناخ عدم احترام القانون والشعور بغياب المحاسبة وهذا زاد من
عدد الفاسدين وأشاع انطباعات مبالغ فيها بمدى وجود الفساد في القطاع العام.
مبدأ
الفصل بين السلطات في النظام السياسي الفلسطيني ينسجم مع خصائص النظام البرلماني. لكن
الانتخاب المباشر لرئيس السلطة الفلسطينية، ومنحه حق الاعتراض على مشاريع القوانين
التي يقرها المجلس التشريعي بشكل محدود، وإعطائه حق إعلان حالة الطوارئ في حالات
معينة لفترة محددة (مع عدم منحه سلطة حل المجلس التشريعي) تصبغه بملامح النظام
السياسي الرئاسي. إن النظام السياسي الفلسطيني ليس نظاما برلمانيا خالصا ولا نظاما
رئاسيا مطلقا، وإنما هو نظام سياسي مختلط (رئاسي برلماني) يجمع بين خصائص النظامين
البرلماني والرئاسي ما ساهم في إثارة إشكال جديد وأدى إلى بروز إشكالات داخل السلطة
التنفيذية نفسها بين رئيس السلطة ورئيس الوزراء حول مدى تمتع الرئيس بصلاحيات حل
البرلمان أو إجراء انتخابات مبكرة أو إعلان حالة الطوارئ أو مدى إلزام الحكومة في
برنامجها بتوجيهات الرئيس وبرنامجه أو صلاحية الرئيس في عمل استفتاء حول شأن عام.
وأدخل المجتمع الفلسطيني في جدل فقهي حول قضايا لم يرد بها نص صريح في القانون
الأساسي، وحول مفهوم أن الشعب مصدر السلطات يمارسها كما وهو وارد في القانون عبر
سلطاته الثلاث.
موقع السلطة القضائية ودورها في النظام السياسي
ينص القانون الأساسي الفلسطيني
على أن السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها (مادة
97)، وأن القضاة مستقلون، ولا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية
سلطة التدخل في القضاء أو في شؤون العدالة (مادة 98). وأن القضاة غير قابلين للعزل
وأن قانون السلطة القضائية يحدد كيفية تعيين القضاة ونقلهم وانتدابهم وترقيتهم
ومساءلتهم. وفي نفس الاتجاه، أكدت المادة (1) من قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة
2002 على استقلال السلطة القضائية، وأكدت المادة (2) على استقلال القضاة. فيما تنص
المادة 82 من قانون السلطة القضائية على أن "الأحكام القضائية واجبة التنفيذ
والامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها على أي نحو جريمة يعاقب عليها بالحبس،
والعزل من الوظيفة إذا كان المتهم موظفا عاما أو مكلفا بخدمة عامة، وللمحكوم له
الحق في رفع الدعوى مباشرة إلى المحكمة المختصة، وتضمن السلطة الوطنية الفلسطينية
تعويضا كاملا له". نصت المادة 100 من القانون الأساسي على إنشاء مجلس قضاء
أعلى وأحالت إلى قانون السلطة القضائية الذي نص في المادة 37 منه على تشكيلته ومنح
مجلس القضاء الأعلى صلاحيات عديدة في الإشراف على مرفق القضاء وتسيير أعماله.
يتشكل
مجلس القضاء الأعلى بموجب قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة 2002 من رئيس المحكمة
العليا رئيسا، وأقدم نواب رئيس المحكمة العليا نائبا، وقاضيين من أقدم قضاة
المحكمة العليا، ورؤساء محاكم استئناف القدس وغزة ورام الله، والنائب العام ووكيل
وزارة العدل. نص القانون الأساسي على أن السلطة القضائية مستقلة، وأن القضاة
مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون للحكم في قضايا الخلاف على الحقوق
والحكم في الجرائم وتأمين العدالة، ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضاء أو في
شؤون العدالة باعتبارها المسؤولية الأولى ، وأن السلطة القضائية على أعمال الإدارة
العامة وقراراتها باعتبارها المسؤولية الثانية. يمارس مجلس القضاء الأعلى بعض
صلاحياته منفردا والبعض الآخر بحاجة إلى مصادقة رئيس السلطة وجزء منها بمشاركة مجلس
الوزراء (وزير العدل). كما أن القانون الأساسي أوجب أخذ رأي مجلس القضاء الأعلى في
مشروعات القوانين التي تنظم أي شأن من شؤون السلطة القضائية بما في ذلك النيابة
العامة.
أولا: تحقيق
العدالة
- الفصل في
قضايا الخلاف على الحقوق والحكم في الجرائم: تمارس السلطة القضائية مهامها عبر
المحاكم النظامية بدرجاتها[1] وفقا لأحكام المادة 14 من
قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة 2002 والمادة 2 من قانون تشكيل المحاكم النظامية
لسنة 2001.
- الرقابة على
القرارات الإدارية:
وفقا لأحكام المادة 30 من القانون الأساسي المعدل يحظر النص على تحصين أي قرار أو
عمل إداري من رقابة القضاء، كما أن المادة 33 من قانون تشكيل المحاكم النظامية
لسنة 2001 تحدد اختصاص محكمة العدل العليا (المحكمة الإدارية) بالفصل في المنازعات
المتعلقة بالوظيفة العمومية، ورفض الإدارة العامة أو امتناعها عن القيام بعملها
وفقا للقانون والأنظمة المعمول بها، والطلبات المتعلقة بإلغاء اللوائح والأنظمة أو
القرارات الإدارية النهائية الماسة بالأشخاص والأموال الصادرة عن أشخاص القانون
العام، طلبات المعارضة في الحبس عن الأشخاص الموقوفين بوجه غير مشروع، والطعون
الخاصة بالانتخابات.
-
المصادقة على حكم الإعدام: وفقا لأحكام المادة 109 من
القانون الأساسي أحكام المادة 409 من قانون الإجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001،
يصادق رئيس السلطة الوطنية حكم الإعدام الصادر من أية محكمة فلسطينية.
-
حق العفو الخاص عن العقوبة أو تخفيضها حسب المادة 42 من القانون
الأساسي لرئيس السلطة حق العفو الخاص عن العقوبة أو تخفيضها.
الإشكاليات:
- بطء النظر في
القضايا المنظورة أمام المحاكم، فعلى الرغم من أن هذا البطء ناجم عن عدم اكتمال
الهيئات القضائية(النقص في عدد القضاة) خاصة محاكم الصلح والبداية والاستئناف، وعن
عدم تمكن القضاة من الوصول إلى أماكن عملهم بسبب الإغلاقات والحواجز الإسرائيلية،
إلا أن هذا البطء شجع القضاء البديل بتنشيط لجان الإصلاح والقضاء العرفي وأضعف من
ثقة المواطنين بالسلطة القضائية.
-
أصدر
رئيس السلطة الوطنية خمسة قوانين بقرارات في الفترة الواقعة مابين
5/2/2006-16/2/2006 تتعلق بالشأن القضائي هي تعديل قانون السلة القضائية وقانون
معدل لأحكام في قانون تشكيل المحاكم النظامية، وقانون معدل لأحكام في قانون أصول
المحاكمات المدنية والتجارية، وقانون معدل لقانون الإجراءات الجزائية، وقانون
محكمة الجنايات الكبرى. وبغض النظر عن مدى دستورية إصدار هذه القوانين بقرارات،
فإن استخدام رئيس السلطة لصلاحياته هذه بإحداث تغييرات في البنية القانونية للقضاء
يعد تدخلا في السلطة القضائية ومهددا لاستقرار الجهاز القضائي واعتبار هذا التدخل
جزءا من الصراع على السلطة بين طرفي السلطة التنفيذية (رئيس السلطة والحكومة).
- امتناع السلطة
التنفيذية (وبخاصة الأجهزة الأمنية) وتباطؤها عن تنفيذ قرارات المحاكم على وجه
الخصوص قرارات محكمة العدل العليا؛ إذا ما كانت متعارضة مع توجهاتها ورغباتها أو
متناقضة مع اعتباراتها السياسية أو الاجتماعية، مما يوفر بيئة مواتية للفساد لغياب
تطبيق أحكام القضاء.
- ممارسة
الضغوطات على السلطة القضائية والقضاة من قبل أفراد في السلطة التنفيذية للتأثير
عليهم عند البت في القضايا المرفوعة أمامهم لإغلاق ملفاتها أو للبت فيها لصالح طرف
معين يكون في الغالب أحد أعضاء المؤسسة التنفيذية وأجهزتها أو من الموالين
والمحابين لها.
-
عدم
تحديد مهلة قانونية معينة لمصادقة رئيس السلطة على تنفيذ حكم الإعدام الصادر عن المحاكم
الفلسطينية ما يمنح رئيس السلطة القدرة على تعطيل تنفيذ الحكم إلى فترة طويلة أو
إلى ما لا نهاية، وقد ينتهي إلى صدور قرار عفو، ويهيئ بيئة تزيد من فرص الفساد.
-
غياب
قواعد محددة لممارسة رئيس السلطة الوطنية حق العفو الخاص عن العقوبة أو تخفيضها. ما
يشكل مدخلا لتدخل رئيس السلطة الوطنية في قرارات المحاكم، ومدخلا لزيادة فرص
الفساد خاصة إذا ما استخدم لتخفيض عقوبة أو العفو عن متنفذين تمت إدانتهم بقضايا
فساد.
ثانيا: تعيين شاغلي
الوظائف القضائية ونقلهم وندبهم
- تنسيب شاغلي
الوظائف القضائية:
ينسب مجلس القضاء الأعلى شاغلي الوظائف القضائية وفقا لأحكام المادة 18 من قانون
السلطة القضائية لتعيينهم بقرار من رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية.
- تنسيب
النائب العام:
وفقا لأحكام المادة 107 من القانون الأساسي والمادة 63 من قانون السلطة القضائية
لسنة 2002، ينسب مجلس القضاء الأعلى النائب العام لتعيينه بقرار من رئيس السلطة.
-
تنسيب أعضاء محكمة قضايا الانتخابات: وفقا لأحكام المادة 29 من
قانون الانتخابات رقم 9 لسنة 2005 ينسب مجلس
القضاء الأعلى أعضاء محكمة قضايا الانتخابات لإصدار مرسوم رئاسي بتعيينهم.
-
ترقية القضاة: يتولى مجلس القضاء الأعلى ترقية القضاة
وفقا لأحكام المادة 41 من قانون السلطة القضائية لسنة 2002 على أساس
الأقدمية مع مراعاة الكفاءة
حسب المادة 18 من قانون السلطة القضائية لسنة 2002.
- نقل القضاة: يكون نقل القضاة أو
ندبهم بقرار من مجلس القضاء الأعلى وفقا لأحكام المادة 22 من قانون السلطة
القضائية لسنة 2002.
- اختيار رئيس
المكتب الفني ومعاونيه: يختار مجلس القضاء الأعلى رئيس المكتب الفني بالمحكمة
العليا ومعاونيه من القضاة أو القضاة المتقاعدين أو كبار المحامين لمدة سنتين
قابلتين للتجديد. حسب المادة 9 من قانون السلطة القضائية لسنة 2002.
- قاضي الأمور
المستعجلة: وفقا
لأحكام المادتين 11 و17 من قانون تشكيل المحاكم النظامية لسنة 2001 لمجلس القضاء الأعلى ندب قاضي بداية أو
قاضي صلح أو أكثر للنظر في الأمور الوقتية والمستعجلة بمسمى قاضي الأمور
المستعجلة.
-
ندب قضاة محاكم الاستئناف أو
البداية أو الصلح لمحكمة أخرى من نفس الدرجة: لمجلس القضاء الأعلى ندب أحد
قضاة محاكم الاستئناف أو البداية للعمل في محكمة أخرى من ذات الدرجة لمدة ستة أشهر
قابلة للتجديد وفقا لأحكام المادة 24 من قانون السلطة القضائية والمادة 35 قانون
تشكيل المحاكم النظامية لسنة 2001.
- ندب أحد
قضاة محكمة الصلح ليجلس قاضيا في محكمة البداية: لمجلس القضاء الأعلى ندب
أحد قضاة محكمة الصلح ليجلس قاضيا في محكمة البداية لا تزيد عن ستة أشهر وفقا
لأحكام المادة 35 من قانون تشكيل المحاكم النظامية لسنة 2001.
- ندب أحد
قضاة محكمة البداية ليجلس قاضيا في محكمة استئناف: وفقا لأحكام المادة 35 من
قانون تشكيل المحاكم النظامية لسنة 2001، لمجلس القضاء الأعلى ندب أحد قضاة محكمة
البداية ليجلس قاضيا في محكمة استئناف لمدة لا تزيد عن ستة أشهر.
- ندب أحد
قضاة محاكم الاستئناف مؤقتا للعمل بالمحكمة العليا: وفقا لأحكام المادة 24 من
قانون السلطة القضائية والمادة 35 قانون تشكيل المحاكم النظامية لسنة 2001، لمجلس
القضاء الأعلى ندب أحد قضاة محاكم الاستئناف مؤقتا للعمل بالمحكمة العليا ممن
تتوافق فيهم شروط العمل بالمحكمة العليا لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد.
- ندب قضاة
لغير العمل القضائي:
حسب المادة 23 من قانون السلطة القضائية لسنة 2002 يتطلب قرار وزير العدل ندب قاضي
مؤقتا للقيام بأعمال قضائية غير عمله أو بالإضافة إليه أو للقيام بأعمال قانونية
متى اقتضت ذلك مصلحة وطنية موافقة مجلس القضاء الأعلى.
الإشكاليات:
-
غياب
قواعد مكتوبة وواضحة ومعلنة لتعيين شاغلي الوظائف القضائية مما قد يتيح المجال
أمام استخدام الواسطة والمحسوبية في التعيينات القضائية.
-
غياب
إجراءات واضحة ومعلنة ومحددة لآليات تنسيب شاغلي الوظائف القضائية من قبل مجلس
القضاء الأعلى لإصدار قرارات التعيين من قبل رئيس السلطة للحد من تعطيل رئيس
السلطة إقرار التعيينات ولتوضح سلطات رئيس السلطة في مجال التعيين وبخاصة أن رئيس
السلطة عين عددا من القضاة دون تنسيب من مجلس القضاء الأعلى مما أضعف السلطة
القضائية ويفقد القضاة استقلاليتهم لجهة صاحب التعيين (السلطة التنفيذية).
-
ترقية
عدد من قضاة في السلك القضائي بمختلف درجاته دون الأخذ بعين الاعتبار قاعدتي
الأقدمية والكفاءة ما يضعف قواعد النزاهة في الترقيات داخل الجهاز القضائي ويمنح
بيئة مناسبة للفساد داخل السلطة القضائية.
-
أدى
نقل قضاة من دائرة عملهم لدائرة أخرى للنظر في قضايا محددة على سبيل المثال قضية
بنك فلسطين الدولي إلى إضعاف استقلال السلطة القضائية بخضوعها لطلبات السلطة
التنفيذية والإخلال بقواعد النزاهة في السلطة القضائية.
-
غياب
إجراءات مكتوبة وواضحة ومعلنة لندب القضاة في الجهاز القضائي بشكل عام. وعدم وجود
لائحة تنظم العلاقة مع وزير العدل فيما يتعلق بندْب القاضي مؤقتا للقيام بأعمال
قضائية غير عمله، أو بالإضافة إليه، أو للقيام بأعمال قانونية متى اقتضت ذلك مصلحة
وطنية، بقرار من وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى. كما أن عدم وضوح عبارة
"متى اقتضت ذلك مصلحة وطنية" ما يشكل مدخلا لتدخل وزير العدل في تحديد
أماكن عمل القضاة والمحاكم التي يعملون فيها، و يفسح المجال أمام وزير العدل
للتقدم بطلبات النقل والندب بصورة تربك مجلس القضاء الأعلى، حتى لو لم يوافق مجلس القضاء
الأعلى على ذلك، وحتى لو كان دور وزير العدل دورا إداريا. علما أن قانون تشكيل
المحاكم النظامية[2]
ينص على انتداب القضاة كحق لمجلس القضاء الأعلى، ولم يتطرق للاستثناء الذي ورد في
قانون السلطة القضائية والذي يمنح دورا لوزير العدل بشأن ندْب القضاة.
ثالثا: علاقة
السلطة القضائية بالموازنة العامة بشكل عام وموازنتها الخاصة
- إعداد
موازنة السلطة القضائية: وفقا المادة 3 من قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة 2002، يعد مجلس القضاء الأعلى موازنة السلطة القضائية
ومن ثم يحيلها إلى وزير العدل لإجراء المقتضى القانوني وفقا الأحكام قانون تنظيم
الموازنة والشؤون المالية.
- الإشراف على
تنفيذ موازنة السلطة القضائية: يشرف مجلس القضاء الأعلى على تنفيذ
موازنة السلطة القضائية وفقا لأحكام المادة 3 من قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة
2002.
- إقرار
موازنة السلطة القضائية: يصادق المجلس التشريعي على موازنة السلطة في إطار إقراره الموازنة
العامة للسلطة الوطنية وفقا لأحكام المادة 3 من قانون السلطة القضائية.
الإشكاليات:
- أدى الصراع ما
بين مجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل على تقديم موازنة السلطة القضائية إلى تقديم
مجلس القضاء الأعلى موازنة عامي 2004 و2005 خلافا لأحكام المادة 3 من قانون السلطة
القضائية؛ حيث قام رئيس مجلس القضاء الأعلى بإرسال موازنة المجلس إلى وزارة
المالية بشكل مباشر دون إحالتها إلى وزير العدل. وذلك بسبب غياب إجراءات مكتوبة
وواضحة ومعلنة لإحالة مجلس القضاء الأعلى موازنة السلطة القضائية إلى وزير العدل
بالإضافة إلى عدم وضوح نص المادة 3 من قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة 2002 بخصوص
إجراء المقتضى القانوني وحدود اختصاصات وزير العدل.
- مفهوم كبار
القضاة بأن لا أحد له حق التدخل لأنهم سلطة مستقلة وبالتالي لا يخضعون لرقابة
الجهات ذات الاختصاص بما فيها دور المجلس التشريعي في الاطلاع على تفاصيل الإيرادات
والنفقات والمحاسبة عليها.
رابعا: الإعارة الخارجية للقضاة
- إعارة
القضاة
للحكومات الأجنبية أو الهيئات الدولية: وفقا لأحكام المادة 26 من قانون
السلطة القضائية ينسب مجلس القضاء الأعلى إعارة القاضي إلى حكومات أجنبية أو هيئات
دولية لإصدار قرار رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية.
خامسا: تأديب القضاة ومساءلتهم
- الفصل في
تظلمات القضاة: حسب المادة 45 من قانون
السلطة القضائية يفصل مجلس القضاء الأعلى في تظلمات القضاة الخاصة بتقارير الكفاية
قبل إجراء الحركة القضائية بوقت كافٍ.
- تنفيذ
القرارات التأديبية:
ينفذ مجلس القضاء الأعلى القرارات التأديبية الصادرة عن مجلس التأديب بعد صيرورتها
نهائية وفي كان القرار الصادر يقضي بعقوبة العزل اعتبر القاضي في إجازة حتمية من
تاريخ صدور القرار حتى صيرورته نهائيا وفقا لأحكام المادة 55 من قانون السلطة
القضائية.
- توقيف
القاضي:
وفقا لأحكام المادة 57 من قانون السلطة القضائية يختص مجلس القضاء الأعلى بالنظر
في توقيف القاضي وتجديد حبسه من اختصاص مجلس القضاء الأعلى ما لم يكن الأمر منظورا
أمام المحاكم الجزائية المختصة.
سادسا: عزل القضاة
-
يعزل القضاة، وفقا لأحكام المادة 55 من قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة
2002، بمرسوم يصدر من رئيس السلطة الوطنية لتنفيذ قرار عزل القاضي الصادر عن مجلس
التأديب (متى صار نهائيا) ويعتبر العزل نافذا من تاريخ صدور هذا القرار.
سابعا: وضع اللوائح وتنظيم
العمل
- يضع مجلس
القضاء الأعلى نظاما لتدريب القضاة وإعدادهم قبل تولي أعمال القضاء وفقا لأحكام
المادة 17 من قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة 2002.
- يحدد مجلس
القضاء الأعلى أنواع الأمور المستعجلة التي تنظر فيها المحاكم أثناء العطلة
القضائية وفقا لأحكام المادة 35 من قانون السلطة القضائية.
- يضع مجلس
القضاء الأعلى لائحة بالقواعد التي يسير عليها في مباشرة اختصاصاته، ويجوز له أن
يشكل لجنة أو أكثر من بين أعضائه يفوضها في بعض اختصاصاته عدا ما يتعلق منها
بالتعيين أو الترقية أو النقل حسب المادة 41 من قانون السلطة القضائية.
- يضع مجلس
القضاء الأعلى لائحة لدائرة التفتيش يبين فيها اختصاصاتها والقواعد والإجراءات
اللازمة لأداء عملها وعناصر تقدير الكفاية بما فيها نتائج الدورات التدريبية
وأسباب إلغاء أحكام القاضي أو نقضها أو تعديلها حسب المادة 42 من قانون السلطة
القضائية
-
وضع
اللوائح اللازمة لتنفيذ قانون السلطة القضائية. المادة 80 من قانون السلطة
القضائية لسنة 2002.
- إصدار الأنظمة
اللازمة لتنفيذ أحكام قانون تشكيل المحاكم النظامية في موعد أقصاه عام واحد من
تاريخ تشكيل مجلس القضاء الأعلى الانتقالي وفقا لأحكام المادة 38 من قانون تشكيل
المحاكم النظامية.
- تنظيم أحكام
المحكمة العليا ومحاكم الاستئناف ومحاكم الصلح وتقسيمها إلى دوائر متخصصة وفقا
لأحكام المواد 28 و21 و10 من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 5 لسنة 2001.
الإشكاليات
- إن عدم انتظام
جلسات مجلس القضاء الأعلى أدى إلى اتخاذ قرارات بصورة فردية من قبل رئيس مجلس
القضاء الأعلى خاصة في مجالات الترقية والتعيين، وإلى غياب الشفافية في إجراءات عمل
مجلس القضاء الأعلى؛ حيث أن مجلس القضاء الأعلى لم يقم طوال السنوات الماضية[3] بوضع اللائحة التنفيذية
(النظام الداخلي لمجلس القضاء الأعلى) لتحديد قواعد عمل المجلس وكيفية ممارسة
اختصاصاته المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بعمل مجلس القضاء الأعلى، مما أتاح
بيئة مناسبة للفساد في موضوعي الترقية والتعيين.
- غياب إجراءات
الرقابة الداخلية حيث أن مجلس القضاء الأعلى لم يقر لائحة[4] عمل دائرة التفتيش القضائي
واختصاصاتها في الرقابة على عمل القضاة وعناصر تقدير الكفاية مما يحول من قيام
دائرة التفتيش القضائي من تأدية مهامها وتزويد مجلس القضاء الأعلى بتقاريرها
والقيام بأعمال التفتيش الذي من شأنه تقويم عمل القضاة وتفعيل أدوات الرقابة
"الداخلية" عليهم مما قد يخلق فرصا لغياب النزاهة ولانتشار الفساد.
- إن عدم قيام مجلس
القضاء الأعلى بوضع أغلب اللوائح التنفيذية[5] المنصوص عليها في قانون
السلطة القضائية وتشكيل المحاكم النظامية لسنة 2001 والإجراءات الجزائية وأصول
المحكمات المدنية والتجارية أدى إلى ضعف النزاهة والشفافية والمساءلة في السلطة
القضائية.
ثامنا: الإشراف الإداري على مرفق القضاء
والعاملين من غير القضاة
·
الإشراف الإداري على المحاكم
- لوزير العدل
الإشراف الإداري على جميع المحاكم، لكن لرئيس كل محكمة الإشراف على القضاة
العاملين بها وعلى سير العمل فيها، وفقا لأحكام المادة 47 من قانون السلطة
القضائية. كما تنص المادة 6 من قانون تشكيل المحاكم النظامية لسنة 2001 على أن كل
رئيس محكمة يصدر القرارات الإدارية المنظمة للعمل الإداري فيها.
- تحديد مقار
محاكم الصلح:
يحدد وزير العدل مقار محاكم الصلح ودائرة اختصاصها ضمن دائرة محكمة البداية وفقا
لأحكام المادة 13 من قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة 2002.
- قبول
استقالة القاضي:
يصدر وزير العدل قرارا بقبول استقالة القاضي بعد أسبوعين من تاريخ تقديمها لرئيس
مجلس القضاء الأعلى.المادة 33 من قانون السلطة القضائية.
- تعيين
اختصاص المحاكم النظامية: يعين وزير العدل اختصاص المحاكم النظامية وفقا لأحكام
المادة 1 من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 5 لسنة 2001.
- عقد اجتماع لمجلس القضاء
الأعلى، لوزير
العدل طلب عقد اجتماع لمجلس القضاء الأعلى عند الضرورة حسب المادة 40 من
قانون السلطة القضائية. - رفع الدعاوى التأديبية
على القضاة
- إقامة
الدعوى التأديبية على القضاة: لوزير العدل طلب من النائب العام إقامة
الدعوى التأديبية على القضاة حسب المادة 49 قانون السلطة القضائية.
- طلب وقف
القاضي عن مباشرة عمله: لوزير العدل الطلب من مجلس القضاء الأعلى وقف القاضي عن
مباشرة أعمال وظيفته أثناء إجراءات التحقيق عن جريمة منسوب إليه ارتكابها حسب
المادة 58 من قانون السلطة القضائية.
- نقد الأحكام النهائية: لوزير العدل أن يطلب من
النائب العام خطيا عرض دعوى على محكمة النقد إذا كان الحكم مخالفا للقانون
وكان الحكم قد اكتسب الدرجة القطعية ولم يسبق لمحكمة النقد البت فيه وفقا
لأحكام المادة 375 من قانون الإجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001. - إصدار تشريعات ثانوية، يصدر وزير العدل
التعليمات اللازمة لتنفيذ قانون رسوم المحاكم النظامية وله صلاحية تعديل
الرسوم المفروضة حسب المادتين 16 و17 من قانون رسوم المحاكم النظامية رقم 1
لسنة 2003.
الإشكاليات:
-
غياب
قواعد واضحة ومعلنة لحدود الإشراف الإداري لوزير العدل على المحاكم وآلية مباشرة
هذا الإشراف وفقا لأحكام المادة (47) من قانون السلطة القضائية لسنة 2002 "
لوزير العدل الإشراف الإداري على جميع المحاكم، ولرئيس كل محكمة الإشراف على
القضاة العاملين بها وعلى سير العمل فيها". ما يفسح هذا النص لوزير العدل التأثير
على مجريات العمل في المحاكم. كما أن "الإشراف الإداري" الممنوح لوزير
العدل قد يتعارض مع "الإشراف على سير العمل في المحكمة" الممنوح
لرئيسها. ومازال الخلاف دائرا بين وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى ينصب على تفسير
المادة (47) من قانون السلطة القضائية ففي الوقت الذي يرى مجلس القضاء الأعلى أن
الفقرة لا تعني الإشراف الفعلي لوزارة العدل وذلك عملا بمبدأ استقلال القضاء وعدم
تدخل السلطة التنفيذية في شؤون السلطة القضائية، وأن الإشراف الإداري من قبل وزارة
العدل مساساً باستقلال السلطة القضائية، وأن مفهوم الإشراف الإداري يتعلق فقط بأخذ
وزارة العدل للبيانات عن المحاكم وموظفيها لعرضها على المجلس التشريعي. لكن وزارة
العدل ترى أن النص واضح في مسؤولية وزارة العدل بالإشراف الإداري على المحاكم
والهدف من وجود هذه المادة هو عدم إشغال القضاة بالإدارة القضائية وتحولهم إلى
إداريين.
-
عدم
الوضوح في تبعية العاملين من غير القضاة في مرفق القضاء بحيث غاب التمييز بين
الاشراف الإداري لوزير العدل بحكم خضوع العاملين من غير القضاة لقانون الخدمة
المدنية وتقديم التقارير له وما بين الإشراف الفني لرئيس المحكمة فيما يتعلق بعمل
المحاكم وتقديم الخدمات القضائية. مما أدى إلى إضعاف آليات المساءلة في متابعة
عملهم من حيث رفع التقارير وتقييم أدائهم، وغياب النزاهة في تعيين بعض العاملين من
غير القضاة وترقيتهم.
- عدم تحديد
مجالات طلب وزير العدل إقامة دعوى تأديبية على القضاة من شأنه أن يفسح المجال
لتدخل السلطة التنفيذية تجاه القضاة، وقد يؤدي إلى تهديد القضاة برفع دعوى تأديبية
بحقهم للضغط عليهم في مسألة ما. كما أن مسألة
وقف القاضي عن العمل تصبح أكثر خطرا عند استغلال وزير العدل أحكام المادة 58
المتعلقة بحق وزير العدل طلب وقف القاضي عن العمل للتدخل في شؤون السلطة القضائية،
من خلال التدخل في مجريات التحقيق مع القاضي المتهم وطلب وقفه عن مباشرة أعمال
وظيفته.
[1] تتكون المحاكم النظامية من
1. المحكمة العليا (محكمة النقض ومحكمة العدل العليا). 2. محاكم الاستئناف. 3.
محاكم البداية. 4. محاكم الصلح.
[2] المادة 35 من قانون تشكل المحاكم النظامية رقم 5
لسنة 2001.
[3] تم نشر قرار رقم (1) لمجلس
القضاء الأعلى بشأن قواعد مباشرة مجلس القضاء الأعلى لاختصاصاته في الجريدة
الرسمية العدد 67 الصادرة في 19/10/2006.
[4] تم نشر قرار رقم (4) لمجلس القضاء الأعلى بشأن لائحة
التفتيش القضائي في الجريدة الرسمية العدد 67 الصادرة في19/10/2006.
[5] اللوائح التنفيذية المطلوب إصدارها تقدر بعشرين
لائحة تنفيذية هي: قواعد تعيين القضاة، وقواعد الندب والإعارة، ولائحة خاصة
بالتقييم والترقية والأقدمية للقضاة، قواعد تأديب القضاة، وقواعد سير الدعاوى،
ولائحة نموذجية تنظم العمل داخل المحكمة، ولائحة نموذجية تنظم العمل داخل دائرة
النيابة العامة، ولائحة تنظم عمل إدارة المحاكم، والقواعد المنظمة لحقوق الإدخال
والاستخدام، وقواعد التعيين في النيابة العامة، وقواعد تأديب أعضاء النيابة
العامة، وقواعد ندب وإعارة أعضاء النيابة العامة، والعلاقة ما بين الشرطة والنيابة
العامة، لائحة خاصة بتقييم وترقية أعضاء النيابة العامة، القواعد الخاصة بشأن
توفير المساعدة القانونية، والقواعد الخاصة الموازنة.
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب