إدارة النفايات الصلبة في عدن
(الماضي، الوضع الراهن والرؤية المستقبلية
الدكتور/ شيخ عوض باوزير
جامعة عدن- الجمهورية اليمنية
مقدمة تعريفية
لمدينة عدن:
تقع مدينة
عدن العاصمة الاقتصادية والتجارية للجمهورية اليمنية على ساحل البحر العربي بالقرب
من مدخل البحر الأحمر وعند نقطة التقاء قارتي آسيا وإفريقيا. وتعتبر من المدن
القديمة حيث سجل التاريخ تجارتها العظيمة مع الفينيقيين وشهرتها منذ القرن السابع
قبل الميلاد كمركز للتجارة البحرية ومحطة
لتجارة البخور والتوابل وممر للقوافل.
وترجع
أهمية عدن أيضاً إلى أنها تمثل ميناءً بحرياً
طبيعياً جعل القوى الكبرى ذات المصالح التجارية والاقتصادية تحرص الاستفادة
من عدن أبلغ فائدة. وفي العصر الحديث
وخلال الفترة 1850 وحتى 1969 أقامت عدن أول نظام للتجارة الحرة في المنطقة العربية
وبكفاءة عالية، بل واحتلت المركز الرابع بين موانئ العالم من حيث الأهمية .
وازدادت أهمية ميناء عدن حتى وصل عدد البواخر التي تدخل الميناء في عام 1950 ما
بين 40 –50 باخرة يومياً وبمعدل باخرة واحدة كل نصف ساعة، مما جعل ميناء
عدن يحتل المرتبة الثانية بعد ميناء مدينة نيويورك مباشرة.[1]
وتتكون عدن من اثنتين من
أشباه الجزر يربط بينهما شريط ساحلي عرضه في المتوسط ستة أميال[11] (أنظر
الخريطة)، وتقع ضمن الإقليم المداري الصحراوي الحار الذي يتميز بارتفاع درجات
الحرارة ويبلغ المتوسط السنوي للحرارة في مدينة عدن (28. درجة مئوية. وتعتبر سواحل عدن من أخصب مناطق الثروة السمكية
والأحياء المائية في العالم فهي تتمتع بمجموعة صفات طبيعية وفرت مناخاً ملائماً
لازدهار أشكال الحياة البحرية، فالمياه الصافية الدافئة وارتفاع نسبة الملوحة فيها
ساعدت على تكاثر وانتشار الشعاب المرجانية التي تلعب دوراً رئيسياً في النظام
البيئي البحري [6].
كما يتميز سطح مدينة عدن
بعدة مميزات فريدة فهي تتمركز على فوهة بركان قديم ارتفاعه(235) متر ويمتد راس
البركان إلى داخل البحر مكوناً خليجين عميقين، وتحيط التلال البركانية بمدينة عدن
. ومن ابرز معالم مدينة عدن الأثرية الصهاريج في منطقة الطويلة التي بنيت لخزن مياه
الشرب وللحد من خطر السيول على المدينة وتعدادها يربو على(18) صهريجاً لتسع
مجتمعة(20) مليون جالون من الماء . وهناك منارة عدن التاريخية التي تعتبر أقدم
منارة في المدينة حيث ثم بناؤها حوالي سنة 1770م، وقلعة صيره بجزيرة صيره المرفأ
القديم لمدينة عدن. كما يعتبر مسجد العيدروس بمديرية كريتر آيـه من
الفن المعماري القديم [9].
وبتطور الأهمية الاقتصادية
لعدن أثناء الاحتلال البريطاني وإنشاء مصفاة عدن في العام 1954م ظهرت ونمت مدينة
عدن الحديثة وارتفع عدد سكان مستعمرة عدن حيث بلغ (283) ألف نسمة وفقاً لتقدير عام
1965م وكانت أكثر مناطق ما كان يسمى بالجنوب العربي ازدحاماً بالسكان. وفي الثلاثين من نوفمبر 1967م أعلنت عدن عاصمة
لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وهي الدولة الجديدة التي ظهرت بعد رحيل
الاستعمار البريطاني وقد بلغ سكانها حسب تعداد عام 1973م (291.376) نسمة.
وبعد قيام الوحدة بين شطري
اليمن في الثاني والعشرين من مايو 1990م وإعلان عدن عاصمة اقتصادية وتجارية
للجمهورية اليمنية وإعلانها منطقة حرة أصبحت منطقة جذب سوى للسكان أو للشركات
الاستثمارية التي تسعى إلى إقامة مشاريع مختلفة فيها. كل ذلك أدى إلى اتساع المدينة ونموها، وزادت
المساكن والمشاريع المقامة فيها. وشهدت
المدينة حركة عمرانية كبيرة منها ما هو منظم ومنها ما هو عشوائي[7]. كما شهدت المدينة نمواً كبيراً في عدد السكان
ويبين الجدول رقم (1) عدد السكان المقيمين في عدن ونسبتهم من إجمالي سكان
الجمهورية اليمنية .
الجدول رقم (1)
عدد
السكان المقيمين في محافظة عدن ونسبتهم من إجمالي سكان الجمهورية اليمنية[2]
ويتضح من
الجدول أن معدل الزيادة السنوية الطبيعية للسكان في عدن في حدود 3% ،ويقدر عدد
سكانها بـ (538) ألف نسمه في عام 2000م.
إدارة
النفايات الصلبة ومعالجتها:
لم تعد مشكلة المخلفات الصلبة مشكلة تخص بلداً معيناً دون
الأخر وإنما أصبحت مشكلة عالمية، مما يستلزم التنسيق والتعاون التام والمستمر بين كل الجهات المعنية من علماء
واقتصاديين وسياسيين وفنيين، خاصة وأن كمية المخلفات الصلبة في تزايد مستمر نتيجة للعوامل التالية: [16]:
1. زيادة
عدد السكان في العالم
2. النمو
والأزهار الاقتصادي
3. التحسن في مستوى المعيشة
4. التقدم في طرق الإنتاج والتحسن في وسائل التغليف
والتسويق
5. بناء المدن الجديدة والتوسع العمراني والحضري.
وتنبع مشكلة النفايات الصلبة في المجتمعات
الحديثة من تراكم المخلفات الصلبة المنزلية والناتجة عن العمليات الصناعية داخل
الصناعات المختلفة والتي لا تستطيع البيئة التعامل معها من خلال قدرة الكائنات
الحية المختلفة على تحليلها واستخدامها كمصدر لغذائها وطاقتها. وتتمثل مكونات الفضلات المنزلية فيما تحتويه من
بقايا الطعام والصحف القديمة ومكونات متعددة مصنوعة من البلاستيك والزجاج والصفائح
المعدنية وبقايا الأثاث، ولقد أدى دخول التكنولوجيا المختلفة في المنازل إلى وجود
تراكمات كبيرة من الثلاجات والسخانات وأجهزة التنظيف والغسالات القديمة على جوانب
الطرق مما يخدش الذوق العام، ويمثل مصدراً مهدداً بسلامة المواطنين. وتزداد أحجام
المخلفات الصلبة والمنزلية مع ارتفاع مستويات دخل الأفراد. ويختلف ذلك ما بين الدول النامية والمتقدمة وما
بين الدول الغنية والفقيرة فالفرد من سكان مدينة نيويورك يلقى من النفايات اكثر من
ثلاثة أضعاف الفرد في مانيلا وبومباي ، وفي دول الخليج العربي يقدر معدل ما يولده الفرد من النفايات
بحدود 1.5-2 كغم يومياً.
وتردم النفايات في أماكن خاصة تعرف باسم مقالب
أو مرادم أو مدافن النفايات وهي عبارة عن حفر بالأرض توضع فيها النفايات بشكل
طبقات تم تضغط بطبقة من التراب تم طبقة النفايات وتضغط وتهرس وهكذا دواليك. وفي
بعض الدول المتقدمة والدول الغنية يتم إنشاء الحفر بطريقة فنية ويتم تبطينها بمواد
خاصة للحد من تسرب النفايات إلى طبقات المياه الجوفية وكذلك جمع الغازات الناتجة عن عملية تخمير النفايات
وهناك دول تحرق النفايات لنقص حجمها [13].
وإذا لم تعالج النفايات بطريقة سليمة فسوف
تترتب على ذلك أخطار محتملة على الصحة العامة والبيئة. أما المخاطر الصحية المباشرة فهي تتعلق أساساً
بالعاملين في هذا المجال، فهم بحاجة إلى الحماية قدر المستطاع خاصة من أن تتعرض
أجسامهم لملامسة النفايات مباشرة. واكثر
الأضرار الظاهرة التي تسببها النفايات هي:
1. الروائح
الكريهة.
2. توالد
الذباب.
3. توالد
نواقل الأمراض الأخرى كالصراصير.
4. توالد
القوارض.
5. انتشار
الحيوانات الضالة وما تسببه من أمراض معدية.
6. تصاعد
الغبار.
7. تلوث المياه الجوفية والسطحية.
8. إعاقة
المرور وتعطل المواصلات.
9. نشوب
الحرائق وما ينتج عنها من تصاعد دخان وغازات منفرة.
10.أثار ضارة بالقيم
الجمالية والمعنويات العامة للجمهور.
وتستنفذ عمليات الجمـع
والنقل الجزء الأكـبر من تكاليف تشغيل وإدارة خدمات المخلفات الصلبة حوالي 70% من
التكلفة، فان أي مدينة تستخدم عادة ما بين عامل وثلاثة عمال لكل ألف نسمة من تعداد
السكان. أما بالنسبة للنقل فالمعدل المعتاد هو سيارة ثقيلة واحدة لكل خمسة ألف
نسمة. ومن هذا نستنتج أن خدمات إدارة مشروعات المخلفات الصلبة تعتبر واحدة من اكثر
الخدمات الحضرية تكلفة. وبناءً عليه فان
كفاءة أنظمة التشغيل وارتفاع إنتاجية
الأيدي العاملة يعتبران من المسائل بالغة الأهمية في هذا. أما مستوى التشغيل الآلي "الميكنة"
الذي يتبع في أنظمة إدارة المخلفات الصلبة فأنة يرتبط مباشرة بتكلفة الأيدي
العاملة بالمقارنة بتكاليف الطاقة وتكاليف المشروع. ومن هنا يتبين أنه لا يوجد نظام عالمي لإدارة النفايات الصلبة ولكن ينبغي لكل بلد أن
يتبع وسائل محلية تعتمد على كمية النفايات ومكوناتها فضلاً عن مستوى الثروة
الوطنية ومستويات الأجور وإمكانيات تصنيع المعدات محلياً وتكاليف الطاقة
والتسهيلات المتاحة لتحويل النقد الأجنبي اللازم للشراء من الخارج [12].
وحيث أن الكثير من المدن العربية تعاني من ضيق
الإمكانات والتقنية لاستخدام الأساليب الحديثة، فأن المعالجة التقليدية هي المتبعة
في كثير من مدن الدول العربية. وهذه
الطرق التقليدية تعتمد على الطمر وهذا
الأسلوب يؤدي إلى التخمر في باطن الأرض
وتسرب السوائل الضارة إلى المياه الجوفية فضلاً عما ينتج عن هذا التخمر من غازات
سامة تسري في فجوات التربة وتنتشر في مساحات شاسعة تؤثر في غداء النبات الذي
يستمده من باطن الأرض، وقد تجد هذه الغازات منفذاً لها من سطح الأرض فتؤدي إلى
تلوث الهواء الذي يستنشقه الإنسان والحيوانات وهكذا تصبح النفايات مصدراً لتلوث
البيئة وإحدى المعوقات الكبرى [10].
ومن واقع الدراسة المسحيه الميدانية التي قام
بها المعهد العربي لإنماء المدن حول النظافة العامة والتخلص من النفايات في المدن
العربية [14] تبين أن النفايات المنزلية والتي تضم مخلفات مطابخ المنازل والفنادق
والمطاعم ومحلات البقالة والأسواق
والمحلات التجارية والمتخلفة عن 111 مدينة عربية تمثل 78% من مجموع النفايات
الأخرى وهذه النسبة أعلى من نسبة مخلفات
كل دول العالم والتي تقرب من 75% من مجموع النفايات الصلبة عدا مخلفات
المباني مما يعطي النفايات المنزلية أهمية بالغة ليس بسبب زيادة كميتها ولكن
لاشتراك كل فرد من أفراد المجتمع في
إنتاجها يومياً وبصورة متكررة وبكميات بسيطة ومتفرقة تغطى كل المساحة السكنية من
المدينة وذلك إضافة لعدم تجانس محتوياتها.. التي معظمها عرضة للتعفن وتوالد
البكتريا مما يؤدي إلى إفساد البيئة السكنية وتلوثها.. من هنا كانت مشكلة النفايات
والتخلص منها ومعالجتها [10].
مراحل تطور أعمال إدارة النفايات الصلبة في مدينة
عدن:
لقد قامت بلدية عدن بجهود كبيرة في تطوير
اساليب جمع ونقل النفايات الصلبة والتخلص منها.
وسنستعرض فيما يلي الخدمات التي كانت توفرها البلدية في الفترة الماضية،
والوضع الراهن لذلك ونسلط الضوء على الرؤية المستقبلية الخاصة بهذه الخدمات.
أولا: الخدمات البلدية في الماضي:
مع التطورات المذكورة آنفا التي أدت إلى نمو
مدينة عدن وتطور الخدمات التي توفرها بلدية مستعمرة عدن كان هناك تطوراً مماثلاً
في جمع ونقل ومعالجة النفايات البلدية الصلبة والتخلص منها. حيث بدأت البلدية بتوفير هذه الخدمات للمواطنين
منذ اكثر من خمسين عاماً وذلك باستخدام وسائل بدائية بسيطة تمثلت في الجمع اليدوي
للنفايات من قبل عمال النظافة التابعين للبلدية ونقلها بواسطة الدواب والتخلص منها
بإلقائها خارج حدود المدينة ثم تحرق أو تغطى بطبقة من الرمل أو تترك كما هي عليه
دون معالجة. وبدأت هذه الخدمات تتطور مع
ظهور قوانين مستعمرة عدن لعام 1956م والتي كانت بلدية الطابع.
وبعد استقلال الشطر الجنوبي من اليمن في نوفمبر
1967م وتحديد عدن كعاصمة أوكلت قضايا البيئة إلى مجموعة من الأجهزة والوزارات
المعنية بالأمر منها وزارة الصحة العامة، والحكم المحلي، والصناعة، والإسكان،
وهيئة النفط، والهيئة العامة للمياه وغيرها.
ومع تزايد الاهتمام بقضايا البيئة تشكل المجلس الوطني للبيئة في عام 1976م
والذي أعيد تشكيله عام 1984م تحت اسم المجلس الوطني لحماية البيئة وأُنيطت رئاسته
إلى وزير الصحة العامة. وقد كانت خدمات
جمع ونقل النفايات الصلبة والتخلص منها من مهام ما كان يسمى بالمهندس البلدي
لمحافظة عدن. وتكفل الحكومة المركزية
ميزانية تشغيل هذه الخدمات مع إيرادات ثانوية من مصادر الرسوم المحلية.
وبدأت هذه الخدمات تتطور بصورة كبيرة خلال
العشرين سنة الماضية وذلك بزيادة أعداد العمالة التي تتولى جمع النفايات، واستخدام
آليات حديثة يتم من خلالها نقل هذه النفايات إلى الأماكن المخصصة لردمها، كما واكب
ذلك تطور في وسائل جمع النفايات التي يتم نقلها، حيث كانت في السابق تلقى بالصورة
التي هي عليها خارج المنزل. فاستخدمت
الأكياس البلاستيكية و أصبحت النفايات تجمع في حاويات معدنية و خصصت لها أماكن
مناسبة. وكان يتم حرق المخلفات الصلبة في
منطقة كالتكس المحرق القديم للنفايات.
وكان لانخفاض عدد سكان المدينة بعد الاستقلال
مباشرة بسبب الأحداث السياسية التي شهدتها المدينة، وموجة النزوح منها إلي المناطق
المجاورة، ونموهم الطفيف بعد ذلك، تأثير إيجابي على الوضع البيئي للمدينة ونظام
التخلص من النفايات البلدية الصلبة في عدن.
ولأن مدينة عدن تتوزع ضمن منطقة تشمل شبة جزيرتين وسهل ساحلي ورملي منبسط،
وتبرز ضمن هذا الامتداد مرتفعات جبلية بركانية فقد توجه العمران ليصبح على شكل مدن
صغيرة منفصلة مما ساعد إلي حد كبير على تخفيف حدة ازدحام العمران وبالتالي تقليل
المشاكل البيئية المرافقة له، مما يعد جانباً إيجابيا على الوضع البيئي للمدينة [8]. ومنذ منتصف الثمانينات شهدت المدينة زيادة
ملحوظة في عدد السكان وقد توسع العمران من منطقة الممدارة الشيخ عثمان والقاهرة
والمنصورة ودار سعد، وظهرت مناطق واسعة للسكن العشوائي والمؤقت في منطقتي العريش
والبساتين [8،5] مما أدى إلى تراكم النفايات في الشوارع المختلفة، لعدم قدرة
الجهات المختصة على التعامل مع الكميات المتزايدة من هذه المخلفات.
ثانياً: الوضع الراهن:
كان للتقدم
الاقتصادي والاجتماعي السريع الذي حققته البلاد في العقدين الماضيين، آثار سلبية
على البيئة بدرجة تنذر بوجود مخاطر تعرض الانسجام المطلوب بين السكان والطبيعة إلى
الخلل، وكان له أثره أيضاً في بروز مشكلة المخلفات الصلبة والسائلة والخطرة التي
باتت تهدد السكان والبيئة بأخطار متزايدة.
فهذه المخلفات خطر على الصحة العامة وبؤرة لتوالد الحشرات والأحياء الناقلة
للأمراض المعدية ومصدراً لانبعاث الغازات التي تساهم في تلوث الهواء. وتشكل مخلفات المستشفيات الخطرة غير المعالجة
مشكلة كبيرة تهدد سلامة الصحة العامة. وكذلك
فإن المخلفات الخطرة الناتجة عن العمليات الصناعية ومخلفات المبيدات ومخلفات معامل
التصوير ومخلفات الأدوية تشكل مصادر تهديد خطرة للصحة العامة وللبيئة.
إن المخلفات الصلبة
(القمامة) في عدن أصبحت تمثل الهم الأكبر سواء للجهات القائمة على النظافة أو على
مستوى المواطن العادي حيث تلاحظ انتشارها في الشوارع الرئيسية والفرعية وكذا بجانب
براميل القمامة. كما أن مشكلة التصريف أو
المعالجة لهذه المخلفات تواجه الكثير من الصعوبات من حيث الآلات والمعدات التي
تحتاج إلى صيانة مستمرة أو من ناحية توفير مقالب صحية ومناسبة لتصريف هذه المخلفات
التي أصبحت في الفترة الأخيرة غير صالحة للتصريف إليها. ونتيجة لعدم توفر الأرض المناسبة لإقامة مثل
هذه المقالب فأنه يتم الاستمرار في تصريف القمامة إلى هذه المقالب رغم انتهاء
عمرها الزمني وبالتالي أصبحت بؤرة للتلوث البيئي وخاصة للمناطق المجاورة لهذه
المقالب.
كما أن صعوبة جمع
وتصريف هذه المخلفات بانتظام يؤدي إلى اضطرار المواطنين من حرقها في المناطق
العامة والمجاورة للمساكن مما يؤدي إلى
تصاعد غازات ضارة بالبيئة. إن تكاثر
المخلفات الورقية والبلاستيكية وغيرها في كثير من شوارع المدينة ناتج عن عدم تواجد
براميل خاصة بذلك في هذه الشوارع تساعد على جمع هذه المخلفات وسهولة تصريفها
والمحافظة على النظافة [7].
إن من أهم الصعوبات التي
تواجه إدارة النظافة هي عدم وجود موازنة خاصة لأعمال النظافة مما يعيق الإسراع في
تنفيذ خدمات نقل وجمع وتصريف القمامة الذي يتطلب عدم التأخر في جمعها وتصريفها حتى
لا تكون بؤرة لتوالد الحشرات والقوارض.
كما أن النقص في القوى العاملة في مجال النظافة و قدم ونقص عدد سيارات
وآليات جمع المخلفات لا يفي بتغطية التوسع الكبير في المجال العمراني والسكاني،
إضافة إلى التأخر في صرف رواتب العاملين وحوافزهم يضطر العاملين للتوقف عن العمل
مطالبين بحقوقهم ويؤدي ذلك إلى تراكم المخلفات بشكل كبير في أحياء المدينة. هذا بالإضافة إلى أن بعض المصانع تقوم بنفسها
بالتخلص من النفايات حيث ترميها في مناطق بعيدة عن السكان وتتركها مكشوفة دون ردم
أو ترميها في البحر مما يلوث مياه البحر وما فيها من كائنات بحرية والتي تعد من
أغنى الثروات في بلادنا.
وتقدر كمية النفايات البلدية
الصلبة يومياً في مدينة عدن حوالي (350) طن /يوم.
ويبلغ معدل إفراز الفرد في حدود 0.7 كجم /يوم. ويتم جمع النفايات في حاويات خاصة أو في مواقع
مفتوحة في بعض الأحياء الضيقة والشعبية، ثم تنقل بواسطة السيارات الخاصة بالنظافة
إلى مقالب القمامة في منطقة دار سعد حيث يتم التخلص منها عن طريق الردم
الصحي. وتقدر كمية النفايات المجمعة
والمصرفة في مدينة عدن بين (180-200) طن /يوم فقط أي ما يعادل (52-57%) من مجموع النفايات. ويبلغ عدد الموظفين في بلدية عدن (600) موظف
منهم (450) يقوموا بعملية الكنس و (100) في عملية الجمع بينما يعمل (50) في
الإدارة والمراقبة [17].
ويبين جدول رقم (2) متوسط
نسب مكونات النفايات السكانية الصلبة في مدينة عدن استناداً إلى دراسات مختلفة
[17، 21، 19]
جدول رقم (2): متوسط مكونات النفايات الصلبة في
مدينة عدن (%)
ويوضح جدول
رقم (3) مقارنة نسـب مكونات النفايات البلدية الصلبة في مدينة عدن مع بعض المدن
الأخرى.
(الماضي، الوضع الراهن والرؤية المستقبلية
الدكتور/ شيخ عوض باوزير
جامعة عدن- الجمهورية اليمنية
مقدمة تعريفية
لمدينة عدن:
تقع مدينة
عدن العاصمة الاقتصادية والتجارية للجمهورية اليمنية على ساحل البحر العربي بالقرب
من مدخل البحر الأحمر وعند نقطة التقاء قارتي آسيا وإفريقيا. وتعتبر من المدن
القديمة حيث سجل التاريخ تجارتها العظيمة مع الفينيقيين وشهرتها منذ القرن السابع
قبل الميلاد كمركز للتجارة البحرية ومحطة
لتجارة البخور والتوابل وممر للقوافل.
وترجع
أهمية عدن أيضاً إلى أنها تمثل ميناءً بحرياً
طبيعياً جعل القوى الكبرى ذات المصالح التجارية والاقتصادية تحرص الاستفادة
من عدن أبلغ فائدة. وفي العصر الحديث
وخلال الفترة 1850 وحتى 1969 أقامت عدن أول نظام للتجارة الحرة في المنطقة العربية
وبكفاءة عالية، بل واحتلت المركز الرابع بين موانئ العالم من حيث الأهمية .
وازدادت أهمية ميناء عدن حتى وصل عدد البواخر التي تدخل الميناء في عام 1950 ما
بين 40 –50 باخرة يومياً وبمعدل باخرة واحدة كل نصف ساعة، مما جعل ميناء
عدن يحتل المرتبة الثانية بعد ميناء مدينة نيويورك مباشرة.[1]
وتتكون عدن من اثنتين من
أشباه الجزر يربط بينهما شريط ساحلي عرضه في المتوسط ستة أميال[11] (أنظر
الخريطة)، وتقع ضمن الإقليم المداري الصحراوي الحار الذي يتميز بارتفاع درجات
الحرارة ويبلغ المتوسط السنوي للحرارة في مدينة عدن (28. درجة مئوية. وتعتبر سواحل عدن من أخصب مناطق الثروة السمكية
والأحياء المائية في العالم فهي تتمتع بمجموعة صفات طبيعية وفرت مناخاً ملائماً
لازدهار أشكال الحياة البحرية، فالمياه الصافية الدافئة وارتفاع نسبة الملوحة فيها
ساعدت على تكاثر وانتشار الشعاب المرجانية التي تلعب دوراً رئيسياً في النظام
البيئي البحري [6].
كما يتميز سطح مدينة عدن
بعدة مميزات فريدة فهي تتمركز على فوهة بركان قديم ارتفاعه(235) متر ويمتد راس
البركان إلى داخل البحر مكوناً خليجين عميقين، وتحيط التلال البركانية بمدينة عدن
. ومن ابرز معالم مدينة عدن الأثرية الصهاريج في منطقة الطويلة التي بنيت لخزن مياه
الشرب وللحد من خطر السيول على المدينة وتعدادها يربو على(18) صهريجاً لتسع
مجتمعة(20) مليون جالون من الماء . وهناك منارة عدن التاريخية التي تعتبر أقدم
منارة في المدينة حيث ثم بناؤها حوالي سنة 1770م، وقلعة صيره بجزيرة صيره المرفأ
القديم لمدينة عدن. كما يعتبر مسجد العيدروس بمديرية كريتر آيـه من
الفن المعماري القديم [9].
وبتطور الأهمية الاقتصادية
لعدن أثناء الاحتلال البريطاني وإنشاء مصفاة عدن في العام 1954م ظهرت ونمت مدينة
عدن الحديثة وارتفع عدد سكان مستعمرة عدن حيث بلغ (283) ألف نسمة وفقاً لتقدير عام
1965م وكانت أكثر مناطق ما كان يسمى بالجنوب العربي ازدحاماً بالسكان. وفي الثلاثين من نوفمبر 1967م أعلنت عدن عاصمة
لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وهي الدولة الجديدة التي ظهرت بعد رحيل
الاستعمار البريطاني وقد بلغ سكانها حسب تعداد عام 1973م (291.376) نسمة.
وبعد قيام الوحدة بين شطري
اليمن في الثاني والعشرين من مايو 1990م وإعلان عدن عاصمة اقتصادية وتجارية
للجمهورية اليمنية وإعلانها منطقة حرة أصبحت منطقة جذب سوى للسكان أو للشركات
الاستثمارية التي تسعى إلى إقامة مشاريع مختلفة فيها. كل ذلك أدى إلى اتساع المدينة ونموها، وزادت
المساكن والمشاريع المقامة فيها. وشهدت
المدينة حركة عمرانية كبيرة منها ما هو منظم ومنها ما هو عشوائي[7]. كما شهدت المدينة نمواً كبيراً في عدد السكان
ويبين الجدول رقم (1) عدد السكان المقيمين في عدن ونسبتهم من إجمالي سكان
الجمهورية اليمنية .
الجدول رقم (1)
عدد
السكان المقيمين في محافظة عدن ونسبتهم من إجمالي سكان الجمهورية اليمنية[2]
السنوات المؤشر | 1986 | 1987 | 1988 | 1989 | 1990 | 1991 | 1992 | 1993 | 1994 |
إجمالي عدد السكان في محافظة عدن (بألف نسمة) | 313 | 325 | 336 | 346 | 386 | 399 | 412 | 427 | 450 |
إجمالي عدد السكان في الجمهورية (بألف نسمة) | 9866 | 10276 | 10706 | 11157 | 12364 | 12881 | 13382 | 13949 | 14588 |
نسبة السكان في محافظة عدن من إجمالي سكان الجمهورية نسبة مئوية (%) | 3.17 | 3.16 | 3.14 | 3.13 | 3.12 | 3.10 | 3.08 | 3.06 | 3.03 |
ويتضح من
الجدول أن معدل الزيادة السنوية الطبيعية للسكان في عدن في حدود 3% ،ويقدر عدد
سكانها بـ (538) ألف نسمه في عام 2000م.
إدارة
النفايات الصلبة ومعالجتها:
لم تعد مشكلة المخلفات الصلبة مشكلة تخص بلداً معيناً دون
الأخر وإنما أصبحت مشكلة عالمية، مما يستلزم التنسيق والتعاون التام والمستمر بين كل الجهات المعنية من علماء
واقتصاديين وسياسيين وفنيين، خاصة وأن كمية المخلفات الصلبة في تزايد مستمر نتيجة للعوامل التالية: [16]:
1. زيادة
عدد السكان في العالم
2. النمو
والأزهار الاقتصادي
3. التحسن في مستوى المعيشة
4. التقدم في طرق الإنتاج والتحسن في وسائل التغليف
والتسويق
5. بناء المدن الجديدة والتوسع العمراني والحضري.
وتنبع مشكلة النفايات الصلبة في المجتمعات
الحديثة من تراكم المخلفات الصلبة المنزلية والناتجة عن العمليات الصناعية داخل
الصناعات المختلفة والتي لا تستطيع البيئة التعامل معها من خلال قدرة الكائنات
الحية المختلفة على تحليلها واستخدامها كمصدر لغذائها وطاقتها. وتتمثل مكونات الفضلات المنزلية فيما تحتويه من
بقايا الطعام والصحف القديمة ومكونات متعددة مصنوعة من البلاستيك والزجاج والصفائح
المعدنية وبقايا الأثاث، ولقد أدى دخول التكنولوجيا المختلفة في المنازل إلى وجود
تراكمات كبيرة من الثلاجات والسخانات وأجهزة التنظيف والغسالات القديمة على جوانب
الطرق مما يخدش الذوق العام، ويمثل مصدراً مهدداً بسلامة المواطنين. وتزداد أحجام
المخلفات الصلبة والمنزلية مع ارتفاع مستويات دخل الأفراد. ويختلف ذلك ما بين الدول النامية والمتقدمة وما
بين الدول الغنية والفقيرة فالفرد من سكان مدينة نيويورك يلقى من النفايات اكثر من
ثلاثة أضعاف الفرد في مانيلا وبومباي ، وفي دول الخليج العربي يقدر معدل ما يولده الفرد من النفايات
بحدود 1.5-2 كغم يومياً.
وتردم النفايات في أماكن خاصة تعرف باسم مقالب
أو مرادم أو مدافن النفايات وهي عبارة عن حفر بالأرض توضع فيها النفايات بشكل
طبقات تم تضغط بطبقة من التراب تم طبقة النفايات وتضغط وتهرس وهكذا دواليك. وفي
بعض الدول المتقدمة والدول الغنية يتم إنشاء الحفر بطريقة فنية ويتم تبطينها بمواد
خاصة للحد من تسرب النفايات إلى طبقات المياه الجوفية وكذلك جمع الغازات الناتجة عن عملية تخمير النفايات
وهناك دول تحرق النفايات لنقص حجمها [13].
وإذا لم تعالج النفايات بطريقة سليمة فسوف
تترتب على ذلك أخطار محتملة على الصحة العامة والبيئة. أما المخاطر الصحية المباشرة فهي تتعلق أساساً
بالعاملين في هذا المجال، فهم بحاجة إلى الحماية قدر المستطاع خاصة من أن تتعرض
أجسامهم لملامسة النفايات مباشرة. واكثر
الأضرار الظاهرة التي تسببها النفايات هي:
1. الروائح
الكريهة.
2. توالد
الذباب.
3. توالد
نواقل الأمراض الأخرى كالصراصير.
4. توالد
القوارض.
5. انتشار
الحيوانات الضالة وما تسببه من أمراض معدية.
6. تصاعد
الغبار.
7. تلوث المياه الجوفية والسطحية.
8. إعاقة
المرور وتعطل المواصلات.
9. نشوب
الحرائق وما ينتج عنها من تصاعد دخان وغازات منفرة.
10.أثار ضارة بالقيم
الجمالية والمعنويات العامة للجمهور.
وتستنفذ عمليات الجمـع
والنقل الجزء الأكـبر من تكاليف تشغيل وإدارة خدمات المخلفات الصلبة حوالي 70% من
التكلفة، فان أي مدينة تستخدم عادة ما بين عامل وثلاثة عمال لكل ألف نسمة من تعداد
السكان. أما بالنسبة للنقل فالمعدل المعتاد هو سيارة ثقيلة واحدة لكل خمسة ألف
نسمة. ومن هذا نستنتج أن خدمات إدارة مشروعات المخلفات الصلبة تعتبر واحدة من اكثر
الخدمات الحضرية تكلفة. وبناءً عليه فان
كفاءة أنظمة التشغيل وارتفاع إنتاجية
الأيدي العاملة يعتبران من المسائل بالغة الأهمية في هذا. أما مستوى التشغيل الآلي "الميكنة"
الذي يتبع في أنظمة إدارة المخلفات الصلبة فأنة يرتبط مباشرة بتكلفة الأيدي
العاملة بالمقارنة بتكاليف الطاقة وتكاليف المشروع. ومن هنا يتبين أنه لا يوجد نظام عالمي لإدارة النفايات الصلبة ولكن ينبغي لكل بلد أن
يتبع وسائل محلية تعتمد على كمية النفايات ومكوناتها فضلاً عن مستوى الثروة
الوطنية ومستويات الأجور وإمكانيات تصنيع المعدات محلياً وتكاليف الطاقة
والتسهيلات المتاحة لتحويل النقد الأجنبي اللازم للشراء من الخارج [12].
وحيث أن الكثير من المدن العربية تعاني من ضيق
الإمكانات والتقنية لاستخدام الأساليب الحديثة، فأن المعالجة التقليدية هي المتبعة
في كثير من مدن الدول العربية. وهذه
الطرق التقليدية تعتمد على الطمر وهذا
الأسلوب يؤدي إلى التخمر في باطن الأرض
وتسرب السوائل الضارة إلى المياه الجوفية فضلاً عما ينتج عن هذا التخمر من غازات
سامة تسري في فجوات التربة وتنتشر في مساحات شاسعة تؤثر في غداء النبات الذي
يستمده من باطن الأرض، وقد تجد هذه الغازات منفذاً لها من سطح الأرض فتؤدي إلى
تلوث الهواء الذي يستنشقه الإنسان والحيوانات وهكذا تصبح النفايات مصدراً لتلوث
البيئة وإحدى المعوقات الكبرى [10].
ومن واقع الدراسة المسحيه الميدانية التي قام
بها المعهد العربي لإنماء المدن حول النظافة العامة والتخلص من النفايات في المدن
العربية [14] تبين أن النفايات المنزلية والتي تضم مخلفات مطابخ المنازل والفنادق
والمطاعم ومحلات البقالة والأسواق
والمحلات التجارية والمتخلفة عن 111 مدينة عربية تمثل 78% من مجموع النفايات
الأخرى وهذه النسبة أعلى من نسبة مخلفات
كل دول العالم والتي تقرب من 75% من مجموع النفايات الصلبة عدا مخلفات
المباني مما يعطي النفايات المنزلية أهمية بالغة ليس بسبب زيادة كميتها ولكن
لاشتراك كل فرد من أفراد المجتمع في
إنتاجها يومياً وبصورة متكررة وبكميات بسيطة ومتفرقة تغطى كل المساحة السكنية من
المدينة وذلك إضافة لعدم تجانس محتوياتها.. التي معظمها عرضة للتعفن وتوالد
البكتريا مما يؤدي إلى إفساد البيئة السكنية وتلوثها.. من هنا كانت مشكلة النفايات
والتخلص منها ومعالجتها [10].
مراحل تطور أعمال إدارة النفايات الصلبة في مدينة
عدن:
لقد قامت بلدية عدن بجهود كبيرة في تطوير
اساليب جمع ونقل النفايات الصلبة والتخلص منها.
وسنستعرض فيما يلي الخدمات التي كانت توفرها البلدية في الفترة الماضية،
والوضع الراهن لذلك ونسلط الضوء على الرؤية المستقبلية الخاصة بهذه الخدمات.
أولا: الخدمات البلدية في الماضي:
مع التطورات المذكورة آنفا التي أدت إلى نمو
مدينة عدن وتطور الخدمات التي توفرها بلدية مستعمرة عدن كان هناك تطوراً مماثلاً
في جمع ونقل ومعالجة النفايات البلدية الصلبة والتخلص منها. حيث بدأت البلدية بتوفير هذه الخدمات للمواطنين
منذ اكثر من خمسين عاماً وذلك باستخدام وسائل بدائية بسيطة تمثلت في الجمع اليدوي
للنفايات من قبل عمال النظافة التابعين للبلدية ونقلها بواسطة الدواب والتخلص منها
بإلقائها خارج حدود المدينة ثم تحرق أو تغطى بطبقة من الرمل أو تترك كما هي عليه
دون معالجة. وبدأت هذه الخدمات تتطور مع
ظهور قوانين مستعمرة عدن لعام 1956م والتي كانت بلدية الطابع.
وبعد استقلال الشطر الجنوبي من اليمن في نوفمبر
1967م وتحديد عدن كعاصمة أوكلت قضايا البيئة إلى مجموعة من الأجهزة والوزارات
المعنية بالأمر منها وزارة الصحة العامة، والحكم المحلي، والصناعة، والإسكان،
وهيئة النفط، والهيئة العامة للمياه وغيرها.
ومع تزايد الاهتمام بقضايا البيئة تشكل المجلس الوطني للبيئة في عام 1976م
والذي أعيد تشكيله عام 1984م تحت اسم المجلس الوطني لحماية البيئة وأُنيطت رئاسته
إلى وزير الصحة العامة. وقد كانت خدمات
جمع ونقل النفايات الصلبة والتخلص منها من مهام ما كان يسمى بالمهندس البلدي
لمحافظة عدن. وتكفل الحكومة المركزية
ميزانية تشغيل هذه الخدمات مع إيرادات ثانوية من مصادر الرسوم المحلية.
وبدأت هذه الخدمات تتطور بصورة كبيرة خلال
العشرين سنة الماضية وذلك بزيادة أعداد العمالة التي تتولى جمع النفايات، واستخدام
آليات حديثة يتم من خلالها نقل هذه النفايات إلى الأماكن المخصصة لردمها، كما واكب
ذلك تطور في وسائل جمع النفايات التي يتم نقلها، حيث كانت في السابق تلقى بالصورة
التي هي عليها خارج المنزل. فاستخدمت
الأكياس البلاستيكية و أصبحت النفايات تجمع في حاويات معدنية و خصصت لها أماكن
مناسبة. وكان يتم حرق المخلفات الصلبة في
منطقة كالتكس المحرق القديم للنفايات.
وكان لانخفاض عدد سكان المدينة بعد الاستقلال
مباشرة بسبب الأحداث السياسية التي شهدتها المدينة، وموجة النزوح منها إلي المناطق
المجاورة، ونموهم الطفيف بعد ذلك، تأثير إيجابي على الوضع البيئي للمدينة ونظام
التخلص من النفايات البلدية الصلبة في عدن.
ولأن مدينة عدن تتوزع ضمن منطقة تشمل شبة جزيرتين وسهل ساحلي ورملي منبسط،
وتبرز ضمن هذا الامتداد مرتفعات جبلية بركانية فقد توجه العمران ليصبح على شكل مدن
صغيرة منفصلة مما ساعد إلي حد كبير على تخفيف حدة ازدحام العمران وبالتالي تقليل
المشاكل البيئية المرافقة له، مما يعد جانباً إيجابيا على الوضع البيئي للمدينة [8]. ومنذ منتصف الثمانينات شهدت المدينة زيادة
ملحوظة في عدد السكان وقد توسع العمران من منطقة الممدارة الشيخ عثمان والقاهرة
والمنصورة ودار سعد، وظهرت مناطق واسعة للسكن العشوائي والمؤقت في منطقتي العريش
والبساتين [8،5] مما أدى إلى تراكم النفايات في الشوارع المختلفة، لعدم قدرة
الجهات المختصة على التعامل مع الكميات المتزايدة من هذه المخلفات.
ثانياً: الوضع الراهن:
كان للتقدم
الاقتصادي والاجتماعي السريع الذي حققته البلاد في العقدين الماضيين، آثار سلبية
على البيئة بدرجة تنذر بوجود مخاطر تعرض الانسجام المطلوب بين السكان والطبيعة إلى
الخلل، وكان له أثره أيضاً في بروز مشكلة المخلفات الصلبة والسائلة والخطرة التي
باتت تهدد السكان والبيئة بأخطار متزايدة.
فهذه المخلفات خطر على الصحة العامة وبؤرة لتوالد الحشرات والأحياء الناقلة
للأمراض المعدية ومصدراً لانبعاث الغازات التي تساهم في تلوث الهواء. وتشكل مخلفات المستشفيات الخطرة غير المعالجة
مشكلة كبيرة تهدد سلامة الصحة العامة. وكذلك
فإن المخلفات الخطرة الناتجة عن العمليات الصناعية ومخلفات المبيدات ومخلفات معامل
التصوير ومخلفات الأدوية تشكل مصادر تهديد خطرة للصحة العامة وللبيئة.
إن المخلفات الصلبة
(القمامة) في عدن أصبحت تمثل الهم الأكبر سواء للجهات القائمة على النظافة أو على
مستوى المواطن العادي حيث تلاحظ انتشارها في الشوارع الرئيسية والفرعية وكذا بجانب
براميل القمامة. كما أن مشكلة التصريف أو
المعالجة لهذه المخلفات تواجه الكثير من الصعوبات من حيث الآلات والمعدات التي
تحتاج إلى صيانة مستمرة أو من ناحية توفير مقالب صحية ومناسبة لتصريف هذه المخلفات
التي أصبحت في الفترة الأخيرة غير صالحة للتصريف إليها. ونتيجة لعدم توفر الأرض المناسبة لإقامة مثل
هذه المقالب فأنه يتم الاستمرار في تصريف القمامة إلى هذه المقالب رغم انتهاء
عمرها الزمني وبالتالي أصبحت بؤرة للتلوث البيئي وخاصة للمناطق المجاورة لهذه
المقالب.
كما أن صعوبة جمع
وتصريف هذه المخلفات بانتظام يؤدي إلى اضطرار المواطنين من حرقها في المناطق
العامة والمجاورة للمساكن مما يؤدي إلى
تصاعد غازات ضارة بالبيئة. إن تكاثر
المخلفات الورقية والبلاستيكية وغيرها في كثير من شوارع المدينة ناتج عن عدم تواجد
براميل خاصة بذلك في هذه الشوارع تساعد على جمع هذه المخلفات وسهولة تصريفها
والمحافظة على النظافة [7].
إن من أهم الصعوبات التي
تواجه إدارة النظافة هي عدم وجود موازنة خاصة لأعمال النظافة مما يعيق الإسراع في
تنفيذ خدمات نقل وجمع وتصريف القمامة الذي يتطلب عدم التأخر في جمعها وتصريفها حتى
لا تكون بؤرة لتوالد الحشرات والقوارض.
كما أن النقص في القوى العاملة في مجال النظافة و قدم ونقص عدد سيارات
وآليات جمع المخلفات لا يفي بتغطية التوسع الكبير في المجال العمراني والسكاني،
إضافة إلى التأخر في صرف رواتب العاملين وحوافزهم يضطر العاملين للتوقف عن العمل
مطالبين بحقوقهم ويؤدي ذلك إلى تراكم المخلفات بشكل كبير في أحياء المدينة. هذا بالإضافة إلى أن بعض المصانع تقوم بنفسها
بالتخلص من النفايات حيث ترميها في مناطق بعيدة عن السكان وتتركها مكشوفة دون ردم
أو ترميها في البحر مما يلوث مياه البحر وما فيها من كائنات بحرية والتي تعد من
أغنى الثروات في بلادنا.
وتقدر كمية النفايات البلدية
الصلبة يومياً في مدينة عدن حوالي (350) طن /يوم.
ويبلغ معدل إفراز الفرد في حدود 0.7 كجم /يوم. ويتم جمع النفايات في حاويات خاصة أو في مواقع
مفتوحة في بعض الأحياء الضيقة والشعبية، ثم تنقل بواسطة السيارات الخاصة بالنظافة
إلى مقالب القمامة في منطقة دار سعد حيث يتم التخلص منها عن طريق الردم
الصحي. وتقدر كمية النفايات المجمعة
والمصرفة في مدينة عدن بين (180-200) طن /يوم فقط أي ما يعادل (52-57%) من مجموع النفايات. ويبلغ عدد الموظفين في بلدية عدن (600) موظف
منهم (450) يقوموا بعملية الكنس و (100) في عملية الجمع بينما يعمل (50) في
الإدارة والمراقبة [17].
ويبين جدول رقم (2) متوسط
نسب مكونات النفايات السكانية الصلبة في مدينة عدن استناداً إلى دراسات مختلفة
[17، 21، 19]
جدول رقم (2): متوسط مكونات النفايات الصلبة في
مدينة عدن (%)
المكونات | 1990م [21] | 1995م [19] | 1999م [17] |
مواد عضوية | 4.5 | 46 | 17.1 |
ورق ، كرتون | 13.4 | 12.0 | 10.7 |
بلاستيك | 7.7 | 6.5 | 10.8 |
ملابس | - | 4.5 | 5.6 |
جلود | 1.1 | - | 1.6 |
زجاج | 1.4 | 2.0 | 2.7 |
معادن | 6.6 | 6.5 | 5.0 |
عظام ، خشب | 7.3 | 2.5 | - |
غير مصنف | 58.0 | 19.5 | 45.9 |
ويوضح جدول
رقم (3) مقارنة نسـب مكونات النفايات البلدية الصلبة في مدينة عدن مع بعض المدن
الأخرى.
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب