حقوق
الملكية الفكرية وطرق حمايتها بين الفقه والقانون1
المحورالثالث: الوثيقة العربية و دورها في خدمة المجتمع
حقوق
الملكية الفكرية وطرق حمايتها
بين
الفقه والقانون
(1)
وفي البدء كلمة:
مع
بدء استقرار الإنسان في الأرض، ورغبته في تأمين مسكن له، يؤويه
ويحميه من وحوش الغابة، ومن العوامل والكوارث الطبيعية، والصنعية التي ابتكرها بنفسه.
نتجت حقوق طبيعية إنسانية من أولها: حق الملكية، وبدأت هذه الحقوق تتشعب
وتتنوع مع تطور حياة الإنسان، وظهور المخترعات، وتطور اللغة المحكية والمكتوبة.
من أهم هذه الحقوق، الحقوق المعنوية، وحقوق الملكية الفكرية.
وقد بدأت تظهر في مختلف الدول، التشريعات التي تحمي هذه الحقوق، وكيفية
التصرف بها، وطرق نقلها إلى الآخرين.
نتطرق في هذه الدراسة للحديث عن حقوق الملكية الفكرية، وطرق حمايتها
بين الفقه والقانون، بعد أن نقدم تعريفاً مختصراً لأنواع الحقوق.
1- تعريف الحقوق وأنواعها:
لقد وردت كلمة الحق بمعاني متعددة بالنظر لما يراد منها من جهة، ولأن
معناها اللغوي يدل أكثر من دلالة واحدة.
1-1- تعريف الحق لغةً واصطلاحا:
الحق لغةً: إن المعنى العام لكلمة الحق تعني: الثبوت والوجوب، ولم
يبتعد علماء الفقه عن هذا المعنى اللغوي كثيراً، ومن هذه المعاني:
- الثبوت والوجوب: وفي هذا المعنى تفيد ثبوت الحكم ووجوبه كقوله تعالى:
)لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون( (يس: 7).
- الأمر الثابت: أي الأمر الموجود كقوله تعالى: )ونادى أصحابُ الجنَّة أصحابَ
النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً قالوا
نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين( (الأعراف: 44).
- الحق ضد الباطل: كقوله تعالىولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق
وأنتم تعلمون( (البقرة:42).
- الحق بمعنى اليقين: كقوله تعالى: )فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما
أنكم تنطقون( (الذاريات: 23).
- ويستعمل الحق بمعنى العدل: كقوله تعالى: )والله يقضي بالحق والذين
يدعون من دونه لا يقضون بشيء إن الله هو السميع البصير( (غافر: 20).
وقوله تعالى: )ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلاّ بالحق( (الأنعام:
151).
- ويرد الحق بمقابل الواجب أو الحكم: كقوله تعالى: )وفي أموالهم حق
للسائل والمحروم( (الذاريات: 19).[1]
- الحق اصطلاحاً: فقد وردت تعريفات كثيرة لعلماء القانون تنحصر كلها
بالمفهوم القانوني لمدلول كلمة الحق، ومن هذه التعريفات:
- الحق عبارة عن فائدة مادية أو أدبية يحافظ عليها القانون بوساطة منح
صاحبها قوة يعمل بها الأعمال اللازمة للتمتع بهذه الفائدة.[2]
- وقد عرف الدكتور السنهوري الحق: بأنه مصلحة ذات قيمة عالية يحميها القانون.
[3] وقد انتقد هذا التعريف لأنه حصر الحق بالقيمة المالية، مع أن هناك
حقوقاً لا تقدر بالأموال ولكنها من قبيل السلطة كحق الولي على الصغير مثلاً.
- ويعرف شرّاح القانون المدني المصري الحق: بأنه سلطة أو قدرة إرادية
يحولها الشخص لتمكينه من القيام بأعمال معينة، تحقيقاً لمصلحة له يعترف
بها القانون.[4]
الحق في الفقه: فقد وردت تعريفات كثيرة نكتفي منها باثنين:
- عرف الأستاذ الشيخ مصطفى الزرقاء الحق : الحق هو اختصاص يقر به الشرع
سلطة أو تكليفاً.[5]
- عرف الشيخ علي الخفيف الحق : هو المصلحة المستحقة شرعاً . [1]
1-2- أنواع الحقوق :
قسم
علماء القانون الحقوق إلى عدة أقسام وذلك لنظرتهم إليه باعتبارات
مختلفة من وجوه مختلفة وهذه النظرة عبارة عن بيان وتوضيح لمدلول ومفهوم
أنواع الحقوق ، فهي وصف لواقع يظهر ما يدل عليه إطلاق كلمة الحق وليست
بمنشئة لحقوق جديدة ، والمثال على ذلك تقسيم الحق إلى مطلق ونسبي.
فالحق النسبي : هو الحق الذي وجد لمصلحة
شخص أو أكثر تجاه آخر، كالالتزمـات بين الأفراد ،
فالدَيْنُ عبارة عن ارتباط بين دائن و مَدينِه يلتزم فيه المدين بالقيام
بعمل أو الامتناع عن عمل.
أما الحق المطلق فهو امتياز يمنح لشخص معين
و يكفل القانون حفظ هذا الحق دون أن يكون هناك التزام معين من فرد
معين بل إن الناس جميعاً يلتزمون باحترام هذا الحق كحق الملكية مثلاً .[6]
وقسم علماء القانون الحقوق إلى حقوق سياسية وحقوق غير سياسية، و إلى
حقوق عامة وحقوق خاصة، وإلى حقوق الأسرة ، وإلى حقوق مالية، و إلى حقوق
شخصية وعينية وذهنية.
وقد قسم الفقه الإسلامي الحقوق إلى قسمين باعتبارات مختلفة :
1. باعتبار صاحب الحق : إلى ثلاثة أنواع : حق الله وحق الإنسان وحق
مشترك وهو ما اجتمع فيه الحقان معاً .
2. باعتبار القوة المؤيدة:وقسمه فقهاء المسلمين باعتبار القوة الملزمة
له إلى نوعين: حق دياني وحق قضائي.[6]
2- حق الملكية الفكرية:
إن
الحقوق الاعتبارية والأدبية والذهنية كحقوق التأليف وتحقيق
المخطوطات، والاختراعات وغير ذلك. هي من الحقوق الفكرية التي تعطي لصاحبها الحق بالاحتفاظ
بالربح الناتج عن عمله، وهو حق مشروع موجه يقره الفقه الإسلامي على
أساس الجهد المبذول من قبل صاحبه ويعطيه السلطة بمنع أي إنسان آخر من أن
يقوم بنشر مؤلفه أو اختراعه، ولهذا الحق جانبان مادي ومعنوي. فالجانب المادي
يتعلق بالفائدة المادية التي يحققها صاحب هذا الاختراع من عمله ، والجانب
المعنوي أنه لا يجوز لأحد أن ينسب هذا العمل له لأنه يعد متجاوزاً حق
صاحب الإنتاج الذي له وحده الحق بحمل اسم عمله المبتكر. [6]
وقد نصت المادة 89 من القانون المدني السوري على أن : " الحقوق
التي ترد على شيء غير مادي تنظمها قوانين خاصة." [7]
2-1-حق التأليف :
المصنف : هو الوعاء المعرفي الذي يحمل إنتاجاً أدبياً أم علمياً أو فنياً
مبتكراً مهما كان نوعه أو أهميته أو طريقة التعبير فيه أو الغرض من تصنيفه [8]
المؤلف : من ينشر المصنف منسوباً إليه سواء بذكر اسمه على المصنف أم بأية
طريقة أخرى بما في ذلك استعماله اسماً مستعاراً إلا إذا قام الدليل على غير
ذلك. [8]
حق ملكية المؤلف : هو مجموعة المصالح المعنوية و المادية التي تثبت
للشخص على مصنفه.[8]
2-2- حق الطباعة :
وقد
تنوعت أشكال الطباعة و لم تعد تقتصر على الشكل الورقي وتشمل المصنفات المكتوبة،
و المصنفات الفنية ومصنفات الفنون التشكيلية والتطبيقية والتصوير
الفوتوغرافي ومصنفات المصورات والخرائط الجغرافية والتصاميم والمخططات
المتصلة بالطبوغرافيا أو بفن العمارة أو العلوم ومصنفات البرمجيات
الحاسوبية، بما في ذلك وثائق تصميمها ومجموعات البيانات. [8]
ومن التشريعات المحلية التي صدرت وتتعلق بالحماية الفكرية لحق
الطباعة ما يلي :
1- قانون المطبوعات العام رقم 53 تاريخ 8/10/1949، وقد عدل بعدد من
المراسيم التشريعية وقد عرفت المادة 32 منه المؤلفات الأدبية و الفنية بأنها
" كل ما تنتجه المواهب البشرية خطياً ، أو شفوياً ، أو صوتياً ، أوصناعياً
أو بالحركة.[9]
2- قانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 148 تاريخ 12/6/1949
وتعديلاته ، المواد من رقم 708 حتى 715 [10]
وخلال فترة الانتداب الفرنسي أصدر المفوض
السامي القرار 2385 تاريخ 17/1/1924 والذي ينظم حقوق الملكية التجارية و
الصناعية و الملكية الأدبية و الفنية في الجزء
السابع، وبذلك ضمت سورية و لبنان إلى اتفاقيات حماية الملكية الفكرية
الدولية [9،11]
وهناك مجموعة من الاتفاقات الدولية لا مجال لذكرها، حيث لا تسمح
الورقة بذلك.
2-3- حق النشر:
النشر : نقل المصنف أو إيصاله بأسلوب مباشر أو غير مباشر إلى الجمهور أو
استخراج نسخ أو صور منه أو من جزء من أجزائه يمكن قراءتها أو سماعها أو
رؤيتها أو أداؤها . ولمؤلف المصنف المشمول بالحماية وحده الحق في تقرير نشر
مصنفه وفي اختيار طريقة هذا النشر، وله وحده ولمن يأذن له خطياً حق استثمار مصنفه
مالياً بأية وسيلة أو شكل كان و لا يجوز لغيره مباشرة هذا الحق دون إذن
كتابي منه أو ممن يخلفه.[8]
إن حماية حقوق المؤلف لا تتنافى و حق الدولة في حظر تداول أي مصنف
يشكل مساً بالنظام العام أو الآداب.
هذا
تعريف مختصر بحقوق الملكية الفكرية أو ما يسمى بالحقوق "الاعتبارية والأدبية"
في القوانين الوضعية، ولكن ماذا عن هذه الحقوق في ميزان الشرع والفقه.
والسؤال الذي نطرحه في هذا المجال هو : هل الجهد الفكري في التأليف،
يورث صاحبه، في ميزان الشرع، أي اختصاص حاجز يتضمن معنى الحق؟[12].
والجواب على ذلك: نعم، بل لا نعلم في هذا القدر خلافاً ، ومن
أبرز ما يدل على ذلك ما هو ثابت من حرمة انتحال الرجل قولاً لغيره، أو إسناده
إلى غير مصدره. بل كانت الشريعة وما تزال، قاضية بنسبة الكلمة و الفكرة
إلى صاحبها، لينال هو دون غيره أجر ما قد تنطوي عليه من خير، وليتحمل
وزر ما قد تجره من شر. وقد ذهب الإمام أحمد في تحديد هذا الاختصاص و
تفسيره مذهباً جعله يمتنع عن الإقدام على الاستفادة بالنقل والكتابة عن مقال
أو مؤلف عرف صاحبه، إلا بعد الاستئذان منه. فقد روي عن الغزالي أن الإمام
أحمد سئل عمن سقطت منه ورقة كتب فيها أحاديث أو نحوها ، أيجوز لمن وجدها
أن يكتب منها ثم يردها؟ فقال: لا، بل يستأذن ثم يكتب .[12]
إذن، التأليف يورث صاحبه حقاً يتعلق بمحله الذي هو ثمرة جهد فكري أو
علمي.
ولكن
ما هي طبيعة هذا الحق؟ أهو حق مادي مالي ، أم هو حق معنوي خال عن
شوائب النفع المادي أو المالي؟ لن ندخل في التفاصيل لأن الدراسة لا تسمح
بذلك، و إنما نقول بما ورد في كتب الفقه : إن مالك المصنف بهبة أو شراء ،
إنما يحق له أن يتصرف بالعين المادية التي اشتراها ، إذ هي التي وقع العقد
عليها، كما أنه يملك أن يعبر عن الأفكار التي في المصنف وأن يناقشها ويرفضها ويرويها،
و لكن ليس له أن ينتحلها لنفسه، ثم إنه لا يملك إذن من باب أولى أن
يبيع هذا الحق المنسوب إلى غيره ويستقل هو بثمنه اعتماداً على مجرد أنه قد
امتلك نسخة من مصنف تحوي صورة هذا الحق ، لا شك أن هذه النسخة تغدو عندئذ
في يد أشبه ما تكون بكوة فتحت في جدار، لتتسرب اليد الأجنبية منها إلى
الداخل، ثم لتقتنص كل ما قد يوجد فيه دون حق. [12]
وتتمثل هذه الحقوق في أكثر الأحيان بعبارة تدون
على المصنف المطلوب حمايته لصاحبه الذي أنتجه "حقوق التأليف و
الطباعة و النشر محفوظة " أو " جميع الحقوق محفوظة ".
الملكية الفكرية وطرق حمايتها بين الفقه والقانون1
المحورالثالث: الوثيقة العربية و دورها في خدمة المجتمع
حقوق
الملكية الفكرية وطرق حمايتها
بين
الفقه والقانون
(1)
إعداد: أحمد محمد العنزاوي |
وفي البدء كلمة:
مع
بدء استقرار الإنسان في الأرض، ورغبته في تأمين مسكن له، يؤويه
ويحميه من وحوش الغابة، ومن العوامل والكوارث الطبيعية، والصنعية التي ابتكرها بنفسه.
نتجت حقوق طبيعية إنسانية من أولها: حق الملكية، وبدأت هذه الحقوق تتشعب
وتتنوع مع تطور حياة الإنسان، وظهور المخترعات، وتطور اللغة المحكية والمكتوبة.
من أهم هذه الحقوق، الحقوق المعنوية، وحقوق الملكية الفكرية.
وقد بدأت تظهر في مختلف الدول، التشريعات التي تحمي هذه الحقوق، وكيفية
التصرف بها، وطرق نقلها إلى الآخرين.
نتطرق في هذه الدراسة للحديث عن حقوق الملكية الفكرية، وطرق حمايتها
بين الفقه والقانون، بعد أن نقدم تعريفاً مختصراً لأنواع الحقوق.
1- تعريف الحقوق وأنواعها:
لقد وردت كلمة الحق بمعاني متعددة بالنظر لما يراد منها من جهة، ولأن
معناها اللغوي يدل أكثر من دلالة واحدة.
1-1- تعريف الحق لغةً واصطلاحا:
الحق لغةً: إن المعنى العام لكلمة الحق تعني: الثبوت والوجوب، ولم
يبتعد علماء الفقه عن هذا المعنى اللغوي كثيراً، ومن هذه المعاني:
- الثبوت والوجوب: وفي هذا المعنى تفيد ثبوت الحكم ووجوبه كقوله تعالى:
)لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون( (يس: 7).
- الأمر الثابت: أي الأمر الموجود كقوله تعالى: )ونادى أصحابُ الجنَّة أصحابَ
النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً قالوا
نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين( (الأعراف: 44).
- الحق ضد الباطل: كقوله تعالىولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق
وأنتم تعلمون( (البقرة:42).
- الحق بمعنى اليقين: كقوله تعالى: )فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما
أنكم تنطقون( (الذاريات: 23).
- ويستعمل الحق بمعنى العدل: كقوله تعالى: )والله يقضي بالحق والذين
يدعون من دونه لا يقضون بشيء إن الله هو السميع البصير( (غافر: 20).
وقوله تعالى: )ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلاّ بالحق( (الأنعام:
151).
- ويرد الحق بمقابل الواجب أو الحكم: كقوله تعالى: )وفي أموالهم حق
للسائل والمحروم( (الذاريات: 19).[1]
- الحق اصطلاحاً: فقد وردت تعريفات كثيرة لعلماء القانون تنحصر كلها
بالمفهوم القانوني لمدلول كلمة الحق، ومن هذه التعريفات:
- الحق عبارة عن فائدة مادية أو أدبية يحافظ عليها القانون بوساطة منح
صاحبها قوة يعمل بها الأعمال اللازمة للتمتع بهذه الفائدة.[2]
- وقد عرف الدكتور السنهوري الحق: بأنه مصلحة ذات قيمة عالية يحميها القانون.
[3] وقد انتقد هذا التعريف لأنه حصر الحق بالقيمة المالية، مع أن هناك
حقوقاً لا تقدر بالأموال ولكنها من قبيل السلطة كحق الولي على الصغير مثلاً.
- ويعرف شرّاح القانون المدني المصري الحق: بأنه سلطة أو قدرة إرادية
يحولها الشخص لتمكينه من القيام بأعمال معينة، تحقيقاً لمصلحة له يعترف
بها القانون.[4]
الحق في الفقه: فقد وردت تعريفات كثيرة نكتفي منها باثنين:
- عرف الأستاذ الشيخ مصطفى الزرقاء الحق : الحق هو اختصاص يقر به الشرع
سلطة أو تكليفاً.[5]
- عرف الشيخ علي الخفيف الحق : هو المصلحة المستحقة شرعاً . [1]
1-2- أنواع الحقوق :
قسم
علماء القانون الحقوق إلى عدة أقسام وذلك لنظرتهم إليه باعتبارات
مختلفة من وجوه مختلفة وهذه النظرة عبارة عن بيان وتوضيح لمدلول ومفهوم
أنواع الحقوق ، فهي وصف لواقع يظهر ما يدل عليه إطلاق كلمة الحق وليست
بمنشئة لحقوق جديدة ، والمثال على ذلك تقسيم الحق إلى مطلق ونسبي.
فالحق النسبي : هو الحق الذي وجد لمصلحة
شخص أو أكثر تجاه آخر، كالالتزمـات بين الأفراد ،
فالدَيْنُ عبارة عن ارتباط بين دائن و مَدينِه يلتزم فيه المدين بالقيام
بعمل أو الامتناع عن عمل.
أما الحق المطلق فهو امتياز يمنح لشخص معين
و يكفل القانون حفظ هذا الحق دون أن يكون هناك التزام معين من فرد
معين بل إن الناس جميعاً يلتزمون باحترام هذا الحق كحق الملكية مثلاً .[6]
وقسم علماء القانون الحقوق إلى حقوق سياسية وحقوق غير سياسية، و إلى
حقوق عامة وحقوق خاصة، وإلى حقوق الأسرة ، وإلى حقوق مالية، و إلى حقوق
شخصية وعينية وذهنية.
وقد قسم الفقه الإسلامي الحقوق إلى قسمين باعتبارات مختلفة :
1. باعتبار صاحب الحق : إلى ثلاثة أنواع : حق الله وحق الإنسان وحق
مشترك وهو ما اجتمع فيه الحقان معاً .
2. باعتبار القوة المؤيدة:وقسمه فقهاء المسلمين باعتبار القوة الملزمة
له إلى نوعين: حق دياني وحق قضائي.[6]
2- حق الملكية الفكرية:
إن
الحقوق الاعتبارية والأدبية والذهنية كحقوق التأليف وتحقيق
المخطوطات، والاختراعات وغير ذلك. هي من الحقوق الفكرية التي تعطي لصاحبها الحق بالاحتفاظ
بالربح الناتج عن عمله، وهو حق مشروع موجه يقره الفقه الإسلامي على
أساس الجهد المبذول من قبل صاحبه ويعطيه السلطة بمنع أي إنسان آخر من أن
يقوم بنشر مؤلفه أو اختراعه، ولهذا الحق جانبان مادي ومعنوي. فالجانب المادي
يتعلق بالفائدة المادية التي يحققها صاحب هذا الاختراع من عمله ، والجانب
المعنوي أنه لا يجوز لأحد أن ينسب هذا العمل له لأنه يعد متجاوزاً حق
صاحب الإنتاج الذي له وحده الحق بحمل اسم عمله المبتكر. [6]
وقد نصت المادة 89 من القانون المدني السوري على أن : " الحقوق
التي ترد على شيء غير مادي تنظمها قوانين خاصة." [7]
2-1-حق التأليف :
المصنف : هو الوعاء المعرفي الذي يحمل إنتاجاً أدبياً أم علمياً أو فنياً
مبتكراً مهما كان نوعه أو أهميته أو طريقة التعبير فيه أو الغرض من تصنيفه [8]
المؤلف : من ينشر المصنف منسوباً إليه سواء بذكر اسمه على المصنف أم بأية
طريقة أخرى بما في ذلك استعماله اسماً مستعاراً إلا إذا قام الدليل على غير
ذلك. [8]
حق ملكية المؤلف : هو مجموعة المصالح المعنوية و المادية التي تثبت
للشخص على مصنفه.[8]
2-2- حق الطباعة :
وقد
تنوعت أشكال الطباعة و لم تعد تقتصر على الشكل الورقي وتشمل المصنفات المكتوبة،
و المصنفات الفنية ومصنفات الفنون التشكيلية والتطبيقية والتصوير
الفوتوغرافي ومصنفات المصورات والخرائط الجغرافية والتصاميم والمخططات
المتصلة بالطبوغرافيا أو بفن العمارة أو العلوم ومصنفات البرمجيات
الحاسوبية، بما في ذلك وثائق تصميمها ومجموعات البيانات. [8]
ومن التشريعات المحلية التي صدرت وتتعلق بالحماية الفكرية لحق
الطباعة ما يلي :
1- قانون المطبوعات العام رقم 53 تاريخ 8/10/1949، وقد عدل بعدد من
المراسيم التشريعية وقد عرفت المادة 32 منه المؤلفات الأدبية و الفنية بأنها
" كل ما تنتجه المواهب البشرية خطياً ، أو شفوياً ، أو صوتياً ، أوصناعياً
أو بالحركة.[9]
2- قانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 148 تاريخ 12/6/1949
وتعديلاته ، المواد من رقم 708 حتى 715 [10]
وخلال فترة الانتداب الفرنسي أصدر المفوض
السامي القرار 2385 تاريخ 17/1/1924 والذي ينظم حقوق الملكية التجارية و
الصناعية و الملكية الأدبية و الفنية في الجزء
السابع، وبذلك ضمت سورية و لبنان إلى اتفاقيات حماية الملكية الفكرية
الدولية [9،11]
وهناك مجموعة من الاتفاقات الدولية لا مجال لذكرها، حيث لا تسمح
الورقة بذلك.
2-3- حق النشر:
النشر : نقل المصنف أو إيصاله بأسلوب مباشر أو غير مباشر إلى الجمهور أو
استخراج نسخ أو صور منه أو من جزء من أجزائه يمكن قراءتها أو سماعها أو
رؤيتها أو أداؤها . ولمؤلف المصنف المشمول بالحماية وحده الحق في تقرير نشر
مصنفه وفي اختيار طريقة هذا النشر، وله وحده ولمن يأذن له خطياً حق استثمار مصنفه
مالياً بأية وسيلة أو شكل كان و لا يجوز لغيره مباشرة هذا الحق دون إذن
كتابي منه أو ممن يخلفه.[8]
إن حماية حقوق المؤلف لا تتنافى و حق الدولة في حظر تداول أي مصنف
يشكل مساً بالنظام العام أو الآداب.
هذا
تعريف مختصر بحقوق الملكية الفكرية أو ما يسمى بالحقوق "الاعتبارية والأدبية"
في القوانين الوضعية، ولكن ماذا عن هذه الحقوق في ميزان الشرع والفقه.
والسؤال الذي نطرحه في هذا المجال هو : هل الجهد الفكري في التأليف،
يورث صاحبه، في ميزان الشرع، أي اختصاص حاجز يتضمن معنى الحق؟[12].
والجواب على ذلك: نعم، بل لا نعلم في هذا القدر خلافاً ، ومن
أبرز ما يدل على ذلك ما هو ثابت من حرمة انتحال الرجل قولاً لغيره، أو إسناده
إلى غير مصدره. بل كانت الشريعة وما تزال، قاضية بنسبة الكلمة و الفكرة
إلى صاحبها، لينال هو دون غيره أجر ما قد تنطوي عليه من خير، وليتحمل
وزر ما قد تجره من شر. وقد ذهب الإمام أحمد في تحديد هذا الاختصاص و
تفسيره مذهباً جعله يمتنع عن الإقدام على الاستفادة بالنقل والكتابة عن مقال
أو مؤلف عرف صاحبه، إلا بعد الاستئذان منه. فقد روي عن الغزالي أن الإمام
أحمد سئل عمن سقطت منه ورقة كتب فيها أحاديث أو نحوها ، أيجوز لمن وجدها
أن يكتب منها ثم يردها؟ فقال: لا، بل يستأذن ثم يكتب .[12]
إذن، التأليف يورث صاحبه حقاً يتعلق بمحله الذي هو ثمرة جهد فكري أو
علمي.
ولكن
ما هي طبيعة هذا الحق؟ أهو حق مادي مالي ، أم هو حق معنوي خال عن
شوائب النفع المادي أو المالي؟ لن ندخل في التفاصيل لأن الدراسة لا تسمح
بذلك، و إنما نقول بما ورد في كتب الفقه : إن مالك المصنف بهبة أو شراء ،
إنما يحق له أن يتصرف بالعين المادية التي اشتراها ، إذ هي التي وقع العقد
عليها، كما أنه يملك أن يعبر عن الأفكار التي في المصنف وأن يناقشها ويرفضها ويرويها،
و لكن ليس له أن ينتحلها لنفسه، ثم إنه لا يملك إذن من باب أولى أن
يبيع هذا الحق المنسوب إلى غيره ويستقل هو بثمنه اعتماداً على مجرد أنه قد
امتلك نسخة من مصنف تحوي صورة هذا الحق ، لا شك أن هذه النسخة تغدو عندئذ
في يد أشبه ما تكون بكوة فتحت في جدار، لتتسرب اليد الأجنبية منها إلى
الداخل، ثم لتقتنص كل ما قد يوجد فيه دون حق. [12]
وتتمثل هذه الحقوق في أكثر الأحيان بعبارة تدون
على المصنف المطلوب حمايته لصاحبه الذي أنتجه "حقوق التأليف و
الطباعة و النشر محفوظة " أو " جميع الحقوق محفوظة ".
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب