سلطة
القاضي الأردني في الحكم بالإحالة لعدم الاختصاص
عـادل اللـوزي*
أستاذ مساعد، قسم القانون،
كلية القانون، جامعة اليرموك.
المقدمـة:
بيَّن قانون أصول المحاكمات المدنية
الأردني الأحكام الناظمة لعمل السلطة القضائية، ونصيب كلّ محكمة من المحاكم من
النزاعات التي تعرض على القضاء، من خلال ما يسمى الاختصاص. والاختصاص لغةً:
التفضيل والانفراد([i])، واصطلاحاً: السلطة التي خوّلها القانون لمحكمة ما، للفصل في نزاع ما([ii])، ويعرف أنه نصيب المحكمة من المنازعات المعروضة علـى القضـاء([iii])، ورغم أن المشرِّع الأردني يسعى-على الدوام- إلى إيراد النصوص القانونية
المرعية التطبيق على الإجراء، لطلب الحماية القضائية للحق الموضوعي، ووضع الضوابط
التي تنظم الإجراء القضائي، وهنا الاختصاص، وفق الشكلية التي تطلبها القانون([iv])، إلا أن تلك القواعد والضوابط القانونية، بشأن الاختصاص، يطرأ عليها -في
كثير من الأحيان– عـوارض، من خلال التطبيق العملي، نظراً لتعقد تلك الإجراءات
والقواعد والضوابط المتعلقة بالاختصاص، إضافة إلى عدم المعرفة التامة بها من قبل
الخصوم– تعمّداً أو خطأ– بتوجيه الطلب إلى المحكمة التي ذهبت إرادة المشرِّع
لاختصاصها في نظر النزاع، سواء من ناحية الاختصاص الدولي، أو الولائيّ، أو
النوعيّ، أو القيميّ.
ولما كان على الخصوم،
والقاضي، الالتزام بالقواعد التي نظامها المشرِّع، لطلب الحماية القضائية من
المحكمة المختصة، فإنّ الخروج على تلك القواعد يوقع معه الجزاء الذي فرضه
المشرِّع، وهو عدم الاختصاص، بغية تصحيح الإجراء وتحققه وفق إرادة المشرِّع
الإجرائي، وحيث إن الحكم بعدم الاختصاص في ذاته، يرتب على الأطراف، وجوب اللجوء
إلى المحكمة المختصة لطلب الحماية القانونيـة- بما في ذلك من زيادة في النفقات
والوقت، والسير في إجراءات الخصومة المنتهية لعدم الاختصاص، من البداية- فقد أدخل
المشرِّع الأردني نظام الإحالة في قانون أصول المحاكمات المدنية، بموجب التعديل
رقم (14) لسنة 2001م([v])، والذي يهدف إلى إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة من قبل المحكمة القاضية
بعدم الاختصاص، فالإحالة لعدم الاختصاص تعني نقل الدعوى من المحكمة غير المختصة
إلى المحكمة المختصة([vi])، حيث نصّت المادة (12) من قانون أصول المحاكمات المدنية بصيغته المعدلة
لعام 2001 على أن: "إذا قضت المحكمة بعدم اختصاصها ، وجب عليها إحالة الدعوى
إلى المحكمة المختصة".
ولنظام الإحالة في الدول
المقارنة التي أخذت به -كالتشريع المصريّ([vii])، والتشريـع الفرنسـي([viii])- العديد من الفوائد العمليّة، تتمثل في توفير الوقت والنفقات على
المتخاصمين، في حال الحكم بعدم الاختصـاص، إذ لا يحتاج المدّعي، ونظام الإحالة،
إلى رفع دعوى جديدة أمام المحكمة المختصة، ودفع الرسوم القانونية عليها من جديد،
لإحالتها إليها من المحكمة القاضية بعدم اختصاصها، إضافة إلى أن الإجراءات التي
تمّت أمام المحكمة غير المختصة تُعدُّ صحيحة من جميع الوجوه القانونية.
إلا
أن الأخذ بنظام الإحالة في حال حكم المحكمة بعدم الاختصاص يتطلب انسجام الإجراءات
القانونية المرعية التطبيق بين المحاكم، للحصول على الحماية القضائية، وهذا ما
يتحقق في ظل وحدة النظام القضائي، ووحدة الإجراءات المتبعة أمام المحاكم على مختلف
درجاتها، وهذا ما يتحقق في بعض القوانين المقارنة، كالقانون المصري([ix])، إلا أن الأمر على خلاف ذلك في النظام القانوني
الأردني، ومن هنا تبدو أهمية هذه الدراسة؛ إذ جاء التنظيم القانوني لعمل المحاكم
متنوعاً بعدد تنّوع المحاكم، فينظم عمل محاكم الصلح قانون محاكم الصلح رقم (15)
لسنة 1952م وتعديلاته([x])، في حين ينظم عمل المحاكم الشرعية قانون أصول
المحاكمات الشرعية رقم (31) لسنة 1959م وتعديلاته([xi])، في حين تنظم المحاكم الخاصة بموجب النصوص
الواردة في القوانين التي تتعلق بعملها([xii]). فيثار التساؤل في ظل النص العام للمادة (112)
والوارد في قانون أصول المحاكمات المدنية بتعديله عام 2001م حول مدى إمكانية تطبيق
نظام الإحالة أمام المحاكم الأردنية، رغم اختلاف أنظمتها الإجرائية، عند الحكم
بعدم الاختصاص لأي من تلك المحاكم، سواء الاختصاص الدولي منها أو الولائي، أو
القيمي، أو النوعي، أو المكاني؟ وما هي
الإشكالات التي تعتري تطبيق نظام الإحالة في ظل اختلاف القوانين الإجرائية المنظمة
لعمل المحاكم على مختلف أنواعها؟
مشكلة الدراسة:
الغرض من هذه الدراسة هو بيان
مدى انسجام الحكم بالإحالة لعدم الاختصاص الذي أخذ به المشرِّع الأردني في قانون
أصول المحاكمات المدنية مع النصوص القانونية التي تنظم عمل المحاكم على مختلف
أنواعها، في ظل اختلاف النظم الإجرائية التي توفر الحماية القضائية للحق الموضوعي،
وبيان الإشكالات القانونية التي تعترض تنظيم الأخذ بالإحالة لعدم الاختصاص في
المحاكم الأردنية، ومحاولة وضع أو اقتراح الحلول الملائمة لها.
منهج الدارسة:
يتبع الباحث في هذه الدارسة
المنهج الوصفي التحليلي عند معالجة هذا البحث، الوصفي: في بيان المعالجة التشريعية
للإحالة لعدم الاختصاص في القانون الأردني، والتحليلي: في تحليل النصوص القانونية
وبيان انسجامها مع النظام القضائي الأردني، في ظل التطبيق العملي لنظام الإحالة
لعدم الاختصاص من قبل القاضي الأردني.
وفي ضوء ذلك، يتناول هذا
البحث، من خلال، بيان الإحالة لعدم الاختصاص بين المحاكم النظامية، وبيان الإحالة
لعدم الاختصاص الولائي وآثار الحكم بالإحالة. وعليه، نقسم البحث إلى مبحثين:
المبحث الأول: إحالة الدعوى لعدم
الاختصاص بين المحاكم النظامية.
المبحث الثاني: إحالة الدعوى لعدم
الاختصاص الولائي وآثار الحكم بالإحالة.
المبحث الأول
إحالة الدعوى لعدم الاختصاص بين المحاكم النظامية
حدَّد قانون تشكيل المحاكم
النظامية الأردني رقم (17) لسنة 2001م([xiii]) أنواع المحاكم
النظامية في المملكة الأردنية الهاشمية، وحصرها في محاكم، الصلح، والبداية،
والاستئناف، والتمييز، وحدّد تشكيلهـا، في حين حدَّد قانون محاكم الصلح اختصاص المحاكم
الصلحية قيميـاً، ونوعياً، وفي الوقت ذاته حدَّد قانون أصول المحاكمات المدنية
اختصاصات محكمة البداية بصفتها صاحبة الولاية العامة في أن تختص بكل ما يخرج عن
اختصاص المحاكم الأخـرى([xiv])، بالإضافة لاختصاصها النوعي، وفقاً لبعض النصوص الواردة في بعض القوانين،
كاختصاصها بدعاوى الإفلاس([xv])، أو الشفعة، والأولويـة([xvi])، كما حدد – قانون
أصول المحاكمات المدنية- الاختصاص النوعي والقيمي لمحاكم الاستئناف، ومحكمة
التمييز([xvii]).
وحيث إنّ مشكلة الإحالة لا
تقوم في نطاق محاكم الاستئناف في ظل تعديل المادة (180) بموجب القانون المعدل
لقانون أصول المحاكمات المدنية رقم (14) لسنة 2001، والتي أوجبت تقديم اللائحة
الاستئنافية إلى المحكمة المراد استئناف حكمها، لترفع بدورها ملف الدعوى إلى
المحكمة الاستئنافية التي تتبع اختصاصها-فلم يعد بإمكان المستأنف أن يوّجه
استئنافه مباشرة إلى محكمة الاستئناف، الأمر الذي لا يمكن معه الوقوع في خطأ في
قواعد الاختصاص لمحكمة الاستئناف، بأن يلجأ المستأنف إلى محكمة استئناف لا تختص
بنظر الحكم المستأنف، أما في حال أن قضت محكمة الاستئناف بعدم اختصاص محكمة الدرجة
الأولى، التي أصدرت الحكم، فإنها تحكم بعدم اختصاص محكمة الدرجة الأولى، وتعيد
الدعوى إلى محكمة الدرجة الأولى للحكم بعدم اختصاصها، وإحالة الدعوى إلى المحكمة
المختصة، حيث قررت محكمة التمييز بهذا الشأن: "في حال توصل
محكمة البداية إلى الفصل في الدعوى، بينما هي
غير مختصة مكانياً للفصل فيها تبعاً لموقع العقار موضوع الدعوى، فيتوجب في هذه
الحالة فسخ الحكم المستأنف، وإعادة الأوراق على ذات المحكمة المصدرة للقرار، لتقوم
تلك المحكمة بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة، عملاً بأحكام المادة (112) من
قانون أصول المحاكمات المدنية"([xviii])، وهذا، لا يشكل خطأ في اختصاص محكمة الاستئناف، بل في اختصاص محكمة الدرجة
الأولى، الذي يوجب الإحالة إلى محكمة الدرجة الأولى المختصة بنظر النـزاع.
كما إن تطبيق نظام الإحالة
لعدم الاختصاص، لا يمكن تصّوره في نطاق محكمة التمييـز، إذ إنها المحكمة الوحيدة
في المملكة، فلا تتنازع الاختصاص مع جهات أخرى، وإن قضت بعدم اختصاص محكمة
الاستئناف، أو محكمة الدرجة الأولى، فإنها تنقض الحكم، وتعيد الدعوى إلى المحكمة
مصدرة الحكم، لغايات الحكم بعدم الاختصاص، وإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة .
فالإحالة متصورة داخل المحاكم
النظامية، في محكمتي البداية والصلـح، وعليـه سنتناول هذا المبحث، من خلال بيان
إحالة الدعوى لعدم الاختصاص المكاني في مطلـب أول، وإحالة الدعوى لعدم الاختصاص
القيمي والنوعي في مطلب ثانٍ.
المطلب
الأول: إحالة الدعوى لعدم الاختصاص المكاني:
لا يظهر نطاق الإحالة لعدم
الاختصاص بين محاكم الصلح، وفقا لقاعدة التعدد الإقليمي لمحاكم الدرجة الأولى([xix])، إلا في حالة الحكم بعدم الاختصاص المكاني، حيث تختص محاكم الصلح في ذات
الاختصاص النوعي والولائي، إذ لا يتصّور أن تحيل محكمة صلح شمال عمان إلى محكمة
صلح غرب عمان، على أساس أنها تختص بنظر الدعوى نوعياً، فالمعيار الفارق في توزيع
الاختصاص بين محاكم الصلـح، يكمن في الاختصاص المكاني دون غيره من أنواع الاختصاص
.
وحيث إن الاختصاص المكاني
للمحاكم لا يتعلق بالنظام العام، ولا تثيره المحكمة من تلقاء نفسها، وإنما يجب
التمسك بعدم اختصاصها من قبل المدعى عليه الدخول في أساس الدعوى([xx])، وإلا سقط الحق فيه، فتبحث المحكمة –
إذا قدم المدّعى عليه دفعاً بعد الاختصاص المكاني– مسألة
اختصاصها المكاني، وإذا قررت عدم الاختصاص، وجب عليها، إعمالاً لنص المادة (112)
من قانون أصول المحاكمات المدنية أن تحيل الدعوى إلى المحكمة المختصة مكانياً
بنظرها. ويذهب جانب من الفقه([xxi]) -على خلاف المستقرّ عليه، فقهاً وقضاءً، بأن عدم
الاختصاص المكاني لا يتعلق بالنظام العام، ولا تملك المحكمة الفصل به من تلقاء
نفسها– إلى جواز أن تقضي المحكمة من تلقاء نفسها بعدم الاختصاص المكانـي، وبالتالي
الإحالة، تأسيساً على أن تنظيم العمل بين المحاكم بما فيه الاختصاص المكاني أمر
يتصل بالمصلحة العامة، لعدم تركيز الدعاوى أمام محكمة واحدة، الأمر الذي يُعدُّ
معه القول بأن قواعد الاختصاص المتعلقة بالمكان لا تُعدُّ من النظام العام- قولاً
أضعف من أن يعبر عن واقع الحال.
فتطبيق الإحالة لعدم الاختصاص
من قبل قاضي الصلح، مقيّدة بطلب من المدّعى عليه، يدفع بموجبه بعدم اختصاص محكمة
الصلح مكانياً، فإذا ما قضت بعدم الاختصاص، وجب عليها وفق المادة (112) أن تحيل
الدعوى إلى محكمة الصلح المختصة بنظرها، ذلك أن القضاء الأردني، ممثل بمحكمة
التمييز، مستقر على أن الاختصاص المكاني لا يتصل بالنظام العام وفقاً لنص المادة
(110) من قانون أصول المحاكمات المدنية الاردني، فعدم إثارة الدفع بعدم الاختصاص
المكاني قبل الدخول في الأساس يعدُّ نزولاً من صاحب المصلحة في التمسك به، فاذا
تمسك به الخصم بعد ذلك فإنَّ المحكمة ترد الطلب لسقوط الحق في التمسك بالدفع لعدم
الاختصاص المكاني، فيجب لإثارته تقديم دفع من المدعى عليه قبل الدخول بأساس
الدعوى، يطلب فيه عدم اختصاص المحكمة بنظر النزاع مكانياً([xxii]).
أما بالنسبة الى محاكم
البداية فتتشكّل في المحافظات والألوية، أو أي مكان آخر بموجب نظام يحدد فيه
اختصاصها المكاني([xxiii])، وتكون جميع محاكم البداية مختصةً نوعياً بذات الدعاوى، على خلاف الاختصاص
المكانـي، فينحصر الاختصاص لكلّ محكمة بداية في إقليم معيّن، وفقا لنظام اختصاصها،
والذي عادةً يحيل إلى نظام التقسيمات الإدارية بشأن المناطق التي تدخل باختصاص
محكمة بداية ما([xxiv]).
فنطـاق تطبيق نظام الإحالـة
لعدم الاختصاص بين محاكـم البداية –كما هو حال
محاكم الصلح– ينحصر في حال الحكم بعدم الاختصاص المكاني، دون النوعي أو
القيمي، لوحدة هذين الاختصاصين بين محاكم البداية، فيلتزم قاضي البداية في حال
الحكم بعدم الاختصاص المكاني بإحالة الدعوى إلى محكمة البداية المختصة مكانياً
بنظرها، حتى وإن كان عدم الاختصاص في حال عدم الاختصاص التبعـي([xxv])، فإذا كانت محكمة البداية مختصة أصلا بنظر الدعوى مكانياً، فإنها تبقى
مختصة بالاختصاص التبعي -دون الحكم بعدم الإحالة بالمسألة التبعية- اختصاصاً
وجوبياً كان أم جوازياً([xxvi])، فلا يتصور تطبيق نص المادة (112) من قانون أصول المحاكمات المدنية بين
محاكم البداية، إلا إذا كان عدم الاختصاص متعلقاً بالمكان، وتمسك المدعى عليه بعدم
الاختصاص، قبل الدخول بأساس الدعوى .
وبطبيعة الحال، فإنّ نصّ المادة (112) لا ينسحب
عند تطبيقه، من محكمة البداية النظامية إلى المحاكم الخاصة التي منحها المشرِّع
تسمية محاكم بداية، كمحكمة بداية الجمارك([xxvii])، ذلك أن هذه المحكمة تتبع ولاية قضاء آخر غير القضاء النظامي الذي تتبعه
محاكم البداية النظامية، إذ لا مجال لإعمال الاختصاص المكاني بين محاكم البداية
النظامية وتلك المحكمة، لاختلاف الاختصاص النوعي والولائي بينهما.
ونرى أن المشرِّع الاردني – في نطاق
الاختصاص المكاني- خيراً فعل في هذا التوجه، ذلك أنّه وقبل إضافة المادة (112)
الجديدة الى قانون أصول المحاكمات المدنية، كان على الطرف الذي ترد دعواه لعدم
الاختصاص المكاني الرجوع من جديد الى رفع دعوى أمام المحكمة المختصة، وبإجراءات
جديدة، في حين إنً الإحالة تعني صحة الإجراءات أمام المحكمة المحيلة، وتسير
المحكمة المُحال اليها الدعوى من النقطة التي وصلت لها المحكمة المحِيلَة، بما في
ذلك من تخفيف من غلو في الإجراءات واختصار للوقت، وتوفير للنفقات؛ إذ لا يتطلب دفع
رسوم جديدة على الدعوى بعد إحالتها إلا إذا ترتب فرق على الرسم خلاف الوضع السابق
قبل الأخذ بالإحالة.
فإذا تناول المطلب الاول
الاختصاص المكاني، فما هو الحال بالنسبة إلى الاختصاص القيمي والنوعي؟ وهذا ما
يتناوله المطلب الثاني من هذا المبحث.
([i]) المعجم الوجيز، جمهورية
مصر العربية، مجمع اللغة العربية، 2002م، مادة (خصَّ)،
ص198.
([ii]) أحمد هندي، أصول قانون المرافعات المدنية والتجارية،
مصر، دار الجامعة الجديدة، 2002م، ص125.
([iii]) عوض الزعبي، شرح قانون أصول لمحاكمات المدنية، عمان،
دار وائل للنشر، 2004م، الجزء الأول، ص157.
([iv]) نظم قانون أصول المحاكمات المدنية
الأردني رقم (24) لسنة 1988م وتعديلاته، مسألة الاختصاص من المادة (27-55).
([v]) نشر هذا القانون في عدد الجريدة
الرسمية رقم (4480) تاريخ 18/3/2001م على الصفحة (1252).
([vi]) انظر في تعريف الإحالة أحمد ماهر
زغلول، أصول وقواعد المرافعات،
مصر، دار النهضة العربية، بدون سنة نشر، ص830.
([vii]) المادة (110) من قانون المرافعات
المدنية والتجارية المصري التي نصّت على أن: (على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها
أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ولو كان عدم الاختصاص متعلقا
بالولاية، ويجوز لها عندئذ أن تحكم بغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه. وتلتزم المحكمة
المحال إليها الدعوى بنظرهـا)، والمعدلة بموجب التعديل بالقانون رقم 23/1992م،
الجريدة الرسمية العدد 22 مكرر في 1/6/1992 وبالقانون رقم 18/1999، الجريدة
الرسمية العدد 19 مكرر (أ) في 17/5/1999م.
([viii]) حيث نصت المادة (96) من قانون
الإجراءات المدنية الفرنسي المترجم إلى اللغة الانجليزية على موقع الانترنب www.legifrance.gouv.fr على أن:
1- where the judge, in considers that
the matter appertains to a criminal, administrative, arbitral court, he shall
only remit the parties thereto to perfect their petition.
2- At all event, a judge who holds himself as lacking jurisdiction shall
designate the forum holds competent. This designation shall be binding on the
parties and the ad quem referral judge).
([ix]) إذْ جاء في المذكرة الإيضاحية
لقانون المرافعات المدنية المصري عند إدخال نظام الإحالة إليه، والنصّ صراحة على
جواز الإحالة حتى في حال عدم الاختصاص الولائي بالنص المعدل بالقانون على أن :
(فكرة استقلال الجهات القاضية بعضها على البعض الأخر هي فكرة لم يعد لها محل بعد
تطور القضاء وانحصاره في جهتين تتبعان سيادة واحدة).
([x]) المنشور
على في عدد الجريدة الرسمية رقم (1102) تاريخ 16/3/1952 على الصفحة (135)،
وعدّل بالقانون رقم (25) لسنة 1988م المنشور في
عدد الجريدة الرسمية رقم (3545) تاريخ 2/4/1988م على الصفحة
(816)، والقانون رقم (13) لسنة 2001م المنشور في
عدد الجريدة الرسمية رقم (4480) تاريخ 18/3/2001م على الصفحة
(1249).
([xi]) المنشور
في عدد الجريدة الرسمية رقم (1449) تاريخ 1/11/1959م على الصفحة
(931).
([xii]) فمثلاً ينظم العمل أمام محكمة استئناف ضريبة الدخل قانون
ضريبة الدخل رقم (57) لسنة 1985 ونظام أصول المحاكمات الضريبية في استئناف وتمييز قضايا
ضريبة الدخل رقم ( لسنة 2003. وينظم عمل
محكمة بداية الجمارك قانون الجمارك رقم (20) لسنة 1998 وتعديلاته.
([xiii]) المنشور في عدد الجريدة الرسمية رقم (4480) تاريخ
18/3/2001 على الصفحة (1308).
([xiv]) إذْ نصت المادة (30) من قانون محاكم الصلح على أن: "تختص محكمة
البداية بالنظر والفصل في الدعاوى التي لا تدخل في اختصاص محكمة أخرى بمقتضى أي
قانون نافذ المفعول، كما تختص بالنظر والفصل في الطلبات المستعجلة، وجميع الطلبات
المرتبطة بالطلب الأصلي مهما تكن قيمتها أو نوعها ".
([xv]) إذْ نصّت المادة (290) من قانون التجارة الأردني
رقم (12) لسنة 1966م على أن: "يحقّ
لكلّ تاجر قبل توقفه عن الوفاء أو في خلال الأيام العشرة التي تلي هذا التوقف أن
يتقدم إلى المحكمة البدائية في المنطقة التي يكون فيها مركزه الرئيسي ويطلب إليها أن
تدعو دائنيه ليعرض عليهم صلحا واقيا من الإفلاس".
([xvi]) إذْ نصت المادة (2/ز) من قانون معدل للأحكام
المتعلقة بالأموال غير المنقولة رقم
(51) لسنة 1958م وتعديلاتـه
علـى أن: (تختص محكمة البداية دون غيرها بدعوى الأولوية والشفعة مهما كانت قيمتها).
([xvii]) إذْ نصت المادة (176) على أن: (1- تستأنف الأحكام
الصادرة من المحاكم البدائية ومحاكم الصلح أمام محكمة الاستئناف، على أن تراعى في
ذلك أحكام أي قانون آخر. 2- يجوز استئناف القرارات
الصادرة في الأمور المستعجلة، أيا كانت المحكمة التي أصدرتها، وتفصل محكمة
الاستئناف في الطعن المقدم إليها بقرار لا يقبل الطعن بطريق التمييز إلا بإذن من
رئيس محكمة التمييز أو من يفوضه". ونصّت المادة (191/1) من ذات القانون على
أن: "يقبل الطعن أمام محكمة التمييز في الأحكام الصادرة عن محاكم الاستئناف
في الدعاوى التي تزيد قيمتها على خمسة آلاف دينار، وذلك خلال
ثلاثين يوما من اليوم التالي لتاريخ صدورها إذا كانت وجاهية، ومن اليوم التالي
لتاريخ تبليغها إذا كانت قد صدرت تدقيقاً، أو بمثابة الوجاهي، أو وجاهي
اعتباري".
([xviii]) تمييز
حقوق رقم (2583/2004)، تاريخ 21/12/2004م،
منشورات عدالة.
([xix]) وجدي راغب، مبادئ
القضاء المدني، مصر، دار الفكر العربي، 1986م، الطبعة الأولى، ص273-286.
([xx]) إذ تنص المادة (109) من قانون أصول المحاكمات المدنية
على أن: "للخصم قبل التعرض لموضوع الدعوى أن يطلب من المحكمة إصدار الحكم
بالدعوى التالية، بشرط تقديمها دفعة واحدة وفي طلب مستقل : أ- عدم الاختصاص
المكاني...".
([xxi]) انظر تفصيلا علي هيكل، الدفع بإحالة الدعوى في قانون المرافعات، مصر، دار الجامعة الجديدة،
2005، ص151 وما بعدها. وكذلك احمد أبو الوفا، نظرية الدفوع في قانون المرافعات،
مصر، منشأة المعارف، 2000، ص (193).
([xxii]) انظر تمييز حقوق رقم (2652/2003) تاريخ 28/10/2003- منشورات عدالة.
([xxiii]) تنص المادة (4) من قانون تشكيل المحاكم على أن: "
تشكل محاكم تسمى (محاكم البداية) في المحافظات، أو الألوية، أو أي مكان أخر بمقتضى
نظام يحدد فيه الاختصاص المكاني لكل منها، وتؤلف كل محكمة من رئيس وعدد من
القضاة....".
([xxiv]) نص نظام تشكيل محاكم الصلح والبداية، وتحديد الصلاحيات
المكانية لمحاكم الصلح والبداية والاستئناف رقم (42) لسنة 2005 في المادة (3) منه على أن اختصاص محكمة بداية
شمال عمان المكاني يكون لنظام التقسيمات
الإدارية رقم (46) لسنة 2000م أو أي نظام يحل محله، التي تنص على المناطق التي
يشملها لواء الجامعة والتي تدخل بالاختصاص المكاني لمحكمة شمال عمان.
([xxv]) انظر تفصيلا بشان عدم الاختصاص التبعي د. وجدي
راغب – مبادئ القضاء المدني، مرجع سابق،
ص273-286. وانظر كذلك:SOLUSET PERROT – Droit Judiciaire Prire
T.1.Introduction Nations Fondamentales Organisation Judiciaire – 1991-P(585).
([xxvi]) من الأمثلة على الاختصاص التبعي الوجوبي الإفلاس إذ نصت
المادة (41) من قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني على أن : " في
المنازعات المتعلقة بالإفلاس أو الإعسار المدني يكون الاختصاص للمحكمة التي حكمت
به". ومن الأمثلة على الاختصاص التبعي الجوازي الطلبات العارضة التي تختص بها المحكمة التي
تنظر النزاع.
([xxvii]) انظـر المادة (222/أ) من قانون الجمارك رقم (20) لسنة
1998، والتي نصت على أن: " تنشأ
محكمة بداية تسمى (محكمة الجمارك البدائية) تؤلف
من رئيس وعدد من القضاة يعينهم المجلس القضائي من القضاة العاملين في الجهاز
القضائي".
القاضي الأردني في الحكم بالإحالة لعدم الاختصاص
عـادل اللـوزي*
أستاذ مساعد، قسم القانون،
كلية القانون، جامعة اليرموك.
المقدمـة:
بيَّن قانون أصول المحاكمات المدنية
الأردني الأحكام الناظمة لعمل السلطة القضائية، ونصيب كلّ محكمة من المحاكم من
النزاعات التي تعرض على القضاء، من خلال ما يسمى الاختصاص. والاختصاص لغةً:
التفضيل والانفراد([i])، واصطلاحاً: السلطة التي خوّلها القانون لمحكمة ما، للفصل في نزاع ما([ii])، ويعرف أنه نصيب المحكمة من المنازعات المعروضة علـى القضـاء([iii])، ورغم أن المشرِّع الأردني يسعى-على الدوام- إلى إيراد النصوص القانونية
المرعية التطبيق على الإجراء، لطلب الحماية القضائية للحق الموضوعي، ووضع الضوابط
التي تنظم الإجراء القضائي، وهنا الاختصاص، وفق الشكلية التي تطلبها القانون([iv])، إلا أن تلك القواعد والضوابط القانونية، بشأن الاختصاص، يطرأ عليها -في
كثير من الأحيان– عـوارض، من خلال التطبيق العملي، نظراً لتعقد تلك الإجراءات
والقواعد والضوابط المتعلقة بالاختصاص، إضافة إلى عدم المعرفة التامة بها من قبل
الخصوم– تعمّداً أو خطأ– بتوجيه الطلب إلى المحكمة التي ذهبت إرادة المشرِّع
لاختصاصها في نظر النزاع، سواء من ناحية الاختصاص الدولي، أو الولائيّ، أو
النوعيّ، أو القيميّ.
ولما كان على الخصوم،
والقاضي، الالتزام بالقواعد التي نظامها المشرِّع، لطلب الحماية القضائية من
المحكمة المختصة، فإنّ الخروج على تلك القواعد يوقع معه الجزاء الذي فرضه
المشرِّع، وهو عدم الاختصاص، بغية تصحيح الإجراء وتحققه وفق إرادة المشرِّع
الإجرائي، وحيث إن الحكم بعدم الاختصاص في ذاته، يرتب على الأطراف، وجوب اللجوء
إلى المحكمة المختصة لطلب الحماية القانونيـة- بما في ذلك من زيادة في النفقات
والوقت، والسير في إجراءات الخصومة المنتهية لعدم الاختصاص، من البداية- فقد أدخل
المشرِّع الأردني نظام الإحالة في قانون أصول المحاكمات المدنية، بموجب التعديل
رقم (14) لسنة 2001م([v])، والذي يهدف إلى إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة من قبل المحكمة القاضية
بعدم الاختصاص، فالإحالة لعدم الاختصاص تعني نقل الدعوى من المحكمة غير المختصة
إلى المحكمة المختصة([vi])، حيث نصّت المادة (12) من قانون أصول المحاكمات المدنية بصيغته المعدلة
لعام 2001 على أن: "إذا قضت المحكمة بعدم اختصاصها ، وجب عليها إحالة الدعوى
إلى المحكمة المختصة".
ولنظام الإحالة في الدول
المقارنة التي أخذت به -كالتشريع المصريّ([vii])، والتشريـع الفرنسـي([viii])- العديد من الفوائد العمليّة، تتمثل في توفير الوقت والنفقات على
المتخاصمين، في حال الحكم بعدم الاختصـاص، إذ لا يحتاج المدّعي، ونظام الإحالة،
إلى رفع دعوى جديدة أمام المحكمة المختصة، ودفع الرسوم القانونية عليها من جديد،
لإحالتها إليها من المحكمة القاضية بعدم اختصاصها، إضافة إلى أن الإجراءات التي
تمّت أمام المحكمة غير المختصة تُعدُّ صحيحة من جميع الوجوه القانونية.
إلا
أن الأخذ بنظام الإحالة في حال حكم المحكمة بعدم الاختصاص يتطلب انسجام الإجراءات
القانونية المرعية التطبيق بين المحاكم، للحصول على الحماية القضائية، وهذا ما
يتحقق في ظل وحدة النظام القضائي، ووحدة الإجراءات المتبعة أمام المحاكم على مختلف
درجاتها، وهذا ما يتحقق في بعض القوانين المقارنة، كالقانون المصري([ix])، إلا أن الأمر على خلاف ذلك في النظام القانوني
الأردني، ومن هنا تبدو أهمية هذه الدراسة؛ إذ جاء التنظيم القانوني لعمل المحاكم
متنوعاً بعدد تنّوع المحاكم، فينظم عمل محاكم الصلح قانون محاكم الصلح رقم (15)
لسنة 1952م وتعديلاته([x])، في حين ينظم عمل المحاكم الشرعية قانون أصول
المحاكمات الشرعية رقم (31) لسنة 1959م وتعديلاته([xi])، في حين تنظم المحاكم الخاصة بموجب النصوص
الواردة في القوانين التي تتعلق بعملها([xii]). فيثار التساؤل في ظل النص العام للمادة (112)
والوارد في قانون أصول المحاكمات المدنية بتعديله عام 2001م حول مدى إمكانية تطبيق
نظام الإحالة أمام المحاكم الأردنية، رغم اختلاف أنظمتها الإجرائية، عند الحكم
بعدم الاختصاص لأي من تلك المحاكم، سواء الاختصاص الدولي منها أو الولائي، أو
القيمي، أو النوعي، أو المكاني؟ وما هي
الإشكالات التي تعتري تطبيق نظام الإحالة في ظل اختلاف القوانين الإجرائية المنظمة
لعمل المحاكم على مختلف أنواعها؟
مشكلة الدراسة:
الغرض من هذه الدراسة هو بيان
مدى انسجام الحكم بالإحالة لعدم الاختصاص الذي أخذ به المشرِّع الأردني في قانون
أصول المحاكمات المدنية مع النصوص القانونية التي تنظم عمل المحاكم على مختلف
أنواعها، في ظل اختلاف النظم الإجرائية التي توفر الحماية القضائية للحق الموضوعي،
وبيان الإشكالات القانونية التي تعترض تنظيم الأخذ بالإحالة لعدم الاختصاص في
المحاكم الأردنية، ومحاولة وضع أو اقتراح الحلول الملائمة لها.
منهج الدارسة:
يتبع الباحث في هذه الدارسة
المنهج الوصفي التحليلي عند معالجة هذا البحث، الوصفي: في بيان المعالجة التشريعية
للإحالة لعدم الاختصاص في القانون الأردني، والتحليلي: في تحليل النصوص القانونية
وبيان انسجامها مع النظام القضائي الأردني، في ظل التطبيق العملي لنظام الإحالة
لعدم الاختصاص من قبل القاضي الأردني.
وفي ضوء ذلك، يتناول هذا
البحث، من خلال، بيان الإحالة لعدم الاختصاص بين المحاكم النظامية، وبيان الإحالة
لعدم الاختصاص الولائي وآثار الحكم بالإحالة. وعليه، نقسم البحث إلى مبحثين:
المبحث الأول: إحالة الدعوى لعدم
الاختصاص بين المحاكم النظامية.
المبحث الثاني: إحالة الدعوى لعدم
الاختصاص الولائي وآثار الحكم بالإحالة.
المبحث الأول
إحالة الدعوى لعدم الاختصاص بين المحاكم النظامية
حدَّد قانون تشكيل المحاكم
النظامية الأردني رقم (17) لسنة 2001م([xiii]) أنواع المحاكم
النظامية في المملكة الأردنية الهاشمية، وحصرها في محاكم، الصلح، والبداية،
والاستئناف، والتمييز، وحدّد تشكيلهـا، في حين حدَّد قانون محاكم الصلح اختصاص المحاكم
الصلحية قيميـاً، ونوعياً، وفي الوقت ذاته حدَّد قانون أصول المحاكمات المدنية
اختصاصات محكمة البداية بصفتها صاحبة الولاية العامة في أن تختص بكل ما يخرج عن
اختصاص المحاكم الأخـرى([xiv])، بالإضافة لاختصاصها النوعي، وفقاً لبعض النصوص الواردة في بعض القوانين،
كاختصاصها بدعاوى الإفلاس([xv])، أو الشفعة، والأولويـة([xvi])، كما حدد – قانون
أصول المحاكمات المدنية- الاختصاص النوعي والقيمي لمحاكم الاستئناف، ومحكمة
التمييز([xvii]).
وحيث إنّ مشكلة الإحالة لا
تقوم في نطاق محاكم الاستئناف في ظل تعديل المادة (180) بموجب القانون المعدل
لقانون أصول المحاكمات المدنية رقم (14) لسنة 2001، والتي أوجبت تقديم اللائحة
الاستئنافية إلى المحكمة المراد استئناف حكمها، لترفع بدورها ملف الدعوى إلى
المحكمة الاستئنافية التي تتبع اختصاصها-فلم يعد بإمكان المستأنف أن يوّجه
استئنافه مباشرة إلى محكمة الاستئناف، الأمر الذي لا يمكن معه الوقوع في خطأ في
قواعد الاختصاص لمحكمة الاستئناف، بأن يلجأ المستأنف إلى محكمة استئناف لا تختص
بنظر الحكم المستأنف، أما في حال أن قضت محكمة الاستئناف بعدم اختصاص محكمة الدرجة
الأولى، التي أصدرت الحكم، فإنها تحكم بعدم اختصاص محكمة الدرجة الأولى، وتعيد
الدعوى إلى محكمة الدرجة الأولى للحكم بعدم اختصاصها، وإحالة الدعوى إلى المحكمة
المختصة، حيث قررت محكمة التمييز بهذا الشأن: "في حال توصل
محكمة البداية إلى الفصل في الدعوى، بينما هي
غير مختصة مكانياً للفصل فيها تبعاً لموقع العقار موضوع الدعوى، فيتوجب في هذه
الحالة فسخ الحكم المستأنف، وإعادة الأوراق على ذات المحكمة المصدرة للقرار، لتقوم
تلك المحكمة بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة، عملاً بأحكام المادة (112) من
قانون أصول المحاكمات المدنية"([xviii])، وهذا، لا يشكل خطأ في اختصاص محكمة الاستئناف، بل في اختصاص محكمة الدرجة
الأولى، الذي يوجب الإحالة إلى محكمة الدرجة الأولى المختصة بنظر النـزاع.
كما إن تطبيق نظام الإحالة
لعدم الاختصاص، لا يمكن تصّوره في نطاق محكمة التمييـز، إذ إنها المحكمة الوحيدة
في المملكة، فلا تتنازع الاختصاص مع جهات أخرى، وإن قضت بعدم اختصاص محكمة
الاستئناف، أو محكمة الدرجة الأولى، فإنها تنقض الحكم، وتعيد الدعوى إلى المحكمة
مصدرة الحكم، لغايات الحكم بعدم الاختصاص، وإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة .
فالإحالة متصورة داخل المحاكم
النظامية، في محكمتي البداية والصلـح، وعليـه سنتناول هذا المبحث، من خلال بيان
إحالة الدعوى لعدم الاختصاص المكاني في مطلـب أول، وإحالة الدعوى لعدم الاختصاص
القيمي والنوعي في مطلب ثانٍ.
المطلب
الأول: إحالة الدعوى لعدم الاختصاص المكاني:
لا يظهر نطاق الإحالة لعدم
الاختصاص بين محاكم الصلح، وفقا لقاعدة التعدد الإقليمي لمحاكم الدرجة الأولى([xix])، إلا في حالة الحكم بعدم الاختصاص المكاني، حيث تختص محاكم الصلح في ذات
الاختصاص النوعي والولائي، إذ لا يتصّور أن تحيل محكمة صلح شمال عمان إلى محكمة
صلح غرب عمان، على أساس أنها تختص بنظر الدعوى نوعياً، فالمعيار الفارق في توزيع
الاختصاص بين محاكم الصلـح، يكمن في الاختصاص المكاني دون غيره من أنواع الاختصاص
.
وحيث إن الاختصاص المكاني
للمحاكم لا يتعلق بالنظام العام، ولا تثيره المحكمة من تلقاء نفسها، وإنما يجب
التمسك بعدم اختصاصها من قبل المدعى عليه الدخول في أساس الدعوى([xx])، وإلا سقط الحق فيه، فتبحث المحكمة –
إذا قدم المدّعى عليه دفعاً بعد الاختصاص المكاني– مسألة
اختصاصها المكاني، وإذا قررت عدم الاختصاص، وجب عليها، إعمالاً لنص المادة (112)
من قانون أصول المحاكمات المدنية أن تحيل الدعوى إلى المحكمة المختصة مكانياً
بنظرها. ويذهب جانب من الفقه([xxi]) -على خلاف المستقرّ عليه، فقهاً وقضاءً، بأن عدم
الاختصاص المكاني لا يتعلق بالنظام العام، ولا تملك المحكمة الفصل به من تلقاء
نفسها– إلى جواز أن تقضي المحكمة من تلقاء نفسها بعدم الاختصاص المكانـي، وبالتالي
الإحالة، تأسيساً على أن تنظيم العمل بين المحاكم بما فيه الاختصاص المكاني أمر
يتصل بالمصلحة العامة، لعدم تركيز الدعاوى أمام محكمة واحدة، الأمر الذي يُعدُّ
معه القول بأن قواعد الاختصاص المتعلقة بالمكان لا تُعدُّ من النظام العام- قولاً
أضعف من أن يعبر عن واقع الحال.
فتطبيق الإحالة لعدم الاختصاص
من قبل قاضي الصلح، مقيّدة بطلب من المدّعى عليه، يدفع بموجبه بعدم اختصاص محكمة
الصلح مكانياً، فإذا ما قضت بعدم الاختصاص، وجب عليها وفق المادة (112) أن تحيل
الدعوى إلى محكمة الصلح المختصة بنظرها، ذلك أن القضاء الأردني، ممثل بمحكمة
التمييز، مستقر على أن الاختصاص المكاني لا يتصل بالنظام العام وفقاً لنص المادة
(110) من قانون أصول المحاكمات المدنية الاردني، فعدم إثارة الدفع بعدم الاختصاص
المكاني قبل الدخول في الأساس يعدُّ نزولاً من صاحب المصلحة في التمسك به، فاذا
تمسك به الخصم بعد ذلك فإنَّ المحكمة ترد الطلب لسقوط الحق في التمسك بالدفع لعدم
الاختصاص المكاني، فيجب لإثارته تقديم دفع من المدعى عليه قبل الدخول بأساس
الدعوى، يطلب فيه عدم اختصاص المحكمة بنظر النزاع مكانياً([xxii]).
أما بالنسبة الى محاكم
البداية فتتشكّل في المحافظات والألوية، أو أي مكان آخر بموجب نظام يحدد فيه
اختصاصها المكاني([xxiii])، وتكون جميع محاكم البداية مختصةً نوعياً بذات الدعاوى، على خلاف الاختصاص
المكانـي، فينحصر الاختصاص لكلّ محكمة بداية في إقليم معيّن، وفقا لنظام اختصاصها،
والذي عادةً يحيل إلى نظام التقسيمات الإدارية بشأن المناطق التي تدخل باختصاص
محكمة بداية ما([xxiv]).
فنطـاق تطبيق نظام الإحالـة
لعدم الاختصاص بين محاكـم البداية –كما هو حال
محاكم الصلح– ينحصر في حال الحكم بعدم الاختصاص المكاني، دون النوعي أو
القيمي، لوحدة هذين الاختصاصين بين محاكم البداية، فيلتزم قاضي البداية في حال
الحكم بعدم الاختصاص المكاني بإحالة الدعوى إلى محكمة البداية المختصة مكانياً
بنظرها، حتى وإن كان عدم الاختصاص في حال عدم الاختصاص التبعـي([xxv])، فإذا كانت محكمة البداية مختصة أصلا بنظر الدعوى مكانياً، فإنها تبقى
مختصة بالاختصاص التبعي -دون الحكم بعدم الإحالة بالمسألة التبعية- اختصاصاً
وجوبياً كان أم جوازياً([xxvi])، فلا يتصور تطبيق نص المادة (112) من قانون أصول المحاكمات المدنية بين
محاكم البداية، إلا إذا كان عدم الاختصاص متعلقاً بالمكان، وتمسك المدعى عليه بعدم
الاختصاص، قبل الدخول بأساس الدعوى .
وبطبيعة الحال، فإنّ نصّ المادة (112) لا ينسحب
عند تطبيقه، من محكمة البداية النظامية إلى المحاكم الخاصة التي منحها المشرِّع
تسمية محاكم بداية، كمحكمة بداية الجمارك([xxvii])، ذلك أن هذه المحكمة تتبع ولاية قضاء آخر غير القضاء النظامي الذي تتبعه
محاكم البداية النظامية، إذ لا مجال لإعمال الاختصاص المكاني بين محاكم البداية
النظامية وتلك المحكمة، لاختلاف الاختصاص النوعي والولائي بينهما.
ونرى أن المشرِّع الاردني – في نطاق
الاختصاص المكاني- خيراً فعل في هذا التوجه، ذلك أنّه وقبل إضافة المادة (112)
الجديدة الى قانون أصول المحاكمات المدنية، كان على الطرف الذي ترد دعواه لعدم
الاختصاص المكاني الرجوع من جديد الى رفع دعوى أمام المحكمة المختصة، وبإجراءات
جديدة، في حين إنً الإحالة تعني صحة الإجراءات أمام المحكمة المحيلة، وتسير
المحكمة المُحال اليها الدعوى من النقطة التي وصلت لها المحكمة المحِيلَة، بما في
ذلك من تخفيف من غلو في الإجراءات واختصار للوقت، وتوفير للنفقات؛ إذ لا يتطلب دفع
رسوم جديدة على الدعوى بعد إحالتها إلا إذا ترتب فرق على الرسم خلاف الوضع السابق
قبل الأخذ بالإحالة.
فإذا تناول المطلب الاول
الاختصاص المكاني، فما هو الحال بالنسبة إلى الاختصاص القيمي والنوعي؟ وهذا ما
يتناوله المطلب الثاني من هذا المبحث.
([i]) المعجم الوجيز، جمهورية
مصر العربية، مجمع اللغة العربية، 2002م، مادة (خصَّ)،
ص198.
([ii]) أحمد هندي، أصول قانون المرافعات المدنية والتجارية،
مصر، دار الجامعة الجديدة، 2002م، ص125.
([iii]) عوض الزعبي، شرح قانون أصول لمحاكمات المدنية، عمان،
دار وائل للنشر، 2004م، الجزء الأول، ص157.
([iv]) نظم قانون أصول المحاكمات المدنية
الأردني رقم (24) لسنة 1988م وتعديلاته، مسألة الاختصاص من المادة (27-55).
([v]) نشر هذا القانون في عدد الجريدة
الرسمية رقم (4480) تاريخ 18/3/2001م على الصفحة (1252).
([vi]) انظر في تعريف الإحالة أحمد ماهر
زغلول، أصول وقواعد المرافعات،
مصر، دار النهضة العربية، بدون سنة نشر، ص830.
([vii]) المادة (110) من قانون المرافعات
المدنية والتجارية المصري التي نصّت على أن: (على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها
أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ولو كان عدم الاختصاص متعلقا
بالولاية، ويجوز لها عندئذ أن تحكم بغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه. وتلتزم المحكمة
المحال إليها الدعوى بنظرهـا)، والمعدلة بموجب التعديل بالقانون رقم 23/1992م،
الجريدة الرسمية العدد 22 مكرر في 1/6/1992 وبالقانون رقم 18/1999، الجريدة
الرسمية العدد 19 مكرر (أ) في 17/5/1999م.
([viii]) حيث نصت المادة (96) من قانون
الإجراءات المدنية الفرنسي المترجم إلى اللغة الانجليزية على موقع الانترنب www.legifrance.gouv.fr على أن:
1- where the judge, in considers that
the matter appertains to a criminal, administrative, arbitral court, he shall
only remit the parties thereto to perfect their petition.
2- At all event, a judge who holds himself as lacking jurisdiction shall
designate the forum holds competent. This designation shall be binding on the
parties and the ad quem referral judge).
([ix]) إذْ جاء في المذكرة الإيضاحية
لقانون المرافعات المدنية المصري عند إدخال نظام الإحالة إليه، والنصّ صراحة على
جواز الإحالة حتى في حال عدم الاختصاص الولائي بالنص المعدل بالقانون على أن :
(فكرة استقلال الجهات القاضية بعضها على البعض الأخر هي فكرة لم يعد لها محل بعد
تطور القضاء وانحصاره في جهتين تتبعان سيادة واحدة).
([x]) المنشور
على في عدد الجريدة الرسمية رقم (1102) تاريخ 16/3/1952 على الصفحة (135)،
وعدّل بالقانون رقم (25) لسنة 1988م المنشور في
عدد الجريدة الرسمية رقم (3545) تاريخ 2/4/1988م على الصفحة
(816)، والقانون رقم (13) لسنة 2001م المنشور في
عدد الجريدة الرسمية رقم (4480) تاريخ 18/3/2001م على الصفحة
(1249).
([xi]) المنشور
في عدد الجريدة الرسمية رقم (1449) تاريخ 1/11/1959م على الصفحة
(931).
([xii]) فمثلاً ينظم العمل أمام محكمة استئناف ضريبة الدخل قانون
ضريبة الدخل رقم (57) لسنة 1985 ونظام أصول المحاكمات الضريبية في استئناف وتمييز قضايا
ضريبة الدخل رقم ( لسنة 2003. وينظم عمل
محكمة بداية الجمارك قانون الجمارك رقم (20) لسنة 1998 وتعديلاته.
([xiii]) المنشور في عدد الجريدة الرسمية رقم (4480) تاريخ
18/3/2001 على الصفحة (1308).
([xiv]) إذْ نصت المادة (30) من قانون محاكم الصلح على أن: "تختص محكمة
البداية بالنظر والفصل في الدعاوى التي لا تدخل في اختصاص محكمة أخرى بمقتضى أي
قانون نافذ المفعول، كما تختص بالنظر والفصل في الطلبات المستعجلة، وجميع الطلبات
المرتبطة بالطلب الأصلي مهما تكن قيمتها أو نوعها ".
([xv]) إذْ نصّت المادة (290) من قانون التجارة الأردني
رقم (12) لسنة 1966م على أن: "يحقّ
لكلّ تاجر قبل توقفه عن الوفاء أو في خلال الأيام العشرة التي تلي هذا التوقف أن
يتقدم إلى المحكمة البدائية في المنطقة التي يكون فيها مركزه الرئيسي ويطلب إليها أن
تدعو دائنيه ليعرض عليهم صلحا واقيا من الإفلاس".
([xvi]) إذْ نصت المادة (2/ز) من قانون معدل للأحكام
المتعلقة بالأموال غير المنقولة رقم
(51) لسنة 1958م وتعديلاتـه
علـى أن: (تختص محكمة البداية دون غيرها بدعوى الأولوية والشفعة مهما كانت قيمتها).
([xvii]) إذْ نصت المادة (176) على أن: (1- تستأنف الأحكام
الصادرة من المحاكم البدائية ومحاكم الصلح أمام محكمة الاستئناف، على أن تراعى في
ذلك أحكام أي قانون آخر. 2- يجوز استئناف القرارات
الصادرة في الأمور المستعجلة، أيا كانت المحكمة التي أصدرتها، وتفصل محكمة
الاستئناف في الطعن المقدم إليها بقرار لا يقبل الطعن بطريق التمييز إلا بإذن من
رئيس محكمة التمييز أو من يفوضه". ونصّت المادة (191/1) من ذات القانون على
أن: "يقبل الطعن أمام محكمة التمييز في الأحكام الصادرة عن محاكم الاستئناف
في الدعاوى التي تزيد قيمتها على خمسة آلاف دينار، وذلك خلال
ثلاثين يوما من اليوم التالي لتاريخ صدورها إذا كانت وجاهية، ومن اليوم التالي
لتاريخ تبليغها إذا كانت قد صدرت تدقيقاً، أو بمثابة الوجاهي، أو وجاهي
اعتباري".
([xviii]) تمييز
حقوق رقم (2583/2004)، تاريخ 21/12/2004م،
منشورات عدالة.
([xix]) وجدي راغب، مبادئ
القضاء المدني، مصر، دار الفكر العربي، 1986م، الطبعة الأولى، ص273-286.
([xx]) إذ تنص المادة (109) من قانون أصول المحاكمات المدنية
على أن: "للخصم قبل التعرض لموضوع الدعوى أن يطلب من المحكمة إصدار الحكم
بالدعوى التالية، بشرط تقديمها دفعة واحدة وفي طلب مستقل : أ- عدم الاختصاص
المكاني...".
([xxi]) انظر تفصيلا علي هيكل، الدفع بإحالة الدعوى في قانون المرافعات، مصر، دار الجامعة الجديدة،
2005، ص151 وما بعدها. وكذلك احمد أبو الوفا، نظرية الدفوع في قانون المرافعات،
مصر، منشأة المعارف، 2000، ص (193).
([xxii]) انظر تمييز حقوق رقم (2652/2003) تاريخ 28/10/2003- منشورات عدالة.
([xxiii]) تنص المادة (4) من قانون تشكيل المحاكم على أن: "
تشكل محاكم تسمى (محاكم البداية) في المحافظات، أو الألوية، أو أي مكان أخر بمقتضى
نظام يحدد فيه الاختصاص المكاني لكل منها، وتؤلف كل محكمة من رئيس وعدد من
القضاة....".
([xxiv]) نص نظام تشكيل محاكم الصلح والبداية، وتحديد الصلاحيات
المكانية لمحاكم الصلح والبداية والاستئناف رقم (42) لسنة 2005 في المادة (3) منه على أن اختصاص محكمة بداية
شمال عمان المكاني يكون لنظام التقسيمات
الإدارية رقم (46) لسنة 2000م أو أي نظام يحل محله، التي تنص على المناطق التي
يشملها لواء الجامعة والتي تدخل بالاختصاص المكاني لمحكمة شمال عمان.
([xxv]) انظر تفصيلا بشان عدم الاختصاص التبعي د. وجدي
راغب – مبادئ القضاء المدني، مرجع سابق،
ص273-286. وانظر كذلك:SOLUSET PERROT – Droit Judiciaire Prire
T.1.Introduction Nations Fondamentales Organisation Judiciaire – 1991-P(585).
([xxvi]) من الأمثلة على الاختصاص التبعي الوجوبي الإفلاس إذ نصت
المادة (41) من قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني على أن : " في
المنازعات المتعلقة بالإفلاس أو الإعسار المدني يكون الاختصاص للمحكمة التي حكمت
به". ومن الأمثلة على الاختصاص التبعي الجوازي الطلبات العارضة التي تختص بها المحكمة التي
تنظر النزاع.
([xxvii]) انظـر المادة (222/أ) من قانون الجمارك رقم (20) لسنة
1998، والتي نصت على أن: " تنشأ
محكمة بداية تسمى (محكمة الجمارك البدائية) تؤلف
من رئيس وعدد من القضاة يعينهم المجلس القضائي من القضاة العاملين في الجهاز
القضائي".
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب