دور
النيابة العامة المصرية في مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية
والاتجار في الأفراد
مقدمة لـ
الدورة
التدريبية الرابعة عشر لمنع الاتجار بالأطفال
لضباط أمن
الموانئ بالتعاون مع وزارة الداخلية
إعداد
السيد / هاني فتحي جورجي رئيس النيابة
26 - 27 مايو 2009
وحدة منع
الاتجار بالأطفال
برئاسة
الدكتورة / عزة العشماوى
دور
النيابة العامة المصرية في مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والاتجار في الأفراد
The Role of the Egyptian Public Prosecution in Combating Transnational
Organized Crime & Trafficking in Persons
إعداد
السيد / هاني فتحي جورجى رئيس النيابة*
مقدمة
إن
الجريمة المنظمة هى إحدى الظواهر الاجتماعية الخطيرة التى يشهدها العالم فى مختلف
البقاع، وهى مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالتقدم التكنولوجى وظاهرة العولمة وما
يصاحبها من أثار على الصعيد الدولى والاقليمى والوطنى إذ أخذ تطور الجريمة المنظمة
أبعاداً جديدة، فلم يعد خطرها مقتصر على الدول التى نشأت بها المنظمات الإجرامية
فحسب، بل امتد لكافة أرجاء المعمورة كنتيجة مباشرة للانفتاح الاقتصادى وتطور مجال
الاتصالات والمواصلات.
وتعد هذه الجريمة
واحدة من أخطر التحديات المعاصرة التي تهدد حرية وأمن واستقرار المجتمعات
الإنسانية إذ تعد أحد أبرز الانتهاكات لحقوق الإنسان وكرامته في العصر الحديث،.
كما أن هناك العديد من الصلات الوثيقة التي تربط بين كافة صور تلك الجريمة التي
يتم ارتكابها عن طريق عصابات منظمة تستخدم العنف والترويع والإرهاب والرشوة كوسائل
لبلوغ أهدافها في تحقيق الربح السريع غير المشروع. ولقد أكد الأمين العام السابق
للأمم المتحدة في كلمته أمام المؤتمر الحادي عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية
على أن الجريمة المنظمة تعد اكبر التهديدات التي تواجه السلام والأمن الدوليين في
القرن الحادي والعشرين.
وتعد جريمة الاتجار في
الأفراد أحد أخطر صور الجريمة المنظمة عبر الوطنية التي أصبحت متعددة الأبعاد
نافذة بحكم طبيعتها عبر الحدود، دقيقة التنظيم ويستخدم مرتكبوها أساليب مبتكرة
لتسهيل عملياتهم الإجرامية التي قد تودي بحياة الأبرياء مما يحتم تكاتف المجتمع
الدولي من خلال الارتقاء بمستوى التعاون الجنائي الدولي بين كافة الدول.
إن الإحصائيات
المتوافرة عن حجم جريمة الاتجار في الأفراد تؤكد مدى بشاعة تلك الجريمة التي تؤثر
على كافة دول العالم دون استثناء إذ تبين التقديرات الحديثة أن العدد السنوي من
الرجال والنساء والأطفال المتجر بهم عبر الحدود الوطنية يناهز المليون شخص وأكثرهم
يتجر بهم لأغراض الاستغلال الجنسي التجاري وهذا التقدير لا يشمل ملايين الضحايا في
جميع أنحاء العالم ممن يتجر بهم داخلياً ضمن الحدود الوطنية لكل دولة وتقدر
المنظمة الدولية للهجرة (IOM) الرقم على الصعيد العالمي بنحو مليونين شخص تقريبا.
ولقد أحرزت الأمم
المتحدة تقدماً ملموساً في بناء إطار قانوني ومؤسسي للمعايير الدولية بشأن مكافحة جريمة
الاتجار في الأفراد من خلال سلسلة من
الاتفاقيات والصكوك والبروتوكولات من أهمها بروتوكول منع و قمع و
معاقبة الاتجار بالأشخاص و بخاصة النساء و الأطفال المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة
لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية[1]. إلا أن العديد من الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة لم تضع تلك
الاتفاقيات موضع التطبيق مما يعرقل التعاون فيما بينها بشأن مكافحة الجريمة
المنظمة عبر الوطنية. ومن هنا يبرز أهمية دور رجال النيابة العامة والقضاء في
وملاحقة مرتكبي تلك الجرائم و مواجهة قدرتهم على ممارسة أنشطتها.
هذا وقامت مصر انطلاقاً من دورها
الريادي في المنطقة وإدراكاً منها لخطورة جريمة الاتجار في الأفراد بالتصديق على و
الانضمام إلى مـعظم الاتفاقيـــات و المـواثيق و الــصكوك و البروتوكولات الدولية
المشتملة على أحكام و تدابير ذات صلة بمكافحــة استغلال الأشخاص و بخاصة النساء و
الأطفال وقد أصبحت تلك الاتفاقيات الدولية جزء من القوانين الوطنية المطبقة في مصر
و تلتزم السلطات المعنية في الدولة بتطبيق و إنفاذ الأحكام الواردة فيها طبقا لنص
المادة 151 من الدستور المصري. كما أن الإطار القانوني والتشريعي المعمول به
بجمهورية مصر العربية - خاصة بعد صدور القانون رقم 126 لسنة 2008 بتعديل بعض أحكام
قانون الطفل وقانون العقوبات وقانون الأحوال المدنية - يتناول بالتأثيم والعقاب
معظم الأشكال الحادة لجريمة الاتجار في البشر كما هو وارد في تعريف "الاتجار
بالأشخاص " الذي فصلته المادة الثالثة من بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار
بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال كما أن القوانين المصرية متوافقة مع التزامات مصر
الدولية في مجال مكافحة جريمة الاتجار في البشر.
وتعد النيابة العامة
المصرية- بوصفها شعبة أصيلة من القضاء
- من أهم السلطات الضامنة للإنفاذ الفعال
لجميع الاتفاقيات و المواثيق و الصكوك و البروتوكولات الدولية المشتملة على أحكام
و تدابير ذات صلة بمكافحة جريمة الاتجار بالأشخاص إذ تقوم بدور حيوي وجوهري في
اتخاذ الإجراءات الجنائية الواجبة قبل الوقائع والحالات التي يتم ضبطها والتحقيق
مع مرتكبيها وتقديمهم للمحاكمة الجنائية مع اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمساعدة
وحماية ضحايا الجريمة المنظمة عبر الوطنية – من المصريين والأجانب - على النحو
الذي يسمح به القانون والتزامات مصر الدولية وذلك كله مع مراعاة الموازنة بين
مقتضيات أمن المجتمع وعدم إفلات مرتكبي تلك الجرائم من العقاب من ناحية وحقوق
الإنسان وحرياته ومبادئ المحاكمة العادلة من ناحية أخرى.
وحتى يتسنى الوصول إلى
هذه النتيجة سأتناول موضوع البحث بشكل منهجي عل النحو الآتي:
المقدمة
أولا: تعريف الجريمة المنظمة عبر الوطنية وأهم
أنواعها وصورها
ثانيا : تعريف الاتجار في الأفراد وأشكاله المختلفة
ثالثاً: التفرقة بين الاتجار بالأشخاص وتهريب
المهاجرين
رابعا: أهم أحكام بروتوكول منع و قمع و معاقبة
الاتجار بالأشخاص و بخاصة النساء و الأطفال المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة
الجريمة المنظمة عبر الوطنية
خامساً: الإطار القانوني المصري لمكافحة و للقضاء
على جرائم الاتجار في الأطفال
Ø
الفلسفة التي أعتنقها القانون رقم 126 لسنة 2008 وأهم
ملامحه الرئيسية
Ø
أهم الأحكام الموضوعية والإجرائية بشأن مكافحة جرائم
الاتجار في الأطفال في ضوء القانون 126 لسنة 2008
سادسا: أهم الجهود والإجراءات التي تقوم النيابة
العامة باتخاذها بشأن مكافحة والقضاء على جريمة الاتجار في الأفراد
سابعا :التحديات التي تواجهها أجهزة إنفاذ القانون وتدابير
مراقبة الحدود والمواني
ثامناً: تطبيق عملي لدور النيابة العامــة في
مــكافحــة الاتجار في الأفراد القضية رقم 414
لسنة 2009 جنايات قصر النيل والمقيدة برقم 1 لسنة 2009 حصر تحقيق المكتب
الفني (قضية الاتجار في الأطفال)
الخاتمة
أولا: تعريف الجريمة المنظمة عبر الوطنية وأهم أنواعها وصورها
تضمن
تقرير السكرتير العام للأمم المتحدة المقدم إلي المؤتمر التاسع للأمم المتحدة لمنع
الجريمة ومعاملة المجرمين (القاهرة 1995) عرضا للأنشطة التي تقوم بها جماعات
الجريمة المنظمة عبر الوطنية, وهي تغطي العديد من المجالات منها: غسل الأموال ، الأنشطة
الإرهابية ، سرقة الأعمال الفنية والثقافية ، سرقة وانتهاك حقوق الملكية الفكرية ،
التجارة غير المشروعة في السلاح ، خطف الطائرات ، القراصنة البحرية ، خطف السيارات
، الاحتيال علي شركات التامين ، جرائم الكمبيوتر ، جرائم البيئة ، الاتجار في البشر ، تهريب المهاجرين، التجارة
في الأعضاء البشرية ، الاتجار في المخدرات ، التحايل بإعلان الإفلاس ، اختراق
الأعمال المشروعة ، إفساد ورشوة الموظفين العامين ومسئولي الأحزاب ، وغير ذلك من
الجرائم التي ترتكب من جانب الجماعات الإجرامية المنظمة.
هذا ويوجد اتجاهين
لتعريف الجريمة المنظمة:
§ الاتجاه الأول يعنى بتعريفها من خلال وصف عام
لهيكل المنظمة التي ترتكبها؛
§ والاتجاه الثاني يعتمد علي تحديد الأفعال التي
تقوم بها المنظمة الإجرامية، ومن خلاله يضع تصور عام لخصائص تلك المنظمة.
أما بشأن الاتجاه الأول فيعرف
الجريمة المنظمة بأنها مؤسسة إجرامية ذات تنظيم هيكلي متدرج يتصف بالثبات
والاستقرار تمارس أنشطة غير مشروعة بهدف الحصول علي المال مستخدمة العنف والتهديد
والترويع والرشوة لتحقيق هذا الهدف وذلك في سرية تامة لتأمين وحماية أعضائها
ويلاحظ أن هذا التعريف يضع تعريفاً للجريمة من خلال وصف المنظمة التي ترتكبها وأهدافها
والأساليب التي تستخدمها[2].
أما الاتجاه الثاني فيعرف
الجريمة المنظمة بأنها الظاهرة الاجتماعية التي تسببها جماعات معينة تقوم أساسا
بنشاط إجرامي عنيف يهدف إلي الربح وهذا يلاحظ أن هذا التعريف يركز علي الظاهرة
الإجرامية كأساس للتعريف وليس علي المنظمة وهيكلها.
ويقدم الاتحاد الأوربي تعريفاً
آخر للجريمة المنظمة علي أساس بيان الخصائص
والصفات التي تتمتع بها المنظمة [3].
يتميز هذا التعريف بأنه يعدد إحدى عشر صفة للجريمة المنظمة هي على النحو الاتى:
1 – وجود تعاون بين أكثر من شخصين.
2 - اضطلاع كل عضو مهمة محددة .
3 – الامتداد لفترة طويلة أو غير
محددة .
4 – استخدام شكل متشدد من أشكال السيطرة
التنظيمية داخل المنظمة .
5 – الاشتباه في ارتكاب المنظمة جرائم
خطيرة .
6 – العمل علي مستوى دولي .
7 – استخدام العنف أو غيره من وسائل
الإرهاب .
8 – استخدام وسائل تجارية.
9 – اللجوء إلي غسل الأموال .
10 – ممارسة نفوذ علي السياسة ووسائل
الإعلام والإدارة العامة والسلطات
القضائية والاقتصاد .
11 – السعي إلي الربح والقوة .
ولكي ينطبق وصف الجريمة المنظمة علي
الجرم المرتكب فلا بد من توافر ستة صفات علي الأقل من الصفات الإحدى عشر الأنفة الذكر،
علي أن تكون من بينها الصفات الأولي والخامسة والحادية عشر حتى يمكن اعتبار
الجماعة التي ارتكبته مجموعة جريمة منظمة.
وقد عرفت الفقرة (أ) من المادة 2 من
اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية الجماعة الإجرامية
المنظمة بأنها ذات هيكل تنظيمي مؤلفة من ثلاثة أشخاص أو أكثر موجودة لفترة من
الزمن وتعمل بصورة التضافر بهدف ارتكاب واحدة أو أكثر من الجرائم الخطرة والأفعال
المجرمة وفقاً لهذه الاتفاقية من أجل الحصول بشكل مباشر أو غير مباشر علي منفعة
مالية أو منفعة مادية أخرى .
ويتبين
من التعريفات السابقة أن للجريمة المنظمة خصائص أساسية هي[4] :
أولا:
الجريمة المنظمة يتم ارتكابها عن طريق عصابات منظمة .
ثانيا:
الجريمة المنظمة تتخذ الشكل الهرمي المتدرج مع تقسيم العمل .
ثالثا:
الجريمة المنظمة تعتمد علي سرية الخطط والأنشطة التي تمارسها المنظمة التي
ترتكبها.
رابعاً: الاستمرارية والثبات في وجودها .
خامسا: استخدام
العنف والترويع والإرهاب والرشوة كوسائل لبلوغ أهداف المنظمة.
سادسا: تحقيق الربح كهدف للأنشطة غير المشروعة .
سابعا: العمل علي منع تطبيق قانون العقوبات بالتهديد
والرشوة .
ثامنا: المزج
بين الأنشطة غير المشروعة والمشروعة للتمويه أو محاولة إضفاء صفة المشروعية عليها.
بينما
يضيف البعض الأخر خصائص أخري مثل[5] :
أولا: العمل
بصفة أصلية داخل الإطار الوطني حتى ولو كانت أنشطة غير وطنية.
ثانيا: تسبب
هذه الجماعات ونشاطها بتهديد الأمن والنظام العام وغير ذلك من المصالح الاجتماعية
والاقتصادية , وهو ما يؤثر سلبا علي المجتمع الذي تعمل فيه.
ثالثا: الولاء
للمنظمة من جانب أعضاءها مفترضا, ويطبق نظام ضبط وربط مشدد.
رابعا: تقويم
العضوية فيها علي أساس اختبارات الولاء والقسوة والمهارات الإجرامية.
أما بشان تعريف الجريمة عبر الوطنية[6] فقد
نصت الفقرة (2) من المادة 3 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر
الوطنية على الاتى:
".... يكون الجرم ذا طابع عبر وطني إذا:
(أ) ارتُكب في أكثر من دولة واحدة؛ أو
(ب) ارتُكب في دولة واحدة ولكن جانبا كبيرا من
الإعداد أو التخطيط له أو توجيهه أو الإشراف عليه جرى في دولة أخرى؛ أو
(ج) ارتُكب في دولة واحدة، ولكن ضلعت في ارتكابه
جماعة اجرامية منظمة تمارس أنشطة إجرامية في أكثر من دولة واحدة؛ أو
(د) ارتُكب
في دولة واحدة، ولكن له آثارا شديدة في دولة أخرى.
وجدير بالذكر إن ما يفرق بين الجريمة
المنظمة عموما والجريمة المنظمة عبر الوطنية تحديدا هو وجود أنشطة تتجاوز حدود
الدول فيما يتعلق بالجريمة المنظمة عبر الوطنية، فضلا عن وجود روابط مع الجماعات
المتشابهة في دول أخري.
ثانيا : تعريف الاتجار في الأفراد وأشكاله المختلفة
على الرغم من أنه لا يوجد تعريف محدد لظاهرة الاتجار في
الأفراد إلا أن التعريف المعمول به على نطاق واسع هو التعريف الوارد في المادة
الثالثة من بروتوكول الأمم المتحدة المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة ضد الجريمة
المنظمة العابرة للحدود الوطنية لعام 2000 والخاص بمنع الاتجار بالأفراد وخاصة
النساء والأطفال وقمعه والمعاقبة عليه حيث يقصد بتعبير " الاتجار في الأفراد
" تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقليهم أو إيوائهم أو
استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو
الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو إساءة استعمال السلطة أو إساءة استغلال حالة
استضعاف أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص
آخر لغرض استغلال . ويشمل الاستغلال كحد أدنى استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال
الاستغلال الجنسي أو السخرة أو الخدمة قسراً أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة
بالرق أو الاستعباد أو نزع الأعضاء " .
و يلاحظ أن التعريف ينقسم إلى ثلاثة عناصر تكون منها:
الأفعال: أفعال تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقليهم أو
إيوائهم أو استقبالهم
الوسائل المستخدمة
لارتكاب تلك الأفعال:
بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو
الاحتيال أو الخداع أو إساءة استعمال السلطة أو إساءة استغلال حالة استضعاف أو
بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على الضحية
أغراض الاستغلال: الذي يشمل استغلال دعارة الغير أو سائر
أشكال الاستغلال الجنسي أو السخرة أو الخدمة قسراً أو الاسترقاق أو الممارسات
الشبيهة بالرق أو الاستعباد أو نزع الأعضاء
وبناءاً عليه يمكن تعريف أسوء أشكال أو
أساليب الاتجار في الأشخاص وفقاً للقانون الدولي على النحو الاتى:
العبودية: هي الحالة أو الوضعية التي تمارس
فيها بعض أو جميع حقوق الملكية على شخص ما. (اتفاقية العبودية والخدمة القسرية
والعمل بالسخرة والأعراف والممارسات الشبيهة بها 1926)
الاسترقاق:
هو ممارسة أي من
السلطات المرتبطة بحق الملكية أو هذه السلطات جميعها على شخص ما، بما في ذلك
ممارسة هذه السلطات في سبيل الاتجار في الأشخاص، خاصة في النساء والأطفال. ( نظام
روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية 2002).
ممارسات
شبيهة بالعبودية: الفعل الرامي إلي نقل، أو الشروع في نقل، أو محاولة نقل العبيد من دولة إلي
أخرى بأي وسيلة نقل كانت أو تسهيل ذلك وكذلك أي عمليات تتضمن محاولة تشويه أو كي
أو وسم عبد ما أو شخص ما ضعيف المنزلة، سواء للدلالة على وضعه أو لعقابه أو لي سبب
آخر كان أو المساعدة على القيام بذلك (الاتفاقية التكميلية لإلغاء العبودية وتجارة
الرقيق والأعراف والممارسات الشبيهة بالعبودية، 1956).
الخدمة
القسرية: هي
حالة شخص في وضع التبعية تم إجباره أو إرغامه من قبل الغير كي يؤدي أية خدمة سواء
لفائدة ذلك الشخص أو غيره، وانعدمت أمامه أية بدائل معقولة أخرى سوى أن يؤدي تلك
الخدمة والتي قد تشمل خدمات منزلية أو تسديد دين. ( المسودة الأولية لبروتوكول
الأمم المتحدة لمنع وقمع ومعاقبة الاتجار في الأشخاص وبخاصة النساء والأطفال 2000)
تجارة الرقيق: وتشمل جميع الأفعال التي ينطوي
عليها أسر شخص ما أو احتجازه أو التنازل عنه للغير على قصد تحويله إلي رقيق، وجميع
الأفعال التي ينطوي عليها امتلاك عبد ما بغية بيعه أو مبادلته وجميع أفعال
التنازل، بيعا أو مبادلة، عن عبد تم امتلاكه بقصد أو مبادلته، وكذلك عموما، أي اتجار
بالعبيد أو نقلهم أيا كانت وسيلة النقل المستخدمة. (اتفاقية العبودية والخدمة
القسرية والعمل بالسخرة والأعراف والممارسات الشبيهة بها 1926).
إسار الدين: ويراد بذلك الحال أو الوضع الناجم
عن ارتهان مدين بتقديم خدماته الشخصية أو خدمات شخص تابع له ضمانا لدين عليه، إذ
كانت القيمة المنصفة لهذه الخدمات لا تستخدم لتصفية هذا الدين أو لم تكن مدة هذه
الخدمات أو طبيعتها محددة. .( الاتفاقية التكميلية لإلغاء العبودية وتجارة الرقيق
والأعراف والممارسات الشبيهة بالعبودية، 1956).
السخرة: هي جميع الأعمال أو الخدمات التي
تفرض عنوة على أي شخص تحت التهديد بأي عقاب، والتي لا يكون هذا الشخص قد تطوع
بأدائها بمحض اختياره. (اتفاقية العمل بالسخرة، المؤتمر العام لمنظمة العمل
الدولية 1932).
استغلال
الأطفال في المواد الإباحية: يقصد بها تصوير أي طفل، بأي وسيلة كانت، يمارس ممارسة حقيقية أو
بالمحاكاة أنشطة جنسية صريحة أو أي تصوير للأعضاء الجنسية للطفل لإشبــاع الرغبـة
الجنسية أساسـاً. (المادة الثانية/(ج) من البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق
الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء وفى المواد الإباحية والذي دخل
حيز النفاذ في 18 يناير 2002)
* كاتب هذا البحث هو السيد / هاني
فتحي جورجي رئيس النيابة بالمكتب الفني والتعاون الدولي - مكتب النائب العام ومحاضر بكليتي الحقوق والتجارة جامعة عين شمس ومركز
الدراسات القضائية والمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية فضلاً عن عضويته في
العديد من اللجان الوطنية والقومية ومنها اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع
الاتجار في الأفراد وحالياً باحث دكتوراه بجامعة القاهرة وحاصل على ماجستير
القانون الدولي لحقوق الإنسان جامعة اسيكس بالمملكة المتحدة 2001/2002، دبلوم القانون الدولي للتنمية
- مركز الدراسات الاجتماعية ISS لاهاي
بهولندا يناير/سبتمبر 2000، ماجستير القانون الدولي للأعمال IDAI جامعتي القاهرة/باريس دوفين 1992/1994 وقد عمل
بالمحاماة فور تخرجه عام 1992 ثم تشرف بالالتحاق بالنيابة العامة منذ عام 1994
وتدرج بالمناصب القضائية إلى أن تم تعينه بمكتب النائب العام منذ 1999 وحتى الآن.
[1] إدراكاً
من المجتمع الدولي لخطورة الرق و تجارة الرقيق والاتجار في الأشخاص و استغلال
دعارة الغير فقد سعى منذ مطلع القرن العشرين إلي عقد المؤتمرات الدولية، وصياغة
الاتفاقيات الدولية في شأن مواجهة تلك الظاهرة ويعتبر بروتوكول منع و قمع و معاقبة
الاتجار بالأشخاص و بخاصة النساء و الأطفال المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة
الجريمة المنظمة عبر الوطنية تتويجا لمجهود متواصل قامت به الأمم المتحدة منذ
نشأتها.
[2] انظر
كتاب الدكتورة/ هدى حامد قشقوش، الجريمة المنظمة، الطبعة الثانية منشأة المعارف،
عام 2006، ص18
[3] انظر
لـ Background
Paper المقدمة للندوة الإقليمية حول الجريمة المنظمة عبر الوطنية،
القاهرة، 28/29 مارس 2007، ص 4.
[4] انظر
في ذلك الدكتور شريف بسيونى، الجريمة المنظمة عبر الوطنية: ماهيتها ووسائل
مكافحتها دولياً وعربياً، دار الشروق، الطبعة الأولى، 2004، ص 21 – 65.
[5] المرجع
السابق
[6] علي الرغم من عدم استقرار الفقه الدولي علي تعريف جامع
وموحد للجريمة المنظمة عبر الوطنية, إلا أن هناك اتفاقا على العناصر الأساسية أو
الصفات المهمة لهذا الشكل من أشكال الأنشطة الإجرامية الجماعية مماثلة لتلك الخاصة
بالجريمة المنظمة المحلية, ولكن مع التركيز علي :
أولا: الأنشطة
عبر الوطنية والروابط مع الجماعات المتشابهة في دول أخرى.
ثانيا: الحجم الأكبر
للمنظمة نفسها.
ثالثا : الحجم
الضخم للنشاط الإجرامي.
رابعا: المستوى العالي
من الربح.
خامسا : ضخامة رأس
المال المتاح
سادسا : القوة والنفوذ
في أسلوب ممارسة النشاط.
النيابة العامة المصرية في مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية
والاتجار في الأفراد
مقدمة لـ
الدورة
التدريبية الرابعة عشر لمنع الاتجار بالأطفال
لضباط أمن
الموانئ بالتعاون مع وزارة الداخلية
إعداد
السيد / هاني فتحي جورجي رئيس النيابة
26 - 27 مايو 2009
وحدة منع
الاتجار بالأطفال
برئاسة
الدكتورة / عزة العشماوى
دور
النيابة العامة المصرية في مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والاتجار في الأفراد
The Role of the Egyptian Public Prosecution in Combating Transnational
Organized Crime & Trafficking in Persons
إعداد
السيد / هاني فتحي جورجى رئيس النيابة*
مقدمة
إن
الجريمة المنظمة هى إحدى الظواهر الاجتماعية الخطيرة التى يشهدها العالم فى مختلف
البقاع، وهى مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالتقدم التكنولوجى وظاهرة العولمة وما
يصاحبها من أثار على الصعيد الدولى والاقليمى والوطنى إذ أخذ تطور الجريمة المنظمة
أبعاداً جديدة، فلم يعد خطرها مقتصر على الدول التى نشأت بها المنظمات الإجرامية
فحسب، بل امتد لكافة أرجاء المعمورة كنتيجة مباشرة للانفتاح الاقتصادى وتطور مجال
الاتصالات والمواصلات.
وتعد هذه الجريمة
واحدة من أخطر التحديات المعاصرة التي تهدد حرية وأمن واستقرار المجتمعات
الإنسانية إذ تعد أحد أبرز الانتهاكات لحقوق الإنسان وكرامته في العصر الحديث،.
كما أن هناك العديد من الصلات الوثيقة التي تربط بين كافة صور تلك الجريمة التي
يتم ارتكابها عن طريق عصابات منظمة تستخدم العنف والترويع والإرهاب والرشوة كوسائل
لبلوغ أهدافها في تحقيق الربح السريع غير المشروع. ولقد أكد الأمين العام السابق
للأمم المتحدة في كلمته أمام المؤتمر الحادي عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية
على أن الجريمة المنظمة تعد اكبر التهديدات التي تواجه السلام والأمن الدوليين في
القرن الحادي والعشرين.
وتعد جريمة الاتجار في
الأفراد أحد أخطر صور الجريمة المنظمة عبر الوطنية التي أصبحت متعددة الأبعاد
نافذة بحكم طبيعتها عبر الحدود، دقيقة التنظيم ويستخدم مرتكبوها أساليب مبتكرة
لتسهيل عملياتهم الإجرامية التي قد تودي بحياة الأبرياء مما يحتم تكاتف المجتمع
الدولي من خلال الارتقاء بمستوى التعاون الجنائي الدولي بين كافة الدول.
إن الإحصائيات
المتوافرة عن حجم جريمة الاتجار في الأفراد تؤكد مدى بشاعة تلك الجريمة التي تؤثر
على كافة دول العالم دون استثناء إذ تبين التقديرات الحديثة أن العدد السنوي من
الرجال والنساء والأطفال المتجر بهم عبر الحدود الوطنية يناهز المليون شخص وأكثرهم
يتجر بهم لأغراض الاستغلال الجنسي التجاري وهذا التقدير لا يشمل ملايين الضحايا في
جميع أنحاء العالم ممن يتجر بهم داخلياً ضمن الحدود الوطنية لكل دولة وتقدر
المنظمة الدولية للهجرة (IOM) الرقم على الصعيد العالمي بنحو مليونين شخص تقريبا.
ولقد أحرزت الأمم
المتحدة تقدماً ملموساً في بناء إطار قانوني ومؤسسي للمعايير الدولية بشأن مكافحة جريمة
الاتجار في الأفراد من خلال سلسلة من
الاتفاقيات والصكوك والبروتوكولات من أهمها بروتوكول منع و قمع و
معاقبة الاتجار بالأشخاص و بخاصة النساء و الأطفال المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة
لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية[1]. إلا أن العديد من الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة لم تضع تلك
الاتفاقيات موضع التطبيق مما يعرقل التعاون فيما بينها بشأن مكافحة الجريمة
المنظمة عبر الوطنية. ومن هنا يبرز أهمية دور رجال النيابة العامة والقضاء في
وملاحقة مرتكبي تلك الجرائم و مواجهة قدرتهم على ممارسة أنشطتها.
هذا وقامت مصر انطلاقاً من دورها
الريادي في المنطقة وإدراكاً منها لخطورة جريمة الاتجار في الأفراد بالتصديق على و
الانضمام إلى مـعظم الاتفاقيـــات و المـواثيق و الــصكوك و البروتوكولات الدولية
المشتملة على أحكام و تدابير ذات صلة بمكافحــة استغلال الأشخاص و بخاصة النساء و
الأطفال وقد أصبحت تلك الاتفاقيات الدولية جزء من القوانين الوطنية المطبقة في مصر
و تلتزم السلطات المعنية في الدولة بتطبيق و إنفاذ الأحكام الواردة فيها طبقا لنص
المادة 151 من الدستور المصري. كما أن الإطار القانوني والتشريعي المعمول به
بجمهورية مصر العربية - خاصة بعد صدور القانون رقم 126 لسنة 2008 بتعديل بعض أحكام
قانون الطفل وقانون العقوبات وقانون الأحوال المدنية - يتناول بالتأثيم والعقاب
معظم الأشكال الحادة لجريمة الاتجار في البشر كما هو وارد في تعريف "الاتجار
بالأشخاص " الذي فصلته المادة الثالثة من بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار
بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال كما أن القوانين المصرية متوافقة مع التزامات مصر
الدولية في مجال مكافحة جريمة الاتجار في البشر.
وتعد النيابة العامة
المصرية- بوصفها شعبة أصيلة من القضاء
- من أهم السلطات الضامنة للإنفاذ الفعال
لجميع الاتفاقيات و المواثيق و الصكوك و البروتوكولات الدولية المشتملة على أحكام
و تدابير ذات صلة بمكافحة جريمة الاتجار بالأشخاص إذ تقوم بدور حيوي وجوهري في
اتخاذ الإجراءات الجنائية الواجبة قبل الوقائع والحالات التي يتم ضبطها والتحقيق
مع مرتكبيها وتقديمهم للمحاكمة الجنائية مع اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمساعدة
وحماية ضحايا الجريمة المنظمة عبر الوطنية – من المصريين والأجانب - على النحو
الذي يسمح به القانون والتزامات مصر الدولية وذلك كله مع مراعاة الموازنة بين
مقتضيات أمن المجتمع وعدم إفلات مرتكبي تلك الجرائم من العقاب من ناحية وحقوق
الإنسان وحرياته ومبادئ المحاكمة العادلة من ناحية أخرى.
وحتى يتسنى الوصول إلى
هذه النتيجة سأتناول موضوع البحث بشكل منهجي عل النحو الآتي:
المقدمة
أولا: تعريف الجريمة المنظمة عبر الوطنية وأهم
أنواعها وصورها
ثانيا : تعريف الاتجار في الأفراد وأشكاله المختلفة
ثالثاً: التفرقة بين الاتجار بالأشخاص وتهريب
المهاجرين
رابعا: أهم أحكام بروتوكول منع و قمع و معاقبة
الاتجار بالأشخاص و بخاصة النساء و الأطفال المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة
الجريمة المنظمة عبر الوطنية
خامساً: الإطار القانوني المصري لمكافحة و للقضاء
على جرائم الاتجار في الأطفال
Ø
الفلسفة التي أعتنقها القانون رقم 126 لسنة 2008 وأهم
ملامحه الرئيسية
Ø
أهم الأحكام الموضوعية والإجرائية بشأن مكافحة جرائم
الاتجار في الأطفال في ضوء القانون 126 لسنة 2008
سادسا: أهم الجهود والإجراءات التي تقوم النيابة
العامة باتخاذها بشأن مكافحة والقضاء على جريمة الاتجار في الأفراد
سابعا :التحديات التي تواجهها أجهزة إنفاذ القانون وتدابير
مراقبة الحدود والمواني
ثامناً: تطبيق عملي لدور النيابة العامــة في
مــكافحــة الاتجار في الأفراد القضية رقم 414
لسنة 2009 جنايات قصر النيل والمقيدة برقم 1 لسنة 2009 حصر تحقيق المكتب
الفني (قضية الاتجار في الأطفال)
الخاتمة
أولا: تعريف الجريمة المنظمة عبر الوطنية وأهم أنواعها وصورها
تضمن
تقرير السكرتير العام للأمم المتحدة المقدم إلي المؤتمر التاسع للأمم المتحدة لمنع
الجريمة ومعاملة المجرمين (القاهرة 1995) عرضا للأنشطة التي تقوم بها جماعات
الجريمة المنظمة عبر الوطنية, وهي تغطي العديد من المجالات منها: غسل الأموال ، الأنشطة
الإرهابية ، سرقة الأعمال الفنية والثقافية ، سرقة وانتهاك حقوق الملكية الفكرية ،
التجارة غير المشروعة في السلاح ، خطف الطائرات ، القراصنة البحرية ، خطف السيارات
، الاحتيال علي شركات التامين ، جرائم الكمبيوتر ، جرائم البيئة ، الاتجار في البشر ، تهريب المهاجرين، التجارة
في الأعضاء البشرية ، الاتجار في المخدرات ، التحايل بإعلان الإفلاس ، اختراق
الأعمال المشروعة ، إفساد ورشوة الموظفين العامين ومسئولي الأحزاب ، وغير ذلك من
الجرائم التي ترتكب من جانب الجماعات الإجرامية المنظمة.
هذا ويوجد اتجاهين
لتعريف الجريمة المنظمة:
§ الاتجاه الأول يعنى بتعريفها من خلال وصف عام
لهيكل المنظمة التي ترتكبها؛
§ والاتجاه الثاني يعتمد علي تحديد الأفعال التي
تقوم بها المنظمة الإجرامية، ومن خلاله يضع تصور عام لخصائص تلك المنظمة.
أما بشأن الاتجاه الأول فيعرف
الجريمة المنظمة بأنها مؤسسة إجرامية ذات تنظيم هيكلي متدرج يتصف بالثبات
والاستقرار تمارس أنشطة غير مشروعة بهدف الحصول علي المال مستخدمة العنف والتهديد
والترويع والرشوة لتحقيق هذا الهدف وذلك في سرية تامة لتأمين وحماية أعضائها
ويلاحظ أن هذا التعريف يضع تعريفاً للجريمة من خلال وصف المنظمة التي ترتكبها وأهدافها
والأساليب التي تستخدمها[2].
أما الاتجاه الثاني فيعرف
الجريمة المنظمة بأنها الظاهرة الاجتماعية التي تسببها جماعات معينة تقوم أساسا
بنشاط إجرامي عنيف يهدف إلي الربح وهذا يلاحظ أن هذا التعريف يركز علي الظاهرة
الإجرامية كأساس للتعريف وليس علي المنظمة وهيكلها.
ويقدم الاتحاد الأوربي تعريفاً
آخر للجريمة المنظمة علي أساس بيان الخصائص
والصفات التي تتمتع بها المنظمة [3].
يتميز هذا التعريف بأنه يعدد إحدى عشر صفة للجريمة المنظمة هي على النحو الاتى:
1 – وجود تعاون بين أكثر من شخصين.
2 - اضطلاع كل عضو مهمة محددة .
3 – الامتداد لفترة طويلة أو غير
محددة .
4 – استخدام شكل متشدد من أشكال السيطرة
التنظيمية داخل المنظمة .
5 – الاشتباه في ارتكاب المنظمة جرائم
خطيرة .
6 – العمل علي مستوى دولي .
7 – استخدام العنف أو غيره من وسائل
الإرهاب .
8 – استخدام وسائل تجارية.
9 – اللجوء إلي غسل الأموال .
10 – ممارسة نفوذ علي السياسة ووسائل
الإعلام والإدارة العامة والسلطات
القضائية والاقتصاد .
11 – السعي إلي الربح والقوة .
ولكي ينطبق وصف الجريمة المنظمة علي
الجرم المرتكب فلا بد من توافر ستة صفات علي الأقل من الصفات الإحدى عشر الأنفة الذكر،
علي أن تكون من بينها الصفات الأولي والخامسة والحادية عشر حتى يمكن اعتبار
الجماعة التي ارتكبته مجموعة جريمة منظمة.
وقد عرفت الفقرة (أ) من المادة 2 من
اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية الجماعة الإجرامية
المنظمة بأنها ذات هيكل تنظيمي مؤلفة من ثلاثة أشخاص أو أكثر موجودة لفترة من
الزمن وتعمل بصورة التضافر بهدف ارتكاب واحدة أو أكثر من الجرائم الخطرة والأفعال
المجرمة وفقاً لهذه الاتفاقية من أجل الحصول بشكل مباشر أو غير مباشر علي منفعة
مالية أو منفعة مادية أخرى .
ويتبين
من التعريفات السابقة أن للجريمة المنظمة خصائص أساسية هي[4] :
أولا:
الجريمة المنظمة يتم ارتكابها عن طريق عصابات منظمة .
ثانيا:
الجريمة المنظمة تتخذ الشكل الهرمي المتدرج مع تقسيم العمل .
ثالثا:
الجريمة المنظمة تعتمد علي سرية الخطط والأنشطة التي تمارسها المنظمة التي
ترتكبها.
رابعاً: الاستمرارية والثبات في وجودها .
خامسا: استخدام
العنف والترويع والإرهاب والرشوة كوسائل لبلوغ أهداف المنظمة.
سادسا: تحقيق الربح كهدف للأنشطة غير المشروعة .
سابعا: العمل علي منع تطبيق قانون العقوبات بالتهديد
والرشوة .
ثامنا: المزج
بين الأنشطة غير المشروعة والمشروعة للتمويه أو محاولة إضفاء صفة المشروعية عليها.
بينما
يضيف البعض الأخر خصائص أخري مثل[5] :
أولا: العمل
بصفة أصلية داخل الإطار الوطني حتى ولو كانت أنشطة غير وطنية.
ثانيا: تسبب
هذه الجماعات ونشاطها بتهديد الأمن والنظام العام وغير ذلك من المصالح الاجتماعية
والاقتصادية , وهو ما يؤثر سلبا علي المجتمع الذي تعمل فيه.
ثالثا: الولاء
للمنظمة من جانب أعضاءها مفترضا, ويطبق نظام ضبط وربط مشدد.
رابعا: تقويم
العضوية فيها علي أساس اختبارات الولاء والقسوة والمهارات الإجرامية.
أما بشان تعريف الجريمة عبر الوطنية[6] فقد
نصت الفقرة (2) من المادة 3 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر
الوطنية على الاتى:
".... يكون الجرم ذا طابع عبر وطني إذا:
(أ) ارتُكب في أكثر من دولة واحدة؛ أو
(ب) ارتُكب في دولة واحدة ولكن جانبا كبيرا من
الإعداد أو التخطيط له أو توجيهه أو الإشراف عليه جرى في دولة أخرى؛ أو
(ج) ارتُكب في دولة واحدة، ولكن ضلعت في ارتكابه
جماعة اجرامية منظمة تمارس أنشطة إجرامية في أكثر من دولة واحدة؛ أو
(د) ارتُكب
في دولة واحدة، ولكن له آثارا شديدة في دولة أخرى.
وجدير بالذكر إن ما يفرق بين الجريمة
المنظمة عموما والجريمة المنظمة عبر الوطنية تحديدا هو وجود أنشطة تتجاوز حدود
الدول فيما يتعلق بالجريمة المنظمة عبر الوطنية، فضلا عن وجود روابط مع الجماعات
المتشابهة في دول أخري.
ثانيا : تعريف الاتجار في الأفراد وأشكاله المختلفة
على الرغم من أنه لا يوجد تعريف محدد لظاهرة الاتجار في
الأفراد إلا أن التعريف المعمول به على نطاق واسع هو التعريف الوارد في المادة
الثالثة من بروتوكول الأمم المتحدة المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة ضد الجريمة
المنظمة العابرة للحدود الوطنية لعام 2000 والخاص بمنع الاتجار بالأفراد وخاصة
النساء والأطفال وقمعه والمعاقبة عليه حيث يقصد بتعبير " الاتجار في الأفراد
" تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقليهم أو إيوائهم أو
استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو
الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو إساءة استعمال السلطة أو إساءة استغلال حالة
استضعاف أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص
آخر لغرض استغلال . ويشمل الاستغلال كحد أدنى استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال
الاستغلال الجنسي أو السخرة أو الخدمة قسراً أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة
بالرق أو الاستعباد أو نزع الأعضاء " .
و يلاحظ أن التعريف ينقسم إلى ثلاثة عناصر تكون منها:
الأفعال: أفعال تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقليهم أو
إيوائهم أو استقبالهم
الوسائل المستخدمة
لارتكاب تلك الأفعال:
بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو
الاحتيال أو الخداع أو إساءة استعمال السلطة أو إساءة استغلال حالة استضعاف أو
بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على الضحية
أغراض الاستغلال: الذي يشمل استغلال دعارة الغير أو سائر
أشكال الاستغلال الجنسي أو السخرة أو الخدمة قسراً أو الاسترقاق أو الممارسات
الشبيهة بالرق أو الاستعباد أو نزع الأعضاء
وبناءاً عليه يمكن تعريف أسوء أشكال أو
أساليب الاتجار في الأشخاص وفقاً للقانون الدولي على النحو الاتى:
العبودية: هي الحالة أو الوضعية التي تمارس
فيها بعض أو جميع حقوق الملكية على شخص ما. (اتفاقية العبودية والخدمة القسرية
والعمل بالسخرة والأعراف والممارسات الشبيهة بها 1926)
الاسترقاق:
هو ممارسة أي من
السلطات المرتبطة بحق الملكية أو هذه السلطات جميعها على شخص ما، بما في ذلك
ممارسة هذه السلطات في سبيل الاتجار في الأشخاص، خاصة في النساء والأطفال. ( نظام
روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية 2002).
ممارسات
شبيهة بالعبودية: الفعل الرامي إلي نقل، أو الشروع في نقل، أو محاولة نقل العبيد من دولة إلي
أخرى بأي وسيلة نقل كانت أو تسهيل ذلك وكذلك أي عمليات تتضمن محاولة تشويه أو كي
أو وسم عبد ما أو شخص ما ضعيف المنزلة، سواء للدلالة على وضعه أو لعقابه أو لي سبب
آخر كان أو المساعدة على القيام بذلك (الاتفاقية التكميلية لإلغاء العبودية وتجارة
الرقيق والأعراف والممارسات الشبيهة بالعبودية، 1956).
الخدمة
القسرية: هي
حالة شخص في وضع التبعية تم إجباره أو إرغامه من قبل الغير كي يؤدي أية خدمة سواء
لفائدة ذلك الشخص أو غيره، وانعدمت أمامه أية بدائل معقولة أخرى سوى أن يؤدي تلك
الخدمة والتي قد تشمل خدمات منزلية أو تسديد دين. ( المسودة الأولية لبروتوكول
الأمم المتحدة لمنع وقمع ومعاقبة الاتجار في الأشخاص وبخاصة النساء والأطفال 2000)
تجارة الرقيق: وتشمل جميع الأفعال التي ينطوي
عليها أسر شخص ما أو احتجازه أو التنازل عنه للغير على قصد تحويله إلي رقيق، وجميع
الأفعال التي ينطوي عليها امتلاك عبد ما بغية بيعه أو مبادلته وجميع أفعال
التنازل، بيعا أو مبادلة، عن عبد تم امتلاكه بقصد أو مبادلته، وكذلك عموما، أي اتجار
بالعبيد أو نقلهم أيا كانت وسيلة النقل المستخدمة. (اتفاقية العبودية والخدمة
القسرية والعمل بالسخرة والأعراف والممارسات الشبيهة بها 1926).
إسار الدين: ويراد بذلك الحال أو الوضع الناجم
عن ارتهان مدين بتقديم خدماته الشخصية أو خدمات شخص تابع له ضمانا لدين عليه، إذ
كانت القيمة المنصفة لهذه الخدمات لا تستخدم لتصفية هذا الدين أو لم تكن مدة هذه
الخدمات أو طبيعتها محددة. .( الاتفاقية التكميلية لإلغاء العبودية وتجارة الرقيق
والأعراف والممارسات الشبيهة بالعبودية، 1956).
السخرة: هي جميع الأعمال أو الخدمات التي
تفرض عنوة على أي شخص تحت التهديد بأي عقاب، والتي لا يكون هذا الشخص قد تطوع
بأدائها بمحض اختياره. (اتفاقية العمل بالسخرة، المؤتمر العام لمنظمة العمل
الدولية 1932).
استغلال
الأطفال في المواد الإباحية: يقصد بها تصوير أي طفل، بأي وسيلة كانت، يمارس ممارسة حقيقية أو
بالمحاكاة أنشطة جنسية صريحة أو أي تصوير للأعضاء الجنسية للطفل لإشبــاع الرغبـة
الجنسية أساسـاً. (المادة الثانية/(ج) من البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق
الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء وفى المواد الإباحية والذي دخل
حيز النفاذ في 18 يناير 2002)
* كاتب هذا البحث هو السيد / هاني
فتحي جورجي رئيس النيابة بالمكتب الفني والتعاون الدولي - مكتب النائب العام ومحاضر بكليتي الحقوق والتجارة جامعة عين شمس ومركز
الدراسات القضائية والمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية فضلاً عن عضويته في
العديد من اللجان الوطنية والقومية ومنها اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع
الاتجار في الأفراد وحالياً باحث دكتوراه بجامعة القاهرة وحاصل على ماجستير
القانون الدولي لحقوق الإنسان جامعة اسيكس بالمملكة المتحدة 2001/2002، دبلوم القانون الدولي للتنمية
- مركز الدراسات الاجتماعية ISS لاهاي
بهولندا يناير/سبتمبر 2000، ماجستير القانون الدولي للأعمال IDAI جامعتي القاهرة/باريس دوفين 1992/1994 وقد عمل
بالمحاماة فور تخرجه عام 1992 ثم تشرف بالالتحاق بالنيابة العامة منذ عام 1994
وتدرج بالمناصب القضائية إلى أن تم تعينه بمكتب النائب العام منذ 1999 وحتى الآن.
[1] إدراكاً
من المجتمع الدولي لخطورة الرق و تجارة الرقيق والاتجار في الأشخاص و استغلال
دعارة الغير فقد سعى منذ مطلع القرن العشرين إلي عقد المؤتمرات الدولية، وصياغة
الاتفاقيات الدولية في شأن مواجهة تلك الظاهرة ويعتبر بروتوكول منع و قمع و معاقبة
الاتجار بالأشخاص و بخاصة النساء و الأطفال المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة
الجريمة المنظمة عبر الوطنية تتويجا لمجهود متواصل قامت به الأمم المتحدة منذ
نشأتها.
[2] انظر
كتاب الدكتورة/ هدى حامد قشقوش، الجريمة المنظمة، الطبعة الثانية منشأة المعارف،
عام 2006، ص18
[3] انظر
لـ Background
Paper المقدمة للندوة الإقليمية حول الجريمة المنظمة عبر الوطنية،
القاهرة، 28/29 مارس 2007، ص 4.
[4] انظر
في ذلك الدكتور شريف بسيونى، الجريمة المنظمة عبر الوطنية: ماهيتها ووسائل
مكافحتها دولياً وعربياً، دار الشروق، الطبعة الأولى، 2004، ص 21 – 65.
[5] المرجع
السابق
[6] علي الرغم من عدم استقرار الفقه الدولي علي تعريف جامع
وموحد للجريمة المنظمة عبر الوطنية, إلا أن هناك اتفاقا على العناصر الأساسية أو
الصفات المهمة لهذا الشكل من أشكال الأنشطة الإجرامية الجماعية مماثلة لتلك الخاصة
بالجريمة المنظمة المحلية, ولكن مع التركيز علي :
أولا: الأنشطة
عبر الوطنية والروابط مع الجماعات المتشابهة في دول أخرى.
ثانيا: الحجم الأكبر
للمنظمة نفسها.
ثالثا : الحجم
الضخم للنشاط الإجرامي.
رابعا: المستوى العالي
من الربح.
خامسا : ضخامة رأس
المال المتاح
سادسا : القوة والنفوذ
في أسلوب ممارسة النشاط.
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب