عقد
المرابحة ( بحث فى القانون السودانى )
ضوابطه
الشريعة- صياغته المصرفية وانحرافاته التطبيقية
د
الواثق عطا المنان محمد أحمد
أستاذ القانون التجاري المساعد- كلية
الشريعة والقانون
جامعة أم درمان الإسلامية المنتدب
بالمعهد العالي للدراسات المصرفية والمالية
)طبعة تمهيدية)
ملخص البحث
المرابحة
صورة من صور البيع تباع فيها السلعة برأس مالها وزيادة ربح معلوم، وقد اتفق
المسلمون على جوازها في الجملة استناداً إلي عموم الأدلة التى تتيح البيع بصفة
عامة. وذكروا لها من الضوابط ما يكفل لها
أن تبقي في إطار الصدق والأمانة الذي يجب أن يتسم به هذا البيع، شأنه شأن التولية
والمواضفة وكذلك سميت هذه البيوع بيوع الأمانة.
وذلك لأن
للبيع تقسيمات عديدة منه بيع الصرف وبيع المقايضة وبيع السلم، والبيع المطلق وهو
نوعين بيع المساومة، وبيع الأمانة. الذي
ينقسم إلي ثلاثة أقسام: بيع المرابحة، وبيع التولية، وبيع الوضيعة.
وقد اتجه
العلماء في هذا العصر إلى محاولة الإفادة من هذا البيع في ترتيب الأعمال المصرفية،
بحيث تحل هذه الصورة المشروعة محل كثير من النظم الربوية المحرمة، وليكون في
البدائل الإسلامية ما يغنى عن هذه النظم الخبيثة، التى زحفت على الأمة في عينية
وعيها وضعف قيادتها، وسكرة ابنائها، وانحلال أمرها كله.
ومن هنا
مست الحاجة إلى تفصيل أحكام هذا البيع وضوابطه الشرعية وصياغته المصرفية.
وقد قسمت
الدراسة إلي المباحث التالية:
المبحث
الأول : تعريف المرابحة وصورها ومشروعيتها.
المبحث
الثاني : شروط المرابحة.
المبحث
الثالث : حكم الخيانة والغلط في المرابحة.
المبحث
الرابع: الضمانات الفقهية في بيع المرابحة.
المبحث
الخامس : الصياغة المصرفية لعقد المرابحة.
المبحث
السادس الانحرافات التطبيقية للمرابحة المصرفية.
·
نماذج لعقد المرابحة
المصرفية
·
الهوامش والمراجع
Abstract
Murabaha is an aspect of sale in which a commodity is sold at
its cost price with specification of gain.
Thus, it has been approved by the consensus of muslims on its valditiy
and legitimacy by virtue of legitimizing, in general, the sale acts. Murabaha,
however, has been approved under the following conditions and regulations:
1-
Its capital must be identified from a lawful
sources.
2-
The capital must be of the same kind of the
commodity.
3-
The first contract must be endorsed without
any form of usury.
4-
A statement (declaration) showing defect.
5-
The first contract must be right.
6-
Deferred statement.
The study has tackled
the verdict of irregularities and mistakes in the practice of Murabaha which
affects the validity of its contract.
Most importantly, the research has also considered the guarantees in the
contract of Murabaha which represents the key factor of trust in the banking
transactions of which risk is anticipated. Moreover, there is a consideration
to the banking discourse of the contract of Murabaha in order to get use of it
in the banking and foreign trade transactions via the bonds’ allocations.
The study has also tauched the deviations and malpractice in
the implemintation of the banking Murabaha, because the actual practice of
Murabaha has witnessed many irregularities in the arrangement of this contract.
To sum up,
the study has divided the topic into the following chapters:
Chapter One
: The definition of Murabaha its forms and legitimacy.
Chapter Two
: The conditions and regulations of
Murabaha.
Chapter
Three: The verdict of irregularity and fault in Murabaha.
Chapter
Four : High guarantees in the contract
of Murabaha.
Chapter
Five : The banking discourse of the ocntract of Murabaha.
Chapter Six
: The deviations in the implementation of the banking Murabha.
-
Patterns for the contract of the banking Murabaha.
-
Appendices and Bibliography.
المبحث
الأول
تعريف
المرابحة وصورها ومشروعيتها
المرابحة
لغة :
المرابحة
في اللغة مصدر من الربح وهو الزيادة(1)، وأيضاً المرابحة في اللغة مفاعلة من الربح :
وهو النما(2) في التجر يقال : نقد السلعة مرابحة على كل عشرة دراهم،
وكذلك اشتريته مرابحة، ولابد من تسمية الربح، والمفاعلة هنا(3) ليست
على بابها لأن الذي يربح إنما هو البائع فهذا من المفاعلة. أو أن مرابحة بمعنى إرباح لأن أحد المتابعين
أربح الآخر.
المرابحة اصطلاحاً:
أما
المرابحة في اصطلاح الفقهاء : فهي بيع بمثل الثمن الأول مع زيادة ربح معلوم.
فهذا هو
المعنى التى اتفقت عليه عبارات الفقهاء وإن اختلفت ألفاظهم في التعبير عنه.
ففي
الهداية(4) نقل ما ملكه بالعقد الأول بالثمن مع زيادة ربح. وفي بدائع الصنائع(5) بيع يمثل
الثمن الأول مع زيادة ربح وفي المغنى معنى المرابحة(6) هو البيع برأس
المال وربح معلوم وفي روضة الطالبين جاء معنى المرابحة "أنه عقد يبين الثمن
فيه على ثمن البيع الأول مع زيادة"(7).
وعرفها ابن
عرفة "بيع مرتب على ثمن مبيع تقدمه غير لازم مساواته له"(.
حكم
المرابحة:
كما نعلم
أن الأصل في العقود الإباحة، وهو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، إذ يري أن الأصل في
العقود الإباحة والجواز، فحرية التعاقد مكفولة للجميع ما لم تشتمل على محظور شرعي،
والوفاء بالعقود واجب لقوله تعالي : )يا أيها
الذين آمنوا أوفوا بالعقود((9).
والنص القرآني أوجب الوفاء بالعقود من غير
تعيين، وتصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان:
عبادات
وعادات يحتاجون إليها في دنياهم، والأصل في العادات عدم الحظر إلا ما حظره الله
ورسوله(10).
وإذا
كان ذلك فالناس يتبايعون ويتاجرون كيف
شاءوا ما لم تحرمه الشريعة الإسلامية وما لم تحد له في ذلك حداً ومن القواعد
الفقهية "الثابت بالعرف كالثابت بالنص".
وهذه
القاعدة كافية لفتح باب التعاقد وإطلاق حركة الإبداع العقلي في تقديم صيغ عقود
جديدة تواجه متطلبات الممارسات العملية، وهنا تقوم القواعد العرفية والعادات
الموحدة دوراً هاماً في تحديد الالتزامات التعاقدية قطعاً للنزاعات بين المتعاقدين
يقول تعالي: )خذ العفو وأمر بالعرف
وأعرض عن الجاهلين(((11).
والمرابحة صورة من صور البيع، والبيع جائز في الجملة
وكذلك المرابحة، وقد نقل عن ابن حزم القول بحرمتها وبطلان العقد بها.
وقد استدل
الجمهور على جوازها بما يلي:
عموم
الأدلة التي تقتضي بإباحة البيع مثل قوله تعالي : (وأحل الله البيع وحرم الربا)(12)
وقوله صلى الله عليه وسلم "أفضل الكسب عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور"(13).
الإجماع:
حيث أجمع وتعامل الناس بها في جميع الأعصار والأمصار بغير نكير، مثل ذلك حجة.
المعقول :
فالحاجة ماسة إلي هذا النوع من البيع، لأن الغبي الذي لا يهتدي في التجارة يحتاج
إلي أن يعتمد على فعل الزكي المهتدي، وتطيب نفسه بمثل ما اشتري وبزيادة ربح فوجب
القول بجوازها.
فالقول في
المرابحة هو القول في البيع لأنها لا تعدو
أن تكون صورة من صوره، فضلاً عن استجماعها لشرائط الجواز، وجريانها على
قواعد صحة البيع مع العلم بالثمن وغير ذلك.
وقد جاء في
مغني المحتاج(14) وصح بيع المرابحة من غير كراهة لعموم قوله تعالي : )وأحل الله
البيع( (البقرة : 275).
وفي بدائع
الصنائع(15) والأصل في هذه العقود عموماً البيع من غير فصل بين بيع
وبيع، وقال المولي عز وجل )وابتغوا من فضل الله( وقال عز وجل )ليس عليكم جناح أن تبتغوا
فضلاً من ربكم(، والمرابحة ابتغاء للفضل مع البيع نصاً.
وفي المدونة(16)
قلت لابن القاسم للعشرة أحد عشر وللعشرين اثنان وعشرون، وما سمي من هذا وللعشرة
خمسة عشر وللدرهم درهم، وأكثر من ذلك أو أقل جائز في قول مالك؟
قال : نعم
أما
الحنابلة فقد فرقوا في حكم المرابحة بين صورتين:
الأولي
: إذا كان الربح شيئاً معلوماً مفرداً عن
رأس المال كمال لو قال له: رأس مالي فيه مائة بعتكة بها وربح عشرة فهذه الصورة
جائزة عندهم بلا خلاف.
الثانية
: إذا كان الربح جزء من رأس المال – كما
لو قال له : على أن أربح في كل عشرة درهماً، أو قال ده بازدة – فقد ذهب كثير منهم إلى
كراهة هذه الصورة، ووجه الكراهة عندهم ما
روى عن ابن عمر وابن عباس وبعض السلف من القول بكراهة ذلك(17). لأن فيه نوعاً من الجهالة. وهذه الكراهة لا أثر لها في عقد البيع وصحته.
جاء في المغني(18).
"والمرابحة أن يبيعه بربح فيقول : (ورأس مالي فيه مائة بعتكة بها وربح عشرة)
فهذا جائز بلا خلاف في صحته.
ولم نعلم
أحد كرهه، وإن قال على أن أربح في كل عشرة درهماً أو قال ده بارزة أو ده داوازدة. (19)
فقد كرهه أحمد والكراهة بسبب أن فيها نوعاً من الجهالة، وهذه كراهة تنزيهية والبيع
صحيح كما أوضحنا في هذا البحث.
المرابحة
والبيع بالتقسيط:
تعتبر
طريقة دفع الثمن في عقد البيع من حقوق العقد التى يجري تنفيذها حسبما يتم اتفاق
الطرفين عليه ولا علاقة لطريقة دفع الثمن وتنفيذ أدائه بجوهر العملية التعاقدية في
بيع المرابحة التى تقوم على أركان وشروط محددة، ومن ثم فطريقة دفع الثمن في
المرابحة ليست ركناً ولا شرطاً لصحة البيع ولم يعتبرها أحد من الأئمة كذلك، إذ لا
يعتبر دفع الثمن شرطاً في انتقال ملكية المبيع التى تتم بمجرد العقد.
الزيادة في
الثمن مقابل الأجل:
من المسلم
به أننا بصدد عقد بيع سلعة تتوافر أركانه ومنها المبيع والمحل، وأن هذا المبيع يتم
مبادلته لقاء ثمن نقدي، فليست المسألة مبادلة ثمن نقدي بثمن نقدي من جنسه وإنما
بيع ثمن بثمن من غير جنسه (أي أن البديلين مختلفان) وهذا الثمن قد يدفع نقداً أو حالاً، وقد يدفع مؤجلاً أو مقسطاً حسبما يتم
الاتفاق عليه بين أطراف العقد وتقتضيه مصلحتهما وهنا قد يعرض بائع السلعة بثمنين
لنفس السلعة بالأقل في حالة النقد أو المعجل وبالزيادة في حالة الدفع الآجل أو
القسط، والمشتري لنفس السلعة بالخيار بين هذين الثمنين(20). حسبما
تمليه مصلحته وظروفه – (أي أن عملية البيع واحدة) فهي واحدة بين نفس الأطراف ونفس
المحل والمشتري بالخيار عند التعاقد.
وإذا كان
ذلك كذلك فلا بأس أن يكون إيجاب البائع على نحو ما ذكر، وأن يكون الخيار للمشتري
في قبوله، ومن ثم يعتبر ملتزماً بما ألزم نفسه به، ومن هنا فلا بأس أن يكون الثمن
المؤجل أزيد من الثمن المعجل فللأجل قسط من الثمن(21). بشرط هام، وهو ألا تتكرر الزيادة بتكرار الأجل
وإلا وقع المحظور الربوي.
صور
المرابحة:
لبيع
المرابحة عبارات(22) أكثرها دوراناً على الألسنة ثلاث:
الأولي :
أن يقول : بعت بما اشتريت أو بما بذلت من الثمن وربح كذا.
الثانية
: أن يقول : بعت بما قام علي، وربح كذا،
الثالثة :
أن يقول : بعتك برأس المال وربح كذا.
وقد اختلف
الفقه في حكم هذه العبارة الثالثة هل تلحق بالأولي أم الثانية؟
والذي
يتبين أن الأمر مرده إلى العرف، فإن كان العرف التجاري يقضى أن تعبير رأس المال لا
يقصد به إلا الدلالة على ثمن الشراء مجرداً من أي نفقات أو مصروفات ألحقت بالصورة
الأولي، أما إذا كان يقضى بأنه ثمن الشراء بالإضافة إلي سائر النفقات والمصروفات
التي يقصد بها الاسترباح ألحقت حينئذ بالصورة الثانية.
المبحث
الثاني
شروط
المرابحة
تمهيد:
لا يكفي في
عقد المرابحة أن يتم الاتفاق بين طرفيه (العميل والبنك) وإنما يجب فوق ذلك توافر
شروط معينة ليكون عقد المرابحة منتجاً لإثارة، ومسوغ هذا الوجوب أن العقود في
الفقه الإسلامي لا تخضع لإرادة الطرفين وحدها وإنما لابد من هيمنة الرقابة الشرعية
لأن بعض التصرفات محظورة لكونها من قبيل الاتفاق على مخالفة مقتضي النصوص القرآنية
أو الأحاديث النبوية، أو لأنها تخالف قواعد النظام العام والآداب (كالسياسة
الاستثمارية والتمويلية والإئتمانية التي يصدرها البنك المركزي) وهي غالباً ما
تهدف إلي تحقيق المصالح ودرء المفاسد.
والمرابحة
كالبيوع تحل بما تحل به البيوع، فحيث كان البيع حلال فهي حلال، وحيث كان البيع
حراماً فهي حرام.
ولهذا فإنه
يشترط لها ما يشترط في البيع بصفة عامة من كون المبيع مالاً – وهو ما فيه منفعة
مباحة شرعاً – ومن كونه مملوكاً للبائع أو مأذوناً له في بيعه، ومن كونه معلوماً
برؤية أو صفة تحصل بها معرفته، ومن كونه مقدوراً على تسليمه، ومن كون الثمن
معلوماً، هذا بالإضافة إلي الرضا وأهليه التعاقد.
ولسنا بصدد هذه الدراسة المفصلة لهذه الشروط العامة، وإنما المقصود أن
نتناول بشيء من التفصيل الشروط الخاصة بالمرابحة فهي الغرض الأصلي من الدراسة في
هذا المبحث.
الشروط
الخاصة بالمرابحة:
يمكن أن
نتناول شروط صحة المرابحة في البنود التالية:
الأول : أن
يكون رأس المال أو ما قامت به السلعة
معلوماً للمتعاقدين ذلك أن المرابحة بيع بالثمن الأول أو بما قامت به السلعة مع
زيادة ربح مسمي، وقد نص على معنى هذا الشرط عامة الفقهاء(23).
ويتحقق شرط
معلومية رأس المال السلعة بالآتي:
1-معرفة رأس
المال : وهو ثمن السلعة على البائع الأول بناء على العقد الأول بين البنك ومالك
السلعة وما تلا ذلك من مصروفات.
2-ثم معرفة
الثمن في البيع الجديد (بين البنك والآمر بالشراء).
3-أما
بالنسبة لأرباح البنك تأخذ على إجمالي التمويل وهو القيمة الكلية للسلعة بغض النظر
عما دفعه العميل من قسط، ويبرر أصحاب هذا الرأي(24) أن البنك يتعامل في
سلع أي أنه يقوم بالتمويل الكامل للسلعة
حتى تسليمها للعميل ويعتبرون أن الدفع المقدم هو قسط أول فضلاً عن كونه الأحوط
لتجنب كل شبه تؤدي إلي المحظور(25) وهذا الرأي يبدو راجحاً وأولي
بالقبول في نظرنا.
الثاني : أن يكون رأس المال من ذوات الأمثال(26)،
فإذا كان مما لا مثل له من العروض، فقد ذهب الأحناف إلي عدم جواز بيعه مرابحة ممن
ليس ذلك العرض في ملكه، لأن المرابحة بيع بمثل الثمن الأول. فإما أن يقع البيع على عين ذلك العرض وإما أن
يقع على قيمته، وعينه ليس في ملكه، وقيمته مجهولة تعرف بالحرز والظن لاختلاف أهل
التقويم فيها، أما المالكية(27)
فقد فرقوا بين العرض المعين والعرض المضمون؛ فاتفقوا في حالة العرض المعين
على جواز المرابحة إذا كان ذلك العرض عند
المشتري، وعلى المنع منها إذا لم يكن
عنده، وفي هذا يلتقي رأيهم مع رأي الأحناف
السابق، أما إذا كان رأس المال عرضاً مضموناً - كما لو اشتري ثوباً بحيوان مضمون-
فقد اختلفوا في جواز المرابحة حينئذ، فأجازها ابن القاسم ومنها أشهب على عبد موصوف
ليس عند المشتري لما فيه من السلم الحال.
ولكن ظاهر
كلام ابن القاسم في المدونة أن يجيز المرابحة إذا كان راس المال عرضاً أو طعاماً
ويكون على المشتري مثل ذلك بصفته بالإضافة إلي ما سميا من الربح.
جاء في
المدونة(28) (قلت : أرأيت من اشتري سلعة بعرض من العروض أيبيع تلك
السلعة مرابحة في قول (مالك؟)).
قال : قال
: مالك : لا يبيعها مرابحة إلا أن يبين.
قلت : فإن
بين أيجوز؟
قال نعم :
ويكون على المشتري مثل تلك السلعة في صفتها، ويكون عليه ما سميا من الربح.
أما
الشافعية فقد أجازوا المرابحة حتى ولو لم يكن راس المال مثليا. ولكن عليه أن يبين إن
اشتراه بعرض قيمته كذا(29) ولا يقتصر على ذكر القيمة، وأوجبوا أن يقول
في عبد هو أجره أو عوض خلع أو نكاح أو صالح به عن دم قام علىَّ بكذا أو يذكر أجرة
المثل في الإجارة، ومهرة في الخلع والنكاح والدية في الصلح، ولا يقول اشتريت ولا
رأس المال كذا لأنه كذب.
والذي يفهم
من كلام الحنابلة أنهم يجيزون المرابحة إذا كان رأس المال عرضاً متقوماً، فقد نصوا
على(30) أن من اشتري شيئين صفة واحدة وأراد أن يبيع أحدهما لم يجز حتى يبين الحال على وجهه.
وعللوا ذلك
بأن قسمة الثمن على المبيع طريقة الظن، واحتمال الخطأ فيه كبير، وبيع المرابحة
أمانة فلم يجز فيه هذا، وصار هكذا كالحرص بالظن لا يجوز أن يباع به ما يجب التماثل
فيه.
والذي
يتبين هو رجحان ما ذهب إليه الأحناف والحنابلة وذلك لأن مبنى المرابحة على الأمانة
واجتناب الريبة، فإذا تركنا للبائع أمر تقويم العرض لتحديد الثمن الأول فهذا يفتح
باباً إلى التفريط والخيانة أو الخطأ على أحسن الأحوال، وذلك يتنافي مع الفكرة
الأساسية في هذه البيوع وهي الصدق والأمانة.
الثالث : أن يكون العقد الأول خالياً من الربا. وهو شرط بديهي وينبغي أن يراعي في كل العقود
ولكن خص في بيع المرابحة لأنه من بيوع الأمانة وينبنى على العقد الأول الذي سبقه
وعلى وجه الخصوص على الثمن في البيع الذي سبق المرابحة مباشرة.
وقد يكون
الثمن الأول مقابلاً بجنسه من الأموال الربوية - كما في حال صرف النقود وبيع
المثليات الأخرى من المكيلات والموزونات- فإنه يشترط في هذه الحالة أن يكون مثلاً
بمثل سواء بسواء يداً بيد، ولكن بيع المرابحة كما عرفنا هو بيع مرتب على الثمن
الأول مع زيادة والزيادة مع اتحاد الجنس ربا ليس ربحاً ولذلك لا تجوز.
أما إذا
اختلفت الأجناس فقد قال صلى الله عليه وسلم : "فبيعوا كيف شئتم إذا كان يد
بيد" فتجوز المفاضلة حينئذ ويحرم النساء (التأجيل) ومثال ذلك:
لو اشتري
ديناراً ذهباً بعشرة دراهم فضة فباعه بربح درهم ولكن لا تجوز المرابحة لو اشتري
ديناراً بدينارين ذهب، فباعه بثلاثة دنانير ذهب، فالبيع غير جائز بنص الحديث حتى
ولو اختلف معيار الجودة (عيار 18 وعيار 24) لأن العبرة باتحاد الجنس لا باختلاف
الجودة.
وعموماً
فإن اشتري المكيل أو الموزون بجنسه مثلاً بمثل لم يجز له أن يبيعه مرابحة، لأن
المرابحة كما أسلفنا بيع بالثمن الأول وزيادة، والزيادة في أموال الربا تكون ربا
لا زيادة.
وأما عند
اختلاف الجنس فلا بأس بالمرابحة.
وقد نص
الكاساني(31) في البدائع هذا الشرط، ولا شك أن هذا الشرط معتبر عند
جميع الفقهاء لأن القول به ينبثق من القول بحرمة الربا، وهو متفق عليه عند الجميع.
الرابع :
بيان العيب. إذا حدث بالسلعة عيب في يد
البائع وأراد أن يبيعها مرابحة فإنه ينظر:
فإن كان
العيب قد حدث بفعله أو بفعل أجنبي لم يكن له أن يبيعها مرابحة حتى يبين بالإجماع(32).
جاء في
المدونة(33) قلت أرأيت إن إشتريت جارية فذهب ضرسها فأردت أن أبيعها
مرابحة؟
قال : لا
حتى تبين.
قلت : وكذلك إذا أصابها عيب بعد ما اشتري لم يبع حتى
يبين؟
قال : نعم
قال : وقال مالك "ولا يبيعها على غير مرابحة حتى يبين ما أصابها عنده".
إما إذا
حدث العيب بآفة سماوية فقد ذهب الأحناف(34) إلى جواز المرابحة حينئذ
بغير بيان.
ونجد أن
جمهور الفقهاء(35) ذهب إلي
ضرورة البيان وعدم جواز المرابحة إلا بذلك، وذلك لأن البيع من غير بيان لا يخلو من
شبهة الخيانة، لأن المشتري لو علم أن العيب قد حدث في يد البائع ربما لا يربحه
فيه، بل ربما كان لا يشتريه بالمرة، ولأنه لو باعه بعد حدوث البيع في يده فكأنه
احتبس عنده جزءاً منه فلا يملك بيع الباقي بغير بيان كما لو احتبس بفعله أو بفعل
أجنبي.
لذلك يشترط
في بيع المرابحة بيان العيب الذي حدث بالمبيع بعد شرائه كذلك كل ما هو في معنى
العيب، وهذا الشرط أوجب وألزم في بيع
المرابحة لأن المشتري قد ائتمن البائع في إخباره
عن الثمن الأول من غير بينة فيجب صيانة هذه الثقة عن الخيانة، ولأن السكوت
عن العيب الحادث سواء بآفة سماوية أو بفعل
البائع لا يخلو من :
1-من شبهة
الخيانة.
2-ولأن
البائع بكتمانه العيب كأنما احتبس جزءاً من المبيع مما يقابله الثمن ولا يجوز له
ذلك من غير بيان العيب.
3-ولأن
المشتري لو علم بحدوث العيب عنده لما أعطاه كل الثمن الأول وربما زائداً عليه.
والذي
يتبين لنا رجحان ما ذهب إليه الجُمهور، وهو ما ذهب عليه العمل في المصارف
الإسلامية بالسودان وبعض الدول الإسلامية، من ضرورة البيان وعدم جواز المرابحة إلا
بتلك تحزراً من الخيانة وشبهتها ما أمكن.
ولأنه لابد من البيان لأنه ما قد يغتفر من العيوب عند شخص قد لا يغتفر عند
آخر، وما يكون ثانوياً عند هذا قد يكون أساسياً عند ذلك. ومن هنا وجب الإخبار بالحال لأنه أبلغ في الصدق
وأقرب إلي الأمانة.
الخامس: أن يكون العقد الأول صحيحاً. لأن العقد الأول إذا كان باطلاً لا يفيد ملكاً
وبالتالي لا يتم بيع المرابحة على سلعة لم تتحقق ملكية البائع الأول لها – والعقد
الباطل هو ما كان مختلاً – والخلل فيه راجعاً إلي ركنه كما لو كان المحل غير قابل لحكم العقد، كما في بيع ما ليس بمال
أو بيع غير المقدور على تسليمه كالمثال المشهور عند الفقهاء: بيع الطير في الهواء والسمك في الماء.
جاء في
بدائع الصنائع(36) (فإن كان فاسداً لم يجز بيع المرابحة وذلك لأن
البيوع(37) الفاسدة إذا وقعت ولم تفت بإحداث عقد فيها أو نماء أو نقصان
أو حوالة سوق فقد اتفق الفقهاء على أن حكمها الرد، أي يرد البائع الثمن والمثمن.
السادس : بيان الأجل.
ويشترط في بيع المرابحة كذلك أن يبيع البائع الذي اشتري السلعة بثمن مؤجل
أن الثمن الأول الذي سماه يتصف بهذه الصفة، وذلك لأن الثمن المؤجل يكون غالباً
أعلي من الثمن الحالي وبهذا يكون المشتري على بينة من أمره. فيحتاط لنفسه بما يكون فيه الكفاية بعد أن
توفرت له المعلومات من تحديد دقيق لمواصفات السلعة وزناً أو عداً أو وكيلاً
تحديداً نافياً للجهالة يتمشى منع الأمانة المفروضة في هذا البيع.
ومما يجب
بيانه أن من اشتري نسيئة لم يبعه مرابحة حتى يبين، لأن الثمن قد يزاد لمكان الأجل،
فكان له شبهة أن يقابله شيء من الثمن فيصير كأنه اشتري شيئين ثم باع أحدهما مرابحة
على ثمن الكل، لأن الشبهة ملحقة بالحقيقة في هذا الباب فيجب التحرز عنها بالبيان
وهذا الشرط محل اتفاق بين العلماء(38) إلا أن الزركشي(39)
قد قيد الوجوب يكون الأجل خارجاً عن العادة.
والذي
يترجح لنا هو ما ذهب إليه الجمهور من القول بصحة البيع وعدم فساده، استقراراً
للمعاملات وتصحيحاً للعقود ما أمكن.
فالبيع صحيحاً لكن لابد للبائع الذي اشتري السلعة بثمن مؤجل أن الثمن الذي
سماه يتصف بهذه الصفة، وذلك لأن الثمن المؤجل يكون غالباً أعلي من الثمن الحالي،
وبهذا يكون المشتري على بينة من أمره.
المرابحة ( بحث فى القانون السودانى )
ضوابطه
الشريعة- صياغته المصرفية وانحرافاته التطبيقية
د
الواثق عطا المنان محمد أحمد
أستاذ القانون التجاري المساعد- كلية
الشريعة والقانون
جامعة أم درمان الإسلامية المنتدب
بالمعهد العالي للدراسات المصرفية والمالية
)طبعة تمهيدية)
ملخص البحث
المرابحة
صورة من صور البيع تباع فيها السلعة برأس مالها وزيادة ربح معلوم، وقد اتفق
المسلمون على جوازها في الجملة استناداً إلي عموم الأدلة التى تتيح البيع بصفة
عامة. وذكروا لها من الضوابط ما يكفل لها
أن تبقي في إطار الصدق والأمانة الذي يجب أن يتسم به هذا البيع، شأنه شأن التولية
والمواضفة وكذلك سميت هذه البيوع بيوع الأمانة.
وذلك لأن
للبيع تقسيمات عديدة منه بيع الصرف وبيع المقايضة وبيع السلم، والبيع المطلق وهو
نوعين بيع المساومة، وبيع الأمانة. الذي
ينقسم إلي ثلاثة أقسام: بيع المرابحة، وبيع التولية، وبيع الوضيعة.
وقد اتجه
العلماء في هذا العصر إلى محاولة الإفادة من هذا البيع في ترتيب الأعمال المصرفية،
بحيث تحل هذه الصورة المشروعة محل كثير من النظم الربوية المحرمة، وليكون في
البدائل الإسلامية ما يغنى عن هذه النظم الخبيثة، التى زحفت على الأمة في عينية
وعيها وضعف قيادتها، وسكرة ابنائها، وانحلال أمرها كله.
ومن هنا
مست الحاجة إلى تفصيل أحكام هذا البيع وضوابطه الشرعية وصياغته المصرفية.
وقد قسمت
الدراسة إلي المباحث التالية:
المبحث
الأول : تعريف المرابحة وصورها ومشروعيتها.
المبحث
الثاني : شروط المرابحة.
المبحث
الثالث : حكم الخيانة والغلط في المرابحة.
المبحث
الرابع: الضمانات الفقهية في بيع المرابحة.
المبحث
الخامس : الصياغة المصرفية لعقد المرابحة.
المبحث
السادس الانحرافات التطبيقية للمرابحة المصرفية.
·
نماذج لعقد المرابحة
المصرفية
·
الهوامش والمراجع
Abstract
Murabaha is an aspect of sale in which a commodity is sold at
its cost price with specification of gain.
Thus, it has been approved by the consensus of muslims on its valditiy
and legitimacy by virtue of legitimizing, in general, the sale acts. Murabaha,
however, has been approved under the following conditions and regulations:
1-
Its capital must be identified from a lawful
sources.
2-
The capital must be of the same kind of the
commodity.
3-
The first contract must be endorsed without
any form of usury.
4-
A statement (declaration) showing defect.
5-
The first contract must be right.
6-
Deferred statement.
The study has tackled
the verdict of irregularities and mistakes in the practice of Murabaha which
affects the validity of its contract.
Most importantly, the research has also considered the guarantees in the
contract of Murabaha which represents the key factor of trust in the banking
transactions of which risk is anticipated. Moreover, there is a consideration
to the banking discourse of the contract of Murabaha in order to get use of it
in the banking and foreign trade transactions via the bonds’ allocations.
The study has also tauched the deviations and malpractice in
the implemintation of the banking Murabaha, because the actual practice of
Murabaha has witnessed many irregularities in the arrangement of this contract.
To sum up,
the study has divided the topic into the following chapters:
Chapter One
: The definition of Murabaha its forms and legitimacy.
Chapter Two
: The conditions and regulations of
Murabaha.
Chapter
Three: The verdict of irregularity and fault in Murabaha.
Chapter
Four : High guarantees in the contract
of Murabaha.
Chapter
Five : The banking discourse of the ocntract of Murabaha.
Chapter Six
: The deviations in the implementation of the banking Murabha.
-
Patterns for the contract of the banking Murabaha.
-
Appendices and Bibliography.
المبحث
الأول
تعريف
المرابحة وصورها ومشروعيتها
المرابحة
لغة :
المرابحة
في اللغة مصدر من الربح وهو الزيادة(1)، وأيضاً المرابحة في اللغة مفاعلة من الربح :
وهو النما(2) في التجر يقال : نقد السلعة مرابحة على كل عشرة دراهم،
وكذلك اشتريته مرابحة، ولابد من تسمية الربح، والمفاعلة هنا(3) ليست
على بابها لأن الذي يربح إنما هو البائع فهذا من المفاعلة. أو أن مرابحة بمعنى إرباح لأن أحد المتابعين
أربح الآخر.
المرابحة اصطلاحاً:
أما
المرابحة في اصطلاح الفقهاء : فهي بيع بمثل الثمن الأول مع زيادة ربح معلوم.
فهذا هو
المعنى التى اتفقت عليه عبارات الفقهاء وإن اختلفت ألفاظهم في التعبير عنه.
ففي
الهداية(4) نقل ما ملكه بالعقد الأول بالثمن مع زيادة ربح. وفي بدائع الصنائع(5) بيع يمثل
الثمن الأول مع زيادة ربح وفي المغنى معنى المرابحة(6) هو البيع برأس
المال وربح معلوم وفي روضة الطالبين جاء معنى المرابحة "أنه عقد يبين الثمن
فيه على ثمن البيع الأول مع زيادة"(7).
وعرفها ابن
عرفة "بيع مرتب على ثمن مبيع تقدمه غير لازم مساواته له"(.
حكم
المرابحة:
كما نعلم
أن الأصل في العقود الإباحة، وهو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، إذ يري أن الأصل في
العقود الإباحة والجواز، فحرية التعاقد مكفولة للجميع ما لم تشتمل على محظور شرعي،
والوفاء بالعقود واجب لقوله تعالي : )يا أيها
الذين آمنوا أوفوا بالعقود((9).
والنص القرآني أوجب الوفاء بالعقود من غير
تعيين، وتصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان:
عبادات
وعادات يحتاجون إليها في دنياهم، والأصل في العادات عدم الحظر إلا ما حظره الله
ورسوله(10).
وإذا
كان ذلك فالناس يتبايعون ويتاجرون كيف
شاءوا ما لم تحرمه الشريعة الإسلامية وما لم تحد له في ذلك حداً ومن القواعد
الفقهية "الثابت بالعرف كالثابت بالنص".
وهذه
القاعدة كافية لفتح باب التعاقد وإطلاق حركة الإبداع العقلي في تقديم صيغ عقود
جديدة تواجه متطلبات الممارسات العملية، وهنا تقوم القواعد العرفية والعادات
الموحدة دوراً هاماً في تحديد الالتزامات التعاقدية قطعاً للنزاعات بين المتعاقدين
يقول تعالي: )خذ العفو وأمر بالعرف
وأعرض عن الجاهلين(((11).
والمرابحة صورة من صور البيع، والبيع جائز في الجملة
وكذلك المرابحة، وقد نقل عن ابن حزم القول بحرمتها وبطلان العقد بها.
وقد استدل
الجمهور على جوازها بما يلي:
عموم
الأدلة التي تقتضي بإباحة البيع مثل قوله تعالي : (وأحل الله البيع وحرم الربا)(12)
وقوله صلى الله عليه وسلم "أفضل الكسب عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور"(13).
الإجماع:
حيث أجمع وتعامل الناس بها في جميع الأعصار والأمصار بغير نكير، مثل ذلك حجة.
المعقول :
فالحاجة ماسة إلي هذا النوع من البيع، لأن الغبي الذي لا يهتدي في التجارة يحتاج
إلي أن يعتمد على فعل الزكي المهتدي، وتطيب نفسه بمثل ما اشتري وبزيادة ربح فوجب
القول بجوازها.
فالقول في
المرابحة هو القول في البيع لأنها لا تعدو
أن تكون صورة من صوره، فضلاً عن استجماعها لشرائط الجواز، وجريانها على
قواعد صحة البيع مع العلم بالثمن وغير ذلك.
وقد جاء في
مغني المحتاج(14) وصح بيع المرابحة من غير كراهة لعموم قوله تعالي : )وأحل الله
البيع( (البقرة : 275).
وفي بدائع
الصنائع(15) والأصل في هذه العقود عموماً البيع من غير فصل بين بيع
وبيع، وقال المولي عز وجل )وابتغوا من فضل الله( وقال عز وجل )ليس عليكم جناح أن تبتغوا
فضلاً من ربكم(، والمرابحة ابتغاء للفضل مع البيع نصاً.
وفي المدونة(16)
قلت لابن القاسم للعشرة أحد عشر وللعشرين اثنان وعشرون، وما سمي من هذا وللعشرة
خمسة عشر وللدرهم درهم، وأكثر من ذلك أو أقل جائز في قول مالك؟
قال : نعم
أما
الحنابلة فقد فرقوا في حكم المرابحة بين صورتين:
الأولي
: إذا كان الربح شيئاً معلوماً مفرداً عن
رأس المال كمال لو قال له: رأس مالي فيه مائة بعتكة بها وربح عشرة فهذه الصورة
جائزة عندهم بلا خلاف.
الثانية
: إذا كان الربح جزء من رأس المال – كما
لو قال له : على أن أربح في كل عشرة درهماً، أو قال ده بازدة – فقد ذهب كثير منهم إلى
كراهة هذه الصورة، ووجه الكراهة عندهم ما
روى عن ابن عمر وابن عباس وبعض السلف من القول بكراهة ذلك(17). لأن فيه نوعاً من الجهالة. وهذه الكراهة لا أثر لها في عقد البيع وصحته.
جاء في المغني(18).
"والمرابحة أن يبيعه بربح فيقول : (ورأس مالي فيه مائة بعتكة بها وربح عشرة)
فهذا جائز بلا خلاف في صحته.
ولم نعلم
أحد كرهه، وإن قال على أن أربح في كل عشرة درهماً أو قال ده بارزة أو ده داوازدة. (19)
فقد كرهه أحمد والكراهة بسبب أن فيها نوعاً من الجهالة، وهذه كراهة تنزيهية والبيع
صحيح كما أوضحنا في هذا البحث.
المرابحة
والبيع بالتقسيط:
تعتبر
طريقة دفع الثمن في عقد البيع من حقوق العقد التى يجري تنفيذها حسبما يتم اتفاق
الطرفين عليه ولا علاقة لطريقة دفع الثمن وتنفيذ أدائه بجوهر العملية التعاقدية في
بيع المرابحة التى تقوم على أركان وشروط محددة، ومن ثم فطريقة دفع الثمن في
المرابحة ليست ركناً ولا شرطاً لصحة البيع ولم يعتبرها أحد من الأئمة كذلك، إذ لا
يعتبر دفع الثمن شرطاً في انتقال ملكية المبيع التى تتم بمجرد العقد.
الزيادة في
الثمن مقابل الأجل:
من المسلم
به أننا بصدد عقد بيع سلعة تتوافر أركانه ومنها المبيع والمحل، وأن هذا المبيع يتم
مبادلته لقاء ثمن نقدي، فليست المسألة مبادلة ثمن نقدي بثمن نقدي من جنسه وإنما
بيع ثمن بثمن من غير جنسه (أي أن البديلين مختلفان) وهذا الثمن قد يدفع نقداً أو حالاً، وقد يدفع مؤجلاً أو مقسطاً حسبما يتم
الاتفاق عليه بين أطراف العقد وتقتضيه مصلحتهما وهنا قد يعرض بائع السلعة بثمنين
لنفس السلعة بالأقل في حالة النقد أو المعجل وبالزيادة في حالة الدفع الآجل أو
القسط، والمشتري لنفس السلعة بالخيار بين هذين الثمنين(20). حسبما
تمليه مصلحته وظروفه – (أي أن عملية البيع واحدة) فهي واحدة بين نفس الأطراف ونفس
المحل والمشتري بالخيار عند التعاقد.
وإذا كان
ذلك كذلك فلا بأس أن يكون إيجاب البائع على نحو ما ذكر، وأن يكون الخيار للمشتري
في قبوله، ومن ثم يعتبر ملتزماً بما ألزم نفسه به، ومن هنا فلا بأس أن يكون الثمن
المؤجل أزيد من الثمن المعجل فللأجل قسط من الثمن(21). بشرط هام، وهو ألا تتكرر الزيادة بتكرار الأجل
وإلا وقع المحظور الربوي.
صور
المرابحة:
لبيع
المرابحة عبارات(22) أكثرها دوراناً على الألسنة ثلاث:
الأولي :
أن يقول : بعت بما اشتريت أو بما بذلت من الثمن وربح كذا.
الثانية
: أن يقول : بعت بما قام علي، وربح كذا،
الثالثة :
أن يقول : بعتك برأس المال وربح كذا.
وقد اختلف
الفقه في حكم هذه العبارة الثالثة هل تلحق بالأولي أم الثانية؟
والذي
يتبين أن الأمر مرده إلى العرف، فإن كان العرف التجاري يقضى أن تعبير رأس المال لا
يقصد به إلا الدلالة على ثمن الشراء مجرداً من أي نفقات أو مصروفات ألحقت بالصورة
الأولي، أما إذا كان يقضى بأنه ثمن الشراء بالإضافة إلي سائر النفقات والمصروفات
التي يقصد بها الاسترباح ألحقت حينئذ بالصورة الثانية.
المبحث
الثاني
شروط
المرابحة
تمهيد:
لا يكفي في
عقد المرابحة أن يتم الاتفاق بين طرفيه (العميل والبنك) وإنما يجب فوق ذلك توافر
شروط معينة ليكون عقد المرابحة منتجاً لإثارة، ومسوغ هذا الوجوب أن العقود في
الفقه الإسلامي لا تخضع لإرادة الطرفين وحدها وإنما لابد من هيمنة الرقابة الشرعية
لأن بعض التصرفات محظورة لكونها من قبيل الاتفاق على مخالفة مقتضي النصوص القرآنية
أو الأحاديث النبوية، أو لأنها تخالف قواعد النظام العام والآداب (كالسياسة
الاستثمارية والتمويلية والإئتمانية التي يصدرها البنك المركزي) وهي غالباً ما
تهدف إلي تحقيق المصالح ودرء المفاسد.
والمرابحة
كالبيوع تحل بما تحل به البيوع، فحيث كان البيع حلال فهي حلال، وحيث كان البيع
حراماً فهي حرام.
ولهذا فإنه
يشترط لها ما يشترط في البيع بصفة عامة من كون المبيع مالاً – وهو ما فيه منفعة
مباحة شرعاً – ومن كونه مملوكاً للبائع أو مأذوناً له في بيعه، ومن كونه معلوماً
برؤية أو صفة تحصل بها معرفته، ومن كونه مقدوراً على تسليمه، ومن كون الثمن
معلوماً، هذا بالإضافة إلي الرضا وأهليه التعاقد.
ولسنا بصدد هذه الدراسة المفصلة لهذه الشروط العامة، وإنما المقصود أن
نتناول بشيء من التفصيل الشروط الخاصة بالمرابحة فهي الغرض الأصلي من الدراسة في
هذا المبحث.
الشروط
الخاصة بالمرابحة:
يمكن أن
نتناول شروط صحة المرابحة في البنود التالية:
الأول : أن
يكون رأس المال أو ما قامت به السلعة
معلوماً للمتعاقدين ذلك أن المرابحة بيع بالثمن الأول أو بما قامت به السلعة مع
زيادة ربح مسمي، وقد نص على معنى هذا الشرط عامة الفقهاء(23).
ويتحقق شرط
معلومية رأس المال السلعة بالآتي:
1-معرفة رأس
المال : وهو ثمن السلعة على البائع الأول بناء على العقد الأول بين البنك ومالك
السلعة وما تلا ذلك من مصروفات.
2-ثم معرفة
الثمن في البيع الجديد (بين البنك والآمر بالشراء).
3-أما
بالنسبة لأرباح البنك تأخذ على إجمالي التمويل وهو القيمة الكلية للسلعة بغض النظر
عما دفعه العميل من قسط، ويبرر أصحاب هذا الرأي(24) أن البنك يتعامل في
سلع أي أنه يقوم بالتمويل الكامل للسلعة
حتى تسليمها للعميل ويعتبرون أن الدفع المقدم هو قسط أول فضلاً عن كونه الأحوط
لتجنب كل شبه تؤدي إلي المحظور(25) وهذا الرأي يبدو راجحاً وأولي
بالقبول في نظرنا.
الثاني : أن يكون رأس المال من ذوات الأمثال(26)،
فإذا كان مما لا مثل له من العروض، فقد ذهب الأحناف إلي عدم جواز بيعه مرابحة ممن
ليس ذلك العرض في ملكه، لأن المرابحة بيع بمثل الثمن الأول. فإما أن يقع البيع على عين ذلك العرض وإما أن
يقع على قيمته، وعينه ليس في ملكه، وقيمته مجهولة تعرف بالحرز والظن لاختلاف أهل
التقويم فيها، أما المالكية(27)
فقد فرقوا بين العرض المعين والعرض المضمون؛ فاتفقوا في حالة العرض المعين
على جواز المرابحة إذا كان ذلك العرض عند
المشتري، وعلى المنع منها إذا لم يكن
عنده، وفي هذا يلتقي رأيهم مع رأي الأحناف
السابق، أما إذا كان رأس المال عرضاً مضموناً - كما لو اشتري ثوباً بحيوان مضمون-
فقد اختلفوا في جواز المرابحة حينئذ، فأجازها ابن القاسم ومنها أشهب على عبد موصوف
ليس عند المشتري لما فيه من السلم الحال.
ولكن ظاهر
كلام ابن القاسم في المدونة أن يجيز المرابحة إذا كان راس المال عرضاً أو طعاماً
ويكون على المشتري مثل ذلك بصفته بالإضافة إلي ما سميا من الربح.
جاء في
المدونة(28) (قلت : أرأيت من اشتري سلعة بعرض من العروض أيبيع تلك
السلعة مرابحة في قول (مالك؟)).
قال : قال
: مالك : لا يبيعها مرابحة إلا أن يبين.
قلت : فإن
بين أيجوز؟
قال نعم :
ويكون على المشتري مثل تلك السلعة في صفتها، ويكون عليه ما سميا من الربح.
أما
الشافعية فقد أجازوا المرابحة حتى ولو لم يكن راس المال مثليا. ولكن عليه أن يبين إن
اشتراه بعرض قيمته كذا(29) ولا يقتصر على ذكر القيمة، وأوجبوا أن يقول
في عبد هو أجره أو عوض خلع أو نكاح أو صالح به عن دم قام علىَّ بكذا أو يذكر أجرة
المثل في الإجارة، ومهرة في الخلع والنكاح والدية في الصلح، ولا يقول اشتريت ولا
رأس المال كذا لأنه كذب.
والذي يفهم
من كلام الحنابلة أنهم يجيزون المرابحة إذا كان رأس المال عرضاً متقوماً، فقد نصوا
على(30) أن من اشتري شيئين صفة واحدة وأراد أن يبيع أحدهما لم يجز حتى يبين الحال على وجهه.
وعللوا ذلك
بأن قسمة الثمن على المبيع طريقة الظن، واحتمال الخطأ فيه كبير، وبيع المرابحة
أمانة فلم يجز فيه هذا، وصار هكذا كالحرص بالظن لا يجوز أن يباع به ما يجب التماثل
فيه.
والذي
يتبين هو رجحان ما ذهب إليه الأحناف والحنابلة وذلك لأن مبنى المرابحة على الأمانة
واجتناب الريبة، فإذا تركنا للبائع أمر تقويم العرض لتحديد الثمن الأول فهذا يفتح
باباً إلى التفريط والخيانة أو الخطأ على أحسن الأحوال، وذلك يتنافي مع الفكرة
الأساسية في هذه البيوع وهي الصدق والأمانة.
الثالث : أن يكون العقد الأول خالياً من الربا. وهو شرط بديهي وينبغي أن يراعي في كل العقود
ولكن خص في بيع المرابحة لأنه من بيوع الأمانة وينبنى على العقد الأول الذي سبقه
وعلى وجه الخصوص على الثمن في البيع الذي سبق المرابحة مباشرة.
وقد يكون
الثمن الأول مقابلاً بجنسه من الأموال الربوية - كما في حال صرف النقود وبيع
المثليات الأخرى من المكيلات والموزونات- فإنه يشترط في هذه الحالة أن يكون مثلاً
بمثل سواء بسواء يداً بيد، ولكن بيع المرابحة كما عرفنا هو بيع مرتب على الثمن
الأول مع زيادة والزيادة مع اتحاد الجنس ربا ليس ربحاً ولذلك لا تجوز.
أما إذا
اختلفت الأجناس فقد قال صلى الله عليه وسلم : "فبيعوا كيف شئتم إذا كان يد
بيد" فتجوز المفاضلة حينئذ ويحرم النساء (التأجيل) ومثال ذلك:
لو اشتري
ديناراً ذهباً بعشرة دراهم فضة فباعه بربح درهم ولكن لا تجوز المرابحة لو اشتري
ديناراً بدينارين ذهب، فباعه بثلاثة دنانير ذهب، فالبيع غير جائز بنص الحديث حتى
ولو اختلف معيار الجودة (عيار 18 وعيار 24) لأن العبرة باتحاد الجنس لا باختلاف
الجودة.
وعموماً
فإن اشتري المكيل أو الموزون بجنسه مثلاً بمثل لم يجز له أن يبيعه مرابحة، لأن
المرابحة كما أسلفنا بيع بالثمن الأول وزيادة، والزيادة في أموال الربا تكون ربا
لا زيادة.
وأما عند
اختلاف الجنس فلا بأس بالمرابحة.
وقد نص
الكاساني(31) في البدائع هذا الشرط، ولا شك أن هذا الشرط معتبر عند
جميع الفقهاء لأن القول به ينبثق من القول بحرمة الربا، وهو متفق عليه عند الجميع.
الرابع :
بيان العيب. إذا حدث بالسلعة عيب في يد
البائع وأراد أن يبيعها مرابحة فإنه ينظر:
فإن كان
العيب قد حدث بفعله أو بفعل أجنبي لم يكن له أن يبيعها مرابحة حتى يبين بالإجماع(32).
جاء في
المدونة(33) قلت أرأيت إن إشتريت جارية فذهب ضرسها فأردت أن أبيعها
مرابحة؟
قال : لا
حتى تبين.
قلت : وكذلك إذا أصابها عيب بعد ما اشتري لم يبع حتى
يبين؟
قال : نعم
قال : وقال مالك "ولا يبيعها على غير مرابحة حتى يبين ما أصابها عنده".
إما إذا
حدث العيب بآفة سماوية فقد ذهب الأحناف(34) إلى جواز المرابحة حينئذ
بغير بيان.
ونجد أن
جمهور الفقهاء(35) ذهب إلي
ضرورة البيان وعدم جواز المرابحة إلا بذلك، وذلك لأن البيع من غير بيان لا يخلو من
شبهة الخيانة، لأن المشتري لو علم أن العيب قد حدث في يد البائع ربما لا يربحه
فيه، بل ربما كان لا يشتريه بالمرة، ولأنه لو باعه بعد حدوث البيع في يده فكأنه
احتبس عنده جزءاً منه فلا يملك بيع الباقي بغير بيان كما لو احتبس بفعله أو بفعل
أجنبي.
لذلك يشترط
في بيع المرابحة بيان العيب الذي حدث بالمبيع بعد شرائه كذلك كل ما هو في معنى
العيب، وهذا الشرط أوجب وألزم في بيع
المرابحة لأن المشتري قد ائتمن البائع في إخباره
عن الثمن الأول من غير بينة فيجب صيانة هذه الثقة عن الخيانة، ولأن السكوت
عن العيب الحادث سواء بآفة سماوية أو بفعل
البائع لا يخلو من :
1-من شبهة
الخيانة.
2-ولأن
البائع بكتمانه العيب كأنما احتبس جزءاً من المبيع مما يقابله الثمن ولا يجوز له
ذلك من غير بيان العيب.
3-ولأن
المشتري لو علم بحدوث العيب عنده لما أعطاه كل الثمن الأول وربما زائداً عليه.
والذي
يتبين لنا رجحان ما ذهب إليه الجُمهور، وهو ما ذهب عليه العمل في المصارف
الإسلامية بالسودان وبعض الدول الإسلامية، من ضرورة البيان وعدم جواز المرابحة إلا
بتلك تحزراً من الخيانة وشبهتها ما أمكن.
ولأنه لابد من البيان لأنه ما قد يغتفر من العيوب عند شخص قد لا يغتفر عند
آخر، وما يكون ثانوياً عند هذا قد يكون أساسياً عند ذلك. ومن هنا وجب الإخبار بالحال لأنه أبلغ في الصدق
وأقرب إلي الأمانة.
الخامس: أن يكون العقد الأول صحيحاً. لأن العقد الأول إذا كان باطلاً لا يفيد ملكاً
وبالتالي لا يتم بيع المرابحة على سلعة لم تتحقق ملكية البائع الأول لها – والعقد
الباطل هو ما كان مختلاً – والخلل فيه راجعاً إلي ركنه كما لو كان المحل غير قابل لحكم العقد، كما في بيع ما ليس بمال
أو بيع غير المقدور على تسليمه كالمثال المشهور عند الفقهاء: بيع الطير في الهواء والسمك في الماء.
جاء في
بدائع الصنائع(36) (فإن كان فاسداً لم يجز بيع المرابحة وذلك لأن
البيوع(37) الفاسدة إذا وقعت ولم تفت بإحداث عقد فيها أو نماء أو نقصان
أو حوالة سوق فقد اتفق الفقهاء على أن حكمها الرد، أي يرد البائع الثمن والمثمن.
السادس : بيان الأجل.
ويشترط في بيع المرابحة كذلك أن يبيع البائع الذي اشتري السلعة بثمن مؤجل
أن الثمن الأول الذي سماه يتصف بهذه الصفة، وذلك لأن الثمن المؤجل يكون غالباً
أعلي من الثمن الحالي وبهذا يكون المشتري على بينة من أمره. فيحتاط لنفسه بما يكون فيه الكفاية بعد أن
توفرت له المعلومات من تحديد دقيق لمواصفات السلعة وزناً أو عداً أو وكيلاً
تحديداً نافياً للجهالة يتمشى منع الأمانة المفروضة في هذا البيع.
ومما يجب
بيانه أن من اشتري نسيئة لم يبعه مرابحة حتى يبين، لأن الثمن قد يزاد لمكان الأجل،
فكان له شبهة أن يقابله شيء من الثمن فيصير كأنه اشتري شيئين ثم باع أحدهما مرابحة
على ثمن الكل، لأن الشبهة ملحقة بالحقيقة في هذا الباب فيجب التحرز عنها بالبيان
وهذا الشرط محل اتفاق بين العلماء(38) إلا أن الزركشي(39)
قد قيد الوجوب يكون الأجل خارجاً عن العادة.
والذي
يترجح لنا هو ما ذهب إليه الجمهور من القول بصحة البيع وعدم فساده، استقراراً
للمعاملات وتصحيحاً للعقود ما أمكن.
فالبيع صحيحاً لكن لابد للبائع الذي اشتري السلعة بثمن مؤجل أن الثمن الذي
سماه يتصف بهذه الصفة، وذلك لأن الثمن المؤجل يكون غالباً أعلي من الثمن الحالي،
وبهذا يكون المشتري على بينة من أمره.
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب