نحو إستراتيجية وطنية لمواجهة الفساد وتعميم ثقافة
النزاهة
توجت الجهود المبذولة من قبل هيئة النزاهة و
المعهد العراقي خلال الأشهر الماضية إلى إخراج مؤتمر النزاهة العلمي الأول الذي
انعقد في فندق المنصور ميليا للأيام 5-6 تموز2008, وهو المؤتمر المتخصص الأول في مكافحة
الفساد الإداري والمالي في العراق.
اجتمع تحت مظلة هيئة النزاهة والمعهد العراقي
خيرت علماء العراق لأجل مكافحة الفساد المستشري فيه وإنقاذ ما يمكن إنقاذه طالما
كان مرض الفساد في دورته الأولى ولم يصل إلى درجة اليأس للخلاص منه بالرغم ما قيل
أو يقال عن حجم الفساد في العراق, فنحو إستراتيجية وطنية لمواجهة الفساد وتعميم
ثقافة النزاهة أقيم هذا المؤتمر, لغرض وضع اليد على الجرح وعلاجه بأحدث الطرق
واقلها كلفة وفي اقصر وقت.
حضر المؤتمر عدد من الشخصيات السياسية ممثلة
بوفد من البرلمان العراقي, ديوان الرقابة المالية, مجلس شورى الدولة, وكلاء
الوزارات, القضاة, عمداء الكليات وأساتذتها, منظمات المجتمع المدني و وفد من
السفارة الأمريكية في العراق, ويجب أن لا ننسى الحضور الإعلامي الكثيف الذي عمل
على تغطية أعمال المؤتمر خلال مدة انعقاده.
تركزت دراسة الفساد الإداري والمالي في هذا
المؤتمر على أربعة محاور وهي:
اختير اثنا عشر بحثا من قبل الخبراء في
المجالات التي تناولها المؤتمر في محاوره الأربعة لتكون نواة البحث في مكافحة
الفساد في العراق, مقسمة بمعدل ثلاث بحوث للمحور الواحد, حيث نوقشت مناقشة مستفيضة
خلال المؤتمر.
أولا: المحور القانوني.
نقاش المحور القانوني العقبات السائدة في مجال
مكافحة الفساد في القوانين العراقية, التي هي قوانين موروثة عن النظام السابق الذي
طوع النظام القانوني لخدمة مصالحة وتدعيم حكمه, الأمر الذي أدى إلى مسخ قوة
القانون في محاربة الفساد.
قدم كل من د. ميري كاظم, د. هادي حسين
و د. عبد الرسول عبد الرضا من كلية القانون / جامعة بابل, دراستهم بعنوان (استجابة
القوانين العراقية لمتطلبات الأمم المتحدة لمكافحة الفساد) ركزت هذه الدراسة
على ((الفساد الإداري والمالي كظاهرة عالمية سريعة الانتشار
والتوزيع عبر الحدود الدولية ذات آثار سلبية رئيسية تتركز في جميع أجهزة
الدولة وآثار سلبية أفقية تتوزع بين
مجموعة من الدول التي أدركت خطورة هذه الظاهرة فبذلت المزيد من الجهود الإقليمية
والعالمية والتي تحول بعضها إلى صيغة مواثيق دولية. كما أن أبرزها اتفاقية البلدان
الأمريكية لمكافحة الفساد التي اعتمدتها منظمة الدول الأمريكية في 29 آذار 1996
واتفاقية مكافحة الفساد بين موظفي الجماعات الأوربية التي اعتمدها مجلس الاتحاد
الأوربي في 26 أيار 1997 واتفاقية مكافحة رشوة الموظفين العموميين الأجانب في
المعاملات التجارية الدولية التي اعتمدتها منظمة التعاون والتنمية في الميدان
الاقتصادي في 21 تشرين الثاني 1997
واتفاقية الاتحاد الأفريقي لمنع الفساد ومحاربته التي اعتمدها رؤساء دول وحكومات
الاتحاد الأفريقي في 21تموز 2003.
جميع هذه الاتفاقيات اتصفت بالصفة الإقليمية, فكانت
حلولها محدودة التأثير فشعر المجتمع الدولي بضرورة وضع الحلول مؤثرة عالميا فكانت
اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003 وهي عبارة عن وثيقة سجلت بعضا من
تلك الحلول. لتحمل الدول على الأخذ بها عبر تشريعاتها الوطنية الداخلية، ومن خلال
هذا البحث سنحاول متابعة موقف التشريع العراقي من بين تلك التشريعات عبر عدة
قوانين للوقوف على مدى تدخل المشرع العراقي في تنظيم الحلول العالمية التي جاءت
بها الاتفاقية أعلاه في قوانينه الداخلية و هل نجح في إدراك هذه الهدف؟ وما هي
أفضل الوسائل والمعايير الدولية المتضمنة في الاتفاقية لاستيعابها لتطوير القوانين
الداخلية العراقية لمواجهة ظاهرة الفساد الممتدة إقليميا وعالميا إلى العراق والممتدة عراقيا إلى العالم؟)).
وتقدم القاضي رائد احمد بدراسة تحت عنوان (دور المحقق في التحقيق الابتدائي) الذي جاء فيه ((بغية بحث أي مفصل من
مفاصل العملية القضائية لا غنى للباحث ابتدءا من تحديد الإطار القانوني لهذا
المفصل وذلك بتحديد النظام القانوني الذي يحكمه ويضع الأطر العامة لهذا النظام
وحيث أن موضوع البحث هو عمل المحقق فكان لابد من تحديد كون أن القانون الذي يبين
عمل المحقق هو قانون أصول المحاكمات الجزائية لذا فقد خصصنا مقدمة البحث للكلام عن
قيمة هذا القانون وماهية الدور الذي يضطلع به في تنظيم عمل المحاكم الجزائية وبيان
الأحكام الخاصة بالدعوى الجزائية بشكل عام ولكي يكون البحث ذا فائدة علمية فقد
اقتصرن على أكثر الإجراءات القانونية أهمية وهي الانتقال والمعاينة والتفتيش وندب
الخبراء والاستجواب و إذا كان للبحث من غاية ينشدها الباحث فهي شرح أحكام القانون
الخاصة بهذا المجال بغية التخفيف من كاهل المحاكم التي باتت وخاصة في الآونة الأخيرة
تنوء تحت أكداس من الدعاوى قد تفقد تركيز قاضي التحقيق عن طريق حصر كافة الإجراءات
التحقيقية بقرار قاضي التحقيق والتقليل من دور المحقق في وقت فتح القانون مجالا
واسعا أمام المحقق ليلعب دورا مهما في سير الإجراءات التحقيقية وتحقق غايتين على
درجة كبيرة من الأهمية هما حصر عمل قاضي التحقيق بالإجراءات التي لا يبت بها غيره
مما يعني سرعة حسم الدعاوى في وقت قياسي ومن جانب آخر أن تكون الإجراءات التحقيقية
بالسرعة التي تتطلبها الحفاظ على الأدلة والتخفيف على كاهل المواطن ومن ذلك على
سبيل المثال إذا ما أراد المشتكي تدوين أقواله فان سياق العمل المتبع في الوقت
الحاضر أن يقدم المشتكي طلبا إلى قاضي التحقيق يطلب فيه تدوين أقواله ثم تقدم الأوراق
إلى قاضي التحقيق للبت بالطلب ثم تدون الأقوال من قبل المحقق وتقدم ليقرر القاضي إحضار
المشتكي ومن ثم يحضر المشتكي أمام القاضي لتدوين أقواله وقد تستغرق هذه الإجراءات
فترة طويلة بينما بمراجعة النص القانوني نجد أن القانون قد حدد جهة واحدة لتدوين الأقوال
هي أما المحقق أو القاضي التحقيق وبالتالي
فان تدوين أقوال المشتكي لن يتجاوز تبعا للنص إلا فترة محدودة أمام المحقق أو أمام
قاضي التحقيق إذا كانت الشهادة مهمة في الجنايات كما تم التعرض وبشكل موجز لبعض الإجراءات
القانونية في الفقه القانوني ومقارنة هذه الآراء الفقهية بما ذهب إليه النص
القانوني عندنا كما حاولنا جاهدين إضافة بعض المعلومات أو النصائح التي أفرزتها
خبرة البعض من الكتاب في مجال التحقيق الجنائي علها تكون ذا نفع للمحققين عند
القيام بالإجراءات التحقيقية كالمعاينة والاستجواب والتفتيش وخلاصة القول أن
المحقق قد منح صلاحيات و انيطت به مهام لازالت حبيسة النصوص القانونية يتطلب
الواقع أن تنقل إلى مجال التطبيق العملي)).
ثانيا:
المحور الاقتصادي.
قدمت د. سحر قدوري من مركز المستنصرية للدراسات العربية
والدولية دراسة تحت عنوان (مؤسسات المجتمع المدني وإمكانياتها في الحد من الفساد
الإداري) جاء فيها (( إن ظاهرة الفساد الإداري ليست بظاهرة حديثة إلا أنها ما
زالت تستأثر باهتمام كبير للمجتمعات النامية واهتمام اكبر من قبل المجتمعات
المتقدمة وذلك لما لهذه الظاهرة من آثار وانعكاسات خطيرة بالنسبة لمستقبل الدولة
في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولما تجلبه من خسائر لا يمكن تقديرها
بثمن, بل وأكثر من ذلك فانه رغم شعور القائمين بإدارة المنظمات بغض النظر عن نوع
الملكية بمحاذير وإخطار استمرار هذه الظاهرة وميلها للتعاظم والتفاقم, فان الجهود
التي تبذل للحد منها أو تحديدها ما زالت ضحلة ومتواضعة للغاية)), استرسلت الباحثة
في دراستها بالقول (( تعتبر مؤسسات المجتمع المدني من أهم الجهات المعنية بمراقبة
ومتابعة وتشخيص وتسجيل أية خروقات لسير العمليات الإدارية في جميع مؤسسات الدولة
بحكم دورها الرقابي والتشخيصي ولأنها تستطيع من خلال هذا الدور أن تمنع وتحد من
حالات الانحراف عن الأهداف المرسومة وتجعل عملية التقويم والمكافحة لهذه الآفة
تجري بأسلوب منطقي بعيداً عن التشهير والهدر والضياع. ومنه نستخلص كذلك إن تحقيق
الأهداف المرجوة للحد من الفساد الإداري يأتي من خلال اعتماد مؤسسات المجتمع
المدني لاستراتيجيات مدروسة لإشاعة روح المواطنة والمحاسبة وإلزام المؤسسات بضرورة
إعادة هيكلة إداراتها واستحداث آليات الكشف عن حالات الفساد الإداري واعتماد
التكنولوجيا المتطورة التي يمكن أن تساهم في التخلص من الكثير من حالات الفساد
الإداري)).
قدم ا.د يحيى
النجار دراسة بعنوان (الآثار الاقتصادية للفساد الاقتصادي) حيث جاء فيها
((مهما تعددت مكونات الفساد وأسبابه فان
نتائجه تصب في وعاء واحد إلا وهو الهدر الاقتصادي للموارد المادية والمالية
للمجتمع. وان لهذا الهدر آثار مباشرة وغير مباشرة. فالآثار المباشرة تتمثل بالهدر
والغير مباشرة تتمثل بالخسائر الاقتصادية المحتملة التي كان من الممكن الحصول
عليها عن طريق استغلال المبالغ التي تم هدرها. فالمبالغ المهدرة بسبب الفساد لو تم استثمارها فستؤدي
إلى إنفاقات استهلاكية متتابعة
تؤدي بدورها إلى خلق دخول متراكمة تصل إلى
ما يزيد عن 4 مرات من حجم المبالغ المستثمرة
وذلك بتأثير المضاعف , وتؤدي إلى خلق دخول أكثر وزيادة في الناتج إذا ما
أخذنا بنظر الاعتبار تحفيز الإنفاق
الاستهلاكي للطلب الاستثماري لمواجهة الطلب الاستهلاكي, وبالتالي يتزايد
الاستثمار مما يخلق المزيد من الدخول والناتج ويرفع من معدلات النمو الاقتصادي, حيث إن معدلات النمو الاقتصادي تعتبر انعكاسا" لمقدار الإنتاج المتدفق (التدفقات العينية ) من القطاعات
الاقتصادية التي تأخذ بدورها مسارا" تصاعديا" إذا ما توفرت لها الموارد
المالية الكافية لاستغلال الموارد
المادية استغلالا" من شأنه أن يزيد تلك التدفقات, إلا أن مبالغ التهرب الضريبي
(مثلا") بقيت خارج السلطة المالية وخارج الخطة الاقتصادية وبالتالي لم يتسنى الحصول على تلك التراكمات الداخلية, بل يمكن القول إن تلك
التراكمات الداخلية المحتملة هي بمثابة خسارة لحقت بالدخل القومي, إذ أن
هروب مبلغ 184 مليون دينار (مثلا") من الإنفاق القومي تؤدي إلى خسارة في الدخل القومي تفوق ذلك المبلغ لتصل
إلى حوالي 802.293 مليون دولار,
وان جزءا" من هذا المبلغ والمقدر بحوالي 2.293
مليون دولار هو وفرة نقدية حصلت نتيجة للاستثمارات المولدة, وهذه الوفرة السنوية
في حالة تخطيطها ستصب في دفع عجلة التنمية الاقتصادية, لذا يمكن توقع حصول تلكؤ
وتباطؤ في التنمية الاقتصادية نتيجة الفساد الاقتصادي سواء بشكل تهريب أو تهرب
ضريبي أو تهرب جمركي أو غش تجاري وصناعي أو تبييض أموال أو أي شكل آخر من أشكال
الفساد)).
ثالثا:
المحور الإداري.
تقدم جواد كاظم شحاثة المدرس المساعد في المعهد
التقني – الكوفة بدراسة (تقويم الأداء مدخل فاعل في منظومة النزاهة ومكافحة
الفساد الإداري والمالي في العراق) والتي ركزت على(( جاء إعلان دولة رئيس وزراء العراق باعتبار عام 2008
عاما لانطلاق الحرب الواسعة على ظاهرة الفساد، وهذا ينعش الأمل في وضع الحد
لانتشار هذه الظاهرة المرضية التي بدأت منذ منتصف الثمانينات لأسباب عدة يأتي في
مقدمتها، تداعيات الحرب العراقية الإيرانية عام 1980 وانعكاساتها في الداخل
العراقي اقتصاديا واجتماعيا، وازدادت هذه الظاهرة بعد احتلال العراق للكويت وما رافقها
من سرقات حكومية منظمة، وما نتج عن الغزو العراقي من عقوبات اقتصادية فرضها مجلس الأمن
الدولي على العراق والتي عرفت بالحصار، وهذا ما دفع النظام الحاكم للبحث والعمل للاتفاق
على قوانين واليات الحصار الاقتصادي من خلال دفع الرشاوى الكبيرة وغيرها من أشكال إفساد
القائمين والمتعاونين على الحصار خارجيا وإقليميا ودوليا، وانعكاس هذا الإفساد في
الداخل العراقي من خلال القائمين عليه بالإضافة إلى الآثار الكبيرة التي تركها الحصار
على الشعب العراقي وخصوصا الطبقة المتوسطة وعدم قدرتهم على تلبية متطلباتهم
الحياتية مما دفع الكثير منهم إلى البحث عن وسائل أخرى غالبا هي فاسدة.
وبعد سقوط النظام الحاكم في 9 / نيسان / 2003
وانهيار كيان الدولة العراقية، ساعدت قوات الاحتلال ممثلة بحاكمها بول بريم، الذي أكدت
التقارير الدولية وهيئة النزاهة العامة على حجم الفساد المالي والإداري الكبير
الذي رافقها، على تصاعد مستويات الفساد في العراق، وقد فشلت الحكومات المتعاقبة في
كبح جماح هذا الفساد المنتشر، بل وشاركت فيه أحيانا .
إن الفرضية تقوم على أن الفساد الإداري والمالي
منتشر بشكل واسع ومرضي في العراق، ولا توجد رؤية متكاملة وإرادة فاعلة لمواجهته.
هدف الدراسة تقديم رؤية أفضل لمكافحة الفساد، وتصور بناء منظومة للنزاهة في العراق
تركز على عملية تقويم الأداء المستمرة.
فمفهوم الفساد وأنواعه منتشر في العراق، وقد عرف
البحث الفساد بأنه (( سلوك منحرف للإنسان مستغلا
السلطة أو الصلاحيات أو القدرات التي لديه منفردا أو مع آخرين ( عصابة )
لتحقيق مصالح خاصة، به أو بهم أو لآخرين، مادية، أو معنوية، خروجا عن القواعد
والمعايير، القانونية والإدارية والأخلاقية، المتفق عليها وطنيا أو عالميا)).
ويقول الباحث, ينتشر في العراق كل أنواع الفساد
سواء كان إداريا أو ماليا أو سياسيا أو اجتماعيا، عرضيا أو منتظما أو شاملا,
وتواجه عملية النزاهة ومكافحة الفساد في العراق عدة مشاكل وتحديات، منها :
أولا. ضعف الإرادة السياسية العامة في
مواجهتها الفساد لأسباب عدة أهمها التعصب الحزبي .
ثانيا. على الرغم من وجود الإرادة الشعبية
لمكافحة الفساد ، فان هناك تقبل شعبي واجتماعي للفاسدين .
ثالثا. على الرغم من وجود الإرادة الدستورية
والقانونية لمكافحة الفساد، فان الخلل القانوني واضحا في مواجهة الفساد مثل المادة
136 ب .
رابعا. ارتباك الرؤية العراقية سواء حول
مفهوم الفساد أو المؤسسات التي تواجهه ووسائل تنظيمها في مكافحته.
خامسا. ضعف الآليات المتبعة في مكافحة
الفساد، وضرورة البحث عن آليات فاعلة.
ووضع
الباحث رؤية مقترحة لمنظومة النزاهة ومكافحة الفساد، تتضمن عدة مداخل منها:
1- المدخل السياسي والإرادة العامة، ويتم ذلك بتبني
موقف سياسي عام تدعمه إرادة شعبية في تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد وعزل أي قوة أو
أحزاب سياسي يحقق عمل المفسدين ويلبسه ثوبا سياسيا أو بأنه يؤثر على المصالحة
الوطنية، والتعامل مع هذه القوى السياسية إعلاميا لفضحها .
2- المدخل الدستوري
والقانوني، إذ يجب أن تصدر القوانين الضرورية لتسهل عمل مؤسسات النزاهة ومكافحة
الفساد وإزالة المعوقات مثل المادة 136 ب من قانون العقوبات، ويجب أن تتسم قوانين
مكافحة الفساد بالصرامة والشدة، وعدم شمول المحكومين في قضايا الفساد بالعفو، بعد
ضمان محاكمة عادلة وحق الدفاع والاستئناف.
3- المدخل التثقيفي
والتعليمي، وتظهر أهميته في التعريف بخطورة الفساد وإضراره على الدولة والمجتمع،
وضرورة توظيف الإعلام في نشر ثقافة النزاهة، كذلك توظيف موقف المؤسسة الدينية التي
تستنكر الفساد وتحرمه، وان إقرار هيئة النزاهة العامة بالفشل في هذا المدخل يعتبر
بداية صحيحة لوضع برامج فعالة في هذا المجال.
4- مدخل المؤسسات الفاعلة،
وتعني مؤسسات هيئة النزاهة العامة ومكاتب المفتش العام في الوزارات، وديوان الرقابة
المالية، وقد نجحت هذه المؤسسات في بعض نشاطها وفشلت في الأغلب لأسباب عدة ذاتية
تتعلق بكفاءة ونزاهة العاملين في بعض هذه المؤسسات وافتقادها أحيانا لآليات واضحة
فاعلة، وأسباب موضوعية تتعلق بضخامة حجم الفساد في العراق، والضعف القانوني أحيانا
أخرى، فضلا عن الضغوط السياسية والحكومية ويقترح الباحث جمع هذه المؤسسات في هيكل
واحد بعنوان ( المجلس الأعلى للنزاهة ومكافحة الفساد ) مثلا، ويكون لهذا المجلس
اعتبار معنوي وقانوني مكافئ لمجلس القضاء الأعلى، لكي لا تكون جهة ما أو شخص ما
فوق القانون، وان تعمل هذه المؤسسات على قاعدة (الشبهة ) وتحكم بــ ( الدليل ).
5- المدخل الإداري وتقويم الأداء
وهو المدخل الأهم والأكثر فاعلية في منظومة النزاهة، وذلك لان الهيكل الحكومي
بمنظماته ومؤسساته يمثل الجسم الأكبر في الدولة العراقية الذي تجري فيه النسبة الأعظم
الفساد الإداري والمالي، وهو ما يعيق هذه المنظمات الحكومية من تحقيق أهدافها
بكفاءة عالية، ولذا تقع عليها ابتدءا بمنظمة مجلس الوزراء وانتهاء بأصغر منظمة
حكومية، المسؤولية الأكبر في مكافحة الفساد، بالاعتماد على عملية تقويم أداء ـــ
تعتمد مؤشرات ومعايير علمية ـــ مستمرة سنويا وخلال السنة، لمراقبة ومتابعة مدى
تحقيق المنظمة الحكومية لأهدافها بكفاءة.
أن الرؤية التي اقترحها البحث من خلال هذه
المداخل الخمسة قد تكون فاعلة لإيجاد منظومة متكاملة للنزاهة ومكافحة الفساد، إذا
توفرت لها الإرادة السياسية والحكومية، ولن كلفتها المادية تضاهي تكلفة الفساد
وصلت لأكثر من 80 مليار دولار)).
رابعا: المحور المحاسبي.
قدم د. جبار الكعبي التدريسي في كلية الرافدين
الجامعة دراسة بعنوان (شفافية الضريبة وآفاق تطبيقها في الهيئة العامة للضرائب),
حيث تناول فيها التلكؤ الحاصل في التحصيل الضريبي للمكلفين وعزوف اغلبهم من إخضاع أنفسهم
بشكل طوعي للضريبية, فيقول (( تواجه
الهيئة العامة للضرائب تحديات عديدة في تطبيق مفهوم الشفافية حيث يتطلب الوصول إليها العديد من الإجراءات الإدارية
والقانونية والمالية. إن زيادة القوانين الضريبية وتنوع الضوابط والاعمامات جاء
نتيجة لزيادة أعداد المكلفين وتنوع الأنشطة الضريبية، مما ضاعف الأعباء على السلطة
المالية في إيجاد السبل الكفيلة لزيادة وعي المكلفين بالضريبة وزيادة كفاءة المخمن
في إجراء عملية التحاسب الضريبي. وبما أن الشفافية تتطلب من الهيئة العامة للضرائب
الإفصاح عن كل ما من شانه زيادة الوعي الضريبي للمكلفين وتحقيق الرقابة على
عملياتها من الإطراف الداخلية والخارجية، فإنها من جهة أخرى تتطلب إفصاح المكلف عن
جميع الدخول التي حصل عليها خلال سنة تحقق الدخل وبالتالي فان هناك مسؤوليات
متبادلة للهيئة والمكلفين على السواء في تطبيق هذا المفهوم ولا يمكن ربط هذا
المفهوم بجهة واحدة فقط. إن ضعف نظم المعلومات والاعتماد على الأساليب اليدوية في
العمل الضريبي جعل هناك صعوبة في تقديم المعلومات في الوقت المناسب وبجهد وكلفة
اقل مما عاد سلبا على إجراءات التحاسب الضريبي حيث من خلال المعايشة العملية في
الهيئة وفروعها تبين أن أكثر المكلفين وبعض موظفي السلطة المالية لا يعلمون
بالتغيرات التي تحصل على القوانين ،الضوابط والاعمامات الضريبية)).
بعد هذا العرض الموجز لبعض البحوث المشاركة في
المؤتمر, خلص المؤتمر إلى التوصيات التالية:
عقدت هيئة
النزاهة والمعهد العراقي المؤتمر العلمي الأول تحت شعار نحو إستراتيجية وطنية
لمواجهة الفساد وتعميم ثقافة النزاهة يومي السبت والأحد الموافقين 5/6 تموز 2008
على قاعة قرطبة فندق المنصور ميليا وبواقع أربع جلسات تم خلالها مناقشة اثنا عشر
بحثاً مقسمة على أربعة محاور (المحور القانوني ، المحاسبي ، الاقتصادي ، الإداري)
وبعد مناقشات مستفيضة للبحوث المقدمة من قبل أساتذة مختصين يوصي المؤتمر بالآتي:
بعد أن انتهى المؤتمر من أعماله, وزع على البحوث الفائزة المكافئات النقدية
التشجيعية, حيث شارك المعهد العراقي بتكريم أربعة بحوث مختارة من قبله شاركت في
المؤتمر وهي:
1.
استجابة القوانين العراقية لمتطلبات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
2.
مؤسسات المجتمع المدني وإمكانياتها في الحد من الفساد الإداري.
3.
الفساد المالي والإداري.
4.
شفافية الضريبة وآفاق تطبيقها في الهيئة العامة للضرائب.
إن الطريق نحو
عراق نزيه و خالي من الفساد طويل وشائك, إلا أن مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة.
المعهد العراقي - أيلول 2008
النزاهة
توجت الجهود المبذولة من قبل هيئة النزاهة و
المعهد العراقي خلال الأشهر الماضية إلى إخراج مؤتمر النزاهة العلمي الأول الذي
انعقد في فندق المنصور ميليا للأيام 5-6 تموز2008, وهو المؤتمر المتخصص الأول في مكافحة
الفساد الإداري والمالي في العراق.
اجتمع تحت مظلة هيئة النزاهة والمعهد العراقي
خيرت علماء العراق لأجل مكافحة الفساد المستشري فيه وإنقاذ ما يمكن إنقاذه طالما
كان مرض الفساد في دورته الأولى ولم يصل إلى درجة اليأس للخلاص منه بالرغم ما قيل
أو يقال عن حجم الفساد في العراق, فنحو إستراتيجية وطنية لمواجهة الفساد وتعميم
ثقافة النزاهة أقيم هذا المؤتمر, لغرض وضع اليد على الجرح وعلاجه بأحدث الطرق
واقلها كلفة وفي اقصر وقت.
حضر المؤتمر عدد من الشخصيات السياسية ممثلة
بوفد من البرلمان العراقي, ديوان الرقابة المالية, مجلس شورى الدولة, وكلاء
الوزارات, القضاة, عمداء الكليات وأساتذتها, منظمات المجتمع المدني و وفد من
السفارة الأمريكية في العراق, ويجب أن لا ننسى الحضور الإعلامي الكثيف الذي عمل
على تغطية أعمال المؤتمر خلال مدة انعقاده.
تركزت دراسة الفساد الإداري والمالي في هذا
المؤتمر على أربعة محاور وهي:
- المحور القانوني.
- المحور الاقتصادي.
- المحور الإداري.
- المحور المحاسبي.
اختير اثنا عشر بحثا من قبل الخبراء في
المجالات التي تناولها المؤتمر في محاوره الأربعة لتكون نواة البحث في مكافحة
الفساد في العراق, مقسمة بمعدل ثلاث بحوث للمحور الواحد, حيث نوقشت مناقشة مستفيضة
خلال المؤتمر.
أولا: المحور القانوني.
نقاش المحور القانوني العقبات السائدة في مجال
مكافحة الفساد في القوانين العراقية, التي هي قوانين موروثة عن النظام السابق الذي
طوع النظام القانوني لخدمة مصالحة وتدعيم حكمه, الأمر الذي أدى إلى مسخ قوة
القانون في محاربة الفساد.
قدم كل من د. ميري كاظم, د. هادي حسين
و د. عبد الرسول عبد الرضا من كلية القانون / جامعة بابل, دراستهم بعنوان (استجابة
القوانين العراقية لمتطلبات الأمم المتحدة لمكافحة الفساد) ركزت هذه الدراسة
على ((الفساد الإداري والمالي كظاهرة عالمية سريعة الانتشار
والتوزيع عبر الحدود الدولية ذات آثار سلبية رئيسية تتركز في جميع أجهزة
الدولة وآثار سلبية أفقية تتوزع بين
مجموعة من الدول التي أدركت خطورة هذه الظاهرة فبذلت المزيد من الجهود الإقليمية
والعالمية والتي تحول بعضها إلى صيغة مواثيق دولية. كما أن أبرزها اتفاقية البلدان
الأمريكية لمكافحة الفساد التي اعتمدتها منظمة الدول الأمريكية في 29 آذار 1996
واتفاقية مكافحة الفساد بين موظفي الجماعات الأوربية التي اعتمدها مجلس الاتحاد
الأوربي في 26 أيار 1997 واتفاقية مكافحة رشوة الموظفين العموميين الأجانب في
المعاملات التجارية الدولية التي اعتمدتها منظمة التعاون والتنمية في الميدان
الاقتصادي في 21 تشرين الثاني 1997
واتفاقية الاتحاد الأفريقي لمنع الفساد ومحاربته التي اعتمدها رؤساء دول وحكومات
الاتحاد الأفريقي في 21تموز 2003.
جميع هذه الاتفاقيات اتصفت بالصفة الإقليمية, فكانت
حلولها محدودة التأثير فشعر المجتمع الدولي بضرورة وضع الحلول مؤثرة عالميا فكانت
اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003 وهي عبارة عن وثيقة سجلت بعضا من
تلك الحلول. لتحمل الدول على الأخذ بها عبر تشريعاتها الوطنية الداخلية، ومن خلال
هذا البحث سنحاول متابعة موقف التشريع العراقي من بين تلك التشريعات عبر عدة
قوانين للوقوف على مدى تدخل المشرع العراقي في تنظيم الحلول العالمية التي جاءت
بها الاتفاقية أعلاه في قوانينه الداخلية و هل نجح في إدراك هذه الهدف؟ وما هي
أفضل الوسائل والمعايير الدولية المتضمنة في الاتفاقية لاستيعابها لتطوير القوانين
الداخلية العراقية لمواجهة ظاهرة الفساد الممتدة إقليميا وعالميا إلى العراق والممتدة عراقيا إلى العالم؟)).
وتقدم القاضي رائد احمد بدراسة تحت عنوان (دور المحقق في التحقيق الابتدائي) الذي جاء فيه ((بغية بحث أي مفصل من
مفاصل العملية القضائية لا غنى للباحث ابتدءا من تحديد الإطار القانوني لهذا
المفصل وذلك بتحديد النظام القانوني الذي يحكمه ويضع الأطر العامة لهذا النظام
وحيث أن موضوع البحث هو عمل المحقق فكان لابد من تحديد كون أن القانون الذي يبين
عمل المحقق هو قانون أصول المحاكمات الجزائية لذا فقد خصصنا مقدمة البحث للكلام عن
قيمة هذا القانون وماهية الدور الذي يضطلع به في تنظيم عمل المحاكم الجزائية وبيان
الأحكام الخاصة بالدعوى الجزائية بشكل عام ولكي يكون البحث ذا فائدة علمية فقد
اقتصرن على أكثر الإجراءات القانونية أهمية وهي الانتقال والمعاينة والتفتيش وندب
الخبراء والاستجواب و إذا كان للبحث من غاية ينشدها الباحث فهي شرح أحكام القانون
الخاصة بهذا المجال بغية التخفيف من كاهل المحاكم التي باتت وخاصة في الآونة الأخيرة
تنوء تحت أكداس من الدعاوى قد تفقد تركيز قاضي التحقيق عن طريق حصر كافة الإجراءات
التحقيقية بقرار قاضي التحقيق والتقليل من دور المحقق في وقت فتح القانون مجالا
واسعا أمام المحقق ليلعب دورا مهما في سير الإجراءات التحقيقية وتحقق غايتين على
درجة كبيرة من الأهمية هما حصر عمل قاضي التحقيق بالإجراءات التي لا يبت بها غيره
مما يعني سرعة حسم الدعاوى في وقت قياسي ومن جانب آخر أن تكون الإجراءات التحقيقية
بالسرعة التي تتطلبها الحفاظ على الأدلة والتخفيف على كاهل المواطن ومن ذلك على
سبيل المثال إذا ما أراد المشتكي تدوين أقواله فان سياق العمل المتبع في الوقت
الحاضر أن يقدم المشتكي طلبا إلى قاضي التحقيق يطلب فيه تدوين أقواله ثم تقدم الأوراق
إلى قاضي التحقيق للبت بالطلب ثم تدون الأقوال من قبل المحقق وتقدم ليقرر القاضي إحضار
المشتكي ومن ثم يحضر المشتكي أمام القاضي لتدوين أقواله وقد تستغرق هذه الإجراءات
فترة طويلة بينما بمراجعة النص القانوني نجد أن القانون قد حدد جهة واحدة لتدوين الأقوال
هي أما المحقق أو القاضي التحقيق وبالتالي
فان تدوين أقوال المشتكي لن يتجاوز تبعا للنص إلا فترة محدودة أمام المحقق أو أمام
قاضي التحقيق إذا كانت الشهادة مهمة في الجنايات كما تم التعرض وبشكل موجز لبعض الإجراءات
القانونية في الفقه القانوني ومقارنة هذه الآراء الفقهية بما ذهب إليه النص
القانوني عندنا كما حاولنا جاهدين إضافة بعض المعلومات أو النصائح التي أفرزتها
خبرة البعض من الكتاب في مجال التحقيق الجنائي علها تكون ذا نفع للمحققين عند
القيام بالإجراءات التحقيقية كالمعاينة والاستجواب والتفتيش وخلاصة القول أن
المحقق قد منح صلاحيات و انيطت به مهام لازالت حبيسة النصوص القانونية يتطلب
الواقع أن تنقل إلى مجال التطبيق العملي)).
ثانيا:
المحور الاقتصادي.
قدمت د. سحر قدوري من مركز المستنصرية للدراسات العربية
والدولية دراسة تحت عنوان (مؤسسات المجتمع المدني وإمكانياتها في الحد من الفساد
الإداري) جاء فيها (( إن ظاهرة الفساد الإداري ليست بظاهرة حديثة إلا أنها ما
زالت تستأثر باهتمام كبير للمجتمعات النامية واهتمام اكبر من قبل المجتمعات
المتقدمة وذلك لما لهذه الظاهرة من آثار وانعكاسات خطيرة بالنسبة لمستقبل الدولة
في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولما تجلبه من خسائر لا يمكن تقديرها
بثمن, بل وأكثر من ذلك فانه رغم شعور القائمين بإدارة المنظمات بغض النظر عن نوع
الملكية بمحاذير وإخطار استمرار هذه الظاهرة وميلها للتعاظم والتفاقم, فان الجهود
التي تبذل للحد منها أو تحديدها ما زالت ضحلة ومتواضعة للغاية)), استرسلت الباحثة
في دراستها بالقول (( تعتبر مؤسسات المجتمع المدني من أهم الجهات المعنية بمراقبة
ومتابعة وتشخيص وتسجيل أية خروقات لسير العمليات الإدارية في جميع مؤسسات الدولة
بحكم دورها الرقابي والتشخيصي ولأنها تستطيع من خلال هذا الدور أن تمنع وتحد من
حالات الانحراف عن الأهداف المرسومة وتجعل عملية التقويم والمكافحة لهذه الآفة
تجري بأسلوب منطقي بعيداً عن التشهير والهدر والضياع. ومنه نستخلص كذلك إن تحقيق
الأهداف المرجوة للحد من الفساد الإداري يأتي من خلال اعتماد مؤسسات المجتمع
المدني لاستراتيجيات مدروسة لإشاعة روح المواطنة والمحاسبة وإلزام المؤسسات بضرورة
إعادة هيكلة إداراتها واستحداث آليات الكشف عن حالات الفساد الإداري واعتماد
التكنولوجيا المتطورة التي يمكن أن تساهم في التخلص من الكثير من حالات الفساد
الإداري)).
قدم ا.د يحيى
النجار دراسة بعنوان (الآثار الاقتصادية للفساد الاقتصادي) حيث جاء فيها
((مهما تعددت مكونات الفساد وأسبابه فان
نتائجه تصب في وعاء واحد إلا وهو الهدر الاقتصادي للموارد المادية والمالية
للمجتمع. وان لهذا الهدر آثار مباشرة وغير مباشرة. فالآثار المباشرة تتمثل بالهدر
والغير مباشرة تتمثل بالخسائر الاقتصادية المحتملة التي كان من الممكن الحصول
عليها عن طريق استغلال المبالغ التي تم هدرها. فالمبالغ المهدرة بسبب الفساد لو تم استثمارها فستؤدي
إلى إنفاقات استهلاكية متتابعة
تؤدي بدورها إلى خلق دخول متراكمة تصل إلى
ما يزيد عن 4 مرات من حجم المبالغ المستثمرة
وذلك بتأثير المضاعف , وتؤدي إلى خلق دخول أكثر وزيادة في الناتج إذا ما
أخذنا بنظر الاعتبار تحفيز الإنفاق
الاستهلاكي للطلب الاستثماري لمواجهة الطلب الاستهلاكي, وبالتالي يتزايد
الاستثمار مما يخلق المزيد من الدخول والناتج ويرفع من معدلات النمو الاقتصادي, حيث إن معدلات النمو الاقتصادي تعتبر انعكاسا" لمقدار الإنتاج المتدفق (التدفقات العينية ) من القطاعات
الاقتصادية التي تأخذ بدورها مسارا" تصاعديا" إذا ما توفرت لها الموارد
المالية الكافية لاستغلال الموارد
المادية استغلالا" من شأنه أن يزيد تلك التدفقات, إلا أن مبالغ التهرب الضريبي
(مثلا") بقيت خارج السلطة المالية وخارج الخطة الاقتصادية وبالتالي لم يتسنى الحصول على تلك التراكمات الداخلية, بل يمكن القول إن تلك
التراكمات الداخلية المحتملة هي بمثابة خسارة لحقت بالدخل القومي, إذ أن
هروب مبلغ 184 مليون دينار (مثلا") من الإنفاق القومي تؤدي إلى خسارة في الدخل القومي تفوق ذلك المبلغ لتصل
إلى حوالي 802.293 مليون دولار,
وان جزءا" من هذا المبلغ والمقدر بحوالي 2.293
مليون دولار هو وفرة نقدية حصلت نتيجة للاستثمارات المولدة, وهذه الوفرة السنوية
في حالة تخطيطها ستصب في دفع عجلة التنمية الاقتصادية, لذا يمكن توقع حصول تلكؤ
وتباطؤ في التنمية الاقتصادية نتيجة الفساد الاقتصادي سواء بشكل تهريب أو تهرب
ضريبي أو تهرب جمركي أو غش تجاري وصناعي أو تبييض أموال أو أي شكل آخر من أشكال
الفساد)).
ثالثا:
المحور الإداري.
تقدم جواد كاظم شحاثة المدرس المساعد في المعهد
التقني – الكوفة بدراسة (تقويم الأداء مدخل فاعل في منظومة النزاهة ومكافحة
الفساد الإداري والمالي في العراق) والتي ركزت على(( جاء إعلان دولة رئيس وزراء العراق باعتبار عام 2008
عاما لانطلاق الحرب الواسعة على ظاهرة الفساد، وهذا ينعش الأمل في وضع الحد
لانتشار هذه الظاهرة المرضية التي بدأت منذ منتصف الثمانينات لأسباب عدة يأتي في
مقدمتها، تداعيات الحرب العراقية الإيرانية عام 1980 وانعكاساتها في الداخل
العراقي اقتصاديا واجتماعيا، وازدادت هذه الظاهرة بعد احتلال العراق للكويت وما رافقها
من سرقات حكومية منظمة، وما نتج عن الغزو العراقي من عقوبات اقتصادية فرضها مجلس الأمن
الدولي على العراق والتي عرفت بالحصار، وهذا ما دفع النظام الحاكم للبحث والعمل للاتفاق
على قوانين واليات الحصار الاقتصادي من خلال دفع الرشاوى الكبيرة وغيرها من أشكال إفساد
القائمين والمتعاونين على الحصار خارجيا وإقليميا ودوليا، وانعكاس هذا الإفساد في
الداخل العراقي من خلال القائمين عليه بالإضافة إلى الآثار الكبيرة التي تركها الحصار
على الشعب العراقي وخصوصا الطبقة المتوسطة وعدم قدرتهم على تلبية متطلباتهم
الحياتية مما دفع الكثير منهم إلى البحث عن وسائل أخرى غالبا هي فاسدة.
وبعد سقوط النظام الحاكم في 9 / نيسان / 2003
وانهيار كيان الدولة العراقية، ساعدت قوات الاحتلال ممثلة بحاكمها بول بريم، الذي أكدت
التقارير الدولية وهيئة النزاهة العامة على حجم الفساد المالي والإداري الكبير
الذي رافقها، على تصاعد مستويات الفساد في العراق، وقد فشلت الحكومات المتعاقبة في
كبح جماح هذا الفساد المنتشر، بل وشاركت فيه أحيانا .
إن الفرضية تقوم على أن الفساد الإداري والمالي
منتشر بشكل واسع ومرضي في العراق، ولا توجد رؤية متكاملة وإرادة فاعلة لمواجهته.
هدف الدراسة تقديم رؤية أفضل لمكافحة الفساد، وتصور بناء منظومة للنزاهة في العراق
تركز على عملية تقويم الأداء المستمرة.
فمفهوم الفساد وأنواعه منتشر في العراق، وقد عرف
البحث الفساد بأنه (( سلوك منحرف للإنسان مستغلا
السلطة أو الصلاحيات أو القدرات التي لديه منفردا أو مع آخرين ( عصابة )
لتحقيق مصالح خاصة، به أو بهم أو لآخرين، مادية، أو معنوية، خروجا عن القواعد
والمعايير، القانونية والإدارية والأخلاقية، المتفق عليها وطنيا أو عالميا)).
ويقول الباحث, ينتشر في العراق كل أنواع الفساد
سواء كان إداريا أو ماليا أو سياسيا أو اجتماعيا، عرضيا أو منتظما أو شاملا,
وتواجه عملية النزاهة ومكافحة الفساد في العراق عدة مشاكل وتحديات، منها :
أولا. ضعف الإرادة السياسية العامة في
مواجهتها الفساد لأسباب عدة أهمها التعصب الحزبي .
ثانيا. على الرغم من وجود الإرادة الشعبية
لمكافحة الفساد ، فان هناك تقبل شعبي واجتماعي للفاسدين .
ثالثا. على الرغم من وجود الإرادة الدستورية
والقانونية لمكافحة الفساد، فان الخلل القانوني واضحا في مواجهة الفساد مثل المادة
136 ب .
رابعا. ارتباك الرؤية العراقية سواء حول
مفهوم الفساد أو المؤسسات التي تواجهه ووسائل تنظيمها في مكافحته.
خامسا. ضعف الآليات المتبعة في مكافحة
الفساد، وضرورة البحث عن آليات فاعلة.
ووضع
الباحث رؤية مقترحة لمنظومة النزاهة ومكافحة الفساد، تتضمن عدة مداخل منها:
1- المدخل السياسي والإرادة العامة، ويتم ذلك بتبني
موقف سياسي عام تدعمه إرادة شعبية في تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد وعزل أي قوة أو
أحزاب سياسي يحقق عمل المفسدين ويلبسه ثوبا سياسيا أو بأنه يؤثر على المصالحة
الوطنية، والتعامل مع هذه القوى السياسية إعلاميا لفضحها .
2- المدخل الدستوري
والقانوني، إذ يجب أن تصدر القوانين الضرورية لتسهل عمل مؤسسات النزاهة ومكافحة
الفساد وإزالة المعوقات مثل المادة 136 ب من قانون العقوبات، ويجب أن تتسم قوانين
مكافحة الفساد بالصرامة والشدة، وعدم شمول المحكومين في قضايا الفساد بالعفو، بعد
ضمان محاكمة عادلة وحق الدفاع والاستئناف.
3- المدخل التثقيفي
والتعليمي، وتظهر أهميته في التعريف بخطورة الفساد وإضراره على الدولة والمجتمع،
وضرورة توظيف الإعلام في نشر ثقافة النزاهة، كذلك توظيف موقف المؤسسة الدينية التي
تستنكر الفساد وتحرمه، وان إقرار هيئة النزاهة العامة بالفشل في هذا المدخل يعتبر
بداية صحيحة لوضع برامج فعالة في هذا المجال.
4- مدخل المؤسسات الفاعلة،
وتعني مؤسسات هيئة النزاهة العامة ومكاتب المفتش العام في الوزارات، وديوان الرقابة
المالية، وقد نجحت هذه المؤسسات في بعض نشاطها وفشلت في الأغلب لأسباب عدة ذاتية
تتعلق بكفاءة ونزاهة العاملين في بعض هذه المؤسسات وافتقادها أحيانا لآليات واضحة
فاعلة، وأسباب موضوعية تتعلق بضخامة حجم الفساد في العراق، والضعف القانوني أحيانا
أخرى، فضلا عن الضغوط السياسية والحكومية ويقترح الباحث جمع هذه المؤسسات في هيكل
واحد بعنوان ( المجلس الأعلى للنزاهة ومكافحة الفساد ) مثلا، ويكون لهذا المجلس
اعتبار معنوي وقانوني مكافئ لمجلس القضاء الأعلى، لكي لا تكون جهة ما أو شخص ما
فوق القانون، وان تعمل هذه المؤسسات على قاعدة (الشبهة ) وتحكم بــ ( الدليل ).
5- المدخل الإداري وتقويم الأداء
وهو المدخل الأهم والأكثر فاعلية في منظومة النزاهة، وذلك لان الهيكل الحكومي
بمنظماته ومؤسساته يمثل الجسم الأكبر في الدولة العراقية الذي تجري فيه النسبة الأعظم
الفساد الإداري والمالي، وهو ما يعيق هذه المنظمات الحكومية من تحقيق أهدافها
بكفاءة عالية، ولذا تقع عليها ابتدءا بمنظمة مجلس الوزراء وانتهاء بأصغر منظمة
حكومية، المسؤولية الأكبر في مكافحة الفساد، بالاعتماد على عملية تقويم أداء ـــ
تعتمد مؤشرات ومعايير علمية ـــ مستمرة سنويا وخلال السنة، لمراقبة ومتابعة مدى
تحقيق المنظمة الحكومية لأهدافها بكفاءة.
أن الرؤية التي اقترحها البحث من خلال هذه
المداخل الخمسة قد تكون فاعلة لإيجاد منظومة متكاملة للنزاهة ومكافحة الفساد، إذا
توفرت لها الإرادة السياسية والحكومية، ولن كلفتها المادية تضاهي تكلفة الفساد
وصلت لأكثر من 80 مليار دولار)).
رابعا: المحور المحاسبي.
قدم د. جبار الكعبي التدريسي في كلية الرافدين
الجامعة دراسة بعنوان (شفافية الضريبة وآفاق تطبيقها في الهيئة العامة للضرائب),
حيث تناول فيها التلكؤ الحاصل في التحصيل الضريبي للمكلفين وعزوف اغلبهم من إخضاع أنفسهم
بشكل طوعي للضريبية, فيقول (( تواجه
الهيئة العامة للضرائب تحديات عديدة في تطبيق مفهوم الشفافية حيث يتطلب الوصول إليها العديد من الإجراءات الإدارية
والقانونية والمالية. إن زيادة القوانين الضريبية وتنوع الضوابط والاعمامات جاء
نتيجة لزيادة أعداد المكلفين وتنوع الأنشطة الضريبية، مما ضاعف الأعباء على السلطة
المالية في إيجاد السبل الكفيلة لزيادة وعي المكلفين بالضريبة وزيادة كفاءة المخمن
في إجراء عملية التحاسب الضريبي. وبما أن الشفافية تتطلب من الهيئة العامة للضرائب
الإفصاح عن كل ما من شانه زيادة الوعي الضريبي للمكلفين وتحقيق الرقابة على
عملياتها من الإطراف الداخلية والخارجية، فإنها من جهة أخرى تتطلب إفصاح المكلف عن
جميع الدخول التي حصل عليها خلال سنة تحقق الدخل وبالتالي فان هناك مسؤوليات
متبادلة للهيئة والمكلفين على السواء في تطبيق هذا المفهوم ولا يمكن ربط هذا
المفهوم بجهة واحدة فقط. إن ضعف نظم المعلومات والاعتماد على الأساليب اليدوية في
العمل الضريبي جعل هناك صعوبة في تقديم المعلومات في الوقت المناسب وبجهد وكلفة
اقل مما عاد سلبا على إجراءات التحاسب الضريبي حيث من خلال المعايشة العملية في
الهيئة وفروعها تبين أن أكثر المكلفين وبعض موظفي السلطة المالية لا يعلمون
بالتغيرات التي تحصل على القوانين ،الضوابط والاعمامات الضريبية)).
بعد هذا العرض الموجز لبعض البحوث المشاركة في
المؤتمر, خلص المؤتمر إلى التوصيات التالية:
عقدت هيئة
النزاهة والمعهد العراقي المؤتمر العلمي الأول تحت شعار نحو إستراتيجية وطنية
لمواجهة الفساد وتعميم ثقافة النزاهة يومي السبت والأحد الموافقين 5/6 تموز 2008
على قاعة قرطبة فندق المنصور ميليا وبواقع أربع جلسات تم خلالها مناقشة اثنا عشر
بحثاً مقسمة على أربعة محاور (المحور القانوني ، المحاسبي ، الاقتصادي ، الإداري)
وبعد مناقشات مستفيضة للبحوث المقدمة من قبل أساتذة مختصين يوصي المؤتمر بالآتي:
- منح المحقق العدلي سلطة لممارسة
الصلاحيات التي منحها إياه القانون وتعزيز دوره وتطوير إمكانياته العلمية
والعملية واستخدام وسائل التقدم التقني في العمل التحقيقي بما يضمن أعلى
مستويات الملاحقة الفاعلة للمفسدين . - العمل على توحيد القواعد
والإجراءات والتوجيهات النافذة في العراق ومراجعتها بضوء التطورات الدولية في
مجال تعليمات المناقصات والتوجه نحو تبسيطها لضمان الفاعلية والسرعة في إقرار
مشاريع الأعمار والبناء. - التوجه نحو تشريع قانون موحد
للعقود وتجنب وضع نصوص فضفاضة تحتمل جميع أوجه التفسير والتأويل وتعطي مبرراً
للفهم الخاطئ في إجراءات المناقصة. - العمل على تطبيق اتفاقية الأمم
المتحدة لمكافحة الفساد ومبادئ الإعلانات وطرق العمل في إطار الجهود الدولية
المبذولة لمكافحة أنشطة الجريمة المنظمة. - تنمية وتطوير العلاقات الثنائية أو
الجماعية مع الهيئات والمؤسسات الدولية المهتمة بجهود مكافحة الفساد بكل إشكالها
ونشر قيم النزاهة والشفافية. - قيام مؤسسات الدولة بتدريب
وتطوير العاملين في مجالات الاقتصاد الرقمي واقتصاد المعرفة والمعلوماتية
بغية امتلاك الخبرات اللازمة للحد من الفساد . - ضرورة تضافر الجهود للدعم
السياسي والإداري لنشر ثقافة النزاهة والشفافية. - بناء نظام حوكمة العمليات بمنظور
إستراتيجي بمختلف مجالات العمل من حيث هياكلها ونظمها الرقابية بغية تعزيز
الشفافية والحد من الفساد الإداري والمالي. - العمل على إعادة هيكلية الجهاز
الرقابي من خلال أتباع نظام لتقويم الأداء يضع بنظر الاعتبار الأجود والأفضل والأدق
في انجاز العمل وبما يحقق الإصلاح ويعمق النزاهة والشفافية في العمل. - التأكيد على تضمين المناهج
التربوية مواضيع تساهم في نشر ثقافة النزاهة وحفظ المال العام عن طريق
إستراتيجية طويلة المدى لتحقيق الولاء والانتماء الوظيفي بين الفرد والدولة. - استثمار القيم الأخلاقية
والدينية لتعزيز ثقافة النزاهة والشفافية والإصلاح باستخدام الوازع الديني والأخلاقي
لكشف سلبيات الفساد. - الاهتمام المباشر باختيار القيادات
الإدارية القادرة على إدارة ميادين العمل من خلال معايير دقيقة تستند على
الكفاءة والمهنية بما يساعد على تعزيز الشفافية في العمل.
- تفعيل تطبيق الشفافية في العمل
المالي والمحاسبي للحد من آثار عمليات الفساد. - اعتماد المعايير المحاسبية
والتدقيقية الدولية بتقييم أداء مجلس المعايير المحاسبية والرقابية العراقية. - توحيد جوانب السياسات المحاسبية
والمالية بشكل دقيق لضمان تحقيق الإفصاح والشفافية التي هي صميم الحوكمة. - ممارسة مؤسسات المجتمع المدني
الرقابة الشعبية على العمل الحكومي مما يساهم في عملية التنمية والإصلاح الإداري. - استقلالية إدارات المؤسسات
الحكومية من الضغوط الخارجية واعتماد الأسس الجيدة المتوارثة كجانب مهم
لتكوين قوة فاعلة للنزاهة والشفافية. - تعزيز روح الانتماء للعاملين في
كافة أنواع المؤسسات الحكومية واعتبار ثقافة المؤسسات الحكومية هي انعكاس
لثقافة العاملين وبالدرجة التي يقلل من اللجوء إلى الفساد. - التركيز على زيادة الدورات
التدريبية وورش العمل في كافة قطاعات الدولة وبإشراف ومتابعة دوائر المفتش
العام الهادفة لنشر النزاهة والشفافية.
بعد أن انتهى المؤتمر من أعماله, وزع على البحوث الفائزة المكافئات النقدية
التشجيعية, حيث شارك المعهد العراقي بتكريم أربعة بحوث مختارة من قبله شاركت في
المؤتمر وهي:
1.
استجابة القوانين العراقية لمتطلبات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
2.
مؤسسات المجتمع المدني وإمكانياتها في الحد من الفساد الإداري.
3.
الفساد المالي والإداري.
4.
شفافية الضريبة وآفاق تطبيقها في الهيئة العامة للضرائب.
إن الطريق نحو
عراق نزيه و خالي من الفساد طويل وشائك, إلا أن مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة.
المعهد العراقي - أيلول 2008
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب