الجهودالمبذولة في حجية السنة
في القرنالرابع عشر الهجري
الأستاذ الدكتور محمد الزحيلي
عميدكلية الشريعة والدراسات الإسلامية
جامعةالشارقة
1426هـ/ 2005م
P
الجهود المبذولة في حجية السنة
في القرن الرابع عشر الهجري
مقدمة:
الحمد لله رب العالمين، الذي أنزل القرآنالحكيم، وأكمل الشرع القويم، وقال: ) اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلامديناً ( [المائدة/ 3].
والصلاة والسلام على رسول الله المبعوث رحمةللعالمين، الذي اصطفاه الله تعالى، واختاره، وكلّفه حمل الرسالة، وتبليغها، وبيانها،والدعوى إليها، فقال تعالى: ) يا أيها المدثر % قم فأنذر ( [المدثر/ 1-2]، وقال تعالى: ) يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليه من ربك، وإن لم تفعل فما بلّغترسالته، والله يعصمك من الناس ( [المائدة/ 67]، وقال تعالى: ) وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون ( [النحل/ 44].
وبعد:
فإن القرآن الكريم هو الأصل الأول في ا لدِّين،والمصدر الأساسي للشرع والتشريع، ونص في آيات عدة على تكليف الرسول صلى الله عليهوسلم بالتبليغ والبيان، فصدرت عنه السنةالتي تعتبر الأصل الثاني بعد القرآن، والمصدر الثاني للأحكام، تبليغاً عن اللهتعالى القائل: ) وما ينطق عن الهوى % إن هو إلا وحي يوحى ( [النجم/ 3-4] .
والسنة لغة: الطريقة، وفي اصطلاحعلماء الأصول: "ماصدر عن رسول الله r من قول أو فعل أو تقرير([1])،وتتضمن الأحكام الشرعية بالأقوال الصادرة عن رسول الله r أو بالأفعال المبينة للتطبيق والتنفيذ العملي للأحكام، أوبالتقرير لما يصدر عن الصحابة أمامه من أقوال وأفعال تتفق مع دين الله وشرعه،فيقرهم عليها، فتصبح كأنها صادرة عن رسول الله r، وكل ذلك قياماً بواجب التبليغ والبيان، فكانت السنة المصدرالثاني من مصادر التشريع الإسلامي.
وتكفل الله تعالى بحفظ دينه، لبقاء الإسلام حتىتقوم الساعة، فقال تعالى: ) إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ( [الحجر/9]، والذكر يشمل القرآن والسنة، فحفظ الله كتابه، وسخرالعلماء لحفظ سنته في الصحاح والسنن والمسانيد والمستخرجات والمستدركات وغيرها.
ولكن الكفار والمشركين والمنافقين وقفوا في وجهالإسلام، وصوّبوا سهامهم لمصادره، وشمروا سواعدهم للطعن به بدءاً من كتابه المقدس،ورسوله المعظم، وسنته الشريفة، منذ أول البعثة، وطوال التاريخ، وحتى اليوم، وإلىأن تقوم الساعة، وهذا يمثل الصراع الأبدي والدائم بين الخير والشر والإيمانوالكفر، والحق والباطل إلى أن يرث اللهالأرض ومن عليها.
ولم تسلم السنة النبوية من ذلك، فاتجه إليهاالأعداء، والمنافقون، والجاهلون، والحاقدون، ونالوا منها بالطعن، والتشكيك، بلوالإنكار والجحود، وكانت أحد الحصون التي توجه إليها أعداء الله، وخاصة عندمايئسوا من النيل والتحريف والتبديل لكتاب الله تعالى، فاتجهوا إلى السنة ليمحوا أثرها ووجودها وحجيتها، ليبقىالقرآن مجملاً وعاماً ومبهماً لعلّهم يعبثوا به ، فيضيع الإسلام، وتنقرض مصادرهوينابيعه، وكان الله تعالى لهم بالمرصاد ليردّ كيدهم، وسخّر العلماء لحفظ السنةرواية ودراية، لتبقى شامخة كالجبال، وتبقى مصدراً عذباً فياضاً طاهراً سلسبيلاًتروي المسلمين، وتمدهم بالبيان الحقيقي الصحيح لتطبيق الإسلام وفهم القرآن.
ومن هنا ظهر الاصطلاح الأصولي حجية السنةلبيان مكانتها في التشريع، وشمر العلماء سواعدهم لذلك طوال التاريخ، وخاصة عندماأشعلت نار الحرب، وتوجهت السهام إلى السنةفي العصور الأخيرة على يد بعض المستشرقين، ثم ردّد شبهاتهم وأباطيلهم أذنابهموأتباعهم وأعوانهم في ديار الإسلام، فكان علماء الأمة لهم بالمرصاد، فكتبوا عن حجيةالسنة في القرن الرابع عشر الهجري، بأسلوب محكم لتأكيد مكانة السنة وحجيتها،حتى بقيت صامدة كالشمّ الرواسي، وبقيت الأمة ملتزمة بكتاب ربها، وسنة نبيها،وشريعتها السمحة، لتبقى الراية مرفوعة، والأمانة لدين الله ورسالته محفوظة مؤداة،ليبلغها الجيل الحاضر سليمة صافية للأجيال القادمة، وترتد سهام الحاقدين إلى نحورهم، ليظفروا بالخزي والعار والشنار، وتبقىالحقيقة شامخة، والحق مرفوعاً، ودين الله محفوظاً، والواقع أبلجاً.
وإسهاماً في هذه الأعمال المجيدة، أردت دراسة الجهودالمبذولة في حجية السنة في القرن الرابع عشر الهجري بصفة عامة، وتقديم دراسةعن أهم الكتب التي ظهرت في هذا الخصوص، وهو أطروحة الدكتوراه للداعية المجاهدالعلامة الأستاذ الدكتور مصطفى السباعي بعنوان " السنة ومكانتها في التشريعالإسلامي" التي نال بها المؤلف رحمة الله تعالى وأسبغ عليه شآبيب رحمته شهادةالعالمية من درجة أستاذ برتبة امتياز من كلية الشريعة بالجامع الأزهر عام1369هـ/1950م.
خطةالبحث:
قسمتالبحث إلى فصلين:
الفصلالأول:دراسة عامة، وفيه مبحثان :
المبحث الأول: حجيةالسنة.
المبحث الثاني: عرضللدراسات المبذولة عن حجية الناس في القرن الرابع عشر الهجري.
الفصلالثاني:دراسة خاصة، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: ترجمةموجزة عن العالم الداعية المجاهد مصطفى السباعي رحمه الله تعالى.
المبحث الثاني: دراسةوتقويم لكتاب "السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي.
الخاتمة: نتائج البحث والتوصيات.
وسوف التزم المنهج الموضوعي في المبحثالأول من الفصل الأول، والمنهج الاستقرائي في المبحث الثاني، والمنهج التاريخي فيالمبحث الأول من الفصل الثاني، والمنهج النقدي والتحليلي في المبحث الثاني منه.
وأسأل الله التوفيق والسداد، وعليه الاعتمادوالتكلان، والحمد لله رب العالمين.
الفصل الأول
الدراسة العامة عن حجية السنة
وبيان الجهود المباركة التي بذلت فيها في القرن
الرابع عشر الهجري، وذلك في مبحثين:
المبحث الأولحجية السنة
اتفق العلماء على أن السنة الصحيحة الثابتةالتي صدرت عن رسول الله r بقصد التشريع والاقتداء – حجة على المسلمين، ومصدر تشريعي لهم،متى ثبتت بسند صحيح، إما بطريق القطع، أو غلبة الظن.
واستدلوا على ذلك بأدلة جازمة قطعية كثيرةواضحة بيّنة لا تدخل تحت الحصر، وصار عندهم يقين جازم بأنه لا فرق بين حكم ثبتبالكتاب الكريم وحكم ثبت بالسنة النبوية، وهذه الأدلة من القرآن الكريم، وإجماعالصحابة، والمعقول، ويجمعها ثبوت العصمة للنبي r المصطفى، والمرسل، والمبلِّغ، والمبيِّن عن ربه سبحانه وتعالى([2])،فمن ذلك:
أولاً: حجية السنة من القرآن الكريم:
استدل العلماء على حجية السنة بنصوص كثيرة منالقرآن الكريم، وذلك من عدة وجوه، أهمها مايلي:
1- أحال القرآن الكريم إلى السنة بعبارة صريحة، حيث طلبالله تعالى من رسوله أن يبيّن للناس ما أنزل الله إليهم من أحكام القرآن الكريم،فقال عز وجل: ) وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزِّل إليهم ولعلهم يتفكرون ( [النحل/ 44]، فأصبح بيان رسول الله r حجة بتكليف الله تعالى، وتفويض منه.
2- أمر الله تعالى بطاعة رسوله، والطاعةتفيد الالتزام بأمر المطاع وتنفيذ طلباته([3])، قال الله تعالى: ) وأقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وأطيعوا الرسول، لعلكم ترحمون ( [النور/ 56]، فأصبح ما يصدر عن رسول الله r واجب التطبيق.
3- ربط الله تعالى محبته باتباع رسوله r، فقال تعالى: ) قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر ذنوبكم ( [آل عمران/ 31].
قال الآمدي –رحمه الله تعالى-: " ومحبةالله واجبة، والآية دلت على أن متابعة النبي عليه الصلاة والسلام لازمة لمحبة اللهالواجبة " ([4])،فتجب المتابعة على أمر مشروع من الله سبحانه وتعالى ويصبح حجة لازمة.
4- قرن الله تعالى طاعته بطاعة رسوله في آياتكثيرة، فقال تعالى: ) يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول، وأولي الأمرمنكم ( [النساء/ 59]، وقال عز وجل: ) يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله، ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون( [الأنفال/ 20]، وقال تعالى: ) قل أطيعوا الله والرسول ( [آل عمران/ 32]، وجعل الله تعالى طاعة الرسول طاعة له، فقالتعالى: ) من يطع الرسول فقد أطاع الله ( [النساء/ 80].
فهذه الآيات الكريمة – وغيرها – تدل دلالةقاطعة على أن الله تعالى يوجب اتباع رسوله فيما شرع، وأن الالتزام بطاعة الرسولكالالتزام بطاعة الله، وأن تنفيذ أقوال الرسول وأوامره كتنفيذ أقوال الله وأوامره،والانتهاء عما نهى عنه، وأن الآية الثانية هددت ونهت وحذرت من التولي عن طاعته أومعصيته.([5])
5- أمر الله تعالى برد الحكم إلى الله والرسولعند التنازع والاختلاف، فقال تعالى: ) فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون باللهواليوم الآخر ( [النساء/ 59]، وهذا دليل على وجوب الرجوع إلى حكم الله تعالىالوارد في القرآن الكريم، وإلى حكم الله تعالى الثابت في السنة الشريفة، فهذا دليلقطعي على حجيتها على المسلمين للالتزام بها.([6])
6- وصف القرآن الكريم رسول الله r بصفات المشرع، فقال تعالى عن رسوله: ) يأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، ويحل لهم الطيبات، ويحرمعليهم الخبائث، ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ( [الأعراف/ 157]، فهذه الآية صريحة الدلالة في أن أوامر رسولالله ونواهيه شرع للمسلم، بل وصفه الله تعالى بالعصمة في التشريع، أيبعدم الخطأ فيما يقوله من الأحكام، فقال تعالى: ) وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى ( [النجم/ 3-4].
7- نبّه القرآن الكريم إلى مكانة الرسول التشريعية،وحذر من مخالفة أمره، ثم هدّد بالفتنة والعذاب لمن يخالف أمره، قالتعالى: ) لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً، قد يعلم اللهالذين يتسللون منكم لواذاً، فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أويصيبهم عذاب أليم ( [النور/ 63]، وهذا يدل على وجوب اتباعه والاقتداء به والالتزامبما يصدر عنه.([7])
8- أمر القرآن الكريم الأمة بالأخذ بما جاء بهرسول الله r والنهي عما نهاهم عنه، فقال تعالى: ) وما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا ( [الحشر/ 7]، وهذا نص صريح بحجية أوامره ونواهيه الواردة في السنةالشريفة.
9- نص القرآن الكريم أن الله تعالى أعطى نبيهمحمداً r الكتاب والحكمة في آيات كثيرة([8])،فقال تعالى: ) لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلوعليهم آياته، ويزكيهم، ويعلمهم الكتاب والحكمة ( [آل عمران/ 164]، وقال الله تعالى: ) هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهمويعلمهم الكتاب والحكمة ( [الجمعة/ 2].
قال العلماء: الحكمة: هي السنة([9])،مما يدل على أن الله تعالى أوحاها إليه، وأنزل معناها عليه، وطلب منه بيانهاللناس، وتلاوتها عليهم، وتعليمها لهم ليعملوا بها ويسيروا على هديها، ويلتزموا بهاكالقرآن الكريم.
10- نص القرآن الكريم على وجوب الرضا بقضاءرسول الله r وأن حكمه ملزم للمسلمين حتى في أمورهمالخاصة، وليس لهم خيار أمامه، فقال تعالى: ) وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهمالخيرة من أمرهم ( [الأحزاب/ 36]، وكان للآية سبب خاص فالتزم به الصحابة رضوان اللهعليهم، وتكرر الأمر في حياته r، ووقف الصحابة عند قضائه دون أن يحيدوا عليه قيد أنملة([10])،مما يؤكد دلالة الآية، ووجوب العمل بها والالتزام فيها، ثم تأكد ذلك بما يلي.
11- نفى القرآن الكريم الإيمان عمن يرفض المثوللقضاء رسول الله r، أو يسخط عليه، ولا يستسلم له، أو لا يقبله، فقال تعالى: ) فلا وربك لا يؤمنون، حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا فيأنفسهم حرجاً مما قضيت ويُسلموا تسليماً ( [النساء/ 65]، ووصم الله تعالى من يصد ويعرض عن الرسول r أنه منافق([11])،فقال تعالى: ) وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقينيصدون عنك صدوداً ( [النساء/ 61].
12- بين القرآن الكريم أن من صفات الرسل عامةوجوب طاعتهم من الأمة التي أرسلوا إليها، فقال تعالى: ) وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ( [النساء/ 64]، ونص على ذلك في شأن كل رسول خاصة، فقال تعالى: ) إني رسول أمين، فاتقوا الله وأطيعون ( [الشعراء/ 108]، ومحمد r رسول أمين، وهو أحد الرسل الذين يجب طاعتهم.
13- خاطب القرآن الكريم الأمة واعظاً ومرشداً بأنهجعل لهم رسول الله أسوة وقدوة لمن يبتغي تطبيق شرعه، ويطمع في رضوان الله،فقال تعالى: ) لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليومالآخر ( [الأحزاب/ 21]، والقدوة يجب اتباعها، والأسوة يجب السير علىهداها، وخاصة إذا كانت نبياً مصطفى، ورسولاً مجتبىً، ومن أولي العزم، وأفضل خلقالله تعالى.
هذه النصوص القرآنية –وغيرها كثير- برهان ودليلقاطع على حجية السنة، واعتبارها مصدراً من مصادر التشريع الإسلامي، وأن الأحكامالواردة في السنة الصحيحة تشريع إلهي واجب الاتباع.([12])
ثانياً : إجماع الصحابة :
أجمع صحابة رسول الله r في حياته، وبعد وفاته على وجوب اتباع سنته والعمل بهاوالالتزام بما ورد فيها من أحكام، وتنفيذ ما فيها من أوامر، والانتهاء عما فيها مننواه.
وكان الصحابة رضوان الله عليهم لا يفرقون بينالأحكام المنزلة في القرآن الكريم والأحكام الصادرة عن رسول الله r، ولذلك قال معاذ t: " إن لم أجد في كتاب الله قضيت بسنة رسول الله r " ([13])،بل كان الصحابة رضوان الله عليهم يتوقفون في مفهوم كتاب الله حتى يسألوا رسول اللهr عن مراد الله، وبيان مجمل القرآن الكريم، وتوضيح معناه، وتخصيصعامه، وتقييد مطلقه، وتأكيد أوامره، والأمثلة كثيرة في حياته، وبعد وفاته، وذلك أنأبا بكر وعمر وعثمان وعلياً وابن عباس وابن مسعود وزيداً ومعاذاً وغيرهم منالصحابة، كانوا إذا أعوزهم أمر، أو نزل بهم حادث، أو وقعت بينهم قضية، أو تعرضوالقضاء أو فتوى، بحثوا عن الحكم في القرآن الكريم، فإن لم يجدوا فيه، بحثوا عن ذلكفي السنة، ويمموا وجوههم للبحث عن الحديث، وسأل بعضهم بعضاً عمن يحفظ عن رسول r في ذلك شيئاً، وقد تعددت الأحوال([14])،ولم يستنكر واحد منهم ذلك، وسار على هذا المنوال التابعون، وأجمع عليه العلماء منبعدهم حتى يومنا هذا.([15])
فدلّ عمل الصحابة وإجماعهم، وإجماع التابعين،وإجماع علماء الأمة، على أن السنة حجة كاملة، ومصدر تشريعي واجب الاتباعمتى صح نقلها عن رسول الله r.
ثالثاً : المعقول :
ثبتت حجية السنة عقلاً من عدة وجوه، أهمها:
1. إنالقرآن الكريم فرض على الناس فرائض مجملة كالصلاة، وشرع لهم أحكاماًعامة كالشورى، وأخبرهم عن واجبات كثيرة كبر الوالدين وطاعة أولي الأمر،ولم يبين القرآن الكريم تفصيل هذه الفرائض والأحكام والواجبات، ويستحيل عقلاًاستنباط ذلك وكيفيته إذا أراد المكلف المخاطب بالقرآن الكريم أن يؤدي هذه الفرائض،وينفذ تلك الأحكام، ويرضي ربه بالواجبات، كقوله تعالى: ) وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ( ) أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير (، وغير ذلك كثير وكثير، فجاء رسول الله r فبين هذا الإجمال بالسنة القولية والعملية، لما منحه الله تعالىمن سلطة البيان الذي هو تكليف إلهي له، فقال تعالى: ) وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزل إليهم ولعلهم يتفكرون ( [النحل/ 44]، فيوجب العقل المجرد الرجوع للسنة والاحتجاج بها،وإلا جمد، ووقف حائراً مرتبكاً أمام تطبيق القرآن الكريم.
2. كانرسول الله r ترجمة عملية للقرآن الكريم، وكانت أعماله وأفعاله صورة حية للأحكام الواردة في كتاب الله تعالى،وكانت أوصافه وأخلاقه تنفيذاً واقعياً لأوامر الله تعالى، وقد سئلت السيدة عائشة-رضي الله عنها- عن خُلُق رسول الله r فقالت: " وكان خُلُقه القرآن " ([16])،وكان رسول الله r يتمثل كلام ربه، ويلتزم رضاه، ويسير على الصراط المستقيم، بل كانأول من ينفذ أحكامه، وخير من يطبق كتابه، فكانت سنته وسيرته تطبيقاً عملياً لأحكامالقرآن الكريم، وبياناً واقعياً للناس عن صورة الإسلام الصحيحة الكاملة.([17])
فلا جرم أن تكونأقواله وأفعاله وكل ما يصدر عنه موافقاً لحكم الله تعالى، وأن تكون بالنسبةللمسلمين مصدراً رئيسياً لمعرفة الأحكام الشرعية نصاً واجتهاداً واستنباطاًواستدلالاً، وهذا ما يقتضيه العقل السليم، والفكر القويم.
3. إنوظيفة رسول الله r أن يبلغ للناس كتاب الله تعالى، ثم يبينه لهم فبلغالقرآن الكريم بنصه وحرفه، ونقله عن جبريل إلى أمته، أما البيان فهو بالأقوالوالأفعال التي صدرت عن رسول الله، وهي السنة، وقد ثبتت عصمة الرسول r في الأمرين معاً، وتكفل الله تعالى أن يحفظ الذكر، والقرآنالكريم لا يحفظ حقيقة إلا بحفظ بيانه، وهو السنة، فيوجب العقل أن تكون السنة حجةواجبة الاتباع والتطبيق، ودل ذلك على أن السنة بأقسامها الثلاثة (القولية والفعليةوالتقريرية) واجبة الاتباع متى صح صدورها عن رسول الله r، وأنها حكم شرعي واجب التنفيذ، ومصدر تشريعي للأمة في استنباطالأحكام.([18])
قال حجة الإسلام الغزالي رحمه الله تعالى:" وقول رسول الله r حجة لدلالة المعجزة على صدقه، ولأمر الله تعالى إيّانا باتباعه، ولأنه لا ينطق عن الهوى ".([19])
وإن القرآن الكريم والشريعة جاءتنا عن طريقرسول الله r، وهو المبلّغ عن ربه، وهو المبيّن لكتاب الله، وهو المكلفالأول عن التطبيق والتنفيذ، فكان لزاماً على المسلمين اتباع أوامره، ونواهيهوسائر سنته وبيانه وتطبيقه بموجب العقل.
فرع أول : حجية السنة من السنة :
بعد أن ثبتت حجية السنة بنصوص القرآن الكريم،وإجماع الصحابة، وإجماع المسلمين، والمعقول، نورد بعض الأدلة من السنة للاستئناسعلى حجيتها والاعتماد عليها([20])،وأن رسول الله r أكد هذه الحجية بأقواله وأفعاله وأحاديثه وسنته، فقال عليه الصلاةوالسلام: " تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي "([21])،وقال r: " ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه "([22])،وهذا المثل هو السنة([23])،وقد أوتيها من الله تعالى الذي آتاه القرآن الكريم، وعندما بعث رسول الله r معاذ بن جبل t إلى اليمن قال له: " كيف تقضي إ ن عرض لك قضاء؟ " قال:أقضي بكتاب الله، قال: " فإن لم يكن في كتاب الله ؟ " قال: فبسنة رسولالله، قال: " فإن لم يكن بسنة رسول الله ؟ " قال : أجتهد رأيي ولا آلو،فضرب رسول الله r على صدره، وقال: " الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله لمايرضي الله ورسوله ".([24])
([1]) المستصفى للغزالي 1/131، شرح الكوكب المنير للفتوحي 2/161، 165،الإحكام للآمدي 1/165، الموافقات للشاطبي 4/24، إرشاد الفحول للشوكاني ص 42،الحدود في الأصول للباجي ص 57، السنة ومكانتها في التشريع ص 65، المدخل لابن بدرانص 89، تسهيل الوصول للمحلاوي ص 139، أصول الحديث للأستاذ الدكتور محمد عجاج الخطيبص 19، أصول الفقه، للشيخ محمد أبو النور زهير 3/108، الوجيز في أصول الفقه، لنا/185.
([2]) انظر: شرح الكوكب المنير 2/167.
([3]) الرسالة،للإمام الشافعي ص33.
([4]) الإحكام في أصول الأحكام، له، 1/161.
([5]) الإحكام في أصول الأحكام، لابن حزم الأندلسي 1/87.
([6]) الرسالة ص79، الإحكام، لابن حزم 1/88، 87.
([7]) الإحكام للآمدي 1/161.
([8]) انظر تفصيل ذلك في الرسالة ص76 للإمام الشافعي رحمه الله تعالىالذي بيّن مكانة السنة وحجيتها، وفند شبه المنحرفين والمتشككين فيها بأسلوب رائع بديع لم يسبق إليه حتى سمي بناصر السنة.
([9]) الرسالة ص32، 78، جماع العلم، للإمام الشافعي على هامش الأم7/250.
([10]) أسباب النزول للسيوطي ص299- 300 تحقيق الدكتور بديع السيداللحام، تفسير ابن كثير 3/489، طبع عيسى الحلبي، بلا. ت، محاسن التأويل، للقاسمي13/4860، التفسير المنير 22/26.
([11]) الإحكام لابن حزم 1/91.
([12]) علم أصول الفقه، خلاف ص39، وقد توسعنا بالاستدلال بنصوص القرآنالكريم ليكون بين يدي المسلم، وغير المسلم، مجموعة من المعاني الواضحة القاطعةللرد على الشبهة التي يثيرها بعض الملحدين والحاقدين في دعوى ترك السنة والاكتفاءبالقرآن الكريم والاحتكام إليه فقط، ويكفي في الاستدلال وإقامة الحجة دليل واحد،أو آية واحدة، ولكن أردنا أن يزداد المؤمن إيماناً، ويستيقن الذين أوتو الكتابوالمؤمنون، أما الجاحد المنكر فهو مجرد معاند، ولن ينفعه شيء حتى لو رأى الحق بأمعينيه.
([13]) هذا الحديث أخرجه أبو داود (2/172)، والترمذي (4/557)، وأحمد(5/242، 236، 230) والدارمي (1/60)، والبيهقي (1/114)، وانظر جامع بيان العلموفضله لابن عبد البر (2/69)، طبقات ابن سعد (2/247)، جامع الأصول (10/551)، أعلامالموقعين (1/221)، أخبار القضاة لوكيع (1/98)، التلخيص الحبير (4/182).
([14]) انظر كتابنا: تاريخ القضاء في الإسلام، بحث مصادر القضاء ص117وما بعدها، طبع دار الفكر – دمشق – 1422هـ / 2001م، السنة ومكانتها في التشريعالإسلامي، السباعي ص412.
([15]) انظر: إرشاد الفحول، للشوكاني ص36.
([16]) هذا الحديث رواه مسلم (6/26)، وأبو داود (2/400)، وأحمد (6/188)عن عائشة رضي الله عنها.
([17]) انظر: فقه السيرة، للشيخ الداعية محمد الغزالي ص36.
([18]) قال اسحاق بن راهويه رحمه الله تعالى: " من بلغه عن رسولالله r خبريقر بصحته ثم ردّه بغير تقية (اجتهاد) فهو كافر " وأيد ابن حزم رحمه الله تعالىكلام إسحاق في الكفر، انظر: الإحكام، ابن حزم 1/89.
([19]) المستصفى، له 1/129.
([20]) هذه الأدلة لمجرد الاستئناس، وليست لإقامة الحجة، لأنه لا يصح أننحتج على الشيء بنفسه، فنقول السنة حجة لما ثبت في السنة.
([21]) هذا الحديث رواه الحاكم في المستدرك 1/218.
([22]) هذا الحديث رواه أبو داود (3/505)، وأحمد (4/331)، والترمذي وابنماجه عن المقداد بن معد يكرب t، وانظر: معالم السنن للخطابي 7/7.
([23]) روى الأوزاعي عن حسان بن عطية قال: وكان الوحي ينزل على رسول الله r، ويحضره جبريل بالسنة التي تفسر ذلك، تفسير القرطبي 1/39.
([24]) هذا الحديث رواه أبو داود والترمذي وأحمد والدارمي والبيهقي،وسبق بيانه.
في القرنالرابع عشر الهجري
الأستاذ الدكتور محمد الزحيلي
عميدكلية الشريعة والدراسات الإسلامية
جامعةالشارقة
1426هـ/ 2005م
P
الجهود المبذولة في حجية السنة
في القرن الرابع عشر الهجري
مقدمة:
الحمد لله رب العالمين، الذي أنزل القرآنالحكيم، وأكمل الشرع القويم، وقال: ) اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلامديناً ( [المائدة/ 3].
والصلاة والسلام على رسول الله المبعوث رحمةللعالمين، الذي اصطفاه الله تعالى، واختاره، وكلّفه حمل الرسالة، وتبليغها، وبيانها،والدعوى إليها، فقال تعالى: ) يا أيها المدثر % قم فأنذر ( [المدثر/ 1-2]، وقال تعالى: ) يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليه من ربك، وإن لم تفعل فما بلّغترسالته، والله يعصمك من الناس ( [المائدة/ 67]، وقال تعالى: ) وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون ( [النحل/ 44].
وبعد:
فإن القرآن الكريم هو الأصل الأول في ا لدِّين،والمصدر الأساسي للشرع والتشريع، ونص في آيات عدة على تكليف الرسول صلى الله عليهوسلم بالتبليغ والبيان، فصدرت عنه السنةالتي تعتبر الأصل الثاني بعد القرآن، والمصدر الثاني للأحكام، تبليغاً عن اللهتعالى القائل: ) وما ينطق عن الهوى % إن هو إلا وحي يوحى ( [النجم/ 3-4] .
والسنة لغة: الطريقة، وفي اصطلاحعلماء الأصول: "ماصدر عن رسول الله r من قول أو فعل أو تقرير([1])،وتتضمن الأحكام الشرعية بالأقوال الصادرة عن رسول الله r أو بالأفعال المبينة للتطبيق والتنفيذ العملي للأحكام، أوبالتقرير لما يصدر عن الصحابة أمامه من أقوال وأفعال تتفق مع دين الله وشرعه،فيقرهم عليها، فتصبح كأنها صادرة عن رسول الله r، وكل ذلك قياماً بواجب التبليغ والبيان، فكانت السنة المصدرالثاني من مصادر التشريع الإسلامي.
وتكفل الله تعالى بحفظ دينه، لبقاء الإسلام حتىتقوم الساعة، فقال تعالى: ) إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ( [الحجر/9]، والذكر يشمل القرآن والسنة، فحفظ الله كتابه، وسخرالعلماء لحفظ سنته في الصحاح والسنن والمسانيد والمستخرجات والمستدركات وغيرها.
ولكن الكفار والمشركين والمنافقين وقفوا في وجهالإسلام، وصوّبوا سهامهم لمصادره، وشمروا سواعدهم للطعن به بدءاً من كتابه المقدس،ورسوله المعظم، وسنته الشريفة، منذ أول البعثة، وطوال التاريخ، وحتى اليوم، وإلىأن تقوم الساعة، وهذا يمثل الصراع الأبدي والدائم بين الخير والشر والإيمانوالكفر، والحق والباطل إلى أن يرث اللهالأرض ومن عليها.
ولم تسلم السنة النبوية من ذلك، فاتجه إليهاالأعداء، والمنافقون، والجاهلون، والحاقدون، ونالوا منها بالطعن، والتشكيك، بلوالإنكار والجحود، وكانت أحد الحصون التي توجه إليها أعداء الله، وخاصة عندمايئسوا من النيل والتحريف والتبديل لكتاب الله تعالى، فاتجهوا إلى السنة ليمحوا أثرها ووجودها وحجيتها، ليبقىالقرآن مجملاً وعاماً ومبهماً لعلّهم يعبثوا به ، فيضيع الإسلام، وتنقرض مصادرهوينابيعه، وكان الله تعالى لهم بالمرصاد ليردّ كيدهم، وسخّر العلماء لحفظ السنةرواية ودراية، لتبقى شامخة كالجبال، وتبقى مصدراً عذباً فياضاً طاهراً سلسبيلاًتروي المسلمين، وتمدهم بالبيان الحقيقي الصحيح لتطبيق الإسلام وفهم القرآن.
ومن هنا ظهر الاصطلاح الأصولي حجية السنةلبيان مكانتها في التشريع، وشمر العلماء سواعدهم لذلك طوال التاريخ، وخاصة عندماأشعلت نار الحرب، وتوجهت السهام إلى السنةفي العصور الأخيرة على يد بعض المستشرقين، ثم ردّد شبهاتهم وأباطيلهم أذنابهموأتباعهم وأعوانهم في ديار الإسلام، فكان علماء الأمة لهم بالمرصاد، فكتبوا عن حجيةالسنة في القرن الرابع عشر الهجري، بأسلوب محكم لتأكيد مكانة السنة وحجيتها،حتى بقيت صامدة كالشمّ الرواسي، وبقيت الأمة ملتزمة بكتاب ربها، وسنة نبيها،وشريعتها السمحة، لتبقى الراية مرفوعة، والأمانة لدين الله ورسالته محفوظة مؤداة،ليبلغها الجيل الحاضر سليمة صافية للأجيال القادمة، وترتد سهام الحاقدين إلى نحورهم، ليظفروا بالخزي والعار والشنار، وتبقىالحقيقة شامخة، والحق مرفوعاً، ودين الله محفوظاً، والواقع أبلجاً.
وإسهاماً في هذه الأعمال المجيدة، أردت دراسة الجهودالمبذولة في حجية السنة في القرن الرابع عشر الهجري بصفة عامة، وتقديم دراسةعن أهم الكتب التي ظهرت في هذا الخصوص، وهو أطروحة الدكتوراه للداعية المجاهدالعلامة الأستاذ الدكتور مصطفى السباعي بعنوان " السنة ومكانتها في التشريعالإسلامي" التي نال بها المؤلف رحمة الله تعالى وأسبغ عليه شآبيب رحمته شهادةالعالمية من درجة أستاذ برتبة امتياز من كلية الشريعة بالجامع الأزهر عام1369هـ/1950م.
خطةالبحث:
قسمتالبحث إلى فصلين:
الفصلالأول:دراسة عامة، وفيه مبحثان :
المبحث الأول: حجيةالسنة.
المبحث الثاني: عرضللدراسات المبذولة عن حجية الناس في القرن الرابع عشر الهجري.
الفصلالثاني:دراسة خاصة، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: ترجمةموجزة عن العالم الداعية المجاهد مصطفى السباعي رحمه الله تعالى.
المبحث الثاني: دراسةوتقويم لكتاب "السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي.
الخاتمة: نتائج البحث والتوصيات.
وسوف التزم المنهج الموضوعي في المبحثالأول من الفصل الأول، والمنهج الاستقرائي في المبحث الثاني، والمنهج التاريخي فيالمبحث الأول من الفصل الثاني، والمنهج النقدي والتحليلي في المبحث الثاني منه.
وأسأل الله التوفيق والسداد، وعليه الاعتمادوالتكلان، والحمد لله رب العالمين.
الفصل الأول
الدراسة العامة عن حجية السنة
وبيان الجهود المباركة التي بذلت فيها في القرن
الرابع عشر الهجري، وذلك في مبحثين:
المبحث الأولحجية السنة
اتفق العلماء على أن السنة الصحيحة الثابتةالتي صدرت عن رسول الله r بقصد التشريع والاقتداء – حجة على المسلمين، ومصدر تشريعي لهم،متى ثبتت بسند صحيح، إما بطريق القطع، أو غلبة الظن.
واستدلوا على ذلك بأدلة جازمة قطعية كثيرةواضحة بيّنة لا تدخل تحت الحصر، وصار عندهم يقين جازم بأنه لا فرق بين حكم ثبتبالكتاب الكريم وحكم ثبت بالسنة النبوية، وهذه الأدلة من القرآن الكريم، وإجماعالصحابة، والمعقول، ويجمعها ثبوت العصمة للنبي r المصطفى، والمرسل، والمبلِّغ، والمبيِّن عن ربه سبحانه وتعالى([2])،فمن ذلك:
أولاً: حجية السنة من القرآن الكريم:
استدل العلماء على حجية السنة بنصوص كثيرة منالقرآن الكريم، وذلك من عدة وجوه، أهمها مايلي:
1- أحال القرآن الكريم إلى السنة بعبارة صريحة، حيث طلبالله تعالى من رسوله أن يبيّن للناس ما أنزل الله إليهم من أحكام القرآن الكريم،فقال عز وجل: ) وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزِّل إليهم ولعلهم يتفكرون ( [النحل/ 44]، فأصبح بيان رسول الله r حجة بتكليف الله تعالى، وتفويض منه.
2- أمر الله تعالى بطاعة رسوله، والطاعةتفيد الالتزام بأمر المطاع وتنفيذ طلباته([3])، قال الله تعالى: ) وأقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وأطيعوا الرسول، لعلكم ترحمون ( [النور/ 56]، فأصبح ما يصدر عن رسول الله r واجب التطبيق.
3- ربط الله تعالى محبته باتباع رسوله r، فقال تعالى: ) قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر ذنوبكم ( [آل عمران/ 31].
قال الآمدي –رحمه الله تعالى-: " ومحبةالله واجبة، والآية دلت على أن متابعة النبي عليه الصلاة والسلام لازمة لمحبة اللهالواجبة " ([4])،فتجب المتابعة على أمر مشروع من الله سبحانه وتعالى ويصبح حجة لازمة.
4- قرن الله تعالى طاعته بطاعة رسوله في آياتكثيرة، فقال تعالى: ) يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول، وأولي الأمرمنكم ( [النساء/ 59]، وقال عز وجل: ) يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله، ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون( [الأنفال/ 20]، وقال تعالى: ) قل أطيعوا الله والرسول ( [آل عمران/ 32]، وجعل الله تعالى طاعة الرسول طاعة له، فقالتعالى: ) من يطع الرسول فقد أطاع الله ( [النساء/ 80].
فهذه الآيات الكريمة – وغيرها – تدل دلالةقاطعة على أن الله تعالى يوجب اتباع رسوله فيما شرع، وأن الالتزام بطاعة الرسولكالالتزام بطاعة الله، وأن تنفيذ أقوال الرسول وأوامره كتنفيذ أقوال الله وأوامره،والانتهاء عما نهى عنه، وأن الآية الثانية هددت ونهت وحذرت من التولي عن طاعته أومعصيته.([5])
5- أمر الله تعالى برد الحكم إلى الله والرسولعند التنازع والاختلاف، فقال تعالى: ) فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون باللهواليوم الآخر ( [النساء/ 59]، وهذا دليل على وجوب الرجوع إلى حكم الله تعالىالوارد في القرآن الكريم، وإلى حكم الله تعالى الثابت في السنة الشريفة، فهذا دليلقطعي على حجيتها على المسلمين للالتزام بها.([6])
6- وصف القرآن الكريم رسول الله r بصفات المشرع، فقال تعالى عن رسوله: ) يأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، ويحل لهم الطيبات، ويحرمعليهم الخبائث، ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ( [الأعراف/ 157]، فهذه الآية صريحة الدلالة في أن أوامر رسولالله ونواهيه شرع للمسلم، بل وصفه الله تعالى بالعصمة في التشريع، أيبعدم الخطأ فيما يقوله من الأحكام، فقال تعالى: ) وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى ( [النجم/ 3-4].
7- نبّه القرآن الكريم إلى مكانة الرسول التشريعية،وحذر من مخالفة أمره، ثم هدّد بالفتنة والعذاب لمن يخالف أمره، قالتعالى: ) لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً، قد يعلم اللهالذين يتسللون منكم لواذاً، فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أويصيبهم عذاب أليم ( [النور/ 63]، وهذا يدل على وجوب اتباعه والاقتداء به والالتزامبما يصدر عنه.([7])
8- أمر القرآن الكريم الأمة بالأخذ بما جاء بهرسول الله r والنهي عما نهاهم عنه، فقال تعالى: ) وما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا ( [الحشر/ 7]، وهذا نص صريح بحجية أوامره ونواهيه الواردة في السنةالشريفة.
9- نص القرآن الكريم أن الله تعالى أعطى نبيهمحمداً r الكتاب والحكمة في آيات كثيرة([8])،فقال تعالى: ) لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلوعليهم آياته، ويزكيهم، ويعلمهم الكتاب والحكمة ( [آل عمران/ 164]، وقال الله تعالى: ) هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهمويعلمهم الكتاب والحكمة ( [الجمعة/ 2].
قال العلماء: الحكمة: هي السنة([9])،مما يدل على أن الله تعالى أوحاها إليه، وأنزل معناها عليه، وطلب منه بيانهاللناس، وتلاوتها عليهم، وتعليمها لهم ليعملوا بها ويسيروا على هديها، ويلتزموا بهاكالقرآن الكريم.
10- نص القرآن الكريم على وجوب الرضا بقضاءرسول الله r وأن حكمه ملزم للمسلمين حتى في أمورهمالخاصة، وليس لهم خيار أمامه، فقال تعالى: ) وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهمالخيرة من أمرهم ( [الأحزاب/ 36]، وكان للآية سبب خاص فالتزم به الصحابة رضوان اللهعليهم، وتكرر الأمر في حياته r، ووقف الصحابة عند قضائه دون أن يحيدوا عليه قيد أنملة([10])،مما يؤكد دلالة الآية، ووجوب العمل بها والالتزام فيها، ثم تأكد ذلك بما يلي.
11- نفى القرآن الكريم الإيمان عمن يرفض المثوللقضاء رسول الله r، أو يسخط عليه، ولا يستسلم له، أو لا يقبله، فقال تعالى: ) فلا وربك لا يؤمنون، حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا فيأنفسهم حرجاً مما قضيت ويُسلموا تسليماً ( [النساء/ 65]، ووصم الله تعالى من يصد ويعرض عن الرسول r أنه منافق([11])،فقال تعالى: ) وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقينيصدون عنك صدوداً ( [النساء/ 61].
12- بين القرآن الكريم أن من صفات الرسل عامةوجوب طاعتهم من الأمة التي أرسلوا إليها، فقال تعالى: ) وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ( [النساء/ 64]، ونص على ذلك في شأن كل رسول خاصة، فقال تعالى: ) إني رسول أمين، فاتقوا الله وأطيعون ( [الشعراء/ 108]، ومحمد r رسول أمين، وهو أحد الرسل الذين يجب طاعتهم.
13- خاطب القرآن الكريم الأمة واعظاً ومرشداً بأنهجعل لهم رسول الله أسوة وقدوة لمن يبتغي تطبيق شرعه، ويطمع في رضوان الله،فقال تعالى: ) لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليومالآخر ( [الأحزاب/ 21]، والقدوة يجب اتباعها، والأسوة يجب السير علىهداها، وخاصة إذا كانت نبياً مصطفى، ورسولاً مجتبىً، ومن أولي العزم، وأفضل خلقالله تعالى.
هذه النصوص القرآنية –وغيرها كثير- برهان ودليلقاطع على حجية السنة، واعتبارها مصدراً من مصادر التشريع الإسلامي، وأن الأحكامالواردة في السنة الصحيحة تشريع إلهي واجب الاتباع.([12])
ثانياً : إجماع الصحابة :
أجمع صحابة رسول الله r في حياته، وبعد وفاته على وجوب اتباع سنته والعمل بهاوالالتزام بما ورد فيها من أحكام، وتنفيذ ما فيها من أوامر، والانتهاء عما فيها مننواه.
وكان الصحابة رضوان الله عليهم لا يفرقون بينالأحكام المنزلة في القرآن الكريم والأحكام الصادرة عن رسول الله r، ولذلك قال معاذ t: " إن لم أجد في كتاب الله قضيت بسنة رسول الله r " ([13])،بل كان الصحابة رضوان الله عليهم يتوقفون في مفهوم كتاب الله حتى يسألوا رسول اللهr عن مراد الله، وبيان مجمل القرآن الكريم، وتوضيح معناه، وتخصيصعامه، وتقييد مطلقه، وتأكيد أوامره، والأمثلة كثيرة في حياته، وبعد وفاته، وذلك أنأبا بكر وعمر وعثمان وعلياً وابن عباس وابن مسعود وزيداً ومعاذاً وغيرهم منالصحابة، كانوا إذا أعوزهم أمر، أو نزل بهم حادث، أو وقعت بينهم قضية، أو تعرضوالقضاء أو فتوى، بحثوا عن الحكم في القرآن الكريم، فإن لم يجدوا فيه، بحثوا عن ذلكفي السنة، ويمموا وجوههم للبحث عن الحديث، وسأل بعضهم بعضاً عمن يحفظ عن رسول r في ذلك شيئاً، وقد تعددت الأحوال([14])،ولم يستنكر واحد منهم ذلك، وسار على هذا المنوال التابعون، وأجمع عليه العلماء منبعدهم حتى يومنا هذا.([15])
فدلّ عمل الصحابة وإجماعهم، وإجماع التابعين،وإجماع علماء الأمة، على أن السنة حجة كاملة، ومصدر تشريعي واجب الاتباعمتى صح نقلها عن رسول الله r.
ثالثاً : المعقول :
ثبتت حجية السنة عقلاً من عدة وجوه، أهمها:
1. إنالقرآن الكريم فرض على الناس فرائض مجملة كالصلاة، وشرع لهم أحكاماًعامة كالشورى، وأخبرهم عن واجبات كثيرة كبر الوالدين وطاعة أولي الأمر،ولم يبين القرآن الكريم تفصيل هذه الفرائض والأحكام والواجبات، ويستحيل عقلاًاستنباط ذلك وكيفيته إذا أراد المكلف المخاطب بالقرآن الكريم أن يؤدي هذه الفرائض،وينفذ تلك الأحكام، ويرضي ربه بالواجبات، كقوله تعالى: ) وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ( ) أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير (، وغير ذلك كثير وكثير، فجاء رسول الله r فبين هذا الإجمال بالسنة القولية والعملية، لما منحه الله تعالىمن سلطة البيان الذي هو تكليف إلهي له، فقال تعالى: ) وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزل إليهم ولعلهم يتفكرون ( [النحل/ 44]، فيوجب العقل المجرد الرجوع للسنة والاحتجاج بها،وإلا جمد، ووقف حائراً مرتبكاً أمام تطبيق القرآن الكريم.
2. كانرسول الله r ترجمة عملية للقرآن الكريم، وكانت أعماله وأفعاله صورة حية للأحكام الواردة في كتاب الله تعالى،وكانت أوصافه وأخلاقه تنفيذاً واقعياً لأوامر الله تعالى، وقد سئلت السيدة عائشة-رضي الله عنها- عن خُلُق رسول الله r فقالت: " وكان خُلُقه القرآن " ([16])،وكان رسول الله r يتمثل كلام ربه، ويلتزم رضاه، ويسير على الصراط المستقيم، بل كانأول من ينفذ أحكامه، وخير من يطبق كتابه، فكانت سنته وسيرته تطبيقاً عملياً لأحكامالقرآن الكريم، وبياناً واقعياً للناس عن صورة الإسلام الصحيحة الكاملة.([17])
فلا جرم أن تكونأقواله وأفعاله وكل ما يصدر عنه موافقاً لحكم الله تعالى، وأن تكون بالنسبةللمسلمين مصدراً رئيسياً لمعرفة الأحكام الشرعية نصاً واجتهاداً واستنباطاًواستدلالاً، وهذا ما يقتضيه العقل السليم، والفكر القويم.
3. إنوظيفة رسول الله r أن يبلغ للناس كتاب الله تعالى، ثم يبينه لهم فبلغالقرآن الكريم بنصه وحرفه، ونقله عن جبريل إلى أمته، أما البيان فهو بالأقوالوالأفعال التي صدرت عن رسول الله، وهي السنة، وقد ثبتت عصمة الرسول r في الأمرين معاً، وتكفل الله تعالى أن يحفظ الذكر، والقرآنالكريم لا يحفظ حقيقة إلا بحفظ بيانه، وهو السنة، فيوجب العقل أن تكون السنة حجةواجبة الاتباع والتطبيق، ودل ذلك على أن السنة بأقسامها الثلاثة (القولية والفعليةوالتقريرية) واجبة الاتباع متى صح صدورها عن رسول الله r، وأنها حكم شرعي واجب التنفيذ، ومصدر تشريعي للأمة في استنباطالأحكام.([18])
قال حجة الإسلام الغزالي رحمه الله تعالى:" وقول رسول الله r حجة لدلالة المعجزة على صدقه، ولأمر الله تعالى إيّانا باتباعه، ولأنه لا ينطق عن الهوى ".([19])
وإن القرآن الكريم والشريعة جاءتنا عن طريقرسول الله r، وهو المبلّغ عن ربه، وهو المبيّن لكتاب الله، وهو المكلفالأول عن التطبيق والتنفيذ، فكان لزاماً على المسلمين اتباع أوامره، ونواهيهوسائر سنته وبيانه وتطبيقه بموجب العقل.
فرع أول : حجية السنة من السنة :
بعد أن ثبتت حجية السنة بنصوص القرآن الكريم،وإجماع الصحابة، وإجماع المسلمين، والمعقول، نورد بعض الأدلة من السنة للاستئناسعلى حجيتها والاعتماد عليها([20])،وأن رسول الله r أكد هذه الحجية بأقواله وأفعاله وأحاديثه وسنته، فقال عليه الصلاةوالسلام: " تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي "([21])،وقال r: " ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه "([22])،وهذا المثل هو السنة([23])،وقد أوتيها من الله تعالى الذي آتاه القرآن الكريم، وعندما بعث رسول الله r معاذ بن جبل t إلى اليمن قال له: " كيف تقضي إ ن عرض لك قضاء؟ " قال:أقضي بكتاب الله، قال: " فإن لم يكن في كتاب الله ؟ " قال: فبسنة رسولالله، قال: " فإن لم يكن بسنة رسول الله ؟ " قال : أجتهد رأيي ولا آلو،فضرب رسول الله r على صدره، وقال: " الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله لمايرضي الله ورسوله ".([24])
([1]) المستصفى للغزالي 1/131، شرح الكوكب المنير للفتوحي 2/161، 165،الإحكام للآمدي 1/165، الموافقات للشاطبي 4/24، إرشاد الفحول للشوكاني ص 42،الحدود في الأصول للباجي ص 57، السنة ومكانتها في التشريع ص 65، المدخل لابن بدرانص 89، تسهيل الوصول للمحلاوي ص 139، أصول الحديث للأستاذ الدكتور محمد عجاج الخطيبص 19، أصول الفقه، للشيخ محمد أبو النور زهير 3/108، الوجيز في أصول الفقه، لنا/185.
([2]) انظر: شرح الكوكب المنير 2/167.
([3]) الرسالة،للإمام الشافعي ص33.
([4]) الإحكام في أصول الأحكام، له، 1/161.
([5]) الإحكام في أصول الأحكام، لابن حزم الأندلسي 1/87.
([6]) الرسالة ص79، الإحكام، لابن حزم 1/88، 87.
([7]) الإحكام للآمدي 1/161.
([8]) انظر تفصيل ذلك في الرسالة ص76 للإمام الشافعي رحمه الله تعالىالذي بيّن مكانة السنة وحجيتها، وفند شبه المنحرفين والمتشككين فيها بأسلوب رائع بديع لم يسبق إليه حتى سمي بناصر السنة.
([9]) الرسالة ص32، 78، جماع العلم، للإمام الشافعي على هامش الأم7/250.
([10]) أسباب النزول للسيوطي ص299- 300 تحقيق الدكتور بديع السيداللحام، تفسير ابن كثير 3/489، طبع عيسى الحلبي، بلا. ت، محاسن التأويل، للقاسمي13/4860، التفسير المنير 22/26.
([11]) الإحكام لابن حزم 1/91.
([12]) علم أصول الفقه، خلاف ص39، وقد توسعنا بالاستدلال بنصوص القرآنالكريم ليكون بين يدي المسلم، وغير المسلم، مجموعة من المعاني الواضحة القاطعةللرد على الشبهة التي يثيرها بعض الملحدين والحاقدين في دعوى ترك السنة والاكتفاءبالقرآن الكريم والاحتكام إليه فقط، ويكفي في الاستدلال وإقامة الحجة دليل واحد،أو آية واحدة، ولكن أردنا أن يزداد المؤمن إيماناً، ويستيقن الذين أوتو الكتابوالمؤمنون، أما الجاحد المنكر فهو مجرد معاند، ولن ينفعه شيء حتى لو رأى الحق بأمعينيه.
([13]) هذا الحديث أخرجه أبو داود (2/172)، والترمذي (4/557)، وأحمد(5/242، 236، 230) والدارمي (1/60)، والبيهقي (1/114)، وانظر جامع بيان العلموفضله لابن عبد البر (2/69)، طبقات ابن سعد (2/247)، جامع الأصول (10/551)، أعلامالموقعين (1/221)، أخبار القضاة لوكيع (1/98)، التلخيص الحبير (4/182).
([14]) انظر كتابنا: تاريخ القضاء في الإسلام، بحث مصادر القضاء ص117وما بعدها، طبع دار الفكر – دمشق – 1422هـ / 2001م، السنة ومكانتها في التشريعالإسلامي، السباعي ص412.
([15]) انظر: إرشاد الفحول، للشوكاني ص36.
([16]) هذا الحديث رواه مسلم (6/26)، وأبو داود (2/400)، وأحمد (6/188)عن عائشة رضي الله عنها.
([17]) انظر: فقه السيرة، للشيخ الداعية محمد الغزالي ص36.
([18]) قال اسحاق بن راهويه رحمه الله تعالى: " من بلغه عن رسولالله r خبريقر بصحته ثم ردّه بغير تقية (اجتهاد) فهو كافر " وأيد ابن حزم رحمه الله تعالىكلام إسحاق في الكفر، انظر: الإحكام، ابن حزم 1/89.
([19]) المستصفى، له 1/129.
([20]) هذه الأدلة لمجرد الاستئناس، وليست لإقامة الحجة، لأنه لا يصح أننحتج على الشيء بنفسه، فنقول السنة حجة لما ثبت في السنة.
([21]) هذا الحديث رواه الحاكم في المستدرك 1/218.
([22]) هذا الحديث رواه أبو داود (3/505)، وأحمد (4/331)، والترمذي وابنماجه عن المقداد بن معد يكرب t، وانظر: معالم السنن للخطابي 7/7.
([23]) روى الأوزاعي عن حسان بن عطية قال: وكان الوحي ينزل على رسول الله r، ويحضره جبريل بالسنة التي تفسر ذلك، تفسير القرطبي 1/39.
([24]) هذا الحديث رواه أبو داود والترمذي وأحمد والدارمي والبيهقي،وسبق بيانه.
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب