الاستصناع( المقاولات )
إعداد
سعدالسبر
فقهمقارن مستوى أول المعهد العالي للقضاء
9/4/1429
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد
فلقد يسر الله لي البحث في موضوع يتعلق بمعاملة معاصرة وهي المقاولات ( الاستصناع ) بتكليف من الدكتور عبدالرحمنالسند بحث فصلي لمرحلة الماجستير فقه المقارن المستوى المقارن بمعهد العالي للقضاء بجامعة الامام محمد بن سعودالإسلامية للعام 1428 هـ 1429 هـ وبدأت بمقدمة وتعريف للمقاولات وأنواعها ثم طرحت تساؤلات وإشكالات حول الاستصناع ثم تكلمت على الاستصناع وتعريفه وأركانه وشروطه وتكييفه الفقهي ثم تكلمت على اشتراط الأجل وعلى الإلزام في عقد الاستصناع وعلى الإلزام فيعقد الاستصناع وعلى تأجيل البدلين في الاستصناع وآثاره وبما ينتهي عقدالاستصناع وأنواع الاستصناع ثم ذكرتتوصيات حول المقاولات وقرارا المجمع الفقهي ثم نقلت تطبيق معاصرمن بنك البلاد واستفدت في بحثي من بحث الدكتور بكر أبوزيد رحمه الله وبحث عقد التوريد والمقاولةفي ضوء التحديات الاقتصادية المعاصرة رؤية شرعية للدكتور أحمد ذياب شويدح والدكتورعاطف أبو هربيد و مجموعة بحوث مجلة مجمعالفقهي الإسلامي للدكتور مصطفى الزرقارحمه الله والدكتور مصطفى التارزي والدكتورالقره داغي وبعض الفقهاء ونقلت مباشرة منهم حسب مصادرهم دون الرجوع لتلك المصادر , ونشرته لمن أراد الفائدة والله اسأل أن يجعلعملي خالصا لوجه وأن يغفر لي ولوالدي والمسلمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبهأجمعين
تعريف المقاولة لغة:
المقاولة صيغة مبالغةعلى وزن مفاعلة، تقتضي مشاركة من أطراف متعددة، وأصل اشتقاقها الفعل قال يقولقولاً وقولة ومقالاً، وقاوله في أمره وتقاولا أي تفاوضا (الرازي، 1995: 232؛ ابنمنظور، د. ت.: 11/577)، فالمقاولة معناها المفاوضة والمجادلة.
ثانياً: تعريف عقد المقاولة اصطلاحاً:
يُعتبر مصطلح عقدالمقاولة من المصطلحات القانونية الحديثة، ولذلك عرفه علماء الشرع المعاصرونبتعريفه القانوني وهو: "عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئاً أوأن يؤدي عملاً لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر" (السنهوري، 1964: 5/7؛الزحيلي، 1997: 4/3172؛ المصري، 1996: 202؛ التارزي، 1992: 580).
والمقاول في عقد المقاولة هو مَن يتعهدبصناعة شيء معين، أو بأداء عمل معين، والعاقد الآخر هو مَن يتعهد بالأجر للمقاولمقابل تنفيذ التزاماته، وهذا الأجر غالباً ما يُؤدى على شكل دفعات أو أقساط؛ ولذلكأضاف المصري في تعريفه لعقد مقاولة الأشغال العامة قوله:"لقاء مقابل محدديُدفع على نجوم (أقساط)" (المصري، 1996: 203).
ويُشارهنا أنه بالرغم من كون المقاولة مصطلحاً قانونياً إلا أن مجلة الأحكام العدليةالمستَمدة موادها من الفقه الحنفي استعملته في تفسير الاستصناع حيث جاء فيها:"الاستصناع عقد مقاولة مع أهل الصنعة، على أن يعمل شيئاً، فالعامل صانعوالمشتري مستصنع والشيء مصنوع" (أسرة جمعية المجلة، د. ت.: 31)، وجاء في موضعآخر:" لو تقاول مع صاحب معمل أن يصنع له كذا بندقية كل واحدة بكذا قرشاًوبيّن الطول والحجم وسائر أوصافها اللازمة وقبل صاحب المعمل انعقد الاستصناع"(أسرة جمعية المجلة، د. ت.: 75 وما بعدها)، ويُفهم من ذلك كما ذكر المصري أن مجلةالأحكام العدلية اعتبرت الاستصناع والمقاولة شيئاً واحداً (المصري، 1996: 222 ومابعدها)، مع أن المقاولة في القانون الوضعي أعم من الاستصناع في الشرع (التارزي،1992: 581)، إذ أنها تشمل الاستصناع والإجارة كما أُشير إلى ذلك سابقاً، وليس كذلكالاستصناع.
واستناداً إلى ما سبق يمكن تعريف المقاولاتبأنها:العقودالتي يتعهد بمقتضاها أحد المتعاقدين أن يصنع شيئاً أو أن يؤدي عملاً لقاء أجريتعهد به المتعاقد الآخر.
أنواع المقاولات: تتنوع المقاولاتتنوعاً كبيراً؛ نتيجة لتنوع الأعمال التي يلتزم المقاول بأدائها، وهذه الأعمالتختلف من مقاولة إلى أخرى بحسب اعتبارات عديدة هي:
الفرع الأولً: باعتبار طبيعة العمل:
وتنقسم المقاولات بهذا الاعتبار إلى قسمين هما:
1-مقاولات إجارة:
وهي المقاولات التي يتعهد فيها المقاول بتقديمالعمل فقط (التارزي، 1992: 590)، بحيث يكون تحت إدارة وإشراف الطرف الآخر للعقد(السنهوري، 1964: 7/12؛ المصري، 1996: 202؛ التارزي، 1992: 590)، وهذا العمل إماأن يكون غير متصل بشيء معين، كنقل الأشخاص والطبع والنشر، وإما أن يكون متصلاًبشيء معين سواء كان موجوداً وقت العقد أو غير موجود، وهذا الشيء لا يملكه المقاول،بل يقدمه الطرف الآخر للعقد، وإنما يمارس المقاول العمل عليه فقط، كترميم الأبنيةأو دهانها، وكتجديد الأثاث (السنهوري، 1964: 7/31)، وكتصليح أجهزة الحاسوب أومعدات أخرى، وهذه الأمثلة تندرج ضمن عقود الصيانة، وتُعتبر مقاولات إجارة لأنهاتقوم حقيقة على الاستئجار للعمل، يُؤكد ذلك ما ورد في البدائع حيث جاء فيها:" فإن سلم إلى حداد حديداً ليعمل له إناءً معلوماً بأجر معلوم، أو جلداً إلىخفاف ليعمل له خفاً معلوماً بأجر معلوم فذلك جائز ولا خيار فيه؛ لأن هذا ليسباستصناع، بل هو استئجار فكان جائزاً" (الكاساني، 1982: 5/4).
2-مقاولات استصناع:
وهي المقاولات التي يتعهد فيها المقاول بتقديمالعمل والمادة معاً (المصري، 1996: 202؛ التارزي، 1992: 590)، وتُعتبر مقاولاتاستصناع لأنها يصدق عليها صورة الاستصناع عند القائلين بجوازه وهم الحنفية، فقدجاء في البدائع في ذلك ما نصه: "أما صورة الاستصناع: فهي أن يقول إنسان لصانعمن خفاف أو صفار أو غيرهما اعمل لي خفا أو آنية من أديم أو نحاس من عندك بثمنكذا" (الكاساني، 1982: 5/2).
ومقاولات الاستصناع قد يصدق عليها أنها تجمعبين البيع وخاصة السلم وبين الإجارة وذلك بحسب تعريف السمرقندي (وغيره من الحنفيةللاستصناع، إذ عرّفه بأنه: "عقد على مبيع في الذمة وشرط عمله علىالصانع" (السمرقندي، 1984: 2/362)، ويقول صاحب البدائع بشأن الاستصناع:"فيه معنى عقدين جائزين وهو السلم والإجارة؛ لأن السلم عقد على مبيع فيالذمة، واستئجار الصناع يشترط فيه العمل؛ وما اشتمل على معنى عقدين جائزين كانجائزاً" (الكاساني، 1982: 5/3).
ويرى القره داغي أن الاستصناع ليس كالسلمالذي لابد فيه من قبض رأس المال في المجلس، وليس كالبيع الذي لابد فيه من وجودالمبيع، بل هو عقد يكون المعقود عليه وهو العمل والعين في الذمة، ويجوز فيه تأجيلالثمن أو تقسيطه، مما يساهم في تنشيط الصناعة وزيادة المرونة في سوق المال (القرهداغي، 1994:466).
ويرجحالباحثان ما ذهب إليه الدكتور القره داغي؛ للأسباب ذاتها التي أوردها
الفرع الثاني: باعتبار حجم العمل:
وتنقسم المقاولات بهذا الاعتبار إلى قسمين هما:
1-مقاولات صغيرة:
وتتناول أعمالاً صغيرة، وغالباً ما تتعلقبأعمال المهن الحرة كالنجار وغيرها.
2-مقاولات كبيرة:
وتتناول أعمالاً كبيرة، وعادة ما تتعلق بتشييدالمباني والجسور والسدود وغيرها.
الفرع الثالث: باعتبار جنس العمل:
وتنقسم المقاولات بهذا الاعتبار إلى أقسامعديدة بحسب العمل الذي ينسب إلى المقاولة، فهناك مقاولات بناء، ومقاولات أشغالعامة، ومقاولات نقل وغيرها.
كما وتنقسم المقاولات باعتبار جنس العملإلى قسمين آخرين هما:
1-مقاولات مادية:
وتتناول الأعمال المادية كإنشاءات المبانيوالجسور والسدود وغيرها.
2-مقاولات عقلية:
وهي التي ترد على أعمال ناتجة عن مجهود عقليوليس مادي، كالأعمال القانونية مثل المحاماة، وكالأعمال الفنية مثل تصميم يضعهمهندس معماري.
الفرع الرابع: باعتبار متعلق العمل:
وتنقسم المقاولات بهذاالاعتبار إلى قسمين هما:
1-مقاولات عامة:
وهي التي تتعلق أعمالها بالمرافق العامةوالأشغال العامة والنقل وغيرها، وتكون الحكومة أو المؤسسات العامة طرفاً فيها.
2-مقاولات خاصة:
وهي التي تتعلق أعمالها بمرافق ومصالح خاصةبالأفراد والشركاتولا تكون الحكومة أو المؤسسات العامة طرفاً فيها(السنهوري، 1964: 7/31 وما بعدها).
إشكالات حول الاستصناع ( المقاولات )
هل هو مجرد وعد من شخص لآخر، أو هوعقد ذو طرفين ينشأ بإيجاب وقبول منهما. ومن يرى أنه عقد هل هو عنده عقد معاوضةملزم لطرفيه بمجرد الانعقاد الصحيح ، أو عقد غير ملزم كالوكالة مثلًا والإيداع والإعارة؟
هل هوبيع سلم فتجري فيه شروط السلم ؟؟ أو بيععادي فتجب فيه شروط البيع ؟
هل الاستصناع عقد أم وعد ؟؟
هل عقد الاستصناع من قبيلالبيع أم من قبيل الإجارة ؟
هل البيع للعين أو للعمل ؟
هل يجري فيه خيار الرؤية؟؟
* وهل عقد الاستصناع جائز أم لازم ؟
لذا سنتكلم بالتفصيل علىالاستصناع لكي نجيب على التساؤلات
تعريف الاستصناع في اللغة :
الاستصناع استفعال من صنع ، فالألف والسين للطلب ، يقال : استغفار لطلب المغفرة ،والصنع : يقول الرازي : "(الصنع) : بالضم مصدر قولك صنع إليه معروفاً وصنع بهصنيعاً قبيحاً أي : فعل ، والصناعة - بكسر الصاد : حرفة الصانع ، واصطنعه : اتخذه، قال تعالى : " واصطنعتك لنفسي " ، يقول ابن منظور : " ويقالاصطنع فلان خاتما إذا سأل رجلا أن يصنع له خاتما 3 واستصنع الشيء : دعا إلى صنعه ،فالاستصناع لغة : طلب الفعل
الاستصناع في الاصطلاح : عقد يشتري به في الحال شيء مما يصنع صنعاً يلتزمالبائع بتقديمه مصنوعاً بمواد من عنده بأوصاف معينة لقاء ثمن محدد .
الاستصناع المصرفي : توسطالبنك لتمويل صناعة سلع أو إنشاء أصل معين يطلبه العميل بمواصفات محددة .
الصانع : هو البائع الذييلتزم في عقد الاستصناع بتقديم المصنوع للعميل عند حلول الأجل سواء باشر الصنعبنفسه أو عن طريق صانع
آخر .
الصانع النهائي : المقاولأو الصانع الذي يباشر الصنع في عقد يكون البنك فيه مستصنعاً .
المستصنع : هو الطرفالمشتري في عقد الاستصناع والملتزم بموجب العقد بقبول المصنوع إذا جاء مطابقاًللمواصفات .
التكلفة الكلية للاستصناع :هي التكلفة التي يدفعها البنك للصانع النهائي زائداً أية تكاليف يتحملها البنك لطرفثالث حتى لحظة تسليم
المصنوع للمستصنع .
ربح البنك : هو المبلغالزائد على التكلفة الكلية للاستصناع الذي يحققه البنك كعائد من عملية الاستصناع .
مبلغ الاستصناع : مجموعالتكلفة الكلية للاستصناع زائداً ربح البنك .
دين الاستصناع : هو مبلغ الاستصناعمطروحاً منه أي دفعة مقدمة من العميل عند التوقيع على العقد .
أركان عقد الاستصناع :
أركان الاستصناع عند الجمهور ستة - كالسلم - ، وهي :
1. الصانع .
2. المستصنع .
3. المحل .
4. الثمن .
5. الإيجاب .
6. القبول .
ويمكن حصرها في ثلاثة ، وهي : العاقدان - وهما الصانع والمستصنع - ، والمعقود عليه- وهما المحل والثمن- والصيغة - وهي الإيجاب والقبول - .
وقال الأحناف : ركنه الصيغة فقط ، فينعقد بالإيجاب والقبول .
شروط عقدالاستصناع :
يشترط لعقد الاستصناع شروط خاصة - إضافة إلى شروط البيع - ، هي :
1- أن يكون المصنوع معلوماً : بتحديد مواصفات الشيء المطلوب صناعته تحديداً وافياًيمنع التنازع عند التسليم .
2- أن يكون المصنوع مما تدخله الصناعة ، فلا يصح في البقول والحبوب ونحو ذلك .
3-أن يكون الشيء المصنوع مما يجري التعامل فيه ؛ لأن الاستصناع جائز استحساناً ، فلايصح فيما لا تعامل فيه، وذلك يختلف بحسب الأعراف السائدة في كل مكان وزمان ، فلايقاس مكان على مكان ولا زمان على زمان ، وأما إذا كان الشيء المطلوب صنعه مما لمتجر به العادة بصناعته فإنه يمكن التوصل إليه بطريق السلم .
4- أن تكون المواد المستخدمة في الشيء المصنوع من الصانع ، فإذا كانت من المستصنعفإنه يكون عقد إجارة لا عقد استصناع .
5- بيان الثمن جنساً وعدداً بما يمنع التنازع ، فالجنس : كريال سعودي ، والعدد :كالألف
6- بيان مكان تسليم المبيع إذا احتيج إلى ذلك .
7- ألا يكون فيه أجل ، وفي هذا الشرط خلاف , ولكن مجمع الفقه الإسلامي الدولي قرراشتراط تحديد الأجل فيه قطعاً للنزاع والخصومة ، وما قرره المجمع أوجه ؛ إذ إن منمقاصد الشريعة في المعاملات قطع المنازعات
التكييف الفقهي
عقد بيع على الصحيح منأقوال العلماء وبهذا أخذت مجلة الأحكام العدلية،فعقدت للاستصناع فصلًا خاصًّا به في باب (أنواع البيع) من كتاب البيوع في المواد388 – 392
إعداد
سعدالسبر
فقهمقارن مستوى أول المعهد العالي للقضاء
9/4/1429
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد
فلقد يسر الله لي البحث في موضوع يتعلق بمعاملة معاصرة وهي المقاولات ( الاستصناع ) بتكليف من الدكتور عبدالرحمنالسند بحث فصلي لمرحلة الماجستير فقه المقارن المستوى المقارن بمعهد العالي للقضاء بجامعة الامام محمد بن سعودالإسلامية للعام 1428 هـ 1429 هـ وبدأت بمقدمة وتعريف للمقاولات وأنواعها ثم طرحت تساؤلات وإشكالات حول الاستصناع ثم تكلمت على الاستصناع وتعريفه وأركانه وشروطه وتكييفه الفقهي ثم تكلمت على اشتراط الأجل وعلى الإلزام في عقد الاستصناع وعلى الإلزام فيعقد الاستصناع وعلى تأجيل البدلين في الاستصناع وآثاره وبما ينتهي عقدالاستصناع وأنواع الاستصناع ثم ذكرتتوصيات حول المقاولات وقرارا المجمع الفقهي ثم نقلت تطبيق معاصرمن بنك البلاد واستفدت في بحثي من بحث الدكتور بكر أبوزيد رحمه الله وبحث عقد التوريد والمقاولةفي ضوء التحديات الاقتصادية المعاصرة رؤية شرعية للدكتور أحمد ذياب شويدح والدكتورعاطف أبو هربيد و مجموعة بحوث مجلة مجمعالفقهي الإسلامي للدكتور مصطفى الزرقارحمه الله والدكتور مصطفى التارزي والدكتورالقره داغي وبعض الفقهاء ونقلت مباشرة منهم حسب مصادرهم دون الرجوع لتلك المصادر , ونشرته لمن أراد الفائدة والله اسأل أن يجعلعملي خالصا لوجه وأن يغفر لي ولوالدي والمسلمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبهأجمعين
تعريف المقاولة لغة:
المقاولة صيغة مبالغةعلى وزن مفاعلة، تقتضي مشاركة من أطراف متعددة، وأصل اشتقاقها الفعل قال يقولقولاً وقولة ومقالاً، وقاوله في أمره وتقاولا أي تفاوضا (الرازي، 1995: 232؛ ابنمنظور، د. ت.: 11/577)، فالمقاولة معناها المفاوضة والمجادلة.
ثانياً: تعريف عقد المقاولة اصطلاحاً:
يُعتبر مصطلح عقدالمقاولة من المصطلحات القانونية الحديثة، ولذلك عرفه علماء الشرع المعاصرونبتعريفه القانوني وهو: "عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئاً أوأن يؤدي عملاً لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر" (السنهوري، 1964: 5/7؛الزحيلي، 1997: 4/3172؛ المصري، 1996: 202؛ التارزي، 1992: 580).
والمقاول في عقد المقاولة هو مَن يتعهدبصناعة شيء معين، أو بأداء عمل معين، والعاقد الآخر هو مَن يتعهد بالأجر للمقاولمقابل تنفيذ التزاماته، وهذا الأجر غالباً ما يُؤدى على شكل دفعات أو أقساط؛ ولذلكأضاف المصري في تعريفه لعقد مقاولة الأشغال العامة قوله:"لقاء مقابل محدديُدفع على نجوم (أقساط)" (المصري، 1996: 203).
ويُشارهنا أنه بالرغم من كون المقاولة مصطلحاً قانونياً إلا أن مجلة الأحكام العدليةالمستَمدة موادها من الفقه الحنفي استعملته في تفسير الاستصناع حيث جاء فيها:"الاستصناع عقد مقاولة مع أهل الصنعة، على أن يعمل شيئاً، فالعامل صانعوالمشتري مستصنع والشيء مصنوع" (أسرة جمعية المجلة، د. ت.: 31)، وجاء في موضعآخر:" لو تقاول مع صاحب معمل أن يصنع له كذا بندقية كل واحدة بكذا قرشاًوبيّن الطول والحجم وسائر أوصافها اللازمة وقبل صاحب المعمل انعقد الاستصناع"(أسرة جمعية المجلة، د. ت.: 75 وما بعدها)، ويُفهم من ذلك كما ذكر المصري أن مجلةالأحكام العدلية اعتبرت الاستصناع والمقاولة شيئاً واحداً (المصري، 1996: 222 ومابعدها)، مع أن المقاولة في القانون الوضعي أعم من الاستصناع في الشرع (التارزي،1992: 581)، إذ أنها تشمل الاستصناع والإجارة كما أُشير إلى ذلك سابقاً، وليس كذلكالاستصناع.
واستناداً إلى ما سبق يمكن تعريف المقاولاتبأنها:العقودالتي يتعهد بمقتضاها أحد المتعاقدين أن يصنع شيئاً أو أن يؤدي عملاً لقاء أجريتعهد به المتعاقد الآخر.
أنواع المقاولات: تتنوع المقاولاتتنوعاً كبيراً؛ نتيجة لتنوع الأعمال التي يلتزم المقاول بأدائها، وهذه الأعمالتختلف من مقاولة إلى أخرى بحسب اعتبارات عديدة هي:
الفرع الأولً: باعتبار طبيعة العمل:
وتنقسم المقاولات بهذا الاعتبار إلى قسمين هما:
1-مقاولات إجارة:
وهي المقاولات التي يتعهد فيها المقاول بتقديمالعمل فقط (التارزي، 1992: 590)، بحيث يكون تحت إدارة وإشراف الطرف الآخر للعقد(السنهوري، 1964: 7/12؛ المصري، 1996: 202؛ التارزي، 1992: 590)، وهذا العمل إماأن يكون غير متصل بشيء معين، كنقل الأشخاص والطبع والنشر، وإما أن يكون متصلاًبشيء معين سواء كان موجوداً وقت العقد أو غير موجود، وهذا الشيء لا يملكه المقاول،بل يقدمه الطرف الآخر للعقد، وإنما يمارس المقاول العمل عليه فقط، كترميم الأبنيةأو دهانها، وكتجديد الأثاث (السنهوري، 1964: 7/31)، وكتصليح أجهزة الحاسوب أومعدات أخرى، وهذه الأمثلة تندرج ضمن عقود الصيانة، وتُعتبر مقاولات إجارة لأنهاتقوم حقيقة على الاستئجار للعمل، يُؤكد ذلك ما ورد في البدائع حيث جاء فيها:" فإن سلم إلى حداد حديداً ليعمل له إناءً معلوماً بأجر معلوم، أو جلداً إلىخفاف ليعمل له خفاً معلوماً بأجر معلوم فذلك جائز ولا خيار فيه؛ لأن هذا ليسباستصناع، بل هو استئجار فكان جائزاً" (الكاساني، 1982: 5/4).
2-مقاولات استصناع:
وهي المقاولات التي يتعهد فيها المقاول بتقديمالعمل والمادة معاً (المصري، 1996: 202؛ التارزي، 1992: 590)، وتُعتبر مقاولاتاستصناع لأنها يصدق عليها صورة الاستصناع عند القائلين بجوازه وهم الحنفية، فقدجاء في البدائع في ذلك ما نصه: "أما صورة الاستصناع: فهي أن يقول إنسان لصانعمن خفاف أو صفار أو غيرهما اعمل لي خفا أو آنية من أديم أو نحاس من عندك بثمنكذا" (الكاساني، 1982: 5/2).
ومقاولات الاستصناع قد يصدق عليها أنها تجمعبين البيع وخاصة السلم وبين الإجارة وذلك بحسب تعريف السمرقندي (وغيره من الحنفيةللاستصناع، إذ عرّفه بأنه: "عقد على مبيع في الذمة وشرط عمله علىالصانع" (السمرقندي، 1984: 2/362)، ويقول صاحب البدائع بشأن الاستصناع:"فيه معنى عقدين جائزين وهو السلم والإجارة؛ لأن السلم عقد على مبيع فيالذمة، واستئجار الصناع يشترط فيه العمل؛ وما اشتمل على معنى عقدين جائزين كانجائزاً" (الكاساني، 1982: 5/3).
ويرى القره داغي أن الاستصناع ليس كالسلمالذي لابد فيه من قبض رأس المال في المجلس، وليس كالبيع الذي لابد فيه من وجودالمبيع، بل هو عقد يكون المعقود عليه وهو العمل والعين في الذمة، ويجوز فيه تأجيلالثمن أو تقسيطه، مما يساهم في تنشيط الصناعة وزيادة المرونة في سوق المال (القرهداغي، 1994:466).
ويرجحالباحثان ما ذهب إليه الدكتور القره داغي؛ للأسباب ذاتها التي أوردها
الفرع الثاني: باعتبار حجم العمل:
وتنقسم المقاولات بهذا الاعتبار إلى قسمين هما:
1-مقاولات صغيرة:
وتتناول أعمالاً صغيرة، وغالباً ما تتعلقبأعمال المهن الحرة كالنجار وغيرها.
2-مقاولات كبيرة:
وتتناول أعمالاً كبيرة، وعادة ما تتعلق بتشييدالمباني والجسور والسدود وغيرها.
الفرع الثالث: باعتبار جنس العمل:
وتنقسم المقاولات بهذا الاعتبار إلى أقسامعديدة بحسب العمل الذي ينسب إلى المقاولة، فهناك مقاولات بناء، ومقاولات أشغالعامة، ومقاولات نقل وغيرها.
كما وتنقسم المقاولات باعتبار جنس العملإلى قسمين آخرين هما:
1-مقاولات مادية:
وتتناول الأعمال المادية كإنشاءات المبانيوالجسور والسدود وغيرها.
2-مقاولات عقلية:
وهي التي ترد على أعمال ناتجة عن مجهود عقليوليس مادي، كالأعمال القانونية مثل المحاماة، وكالأعمال الفنية مثل تصميم يضعهمهندس معماري.
الفرع الرابع: باعتبار متعلق العمل:
وتنقسم المقاولات بهذاالاعتبار إلى قسمين هما:
1-مقاولات عامة:
وهي التي تتعلق أعمالها بالمرافق العامةوالأشغال العامة والنقل وغيرها، وتكون الحكومة أو المؤسسات العامة طرفاً فيها.
2-مقاولات خاصة:
وهي التي تتعلق أعمالها بمرافق ومصالح خاصةبالأفراد والشركاتولا تكون الحكومة أو المؤسسات العامة طرفاً فيها(السنهوري، 1964: 7/31 وما بعدها).
إشكالات حول الاستصناع ( المقاولات )
هل هو مجرد وعد من شخص لآخر، أو هوعقد ذو طرفين ينشأ بإيجاب وقبول منهما. ومن يرى أنه عقد هل هو عنده عقد معاوضةملزم لطرفيه بمجرد الانعقاد الصحيح ، أو عقد غير ملزم كالوكالة مثلًا والإيداع والإعارة؟
هل هوبيع سلم فتجري فيه شروط السلم ؟؟ أو بيععادي فتجب فيه شروط البيع ؟
هل الاستصناع عقد أم وعد ؟؟
هل عقد الاستصناع من قبيلالبيع أم من قبيل الإجارة ؟
هل البيع للعين أو للعمل ؟
هل يجري فيه خيار الرؤية؟؟
* وهل عقد الاستصناع جائز أم لازم ؟
لذا سنتكلم بالتفصيل علىالاستصناع لكي نجيب على التساؤلات
تعريف الاستصناع في اللغة :
الاستصناع استفعال من صنع ، فالألف والسين للطلب ، يقال : استغفار لطلب المغفرة ،والصنع : يقول الرازي : "(الصنع) : بالضم مصدر قولك صنع إليه معروفاً وصنع بهصنيعاً قبيحاً أي : فعل ، والصناعة - بكسر الصاد : حرفة الصانع ، واصطنعه : اتخذه، قال تعالى : " واصطنعتك لنفسي " ، يقول ابن منظور : " ويقالاصطنع فلان خاتما إذا سأل رجلا أن يصنع له خاتما 3 واستصنع الشيء : دعا إلى صنعه ،فالاستصناع لغة : طلب الفعل
الاستصناع في الاصطلاح : عقد يشتري به في الحال شيء مما يصنع صنعاً يلتزمالبائع بتقديمه مصنوعاً بمواد من عنده بأوصاف معينة لقاء ثمن محدد .
الاستصناع المصرفي : توسطالبنك لتمويل صناعة سلع أو إنشاء أصل معين يطلبه العميل بمواصفات محددة .
الصانع : هو البائع الذييلتزم في عقد الاستصناع بتقديم المصنوع للعميل عند حلول الأجل سواء باشر الصنعبنفسه أو عن طريق صانع
آخر .
الصانع النهائي : المقاولأو الصانع الذي يباشر الصنع في عقد يكون البنك فيه مستصنعاً .
المستصنع : هو الطرفالمشتري في عقد الاستصناع والملتزم بموجب العقد بقبول المصنوع إذا جاء مطابقاًللمواصفات .
التكلفة الكلية للاستصناع :هي التكلفة التي يدفعها البنك للصانع النهائي زائداً أية تكاليف يتحملها البنك لطرفثالث حتى لحظة تسليم
المصنوع للمستصنع .
ربح البنك : هو المبلغالزائد على التكلفة الكلية للاستصناع الذي يحققه البنك كعائد من عملية الاستصناع .
مبلغ الاستصناع : مجموعالتكلفة الكلية للاستصناع زائداً ربح البنك .
دين الاستصناع : هو مبلغ الاستصناعمطروحاً منه أي دفعة مقدمة من العميل عند التوقيع على العقد .
أركان عقد الاستصناع :
أركان الاستصناع عند الجمهور ستة - كالسلم - ، وهي :
1. الصانع .
2. المستصنع .
3. المحل .
4. الثمن .
5. الإيجاب .
6. القبول .
ويمكن حصرها في ثلاثة ، وهي : العاقدان - وهما الصانع والمستصنع - ، والمعقود عليه- وهما المحل والثمن- والصيغة - وهي الإيجاب والقبول - .
وقال الأحناف : ركنه الصيغة فقط ، فينعقد بالإيجاب والقبول .
شروط عقدالاستصناع :
يشترط لعقد الاستصناع شروط خاصة - إضافة إلى شروط البيع - ، هي :
1- أن يكون المصنوع معلوماً : بتحديد مواصفات الشيء المطلوب صناعته تحديداً وافياًيمنع التنازع عند التسليم .
2- أن يكون المصنوع مما تدخله الصناعة ، فلا يصح في البقول والحبوب ونحو ذلك .
3-أن يكون الشيء المصنوع مما يجري التعامل فيه ؛ لأن الاستصناع جائز استحساناً ، فلايصح فيما لا تعامل فيه، وذلك يختلف بحسب الأعراف السائدة في كل مكان وزمان ، فلايقاس مكان على مكان ولا زمان على زمان ، وأما إذا كان الشيء المطلوب صنعه مما لمتجر به العادة بصناعته فإنه يمكن التوصل إليه بطريق السلم .
4- أن تكون المواد المستخدمة في الشيء المصنوع من الصانع ، فإذا كانت من المستصنعفإنه يكون عقد إجارة لا عقد استصناع .
5- بيان الثمن جنساً وعدداً بما يمنع التنازع ، فالجنس : كريال سعودي ، والعدد :كالألف
6- بيان مكان تسليم المبيع إذا احتيج إلى ذلك .
7- ألا يكون فيه أجل ، وفي هذا الشرط خلاف , ولكن مجمع الفقه الإسلامي الدولي قرراشتراط تحديد الأجل فيه قطعاً للنزاع والخصومة ، وما قرره المجمع أوجه ؛ إذ إن منمقاصد الشريعة في المعاملات قطع المنازعات
التكييف الفقهي
عقد بيع على الصحيح منأقوال العلماء وبهذا أخذت مجلة الأحكام العدلية،فعقدت للاستصناع فصلًا خاصًّا به في باب (أنواع البيع) من كتاب البيوع في المواد388 – 392
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب