قصة مناضل شيوعي مصري يهودي اعتنق الاسلام
مكتبة الاسكندرية
توثق حياة يوسف درويش، الاشتراكي البارز ومحامي العمال المصري الأشهر
في الاربعينيات.
ميدل ايست اونلاين
الاسكندرية (مصر) –
من محمد الحمامصي
في إطار اهتمام موقع
"ذاكرة مصر المعاصرة" بتوثيق حياة أبرز الشخصيات التي لعبت
دوراً في الحياة السياسية
والاقتصادية والاجتماعية والفنية المصرية في التاريخ المعاصر، قام الباحثون بمكتبة الإسكندرية
بتوثيق حياة يوسف درويش، أشهر محامي عمال في الأربعينيات ومؤسس تاريخي لتنظيمات العمال
والفلاحين وعضو بارز في الحزب الشيوعي المصري.
وصرح الدكتور خالد عزب، المشرف
على مشروع "ذاكرة مصر المعاصرة"، بأن "أسرة يوسف
درويش استجابت لدعوة سوزان
مبارك (عقيلة الرئيس المصري) لكل الأسر المصرية بأن تشارك بما تقتنيه من صور ووثائق أو عملات
نادرة لكي يتم توثيقها ضمن أكبر مشروع لتوثيق تاريخ مصر المعاصر، إذ أهدت أسرته إلى
المكتبة مجموعة كبيرة من الوثائق والصور والأرشيف الصحفي والمذكرات الخاص به".
وقال عزب ان المكتبة قد تلقت
اهداءات من نولة يوسف درويش، الباحثة والمترجمة، والمهتمة بحقوق المرأة فهي عضو مؤسس في جمعية
المرأة الجديدة، و"قد شغلتها السياسة وذابت مع حركة الطلاب الشهيرة عام 1972،
وحفيدته الممثلة بسمة".
وأشارت الباحثة أميرة داوود،
القائمة على توثيق التيارات السياسية المصرية بالذاكرة، إلى أن "يوسف موسى يوسف فرج درويش الشهير
بيوسف درويش، من مواليد القاهرة في 2 أكتوبر/تشرين الاول 1910، قسم الوايلي
بالعباسية حارة أبو خوذة بمحطة الجنزوري والمتفرع من شارع العباسية بعمارة كان
يمتلكها أحد أميرالات الجيش".
واضافت "ثم انتقل بعد ذلك
وكان عمره حوالي 4 سنوات إلى شارع سعيد بالعباسية بعمارة مصطفى الجمال، ثم بمنزل بجوار كلية التجارة
بالعباسية بجوار الأرض التي كانت تتخصص للاحتفال بمولد النبي والمعروفة باسم أرض
مولد النبي، وأخيرا انتقل مع عائلته وكان عمره 17 سنة إلى مصر الجديدة بشارع رشيد ثم
إلى منزل آخر في نفس المنطقة، وعندما تزوج عام 1941 اتخذ له مكانا بشارع جلال
الملك رقم 7 ببولاق لعلم حوش فايد بالعمارة البلجيكية".
وحول دراسته وحياته، أوضحت
أميرة داوود أن درويش "كان تلميذا بالمدرسة الابتدائية الإعدادية بالعباسية، ثم التحق بمدرسة الفرير
بالظاهر وقضى الدراسة الثانوية بمدرسة الفرير بالخرنقش حتى عام 1929، وانتقل بعد
ذلك إلى الكلية الفرنسية بالظاهر حيث حصل عام 1930 على شهادة البكالوريا (الثانوية
العامة) قسم أدبي".
وذكرت أن درويش "ذهب إلى
فرنسا لدراسة التجارة ولكنه كان ينوي دراسة القانون، والتحق بمدرسة التجارة العليا بتولوز في
أكتوبر/تشرين الاول 1930 وحصل على دبلوم التجارة العليا من هذه المدرسة عام 1932،
وكان قد التحق في ذات الوقت بكلية الحقوق في تلك المدينة ونجح في السنة الأولى فيها".
ثم انتقل بعد ذلك إلى "اكس
أين بروفانس" في جنوب فرنسا والتحق بكلية الحقوق بها حيث
حصل على ليسانس الحقوق عام
1934، كما التحق في ذات الوقت بمدرسة الدراسات التجارية العليا عام 1933 وقدم آنذاك رسالة عن
"القطن في مصر" للحصول على تلك الشهادة.
عاد يوسف درويش إلى مصر في
أكتوبر 1934، وعمل بعد بضعة شهور محاميا أمام المحاكم المختلطة التي كانت مزدهرة وقتئذ ودرس
القانون المصري وحصل على ليسانس الحقوق من جامعة الإسكندرية عام 1944.
وأشارت ابنته الدكتورة نولة
درويش إلى أن جدها لأبيها "كان في بادئ حياته المهنية عاملا حرفيا في المصوغات، ثم أقام ورشة صغيرة
لصناعة المصوغات، وفتح بجوار تلك الورشة متجرا لبيع المصوغات على أنواعها ومن ثم أصبح من
كبار الصاغة ويمتلك ورشة متوسطة الأهمية والحجم ومتجرا للبيع بالقطاعي (بالتجزئة)
وسرعان ما أصبح تاجرا بالجملة يبيع منتجاته لتجار الصاغة في منطقة القناة في
كل من بورسعيد والسويس والإسماعيلية فيذهب مرة كل أسبوع إلى تلك المنطقة لتسويق
منتجاته وتحصيل مستحقاته حتى أن العائلة كثيرا ما كانت تقضي أجازتها في بورسعيد
ضيوفا على عائلات تجارها".
واضافت درويش "وقد قضى
إحدى الإجازات في مصر عام 1932 خلال فترة دراسته في فرنسا وصاحب والده إلى بورسعيد وقدمه في القطار
العائد إلى القاهرة للمرحوم الأستاذ حسن البنا الذي كان قد بدأ وقتذاك في تكوين شعبة
الإخوان المسلمين بالإسماعيلية، وقد توفي والده عام 1940".
وتابعت أن "والدها كان له
عم اسمه إبراهيم وله ولدان يوسف وثابت وعم آخر اسمه ثابت، ومن أقاربه مراد بك فرج الذي كان محاميا
للخديوي عباس الثاني وهو كاتب وباحث وشاعر، كتب في القانون وكتب في تاريخ الفدائيين، كما
كان الموسيقار المصري المشهور داود حسني قريبه أيضا".
وتقول نولة ان "أصول عائلة
درويش ترجع إلى وقت بعيد في مصر والدليل موجود بوزارة الداخلية قسم الجوازات والجنسية في الملف
الخاص بتلك العائلة، إذ يتضح في هذا الملف وجود عقد بيع عقار لفرد من عائلة درويش يعود
إلى عام 1947 كان قدمه هو وأخواته عام 1946 إلى قسم الجوازات والجنسية للتدليل على أصوله المصرية،
وبالتالي حصل على شهادة بإثبات جنسيته المصرية".
وذكرت أميرة داوود أن يوسف
درويش "أشهر إسلامه في نوفمبر/تشرين الثاني 1947، وقد كان ينتمي إلى طائفة اليهود القرائيين، وهم
يختلفون عن اليهود الربانيين حيث يقتصر اعتناقهم واعتمادهم على التوراة دون التلمود،
وكان اليهود الربانيون لا يعتبرون القرائيين يهودا، وكذلك النظام العنصري في ألمانيا
النازية الذي لم يعد القرائيين يهودا واستثناهم من الإجراءات التي كان قد اتخذها ضد
اليهود عموما".
وقالت أن يوسف درويش رزق عام
1943 بولد اسماه "مجاهد" لأنه كان في ذروة النضال، وفي
عام 1949 أنجب بنتا أسمتها
والدتها "نولة" باعتبارها هدية، ولكن تركها درويش عند
دخوله المعتقل عام 1948.
وعن المناصب التي شغلها، تذكر
أميرة داوود أنه عمل محاميا أمام المحاكم المختلطة من أوائل 1935 حتى نهاية هذه المحاكم عام 1949،
كما عمل محاميا أمام المحاكم الأهلية ابتداء من عام 1944.
وكان في البداية متخصصا في
القضايا التجارية وخاصة قضايا الإفلاس، ثم غيّر مساره بعد ذلك وتخصص في قضايا العمل وفي النشاط
النقابي العمالي وقد بدأ ذلك عام 1941- 1942، وأصبح محاميا لأكثر
من 60 نقابة (وكان عدد النقابات وقتئذ 167 نقابة) في القاهرة وضواحيها أساسا وفي الإسماعيلية
وبورسعيد.
اضطر بعد خروجه من المعتقل عام
1964 أن يشتغل بالترجمة حيث التحق بمنظمة التضامن الآسيوي الأفريقي، وسافر في هذا الشأن إلى كل
من الكويت والعراق والاتحاد السوفييتي، وقد تخصص آنذاك في ترجمة النصوص البترولية.
وفي عام 1967 عرض عليه الدكتور
جمال العطيفي في جريدة الأهرام أن يتولى منصب سكرتير الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع،
وقد قبل هذا العرض وعمل بالفعل سكرتيرا للجمعية في الفترة من 1967 حتى 1973.
تجدر الإشارة إلى أنه سافر خلال
هذه الفترة في كثير من الرحلات، حيث كان آنذاك عضوا في سكرتارية رابطة الحقوقيين الديمقراطيين
العالمية، وعمل على أن تنضم إليها نقابة المحامين وكان النقيب آنذاك الأستاذ أحمد
الخواجة، وكذلك ضم اتحاد المحامين العرب.
وسافر بعد ذلك إلى كل من
رومانيا وبلغاريا وفرنسا وبلجيكا وايطاليا والاتحاد السوفييتي، وكانت النقطة الأساسية في جدول
أعماله هو الدفاع عن القضية الفلسطينية.
وفي عام 1973، بعد الإفراج عنه
من معتقل القلعة بعد أن قضى هناك ثلاث سنوات، سافر إلى الجزائر حيث جاءه عرض من شركة بترول هناك
للعمل فيها في منصب مستشار قانوني ومترجم في الشؤون البترولية والقوانين من اللغتين
الفرنسية والعربية، وظل في الجزائر حتى عام 1980.
وفي عام 1980 تم انتخابه في
الحزب الشيوعي المصري الذي كان عضوا فيه ليكون ممثلا له، وكان وقتها في تشيكوسلوفاكيا، وقد ظل في هذا
المنصب وهذا البلد حتى عام 1986.
وعن نشاطه السياسي والاجتماعي،
ألمحت الدكتورة نولة درويش أنه قبل سفره إلى فرنسا عام 1930 كان يوسف درويش يهتم كثيرا بالقضايا
السياسية، وكان وفدياً مثله مثل الكثير من المصريين آنذاك، وله ذكريات كثيرة في هذا
الشأن، فعلى سبيل المثال عندما عاد سعد زغلول من المنفى بمالطة وكان درويش يبلغ وقتها
12 أو 13 سنة ذهب إلى محطة مصر ليستقبل مع الشعب المصري زعيم الأمة، وكان يتردد على
بيت الأمة لرؤية زعيم البلاد، ولما توفي سعد زغلول في 23 أغسطس/آب 1927 استمر
يرتدي البزة السوداء لمدة سنة كاملة.
وتذكر ابنته نولة أنه كان يذهب
بانتظام لحضور اجتماعات وجلسات مجلس الأمة، وكان حاضرا مصادفة في جلسة النواب التي هاجم فيها
عباس العقاد الملك فؤاد الذي قرر إبعاد الوفد عن الحكومة وسمعه يقول كلمته الشهيرة
"إذا وجب علينا فسوف نقضي على أكبر رأس في البلد"، كما قام مع صديقه حامد سلطان
عام 1930 بمظاهرة خارج البرلمان ضد الملك الذي كان قد قرر إقالة وزارة النحاس باشا.
وقالت انه في فرنسا اهتم كثيرا
بالسياسة حيث شارك في تولوز في المظاهرات الصاخبة ضد النازية، كما كان تعلق يوسف درويش بمصر
والعروبة كبيرا فكوّن مع كل من حامد سلطان وتوفيق عبد الواحد ومحمد شفيق (الذي أصبح بعد
ذلك موظفا ببنك مصر) وبهاء الدين كامل (والد الدكتور حسين كامل بهاء الدين) جمعية في تولوز عام
1931 تحت اسم "جمعية الطلبة العرب" والتي كانت تعمل من أجل الاستقلال
ومحاربة الاحتلال، وقد انضمت إليها الغالبية العظمى من الطلبة العرب في تلك المدينة ومن
بينهم جزائريين والذين أصبحوا بعد ذلك من قادة الثورة الجزائرية.
ونوهت أن درويش الى انه في أكس
أين "كوّن مع بعض الطلبة الفرنسيين لجنة الطلبة ضد القانون والحرب عام 1933 وتمكن بمساعدة صديقة
شيوعية من حضور بعض اجتماعات خلية الحزب الشيوعي في هذه المدينة، وعاد إلى مصر عام 1934".
وقد أصدر منشور باسم الطليعة
الشعبية للتحرر عام 1946 والذي عرف أيضا باسم "طليعة العمال"، ثم تغير اسمه إلى الديمقراطية
الشعبية عام 1948 وأخيرا اسم حزب العمال والفلاحين الشيوعي المصري في مؤتمر عام 1957،
وقد دخل في الحزب الشيوعي في نفس العام.
وتؤكد الباحثة أميرة داوود إلى
أنه بعد خروجه من المعتقل عام 1964 رفض مبدأ عمل الحزب الشيوعي، وفي عام 1966 انضم إلى منظمة
الشروق التي كان قد أسسها ميشيل كامل، واستمر في هذا التنظيم حتى تكوّن الحزب
الشيوعي المصري عام 1977، والذي انضم إليه الشروق، ومن هنا أصبح عضوا بالحزب الشيوعي
المصري.
واستمر هذا الوضع حتى تبين
ليوسف درويش وللآخرين عمليات الزيف والخطأ السياسي الجسيم التي كان يقع فيها هذا الحزب وكانوا
وقتها بالخارج فقرروا في النهاية تكوين "المشروع" (أي مشروع الحزب الشيوعي)، وعندما عاد
درويش إلى مصر عام 1986 أعلن مع غيره الخروج من الحزب الشيوعي المصري وقاموا بتنظيم
"حزب الشعب الاشتراكي".
وتذكر الباحثة بمكتبة الإسكندرية،
مراحل السجن والاعتقال مشيرة إلى أنه قد اعتقل في سبتمبر/ايلول عام 1948 ودخل في معتقل
"الهاكستيب" بجوار مصر الجديدة في عنبر "السمكرجية"
(أي العمال) وظل في هذا المعتقل
حتى أكتوبر/تشرين الاول عام 1949.
وفي عام 1950 تم القبض عليه حيث
صدر الحكم ضده في يناير/كانون الثاني عام 1952 لمدة ثلاث سنوات قضاها في سجن مصر وخرج بعد ثلاثة
أرباع المدة في إبريل/نيسان عام 1953 علما بأن محكمة النقض قضت بعد ذلك ببطلان هذا
الحكم.
وقبض عليه عام 1955 وتم حجزه في
معتقل أبو زعبل ومكث فيه ثلاث شهور. وفي يناير عام 1959 تم القبض عليه مع كافة الشيوعيين من كل
التنظيمات الموجودة وتم وضعهم في معتقل أبو زعبل ثم معتقل الواحات وصدر الحكم عليه
بعشر سنوات أشغال شاقة وخرج من المعتقل في مايو/ايار عام 1964.
ثم قُبض عليه في مايو/ايار عام
1973 بتهمة الانضمام إلى منظمة "الشروق" ودخل سجن القلعة وخرج منه في سبتمبر/ايلول عام 1973.
وقد توفي يوسف درويش في يونيو/حزيران عام 2006.
مكتبة الاسكندرية
توثق حياة يوسف درويش، الاشتراكي البارز ومحامي العمال المصري الأشهر
في الاربعينيات.
ميدل ايست اونلاين
الاسكندرية (مصر) –
من محمد الحمامصي
في إطار اهتمام موقع
"ذاكرة مصر المعاصرة" بتوثيق حياة أبرز الشخصيات التي لعبت
دوراً في الحياة السياسية
والاقتصادية والاجتماعية والفنية المصرية في التاريخ المعاصر، قام الباحثون بمكتبة الإسكندرية
بتوثيق حياة يوسف درويش، أشهر محامي عمال في الأربعينيات ومؤسس تاريخي لتنظيمات العمال
والفلاحين وعضو بارز في الحزب الشيوعي المصري.
وصرح الدكتور خالد عزب، المشرف
على مشروع "ذاكرة مصر المعاصرة"، بأن "أسرة يوسف
درويش استجابت لدعوة سوزان
مبارك (عقيلة الرئيس المصري) لكل الأسر المصرية بأن تشارك بما تقتنيه من صور ووثائق أو عملات
نادرة لكي يتم توثيقها ضمن أكبر مشروع لتوثيق تاريخ مصر المعاصر، إذ أهدت أسرته إلى
المكتبة مجموعة كبيرة من الوثائق والصور والأرشيف الصحفي والمذكرات الخاص به".
وقال عزب ان المكتبة قد تلقت
اهداءات من نولة يوسف درويش، الباحثة والمترجمة، والمهتمة بحقوق المرأة فهي عضو مؤسس في جمعية
المرأة الجديدة، و"قد شغلتها السياسة وذابت مع حركة الطلاب الشهيرة عام 1972،
وحفيدته الممثلة بسمة".
وأشارت الباحثة أميرة داوود،
القائمة على توثيق التيارات السياسية المصرية بالذاكرة، إلى أن "يوسف موسى يوسف فرج درويش الشهير
بيوسف درويش، من مواليد القاهرة في 2 أكتوبر/تشرين الاول 1910، قسم الوايلي
بالعباسية حارة أبو خوذة بمحطة الجنزوري والمتفرع من شارع العباسية بعمارة كان
يمتلكها أحد أميرالات الجيش".
واضافت "ثم انتقل بعد ذلك
وكان عمره حوالي 4 سنوات إلى شارع سعيد بالعباسية بعمارة مصطفى الجمال، ثم بمنزل بجوار كلية التجارة
بالعباسية بجوار الأرض التي كانت تتخصص للاحتفال بمولد النبي والمعروفة باسم أرض
مولد النبي، وأخيرا انتقل مع عائلته وكان عمره 17 سنة إلى مصر الجديدة بشارع رشيد ثم
إلى منزل آخر في نفس المنطقة، وعندما تزوج عام 1941 اتخذ له مكانا بشارع جلال
الملك رقم 7 ببولاق لعلم حوش فايد بالعمارة البلجيكية".
وحول دراسته وحياته، أوضحت
أميرة داوود أن درويش "كان تلميذا بالمدرسة الابتدائية الإعدادية بالعباسية، ثم التحق بمدرسة الفرير
بالظاهر وقضى الدراسة الثانوية بمدرسة الفرير بالخرنقش حتى عام 1929، وانتقل بعد
ذلك إلى الكلية الفرنسية بالظاهر حيث حصل عام 1930 على شهادة البكالوريا (الثانوية
العامة) قسم أدبي".
وذكرت أن درويش "ذهب إلى
فرنسا لدراسة التجارة ولكنه كان ينوي دراسة القانون، والتحق بمدرسة التجارة العليا بتولوز في
أكتوبر/تشرين الاول 1930 وحصل على دبلوم التجارة العليا من هذه المدرسة عام 1932،
وكان قد التحق في ذات الوقت بكلية الحقوق في تلك المدينة ونجح في السنة الأولى فيها".
ثم انتقل بعد ذلك إلى "اكس
أين بروفانس" في جنوب فرنسا والتحق بكلية الحقوق بها حيث
حصل على ليسانس الحقوق عام
1934، كما التحق في ذات الوقت بمدرسة الدراسات التجارية العليا عام 1933 وقدم آنذاك رسالة عن
"القطن في مصر" للحصول على تلك الشهادة.
عاد يوسف درويش إلى مصر في
أكتوبر 1934، وعمل بعد بضعة شهور محاميا أمام المحاكم المختلطة التي كانت مزدهرة وقتئذ ودرس
القانون المصري وحصل على ليسانس الحقوق من جامعة الإسكندرية عام 1944.
وأشارت ابنته الدكتورة نولة
درويش إلى أن جدها لأبيها "كان في بادئ حياته المهنية عاملا حرفيا في المصوغات، ثم أقام ورشة صغيرة
لصناعة المصوغات، وفتح بجوار تلك الورشة متجرا لبيع المصوغات على أنواعها ومن ثم أصبح من
كبار الصاغة ويمتلك ورشة متوسطة الأهمية والحجم ومتجرا للبيع بالقطاعي (بالتجزئة)
وسرعان ما أصبح تاجرا بالجملة يبيع منتجاته لتجار الصاغة في منطقة القناة في
كل من بورسعيد والسويس والإسماعيلية فيذهب مرة كل أسبوع إلى تلك المنطقة لتسويق
منتجاته وتحصيل مستحقاته حتى أن العائلة كثيرا ما كانت تقضي أجازتها في بورسعيد
ضيوفا على عائلات تجارها".
واضافت درويش "وقد قضى
إحدى الإجازات في مصر عام 1932 خلال فترة دراسته في فرنسا وصاحب والده إلى بورسعيد وقدمه في القطار
العائد إلى القاهرة للمرحوم الأستاذ حسن البنا الذي كان قد بدأ وقتذاك في تكوين شعبة
الإخوان المسلمين بالإسماعيلية، وقد توفي والده عام 1940".
وتابعت أن "والدها كان له
عم اسمه إبراهيم وله ولدان يوسف وثابت وعم آخر اسمه ثابت، ومن أقاربه مراد بك فرج الذي كان محاميا
للخديوي عباس الثاني وهو كاتب وباحث وشاعر، كتب في القانون وكتب في تاريخ الفدائيين، كما
كان الموسيقار المصري المشهور داود حسني قريبه أيضا".
وتقول نولة ان "أصول عائلة
درويش ترجع إلى وقت بعيد في مصر والدليل موجود بوزارة الداخلية قسم الجوازات والجنسية في الملف
الخاص بتلك العائلة، إذ يتضح في هذا الملف وجود عقد بيع عقار لفرد من عائلة درويش يعود
إلى عام 1947 كان قدمه هو وأخواته عام 1946 إلى قسم الجوازات والجنسية للتدليل على أصوله المصرية،
وبالتالي حصل على شهادة بإثبات جنسيته المصرية".
وذكرت أميرة داوود أن يوسف
درويش "أشهر إسلامه في نوفمبر/تشرين الثاني 1947، وقد كان ينتمي إلى طائفة اليهود القرائيين، وهم
يختلفون عن اليهود الربانيين حيث يقتصر اعتناقهم واعتمادهم على التوراة دون التلمود،
وكان اليهود الربانيون لا يعتبرون القرائيين يهودا، وكذلك النظام العنصري في ألمانيا
النازية الذي لم يعد القرائيين يهودا واستثناهم من الإجراءات التي كان قد اتخذها ضد
اليهود عموما".
وقالت أن يوسف درويش رزق عام
1943 بولد اسماه "مجاهد" لأنه كان في ذروة النضال، وفي
عام 1949 أنجب بنتا أسمتها
والدتها "نولة" باعتبارها هدية، ولكن تركها درويش عند
دخوله المعتقل عام 1948.
وعن المناصب التي شغلها، تذكر
أميرة داوود أنه عمل محاميا أمام المحاكم المختلطة من أوائل 1935 حتى نهاية هذه المحاكم عام 1949،
كما عمل محاميا أمام المحاكم الأهلية ابتداء من عام 1944.
وكان في البداية متخصصا في
القضايا التجارية وخاصة قضايا الإفلاس، ثم غيّر مساره بعد ذلك وتخصص في قضايا العمل وفي النشاط
النقابي العمالي وقد بدأ ذلك عام 1941- 1942، وأصبح محاميا لأكثر
من 60 نقابة (وكان عدد النقابات وقتئذ 167 نقابة) في القاهرة وضواحيها أساسا وفي الإسماعيلية
وبورسعيد.
اضطر بعد خروجه من المعتقل عام
1964 أن يشتغل بالترجمة حيث التحق بمنظمة التضامن الآسيوي الأفريقي، وسافر في هذا الشأن إلى كل
من الكويت والعراق والاتحاد السوفييتي، وقد تخصص آنذاك في ترجمة النصوص البترولية.
وفي عام 1967 عرض عليه الدكتور
جمال العطيفي في جريدة الأهرام أن يتولى منصب سكرتير الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع،
وقد قبل هذا العرض وعمل بالفعل سكرتيرا للجمعية في الفترة من 1967 حتى 1973.
تجدر الإشارة إلى أنه سافر خلال
هذه الفترة في كثير من الرحلات، حيث كان آنذاك عضوا في سكرتارية رابطة الحقوقيين الديمقراطيين
العالمية، وعمل على أن تنضم إليها نقابة المحامين وكان النقيب آنذاك الأستاذ أحمد
الخواجة، وكذلك ضم اتحاد المحامين العرب.
وسافر بعد ذلك إلى كل من
رومانيا وبلغاريا وفرنسا وبلجيكا وايطاليا والاتحاد السوفييتي، وكانت النقطة الأساسية في جدول
أعماله هو الدفاع عن القضية الفلسطينية.
وفي عام 1973، بعد الإفراج عنه
من معتقل القلعة بعد أن قضى هناك ثلاث سنوات، سافر إلى الجزائر حيث جاءه عرض من شركة بترول هناك
للعمل فيها في منصب مستشار قانوني ومترجم في الشؤون البترولية والقوانين من اللغتين
الفرنسية والعربية، وظل في الجزائر حتى عام 1980.
وفي عام 1980 تم انتخابه في
الحزب الشيوعي المصري الذي كان عضوا فيه ليكون ممثلا له، وكان وقتها في تشيكوسلوفاكيا، وقد ظل في هذا
المنصب وهذا البلد حتى عام 1986.
وعن نشاطه السياسي والاجتماعي،
ألمحت الدكتورة نولة درويش أنه قبل سفره إلى فرنسا عام 1930 كان يوسف درويش يهتم كثيرا بالقضايا
السياسية، وكان وفدياً مثله مثل الكثير من المصريين آنذاك، وله ذكريات كثيرة في هذا
الشأن، فعلى سبيل المثال عندما عاد سعد زغلول من المنفى بمالطة وكان درويش يبلغ وقتها
12 أو 13 سنة ذهب إلى محطة مصر ليستقبل مع الشعب المصري زعيم الأمة، وكان يتردد على
بيت الأمة لرؤية زعيم البلاد، ولما توفي سعد زغلول في 23 أغسطس/آب 1927 استمر
يرتدي البزة السوداء لمدة سنة كاملة.
وتذكر ابنته نولة أنه كان يذهب
بانتظام لحضور اجتماعات وجلسات مجلس الأمة، وكان حاضرا مصادفة في جلسة النواب التي هاجم فيها
عباس العقاد الملك فؤاد الذي قرر إبعاد الوفد عن الحكومة وسمعه يقول كلمته الشهيرة
"إذا وجب علينا فسوف نقضي على أكبر رأس في البلد"، كما قام مع صديقه حامد سلطان
عام 1930 بمظاهرة خارج البرلمان ضد الملك الذي كان قد قرر إقالة وزارة النحاس باشا.
وقالت انه في فرنسا اهتم كثيرا
بالسياسة حيث شارك في تولوز في المظاهرات الصاخبة ضد النازية، كما كان تعلق يوسف درويش بمصر
والعروبة كبيرا فكوّن مع كل من حامد سلطان وتوفيق عبد الواحد ومحمد شفيق (الذي أصبح بعد
ذلك موظفا ببنك مصر) وبهاء الدين كامل (والد الدكتور حسين كامل بهاء الدين) جمعية في تولوز عام
1931 تحت اسم "جمعية الطلبة العرب" والتي كانت تعمل من أجل الاستقلال
ومحاربة الاحتلال، وقد انضمت إليها الغالبية العظمى من الطلبة العرب في تلك المدينة ومن
بينهم جزائريين والذين أصبحوا بعد ذلك من قادة الثورة الجزائرية.
ونوهت أن درويش الى انه في أكس
أين "كوّن مع بعض الطلبة الفرنسيين لجنة الطلبة ضد القانون والحرب عام 1933 وتمكن بمساعدة صديقة
شيوعية من حضور بعض اجتماعات خلية الحزب الشيوعي في هذه المدينة، وعاد إلى مصر عام 1934".
وقد أصدر منشور باسم الطليعة
الشعبية للتحرر عام 1946 والذي عرف أيضا باسم "طليعة العمال"، ثم تغير اسمه إلى الديمقراطية
الشعبية عام 1948 وأخيرا اسم حزب العمال والفلاحين الشيوعي المصري في مؤتمر عام 1957،
وقد دخل في الحزب الشيوعي في نفس العام.
وتؤكد الباحثة أميرة داوود إلى
أنه بعد خروجه من المعتقل عام 1964 رفض مبدأ عمل الحزب الشيوعي، وفي عام 1966 انضم إلى منظمة
الشروق التي كان قد أسسها ميشيل كامل، واستمر في هذا التنظيم حتى تكوّن الحزب
الشيوعي المصري عام 1977، والذي انضم إليه الشروق، ومن هنا أصبح عضوا بالحزب الشيوعي
المصري.
واستمر هذا الوضع حتى تبين
ليوسف درويش وللآخرين عمليات الزيف والخطأ السياسي الجسيم التي كان يقع فيها هذا الحزب وكانوا
وقتها بالخارج فقرروا في النهاية تكوين "المشروع" (أي مشروع الحزب الشيوعي)، وعندما عاد
درويش إلى مصر عام 1986 أعلن مع غيره الخروج من الحزب الشيوعي المصري وقاموا بتنظيم
"حزب الشعب الاشتراكي".
وتذكر الباحثة بمكتبة الإسكندرية،
مراحل السجن والاعتقال مشيرة إلى أنه قد اعتقل في سبتمبر/ايلول عام 1948 ودخل في معتقل
"الهاكستيب" بجوار مصر الجديدة في عنبر "السمكرجية"
(أي العمال) وظل في هذا المعتقل
حتى أكتوبر/تشرين الاول عام 1949.
وفي عام 1950 تم القبض عليه حيث
صدر الحكم ضده في يناير/كانون الثاني عام 1952 لمدة ثلاث سنوات قضاها في سجن مصر وخرج بعد ثلاثة
أرباع المدة في إبريل/نيسان عام 1953 علما بأن محكمة النقض قضت بعد ذلك ببطلان هذا
الحكم.
وقبض عليه عام 1955 وتم حجزه في
معتقل أبو زعبل ومكث فيه ثلاث شهور. وفي يناير عام 1959 تم القبض عليه مع كافة الشيوعيين من كل
التنظيمات الموجودة وتم وضعهم في معتقل أبو زعبل ثم معتقل الواحات وصدر الحكم عليه
بعشر سنوات أشغال شاقة وخرج من المعتقل في مايو/ايار عام 1964.
ثم قُبض عليه في مايو/ايار عام
1973 بتهمة الانضمام إلى منظمة "الشروق" ودخل سجن القلعة وخرج منه في سبتمبر/ايلول عام 1973.
وقد توفي يوسف درويش في يونيو/حزيران عام 2006.
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب