بحث بعنوان :
حكم قتل غير المسلم(المستأمن) في ديار الاسلام
مقدم من : د.خالدرمزي البزايعة
جامعة الحسين بن طلال – معان
كلية العلوم التربوية
2008
المقدمة
الحمد لله الذي أعطى الانعام جزيلاً, وقبل
للشكر قليلاً, وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً , وصلى الله على سيدنا محمد الذي
لم يجعل له من جنسه عديلاً , وعلى آله وصحبه بكرة وأصيلاً .
فهذه شريعة الله تعالى أنزلها لخلقه,لتؤخذ
أحكامها وتطبق في شتى الميادين , فأن طلب أحد العباد السعادة بغيرها,ضل وشقي ,وخرج
منها صفر اليدين ملجوماً بالخسارة والذلة - والعياذ بالله تعالى أن نكون منهم –ومن
أيقن أنها نعمة من الخالق الباري ,فوطن نفسه على عمل ما يحب الرب جلّ جلالة ,نال
رضاه وأحبه, وكان من الفائزين , يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من اتى الله تعالى
بقلب سليم .
من نعم الله تعالىَ، أن هيأ لي من الأسباب، لأكتب
عن موضوع قتل غير المسلمين في ديار الاسلام ، حيث يعد الحديث عن هذا الموضوع في غاية الأهمية، فهو بحق موضوع
الساعة في هذه الأيام، إذ عمد الباحث من خلال هذه الدراسة إلى إيضاح المقصود
بمصطلح المستأمن وبيان أهم الاحكام الفقهية
التي تتناول عقد الامان ,وبين كذلك أن الاعتداء على المستأمن يعتبر عملاً
إرهابياً.
وقد أخترت البحث في هذه المسألة
لأنها أخذت اهتمام الكثير من أبناء المسلمين , فكثيراً ما نسمع أن رعايا الدولة
الفلانية معرضون للقتل , أو أن سياحاً في سوق أو أمام بيت عبادة قد تعرضوا لإطلاق
عيارات نارية , الغرض منها قتل هؤلاء
الذين دخلوا ديار الاسلام بتأشيرة رسمية, ومن البدهي معرفته للجميع أن الانسان أن
علم أن حياته أو ماله معرض للخطر فلن ينزل تلك البقاع إلا لضرورةٍ لا يتصور فيها
أن تودي بحياته ...
فما حكم قتل السائح الذي دخل ديارنا بصورة
رسمية ؟؟ وهل يعتبر قتله عملاً إرهابياً ومنفذه أرهابي ؟؟ وهل التأشيرة الممنوحة
من قبل حكومتنا تعتبر مساوية في حكمها لعقد الآمان وبالتالي يعد السائح بحكم
المستأمن في شرع محمد عليه الصلاة والسلام؟؟؟
إن هذا البحث
بما يحمل في طياته لهو مساهمة من الباحث في إظهار الصورة الحقيقة السمحة لدين
الاسلام دين الرحمة والسلام ,فهو يبين كم الاسلام بعيد كل البعد عن أي عمل أرهابي
وهو بنفس الوقت يرفض ان يفرض فكر منحرف دخيل على انه الاسلام, كالتكفير والتطرف ,فلن تجد للارهاب ولا للتكفير
ولا للتطرف والتعصب مكاناً في دين رسولنا وحبيبنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم.
حكم قتل غير المسلم(المستأمن) في
ديار الاسلام
أفردت مسألة قتل غير المسلم- من أصحاب الديانات الاخرى – ببحث مستقل, لما تحتل هذه المسألة من أهمية
عظمية في حياة المسلمين اليوم , فاليوم أصبحنا نرى بعض أنصاف المتعلمين ممن نصب
نفسه مفتياً وعالم شريعة , يفتي
بجواز قتل من يدخل ديار الاسلام( كحوادث شرم الشيخ وذهب بمصر والساحة الهاشمية في
الاردن) , مع العلم أن الداخل لديارنا حاصل على تأشيرة دخول رسمية ممن ينوب عن
الحاكم , ودخوله يكون إما لسياحة أو
لتجاره أو لدراسة أو لأمر آخر شرع له الدخول من أجله , وهذا البحث يشكل أيضاً رداً
شرعياً قاسياً لتنظيم القاعدة الذي برر تفجيرات عمان الارهابية باستهداف الاجانب
,حيث سيظهر لنا هذا البحث بجلاء لايقبل النقاش وبناءً على النصوص الشرعية أن غير
المسلم (مسيحياً أم يهودياً )أن نال عقد الأمان من إمام المسلمين أو أحد أفراد
الدولة الاسلامية , ودخل ديارنا ,فأنه يغدو معصوم الدم والمال حتى يغادر حدودنا
آمناً كما دخل , وأن الاعتداء على المستأمن يعتبر عملاً إرهابياً محضاً .
ومن المعلوم إنّ ديننا
الحنيف الإسلام من حيث المبدأ ينهى عن قتل
النفس، قال تعالى (مَن قَتلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الأَرْضِ
فَكأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا
النَّاسَ جَمِيعاً)[1]
,وقال تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ
بِالْحَقِّ) [2],
والنفس هنا تشمل المسلم وغير المسلم. وقد أذن الله تعالى بقتل النفس المسلمة
حَدّاً أو قصاصاً لأسباب محدّدة. كما أذن بقتل النفس غير المسلمة لظروف محدّدة
أيضاً. ولكن لم يرد الإذن الشرعي بقتل أيّ إنسان بسبب عمل أو جريمة قام بها غيره،
لأنّ القاعدة الشرعية المتفق عليها التي نصّ عليها التي نص عليها القرآن أنّه (لاَ
تَزِرُ وَازِرةٌ وِزْرَ أُخْرَى)[3]
أي لا يتحمّل أيّ إنسان مسؤولية عمل غيره.
و يظنّ بعض المسلمين اليوم وبناء
على الفتاوى الضآلة, أنّه يجوز قتل غير المسلم
ولو بدون سبب. ويبنون ذلك على أنّ الكافر حربيّ في رأي أكثر الفقهاء، وأنّ الحربي
غير معصوم الدمّ، فيجوز بالتالي قتله كيفما كان. هذه مسألة مهمّة للغاية، وليعلم
للجميع بأنه ليس كلّ كافر حربياً. بل هو يصير كذلك إذا أعلن هو أو دولته الحرب على
المسلمين، أو إذا أعلن المسلمون الحرب عليهم.
وحتّى الكافر الحربيّ، لا يُقتل
لمجرّد كفره، بل يُقتل حين يحارب المسلمين وبسبب محاربته الفعلية، ولذلك يقول
جمهور الفقهاء أنّ "علّة القتال هي الحرابة ـ أي المحاربة ـ وليس مجرّد
الكفر" يؤيّده قوله تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذينَ
يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُ المُعْتَدينَ) [4],
وهو هنا ينهى عن مقاتلة غير المقاتلين، بل يعتبر مقاتلتهم اعتداء.. وهذا ممّا لا
يقبل النسخ.
منع الرسول الله صلى الله عليه وسلم
في كثير من الأحاديث الصحيحة مِن قتل مَن لا يقاتل من الكفّار: كالمرأة والصبيّ
غير المقاتل والعسيف ـ وهو الأجير المستخدَم في أمور لا تتصل بالقتال، والشيخ
الفاني. واستنبط الفقهاء من هذه النصوص منع قتل "الرهبان في الصوامع"
والتجّار، والمقعد والأعمى والمشلول والمعتوه والسائح ومقطوع اليد والرجل، والمريض
مرضاً مزمناً".
ومما لا يقبل نقاشاً أن الاسلام يراعي مبدأ الالتزام بالمواثيق وما يبرم
من عقود مع الافراد والجماعات والدول ,
يقول الله تعالى :"واوفوا بالعهد ان العهد كان مسؤولا " [5],
ويقول تعالى في موطن آخر من كتابه العزيز :
"الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق " [6].
ويذكر أن النبي محمد عليه السلام لم ينقض عهداً مع يهود ولا مع المسيحيين, وهذا مع كونه عليه السلام كان يرى أن الخدعة مباحة مع العدو أثناء القتال ,إلا أنه
كان يعلم الجميع ضرورة الالتزام بعهودهم مع الغير إلا أن تنقض من قبل الطرف الآخر
,وفي هذا يقول عليه الصلاة والسلام :" لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به
بقدر غدرته " [7]
.
بعد استعراض هذه النصوص من الكتاب والسنة, رأينا أن مبدأ المحافظة على ما
أبرم من عقود وعهود مراعى , لا بل جعل الالتزام من المسلمات التي لا تقبل نقاشاً
,وهذا إن دلّ على شيء إنما يدل على سماحة وعظم الاسلام دين محمد عليه الصلاة
والسلام .
حوى هذا البحث على ثلاثة مباحث
رئيسة كالآتي :
المبحث الاول : تعريف عقد الأمان , مشروعيته ,أنواعه.
المبحث الثاني: شروط عقد الأمان , مدة عقد الأمان , حكمه .
المبحث الثالث :حكم قتل من نال عقد الأمان بديار الاسلام (المستأمن ) .
المبحث الاول : تعريف ومشروعية عقد الأمان وأنواعه :
االمطلب الاول : تعريف عقد الأمان
الأمان
لغةً: الأمان ضد الخوف [8],
ويقال :أستأمنه طلب منه الأمان , واستأمن إليه دخل في أمانه [9],
والأمان : الصدق والحماية والذمة ,وما يقابل الخوف[10]
.
هذه المعاني التي أن
اطلق الأمان أريد بها, والملاحظ أن
الحماية وانعدام الخوف من أقوى المعاني التي يفسر بها الأمان وهي مرادنا كما سنرى
من هذا الفصل .
الأمان
أصطلاحاً :
تعريف الحنفية لعقد
الأمان : يقول الكاساني في بدائع الصنائع :" هو أن يحاصر الغزاة مدينة أو
حصناً من حصون الكفرة فيستأمنهم الكفار فيؤمنوهم
"[11].
ويعريف المالكية :يرى الامام الدسوقي
في حاشيته أن عقد الأمان "هو رفع أستباحة دم الحربي ورقه وماله حين قتاله أو
العزم عليه مع استقراره تحت حكم الاسلام مدة ما "[12].
بينما يرى الشربيني
الشافعي أن عقد الأمان يعني :"عقد يفيد ترك القتل والقتال مع
الكفار"[13].
يرى الباحث أن تعريف المالكية لعقد الأمان هو
الأولى بالأخذ, لأنه الاقرب لمقصود هذا الفصل ,ولأنه شامل لصور عقد الامان
المختلفة ,بعكس تعريف الحنفية والشافعية , حيث ذهب الامام الكاساني ليقصر تعريف
عقد الأمان على نوع خاص من الأمان متعلق إذا كان إعطاؤه حال محاصرة حصن أو مدينة
لغير المسلمين ,بينما لم يشمل صور أخرى هامةللأمان مثل أمان السفير والرسول وهو ما
سنبينه لاحقاً, وما دعانا لترك مفهوم عقد الأمان عند الشافعية ,هو خلطهم ما بين
مفهومي عقد الأمان وعقد الذمة والمعاهدة ,وذلك لأن من مقاصد عقد الذمة وأبرام
المعاهدات ترك القتال مع غير المسلمين بحسب ما أتفق عليه .
المطلب الثاني : مشروعية عقد الأمان .
الاسلام شغوف لإرساء معاني الأمن بكل أبعاده ,الاجتماعي والسياسي والغذائي
, والأمن من أكبر النعم الالهية على البشرية جمعاء , ومن أبسط الحقوق التي يجب على
كل دولة توفيرها نعمة الأمن لمواطنيها ومن يدخل أراضيها , ومن هنا كان الأصل
بعلاقة المسلمين بغيرهم من الأمم الأخرى السلم لا الحرب .
من المعلوم ان عقد الأمان مشروع بنص كتاب الله تعالى, والأصل في بناء مشروعيته
,قوله تعالى : "وإن احد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم
أبلغه مأمنه"[14],بهذا
النص القرآني غير القابل للتأويل , إرساء لمفهوم عقد الأمان الذي يمنح للفرد أو
الجماعة غير المسلمة لتعرف عن الاسلام وشرائعة ,وقد يتعدى الامر التعرف على شرائع
الاسلام الى التجارة او الدراسة او السياحة ...
وقد جاءت نصوص السنة النبوية أيضاً لتدلل على مشروعية عقد الأمان ,ففي
قوله عليه الصلاة والسلام :"ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم "[15],بيان
لمشروعية ان يمنح المسلم الفرد الأمان لغير المسلم , وأن الفرد أمانه مساوٍ تماماً
لأمان الامام أن توافرت في المستأمن شروط الأمان , وفي قوله عليه الصلاة والسلام
:"المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم "[16].
فهذا عقد الأمان تظافرت النصوص الصحيحة الصريحة من الكتاب والسنة النبوية لإثباته بما لا يدع
مجالاً للنقاش أو التأويل , وبناءً عليه فمنح الفرد المسلم أو الامام المسلم
الامان لغير المسلم(مسيحياً أم يهودياً ) عقد صحيح لازم لكافة المسلمين من سكان
تلك الدولة التي منح الأمان من قبلها , وهذا بدوره يدفع المبررات الارهابية لتنظيم
القاعدة لتفجيرات عمان ,والتي بني بعضها على ضرب الأجانب داخل الحدود الاردنية
,فبهذا لن تجد لهم مستند شرعي فيما يذهبون له من جواز تفجيرات عمان .
المطلب الثالث : أنواع عقد الأمان .
لعقد الأمان عند سادتنا الفقهاء صورتان , الاولى تعرف بعقد الأمان العام
والثانية تعرف بعقد الأمان الخاص.
الصورة الاولى : عقد
الأمان العام : وهو العقد الذي يمنح لجميع من يحارب المسلمين من الكفار أو العقد الذي
يمنح لأهل مدينة أو قرية من غير المسلمين .
والخلاف الوارد في هذه الصورة, هل
يصح منح عقد الامان العام من غير إمام المسلمين ,أي هل يصح أمان غير الإمام من
آحاد المسلمين ,أم أن الأمر قاصر فيه على الإمام ومن ينوب عنه فقط .
ذهب جمهور العلماء من المالكية [17]والشافعية[18]
والحنابلة[19]
إلى القول بعدم صحة عقد الامان العام إلا من الإمام ,فلا يصح عقد الأمان العام من
أفراد أو آحاد المسلمين .
وذهب فقهاء الحنفية الى القول بجواز تصور ومنح عقد الأمان العام من
آحاد المسلمين ,إلا إذا حوى العقد مفسدة فلا يصح عندها من آحاد المسلمين[20].
واستدل الحنفية لما ذهبوا إليه بما يأتي :
أولاً: بما ورد عنه صلى الله عليه وسلم :"المسلمون
تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم" [21].قال
الحنفية ومعنى أدناهم اقلهم ,وأقل المسلمين هو الواحد فيجوز به[22]
.
يناقش استدلالهم بالقول : أن الحديث ظاهر في منح عقد الامان للكافر من
آحاد المسلمين ,ولا يسع لفظه لأن يكون المقصود العدد الكبير الذي لا يحصر ,ولان
منح الامان العام قد يفضي الى الفوضى والبلبة وهي مفاسد غير مرغوبة ,لذا وجب قصر
الامن العام على الإمام فقط .
ثانياً : استدل الكاساني من المعقول فقال: " ولأن
الوقوف على حالة الضعف والقوة لا يقف على رأي الجماعة فيصح من الواحد "[23].
ويناقش ان ما اوردت غير مسلم ,ولأن ترك الامر لآحاد المسلمين يخلق الفوضى
,فيفعل كا من ما يراه مناسباً ,بينما رد الأمر للإمام فيه قوة أكثر وأرجح ,ولأنه
عادة لا يصدر الامر إلا من بعد مشورة .
واستدل جمهور الفقهاء لعدم صحة عقد الامان العام إلا من الإمام , بما يلي
:
أولاً: أن حماية حدود دولة الاسلام وتأمين أقاليمها من
الوظائف المناطة بالإمام دون غيره من آحاد رعية المسلمين ,وفي منح عقد الأمان
العام من أفراد الرعية افتيات على الامام وهذا لا يصح .ولأنه صاحب ولاية عامة على
المسلمين فيصدر الامر من محله[24]
.
ثانياً: قيل : ولأن إجازته
للافراد يفضي الى تعطيل الجهاد وهو فرض, ولا يجوز تعطيله[25].
وبعد إيراد أدلة الفريقين من سادتنا العلماء, يرى الباحث أن الميل لرأي الجمهور أوجه , وذلك
لمتانة أدلتهم وقوتها , ولان الأصل ألا يلحق المسلمين الضرر بسبب الأمان العام لذا
نيط الأمر بالامام دون سواه لأنه أهل
لتقدير النفع والضرر العائد على الرعية من المسلمين , ولأن آحاد المسلمين تختلف
رؤاهم وتتباين وجهات نظرهم فأخذ الامر بعيداًعنهم .
الصورة الثانية لعقد الامان : عقد الأمان الخاص
يعرف الامان الخاص بأنه : ما يعطى لحربي واحد أو لعشرة منهم أو قافلة
صغيرة أو حصن صغير[26].
العلماء من أئمة المسلمين مجمعون على جواز منح الامان الخاص من أفراد
المسلمين, بلا خلاف بينهم ,لقول النبي محمد صلى الله تعالى عليه وسلم
:"المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم "[27].
[1] - سورة المائدة الاية رقم
32
[2] - سورة الانعام الاية رقم
151
[3] - سورة الاسراء الاية رقم
15
[4] -سورة البقرة الاية رقم
190
[5] - سورة الاسراء الاية رقم
34
[6] - سورة الرعد الاية رقم 20
[7] - متفق عليه (تخريج الحديث
)
[8] - رضا ,محمد رضا , معجم
متن اللغة ,ج1,ص 208,دار مكتبة الحياة , بيروت 1380ه .
[9] - الفيومي ,احمد بن حمد
الفيومي ,المصباح المنير ,ج1,ص34,مكتبة مصطفى البابي الحلبي ,القاهرة 1950م.
[10] - البستاني , بطرس
البستاني , محيط المحيط ,ج1,ص42,بيروت, لبنان ,1386ه.
[11] - الكاساني , علاء الدين
أبي بكر بن مسعود , بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع .ط1,ج9,ص4318,مطبعة الجمالية
,مصر 1328ه.
[12] - الدسوقي .محمد بن عرفه ,
حاشية الدسوقي على الشرح الكبيرللدردير,ج2,ص283,خرج الاحاديث والايات محمد بن
عبدالله بن شاهين ,دار الكتب العلمية , بيروت ,ط1,1996م.
[13] -الشربيني ,شمس الدين محمد
الخطيب, مغني المحتاج الى معاني الفاظ المنهاج لأبي زكريا النووي , ج4,ص236, طبع
ونشر مصطفى الباب الحلبي ,مصر , 1337ه.
[14] - سورة التوبة الابة رقم
6.
[15] - مسلم , مسلم بن الحجاج
,صحيح مسلم ,ج2,ص999,ط1, دار أحياء الكتب العربية ,طبع عيسى الباب الحلبي ,مصر .
[16] - متفق عليه ( تخريج
الحديث)
[17] - الدسوقي ,حاشية الدسوقي
,ج2,ص165.
[18] - الشربيني , مغني المحتاج
,ج4,ص237.
[19] - ابن قدامة , موفق الدين
المقدسي الجماعيلي, المغني ,ج9,ص242, مكتبة القاهرة ,مصر,ط1.
[20] - الكاساني , بدائع
الصنائع ,ج9,ص4320.
[21] - متفق عليه (تخريج الحديث
)
[22] - ابن الهمام ,كمال الدين
محمد بن عبد الواحد , فتح القدير,ج4,ص298,ط2,مطبعة مصطفى باب الحلبي,مصر,1383ه.
[23] الكاساني ,بدائع
الصنائع,ج9,ص4320,
[24] - ابن قدامه ,المغني ,
ج9,ص242.الشربيني ,مغني المحتاج ,ج4,ص237.الدسوقي ,حاشية الدسوقي ,ج2 ,ص 165.
[25] - السرخسي ,محمد احمد
السرخسي , شرح السير الكبير , ج1,ص165,مطابع شركة الاعلانات الشرقية ,مصر ,1971م.
[26] - بان قدامة , المغني
,ج9,ص243.الخرشي
,ابوعبدالله محمد ,فتح الجليل على مختصر خليل ,ج1,ص729,مطبعة بولاق ,مصر,ه1299.
[27] - متفق عليه .( تخريج
الحديث)
حكم قتل غير المسلم(المستأمن) في ديار الاسلام
مقدم من : د.خالدرمزي البزايعة
جامعة الحسين بن طلال – معان
كلية العلوم التربوية
2008
المقدمة
الحمد لله الذي أعطى الانعام جزيلاً, وقبل
للشكر قليلاً, وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً , وصلى الله على سيدنا محمد الذي
لم يجعل له من جنسه عديلاً , وعلى آله وصحبه بكرة وأصيلاً .
فهذه شريعة الله تعالى أنزلها لخلقه,لتؤخذ
أحكامها وتطبق في شتى الميادين , فأن طلب أحد العباد السعادة بغيرها,ضل وشقي ,وخرج
منها صفر اليدين ملجوماً بالخسارة والذلة - والعياذ بالله تعالى أن نكون منهم –ومن
أيقن أنها نعمة من الخالق الباري ,فوطن نفسه على عمل ما يحب الرب جلّ جلالة ,نال
رضاه وأحبه, وكان من الفائزين , يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من اتى الله تعالى
بقلب سليم .
من نعم الله تعالىَ، أن هيأ لي من الأسباب، لأكتب
عن موضوع قتل غير المسلمين في ديار الاسلام ، حيث يعد الحديث عن هذا الموضوع في غاية الأهمية، فهو بحق موضوع
الساعة في هذه الأيام، إذ عمد الباحث من خلال هذه الدراسة إلى إيضاح المقصود
بمصطلح المستأمن وبيان أهم الاحكام الفقهية
التي تتناول عقد الامان ,وبين كذلك أن الاعتداء على المستأمن يعتبر عملاً
إرهابياً.
وقد أخترت البحث في هذه المسألة
لأنها أخذت اهتمام الكثير من أبناء المسلمين , فكثيراً ما نسمع أن رعايا الدولة
الفلانية معرضون للقتل , أو أن سياحاً في سوق أو أمام بيت عبادة قد تعرضوا لإطلاق
عيارات نارية , الغرض منها قتل هؤلاء
الذين دخلوا ديار الاسلام بتأشيرة رسمية, ومن البدهي معرفته للجميع أن الانسان أن
علم أن حياته أو ماله معرض للخطر فلن ينزل تلك البقاع إلا لضرورةٍ لا يتصور فيها
أن تودي بحياته ...
فما حكم قتل السائح الذي دخل ديارنا بصورة
رسمية ؟؟ وهل يعتبر قتله عملاً إرهابياً ومنفذه أرهابي ؟؟ وهل التأشيرة الممنوحة
من قبل حكومتنا تعتبر مساوية في حكمها لعقد الآمان وبالتالي يعد السائح بحكم
المستأمن في شرع محمد عليه الصلاة والسلام؟؟؟
إن هذا البحث
بما يحمل في طياته لهو مساهمة من الباحث في إظهار الصورة الحقيقة السمحة لدين
الاسلام دين الرحمة والسلام ,فهو يبين كم الاسلام بعيد كل البعد عن أي عمل أرهابي
وهو بنفس الوقت يرفض ان يفرض فكر منحرف دخيل على انه الاسلام, كالتكفير والتطرف ,فلن تجد للارهاب ولا للتكفير
ولا للتطرف والتعصب مكاناً في دين رسولنا وحبيبنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم.
حكم قتل غير المسلم(المستأمن) في
ديار الاسلام
أفردت مسألة قتل غير المسلم- من أصحاب الديانات الاخرى – ببحث مستقل, لما تحتل هذه المسألة من أهمية
عظمية في حياة المسلمين اليوم , فاليوم أصبحنا نرى بعض أنصاف المتعلمين ممن نصب
نفسه مفتياً وعالم شريعة , يفتي
بجواز قتل من يدخل ديار الاسلام( كحوادث شرم الشيخ وذهب بمصر والساحة الهاشمية في
الاردن) , مع العلم أن الداخل لديارنا حاصل على تأشيرة دخول رسمية ممن ينوب عن
الحاكم , ودخوله يكون إما لسياحة أو
لتجاره أو لدراسة أو لأمر آخر شرع له الدخول من أجله , وهذا البحث يشكل أيضاً رداً
شرعياً قاسياً لتنظيم القاعدة الذي برر تفجيرات عمان الارهابية باستهداف الاجانب
,حيث سيظهر لنا هذا البحث بجلاء لايقبل النقاش وبناءً على النصوص الشرعية أن غير
المسلم (مسيحياً أم يهودياً )أن نال عقد الأمان من إمام المسلمين أو أحد أفراد
الدولة الاسلامية , ودخل ديارنا ,فأنه يغدو معصوم الدم والمال حتى يغادر حدودنا
آمناً كما دخل , وأن الاعتداء على المستأمن يعتبر عملاً إرهابياً محضاً .
ومن المعلوم إنّ ديننا
الحنيف الإسلام من حيث المبدأ ينهى عن قتل
النفس، قال تعالى (مَن قَتلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الأَرْضِ
فَكأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا
النَّاسَ جَمِيعاً)[1]
,وقال تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ
بِالْحَقِّ) [2],
والنفس هنا تشمل المسلم وغير المسلم. وقد أذن الله تعالى بقتل النفس المسلمة
حَدّاً أو قصاصاً لأسباب محدّدة. كما أذن بقتل النفس غير المسلمة لظروف محدّدة
أيضاً. ولكن لم يرد الإذن الشرعي بقتل أيّ إنسان بسبب عمل أو جريمة قام بها غيره،
لأنّ القاعدة الشرعية المتفق عليها التي نصّ عليها التي نص عليها القرآن أنّه (لاَ
تَزِرُ وَازِرةٌ وِزْرَ أُخْرَى)[3]
أي لا يتحمّل أيّ إنسان مسؤولية عمل غيره.
و يظنّ بعض المسلمين اليوم وبناء
على الفتاوى الضآلة, أنّه يجوز قتل غير المسلم
ولو بدون سبب. ويبنون ذلك على أنّ الكافر حربيّ في رأي أكثر الفقهاء، وأنّ الحربي
غير معصوم الدمّ، فيجوز بالتالي قتله كيفما كان. هذه مسألة مهمّة للغاية، وليعلم
للجميع بأنه ليس كلّ كافر حربياً. بل هو يصير كذلك إذا أعلن هو أو دولته الحرب على
المسلمين، أو إذا أعلن المسلمون الحرب عليهم.
وحتّى الكافر الحربيّ، لا يُقتل
لمجرّد كفره، بل يُقتل حين يحارب المسلمين وبسبب محاربته الفعلية، ولذلك يقول
جمهور الفقهاء أنّ "علّة القتال هي الحرابة ـ أي المحاربة ـ وليس مجرّد
الكفر" يؤيّده قوله تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذينَ
يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُ المُعْتَدينَ) [4],
وهو هنا ينهى عن مقاتلة غير المقاتلين، بل يعتبر مقاتلتهم اعتداء.. وهذا ممّا لا
يقبل النسخ.
منع الرسول الله صلى الله عليه وسلم
في كثير من الأحاديث الصحيحة مِن قتل مَن لا يقاتل من الكفّار: كالمرأة والصبيّ
غير المقاتل والعسيف ـ وهو الأجير المستخدَم في أمور لا تتصل بالقتال، والشيخ
الفاني. واستنبط الفقهاء من هذه النصوص منع قتل "الرهبان في الصوامع"
والتجّار، والمقعد والأعمى والمشلول والمعتوه والسائح ومقطوع اليد والرجل، والمريض
مرضاً مزمناً".
ومما لا يقبل نقاشاً أن الاسلام يراعي مبدأ الالتزام بالمواثيق وما يبرم
من عقود مع الافراد والجماعات والدول ,
يقول الله تعالى :"واوفوا بالعهد ان العهد كان مسؤولا " [5],
ويقول تعالى في موطن آخر من كتابه العزيز :
"الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق " [6].
ويذكر أن النبي محمد عليه السلام لم ينقض عهداً مع يهود ولا مع المسيحيين, وهذا مع كونه عليه السلام كان يرى أن الخدعة مباحة مع العدو أثناء القتال ,إلا أنه
كان يعلم الجميع ضرورة الالتزام بعهودهم مع الغير إلا أن تنقض من قبل الطرف الآخر
,وفي هذا يقول عليه الصلاة والسلام :" لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به
بقدر غدرته " [7]
.
بعد استعراض هذه النصوص من الكتاب والسنة, رأينا أن مبدأ المحافظة على ما
أبرم من عقود وعهود مراعى , لا بل جعل الالتزام من المسلمات التي لا تقبل نقاشاً
,وهذا إن دلّ على شيء إنما يدل على سماحة وعظم الاسلام دين محمد عليه الصلاة
والسلام .
حوى هذا البحث على ثلاثة مباحث
رئيسة كالآتي :
المبحث الاول : تعريف عقد الأمان , مشروعيته ,أنواعه.
المبحث الثاني: شروط عقد الأمان , مدة عقد الأمان , حكمه .
المبحث الثالث :حكم قتل من نال عقد الأمان بديار الاسلام (المستأمن ) .
المبحث الاول : تعريف ومشروعية عقد الأمان وأنواعه :
االمطلب الاول : تعريف عقد الأمان
الأمان
لغةً: الأمان ضد الخوف [8],
ويقال :أستأمنه طلب منه الأمان , واستأمن إليه دخل في أمانه [9],
والأمان : الصدق والحماية والذمة ,وما يقابل الخوف[10]
.
هذه المعاني التي أن
اطلق الأمان أريد بها, والملاحظ أن
الحماية وانعدام الخوف من أقوى المعاني التي يفسر بها الأمان وهي مرادنا كما سنرى
من هذا الفصل .
الأمان
أصطلاحاً :
تعريف الحنفية لعقد
الأمان : يقول الكاساني في بدائع الصنائع :" هو أن يحاصر الغزاة مدينة أو
حصناً من حصون الكفرة فيستأمنهم الكفار فيؤمنوهم
"[11].
ويعريف المالكية :يرى الامام الدسوقي
في حاشيته أن عقد الأمان "هو رفع أستباحة دم الحربي ورقه وماله حين قتاله أو
العزم عليه مع استقراره تحت حكم الاسلام مدة ما "[12].
بينما يرى الشربيني
الشافعي أن عقد الأمان يعني :"عقد يفيد ترك القتل والقتال مع
الكفار"[13].
يرى الباحث أن تعريف المالكية لعقد الأمان هو
الأولى بالأخذ, لأنه الاقرب لمقصود هذا الفصل ,ولأنه شامل لصور عقد الامان
المختلفة ,بعكس تعريف الحنفية والشافعية , حيث ذهب الامام الكاساني ليقصر تعريف
عقد الأمان على نوع خاص من الأمان متعلق إذا كان إعطاؤه حال محاصرة حصن أو مدينة
لغير المسلمين ,بينما لم يشمل صور أخرى هامةللأمان مثل أمان السفير والرسول وهو ما
سنبينه لاحقاً, وما دعانا لترك مفهوم عقد الأمان عند الشافعية ,هو خلطهم ما بين
مفهومي عقد الأمان وعقد الذمة والمعاهدة ,وذلك لأن من مقاصد عقد الذمة وأبرام
المعاهدات ترك القتال مع غير المسلمين بحسب ما أتفق عليه .
المطلب الثاني : مشروعية عقد الأمان .
الاسلام شغوف لإرساء معاني الأمن بكل أبعاده ,الاجتماعي والسياسي والغذائي
, والأمن من أكبر النعم الالهية على البشرية جمعاء , ومن أبسط الحقوق التي يجب على
كل دولة توفيرها نعمة الأمن لمواطنيها ومن يدخل أراضيها , ومن هنا كان الأصل
بعلاقة المسلمين بغيرهم من الأمم الأخرى السلم لا الحرب .
من المعلوم ان عقد الأمان مشروع بنص كتاب الله تعالى, والأصل في بناء مشروعيته
,قوله تعالى : "وإن احد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم
أبلغه مأمنه"[14],بهذا
النص القرآني غير القابل للتأويل , إرساء لمفهوم عقد الأمان الذي يمنح للفرد أو
الجماعة غير المسلمة لتعرف عن الاسلام وشرائعة ,وقد يتعدى الامر التعرف على شرائع
الاسلام الى التجارة او الدراسة او السياحة ...
وقد جاءت نصوص السنة النبوية أيضاً لتدلل على مشروعية عقد الأمان ,ففي
قوله عليه الصلاة والسلام :"ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم "[15],بيان
لمشروعية ان يمنح المسلم الفرد الأمان لغير المسلم , وأن الفرد أمانه مساوٍ تماماً
لأمان الامام أن توافرت في المستأمن شروط الأمان , وفي قوله عليه الصلاة والسلام
:"المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم "[16].
فهذا عقد الأمان تظافرت النصوص الصحيحة الصريحة من الكتاب والسنة النبوية لإثباته بما لا يدع
مجالاً للنقاش أو التأويل , وبناءً عليه فمنح الفرد المسلم أو الامام المسلم
الامان لغير المسلم(مسيحياً أم يهودياً ) عقد صحيح لازم لكافة المسلمين من سكان
تلك الدولة التي منح الأمان من قبلها , وهذا بدوره يدفع المبررات الارهابية لتنظيم
القاعدة لتفجيرات عمان ,والتي بني بعضها على ضرب الأجانب داخل الحدود الاردنية
,فبهذا لن تجد لهم مستند شرعي فيما يذهبون له من جواز تفجيرات عمان .
المطلب الثالث : أنواع عقد الأمان .
لعقد الأمان عند سادتنا الفقهاء صورتان , الاولى تعرف بعقد الأمان العام
والثانية تعرف بعقد الأمان الخاص.
الصورة الاولى : عقد
الأمان العام : وهو العقد الذي يمنح لجميع من يحارب المسلمين من الكفار أو العقد الذي
يمنح لأهل مدينة أو قرية من غير المسلمين .
والخلاف الوارد في هذه الصورة, هل
يصح منح عقد الامان العام من غير إمام المسلمين ,أي هل يصح أمان غير الإمام من
آحاد المسلمين ,أم أن الأمر قاصر فيه على الإمام ومن ينوب عنه فقط .
ذهب جمهور العلماء من المالكية [17]والشافعية[18]
والحنابلة[19]
إلى القول بعدم صحة عقد الامان العام إلا من الإمام ,فلا يصح عقد الأمان العام من
أفراد أو آحاد المسلمين .
وذهب فقهاء الحنفية الى القول بجواز تصور ومنح عقد الأمان العام من
آحاد المسلمين ,إلا إذا حوى العقد مفسدة فلا يصح عندها من آحاد المسلمين[20].
واستدل الحنفية لما ذهبوا إليه بما يأتي :
أولاً: بما ورد عنه صلى الله عليه وسلم :"المسلمون
تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم" [21].قال
الحنفية ومعنى أدناهم اقلهم ,وأقل المسلمين هو الواحد فيجوز به[22]
.
يناقش استدلالهم بالقول : أن الحديث ظاهر في منح عقد الامان للكافر من
آحاد المسلمين ,ولا يسع لفظه لأن يكون المقصود العدد الكبير الذي لا يحصر ,ولان
منح الامان العام قد يفضي الى الفوضى والبلبة وهي مفاسد غير مرغوبة ,لذا وجب قصر
الامن العام على الإمام فقط .
ثانياً : استدل الكاساني من المعقول فقال: " ولأن
الوقوف على حالة الضعف والقوة لا يقف على رأي الجماعة فيصح من الواحد "[23].
ويناقش ان ما اوردت غير مسلم ,ولأن ترك الامر لآحاد المسلمين يخلق الفوضى
,فيفعل كا من ما يراه مناسباً ,بينما رد الأمر للإمام فيه قوة أكثر وأرجح ,ولأنه
عادة لا يصدر الامر إلا من بعد مشورة .
واستدل جمهور الفقهاء لعدم صحة عقد الامان العام إلا من الإمام , بما يلي
:
أولاً: أن حماية حدود دولة الاسلام وتأمين أقاليمها من
الوظائف المناطة بالإمام دون غيره من آحاد رعية المسلمين ,وفي منح عقد الأمان
العام من أفراد الرعية افتيات على الامام وهذا لا يصح .ولأنه صاحب ولاية عامة على
المسلمين فيصدر الامر من محله[24]
.
ثانياً: قيل : ولأن إجازته
للافراد يفضي الى تعطيل الجهاد وهو فرض, ولا يجوز تعطيله[25].
وبعد إيراد أدلة الفريقين من سادتنا العلماء, يرى الباحث أن الميل لرأي الجمهور أوجه , وذلك
لمتانة أدلتهم وقوتها , ولان الأصل ألا يلحق المسلمين الضرر بسبب الأمان العام لذا
نيط الأمر بالامام دون سواه لأنه أهل
لتقدير النفع والضرر العائد على الرعية من المسلمين , ولأن آحاد المسلمين تختلف
رؤاهم وتتباين وجهات نظرهم فأخذ الامر بعيداًعنهم .
الصورة الثانية لعقد الامان : عقد الأمان الخاص
يعرف الامان الخاص بأنه : ما يعطى لحربي واحد أو لعشرة منهم أو قافلة
صغيرة أو حصن صغير[26].
العلماء من أئمة المسلمين مجمعون على جواز منح الامان الخاص من أفراد
المسلمين, بلا خلاف بينهم ,لقول النبي محمد صلى الله تعالى عليه وسلم
:"المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم "[27].
[1] - سورة المائدة الاية رقم
32
[2] - سورة الانعام الاية رقم
151
[3] - سورة الاسراء الاية رقم
15
[4] -سورة البقرة الاية رقم
190
[5] - سورة الاسراء الاية رقم
34
[6] - سورة الرعد الاية رقم 20
[7] - متفق عليه (تخريج الحديث
)
[8] - رضا ,محمد رضا , معجم
متن اللغة ,ج1,ص 208,دار مكتبة الحياة , بيروت 1380ه .
[9] - الفيومي ,احمد بن حمد
الفيومي ,المصباح المنير ,ج1,ص34,مكتبة مصطفى البابي الحلبي ,القاهرة 1950م.
[10] - البستاني , بطرس
البستاني , محيط المحيط ,ج1,ص42,بيروت, لبنان ,1386ه.
[11] - الكاساني , علاء الدين
أبي بكر بن مسعود , بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع .ط1,ج9,ص4318,مطبعة الجمالية
,مصر 1328ه.
[12] - الدسوقي .محمد بن عرفه ,
حاشية الدسوقي على الشرح الكبيرللدردير,ج2,ص283,خرج الاحاديث والايات محمد بن
عبدالله بن شاهين ,دار الكتب العلمية , بيروت ,ط1,1996م.
[13] -الشربيني ,شمس الدين محمد
الخطيب, مغني المحتاج الى معاني الفاظ المنهاج لأبي زكريا النووي , ج4,ص236, طبع
ونشر مصطفى الباب الحلبي ,مصر , 1337ه.
[14] - سورة التوبة الابة رقم
6.
[15] - مسلم , مسلم بن الحجاج
,صحيح مسلم ,ج2,ص999,ط1, دار أحياء الكتب العربية ,طبع عيسى الباب الحلبي ,مصر .
[16] - متفق عليه ( تخريج
الحديث)
[17] - الدسوقي ,حاشية الدسوقي
,ج2,ص165.
[18] - الشربيني , مغني المحتاج
,ج4,ص237.
[19] - ابن قدامة , موفق الدين
المقدسي الجماعيلي, المغني ,ج9,ص242, مكتبة القاهرة ,مصر,ط1.
[20] - الكاساني , بدائع
الصنائع ,ج9,ص4320.
[21] - متفق عليه (تخريج الحديث
)
[22] - ابن الهمام ,كمال الدين
محمد بن عبد الواحد , فتح القدير,ج4,ص298,ط2,مطبعة مصطفى باب الحلبي,مصر,1383ه.
[23] الكاساني ,بدائع
الصنائع,ج9,ص4320,
[24] - ابن قدامه ,المغني ,
ج9,ص242.الشربيني ,مغني المحتاج ,ج4,ص237.الدسوقي ,حاشية الدسوقي ,ج2 ,ص 165.
[25] - السرخسي ,محمد احمد
السرخسي , شرح السير الكبير , ج1,ص165,مطابع شركة الاعلانات الشرقية ,مصر ,1971م.
[26] - بان قدامة , المغني
,ج9,ص243.الخرشي
,ابوعبدالله محمد ,فتح الجليل على مختصر خليل ,ج1,ص729,مطبعة بولاق ,مصر,ه1299.
[27] - متفق عليه .( تخريج
الحديث)
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب