بسم الله
الرحمن الرحيم
مفهوم لغة
القانون
يقصد
بلغة القانون [ لغة علم القانون ] المؤلف مثل سائر العلوم الأخرى من المصطلحات و
التعاريف التي تحدد أهدافه و حدوده و كيانه كعلم مستقل ، و يقصد بالقانون الذي
نتناول لغته ما جري العرف علي تسميته
[ بالقانون الوضعي ] : و هو مجموعه من القواعد التي تنظيم العَلاقة بين أفراد
المجتمع الواحد أو عَلاقة الفرد بالدولة ، و من ثم يبرز هنا ذكر تقسيمات القانون
الرئيسية :
القانون العام ( Common
Law ) :
هو
القانون الذي ينظم و يضبط علاقة الفرد بالدولة ، حيث تكون الدولة و مؤسساتها طرف
أصيل في قواعد هذا القانون ، و هو بدوره ينقسم إلي أربعة فروع رئيسية :
1- القانون الدستوري constitutional Law :
يتناول
أحكام إنشاء الحكومات و توزيع السلطات و الاختصاصات الإدارية و السياسية ، و يضع
المبادئ الأساسية التي تقوم عليها علاقة الحكومة بأفراد الشعب و القواعد التي تسير
عليها إدارات الشؤون العامة ، و ذلك كله وفقاً لأحكام الدستور .
2- القانون الجنائي : criminal Law
و
يتألف القانون الجنائي من مجموعة من القواعد التى تحدد علي سبيل الحصر الجرائم و
أشكالها و ظروفها و أركانها و وضع معايير العقوبة التى تتناسب مع كل جريمة .
و
ينقسم بدورة إلي قسمين :
أ-
قانون العقوبات : و يتفرع إلي قسمين :
1-
القسم العام : و يختص بشرح و وبيان العقوبات للجرائم المتعلقة بالمصلحة العمومية
مثل جريمة الرِشوة و الاختلاس و جرائم أمن الدولة كالتخابر مع دولة أجنبية في زمن
الحرب . . .
ب-
القسم الخاص : و يختص بشرح و بيان العقوبات للجرائم التي تدور في نطاق المجتمع
كالقتل و السرقة و الاغتصاب و المخدرات . . . .
ب-
قانون الإجراءات الجنائية : و يضع هذا القانون مجموعة القواعد و الأوامر التي
تنظيم إجراءات الضبط و التفتيش و التحري و الإدعاء و تنفيذ الأحكام الجنائية . . .
3- القانون المالي : Financial Law
يتناول
القانون المالي تحديد موارد الدولة و علاقة المؤسسات المالية بأفراد الشعب
4- القانون الإداري : Administrative Law :
يحكم
أجهزة الإدارة الرسمية و ينظم إجراءات مهامها المختلفة كجمع الإيرادات و تنظيم
القوات العسكرية و الصحة و التعليم و الجنسية و النقد و الأمن العام و الشؤون الاجتماعية
و غير ذلك من مهام الدولة الإدارية .
القانون الخاص : Private Law
هو
القانون الذي يحكم علاقات الأفراد أو يعرف حقوقهم و ينظمها و ينفذها و ينقسم إلي
عدد كبير من القوانين نذكر منها علي سبيل المثال : القانون المدني ، القانون
التجاري ، القانون البحري و الجوي ، قانون المرافعات ، و قانون الأحوال الشخصية ،
و قانون العمل ، و قانون الهجرة و الجنسية ، . . .
أهمية دراسة الصياغة التشريعية باللغتين العربية
و الإنجليزية :
في
ضوء الاتجاه الدولي لتوحيد القوانين في مختلف أنحاء العالم و وضع الاتفاقيات
الدولية الملزمة ، و الاتجاه إلي العولمة أصبحت كل دولة لا تستطيع سن قوانينها
بمعزل عن القوانين و الاتفاقيات الدولية ، و علي سبيل المثال فإن قانون التحكيم
المصري رقم 27 لسنة 1994 تم سنه اتساقاً مع قانون الأمم المتحدة النموذجي للتحكيم
التجاري الدولي . و لما كانت الاتفاقيات الدولية تصاغ أساساً باللغة الإنجليزية
فإن النص الإنجليزي للمعاهدة أو الاتفاقية يكون هو النص الملزم للدول الأعضاء
الموقعة عليها .
و يثور تساؤل هنا . . ماذا يحدث إذا كانت تلك
الترجمة يشوبها بعض القصور أو الغموض ؟
النتيجة
، أن هذا الغموض و القصور سوف ينتقل إلي
القانون المحلي الذي سيطبقة القاضي في أحكامه مما يؤثر تأتير بليغ في منطوق الحكم
و يؤدي إلي حدوث منازعات و خسارة الدعوي من جانب الطرف الذي يفسر النص لغير صالحة
.
و
من ثم يقع علي المترجم عبء ثقيل في تحويل المادة القانونية باللغة الإنجليزية إلي
ما يقابلها باللغة العربية مما يتطلب منه الاختصاص و الخبرة و الممارسة العملية و
القراءة المستمرة و الدقة و التوضيح .
و بعد أن وضحنا تقسيمات القانون نلقي الضوء الآن علي أنواع لغة
القانون :
1- اللغة القانونية الأكاديمية : Academic
Legal Writing
و
هي لغة المجلات البحثية الأكاديمية القانونية و الكتب المنهجية الخاصة بتدريس
القانون .
2- لغة القضاء : juridical Writing
و
هي لغة الأحكام التى تصدرها المحاكم و الكتب التى تتناول القضايا القانونية و
التقارير القانونية .
3- لغة التشريع : Legislative Writing
و
هي لغة الوثائق القانونية النمطية مثل القوانين التي تصدر عن المجالس التشريعية و
اللوائح و الدستور و العقود و الاتفاقيات و المعاهدات حيث يكون الهدف بهذه اللغة
تحديد مجموعة من الالتزامات أو المحظورات .
و
نتكلم الأن بشئ من التوضيح و التفصيل عن تلك اللغات . . .
أولاً – المصطلحات
من
المعروف أن لكل علم مصطلحاته و تعاريفه و هناك لغة مشتركة بين أبناء التخصص الواحد
يفهمونها فيما بينهم دون غيرهم ، فمثلاً المحاسب يستخدم لغة الأصول و الخصوم و المقاصة و الحساب
الختامي . . . و رجال القانون يستخدمون لغة إعادة تصحيح شكل الدعوى ، و العود ، و
التدابير الاحتياطية . . . . و من ثم فإن من أهم المهام التى يجب أن يتسلح بها
صائغ الوثيقة القانونية الإلمام التام و الكامل و المعرفة الجيدة والعميقة
بالمصطلح القانوني .
الفرق بين الكتابة القانونية و الصياغة القانونية :
الكتابة
القانونية Legal writing تقدم حلولاً عملية لمشكلات معينة و تقترح البدائل و تركز علي إتباع
نماذج سابقة أما الصياغة القانونية Legal
drafting فتحدد العَلاقات
بين الأفراد و نوضح الإجراءات المتفق عليها فيما بينهم و يغلب عليها طابع الإبداع
الأصلي .
فالصياغة
القانونية ينطوي مفهومها علي شقين هما :
أ-
الشكل : Form ب-
الأسلوب اللغوي : Linguistic
style
و
فيما يتعلق بالشكل أو القالب ، تختلف قوالب الوثائق القانونية عن بعضها البعض من
حيث تنظيم أجزائها و تقسيم محتوياتها . فعريضة الدعوى تأخذ قالب يختلف عن القانون
التشريعي بينما يأخذ العقد في تنظيمه و تقسيم أجزائه و محتوياته قالباً يختلف عن
عريضة الدعوى و القانون التشريعي .
و
من ثم ، تختلف صياغة كل وثيقة قانونية من حيث الشكل عن غيرها من الوثائق ، أما
الأسلوب اللغوي الذي تصاغ به كل الوثائق القانونية فهو لا يتغير حيث يستخدم كل
صائغي الوثائق القانونية تلك الخصائص و التراكيب اللغوية .
و
يرتبط مصطلح ( الصياغة القانونية ) بشكل عام بالنماذج القانونية ذات القوالب
الثابتة و ينقسم بدوره إلي طائفتين هما : صيغ التقاضي أو ما يطلق عليه الأوراق
القضائية مثل صحيفة الدعوى و مذكرة الدفاع ، أما الطائفة الثانية فهي الصيغ التي
ترتب و تحدد الواجبات و الحقوق أو ما يطلق عليها في فقه القانون ( المُكّنة
القانونية ) مثل العقود و اللوائح الداخلية للشركات .
و
يبرز الفرق بين الطائفتين ، كون الأولي تحدد
العلاقات و توضح الإجراءات التى تحكم معاملة ما مثل العقد ، فالأخير يترب و يحدد و
يوضح حقوق و التزامات طرفية ، أما الثانية فتسرد بالتوضيح الوقائع facts و تتناول النقاط القانونية التى قد يترتب عليها إما مطالبة
قانونية claim in Law مع أية تدابير إنصافية ، أو دفاع في مواجهة هذه المطالبة .
ثانياً – الصياغة التشريعية :
يقصد
بالصياغة التشريعية Legislative drafting من المفهوم الضيق للكلمة
" صياغة التشريعات drafting of legislations " و هي :1- الدستور ، و هو التشريع الأساسي الذي يحدد
النظام السياسي للدولة و توزيع الاختصاصات علي السلطات الثلاث التشريعية و
القضائية و التنفيذية ، 2- التشريع العادي ، و الذي يختص بسن القوانين ، 3-
التشريع الفرعي subordinate legislations و هي اللوائح التنفيذية executive
regulations و هي التى تصدر بواسطة السلطة
التنفيذية لتنفيذ قانون صادر عن السلطة التشريعية ، و اللوائح التنظيمية regulatory
regulations و يقصد بها اللوائح التى تحكم المرافق العامة و
المصالح الحكومية من حيث إنشائها و تنظيمها و تنسيق سير العمل فيها ، و أخيراً
لوائح الضبط policing regulations و يقصد بها القيود
التشريعية التى تضعها السلطة التنفيذية علي الحريات الفردية داخل المجتمع من اجل
المحافظة علي الأمن و النظام العام .
و
جدير بالذكر أن نقول أن الصياغة التشريعية ليست مجرد شكلاً من أشكال الصياغة
القانونية و إنما إن جاز التعبير ، أصعب و أعقد من الصياغة القانونية و ذلك نظراً
لتعقد المشكلات التي تتناولها و النزاعات التي تصاحب عملية تبني التشريعات و عدم المعرفة الكافية بالجمهور الذي تسري عليه
تلك التشريعات و صفة الدوام التى تميزها .
و
من هذا المنطلق ، يجب التفريق بين الصياغة التشريعية و الأشكال الأخرى للكتابة
القانونية ، فالولي تقوم بمهمة القانون الوقائي preventive
law و تنتج أسلوباً وصفياً يتسم بإعطاء الأوامر و
وضع القواعد ، بينما الأخيرة تقوم بوظيفة الإقناع persuasion و تخاطب العاطفة .
أيضاً
يبرز فارق أخير بين الصياغة التشريعية و الكتابة القانونية يكمن في الناحية
الأسلوبية ، فالأولي تعني بالكلمات، فكل
كلمة تكون في غاية الأهمية ، أما
الثانية تركز علي عدة نقاط أو موضوعات قليلة مع تناول كل نقطة باستفاضة في نص مسهب .
مهام الصائغين
القانونيين :
يقع
علي عاتق صائغ الوثيقة القانونية ثلاثة مهام رئيسية هما :
1- الدقة و الوضوح accuracy and clarity :
أهم
ما يجب أن يتصف به صائغ الوثيقة القانونية
هي الدقة و الوضوح ، لأن صياغة مادة تشريعية أو عقد بطريقة تحتمل تفسيرات كثيرة و
متباينة يقود صاحب المصلحة إلي هوال التقاضي و المحاكم .
فالكلمة
في الوثيقة القانونية تكتسب معني محدداً مرتبطاً بالسياق الذي ترد فيه و من ثم
فالغالب تفسير المصطلحات التي قد تبدو غريبة في صدر القانون او العقد او الاتفاقية
حيث في هذه الحالة يجب أن يلصق في بداية الوثيقة القانونية مادة تعرف بـ ( definitions
) و الهدف من وضع هذه المادة هي التعريف و
التفسير لما جاء من الكلمات و المصطلحات و التي قد يُلتبس الأمر في فهمهما .
و
تتسم اللغة القانونية بأنها لغة مباشرة تبعد كل البعد عن المحسنات البديعة و
الأساليب البلاغية ، حيث يؤدي استخدام مثل هذه الأساليب إلي إضاعف النص بل و هدم
كيانه . . فمثل هذه الأساليب من المحرمات في اللغة القانونية .
2- الإحاطة بكل جوانب المعني all-inclusiveness
:
المهمة
الثانية لا تقل أهمية و خطورة عن الأولي ،
و لكي نوضح هذه المهمة نفترض المثال التالي :
لنفرض
أنه طُلب من صائغ الوثيقة القانونية كتابة عقد إيجار ، فلا شك أن الأجرة هي أحد
سمات هذا العقد ، و السؤال هنا : هل يحيط صائغ الوثيقة القانونية بماهية الأجرة ؟
أم سيكتب في عقده مثلاً عبارة " يلتزم المستأجر بدفع .......... أجرة شهرية
!!! " فإن لم يكن صائغ الوثيقة القانونية علي علم و دراية و إحاطة كاملة
بتعريف الأجرة القانونية و مشتملاتها من العوائد و الرسوم و الصيانة و خلافة فسوف
تفشل الوثيقة القانونية في تحيق الهدف منها و تقودنا غلي التقاضي لتفسير ما جاء
بها مما تتعطل معه المصالح و السبب في ذلك أن صائغ الوثيقة القانونية يجهل التعريف
القانوني لأجرة .
3- إتباع التقاليد القانونية المتوارثة Tradition
:
تعتبر
اللغة القانونية من أكثر اللغات تأثراً بالتقاليد المتوارثة و الأعراف السائدة في
كتابتها ، حتي يبدو في كثير من الأحيان أن هذه التقاليد تكون بمثابة رداء ضيق مقيد
للحركة لا يستطيع الصائغ القانوني خلعه أو استبداله . و من أمثلة ذلك . استخدام
أنماط شكلية مميزة في كتابة اللغة
القانونية و استخدام بعض الكلمات المهجورة و سوف نتعرض لذلك بالتفصيل فيما
بعد إن شاء الله تعالي .
أيمن كمال السباعي
الرحمن الرحيم
مفهوم لغة
القانون
يقصد
بلغة القانون [ لغة علم القانون ] المؤلف مثل سائر العلوم الأخرى من المصطلحات و
التعاريف التي تحدد أهدافه و حدوده و كيانه كعلم مستقل ، و يقصد بالقانون الذي
نتناول لغته ما جري العرف علي تسميته
[ بالقانون الوضعي ] : و هو مجموعه من القواعد التي تنظيم العَلاقة بين أفراد
المجتمع الواحد أو عَلاقة الفرد بالدولة ، و من ثم يبرز هنا ذكر تقسيمات القانون
الرئيسية :
القانون العام ( Common
Law ) :
هو
القانون الذي ينظم و يضبط علاقة الفرد بالدولة ، حيث تكون الدولة و مؤسساتها طرف
أصيل في قواعد هذا القانون ، و هو بدوره ينقسم إلي أربعة فروع رئيسية :
1- القانون الدستوري constitutional Law :
يتناول
أحكام إنشاء الحكومات و توزيع السلطات و الاختصاصات الإدارية و السياسية ، و يضع
المبادئ الأساسية التي تقوم عليها علاقة الحكومة بأفراد الشعب و القواعد التي تسير
عليها إدارات الشؤون العامة ، و ذلك كله وفقاً لأحكام الدستور .
2- القانون الجنائي : criminal Law
و
يتألف القانون الجنائي من مجموعة من القواعد التى تحدد علي سبيل الحصر الجرائم و
أشكالها و ظروفها و أركانها و وضع معايير العقوبة التى تتناسب مع كل جريمة .
و
ينقسم بدورة إلي قسمين :
أ-
قانون العقوبات : و يتفرع إلي قسمين :
1-
القسم العام : و يختص بشرح و وبيان العقوبات للجرائم المتعلقة بالمصلحة العمومية
مثل جريمة الرِشوة و الاختلاس و جرائم أمن الدولة كالتخابر مع دولة أجنبية في زمن
الحرب . . .
ب-
القسم الخاص : و يختص بشرح و بيان العقوبات للجرائم التي تدور في نطاق المجتمع
كالقتل و السرقة و الاغتصاب و المخدرات . . . .
ب-
قانون الإجراءات الجنائية : و يضع هذا القانون مجموعة القواعد و الأوامر التي
تنظيم إجراءات الضبط و التفتيش و التحري و الإدعاء و تنفيذ الأحكام الجنائية . . .
3- القانون المالي : Financial Law
يتناول
القانون المالي تحديد موارد الدولة و علاقة المؤسسات المالية بأفراد الشعب
4- القانون الإداري : Administrative Law :
يحكم
أجهزة الإدارة الرسمية و ينظم إجراءات مهامها المختلفة كجمع الإيرادات و تنظيم
القوات العسكرية و الصحة و التعليم و الجنسية و النقد و الأمن العام و الشؤون الاجتماعية
و غير ذلك من مهام الدولة الإدارية .
القانون الخاص : Private Law
هو
القانون الذي يحكم علاقات الأفراد أو يعرف حقوقهم و ينظمها و ينفذها و ينقسم إلي
عدد كبير من القوانين نذكر منها علي سبيل المثال : القانون المدني ، القانون
التجاري ، القانون البحري و الجوي ، قانون المرافعات ، و قانون الأحوال الشخصية ،
و قانون العمل ، و قانون الهجرة و الجنسية ، . . .
أهمية دراسة الصياغة التشريعية باللغتين العربية
و الإنجليزية :
في
ضوء الاتجاه الدولي لتوحيد القوانين في مختلف أنحاء العالم و وضع الاتفاقيات
الدولية الملزمة ، و الاتجاه إلي العولمة أصبحت كل دولة لا تستطيع سن قوانينها
بمعزل عن القوانين و الاتفاقيات الدولية ، و علي سبيل المثال فإن قانون التحكيم
المصري رقم 27 لسنة 1994 تم سنه اتساقاً مع قانون الأمم المتحدة النموذجي للتحكيم
التجاري الدولي . و لما كانت الاتفاقيات الدولية تصاغ أساساً باللغة الإنجليزية
فإن النص الإنجليزي للمعاهدة أو الاتفاقية يكون هو النص الملزم للدول الأعضاء
الموقعة عليها .
و يثور تساؤل هنا . . ماذا يحدث إذا كانت تلك
الترجمة يشوبها بعض القصور أو الغموض ؟
النتيجة
، أن هذا الغموض و القصور سوف ينتقل إلي
القانون المحلي الذي سيطبقة القاضي في أحكامه مما يؤثر تأتير بليغ في منطوق الحكم
و يؤدي إلي حدوث منازعات و خسارة الدعوي من جانب الطرف الذي يفسر النص لغير صالحة
.
و
من ثم يقع علي المترجم عبء ثقيل في تحويل المادة القانونية باللغة الإنجليزية إلي
ما يقابلها باللغة العربية مما يتطلب منه الاختصاص و الخبرة و الممارسة العملية و
القراءة المستمرة و الدقة و التوضيح .
و بعد أن وضحنا تقسيمات القانون نلقي الضوء الآن علي أنواع لغة
القانون :
1- اللغة القانونية الأكاديمية : Academic
Legal Writing
و
هي لغة المجلات البحثية الأكاديمية القانونية و الكتب المنهجية الخاصة بتدريس
القانون .
2- لغة القضاء : juridical Writing
و
هي لغة الأحكام التى تصدرها المحاكم و الكتب التى تتناول القضايا القانونية و
التقارير القانونية .
3- لغة التشريع : Legislative Writing
و
هي لغة الوثائق القانونية النمطية مثل القوانين التي تصدر عن المجالس التشريعية و
اللوائح و الدستور و العقود و الاتفاقيات و المعاهدات حيث يكون الهدف بهذه اللغة
تحديد مجموعة من الالتزامات أو المحظورات .
و
نتكلم الأن بشئ من التوضيح و التفصيل عن تلك اللغات . . .
أولاً – المصطلحات
من
المعروف أن لكل علم مصطلحاته و تعاريفه و هناك لغة مشتركة بين أبناء التخصص الواحد
يفهمونها فيما بينهم دون غيرهم ، فمثلاً المحاسب يستخدم لغة الأصول و الخصوم و المقاصة و الحساب
الختامي . . . و رجال القانون يستخدمون لغة إعادة تصحيح شكل الدعوى ، و العود ، و
التدابير الاحتياطية . . . . و من ثم فإن من أهم المهام التى يجب أن يتسلح بها
صائغ الوثيقة القانونية الإلمام التام و الكامل و المعرفة الجيدة والعميقة
بالمصطلح القانوني .
الفرق بين الكتابة القانونية و الصياغة القانونية :
الكتابة
القانونية Legal writing تقدم حلولاً عملية لمشكلات معينة و تقترح البدائل و تركز علي إتباع
نماذج سابقة أما الصياغة القانونية Legal
drafting فتحدد العَلاقات
بين الأفراد و نوضح الإجراءات المتفق عليها فيما بينهم و يغلب عليها طابع الإبداع
الأصلي .
فالصياغة
القانونية ينطوي مفهومها علي شقين هما :
أ-
الشكل : Form ب-
الأسلوب اللغوي : Linguistic
style
و
فيما يتعلق بالشكل أو القالب ، تختلف قوالب الوثائق القانونية عن بعضها البعض من
حيث تنظيم أجزائها و تقسيم محتوياتها . فعريضة الدعوى تأخذ قالب يختلف عن القانون
التشريعي بينما يأخذ العقد في تنظيمه و تقسيم أجزائه و محتوياته قالباً يختلف عن
عريضة الدعوى و القانون التشريعي .
و
من ثم ، تختلف صياغة كل وثيقة قانونية من حيث الشكل عن غيرها من الوثائق ، أما
الأسلوب اللغوي الذي تصاغ به كل الوثائق القانونية فهو لا يتغير حيث يستخدم كل
صائغي الوثائق القانونية تلك الخصائص و التراكيب اللغوية .
و
يرتبط مصطلح ( الصياغة القانونية ) بشكل عام بالنماذج القانونية ذات القوالب
الثابتة و ينقسم بدوره إلي طائفتين هما : صيغ التقاضي أو ما يطلق عليه الأوراق
القضائية مثل صحيفة الدعوى و مذكرة الدفاع ، أما الطائفة الثانية فهي الصيغ التي
ترتب و تحدد الواجبات و الحقوق أو ما يطلق عليها في فقه القانون ( المُكّنة
القانونية ) مثل العقود و اللوائح الداخلية للشركات .
و
يبرز الفرق بين الطائفتين ، كون الأولي تحدد
العلاقات و توضح الإجراءات التى تحكم معاملة ما مثل العقد ، فالأخير يترب و يحدد و
يوضح حقوق و التزامات طرفية ، أما الثانية فتسرد بالتوضيح الوقائع facts و تتناول النقاط القانونية التى قد يترتب عليها إما مطالبة
قانونية claim in Law مع أية تدابير إنصافية ، أو دفاع في مواجهة هذه المطالبة .
ثانياً – الصياغة التشريعية :
يقصد
بالصياغة التشريعية Legislative drafting من المفهوم الضيق للكلمة
" صياغة التشريعات drafting of legislations " و هي :1- الدستور ، و هو التشريع الأساسي الذي يحدد
النظام السياسي للدولة و توزيع الاختصاصات علي السلطات الثلاث التشريعية و
القضائية و التنفيذية ، 2- التشريع العادي ، و الذي يختص بسن القوانين ، 3-
التشريع الفرعي subordinate legislations و هي اللوائح التنفيذية executive
regulations و هي التى تصدر بواسطة السلطة
التنفيذية لتنفيذ قانون صادر عن السلطة التشريعية ، و اللوائح التنظيمية regulatory
regulations و يقصد بها اللوائح التى تحكم المرافق العامة و
المصالح الحكومية من حيث إنشائها و تنظيمها و تنسيق سير العمل فيها ، و أخيراً
لوائح الضبط policing regulations و يقصد بها القيود
التشريعية التى تضعها السلطة التنفيذية علي الحريات الفردية داخل المجتمع من اجل
المحافظة علي الأمن و النظام العام .
و
جدير بالذكر أن نقول أن الصياغة التشريعية ليست مجرد شكلاً من أشكال الصياغة
القانونية و إنما إن جاز التعبير ، أصعب و أعقد من الصياغة القانونية و ذلك نظراً
لتعقد المشكلات التي تتناولها و النزاعات التي تصاحب عملية تبني التشريعات و عدم المعرفة الكافية بالجمهور الذي تسري عليه
تلك التشريعات و صفة الدوام التى تميزها .
و
من هذا المنطلق ، يجب التفريق بين الصياغة التشريعية و الأشكال الأخرى للكتابة
القانونية ، فالولي تقوم بمهمة القانون الوقائي preventive
law و تنتج أسلوباً وصفياً يتسم بإعطاء الأوامر و
وضع القواعد ، بينما الأخيرة تقوم بوظيفة الإقناع persuasion و تخاطب العاطفة .
أيضاً
يبرز فارق أخير بين الصياغة التشريعية و الكتابة القانونية يكمن في الناحية
الأسلوبية ، فالأولي تعني بالكلمات، فكل
كلمة تكون في غاية الأهمية ، أما
الثانية تركز علي عدة نقاط أو موضوعات قليلة مع تناول كل نقطة باستفاضة في نص مسهب .
مهام الصائغين
القانونيين :
يقع
علي عاتق صائغ الوثيقة القانونية ثلاثة مهام رئيسية هما :
1- الدقة و الوضوح accuracy and clarity :
أهم
ما يجب أن يتصف به صائغ الوثيقة القانونية
هي الدقة و الوضوح ، لأن صياغة مادة تشريعية أو عقد بطريقة تحتمل تفسيرات كثيرة و
متباينة يقود صاحب المصلحة إلي هوال التقاضي و المحاكم .
فالكلمة
في الوثيقة القانونية تكتسب معني محدداً مرتبطاً بالسياق الذي ترد فيه و من ثم
فالغالب تفسير المصطلحات التي قد تبدو غريبة في صدر القانون او العقد او الاتفاقية
حيث في هذه الحالة يجب أن يلصق في بداية الوثيقة القانونية مادة تعرف بـ ( definitions
) و الهدف من وضع هذه المادة هي التعريف و
التفسير لما جاء من الكلمات و المصطلحات و التي قد يُلتبس الأمر في فهمهما .
و
تتسم اللغة القانونية بأنها لغة مباشرة تبعد كل البعد عن المحسنات البديعة و
الأساليب البلاغية ، حيث يؤدي استخدام مثل هذه الأساليب إلي إضاعف النص بل و هدم
كيانه . . فمثل هذه الأساليب من المحرمات في اللغة القانونية .
2- الإحاطة بكل جوانب المعني all-inclusiveness
:
المهمة
الثانية لا تقل أهمية و خطورة عن الأولي ،
و لكي نوضح هذه المهمة نفترض المثال التالي :
لنفرض
أنه طُلب من صائغ الوثيقة القانونية كتابة عقد إيجار ، فلا شك أن الأجرة هي أحد
سمات هذا العقد ، و السؤال هنا : هل يحيط صائغ الوثيقة القانونية بماهية الأجرة ؟
أم سيكتب في عقده مثلاً عبارة " يلتزم المستأجر بدفع .......... أجرة شهرية
!!! " فإن لم يكن صائغ الوثيقة القانونية علي علم و دراية و إحاطة كاملة
بتعريف الأجرة القانونية و مشتملاتها من العوائد و الرسوم و الصيانة و خلافة فسوف
تفشل الوثيقة القانونية في تحيق الهدف منها و تقودنا غلي التقاضي لتفسير ما جاء
بها مما تتعطل معه المصالح و السبب في ذلك أن صائغ الوثيقة القانونية يجهل التعريف
القانوني لأجرة .
3- إتباع التقاليد القانونية المتوارثة Tradition
:
تعتبر
اللغة القانونية من أكثر اللغات تأثراً بالتقاليد المتوارثة و الأعراف السائدة في
كتابتها ، حتي يبدو في كثير من الأحيان أن هذه التقاليد تكون بمثابة رداء ضيق مقيد
للحركة لا يستطيع الصائغ القانوني خلعه أو استبداله . و من أمثلة ذلك . استخدام
أنماط شكلية مميزة في كتابة اللغة
القانونية و استخدام بعض الكلمات المهجورة و سوف نتعرض لذلك بالتفصيل فيما
بعد إن شاء الله تعالي .
أيمن كمال السباعي
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب