مركز هشام مبارك
للقانون
من أجل حماية وتعزيز حقوق الإنسان
من خلال الحملات والتقاضى والبحث القانونى
محكمة أمن الدولة العليا طوارئ طنطا
مذكرة فى الجناية رقم 5498
جنايات قسم ثان المحلة
والمقيدة برقم 670
لسنة 2008
جنايات أمن دولة طوارئ قسم ثان المحلة
والمقيدة برقم 482
لسنة 2008
كلى شرق طنطا
والمقيدة برقم 89
لسنة 2008
كلى شرق طنطا طوارئ
المنظورة بجلسة 11 /11/ 2008
نخصص هذه
المذكرة
للدفوع
الدستورية
السيد
الرئيس ... حضرات المستشارين
لا اجد بداية لمرافعتى خيرا من حكم محكمة النقض المصرية الذى اعلى الحرية
فى مواجهة التعسف
"لا يضير العدالة إفلات
مجرم من العقاب، بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس، والقبض عليهم بدون
حق"
وهو المبدأ الذى
صار نبراسا يدلنا على جادة الطريق لتحقيق العدل والحق
وما احوج
لقضيتنا الماثلة لمثل هذا المبدأ
والآن تقترب لحظات الحسم
والآن الجميع ينتظر حكمكم العادل
العدالة تستصرخكم إلا تطعن بإدانة برئ
إلا تهدر قيمة العدالة التى لا تتوافر بدون محكمة عادلة ومنصفة
وقضاة مستقلون لا يخشون فى قولة الحق لومه لائم
صحيح عرف تاريخ البشرية محاكم مسخرة لخدمة الطغاة
كما عرف قضاة فى خدمة الطغاة
إلا أن تاريخ البشرية أيضا قد عرف محاكم تواجه الطغاة نصرة للحق
والعدل
كما عرف قضاة فى مواجهة الطغاة
ومصرنا ليست بعيدة عن تاريخ
الانسانية هذا
فها هو العالم ينحى اجلالا واحتراما وانبهارا بقضاة مصر فى سعيهم الدؤوب لاستكمال
مقومات استقلالهم
وتتوالى مئات الأحكام العظيمة من قضاة مصر لتشكل حبات عقد من اللؤلؤ يزين تمثال العدالة المصرى
وينتظر هذا العقد المزيد من كبار حبات اللؤلؤ التى يعدها قضاة ماهرون
فى القانون والعدل والحق
سيدى الرئيس .... السادة المستشارين
نحن أمام محكمة
أمن دولة طوارئ
حدد اختصاصها
بقرارات إدارية يصدرها الحاكم العسكرى بموجب صلاحياته وفقا لقانون الطوارئ
كما حدد تشكيلها
بموجب قرارات ادارية
وحددت الاجراءات
الجنائية امامها بقرارات ادارية
وأمر الإحالة فى هذه الدعوى صدر مستندا على أمر
الحاكم العسكرى رقم 1 لسنة 1981
واذا كانت مصر
تأمل ان يزاح عن كاهلها نير الطوارئ الذى ورثه المستبد المحلى من المستبد المحتل
(المندوب السامى البريطانى) فان مصر تعلق كبير امالها على نضال قضاة مصر فى مواجهة
طغاة مصر ليتحقق الاستقلال الكامل للقضاء ليس بوصفه مطلبا مهنيا أو فئويا وإنما
بوصفه مطلبا يأتى على رأس مطالب المجتمع كله كبوابة رئيسية لتحقيق مستقبل جدير
بتاريخ وتضحيات وطاقات وقدرات الشعب المصرى
ولا مشاحة بانه
لا استقلال كامل للقضاة طالما استمرت السلطة التنفيذية تتحكم فيهم بمحض قرارات
ادارية فى ظل حالة الطوارئ التى ادمنها حكام مصر
وها هم يعدون
عدتهم الان لتغليف ادمانهم القديم بغلاف جديد اسمه قانون محاربة الارهاب من خلال
المزيد من اخصاء الدستور المصرى بتعديلات شوهاء سيدفع ثمنها المجتمع كله
الم يحن الحين
لفتح ثغرة فى حائط الاستبداد ينفذ منها ضوء المستقبل
ومن اقدر واجدر
من قضاة مصر لهذه المهمة
فى البداية
يخطئ من يظن
أن إعلان حالة الطوارئ يجيز التحلل من أحكام الدستور المصرى الحالى قبل تعديله.
حيث نظم الدستور الحالى نظام الطوارئ فى المادة 148: "يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ على الوجه المبين فى
القانون ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس الشعب خلال الخمسة عشر يوماً التالية ليقرر
ما يراه بشأنه.
وإذا كان مجلس الشعب منحلاً يعرض الأمر على المجلس الجديد فى أول
اجتماع له. وفى جميع الأحوال يكون إعلان حالة الطوارئ لمدة محدودة ولا يجوز مدها
إلا بموافقة مجلس الشعب."
ويلاحظ أن الدستور الحالى لم يتضمن نصاً مشابهاً لنص المادة 155 من دستور 1923 التى كانت تجيز التحلل من بعض المواد الدستورية أثناء إعلان
الأحكام العرفية وهو الأمر الذى له دلالته فى عدم جواز التحلل من أحكام الدستور
الحالى حتى خلال فترة الطوارئ.
وفى
ذلك ذهبت محكمتنا الدستورية إلى:
أنه لا وجه للاستناد إلى ما كان
يجيزه دستور سنة 1923 ودستور
سنة 1930 فى
المادتين 155، 144 منهما من جواز تعطيل
حكم من أحكام الدستور وقتياً فى زمن الحرب أو أثناء قيام الأحكام العرفية للقول
بجواز إسقاط حكم من أحكام الدستور فى فترة قيام حالة الطوارئ، ذلك أن إغفال
الدساتير المصرية الصادرة منذ دستور سنة 1956 حكم هاتين المادتين - وقد كانت تحت نظر واضعى هذه الدساتير - يدل
على أنهم نبذوا هذا الحكم ولم يجيزوا إسقاط أى حكم من أحكام الدستور حتى فى حالة
قيام حالة الطوارئ وذلك تأكيداً لمبدأ سيادة الدستور واحترام أحكامه فى الظروف
العادية والاستثنائية على السواء. [1]
سيدي
الرئيس ... حضرات المستشارين
تأسيساً
على ما تقدم نخصص هذا الجزء للدفوع الدستورية العامة
والمتمثلة فى:
أولاً: عدم دستورية إنشاء محاكم أمن الدولة "طوارئ وفقا للمواد 7، 8، 9، 10، 12، 13 من قانون الطوارئ لتعارضها مع المواد 40، 41، 65، 66، 73، 137، 151، 152، 165، 166، 167، 195 من الدستور
ثانياً: عدم
دستورية الأمر رقم 1 لسنة 1981 بتحديد اختصاصات نيابة ومحاكم أمن الدولة "طوارئ"
لتعارضها مع المواد 40، 41، 65، 165، 166، 167، 195 من الدستور
ثالثا: الدفع بعدم دستورية انشاء نيابة امن الدولة وتحديد
اختصاصها بموجب قرار وزارى وعدم دستورية تحديد
اختصاصاتها بموجب أوامر إداريةلتعارض
ذلك مع المواد 167 و195 من الدستور
رابعا: عدم دستورية المادة 214 أ.ج
لتعارضها مع المواد 70، 41، 195 من
الدستور
خامسا: عدم دستورية جمع النيابة العامة بين سلطتى
الاتهام والتحقيق لتعارض ذلك مع خضوع الدولة للقانون وفقا للمادة 65 والمادة 70
وقرينة البراءة
أولاً: عدم دستورية إنشاء محاكم أمن الدولة "طوارئ:
1- تعيين رئيس الجمهورية لقضاة المحكمة فى حد
ذاته يهدر مبدأ استقلال القضاء، وامكانية تعيين
غير القضاة فى تشكيل المحكمة يهدر مبدأ القضاء الطبيعى (م
7):
يلاحظ أن رئيس الجمهورية يعين أعضاء محاكم أمن الدولة
"جزئية" أو "عليا" بعد أخذ رأى وزير العدل (بالنسبة إلى
القضاة والمستشارين)، ورأى وزير الحربية (بالنسبة إلى الضباط) (م 7/3). وهو ما يشكل تدخلا من السلطة التنفيذية فى السلطة القضائية بما
يخل بالتوازن الدستورى بين السلطات من ناحية كما يهدر مبدأ استقلال القضاء من
ناحية ثانية
ويعد من ناحية
ثانية إخلالاً بمبدأ القضاء الطبيعى، حيث اتاح امكانية إدخال
عنصر غير قضائى (ضباط القوات المسلحة) فى تشكيلها. ولم
يشترط الشارع فى هؤلاء الضباط أن يكون لهم ثقافة قانونية وبدون هذا التكوين المهنى
فلن يتحقق الاستقلال القضائى على الوجه الصحيح لأن القاضى الذى لا يعرف حدود
وظيفته ومناط قضائه قد لا يتمكن من مواجهة أى تدخل فى شئونه، بل قد لا يدرك خطر
هذا التدخل عند حدوثه. ولهذا قرر مؤتمر رجال القانون- المنعقد فى لاجوس سنة 1962 – أن منح الاختصاص القضائى لأشخاص محرومين من التكوين والخبرة
القانونية لا يوفر الضمانات التى يحتمها مبدأ سيادة القانون.
وليت الأمر اقتصر على تلك المشاركة المنتقدة بل تعداه إلى إجازة
تشكيل تلك المحاكم من ضباط فقط الأمر الذى يعنى أن يعهد بالفصل فى جرائم خطيرة إلى
من ليست لهم صفة القضاة (م 7/3، 8 طوارئ)، ولمن ليست لهم استقلالية تجاه السلطة
التنفيذية حيث يخضع هؤلاء الضباط للجهة التى يتبعونها ولا يتمتعون – بالتالى –
بأهم حصانات القاضى وهى عدم القابلية للعزل, الأمر
الذى يفقدهم الحياد كركيزة لا يتحقق استقلال القضاء حال تخلفها وتقوم تبعية العنصر
العسكرى - حتى بالنسبة لرجال القضاء العسكرى – إلى المادة 57
من قانون الأحكام العسكرية لسنة 1966 التى تنص على خضوع رجال القضاء العسكرى لكافة الأنظمة المنصوص
عليها فى قوانين الخدمة العسكرية.
فاشتراك غير القضاة فى محكمة
يؤدى إلى انتفاء صفة القضاة عن أعضائها، بمن فيهم من توافرت لديه فى الأصل.
فبدخولهم فى تشكيل هيئات استثنائية يتساوى رأيهم مع رأى من هو من غير القضاة فى
ذات الهيئة؛ أى أن منطق التساوى يفرض هذه النتيجة.
2- تحديد اختصاصات المحكمة بقرار إداري وليس
بقانون يتعارض مع الدستور (م 9):
ويمثل مخالفة هذا القانون لمبدأ الطابع الإلزامي لقواعد الاختصاص
القضائى "فى الترخيص لرئيس الجمهورية أن يغير من اختصاص محاكم أمن الدولة
العليا وفقاً للمادة الطعينة، أو أن يحيل إلى محاكم أمن الدولة "طوارئ"
الجرائم التى يعاقب عليها القانون العام (م 9 طوارئ) بالإضافة إلى ما ينطوى
عليه ذلك من حرمان المتهم من قاضيه الطبيعى وإخضاعه لاختصاص قضاء لم يكن مختصاً
وقت ارتكاب جريمته.
فمحور فكرة القاضى الطبيعى يتمثل فى اللجوء إلى القاضى المختص بنظر
كافة المنازعات وفقاً للضمانات المقررة فى القانون بمعناه الواسع وتبتعد محاكم أمن
الدولة (طوارئ) عن مفترضات القاضى الطبيعى ومنها:
· دوام
المحكمة المعهود لها بنظر النزاع، وهو ما تفتقده محاكم أمن الدولة (طوارئ) حيث
يرتبط وجودها بفترة تطبيق قانون الطوارئ.
·
المساواة بين الأفراد كمبدأ دستورى،
فالمحاكم الاستثنائية بنظرها منازعات بعينها، تهدر تلك المساواة بالنسبة للفئة التى يفرض عليها طرح منازعاتها
على غير القضاء العادى ويختلط بهذا الإهدار اهتزاز الثقة فى القضاء العادى، مما
يسئ لاستقلاله ويشكل افتئاتاً على سلطته.
· إن
شئون القضاء – من حيث توزيع العمل بين قضاة المحاكم ومستشاريها – تكون فى يد الهيئات
القضائية ذاتها عن طريق الجمعيات العمومية للمحاكم كما قننها قانون السلطة
القضائية (فى المادة 30 من القانون 46/72
بشأن السلطة القضائية)، وعلى العكس من ذلك ووفقا لقانون الطوارئ يكون تعيين القضاة والمستشارين بقرار من رئيس
الجمهورية بعد أخذ رأى وزير العدل (م7 طوارئ) بما يوحى
بالاختيار المقصود وبما قد يضع الشك فى قلب الأفراد من ناحية نزاهة القاضى وعدم
تأثره باتجاهات السلطة التنفيذية.
وقد أوضح مؤتمر العدالة المنعقد فى إبريل 1986 فى توصياته: "أن كل قانون يحرم مواطناً من المواطنين الحق فى
الالتجاء إلى قاضيهم الطبيعى وذلك بإنشاء قضاء استثنائى يحل – بالنسبة لهم – محل
القضاء الطبيعى، هو بالضرورة قانون غير دستورى لإخلاله بمبدأ المساواة الذى قررته
المادة 40 من الدستور."
ولا مبرر مطلقاً لحرمان الفرد من اللجوء إلى القضاء العادى بالنسبة
لجرائم القانون العام، ولا مبرر أيضاً للتوسع فى اختصاص المحاكم الاستثنائية بهذه
الجرائم، لما يمثله ذلك من عدوان من قبل السلطة التنفيذية على ولاية السلطة
القضائية، بإصدار أوامر بإحالة كثير من جرائم القانون العام إلى محاكم أمن الدولة
"طوارئ"، بما يقلص من دور المحاكم ذات الولاية العامة، ويؤدى إلى أن
تكون المحاكم الاستثنائية أكثر اتساعاً وأظهر اختصاصاً بما يعكسه من أسوأ الأثر
على الحقوق والحريات العامة للمواطنين.
يقتضى احترام مبدأ الشرعية الجنائية أن يكون التنظيم القضائى الجنائى
واضحاً، وأن تكون القواعد التى تحكم الاختصاص محددة سلفاً بواسطة القانون وفقاً
لمعايير موضوعية مجردة، بحيث لا تخضع للظروف أو للأهواء السياسية وضماناً لذلك فقد
قرر الدستور المصرى لسنة 1971 فى المادة 167 منه على أن القانون هو الذى يحدد الهيئات القضائية واختصاصاتها
وينظم طريقة تشكيلها ويبين شروط وإجراءات تعيين أعضائها ونقلهم، إلا أن الشارع
المصرى خرج عن هذا المبدأ الهام فى قانون الطوارئ، على النحو الذى مس فيه الحرية
الشخصية والحقوق المكتسبة التى أسبغ عليها مبدأ الشرعية الحماية والاحترام، حين لم
يحدد اختصاص محاكم أمن الدولة "طوارئ" سلفاً على نحو ثابت غير متغير
بجرائم معينة بواسطة القانون وفقا لمعايير موضوعية مجردة، بل جعل مناط الاختصاص فى
يد رئيس الجمهورية أو سلطة الاتهام أو الإحالة إذ نصت الفقرة الثانية من المادة
السابعة من قانون الطوارئ على اختصاص محكمة أمن الدولة العليا بالجرائم التى
يعينها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه أيا كانت العقوبة المقررة لها. كما نصت
المادة التاسعة منه على أنه "يجوز لرئيس الجمهورية أو لمن يقوم مقامه أن يحيل
إلى محاكم أمن الدولة الجرائم التى يعاقب عليها القانون العام."
والواقع أن هذا الاختصاص المزدوج بين المحاكم العادية، ومحاكم أمن
الدولة "طوارئ" - المتفاوتين فى الضمانات - وجعل مناط الاختصاص فى يد
رئيس الجمهورية أو سلطة الاتهام أو الإحالة إنما يتعارض بلا شك مع أصول الشرعية
الإجرائية لأسباب ثلاثة وهى:
1- إن اختصاص المحاكم يجب أن يتحدد سلفاً بواسطة
القانون وفقاً لمعايير موضوعية مجردة لا أن يكون متوقفاً على مشيئة سلطة معينة.
2- أنه لا يجوز لأية سلطة أن تنتزع الدعوى من
قاضيها الطبيعى إلى محكمة أخرى.
3- ينطوى
هذا الاختصاص المزدوج على إخلال بمبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون الذى
قررته المادة 40 من دستور جمهورية مصر العربية لسنة 1971 فى قولها أن "المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون فى
الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو
الدين أو العقيدة " ذلك لأنه يجعل حظ
المواطنين فى مدى التمتع بالضمانات - التى تتوافر بدرجة كبيرة فى المحاكم العادية
عن محاكم أمن الدولة "طوارئ" - متوقف على مشيئة سلطة رئيس الجمهورية أو
سلطة الاتهام أو سلطة الإحالة بما قد يجعل هذا التنظيم التشريعى لتحديد الاختصاص
لمحاكم أمن الدولة طوارئ بنوعيها يتعارض مع مبدأى استقلال القضاء (المادة 165، المادة 166 من الدستور) والمساواة أمام القانون (المادة 40 من الدستور).
3- منح الحاكم العسكرى اختصاصات قضائية يتعارض
مع الدستور (م 12، 13):
حيث يخل ذلك بمبدأ الفصل بين السلطات حين خول رئيس الجمهورية
اختصاصات قضائية متعددة مخالفاً بذلك نصوص الدستور التى لم تخول رئيس الجمهورية أى
اختصاص قضائى (المادة 73، 137، 152) وخالف نصوصه التى حصرت السلطة القضائية فى
المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها" (المادة 165 من الدستور) وأهدر المادة 166 التى نصت على أن "القضاة مستقلون، لا سلطان عليهم فى قضائهم
لغير القانون، ولا يجوز لأية سلطة التدخل فى القضايا وفى شئون العدالة".
وأهم الاختصاصات القضائية التى خولها قانون الطوارئ لرئيس الجمهورية
ما يلى:
1-
حفظ الدعوى قبل تقديمها
إلى المحكمة (م 13/1 طوارئ) وهو ما يعنى الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى، حيث الفرض فى
هذه الحالة – أنه قد أجرى تحقيقا فيها وهذا الأمر ذو طابع قضائى باعتباره التصرف
فى التحقيق الذى هو بطبيعته عمل قضائى.
2-
الأمر بالإفراج المؤقت عن المتهمين المقبوض
عليهم، قبل إحالة الدعوى إلى محكمة أمن الدولة (م 13/2 طوارئ) وهو أمر بطبيعته ذو "طابع قضائى".
ومن حيث إهداره لاستقلال القضاء – الذى قررته م 166 من الدستور فيظهر هذا من تخويل رئيس الجمهورية اختصاصاً قضائياً
يعلو به القضاء ويتيح له أن ينقض عليه فأحكام محاكم أمن الدولة (طوارئ) لا تكون
نهائية إلا بعد التصديق عليها من رئيس الجمهورية (م 12
طوارئ).
4- تنظيم أوضاع تمس بالحرية الشخصية بأداة أدنى
من القانون يتعارض مع الدستور:
تولت المادة العاشرة من قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 بيان إجراءات وقواعد تحقيق القضايا التى تدخل فى اختصاص محاكم أمن
الدولة "طوارئ" وذلك فى قولها أنه "فيما عدا ما هو منصوص عليه من
إجراءات وقواعد فى المواد التالية أو فى الأوامر التى يصدرها رئيس الجمهورية تطبق
أحكام القوانين المعمول بها على تحقيق القضايا التى تختص بالفصل فيها محاكم أمن
الدولة وإجراءات نظرها والحكم فيها وتنفيذ العقوبات المقضى بها ويكون للنيابة
العامة عند التحقيق كافة السلطات المخولة لها ولقاضى التحقيق ولغرفة الاتهام (قاضى
الإحالة) بمقتضى هذه القوانين."
ويعنى ذلك أن النيابة العامة هى وحدها التى لها سلطة الاتهام
والتحقيق الابتدائى فى الجرائم التى تختص بها محاكم أمن الدولة "طوارئ"
طالما لم يصدر قرار من رئيس الجمهورية بإحالة الدعوى إلى القضاء العسكرى طبقاً
للمادة السادسة من قانون الأحكام العسكرية رقم 25
لسنة 1966 ويكون للنيابة العامة عند التحقيق كافة
السلطات المخولة لها، ولقاضى التحقيق ولغرفة الاتهام بموجب القواعد المقرة فى هذا
الشأن وهى تطبيق أحكام القوانين المعمول بها على تحقيق القضايا التى تدخل فى
اختصاص محاكم أمن الدولة وإجراءات نظرها والحكم فيها وتنفيذ العقوبات المقضى بها
فيما عدا ما هو منصوص عليه من إجراءات وقواعد فى قانون الطوارئ أو فى الأوامر التى
يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه
ولا شك أن المادة العاشرة من قانون الطوارئ تكاد تحرم المتهم من كافة
الضمانات المقررة فى قانون الإجراءات الجنائية فى مرحلة التحقيق الابتدائى حيث
ركزت كل الاختصاصات المخولة لجهة تحقيق تعتبر أعلى فى الضمان من جهة النيابة
العامة فى يد هذه الجهة أى النيابة العامة مما كان له أسوأ الأثر فى انحسار
الضمانات التى قررها الدستور والقانون للمتهم فى مرحلة التحقيق الابتدائى ومن ثم
إهدار حريته الشخصية وحقوق الفردية، وهو ما زال بريئاً لم تثبت إدانته بعد بحكم
نهائى فى محاكمة قانونية تكفل له ضمانات الدفاع عن نفسه طبقاً للمادة 66 من الدستور.
من المقرر أن السلطة التنفيذية لا تملك بواسطة اللوائح أن تجرى أى
تعديل على التنظيم التشريعى للحريات، وتحديد إجراءات المحاكمات وفقا للمادة 10 من قانون الطوارئ أدخل ما يكون فى نطاق التنظيم التشريعى للحريات،
بما يشكله من الانتقاص من الضمانات المقررة لحماية المتهم. ولا يتعدى دور التنظيم
اللائحى الدور التابع لما يحدده القانون والدستور، وليس له أى اختصاص أصيل فى
التنظيم التشريعى للحريات. ويخلص د/ أبو الفتوح - ونحن معه - إلى أنه لا يجوز
للسلطة التنفيذية بقرار لائحى سواء فى الظروف العادية أو الاستثنائية أن تتولى
تنظيم خصومة جنائية سواء من حيث سير إجراءاتها أو من حيث الإحالة إلى المحاكم أو
الاختصاص القضائى بنظرها، وكل تنظيم إجرائى يصدر بلائحة لأى وجه من الوجوه أو لأية
مرحلة من مراحل الخصومة الجنائية يكون مخالفاً لمبدأ الشرعية الجنائية، فكل ما
يتعلق بضمانات الحرية الشخصية يجب ألا يترك تنظيمه لإرادة السلطة التنفيذية، وإنما
يتعين إسناد هذا التنظيم إلى المشرع وحده ضماناً لعدم العصف بها من جانب السلطة
التنفيذية. ولما كان مبدأ تنظيم الحريات بقانون هو من المبادئ الدستورية العامة
التى حرص على تأكيدها الدستور الحالى، فإن أى قرار صادر من السلطة التنفيذية يعالج
أمراً يتعلق بالخصومة الجنائية يكون مشوبا بعدم الدستورية، حتى لو كان صادراً بتفويض
من السلطة التشريعية، إذ أنه لا يجوز للمشرع أن يتنازل عن اختصاصه بتحديد قواعد
الإجراءات الجنائية بجميع أنواعها، وذلك لارتباطها بالحرية الشخصية للمواطنين،
فإذا جاء القانون وفوض السلطة التنفيذية فى وضع قواعد إجرائية معينة، فإنه يكون
مخالفاً للدستور. وبذلك يكون قانون الطوارئ قد خالف الدستور فيما تضمنه من نصوص
خولت لرئيس الجمهورية إصدار أوامر مما تدخل فى اختصاص السلطة التشريعية، وهى
التجريم والعقاب والإجراءات الجنائية.
5- أوجه العوار الدستورى فى حرمان المتهم من
الطعن على احكام محاكم الطوارئ (م 12 طوارئ):
نصت المادة 12
من قانون الطوارئ على أنه "لا يجوز الطعن بأى وجه من الوجوه فى الأحكام
الصادرة من محاكم أمن الدولة، ولا تكون هذه الأحكام نهائية إلا بعد التصديق عليها
من رئيس الجمهورية..."
ويستفاد من هذا النص أن أحكام محاكم أمن الدولة "طوارئ" لا
يجوز الطعن فيها بأى وجه من الوجوه، كما أنها لا تحوز أية حجية طالما أنها فى
مرحلة التصديق عليها من رئيس الجمهورية، أما بعد التصديق عليها فإنها تحوز حجية
الشيء المحكوم به، بحيث لا يجوز إعادة المحاكمة عن نفس الفعل - موضوع قضائها -
أمام أية محكمة أخرى.
إلا أن رئيس الجمهورية لا يراجع الأحكام التى تصدرها محاكم أمن
الدولة "طوارئ" ولا يقرها أو يرفضها بنفسه بل بواسطة المفوض عنه
ومعاونيه من القضاة وقد يكون هؤلاء القضاة أقل درجة من القضاة الذين أصدروا
الأحكام ولنأخذ مثالاً لذلك؛ الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة العليا
"طوارئ" فهى تعد فى منزلة الأحكام التى تصدرها محاكم الجنايات وبالتالى
فهى مشكلة من مستشارين بل قد يكون رئيسها
بدرجة "رئيس استئناف" قد يراجعها قضاة بدرجة "رئيس محكمة"
التى تعتبر دون درجة "المستشار" وفقاً لقانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 والقوانين المعدلة له على النحو الذى يكون من شأنه الإخلال الجسيم
بحسن سير العدالة الجنائية حيث نصت المادة 16
من قانون الطوارئ على أنه "يندب رئيس الجمهورية بقرار منه أحد مستشارى محكمة
الاستئناف أو أحد المحامين العامين على أن يعاونه عدد كاف من القضاة والموظفين
وتكون مهمته التثبت من صحة الإجراءات وفحص تظلمات ذوى الشأن وإبداء الرأى ويودع
المستشار أو المحامى العام فى كل جناية مذكرة مسببة برأيه ترفع إلى رئيس الجمهورية
قبل التصديق على الحكم وفى أحوال الاستعجال يجوز للمستشار أو المحامى العام
الاقتصار على تسجيل رأيه كتابة على هامش الحكم ".
وتتضح طبيعتها الاستثنائية مما قرره قانون الطوارئ بعدم جواز الطعن –
بأى وجه من الوجوه – فى الأحكام الصادرة منها (م 12
طوارئ) مما يعنى عدم خضوعها لرقابة محكمة النقض، الأمر الذى يخل "بوحدة
القضاء الجنائى المصرى"، ويحرم الخاضعين له من الضمانات التى ترتبط بما تقرره
محكمة النقض من ضوابط للتطبيق القضائى والتى من شأنها كفالة المساواة بين
المواطنين أمام القضاء.
1- عدم دستورية ما تقرره المادة من حظر الطعن
بالنقض على أحكام محاكم أمن الدولة طوارئ بما يخل بقاعدة المساواة:
يستهدف الطعن بالنقض توحيد تفسير وتطبيق القانون، وجميع المحكوم ضدهم
يكونون فى مركز قانونى واحد بالنسبة لموضوع توحيد تفسير وتطبيق القانون، بغض النظر
عن الاختلاف فى النظم القانونية التى تشكل المحاكم المختلفة ما بين محاكم عادية أو
خاصة أو حتى استثنائية أو عسكرية، ومن ثم يقتضى مبدأ المساواة معاملتهم بخصوص وحدة
التفسير والتطبيق والتأويل للنصوص القانونية فتح باب الطعن بالنقض أمامهم جميعا
كمبدأ دستورى.
2- عدم دستورية ما تقرره المادة من حظر الطعن
على الأحكام الجنائية التى تصدر من محاكم أمن الدولة طوارئ والتى تتضمن مساس
بالحرية الشخصية وقد تتضمن مساسا بالحق فى الحياة بما يهدر قرينة البراءة ويخل بحق
الدفاع، ويشكل قضاءًا مبتسرًا:
إن الحس القانونى والدستورى يستلزم فى مثل هذه الحالات إجازة الطعن
أمام محاكم أعلى بالمعارضة والاستئناف والنقض (فى حالة الجنح)، والطعن بالنقض فى
حالة الجنايات. وتقرر هذا الطعن كضمانة لحرية المتهمين وحفاظا على حقوقهم، ويأتى
الحظر الوارد فى المادة الطعينة ليتسم بعدم الدستورية وهذا الفهم كان وراء ما
تضمنته نصوص العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية فى المادة 14/5 منها من أن "لكل شخص أدين بجريمة حق اللجوء، وفقاً للقانون،
إلى محكمة أعلى كيما تعيد النظر فى قرار أدانته وفى العقاب الذى حكم به
عليه." ويستفاد من هذا النص أنه قد اعترف لكل شخص حكم بإدانته فى جريمة بالحق
فى الطعن فى هذا الحكم أمام محكمة أعلى من تلك التى أصدرت هذا الحكم، طعناً
بمقتضاه يعاد النظر مرة أخرى فى حكم الإدانة وأيضاً فى العقوبة المحكوم بها.
وهذا النص يقطع بأن للمتهم حقاً لا يداخله شك فى أن تنظر قضيته على
درجتين، يستوى فى ذلك أن يكون متهماً فى مخالفة أو جنحة أو حتى جناية (كانت
الجنايات قبل عام 25 فى مصر تنظر أمام درجتين قضائيتين). ولا وجه
للقول بأن المقصود من النص هو الطعن بالنقض؛ وذلك لأن الطعن بالنقض لا يعيد طرح
النزاع مرة أخرى أمام محكمة النقض على اعتبار أن هذه الأخيرة ليست محكمة وقائع،
وإنما هى محكمة قانون. ومقتضى هذا النص لزوم أن يترتب على الالتجاء إلى محكمة أعلى
إعادة طرح القضية بوقائعها مرة أخرى أمامها، حتى يتسنى لها تصحيح ما أصاب حكم أول
درجة من شطط، وأن تزيل ما حاق به من خطأ، فتلغى الإدانة أو تخفف العقوبة، وهذا ليس
من وظيفة ولا من شأن محكمة النقض. ولا يقدح فى ذلك وجود حالات يعاد فيها طرح
النزاع برمته أمام محكمة النقض، لأن هذه الحالة من الحالات الاستثنائية المحدودة
الواردة حصراً فى القانون، فلا يسرى كأصل عام على جميع القضايا المعروضة على محكمة
النقض، وفى المقابل تعترف المعاهدة بوجوب الطعن فى حكم أول درجة فى جميع الحالات
بدون استثناء. وبذلك نخلص فى تحديدنا لنطاق نص المعاهدة المذكور إلى أن الطعن أمام
محكمة النقض ليس هو المقصود فى هذا النص، كما أنه لا يستجيب لكامل مقتضيات النص.
والنص الطعين لا يستجيب لمقتضيات المحاكمة المنصفة. ولذلك قرر
المؤتمر العالمى لاستقلال العدل الذى عقد فى مونتريال بكندا فى الفترة من 5-10 يونيو 1983 بأنه فى مجال أوقات الطوارئ يتعين أن تجرى محاكمة المدنيين المتهمين
بارتكاب جرائم مدنية أياً كان نوعها أمام محاكم مدنية عادية، وأن تقتصر ولاية
المحاكم العسكرية على الجرائم العسكرية التى يرتكبها أفراد عسكريون، ويكفل للمتهم
دائما حق استئناف هذه الأحكام أمام جهة أو محكمة استئنافية مؤهلةً قانوناً. وأوصى
مؤتمر العدالة الأول المنعقد فى القاهرة من 21 -
24 إبريل 1986 بقصر اختصاص القضاء العسكرى على الجرائم العسكرية فى مدلولها
الصحيح، وهى الجرائم التى يرتكبها عسكريون إخلالاً بمقتضيات النظام العسكرى. وتبنى
المؤتمر الأول للجمعية المصرية للقانون الجنائى المعقود فى القاهرة فى الفترة من 14 - 15 مارس 1987 توصية تتضمن أن "القضاء العسكرى قضاء طبيعى فيما يتعلق
بمحاكمة العسكريين فى الجرائم العسكرية البحتة."
3- انتفاء أية ضرورة اجتماعية لإنشاء محاكم
استثنائية ولتحديد إجراءاتها على هذا النحو:
وفى الواقع أن إنشاء محاكم استثنائية ليس نتيجة حتمية لتطبيق قوانين
الأزمات ففى غير قليل من الدول لا محل لمثل هذه المحاكم حيث تنظر المحاكم العادية
المنازعات التى تثور بصدد تطبيق قوانين الأزمات، مثل إنجلترا والولايات المتحدة
الأمريكية.
ولا يوجد أى مبرر قانونى مقنع يمكن أن يساق لتأييد إقامة مثل هذا
النظام الذى لا يتفق مع نظام قضائى بالمعنى الصحيح. ولو كان الأمر أمر حسم خصومة
قضائية لوجب أن يترك ذلك للقضاء العادى فى جميع الظروف والأوقات سواء فى الظروف
العادية أو فى الظروف الاستثنائية على حد سواء.
وهناك من التشريعات ما حظرت إنشاء محاكم استثنائية سواء فى الظروف العادية
أو فى غيرها وأوضح مثل على ذلك الدستور الإيطالي الصادر عام 1947 حيث نص فى المادة 102 منه على أنه يباشر الوظيفة القضائية قضاه عاديين يختارون وفقاً
للوائح التنظيم التى تنظم نشاطها ولا يجوز أن يعين قضاه استثنائيين وقضاة
خاصين..."
وقد أكدت الوثائق العالمية والمحلية على ضرورة حظر إنشاء مثل هذه
المحاكم فوفقاً للمادة السادسة من الإعلان العالمى لاستقلال القضاء الصادر فى
"مونتريال" فى إطار منظمة الأمم المتحدة "لا تنشأ أية محكمة
استثنائية "
وأوصى مؤتمر العدالة الأول المنعقد بالقاهرة فى 1986 بإلغاء المحاكم الاستثنائية ومنها محاكم "أمن الدولة"
المنشأة وفقا لقانون الطوارئ رقم 162 لسنة 58.
للقانون
من أجل حماية وتعزيز حقوق الإنسان
من خلال الحملات والتقاضى والبحث القانونى
محكمة أمن الدولة العليا طوارئ طنطا
مذكرة فى الجناية رقم 5498
جنايات قسم ثان المحلة
والمقيدة برقم 670
لسنة 2008
جنايات أمن دولة طوارئ قسم ثان المحلة
والمقيدة برقم 482
لسنة 2008
كلى شرق طنطا
والمقيدة برقم 89
لسنة 2008
كلى شرق طنطا طوارئ
المنظورة بجلسة 11 /11/ 2008
نخصص هذه
المذكرة
للدفوع
الدستورية
السيد
الرئيس ... حضرات المستشارين
لا اجد بداية لمرافعتى خيرا من حكم محكمة النقض المصرية الذى اعلى الحرية
فى مواجهة التعسف
"لا يضير العدالة إفلات
مجرم من العقاب، بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس، والقبض عليهم بدون
حق"
وهو المبدأ الذى
صار نبراسا يدلنا على جادة الطريق لتحقيق العدل والحق
وما احوج
لقضيتنا الماثلة لمثل هذا المبدأ
والآن تقترب لحظات الحسم
والآن الجميع ينتظر حكمكم العادل
العدالة تستصرخكم إلا تطعن بإدانة برئ
إلا تهدر قيمة العدالة التى لا تتوافر بدون محكمة عادلة ومنصفة
وقضاة مستقلون لا يخشون فى قولة الحق لومه لائم
صحيح عرف تاريخ البشرية محاكم مسخرة لخدمة الطغاة
كما عرف قضاة فى خدمة الطغاة
إلا أن تاريخ البشرية أيضا قد عرف محاكم تواجه الطغاة نصرة للحق
والعدل
كما عرف قضاة فى مواجهة الطغاة
ومصرنا ليست بعيدة عن تاريخ
الانسانية هذا
فها هو العالم ينحى اجلالا واحتراما وانبهارا بقضاة مصر فى سعيهم الدؤوب لاستكمال
مقومات استقلالهم
وتتوالى مئات الأحكام العظيمة من قضاة مصر لتشكل حبات عقد من اللؤلؤ يزين تمثال العدالة المصرى
وينتظر هذا العقد المزيد من كبار حبات اللؤلؤ التى يعدها قضاة ماهرون
فى القانون والعدل والحق
سيدى الرئيس .... السادة المستشارين
نحن أمام محكمة
أمن دولة طوارئ
حدد اختصاصها
بقرارات إدارية يصدرها الحاكم العسكرى بموجب صلاحياته وفقا لقانون الطوارئ
كما حدد تشكيلها
بموجب قرارات ادارية
وحددت الاجراءات
الجنائية امامها بقرارات ادارية
وأمر الإحالة فى هذه الدعوى صدر مستندا على أمر
الحاكم العسكرى رقم 1 لسنة 1981
واذا كانت مصر
تأمل ان يزاح عن كاهلها نير الطوارئ الذى ورثه المستبد المحلى من المستبد المحتل
(المندوب السامى البريطانى) فان مصر تعلق كبير امالها على نضال قضاة مصر فى مواجهة
طغاة مصر ليتحقق الاستقلال الكامل للقضاء ليس بوصفه مطلبا مهنيا أو فئويا وإنما
بوصفه مطلبا يأتى على رأس مطالب المجتمع كله كبوابة رئيسية لتحقيق مستقبل جدير
بتاريخ وتضحيات وطاقات وقدرات الشعب المصرى
ولا مشاحة بانه
لا استقلال كامل للقضاة طالما استمرت السلطة التنفيذية تتحكم فيهم بمحض قرارات
ادارية فى ظل حالة الطوارئ التى ادمنها حكام مصر
وها هم يعدون
عدتهم الان لتغليف ادمانهم القديم بغلاف جديد اسمه قانون محاربة الارهاب من خلال
المزيد من اخصاء الدستور المصرى بتعديلات شوهاء سيدفع ثمنها المجتمع كله
الم يحن الحين
لفتح ثغرة فى حائط الاستبداد ينفذ منها ضوء المستقبل
ومن اقدر واجدر
من قضاة مصر لهذه المهمة
فى البداية
يخطئ من يظن
أن إعلان حالة الطوارئ يجيز التحلل من أحكام الدستور المصرى الحالى قبل تعديله.
حيث نظم الدستور الحالى نظام الطوارئ فى المادة 148: "يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ على الوجه المبين فى
القانون ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس الشعب خلال الخمسة عشر يوماً التالية ليقرر
ما يراه بشأنه.
وإذا كان مجلس الشعب منحلاً يعرض الأمر على المجلس الجديد فى أول
اجتماع له. وفى جميع الأحوال يكون إعلان حالة الطوارئ لمدة محدودة ولا يجوز مدها
إلا بموافقة مجلس الشعب."
ويلاحظ أن الدستور الحالى لم يتضمن نصاً مشابهاً لنص المادة 155 من دستور 1923 التى كانت تجيز التحلل من بعض المواد الدستورية أثناء إعلان
الأحكام العرفية وهو الأمر الذى له دلالته فى عدم جواز التحلل من أحكام الدستور
الحالى حتى خلال فترة الطوارئ.
وفى
ذلك ذهبت محكمتنا الدستورية إلى:
أنه لا وجه للاستناد إلى ما كان
يجيزه دستور سنة 1923 ودستور
سنة 1930 فى
المادتين 155، 144 منهما من جواز تعطيل
حكم من أحكام الدستور وقتياً فى زمن الحرب أو أثناء قيام الأحكام العرفية للقول
بجواز إسقاط حكم من أحكام الدستور فى فترة قيام حالة الطوارئ، ذلك أن إغفال
الدساتير المصرية الصادرة منذ دستور سنة 1956 حكم هاتين المادتين - وقد كانت تحت نظر واضعى هذه الدساتير - يدل
على أنهم نبذوا هذا الحكم ولم يجيزوا إسقاط أى حكم من أحكام الدستور حتى فى حالة
قيام حالة الطوارئ وذلك تأكيداً لمبدأ سيادة الدستور واحترام أحكامه فى الظروف
العادية والاستثنائية على السواء. [1]
سيدي
الرئيس ... حضرات المستشارين
تأسيساً
على ما تقدم نخصص هذا الجزء للدفوع الدستورية العامة
والمتمثلة فى:
أولاً: عدم دستورية إنشاء محاكم أمن الدولة "طوارئ وفقا للمواد 7، 8، 9، 10، 12، 13 من قانون الطوارئ لتعارضها مع المواد 40، 41، 65، 66، 73، 137، 151، 152، 165، 166، 167، 195 من الدستور
ثانياً: عدم
دستورية الأمر رقم 1 لسنة 1981 بتحديد اختصاصات نيابة ومحاكم أمن الدولة "طوارئ"
لتعارضها مع المواد 40، 41، 65، 165، 166، 167، 195 من الدستور
ثالثا: الدفع بعدم دستورية انشاء نيابة امن الدولة وتحديد
اختصاصها بموجب قرار وزارى وعدم دستورية تحديد
اختصاصاتها بموجب أوامر إداريةلتعارض
ذلك مع المواد 167 و195 من الدستور
رابعا: عدم دستورية المادة 214 أ.ج
لتعارضها مع المواد 70، 41، 195 من
الدستور
خامسا: عدم دستورية جمع النيابة العامة بين سلطتى
الاتهام والتحقيق لتعارض ذلك مع خضوع الدولة للقانون وفقا للمادة 65 والمادة 70
وقرينة البراءة
أولاً: عدم دستورية إنشاء محاكم أمن الدولة "طوارئ:
1- تعيين رئيس الجمهورية لقضاة المحكمة فى حد
ذاته يهدر مبدأ استقلال القضاء، وامكانية تعيين
غير القضاة فى تشكيل المحكمة يهدر مبدأ القضاء الطبيعى (م
7):
يلاحظ أن رئيس الجمهورية يعين أعضاء محاكم أمن الدولة
"جزئية" أو "عليا" بعد أخذ رأى وزير العدل (بالنسبة إلى
القضاة والمستشارين)، ورأى وزير الحربية (بالنسبة إلى الضباط) (م 7/3). وهو ما يشكل تدخلا من السلطة التنفيذية فى السلطة القضائية بما
يخل بالتوازن الدستورى بين السلطات من ناحية كما يهدر مبدأ استقلال القضاء من
ناحية ثانية
ويعد من ناحية
ثانية إخلالاً بمبدأ القضاء الطبيعى، حيث اتاح امكانية إدخال
عنصر غير قضائى (ضباط القوات المسلحة) فى تشكيلها. ولم
يشترط الشارع فى هؤلاء الضباط أن يكون لهم ثقافة قانونية وبدون هذا التكوين المهنى
فلن يتحقق الاستقلال القضائى على الوجه الصحيح لأن القاضى الذى لا يعرف حدود
وظيفته ومناط قضائه قد لا يتمكن من مواجهة أى تدخل فى شئونه، بل قد لا يدرك خطر
هذا التدخل عند حدوثه. ولهذا قرر مؤتمر رجال القانون- المنعقد فى لاجوس سنة 1962 – أن منح الاختصاص القضائى لأشخاص محرومين من التكوين والخبرة
القانونية لا يوفر الضمانات التى يحتمها مبدأ سيادة القانون.
وليت الأمر اقتصر على تلك المشاركة المنتقدة بل تعداه إلى إجازة
تشكيل تلك المحاكم من ضباط فقط الأمر الذى يعنى أن يعهد بالفصل فى جرائم خطيرة إلى
من ليست لهم صفة القضاة (م 7/3، 8 طوارئ)، ولمن ليست لهم استقلالية تجاه السلطة
التنفيذية حيث يخضع هؤلاء الضباط للجهة التى يتبعونها ولا يتمتعون – بالتالى –
بأهم حصانات القاضى وهى عدم القابلية للعزل, الأمر
الذى يفقدهم الحياد كركيزة لا يتحقق استقلال القضاء حال تخلفها وتقوم تبعية العنصر
العسكرى - حتى بالنسبة لرجال القضاء العسكرى – إلى المادة 57
من قانون الأحكام العسكرية لسنة 1966 التى تنص على خضوع رجال القضاء العسكرى لكافة الأنظمة المنصوص
عليها فى قوانين الخدمة العسكرية.
فاشتراك غير القضاة فى محكمة
يؤدى إلى انتفاء صفة القضاة عن أعضائها، بمن فيهم من توافرت لديه فى الأصل.
فبدخولهم فى تشكيل هيئات استثنائية يتساوى رأيهم مع رأى من هو من غير القضاة فى
ذات الهيئة؛ أى أن منطق التساوى يفرض هذه النتيجة.
2- تحديد اختصاصات المحكمة بقرار إداري وليس
بقانون يتعارض مع الدستور (م 9):
ويمثل مخالفة هذا القانون لمبدأ الطابع الإلزامي لقواعد الاختصاص
القضائى "فى الترخيص لرئيس الجمهورية أن يغير من اختصاص محاكم أمن الدولة
العليا وفقاً للمادة الطعينة، أو أن يحيل إلى محاكم أمن الدولة "طوارئ"
الجرائم التى يعاقب عليها القانون العام (م 9 طوارئ) بالإضافة إلى ما ينطوى
عليه ذلك من حرمان المتهم من قاضيه الطبيعى وإخضاعه لاختصاص قضاء لم يكن مختصاً
وقت ارتكاب جريمته.
فمحور فكرة القاضى الطبيعى يتمثل فى اللجوء إلى القاضى المختص بنظر
كافة المنازعات وفقاً للضمانات المقررة فى القانون بمعناه الواسع وتبتعد محاكم أمن
الدولة (طوارئ) عن مفترضات القاضى الطبيعى ومنها:
· دوام
المحكمة المعهود لها بنظر النزاع، وهو ما تفتقده محاكم أمن الدولة (طوارئ) حيث
يرتبط وجودها بفترة تطبيق قانون الطوارئ.
·
المساواة بين الأفراد كمبدأ دستورى،
فالمحاكم الاستثنائية بنظرها منازعات بعينها، تهدر تلك المساواة بالنسبة للفئة التى يفرض عليها طرح منازعاتها
على غير القضاء العادى ويختلط بهذا الإهدار اهتزاز الثقة فى القضاء العادى، مما
يسئ لاستقلاله ويشكل افتئاتاً على سلطته.
· إن
شئون القضاء – من حيث توزيع العمل بين قضاة المحاكم ومستشاريها – تكون فى يد الهيئات
القضائية ذاتها عن طريق الجمعيات العمومية للمحاكم كما قننها قانون السلطة
القضائية (فى المادة 30 من القانون 46/72
بشأن السلطة القضائية)، وعلى العكس من ذلك ووفقا لقانون الطوارئ يكون تعيين القضاة والمستشارين بقرار من رئيس
الجمهورية بعد أخذ رأى وزير العدل (م7 طوارئ) بما يوحى
بالاختيار المقصود وبما قد يضع الشك فى قلب الأفراد من ناحية نزاهة القاضى وعدم
تأثره باتجاهات السلطة التنفيذية.
وقد أوضح مؤتمر العدالة المنعقد فى إبريل 1986 فى توصياته: "أن كل قانون يحرم مواطناً من المواطنين الحق فى
الالتجاء إلى قاضيهم الطبيعى وذلك بإنشاء قضاء استثنائى يحل – بالنسبة لهم – محل
القضاء الطبيعى، هو بالضرورة قانون غير دستورى لإخلاله بمبدأ المساواة الذى قررته
المادة 40 من الدستور."
ولا مبرر مطلقاً لحرمان الفرد من اللجوء إلى القضاء العادى بالنسبة
لجرائم القانون العام، ولا مبرر أيضاً للتوسع فى اختصاص المحاكم الاستثنائية بهذه
الجرائم، لما يمثله ذلك من عدوان من قبل السلطة التنفيذية على ولاية السلطة
القضائية، بإصدار أوامر بإحالة كثير من جرائم القانون العام إلى محاكم أمن الدولة
"طوارئ"، بما يقلص من دور المحاكم ذات الولاية العامة، ويؤدى إلى أن
تكون المحاكم الاستثنائية أكثر اتساعاً وأظهر اختصاصاً بما يعكسه من أسوأ الأثر
على الحقوق والحريات العامة للمواطنين.
يقتضى احترام مبدأ الشرعية الجنائية أن يكون التنظيم القضائى الجنائى
واضحاً، وأن تكون القواعد التى تحكم الاختصاص محددة سلفاً بواسطة القانون وفقاً
لمعايير موضوعية مجردة، بحيث لا تخضع للظروف أو للأهواء السياسية وضماناً لذلك فقد
قرر الدستور المصرى لسنة 1971 فى المادة 167 منه على أن القانون هو الذى يحدد الهيئات القضائية واختصاصاتها
وينظم طريقة تشكيلها ويبين شروط وإجراءات تعيين أعضائها ونقلهم، إلا أن الشارع
المصرى خرج عن هذا المبدأ الهام فى قانون الطوارئ، على النحو الذى مس فيه الحرية
الشخصية والحقوق المكتسبة التى أسبغ عليها مبدأ الشرعية الحماية والاحترام، حين لم
يحدد اختصاص محاكم أمن الدولة "طوارئ" سلفاً على نحو ثابت غير متغير
بجرائم معينة بواسطة القانون وفقا لمعايير موضوعية مجردة، بل جعل مناط الاختصاص فى
يد رئيس الجمهورية أو سلطة الاتهام أو الإحالة إذ نصت الفقرة الثانية من المادة
السابعة من قانون الطوارئ على اختصاص محكمة أمن الدولة العليا بالجرائم التى
يعينها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه أيا كانت العقوبة المقررة لها. كما نصت
المادة التاسعة منه على أنه "يجوز لرئيس الجمهورية أو لمن يقوم مقامه أن يحيل
إلى محاكم أمن الدولة الجرائم التى يعاقب عليها القانون العام."
والواقع أن هذا الاختصاص المزدوج بين المحاكم العادية، ومحاكم أمن
الدولة "طوارئ" - المتفاوتين فى الضمانات - وجعل مناط الاختصاص فى يد
رئيس الجمهورية أو سلطة الاتهام أو الإحالة إنما يتعارض بلا شك مع أصول الشرعية
الإجرائية لأسباب ثلاثة وهى:
1- إن اختصاص المحاكم يجب أن يتحدد سلفاً بواسطة
القانون وفقاً لمعايير موضوعية مجردة لا أن يكون متوقفاً على مشيئة سلطة معينة.
2- أنه لا يجوز لأية سلطة أن تنتزع الدعوى من
قاضيها الطبيعى إلى محكمة أخرى.
3- ينطوى
هذا الاختصاص المزدوج على إخلال بمبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون الذى
قررته المادة 40 من دستور جمهورية مصر العربية لسنة 1971 فى قولها أن "المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون فى
الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو
الدين أو العقيدة " ذلك لأنه يجعل حظ
المواطنين فى مدى التمتع بالضمانات - التى تتوافر بدرجة كبيرة فى المحاكم العادية
عن محاكم أمن الدولة "طوارئ" - متوقف على مشيئة سلطة رئيس الجمهورية أو
سلطة الاتهام أو سلطة الإحالة بما قد يجعل هذا التنظيم التشريعى لتحديد الاختصاص
لمحاكم أمن الدولة طوارئ بنوعيها يتعارض مع مبدأى استقلال القضاء (المادة 165، المادة 166 من الدستور) والمساواة أمام القانون (المادة 40 من الدستور).
3- منح الحاكم العسكرى اختصاصات قضائية يتعارض
مع الدستور (م 12، 13):
حيث يخل ذلك بمبدأ الفصل بين السلطات حين خول رئيس الجمهورية
اختصاصات قضائية متعددة مخالفاً بذلك نصوص الدستور التى لم تخول رئيس الجمهورية أى
اختصاص قضائى (المادة 73، 137، 152) وخالف نصوصه التى حصرت السلطة القضائية فى
المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها" (المادة 165 من الدستور) وأهدر المادة 166 التى نصت على أن "القضاة مستقلون، لا سلطان عليهم فى قضائهم
لغير القانون، ولا يجوز لأية سلطة التدخل فى القضايا وفى شئون العدالة".
وأهم الاختصاصات القضائية التى خولها قانون الطوارئ لرئيس الجمهورية
ما يلى:
1-
حفظ الدعوى قبل تقديمها
إلى المحكمة (م 13/1 طوارئ) وهو ما يعنى الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى، حيث الفرض فى
هذه الحالة – أنه قد أجرى تحقيقا فيها وهذا الأمر ذو طابع قضائى باعتباره التصرف
فى التحقيق الذى هو بطبيعته عمل قضائى.
2-
الأمر بالإفراج المؤقت عن المتهمين المقبوض
عليهم، قبل إحالة الدعوى إلى محكمة أمن الدولة (م 13/2 طوارئ) وهو أمر بطبيعته ذو "طابع قضائى".
ومن حيث إهداره لاستقلال القضاء – الذى قررته م 166 من الدستور فيظهر هذا من تخويل رئيس الجمهورية اختصاصاً قضائياً
يعلو به القضاء ويتيح له أن ينقض عليه فأحكام محاكم أمن الدولة (طوارئ) لا تكون
نهائية إلا بعد التصديق عليها من رئيس الجمهورية (م 12
طوارئ).
4- تنظيم أوضاع تمس بالحرية الشخصية بأداة أدنى
من القانون يتعارض مع الدستور:
تولت المادة العاشرة من قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 بيان إجراءات وقواعد تحقيق القضايا التى تدخل فى اختصاص محاكم أمن
الدولة "طوارئ" وذلك فى قولها أنه "فيما عدا ما هو منصوص عليه من
إجراءات وقواعد فى المواد التالية أو فى الأوامر التى يصدرها رئيس الجمهورية تطبق
أحكام القوانين المعمول بها على تحقيق القضايا التى تختص بالفصل فيها محاكم أمن
الدولة وإجراءات نظرها والحكم فيها وتنفيذ العقوبات المقضى بها ويكون للنيابة
العامة عند التحقيق كافة السلطات المخولة لها ولقاضى التحقيق ولغرفة الاتهام (قاضى
الإحالة) بمقتضى هذه القوانين."
ويعنى ذلك أن النيابة العامة هى وحدها التى لها سلطة الاتهام
والتحقيق الابتدائى فى الجرائم التى تختص بها محاكم أمن الدولة "طوارئ"
طالما لم يصدر قرار من رئيس الجمهورية بإحالة الدعوى إلى القضاء العسكرى طبقاً
للمادة السادسة من قانون الأحكام العسكرية رقم 25
لسنة 1966 ويكون للنيابة العامة عند التحقيق كافة
السلطات المخولة لها، ولقاضى التحقيق ولغرفة الاتهام بموجب القواعد المقرة فى هذا
الشأن وهى تطبيق أحكام القوانين المعمول بها على تحقيق القضايا التى تدخل فى
اختصاص محاكم أمن الدولة وإجراءات نظرها والحكم فيها وتنفيذ العقوبات المقضى بها
فيما عدا ما هو منصوص عليه من إجراءات وقواعد فى قانون الطوارئ أو فى الأوامر التى
يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه
ولا شك أن المادة العاشرة من قانون الطوارئ تكاد تحرم المتهم من كافة
الضمانات المقررة فى قانون الإجراءات الجنائية فى مرحلة التحقيق الابتدائى حيث
ركزت كل الاختصاصات المخولة لجهة تحقيق تعتبر أعلى فى الضمان من جهة النيابة
العامة فى يد هذه الجهة أى النيابة العامة مما كان له أسوأ الأثر فى انحسار
الضمانات التى قررها الدستور والقانون للمتهم فى مرحلة التحقيق الابتدائى ومن ثم
إهدار حريته الشخصية وحقوق الفردية، وهو ما زال بريئاً لم تثبت إدانته بعد بحكم
نهائى فى محاكمة قانونية تكفل له ضمانات الدفاع عن نفسه طبقاً للمادة 66 من الدستور.
من المقرر أن السلطة التنفيذية لا تملك بواسطة اللوائح أن تجرى أى
تعديل على التنظيم التشريعى للحريات، وتحديد إجراءات المحاكمات وفقا للمادة 10 من قانون الطوارئ أدخل ما يكون فى نطاق التنظيم التشريعى للحريات،
بما يشكله من الانتقاص من الضمانات المقررة لحماية المتهم. ولا يتعدى دور التنظيم
اللائحى الدور التابع لما يحدده القانون والدستور، وليس له أى اختصاص أصيل فى
التنظيم التشريعى للحريات. ويخلص د/ أبو الفتوح - ونحن معه - إلى أنه لا يجوز
للسلطة التنفيذية بقرار لائحى سواء فى الظروف العادية أو الاستثنائية أن تتولى
تنظيم خصومة جنائية سواء من حيث سير إجراءاتها أو من حيث الإحالة إلى المحاكم أو
الاختصاص القضائى بنظرها، وكل تنظيم إجرائى يصدر بلائحة لأى وجه من الوجوه أو لأية
مرحلة من مراحل الخصومة الجنائية يكون مخالفاً لمبدأ الشرعية الجنائية، فكل ما
يتعلق بضمانات الحرية الشخصية يجب ألا يترك تنظيمه لإرادة السلطة التنفيذية، وإنما
يتعين إسناد هذا التنظيم إلى المشرع وحده ضماناً لعدم العصف بها من جانب السلطة
التنفيذية. ولما كان مبدأ تنظيم الحريات بقانون هو من المبادئ الدستورية العامة
التى حرص على تأكيدها الدستور الحالى، فإن أى قرار صادر من السلطة التنفيذية يعالج
أمراً يتعلق بالخصومة الجنائية يكون مشوبا بعدم الدستورية، حتى لو كان صادراً بتفويض
من السلطة التشريعية، إذ أنه لا يجوز للمشرع أن يتنازل عن اختصاصه بتحديد قواعد
الإجراءات الجنائية بجميع أنواعها، وذلك لارتباطها بالحرية الشخصية للمواطنين،
فإذا جاء القانون وفوض السلطة التنفيذية فى وضع قواعد إجرائية معينة، فإنه يكون
مخالفاً للدستور. وبذلك يكون قانون الطوارئ قد خالف الدستور فيما تضمنه من نصوص
خولت لرئيس الجمهورية إصدار أوامر مما تدخل فى اختصاص السلطة التشريعية، وهى
التجريم والعقاب والإجراءات الجنائية.
5- أوجه العوار الدستورى فى حرمان المتهم من
الطعن على احكام محاكم الطوارئ (م 12 طوارئ):
نصت المادة 12
من قانون الطوارئ على أنه "لا يجوز الطعن بأى وجه من الوجوه فى الأحكام
الصادرة من محاكم أمن الدولة، ولا تكون هذه الأحكام نهائية إلا بعد التصديق عليها
من رئيس الجمهورية..."
ويستفاد من هذا النص أن أحكام محاكم أمن الدولة "طوارئ" لا
يجوز الطعن فيها بأى وجه من الوجوه، كما أنها لا تحوز أية حجية طالما أنها فى
مرحلة التصديق عليها من رئيس الجمهورية، أما بعد التصديق عليها فإنها تحوز حجية
الشيء المحكوم به، بحيث لا يجوز إعادة المحاكمة عن نفس الفعل - موضوع قضائها -
أمام أية محكمة أخرى.
إلا أن رئيس الجمهورية لا يراجع الأحكام التى تصدرها محاكم أمن
الدولة "طوارئ" ولا يقرها أو يرفضها بنفسه بل بواسطة المفوض عنه
ومعاونيه من القضاة وقد يكون هؤلاء القضاة أقل درجة من القضاة الذين أصدروا
الأحكام ولنأخذ مثالاً لذلك؛ الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة العليا
"طوارئ" فهى تعد فى منزلة الأحكام التى تصدرها محاكم الجنايات وبالتالى
فهى مشكلة من مستشارين بل قد يكون رئيسها
بدرجة "رئيس استئناف" قد يراجعها قضاة بدرجة "رئيس محكمة"
التى تعتبر دون درجة "المستشار" وفقاً لقانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 والقوانين المعدلة له على النحو الذى يكون من شأنه الإخلال الجسيم
بحسن سير العدالة الجنائية حيث نصت المادة 16
من قانون الطوارئ على أنه "يندب رئيس الجمهورية بقرار منه أحد مستشارى محكمة
الاستئناف أو أحد المحامين العامين على أن يعاونه عدد كاف من القضاة والموظفين
وتكون مهمته التثبت من صحة الإجراءات وفحص تظلمات ذوى الشأن وإبداء الرأى ويودع
المستشار أو المحامى العام فى كل جناية مذكرة مسببة برأيه ترفع إلى رئيس الجمهورية
قبل التصديق على الحكم وفى أحوال الاستعجال يجوز للمستشار أو المحامى العام
الاقتصار على تسجيل رأيه كتابة على هامش الحكم ".
وتتضح طبيعتها الاستثنائية مما قرره قانون الطوارئ بعدم جواز الطعن –
بأى وجه من الوجوه – فى الأحكام الصادرة منها (م 12
طوارئ) مما يعنى عدم خضوعها لرقابة محكمة النقض، الأمر الذى يخل "بوحدة
القضاء الجنائى المصرى"، ويحرم الخاضعين له من الضمانات التى ترتبط بما تقرره
محكمة النقض من ضوابط للتطبيق القضائى والتى من شأنها كفالة المساواة بين
المواطنين أمام القضاء.
1- عدم دستورية ما تقرره المادة من حظر الطعن
بالنقض على أحكام محاكم أمن الدولة طوارئ بما يخل بقاعدة المساواة:
يستهدف الطعن بالنقض توحيد تفسير وتطبيق القانون، وجميع المحكوم ضدهم
يكونون فى مركز قانونى واحد بالنسبة لموضوع توحيد تفسير وتطبيق القانون، بغض النظر
عن الاختلاف فى النظم القانونية التى تشكل المحاكم المختلفة ما بين محاكم عادية أو
خاصة أو حتى استثنائية أو عسكرية، ومن ثم يقتضى مبدأ المساواة معاملتهم بخصوص وحدة
التفسير والتطبيق والتأويل للنصوص القانونية فتح باب الطعن بالنقض أمامهم جميعا
كمبدأ دستورى.
2- عدم دستورية ما تقرره المادة من حظر الطعن
على الأحكام الجنائية التى تصدر من محاكم أمن الدولة طوارئ والتى تتضمن مساس
بالحرية الشخصية وقد تتضمن مساسا بالحق فى الحياة بما يهدر قرينة البراءة ويخل بحق
الدفاع، ويشكل قضاءًا مبتسرًا:
إن الحس القانونى والدستورى يستلزم فى مثل هذه الحالات إجازة الطعن
أمام محاكم أعلى بالمعارضة والاستئناف والنقض (فى حالة الجنح)، والطعن بالنقض فى
حالة الجنايات. وتقرر هذا الطعن كضمانة لحرية المتهمين وحفاظا على حقوقهم، ويأتى
الحظر الوارد فى المادة الطعينة ليتسم بعدم الدستورية وهذا الفهم كان وراء ما
تضمنته نصوص العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية فى المادة 14/5 منها من أن "لكل شخص أدين بجريمة حق اللجوء، وفقاً للقانون،
إلى محكمة أعلى كيما تعيد النظر فى قرار أدانته وفى العقاب الذى حكم به
عليه." ويستفاد من هذا النص أنه قد اعترف لكل شخص حكم بإدانته فى جريمة بالحق
فى الطعن فى هذا الحكم أمام محكمة أعلى من تلك التى أصدرت هذا الحكم، طعناً
بمقتضاه يعاد النظر مرة أخرى فى حكم الإدانة وأيضاً فى العقوبة المحكوم بها.
وهذا النص يقطع بأن للمتهم حقاً لا يداخله شك فى أن تنظر قضيته على
درجتين، يستوى فى ذلك أن يكون متهماً فى مخالفة أو جنحة أو حتى جناية (كانت
الجنايات قبل عام 25 فى مصر تنظر أمام درجتين قضائيتين). ولا وجه
للقول بأن المقصود من النص هو الطعن بالنقض؛ وذلك لأن الطعن بالنقض لا يعيد طرح
النزاع مرة أخرى أمام محكمة النقض على اعتبار أن هذه الأخيرة ليست محكمة وقائع،
وإنما هى محكمة قانون. ومقتضى هذا النص لزوم أن يترتب على الالتجاء إلى محكمة أعلى
إعادة طرح القضية بوقائعها مرة أخرى أمامها، حتى يتسنى لها تصحيح ما أصاب حكم أول
درجة من شطط، وأن تزيل ما حاق به من خطأ، فتلغى الإدانة أو تخفف العقوبة، وهذا ليس
من وظيفة ولا من شأن محكمة النقض. ولا يقدح فى ذلك وجود حالات يعاد فيها طرح
النزاع برمته أمام محكمة النقض، لأن هذه الحالة من الحالات الاستثنائية المحدودة
الواردة حصراً فى القانون، فلا يسرى كأصل عام على جميع القضايا المعروضة على محكمة
النقض، وفى المقابل تعترف المعاهدة بوجوب الطعن فى حكم أول درجة فى جميع الحالات
بدون استثناء. وبذلك نخلص فى تحديدنا لنطاق نص المعاهدة المذكور إلى أن الطعن أمام
محكمة النقض ليس هو المقصود فى هذا النص، كما أنه لا يستجيب لكامل مقتضيات النص.
والنص الطعين لا يستجيب لمقتضيات المحاكمة المنصفة. ولذلك قرر
المؤتمر العالمى لاستقلال العدل الذى عقد فى مونتريال بكندا فى الفترة من 5-10 يونيو 1983 بأنه فى مجال أوقات الطوارئ يتعين أن تجرى محاكمة المدنيين المتهمين
بارتكاب جرائم مدنية أياً كان نوعها أمام محاكم مدنية عادية، وأن تقتصر ولاية
المحاكم العسكرية على الجرائم العسكرية التى يرتكبها أفراد عسكريون، ويكفل للمتهم
دائما حق استئناف هذه الأحكام أمام جهة أو محكمة استئنافية مؤهلةً قانوناً. وأوصى
مؤتمر العدالة الأول المنعقد فى القاهرة من 21 -
24 إبريل 1986 بقصر اختصاص القضاء العسكرى على الجرائم العسكرية فى مدلولها
الصحيح، وهى الجرائم التى يرتكبها عسكريون إخلالاً بمقتضيات النظام العسكرى. وتبنى
المؤتمر الأول للجمعية المصرية للقانون الجنائى المعقود فى القاهرة فى الفترة من 14 - 15 مارس 1987 توصية تتضمن أن "القضاء العسكرى قضاء طبيعى فيما يتعلق
بمحاكمة العسكريين فى الجرائم العسكرية البحتة."
3- انتفاء أية ضرورة اجتماعية لإنشاء محاكم
استثنائية ولتحديد إجراءاتها على هذا النحو:
وفى الواقع أن إنشاء محاكم استثنائية ليس نتيجة حتمية لتطبيق قوانين
الأزمات ففى غير قليل من الدول لا محل لمثل هذه المحاكم حيث تنظر المحاكم العادية
المنازعات التى تثور بصدد تطبيق قوانين الأزمات، مثل إنجلترا والولايات المتحدة
الأمريكية.
ولا يوجد أى مبرر قانونى مقنع يمكن أن يساق لتأييد إقامة مثل هذا
النظام الذى لا يتفق مع نظام قضائى بالمعنى الصحيح. ولو كان الأمر أمر حسم خصومة
قضائية لوجب أن يترك ذلك للقضاء العادى فى جميع الظروف والأوقات سواء فى الظروف
العادية أو فى الظروف الاستثنائية على حد سواء.
وهناك من التشريعات ما حظرت إنشاء محاكم استثنائية سواء فى الظروف العادية
أو فى غيرها وأوضح مثل على ذلك الدستور الإيطالي الصادر عام 1947 حيث نص فى المادة 102 منه على أنه يباشر الوظيفة القضائية قضاه عاديين يختارون وفقاً
للوائح التنظيم التى تنظم نشاطها ولا يجوز أن يعين قضاه استثنائيين وقضاة
خاصين..."
وقد أكدت الوثائق العالمية والمحلية على ضرورة حظر إنشاء مثل هذه
المحاكم فوفقاً للمادة السادسة من الإعلان العالمى لاستقلال القضاء الصادر فى
"مونتريال" فى إطار منظمة الأمم المتحدة "لا تنشأ أية محكمة
استثنائية "
وأوصى مؤتمر العدالة الأول المنعقد بالقاهرة فى 1986 بإلغاء المحاكم الاستثنائية ومنها محاكم "أمن الدولة"
المنشأة وفقا لقانون الطوارئ رقم 162 لسنة 58.
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب