عدم رجعية
القرارات الادارية
مقدمة
إن لكل مجتمع أهداف سياسية و اقتصادية و اجتماعية و ثقافية معينة يحاول قدر
استطاعته بلوغها و تحقيقيها و هذه الأهداف يتولى المشرع تحديدها في شكل سياسية
عامة و هي تتطلب قدر من الدراسة و الخبرة , فكان لابد من إنشاء أجهزة إدارية
متخصصة و تزويدها بالوسائل اللازمة و هذه الوسائل تتمثل في الوسائل البشرية و
المادية و القانونية لكي تتمكن هذه الأجهزة من أداء دورها علي الوجه المطلوب .
و من هنا جاءت مهمة الإدارة العامة لتنفيذ السياسة العامة للمجتمع و تحقيق أهدافه
و غاياته و الإدارة في سبيل تحقيق هذه السياسة تستخدم الوسيلة القانونية المتمثلة
في الأعمال أو التصرفات القانونية و هذه التصرفات تكون صادرة عن الإدارة نفسها
بإرادتها المنفردة و دون أن يشاركها أحد و يطلق علي هذه التصرفات ( القرارات
الإدارية ) و هذه القرارات تعتبر من أهم مظاهر امتيازات السلطة العامة فعن طريق
هذه القرارات تتمكن الجهات الإدارية من التعبير عن سلطتها الآمرة و إرادتها
المنفردة الملزمة و بحكم مسئولية الإدارة المباشرة عن تنفيذ القواعد القانونية
فإنها هي المرشحة الوحيدة لانتهاك الحقوق و الحريات أكثر من الهيئات الأخرى و لهذه
الاعتبارات جاء المشرع و قيد سلطة الإدارة في إصدار القرارات الإدارية حيث حدد لها
العناصر الواجب توفرها في هذه القرارات و أيضاً شروط نفاذها و كيفية تنفيذها اتجاه
الأفراد و أوجب أيضاً علي الإدارة القيام بسحب قراراتها و إلغائها في حالة عدم
مشروعية هذه القرارات و قد أجاز المشرع أيضاً للأفراد أصحاب المصلحة سلوك طريق
الطعن القضائي سواء بالتنفيذ أو بالإلغاء أو التعويض .
و الإدارة في إصدار قراراتها الإدارية بالصورة المشروعة ملزمة بمبادئ عامة و هي :
مبدأ المشروعية , ومبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية , و مبدأ عدم المساس بالآثار
الفردية للقرارات الإدارية , و هذه المبادئ مفروضة علي الإدارة و ذلك لاستقرار
الأوضاع القانونية , و قد أجمعت علي هذه المبادئ أغلبية الاقضية , و حرصت كل الحرص
علي عدم التهاون في هذه المبادئ و لقد إعتبرت مبدأ الرجعية من أخطر هذه المبادئ ,
و لهذا إهتمت به ووضعت له الأسس التي تقوم عليها و أيضاً فرضت عليه استثناءات تكون
في أضيق الحدود و هذا ما سأحاول التطرق له من خلال هذه الورقة البحثية و ذلك من
خلال التقسيم التالي :
المطلب الأول : الاعتبارات التي يقوم عليها مبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية .
المطلب الثاني : الاستثناءات التي ترد علي مبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية .
المطلب الثالث : تصحيح القرارات الإدارية الغير مشروعة بأثر رجعي .
المطلب
الأول : الاعتبارات التي يقوم عليها مبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية :
إن مبدأ عدم الرجعية هو من المبادئ العامة التي تضمنتها دساتير الدول و هو مبدأ
خطير و مخالف للعدالة و لهذا فأنه يلقى معارضة شديدة و يعتبر استثناء من القواعد
القانونية السليمة التي لا تقر نفاذ القوانين إلا علي الحوادث المستقبلية , و أغلب
الدول تحرص علي تحريم الرجعية في القرارات الإدارة إلا في أضيق الحدود , و قد سلم
مجلس الدولة الفرنسي بهذا المبدأ حيث قال أن القرارات الإدارية سواء كانت تنظيمية
عامة , أم قرارات فردية لا يجوز تضمينها أثراً رجعياً , و هذا ما أخذ به أيضاً
القضاء المصري حيث قال أن الأصل طبقاً للقانون الطبيعي هو عدم جواز الانعطاف بأثر
القوانين إلى الماضي , و أعتبر القضاء الإداري في ليبيا أن مبدأ عدم رجعية القارات
الإدارية من المبادئ العامة للقانون التي تفرض نفسها علي جهة الإدارة و التي لا
تحتاج إلى نص قانوني صريح يقررها , ففي قرارها الصادر بتاريخ 26-6-1957 تؤكد
المحكمة العليا علي ذلك و تقول ( يجب أن يكون القرار الإداري مطابقاً للدستور و
القوانين و اللوائح و مبادئ القانون العام كالمساواة و الحريات العامة و حق الدفاع
وعدم رجعية القرارات الإدارية ) و هذا المبدأ ما فُرض في هذه الدول إلا لعدة
اعتبارات , وتتمثل هذه الاعتبارات في فكرة الحقوق المكتسبة ( المراكز القانونية )
و فكرة استقرار المعاملات و ضمان احترام قواعد الاختصاص الزماني بين السلطات
الإدارية المتعاقبة و لغياب الباعث المشروع لقرار الرجعية في القرارات الإدارية.(1
)
و من المسلم به في الأنظمة القانونية إن الأفراد أو الأشخاص عندما اكتسبوا حقوق في
ظل نظام قانوني معين فإنه يحرم المساس بهذه الحقوق إذ ما تغيرت الأوضاع القانونية
التي أكتسبها الأشخاص في ظل هذه الحقوق , و لذلك فإذا ما تحقق للفرد مركزاً
قانونياً نتيجة قرار إداري أو للاتفاق مع الإدارة فإنه لا يجوز المساس بهذا المركز
القانوني إلا بالوسائل القانونية المشروعة ذي الأثر الرجعي و هذا ما أكدته المحكمة
الإدارية العليا في مصر فيما يتعلق بأمور الموظفين و ذلك ما جاء في حكمها الصادر
في 11 فبراير 1956 حيث تقول ( أن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها
القوانين و اللوائح في هذا الشأن , فمركز الموظف من هذه الناحية هو مركز قانوني
عام يجوز تغييره في أي وقت , و يتفرع علي ذلك أن كل تنظيم جديد يستحدث يسري علي
الموظف أو العامل الحكومي بأثر حال مباشر من تاريخ العمل به , و لكنه لا يسري بأثر
رجعي بما من شأنه إهدار المراكز القانونية الذاتية التي تكون قد تحققت لصالح
الموظف نتيجة لتطبيق التنظيم القديم عليه قانوناً كان أو لائحة إلا بنص خاص في
القانون و ليس في أداة أدني منه كلائحة مثلا.....) .
و في ديوان التدوين
القانوني العراقي فأنه يقر مبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية و يعتبره هو الأصل و
الاستثناء علي ذلك يتطلب إيجازه من المشرع و لكنه لا يقر بفكرة الحقوق المكتسبة أو
( المراكز القانونية ) و علي ضوء ذلك يقول ( إن المركز القانوني للموظف يتحدد
بتاريخ صدور القرار الإداري المنشئ لمركزه الجديد , و لا يمكن أن ينسحب هذا الأثر
إلى تاريخ سابق إلا بنص قانوني .
و لكي تكون هنالك رجعية يجب توافر شرطان و هما :
أولا :أن يكون ثمة مركز قانوني ذاتي و قد تكاملت عناصره في ضل قانون معين , و لكن
لا يكفي أن يكون الفرد قد أستوفى شروط الاستفادة من مركز قانوني عام بل يجب أن
يكون قد صدر من الإدارة قرار فردي بتطبيق أحكام المركز العام عليه و ذلك ما قاله
مجلس الدولة المصري في حكمه الصادر في 8 يناير 1953 ( أن الحق لا يكتسب في ظل
قاعدة تنظيمية عامة إلا بتطبيقها تطبيقاً فردياً فيتولد لصاحب الشأن مركز قانوني
خاص , و هذا المركز هو الذي لا يجوز المساس به إلا بقانون ) و دللت المحكمة علي
ذلك في حكم صادر في 13 مايو 1961 ( أن القرار الصادر من الجهة الإدارية بالترخيص
للطالب بمطحنة متنقلة قد صدر منها بناء علي سلطتها التقديرية و من ثم يكون القرار
المذكور قد صدر صحيحاً من سلطة متخصصة في حدود اختصاصها و يصبح حقاً مكتسب لصاحبه
لا يجوز المساس به إلا في الحالات المحددة أما في غيرها فان المساس به يعتبر
اعتداء غير مشروع علي حق مكتسب).
و لا يكفي لحصول الفرد علي المركز الذاتي أن تكون الإدارة قد بدأت في اتخاذ
الإجراءات اللازمة لتطبيق المركز النظامي علي الشخص الذي استوفي شروط الإفادة منه
, بل يجب أن تكون عناصر المركز الشخصي قد تكاملت تماماً وفقاً للنظام القديم ,
فإذا كان موظفاً قد أستوفى شروط الترقية وفقاً لنظام قانوني معين و شرعت الإدارة
في ترقيته فإنه لا يعتبر قد اكتسب المركز القانوني الذاتي إلا بتمام الترقية , أما
قبل ذلك فان كل تعديل في النظام القانوني للترقية و لو كان بالإنقاص من المزايا
القديمة يسري عليه بأثر رجعي .
ثانياً : أن يكون من شأن الرجعية المساس بتلك المراكز الشخصية التي تكاملت عناصرها
قبل صيرورة القرار نافذاً , و العبرة في ذلك بتاريخ صدور القرار فمتي تم إفصاح
الجهة الإدارية المختصة عن إرادتها يصبح القرار قابلا للتنفيذ و لا يعتد في هذا
الصدد بالخطوات التمهيدية التي تسبق القرار الإداري و لو كانت تلك الخطوات تتخذ
شكل قرارات إدارية . ( 1 )
و بالنسبة في العراق و بعد إلغاء ديوان التدوين و صدور قانون مجلس شورى الدولة,
فان المجلس سار في نفس الاتجاه حيث جاء في قرار صادر عن المجلس يقول فيه ( أن
القرار الإداري لا ينفذ إلا من تاريخ صدوره و ليس بأثر رجعي ) و مثال ذلك إذ ما
أصدرت وزارة التعليم العالي , و البحث العلمي قراراً يقضي بعدم الاعتراف
بالدبلومات الممنوحة من قبل الجمعية الطبية الأمريكية في فينا و أكاديمية فينا
الطبية في النمسا , فأن قرار سحب الاعتراف هذا لا ينصرف إلى الشهادة التي تم
الحصول عليها قبل تاريخ الصادر فيه عدم الاعتراف حتى إذا قدم طلب الاعتراف بها بعد
صدور قرار الوزارة في 10- 3-1976 لأن القاعدة المستقرة هي أن القرار الإداري و منه
قرار اللجنة المركزية لتقييم الشهادات في وزارة التعليم العالي , و البحث العلمي ,
لا ينفذ إلا من تاريخ صدوره و ليس بأثر رجعي . ( 1 )
من الواضح أن ديوان التدوين العراقي و من بعده مجلس الشورى لا يأخذ بعين الاعتبار
فكرة الحقوق المكتسبة بل يعتمد علي فكرة استقرار المعاملات القانونية مثله في ذلك
القضاء الفرنسي , ففي مجلس الدولة الفرنسي, فاللوائح لا يمكن أن تحكم إلا بحالات
المستقبلية,و التي تقع بعد إطلاع الجمهور عليها و أخذهم العلم بذلك , و إضفاء طابع
الرجعية علي هذه القرارات يقع باطلا و يجب إلغاء القرار ذو الأثر الرجعي .
و بذلك تأصلت قاعدة عدم رجعية القرارات الإدارية في أحكام المجلس الفرنسي الذي
أصبحت حلوله تقليدية في حالة خرق المبدأ , فيلغي القرار لتعيبه بالرجعية طالما وجد
أثراً للقرار الإداري سابقاً علي صدوره , أو لأن القرار تجاهل مبدأ عدم الرجعية
فيعتبر ذلك غير مشروع .
و من المسلم به في الفقه الإداري الفرنسي إن قاعدة
عدم الرجعية في القرارات الإدارية هي قاعدة آمرة و في حالة الشك يجب علي القاضي أن
يرجح عدم الرجعية .
أن القصد من عدم رجعية القرارات الإدارية علي مفهوم الاعتبارات السابقة هو حماية
الأفراد و لهذا فإن الفقه الإيطالي ذهب إلى التفرقة ما بين القرارات الإدارية
التنظيمية و القرارات الفردية,فبالنسبة للقرارات الإدارية التنظيمية فقد أعملوا
قاعدة عدة الرجعية, و بالنسبة إلى القرارات الفردية فقد جعلوا تحريم الرجعية
منوطاً بمدى ما تسببه الرجعية من فائدة أو إضرار للأفراد و لذلك
فقد ميز أحد الفقهاء الإيطاليين حالات الرجعية
في القرارات الفردية علي النحو التالي :
1- يجوز للإدارة أن تضمن القرار الفردي اثر رجعي إذ كان من شأن الرجعية أن ترتب
حقاً للأفراد.
2- و عكس ذلك يمتنع علي الإدارة أن تضمن قرارها الفردي أثراً رجعياً إذ كان يرتب
علي الأفراد واجبات .
3- القرارات التي تنشأ عنها حقوق و واجبات فإن شرعية رجعيتها تكون منوطة بتوازن ما
تفرضه من واجبات و ما تنشئه من حقوق.
و هذا المذهب الإيطالي ليس مقبولا في فرنسا لأن عدم الرجعية يحكم القرارات
الإدارية بنوعيها دون أن تكون هنالك تفرقة ما بين القرارات التنظيمية و القرارات
الفردية
المطلب الثاني : الاستثناءات التي ترد علي مبدأ عدم
رجعية القرارات الإدارية
إذ كان الأصل في القرارات الإدارية هو عدم جواز سريان
أثارها علي الماضي الا ان هذا الأصل قد ورد عليه إستثنائات و في غير المواد
الجنائية , و هذه الاستثناءات أقرتها الأقضية في تنفيذ قراراتها الإدارية , فسير
العملية الإدارية و طبيعة الأمور تتطلب أعمال رجعية لأن قاعدة عدم رجعية القرارات
الإدارية هي من خلق القضاء و الإعتبارات العملية تتطلب وضع حلول طبقاً للمستجدات ,
و قد إعترف مجلس الدولة الفرنسي بان عدم الرجعية غير مقبول علي المشرع الا في
المسائل الجنائية و علي اعتبار ان لكل قاعدة قانونية استثناء و هذه الإستنثناءات
علي مبدأ عدم الرجعية هي :
أولا :وجود نص تشريعي يقر الرجعية
و هذا يتم بصدور قانون معين يخول المشرع بمقتضاه
صراحة لجهة الإدارة إصدار قرارات إدارية بأثر رجعي علي إعتبار ان هذا القانون يمثل
المصلحة العامة , و هذا التخويل أو التفويض قد يكون صريحاً ففي هذه الحالة ينص
القانون صراحة علي تخويل الجهة الإدارية لإصدار قرارات إدارية يرجع أثرها للماضي و
حتى تاريخ معين يحدده القانون , و خير مثال علي ذلك ما إتخذه مجلس الدولة الفرنسي
و ذلك بإعادة الموظفين الذين منعوا بسبب الحرب عن وظائفهم , مع تصحيح وضعهم منذ
قيام الحرب , أو سحب نوع معين من القرارات الإدارية إبتداءاً من تاريخ معين في
الماضي و قد يكون النص علي الرجعية في القرارات الإدارية ضمني أي تمليه طبيعة
الإختصاص كما لو صدر قانون يخول الإدارة سلطة إعادة النظر في القرارات الصادرة من
سلطة معينة كانت قد صدرت في الماضي و في تاريخ معين , و قد سلم مجلس الدولة
الفرنسي بشرعية الرجعية في هذه الحالات و هو ما أعتمد عليه مجلس الدولة المصري في
احكامه منذ القدم و بإستمرار و من أحكامه في هذا الخصوص حكمه الصادر في 10 أبريل
1948 و الذي جاء فيه { لا تسري أحكام القرارت الإدارية و اللوائح إلا علي ما يقع
من تاريخ صدورها و لا يترتب عليها أثراً فيما وقع قبله الا في حالتين :
الحالة الأولي ان تكون هذه القرارات و اللوائح صادرة تنفيذاً لقوانين ذات أثر رجعي
.
الحالة الثانية أن تكون هذه القرارات و اللوائح ( ذات الأثر الرجعي ) صادرة
تنفيذاً لأحكام صادرة من مجلس الدولة بإلغاء قرارات ادارية وقعت مخالفة للقانون
بما يترتب علي الإلغاء من أثره في الحوادث السابقة }(1 )
و هذا التفويض قد نزعه ( دوجي ) حيث قال ان الرجعية هي رخصة يمارسها المشرع و ليس
له ان يفوض الجهة الإدارية باصدار القرارات بأثر رجعي .
و هذه الملاحظة التي أبداها الفقيه ( دوجي ) لا يعمل بها الا بالنسبة إلى الدساتير
التي لا تبيح التفويض, و بما أنه توجد دساتير تخول للسلطة التشريعية ان تفوض
السلطة التنفيذية في ممارسة بعض إختصاصاتها فان هذه الرجعية التي يقبلها ( دوجي )
تصبح مشروعة و لكن بشرط إحترام الإدارة لحدود القانون الصادر لهذه التخويل و الا
تتعدى هذا التفويض حتى لا يكون هنالك إعتداء علي صلاحيات سلطة علي أخرى .
و نلاحظ من ناحية أخرى أنه إذا أصدرت السلطة التشريعية قانوناً بأثر رجعي و يحتاج
هذا القانون لتنفيذه و تطبيقه علي أرض الواقع قرارات إدارية من السلطة التنفيذية
فان هذه الإدارة بحكم الوظيفة التي تمارسها أن تصدر قرارات لنفاذ هذا التشريع
الرجعي .
و قد أكد ديوان التدوين العراقي علي هذا الاستثناء حيث يقول ( إن المركز القانوني
للموظف يتحدد بتاريخ صدور القرار الإداري المنشئ لمركزه الجديد و لا يمكن أن ينسحب
هذا الأثر إلى تاريخ سابق إلا بنص قانوني و ذلك ما ورد في المادة 29 من قانون
الخدمة الخارجية رقم 31 لسنة 1966 حين ألزمت موظف الخدمة الخارجية بوجوب أخذ
موافقة الوزير التحريرية قبل الزواج , و في حالة عدم الإلتزام بهذا النص فان
الوزير سيصدر قرار بإعتبار الموظف المخالف مستقيل من تاريخ عقد الزواج أي لا بد من
أعمال الرجعية في القرار الوزير الذي لن يصدر الا بعد تحقق زواج الموظف دون أخذ الإيجازة
المسبقة بذلك .
و من ذلك أيضاً ما نص عليه قرار مجلس قيادة الثورة رقم 2675 في 2-10-1978 الذي ينص
علي اعتبار ترقية الموظف يعمل به من تاريخ استحقاقه القانوني, أي من تاريخ بداية
حساب الترقية بغض النظر عن التاريخ الذي صدر فيه القرار , و قد أقر مجلس الإنضباط
العام رجعية اللقرار الإداري بناء علي ما جاء في نص القانون .
فإذا ما صدر قانون بمنح مخصصات بدل عدوي للعاملين في الحقل الصحي و تحدد تاريخ 31-
12 -1974 موعداً لنفاذ هذا القانون , فان الأمر الإداري الصادر بتاريخ 16-11 -1976
بمنح مخصصات بدل عدوي للصيدلانية (م ) يجب أن يكون بأثر رجعي أي من تاريخ نفاذ
القانون اعلاه , لأن المدعي كانت شاغلة للوظيفة عند تاريخ نفاذ القانون . ( 1 )
و أيضاً مجلس الدولة المصري نص علي الاستثناء حيث يقر عدم سريان القرارات الإدارية
و اللوائح إلا علي ما يقع من تاريخ صدورها , إلا إذا كانت هذه القرارات صادرة
تنفيذاً لقوانين ذات اثر رجعي( فلا رجعية إلا بنص ).
القرارات الادارية
مقدمة
إن لكل مجتمع أهداف سياسية و اقتصادية و اجتماعية و ثقافية معينة يحاول قدر
استطاعته بلوغها و تحقيقيها و هذه الأهداف يتولى المشرع تحديدها في شكل سياسية
عامة و هي تتطلب قدر من الدراسة و الخبرة , فكان لابد من إنشاء أجهزة إدارية
متخصصة و تزويدها بالوسائل اللازمة و هذه الوسائل تتمثل في الوسائل البشرية و
المادية و القانونية لكي تتمكن هذه الأجهزة من أداء دورها علي الوجه المطلوب .
و من هنا جاءت مهمة الإدارة العامة لتنفيذ السياسة العامة للمجتمع و تحقيق أهدافه
و غاياته و الإدارة في سبيل تحقيق هذه السياسة تستخدم الوسيلة القانونية المتمثلة
في الأعمال أو التصرفات القانونية و هذه التصرفات تكون صادرة عن الإدارة نفسها
بإرادتها المنفردة و دون أن يشاركها أحد و يطلق علي هذه التصرفات ( القرارات
الإدارية ) و هذه القرارات تعتبر من أهم مظاهر امتيازات السلطة العامة فعن طريق
هذه القرارات تتمكن الجهات الإدارية من التعبير عن سلطتها الآمرة و إرادتها
المنفردة الملزمة و بحكم مسئولية الإدارة المباشرة عن تنفيذ القواعد القانونية
فإنها هي المرشحة الوحيدة لانتهاك الحقوق و الحريات أكثر من الهيئات الأخرى و لهذه
الاعتبارات جاء المشرع و قيد سلطة الإدارة في إصدار القرارات الإدارية حيث حدد لها
العناصر الواجب توفرها في هذه القرارات و أيضاً شروط نفاذها و كيفية تنفيذها اتجاه
الأفراد و أوجب أيضاً علي الإدارة القيام بسحب قراراتها و إلغائها في حالة عدم
مشروعية هذه القرارات و قد أجاز المشرع أيضاً للأفراد أصحاب المصلحة سلوك طريق
الطعن القضائي سواء بالتنفيذ أو بالإلغاء أو التعويض .
و الإدارة في إصدار قراراتها الإدارية بالصورة المشروعة ملزمة بمبادئ عامة و هي :
مبدأ المشروعية , ومبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية , و مبدأ عدم المساس بالآثار
الفردية للقرارات الإدارية , و هذه المبادئ مفروضة علي الإدارة و ذلك لاستقرار
الأوضاع القانونية , و قد أجمعت علي هذه المبادئ أغلبية الاقضية , و حرصت كل الحرص
علي عدم التهاون في هذه المبادئ و لقد إعتبرت مبدأ الرجعية من أخطر هذه المبادئ ,
و لهذا إهتمت به ووضعت له الأسس التي تقوم عليها و أيضاً فرضت عليه استثناءات تكون
في أضيق الحدود و هذا ما سأحاول التطرق له من خلال هذه الورقة البحثية و ذلك من
خلال التقسيم التالي :
المطلب الأول : الاعتبارات التي يقوم عليها مبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية .
المطلب الثاني : الاستثناءات التي ترد علي مبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية .
المطلب الثالث : تصحيح القرارات الإدارية الغير مشروعة بأثر رجعي .
المطلب
الأول : الاعتبارات التي يقوم عليها مبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية :
إن مبدأ عدم الرجعية هو من المبادئ العامة التي تضمنتها دساتير الدول و هو مبدأ
خطير و مخالف للعدالة و لهذا فأنه يلقى معارضة شديدة و يعتبر استثناء من القواعد
القانونية السليمة التي لا تقر نفاذ القوانين إلا علي الحوادث المستقبلية , و أغلب
الدول تحرص علي تحريم الرجعية في القرارات الإدارة إلا في أضيق الحدود , و قد سلم
مجلس الدولة الفرنسي بهذا المبدأ حيث قال أن القرارات الإدارية سواء كانت تنظيمية
عامة , أم قرارات فردية لا يجوز تضمينها أثراً رجعياً , و هذا ما أخذ به أيضاً
القضاء المصري حيث قال أن الأصل طبقاً للقانون الطبيعي هو عدم جواز الانعطاف بأثر
القوانين إلى الماضي , و أعتبر القضاء الإداري في ليبيا أن مبدأ عدم رجعية القارات
الإدارية من المبادئ العامة للقانون التي تفرض نفسها علي جهة الإدارة و التي لا
تحتاج إلى نص قانوني صريح يقررها , ففي قرارها الصادر بتاريخ 26-6-1957 تؤكد
المحكمة العليا علي ذلك و تقول ( يجب أن يكون القرار الإداري مطابقاً للدستور و
القوانين و اللوائح و مبادئ القانون العام كالمساواة و الحريات العامة و حق الدفاع
وعدم رجعية القرارات الإدارية ) و هذا المبدأ ما فُرض في هذه الدول إلا لعدة
اعتبارات , وتتمثل هذه الاعتبارات في فكرة الحقوق المكتسبة ( المراكز القانونية )
و فكرة استقرار المعاملات و ضمان احترام قواعد الاختصاص الزماني بين السلطات
الإدارية المتعاقبة و لغياب الباعث المشروع لقرار الرجعية في القرارات الإدارية.(1
)
و من المسلم به في الأنظمة القانونية إن الأفراد أو الأشخاص عندما اكتسبوا حقوق في
ظل نظام قانوني معين فإنه يحرم المساس بهذه الحقوق إذ ما تغيرت الأوضاع القانونية
التي أكتسبها الأشخاص في ظل هذه الحقوق , و لذلك فإذا ما تحقق للفرد مركزاً
قانونياً نتيجة قرار إداري أو للاتفاق مع الإدارة فإنه لا يجوز المساس بهذا المركز
القانوني إلا بالوسائل القانونية المشروعة ذي الأثر الرجعي و هذا ما أكدته المحكمة
الإدارية العليا في مصر فيما يتعلق بأمور الموظفين و ذلك ما جاء في حكمها الصادر
في 11 فبراير 1956 حيث تقول ( أن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها
القوانين و اللوائح في هذا الشأن , فمركز الموظف من هذه الناحية هو مركز قانوني
عام يجوز تغييره في أي وقت , و يتفرع علي ذلك أن كل تنظيم جديد يستحدث يسري علي
الموظف أو العامل الحكومي بأثر حال مباشر من تاريخ العمل به , و لكنه لا يسري بأثر
رجعي بما من شأنه إهدار المراكز القانونية الذاتية التي تكون قد تحققت لصالح
الموظف نتيجة لتطبيق التنظيم القديم عليه قانوناً كان أو لائحة إلا بنص خاص في
القانون و ليس في أداة أدني منه كلائحة مثلا.....) .
و في ديوان التدوين
القانوني العراقي فأنه يقر مبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية و يعتبره هو الأصل و
الاستثناء علي ذلك يتطلب إيجازه من المشرع و لكنه لا يقر بفكرة الحقوق المكتسبة أو
( المراكز القانونية ) و علي ضوء ذلك يقول ( إن المركز القانوني للموظف يتحدد
بتاريخ صدور القرار الإداري المنشئ لمركزه الجديد , و لا يمكن أن ينسحب هذا الأثر
إلى تاريخ سابق إلا بنص قانوني .
و لكي تكون هنالك رجعية يجب توافر شرطان و هما :
أولا :أن يكون ثمة مركز قانوني ذاتي و قد تكاملت عناصره في ضل قانون معين , و لكن
لا يكفي أن يكون الفرد قد أستوفى شروط الاستفادة من مركز قانوني عام بل يجب أن
يكون قد صدر من الإدارة قرار فردي بتطبيق أحكام المركز العام عليه و ذلك ما قاله
مجلس الدولة المصري في حكمه الصادر في 8 يناير 1953 ( أن الحق لا يكتسب في ظل
قاعدة تنظيمية عامة إلا بتطبيقها تطبيقاً فردياً فيتولد لصاحب الشأن مركز قانوني
خاص , و هذا المركز هو الذي لا يجوز المساس به إلا بقانون ) و دللت المحكمة علي
ذلك في حكم صادر في 13 مايو 1961 ( أن القرار الصادر من الجهة الإدارية بالترخيص
للطالب بمطحنة متنقلة قد صدر منها بناء علي سلطتها التقديرية و من ثم يكون القرار
المذكور قد صدر صحيحاً من سلطة متخصصة في حدود اختصاصها و يصبح حقاً مكتسب لصاحبه
لا يجوز المساس به إلا في الحالات المحددة أما في غيرها فان المساس به يعتبر
اعتداء غير مشروع علي حق مكتسب).
و لا يكفي لحصول الفرد علي المركز الذاتي أن تكون الإدارة قد بدأت في اتخاذ
الإجراءات اللازمة لتطبيق المركز النظامي علي الشخص الذي استوفي شروط الإفادة منه
, بل يجب أن تكون عناصر المركز الشخصي قد تكاملت تماماً وفقاً للنظام القديم ,
فإذا كان موظفاً قد أستوفى شروط الترقية وفقاً لنظام قانوني معين و شرعت الإدارة
في ترقيته فإنه لا يعتبر قد اكتسب المركز القانوني الذاتي إلا بتمام الترقية , أما
قبل ذلك فان كل تعديل في النظام القانوني للترقية و لو كان بالإنقاص من المزايا
القديمة يسري عليه بأثر رجعي .
ثانياً : أن يكون من شأن الرجعية المساس بتلك المراكز الشخصية التي تكاملت عناصرها
قبل صيرورة القرار نافذاً , و العبرة في ذلك بتاريخ صدور القرار فمتي تم إفصاح
الجهة الإدارية المختصة عن إرادتها يصبح القرار قابلا للتنفيذ و لا يعتد في هذا
الصدد بالخطوات التمهيدية التي تسبق القرار الإداري و لو كانت تلك الخطوات تتخذ
شكل قرارات إدارية . ( 1 )
و بالنسبة في العراق و بعد إلغاء ديوان التدوين و صدور قانون مجلس شورى الدولة,
فان المجلس سار في نفس الاتجاه حيث جاء في قرار صادر عن المجلس يقول فيه ( أن
القرار الإداري لا ينفذ إلا من تاريخ صدوره و ليس بأثر رجعي ) و مثال ذلك إذ ما
أصدرت وزارة التعليم العالي , و البحث العلمي قراراً يقضي بعدم الاعتراف
بالدبلومات الممنوحة من قبل الجمعية الطبية الأمريكية في فينا و أكاديمية فينا
الطبية في النمسا , فأن قرار سحب الاعتراف هذا لا ينصرف إلى الشهادة التي تم
الحصول عليها قبل تاريخ الصادر فيه عدم الاعتراف حتى إذا قدم طلب الاعتراف بها بعد
صدور قرار الوزارة في 10- 3-1976 لأن القاعدة المستقرة هي أن القرار الإداري و منه
قرار اللجنة المركزية لتقييم الشهادات في وزارة التعليم العالي , و البحث العلمي ,
لا ينفذ إلا من تاريخ صدوره و ليس بأثر رجعي . ( 1 )
من الواضح أن ديوان التدوين العراقي و من بعده مجلس الشورى لا يأخذ بعين الاعتبار
فكرة الحقوق المكتسبة بل يعتمد علي فكرة استقرار المعاملات القانونية مثله في ذلك
القضاء الفرنسي , ففي مجلس الدولة الفرنسي, فاللوائح لا يمكن أن تحكم إلا بحالات
المستقبلية,و التي تقع بعد إطلاع الجمهور عليها و أخذهم العلم بذلك , و إضفاء طابع
الرجعية علي هذه القرارات يقع باطلا و يجب إلغاء القرار ذو الأثر الرجعي .
و بذلك تأصلت قاعدة عدم رجعية القرارات الإدارية في أحكام المجلس الفرنسي الذي
أصبحت حلوله تقليدية في حالة خرق المبدأ , فيلغي القرار لتعيبه بالرجعية طالما وجد
أثراً للقرار الإداري سابقاً علي صدوره , أو لأن القرار تجاهل مبدأ عدم الرجعية
فيعتبر ذلك غير مشروع .
و من المسلم به في الفقه الإداري الفرنسي إن قاعدة
عدم الرجعية في القرارات الإدارية هي قاعدة آمرة و في حالة الشك يجب علي القاضي أن
يرجح عدم الرجعية .
أن القصد من عدم رجعية القرارات الإدارية علي مفهوم الاعتبارات السابقة هو حماية
الأفراد و لهذا فإن الفقه الإيطالي ذهب إلى التفرقة ما بين القرارات الإدارية
التنظيمية و القرارات الفردية,فبالنسبة للقرارات الإدارية التنظيمية فقد أعملوا
قاعدة عدة الرجعية, و بالنسبة إلى القرارات الفردية فقد جعلوا تحريم الرجعية
منوطاً بمدى ما تسببه الرجعية من فائدة أو إضرار للأفراد و لذلك
فقد ميز أحد الفقهاء الإيطاليين حالات الرجعية
في القرارات الفردية علي النحو التالي :
1- يجوز للإدارة أن تضمن القرار الفردي اثر رجعي إذ كان من شأن الرجعية أن ترتب
حقاً للأفراد.
2- و عكس ذلك يمتنع علي الإدارة أن تضمن قرارها الفردي أثراً رجعياً إذ كان يرتب
علي الأفراد واجبات .
3- القرارات التي تنشأ عنها حقوق و واجبات فإن شرعية رجعيتها تكون منوطة بتوازن ما
تفرضه من واجبات و ما تنشئه من حقوق.
و هذا المذهب الإيطالي ليس مقبولا في فرنسا لأن عدم الرجعية يحكم القرارات
الإدارية بنوعيها دون أن تكون هنالك تفرقة ما بين القرارات التنظيمية و القرارات
الفردية
المطلب الثاني : الاستثناءات التي ترد علي مبدأ عدم
رجعية القرارات الإدارية
إذ كان الأصل في القرارات الإدارية هو عدم جواز سريان
أثارها علي الماضي الا ان هذا الأصل قد ورد عليه إستثنائات و في غير المواد
الجنائية , و هذه الاستثناءات أقرتها الأقضية في تنفيذ قراراتها الإدارية , فسير
العملية الإدارية و طبيعة الأمور تتطلب أعمال رجعية لأن قاعدة عدم رجعية القرارات
الإدارية هي من خلق القضاء و الإعتبارات العملية تتطلب وضع حلول طبقاً للمستجدات ,
و قد إعترف مجلس الدولة الفرنسي بان عدم الرجعية غير مقبول علي المشرع الا في
المسائل الجنائية و علي اعتبار ان لكل قاعدة قانونية استثناء و هذه الإستنثناءات
علي مبدأ عدم الرجعية هي :
أولا :وجود نص تشريعي يقر الرجعية
و هذا يتم بصدور قانون معين يخول المشرع بمقتضاه
صراحة لجهة الإدارة إصدار قرارات إدارية بأثر رجعي علي إعتبار ان هذا القانون يمثل
المصلحة العامة , و هذا التخويل أو التفويض قد يكون صريحاً ففي هذه الحالة ينص
القانون صراحة علي تخويل الجهة الإدارية لإصدار قرارات إدارية يرجع أثرها للماضي و
حتى تاريخ معين يحدده القانون , و خير مثال علي ذلك ما إتخذه مجلس الدولة الفرنسي
و ذلك بإعادة الموظفين الذين منعوا بسبب الحرب عن وظائفهم , مع تصحيح وضعهم منذ
قيام الحرب , أو سحب نوع معين من القرارات الإدارية إبتداءاً من تاريخ معين في
الماضي و قد يكون النص علي الرجعية في القرارات الإدارية ضمني أي تمليه طبيعة
الإختصاص كما لو صدر قانون يخول الإدارة سلطة إعادة النظر في القرارات الصادرة من
سلطة معينة كانت قد صدرت في الماضي و في تاريخ معين , و قد سلم مجلس الدولة
الفرنسي بشرعية الرجعية في هذه الحالات و هو ما أعتمد عليه مجلس الدولة المصري في
احكامه منذ القدم و بإستمرار و من أحكامه في هذا الخصوص حكمه الصادر في 10 أبريل
1948 و الذي جاء فيه { لا تسري أحكام القرارت الإدارية و اللوائح إلا علي ما يقع
من تاريخ صدورها و لا يترتب عليها أثراً فيما وقع قبله الا في حالتين :
الحالة الأولي ان تكون هذه القرارات و اللوائح صادرة تنفيذاً لقوانين ذات أثر رجعي
.
الحالة الثانية أن تكون هذه القرارات و اللوائح ( ذات الأثر الرجعي ) صادرة
تنفيذاً لأحكام صادرة من مجلس الدولة بإلغاء قرارات ادارية وقعت مخالفة للقانون
بما يترتب علي الإلغاء من أثره في الحوادث السابقة }(1 )
و هذا التفويض قد نزعه ( دوجي ) حيث قال ان الرجعية هي رخصة يمارسها المشرع و ليس
له ان يفوض الجهة الإدارية باصدار القرارات بأثر رجعي .
و هذه الملاحظة التي أبداها الفقيه ( دوجي ) لا يعمل بها الا بالنسبة إلى الدساتير
التي لا تبيح التفويض, و بما أنه توجد دساتير تخول للسلطة التشريعية ان تفوض
السلطة التنفيذية في ممارسة بعض إختصاصاتها فان هذه الرجعية التي يقبلها ( دوجي )
تصبح مشروعة و لكن بشرط إحترام الإدارة لحدود القانون الصادر لهذه التخويل و الا
تتعدى هذا التفويض حتى لا يكون هنالك إعتداء علي صلاحيات سلطة علي أخرى .
و نلاحظ من ناحية أخرى أنه إذا أصدرت السلطة التشريعية قانوناً بأثر رجعي و يحتاج
هذا القانون لتنفيذه و تطبيقه علي أرض الواقع قرارات إدارية من السلطة التنفيذية
فان هذه الإدارة بحكم الوظيفة التي تمارسها أن تصدر قرارات لنفاذ هذا التشريع
الرجعي .
و قد أكد ديوان التدوين العراقي علي هذا الاستثناء حيث يقول ( إن المركز القانوني
للموظف يتحدد بتاريخ صدور القرار الإداري المنشئ لمركزه الجديد و لا يمكن أن ينسحب
هذا الأثر إلى تاريخ سابق إلا بنص قانوني و ذلك ما ورد في المادة 29 من قانون
الخدمة الخارجية رقم 31 لسنة 1966 حين ألزمت موظف الخدمة الخارجية بوجوب أخذ
موافقة الوزير التحريرية قبل الزواج , و في حالة عدم الإلتزام بهذا النص فان
الوزير سيصدر قرار بإعتبار الموظف المخالف مستقيل من تاريخ عقد الزواج أي لا بد من
أعمال الرجعية في القرار الوزير الذي لن يصدر الا بعد تحقق زواج الموظف دون أخذ الإيجازة
المسبقة بذلك .
و من ذلك أيضاً ما نص عليه قرار مجلس قيادة الثورة رقم 2675 في 2-10-1978 الذي ينص
علي اعتبار ترقية الموظف يعمل به من تاريخ استحقاقه القانوني, أي من تاريخ بداية
حساب الترقية بغض النظر عن التاريخ الذي صدر فيه القرار , و قد أقر مجلس الإنضباط
العام رجعية اللقرار الإداري بناء علي ما جاء في نص القانون .
فإذا ما صدر قانون بمنح مخصصات بدل عدوي للعاملين في الحقل الصحي و تحدد تاريخ 31-
12 -1974 موعداً لنفاذ هذا القانون , فان الأمر الإداري الصادر بتاريخ 16-11 -1976
بمنح مخصصات بدل عدوي للصيدلانية (م ) يجب أن يكون بأثر رجعي أي من تاريخ نفاذ
القانون اعلاه , لأن المدعي كانت شاغلة للوظيفة عند تاريخ نفاذ القانون . ( 1 )
و أيضاً مجلس الدولة المصري نص علي الاستثناء حيث يقر عدم سريان القرارات الإدارية
و اللوائح إلا علي ما يقع من تاريخ صدورها , إلا إذا كانت هذه القرارات صادرة
تنفيذاً لقوانين ذات اثر رجعي( فلا رجعية إلا بنص ).
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب