محكمة
العدل الأوروبية حول ساحة المواجهة
بين قانون المنافسة الأوروبية والملكية الفكرية
(قضية "آي.إم.إس.
هِلْث" ضد "إن.دي.سي. هِلْث"، 29
نيسان 2004)
توماس رامسوِر*
في
حكمها الأولي الذي كان متوقعاً جداً في قضية ( "IMS Health" ضد "NDC Health"(الصادر
في 29 نيسان 2004([1])، قدَّمت محكمة العدل
الأوروبية مُرشِدَاً حول التوازن بين حقوق الملكية الفكرية وقواعد المنافسة
الأوروبية (المادة "81" وما يليها من معاهدة المجموعة الأوروبية). وقد أبرز القرار الظروف التي يمكن فيها إرغام
حامل حق على منح ترخيص لمنافسين، مما يجعله قراراً ذا أهمية خاصة في النزاع الجاري
بين شركة مايكروسوفت والمفوضية الأوروبية.
1- تمهيد
تقوم
"IMS
Health" (آي.إم.إس. هِلْث) بجمع وبيع البيانات حول المبيعات
الإقليمية لمنتجات دوائية في ألمانيا، وتشتري شركات الأدوية هذه البيانات لبناء
القاعدة الاستراتيجية لمنتجاتها على أساسها.
وقد تم إعداد البيانات طبقاً لنظام "الوحدات المَناطِقية" والذي
يستخدم لوضع تقسيمات لمناطق الدولة من أجل تحليل مبيعات الدواء. ويتكون النظام الذي أنشأته شركة
"آي.إم.إس" في ألمانيا من 1860 وحدة مناطقية([2]).
يمكن
لأي شخص، من ناحية نظرية، بناء النظام الخاص به عن طريق وضع تقسيمات أخرى
للحدود. إلا أنه عندما حاولت شركة "NDC Health" (إن.دي.سي. هِلْث)، وهي شركة منافسة لـ "آي.إم.إس"، دخول السوق في
تاريخ لاحق، وجدت أن بياناتها غير قابلة للتسويق إلا إذا تم إعدادها على نسق نظام
الـ1860 وحدة. فقد كانت معظم شركات
الأدوية قد اعتادت على نظام الـ1860 وحدة وكَيَّفت أسلوبها في التوزيع وفقاً لهذا
النظام.
وقد
تبين للمحاكم الوطنية أن "آي.إم.إس" لم تسوق فقط نظامها للوحدات
المناطقية بل إنها وزعته أيضاً على الصيدليات وعيادات الأطباء دون مقابل. وقد اعتبرت المحاكم الوطنية أن هذه الممارسة
ساهمت في جعل هذا النظام معياراً متبعاً في هذه الصناعة، أخذ الزبائن يكيفون أنظمة
معلوماتهم وأسلوب توزيعهم على أساسه.
إضافة لذلك، كانت "آي.إم.إس" قد شكَّلت منذ بضعة سنين مجموعة عمل
شارك فيها الزبائن مما جعل درجة إسهام مجموعة العمل في تقرير تقسيمات السوق تصبح موضوعاً للنزاع بين الأطراف.
عندما
أعادت "إن.دي.سي" مؤخراً تجميع بياناتها باستخدام نظام شديد الشبه بنظام
الـ 1860 وحدة المستخدم من قبل "آي.إم.إس" نجحت هذه الأخيرة في استصدار
أمر مؤقت من المحاكم الألمانية المحلية في عام 2003([3]). في تلك الدعوى تم النظر إلى نظام "آي.إم.إس"
باعتباره قاعدة بيانات (أو جزءاً منها) وهو قد يكون متمتعاً بحماية القانون
الألماني لحق المؤلف. وفي مواجهة أول أمر
قضائي مرحلي على وشك الصدور سعت "إن.دي.سي" للحصول على رخصة من
"آي.إم.إس" لاستخدام "نظام الـ1860 وحدة". وبعد أن رفضت "آي.إم.إس" السماح بذلك
بدأت سلسلة معقدة من القرارات على كلا المستويين المحلي والأوروبي([4]).
أمرت
المفوضية الأوروبية بناءاً، بشكل خاص، على شكوى قدمتها "إن.دي.سي"
باتخاذ إجراءات مؤقتة تفرض على "آي.إم.إس" السماح لمنافسِين باستخدام حق
المؤلف المُعطى لها، واعتبرت رفض ذلك من حيث المبدأ إساءة استخدام وضعها المهيمِن
في السوق وفقاً لمضمون المادة (82) من معاهدة المجموعة الأوروبية([5]). واعتبرت المفوضية أن نظام الـ1860 وحدة الذي
أنشأته "آي.إم.إس"
أصبح معياراً متبعاً في هذه الصناعة في السوق المَعني، وأن رفض السماح باستخدام
هذا النظام دون مبرر موضوعي سيقضي على الأرجح على كل المنافسة في هذه السوق، لأنه
من المستحيل دون هذا النظام أن يكون هناك أي تنافس في هذا السوق([6]). إلا أن محكمة البداية الأوروبية، واستجابة
لدعوى مرفوعة من "آي.إم.إس" تطلب فيها حكماً مستعجلاً لصالحها، أمرت
بتعليق تنفيذ القرار مشيرة إلى أن المفوضية الأوروبية ربما تكون قد ابتعدت كثيراً
عن أحكام قضائية سابقة في المجوعة في سبيل إصدار حكم مؤقت([7]).
في
الإجراءات القضائية التي شكلت الأساس لقرار محكمة العدل الأوروبية تابعت
"آي.إم.إس" مطالبتها بمنع "إن.دي.سي" من استخدام نظام الـ
1860 وحدة في قضية رفعتها أمام المحكمة الألمانية. وبالنسبة للنتائج التي خلصت
إليها المفوضية فقد كان رأي محكمة منطقة فرانكفورت هو أن "آي.إم.إس" لا
تستطيع ممارسة حقها في الحصول على أمر قضائي إذا كانت تتصرف بطريقة تعسفية وذلك
وفقاً للمادة (82) من معاهدة المجموعة
الأوروبية برفضها منح ترخيص لشركة "إن.دي.سي" ضمن شروط معقولة. تبعاً لذلك فقد قررت وقف الإجراءات القضائية
وطلب حكم ابتدائي من محكمة العدل الأوروبية من خلال إحالة ثلاثة أسئلة تدور حول
تفسير المادة (82) من معاهدة المجموعة الأوروبية.
في
السؤال الأول والرئيسي سألت المحكمة الوطنية إذا كان وتحت أية ظروف يعتبر قيام
مؤسسة ما، ذات مهيمِن مهيمن في سوق معين وتملك حق المؤلف في منتَج لا يُستغنى عنه
للقيام الأعمال في نفس السوق، برفض منح رخصة تسمح باستعمال المنتَج يمثل سلوكاً
تعسفياً.
في
السؤال الثاني سعت المحكمة الوطنية للتأكد من مدى العلاقة بين مشاركة مستعمِلي
نظام الـ 1860 وحدة في تطوير هذا النظام ومسألة السلوك التعسفي.
السؤال
الثالث يتناول قضية النفقات التي يتعين على المستعمِلين المحتمَلين دفعها لكي
يستطيعوا شراء منتجات تعمل وفق نظام آخر.
2-
قرار محكمة العدل الأوروبية
أ. السؤال الأول
تستذكر
المحكمة أنه ووفقاً لسوابق قضائية مبتوت فيها فإن الحق الحصري في الاستنساخ يشكل
جزءاً من حقوق المالك، لذا فإن رفض منح ترخيص، حتى لو كان ذلك من قبل مؤسسة تتمتعُ
بوضع مهيمن، يشكل تعسفاً في استخدام الوضع المهيمن فقط في حالات استثنائية ([8]). وتستشهد المحكمة، مشيرة
للقرارات في قضيتي((Bronner "برونر" ([9])، و ((Magill "ماغل" ([10])، بالشروط التراكمية الثلاثة
الضرورية لتقرير وجود هذه الظروف الاستثنائية، وهي:
-
أن
الرفض يمنع طرح مُنْتَجٍ جديد عليه طلب استهلاكي محتمل، و
-
أن
الرفض غير مبرر، و
-
أن
القصد منه منع أي منافسة في سوق ثانوي([11]).
وبالنسبة
لتطبيق هذه المبادئ على القضية الحالية فإن البندين الأول والثالث يحظيان بتدقيق
أكثر تفصيلاً.
ففيما
يتعلق بطرح مُنتَج جديد، تشير المحكمة إلى أن هذا العنصر يأخذ في الاعتبار أنه في
مسألة إيجاد توازن بين المصلحة في حماية حق المؤلف والمصلحة في حماية المنافسة
الحرة يمكن ترجيح كفة المصلحة الثانية فقط عندما يؤدي رفض منح الرخصة إلى منع
تطوير السوق الثانوي بما يُلحِق ضرراً بالمستهلكين. تبعاً لذلك فإن رفض السماح بالوصول إلى
مُنْتَجٍ محمي بحق المؤلف يمكن اعتباره تعسفاً فقط عندما لا يكون طلب الوصول
موجهاً بشكل أساسي لاستنساخ السلع أو الخدمات المطروحة سابقاً في السوق الثانوي من
قبل مالك حق المؤلف. ويعود الأمر للمحكمة
الوطنية لتقرير ما إذا كان هذا هو واقع الحال([12]).
وبالنسبة
لمتطلب السوق الثانوي الذي يتضمنه الشرط الثالث فإن المحكمة تجد أنه يكفي أن يكون
بالإمكان تبيُّن قيام سوق محتمل أو حتى مفترض.
فحالة كهذه تنشأ، طبقاً لمحكمة العدل الأوروبية، عندما لا يكون هناك غِنى
عن السلع أو الخدمات لمواصلة ممارسة أعمال معينة هناك طلب حقيقي عليها. وترى المحكمة أن العامل الحاسم، تبعاً لذلك، هو
وجود مرحلتين مختلفتين للإنتاج بحيث لا يمكن الاستغناء عن السلعة أو الخدمة
الناتجة عن النشاط الرئيسي من أجل توفير السلعة أو الخدمة الناتجة عن النشاط
الفرعي. بناءاً على ذلك فالمحكمة الوطنية
مدعوة لتقرير ما إذا كان نظام الـ 1860 وحدة يشكل يشكل نشاطاً رئيسياً لا غنى عنه
في النشاط الفرعي في توفير بيانات المبيعات المناطقية للمنتجات الدوائية في
ألمانيا. كذلك فالأمر يعود للمحكمة
الوطنية لتبيُّن ما إذا كان رفض شركة "آي.إم.إس" منْح رخصة قد يؤدي إلى
استبعاد أيّ منافسة من السوق([13]).
ب.
السؤالان الثاني والثالث
تُقرر
المحكمة بأن السؤالين الثاني والثالث يتعلقان بالقضايا الأساسية للسؤال الأول
لأنهما يسعيان أساساً لإيضاح المعيار المناسب لتقرير ما إذا كان استخدام نظام الـ
1860 وحدة لا يمكن الاستغناء عنه لتمكين منافس محتمل من الوصول إلى السوق،
وبالتالي فإنه يجري التعامل مع كلا السؤالين معاً في القرار([14]).
تستنتج
المحكمة من القرار الصادر في قضية "برونر" أنه لكي يكون بالإمكان تقرير
ما إذا كان من غير الممكن الاستغناء عن مُنْتَجٍ ما أو سلعةٍ ما في سبيل ممارسة
عمل في سوق معين فإنه يجب على المحكمة الوطنية فحص الحلول البديلة. وحتى يمكن الاعتراف بوجود عوائق اقتصادية ينبغي
التأكد، على الأقل، بأنه من غير المُجدي اقتصادياً انتاج تلك السلع أو الخدمات على
نطاق يمكن مقارنته مع الانتاج الذي تقوم به المؤسسة التي تهيمن على المُنْتَج أو
السلعة المطروحة أصلاً([15]).
وفي
هذا السياق، يتعين على المحكمة الوطنية الأخذ بعين الاعتبار حقيقة أن مستوىً
عالياً من المشاركة من جانب المختبرات الدوائية في إدخال تحسينات على نظام الـ
1860 وحدة، على افتراض التثبُّت من هكذا مشاركة، قد أوجد اعتماداً من قبل
المستفيدين من النظام، خاصةً على المستوى التقني.
في هذه الحالة يرى القضاة الأوروبيون احتمالية أن يتعين على هذه المختبرات
بذل جهود تنظيمية ومالية استثنائية للحصول على مُنْتَجٍِ تم تصميمه بناءاً على نظام آخر. ولذلك قد يكون لزاماً على مصمِّم النظام البديل
تقديم شروط غير مجدية اقتصادياً([16]).
3- تعقيب
أصبحت
المواجهة بين قانون المنافسة وحقوق الملكية الفكرية موضوعاً متنامي الأهمية في
العقد الأخير في أوروبا كما في الولايات المتحدة.
ورغم أن غاية كِلا القانونين هي رعاية الابتكارات ومصالح المستهلكين، فإن
النزاع يظهر عندما يُهدد الاحتكار الضيِّق، الممنوح بموجب حقوق الملكية الفكرية،
بالإضرار بالمنافسة في سوق معين. وتُبرِز
العلاقة بين قواعد المنافسة في المجموعة الأوروبي من جهة وحماية حقوق الملكية
الفكرية من جهة أخرى إشكالاً إضافياً نظراً لحقيقة أن تنظيم حماية حقوق الملكية
الفكرية مُناطٌ بالتشريعات المحلية([17]). وقد أعطى القرار الحالي فرصة لمحكمة العدل
الأوروبية لتوحيد تعاملها مع مسألة الترخيص الإلزامي ولتحديدٍ أفضل للظروف التي
يمكن السماح فيها بذلك([18]).
أ.
محكمة العدل الأوروبية ومسألة المواجهة
سعت
القرارات المبكرة لمحكمة العدل الأوروبية، خصوصاً تلك المتعلقة بمنع الممارسات
المقيِّدة وفقاً لمضمون المادة (85) من معاهدة
تأسيس المجموعة الأوروبية (والتي أصبحت الآن المادة "81" من
معاهدة المجموعة الأوروبية)([19])، سعت لتحديد نطاق قواعد
المنافسة الأوروبية إلى جانب إيضاح الحدود بين اختصاصات تشريعات المجموعة
الأوروبية والتشريعات الوطنية. وقد تم
تطوير التمييز النظري بين وجود حق ملكية فكرية وممارسة هذا الحق، وهو الذي تشير له
المحكمة في قرارها الحالي، في ضوء هذا السياق([20]). إضافة لذلك فقد لجأت المحكمة إلى فكرة
"الحقوق الجوهرية" والتي يجب، وفقاً للقانون الأوروبي، أن لا تمس بسلامة
"صُلب العناصر" التي يتكون منها حقٌ لملكية فكرية، ولكن يمكنها التأثير
على الحقوق المصاحبة. كلا المفهومين تم
تطبيقهما في البداية في حالات التداخل بين حقوق الملكية الفكرية وقواعد حرية حركة
السلع([21]).
كانت
قضيتا ("Volvo" ضد Veng" ")
"فولفو" ضد "فينغ"([22]) و("CICRA" ضد Renault" ")
"سيكرا" ضد "رينو"([23]) أول قضيتين رئيسيتين أثارتا السؤال الذي كان
أيضاً جوهر قضية "آي.إم.إس. هِلْث"، وهو اعتبار رفض السماح باستخدام حق
ملكية فكرية بمثابة سلوكٍ تعسفيٍ. فصانعو
السيارات يمتلكون حق الملكية الفكرية (التصميم المسجَّل) لقطع هياكل سياراتهم
ويرفضون السماح لصانعي قطع مستقلين بتقليد تصاميمهم. وعندما قضت محكمة العدل الأوروبية في قضية
"فولفو" بأن قرار حامل ملكية فكرية في منع طرف ثالث من استخدام غير
مسموح به يشكل "صُلب حقه الحصري"، وأنه، تبعاً لذلك يُعتبر الإلزام
بالسماح غير الطوعي مؤثِّراً على "صُلب" الحق المعني، استنتج كثيرون أن
حقوق الملكية الفكرية مستثناةٌ من قواعد المنافسة في الاتحاد الأوروبي([24]).
لكن
جاءت قضية "ماغل"([25])، بعد سبع سنوات لتوضح بأن
وجهة نظر كهذه كانت موغلة في الافتراضية. فقد كانت شركات التلفزيون في بريطانيا
وإيرلندا تنشر برامجها للأسبوع اللاحق بشكل مستقل في دليل أسبوعي للبرامج تصدره كل
منها، وعندما أرادت مجلة تلفزيونية تسمى"ماغل" إصدار دليل شامل يتضمن
جميع البرامج في جميع المحطات معاً، حاول مالكو المحطات
منعها من خلال ممارسة حق المؤلف الذي يتمتع به كلٌ منهم. لكن محكمة العدل الأوروبية حكمت لصالح
"ماغل" ورفضت بلا لُبس مقولة أن حقوق الملكية الفكرية مستثناةٌ من
قوانين المنافسة بأن أكدت على أن استخدام الحق الحصري قد ينطوي، في ظروف استثنائية،
على سلوك تعسفي([26]). ولتحديد وجود هذه الظروف الاستثنائية أشار
القضاة إلى الشروط الثلاثة التي يستند إليها القرار الحالي أيضاً.
وقد
أتاحت قضية "آي.إم.إس. هِلْث" الفرصة للمحكمة للتأكيد على مقاربتها
لقضية "ماغل" ([27]). ومن المهم أنه لم تعد هناك إشارات أخرى لما
يشكل "صُلب" حق المؤلف المعني.
إضافة لذلك فقد أظهرت المحكمة في إشارتها إلى قضية "ماغل"، عند
الحُكم في قضية "برونر"، وهي قضية لا علاقة لها بتاتاً بالملكية
الفكرية، أن المعايير التي وضعتها في تلك القضية ليست محصورة فقط في المواجهة بين
الملكية الفكرية والمنافسة([28]). وتبعاً لذلك يبدو أن محكمة العدل الأوروبية
تتجه لإعداد وجهة نظر شاملة حول التعسف في استخدام وضع مهيمن في قضايا "رفض
التعامل" فيما يختص بصُلب المواد الملموسة وغير الملموسة. وبهذا الصدد ووفقاً لانتقادات مراقبين كُثُر
يجب الاعتراف أن التطبيق المستمر لثنائية "الوجود/الممارسة" لا يوفر
الكثير من الإرشاد الجوهري، إلا أنه يسمح على الأقل بتحويل التركيز من السؤال غير
المناسب حول ما إذا كان حق ملكية فكرية قد يخضع لإجراءات تقوم على أيٍ من قواعد
المنافسة إلى الظروف التي قد يتم فيها ذلك.
وفي هذا السياق وفَّر القرار حول قضية "آي.إم.إس. هِلْث"، مزيداً
من التوضيحات.
ب. مسألة نطاق الحق الوطني للمؤلِّف
من
المجدي الملاحظة أن محكمة العدل الأوروبية لم تناقش بشكل وافٍ، كما في قضية
"ماغل"، مسألة وجود عنصر الحق الوطني للمؤلف ضمن الموضوع مدار البحث،
وهو نظام الـ 1860 وحدة في قضية "آي.إم.إس". فالقانون الألماني لحق المؤلف يحمي مجموعات
البيانات التي نظراً لطريقة اختيارها أو ترتيب عناصرها، تشكل إبداعاً فكرياً
شخصياً كأعمال مستقلة([29]). ويعطي هذا النص مفعولاً للفقرة (1) من المادة
(3) من تعليمات البيانات الأوروبية والتي تهدف إلى التقليل من أهمية اشتراط معيار
الأصالة ([30]). لهذا السبب، قررت المحاكم الألمانية أن نظام
الـ 1860 وحدة يستأهل حماية حق المؤلف.
ومع ذلك فإن النقاد يشيرون إلى أن تقسيم دولة ما إلى 1860 وحدة قد يُنظَر
إليه في نفس الوقت باعتباره مجرد أسلوب لجمع وترتيب البيانات([31]). وهنا ينبغي الذكر أنه من المبادئ الشائعة في
قوانين حق المؤلف أن مجرد صُنع الأساليب لا يستأهل حماية حق المؤلف([32]). إذن من خلال وجهة النظر هذه تُسلط قضية
"آي.إم.إس. هِلْث" الضوء على
المدى الذي وسَّعت فيه حماية قواعد البيانات نطاق حق المؤلف. كما أنه أصبح واضحاً أن امكانية احتكار أساليب
الاختيار التي تعتبر ضرورية لتلبية الحاجة المتزايدة للصناعات في تثبيت معايير
عامة تؤثر سلباً على المنافسة([33]).
من
هنا فإن قضية "آي.إم.إس. هِلْث" قد أثارت وجهات نظر تَعتبر قواعد
المنافسة الأوروبية أداة مناسبة لكبح حقوقٍ للملكية الفكرية الوطنية تكون موضع
جدلٍ على النطاق الوطني. وفي موازاة ذلك
جرى تفسير إجراءات المفوضية باعتبارها عملاً تصحيحاً لقضية وطنية غير مألوفة حول
حق المؤلف ([34]). وكان قد تم التعبير عن وجهات نظر مماثلة خلال
مجريات قضية "ماغل" المتعلقة بتوفير حماية حق المؤلف لمجرد قوائم برامج
في المملكة المتحدة([35]).
إن
مدى تأثير هذه الاعتبارات على قرار محكمة العدل الأوروبية وقرار محكمة البداية، في
القضية الحالية إضافة إلى قضية "ماغل"، تبقى مسألة مطروحة
للتكهنات. لقد قرر القضاة الأوروبيون أن
لا دور لهم في إبداء ملاحظات على مدى ملاءمة القوانين الوطنية لحماية حقوق الملكية
الفكرية. بَيد أن الصمت التام حول هذه
المسألة يقود إلى عدم تحديد الكيفية التي يمكن من خلالها دمج التوازن بين الجهد
الإبداعي لمالك الحق من جهة، والفوائد الاقتصادية الناجمةعن حقوق الملكية الفكرية
مدار البحث من جهة أخرى، بطريقة متناغمة عند تقييم "الظروف الاستثنائية"
التي تشكل سلوكاً تعسفياً وفقاً للمادة (82) من معاهدة المجموعة الأوروبية([36]). في نهاية المطاف لا يبقى سوى انتظار النهج الذي
ستتبعه المحكمة في إصدار أحكامها تحت ظروف مشابهة في حالة المصنفات أو الاختراعات
التكنولوجية الأقل إثارة للجدل.
ج. "الظروف الاستثنائية" في قضية "آي.إم.إس.
هِلْث"
يتعلق
الحكم الابتدائي الحالي كلياً بالسؤال حول ماهية الظروف التي قد ينشأ تحتها تعسفٌ
في الاستفادة من وضع مُهيمن مُفترض وفقاً للمادة (82) من معاهدة المجموعة
الأوروبية. بالمقابل فإن التعريف الأساسي
للسوق المعني وتمتُّع "آي.إم.إس" بوضع مهيمن في هذا السوق بسبب حق
المؤلف الممنوح لها بخصوص نظام الـ 1860 وحدة، لم يكن مسألة مطروحة ويبقى للمحكمة
الوطنية صلاحية التحقق منه([37]). انطلاقاً من وجهة النظر
المحدَّدة هذه استطاعت المحكمة أن تمضي قُدماً في تطوير المقاربة التي استخدمتها
في قضية "ماغل".
1)
ثلاثة شروط متراكمة
تركت
قضية "ماغل" السؤال مفتوحاً حول ما إذا كانت الشروط الثلاثة المبينة في
ذلك القرار ستطبق مجتمعة أو بصورة مستقلة.
وفي مقابل وجهة النظر التي تبنَّتها كل من المفوضية الأوروبية
و"إن.دي.سي" إضافة لعدد من المعلقين([38])، قَضَت المحكمة الآن
بالإيجاب. وهذا قرارٌ هام لأنه يجمع بين
معيارين يتعلقان بنوعين مختلفين من التعسف وفقاً للمادة (82) من معاهدة المجموعة
الأوروبية.
إن
ظهور مُنتَجٍ جديد يعتبر عاملاً مهماً في تحديد ما إذا كانت ممارسةٌ ما تَحُدُّ من
الإنتاج وتؤثر على الأسواق أو التطوير الفني بشكل يجحف بمصلحة المستهلكين وفقاً
لمضمون الفقرة (2) (ب). ب من المادة (82) من معاهدة المجموعة الأوروبية. على العكس من ذلك فإن استغلال جهةٍ ما لوضعٍ
مهيمن لإبقاء العمليات التجارية لصالحها يمثل نوعاً مستقلاً من الانتهاكات بالمعنى
الذي تشير له المادة (82) من معاهدة المجموعة الأوروبية والتي لا يوجد بشأنها نص
صريح في القائمة الواردة في الفقرة (2) من المادة (82). وبما أن الحفاظ على
التنافسية في السوق الثانوي هو جوهر هذه القضايا، فإن أيّ متطلب إضافي لظهور
منتَجٍ جديد يبدو قابلاً للاستغناء عنه.
وهذه بشكل خاص هي وجهة النظر التي يتبناها مؤيدو ما يُطلق عليه "مبدأ
التسهيلات الأساسية"([39])، المُشار إليه من قِبل كلٍ
من المفوضية([40])، والمحامي العام([41])، في قضية "آي.إم.إس.
هِلْث".
بَيد
أن القضاة الأوروبيين سعوا لإرساء تثبُّتٍ إضافي خشية أن يشتط التطبيق التام
لمفهوم التسهيلات الأساسية في مسألة الملكية الفكرية. وينبغي الملاحظة هنا إلى أنه لا محكمة العدل
الأوروبية ولا محكمة البداية أشارت حتى الآن بصراحة إلى هذا المبدأ، بل فشلت
كلاهما مرة أخرى بذلك. والمحصلة كانت أن
قرار المحكمة وضَع شرط منع ظهور منتَجٍ موضعاً حاسماً وأوجد بذلك حاجةً لمزيد من
الإيضاحات ([42]).
2)
تفسير الشرط الثالث المتعلق بسوق ثانوي
في
قضية "ماغل" كانت التهمة الموجهة لمحطات التلفزيون هي أنها استخدمت
احتكارها لاستنساخ قوائم برامجها التلفزيونية
وذلك لضمان احتكارها لسوق مستقل خاص بالدليل الأسبوعي للبرامج. وعلى النقيض من ذلك كانت "آي.إم.إس"
ومتحديتها "إن.دي.سي" تعملان في نفس السوق وكان يبدو أن الأولى تحاول
فقط حماية مجال عملها الأساسي. وقد استشهدت
"آي.إم.إس" بهذا الاختلاف للدفع بأنه لم يتم الوفاء بالشرط الثالث
المنطبق على قضية "ماغل" والمتعلق باحتكار سوق ثانوي، لأنه في قضيتها لم
يكن هناك سوقان متمايزان بوضوح. لم تُنكر
كلٌ من المفوضية و"إن.دي.سي" الفرق بين "ماغل"
و"آي.إم.إس. هِلْث"، ولكنهما أصرتا أنه يكفي للإضرار بالتنافسية أن يكون
للمؤسسة المهيمنة احتكارٌ لبُنية تحتية لا غنى عنها، وهو احتكارٌ لا يتعين أن يكون
موجوداً في سوقٍ آخر.
نظرت
المحكمة إلى القضية من زاوية مختلفة تماماً، فقد أوضحت أولاً أن فكرة السوق
الثانوي تتطلب اشتمال المسألة على سوقين.
ثانياً أُعطيت الفرصة للمحكمة للإشارة إلى أن مجرد التثبُّت من وجود سوق
افتراضي يكفي لتحقيق شرط وجود سوقين متمايزين.
تبعاً لذلك فليس من الضروري أن يكون قد تم فعلاً تسويق البنية التحتية
المعنية بشكل مستقل حتى الآن. انطلاقاً من
وجهة النظر هذه تصبح مجموعة الفروق الملموسة بين "ماغل"
و"آي.إم.إس. هِلْث" أقل وضوحاً.
إن تقسيم البلد إلى 1860 وحدة يمكن وصفه بأنه نشاط مختلف عن جمع ومعالجة
البيانات مثلما يختلف إعداد قوائم البرامج عن إصدار دليل أسبوعي للبرامج
التلفزيونية.
تبعاً
لذلك فإن القرار الخاص بـ "آي.إم.إس. هِلْث" يُبرز المنطق المتبع في
مقاربة محكمة العدل الأوروبية، أي أن الطابع التعسفي الموجود في قضية كالقضية
الحالية يكمن في محاولة مالك الحق عرقلة المنافسة في سوق آخر. خلافاً لذلك فإن مجرد ملكية البنية التحتية
المعنية يُلزِم المالك تلقائياً بقبول التشارك بها حتى لو لم يكن هناك سلوك مرفوض
على الإطلاق([43]). في الوقت نفسه يصبح التثبُّت الدقيق من وجود
الأسواق ذات العلاقة بالمسألة أمراً حاسماً.
لقد أظهرت القضية أن مجرد التركيز على النشاط الفعلي لأطراف النزاع سيكون
مجانباً للصواب.
أخيراً
وفيما يتصل بالسؤالين الثاني والثالث الموجهين من قبل المحكمة فقد كان القرار أكثر
تحديداً بخصوص العوامل ذات العلاقة بالتثبُّت من إمكانية الاستغناء عن بنية تحتية
ما للعمل في سوق ثانوي مفترض. لقد أظهرت
محكمة العدل الأوروبية أنها تميل لأسلوب اقتصادي شامل يأخذ في الاعتبار جميع تلك
الجوانب التي قد تسهم في حلول بديلة مجدية خصوصاً إنفاق العملاء المحتملين إضافة
إلى مشاركتهم السابقة في التطوير.
3)
تفسير الشرط الأول المتعلق بظهور منتَج جديد
كما
مر معنا، أصبح الآن تحديد ما يشكل مُنتَجاً جديداً يعتبر أمراً حاسماً، وقد ترك القضاة الأوروبيون
هذه المهمة غير المجدية للمحكمة الوطنية.
بَيد أن هناك ما يشير إلى أنه في قضايا أخرى مثل دعاوى "مايكروسوفت"
التي تلوح في الأفق، فإن هذا السؤال قد يعود قريباً مداراً للبحث أمام محكمة العدل
الأوروبية([44]).
إن
فكرة المُنْتَج الجديد، وفقاً لمحكمة العدل الأوروبية، تقضي بعدم طلب الترخيص إذا
كانت النية تتجه أساساً "لمحاكاة" السلع والخدمات المعروضة قَبْلاً من
قبل مالك الحق. في القضية الحالية ادَّعت
"إن.دي.سي" بأن تصنيفاتها قد أُنتِجت باستخدام تكنولوجيا مختلفة واحتوت
على بيانات أكثر، ويبقى الانتظار لمعرفة ما إذا كان سيتم قبول هذه العوامل
واعتبارها كافية.
إن
المنطق وراء مبدأ التسهيلات الأساسية، كما طُرح أعلاه، يقتضي عدم المبالغة في
التركيز الضيِّق([45]). إضافة لذلك وحيث أن الشرط المتعلق بظهور مُنتَج
جديد قد تم وضعه بشكل خاص كإجراء وقائي إضافي لصالح حق الملكية الفكرية المعني،
فإن تطبيق هذا المعيار قد يكون النقطة التي يُؤخذ عندها بالحسبان النطاق المقصود
بالحماية للحق مدار البحث([46]).
* برنامج "روبرت بوش يونغ" للمهنيين
حول العلاقات الدولية 2003/2004-برلين وباريس.
([1]) حكم محكمة (الهيئة الخامسة) في 29 نيسان
2004،
"آي.إم.إس. هِلْث جي.إم.بي.إتش"، وشركاه "أو.إتش.جي"
ضد "إن.دي.سي. هِلْث
جي.إم.بي.إتش"، وشركاه
"كيه.جي" القضية:
"سي-418/01". الحكم ليس
متوفراً في تقارير المحكمة الأوروبية بعد.
([2]) يشار إليه من الآن فصاعداً بـ"نظام
الـ1860 وحدة". وقد تم ابتكار نظام
الوحدات المناطقية هذا وفقاً لمعايير متعددة مثل حدود البلديات والرموز البريدية
والكثافة السكانية وشبكات المواصلات والتوزيع الجغرافي للصيدليات وعيادات الأطباء.
([3]) أصدرت Landgericht (محكمة مقاطعة) [Frankfurt am Main]
أمراً مؤقتاً، ص في 27 تشرين أول 2000 تمت
المصادقة عليه أولاً من نفس المحكمة في 16 تشرين ثاني 2000 ثم بحكم من المحكمة
الإقليمية العليا [Oberlandesgericht
Frankfurt am Main] في 12 تموز 2001.
([4]) في إجراء قضائي آخر أمام المحاكم الألمانية، ليس موضع بحثنا الآن،
اعتبرت محكمة (OLG
Frankfurt am) في حكم لها صدر في 17 أيلول 2002
"آي.إم.إس" ومجموعة العمل مؤلفين متشاركين وردَّت دعوى الشركة بالمطالبة
بحماية حق المؤلف لاعتبارات إجرائية.
بدلاً من ذلك سعت المحكمة إلى حل يستند إلى قانون المنافسة غير العادلة
(يو.دَبليو.جِي).
([5]) تنص المادة (82) من معاهدة المجموعة
الأوروبية على ما يلي: "تُمنع أي إساءة استخدام من قبل مؤسسة أو أكثر لوضع مهيمن
داخل السوق المشتركة أو في جزء جوهري منها باعتبار ذلك لا يتناسب مع السوق
المشتركة من حيث أنه ربما يؤثر على التجارة بين الدول الأعضاء. إساءة استخدام كهذه قد تشمل بشكل خاص:
(أ) فرض أسعار بيع
وشراء غير عادلة أو شروط تجارية غير عادلة سواءً تم ذلك بصورة مباشرة أو غير
مباشرة.
(ب) تحديد الإنتاج
أو الأسواق أو التطوير التكنولوجي بشكل يجحف بمصلحة المستهلكين.
(ج) فرض شروط
متباينة على تعاملات متساوية مع أطراف تجارية أخرى ووضعهم بذلك في منافسة غير
عادلة.
(د) جعل إبرام
العقود خاضعاً لقبول أطراف أخرى ذات التزامات تكميلية والتي بطبيعتها أو طبقاً
للاستخدام التجاري ليس لها صلة بموضوع عقود كهذه".
([6]) أنظر قرار المفوضية )2002/165/إيي.سي( المتعلقة بإجراءات قضائية تمت وفقاً للمادة (82) من معاهدة
المجموعة الأوروبية. القضية:
" كُومب دِي3/044, 38" -
"إن.دي.سي. هِلْث" ضد "آي.إم.إس. هِلْث" الإجراءات المؤقتة:
"أو.جِيه. 2002 إل 18,59" .
([7]) وفقاً للأمر الصادر في 26 تشرين أول 2001،
القضية: "تي-184/01"، "آي.إم.إس. هِلْث" ضد المفوضية، [2001]
"إيي.سي.آر. 2-3193"، أمر رئيس محكمة البداية بتعليق مفعول القرار )2002/ 165(. وقد تم رد طلب الاستئناف
ضد هذا القرار بموجب أمر من رئيس محكمة البداية في القضية :
"سي-481/01"، "إن.دي.سي. هِلْث" ضد "آي.إم.إس.
هِلْث" والمفوضية، بي.(آر) [2002] "إيي.سي.آر. 1-3401". في هذه الأثناء سحبت المفوضية القرار )2002/ 165( بناءاً على أنه لم يعد
هناك أي صفة للاستعجال في فرض إجراءات
مؤقتة وأرسلت قرارها لوقف الإجراءات الإدارية.
أنظر القرار )2003/741/إيي.سي (الصادر في 13 آب 2003
والمتعلق بالإجراءات القضائية وفقاً للمادة (82) من معاهدة المجموعة
الأوروبية (القضية "كُومب
دي.3/38.044" – "إن.دي.سي. هِلْث" ضد "آي.إم.إس. هِلْث":
الإجراءات المؤقتة، "أو.جيه. 2003 إل 69,268".
([8]) "آي.إم.إس. هِلْث" ضد
"إن.دي.سي. هِلْث"، نفس المصدر، الفقرة 34.
([9]) "أوسكار برونر" ضد
"ميديابرنت"، القضية "سي-7/97، [1998] إيي.سي.آر 1-7791"؛
أُنظرها تحت الفصل 3.
([10]) "راديو تِلِفِز آيرَيَن
(آر.تي.إيي)" و"إندبندنت تيليفيجين بَبليكيشنْزْ لِمِتد
(آي.تي.بي)" ضد المفوضية، القضايا المشترَكة "سي-241/91 بي." و
"سي-242/91 بي." [1995] "إيي.سي.آر 1-0743" و"آي.تي.بي"ضد
المفوضية, القضية "تي-76/89"، [1991] "إيي.سي.آر 2-0575"؛ أُنظرها تحت الفصل 3.
([11]) "آي.إم.إس. هِلْث" ضد "إن.دي.سي.
هِلْث"، نفس المصدر، فقرة 37.
([12]) "آي.إم.إس. هِلْث" ضد
"إن.دي.سي. هِلْث"، نفس المصدر، فقرة 49 إلى 50 .
([13]) "آي.إم.إس. هِلْث" ضد
"إن.دي.سي. هِلْث"، نفس المصدر، فقرة 44 إلى 47.
([14]) "آي.إم.إس. هِلْث" ضد
"إن.دي.سي. هِلْث", نفس المصدر، فقرة 24.
([15]) "آي.إم.إس. هِلْث" ضد
"آن.دي.سي. هِلْث"، نفس المصدر، فقرة 28.
([16]) "آي.إم.إس. هِلْث" ضد
"إن.دي.سي. هِلْث"، نفس المصدر، فقرة 29.
([17]) أنظر المادة (295) من معاهدة المجموعة
الأوروبية: "يجب أن لا تجحف هذه المعاهدة بأية حال بالقواعد المعمول بها في
الدول الأعضاء والتي تحكم نظام تملك الممتلكات".
([18]) هناك أسئلة أخرى حول المواجهة بين الملكية
الفكرية و المنافسة تتعلق بفصل الأسواق (أنظر قضايا "سيرينا إس.آر.إل"
ضد "إدا إس.آر.إل. وآخرون"، القضية 40-70، [1971] "إيي.سي.آر
0069"؛ و "فان زويلن فريريس" ضد "هاغ إيه.جي"، القضية
192/73، [1974] "إيي.سي.آر
731")؛ أو حول التطورات
الأخيرة مثل الترخيص الجماعي لحق المؤلف في المصنفات الموسيقية (قارن الإجراءات
القضائية الجارية في المفوضية حالياً "كُومب. 126,38" بتاريخ 3/5/2004 ضد عمل جماعي من قبل 16 جمعية تحصيل بخصوص استخدام
الشبكة الإلكترونية) وسريان مفعول اتفاقيات النقل التكنولوجي – (راجع نظام
المفوضية "إيي.سي" رقم 772/2004 في 27 نيسان 2004).
([19]) تحظر المادة (81) من معاهدة المجموعة
الأوروبية إبرام اتفاق بين المؤسسات، واتخاذ قرارات من جانب إئتلافات هذه المؤسسات
والممارسات الجماعية التي قد تؤثر على التجارة بين الدول الأعضاء والتي يكون هدفها
منع أو تقييد أو تشويه المنافسة داخل السوق المشتركة.
([20]) أنظر للمرة الأولى قضايا "إستابليسمنت
كونستين" و"غْروندِغ" ضد المفوضية، ذات الأرقام 56 و 58/64، [1966]
"إيي.سي.آر 429".
([21]) المواد 30-36 من معاهدة تأسيس المجموعة
الأوروبية (والتي أصبحت الآن المواد "28-30/إيي.سي") أنظر قضيتي "سِنترافارم ضد
"وينثروب"، قضية 16-74، [1974] "إيي.سي.آر 1183"؛ و
"سنترافارم ضد ستيرلينغ دْرَغ"، القضية 15-74، [1974] "آي.سي.آر
1147".
([22]) "إيه.بي فولفو" ضد "إيريك
فِينغ" (يو.كيه) لِمِتد، القضية 238/87, [1988] "إيي.سي.آر 6211".
([23]) "سي.آي.سي.آر.إيه" ضد
"رينو"، القضية 53/87, [1988] "إيي.سي.آر 6039".
([24]) "فولفو" ضد "فِينغ"، نفس المصدر، فقرة
(. إلا أن رأياً كهذا أَغفل أن المحكمة
قد تركت الباب مفتوحاً في الفقرة (9) لتحديد السلوك التعسفي تحت ظروفٍ أخرى.
([25]) "راديو تِلِفِز آيرَيَن
(آر.تي.إيي)" و"إندبندنت تيليفيجين بَبليكيشنْزْ لِمِتد
(آي.تي.بي)" ضد المفوضية، القضايا المشترَكة "سي-241/91 بي" و
"سي-242/91 بي" [1995] "إيي.سي.آر
1-0743"؛
من خلال استئناف "آر.تي.إيي" ضد المفوضية، القضية "آي.تي.بي"
ضد المفوضية، "تي-69/89"، [1991] "إيي.سي.آر 2-0485" و
"آي.تي.بي" ضد المفوضية
"تي-69/89"، [1991] "إيي.سي.آر 2-0575"
([26]) "راديو تِلِفِز آيرَيَن
(آر.تي.إيي)" و"إندبندنت تيليفيجين بَبليكيشنز لِمِتد (آي.تي.بي)"
ضد المفوضية، القضايا المشترَكة "سي-241/91 بي" و "سي-242/91
بي" [1995] "إيي.سي.آر
1-0743"، نفس المصدر، فقرة 48.
([27]) إلا أن محكمة البداية كانت قد أشارت قبل ذلك
إلى القرار في قضية "ماغل"
لكن دون مزيد من التقييم، في سياق القضية "تيرسي لادبروك إس.إيه" ضد
المفوضية، "تي-504/93، [1997] "إي.سي.آر 2-0923".
([28]) "أوسكار برونر" ضد
"ميديابرنت"، القضية "سي-7/97، [1998] إيي.سي.آر
1-7791". رفع السيد
"برونر"، وهو مالك صحيفة يومية صغيرة، قضية وفقاً للمادة "إيي.سي 82" ضد
"ميديابْرِنت"، وهي الصحيفة اليومية المهيمنة في النمسا والتي كانت قد
رفضت طلبه السابق بالسماح له باستخدام نظام "ميديابرنت" للتوزيع المنزلي
في سائر أنحاء البلاد.
([29]) أنظر الفقرة (2) من المادة (4) من القانون
الألماني لحماية حق المؤلف (Urheberrechtsgesetz).
([30]) تعليمات رقم "96/9/إيي.سي" الصادرة عن البرلمان
الأوروبي والمجلس المنعقد في 11 آذار 1996حول الحماية القانونية لقواعد البيانات،
الجريدة الرسمية 77- 1996، ص20-28. أنظر
أيضاً الفصل (15) من تعليمات قواعد البيانات التي تؤكد على أن "حماية كهذه
ينبغي أن تشمل مجمل قاعدة البيانات".
لكن يجب عدم الخلط بين حقوق المؤلف الأصلية الناجمة عن ترتيب المحتويات
وفقاً للفقرة (1) من المادة (3) من تعليمات قواعد البيانات من جهة وحماية المنتَج الفريد من
قواعد البيانات غير الأصلية وفقاً لمضمون المادة (7) من تعليمات قواعد البيانات من
جهة أخرى.
([31]) انظر على سبيل المثال "هاينمان" في
"باودِنباخر/سايمون" (محررون)،
Neueste Entwicklungen im europäischen und
internationalen Immaterialgüterrecht (2003), at 207.
([32]) مثلاً هذا معبر عنه بوضوح في الفقرة (2) من
المادة (92) من اتفاق الجوانب المتعلقة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية.
[url=https://hawassdroit.yoo7.com/#_ftnref34][/u
العدل الأوروبية حول ساحة المواجهة
بين قانون المنافسة الأوروبية والملكية الفكرية
(قضية "آي.إم.إس.
هِلْث" ضد "إن.دي.سي. هِلْث"، 29
نيسان 2004)
توماس رامسوِر*
في
حكمها الأولي الذي كان متوقعاً جداً في قضية ( "IMS Health" ضد "NDC Health"(الصادر
في 29 نيسان 2004([1])، قدَّمت محكمة العدل
الأوروبية مُرشِدَاً حول التوازن بين حقوق الملكية الفكرية وقواعد المنافسة
الأوروبية (المادة "81" وما يليها من معاهدة المجموعة الأوروبية). وقد أبرز القرار الظروف التي يمكن فيها إرغام
حامل حق على منح ترخيص لمنافسين، مما يجعله قراراً ذا أهمية خاصة في النزاع الجاري
بين شركة مايكروسوفت والمفوضية الأوروبية.
1- تمهيد
تقوم
"IMS
Health" (آي.إم.إس. هِلْث) بجمع وبيع البيانات حول المبيعات
الإقليمية لمنتجات دوائية في ألمانيا، وتشتري شركات الأدوية هذه البيانات لبناء
القاعدة الاستراتيجية لمنتجاتها على أساسها.
وقد تم إعداد البيانات طبقاً لنظام "الوحدات المَناطِقية" والذي
يستخدم لوضع تقسيمات لمناطق الدولة من أجل تحليل مبيعات الدواء. ويتكون النظام الذي أنشأته شركة
"آي.إم.إس" في ألمانيا من 1860 وحدة مناطقية([2]).
يمكن
لأي شخص، من ناحية نظرية، بناء النظام الخاص به عن طريق وضع تقسيمات أخرى
للحدود. إلا أنه عندما حاولت شركة "NDC Health" (إن.دي.سي. هِلْث)، وهي شركة منافسة لـ "آي.إم.إس"، دخول السوق في
تاريخ لاحق، وجدت أن بياناتها غير قابلة للتسويق إلا إذا تم إعدادها على نسق نظام
الـ1860 وحدة. فقد كانت معظم شركات
الأدوية قد اعتادت على نظام الـ1860 وحدة وكَيَّفت أسلوبها في التوزيع وفقاً لهذا
النظام.
وقد
تبين للمحاكم الوطنية أن "آي.إم.إس" لم تسوق فقط نظامها للوحدات
المناطقية بل إنها وزعته أيضاً على الصيدليات وعيادات الأطباء دون مقابل. وقد اعتبرت المحاكم الوطنية أن هذه الممارسة
ساهمت في جعل هذا النظام معياراً متبعاً في هذه الصناعة، أخذ الزبائن يكيفون أنظمة
معلوماتهم وأسلوب توزيعهم على أساسه.
إضافة لذلك، كانت "آي.إم.إس" قد شكَّلت منذ بضعة سنين مجموعة عمل
شارك فيها الزبائن مما جعل درجة إسهام مجموعة العمل في تقرير تقسيمات السوق تصبح موضوعاً للنزاع بين الأطراف.
عندما
أعادت "إن.دي.سي" مؤخراً تجميع بياناتها باستخدام نظام شديد الشبه بنظام
الـ 1860 وحدة المستخدم من قبل "آي.إم.إس" نجحت هذه الأخيرة في استصدار
أمر مؤقت من المحاكم الألمانية المحلية في عام 2003([3]). في تلك الدعوى تم النظر إلى نظام "آي.إم.إس"
باعتباره قاعدة بيانات (أو جزءاً منها) وهو قد يكون متمتعاً بحماية القانون
الألماني لحق المؤلف. وفي مواجهة أول أمر
قضائي مرحلي على وشك الصدور سعت "إن.دي.سي" للحصول على رخصة من
"آي.إم.إس" لاستخدام "نظام الـ1860 وحدة". وبعد أن رفضت "آي.إم.إس" السماح بذلك
بدأت سلسلة معقدة من القرارات على كلا المستويين المحلي والأوروبي([4]).
أمرت
المفوضية الأوروبية بناءاً، بشكل خاص، على شكوى قدمتها "إن.دي.سي"
باتخاذ إجراءات مؤقتة تفرض على "آي.إم.إس" السماح لمنافسِين باستخدام حق
المؤلف المُعطى لها، واعتبرت رفض ذلك من حيث المبدأ إساءة استخدام وضعها المهيمِن
في السوق وفقاً لمضمون المادة (82) من معاهدة المجموعة الأوروبية([5]). واعتبرت المفوضية أن نظام الـ1860 وحدة الذي
أنشأته "آي.إم.إس"
أصبح معياراً متبعاً في هذه الصناعة في السوق المَعني، وأن رفض السماح باستخدام
هذا النظام دون مبرر موضوعي سيقضي على الأرجح على كل المنافسة في هذه السوق، لأنه
من المستحيل دون هذا النظام أن يكون هناك أي تنافس في هذا السوق([6]). إلا أن محكمة البداية الأوروبية، واستجابة
لدعوى مرفوعة من "آي.إم.إس" تطلب فيها حكماً مستعجلاً لصالحها، أمرت
بتعليق تنفيذ القرار مشيرة إلى أن المفوضية الأوروبية ربما تكون قد ابتعدت كثيراً
عن أحكام قضائية سابقة في المجوعة في سبيل إصدار حكم مؤقت([7]).
في
الإجراءات القضائية التي شكلت الأساس لقرار محكمة العدل الأوروبية تابعت
"آي.إم.إس" مطالبتها بمنع "إن.دي.سي" من استخدام نظام الـ
1860 وحدة في قضية رفعتها أمام المحكمة الألمانية. وبالنسبة للنتائج التي خلصت
إليها المفوضية فقد كان رأي محكمة منطقة فرانكفورت هو أن "آي.إم.إس" لا
تستطيع ممارسة حقها في الحصول على أمر قضائي إذا كانت تتصرف بطريقة تعسفية وذلك
وفقاً للمادة (82) من معاهدة المجموعة
الأوروبية برفضها منح ترخيص لشركة "إن.دي.سي" ضمن شروط معقولة. تبعاً لذلك فقد قررت وقف الإجراءات القضائية
وطلب حكم ابتدائي من محكمة العدل الأوروبية من خلال إحالة ثلاثة أسئلة تدور حول
تفسير المادة (82) من معاهدة المجموعة الأوروبية.
في
السؤال الأول والرئيسي سألت المحكمة الوطنية إذا كان وتحت أية ظروف يعتبر قيام
مؤسسة ما، ذات مهيمِن مهيمن في سوق معين وتملك حق المؤلف في منتَج لا يُستغنى عنه
للقيام الأعمال في نفس السوق، برفض منح رخصة تسمح باستعمال المنتَج يمثل سلوكاً
تعسفياً.
في
السؤال الثاني سعت المحكمة الوطنية للتأكد من مدى العلاقة بين مشاركة مستعمِلي
نظام الـ 1860 وحدة في تطوير هذا النظام ومسألة السلوك التعسفي.
السؤال
الثالث يتناول قضية النفقات التي يتعين على المستعمِلين المحتمَلين دفعها لكي
يستطيعوا شراء منتجات تعمل وفق نظام آخر.
2-
قرار محكمة العدل الأوروبية
أ. السؤال الأول
تستذكر
المحكمة أنه ووفقاً لسوابق قضائية مبتوت فيها فإن الحق الحصري في الاستنساخ يشكل
جزءاً من حقوق المالك، لذا فإن رفض منح ترخيص، حتى لو كان ذلك من قبل مؤسسة تتمتعُ
بوضع مهيمن، يشكل تعسفاً في استخدام الوضع المهيمن فقط في حالات استثنائية ([8]). وتستشهد المحكمة، مشيرة
للقرارات في قضيتي((Bronner "برونر" ([9])، و ((Magill "ماغل" ([10])، بالشروط التراكمية الثلاثة
الضرورية لتقرير وجود هذه الظروف الاستثنائية، وهي:
-
أن
الرفض يمنع طرح مُنْتَجٍ جديد عليه طلب استهلاكي محتمل، و
-
أن
الرفض غير مبرر، و
-
أن
القصد منه منع أي منافسة في سوق ثانوي([11]).
وبالنسبة
لتطبيق هذه المبادئ على القضية الحالية فإن البندين الأول والثالث يحظيان بتدقيق
أكثر تفصيلاً.
ففيما
يتعلق بطرح مُنتَج جديد، تشير المحكمة إلى أن هذا العنصر يأخذ في الاعتبار أنه في
مسألة إيجاد توازن بين المصلحة في حماية حق المؤلف والمصلحة في حماية المنافسة
الحرة يمكن ترجيح كفة المصلحة الثانية فقط عندما يؤدي رفض منح الرخصة إلى منع
تطوير السوق الثانوي بما يُلحِق ضرراً بالمستهلكين. تبعاً لذلك فإن رفض السماح بالوصول إلى
مُنْتَجٍ محمي بحق المؤلف يمكن اعتباره تعسفاً فقط عندما لا يكون طلب الوصول
موجهاً بشكل أساسي لاستنساخ السلع أو الخدمات المطروحة سابقاً في السوق الثانوي من
قبل مالك حق المؤلف. ويعود الأمر للمحكمة
الوطنية لتقرير ما إذا كان هذا هو واقع الحال([12]).
وبالنسبة
لمتطلب السوق الثانوي الذي يتضمنه الشرط الثالث فإن المحكمة تجد أنه يكفي أن يكون
بالإمكان تبيُّن قيام سوق محتمل أو حتى مفترض.
فحالة كهذه تنشأ، طبقاً لمحكمة العدل الأوروبية، عندما لا يكون هناك غِنى
عن السلع أو الخدمات لمواصلة ممارسة أعمال معينة هناك طلب حقيقي عليها. وترى المحكمة أن العامل الحاسم، تبعاً لذلك، هو
وجود مرحلتين مختلفتين للإنتاج بحيث لا يمكن الاستغناء عن السلعة أو الخدمة
الناتجة عن النشاط الرئيسي من أجل توفير السلعة أو الخدمة الناتجة عن النشاط
الفرعي. بناءاً على ذلك فالمحكمة الوطنية
مدعوة لتقرير ما إذا كان نظام الـ 1860 وحدة يشكل يشكل نشاطاً رئيسياً لا غنى عنه
في النشاط الفرعي في توفير بيانات المبيعات المناطقية للمنتجات الدوائية في
ألمانيا. كذلك فالأمر يعود للمحكمة
الوطنية لتبيُّن ما إذا كان رفض شركة "آي.إم.إس" منْح رخصة قد يؤدي إلى
استبعاد أيّ منافسة من السوق([13]).
ب.
السؤالان الثاني والثالث
تُقرر
المحكمة بأن السؤالين الثاني والثالث يتعلقان بالقضايا الأساسية للسؤال الأول
لأنهما يسعيان أساساً لإيضاح المعيار المناسب لتقرير ما إذا كان استخدام نظام الـ
1860 وحدة لا يمكن الاستغناء عنه لتمكين منافس محتمل من الوصول إلى السوق،
وبالتالي فإنه يجري التعامل مع كلا السؤالين معاً في القرار([14]).
تستنتج
المحكمة من القرار الصادر في قضية "برونر" أنه لكي يكون بالإمكان تقرير
ما إذا كان من غير الممكن الاستغناء عن مُنْتَجٍ ما أو سلعةٍ ما في سبيل ممارسة
عمل في سوق معين فإنه يجب على المحكمة الوطنية فحص الحلول البديلة. وحتى يمكن الاعتراف بوجود عوائق اقتصادية ينبغي
التأكد، على الأقل، بأنه من غير المُجدي اقتصادياً انتاج تلك السلع أو الخدمات على
نطاق يمكن مقارنته مع الانتاج الذي تقوم به المؤسسة التي تهيمن على المُنْتَج أو
السلعة المطروحة أصلاً([15]).
وفي
هذا السياق، يتعين على المحكمة الوطنية الأخذ بعين الاعتبار حقيقة أن مستوىً
عالياً من المشاركة من جانب المختبرات الدوائية في إدخال تحسينات على نظام الـ
1860 وحدة، على افتراض التثبُّت من هكذا مشاركة، قد أوجد اعتماداً من قبل
المستفيدين من النظام، خاصةً على المستوى التقني.
في هذه الحالة يرى القضاة الأوروبيون احتمالية أن يتعين على هذه المختبرات
بذل جهود تنظيمية ومالية استثنائية للحصول على مُنْتَجٍِ تم تصميمه بناءاً على نظام آخر. ولذلك قد يكون لزاماً على مصمِّم النظام البديل
تقديم شروط غير مجدية اقتصادياً([16]).
3- تعقيب
أصبحت
المواجهة بين قانون المنافسة وحقوق الملكية الفكرية موضوعاً متنامي الأهمية في
العقد الأخير في أوروبا كما في الولايات المتحدة.
ورغم أن غاية كِلا القانونين هي رعاية الابتكارات ومصالح المستهلكين، فإن
النزاع يظهر عندما يُهدد الاحتكار الضيِّق، الممنوح بموجب حقوق الملكية الفكرية،
بالإضرار بالمنافسة في سوق معين. وتُبرِز
العلاقة بين قواعد المنافسة في المجموعة الأوروبي من جهة وحماية حقوق الملكية
الفكرية من جهة أخرى إشكالاً إضافياً نظراً لحقيقة أن تنظيم حماية حقوق الملكية
الفكرية مُناطٌ بالتشريعات المحلية([17]). وقد أعطى القرار الحالي فرصة لمحكمة العدل
الأوروبية لتوحيد تعاملها مع مسألة الترخيص الإلزامي ولتحديدٍ أفضل للظروف التي
يمكن السماح فيها بذلك([18]).
أ.
محكمة العدل الأوروبية ومسألة المواجهة
سعت
القرارات المبكرة لمحكمة العدل الأوروبية، خصوصاً تلك المتعلقة بمنع الممارسات
المقيِّدة وفقاً لمضمون المادة (85) من معاهدة
تأسيس المجموعة الأوروبية (والتي أصبحت الآن المادة "81" من
معاهدة المجموعة الأوروبية)([19])، سعت لتحديد نطاق قواعد
المنافسة الأوروبية إلى جانب إيضاح الحدود بين اختصاصات تشريعات المجموعة
الأوروبية والتشريعات الوطنية. وقد تم
تطوير التمييز النظري بين وجود حق ملكية فكرية وممارسة هذا الحق، وهو الذي تشير له
المحكمة في قرارها الحالي، في ضوء هذا السياق([20]). إضافة لذلك فقد لجأت المحكمة إلى فكرة
"الحقوق الجوهرية" والتي يجب، وفقاً للقانون الأوروبي، أن لا تمس بسلامة
"صُلب العناصر" التي يتكون منها حقٌ لملكية فكرية، ولكن يمكنها التأثير
على الحقوق المصاحبة. كلا المفهومين تم
تطبيقهما في البداية في حالات التداخل بين حقوق الملكية الفكرية وقواعد حرية حركة
السلع([21]).
كانت
قضيتا ("Volvo" ضد Veng" ")
"فولفو" ضد "فينغ"([22]) و("CICRA" ضد Renault" ")
"سيكرا" ضد "رينو"([23]) أول قضيتين رئيسيتين أثارتا السؤال الذي كان
أيضاً جوهر قضية "آي.إم.إس. هِلْث"، وهو اعتبار رفض السماح باستخدام حق
ملكية فكرية بمثابة سلوكٍ تعسفيٍ. فصانعو
السيارات يمتلكون حق الملكية الفكرية (التصميم المسجَّل) لقطع هياكل سياراتهم
ويرفضون السماح لصانعي قطع مستقلين بتقليد تصاميمهم. وعندما قضت محكمة العدل الأوروبية في قضية
"فولفو" بأن قرار حامل ملكية فكرية في منع طرف ثالث من استخدام غير
مسموح به يشكل "صُلب حقه الحصري"، وأنه، تبعاً لذلك يُعتبر الإلزام
بالسماح غير الطوعي مؤثِّراً على "صُلب" الحق المعني، استنتج كثيرون أن
حقوق الملكية الفكرية مستثناةٌ من قواعد المنافسة في الاتحاد الأوروبي([24]).
لكن
جاءت قضية "ماغل"([25])، بعد سبع سنوات لتوضح بأن
وجهة نظر كهذه كانت موغلة في الافتراضية. فقد كانت شركات التلفزيون في بريطانيا
وإيرلندا تنشر برامجها للأسبوع اللاحق بشكل مستقل في دليل أسبوعي للبرامج تصدره كل
منها، وعندما أرادت مجلة تلفزيونية تسمى"ماغل" إصدار دليل شامل يتضمن
جميع البرامج في جميع المحطات معاً، حاول مالكو المحطات
منعها من خلال ممارسة حق المؤلف الذي يتمتع به كلٌ منهم. لكن محكمة العدل الأوروبية حكمت لصالح
"ماغل" ورفضت بلا لُبس مقولة أن حقوق الملكية الفكرية مستثناةٌ من
قوانين المنافسة بأن أكدت على أن استخدام الحق الحصري قد ينطوي، في ظروف استثنائية،
على سلوك تعسفي([26]). ولتحديد وجود هذه الظروف الاستثنائية أشار
القضاة إلى الشروط الثلاثة التي يستند إليها القرار الحالي أيضاً.
وقد
أتاحت قضية "آي.إم.إس. هِلْث" الفرصة للمحكمة للتأكيد على مقاربتها
لقضية "ماغل" ([27]). ومن المهم أنه لم تعد هناك إشارات أخرى لما
يشكل "صُلب" حق المؤلف المعني.
إضافة لذلك فقد أظهرت المحكمة في إشارتها إلى قضية "ماغل"، عند
الحُكم في قضية "برونر"، وهي قضية لا علاقة لها بتاتاً بالملكية
الفكرية، أن المعايير التي وضعتها في تلك القضية ليست محصورة فقط في المواجهة بين
الملكية الفكرية والمنافسة([28]). وتبعاً لذلك يبدو أن محكمة العدل الأوروبية
تتجه لإعداد وجهة نظر شاملة حول التعسف في استخدام وضع مهيمن في قضايا "رفض
التعامل" فيما يختص بصُلب المواد الملموسة وغير الملموسة. وبهذا الصدد ووفقاً لانتقادات مراقبين كُثُر
يجب الاعتراف أن التطبيق المستمر لثنائية "الوجود/الممارسة" لا يوفر
الكثير من الإرشاد الجوهري، إلا أنه يسمح على الأقل بتحويل التركيز من السؤال غير
المناسب حول ما إذا كان حق ملكية فكرية قد يخضع لإجراءات تقوم على أيٍ من قواعد
المنافسة إلى الظروف التي قد يتم فيها ذلك.
وفي هذا السياق وفَّر القرار حول قضية "آي.إم.إس. هِلْث"، مزيداً
من التوضيحات.
ب. مسألة نطاق الحق الوطني للمؤلِّف
من
المجدي الملاحظة أن محكمة العدل الأوروبية لم تناقش بشكل وافٍ، كما في قضية
"ماغل"، مسألة وجود عنصر الحق الوطني للمؤلف ضمن الموضوع مدار البحث،
وهو نظام الـ 1860 وحدة في قضية "آي.إم.إس". فالقانون الألماني لحق المؤلف يحمي مجموعات
البيانات التي نظراً لطريقة اختيارها أو ترتيب عناصرها، تشكل إبداعاً فكرياً
شخصياً كأعمال مستقلة([29]). ويعطي هذا النص مفعولاً للفقرة (1) من المادة
(3) من تعليمات البيانات الأوروبية والتي تهدف إلى التقليل من أهمية اشتراط معيار
الأصالة ([30]). لهذا السبب، قررت المحاكم الألمانية أن نظام
الـ 1860 وحدة يستأهل حماية حق المؤلف.
ومع ذلك فإن النقاد يشيرون إلى أن تقسيم دولة ما إلى 1860 وحدة قد يُنظَر
إليه في نفس الوقت باعتباره مجرد أسلوب لجمع وترتيب البيانات([31]). وهنا ينبغي الذكر أنه من المبادئ الشائعة في
قوانين حق المؤلف أن مجرد صُنع الأساليب لا يستأهل حماية حق المؤلف([32]). إذن من خلال وجهة النظر هذه تُسلط قضية
"آي.إم.إس. هِلْث" الضوء على
المدى الذي وسَّعت فيه حماية قواعد البيانات نطاق حق المؤلف. كما أنه أصبح واضحاً أن امكانية احتكار أساليب
الاختيار التي تعتبر ضرورية لتلبية الحاجة المتزايدة للصناعات في تثبيت معايير
عامة تؤثر سلباً على المنافسة([33]).
من
هنا فإن قضية "آي.إم.إس. هِلْث" قد أثارت وجهات نظر تَعتبر قواعد
المنافسة الأوروبية أداة مناسبة لكبح حقوقٍ للملكية الفكرية الوطنية تكون موضع
جدلٍ على النطاق الوطني. وفي موازاة ذلك
جرى تفسير إجراءات المفوضية باعتبارها عملاً تصحيحاً لقضية وطنية غير مألوفة حول
حق المؤلف ([34]). وكان قد تم التعبير عن وجهات نظر مماثلة خلال
مجريات قضية "ماغل" المتعلقة بتوفير حماية حق المؤلف لمجرد قوائم برامج
في المملكة المتحدة([35]).
إن
مدى تأثير هذه الاعتبارات على قرار محكمة العدل الأوروبية وقرار محكمة البداية، في
القضية الحالية إضافة إلى قضية "ماغل"، تبقى مسألة مطروحة
للتكهنات. لقد قرر القضاة الأوروبيون أن
لا دور لهم في إبداء ملاحظات على مدى ملاءمة القوانين الوطنية لحماية حقوق الملكية
الفكرية. بَيد أن الصمت التام حول هذه
المسألة يقود إلى عدم تحديد الكيفية التي يمكن من خلالها دمج التوازن بين الجهد
الإبداعي لمالك الحق من جهة، والفوائد الاقتصادية الناجمةعن حقوق الملكية الفكرية
مدار البحث من جهة أخرى، بطريقة متناغمة عند تقييم "الظروف الاستثنائية"
التي تشكل سلوكاً تعسفياً وفقاً للمادة (82) من معاهدة المجموعة الأوروبية([36]). في نهاية المطاف لا يبقى سوى انتظار النهج الذي
ستتبعه المحكمة في إصدار أحكامها تحت ظروف مشابهة في حالة المصنفات أو الاختراعات
التكنولوجية الأقل إثارة للجدل.
ج. "الظروف الاستثنائية" في قضية "آي.إم.إس.
هِلْث"
يتعلق
الحكم الابتدائي الحالي كلياً بالسؤال حول ماهية الظروف التي قد ينشأ تحتها تعسفٌ
في الاستفادة من وضع مُهيمن مُفترض وفقاً للمادة (82) من معاهدة المجموعة
الأوروبية. بالمقابل فإن التعريف الأساسي
للسوق المعني وتمتُّع "آي.إم.إس" بوضع مهيمن في هذا السوق بسبب حق
المؤلف الممنوح لها بخصوص نظام الـ 1860 وحدة، لم يكن مسألة مطروحة ويبقى للمحكمة
الوطنية صلاحية التحقق منه([37]). انطلاقاً من وجهة النظر
المحدَّدة هذه استطاعت المحكمة أن تمضي قُدماً في تطوير المقاربة التي استخدمتها
في قضية "ماغل".
1)
ثلاثة شروط متراكمة
تركت
قضية "ماغل" السؤال مفتوحاً حول ما إذا كانت الشروط الثلاثة المبينة في
ذلك القرار ستطبق مجتمعة أو بصورة مستقلة.
وفي مقابل وجهة النظر التي تبنَّتها كل من المفوضية الأوروبية
و"إن.دي.سي" إضافة لعدد من المعلقين([38])، قَضَت المحكمة الآن
بالإيجاب. وهذا قرارٌ هام لأنه يجمع بين
معيارين يتعلقان بنوعين مختلفين من التعسف وفقاً للمادة (82) من معاهدة المجموعة
الأوروبية.
إن
ظهور مُنتَجٍ جديد يعتبر عاملاً مهماً في تحديد ما إذا كانت ممارسةٌ ما تَحُدُّ من
الإنتاج وتؤثر على الأسواق أو التطوير الفني بشكل يجحف بمصلحة المستهلكين وفقاً
لمضمون الفقرة (2) (ب). ب من المادة (82) من معاهدة المجموعة الأوروبية. على العكس من ذلك فإن استغلال جهةٍ ما لوضعٍ
مهيمن لإبقاء العمليات التجارية لصالحها يمثل نوعاً مستقلاً من الانتهاكات بالمعنى
الذي تشير له المادة (82) من معاهدة المجموعة الأوروبية والتي لا يوجد بشأنها نص
صريح في القائمة الواردة في الفقرة (2) من المادة (82). وبما أن الحفاظ على
التنافسية في السوق الثانوي هو جوهر هذه القضايا، فإن أيّ متطلب إضافي لظهور
منتَجٍ جديد يبدو قابلاً للاستغناء عنه.
وهذه بشكل خاص هي وجهة النظر التي يتبناها مؤيدو ما يُطلق عليه "مبدأ
التسهيلات الأساسية"([39])، المُشار إليه من قِبل كلٍ
من المفوضية([40])، والمحامي العام([41])، في قضية "آي.إم.إس.
هِلْث".
بَيد
أن القضاة الأوروبيين سعوا لإرساء تثبُّتٍ إضافي خشية أن يشتط التطبيق التام
لمفهوم التسهيلات الأساسية في مسألة الملكية الفكرية. وينبغي الملاحظة هنا إلى أنه لا محكمة العدل
الأوروبية ولا محكمة البداية أشارت حتى الآن بصراحة إلى هذا المبدأ، بل فشلت
كلاهما مرة أخرى بذلك. والمحصلة كانت أن
قرار المحكمة وضَع شرط منع ظهور منتَجٍ موضعاً حاسماً وأوجد بذلك حاجةً لمزيد من
الإيضاحات ([42]).
2)
تفسير الشرط الثالث المتعلق بسوق ثانوي
في
قضية "ماغل" كانت التهمة الموجهة لمحطات التلفزيون هي أنها استخدمت
احتكارها لاستنساخ قوائم برامجها التلفزيونية
وذلك لضمان احتكارها لسوق مستقل خاص بالدليل الأسبوعي للبرامج. وعلى النقيض من ذلك كانت "آي.إم.إس"
ومتحديتها "إن.دي.سي" تعملان في نفس السوق وكان يبدو أن الأولى تحاول
فقط حماية مجال عملها الأساسي. وقد استشهدت
"آي.إم.إس" بهذا الاختلاف للدفع بأنه لم يتم الوفاء بالشرط الثالث
المنطبق على قضية "ماغل" والمتعلق باحتكار سوق ثانوي، لأنه في قضيتها لم
يكن هناك سوقان متمايزان بوضوح. لم تُنكر
كلٌ من المفوضية و"إن.دي.سي" الفرق بين "ماغل"
و"آي.إم.إس. هِلْث"، ولكنهما أصرتا أنه يكفي للإضرار بالتنافسية أن يكون
للمؤسسة المهيمنة احتكارٌ لبُنية تحتية لا غنى عنها، وهو احتكارٌ لا يتعين أن يكون
موجوداً في سوقٍ آخر.
نظرت
المحكمة إلى القضية من زاوية مختلفة تماماً، فقد أوضحت أولاً أن فكرة السوق
الثانوي تتطلب اشتمال المسألة على سوقين.
ثانياً أُعطيت الفرصة للمحكمة للإشارة إلى أن مجرد التثبُّت من وجود سوق
افتراضي يكفي لتحقيق شرط وجود سوقين متمايزين.
تبعاً لذلك فليس من الضروري أن يكون قد تم فعلاً تسويق البنية التحتية
المعنية بشكل مستقل حتى الآن. انطلاقاً من
وجهة النظر هذه تصبح مجموعة الفروق الملموسة بين "ماغل"
و"آي.إم.إس. هِلْث" أقل وضوحاً.
إن تقسيم البلد إلى 1860 وحدة يمكن وصفه بأنه نشاط مختلف عن جمع ومعالجة
البيانات مثلما يختلف إعداد قوائم البرامج عن إصدار دليل أسبوعي للبرامج
التلفزيونية.
تبعاً
لذلك فإن القرار الخاص بـ "آي.إم.إس. هِلْث" يُبرز المنطق المتبع في
مقاربة محكمة العدل الأوروبية، أي أن الطابع التعسفي الموجود في قضية كالقضية
الحالية يكمن في محاولة مالك الحق عرقلة المنافسة في سوق آخر. خلافاً لذلك فإن مجرد ملكية البنية التحتية
المعنية يُلزِم المالك تلقائياً بقبول التشارك بها حتى لو لم يكن هناك سلوك مرفوض
على الإطلاق([43]). في الوقت نفسه يصبح التثبُّت الدقيق من وجود
الأسواق ذات العلاقة بالمسألة أمراً حاسماً.
لقد أظهرت القضية أن مجرد التركيز على النشاط الفعلي لأطراف النزاع سيكون
مجانباً للصواب.
أخيراً
وفيما يتصل بالسؤالين الثاني والثالث الموجهين من قبل المحكمة فقد كان القرار أكثر
تحديداً بخصوص العوامل ذات العلاقة بالتثبُّت من إمكانية الاستغناء عن بنية تحتية
ما للعمل في سوق ثانوي مفترض. لقد أظهرت
محكمة العدل الأوروبية أنها تميل لأسلوب اقتصادي شامل يأخذ في الاعتبار جميع تلك
الجوانب التي قد تسهم في حلول بديلة مجدية خصوصاً إنفاق العملاء المحتملين إضافة
إلى مشاركتهم السابقة في التطوير.
3)
تفسير الشرط الأول المتعلق بظهور منتَج جديد
كما
مر معنا، أصبح الآن تحديد ما يشكل مُنتَجاً جديداً يعتبر أمراً حاسماً، وقد ترك القضاة الأوروبيون
هذه المهمة غير المجدية للمحكمة الوطنية.
بَيد أن هناك ما يشير إلى أنه في قضايا أخرى مثل دعاوى "مايكروسوفت"
التي تلوح في الأفق، فإن هذا السؤال قد يعود قريباً مداراً للبحث أمام محكمة العدل
الأوروبية([44]).
إن
فكرة المُنْتَج الجديد، وفقاً لمحكمة العدل الأوروبية، تقضي بعدم طلب الترخيص إذا
كانت النية تتجه أساساً "لمحاكاة" السلع والخدمات المعروضة قَبْلاً من
قبل مالك الحق. في القضية الحالية ادَّعت
"إن.دي.سي" بأن تصنيفاتها قد أُنتِجت باستخدام تكنولوجيا مختلفة واحتوت
على بيانات أكثر، ويبقى الانتظار لمعرفة ما إذا كان سيتم قبول هذه العوامل
واعتبارها كافية.
إن
المنطق وراء مبدأ التسهيلات الأساسية، كما طُرح أعلاه، يقتضي عدم المبالغة في
التركيز الضيِّق([45]). إضافة لذلك وحيث أن الشرط المتعلق بظهور مُنتَج
جديد قد تم وضعه بشكل خاص كإجراء وقائي إضافي لصالح حق الملكية الفكرية المعني،
فإن تطبيق هذا المعيار قد يكون النقطة التي يُؤخذ عندها بالحسبان النطاق المقصود
بالحماية للحق مدار البحث([46]).
* برنامج "روبرت بوش يونغ" للمهنيين
حول العلاقات الدولية 2003/2004-برلين وباريس.
([1]) حكم محكمة (الهيئة الخامسة) في 29 نيسان
2004،
"آي.إم.إس. هِلْث جي.إم.بي.إتش"، وشركاه "أو.إتش.جي"
ضد "إن.دي.سي. هِلْث
جي.إم.بي.إتش"، وشركاه
"كيه.جي" القضية:
"سي-418/01". الحكم ليس
متوفراً في تقارير المحكمة الأوروبية بعد.
([2]) يشار إليه من الآن فصاعداً بـ"نظام
الـ1860 وحدة". وقد تم ابتكار نظام
الوحدات المناطقية هذا وفقاً لمعايير متعددة مثل حدود البلديات والرموز البريدية
والكثافة السكانية وشبكات المواصلات والتوزيع الجغرافي للصيدليات وعيادات الأطباء.
([3]) أصدرت Landgericht (محكمة مقاطعة) [Frankfurt am Main]
أمراً مؤقتاً، ص في 27 تشرين أول 2000 تمت
المصادقة عليه أولاً من نفس المحكمة في 16 تشرين ثاني 2000 ثم بحكم من المحكمة
الإقليمية العليا [Oberlandesgericht
Frankfurt am Main] في 12 تموز 2001.
([4]) في إجراء قضائي آخر أمام المحاكم الألمانية، ليس موضع بحثنا الآن،
اعتبرت محكمة (OLG
Frankfurt am) في حكم لها صدر في 17 أيلول 2002
"آي.إم.إس" ومجموعة العمل مؤلفين متشاركين وردَّت دعوى الشركة بالمطالبة
بحماية حق المؤلف لاعتبارات إجرائية.
بدلاً من ذلك سعت المحكمة إلى حل يستند إلى قانون المنافسة غير العادلة
(يو.دَبليو.جِي).
([5]) تنص المادة (82) من معاهدة المجموعة
الأوروبية على ما يلي: "تُمنع أي إساءة استخدام من قبل مؤسسة أو أكثر لوضع مهيمن
داخل السوق المشتركة أو في جزء جوهري منها باعتبار ذلك لا يتناسب مع السوق
المشتركة من حيث أنه ربما يؤثر على التجارة بين الدول الأعضاء. إساءة استخدام كهذه قد تشمل بشكل خاص:
(أ) فرض أسعار بيع
وشراء غير عادلة أو شروط تجارية غير عادلة سواءً تم ذلك بصورة مباشرة أو غير
مباشرة.
(ب) تحديد الإنتاج
أو الأسواق أو التطوير التكنولوجي بشكل يجحف بمصلحة المستهلكين.
(ج) فرض شروط
متباينة على تعاملات متساوية مع أطراف تجارية أخرى ووضعهم بذلك في منافسة غير
عادلة.
(د) جعل إبرام
العقود خاضعاً لقبول أطراف أخرى ذات التزامات تكميلية والتي بطبيعتها أو طبقاً
للاستخدام التجاري ليس لها صلة بموضوع عقود كهذه".
([6]) أنظر قرار المفوضية )2002/165/إيي.سي( المتعلقة بإجراءات قضائية تمت وفقاً للمادة (82) من معاهدة
المجموعة الأوروبية. القضية:
" كُومب دِي3/044, 38" -
"إن.دي.سي. هِلْث" ضد "آي.إم.إس. هِلْث" الإجراءات المؤقتة:
"أو.جِيه. 2002 إل 18,59" .
([7]) وفقاً للأمر الصادر في 26 تشرين أول 2001،
القضية: "تي-184/01"، "آي.إم.إس. هِلْث" ضد المفوضية، [2001]
"إيي.سي.آر. 2-3193"، أمر رئيس محكمة البداية بتعليق مفعول القرار )2002/ 165(. وقد تم رد طلب الاستئناف
ضد هذا القرار بموجب أمر من رئيس محكمة البداية في القضية :
"سي-481/01"، "إن.دي.سي. هِلْث" ضد "آي.إم.إس.
هِلْث" والمفوضية، بي.(آر) [2002] "إيي.سي.آر. 1-3401". في هذه الأثناء سحبت المفوضية القرار )2002/ 165( بناءاً على أنه لم يعد
هناك أي صفة للاستعجال في فرض إجراءات
مؤقتة وأرسلت قرارها لوقف الإجراءات الإدارية.
أنظر القرار )2003/741/إيي.سي (الصادر في 13 آب 2003
والمتعلق بالإجراءات القضائية وفقاً للمادة (82) من معاهدة المجموعة
الأوروبية (القضية "كُومب
دي.3/38.044" – "إن.دي.سي. هِلْث" ضد "آي.إم.إس. هِلْث":
الإجراءات المؤقتة، "أو.جيه. 2003 إل 69,268".
([8]) "آي.إم.إس. هِلْث" ضد
"إن.دي.سي. هِلْث"، نفس المصدر، الفقرة 34.
([9]) "أوسكار برونر" ضد
"ميديابرنت"، القضية "سي-7/97، [1998] إيي.سي.آر 1-7791"؛
أُنظرها تحت الفصل 3.
([10]) "راديو تِلِفِز آيرَيَن
(آر.تي.إيي)" و"إندبندنت تيليفيجين بَبليكيشنْزْ لِمِتد
(آي.تي.بي)" ضد المفوضية، القضايا المشترَكة "سي-241/91 بي." و
"سي-242/91 بي." [1995] "إيي.سي.آر 1-0743" و"آي.تي.بي"ضد
المفوضية, القضية "تي-76/89"، [1991] "إيي.سي.آر 2-0575"؛ أُنظرها تحت الفصل 3.
([11]) "آي.إم.إس. هِلْث" ضد "إن.دي.سي.
هِلْث"، نفس المصدر، فقرة 37.
([12]) "آي.إم.إس. هِلْث" ضد
"إن.دي.سي. هِلْث"، نفس المصدر، فقرة 49 إلى 50 .
([13]) "آي.إم.إس. هِلْث" ضد
"إن.دي.سي. هِلْث"، نفس المصدر، فقرة 44 إلى 47.
([14]) "آي.إم.إس. هِلْث" ضد
"إن.دي.سي. هِلْث", نفس المصدر، فقرة 24.
([15]) "آي.إم.إس. هِلْث" ضد
"آن.دي.سي. هِلْث"، نفس المصدر، فقرة 28.
([16]) "آي.إم.إس. هِلْث" ضد
"إن.دي.سي. هِلْث"، نفس المصدر، فقرة 29.
([17]) أنظر المادة (295) من معاهدة المجموعة
الأوروبية: "يجب أن لا تجحف هذه المعاهدة بأية حال بالقواعد المعمول بها في
الدول الأعضاء والتي تحكم نظام تملك الممتلكات".
([18]) هناك أسئلة أخرى حول المواجهة بين الملكية
الفكرية و المنافسة تتعلق بفصل الأسواق (أنظر قضايا "سيرينا إس.آر.إل"
ضد "إدا إس.آر.إل. وآخرون"، القضية 40-70، [1971] "إيي.سي.آر
0069"؛ و "فان زويلن فريريس" ضد "هاغ إيه.جي"، القضية
192/73، [1974] "إيي.سي.آر
731")؛ أو حول التطورات
الأخيرة مثل الترخيص الجماعي لحق المؤلف في المصنفات الموسيقية (قارن الإجراءات
القضائية الجارية في المفوضية حالياً "كُومب. 126,38" بتاريخ 3/5/2004 ضد عمل جماعي من قبل 16 جمعية تحصيل بخصوص استخدام
الشبكة الإلكترونية) وسريان مفعول اتفاقيات النقل التكنولوجي – (راجع نظام
المفوضية "إيي.سي" رقم 772/2004 في 27 نيسان 2004).
([19]) تحظر المادة (81) من معاهدة المجموعة
الأوروبية إبرام اتفاق بين المؤسسات، واتخاذ قرارات من جانب إئتلافات هذه المؤسسات
والممارسات الجماعية التي قد تؤثر على التجارة بين الدول الأعضاء والتي يكون هدفها
منع أو تقييد أو تشويه المنافسة داخل السوق المشتركة.
([20]) أنظر للمرة الأولى قضايا "إستابليسمنت
كونستين" و"غْروندِغ" ضد المفوضية، ذات الأرقام 56 و 58/64، [1966]
"إيي.سي.آر 429".
([21]) المواد 30-36 من معاهدة تأسيس المجموعة
الأوروبية (والتي أصبحت الآن المواد "28-30/إيي.سي") أنظر قضيتي "سِنترافارم ضد
"وينثروب"، قضية 16-74، [1974] "إيي.سي.آر 1183"؛ و
"سنترافارم ضد ستيرلينغ دْرَغ"، القضية 15-74، [1974] "آي.سي.آر
1147".
([22]) "إيه.بي فولفو" ضد "إيريك
فِينغ" (يو.كيه) لِمِتد، القضية 238/87, [1988] "إيي.سي.آر 6211".
([23]) "سي.آي.سي.آر.إيه" ضد
"رينو"، القضية 53/87, [1988] "إيي.سي.آر 6039".
([24]) "فولفو" ضد "فِينغ"، نفس المصدر، فقرة
(. إلا أن رأياً كهذا أَغفل أن المحكمة
قد تركت الباب مفتوحاً في الفقرة (9) لتحديد السلوك التعسفي تحت ظروفٍ أخرى.
([25]) "راديو تِلِفِز آيرَيَن
(آر.تي.إيي)" و"إندبندنت تيليفيجين بَبليكيشنْزْ لِمِتد
(آي.تي.بي)" ضد المفوضية، القضايا المشترَكة "سي-241/91 بي" و
"سي-242/91 بي" [1995] "إيي.سي.آر
1-0743"؛
من خلال استئناف "آر.تي.إيي" ضد المفوضية، القضية "آي.تي.بي"
ضد المفوضية، "تي-69/89"، [1991] "إيي.سي.آر 2-0485" و
"آي.تي.بي" ضد المفوضية
"تي-69/89"، [1991] "إيي.سي.آر 2-0575"
([26]) "راديو تِلِفِز آيرَيَن
(آر.تي.إيي)" و"إندبندنت تيليفيجين بَبليكيشنز لِمِتد (آي.تي.بي)"
ضد المفوضية، القضايا المشترَكة "سي-241/91 بي" و "سي-242/91
بي" [1995] "إيي.سي.آر
1-0743"، نفس المصدر، فقرة 48.
([27]) إلا أن محكمة البداية كانت قد أشارت قبل ذلك
إلى القرار في قضية "ماغل"
لكن دون مزيد من التقييم، في سياق القضية "تيرسي لادبروك إس.إيه" ضد
المفوضية، "تي-504/93، [1997] "إي.سي.آر 2-0923".
([28]) "أوسكار برونر" ضد
"ميديابرنت"، القضية "سي-7/97، [1998] إيي.سي.آر
1-7791". رفع السيد
"برونر"، وهو مالك صحيفة يومية صغيرة، قضية وفقاً للمادة "إيي.سي 82" ضد
"ميديابْرِنت"، وهي الصحيفة اليومية المهيمنة في النمسا والتي كانت قد
رفضت طلبه السابق بالسماح له باستخدام نظام "ميديابرنت" للتوزيع المنزلي
في سائر أنحاء البلاد.
([29]) أنظر الفقرة (2) من المادة (4) من القانون
الألماني لحماية حق المؤلف (Urheberrechtsgesetz).
([30]) تعليمات رقم "96/9/إيي.سي" الصادرة عن البرلمان
الأوروبي والمجلس المنعقد في 11 آذار 1996حول الحماية القانونية لقواعد البيانات،
الجريدة الرسمية 77- 1996، ص20-28. أنظر
أيضاً الفصل (15) من تعليمات قواعد البيانات التي تؤكد على أن "حماية كهذه
ينبغي أن تشمل مجمل قاعدة البيانات".
لكن يجب عدم الخلط بين حقوق المؤلف الأصلية الناجمة عن ترتيب المحتويات
وفقاً للفقرة (1) من المادة (3) من تعليمات قواعد البيانات من جهة وحماية المنتَج الفريد من
قواعد البيانات غير الأصلية وفقاً لمضمون المادة (7) من تعليمات قواعد البيانات من
جهة أخرى.
([31]) انظر على سبيل المثال "هاينمان" في
"باودِنباخر/سايمون" (محررون)،
Neueste Entwicklungen im europäischen und
internationalen Immaterialgüterrecht (2003), at 207.
([32]) مثلاً هذا معبر عنه بوضوح في الفقرة (2) من
المادة (92) من اتفاق الجوانب المتعلقة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية.
[url=https://hawassdroit.yoo7.com/#_ftnref34][/u
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب