حواس للمحاماه

نشكركم على اختياركم لمنتدانا و نتمنى ان تقضى وقت ممتعا و يشرفنا ان تكون احد افراد اسرتنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

حواس للمحاماه

نشكركم على اختياركم لمنتدانا و نتمنى ان تقضى وقت ممتعا و يشرفنا ان تكون احد افراد اسرتنا

حواس للمحاماه

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
حواس للمحاماه

قانوني . اسلامي - برامج . صيغ - دعاوى - معلومات

انت الزائر رقم

.: عدد زوار المنتدى :.

مرحبا بالزائرين

المواضيع الأخيرة

» التفكر في الاية 42 من سورة الزمر (رقم 39)
الصكوك  وتطبيقاتها المعاصرة I_icon_minitimeالخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود

»  "خواطر "يا حبيبتي
الصكوك  وتطبيقاتها المعاصرة I_icon_minitimeالجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود

» خواطر "يا حياتي "
الصكوك  وتطبيقاتها المعاصرة I_icon_minitimeالجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود

» الطريق الى الجنة
الصكوك  وتطبيقاتها المعاصرة I_icon_minitimeالأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود

» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الصكوك  وتطبيقاتها المعاصرة I_icon_minitimeالأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الصكوك  وتطبيقاتها المعاصرة I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الصكوك  وتطبيقاتها المعاصرة I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الصكوك  وتطبيقاتها المعاصرة I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الصكوك  وتطبيقاتها المعاصرة I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

مرحبا بك


counter globe

الاكثر زياره


    الصكوك وتطبيقاتها المعاصرة

    Admin
    Admin
    Admin


    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 2987
    تاريخ الميلاد : 18/06/1970
    تاريخ التسجيل : 27/09/2009
    العمر : 54

    الصكوك  وتطبيقاتها المعاصرة Empty الصكوك وتطبيقاتها المعاصرة

    مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء يوليو 06, 2010 4:14 pm

    الصكوك


    وتطبيقاتها المعاصرة














    إعداد


    محمد تقي العثماني


    رئيس المجلس الشرعي


    ونائب رئيس جامعة
    دار لعلوم كراتشي







    بسم
    الله الرحمن الرحيم






    الصكوك وتطبيقاتها المعاصرة





    الحمد
    لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد أشرف المرسلين، وعلى آله
    وأصحابه أجمعين، وعلى كل من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.



    أما بعد، فإن إصدار الصكوك المبنية على أحكام
    الشريعة الإسلامية الغراء كان من أهم أهداف العمل المصرفي الإسلامى ومن أعظم
    الوسائل المرموقة لتنمية الاقتصاد الإسلامى في المجتمع، بشرط أن تراعى في آلياتها
    جميع المبادئ الأساسية التي تميز الاقتصاد الإسلامى من غيره. وإن النظام الربوي
    السائد في العالم اليوم متعود بإصدار السندات القائمة على أساس الفائدة الربوية
    للمشاريع الكبيرة التي تقتضى أموالا جمّة وتُدِرّ ربحا أو دخلا كبيرا. ولكن حاملي
    السندات لا يتجاوزون من أن يكونوا مقرضين لأصحاب هذه المشاريع على أساس الفائدة،
    ولا دخل لهم في ملكية أصول المشروع ولا في الربح أو الدخل الذي ينتج من هذه
    المشاريع، وإنما يستحقون الفائدة على قروضهم بنسبة متوافقة مع سعر الفائدة في
    السوق. أما ربح المشاريع بعد التكاليف،ومنها الفائدة المدفوعة، فكله يرجع إلى
    أصحاب المشاريع.



    وكانت الفكرة الأساسية من وراء إصدار الصكوك
    الإسلامية: أن يشارك حملة الصكوك في ربح المشاريع الكبيرة أو الدخل الناتج منها،
    ولو أصدرت الصكوك على هذا الأساس لأدت دورا كبيرا في تنمية العمل المصرفي
    الإسلامى، وساهمت مساهمة كبيرة في الوصول إلى المقاصد النبيلة التي تهدف إليها الشريعة
    الغراء، وكان فيها من المنافع ما يأتي :



    1- إنها من أفضل الصيغ لتمويل المشاريع الكبيرة التي
    لا تطيقها جهة واحدة.



    2- إنها تقدم قناة جيدة للمستثمرين الذين يريدون
    استثمار فائض أموالهم، ويرغبون في الوقت نفسه أن يستردوا أموالهم بسهولة عندما يحتاجون
    إليها، لأن المفروض في هذه الصكوك أن تكون لها سوق ثانوية تباع فيها الصكوك
    وتُشترى. فكلما احتاج المستثمر إلى أمواله المستثمرة أو إلى جزء منها، جاز له أن يبيع
    ما يملكه من صكوك أو بعضا منها، ويحصل على ثمنها الذي يمثل الأصل والربح جميعا، إن
    كان المشروع كسب ربحا.



    3- إنها تقدم أسلوبا جيدا لإدارة السيولة تستطيع به المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية
    أن تدير به سيولتها. فإن كان لديها فائض من السيولة اشترت هذه الصكوك، وإن احتاجت
    إلى السيولة باعتها في السوق الثانوية.



    4- إنها وسيلة للتوزيع العادل للثروة، فإنها تمكّن
    جميع المستثمرين من الانتفاع بالربح الحقيقي الناتج من المشروع بنسبة عادلة، وبهذا
    تنتشر الثروة على نطاق أوسع دون أن تكون دُولة بين الأغنياء المعدودين. وذلك من
    أعظم الأهداف التي يسعى إليه الاقتصاد الإسلامي .



    وقد انتشرت اليوم في السوق صكوك كثيرة
    تدعى أنها صكوك إسلامية. ونريد في هذه الدراسة الموجزة المتواضعة أن نطلع على
    آلياتها، ومدى موافقتها لأحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها ومقاصدها المذكورة.



    إن الذين أصدروا هذه الصكوك حاولوا بكل
    ما في وسعهم أن تكون هذه الصكوك منافِسة للسندات الربوية الرائجة في السوق، وأن
    تحمل معظم خصائصها، ليسهل ترويجها في السوق الإسلامية والتقليدية في آن واحد. وإن
    أبرز خصائص السندات الربوية تتلخص في النقاط الآتية:



    1- إنها لا تمثل ملكية حاملي السندات في المشروع
    التجاري أو الصناعي الذي أصدرت السندات من أجله، وإنما توثق القرض الربوي الذي
    دفعه حاملو السندات إلى مُصدرها صاحبِ المشروع.



    2- إنها توزع الفائدة على حاملي السندات بصفة
    دورية.وهذه الفائدة تقدر بنسبة من رأس المال، لا بنسبة من الربح الفعلي. وقد تكون
    النسبة معينة، وكثيراً ما تكون متغيرة في سندات طويلة الأجل.



    3-إنها تضمن
    استرداد رأس المال عند إطفاء السندات في نهاية مدتها، سواء ربح المشروع فعلا، أولم
    يربح.



    وإن مصدر السندات لا يجب عليه إلا رد رأس
    المال مع الفائدة المتفق عليها؛ وما حصل عليه المشروع من الربح فوق ذلك، فكله له،
    ولا يستحق حاملو السندات أن يطالبوا حصة من الربح الزائد على سعر الفائدة.



    وإن هذه الخصائص لا يمكن أن توجد في
    الصكوك الإسلامية بصفة مباشرة، ولكن مُصدري الصكوك الإسلامية اليوم حاولوا أن تتسم
    صكوكهم بمعظم هذه الخصائص بطريق غير مباشر، وأوجدوا من أجل ذلك آليات مختلفة.
    ولندرس هذه الآليات في ضوء هذه النقاط الثلاثة:






    1-ملكية حاملي السندات في أصول المشروع


    أما النقطة
    الأولى، وهى ملكية حاملي السندات في أصول المشروع، فإن معظم الصكوك تختلف فيها من
    السندات الربوية اختلافا واضحا، فإن الصكوك في عامة الأحوال تمثل حصة شائعة في
    أصول تُدِرّ ربحا أو دخلا، مثل الأعيان المؤجرة، أو مشروع تجارى أو صناعي، أو وعاء
    استثماري يحتوى على عدة من المشاريع. وهذه هي النقطة الوحيدة التي تميزها عن
    السندات الربوية، غير أنه ظهرت في الآونة الأخيرة بعض الصكوك التي يُشكّ في كونها
    ممثلة للملكية. فمثلا: قد تكون الأصول الممثلة بالصكوك أسهم الشركات بدون ملكيتها
    الحقيقية، وإنما تخوّل حملة الصكوك حقا في عوائدها، وليس هذا إلا شراء عوائد
    الأسهم، وهو لا يجوز شرعا. وكذلك انتشرت بعض الصكوك على أساس خلطة من عمليات
    الإجارة والاستصناع والمرابحة التي دخل فيها بنك من البنوك، فيبيع هذه الخلطة إلى
    حملة الصكوك، ليحصلوا على عوائد هذه العمليات. وإدخال عمليات المرابحة في هذه
    الخلطة لا يخلو من شبهة بيع الدين، وإن كانت نسبتها قليلة بالنسبة إلى عمليات
    الإجارة والمشاركة والاستصناع، ويحتاج إلى إعادة النظر في الموضوع.



    2-التوزيع الدوري على حملة الصكوك


    وأما
    النقطة الثانية، فإن معظم الصكوك المصدرة قد اكتسبت فيها خصيصة السندات الربوية
    سواء بسواء من حيث إنها توزع أرباح المشروع بنسبة معينة مؤسسة على سعر الفائدة
    (اللائبور). ومن أجل تبرير ذلك وضعوا بندا في العقد يصرح بأنه إذا كان الربح الفعلي
    الناتج من الاستثمار زائدا على تلك النسبة المبنية على سعر الفائدة، فإن المبلغ
    الزائد كله يد فع إلى مدير العمليات (سواء أكان مضاربا أو شريكا أو وكيل
    الاستثمار) على كونه حافزا له على حسن الإدارة، حتى أنى رأيت في هيكلة بعض الصكوك
    أنها لا تصرح بكون الزائد مستحقا للمدير كحافز، بل تكتفي بقولها إن حملة الصكوك
    يستحقون نسبة معينة مؤسسة على أساس سعر الفائدة في التوزيع الدوري (فكأن كون
    الزائد حافزا ثبت تقديرا أو اقتضاء.) أما إذا كان الربح الفعلي ناقصا من النسبة
    المذكورة المبنية على سعر الفائدة، فإن مدير العمليات يلتزم بدفع الفرق (بين الربح
    الفعلي وبين تلك النسبة) إلى حملة الصكوك على أساس قرض بدون فائدة يقدم إلى حملة
    الصكوك. وإن هذا القرض يسترده المدير المقرض إما من المبالغ الزائدة على سعر
    الفائدة في فترات لاحقة، وإما من تخفيض ثمن شراء الموجودات عند إطفاء الصكوك، كما سيأتي
    تفصيله في النقطة الثالثة إن شاء الله تعالى.



    3-ضمان استرداد رأس المال


    أما النقطة
    الثالثة، فإن جميع الصكوك المصدرة اليوم تضمن رد رأس المال إلى حملة الصكوك عند
    إطفاءها، مثل السندات الربوية سواء بسواء، وذلك بوعد ملزم إما من مُصدر الصكوك أو
    من مديرها أنه سيشترى الأصول التي تمثلها الصكوك بقيمتها الاسمية التي اشتراها بها
    حملة الصكوك في بداية العملية، بقطع النظر



    عن قيمتها الحقيقية أو السوقية في ذلك
    اليوم. وبهذه الآلية المركبة استطاعت الصكوك أن تحمل خصائص السندات الربوية من حيث
    إنها لا تعطى حملة الصكوك إلا نسبة معينة من رأس المال مبنية على سعر الفائدة، وفي
    الوقت نفسه إنها تضمن لحملة الصكوك استرداد رأس مالهم في نهاية العملية. ولنتكلم
    على هذه الآلية أولا من الناحية الفقهية، وثانيا من ناحية سياسة الاقتصاد
    الإسلامى.



    أما
    من الناحية الفقهية، فهناك ثلاث مسائل:



    الأولى: اشتراط المبلغ الزائد على سعر الفائدة
    لمدير العملية بحجة أنها حافز له على حسن الإدارة.



    الثانية: التزام المدير بأنه إن انتقص
    الربح الفعلي من النسبة المعينة على أساس سعر الفائدة في فترة من فترات التوزيع،
    فإنه يدفع قرضا إلى حملة الصكوك بمقدار النقصان. وإن هذا القرض يرد إليه إما من
    الربح الفعلي الزائد على تلك النسبة في فترات لاحقة، أومن ثمن شرائه للأصول في نهاية
    العملية.



    الثالثة: الوعد الملزم من قبل المدير أنه
    سيشترى الموجودات الممثلة بالصكوك بقيمتها الاسمية يوم إصدار الصكوك، وليس بقيمتها
    السوقية يوم الشراء.



    اشتراط الحافز لمدير العملية


    أما اشتراط
    الحافز لمدير العملية، فمستنده ما ذكره بعض الفقهاء من جواز مثل ذلك في الوكالة
    والسمسرة وذكره الإمام البخاري رحمه الله تعالى تعليقا عن ابن عباس وابن سيرين رضي
    الله تعالى عنهما. قال البخاري : "قال ابن عباس: لا بأس أن يقول: بع هذا الثوب،فما
    زاد على كذا وكذا فهولك. وقال ابن سيرين: إذا قال: بعه بكذا، فما كان من ربح فهو
    لك، أو بيني وبينك فلا بأس به."[1]



    وبهذا أخذ الحنابلة. جاء في الكافي لابن
    قدامة: "وإن قال:بع هذا بعشرة، فما زاد فهولك، صح وله الزيادة، لأن ابن عباس
    كان لا يرى بذلك بأسا."[2]



    وإن هذا المذهب
    مروى عن ابن عباس رضي الله عنهما وعن ابن سيرين وشريح وعامر الشعبي والزهري والحكم
    عند ابن أبى شيبة في مصنفه، وعن قتادة وأيوب أيضا عند عبد الرزاق. وكرهه إبراهيم النخعي
    وحماد ،كما روى عنهما عبد الرزاق، وكذلك الحسن البصري وطاووس بن كيسان، كما روى
    عنهم ابن أبى شيبة.[3]وهو
    مذهب الجمهور غيرا لحنابلة. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى تحت أثر ابن عباس الذي
    علقه البخاري: " وهذه أجرة سمسرة أيضا، لكنها مجهولة، ولذلك لم يجزه الجمهور
    وقالوا: إن باع له على ذلك فله أجر مثله. وحمل بعضهم إجازة ابن عباس على أنه أجراه
    مجرى المقارض، وبذلك أجاب أحمد وإسحق. ونقل ابن التين أن بعضهم شرط في جوازه أن
    يعلم الناس في ذلك الوقت أن ثمن السلعة يساوى أكثر مما سمى له، وتعقبه بأن الجهل
    بمقدار الأجرة باق."[4]



    وقال البدر العيني
    رحمه الله تعالى : "وأما قول ابن
    عباس وابن سيرين فأكثر العلماء لا يجيزون هذا البيع، وممن كرهه الثوري والكوفيون.
    وقال الشافعي ومالك: لا يجوز، فإن باع فله أجر مثله. وأجازه أحمد وإسحق، وقالا: هو
    من باب القراض، وقد لا يربح المقارض."[5]



    وهذا كله في
    أجرة السمسار إذا لم تُعيَّن غير الزيادة على ما سماه الأصيل من ثمن البيع. أما إذا
    سميت أجرته بمبلغ مقطوع، ثم قيل له: إن بعت بأكثر من كذا فالزائد كله لك علاوة على
    أجرك المقطوع، فالظاهر أنه لا يمنعه الجمهور أيضا، لأن جهالة الأجرة ارتفعت بتحديد
    أجر مقطوع، وإن باعه بأكثر من حد معين، فالزائد له على كونه حافزا على حسن عمله.



    وعلى هذا الأساس
    جاء في معيار المضاربة الصادر من المجلس الشرعي : "إذا شرط أحد الطرفين لنفسه
    مبلغا مقطوعا، فسدت المضاربة، ولا يشمل هذا المنع ما إذا اتفق الطرفان على أنه إذا
    زادت الأرباح عن نسبة معينة فإن أحد طرفي المضاربة يختص بالربح الزائد عن تلك
    النسبة أو دونها فتوزيع الأرباح على ما اتفقا عليه.[6]"



    وإن مدير العملية
    في الصكوك يدير العمليات إما بصفته أجيرا أو وكيلا للاستثمار، فيشبه السمسار، وإما
    بصفته مضاربا أو شريكا عاملا، فيغطيه ما جاء في معيار المضاربة. وإن استحقاق
    المدير المبلغ الزائد على نسبة معينة قد سُمّي حافزا على حسن إدارته للأصول، وإن
    هذا الحافز إنما يُعقل كونه حافزا إن كان مرتبطا بما زاد على أدنى الربح المتوقع
    من خلال العمليات التجارية أو الصناعية التي أصدرت من أجلها الصكوك، فمثلا: إن كان
    أدنى الربح المتوقع من هذه العمليات %15، فيمكن أن يقال إن ما زاد على هذه النسبة
    من الربح الفعلي، فإنه يُعطى للمدير كحافز، لأن هذا المقدار الزائد يمكن إضافته
    إلى حسن إدارته بوجه معقول. ولكن النسبة المعينة في هذه الصكوك ليست مرتبطة بالربحية المتوقعة من العمليات،
    وإنما هي مرتبطة بتكاليف التمويل أو سعر الفائدة الذي يتغير كل يوم، بل كل ساعة،
    ولا علاقة له بربحية المشروع التجاري أو الصناعي، فكثيرا مّا تنقص نسبته من نسبة
    الربحية المتوقعة من المشروع. فإن كانت نسبة الربح المتوقع %15 في المثال
    السابق، فإنه من الممكن جدا أن يكون سعر
    الفائدة %5، والربح الفعلي نزل إلى %10 لسوء الإدارة من المدير، فكيف يمكن أن يقال
    إن ما زاد على %5 يعطى للمدير لحسن
    إدارته، بالرغم من أنه أساء في الإدارة حتى نزل الربح إلى %10 بدلا من %15؟ فظهر بهذا
    أن ما يسمى حافزا في هذه الصكوك ليس حافزا في الحقيقة، وإنما هو طريق لتمشية هذه
    الصكوك على أساس سعر الفائدة. وإن هذه الجهة لا تخلو من الكراهة على الأقل إن لم
    نقل بحرمتها.



    هذا من الناحية
    الفقهية البحتة. أما من ناحية سياسة الاقتصاد الإسلامي، فإن مثل هذه
    "الحوافز" التي لا تخلو منها الصكوك اليوم قد أهملت المقاصد الاقتصادية
    النبيلة للشركة أو المضاربة من توزيع الثروة فيما بين المستثمرين على أساس عادل،
    فإن الصكوك المؤسس على "الحوافز" جعلت الربح الموزع على المستثمرين
    مقتصرا على سعر الفائدة في كل حال، وليس على الربحية الحقيقية للمشروع.



    ولئن تحملت
    الهيئات الشرعية هذه المفاسد في بداية إصدار الصكوك في حين كانت المؤسسات المالية
    الإسلامية قليلة، فقد حان الأوان أن تُعيد النظر في ذلك وتخلّص الصكوك الآن من هذه
    الأمور المشبوهة، فإما أن تخلو من "الحوافز" بتاتا، أو تؤسس الحوافز على
    أساس الربح المتوقع من المشروع، وليس على أساس سعر الفائدة، ويصبح ذلك ميزة تتميز
    بها المؤسسات المالية الإسلامية عن المؤسسات التقليدية الربوية تميزا حقيقيا.



    2-اشتراط
    القرض عند نقص الربح من النسبة المعينة



    أما اشتراط
    القرض عند انتقاص الربح الحقيقي من النسبة المعينة، فلا مبرر له إطلاقا من الناحية
    الشرعية، فإن الذي يلتزم بالقرض هو مدير العمليات، وهو الذي يبيع الأصول على حملة
    الصكوك في بداية العملية، فلو اشترط عليه أن يقرض حملة الصكوك في حالة نقص الربح
    الفعلي عن تلك النسبة، فهو داخل في بيع وسلف، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه
    وسلم أنه نهى عن بيع وسلف. أخرجه مالك في الموطأ بلاغا، وأخرجه أبو داود والترمذي
    بلفظ: " لا يحل سلف وبيع."وقال الترمذي : " هذا حديث حسن
    صحيح."[7]
    وقال ابن عبد البر رحمه الله تعالى: "هذا الحديث محفوظ من حديث عمرو بن شعيب
    عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو حديث صحيح رواه الثقات عن عمرو بن
    شعيب، وعمرو بن شعيب ثقة إذا حدث عنه ثقة."[8]



    وقد أخذ بهذا
    جميع أهل العلم، ولا يعرف فيه خلاف. قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: "ولو باعه
    بشرط أن يسلفه أو يقرضه أو شرط المشترى ذلك عليه فهو محرم والبيع باطل، وهذا مذهب
    مالك والشافعي ولا أعلم فيه خلافا."[9]



    وقال رحمه الله في
    موضع آخر: "وإن شرط أن يؤجره داره بأقل من أجرتها أو على أن يستأجر دار المقرض
    بأكثر من أجرتها...كان أبلغ في التحريم."[10]



    وفي آلية الصكوك
    المذكورة لا يرضى المدير بتقديم هذا القرض إلا لأنه يحُوز أكثر من حصته الحقيقية
    من الربح الفعلي من خلال "الحافز"الذي اشتُرط له عند ما يتجاوز الربح الفعلي
    النسبة المبنية على سعر الفائدة. فهذا القرض أبلغ في التحريم بعبارة ابن قدامة
    رحمه الله تعالى.



    وقد يكون مدير
    العمليات الذي التزم بالقرض شريكا أو مضاربا. وهذا الالتزام أيضا مخالف لمقتضى
    العقد ، وتغطيه علة التحريم في بيع وسلف سواء بسواء، فلا يجوز.



    3-تعهد المدير بشراء
    الأصول بالقيمة الاسمية



    أما المسألة
    الثالثة، فهي أن العمليات التجارية الحقيقية في الشريعة لا يُضمن فيها استرداد رأس
    المال، فإنّ غُنْم الربح الحقيقي في الشريعة الإسلامية يتبع الغُرْم دائما، فكان
    الأصل في الصكوك التجارية أن لا يُضمن فيها رأس المال لحملتها،بل إنهم يستحقون
    القيمة الحقيقية للأصول، سواء أزادت من قيمتها الاسمية أم نقصت. ولكن الصكوك الرائجة اليوم كلّها تضمن رأس
    المال لحملة الصكوك بطريق غير مباشر. وهو أن مدير العمليات يتعهد تجاه حملة الصكوك
    أنه سيشترى الأصول التي تمثلها الصكوك بالقيمة الاسمية عند نهاية مدتها، بقطع
    النظر عن قيمتها الحقيقية يومئذ. ومعنى ذلك أن حملة الصكوك يرجع إليهم عند إطفاء
    الصكوك رأسُ مالهم مضمونا، لا غير. فإن كان المشروع أصيب بخسران، فإنه يتحمله
    المدير، وإن كان فيه ربح فإنه يحوزه المدير بالغا ما بلغ. ولاحق لحملة الصكوك إلا في
    استرداد رأس مالهم كما في السندات الربوية.



    ولو تأملنا في
    مدى جواز هذا التعهد، فإن مدير العمليات في الصكوك قد يدير العمليات على أساس كونه
    مضاربا لحَِمَلتها، وقد يكون شريكا لهم، وقد يكون وكيلهم للاستثمار.



    التعهد من المدير المضارب


    أما بطلان هذا التعهد في حالة كونه مضاربا،
    فظاهر، لأنه ضمان رأس المال من المضارب لصالح أرباب الأموال، ولم يقل بجوازه أحد.
    وجاء في معيار المضاربة الصادر من المجلس الشرعي : "فإذا كانت الخسارة عند
    تصفية العمليات أكثر من الربح يحسم رصيد الخسارة من رأس المال، ولا يتحمل المضارب
    منه شيئا باعتباره أمينا ما لم يثبت التعدي أو التقصير. إذا كانت المصروفات على
    قدر الإيرادات يتسلم رب المال رأس ماله، وليس للمضارب شيء. ومتى تحقق الربح فإنه
    يوزع بين الطرفين وفق الاتفاق بينهما."[11]



    ولم أجد لهذا
    التعهد من المضارب مبررا فقهيا، غير أنه قد ذكر في بعض الصكوك أن المدير لا يتعهد
    بصفته مضاربا، بل بصفة أخرى، وهذا أمر غير معقول، لأنه ليس للمضارب صفة أخرى في
    هذه العملية.



    التعهد من الشريك


    وقد يكون مدير العمليات شريكا لحملة
    الصكوك، وكما لا يجوز للمضارب أن يضمن رأس المال لرب المال، كذلك لا يجوز أن يضمنه
    أحد الشركاء للشركاء الآخرين، فإنه يقطع الشركة بين الشركاء في حالة الخسارة، ولم
    يقل بجوازه أحد. وجاء في معيار الشركة (المشاركة) والشركات الحديثة الصادر من
    المجلس الشرعي: "لا يجوز أن تشتمل شروط الشركة أو أسس توزيع أرباحها على أي
    نص أو شرط يؤدى إلى احتمال قطع الاشتراك في الربح، فإن وقع كان العقد باطلا."[12]



    وقد نص المعيار
    على عدم جواز التعهد المذكور بصراحة في بند لاحق حيث جاء فيه:"يجوز أن يُصدِر
    أحد أطراف الشركة وعدا ملزما بشراء موجودات الشركة خلال مدتها أو عند التصفية
    بالقيمة السوقية، أو بما يُتفق عليه عند الشراء، ولا يجوز الوعد بالشراء بالقيمة
    الاسمية."[13]



    وجاء في مستند
    الأحكام الشرعية لهذا المعيار:"مستند عدم جواز الوعد الملزم من قبل أحد أطراف
    الشركة بشراء موجودات الشركة بالقيمة الاسمية أنه بمثابة ضمان رأس المال، وهو
    ممنوع شرعا. ومستند جواز الوعد بشرائها بالقيمة السوقية أنه ليس في ذلك ضمان بين
    الشركاء."[14]



    وقد استدل بعض
    الإخوة المعاصرين على جواز هذا التعهد المستلزم لضمان رأس المال أن ذلك ممنوع في
    شركة العقد، وليس في شركة الملك، ثم ادعوا أن الشركة في الصكوك(وخاصة في الصكوك التي
    تمثل الأعيان المؤجرة) إنما هو شركة الملك، وليس شركة العقد. ولكن إذا نظرنا في
    حقيقة هذين النوعين من الشركة، تبين لنا أن الشركة في الصكوك شركة عقد، وليس شركة
    ملك فقط، وذلك لأن المقصود من هذه الشركة ليس تملكا للأعيان بغرض الاستهلاك أو
    الانتفاع الشخصي، وإنما المقصود منه استثمار مشترك، وهو الفارق الأساسي بين شركة
    الملك وشركة العقد.



    وتفصيل ذلك أننا
    لو تأملنا فيما ذكره الفقهاء في حقيقة شركة العقد ظهر لنا أن شركة العقد تتميز عن
    شركة الملك بوجوه ثلاثة: الأول أن المقصود منها الاسترباح المشترك،بخلاف شركة
    الملك، فإن المقصود منها التملك والانتفاع لا غير . والثاني أنها تجعل كل شريك
    وكيلا عن الآخر في عمليات الاستثمار، في حين أن الشركاء في شركة الملك كل واحد
    منهم يستقل بتصرفه في حصته، وهو أجنبي بالنسبة لحصة شريكه أو شركاءه الآخرين.
    الثالث: أن الشركاء أحرار في شركة العقد بتوزيع الربح فيما بينهم بأية نسبة مشاعة
    يتفقون عليها فيما بينهم، بخلاف شركة الملك، فإن كل شريك فيها يستقل بالاسترباح من
    حصته، ولو استغل كل واحد حصته منفردا، فإن كل واحد ينفرد بما كسب من غلة حصته فقط.
    وإن هذه الخصائص كلها متوافرة في الشركة التي تحدث بالصكوك.



    وإن الشيخ مصطفي
    الزرقاء رحمه الله تعالى قد تكلم في الفرق بين النوعين من الشركة بكلام واضح ودقيق.
    وإليكم عبارته بنصه:"إن الملكية الشائعة إنما تكون دائما في شيء مشترك، فهذه
    الشركة إذا كانت في عين المال فقط، دون الاتفاق على استثماره بعمل مشترك، تسمى
    "شركة ملك".وتقابلها "شركة العقد" وهى أن يتعاقد شخصان
    فأكثر على استثمار المال أو العمل واقتسام الربح، كما في الشركات التجارية
    والصناعية
    ."[15]



    وقد
    تحدث الشيخ رحمه الله تعالى عن الفارق بين القسمين في محل آخر فقال : "عقد
    الشركة: وهو عقد بين شخصين فأكثر على التعاون في عمل اكتسابي واقتسام أرباحه.
    والشركة في ذاتها قد تكون شركة ملك مشترك بين عدة أشخاص ناشئة عن سبب طبيعي كالإرث
    مثلا، وقد تكون شركة عقد بأن يتعاقد جماعة على القيام بعمل استثماري يتساعدون فيه
    بالمال أو بالعمل ويشتركون في نتائجه. فشركة الملك هي من قبيل الملك الشائع
    وليست من العقود، وإن كان سببها قد يكون عقدا، كما لو اشترى شخصان شيئا، فإنه يكون
    مشتركا بينهما شركة ملك، ولكن ليس بينهما عقد على استغلاله واستثماره بتجارة أو
    إجارة ونحو ذلك من وسائل الاسترباح. وأما شركة العقد التي غايتها الاستثمار
    والاسترباح فهي المقصودة هنا والمعدودة من أصناف العقود المسماة.
    "[16]



    فأوضح الشيخ رحمه الله
    تعالى أن الشركة متى قُصِد بها الاستثمار أو الاستغلال، سواء عن طريق التجارة أو
    عن طريق الإجارة، أصبحت الشركة شركةَ عقد. ومن البديهي أن الصكوك يُقصد بها
    الاستثمار أو الاستغلال من الأعيان المؤجرة، فلا سبيل إلى القول بأنه شركة ملك.
    ولذا فلا يجوز أن يضمن أحد الشركاء رأس مال الآخر بطريق مباشر أو غير مباشر.



    والواقع أن عدم
    جواز التعهد المذكور من الشريك أو المضارب أمر لا يحتاج إلى كثير من التدليل، فإنه
    أمر مقرر في الفقه، وقد أكدته المجامع والندوات الفقهية، والمجلس الشرعي نفسه.
    ولو فتحنا هذا الباب لجاز لمديري المصارف الإسلامية أن يضمنوا رأس مال المودعين
    بأن يتعهدوا بشراء حصصهم المشاعة في وعاء الاستثمار بقيمتها الاسمية، وبهذا ينتفي
    الفارق الوحيد بين ودائع المصارف الإسلامية والمصارف التقليدية
    .



    التعهد من وكيل
    الاستثمار



    ولا يكون مدير
    العمليات في بعض الصكوك شريكا أو مضاربا، وإنما يكون وكيلا لحملة الصكوك في
    استثمار الأصول التي تمثلها الصكوك. فهل يجوز أن يتعهد لحملة الصكوك أنه سوف يشترى
    الأصول في نهاية المدة بقيمتها الاسمية؟ والجواب أن التعهد من الوكيل وإن كان أخف
    من تعهد الشريك أو المضارب، فإنه لا يجوز أيضا، لأن الوكالة عقد أمانة ليس فيها
    ضمان على الوكيل إلا في حالة التعدي أو التقصير. والتعهد المذكور بمثابة الضمان
    منه، فلا يجوز هذا الضمان أيضا.وبهذا أخذ معيار الضمانات الصادر من المجلس الشرعي،
    حيث جاء في البند2/2/1منه ما نصه : "لا يجوز اشتراط الضمان على المضارب أو
    وكيل الاستثمار أو أحد الشركاء سواء كان الضمان للأصل أم للربح، ولا يجوز تسويق
    عملياتها على أنها استثمار مضمون."



    وجاء في البند التالي:
    "لا يجوز الجمع بين الوكالة والكفالة في عقد واحد لتنافي مقتضاهما، ولأن
    اشتراط الضمان على الوكيل بالاستثمار يحوّل العملية إلى قرض بفائدة ربوية بسبب
    ضمان الأصل مع الحصول على عائد الاستثمار."



    وقد يستدل على جواز هذا التعهد من وكيل
    الاستثمار بمسألة أقرها المعيار في البند نفسه، حيث جاء فيه: " أما إذا كانت
    الوكالة غير مشروطة فيها الكفالة، ثم كفل الوكيل من يتعامل معه بعقد منفصل، فإنه
    يكون كفيلا لا بصفة كونه وكيلا، حتى لو عزل عن الوكالة يبقى كفيلا."[17]



    فيقول المستدلون
    إن وكيل الاستثمار وإن لم يكن ضامنا في الأصل، ولكنه أصبح ضامنا بحكم هذا التعهد
    المستقل المنفصل عن عقد الوكالة.



    والجواب أن هذا
    قياس مع فارق كبير، لأن الوكيل في الصورة المذكورة في المعيار يكون كفيلا عن مديون
    العمليات بعقد منفصل، وإنه لا يضمن إلا إذا تخلف المديون عن سداد واجباته فقط،
    ولكنه لا يضمن للبائع أن يكون البيع رابحا في كل حال. أما في صورة الصكوك، فإن
    وكيل الاستثمار لا يضمن مديونا معينا، وإنما هو يضمن خسران العمليات، حتى أن ضمانه
    يظل قائما، وإن سدد جميع المديونين واجباتهم، ولكن كانت العمليات خاسرة لنزول
    الأسعار في السوق، أو لأي سبب آخر، فكيف يقاس هذا على ذاك؟



    ثم يزيد الضغط على الإبّالة في هذا التعهد إن
    كان المدير ه والبائع للأصول على حملة الصكوك، كما هو الشأن في كثير منها، حيث
    يتضمن هذا التعهد العينة، لأنه تعهد بشراء ما باعه المتعهد، إلا إذا انتفت العينة
    بالشروط المعروفة في الفقه.



    سياسة الاقتصاد
    الإسلامي



    وإن هذا البحث
    كله كان من الناحية الفقهية البحتة. أما إذا تأملنا من منظور مقاصد التشريع وأهداف
    الاقتصاد الإسلامي، فإن الصكوك التي اجتمعت فيها معظم خصائص السندات الربوية،
    مخالفة تماما لهذه المقاصد والأهداف. إن الهدف النبيل الذي حُرّم من أجله الربا،
    هو أن يوزّع محصول العمليات التجارية والصناعية فيما بين الشركاء على أساس عادل.
    وآليات الصكوك المذكورة تهدم هذ الأساس من رأسه، وتجعل الصكوك مشابهة للسندات
    الربوية سواء بسواء من حيث نتائجُها الاقتصادية. وإن إنشاء المصارف الإسلامية لم
    يكن للمماشاة مع النظام الربوي السائد في العالم في جميع منتجاته وعملياته، وإنما
    كان المقصود من وراء ذلك أن نفتح بتدريج آفاقا جديدة للأعمال التجارية والمالية
    والمصرفية يسود فيها العدل الاجتماعي حسب المبادئ التي وضعهتا الشريعة الإسلامية
    الخالدة. ولاشك أن هذا العمل العملاق كان يحتاج إلى تدريج، ولكن التدريج الحقيقي
    إنما يُتصور بخطة ترسُم مراحله المختلفة بدقة ووضوح، وبأن يكون هناك متابعة مستمرة
    للتقدم إلى هذه المراحل، وليس المراد من التدريج أن تقف الحركة على خطوة واحدة إلى
    أمد غير محدد.



    لاشك أن هيئات
    الرقابة الشرعية والمجامع والندوات الفقهية أجازت للمصارف الإسلامية بعض العمليات التي
    هي بالحيل أشبه منها بالعمليات الحقيقية، ولكن هذه الإجازة كانت لتسيير عَجَلتها في
    ظروف صعبة عدد المصارف الإسلامية فيها قليل جدا. وكان المفروض أن تتقدم المصارف
    الإسلامية إلى العمليات الحقيقية المؤسسة على أساس أهداف الاقتصاد الإسلامي، وإلى
    الابتعاد من مشابهة العمليات الربوية، ولو خطوة فخطوة، ولكن الذي يحدث الآن هو عكس
    ذلك، فإن المؤسسات المالية الإسلامية أصبحت تتنافس في أن تتقدم بجميع خصائص السوق
    الربوية بعُجَرها وبُجَرها، وتأتى بمنتجات جديدة ترجع القهقرى إلى الاقتراب من
    العمليات الربوية بدلا من أن تبتعد عنها، وكثيرا مّا تُبرّر هذه المنتجات بالحيل التي
    يمجّها الفكر السليم، ويضحك عليها الأعداء.



    وقد يستدل
    لتمشية هذه الصكوك بأن هيئات التصنيف العالمية لا تصنفها بالمستوى العالي المطلوب
    إلا بمثل هذه الآليات التي تضمن لحملتها رأس مالهم، وتوزع عليهم الربح بنسبة معينة
    من رأس المال، ولذلك لا يتيسر تسويقها على نطاق واسع إلا بمثل هذه الآليات.
    والجواب عنه أننا لو مشينا خلف هيئات التصنيف العالمية التي لا تفرّق بين الحلال
    والحرام، لما أمكن لنا أبدا أن نتقدم إلى منتجات إسلامية خالصة تخدم أهداف
    الاقتصاد الإسلامي، وذلك لأن هذه الهيئات نشأت في جوّ ربوي لا تعترف بجودة
    الاستثمار إلا بضمان رأس المال وتوزيع العائد على أساس ربويّ، والحال أن جودة
    المنتج من الناحية الشرعية تعتمد على تحمل الأخطار وتوزيع الربح العادل فيما بين
    المستثمرين، فالعقلية الإسلامية مضادة تماما لعقلية هذه الهيئات.



    وبالتالي، فإن
    الصكوك الإسلامية إنما وضعت للمصارف والمؤسسات الإسلامية التي تهدف إلى الابتعاد
    عن الربا، فينبغي تسويق الصكوك فيما بينها على ذلك الأساس، وينبغي أن تكون الصكوك
    مقبولة لديهم، دون احتياجها إلى التصنيف التقليدي. وقد أُنشأت هيئة للتصنيف الشرعي
    الآن، فينبغي أن تدعمها المصارف والمؤسسات الإسلامية حتى نستغنى عن هيئات التصنيف
    التقليدية.



    والواقع أن عدد
    المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية الآن عدد لا يستهان بشأنه والحمد لله، ولا
    يزال في تزايد يوما فيوما، ونسبة نموّها في كثير من البلاد أكثر من نموّ البنوك
    التقليدية، فيتعين عليها الآن أن تتعاون فيما بينها لتقديم منتجات حقيقية بعيدة عن
    التحايل خالية عن شبهات الربا، وهادفة إلى خدمة مقاصد الشريعة في مجال الاقتصاد
    والتنمية والعدل الاجتماعي. ولا يتحصل ذلك إلا بترشيد وتأكيد من قبل هيئات الرقابة
    الشرعية. ولو استمرت هيئات الرقابة الشرعية على سياستها السابقة، فإن المصارف
    الإسلامية سوف تخطئ الطريق، ويُخشى أن تفشل هذه الحركة الطيبة لا قدر الله. وقد
    حان للهيئات الشرعية أن تُعيد النظر في سياستها، وتُقلّل من الرُخص التي استفادت
    بها المؤسسات المالية الإسلامية حتى الآن، وتصمُد على المعايير الشرعية الصادرة من
    المجلس الشرعي، التي لم تُغفل الحاجات الحقيقية لهذه المؤسسات. وإني على يقين بأنه
    إن صمدت الهيئات الشرعية على هذه المعايير، فإن الكفاءات الفنّية العالية الميسرة
    للمؤسسات لا تعجز عن إيجاد بدائل جيدة للمنتجات المشبوهة إن شاء الله تعالى.







    خلاصة البحث
    والاقتراحات



    1- ينبغي إصدار الصكوك على أساس مشروعات تجارية أو
    صناعية جديدة. وإن أصدرت على أساس مشروع قائم، فالواجب أن تمثل الصكوك ملكية تامة
    لحملتها في موجودات حقيقية.



    2- ينبغي أن توزّع عوائد المشروع على حملة الصكوك
    بالغة ما بلغت بعد حسم المصروفات بما فيها من أجرة المدير، أو حصة المضارب في
    الربح. ولئن كان هناك حافز للمدير فليكن على أساس الربح المتوقع من العمليات، وليس
    على أساس سعر الفائدة.



    3- لا يجوز التزام المدير أن
    يقدم قرضا عند نقص الربح الفعليّ من الربح المتوقع.



    4- لا يجوز للمدير، سواء كان مضاربا، أو شريكا، أو
    وكيلا للاستثمار أن يتعهد بشراء الأصول بقيمتها الاسمية. بل يجب أن يكون الشراء
    على أساس صافي قيمة الأصول، أو بثمن يُتفق عليه عند الشراء.



    5- يتعين على هيئات الرقابة الشرعية أن تلتزم
    بالمعايير الشرعية الصادرة عن المجلس الشرعيّ.






    وآخر دعوانا ان الحمد لله ربّ
    العالمين













    [1]
    صحيح البخاري، كتاب الإجارات،
    باب أجر السمسرة







    [2]
    الكافي لابن قدامة، كتاب
    الوكالة 2:253







    [3][3]
    راجع مصنف ابن أ بي شيبة، كتاب
    البيوع والأقضية،باب46،ج6ص107و108 من طبع إدارة القرآن، كراتشي ، ومصنف عبد الرزاق،8:234 رقم الحديث 1518إلى
    1522







    [4]
    فتح الباري، كتاب الإجارات،
    باب أجر السمسرة، 4:451







    [5]
    عمدة القاري، الكتاب والباب
    المذكور أعلاه، 12:133







    [6]
    المعيار الشرعي، رقم 13،بند
    8:5







    [7]
    موطأ الإمام مالك2:657 وسنن
    أبى داود،باب في الرجل يبيع ما ليس عنده،رقم 3504، وجامع الترمذي ،باب ما جاء في
    كراهية ما ليس عنده، رقم 1234







    [8]
    التمهيد لابن عبدالبر24:384






    [9]
    المغنى لابن قدامة 4:162






    [10]
    المغنى 4:211






    [11]
    المعيار الشرعي رقم 13،بند7:8






    [12]
    المعيار الشرعي رقم 12،
    بند3/1/5/7







    [13]
    المرجع السابق، بند 3/1/6/2






    [14]
    المعايير الشرعية، ص230






    [15]
    المدخل الفقهي العام للشيخ مصطفي
    الزرقاء1/263







    [16]
    المرجع السابق551:1






    [17]
    انظر المعيار الشرعي،رقم 5، بند2/2/1، و2/2/2

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء نوفمبر 27, 2024 4:31 pm