التحكيــم وفقـا لقانـون الإجــراءات
المدنيــة رقم (11) لسنــة 1992
المعمـول بــه فـي دولـــة
الإمارات العربيـة المتحــدة
المحـامـي
جمـال حسـن النجــار
تم
نشر هذا البحث فى مجلة الحق (شريعه وقانون )
وهى
مجله دوريه محكمه تعنى بنشـر الدراسـات
الشرعيه
والقانونيه تصدر عن جمعية الحقوقين
بدولة
الامارات العربيه المتحده
العدد
السابع 1421 هـ 2001 م
بسم الله الرحمن
الرحيم
مقــدمــة
التحكـيم كفكرة أو كنظام قديم قدم الزمان ويزعم البعض بأنه قديم قدم الإنسانية ، فالتحكيـم وجـد بل و
موجود دائما ، كصورة من صور العدالة وهو أسبق في الوجود من عدالة الدولة ، فهو ليس
كظاهرة دولية وإنما هو ظاهرة وليدة ثقافات متعددة (1) ويعتقد الفقهاء
بأن التحكيم ظهر أول ما ظهر في اليونان القديمة ما بين القرنين السادس والرابع قبل
الميلاد ، وعرف التحكيم في روما منذ أقدم العهود وعرفه كذلك كل من المصريين
القدماء والاشوريين والبابليين والعـرب قبل الإسلام حيث كان التحكيم اختياريا
متروكا لتراضي المتخاصمين وقبل الإسلام عرفت المجتمعات العربية التحكيم ومثال ذلك
لجوء قريش للتحكيم كطريق لفض نزاعها مع القبائل العربية الأخرى حول من سيضع الحجر
الأسود في مكانه بعد إعادة بناء الكعبة بحيث يعهد بذلك لأول داخل للبيت العتيق
والذي كـان الصادق الأمين "صلـى الله علية وسلـم " وكذلك لم يكن قرار
المحاكم ملزما قانونا بل كان تنفيذه راجعا إلى سلطة المحكم الأدبية والتحكيم في
الشريعة الإسلامية جائز بالكتاب فقد شرف القرآن الكريم التحكيـم في عدة آيات منها قوله تعالي ( وإن خفتم شقاق
بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكمـا مـن أهلها إن يريدا إصلاحـا يوفق الله بينهما
) سـورة النساء الآية رقـم (35 ) وقولـه تعالي ( فلا وربك لا
يؤمنون حتى يحكمـوك فيمـا شجـر بينهـم ثم لا يجدوا في أنفسهـم حرجا مما قضيـت
ويسلموا تسليما ) سـورة النساء
الآية رقـم ( 65 ) ويجمع الفقهاء المسلمـون على
التحكيم قضاء ولذا يشترط في المحكـم ما يشترط وقـت التحكيم ووقت صدور الحكم وهـو
اختيـاري قوامه اتفاق أطرافه (2) وفي فرنسـا في العصور
الوسطـي تواتر اللجوء إلى التحكيم أما في دولة الإمـارات العربية المتحدة قبل
إعلان الاتحـاد تطرق قانون الإجراءات المدنية لسـنة 1970 المعمول به في إمارة أبو
ظبي إلى التحكيم وبالنسـبة للإمـارات الشماليـة ( دبي - الشارقة - أم القيوين -
عجمان - رأس الخيمة - الفجيرة ) فقـد كان مطبق بها قانون العقود لسنة 1971الذي
تطـرق كذلك إلى التحكيم ، وقد نصت المادة /13/ من القانـون رقـم (11) لسنـة 1973في شأن
تنظيـم العلاقـات القضائيـة بين الإمارات على أن أحكام التحكيم الصادرة في إحدى
الإمارات الأعضاء قابلة للتنفيذ في سائر الإمارات الأعضاء في الاتحاد ولم تجز قيام
المحكمة بالتصدى لأساس النزاع عندما يطلب منها إعطاء حكم المحكمين صيغة التنفيذ .
ومنذ إنشاء غرف التجارة والصناعة في الإمارات كان بعض التجار يلجؤوا إليها
لحل بعـض نزاعاتهم من خلال لجان تسوية المنازعات عن طريق الوساطـة والتحكيـم والتي
تم تشكيلها في تلك الغرف .
علمـا بـأن قانـون العمل الاتحـادي رقم ( لسنة 1980 نظم وفي المادتين
(160) و (161) منه حل منازعات العمل الجماعية عن طريق لجنة سميت "لجنة
التحكيم العليا " ووزارة العدل في الدولة ولأهمية التحكيم كطريق لتسوية
المنازعات أصدرت قرار وزير العدل رقم (3) لسنة 1984 بشأن تشكيل لجنـة لوضـع نظام
خاص بالتحكيـم أعمـالا لقرار المجلس الأعلى للقضاء الاتحادي في جلسته المنعقدة
بتاريخ 12/12/1993 وبناءا على ذلك صدر بتاريخ 15/4/1989 قرار وزير العدل والشؤون
الإسلامية والأوقاف رقم (54) لسنة 1989 بالإشراف علـى نظـام
التحكيم في الوزارة وذلك بالنسبة لطلبات التحكيم المحالة من المحكمة بناء
على طلب أطـراف النزاع أو المقدمة من الأطراف مباشرة ثم صدر عام 1992 القانون
الاتحـادي رقم 11 لسنة 1992لقانون إجراءات المحاكم المدنية في شـأن المعاملات
المدنيـة ثم أنشأت غرفـة تجـارة أبو ظبـي عـام 1993 مركـز أبو ظبي للتدقيـق
والتحكيم التجـاري وبعد ذلك أنشأت غرفة تجارة وصناعة دبي مركز التحكيم التجـاري
التابع لها وقد أثبت المركزان رغم حداثة نشأتهما قدرة متميزة في هذا المجال .
وبالنسـبة لقانـون إجـراءات المحاكم المدنية الإماراتي فقد أجاز التحكيم
بقصد التيسير على الخصوم والتبسيط عليهم واختصـار الإجراءات وسرعة الفصل في
المنازعات والواقع أن التحكيم يرتكز على أساسين هما إرادة الخصوم وإقرار المشرع
لهذه الإرادة والمشـرع وإذ يجيز التحكيم ويقـره إلا أنه لا يسلب المحاكم اختصاصها
في إجراءاته من حيث الاتفاق عليه والتحقق من صفة وأهلية المحتكمين والتحقق من
أهلية وصلاحية المحكمين ومـن أن موضوع النزاع يجوز طرحـه علـى التحكيم كما أن حكـم
المحكمين يخضع لرقابة القضاء - ولو أتفق الخصوم على عدم قابليته للطعن من حيـث
الرجـوع عن التحكيم أو تدخل من لم يكن طرفا في عقد التحكيم أو اختصاصه بما يتيح
الفرصة للخصوم والمحاكم ذات الاختصاص الأصلي مراقبة صحة تطبيق القانـون فالمشرع
وإن أجاز التحكيم إلا أنه أوجب مراعاة الشكل المقرر في التشريع إذ لا يجوز
للمحكمين مخالفة الأسس أو الخروج عن نطاقها .
خطـة الدراسة :
سنتحدث عن التحكيم وفقا لقانون الإجراءات المدنية رقم ( 10) لسنة 1992
المعمول به دول الإمارات العربية المتحدة مع موقف أحكام القضاء في الدولة وذلك في
عدة فصول وسنخصص الفصـل الأول للتعـريف بالتحكيـم وشـروط الاتفـاق علـى التحكيم
والفصـل الثاني سنخصصه لبيان طبيعة الاتفاق على التحكيم وآثاره وأما الفصل الثالث
فسنخصصه لبيان أنواع التحكم والفصـل الرابـع سنكرسه لموضـوع تعيين المحكم وما
يشترط في المحكـم أمـا في الفصـل الخامـس فسيتـم
التطـرق فيه إلى حكـم المحكـم وسنكرس الفصل السادس للحديث عن بطلان حكم المحكم
وطرق الطعن فيه .
أمـا الفصـل السابـع والأخـير سنعقـده لموضـوع رد المحكـم وتنحيتـه
وعزلــه .
والواقـع أن النصـوص الواردة في قانـون الإجـراءات المدنية المشار إليه
أعلاه باعتقادنا لا تغـني عـن وجود قانون خاص بالتحكيم باعتبار أن هناك اشكالات
أفرزها الواقع القانوني لطريق التحكيم نظرا لوجود قصور تشريعي في تنظيم التحكيـم
الفصل الأول
التعريف بالتحكيم وطبيعته .
يـراد بالتحكيم إقامة ( قضـاء خاص ) يتولاه أفراد مزودون بولاية الفصل في
المنازعات وذلك خروجـا على الأصل العام وهو أن أداء العدالة وظيفة من وظائف الدولة
تؤديها سلطتها القضائية والمشرع هو الذي يجيز نظام القضاء الخاص حيث يقرر ملائمته
لأداء العدالة متجزأ ولايته من ولاية المحاكم القضائية والأشخاص الأطراف في
المنازعة هـم الذين يقيمونه ويحددون اختصاصه ويضع المشرع جزاء على خروج القضـاء
الخاص عن حدود كل من تلك الولاية وهـذا الاختصاص كما يقيده من حيث القانون الذي
يطبقه في الإجراءات والقانون الذي يطبقه في الموضوع مع الترخيص لأطراف المنازعة في
الخروج من هذه القيود في النطاق الذي يرسمه ويجعله خاضعا في أداء وظيفته لرقابـة
القضاء فيجيز الطعن فيما يصدره من أحكام ولا تكون لهذه الأحكام قوة التنفيذ إلا
صدور أمر بذلك من القضاء (3)
أما تعريف التحكيم في الاصطلاح الفقهي فهو توليه الخصمين حاكما يحكـم
بينهما (4)
وعرفت المادة /1790/ من مجلة الأحكام العدليه بقولها ( اتخاذ الخصمين شخص
آخر برضاهما لفصـل خصومتهما ودعواهما ) والاتفاق على التحكيم في خلاف أو نزاع معين
يتم بوثيقة تحكيم خاصة تسمي مشارطه التحكيم ويجوز الاتفاق على التحكيم في
المنازعات التي تنشأ عند تنفيـذ عقـد معين علـى محكم أو أكثر كما يجوز الاتفاق على
التحكيم في نزاع معين بشروط خاصة (ف 1 من المادة 203 من قانون الإجراءات
المدنية لدولة الإمارات العربية رقم 11 لسنة 1992 ) وفي حالة اتفـاق
الطرفين علـى التحكيم يترتـب على ذلك حرمان أطراف العقد من الالتجاء إلى القضاء
بصدد الخصومة التي اتفقوا فيها على التحكيم لنزولهم عن الالتجـاء إلى القضاء بصدده
ولا يجوز الرجوع عن ذلك إلا باتفاقهم ولا يحق لأي منهم العدول عن الاتفاق على
التحكيم بإرادته المنفردة إذ يظل شرط التحكيم قائما ( الطعن رقم 282 لسنة 1993
حقوق صادر عن محكمة تمييز دبي بجلسة 13/2/1994 ) .
وقضي بأنه إذا لم يتفق المتعاقدان - صراحة - سواء في العقد الأساس أو
مشارطه التحكيـم اللاحقة عليه - على اختصاص المحكم أو المحكمين باتخاذ الإجراءات
الوقتية أو التحفظية أو بالمسائل المستعجـلة فأن اتفاقهما على التحكيم بشأن النزاع
حول تفسير أو تنفيذ العقد الأساس لا يخول المحكمين السلطة أو الاختصاص بالفصل في
تلك الإجـراءات أو هـذه المسائـل ولا يحـول بين الخصوم وبين اللجوء بشأنها إلى
المحاكم للأمر بها أو الفصل فيها باعتبار أن المحاكم هي صاحبة الولاية العامة
والاختصاص الأصيل بها - وأنه لما كانت الحراسة القضائية وفـق ما تشير إليه المادة
29 من قانون الإجـراءات المدنية الإماراتي الساري من المسائل المستعجلـة - القصـد
منهـا دفـع خطر عاجل يخشى وقوعه على ما ثار بشأنه نزاع - فإنه مـا لم يتفق طرفا
العقـد فيه صراحة أوفي مشارطه التحكيم اللاحقة على اختصاص المحكمين بالفصل في
الحراسة القضائية - فإن النزاع بشأنها لا يدخل ضمن نطاق التحكيم ولا يخرج عن
اختصاص المحاكـم ( الطعن رقم 274 لسنة 1993 حقوق صادر عن محكمـة تمييز دبي بجلسة
29/1/1994 ) والاتفاق على التحكيم قد يتم في نفس العقد الأصلي مصـدر الرابطة
القانونية سواء كان عقدا مدنيا أو عقدا تجاريا ، فيتفق الأطراف على حل ما ينشأ من
نزاع مستقبلي بشـأن تفسـير أو تنفيذ هذا العقد بواسطـة محكمين
ولا ينصب التحكيم على نزاع معين وهذا الاتفاق يسمي بشرط التحكيم وهو الأمر
الشائع في العقود الدولية ذات الشكل النموذجي ، على أن هذا الشرط يتمتع بذاتية
مستقلة لا يتأثر ببطلان أو فسـخ محتمـل للعقـد الأصلـي علـى المحكمين وفقا للشرط
الذي يتضمنه هذا العقد (5)
وقـد يتفق الطرفان بعد قيام النزاع بينهما على عرضه على التحكيم فالالتجاء
إلى التحكيم يكون أعمالا لمشارطه مستقلـة مبرمة بين أطراف الخصومة ويوجد خلاف في
الفقه حول طبيعتها فقال البعض بأنها عقد غير مسمي وقيل أنها وكالة أو هي عقد
مقاولة
والواقع أن التحكيم يختلف عن الوكالة فبينما القاعدة أن الوكيل يستمد
سلطاته من الموكـل ويملك الموكـل حق التنصل من عمل الوكيل في حالة تجاوزه حدود
وكالته ولا يقـوم الوكيـل -كقاعدة عامة - إلا بما يمكن أن يقوم به الموكل نجد أن
المحكم مستقلا تمام الاستقلال عن الخصوم ، فبمجرد الاتفاق على التحكيم تصبح له صفة
القاضـي ولا يتمكن الخصوم من التدخل في عمله بل أن حكمه يفرض عليهم و في حالة
الاتفاق على التحكيم على أن يكون لكل طرف تعيين محكمه ويكون تعيين واختيار المحكـم
المرجح ( الحكم الثالث ) لذات الطرفين أو لمحكمهما أو لشخص آخـر … ففـي مثل هـذه
الأحوال يكون محكم الخصم بمثابة مدافـع عنـه ( وكيل بالخصومـة ) وتكـون هـذه
الصفـة التاليـة لـه - ومـع ذلك يظـل لـه مـن الناحيـة القانونيـة وصفـة كمحكـم
وليـس كوكيـل بالخصومــة (6)
ويتميز الاتفاق التحكيمى عن سائر الاتفاقات بأن أطرافه يمنحون الغير (
المحكمون ) الاختصاص بالفصل في منازعاتهم ، وهذا العنصر يفرق أيضا التحكيم عن
الصلح والخبرة إذ بينما الصلح عقد نجد أن التحكيم وأن اتخذ أساسه من عقد إلا أنه
في ذاته طريق قضـائي ( قضـاء خـاص ) للفصـل في المنازعات ثم أنه يجتمـع في التحكيم
والخـبرة عنصر مشترك وهـو تدخـل الغيـر ( أي غير الأطـراف ) لحـل النـزاع
إلا أن دور الغيـر ليـس علـى سـواء في كـل منهما فهـو في الخبرة دور ( تحضيري )
يفتـح الطريق للفصـل في النزاع وهـو في التحكيـم دور الفاصـل
في النزاع (7) .
شروط اتفاق التحكيم :
بمـا أن اتفاق التحكيم من العقود الرضائيه فيكفي لانعقاده توافر الرضا وأن
كان القانون يتطلـب الكتابة لإثباتـه فالكتابة هـي شرط لإثبات العقد وليس لوجوده
وهو عقد ملزم للجانبين بمعني أنه يرتب التزامات متقابلة في ذمة كل من المتعاقدين
وأنه من عقود المعارضة لأن كـلا من المتعاقدين يتلقى فيه عوضا كما التزم به وشرط
التحكيم وشروط التحكيم قد يكون أمر احتمالي لاحتمال عدم نشوء نزاع بين الأطراف وقد
يكون التحكيم معلق على شرط كما لو اشترط حل النزاع بشأن حادث موضوع عقد تأمين
بواسطة محكمين .
ويشترط في اتفاق التحكيم أيا كانت صورته ( شرط التحكيم أو مشارطه التحكيم
) مـا يلي :
1 / الكتابــة :
بموجـب الفقـرة (2) من المادة /203 / من قانون الإجراءات المدنية في دولة
الإمـارات لا يثبت الاتفاق على التحكيم إلا كتابة
ومن ثم لا يمكن إثبات حصول اتفـاق على إحـالة النزاع إلى التحكيم باليمـين
أو بشهادة الشهود مهما كانت قيمة
- 9 -
النزاع أو قيمته ، والقانون لم يتطلب شكلا خاصـا في مشارطه التحكيم فيمكن
تحريرها من الأطراف بأي شكـل شاءوا وذلك شـأن العقـود الأخـرى- وعليه لا يتقيد
شكلها بلفظ معين والكتابة هي شرط لإثبات العقـد لا وجوده وبناءا عليه فإن إقرار
الخصم بوجود الاتفاق على التحكيم يغني عن الكتابة .
2 / الأهليــة :
بموجب الفقرة (4) من المادة /203 / من قانون إجراءات المحاكم المدنية في
دولة الإمـارات العربية المتحـدة لا يصـح الاتفـاق على التحكيم إلا ممن له أهلية
التصرف في الحق محل النزاع ، وعلـى ذلك لا تكفي أهلية الالتجاء إلى القضاء أي
أهليـة التقاضي بل يجـب توافر أهلية التصـرف ولا يملك القاصـر ( أو المحجور عليه
قبول التحكيـم وبالنسبة للولي أو الوصي أو القيم فلا يملك قبول التحكيم نيابة عنهم
إذ ليس لهؤلاء التصرف في أموالهم إلا بإذن من القاضي في الأحوال المقررة قانونا .
وعندما يمثل الوصي قاصرا أمام القضاء فهو لا يملك التحكيم ما لم يستأذن
القاضي المختص علمـا بأن هذا الإذن مقرر لمصلحة ناقص الأهلية وليس لخصمه التمسك به
وقد قضت محكمة النقض المصرية ببطلان مشارطه التحكيم لنقص أهلية أحد العاقدين وهو
بطلان نسبي لا يتمسك به إلا ناقص الأهلية ( طعن رقم 83 لسنة 17 من جلسة 18/11/48 )
.
وبالنسبة للأب أو الولي فلا يملكان التحكيم إلا فيما يملكان فيه حق التصرف
وإذا تطلب القانون إذنا للتصـرف يجب الحصول على إذن بالنسبة إلى التحكيم بالنسبة
لهذا التصرف وقضي بأنه من المقـرر لا يصح الاتفاق على التحكيم إلا ممن له أهلية
التصرف
في الحق المتنازع عليه وأنه في الوكالة الخاصة ليس للوكيل سوي مباشرة
الأمور المعينة فيها وما يتصل بها من توابع ضرورية تقتضيها طبيعة التصرفات والعرف
الجاري والخروج عن حدود هذا التفويض بالاتفاق على التحكيـم رغم عـدم النـص عليه في
التفويض لا يسري في حـق الموكل إلا إذا أجازه هذا التصرف ( الطعن رقم 325 لسنة
1993 صادر عن محكمة تمييز دبي بجلسة
25/6/1994 .
3 / بموجـب الفقـرة (4) مـن المادة /203/ من قانون إجراءات المحاكم
المدنية لدولة الإمارات العربية المتحدة لا يجـوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز
فيها الصلح ومـن المسائل التي لا يجوز فيها الصلح الأحوال الشخصية البحتة فـلا
يـجوز التحكيم في خصومة تتصل فيما إذا كان عقد الزواج صحيحا أو باطلا وإنما يجوز
التحكيـم في المصالح المالية المتصلة بالأحوال الشخصية كتحديد مقـدار النفقة ولا
يجـوز التحكيم في خصومة تتصل بطلب اكتساب جنسية ما وكذلك لا يجـوز التحكيـم في
الدعـوى بطلب دين قمار أو فيما كان الدين يعتبر دين قمـار أو لا يعتبر أو ما يتصل
بنزع الملكيـة للمنفعة العامة ، وقد قضت محكمة النقض المصرية بأن تحديـد مسئولية
الجاني عن الجريمة ، تعلقها بالنظام العام لا يصح أن تكون محلا لصلح أو تحكيم ،
بطلان الالتزام المبني على ذلك والحكمة من عـدم جـواز اللجوء للتحكيم في المسائل
المتعلقة بالنظام العام هو أن تخضع تلك المسائل لرقابة وإشراف السلطة التي يعنيها ذلك
.
ولا يصلح الحق محلا للتحكيم إذا كان مما يجب أن تتدخل فيه النيابة العامة
فيما لو عرض على القضاء تنفيذا لرغبة المشـرع بوجوب التدخل أمام القضاء مـن جهـة
ولأن النيابـة العامـة لا تعمل أمام محكمين من جهة أخري .
أما بالنسبة للأمور المستعجلة لا يشملها التحكيم ما لم يتفق على غير ذلك
ولا يجوز الاتفاق صراحة على اختصاص المحكمة بنظر الأمور المستعجلة والمسائل
المتعلقة بالنظام العام كمـا سبق البيان لا يجـوز التحكيم فيها وعقد التحكيم في
هـذه المسائـل يكون باطلا بطلانا مطلقا من النظام العام ، فيجـوز أن يتمسـك بـه أي
خصم في الدعـوى في أية حالة تكـون عليها الإجراءات وعلى المحكمة أن تقضي من تلقاء
نفسها دون الاعتداد بما أتفق عليه الخصوم ( 8 ).
الفصل الثاني
طبيعة الاتفاق على التحكيم وآثاره :
فقهـا وقضاء يعتبر التحكيم ذا طبيعة تعاقدية وهو مظهر من مظاهر سلطان
الإرادة سـواء كان الاتفـاق على التحكيم بند من بنود العقد أو مشارطـه مستقلـة
للتحكيم إلا أن هناك من يري بأن التحكيم هو عقد ذات طبيعة إجرائية عامة لأنه يترتب
على ذلك منع عرض النزاع على القاضي ويخول المدعى عليه دفعا هو الدفع بوجود اتفاق
علـى التحكيم في كثير من النواحي التي يترك القانون للأفـراد حرية تنظيمها
والواقـع أنه نظرا لأن الاتفاق على التحكيم سابق على الخصومة ومـن ثم لا يعـد عملا
من أعمالها ويترتب على ذلك خضوع اتفاق التحكيم لما تخضع له عقود القانون الخاص ،
فلا يخضع اتفاق التحكيم للشروط التي ينظمها القانون للأعمـال الإجرائية وإنمـا
للبطلان الذي ينظمه القانون المدني وقضـي
بـأن حكـم المحكمين لا يستمد قوته إلا من اتفاق الخصوم على التحكيم فإذا انعـدم
هـذا الاتفاق أو كان باطلا أو إذا جـاوز المحكمون حدود سلطاتهم ومـن ثم يجوز في
هذه الحالة رفع دعوى تبدأ بطلب بطلان حكم المحكمون وبموجب نص الفقرة (5) مـن
المادة /203/ من قانون إجراءات المحاكم المدنية السـاري في الدولة إذا اتفـق
الخصـوم على التحكيم في نزاع مـا فلا يجوز رفع الدعوى به أمام القضاء ومع ذلك إذا
لجأ أحـد الطرفين إلى رفع دعوى اعتداد بشرط التحكيم ولم يعترض الطـرف الآخر في
الجلسة الأولى جـاز
نظر الدعـوى وأعتبر شـرط التحكيم لاغيـا ( الطعن رقم 17 لسنة 1995 الصادر
عن محكمة تمييز دبي بجلسة 28/10/1995 ) .
ويترتب على الاتفاق على التحكيم نزول الخصم عن الالتجاء إلى القضاء أي
الالتجاء إلى المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع ، ومتى نزل الخصوم بإرادتهم عـن حق
اللجوء إلى القضاء فإن الدعوى تفقد شرط من شروط قبولها مما يمتنع معه على المحكمة
قبولها وبناءا على ما تقدم يمكن القول بأنه مادام شرط التحكيم قائما فإنه يمتنع
على المحكمة نظر الدعوى رغم بقائها صاحبـة الاختصاص ومن ثم فإن الدفع بالاعتداد
بشرط التحكيم مـن قبيل الدفوع بعدم الدعوى من الناحية الإجرائية أمام القضاء ( حكم
صـادر عن محكمة استئناف الشارقة بتاريخ 13/3/1975 منشور في موسوعة الأحكام للمحامي
/ عبد الله راشد هلال مبدأ رقم 217 ص 130 )
وقضي بأنه لا يجوز الادلاء أمام المحكمة بالدفع بالإحالة إلى المحكم لقيام
ذات النزاع أو نزاع آخـر مرتبط به أمامـه لأن القاعدة أن هذه الإحالة لا تجوز إلا
بين المحاكم في نطاق الجهة القضائية الواحـدة ما لم ينص القانون على ما يخالف ذلك
والقانون خال مـن أي نص يجيز الإحالة إلى المحكم ( الطعن رقم 282 لسنة 1993 حقوق
صادر عن محكمة تمييز دبي بجلسة 13/2/1994) .
وقضي كذلك بجواز التنازل عن التمسك بشرط التحكيم صراحة أو ضمنا ( الطعنان
رقما 129و170 لسنة 1994 حقـوق صـادر عـن محكمـة تمييز دبي بجلسة 8/1/1995 ) .
وقضي بأنه وأن كان يجوز النزول عن التحكيم صراحة أو ضمنا إلا أنه يجب أن
يكون هـذا النزول قاطـع الدلالة على رضاء النازل عنه وترك حقه في التمسك به
وتقديـر
ذلك يدخـل في سلطـة محكمـة الموضوع وحسبها أن تقيم قضائها على أسباب سائغة
وبما له أصـل ثابت بالأوراق ( الطعن رقم 399 لسنة 1994 حقوق صادر عن محكمة تمييز
دبي بجلسة 7/5/1995) .
علما بأنه يجوز الرجوع عن شرط التحكيم ويترتب على ذلك زوال المانع الذي
يحول دون قيام المحكمة بسماع الدعوى وهذا يؤكد ما سبق وأن أوردناه من أن التحكيم
لا ينزع الاختصاص مـن المحكمـة وتلك الطبيعـة الاتفاقية للتحكيم تجعله غير متعلق
بالنظـام العـام فلا يجـوز للمحكمة أن تقضـي به من تلقاء نفسها وإنما يتعين التمسك
به من الخصـوم أمامها ويجوز النزول عنه صراحة أو ضمنا ويسقط الحق فيه وذلك إذا
أثير متأخرا إذ يعتبر السكوت عـن إبدائه في الجلسة الأولى تنازلا عنه ويصبح نظـر
المحكمـة للدعـوى صحيحا ( الطعـن رقم 17 لسنة 1995 صادر عن محكمة تمييز دبي بجلسة
28/10/1995 ) والواقـع أن المحتكم باتفاقه على التحكيم لا ينزل عن حماية القانون
ولا ينزل عن حقه في اللجوء للقضاء وإلا فإن المشرع لا يعتد بهـذا النزول ولا يقره
باعتبار أن اللجوء للقضاء من الحقوق المقدسة التي تتعلـق بالنظام العام والمحتكم
باتفاقه على التحكيم يمنح المحكم سلطه الحكم في النزاع بدلا مـن المحكمة المختصة
فإرادة المحتكم في عقد التحكيم تقتصر على مجرد إحلال المحكم محل المحكمـة في نظر
النزاع بحيث إذا تعذر تنفيذ عقد التحكيم لأي سبب من الأسباب عادت سلطـة الحكم إلى
المحكمة ووجود دعوى مردودة بين الخصـوم أمـام المحاكـم لا يحول دون اتفاقهـم على
اللجوء إلى التحكيم للفصـل في ذات النزاع محل تلك الدعوى طالما أنه لم يصدر فيها
من المحكمة حكم يمتنع معه إعادة طرح النزاع على جهـة أخـري مختصـة بالحكـم (
الطعـن رقم 80 لسنة 1985 صـادر عن محكمة تمييز دبي بجلسة 8/10/1995 ) .
وبإتفاق التحكيم يحـل قضاء الدولة في حماية الحقوق ويكون إلزاميا كشأن
قضـاء الدولة ، فالتحكـيم اتفـاق ثم إجراءات تحل محل الإجراءات القضائية بنـص القانـون
ثم حكـم له طبيعة أحكام القضاء ( نقض مصري
رقم 2186 سنة 52 صادر بتاريخ 6/2/1986 ) .
والحقيقـة أن الطبيعـة المركبـة للتحكيم في كونـه اتفاقي النشأة ، قضـائي
الوظيفـة يكشـف في وجهها الثاني في أن فعالية حكـم المحكم تنحصر في حجية الأمـر
المقضي فهي أداته في تحقيق وظيفته ، وحكم المحكم بوصفه عمل إجرائي يحاط منذ صدوره
بضمانات ، لا يقتصر على ترتبيه لآثاره الإجرائية وإنما أيضا يرتب آثار قانونية
أخرى منها عدم جواز المساس به ، خارج حدود معينة بعد صدوره ، فالمحكم بعد صدور
الحكم لا يصبـح محكمـا ويخرج النزاع من سلطته وهـو يعبر عنه بإستنفاذ المحكم
لولايته ، وقد نصت على تلك القاعدة بعض التشريعات صراحـة منها القانـون ( الفرنسي
( م 1475 من قانون المرافعات المدنية الجديد ) ومضمون تلك القاعدة منـع المحكم من
العدول عن حكمـه أو تعديله وكل ما يمكنه أن يقوم به تصحيح ما ورد به من أخطاء
مادية أو تفسيره بناءا على طلب المحتكم (11 )
المدنيــة رقم (11) لسنــة 1992
المعمـول بــه فـي دولـــة
الإمارات العربيـة المتحــدة
المحـامـي
جمـال حسـن النجــار
تم
نشر هذا البحث فى مجلة الحق (شريعه وقانون )
وهى
مجله دوريه محكمه تعنى بنشـر الدراسـات
الشرعيه
والقانونيه تصدر عن جمعية الحقوقين
بدولة
الامارات العربيه المتحده
العدد
السابع 1421 هـ 2001 م
بسم الله الرحمن
الرحيم
مقــدمــة
التحكـيم كفكرة أو كنظام قديم قدم الزمان ويزعم البعض بأنه قديم قدم الإنسانية ، فالتحكيـم وجـد بل و
موجود دائما ، كصورة من صور العدالة وهو أسبق في الوجود من عدالة الدولة ، فهو ليس
كظاهرة دولية وإنما هو ظاهرة وليدة ثقافات متعددة (1) ويعتقد الفقهاء
بأن التحكيم ظهر أول ما ظهر في اليونان القديمة ما بين القرنين السادس والرابع قبل
الميلاد ، وعرف التحكيم في روما منذ أقدم العهود وعرفه كذلك كل من المصريين
القدماء والاشوريين والبابليين والعـرب قبل الإسلام حيث كان التحكيم اختياريا
متروكا لتراضي المتخاصمين وقبل الإسلام عرفت المجتمعات العربية التحكيم ومثال ذلك
لجوء قريش للتحكيم كطريق لفض نزاعها مع القبائل العربية الأخرى حول من سيضع الحجر
الأسود في مكانه بعد إعادة بناء الكعبة بحيث يعهد بذلك لأول داخل للبيت العتيق
والذي كـان الصادق الأمين "صلـى الله علية وسلـم " وكذلك لم يكن قرار
المحاكم ملزما قانونا بل كان تنفيذه راجعا إلى سلطة المحكم الأدبية والتحكيم في
الشريعة الإسلامية جائز بالكتاب فقد شرف القرآن الكريم التحكيـم في عدة آيات منها قوله تعالي ( وإن خفتم شقاق
بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكمـا مـن أهلها إن يريدا إصلاحـا يوفق الله بينهما
) سـورة النساء الآية رقـم (35 ) وقولـه تعالي ( فلا وربك لا
يؤمنون حتى يحكمـوك فيمـا شجـر بينهـم ثم لا يجدوا في أنفسهـم حرجا مما قضيـت
ويسلموا تسليما ) سـورة النساء
الآية رقـم ( 65 ) ويجمع الفقهاء المسلمـون على
التحكيم قضاء ولذا يشترط في المحكـم ما يشترط وقـت التحكيم ووقت صدور الحكم وهـو
اختيـاري قوامه اتفاق أطرافه (2) وفي فرنسـا في العصور
الوسطـي تواتر اللجوء إلى التحكيم أما في دولة الإمـارات العربية المتحدة قبل
إعلان الاتحـاد تطرق قانون الإجراءات المدنية لسـنة 1970 المعمول به في إمارة أبو
ظبي إلى التحكيم وبالنسـبة للإمـارات الشماليـة ( دبي - الشارقة - أم القيوين -
عجمان - رأس الخيمة - الفجيرة ) فقـد كان مطبق بها قانون العقود لسنة 1971الذي
تطـرق كذلك إلى التحكيم ، وقد نصت المادة /13/ من القانـون رقـم (11) لسنـة 1973في شأن
تنظيـم العلاقـات القضائيـة بين الإمارات على أن أحكام التحكيم الصادرة في إحدى
الإمارات الأعضاء قابلة للتنفيذ في سائر الإمارات الأعضاء في الاتحاد ولم تجز قيام
المحكمة بالتصدى لأساس النزاع عندما يطلب منها إعطاء حكم المحكمين صيغة التنفيذ .
ومنذ إنشاء غرف التجارة والصناعة في الإمارات كان بعض التجار يلجؤوا إليها
لحل بعـض نزاعاتهم من خلال لجان تسوية المنازعات عن طريق الوساطـة والتحكيـم والتي
تم تشكيلها في تلك الغرف .
علمـا بـأن قانـون العمل الاتحـادي رقم ( لسنة 1980 نظم وفي المادتين
(160) و (161) منه حل منازعات العمل الجماعية عن طريق لجنة سميت "لجنة
التحكيم العليا " ووزارة العدل في الدولة ولأهمية التحكيم كطريق لتسوية
المنازعات أصدرت قرار وزير العدل رقم (3) لسنة 1984 بشأن تشكيل لجنـة لوضـع نظام
خاص بالتحكيـم أعمـالا لقرار المجلس الأعلى للقضاء الاتحادي في جلسته المنعقدة
بتاريخ 12/12/1993 وبناءا على ذلك صدر بتاريخ 15/4/1989 قرار وزير العدل والشؤون
الإسلامية والأوقاف رقم (54) لسنة 1989 بالإشراف علـى نظـام
التحكيم في الوزارة وذلك بالنسبة لطلبات التحكيم المحالة من المحكمة بناء
على طلب أطـراف النزاع أو المقدمة من الأطراف مباشرة ثم صدر عام 1992 القانون
الاتحـادي رقم 11 لسنة 1992لقانون إجراءات المحاكم المدنية في شـأن المعاملات
المدنيـة ثم أنشأت غرفـة تجـارة أبو ظبـي عـام 1993 مركـز أبو ظبي للتدقيـق
والتحكيم التجـاري وبعد ذلك أنشأت غرفة تجارة وصناعة دبي مركز التحكيم التجـاري
التابع لها وقد أثبت المركزان رغم حداثة نشأتهما قدرة متميزة في هذا المجال .
وبالنسـبة لقانـون إجـراءات المحاكم المدنية الإماراتي فقد أجاز التحكيم
بقصد التيسير على الخصوم والتبسيط عليهم واختصـار الإجراءات وسرعة الفصل في
المنازعات والواقع أن التحكيم يرتكز على أساسين هما إرادة الخصوم وإقرار المشرع
لهذه الإرادة والمشـرع وإذ يجيز التحكيم ويقـره إلا أنه لا يسلب المحاكم اختصاصها
في إجراءاته من حيث الاتفاق عليه والتحقق من صفة وأهلية المحتكمين والتحقق من
أهلية وصلاحية المحكمين ومـن أن موضوع النزاع يجوز طرحـه علـى التحكيم كما أن حكـم
المحكمين يخضع لرقابة القضاء - ولو أتفق الخصوم على عدم قابليته للطعن من حيـث
الرجـوع عن التحكيم أو تدخل من لم يكن طرفا في عقد التحكيم أو اختصاصه بما يتيح
الفرصة للخصوم والمحاكم ذات الاختصاص الأصلي مراقبة صحة تطبيق القانـون فالمشرع
وإن أجاز التحكيم إلا أنه أوجب مراعاة الشكل المقرر في التشريع إذ لا يجوز
للمحكمين مخالفة الأسس أو الخروج عن نطاقها .
خطـة الدراسة :
سنتحدث عن التحكيم وفقا لقانون الإجراءات المدنية رقم ( 10) لسنة 1992
المعمول به دول الإمارات العربية المتحدة مع موقف أحكام القضاء في الدولة وذلك في
عدة فصول وسنخصص الفصـل الأول للتعـريف بالتحكيـم وشـروط الاتفـاق علـى التحكيم
والفصـل الثاني سنخصصه لبيان طبيعة الاتفاق على التحكيم وآثاره وأما الفصل الثالث
فسنخصصه لبيان أنواع التحكم والفصـل الرابـع سنكرسه لموضـوع تعيين المحكم وما
يشترط في المحكـم أمـا في الفصـل الخامـس فسيتـم
التطـرق فيه إلى حكـم المحكـم وسنكرس الفصل السادس للحديث عن بطلان حكم المحكم
وطرق الطعن فيه .
أمـا الفصـل السابـع والأخـير سنعقـده لموضـوع رد المحكـم وتنحيتـه
وعزلــه .
والواقـع أن النصـوص الواردة في قانـون الإجـراءات المدنية المشار إليه
أعلاه باعتقادنا لا تغـني عـن وجود قانون خاص بالتحكيم باعتبار أن هناك اشكالات
أفرزها الواقع القانوني لطريق التحكيم نظرا لوجود قصور تشريعي في تنظيم التحكيـم
الفصل الأول
التعريف بالتحكيم وطبيعته .
يـراد بالتحكيم إقامة ( قضـاء خاص ) يتولاه أفراد مزودون بولاية الفصل في
المنازعات وذلك خروجـا على الأصل العام وهو أن أداء العدالة وظيفة من وظائف الدولة
تؤديها سلطتها القضائية والمشرع هو الذي يجيز نظام القضاء الخاص حيث يقرر ملائمته
لأداء العدالة متجزأ ولايته من ولاية المحاكم القضائية والأشخاص الأطراف في
المنازعة هـم الذين يقيمونه ويحددون اختصاصه ويضع المشرع جزاء على خروج القضـاء
الخاص عن حدود كل من تلك الولاية وهـذا الاختصاص كما يقيده من حيث القانون الذي
يطبقه في الإجراءات والقانون الذي يطبقه في الموضوع مع الترخيص لأطراف المنازعة في
الخروج من هذه القيود في النطاق الذي يرسمه ويجعله خاضعا في أداء وظيفته لرقابـة
القضاء فيجيز الطعن فيما يصدره من أحكام ولا تكون لهذه الأحكام قوة التنفيذ إلا
صدور أمر بذلك من القضاء (3)
أما تعريف التحكيم في الاصطلاح الفقهي فهو توليه الخصمين حاكما يحكـم
بينهما (4)
وعرفت المادة /1790/ من مجلة الأحكام العدليه بقولها ( اتخاذ الخصمين شخص
آخر برضاهما لفصـل خصومتهما ودعواهما ) والاتفاق على التحكيم في خلاف أو نزاع معين
يتم بوثيقة تحكيم خاصة تسمي مشارطه التحكيم ويجوز الاتفاق على التحكيم في
المنازعات التي تنشأ عند تنفيـذ عقـد معين علـى محكم أو أكثر كما يجوز الاتفاق على
التحكيم في نزاع معين بشروط خاصة (ف 1 من المادة 203 من قانون الإجراءات
المدنية لدولة الإمارات العربية رقم 11 لسنة 1992 ) وفي حالة اتفـاق
الطرفين علـى التحكيم يترتـب على ذلك حرمان أطراف العقد من الالتجاء إلى القضاء
بصدد الخصومة التي اتفقوا فيها على التحكيم لنزولهم عن الالتجـاء إلى القضاء بصدده
ولا يجوز الرجوع عن ذلك إلا باتفاقهم ولا يحق لأي منهم العدول عن الاتفاق على
التحكيم بإرادته المنفردة إذ يظل شرط التحكيم قائما ( الطعن رقم 282 لسنة 1993
حقوق صادر عن محكمة تمييز دبي بجلسة 13/2/1994 ) .
وقضي بأنه إذا لم يتفق المتعاقدان - صراحة - سواء في العقد الأساس أو
مشارطه التحكيـم اللاحقة عليه - على اختصاص المحكم أو المحكمين باتخاذ الإجراءات
الوقتية أو التحفظية أو بالمسائل المستعجـلة فأن اتفاقهما على التحكيم بشأن النزاع
حول تفسير أو تنفيذ العقد الأساس لا يخول المحكمين السلطة أو الاختصاص بالفصل في
تلك الإجـراءات أو هـذه المسائـل ولا يحـول بين الخصوم وبين اللجوء بشأنها إلى
المحاكم للأمر بها أو الفصل فيها باعتبار أن المحاكم هي صاحبة الولاية العامة
والاختصاص الأصيل بها - وأنه لما كانت الحراسة القضائية وفـق ما تشير إليه المادة
29 من قانون الإجـراءات المدنية الإماراتي الساري من المسائل المستعجلـة - القصـد
منهـا دفـع خطر عاجل يخشى وقوعه على ما ثار بشأنه نزاع - فإنه مـا لم يتفق طرفا
العقـد فيه صراحة أوفي مشارطه التحكيم اللاحقة على اختصاص المحكمين بالفصل في
الحراسة القضائية - فإن النزاع بشأنها لا يدخل ضمن نطاق التحكيم ولا يخرج عن
اختصاص المحاكـم ( الطعن رقم 274 لسنة 1993 حقوق صادر عن محكمـة تمييز دبي بجلسة
29/1/1994 ) والاتفاق على التحكيم قد يتم في نفس العقد الأصلي مصـدر الرابطة
القانونية سواء كان عقدا مدنيا أو عقدا تجاريا ، فيتفق الأطراف على حل ما ينشأ من
نزاع مستقبلي بشـأن تفسـير أو تنفيذ هذا العقد بواسطـة محكمين
ولا ينصب التحكيم على نزاع معين وهذا الاتفاق يسمي بشرط التحكيم وهو الأمر
الشائع في العقود الدولية ذات الشكل النموذجي ، على أن هذا الشرط يتمتع بذاتية
مستقلة لا يتأثر ببطلان أو فسـخ محتمـل للعقـد الأصلـي علـى المحكمين وفقا للشرط
الذي يتضمنه هذا العقد (5)
وقـد يتفق الطرفان بعد قيام النزاع بينهما على عرضه على التحكيم فالالتجاء
إلى التحكيم يكون أعمالا لمشارطه مستقلـة مبرمة بين أطراف الخصومة ويوجد خلاف في
الفقه حول طبيعتها فقال البعض بأنها عقد غير مسمي وقيل أنها وكالة أو هي عقد
مقاولة
والواقع أن التحكيم يختلف عن الوكالة فبينما القاعدة أن الوكيل يستمد
سلطاته من الموكـل ويملك الموكـل حق التنصل من عمل الوكيل في حالة تجاوزه حدود
وكالته ولا يقـوم الوكيـل -كقاعدة عامة - إلا بما يمكن أن يقوم به الموكل نجد أن
المحكم مستقلا تمام الاستقلال عن الخصوم ، فبمجرد الاتفاق على التحكيم تصبح له صفة
القاضـي ولا يتمكن الخصوم من التدخل في عمله بل أن حكمه يفرض عليهم و في حالة
الاتفاق على التحكيم على أن يكون لكل طرف تعيين محكمه ويكون تعيين واختيار المحكـم
المرجح ( الحكم الثالث ) لذات الطرفين أو لمحكمهما أو لشخص آخـر … ففـي مثل هـذه
الأحوال يكون محكم الخصم بمثابة مدافـع عنـه ( وكيل بالخصومـة ) وتكـون هـذه
الصفـة التاليـة لـه - ومـع ذلك يظـل لـه مـن الناحيـة القانونيـة وصفـة كمحكـم
وليـس كوكيـل بالخصومــة (6)
ويتميز الاتفاق التحكيمى عن سائر الاتفاقات بأن أطرافه يمنحون الغير (
المحكمون ) الاختصاص بالفصل في منازعاتهم ، وهذا العنصر يفرق أيضا التحكيم عن
الصلح والخبرة إذ بينما الصلح عقد نجد أن التحكيم وأن اتخذ أساسه من عقد إلا أنه
في ذاته طريق قضـائي ( قضـاء خـاص ) للفصـل في المنازعات ثم أنه يجتمـع في التحكيم
والخـبرة عنصر مشترك وهـو تدخـل الغيـر ( أي غير الأطـراف ) لحـل النـزاع
إلا أن دور الغيـر ليـس علـى سـواء في كـل منهما فهـو في الخبرة دور ( تحضيري )
يفتـح الطريق للفصـل في النزاع وهـو في التحكيـم دور الفاصـل
في النزاع (7) .
شروط اتفاق التحكيم :
بمـا أن اتفاق التحكيم من العقود الرضائيه فيكفي لانعقاده توافر الرضا وأن
كان القانون يتطلـب الكتابة لإثباتـه فالكتابة هـي شرط لإثبات العقد وليس لوجوده
وهو عقد ملزم للجانبين بمعني أنه يرتب التزامات متقابلة في ذمة كل من المتعاقدين
وأنه من عقود المعارضة لأن كـلا من المتعاقدين يتلقى فيه عوضا كما التزم به وشرط
التحكيم وشروط التحكيم قد يكون أمر احتمالي لاحتمال عدم نشوء نزاع بين الأطراف وقد
يكون التحكيم معلق على شرط كما لو اشترط حل النزاع بشأن حادث موضوع عقد تأمين
بواسطة محكمين .
ويشترط في اتفاق التحكيم أيا كانت صورته ( شرط التحكيم أو مشارطه التحكيم
) مـا يلي :
1 / الكتابــة :
بموجـب الفقـرة (2) من المادة /203 / من قانون الإجراءات المدنية في دولة
الإمـارات لا يثبت الاتفاق على التحكيم إلا كتابة
ومن ثم لا يمكن إثبات حصول اتفـاق على إحـالة النزاع إلى التحكيم باليمـين
أو بشهادة الشهود مهما كانت قيمة
- 9 -
النزاع أو قيمته ، والقانون لم يتطلب شكلا خاصـا في مشارطه التحكيم فيمكن
تحريرها من الأطراف بأي شكـل شاءوا وذلك شـأن العقـود الأخـرى- وعليه لا يتقيد
شكلها بلفظ معين والكتابة هي شرط لإثبات العقـد لا وجوده وبناءا عليه فإن إقرار
الخصم بوجود الاتفاق على التحكيم يغني عن الكتابة .
2 / الأهليــة :
بموجب الفقرة (4) من المادة /203 / من قانون إجراءات المحاكم المدنية في
دولة الإمـارات العربية المتحـدة لا يصـح الاتفـاق على التحكيم إلا ممن له أهلية
التصرف في الحق محل النزاع ، وعلـى ذلك لا تكفي أهلية الالتجاء إلى القضاء أي
أهليـة التقاضي بل يجـب توافر أهلية التصـرف ولا يملك القاصـر ( أو المحجور عليه
قبول التحكيـم وبالنسبة للولي أو الوصي أو القيم فلا يملك قبول التحكيم نيابة عنهم
إذ ليس لهؤلاء التصرف في أموالهم إلا بإذن من القاضي في الأحوال المقررة قانونا .
وعندما يمثل الوصي قاصرا أمام القضاء فهو لا يملك التحكيم ما لم يستأذن
القاضي المختص علمـا بأن هذا الإذن مقرر لمصلحة ناقص الأهلية وليس لخصمه التمسك به
وقد قضت محكمة النقض المصرية ببطلان مشارطه التحكيم لنقص أهلية أحد العاقدين وهو
بطلان نسبي لا يتمسك به إلا ناقص الأهلية ( طعن رقم 83 لسنة 17 من جلسة 18/11/48 )
.
وبالنسبة للأب أو الولي فلا يملكان التحكيم إلا فيما يملكان فيه حق التصرف
وإذا تطلب القانون إذنا للتصـرف يجب الحصول على إذن بالنسبة إلى التحكيم بالنسبة
لهذا التصرف وقضي بأنه من المقـرر لا يصح الاتفاق على التحكيم إلا ممن له أهلية
التصرف
في الحق المتنازع عليه وأنه في الوكالة الخاصة ليس للوكيل سوي مباشرة
الأمور المعينة فيها وما يتصل بها من توابع ضرورية تقتضيها طبيعة التصرفات والعرف
الجاري والخروج عن حدود هذا التفويض بالاتفاق على التحكيـم رغم عـدم النـص عليه في
التفويض لا يسري في حـق الموكل إلا إذا أجازه هذا التصرف ( الطعن رقم 325 لسنة
1993 صادر عن محكمة تمييز دبي بجلسة
25/6/1994 .
3 / بموجـب الفقـرة (4) مـن المادة /203/ من قانون إجراءات المحاكم
المدنية لدولة الإمارات العربية المتحدة لا يجـوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز
فيها الصلح ومـن المسائل التي لا يجوز فيها الصلح الأحوال الشخصية البحتة فـلا
يـجوز التحكيم في خصومة تتصل فيما إذا كان عقد الزواج صحيحا أو باطلا وإنما يجوز
التحكيـم في المصالح المالية المتصلة بالأحوال الشخصية كتحديد مقـدار النفقة ولا
يجـوز التحكيم في خصومة تتصل بطلب اكتساب جنسية ما وكذلك لا يجـوز التحكيـم في
الدعـوى بطلب دين قمار أو فيما كان الدين يعتبر دين قمـار أو لا يعتبر أو ما يتصل
بنزع الملكيـة للمنفعة العامة ، وقد قضت محكمة النقض المصرية بأن تحديـد مسئولية
الجاني عن الجريمة ، تعلقها بالنظام العام لا يصح أن تكون محلا لصلح أو تحكيم ،
بطلان الالتزام المبني على ذلك والحكمة من عـدم جـواز اللجوء للتحكيم في المسائل
المتعلقة بالنظام العام هو أن تخضع تلك المسائل لرقابة وإشراف السلطة التي يعنيها ذلك
.
ولا يصلح الحق محلا للتحكيم إذا كان مما يجب أن تتدخل فيه النيابة العامة
فيما لو عرض على القضاء تنفيذا لرغبة المشـرع بوجوب التدخل أمام القضاء مـن جهـة
ولأن النيابـة العامـة لا تعمل أمام محكمين من جهة أخري .
أما بالنسبة للأمور المستعجلة لا يشملها التحكيم ما لم يتفق على غير ذلك
ولا يجوز الاتفاق صراحة على اختصاص المحكمة بنظر الأمور المستعجلة والمسائل
المتعلقة بالنظام العام كمـا سبق البيان لا يجـوز التحكيم فيها وعقد التحكيم في
هـذه المسائـل يكون باطلا بطلانا مطلقا من النظام العام ، فيجـوز أن يتمسـك بـه أي
خصم في الدعـوى في أية حالة تكـون عليها الإجراءات وعلى المحكمة أن تقضي من تلقاء
نفسها دون الاعتداد بما أتفق عليه الخصوم ( 8 ).
الفصل الثاني
طبيعة الاتفاق على التحكيم وآثاره :
فقهـا وقضاء يعتبر التحكيم ذا طبيعة تعاقدية وهو مظهر من مظاهر سلطان
الإرادة سـواء كان الاتفـاق على التحكيم بند من بنود العقد أو مشارطـه مستقلـة
للتحكيم إلا أن هناك من يري بأن التحكيم هو عقد ذات طبيعة إجرائية عامة لأنه يترتب
على ذلك منع عرض النزاع على القاضي ويخول المدعى عليه دفعا هو الدفع بوجود اتفاق
علـى التحكيم في كثير من النواحي التي يترك القانون للأفـراد حرية تنظيمها
والواقـع أنه نظرا لأن الاتفاق على التحكيم سابق على الخصومة ومـن ثم لا يعـد عملا
من أعمالها ويترتب على ذلك خضوع اتفاق التحكيم لما تخضع له عقود القانون الخاص ،
فلا يخضع اتفاق التحكيم للشروط التي ينظمها القانون للأعمـال الإجرائية وإنمـا
للبطلان الذي ينظمه القانون المدني وقضـي
بـأن حكـم المحكمين لا يستمد قوته إلا من اتفاق الخصوم على التحكيم فإذا انعـدم
هـذا الاتفاق أو كان باطلا أو إذا جـاوز المحكمون حدود سلطاتهم ومـن ثم يجوز في
هذه الحالة رفع دعوى تبدأ بطلب بطلان حكم المحكمون وبموجب نص الفقرة (5) مـن
المادة /203/ من قانون إجراءات المحاكم المدنية السـاري في الدولة إذا اتفـق
الخصـوم على التحكيم في نزاع مـا فلا يجوز رفع الدعوى به أمام القضاء ومع ذلك إذا
لجأ أحـد الطرفين إلى رفع دعوى اعتداد بشرط التحكيم ولم يعترض الطـرف الآخر في
الجلسة الأولى جـاز
نظر الدعـوى وأعتبر شـرط التحكيم لاغيـا ( الطعن رقم 17 لسنة 1995 الصادر
عن محكمة تمييز دبي بجلسة 28/10/1995 ) .
ويترتب على الاتفاق على التحكيم نزول الخصم عن الالتجاء إلى القضاء أي
الالتجاء إلى المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع ، ومتى نزل الخصوم بإرادتهم عـن حق
اللجوء إلى القضاء فإن الدعوى تفقد شرط من شروط قبولها مما يمتنع معه على المحكمة
قبولها وبناءا على ما تقدم يمكن القول بأنه مادام شرط التحكيم قائما فإنه يمتنع
على المحكمة نظر الدعوى رغم بقائها صاحبـة الاختصاص ومن ثم فإن الدفع بالاعتداد
بشرط التحكيم مـن قبيل الدفوع بعدم الدعوى من الناحية الإجرائية أمام القضاء ( حكم
صـادر عن محكمة استئناف الشارقة بتاريخ 13/3/1975 منشور في موسوعة الأحكام للمحامي
/ عبد الله راشد هلال مبدأ رقم 217 ص 130 )
وقضي بأنه لا يجوز الادلاء أمام المحكمة بالدفع بالإحالة إلى المحكم لقيام
ذات النزاع أو نزاع آخـر مرتبط به أمامـه لأن القاعدة أن هذه الإحالة لا تجوز إلا
بين المحاكم في نطاق الجهة القضائية الواحـدة ما لم ينص القانون على ما يخالف ذلك
والقانون خال مـن أي نص يجيز الإحالة إلى المحكم ( الطعن رقم 282 لسنة 1993 حقوق
صادر عن محكمة تمييز دبي بجلسة 13/2/1994) .
وقضي كذلك بجواز التنازل عن التمسك بشرط التحكيم صراحة أو ضمنا ( الطعنان
رقما 129و170 لسنة 1994 حقـوق صـادر عـن محكمـة تمييز دبي بجلسة 8/1/1995 ) .
وقضي بأنه وأن كان يجوز النزول عن التحكيم صراحة أو ضمنا إلا أنه يجب أن
يكون هـذا النزول قاطـع الدلالة على رضاء النازل عنه وترك حقه في التمسك به
وتقديـر
ذلك يدخـل في سلطـة محكمـة الموضوع وحسبها أن تقيم قضائها على أسباب سائغة
وبما له أصـل ثابت بالأوراق ( الطعن رقم 399 لسنة 1994 حقوق صادر عن محكمة تمييز
دبي بجلسة 7/5/1995) .
علما بأنه يجوز الرجوع عن شرط التحكيم ويترتب على ذلك زوال المانع الذي
يحول دون قيام المحكمة بسماع الدعوى وهذا يؤكد ما سبق وأن أوردناه من أن التحكيم
لا ينزع الاختصاص مـن المحكمـة وتلك الطبيعـة الاتفاقية للتحكيم تجعله غير متعلق
بالنظـام العـام فلا يجـوز للمحكمة أن تقضـي به من تلقاء نفسها وإنما يتعين التمسك
به من الخصـوم أمامها ويجوز النزول عنه صراحة أو ضمنا ويسقط الحق فيه وذلك إذا
أثير متأخرا إذ يعتبر السكوت عـن إبدائه في الجلسة الأولى تنازلا عنه ويصبح نظـر
المحكمـة للدعـوى صحيحا ( الطعـن رقم 17 لسنة 1995 صادر عن محكمة تمييز دبي بجلسة
28/10/1995 ) والواقـع أن المحتكم باتفاقه على التحكيم لا ينزل عن حماية القانون
ولا ينزل عن حقه في اللجوء للقضاء وإلا فإن المشرع لا يعتد بهـذا النزول ولا يقره
باعتبار أن اللجوء للقضاء من الحقوق المقدسة التي تتعلـق بالنظام العام والمحتكم
باتفاقه على التحكيم يمنح المحكم سلطه الحكم في النزاع بدلا مـن المحكمة المختصة
فإرادة المحتكم في عقد التحكيم تقتصر على مجرد إحلال المحكم محل المحكمـة في نظر
النزاع بحيث إذا تعذر تنفيذ عقد التحكيم لأي سبب من الأسباب عادت سلطـة الحكم إلى
المحكمة ووجود دعوى مردودة بين الخصـوم أمـام المحاكـم لا يحول دون اتفاقهـم على
اللجوء إلى التحكيم للفصـل في ذات النزاع محل تلك الدعوى طالما أنه لم يصدر فيها
من المحكمة حكم يمتنع معه إعادة طرح النزاع على جهـة أخـري مختصـة بالحكـم (
الطعـن رقم 80 لسنة 1985 صـادر عن محكمة تمييز دبي بجلسة 8/10/1995 ) .
وبإتفاق التحكيم يحـل قضاء الدولة في حماية الحقوق ويكون إلزاميا كشأن
قضـاء الدولة ، فالتحكـيم اتفـاق ثم إجراءات تحل محل الإجراءات القضائية بنـص القانـون
ثم حكـم له طبيعة أحكام القضاء ( نقض مصري
رقم 2186 سنة 52 صادر بتاريخ 6/2/1986 ) .
والحقيقـة أن الطبيعـة المركبـة للتحكيم في كونـه اتفاقي النشأة ، قضـائي
الوظيفـة يكشـف في وجهها الثاني في أن فعالية حكـم المحكم تنحصر في حجية الأمـر
المقضي فهي أداته في تحقيق وظيفته ، وحكم المحكم بوصفه عمل إجرائي يحاط منذ صدوره
بضمانات ، لا يقتصر على ترتبيه لآثاره الإجرائية وإنما أيضا يرتب آثار قانونية
أخرى منها عدم جواز المساس به ، خارج حدود معينة بعد صدوره ، فالمحكم بعد صدور
الحكم لا يصبـح محكمـا ويخرج النزاع من سلطته وهـو يعبر عنه بإستنفاذ المحكم
لولايته ، وقد نصت على تلك القاعدة بعض التشريعات صراحـة منها القانـون ( الفرنسي
( م 1475 من قانون المرافعات المدنية الجديد ) ومضمون تلك القاعدة منـع المحكم من
العدول عن حكمـه أو تعديله وكل ما يمكنه أن يقوم به تصحيح ما ورد به من أخطاء
مادية أو تفسيره بناءا على طلب المحتكم (11 )
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب