اتفاقية التربس
الأحكام العامة والمبادئ الأساسية فى اتفاقية التربس
تناول
الجزء الأول من اتفاقية التربس المبادئ الأساسية التى تقوم عليها الاتفاقية فى
المواد من 1-8، وتضمن ما يلى :
طبيعة ونطاق الالتزامات ( المادة الأولى )
تناولت
المادة الأولى من الاتفاقية تحديد طبيعة ونطاق التزامات الدول الأعضاء.
وقد ألزمت الفقرة الأولى البلدان الأعضاء فى المنظمة بمراجعة قوانينها
ولوائحها وكافة القواعد الداخلية المنظمة لحقوق الملكية الفكرية لمراعاة
توافقها مع أحكام الاتفاقية
غير
أن الاتفاقية لم تفرض على الدول الأعضاء قواعد موضوعية أو إجرائية موحدة
تتعلق بحقوق الملكية الفكرية بل ألزمتها بتوفير حد أدنى من حقوق الملكية
الفكرية ومعايير الحماية . وهذا يعنى أن مستويات الحماية سوف تتفاوت
فى البلدان الأعضاء بسبب اختلاف سياساتها وفلسفاتها فى معالجة موضوعات
الملكية الفكرية
ومن
الجدير بالذكر أن اتفاقية التربس لا تخاطب سوى الدول الأعضاء فى منظمة التجارة
العالمية ولا تلزم سواها ، فنصوص الاتفاقية ليست ذاتية التنفيذ
non self executing ومن
ثم فإن رعايا الدول الأعضاء لا يكتسبون حقوقا مباشرة من نصوص الاتفاقية ، ولا يجوز لهم
التمسك بأحكامها واستبعاد أحكام القوانين الوطنية. وتختلف اتفاقية التربس فى
هذا الخصوص عن اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية 1883 وتعديلاتها،
فاتفاقية باريس – شأنها فى ذلك شأن اتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية
والفنية 1886 وتعديلاتها – تتضمن نصوصا ذاتية التنفيذ
self executing وتعتبر
أحكامها جزءا من القانون الداخلى بمجرد المصادقة عليها ( ونشرها إذا
كان القانون الداخلى للدولة يوجب ذلك بالكيفية التى ينص عليها ). ويجوز
لكل شخص من رعايا الدول الأعضاء فى اتحاد باريس التمسك بأحكامها فى
مختلف الدول الأعضاء الأخرى بغض النظر عن أحكام القوانين الوطنية
.
ومن
الجدير بالذكر أنه يشترط لقبول عضوية أى دولة أو إقليم جمركى منفصل يملك
استقلالا ذاتيا كاملا فى منظمة التجارة العالمية أن تقبل / أو يقبل اتفاقية
مراكش لانشاء منظمة التجارة العالمية والاتفاقيات التجارية متعددة الأطراف
multilateral trade agreements المرفقة بها الواردة فى الملاحق 1، 2،
3. ومن
أهم هذه الاتفاقيات اتفاقية التربس وهى واردة فى الملحق 1 (جيم)
من ملاحق اتفاقية مراكش
، ومن ثم فإن قبول أى دولة كعضو فى منظمة التجارة العالمية مشروط بقبولها لاتفاقية التربس
وكافة الاتفاقيات التجارية متعددة الأطراف الأخرى ، ولا فكاك للدول التى ترغب
فى الانضمام لمنظمة التجارة العالمية من قبول أحكام اتفاقية التربس ،
وبالتالى فإن الاتفاقية تعتبر جزءا من صفقة واحدة تشمل كافة الاتفاقيات
متعددة الأطراف التى أسفرت عنها جولة أورجواى. وبالإضافة إلى ذلك لا يجوز للدول
الأعضاء إبداء أى تحفظ على نصوص الاتفاقية إلا بموافقة سائر البلدان
الأعضاء الأخرى .
وقد
ذكرت الفقرة الثانية من المادة الأولى من الاتفاقية أنه حيثما يرد اصطلاح
الملكية الفكرية فى اتفاقية التربس فهو يشير إلى فروع الملكية الفكرية
التى تناولتها الأقسام من 1 إلى 7 من الجزء الثانى من الاتفاقية وهى :
حقوق المؤلف والحقوق المتعلقة بها ، العلامات التجارية ، المؤشرات الجغرافية
، التصميمات الصناعية ، براءات الاختراع ، التصميمات التخطيطية للدوائر
المتكاملة ، حماية المعلومات السرية . ويتضح من ذلك الطبيعة الشاملة
لاتفاقية التربس
أما
الفقرة الثالثة من المادة الأولى فقد أوجبت على الدول الأعضاء تطبيق المعاملة
المنصوص عليها فى الاتفاقية على مواطنى البلدان الأعضاء الأخرى ومن فى
حكمهم وهذا الحكم يضمن لجميع مواطنى البلدان الأعضاء فى منظمة التجارة
العالمية ومن فى حكمهم التمتع بالحد الأدنى من مستويات الحماية التى
تقررها اتفاقية التربس .
علاقة اتفاقية التربس بالمعاهدات المبرمة فى شأن الملكية الفكرية
لم
تنسخ اتفاقية التربس أحكام الاتفاقيات الدولية الرئيسية التى سبق إبرامها
فى مختلف مجالات الملكية الفكرية ، بل شملت واستغرقت وطورت أحكام هذه
الاتفاقيات .
وقد أحالت اتفاقية
التربس إلى القواعد الموضوعية التى قررتها الاتفاقيات الدولية الرئيسية المبرمة من قبل فى شأن حقوق
الملكية الفكرية، وألزمت الدول الأعضاء بمراعاة أحكام المواد التالية
1-
المواد من 1 إلى 12
والمادة 19 من اتفاقية باريس لحماية الملكية الفكرية الصناعية وفقا لتعديل استكهولم 1967
( المادة 2/1 من إتفاقية التربس).
2-
المواد من 1 الى 21 من
اتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية والفنية(وفقاً لتعديل باريس 1971) وملحقها ،
فيما عدا المادة 6 مكرر من الاتفاقية أو الحقوق النابعة عنها (المادة 9
من اتفاقية التربس )
3-
المواد من 2 إلى 7 (
باستثناء الفقرة 3 من المادة 6) ، والمادة 12 والفقرة 3 من المادة 16 من معاهدة الملكية
الفكرية فيما يتصل بالدوائر المتكاملة ( اتفاقية واشنطن 1989) ( المادة
35 من اتفاقية التربس )
4-
كما أحالت اتفاقية التربس
إلى بعض المواد التى تضمنتها اتفاقية روما لحماية فنانى الأداء ومنتجى التسجيلات
الصوتية وهيئات الإذاعة (اتفاقية روما 1961 ) ، وأوجبت على الدول الأعضاء
مراعاة أحكام هذه المواد.
وأوجبت
اتفاقية التربس على جميع الدول الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية تطبيق
أحكام الاتفاقيات الدولية التى أحالت إليها دون تفرقة بين الدول التى
انضمت إلى هذه الاتفاقيات الدولية والدول التى لم تنضم إليها.
وهكذا
جمعت اتفاقية التربس أحكام الاتفاقيات الدولية الرئيسية فى مجال الملكية
الفكرية فى وثيقة واحدة فحققت الترابط فيما بينها، بعد أن كانت هذه
الأحكام متفرقة ومبعثرة فى الاتفاقيات الدولية المختلفة، وألزمت جميع الدول
الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية بتطبيق أحكامها بغض النظر عن انضمامها
إلى هذه الاتفاقيات الدولية أو عدم الانضمام إليها.
ولم
تقف اتفاقية التربس عند حد الإحالة إلى أحكام الاتفاقيات الدولية المبرمة
فى شأن الملكية الفكرية ، بل أنها اعتبرت أحكام هذه الاتفاقيات هى نقطة
البداية التى انطلقت منها نحو تدعيم وترسيخ حقوق الملكية الفكرية، فاستحدثت
أحكاماً جديدة لم تنظمها الاتفاقيات الدولية من قبل ، كما طورت أحكامها
من أجل تدعيم حقوق الملكية الفكرية وترسيخها على المستوى الدولى.
المعاملة
الوطنية والمعاملة الخاصة بحق الدولة الأولى بالرعاية
تضمنت المادة 3 من
الاتفاقية مبدأ المعاملة الوطنية ، وبمقتضى هذا المبدأ تلتزم البلدان الأعضاء فى منظمة التجارة
العالمية بأن تعامل مواطنى البلدان الأخرى ومن فى حكمهم فيما يتعلق
بحقوق الملكية الفكرية معاملة لا تقل عن المعاملة المقررة لمواطنيها ، فتمنحهم
– على الأقل – نفس المزايا التى يتمتع بها رعاياها وتخضعهم لنفس
الالتزامات. وهذا المبدأ يتوافق مع حكم المادة الثانية من اتفاقية باريس لحماية
الملكية الصناعية التى سبقت اتفاقية التربس فى إرسائه
وقد
تضمنت المادة 4 من اتفاقية التربس مبدأ المعاملة الخاصة بحق الدولة الأولى
بالرعاية ، وبمقتضاه تلتزم الدول الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية
بألا تميز فى المعاملة بين رعايا الدول الأعضاء الأخرى ومن فى حكمهم.
ومن ثم يجب على الدول الأعضاء المساواة بين رعايا جميع الدول الأعضاء
فى الحقوق والالتزامات ، بمعنى أنها تلتزم إذا منحت أى ميزة أو تفضيل
أو امتياز أو حصانة لمواطنى أى بلد عضو فى المنظمة بأن تمنح جميع مواطنى
الدول الأعضاء الأخرى نفس الميزة أو التفضيل أو الامتياز أو الحصانة
. وهذا المبدأ يطبق لأول مرة فى مجال الملكية الفكرية ، إذ لم يسبق
لأى اتفاقية دولية فى مجال الملكية الفكرية الأخذ به.
وقد
أجازت المادتان 3، 4 للدول الأعضاء الاستفادة من الاستثناءات التى ذكرتها
من الالتزام بتطبيق مبدأى المعاملة الوطنية والمعاملة الخاصة بحق الدولة
الأولى بالرعاية. كما استبعدت المادة 5 المبدآن من التطبيق على الاتفاقيات
المتعددة الأطراف التى أبرمت تحت مظلة الوايبو وتتعلق بالجوانب الإجرائية
الخاصة باكتساب حقوق الملكية الفكرية أو استمرارها، ومن أمثلة هذه
الاتفاقيات اتفاقية التعاون الدولى بشأن براءات الاختراع المبرمة فى واشنطجن
1970.
استنفاد حقوق الملكية الفكرية
من
المعلوم أن حقوق الملكية الفكرية تخول لصاحبها الحق فى منع الغير من
استيراد المنتج المشمول بالحماية من سوق أى دولة . على أن تطبيق هذا
المبدأ على إطلاقه يعنى أنه يحق لمالك البراءة أو العلامة ( أو صاحب أى
حق من حقوق الملكية الفكرية ) أن يمنع الغير من استيراد كافة المنتجات
المشمولة بالحماية بما فى ذلك المنتجات التى طرحت للبيع فى الخارج عن طريق
صاحب البراءة أو العلامة سواء بنفسه أو بموافقته ، مما يتيح لأصحاب حقوق
الملكية الفكرية إمكانية تقسيم الأسواق وطرح المنتجات فيها بأسعار متفاوتة.
وتداركا
لهذا الوضع تأخذ تشريعات بعض الدول بمبدأ الاستنفاد الدولى
international exhaustion لحقوق
الملكية الفكرية . وبمقتضى مبدأ الاستنفاد الدولى يسقط حق صاحب البراءة أو العلامة ( أو
أى حق من حقوق الملكية الفكرية الأخرى ) فى منع الغير من استيراد
المنتجات المشمولة بالحماية بمجرد أن يطرح تلك المنتجات للتداول فى سوق
أى دولة سواء بنفسه أو عن طريق أحد تابعيه أو بموافقته
وتقف
الدول من مبدأ الاستنفاد الدولى مواقفاً متعارضة بحسب اختلاف مصالحها،
فهو من أكثر المسائل التى يثار حولها الجدل . ولم تأخذ اتفاقية التربس
أى موقف إيجابى من قضية استنفاد حقوق الملكية الفكرية ، ( المادة 6 من
الاتفاقية ) ومن ثم فإن تبنى تشريعات الدول الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية
لمبدأ الاستنفاد الدولى لا يخالف أحكام اتفاقية التربس
ومن
الغنى عن البيان أن الأخذ بمبدأ الاستنفاد الدولى لحقوق الملكية الفكرية
يتيح الاستيراد الموازى parallel importation , ولذلك فإن من مصلحة الدول النامية أن تتبناه فى تشريعاتها
الوطنية لتوفير المنتجات المشمولة بالحماية فى السوق المحلى بأقل
الأسعار السائدة عالميا ، وعلى وجه الخصوص المنتجات الدوائية
الأهــداف والمبادئ
ذكرت
المادة 7 من الاتفاقية أنها تهدف إلى إسهام حماية وانفاذ حقوق الملكية الفكرية فى
تشجيع روح الابتكار التكنولوجى ونقل وتعميم التكنولوجيا ، بما يحقق المنفعة
المشتركة لمنتجى المعرفة التكنولوجية ومستخدميها ، بالأسلوب الذى يحقق
الرفاهة الاجتماعية والاقتصادية والتوازن بين الحقوق والواجبات
كما
أجازت المادة 8/1 من الاتفاقية للدول الأعضاء عند وضع أو تعديل قوانينها
ولوائحها التنظيمية اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المصلحة العامة
والتغذية وخدمة المصلحة العامة فى القطاعات ذات الأهمية الحيوية للتنمية
الاقتصادية الاجتماعية والتكنولوجية ، شريطة اتساق هذه التدابير مع
أحكام الاتفاقية . كما أجازت المادة 8/2 للدول الأعضاء أن تتخذ التدابير
اللازمة لمنع حائزى حقوق الملكية الفكرية من اساءة استخدامها ، أو منع
اللجوء إلى ممارسات تسفر عن تقييد غير معقول للتجارة أو تؤثر سلبا على
النقل الدولى للتكنولوجيا .
ولاشك
أن النصوص المتقدمة تتيح للدول النامية فرصة التخفيف من الآثار السلبية
التى قد تنجم عن تطبيق الاتفاقية . ومن مصلحة الدول النامية عند وضع أو
تعديل قوانينها بما يتوافق مع أحكام الاتفاقية اتباع سياسات تشريعية
رشيدة تعتمد على الأغراض والمبادئ المتقدمة للتخفيف من الآثار السلبية
التى يتوقع حدوثها عند تطبيق الاتفاقية.
المبحث الثالث
معايير حماية حقوق الملكية
الصناعية فى اتفاقية التربس
(Standards)
تناولت
اتفاقية التربس فى الجزء الثانى منها (المواد من 9- 40) المعايير المتعلقة
بتوفير حقوق الملكية الفكرية ونطاقها واستخدامها. وألزمت الاتفاقية الدول الأعضاء باحترام الحد الأدنى
من معايير الحماية التى ذكرتها فى مختلف فروع الملكية الفكرية التى
عالجتها وهى :
1-
حقوق المؤلف والحقوق
المتعلقة بها
2-
العلامات التجاريـــة
3-
المؤشرات الجغرافية
4–
التصميمات الصناعية
5-
براءات الاخـــــتراع
6-
التصميمات التخطيطية (
الرسوم الطبوغرافية) للدوائر المتكاملة،
7-
المعلومات السرية.
وتناولت
الاتفاقية فى معالجتها لكل فرع من فروع الملكية الفكرية المتقدمة على حده
المواد (أو المسائل) التى تنصب عليها الحماية the subject matter to be
protected ومايتمتع به
أصحابها من حقوق the rights to be conferred ،
والاستثناءات التى يجوز تقريرها على هذه الحقوق permissible exceptions
to those rights والحد
الأدنى لمدة الحماية the minimum duration of
protection.
ورغم أن اتفاقية التربس
قد وضعت معاييراً لحماية حقوق الملكية الفكرية تفوق من حيث المستوى معايير الحماية التى
قررتها الاتفاقيات الدولية السابقة ،إلا أن اتفاقية التربس لم تنسخ
أحكام الاتفاقيات الدولية المبرمة من قبل فى مجالات الملكية الفكرية الرئيسية،
بل سارت فى سبيل تدعيمها وترسيخها . واتبعت اتفاقية التربس اسلوباً
فريداً فى تحديدها لمعايير الحماية عن طريق الزام كافة الدول الأعضاء
بمراعاة تطبيق الأحكام الموضوعية التى تضمنتها الاتفاقيات الدولية
الرئيسية السابقة عليها وهى : اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية (
استكهولم 1967) ، اتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية والفنية ( تعديل
باريس 1971) ومعظم الأحكام الموضوعية التى تضمنتها اتفاقية الملكية
الفكرية فيما يختص بالدوائر المتكاملة(واشنطجن1989) . كما أحالت اتفاقية
التربس إلى بعض مواد اتفاقية روما لحماية فنانى الأداء ومنتجى التسجيلات
الصوتية وهيئات الإذاعة (روما1961). كما عالجت عدداً من المسائل التى لم تتناولها
هذه الاتفاقيات ، وطورت وعدلت بعض
أحكامها بقصد تدعيم مستوى حماية حقوق الملكية الفكرية وترسيخها .
ونستعرض
فيما يلى معايير حماية الملكية الصناعية فى اتفاقية التربس ، وسوف نخص بالذكر
العلامات التجارية ، وبراءات الاختراع
أولا : العلامات التجــارية
تناولت
اتفاقية التربس المعايير المتعلقة بحماية الحقوق الناشئة عن العلامة
التجارية فى القسم الثانى من الجزء الثانى من الاتفاقية فى المواد من
15-21 . وقد تضمنت هذه المواد مايلى
المواد القابلة للحماية Protectable
Subject Matter
تعتبر علامة
تجارية كل علامة تكون قادرة على تمييز السلع والخدمات التى تنتجها منشأة
ما ، عن تلك التى تنتجها منشأة أخرى . وتدخل فى عداد العلامة التجارية
الكلمات التى تشتمل على أسماء شخصية والحروف والأرقام والأشكال ومجموعات
الألوان أو أى مزيج منها، وهى تصلح جميعها للتسجيل كعلامة تجارية
( المادة 15 فقرة 1 تربس).
ومن الغنى عن البيان أن
التعداد المتقدم وارد على سبيل المثال لا على سبيل الحصر. وقد عدلت اتفاقية التربس وطورت ما
تضمنته اتفاقية باريس للملكية الصناعية (تعديل استكهولم 1967) فيما يتعلق
بالعلامة التجارية من عدة وجوه أهمها :
(أ) أن اتفاقية التربس لم تقصر العلامة التجارية على
علامة السلعة ، بل أضافت إلى مفهوم العلامة التجارية علامة الخدمة ، ومن ثم
تسرى على علامة الخدمة كافة المواد التى تعالج العلامة التجارية شأنها
فى ذلك شأن علامة السلعة . وقد سارت اتفاقية قانون العلامات التجارية لسنة
1994 فى ذات اتجاه اتفاقية التربس .
(ب) أن اتفاقية التربس أبرزت خاصية العلامة التجارية فى
تمييز السلع والخدمات، واتخذت خاصة التمييز كأساس تقوم عليه العلامة
التجارية .
على
أنه بالنسبة للعلامات التى لا تصلح بذاتها لتمييز السلع والخدمات ، فقد
أجازت الاتفاقية للبلدان الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية أن تشترط لتسجيل
هذه العلامات اكتساب خاصية التمييز عن طريق الاستعمال . كما أجازت للدول
أن تشترط لتسجيل العلامة أن تكون قابلة للإدراك بالنظر ، ومن ثم يجوز
للبلدان الأعضاء استبعاد علامة الرائحة والعلامة الصوتية من التسجيل كعلامة
تجارية (المادة 15 فقرة 1 تربس).
وقد
جازت الفقرة الثالثة من المادة 15 من الاتفاقية للدول الأعضاء أن تشترط
تشريعاتها لتسجيل العلامة سبق استعمالها ، حيث أن تشريعات بعض الدول تشترط
استعمال العلامة قبل تسجيلها، وهذا هو الحال فى الولايات المتحدة الأمريكية
وكندا.
ولا
يجوز أن تحول طبيعة السلعة أو الخدمة التى يراد أن تستخدم العلامة فى تمييزها دون
تسجيل العلامة ( مادة 15 فقرة 4).
وتلتزم
الدول الأعضاء بنشر كل علامة تجارية إما قبل تسجيلها أو فى أعقاب التسجيل،
وإتاحة فرصة معقولة لتقديم التماسات بإلغاء التسجيل . كما يجوز للدول
إتاحة فرصة الاعتراض على تسجيل العلامة التجارية ( مادة 15 فقرة 5).
الحقوق الممنوحة Rights Conferred
ووفقا
للفقرة الأولى من المادة 16/1 من اتفاقية التربس يتمتع صاحب العلامة
التجارية المسجلة بالحق المطلق فى منع الغير من استعمال علامته
التجارية أو أى علامة مشابهة لها بصدد السلع أو الخدمات التى تميزها العلامة ،
أو السلع المماثلة التى يؤدى استعمال العلامة بصددها إلى احتمال حدوث لبس
وهذا
الحكم يضمن لصاحب العلامة التجارية حداً أدنى من الحقوق . ولم يكن لهذا
الحكم مقابل فى اتفاقية باريس للملكية الصناعية التى لم تحدد مضمون حق صاحب
العلامة التجارية.
ومن
الجدير بالذكر أن اتفاقية باريس للملكية الصناعية تضمنت فى المادة 6 مكرر
أحكاما تتعلق بالعلامة المشهورة well-known mark ؛
وأسبغت عليها الحماية ولو كانت غير مسجلة . غير أن اتفاقية باريس لم
تضع أى ضابط لتحديد المقصود بالعلامة المشهورة ، مما أثار جدلا كبيرا
واختلافا حادا فى وجهات نظر الدول الأعضاء فى اتحاد باريس، كما أن
اتفاقية باريس تحدثت عن العلامة المشهورة بصدد علامة المنتجات دون علامة
الخدمات.
وقد عالجت اتفاقية
التربس العلامة المشهورة فى المادة 16 فقره 2، فقرة 3 ، وطورت أحكامها من عدة
جوانب أهمها :
1.
توسعت اتفاقية التربس فى
مفهوم العلامة المشهورة فلم تقصرها على علامة السلعة، بل أدخلت فيها أيضا علامة الخدمة . (
المادة 16 فقرة 2 تربس ).
2.
وضعت اتفاقية التربس
ضابطا عاما يمكن للدول الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية الاسترشاد به فى تحديد مفهوم
العلامة المشهورة ، إذ نصت المادة 16 فقرة 2 على أنه " … وعند تقرير ما إذا
كانت العلامة التجارية مشهورة تراعى البلدان الأعضاء مدى معرفة العلامة
التجارية فى قطاع الجمهور المعنى بما فى ذلك معرفتها فى البلد العضو المعنى
نتيجة ترويج العلامة التجارية
3.
توسعت الاتفاقية فى نطاق
الحماية المقررة للعلامة المشهورة فحظرت استخدام العلامة المشهورة إذا كانت مسجلة على
سلع أو خدمات غير مماثلة للسلع أو الخدمات التى تستخدم العلامة فى
تمييزها، إذا توافر شرطين : الأول : أن يؤدى استخدام العلامة المشهورة
على السلع أو الخدمات غير المماثلة إلى الاعتقاد بوجود صلة بين تلك
السلع أو الخدمات غير المماثلة وصاحب العلامة المشهورة المسجلة . والثانى :
أن يؤدى استخدام العلامة على سلع غير مماثلة إلى احتمال المساس بمصلحة
صاحب العلامة وتعريضه للضرر .
الاســـتثناءات Exceptions
أجازت
المادة 17 من الاتفاقية للبلدان الأعضاء أن تمنح استثناءات محدودة من
الحقوق المقررة لصاحب العلامة التجارية ، شريطة مراعاة المصالح
المشروعة لصاحب العلامة والغير .
ومن
أمثلة هذه الاستثناءات: جواز الاستخدام العادل للعبارات الوصفية للسلعة
أو الخدمة بمعرفة الغير، وقد تتضمن هذه العبارات الوصفية التعريف بالسلعة
ومواصفاتها ودرجة جودتها. وكذلك استخدام الأسماء الشخصية والأسماء الجغرافية
بحسن نية ومنشأ السلعة . ويشترط النص لجواز منح هذه الاستثناءات أن تكون
محدودة، وأن تراعى المصالح المشروعة لصاحب العلامة التجارية
مدة الحمايـــة Term of Protection
وفقا
للمادة 18 من اتفاقية التربس فإن أقل مدة لحماية العلامة التجارية هى
سبع سنوات. ومن حق مالك العلامة أن يطلب تجديد العلامة مرة أو عدة مرات
متلاحقة إلى أجل غير مسمى.
الأحكام العامة والمبادئ الأساسية فى اتفاقية التربس
تناول
الجزء الأول من اتفاقية التربس المبادئ الأساسية التى تقوم عليها الاتفاقية فى
المواد من 1-8، وتضمن ما يلى :
طبيعة ونطاق الالتزامات ( المادة الأولى )
تناولت
المادة الأولى من الاتفاقية تحديد طبيعة ونطاق التزامات الدول الأعضاء.
وقد ألزمت الفقرة الأولى البلدان الأعضاء فى المنظمة بمراجعة قوانينها
ولوائحها وكافة القواعد الداخلية المنظمة لحقوق الملكية الفكرية لمراعاة
توافقها مع أحكام الاتفاقية
غير
أن الاتفاقية لم تفرض على الدول الأعضاء قواعد موضوعية أو إجرائية موحدة
تتعلق بحقوق الملكية الفكرية بل ألزمتها بتوفير حد أدنى من حقوق الملكية
الفكرية ومعايير الحماية . وهذا يعنى أن مستويات الحماية سوف تتفاوت
فى البلدان الأعضاء بسبب اختلاف سياساتها وفلسفاتها فى معالجة موضوعات
الملكية الفكرية
ومن
الجدير بالذكر أن اتفاقية التربس لا تخاطب سوى الدول الأعضاء فى منظمة التجارة
العالمية ولا تلزم سواها ، فنصوص الاتفاقية ليست ذاتية التنفيذ
non self executing ومن
ثم فإن رعايا الدول الأعضاء لا يكتسبون حقوقا مباشرة من نصوص الاتفاقية ، ولا يجوز لهم
التمسك بأحكامها واستبعاد أحكام القوانين الوطنية. وتختلف اتفاقية التربس فى
هذا الخصوص عن اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية 1883 وتعديلاتها،
فاتفاقية باريس – شأنها فى ذلك شأن اتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية
والفنية 1886 وتعديلاتها – تتضمن نصوصا ذاتية التنفيذ
self executing وتعتبر
أحكامها جزءا من القانون الداخلى بمجرد المصادقة عليها ( ونشرها إذا
كان القانون الداخلى للدولة يوجب ذلك بالكيفية التى ينص عليها ). ويجوز
لكل شخص من رعايا الدول الأعضاء فى اتحاد باريس التمسك بأحكامها فى
مختلف الدول الأعضاء الأخرى بغض النظر عن أحكام القوانين الوطنية
.
ومن
الجدير بالذكر أنه يشترط لقبول عضوية أى دولة أو إقليم جمركى منفصل يملك
استقلالا ذاتيا كاملا فى منظمة التجارة العالمية أن تقبل / أو يقبل اتفاقية
مراكش لانشاء منظمة التجارة العالمية والاتفاقيات التجارية متعددة الأطراف
multilateral trade agreements المرفقة بها الواردة فى الملاحق 1، 2،
3. ومن
أهم هذه الاتفاقيات اتفاقية التربس وهى واردة فى الملحق 1 (جيم)
من ملاحق اتفاقية مراكش
، ومن ثم فإن قبول أى دولة كعضو فى منظمة التجارة العالمية مشروط بقبولها لاتفاقية التربس
وكافة الاتفاقيات التجارية متعددة الأطراف الأخرى ، ولا فكاك للدول التى ترغب
فى الانضمام لمنظمة التجارة العالمية من قبول أحكام اتفاقية التربس ،
وبالتالى فإن الاتفاقية تعتبر جزءا من صفقة واحدة تشمل كافة الاتفاقيات
متعددة الأطراف التى أسفرت عنها جولة أورجواى. وبالإضافة إلى ذلك لا يجوز للدول
الأعضاء إبداء أى تحفظ على نصوص الاتفاقية إلا بموافقة سائر البلدان
الأعضاء الأخرى .
وقد
ذكرت الفقرة الثانية من المادة الأولى من الاتفاقية أنه حيثما يرد اصطلاح
الملكية الفكرية فى اتفاقية التربس فهو يشير إلى فروع الملكية الفكرية
التى تناولتها الأقسام من 1 إلى 7 من الجزء الثانى من الاتفاقية وهى :
حقوق المؤلف والحقوق المتعلقة بها ، العلامات التجارية ، المؤشرات الجغرافية
، التصميمات الصناعية ، براءات الاختراع ، التصميمات التخطيطية للدوائر
المتكاملة ، حماية المعلومات السرية . ويتضح من ذلك الطبيعة الشاملة
لاتفاقية التربس
أما
الفقرة الثالثة من المادة الأولى فقد أوجبت على الدول الأعضاء تطبيق المعاملة
المنصوص عليها فى الاتفاقية على مواطنى البلدان الأعضاء الأخرى ومن فى
حكمهم وهذا الحكم يضمن لجميع مواطنى البلدان الأعضاء فى منظمة التجارة
العالمية ومن فى حكمهم التمتع بالحد الأدنى من مستويات الحماية التى
تقررها اتفاقية التربس .
علاقة اتفاقية التربس بالمعاهدات المبرمة فى شأن الملكية الفكرية
لم
تنسخ اتفاقية التربس أحكام الاتفاقيات الدولية الرئيسية التى سبق إبرامها
فى مختلف مجالات الملكية الفكرية ، بل شملت واستغرقت وطورت أحكام هذه
الاتفاقيات .
وقد أحالت اتفاقية
التربس إلى القواعد الموضوعية التى قررتها الاتفاقيات الدولية الرئيسية المبرمة من قبل فى شأن حقوق
الملكية الفكرية، وألزمت الدول الأعضاء بمراعاة أحكام المواد التالية
1-
المواد من 1 إلى 12
والمادة 19 من اتفاقية باريس لحماية الملكية الفكرية الصناعية وفقا لتعديل استكهولم 1967
( المادة 2/1 من إتفاقية التربس).
2-
المواد من 1 الى 21 من
اتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية والفنية(وفقاً لتعديل باريس 1971) وملحقها ،
فيما عدا المادة 6 مكرر من الاتفاقية أو الحقوق النابعة عنها (المادة 9
من اتفاقية التربس )
3-
المواد من 2 إلى 7 (
باستثناء الفقرة 3 من المادة 6) ، والمادة 12 والفقرة 3 من المادة 16 من معاهدة الملكية
الفكرية فيما يتصل بالدوائر المتكاملة ( اتفاقية واشنطن 1989) ( المادة
35 من اتفاقية التربس )
4-
كما أحالت اتفاقية التربس
إلى بعض المواد التى تضمنتها اتفاقية روما لحماية فنانى الأداء ومنتجى التسجيلات
الصوتية وهيئات الإذاعة (اتفاقية روما 1961 ) ، وأوجبت على الدول الأعضاء
مراعاة أحكام هذه المواد.
وأوجبت
اتفاقية التربس على جميع الدول الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية تطبيق
أحكام الاتفاقيات الدولية التى أحالت إليها دون تفرقة بين الدول التى
انضمت إلى هذه الاتفاقيات الدولية والدول التى لم تنضم إليها.
وهكذا
جمعت اتفاقية التربس أحكام الاتفاقيات الدولية الرئيسية فى مجال الملكية
الفكرية فى وثيقة واحدة فحققت الترابط فيما بينها، بعد أن كانت هذه
الأحكام متفرقة ومبعثرة فى الاتفاقيات الدولية المختلفة، وألزمت جميع الدول
الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية بتطبيق أحكامها بغض النظر عن انضمامها
إلى هذه الاتفاقيات الدولية أو عدم الانضمام إليها.
ولم
تقف اتفاقية التربس عند حد الإحالة إلى أحكام الاتفاقيات الدولية المبرمة
فى شأن الملكية الفكرية ، بل أنها اعتبرت أحكام هذه الاتفاقيات هى نقطة
البداية التى انطلقت منها نحو تدعيم وترسيخ حقوق الملكية الفكرية، فاستحدثت
أحكاماً جديدة لم تنظمها الاتفاقيات الدولية من قبل ، كما طورت أحكامها
من أجل تدعيم حقوق الملكية الفكرية وترسيخها على المستوى الدولى.
المعاملة
الوطنية والمعاملة الخاصة بحق الدولة الأولى بالرعاية
تضمنت المادة 3 من
الاتفاقية مبدأ المعاملة الوطنية ، وبمقتضى هذا المبدأ تلتزم البلدان الأعضاء فى منظمة التجارة
العالمية بأن تعامل مواطنى البلدان الأخرى ومن فى حكمهم فيما يتعلق
بحقوق الملكية الفكرية معاملة لا تقل عن المعاملة المقررة لمواطنيها ، فتمنحهم
– على الأقل – نفس المزايا التى يتمتع بها رعاياها وتخضعهم لنفس
الالتزامات. وهذا المبدأ يتوافق مع حكم المادة الثانية من اتفاقية باريس لحماية
الملكية الصناعية التى سبقت اتفاقية التربس فى إرسائه
وقد
تضمنت المادة 4 من اتفاقية التربس مبدأ المعاملة الخاصة بحق الدولة الأولى
بالرعاية ، وبمقتضاه تلتزم الدول الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية
بألا تميز فى المعاملة بين رعايا الدول الأعضاء الأخرى ومن فى حكمهم.
ومن ثم يجب على الدول الأعضاء المساواة بين رعايا جميع الدول الأعضاء
فى الحقوق والالتزامات ، بمعنى أنها تلتزم إذا منحت أى ميزة أو تفضيل
أو امتياز أو حصانة لمواطنى أى بلد عضو فى المنظمة بأن تمنح جميع مواطنى
الدول الأعضاء الأخرى نفس الميزة أو التفضيل أو الامتياز أو الحصانة
. وهذا المبدأ يطبق لأول مرة فى مجال الملكية الفكرية ، إذ لم يسبق
لأى اتفاقية دولية فى مجال الملكية الفكرية الأخذ به.
وقد
أجازت المادتان 3، 4 للدول الأعضاء الاستفادة من الاستثناءات التى ذكرتها
من الالتزام بتطبيق مبدأى المعاملة الوطنية والمعاملة الخاصة بحق الدولة
الأولى بالرعاية. كما استبعدت المادة 5 المبدآن من التطبيق على الاتفاقيات
المتعددة الأطراف التى أبرمت تحت مظلة الوايبو وتتعلق بالجوانب الإجرائية
الخاصة باكتساب حقوق الملكية الفكرية أو استمرارها، ومن أمثلة هذه
الاتفاقيات اتفاقية التعاون الدولى بشأن براءات الاختراع المبرمة فى واشنطجن
1970.
استنفاد حقوق الملكية الفكرية
من
المعلوم أن حقوق الملكية الفكرية تخول لصاحبها الحق فى منع الغير من
استيراد المنتج المشمول بالحماية من سوق أى دولة . على أن تطبيق هذا
المبدأ على إطلاقه يعنى أنه يحق لمالك البراءة أو العلامة ( أو صاحب أى
حق من حقوق الملكية الفكرية ) أن يمنع الغير من استيراد كافة المنتجات
المشمولة بالحماية بما فى ذلك المنتجات التى طرحت للبيع فى الخارج عن طريق
صاحب البراءة أو العلامة سواء بنفسه أو بموافقته ، مما يتيح لأصحاب حقوق
الملكية الفكرية إمكانية تقسيم الأسواق وطرح المنتجات فيها بأسعار متفاوتة.
وتداركا
لهذا الوضع تأخذ تشريعات بعض الدول بمبدأ الاستنفاد الدولى
international exhaustion لحقوق
الملكية الفكرية . وبمقتضى مبدأ الاستنفاد الدولى يسقط حق صاحب البراءة أو العلامة ( أو
أى حق من حقوق الملكية الفكرية الأخرى ) فى منع الغير من استيراد
المنتجات المشمولة بالحماية بمجرد أن يطرح تلك المنتجات للتداول فى سوق
أى دولة سواء بنفسه أو عن طريق أحد تابعيه أو بموافقته
وتقف
الدول من مبدأ الاستنفاد الدولى مواقفاً متعارضة بحسب اختلاف مصالحها،
فهو من أكثر المسائل التى يثار حولها الجدل . ولم تأخذ اتفاقية التربس
أى موقف إيجابى من قضية استنفاد حقوق الملكية الفكرية ، ( المادة 6 من
الاتفاقية ) ومن ثم فإن تبنى تشريعات الدول الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية
لمبدأ الاستنفاد الدولى لا يخالف أحكام اتفاقية التربس
ومن
الغنى عن البيان أن الأخذ بمبدأ الاستنفاد الدولى لحقوق الملكية الفكرية
يتيح الاستيراد الموازى parallel importation , ولذلك فإن من مصلحة الدول النامية أن تتبناه فى تشريعاتها
الوطنية لتوفير المنتجات المشمولة بالحماية فى السوق المحلى بأقل
الأسعار السائدة عالميا ، وعلى وجه الخصوص المنتجات الدوائية
الأهــداف والمبادئ
ذكرت
المادة 7 من الاتفاقية أنها تهدف إلى إسهام حماية وانفاذ حقوق الملكية الفكرية فى
تشجيع روح الابتكار التكنولوجى ونقل وتعميم التكنولوجيا ، بما يحقق المنفعة
المشتركة لمنتجى المعرفة التكنولوجية ومستخدميها ، بالأسلوب الذى يحقق
الرفاهة الاجتماعية والاقتصادية والتوازن بين الحقوق والواجبات
كما
أجازت المادة 8/1 من الاتفاقية للدول الأعضاء عند وضع أو تعديل قوانينها
ولوائحها التنظيمية اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المصلحة العامة
والتغذية وخدمة المصلحة العامة فى القطاعات ذات الأهمية الحيوية للتنمية
الاقتصادية الاجتماعية والتكنولوجية ، شريطة اتساق هذه التدابير مع
أحكام الاتفاقية . كما أجازت المادة 8/2 للدول الأعضاء أن تتخذ التدابير
اللازمة لمنع حائزى حقوق الملكية الفكرية من اساءة استخدامها ، أو منع
اللجوء إلى ممارسات تسفر عن تقييد غير معقول للتجارة أو تؤثر سلبا على
النقل الدولى للتكنولوجيا .
ولاشك
أن النصوص المتقدمة تتيح للدول النامية فرصة التخفيف من الآثار السلبية
التى قد تنجم عن تطبيق الاتفاقية . ومن مصلحة الدول النامية عند وضع أو
تعديل قوانينها بما يتوافق مع أحكام الاتفاقية اتباع سياسات تشريعية
رشيدة تعتمد على الأغراض والمبادئ المتقدمة للتخفيف من الآثار السلبية
التى يتوقع حدوثها عند تطبيق الاتفاقية.
المبحث الثالث
معايير حماية حقوق الملكية
الصناعية فى اتفاقية التربس
(Standards)
تناولت
اتفاقية التربس فى الجزء الثانى منها (المواد من 9- 40) المعايير المتعلقة
بتوفير حقوق الملكية الفكرية ونطاقها واستخدامها. وألزمت الاتفاقية الدول الأعضاء باحترام الحد الأدنى
من معايير الحماية التى ذكرتها فى مختلف فروع الملكية الفكرية التى
عالجتها وهى :
1-
حقوق المؤلف والحقوق
المتعلقة بها
2-
العلامات التجاريـــة
3-
المؤشرات الجغرافية
4–
التصميمات الصناعية
5-
براءات الاخـــــتراع
6-
التصميمات التخطيطية (
الرسوم الطبوغرافية) للدوائر المتكاملة،
7-
المعلومات السرية.
وتناولت
الاتفاقية فى معالجتها لكل فرع من فروع الملكية الفكرية المتقدمة على حده
المواد (أو المسائل) التى تنصب عليها الحماية the subject matter to be
protected ومايتمتع به
أصحابها من حقوق the rights to be conferred ،
والاستثناءات التى يجوز تقريرها على هذه الحقوق permissible exceptions
to those rights والحد
الأدنى لمدة الحماية the minimum duration of
protection.
ورغم أن اتفاقية التربس
قد وضعت معاييراً لحماية حقوق الملكية الفكرية تفوق من حيث المستوى معايير الحماية التى
قررتها الاتفاقيات الدولية السابقة ،إلا أن اتفاقية التربس لم تنسخ
أحكام الاتفاقيات الدولية المبرمة من قبل فى مجالات الملكية الفكرية الرئيسية،
بل سارت فى سبيل تدعيمها وترسيخها . واتبعت اتفاقية التربس اسلوباً
فريداً فى تحديدها لمعايير الحماية عن طريق الزام كافة الدول الأعضاء
بمراعاة تطبيق الأحكام الموضوعية التى تضمنتها الاتفاقيات الدولية
الرئيسية السابقة عليها وهى : اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية (
استكهولم 1967) ، اتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية والفنية ( تعديل
باريس 1971) ومعظم الأحكام الموضوعية التى تضمنتها اتفاقية الملكية
الفكرية فيما يختص بالدوائر المتكاملة(واشنطجن1989) . كما أحالت اتفاقية
التربس إلى بعض مواد اتفاقية روما لحماية فنانى الأداء ومنتجى التسجيلات
الصوتية وهيئات الإذاعة (روما1961). كما عالجت عدداً من المسائل التى لم تتناولها
هذه الاتفاقيات ، وطورت وعدلت بعض
أحكامها بقصد تدعيم مستوى حماية حقوق الملكية الفكرية وترسيخها .
ونستعرض
فيما يلى معايير حماية الملكية الصناعية فى اتفاقية التربس ، وسوف نخص بالذكر
العلامات التجارية ، وبراءات الاختراع
أولا : العلامات التجــارية
تناولت
اتفاقية التربس المعايير المتعلقة بحماية الحقوق الناشئة عن العلامة
التجارية فى القسم الثانى من الجزء الثانى من الاتفاقية فى المواد من
15-21 . وقد تضمنت هذه المواد مايلى
المواد القابلة للحماية Protectable
Subject Matter
تعتبر علامة
تجارية كل علامة تكون قادرة على تمييز السلع والخدمات التى تنتجها منشأة
ما ، عن تلك التى تنتجها منشأة أخرى . وتدخل فى عداد العلامة التجارية
الكلمات التى تشتمل على أسماء شخصية والحروف والأرقام والأشكال ومجموعات
الألوان أو أى مزيج منها، وهى تصلح جميعها للتسجيل كعلامة تجارية
( المادة 15 فقرة 1 تربس).
ومن الغنى عن البيان أن
التعداد المتقدم وارد على سبيل المثال لا على سبيل الحصر. وقد عدلت اتفاقية التربس وطورت ما
تضمنته اتفاقية باريس للملكية الصناعية (تعديل استكهولم 1967) فيما يتعلق
بالعلامة التجارية من عدة وجوه أهمها :
(أ) أن اتفاقية التربس لم تقصر العلامة التجارية على
علامة السلعة ، بل أضافت إلى مفهوم العلامة التجارية علامة الخدمة ، ومن ثم
تسرى على علامة الخدمة كافة المواد التى تعالج العلامة التجارية شأنها
فى ذلك شأن علامة السلعة . وقد سارت اتفاقية قانون العلامات التجارية لسنة
1994 فى ذات اتجاه اتفاقية التربس .
(ب) أن اتفاقية التربس أبرزت خاصية العلامة التجارية فى
تمييز السلع والخدمات، واتخذت خاصة التمييز كأساس تقوم عليه العلامة
التجارية .
على
أنه بالنسبة للعلامات التى لا تصلح بذاتها لتمييز السلع والخدمات ، فقد
أجازت الاتفاقية للبلدان الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية أن تشترط لتسجيل
هذه العلامات اكتساب خاصية التمييز عن طريق الاستعمال . كما أجازت للدول
أن تشترط لتسجيل العلامة أن تكون قابلة للإدراك بالنظر ، ومن ثم يجوز
للبلدان الأعضاء استبعاد علامة الرائحة والعلامة الصوتية من التسجيل كعلامة
تجارية (المادة 15 فقرة 1 تربس).
وقد
جازت الفقرة الثالثة من المادة 15 من الاتفاقية للدول الأعضاء أن تشترط
تشريعاتها لتسجيل العلامة سبق استعمالها ، حيث أن تشريعات بعض الدول تشترط
استعمال العلامة قبل تسجيلها، وهذا هو الحال فى الولايات المتحدة الأمريكية
وكندا.
ولا
يجوز أن تحول طبيعة السلعة أو الخدمة التى يراد أن تستخدم العلامة فى تمييزها دون
تسجيل العلامة ( مادة 15 فقرة 4).
وتلتزم
الدول الأعضاء بنشر كل علامة تجارية إما قبل تسجيلها أو فى أعقاب التسجيل،
وإتاحة فرصة معقولة لتقديم التماسات بإلغاء التسجيل . كما يجوز للدول
إتاحة فرصة الاعتراض على تسجيل العلامة التجارية ( مادة 15 فقرة 5).
الحقوق الممنوحة Rights Conferred
ووفقا
للفقرة الأولى من المادة 16/1 من اتفاقية التربس يتمتع صاحب العلامة
التجارية المسجلة بالحق المطلق فى منع الغير من استعمال علامته
التجارية أو أى علامة مشابهة لها بصدد السلع أو الخدمات التى تميزها العلامة ،
أو السلع المماثلة التى يؤدى استعمال العلامة بصددها إلى احتمال حدوث لبس
وهذا
الحكم يضمن لصاحب العلامة التجارية حداً أدنى من الحقوق . ولم يكن لهذا
الحكم مقابل فى اتفاقية باريس للملكية الصناعية التى لم تحدد مضمون حق صاحب
العلامة التجارية.
ومن
الجدير بالذكر أن اتفاقية باريس للملكية الصناعية تضمنت فى المادة 6 مكرر
أحكاما تتعلق بالعلامة المشهورة well-known mark ؛
وأسبغت عليها الحماية ولو كانت غير مسجلة . غير أن اتفاقية باريس لم
تضع أى ضابط لتحديد المقصود بالعلامة المشهورة ، مما أثار جدلا كبيرا
واختلافا حادا فى وجهات نظر الدول الأعضاء فى اتحاد باريس، كما أن
اتفاقية باريس تحدثت عن العلامة المشهورة بصدد علامة المنتجات دون علامة
الخدمات.
وقد عالجت اتفاقية
التربس العلامة المشهورة فى المادة 16 فقره 2، فقرة 3 ، وطورت أحكامها من عدة
جوانب أهمها :
1.
توسعت اتفاقية التربس فى
مفهوم العلامة المشهورة فلم تقصرها على علامة السلعة، بل أدخلت فيها أيضا علامة الخدمة . (
المادة 16 فقرة 2 تربس ).
2.
وضعت اتفاقية التربس
ضابطا عاما يمكن للدول الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية الاسترشاد به فى تحديد مفهوم
العلامة المشهورة ، إذ نصت المادة 16 فقرة 2 على أنه " … وعند تقرير ما إذا
كانت العلامة التجارية مشهورة تراعى البلدان الأعضاء مدى معرفة العلامة
التجارية فى قطاع الجمهور المعنى بما فى ذلك معرفتها فى البلد العضو المعنى
نتيجة ترويج العلامة التجارية
3.
توسعت الاتفاقية فى نطاق
الحماية المقررة للعلامة المشهورة فحظرت استخدام العلامة المشهورة إذا كانت مسجلة على
سلع أو خدمات غير مماثلة للسلع أو الخدمات التى تستخدم العلامة فى
تمييزها، إذا توافر شرطين : الأول : أن يؤدى استخدام العلامة المشهورة
على السلع أو الخدمات غير المماثلة إلى الاعتقاد بوجود صلة بين تلك
السلع أو الخدمات غير المماثلة وصاحب العلامة المشهورة المسجلة . والثانى :
أن يؤدى استخدام العلامة على سلع غير مماثلة إلى احتمال المساس بمصلحة
صاحب العلامة وتعريضه للضرر .
الاســـتثناءات Exceptions
أجازت
المادة 17 من الاتفاقية للبلدان الأعضاء أن تمنح استثناءات محدودة من
الحقوق المقررة لصاحب العلامة التجارية ، شريطة مراعاة المصالح
المشروعة لصاحب العلامة والغير .
ومن
أمثلة هذه الاستثناءات: جواز الاستخدام العادل للعبارات الوصفية للسلعة
أو الخدمة بمعرفة الغير، وقد تتضمن هذه العبارات الوصفية التعريف بالسلعة
ومواصفاتها ودرجة جودتها. وكذلك استخدام الأسماء الشخصية والأسماء الجغرافية
بحسن نية ومنشأ السلعة . ويشترط النص لجواز منح هذه الاستثناءات أن تكون
محدودة، وأن تراعى المصالح المشروعة لصاحب العلامة التجارية
مدة الحمايـــة Term of Protection
وفقا
للمادة 18 من اتفاقية التربس فإن أقل مدة لحماية العلامة التجارية هى
سبع سنوات. ومن حق مالك العلامة أن يطلب تجديد العلامة مرة أو عدة مرات
متلاحقة إلى أجل غير مسمى.
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب