الفساد الادارى
الخلاصة
تعد ظاهره الفساد الإداري والمالي من الظواهر الخطيرة
التي تواجه البلدان وعلى الأخص الدول النامية حيث أخذت تنخر في جسم مجتمعاتها بدأت
بالأمن وما تبعه من شلل في عملية البناء والتنمية الاقتصادية والتي تنطوي على
تدمير الاقتصاد والقدرة المالية والإدارية وبالتالي عجز الدولة على مواجهة تحديات
أعمار أو إعادة أعمار وبناء البنى التحتيه اللازمة لنموها .
لاقت هذه المشكلة (الفساد Corruption) اهتمام الكثير من الباحثين والمهتمين واتفقت الآراء
على ضرورة وضع وتأسيس إطار عمل مؤسسي الغرض منه تطويق المشكلة وعلاجها من خلال
خطوات جديه ومحدده ومكافحة الفساد بكل صوره ومظاهره وفي كافة مجالات الحياة لتعجيل
عملية التنمية الاقتصادية وقد أشار مدير فرع الجنوب لهيئة النزاهة العامة [1]
إلى إن الفساد الإداري والمالي ظاهره قديمة أصابت الجهاز الإداري في العراق منذ
نشأة الدولة العراقية في بداية عشرينيات القرن الماضي واستفحلت بعد انقلاب 1968 .
وكان التغير بالنظام السياسي ودخول قوات الاحتلال الأجنبية عام 2003 وخوض عملية
الانتخابات بطريقة ديمقراطية وحرية تامة موضع استبشار من قبل المواطنين لتغيير
معالم الظلم والهدر والتبذير للأموال العامة وعدم العدالة في توزيع الثروات العامة
بعد معاناة حروب وحصار دام لعقود ... ولكن الحقيقة كانت مخيبة الآمال لوجود نخب
سياسية مختلفة الأطياف أضحت اهتماماتها بالدرجة الأولى (كما يتداول علناً
بوسائل الأعلام المختلفة) توزيع حصص القيادات العليا أو الحقائب الوزارية أو
الإدارات العامة مما أضحى العراق ممثلاً المركز 129 في الدول الأنظف في سلم الفساد
(في تقرير لمنظمة الشفافية العالمية) أو كما جاء (في تقرير مستقل أخر)
باعتباره ثالث بلد (بعد الصومال وميانمار) من بين 180 بلداً في الفساد .
وكان لسن العديد من القوانين وتشكيل المفوضية العامة للنزاهة ووجود دوائر المفتش
العام في الوزارات بارقة أمل وشعور بأطمئنان لعهد جديد دخل فيه العراق واندثرت معه
عصور الظلمة . إلا إن تشريع القوانين الممهدة للسلب والنهب والاحتيال في وضح
النهار وبأساليب ملتوية وظهور المخاصصه وتمرير قوانين مقابل تمرير أخرى بات يحمل
مسوغاً قانونياً ضمن مصطلح الحصانة (سواء كان للمشرع أو للموظف القيادي الكبير)
الذي يحملها نتيجة رفض الموافقة على قرار الإحالة إلى القضاء استناداً إلى المادة
136 فقرة (ب) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 التي تعطي
الحق لمرجع المتهم إلى عدم الموافقة على قرار الإحالة إلى المحاكم .
لهذا كان على المهتمين والباحثين ضرورة إعداد الدراسات
والبحوث لتشخيص ومتابعة ومن ثم معالجة ظواهر الفساد المختلفة وأهمها الفساد
الإداري الذي يتبعه الفساد المالي حتماً .
وسيتضمن البحث :-
أولاً
. تحديد مفهوم الفساد المالي والإداري .
ثانياً
. مظاهر الفساد الإداري والمالي والتركيز على قانون إعادة المفصولين والمتضررين
سياسياً إلى الخدمة .
ثالثاً
. الجهات المسؤولة عن مكافحة الفساد .
رابعاً
. الاستنتاجات والتوصيات .
منهجية البحث :-
أولاً . مشكلة البحث :-
نشأت ظواهر تخص السلوك
غير القويم للفرد والمتمثل بعدم نزاهة الأفراد (سلوكياً ، وظيفياً ، مالياً)
في العقود الأخيرة وقد تأثر الاقتصاد العراقي بهذه الظواهر التي بدأت تنخر في
هيكلية الدولة وعجزها عن مواجهة مثل هذه الظواهر إضافة إلى تحديات العولمة وما
تشكل منه بعد أكثر من حرب وحصار مرت على العراق وكذلك المتغيرات السياسية الدولية
.
الأمر الذي أدى إلى
تساؤل الباحثة عن أسباب هذا النوع من السلوك ومحاولة وضع الحلول الناجعة له
وبالشكل التالي :-
1 . هل هناك فعلاً فساد
إداري ومالي في العراق ؟
2 . هل تم تشخيص أسبابه
؟
3 . هل يمكن وضع الحلول
الناجعة لمعالجته والقضاء على مظاهره ؟؟
ثانياً . أهمية البحث :-
1
. إعداد دراسة عن واقع ظاهرة الفساد الإداري والمالي في العراق .
2
. تحديد مسببات هذه الظاهرة والعناصر الرئيسية التي أدت إلى بروزها بشكل واضح في
هذا العقد .
3
. وضع السبل والخطوات الناجعة للحد منه ومعالجته بأسرع وقت .
ثالثاً . أهداف البحث :-
1
. إعداد الوسائل والطرق اللازمة لتشخيص هذه الظاهرة .
2
. الحد من هذه الظاهرة عن طريق تشريع القوانين (الأخلاقية والرقابية والعقابية)
.
3
. معالجة هذه الظاهرة عن طريق تحصين النفس ومن ثم المجتمع بعدم ممارستها .
رابعاً . أسئلة البحث :-
1
. هل هناك تأثير للفساد الإداري على أداء الدولة ؟؟
2
. هل ينبع الفساد الإداري فساداً مالياً حتماً ؟؟
خامساً . أدبيات الدراسة وعينة البحث :-
1
. جمع المعلومات عن مجتمع البحث المتمثل بالوزارات والإدارات .
2
. جمع المعلومات عن عينة البحث (المفصولين السياسيين في معهد الإدارة / الرصافة)
.
3
. أدوات الدراسة المختلفة قانون المفصولين السياسيين وتعليماته النافذة وأوليات
مقدمي الطلبات (الوثائق والمستندات) بالشمول بهذا القانون .
أولاً . مفهوم الفساد الإداري والمالي :-
إن الفساد (Corruption) مصطلح يتضمن معاني عديدة في طياته
. والفساد موجود في كافة القطاعات الحكومية منها والخاصة فهو موجود في أي تنظيم
يكون فيه للشخص قوة مسيطرة أو قوة احتكار على سلعة أو خدمة أو صاحب قرار وتكون
هناك حرية في تحديد الأفراد الذين يستلمون الخدمة أو السلعة أو تمرير القرار لفئة
دون الأخرى وقد يتضمن مصطلح الفساد الإداري محاور عديدة .
1
. الفساد السياسي ويتمثل بالانحراف عن النهج المحدد لأدبيات التكتل أو الحزب أو
المنظمة السياسية نتيجة الشعور بالأزلية أو كونه الأوحد أو الأعظم أو المنظر ، أو
بيع المبادئ الموضوعة في أدبيات المنظمة للكتل الدولية أو الإقليمية القومية لسبب
أو أكثر فالخيانة والتواطؤ والتغافل والإذعان والجهل والضغط ... وغيرها .
2
. الفساد الإداري ويتعلق بمظاهر الفساد والانحراف الإداري أو الوظيفي من خلال المنظمة
والتي تصدر من الموظف العام إثناء تأدية العمل بمخالفة التشريع القانوني وضوابط
القيم الفردية ، أي استغلال موظفي الدولة لمواقعهم وصلاحياتهم للحصول على مكاسب ومنافع
بطرق غير مشروعة .
3
. الفساد المالي ومظاهره ... الانحرافات المالية ومخالفة الأحكام والقواعد
المعتمدة حالياً في تنظيمات الدولة (إدارياً) ومؤسساتها مع مخالفة ضوابط
وتعليمات الرقابة المالية .
4
. الفساد الأخلاقي ويتمثل بالانحرافات الأخلاقية وسلوك الفرد وتصرفاته غير
المنضبطة بدين أو تقاليد أو عرف اجتماعي مقبول .
إما فيما يخص موضوع
بحثنا (الفساد الإداري والمالي) فقـد وردت تعاريف عـدة منها :-
-
تعريف موسوعة العلوم الاجتماعية (الفساد هو سوء استخدام النفوذ العام لتحقيق
أرباح خاصة) ولذلك كان التعريف شاملاً لرشاوي المسؤولين المحليين أو الوطنيين
، أو السياسيين مستبعدة رشاوي القطاع الخاص .
وعرفته كذلك (هو
خروج عن القانون والنظام العام وعدم الالتزام بهما من اجل تحقيق مصالح سياسية
واقتصادية واجتماعية للفرد أو لجماعة معينة) .
إما تعريف منظمة
الشفافية العالمية فهو (إساءة استخدام السلطة العامة لتحقيق كسب خاص) إما
تعريف صندوق النقد الدولي (IMF) (علاقة الأيدي الطويلة المعتمدة التي تهدف إلى استحصال الفوائد
من هذا السلوك لشخص واحد أو مجموعة ذات علاقة بين الأفراد) .
أنواع الفساد من حيث الحجم
1
. الفساد الصغير (Minor Corruption)
(فساد الدرجات
الوظيفية الدنيا) وهو الفساد الذي يمارس من فرد واحد
دون تنسيق مع الآخرين لذا نراه ينتشر بين صغار الموظفين عن طريق استلام رشاوى من
الآخرين .
2
. الفساد الكبير (Gross Corruption)
(فساد الدرجات
الوظيفية العليا من الموظفين) والذي يقوم به كبار
المسؤولين والموظفين لتحقيق مصالح مادية أو اجتماعية كبيرة وهو أهم واشمل واخطر
لتكليفه الدولة مبالغ ضخمة .
أنواع الفساد من ناحية الانتشار
1
. فساد دولي :-
وهذا النوع من الفساد
يأخذ مدى واسعاً عالميا يعبر حدود الدول وحتى القارات ضمن ما يطلق عليها (بالعولمة)
بفتح الحدود والمعابر بين البلاد وتحت مظلة ونظام الاقتصاد الحر .
ترتبط المؤسسات
الاقتصادية للدولة داخل وخارج البلد بالكيان السياسي أو قيادته لتمرير منافع
اقتصادية نفعية يصعب الفصل بينهما لهذا يكون هذا الفساد أخطبوطياً يلف كيانات
واقتصادات على مدى واسع ويعتبر الأخطر نوعاً .
2
. فساد محلي :-
وهو الذي ينتشر داخل
البلد الواحد في منشأته الاقتصادية وضمن المناصب الصغيرة ومن الذين لا ارتباط لهم
خارج الحدود (مع شركات أو كيانات كبرى أو عالمية) .
أسباب الفساد وتأثيراته
يمكن
تحديد أسباب الفساد بما يلي :-
1
. أسباب سياسية
ويقصد بالأسباب
السياسية هي غياب الحريات والنظام الديمقراطي ، ضمن مؤسسات المجتمع المدني ، ضعف
الأعلام والرقابة .
2
. أسباب اجتماعية
متمثلة بالحروب وأثارها
ونتائجها في المجتمع والتدخلات الخارجية ، الطائفية والعشائرية والمحسوبيات القلق
الناجم من عدم الاستقرار من الأوضاع والتخوف من المجهول القادم ... جمع المال بأي
وسيلة لمواجهة هذا المستقبل والمجهول الغامض .
3
. أسباب اقتصادية
الأوضاع الاقتصادية
المتردية والمحفزة لسلوك الفساد وكذلك ارتفاع تكاليف المعيشة .
4
. أسباب إدارية وتنظيمية
وتتمثل في الإجراءات
المعقدة (البيروقراطية) وغموض التشريعات وتعددها أو عدم العمل بها ، وضمن المؤسسة
لعدم اعتمادها على الكفاءات الجيدة في كافة الجوانب الإدارية .
إما تأثير الفساد ممكن أن يحدد بما يلي :-
أ
. تأثيره على الاقتصاد
يؤثر الفساد على
الاقتصاد :-
1
. ضعف الاستثمار وهروب الأموال خارج البلد ومايتبعه من قلة فرص العمل وزيادة
البطالة والفقر .
2
. ضياع أموال الدولة والتي كان من الأجدر استثمارها في مشاريع تخدم المواطنين .
ب
. إما تأثير الفساد على النواحي السياسية
1
. يؤدي الفساد إلى إحلال المصالح إلى حسم بدل المصالح العامة ويؤدي الفساد إلى
زيادة الصراعات والخلافات في جهاز الدولة بين الأحزاب المختلفة في سبيل تحقيق
المصلحة الخاصة على المصلحة العامة .
2
. وكذلك تأثير الفساد على وسائل الأعلام المختلفة وتكيفها وضمن المتطلبات الخاصة
للمفسدين وجعل أجهزة الأعلام بعيدة عن دورها في التوعية ومحاربة الفساد .
ثانياً . مظاهر الفساد الإداري والمالي :-
والتركيز على قانون
إعادة المفصولين والمتضررين السياسيين كمظهر من مظاهر الفساد الإداري والمالي في
العراق .
إن مسألة الفساد ومنها
الفساد الإداري ليست بمسألة رياضية أو معادلة يمكن احتسابها بالأرقام ليصل الشخص
إلى فك رموزها وإعطاء النتيجة بأسلوب رياضي بحت بل هي مسألة تعود إلى ذات الشخص في
مقاومتها (ضمن اطر البيت والحارة والدائرة والمجتمع ...) .
إن مسألة الالتزام
بالتشريعات السماوية في منع مظاهر الفساد ومعاقبة المفسدين
بالعقاب العاجل في الدنيا والأجل عند الحساب كقوله تعالى (إنما يؤخرهم ليوم
تشخص فيه الإبصار) . يعتبر عاملاً مهماً لدى الكثيرين في عدم الولوج إلى هذا
الدهليز المظلم والذي لن يجني منه المفسد إلا الخسران لذا لانجد إن من يمارسون مظاهر
الفساد قد اندفعوا لها بسبب عاطفي أو هدى نفس قد يزول في لحظة .
ولاشك إن المكاسب
المادية والمعنوية التي يجنيها المفسد هي التي تدفعه لأرتكاب مثل هذه الأفعال
والتي قد تأخذ احد أو أكثر من مظاهره التالية :-
1 .
الرشوة Bribry
وتعني حصول الشخص على
منفعة تكون مالية في الغالب لتمرير أو تنفيذ إعمال خلاف التشريع أو أصول المهنة .
2 .
المحسوبية Nepotism
أي امرار ما تريده
التنظيمات (الأحزاب أو المناطق والأقاليم أو العوائل المتنفذة) من خلال
نفوذهم دون استحقاقهم لها أصلاً .
3 .
المحاباة Favoritism
أي تفضيل جهة على أخرى
بغير وجه حق كما في منح المقاولات والعطاءات أو عقود الاستئجار والاستثمار .
4 .
الوساطة
أي تدخل شخص ذا مركز (وظيفي
أو تنظيم سياسي) لصالح من لايستحق التعيين أو إحالة العقد أو إشغال المنصب أو
... الخ .
5 .
الابتزاز والتزوير Black
Mailing
لغرض الحصول على المال
من الأشخاص مستغلاً موقعه الوظيفي بتبريرات قانونية أو إدارية أو إخفاء التعليمات
النافذة على الأشخاص المعنيين كما يحدث في دوائر الضريبة أو تزوير الشهادة
الدراسية أو تزوير النقود .
6 .
نهب المال العام Embezzlement
والسوق السوداء
والتهريب بأستخدام الصلاحيات الممنوحة للشخص أو الاحتيال أو استغلال الموقع
الوظيفي للتصرف بأموال الدولة بشكل سري من غير وجه حق أو تمرير السلع عبر منافذ
السوق السوداء أو تهريب الثروة النفطية .
7
. فساد يتقاطع مع الأنظمة والقوانين المتعلقة بنظام العدالة وحقوق الملكية
والتسهيلات المصرفية والائتمانات وكذلك التمويل الخارجي [2]
.
8
. الفساد في بيئة المجتمع / التلوث ودخان المصانع (وكانت للدول الصناعية الكبرى
الأثر الأكبر في ظاهره الاحتباس الحراري) التي يمر بها العالم حالياً .
9
. التباطؤ في أنجاز المعاملات وخاصة المهمة والمستعجلة كمعاملات التقاعد والجنسية
وجواز السفر ووثائق تأييد صحة صدور الشهادات أو الكتب الرسمية .
إما في العراق فقد بلغ
الفساد الإداري والمالي خلال العامين السابقين مستوى قياسياً غير مسبوق ، الأمر
الذي جعل العراق يحتل المركز الثالث عالمياً في هرم الفساد الإداري والمالي .
[1] النزاهة / نشرة دورية العدد 3 سنة 2007 .
[2] مقالة سعد العنزي وجهة نظر تحليلية في الفساد مجلة المعهد العالي للدراسات
المالية والمحاسبية العدد السادس / السنة الثانية / آب 2002 .
الخلاصة
تعد ظاهره الفساد الإداري والمالي من الظواهر الخطيرة
التي تواجه البلدان وعلى الأخص الدول النامية حيث أخذت تنخر في جسم مجتمعاتها بدأت
بالأمن وما تبعه من شلل في عملية البناء والتنمية الاقتصادية والتي تنطوي على
تدمير الاقتصاد والقدرة المالية والإدارية وبالتالي عجز الدولة على مواجهة تحديات
أعمار أو إعادة أعمار وبناء البنى التحتيه اللازمة لنموها .
لاقت هذه المشكلة (الفساد Corruption) اهتمام الكثير من الباحثين والمهتمين واتفقت الآراء
على ضرورة وضع وتأسيس إطار عمل مؤسسي الغرض منه تطويق المشكلة وعلاجها من خلال
خطوات جديه ومحدده ومكافحة الفساد بكل صوره ومظاهره وفي كافة مجالات الحياة لتعجيل
عملية التنمية الاقتصادية وقد أشار مدير فرع الجنوب لهيئة النزاهة العامة [1]
إلى إن الفساد الإداري والمالي ظاهره قديمة أصابت الجهاز الإداري في العراق منذ
نشأة الدولة العراقية في بداية عشرينيات القرن الماضي واستفحلت بعد انقلاب 1968 .
وكان التغير بالنظام السياسي ودخول قوات الاحتلال الأجنبية عام 2003 وخوض عملية
الانتخابات بطريقة ديمقراطية وحرية تامة موضع استبشار من قبل المواطنين لتغيير
معالم الظلم والهدر والتبذير للأموال العامة وعدم العدالة في توزيع الثروات العامة
بعد معاناة حروب وحصار دام لعقود ... ولكن الحقيقة كانت مخيبة الآمال لوجود نخب
سياسية مختلفة الأطياف أضحت اهتماماتها بالدرجة الأولى (كما يتداول علناً
بوسائل الأعلام المختلفة) توزيع حصص القيادات العليا أو الحقائب الوزارية أو
الإدارات العامة مما أضحى العراق ممثلاً المركز 129 في الدول الأنظف في سلم الفساد
(في تقرير لمنظمة الشفافية العالمية) أو كما جاء (في تقرير مستقل أخر)
باعتباره ثالث بلد (بعد الصومال وميانمار) من بين 180 بلداً في الفساد .
وكان لسن العديد من القوانين وتشكيل المفوضية العامة للنزاهة ووجود دوائر المفتش
العام في الوزارات بارقة أمل وشعور بأطمئنان لعهد جديد دخل فيه العراق واندثرت معه
عصور الظلمة . إلا إن تشريع القوانين الممهدة للسلب والنهب والاحتيال في وضح
النهار وبأساليب ملتوية وظهور المخاصصه وتمرير قوانين مقابل تمرير أخرى بات يحمل
مسوغاً قانونياً ضمن مصطلح الحصانة (سواء كان للمشرع أو للموظف القيادي الكبير)
الذي يحملها نتيجة رفض الموافقة على قرار الإحالة إلى القضاء استناداً إلى المادة
136 فقرة (ب) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 التي تعطي
الحق لمرجع المتهم إلى عدم الموافقة على قرار الإحالة إلى المحاكم .
لهذا كان على المهتمين والباحثين ضرورة إعداد الدراسات
والبحوث لتشخيص ومتابعة ومن ثم معالجة ظواهر الفساد المختلفة وأهمها الفساد
الإداري الذي يتبعه الفساد المالي حتماً .
وسيتضمن البحث :-
أولاً
. تحديد مفهوم الفساد المالي والإداري .
ثانياً
. مظاهر الفساد الإداري والمالي والتركيز على قانون إعادة المفصولين والمتضررين
سياسياً إلى الخدمة .
ثالثاً
. الجهات المسؤولة عن مكافحة الفساد .
رابعاً
. الاستنتاجات والتوصيات .
منهجية البحث :-
أولاً . مشكلة البحث :-
نشأت ظواهر تخص السلوك
غير القويم للفرد والمتمثل بعدم نزاهة الأفراد (سلوكياً ، وظيفياً ، مالياً)
في العقود الأخيرة وقد تأثر الاقتصاد العراقي بهذه الظواهر التي بدأت تنخر في
هيكلية الدولة وعجزها عن مواجهة مثل هذه الظواهر إضافة إلى تحديات العولمة وما
تشكل منه بعد أكثر من حرب وحصار مرت على العراق وكذلك المتغيرات السياسية الدولية
.
الأمر الذي أدى إلى
تساؤل الباحثة عن أسباب هذا النوع من السلوك ومحاولة وضع الحلول الناجعة له
وبالشكل التالي :-
1 . هل هناك فعلاً فساد
إداري ومالي في العراق ؟
2 . هل تم تشخيص أسبابه
؟
3 . هل يمكن وضع الحلول
الناجعة لمعالجته والقضاء على مظاهره ؟؟
ثانياً . أهمية البحث :-
1
. إعداد دراسة عن واقع ظاهرة الفساد الإداري والمالي في العراق .
2
. تحديد مسببات هذه الظاهرة والعناصر الرئيسية التي أدت إلى بروزها بشكل واضح في
هذا العقد .
3
. وضع السبل والخطوات الناجعة للحد منه ومعالجته بأسرع وقت .
ثالثاً . أهداف البحث :-
1
. إعداد الوسائل والطرق اللازمة لتشخيص هذه الظاهرة .
2
. الحد من هذه الظاهرة عن طريق تشريع القوانين (الأخلاقية والرقابية والعقابية)
.
3
. معالجة هذه الظاهرة عن طريق تحصين النفس ومن ثم المجتمع بعدم ممارستها .
رابعاً . أسئلة البحث :-
1
. هل هناك تأثير للفساد الإداري على أداء الدولة ؟؟
2
. هل ينبع الفساد الإداري فساداً مالياً حتماً ؟؟
خامساً . أدبيات الدراسة وعينة البحث :-
1
. جمع المعلومات عن مجتمع البحث المتمثل بالوزارات والإدارات .
2
. جمع المعلومات عن عينة البحث (المفصولين السياسيين في معهد الإدارة / الرصافة)
.
3
. أدوات الدراسة المختلفة قانون المفصولين السياسيين وتعليماته النافذة وأوليات
مقدمي الطلبات (الوثائق والمستندات) بالشمول بهذا القانون .
أولاً . مفهوم الفساد الإداري والمالي :-
إن الفساد (Corruption) مصطلح يتضمن معاني عديدة في طياته
. والفساد موجود في كافة القطاعات الحكومية منها والخاصة فهو موجود في أي تنظيم
يكون فيه للشخص قوة مسيطرة أو قوة احتكار على سلعة أو خدمة أو صاحب قرار وتكون
هناك حرية في تحديد الأفراد الذين يستلمون الخدمة أو السلعة أو تمرير القرار لفئة
دون الأخرى وقد يتضمن مصطلح الفساد الإداري محاور عديدة .
1
. الفساد السياسي ويتمثل بالانحراف عن النهج المحدد لأدبيات التكتل أو الحزب أو
المنظمة السياسية نتيجة الشعور بالأزلية أو كونه الأوحد أو الأعظم أو المنظر ، أو
بيع المبادئ الموضوعة في أدبيات المنظمة للكتل الدولية أو الإقليمية القومية لسبب
أو أكثر فالخيانة والتواطؤ والتغافل والإذعان والجهل والضغط ... وغيرها .
2
. الفساد الإداري ويتعلق بمظاهر الفساد والانحراف الإداري أو الوظيفي من خلال المنظمة
والتي تصدر من الموظف العام إثناء تأدية العمل بمخالفة التشريع القانوني وضوابط
القيم الفردية ، أي استغلال موظفي الدولة لمواقعهم وصلاحياتهم للحصول على مكاسب ومنافع
بطرق غير مشروعة .
3
. الفساد المالي ومظاهره ... الانحرافات المالية ومخالفة الأحكام والقواعد
المعتمدة حالياً في تنظيمات الدولة (إدارياً) ومؤسساتها مع مخالفة ضوابط
وتعليمات الرقابة المالية .
4
. الفساد الأخلاقي ويتمثل بالانحرافات الأخلاقية وسلوك الفرد وتصرفاته غير
المنضبطة بدين أو تقاليد أو عرف اجتماعي مقبول .
إما فيما يخص موضوع
بحثنا (الفساد الإداري والمالي) فقـد وردت تعاريف عـدة منها :-
-
تعريف موسوعة العلوم الاجتماعية (الفساد هو سوء استخدام النفوذ العام لتحقيق
أرباح خاصة) ولذلك كان التعريف شاملاً لرشاوي المسؤولين المحليين أو الوطنيين
، أو السياسيين مستبعدة رشاوي القطاع الخاص .
وعرفته كذلك (هو
خروج عن القانون والنظام العام وعدم الالتزام بهما من اجل تحقيق مصالح سياسية
واقتصادية واجتماعية للفرد أو لجماعة معينة) .
إما تعريف منظمة
الشفافية العالمية فهو (إساءة استخدام السلطة العامة لتحقيق كسب خاص) إما
تعريف صندوق النقد الدولي (IMF) (علاقة الأيدي الطويلة المعتمدة التي تهدف إلى استحصال الفوائد
من هذا السلوك لشخص واحد أو مجموعة ذات علاقة بين الأفراد) .
أنواع الفساد من حيث الحجم
1
. الفساد الصغير (Minor Corruption)
(فساد الدرجات
الوظيفية الدنيا) وهو الفساد الذي يمارس من فرد واحد
دون تنسيق مع الآخرين لذا نراه ينتشر بين صغار الموظفين عن طريق استلام رشاوى من
الآخرين .
2
. الفساد الكبير (Gross Corruption)
(فساد الدرجات
الوظيفية العليا من الموظفين) والذي يقوم به كبار
المسؤولين والموظفين لتحقيق مصالح مادية أو اجتماعية كبيرة وهو أهم واشمل واخطر
لتكليفه الدولة مبالغ ضخمة .
أنواع الفساد من ناحية الانتشار
1
. فساد دولي :-
وهذا النوع من الفساد
يأخذ مدى واسعاً عالميا يعبر حدود الدول وحتى القارات ضمن ما يطلق عليها (بالعولمة)
بفتح الحدود والمعابر بين البلاد وتحت مظلة ونظام الاقتصاد الحر .
ترتبط المؤسسات
الاقتصادية للدولة داخل وخارج البلد بالكيان السياسي أو قيادته لتمرير منافع
اقتصادية نفعية يصعب الفصل بينهما لهذا يكون هذا الفساد أخطبوطياً يلف كيانات
واقتصادات على مدى واسع ويعتبر الأخطر نوعاً .
2
. فساد محلي :-
وهو الذي ينتشر داخل
البلد الواحد في منشأته الاقتصادية وضمن المناصب الصغيرة ومن الذين لا ارتباط لهم
خارج الحدود (مع شركات أو كيانات كبرى أو عالمية) .
أسباب الفساد وتأثيراته
يمكن
تحديد أسباب الفساد بما يلي :-
1
. أسباب سياسية
ويقصد بالأسباب
السياسية هي غياب الحريات والنظام الديمقراطي ، ضمن مؤسسات المجتمع المدني ، ضعف
الأعلام والرقابة .
2
. أسباب اجتماعية
متمثلة بالحروب وأثارها
ونتائجها في المجتمع والتدخلات الخارجية ، الطائفية والعشائرية والمحسوبيات القلق
الناجم من عدم الاستقرار من الأوضاع والتخوف من المجهول القادم ... جمع المال بأي
وسيلة لمواجهة هذا المستقبل والمجهول الغامض .
3
. أسباب اقتصادية
الأوضاع الاقتصادية
المتردية والمحفزة لسلوك الفساد وكذلك ارتفاع تكاليف المعيشة .
4
. أسباب إدارية وتنظيمية
وتتمثل في الإجراءات
المعقدة (البيروقراطية) وغموض التشريعات وتعددها أو عدم العمل بها ، وضمن المؤسسة
لعدم اعتمادها على الكفاءات الجيدة في كافة الجوانب الإدارية .
إما تأثير الفساد ممكن أن يحدد بما يلي :-
أ
. تأثيره على الاقتصاد
يؤثر الفساد على
الاقتصاد :-
1
. ضعف الاستثمار وهروب الأموال خارج البلد ومايتبعه من قلة فرص العمل وزيادة
البطالة والفقر .
2
. ضياع أموال الدولة والتي كان من الأجدر استثمارها في مشاريع تخدم المواطنين .
ب
. إما تأثير الفساد على النواحي السياسية
1
. يؤدي الفساد إلى إحلال المصالح إلى حسم بدل المصالح العامة ويؤدي الفساد إلى
زيادة الصراعات والخلافات في جهاز الدولة بين الأحزاب المختلفة في سبيل تحقيق
المصلحة الخاصة على المصلحة العامة .
2
. وكذلك تأثير الفساد على وسائل الأعلام المختلفة وتكيفها وضمن المتطلبات الخاصة
للمفسدين وجعل أجهزة الأعلام بعيدة عن دورها في التوعية ومحاربة الفساد .
ثانياً . مظاهر الفساد الإداري والمالي :-
والتركيز على قانون
إعادة المفصولين والمتضررين السياسيين كمظهر من مظاهر الفساد الإداري والمالي في
العراق .
إن مسألة الفساد ومنها
الفساد الإداري ليست بمسألة رياضية أو معادلة يمكن احتسابها بالأرقام ليصل الشخص
إلى فك رموزها وإعطاء النتيجة بأسلوب رياضي بحت بل هي مسألة تعود إلى ذات الشخص في
مقاومتها (ضمن اطر البيت والحارة والدائرة والمجتمع ...) .
إن مسألة الالتزام
بالتشريعات السماوية في منع مظاهر الفساد ومعاقبة المفسدين
بالعقاب العاجل في الدنيا والأجل عند الحساب كقوله تعالى (إنما يؤخرهم ليوم
تشخص فيه الإبصار) . يعتبر عاملاً مهماً لدى الكثيرين في عدم الولوج إلى هذا
الدهليز المظلم والذي لن يجني منه المفسد إلا الخسران لذا لانجد إن من يمارسون مظاهر
الفساد قد اندفعوا لها بسبب عاطفي أو هدى نفس قد يزول في لحظة .
ولاشك إن المكاسب
المادية والمعنوية التي يجنيها المفسد هي التي تدفعه لأرتكاب مثل هذه الأفعال
والتي قد تأخذ احد أو أكثر من مظاهره التالية :-
1 .
الرشوة Bribry
وتعني حصول الشخص على
منفعة تكون مالية في الغالب لتمرير أو تنفيذ إعمال خلاف التشريع أو أصول المهنة .
2 .
المحسوبية Nepotism
أي امرار ما تريده
التنظيمات (الأحزاب أو المناطق والأقاليم أو العوائل المتنفذة) من خلال
نفوذهم دون استحقاقهم لها أصلاً .
3 .
المحاباة Favoritism
أي تفضيل جهة على أخرى
بغير وجه حق كما في منح المقاولات والعطاءات أو عقود الاستئجار والاستثمار .
4 .
الوساطة
أي تدخل شخص ذا مركز (وظيفي
أو تنظيم سياسي) لصالح من لايستحق التعيين أو إحالة العقد أو إشغال المنصب أو
... الخ .
5 .
الابتزاز والتزوير Black
Mailing
لغرض الحصول على المال
من الأشخاص مستغلاً موقعه الوظيفي بتبريرات قانونية أو إدارية أو إخفاء التعليمات
النافذة على الأشخاص المعنيين كما يحدث في دوائر الضريبة أو تزوير الشهادة
الدراسية أو تزوير النقود .
6 .
نهب المال العام Embezzlement
والسوق السوداء
والتهريب بأستخدام الصلاحيات الممنوحة للشخص أو الاحتيال أو استغلال الموقع
الوظيفي للتصرف بأموال الدولة بشكل سري من غير وجه حق أو تمرير السلع عبر منافذ
السوق السوداء أو تهريب الثروة النفطية .
7
. فساد يتقاطع مع الأنظمة والقوانين المتعلقة بنظام العدالة وحقوق الملكية
والتسهيلات المصرفية والائتمانات وكذلك التمويل الخارجي [2]
.
8
. الفساد في بيئة المجتمع / التلوث ودخان المصانع (وكانت للدول الصناعية الكبرى
الأثر الأكبر في ظاهره الاحتباس الحراري) التي يمر بها العالم حالياً .
9
. التباطؤ في أنجاز المعاملات وخاصة المهمة والمستعجلة كمعاملات التقاعد والجنسية
وجواز السفر ووثائق تأييد صحة صدور الشهادات أو الكتب الرسمية .
إما في العراق فقد بلغ
الفساد الإداري والمالي خلال العامين السابقين مستوى قياسياً غير مسبوق ، الأمر
الذي جعل العراق يحتل المركز الثالث عالمياً في هرم الفساد الإداري والمالي .
[1] النزاهة / نشرة دورية العدد 3 سنة 2007 .
[2] مقالة سعد العنزي وجهة نظر تحليلية في الفساد مجلة المعهد العالي للدراسات
المالية والمحاسبية العدد السادس / السنة الثانية / آب 2002 .
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب