الوكالة التجارية
مقدمة
تعرف الوكالة لغة بأنها الحفظ والضمان وتقرأ بفتح الواو أو بكسرها ، و قد تطور هدا المعنى بتطور استخدام هداالعقد إلى أن أصبح يشمل تمثيل شخص آخر و تكليفه إياه للقيام مقامه في إبرامالتصرفات و تنفيذ الأعمال.
و لكثرة تداول هذا العقد بين الناسباعتباره أداة مساعدة لمجموعة كبيرة من العقود الأخرى: كالبيع و الإيجار، والرهن...الخ، فقد تدخل المشرع المدني لينظمه و يضع مجموعة القواعد العامة الخاصةبه. فقد عرفه قانون الالتزامات و العقود كالتالي : ** عقد بمقتضاه يكلف شخص آخر بإجراء عمل مشروعلحسابه ** كما تطرق إلى كل أنواع الوكالات و الأحكام القانونية التي تنظم إبرامالعقد و العلاقة التي تربط الوكيل بالموكل و تلك التي تربط كل واحد منهما بالغيرالمتعاقد مع الوكيل . و في غياب أي نص خاص تظل هده الأحكام هي القواعد العامة التيتنظم عقد الوكالة في أي ميدان من الميادين بما في ذلك المجال التجاري، هذا الأخيرالذي لو لا أن القانون التجاري لم ينظمضمن ما نظمه من عقود عقد الوكالة التجارية ، لكانت القواعد العامة للالتزامات والعقود هي التي سوف تحكم و تنظم هدا العقد .
على انه رغم كون مشرع مدونةالتجارة لم يتطرق صراحة للوكالة التجارية باعتبارها من الأعمال التجارية ، إلا انهاعتبر في البند 9 من المادة 6 أن السمسرة و الوكالة بالعمولة و غيرها من أعمالالوساطة من ضمن الأنشطة التجارية التي يترتب على احترافها أو اعتياد ممارستها ،اكتساب صفة تاجر ، إضافة إلى كل ذلك تطرق المشرع في الكتاب الرابع من المدونة والمتعلق بالعقود التجارية ، إلى عقد الوكالة التجارية باعتباره من ضمن عقودالوساطة التي تتضمن عقد السمسرة و عقد الوكالة بالعمولة ، و ذلك من خلال المواد من393 إلى المادة 404 . على انه في حالة ما إذا لم تكن هده المواد تتضمن الحكمالكفيل بمواجهة حالة من الحالات التي قد يطرحها العقد. فان القاضي يكون ملزمابالرجوع إلى قواعد قانون الالتزامات و العقود المتعلقة بعقد الوكالة للبحث عن حل ،و ذلك لان هذه الأخيرة تشكل القواعد العامة في حين تعتبر قواعد مدونة التجارةقواعد خاصة ، و لان هده الأخيرة تنص في المادة 2 منها على انه يفصل في المسائلالتجارية بمقتضى قوانين و أعراف و عادات التجارة أو بمقتضى القانون المدني ما لمتتعارض قواعده مع المبادئ الأساسية للقانون التجاري .
لكن كيف يمكن تعريف عقد الوكالةالتجارية مقارنة بعقد الوكالة المدنية ؟ و ما هي خصائص الأول ؟ من جهة و من جهةأخرى ما هي آثار العلاقات الناشئة عن هدا العقد ؟ و كيف ينتهي؟
هذه هي الأسئلة التي سوف نحاول الإجابةعليها كالتالي:
المبحثالأول: تعريف عقد الوكالة التجارية و خصائصه.
المطلبالأول: تعريف عقد الوكالة التجارية.
لقد عرفت مدونة التجارةالمغربية عقد الوكالة التجارية من خلال المادة 393 بقولها: الوكالة التجارية عقديلتزم بمقتضاه شخص و دون أن يكون مرتبطا بعقد عمل ، بالتفاوض أو بالتعاقد بصفةمعتادة ، بشان عمليات تهم اشرية أو بيوعات ، أو بصفة عامة جميع العمليات التجاريةباسم و لحساب تاجر أو منتج أو ممثل تجاري آخر يلتزم من جهته بأدائه أجرة عن دلك.
من خلال هدا التعريف يتضح أنعقد الوكالة التجارية باعتباره مثل سائر العقود ، يجب أن يخضع للأركان العامةللعقد الواردة في قانون الالتزامات و العقود ، فباعتبار أن الأمر يتعلق بعقد تجاريو بالتالي بعمل تجاري و هذا الأخير يعد من أعمال التصرفات و الإدارة ، فان الأهليةالمتطلبة في طرفيه تكون هي أهلية الأداء ، و بالتالي على الأقل الوكيل يجب أن يكونمتوفرا على جميع الشروط التي يتطلبها القانون لاكتساب الأهلية التجارية لكي يستطيعأن يبرم عقد وكالة تجارية .
أما بالنسبة لمحل العقد، فانالأمر يتعلق هنا بالتفاوض أو التعاقد على شراء أو بيع بضائع أو منتجات يجب أن يكونالتعامل عليها مباحا و ليس محرما قانونا و لا مخالفا للنظام العام أو الآداب وبالتالي يجب أن يكون المحل مشروعا.
أما بالنسبة للسبب فيجب أنيكون موجودا سواء تعلق الأمر بسبب الالتزام أو بسبب العقد، فالأول يجب أن يكونمتقابلا و مشروعا و الثاني يجب أن يكون مشروعا كذلك.
كل هذا مع ضرورة صدورالإيجاب و القبول عن رضا تام صحيح غير مشوب بأي عيب من عيوب الإرادة مثل الغلط والتدليس و الإكراه و الغبن بشروطه.
كما يتضح أيضا من تعريفمدونة التجارة لعقد الوكالة التجارية ، أن هذا العقد قد يختلط بعقد آخر هو عقدالعمل من خلال مجموعة من الأحكام و القواعد المنظمة لعقد الوكالة التجارية و التيتشبه إلى حد كبير أحكام عقد العمل ، مثل إمكانية إبرام عقد الوكالة التجارية لمدةمحددة أو لمدة غير محددة ، و قدرة العقد المحدد المدة على التحول إلى عقد غير محددالمدة في حالة استمرار تنفيذه بعد انتهاء اجله ، بالإضافة إلى طريقة انتهاء عقدالوكالة التجارية الغير محدد المدة التي تتطابق مع مسطرة إنهاء عقد العمل غيرالمحدد المدة ، وهي المسطرة التي تتطلب توجيه إشعار للطرف الآخر . و مع ذلك و رفعالكل لبس أو غموض أو خلط قد يحصل بين العقدين ، صرح المشرع في المادة 393 بكون عقدالوكالة التجارية يبرم دون أن يكون الوكيل مرتبطا بعقد عمل ، و بالتالي تنتفيالخاصية التي تميز عقد العمل عن العقد التجاري و هي التبعية ، في حين أن اكتساب صفة تاجر يتطلب الاستقلالية ، علىأن الوكيل التجاري لا يكون في الحقيقة مستقلا بشكل تام عن موكله و إنما يخضع بشكلما لتعليماته و توجيهاته في بعض الأمور الفنية أو التقنية ذات الصلة بالبضاعةموضوع الوكالة . ولكن هذا التوجيه لا يصل إلى حد جعل الوكيل تابعا للموكل كما هوالعامل تابع لرب العمل.
المطلبالثاني: خصائص عقد الوكالة التجارية
الفقرة الأولى : عقد الوكالة التجارية عقد رضائي
على عكس مجموعة منالتشريعات لم يتطلب المشرع المغربي أي شكل من الأشكال لإبرام عقد الوكالة التجارية، بل يكفي تبادل الرضا أو التعبير الإرادي بين الوكيل و بين الموكل عن إرادة عقدوكالة بلفظها و الاتفاق حول محلها و مدتها و العمولة أو الأجر لكي يعد العقدمنعقدا ، منتجا لكافة آثاره القانونية العامة ، هده الرضائية ليست خاصية مميزةلعقد الوكالة التجارية بقد رما هي تشكل قاعدة عامة في العقود التجارية على مارأينا في المقدمة ، و بالتالي لا يشكل عقد الوكالة التجارية استثناء من القاعدةرغم أن المشرع قد نص في المادة 397 على أن عقد الوكالة و التعديلات التي يمكن أنتطرأ عليه لا يمكن إثباتها إلا بالكتابة ، و هي المادة التي تثير اللبس و الغموضمن حيث اعتبار الكتابة المتطلبة هنا شرط لإثبات العقد و التعديلات أم أنها شرطانعقاد و تكوين و وجود العقد نفسه؟
فإذا توقفنا عند ظاهرالنص، سوف نجد انه لا يتحدث سوى عن الإثبات و ليس الانعقاد، بالإضافة إلى أنالمشرع لو أراد أن يجعل من عقد الوكالة التجارية عقدا شكليا لفعل ذلك في المادة393 التي عرفه فيها.
ولكن من جهة أخرى مادامت المادة 397 تنص على ضرورة استخدام الكتابة لإثبات عقد الوكالة و التعديلاتالتي تطرأ عليه ، فان الأمر من الناحية العملية سوف يتطلب أن يكون العقد مكتوبامنذ البداية و ليس فقط عند إرادة تعديله . و بالتالي تكون الكتابة المتطلبة هيللانعقاد و التكوين بشكل غير مباشر، أي يصبح عقد الوكالة التجارية عقدا شكليابالتبعية للشكلية التي يتطلبها إثباته. هذا فقط من الناحية العملية ، أما علىالمستوى النظري فيظل عقد الوكالة التجارية من العقود الرضائية كباقي اغلب العقودالتجارية.
الفقرةالثانية: عقد الوكالة التجارية من العقود التي تقوم
علىالاعتبار الشخصي.
رغم أن المشرع قد حسمبشكل نهائي في كون عقد الوكالة التجارية هو عقد متميز عن عقد العمل ، إلا انهبدوره يقوم على الاعتبار الشخصي ، بمعنى أن الوكيل لا يمنح الوكالة إلا لشخص معينبذاته و صفاته ، أي تقوم فيه المواصفات التي يعتبرها الوكيل ضرورية لتمثيله ، وانكانت هذه المواصفات أصبحت اليوم مواصفات اقتصادية بالدرجة الأولى و أكثر منهامواصفات شخصية، و بالتالي أصبح الاعتبار الشخصي اعتبارا اقتصاديا، فمن يتوفر علىالملاءة المادية الكافية و القدرة على التسيير العقلاني للمشروع بالإضافة إلىالقدرة على إبداع و إنتاج الأفكار الجيدة و الجديدة وتحقيق سمعة تجارية قادرة علىتكوين الرصيد اللازم من الزبائن . يعتبر متوفرا على الاعتبار الشخصي اللازم لإبرامعقد الوكالة التجارية مع الموكل ، ومن لا يتوفر على الأقل على احد هذه العناصر يعد مفتقدا للاعتبارالشخصي بمفهومه الاقتصادي الجديد ، و بالتالي غير قادر على إبرام عقد الوكالةالتجارية حتى و لو كانت عناصر الاعتبار الشخصي التقليدية متوفرة فيه .
المبحثالثاني: آثار عقد الوكالة التجارية.
نتطرق في هذا المبحث إلىالتزامات و حقوق كل من الوكيل و الموكل كما نتطرق لطبيعة العلاقة التي تربط بينهماو بين كل منهما و بين الغير.
المطلبالأول: التزامات وحقوق أطراف عقد الوكالة التجارية.
الفقرة الأولى:التزامات الوكيل.
بداية نشير إلى أن مانطلق عليه هنا التزامات الوكيل، يشكل في المقابل حقوقا للموكل. فالوكيل يلتزمبداية بتنفيذ عقد الوكالة بكل صدق و أمانة و حسن نية بمعنى السعي الجدي من اجلالبحث عن أشخاص يتفاوض معهم أو يتعاقد بشان عمليات اشرية أو بيوعات أو بصفة عامةجميع العمليات التجارية باسم و لحساب الموكل في حدود نطاق الوكالة . و في سبيل ذلكيلتزم من جهة أخرى بمراعاة قواعد الصدق و الإعلام ، بمعنى أن يقدم باستمرار الصورةالحقيقية التي تعكس حجم النشاط و مدى تطوره أو تراجعه ، و كذلك أعلام الموكل بكلمشكل يطرأ ومن شانه أن يؤثر في تنفيذ عقد الوكالة أو أي عقد آخر ابرم تنفيذا لها.-المادة 395 من مدونة التجارة-.
كما يلتزم الوكيل بعدم تمثيل أكثر من مقاولة متنافسة و أن كان لاشيء يمنعهمن أن يمثل أكثر من مقاولة أو تاجر واحد ، بشرط واحد هو أن لا يكون نشاط هذهالمقاولات أو نشاط أصحابها موضوع منافسة بينهم و إلا سوف يكون ذلك مضرا بالوكيل.
و عموما يلتزم الوكيل بالامتثال و تطبيق توجيهات أو تعليمات الموكل ذاتالصلة بالصفقات التي يبرمها باسمه و لحسابه، و ليس في ذلك أي مساس بشرطالاستقلالية الذي يتمتع به الوكيل باعتباره تاجرا.
كما يلتزم الوكيل بالمحافظة على البضائع التي تحت يده و المعيار في ذلك هوعناية الشخص المعتاد في محافظته على بضاعته الشخصية.
بالإضافة إلى ضرورة تقديم كشف حساب عن العمليات التي يقوم بها و الصفقاتالتي يبرمها مع الغير .
الفقرة الثانية: التزامات الموكل
بنفس الطريقة التي يلتزم من خلالها الوكيل بتنفيذ العقد بحسن نية و صدق وأمانة، يلتزم الموكل أيضا بتنفيذ نفس العقد و بنفس الشروط و الطريقة، و إن كانمضمون التنفيذ يختلف من الوكيل إلى الموكل. ذلك أن الموكل يلتزم بدوره بتمكينالوكيل التجاري من كل الوسائل المادية و المعلومات الضرورية التي من شانها أن تسهلو تؤدي إلى انجاز الوكيل لمهمته التي يجب عليه القيام بها كرجل حرفة كفء - المادة395-.
كما يلتزم بأداء الأجرة المتفق عليها في العقد في المكان و الزمان المحددينفي نفس عقد الوكالة ، أما إذا اغفل العقد ذكر مقدار الأجرة ، فان أعراف المهنةالتي يزاولها الوكيل هي التي تتكفل بهذا التحديد ، علما أن الأجرة تشكل ركناأساسيا من أركان عقد الوكالة ، باعتبارها مقابل العمل الذي يقوم به الوكيل لصالحالموكل ، لذلك جاءت صياغة المادة 398 من مدونة التجارة على الشكل التالي : يستحقالوكيل التجاري أجرة تحدد باتفاق الأطراف و عند غيابه بمقتضى أعراف المهنة .
علما أن الأجرة المتحدث عنها هنا قد يتشكل وعائها جزئيا أو كليا من عمولةتحسب على أساس القضايا المتولاة من قبل الوكيل، و في حالة غياب أي تحديد اتفاقي فيالعقد أو في أعراف المهنة ، فان مبلغ هذه العمولة يحدد بكيفية معقولة من طرفالمحكمة التي تراعي في ذلك محل و عناصر العمليات التي يقوم بها و الصفقات التييبرمها .
كما يلتزم الموكل بانيدفع للوكيل عمولة عند إبرام العملية بفضل تدخله خلال العقد. و كذلك عندما يكلفهبمنطقة جغرافية أو بمجموعة معينة من الأشخاص ، من اجل كل عملية أبرمت خلال سريانالعقد مع شخص ينتمي لهذه المنطقة ، أو لهذه المجموعة –المادة 399من مدونة التجارة-على أن السؤال الذي يطرح في هذا الصدد هو ما المقصود بالعمولة في هذه الحالاتالأخيرة’، هل هي تلك التي تشكل جزئيا أو كليا وعاء الأجر المدفوع للوكيل أم أنهاعمولات مستقلة و منفصلة عن الأجر و بالتالي تضاف إليه ؟ فالنصوص لا تسعف في الإجابة على هذا السؤال ، وإن كانت صياغتها اللغوية قد توحي بان كلهذه العمولات هي منفصلة و بالتالي قابلة للتجميع ، و مع ذلك فان المنطق القانوني والتجاري يفترض أن الوكيل لا يستحق إلا الأجرة المحددة في العقد أو بمقتضى العرف ،ثم العمولة بحسب الحالات في العمليات التي يقوم بها خارج الإطار الذي يغطيه الأجر.
ثم إن الموكل يلتزم بان يدفع للوكيل تعويضا عن الضرر اللاحق به من جراءإنهاء عقد الوكالة و كذا عن المصاريف و النفقات التي قد يدفعها الوكيل نيابة عنه،إذا كانت هذه المصاريف لا تدخل ضمن المصاريف العادية و المألوفة لمهنة الوكالةالتجارية.
المطلب الثاني: علاقات الوكالةالتجارية.
تنقسم العلاقات التيتنشا بمناسبة إبرام عقد وكالة تجارية و تنفيذه إلى ثلاث: العلاقة الأساسية وهيالتي تربط الوكيل بالموكل ثم العلاقة الموازية وهي علاقة الموكل بالغير و فيالأخير العلاقة الثانوية و هي التي تربط بين الوكيل بالغير.
الفقرة الأولى: علاقة الوكيلبالموكل.
تجد العلاقة التي تربطالوكيل بالموكل مصدرها في عقد الوكالة الذي ابرم بينهما ، و بالتالي تكون علاقتهماعلاقة عقدية صرفة نعود فيها لبنود و شروط العقد للوقوف على القواعد و الأحكام التيتنظم هذه العلاقة ، وعموما هي علاقة وكيلبأصيل ، بحيث تنصرف جميع آثار العقد الذي يبرمه الوكيل باسم ولحساب الموكل أوالأصيل إلى هذا الأخير.
الفقرة الثانية: علاقة الموكلبالغير .
هي علاقة مباشرة و عقديةأيضا، فرغم أن الموكل ليس هو من يوقع العقد مع الغير، إلا أن العقد الذي يبرمه هذاالغير مع الوكيل تنصرف آثاره مباشرة إلى الموكل الذي تم الإبرام باسمه و لحسابه منطرف الوكيل. ذلك أننا نكون هنا أمام حالة من حالات التعاقد بالنيابة، وبالتالي فانآثار العقد الذي ابرم بين الوكيل و الغير تنصرف كاملة إلى الموكل الذي يحل محلالوكيل.
الفقرةالثالثة: علاقة الوكيل بالغير.
لا توجد أية علاقةقانونية مباشرة بين الوكيل و الغير ، لان آثار العقد الذي ابرم بينهما تنصرف إلىذمة الموكل ، و استثناء قد تنصرف آثار هذا العقد إلى الوكيل إذا تجاوز حدودالوكالة التي أبرمت بينه و بين الموكل أو تعاقد باسمه الخاص ، وبالتالي يكونمسئولا مسؤولية شخصية عن ذلك ، أما إذا تعاقد باسمه و لحساب موكله ، فإننا نكونأمام وكالة بالعمولة لتنطبق أحكامها على الحالة .
أما خارج هذه الحالات فلا يستطيع الغيرالرجوع ضد الوكيل لمطالبة بتنفيذ الصفقة إلا إذا كان هذا الأخير ضمن ذلك ، و فيجميع الحالات ليس للغير ضد الوكيل سوى دعوى المسؤولية التقصيرية إذا استطاع إثباتقيام شروطها كاملة.
المبحثالثالث: انتهاء عقد الوكالة التجارية.
كأيعقد من العقود، ينتهي عقد الوكالة التجارية بنفس الطريقة و لنفس الأسباب التيتنتهي بها العقود الأخرى جميعا، و مع ذلك و نظرا لخصوصية هذا العقد، فان هناك طرقاخاصة ينتهي بها وردت في مدونة التجارة.
فالمادة 396 تشير إلى طريقة عامةتنتهي بها جميع العقود و ينتهي بها عقد الوكالة التجارية ، و هي القوة القاهرةالتي تؤدي إلى انتهاءه بقوة القانون .
و لما كان عقد الوكالةالتجارية قد يكون محدد المدة و قد يكون غير محدد المدة ، فان طريقة انتهاءه تختلفبحسب نوعه ، فعقد الوكالة المحدد المدة ينتهي بانتهاء اجله أو بتنفيذ العمل موضوعمحله دون إشعار أو أية مسطرة أخرى ، أما إذا كان العقد غير محدد المدة ،فان أي منطرفيه يستطيع إنهاءه بمحض إرادته في أي وقت بشرط احترام مهل إشعار توجه للطرفالآخر ، و هي المهلة التي تكون شهرا واحدا بالنسبة للسنة الأولى من العقد و شهرانبالنسبة للسنة الثانية منه و ثلاثة أشهر ابتداء من السنة الثالثة .-396-
و في الأخير أعطى المشرع إمكانيةللموكل وحده بان يفسخ عقد الوكالة التجارية في الحالة التي يرتكب فيها الوكيل خطاجسيما ، علما أن المشرع لم يوضح ما المقصود بالخطأ الجسيم و لو على سبيل المثالكما فعل
في قانون الشغل مثلا، كمالم يمنح الوكيل نفس الإمكانية في الحالة التي يرتكب فيها الموكل خطا جسيما، وهوالأمر الذي يظل متصورا. على أن الفسخ يظل متصورا بحسب القواعد العامة في كل مرة يمتنعفيها احد الطرفين عن تنفيذ التزامه.
منقول
مقدمة
تعرف الوكالة لغة بأنها الحفظ والضمان وتقرأ بفتح الواو أو بكسرها ، و قد تطور هدا المعنى بتطور استخدام هداالعقد إلى أن أصبح يشمل تمثيل شخص آخر و تكليفه إياه للقيام مقامه في إبرامالتصرفات و تنفيذ الأعمال.
و لكثرة تداول هذا العقد بين الناسباعتباره أداة مساعدة لمجموعة كبيرة من العقود الأخرى: كالبيع و الإيجار، والرهن...الخ، فقد تدخل المشرع المدني لينظمه و يضع مجموعة القواعد العامة الخاصةبه. فقد عرفه قانون الالتزامات و العقود كالتالي : ** عقد بمقتضاه يكلف شخص آخر بإجراء عمل مشروعلحسابه ** كما تطرق إلى كل أنواع الوكالات و الأحكام القانونية التي تنظم إبرامالعقد و العلاقة التي تربط الوكيل بالموكل و تلك التي تربط كل واحد منهما بالغيرالمتعاقد مع الوكيل . و في غياب أي نص خاص تظل هده الأحكام هي القواعد العامة التيتنظم عقد الوكالة في أي ميدان من الميادين بما في ذلك المجال التجاري، هذا الأخيرالذي لو لا أن القانون التجاري لم ينظمضمن ما نظمه من عقود عقد الوكالة التجارية ، لكانت القواعد العامة للالتزامات والعقود هي التي سوف تحكم و تنظم هدا العقد .
على انه رغم كون مشرع مدونةالتجارة لم يتطرق صراحة للوكالة التجارية باعتبارها من الأعمال التجارية ، إلا انهاعتبر في البند 9 من المادة 6 أن السمسرة و الوكالة بالعمولة و غيرها من أعمالالوساطة من ضمن الأنشطة التجارية التي يترتب على احترافها أو اعتياد ممارستها ،اكتساب صفة تاجر ، إضافة إلى كل ذلك تطرق المشرع في الكتاب الرابع من المدونة والمتعلق بالعقود التجارية ، إلى عقد الوكالة التجارية باعتباره من ضمن عقودالوساطة التي تتضمن عقد السمسرة و عقد الوكالة بالعمولة ، و ذلك من خلال المواد من393 إلى المادة 404 . على انه في حالة ما إذا لم تكن هده المواد تتضمن الحكمالكفيل بمواجهة حالة من الحالات التي قد يطرحها العقد. فان القاضي يكون ملزمابالرجوع إلى قواعد قانون الالتزامات و العقود المتعلقة بعقد الوكالة للبحث عن حل ،و ذلك لان هذه الأخيرة تشكل القواعد العامة في حين تعتبر قواعد مدونة التجارةقواعد خاصة ، و لان هده الأخيرة تنص في المادة 2 منها على انه يفصل في المسائلالتجارية بمقتضى قوانين و أعراف و عادات التجارة أو بمقتضى القانون المدني ما لمتتعارض قواعده مع المبادئ الأساسية للقانون التجاري .
لكن كيف يمكن تعريف عقد الوكالةالتجارية مقارنة بعقد الوكالة المدنية ؟ و ما هي خصائص الأول ؟ من جهة و من جهةأخرى ما هي آثار العلاقات الناشئة عن هدا العقد ؟ و كيف ينتهي؟
هذه هي الأسئلة التي سوف نحاول الإجابةعليها كالتالي:
المبحثالأول: تعريف عقد الوكالة التجارية و خصائصه.
المطلبالأول: تعريف عقد الوكالة التجارية.
لقد عرفت مدونة التجارةالمغربية عقد الوكالة التجارية من خلال المادة 393 بقولها: الوكالة التجارية عقديلتزم بمقتضاه شخص و دون أن يكون مرتبطا بعقد عمل ، بالتفاوض أو بالتعاقد بصفةمعتادة ، بشان عمليات تهم اشرية أو بيوعات ، أو بصفة عامة جميع العمليات التجاريةباسم و لحساب تاجر أو منتج أو ممثل تجاري آخر يلتزم من جهته بأدائه أجرة عن دلك.
من خلال هدا التعريف يتضح أنعقد الوكالة التجارية باعتباره مثل سائر العقود ، يجب أن يخضع للأركان العامةللعقد الواردة في قانون الالتزامات و العقود ، فباعتبار أن الأمر يتعلق بعقد تجاريو بالتالي بعمل تجاري و هذا الأخير يعد من أعمال التصرفات و الإدارة ، فان الأهليةالمتطلبة في طرفيه تكون هي أهلية الأداء ، و بالتالي على الأقل الوكيل يجب أن يكونمتوفرا على جميع الشروط التي يتطلبها القانون لاكتساب الأهلية التجارية لكي يستطيعأن يبرم عقد وكالة تجارية .
أما بالنسبة لمحل العقد، فانالأمر يتعلق هنا بالتفاوض أو التعاقد على شراء أو بيع بضائع أو منتجات يجب أن يكونالتعامل عليها مباحا و ليس محرما قانونا و لا مخالفا للنظام العام أو الآداب وبالتالي يجب أن يكون المحل مشروعا.
أما بالنسبة للسبب فيجب أنيكون موجودا سواء تعلق الأمر بسبب الالتزام أو بسبب العقد، فالأول يجب أن يكونمتقابلا و مشروعا و الثاني يجب أن يكون مشروعا كذلك.
كل هذا مع ضرورة صدورالإيجاب و القبول عن رضا تام صحيح غير مشوب بأي عيب من عيوب الإرادة مثل الغلط والتدليس و الإكراه و الغبن بشروطه.
كما يتضح أيضا من تعريفمدونة التجارة لعقد الوكالة التجارية ، أن هذا العقد قد يختلط بعقد آخر هو عقدالعمل من خلال مجموعة من الأحكام و القواعد المنظمة لعقد الوكالة التجارية و التيتشبه إلى حد كبير أحكام عقد العمل ، مثل إمكانية إبرام عقد الوكالة التجارية لمدةمحددة أو لمدة غير محددة ، و قدرة العقد المحدد المدة على التحول إلى عقد غير محددالمدة في حالة استمرار تنفيذه بعد انتهاء اجله ، بالإضافة إلى طريقة انتهاء عقدالوكالة التجارية الغير محدد المدة التي تتطابق مع مسطرة إنهاء عقد العمل غيرالمحدد المدة ، وهي المسطرة التي تتطلب توجيه إشعار للطرف الآخر . و مع ذلك و رفعالكل لبس أو غموض أو خلط قد يحصل بين العقدين ، صرح المشرع في المادة 393 بكون عقدالوكالة التجارية يبرم دون أن يكون الوكيل مرتبطا بعقد عمل ، و بالتالي تنتفيالخاصية التي تميز عقد العمل عن العقد التجاري و هي التبعية ، في حين أن اكتساب صفة تاجر يتطلب الاستقلالية ، علىأن الوكيل التجاري لا يكون في الحقيقة مستقلا بشكل تام عن موكله و إنما يخضع بشكلما لتعليماته و توجيهاته في بعض الأمور الفنية أو التقنية ذات الصلة بالبضاعةموضوع الوكالة . ولكن هذا التوجيه لا يصل إلى حد جعل الوكيل تابعا للموكل كما هوالعامل تابع لرب العمل.
المطلبالثاني: خصائص عقد الوكالة التجارية
الفقرة الأولى : عقد الوكالة التجارية عقد رضائي
على عكس مجموعة منالتشريعات لم يتطلب المشرع المغربي أي شكل من الأشكال لإبرام عقد الوكالة التجارية، بل يكفي تبادل الرضا أو التعبير الإرادي بين الوكيل و بين الموكل عن إرادة عقدوكالة بلفظها و الاتفاق حول محلها و مدتها و العمولة أو الأجر لكي يعد العقدمنعقدا ، منتجا لكافة آثاره القانونية العامة ، هده الرضائية ليست خاصية مميزةلعقد الوكالة التجارية بقد رما هي تشكل قاعدة عامة في العقود التجارية على مارأينا في المقدمة ، و بالتالي لا يشكل عقد الوكالة التجارية استثناء من القاعدةرغم أن المشرع قد نص في المادة 397 على أن عقد الوكالة و التعديلات التي يمكن أنتطرأ عليه لا يمكن إثباتها إلا بالكتابة ، و هي المادة التي تثير اللبس و الغموضمن حيث اعتبار الكتابة المتطلبة هنا شرط لإثبات العقد و التعديلات أم أنها شرطانعقاد و تكوين و وجود العقد نفسه؟
فإذا توقفنا عند ظاهرالنص، سوف نجد انه لا يتحدث سوى عن الإثبات و ليس الانعقاد، بالإضافة إلى أنالمشرع لو أراد أن يجعل من عقد الوكالة التجارية عقدا شكليا لفعل ذلك في المادة393 التي عرفه فيها.
ولكن من جهة أخرى مادامت المادة 397 تنص على ضرورة استخدام الكتابة لإثبات عقد الوكالة و التعديلاتالتي تطرأ عليه ، فان الأمر من الناحية العملية سوف يتطلب أن يكون العقد مكتوبامنذ البداية و ليس فقط عند إرادة تعديله . و بالتالي تكون الكتابة المتطلبة هيللانعقاد و التكوين بشكل غير مباشر، أي يصبح عقد الوكالة التجارية عقدا شكليابالتبعية للشكلية التي يتطلبها إثباته. هذا فقط من الناحية العملية ، أما علىالمستوى النظري فيظل عقد الوكالة التجارية من العقود الرضائية كباقي اغلب العقودالتجارية.
الفقرةالثانية: عقد الوكالة التجارية من العقود التي تقوم
علىالاعتبار الشخصي.
رغم أن المشرع قد حسمبشكل نهائي في كون عقد الوكالة التجارية هو عقد متميز عن عقد العمل ، إلا انهبدوره يقوم على الاعتبار الشخصي ، بمعنى أن الوكيل لا يمنح الوكالة إلا لشخص معينبذاته و صفاته ، أي تقوم فيه المواصفات التي يعتبرها الوكيل ضرورية لتمثيله ، وانكانت هذه المواصفات أصبحت اليوم مواصفات اقتصادية بالدرجة الأولى و أكثر منهامواصفات شخصية، و بالتالي أصبح الاعتبار الشخصي اعتبارا اقتصاديا، فمن يتوفر علىالملاءة المادية الكافية و القدرة على التسيير العقلاني للمشروع بالإضافة إلىالقدرة على إبداع و إنتاج الأفكار الجيدة و الجديدة وتحقيق سمعة تجارية قادرة علىتكوين الرصيد اللازم من الزبائن . يعتبر متوفرا على الاعتبار الشخصي اللازم لإبرامعقد الوكالة التجارية مع الموكل ، ومن لا يتوفر على الأقل على احد هذه العناصر يعد مفتقدا للاعتبارالشخصي بمفهومه الاقتصادي الجديد ، و بالتالي غير قادر على إبرام عقد الوكالةالتجارية حتى و لو كانت عناصر الاعتبار الشخصي التقليدية متوفرة فيه .
المبحثالثاني: آثار عقد الوكالة التجارية.
نتطرق في هذا المبحث إلىالتزامات و حقوق كل من الوكيل و الموكل كما نتطرق لطبيعة العلاقة التي تربط بينهماو بين كل منهما و بين الغير.
المطلبالأول: التزامات وحقوق أطراف عقد الوكالة التجارية.
الفقرة الأولى:التزامات الوكيل.
بداية نشير إلى أن مانطلق عليه هنا التزامات الوكيل، يشكل في المقابل حقوقا للموكل. فالوكيل يلتزمبداية بتنفيذ عقد الوكالة بكل صدق و أمانة و حسن نية بمعنى السعي الجدي من اجلالبحث عن أشخاص يتفاوض معهم أو يتعاقد بشان عمليات اشرية أو بيوعات أو بصفة عامةجميع العمليات التجارية باسم و لحساب الموكل في حدود نطاق الوكالة . و في سبيل ذلكيلتزم من جهة أخرى بمراعاة قواعد الصدق و الإعلام ، بمعنى أن يقدم باستمرار الصورةالحقيقية التي تعكس حجم النشاط و مدى تطوره أو تراجعه ، و كذلك أعلام الموكل بكلمشكل يطرأ ومن شانه أن يؤثر في تنفيذ عقد الوكالة أو أي عقد آخر ابرم تنفيذا لها.-المادة 395 من مدونة التجارة-.
كما يلتزم الوكيل بعدم تمثيل أكثر من مقاولة متنافسة و أن كان لاشيء يمنعهمن أن يمثل أكثر من مقاولة أو تاجر واحد ، بشرط واحد هو أن لا يكون نشاط هذهالمقاولات أو نشاط أصحابها موضوع منافسة بينهم و إلا سوف يكون ذلك مضرا بالوكيل.
و عموما يلتزم الوكيل بالامتثال و تطبيق توجيهات أو تعليمات الموكل ذاتالصلة بالصفقات التي يبرمها باسمه و لحسابه، و ليس في ذلك أي مساس بشرطالاستقلالية الذي يتمتع به الوكيل باعتباره تاجرا.
كما يلتزم الوكيل بالمحافظة على البضائع التي تحت يده و المعيار في ذلك هوعناية الشخص المعتاد في محافظته على بضاعته الشخصية.
بالإضافة إلى ضرورة تقديم كشف حساب عن العمليات التي يقوم بها و الصفقاتالتي يبرمها مع الغير .
الفقرة الثانية: التزامات الموكل
بنفس الطريقة التي يلتزم من خلالها الوكيل بتنفيذ العقد بحسن نية و صدق وأمانة، يلتزم الموكل أيضا بتنفيذ نفس العقد و بنفس الشروط و الطريقة، و إن كانمضمون التنفيذ يختلف من الوكيل إلى الموكل. ذلك أن الموكل يلتزم بدوره بتمكينالوكيل التجاري من كل الوسائل المادية و المعلومات الضرورية التي من شانها أن تسهلو تؤدي إلى انجاز الوكيل لمهمته التي يجب عليه القيام بها كرجل حرفة كفء - المادة395-.
كما يلتزم بأداء الأجرة المتفق عليها في العقد في المكان و الزمان المحددينفي نفس عقد الوكالة ، أما إذا اغفل العقد ذكر مقدار الأجرة ، فان أعراف المهنةالتي يزاولها الوكيل هي التي تتكفل بهذا التحديد ، علما أن الأجرة تشكل ركناأساسيا من أركان عقد الوكالة ، باعتبارها مقابل العمل الذي يقوم به الوكيل لصالحالموكل ، لذلك جاءت صياغة المادة 398 من مدونة التجارة على الشكل التالي : يستحقالوكيل التجاري أجرة تحدد باتفاق الأطراف و عند غيابه بمقتضى أعراف المهنة .
علما أن الأجرة المتحدث عنها هنا قد يتشكل وعائها جزئيا أو كليا من عمولةتحسب على أساس القضايا المتولاة من قبل الوكيل، و في حالة غياب أي تحديد اتفاقي فيالعقد أو في أعراف المهنة ، فان مبلغ هذه العمولة يحدد بكيفية معقولة من طرفالمحكمة التي تراعي في ذلك محل و عناصر العمليات التي يقوم بها و الصفقات التييبرمها .
كما يلتزم الموكل بانيدفع للوكيل عمولة عند إبرام العملية بفضل تدخله خلال العقد. و كذلك عندما يكلفهبمنطقة جغرافية أو بمجموعة معينة من الأشخاص ، من اجل كل عملية أبرمت خلال سريانالعقد مع شخص ينتمي لهذه المنطقة ، أو لهذه المجموعة –المادة 399من مدونة التجارة-على أن السؤال الذي يطرح في هذا الصدد هو ما المقصود بالعمولة في هذه الحالاتالأخيرة’، هل هي تلك التي تشكل جزئيا أو كليا وعاء الأجر المدفوع للوكيل أم أنهاعمولات مستقلة و منفصلة عن الأجر و بالتالي تضاف إليه ؟ فالنصوص لا تسعف في الإجابة على هذا السؤال ، وإن كانت صياغتها اللغوية قد توحي بان كلهذه العمولات هي منفصلة و بالتالي قابلة للتجميع ، و مع ذلك فان المنطق القانوني والتجاري يفترض أن الوكيل لا يستحق إلا الأجرة المحددة في العقد أو بمقتضى العرف ،ثم العمولة بحسب الحالات في العمليات التي يقوم بها خارج الإطار الذي يغطيه الأجر.
ثم إن الموكل يلتزم بان يدفع للوكيل تعويضا عن الضرر اللاحق به من جراءإنهاء عقد الوكالة و كذا عن المصاريف و النفقات التي قد يدفعها الوكيل نيابة عنه،إذا كانت هذه المصاريف لا تدخل ضمن المصاريف العادية و المألوفة لمهنة الوكالةالتجارية.
المطلب الثاني: علاقات الوكالةالتجارية.
تنقسم العلاقات التيتنشا بمناسبة إبرام عقد وكالة تجارية و تنفيذه إلى ثلاث: العلاقة الأساسية وهيالتي تربط الوكيل بالموكل ثم العلاقة الموازية وهي علاقة الموكل بالغير و فيالأخير العلاقة الثانوية و هي التي تربط بين الوكيل بالغير.
الفقرة الأولى: علاقة الوكيلبالموكل.
تجد العلاقة التي تربطالوكيل بالموكل مصدرها في عقد الوكالة الذي ابرم بينهما ، و بالتالي تكون علاقتهماعلاقة عقدية صرفة نعود فيها لبنود و شروط العقد للوقوف على القواعد و الأحكام التيتنظم هذه العلاقة ، وعموما هي علاقة وكيلبأصيل ، بحيث تنصرف جميع آثار العقد الذي يبرمه الوكيل باسم ولحساب الموكل أوالأصيل إلى هذا الأخير.
الفقرة الثانية: علاقة الموكلبالغير .
هي علاقة مباشرة و عقديةأيضا، فرغم أن الموكل ليس هو من يوقع العقد مع الغير، إلا أن العقد الذي يبرمه هذاالغير مع الوكيل تنصرف آثاره مباشرة إلى الموكل الذي تم الإبرام باسمه و لحسابه منطرف الوكيل. ذلك أننا نكون هنا أمام حالة من حالات التعاقد بالنيابة، وبالتالي فانآثار العقد الذي ابرم بين الوكيل و الغير تنصرف كاملة إلى الموكل الذي يحل محلالوكيل.
الفقرةالثالثة: علاقة الوكيل بالغير.
لا توجد أية علاقةقانونية مباشرة بين الوكيل و الغير ، لان آثار العقد الذي ابرم بينهما تنصرف إلىذمة الموكل ، و استثناء قد تنصرف آثار هذا العقد إلى الوكيل إذا تجاوز حدودالوكالة التي أبرمت بينه و بين الموكل أو تعاقد باسمه الخاص ، وبالتالي يكونمسئولا مسؤولية شخصية عن ذلك ، أما إذا تعاقد باسمه و لحساب موكله ، فإننا نكونأمام وكالة بالعمولة لتنطبق أحكامها على الحالة .
أما خارج هذه الحالات فلا يستطيع الغيرالرجوع ضد الوكيل لمطالبة بتنفيذ الصفقة إلا إذا كان هذا الأخير ضمن ذلك ، و فيجميع الحالات ليس للغير ضد الوكيل سوى دعوى المسؤولية التقصيرية إذا استطاع إثباتقيام شروطها كاملة.
المبحثالثالث: انتهاء عقد الوكالة التجارية.
كأيعقد من العقود، ينتهي عقد الوكالة التجارية بنفس الطريقة و لنفس الأسباب التيتنتهي بها العقود الأخرى جميعا، و مع ذلك و نظرا لخصوصية هذا العقد، فان هناك طرقاخاصة ينتهي بها وردت في مدونة التجارة.
فالمادة 396 تشير إلى طريقة عامةتنتهي بها جميع العقود و ينتهي بها عقد الوكالة التجارية ، و هي القوة القاهرةالتي تؤدي إلى انتهاءه بقوة القانون .
و لما كان عقد الوكالةالتجارية قد يكون محدد المدة و قد يكون غير محدد المدة ، فان طريقة انتهاءه تختلفبحسب نوعه ، فعقد الوكالة المحدد المدة ينتهي بانتهاء اجله أو بتنفيذ العمل موضوعمحله دون إشعار أو أية مسطرة أخرى ، أما إذا كان العقد غير محدد المدة ،فان أي منطرفيه يستطيع إنهاءه بمحض إرادته في أي وقت بشرط احترام مهل إشعار توجه للطرفالآخر ، و هي المهلة التي تكون شهرا واحدا بالنسبة للسنة الأولى من العقد و شهرانبالنسبة للسنة الثانية منه و ثلاثة أشهر ابتداء من السنة الثالثة .-396-
و في الأخير أعطى المشرع إمكانيةللموكل وحده بان يفسخ عقد الوكالة التجارية في الحالة التي يرتكب فيها الوكيل خطاجسيما ، علما أن المشرع لم يوضح ما المقصود بالخطأ الجسيم و لو على سبيل المثالكما فعل
في قانون الشغل مثلا، كمالم يمنح الوكيل نفس الإمكانية في الحالة التي يرتكب فيها الموكل خطا جسيما، وهوالأمر الذي يظل متصورا. على أن الفسخ يظل متصورا بحسب القواعد العامة في كل مرة يمتنعفيها احد الطرفين عن تنفيذ التزامه.
منقول
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب