العقل العربي ومجتمع المعرفة
بقلم: محمود الوهب
صدر الجزء الثاني من كتاب (عالمالمعرفة) الذي يبحث في مشكلات العقل العربي المعاصروفي أسباب تخلّف العرب وانعدام لحاقهم بركب الحضارة المعاصرة.ويعطي الكتاب الأولية في هذا المجال إلى التفكير الخلاق الذي هو أساس عصر المعلوماتية الذي نعيشه. ويعزو غياب هذا النوع من التفكير إلى تخلّف أنظمة التعليم، وإلى طرقه السائدة البعيدة عن تخريج أجياليتمتعون بأنماط التفكير النقدي المبدع. ويؤكدالدكتور(نبيل علي) مؤلف الكتاب ذلك النقص عندمايشير إلى أنّ نظم التعليم في البلاد العربية لا تزال تراوح في مكانها في سفح (هرم بلوم) حيث مهارة اكتساب المعرفة في حدودها الدنيا،هيغاية ما يحققه المتعلمون، بغض النظر عن كمِّ المعلوماتوتنوعها. ولا يتطلع القائمون على التعليم في البلاد المذكورةإلى قمة الهرم، حيث مهارة التقييم، وإصدار الأحكام،ولا حتى إلى ما هو دون ذلك من مهارات الفهم والتطبيق والتحليلوالتركيب.. وهذا النمط من التعليم التلقيني موجود في المدارس علىاختلاف درجاتها ومراحلها.. وهو كذلك سائد في الجامعات العربية التي تنهج هي الأخرى نهج المدارس نفسها، ففي معرض حديث الكاتب عن أنماط التلقين السائدة يقول عن الجامعات:
(وحتى التعليم الجامعي الذي شمله هو الآخر داء التلقين، ما عاد يشغل نفسه بالتفكير، فلا يوجد في أيّ من جامعاتنا مقرر واحد للتفكير النقدي الذي قال عنه بعضهم.. إنّ مقرراً واحداً لتدريس التفكير النقدي لأجدى نفعاً من أربع سنوات من التعليم الجامعي..)
ويقارن بين عصرين تعليميين هما عصر الصناعة الذي اعتمدعلىالتلقين لتخريج كوادر تلبية لحاجة أعمال محددة، وبين عصرالمعلوماتية الذي يتطلب العناية بالملكات الشخصية التيتميز المتعلّم من غيره، و(التفكير، بلا جدال، يأتيعلى رأس قائمة هذه الملكات إضافة إلى أنه عامل أساسي في تنمية الملكاتالأخرى).
وينتقد كذلك غياب الجانب العاطفي عن نظمناالتعليمية فيقول:
(على الرغم من ثبوتأهمية الدور الذي تمارسه المشاعر في حبّ العلم والتعلّم والنفور منها،ما زال الجانب العاطفي في عملية التربية مجهولاً وغائباً أو مغيباً.) والمقصود بالجوانب العاطفية فيما نعرف، هو تعليم الفنونبأنواعها تلك الفنون التي تعتمد على الأنشطة التيتساهم في تفتيح مواهب الشخصية وتميزها منغيرها وتنمي فرادتها وتقوي وجودها في الحياة. فالرسم والموسيقا والمسرح والرياضة والقراءة والكتابة المستقلتين عن المناهج وغير ذلك من الفنون التي لا يعيرها التعليم العربي اليوم أيّ اهتمام لا تدخل فيحسابالدرجات النهائية، وبالتالي لا يجري الاهتمام بها ولابالكوادر التي تساعد على تنميتها.
وفي معرض حديثه عن أهمية التفكير يتخذ المؤلف من حكمةكونفوشيوس عن التعليم قاعدة وأساساً، تقول الحكمة:
(تعليم بلا تفكير جهد ضائع، وتفكير بلا تعليم أمر محفوفبالمخاطر..!)
ويرى أنّ: (الإنسانمبدع بالفطرة، والتحدي الحقيقي هو في إيجاد الطرق العملية لتفجير هذه الطاقة الكامنة في عقولنا، وكيف نرعاها في طفولة نشأتها، ونداوم على تنميتها على مدى مراحل عمرنا.)
يتألف الكتاب من ثلاثة فصول:
الأول: التفكير النقدي، رؤيةمعلوماتية- عربية، ومنه تلك الشواهد السالفة. أما الفصل الثانيفعنوانه: ثلاثية العقول، رؤية معلوماتية عربية. وفيه يتحدّث الكاتب عن إمكان دمج عقول ثلاثة في عقل واحد: العقل الإنساني، والعقل الآلي، والعقل الجمعي الذي يدمج العقلين الأول والثاني في عمليةالاتصال والتواصل. ويشير الكاتب إلى أنه كلما(ارتقت التكنولوجيا وارتقى معها المجتمع أظهرتثلاثية العقول خاصتين مميزتين:
أولاهما: زيادة قابلية الاندماج فيهاحتى تنصهر مكونةً ما يمكن أن نطلق عليه عقلاً كلياً جامعاً، عقل مجتمع التعلّم، ذروة ارتقاء المجتمع الإنساني بعد أن يسمو متجاوزاً مجتمع ما بعد الصناعة، ومن بعده مجتمع المعلومات، فمجتمع المعرفة.)
وثانيتهما (توجه نحو مزيد من التماثلالبنائي والوظيفي ما بين العقول الثلاثة، ويرجع التماثلالبنائي إلى الطابع الشبكي الكثيف الذي يتميز به العقل الإنساني أصلاً.. ويسعى إلى التحلي به كلا العقلين الآلي والجمعي.. أما التماثل الوظيفي فمرجعه إلى أن العقول الثلاثة ترنو إلى تحقيق الهدف نفسه، وهو التصدي لتعقد الواقع..)
في الفصل الثالث الذي عنوانه: اللغة نهجاً معرفياً، رؤية معلوماتية عربية. يتناول المؤلف اللغة على (أنها الوسيلة لإصلاح عقولنا، ولتنمية تفكيرنا ولزيادة إسهامنا في إنتاج المعرفة). ويتحدث في هذا الفصل عن اللغة والأدب، وعن اللغة والأدب والمعلوماتية،وعنفجوة العقل اللغوي العربي إذ يقول: (تواجه اللغة العربيةتحديات جساماً إزاء النقلة النوعية الحادة لمجتمعالمعرفة، فقد فرضت عليها، مثل لغات العالم الأخرى،ضرورة تلبية مطالب هذا المجتمع الذي تمارس فيه اللغة دوراً محورياً، في الوقت الذي تعاني فيه العربية أزمة حادة: تنظيراً وتعليماً وتوظيفاً وتوثيقاً. وقد أظهر الإنترنيت، سواء على صعيد البحث أو البثمدىحدة هذه الأزمة الطاحنة التي ترسخت حتى كادت تصبح عاهةحضارية شوهاء..).
ويبقى ما في الكتابأكثر دهشة وأكثر حفزاً للاطلاع عليه.. رغم كشفه حقيقة معاناة التخلف على غير صعيد.. فهل في قراءة مثل هذه الكتب عزاء لنا أم شعور بالرغبة في نتف ما تبقى من شعورنا..! والويل لمن يزعم غير ذلك..!
بقلم: محمود الوهب
صدر الجزء الثاني من كتاب (عالمالمعرفة) الذي يبحث في مشكلات العقل العربي المعاصروفي أسباب تخلّف العرب وانعدام لحاقهم بركب الحضارة المعاصرة.ويعطي الكتاب الأولية في هذا المجال إلى التفكير الخلاق الذي هو أساس عصر المعلوماتية الذي نعيشه. ويعزو غياب هذا النوع من التفكير إلى تخلّف أنظمة التعليم، وإلى طرقه السائدة البعيدة عن تخريج أجياليتمتعون بأنماط التفكير النقدي المبدع. ويؤكدالدكتور(نبيل علي) مؤلف الكتاب ذلك النقص عندمايشير إلى أنّ نظم التعليم في البلاد العربية لا تزال تراوح في مكانها في سفح (هرم بلوم) حيث مهارة اكتساب المعرفة في حدودها الدنيا،هيغاية ما يحققه المتعلمون، بغض النظر عن كمِّ المعلوماتوتنوعها. ولا يتطلع القائمون على التعليم في البلاد المذكورةإلى قمة الهرم، حيث مهارة التقييم، وإصدار الأحكام،ولا حتى إلى ما هو دون ذلك من مهارات الفهم والتطبيق والتحليلوالتركيب.. وهذا النمط من التعليم التلقيني موجود في المدارس علىاختلاف درجاتها ومراحلها.. وهو كذلك سائد في الجامعات العربية التي تنهج هي الأخرى نهج المدارس نفسها، ففي معرض حديث الكاتب عن أنماط التلقين السائدة يقول عن الجامعات:
(وحتى التعليم الجامعي الذي شمله هو الآخر داء التلقين، ما عاد يشغل نفسه بالتفكير، فلا يوجد في أيّ من جامعاتنا مقرر واحد للتفكير النقدي الذي قال عنه بعضهم.. إنّ مقرراً واحداً لتدريس التفكير النقدي لأجدى نفعاً من أربع سنوات من التعليم الجامعي..)
ويقارن بين عصرين تعليميين هما عصر الصناعة الذي اعتمدعلىالتلقين لتخريج كوادر تلبية لحاجة أعمال محددة، وبين عصرالمعلوماتية الذي يتطلب العناية بالملكات الشخصية التيتميز المتعلّم من غيره، و(التفكير، بلا جدال، يأتيعلى رأس قائمة هذه الملكات إضافة إلى أنه عامل أساسي في تنمية الملكاتالأخرى).
وينتقد كذلك غياب الجانب العاطفي عن نظمناالتعليمية فيقول:
(على الرغم من ثبوتأهمية الدور الذي تمارسه المشاعر في حبّ العلم والتعلّم والنفور منها،ما زال الجانب العاطفي في عملية التربية مجهولاً وغائباً أو مغيباً.) والمقصود بالجوانب العاطفية فيما نعرف، هو تعليم الفنونبأنواعها تلك الفنون التي تعتمد على الأنشطة التيتساهم في تفتيح مواهب الشخصية وتميزها منغيرها وتنمي فرادتها وتقوي وجودها في الحياة. فالرسم والموسيقا والمسرح والرياضة والقراءة والكتابة المستقلتين عن المناهج وغير ذلك من الفنون التي لا يعيرها التعليم العربي اليوم أيّ اهتمام لا تدخل فيحسابالدرجات النهائية، وبالتالي لا يجري الاهتمام بها ولابالكوادر التي تساعد على تنميتها.
وفي معرض حديثه عن أهمية التفكير يتخذ المؤلف من حكمةكونفوشيوس عن التعليم قاعدة وأساساً، تقول الحكمة:
(تعليم بلا تفكير جهد ضائع، وتفكير بلا تعليم أمر محفوفبالمخاطر..!)
ويرى أنّ: (الإنسانمبدع بالفطرة، والتحدي الحقيقي هو في إيجاد الطرق العملية لتفجير هذه الطاقة الكامنة في عقولنا، وكيف نرعاها في طفولة نشأتها، ونداوم على تنميتها على مدى مراحل عمرنا.)
يتألف الكتاب من ثلاثة فصول:
الأول: التفكير النقدي، رؤيةمعلوماتية- عربية، ومنه تلك الشواهد السالفة. أما الفصل الثانيفعنوانه: ثلاثية العقول، رؤية معلوماتية عربية. وفيه يتحدّث الكاتب عن إمكان دمج عقول ثلاثة في عقل واحد: العقل الإنساني، والعقل الآلي، والعقل الجمعي الذي يدمج العقلين الأول والثاني في عمليةالاتصال والتواصل. ويشير الكاتب إلى أنه كلما(ارتقت التكنولوجيا وارتقى معها المجتمع أظهرتثلاثية العقول خاصتين مميزتين:
أولاهما: زيادة قابلية الاندماج فيهاحتى تنصهر مكونةً ما يمكن أن نطلق عليه عقلاً كلياً جامعاً، عقل مجتمع التعلّم، ذروة ارتقاء المجتمع الإنساني بعد أن يسمو متجاوزاً مجتمع ما بعد الصناعة، ومن بعده مجتمع المعلومات، فمجتمع المعرفة.)
وثانيتهما (توجه نحو مزيد من التماثلالبنائي والوظيفي ما بين العقول الثلاثة، ويرجع التماثلالبنائي إلى الطابع الشبكي الكثيف الذي يتميز به العقل الإنساني أصلاً.. ويسعى إلى التحلي به كلا العقلين الآلي والجمعي.. أما التماثل الوظيفي فمرجعه إلى أن العقول الثلاثة ترنو إلى تحقيق الهدف نفسه، وهو التصدي لتعقد الواقع..)
في الفصل الثالث الذي عنوانه: اللغة نهجاً معرفياً، رؤية معلوماتية عربية. يتناول المؤلف اللغة على (أنها الوسيلة لإصلاح عقولنا، ولتنمية تفكيرنا ولزيادة إسهامنا في إنتاج المعرفة). ويتحدث في هذا الفصل عن اللغة والأدب، وعن اللغة والأدب والمعلوماتية،وعنفجوة العقل اللغوي العربي إذ يقول: (تواجه اللغة العربيةتحديات جساماً إزاء النقلة النوعية الحادة لمجتمعالمعرفة، فقد فرضت عليها، مثل لغات العالم الأخرى،ضرورة تلبية مطالب هذا المجتمع الذي تمارس فيه اللغة دوراً محورياً، في الوقت الذي تعاني فيه العربية أزمة حادة: تنظيراً وتعليماً وتوظيفاً وتوثيقاً. وقد أظهر الإنترنيت، سواء على صعيد البحث أو البثمدىحدة هذه الأزمة الطاحنة التي ترسخت حتى كادت تصبح عاهةحضارية شوهاء..).
ويبقى ما في الكتابأكثر دهشة وأكثر حفزاً للاطلاع عليه.. رغم كشفه حقيقة معاناة التخلف على غير صعيد.. فهل في قراءة مثل هذه الكتب عزاء لنا أم شعور بالرغبة في نتف ما تبقى من شعورنا..! والويل لمن يزعم غير ذلك..!
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب