حواس للمحاماه

نشكركم على اختياركم لمنتدانا و نتمنى ان تقضى وقت ممتعا و يشرفنا ان تكون احد افراد اسرتنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

حواس للمحاماه

نشكركم على اختياركم لمنتدانا و نتمنى ان تقضى وقت ممتعا و يشرفنا ان تكون احد افراد اسرتنا

حواس للمحاماه

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
حواس للمحاماه

قانوني . اسلامي - برامج . صيغ - دعاوى - معلومات

انت الزائر رقم

.: عدد زوار المنتدى :.

مرحبا بالزائرين

المواضيع الأخيرة

» التفكر في الاية 42 من سورة الزمر (رقم 39)
الجامعات العربية و أرقى جامعات العالم I_icon_minitimeالخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود

»  "خواطر "يا حبيبتي
الجامعات العربية و أرقى جامعات العالم I_icon_minitimeالجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود

» خواطر "يا حياتي "
الجامعات العربية و أرقى جامعات العالم I_icon_minitimeالجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود

» الطريق الى الجنة
الجامعات العربية و أرقى جامعات العالم I_icon_minitimeالأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود

» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الجامعات العربية و أرقى جامعات العالم I_icon_minitimeالأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الجامعات العربية و أرقى جامعات العالم I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الجامعات العربية و أرقى جامعات العالم I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الجامعات العربية و أرقى جامعات العالم I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الجامعات العربية و أرقى جامعات العالم I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

مرحبا بك


counter globe

الاكثر زياره


    الجامعات العربية و أرقى جامعات العالم

    Admin
    Admin
    Admin


    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 2987
    تاريخ الميلاد : 18/06/1970
    تاريخ التسجيل : 27/09/2009
    العمر : 53

    الجامعات العربية و أرقى جامعات العالم Empty الجامعات العربية و أرقى جامعات العالم

    مُساهمة من طرف Admin الإثنين أغسطس 30, 2010 4:33 pm

    الجامعات العربية و أرقى جامعات العالم


    دراسة لواقع التعليم العالي و البحث العلمي في الجامعات العربية


    الدكتور/ زياد سعيد
    العاني

    أستاذ جامعي و باحث
    أكاديمي عراقي/ قطر


    من إحدى مقولات الإمام علي بن أبي طالب (رض) " إذا
    أراد الله أن
    يذّل إنسانا حرمه من العلم" و من إحدى مقولات المفكر
    الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد " الزمن الراهن ساحة
    معركة و السلاح فيها هو المعرفة".

    المقولتان خطرتا إلى الذهن بعد
    قراءة نتائج دراسة أقامتها جامعة جياوتونج – شنغهاي الصينية، وهي دراسة أكاديمية
    سنوية مفصلة تصنف فيها الجامعات ومؤسسات التعليم العالي في جميع دول
    العالم وفق خمسة معايير أكاديمية يعطى لكل منها عددا محددا من النقاط بحيث تحصل
    أرقى مؤسسة أو جامعة على الرقم 100 في كل معيار وتليها الجامعات الأخرى
    بنسب مئوية ومن ثم تجمع النقاط بشكل نسبي من المجموع الكلي (النسبة حسب
    أهمية كل معيار). و المعايير
    تعتمد بشكل رئيسي على الإنجازات العلمية، و البحوث المنشورة في
    مجلات محكمة و عدد الاقتباسات
    المرجعية منها، والجوائز العالمية ونوعية البرامج، و حجم المؤسسة التعليمية فيما يخص
    الإنجازات نسبة إلى عدد أعضاء الهيئة التدريسية، و غير ذلك من عناصر التعليم الجامعي و
    البحث العلمي. و يتم ترتيب الجامعات وفق ما تسجله من نقاط في جدول يضم
    أرقى 500 جامعة و مؤسسة تعليمية على مستوى العالم مرتبة حسب عدد النقاط
    التي تحصل عليها الجامعة، إضافة إلى تصنيفات إقليمية مثل أرقى 100 جامعة
    أوربية، و أرقى 100 جامعة
    أسيوية وما شابه. و من ثم ترتيب البلدان حسب مواقع جامعاتها في
    القائمة بالدرجة الاولى و عددها
    في القائمة بالدرجة الثانية.

    نتائج الدراسة لعام 2004 - 2005
    كما هو متوقع، تصدرت القائمة
    جامعات عريقة و مشهورة في الولايات المتحدة و بريطانيا حيث احتلت جامعتي هارفارد و ستانفورد
    الأمريكيتين المرتبتين الأولى و الثانية و كمبردج و أكسفورد
    البريطانيتين المرتبتين الثالثة و الثامنة على التوالي، فيما احتلت جامعات
    يابانية و ألمانية و كندية مواقع متقدمة في القائمة. في الترتيبات الإقليمية
    للدول تصدرت الولايات المتحدة قائمة بلدان الأمريكيتين و بريطانيا
    القائمة الأوربية واليابان القائمة الآسيوية و جنوب أفريقيا القائمة
    الأفريقية .

    العرب و إسرائيل
    ورد ذكر سبع جامعات و معاهد
    إسرائيلية في القائمة الرئيسية من مجموع جامعاتها الثمانية، احتلت فيها الجامعة العبرية في
    القدس الترتيب 90 و جامعة تل أبيب 101 ومعهد وايزمان 105 و ثلاث جامعات
    أخرى هي في المائتين الثالثة و الرابعة و الجامعة الإسرائيلية الوحيدة التي
    لم يرد ذكرها هي الجامعة المفتوحة. و احتلت إسرائيل المرتبة 12 في
    الترتيب العالمي للدول . في الترتيب الآسيوي الجامعة العبرية احتلت الترتيب
    السابع، جامعة تل أبيب 9، معهد وايزمان 18،
    معهد التخنيون 22، جامعة بار ايلان 38، جامعة بن غوريون 39 و أخيرا جامعة حيفا 67 واحتلت
    إسرائيل المرتبة الثانية من بين الدول الآسيوية بعد اليابان.

    أما الجامعات العربية التي يبلغ
    عددها 184 جامعة فلم يرد ذكرها على الإطلاق و مما يؤسف له فعلا عدم وجود أي أسم لها أو حتى
    لأسماء جامعات أجنبية عاملة في عدة بلدان عربية منذ زمن بعيد ولها شهرة
    إقليمية واسعة مثل الجامعة الأمريكية في بيروت و القاهرة (الاستثناء هي
    الجامعات الأمريكية
    التي فتحت لها فروعا في قطر مؤخرا وبالطبع كان تقييمها على أساس
    مراكزها الرئيسية).

    إذا استثنينا جائزة نوبل من
    المعايير الأخرى التي استندت إليها الدراسة (جامعة إسرائيلية واحدة حصلت على نقاط في هذا
    المعيار )، إذا استثنينا هذا المعيار فان معظم المعايير التي يقاس بها مستوى الجامعات
    هو ما يتعلق منها بالبحث العلمي و الإنجازات الأكاديمية الأخرى التي لا
    يمكن أن تبرر عدم ورود أسماء جامعات عربية عريقة في حين تجد أسماء جامعتين
    من بلد صغير كسنغافورة و 8 جامعات من كوريا الجنوبية أو جامعات من
    بلدان فقيرة نسبيا مثل شيلي و الأرجنتين و المكسيك ،بينما تمتلك الشعوب
    العربية مستويات من الدخل هي من بين الأعلى في العالم، وربما الأكثر أهمية
    أننا نمتلك تراثا علميا و حضاريا تركه لنا ونشره في معظم بقاع الأرض قبل
    عصر الثروات الحديثة علماء خالدون من أمثال ابن سينا و الرازي و
    الكندي و ابن حيان وغيرهم من الأسماء التاريخية الذين ساهمت نظرياتهم و
    كتبهم في انتشار علوم الطب و الرياضيات و الفلك وغيرها، وترجمت ودرّست في معظم
    جامعات العالم ، ومهدت الطريق أمام تطور العلوم الحديثة. إننا للأسف شعوب
    تعشق دراسة التأريخ ولكنها تسير عكس مساره، وينطبق علينا ما قاله
    الفيلسوف هيجل من أن" الشيء الوحيد الذي يعلمنا إياه التأريخ أنه لا
    يعلّمنا شيئا " مع أنها مقولة خاطئة ولكننا على ما يبدو لم نتعلم من دراسة
    التأريخ.

    دقة و مصداقية الدراسة الصينية
    الدراسة قد تحتمل نسبة من الخطأ
    في دقتها وهذا شيء طبيعي، أما المصداقية فهناك اكثر من دليل على امتلاك الدراسة لقدر
    كبير منها . ومع محاولة الابتعاد عن كل ماله علاقة بالسياسة في هذا
    الموضوع إلا أن مقتضيات الإثبات لهذه المصداقية تتطلب أحيانا بعض الأدلة و الحجج
    ذات الطابع السياسي (الذي لا يبدو أن واضعي الدراسة قد اهتموا به
    على الإطلاق) ومن بينها الآتي:

    · الجامعة الصينية التي قامت
    بالدراسة جاء ترتيبها في موقع متأخر من القائمة (404) و لاتتضمن القائمة أي جامعة
    صينية في المئة الاولى منها.

    · الصين كبلد جاء في الترتيب 19
    من القائمة و بما لايتناسب مع امكاناته العلمية و البشرية.

    · جامعة تايوان الوطنية/
    تايوان، جاء ترتيبها في المرتبة 153 قبل أي جامعة صينية و الكل يعرف حساسية الصين ، دولة
    وشعبا، تجاه تايوان.

    · بالنسبة لنا نحن العرب لا
    مصلحة للجامعة الصينية في عدم ذكر أي جامعة عربية في قائمتها كما أن ليس لها مصلحة
    بالمبالغة في التفوق الإسرائيلي حيث أن الصينيون يتعاطفون بشكل عام مع القضايا العربية
    وجامعاتهم ترتبط بعلاقات جيدة مع الجامعات العربية علما بأنه سبق لجامعة
    شنغهاي أن أرسلت دعوتين للمشاركة في مؤتمر علمي تخصصي و ورشة أقامتهما
    بالتعاون مع منظمة اليونيدو خلال سنتي 1999 و 2001 لأعضاء في هيئة التدريس
    في جامعة قطر، وعلى الرغم من عدم الحضور إلا أن قوائم المشاركين فيهما
    لا تشير إلى أي إسرائيلي من بين مشاركين ينتمون إلى ما يقرب من خمسين
    بلدا.

    · تعتمد الدراسة في جزء من
    بياناتها على معلومات منشورة من قبل الجامعات نفسها إما على مواقعها على الانترنت أو من
    خلال إحصائيات منظمات عالمية (اليونسكو مثلا) أو ما تزودها به الجامعات من معلومات.


    واقع البحث العلمي في البلدان العربية
    ( حقائق و أرقام
    )

    في عام 1985 و في مناقشة رسالة
    ماجستير لباحث في إحدى الجامعات العربية حول التعليم العالي في البلدان العربية، أورد
    الباحث من ضمن مناقشته جدولا يقارن فيه عدد الأبحاث العلمية التي نشرتها الجامعات
    العربية في مجلات علمية محكمة مع مثيلاتها المنشورة من قبل الجامعات
    الاسرائيلية خلال الفترة 1967- 1982 . خلاصة ذلك الجدول تشير الى أن نسبة
    الابحاث العربية مجتمعة لاتساوي سوى 2% مما نشرته الجامعات الاسرائيلية
    أي أن اسرائيل أنتجت 50 مرة أكثر من الدول العربية في تلك الفترة.

    قبل أشهر قليلة و في مقالة
    للاستاذ رجاء النقاش في صحيفة الوطن القطرية (للاسف يصعب تذكر تأريخها) أورد فيها
    انطباعاته عن محاضرة ألقاها العالم الشهير البروفيسور أحمد زويل، في احدى الجامعات المصرية
    و التي ذكر فيها أن نسبة مساهمة المنشورات العربية في الانتاج العلمي
    العالمي لا تتجاوز الـ 0.0002 % لمنطقة يشكل عدد سكانها 5% من عدد سكان
    العالم أجمع. واذا صح الادعاء الاسرائيلي بان اسرائيل تساهم بما مقداره 1% من
    الانتاج العالمي في الابحاث العلمية فهذا يعني أن اسرائيل تنشر أبحاثا
    علمية 5000 مرة أكثر من الانتاج العربي مجتمعا. الارقام ان صحت فانها تعني أن
    نسبة انتاج اسرائيل الى انتاج الدول العربية ارتفعت خلال ربع القرن
    الأخير 100 مرة.

    حتى لو كانت تلك الأرقام غير
    دقيقة فان الواقع يشير إلى تخلف عام وواضح في جامعاتنا العربية و مؤسسات التعليم العالي و
    البحث العلمي في عموم الدول العربية و لا يحتاج إلى دراسات دقيقة لتكتشفه، مع
    الاعتقاد بان هذه الأرقام فيها مقدار كبير من الصحة وذلك من خلال
    الدراسات و التقارير
    الصادرة عن منظمات عالمية
    محايدة وشخصيات أكاديمية عربية مرموقة .

    تقول الدكتورة ميثا الشمسي نائب
    رئيس جامعة الإمارات لشؤون البحوث في مقالة لها في جريدة جولف نيوز (عدد
    11/1/2004) ان الدول العربية من بين أقل دول العالم إنفاقا على البحث العلمي و التطوير حيث
    لا تتجاوز نسبة هذا الإنفاق ما معدله 0.2 % من مجموع الدخل القومي لجميع
    الدول العربية (في الدول المتقدمة تبلغ النسبة2.5-5 %) و لا يساهم القطاع
    الصناعي في هذه النسبة الضئيلة بأكثر من 3% بينما يأتي 89% منه من مصادر
    حكومية. في الولايات المتحدة تبلغ نسبة الإنفاق على البحث العلمي و
    التطوير حوالي 3.1 % من
    الدخل القومي يساهم فيه قطاع الصناعة بحوالي 50-70% . وكنتيجة لذلك
    فان معدل الأبحاث العلمية
    المنشورة (لكل مليون نسمة) في البلدان العربية لا يتجاوز 2% من نفس المعدل في الدول
    الصناعية. و تورد الدكتورة الشمسي مقارنة مع دول نامية تشير الى أن الدول العربية متخلفة
    عن معظم هذه الدول في انتاجها من المنشورات العلمية و الانتاج البحثي و
    معدل تقدمها يشير الى ركود لا يتناسب مع التطور العلمي العالمي المتسارع. فعلى
    سبيل المثال كان إنتاج الصين في عام 1981 نصف الإنتاج العربي من الأبحاث
    و براءات الاختراع و في نهاية القرن الماضي أصبح إنتاجها ضعف ما أنتجته
    الدول العربية مجتمعة . العلاقة
    بين الأنفاق على البحث و التطوير و مستوى التقدم العلمي و التقني تنعكس بشكل واضح في عدد براءات
    الاختراع المسجلة في الدول العربية خلال الفترة 1980- 2000 وهو 370 براءة اختراع مقارنة مع
    16328 في كوريا الجنوبية التي تنفق بسخاء على البحث العلمي و التطوير.

    و لا تورد الدكتورة الشمسي،
    التي استندت في أرقامها على تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2003 الذي أصدره
    المكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (اليونيدبUNDP)، لا تورد مقارنة مع إسرائيل التي
    وضعها التقرير
    المذكور كأحد دول المقارنة (بالإضافة إلى الهند و الصين و كوريا
    الجنوبية). كذلك لم تذكر بان
    تلك النسبة الضئيلة التي تنفق على البحث العلمي يذهب معظمها أجورا إدارية للعاملين في
    مراكز البحوث العلمية ( وهذا ما يذكره التقرير والذي ستأتي الإشارة إليه لاحقا).

    و حسب الارقام الاسرائيلية فأن
    اسرائيل تنفق على البحوث العلمية و التطوير ما مقداره 4.5 % من الدخل القومي و هي أعلى
    نسبة من بلدان أوربا و أمريكا الشمالية و أعلى بحوالي 20 مرة من نسبة الإنفاق في الدول
    العربية.

    الدكتور وجيه عويس رئيس جامعة
    العلوم و التكنولوجيا الأردنية والتي تضم 16000 طالب و طالبة يقول ( نقلا عن دورية
    Chronicle of Higher Education عدد
    مارس 2004 ) بان جامعته تصرف ما مقداره نصف مليون دولار سنويا على
    البحث العلمي بمختلف فروعه،
    فإذا علمنا بان الجامعة تضّم 650 عضو هيئة تدريس فهذا يعني ما معدله 770 دولار لعضو
    هيئة التدريس الواحد في السنة و هو مبلغ لا يغطي نفقات الأجور الإدارية للبحث لمدة شهر
    واحد. و يمضي الدكتور عويس قائلا "غالبية البحوث العلمية في
    جامعاتنا العربية موجهة لأهداف محددة هي الترقيات العلمية " وهذا شيء معروف
    في الأوساط الأكاديمية لكن هذا القول، المتفق عليه، يعني أن البحث العلمي في
    جامعاتنا العربية أصبح أداة موجهة لغرض تحقيق أهداف شخصية ليس لها علاقة
    بالخطط التعليمية أو التنموية مما يؤدي إلى بعثرة جهود الباحثين و يضعف
    العمل الجماعي المطلوب من أجل قيام نهضة علمية أحد أركانها الأساسية
    البحث العلمي المنهجي .

    تشير الجداول و الأرقام التي
    أوردها تقرير التنمية الإنسانية العربية 2003 إلى أن عدد العاملين في البحث و التطوير في
    البلدان العربية من العلماء و المهندسين يقارب من 330 فردا لكل مليون من السكان مقابل
    4000 فرد في أمريكا الشمالية و 2400 فرد في أوربا وعدد الفنيين لا
    يتجاوز 50 فردا لكل مليون مواطن مقابل 1000 فرد لكل مليون مواطن في الدول
    المتقدمة. ويلعب تدني الإنفاق العربي على البحث و التطوير، الذي هو
    الأدنى من بين مجموعات دول العالم (أقل بحوالي سبع مرات من المعدل العالمي
    محسوبا على النسبة المئوية للدخل القومي وأقل بـ 12-15 مرة من الدول
    المتقدمة ) يلعب دورا رئيسيا في الحد من التطور العلمي و القابلية على
    الابتكار خصوصا و أن التمويل الحكومي الذي تصل نسبته إلى 89% من مجمل ذلك
    التمويل (الضعيف أصلا) يستهلك معظمه في تغطية رواتب العاملين كما يذكر
    التقرير.

    كذلك تفتقر مناهج الجامعات
    العربية إلى سياسات بحثية واضحة فيما يتعلق بتأهيل وتدريب الطلبة على أسس البحث العلمي
    المنهجي وغياب أسلوب البحث في تدريس مختلف المقررات الدراسية خلال الدراسة الجامعية
    الأولية مما يتسبب في نقص واضح في أعداد المؤهلين للعمل في مجال البحوث من
    خريجي الجامعات.

    على هامش المؤتمر العالمي حول
    التنمية المستديمة الذي عقد في جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا في سبتمبر 2002 عقد ممثلو أحدى
    عشر منظمة و أكاديمية و هيئات ثقافية و علمية عالمية مشهورة (من بينها اليونسكو وجامعة
    الأمم المتحدة و أكاديمية العالم الثالث للعلوم) اجتماعا على هامش
    المؤتمر في قرية يوبينتو (في ضواحي جوهانسبرغ) و أصدروا إعلانا سمي بـ "
    إعلان يوبينتو" و أصبح أحد وثائق المؤتمر الرسمية وفي هذا الإعلان( الذي جاء على
    شكل توصيات لجميع الحكومات و المؤسسات التعليمية و واضعي السياسات
    التعليمية في جميع أنحاء العالم) أوصى المشاركون بخصوص البحث العلمي، من ضمن
    توصيات عديدة، على ما يلي (حسب ما جاء في موقع جامعة الأمم المتحدة على
    الإنترنت):

    ".... الدعوة للحكومات و
    جميع الأكاديميين وواضعي السياسات التعليمية وجميع من لهم علاقة بالتعليم في كافة مراحله
    على ضرورة إعادة النظر بالبرامج الدراسية بحيث تعتمد مناهجها على أسلوب التعليم
    المعتمد على حل المعضلات في المراحل الابتدائية و الثانوية
    Problem-based education من
    أجل تطوير أساليب تدريس غير
    آلية ودمجها مبكرا في دائرة التعليم، والىأسلوب حل المعضلات بواسطة البحث العلمي
    في مناهج الدراسة الجامعية Problem-based scientific
    research بحيث يدخل البحث
    العلمي كأسلوب منهجي في التدريس إضافة إلى كونه وظيفة أو ركنا أساسيا من
    أركان التعليم العالي مرتبطا بعملية التنمية الاجتماعية و الاقتصادية....“

    هذا و للعلم فان بعضا من تلك
    المنظمات كانت قد اجتمعت في أكتوبر من سنة 2001 في مدينة لونبرغ في ألمانيا و أصدرت إعلانا
    سمي بإعلان لونبرغ (التعليم
    العالي من أجل التنمية المستديمة) و الذي دعا مؤتمر جوهانسبرغ
    إلى تبني إصدارأدوات برامج
    متكاملة Tool-Kits مصمّمة
    لتنفيذ إجراءات جذرية بخصوص تطوير التعليم في جميع البلدان تتضمن استراتيجيات
    إصلاح شامل لكل ما يتعلق بأنشطة التعليم العالي من تدريس و أبحاث وتطوير و
    تدريب و تم التركيز على أهمية البحث العلمي في التعليم و توجيهه نحو
    تحقيق التنمية المستديمة. و قد تبنى ذلك المؤتمر الشهير ما جاء في
    الإعلانين المذكورين.

    هذه الدعوة الصريحة، و التي
    استندت إلى دراسات عديدة و مفصلة، قام بها خبراء متخصصون من تلك المنظمات تشير إلى
    الأهمية المتزايدة لتبني منهج البحث العلمي كأسلوب بديل في التعليم العالي عن الأساليب
    التقليدية ( المقصود هو
    تبني أسلوب البحث في تدريس المقررات الدراسية المختلفة). مطلوب
    من الجامعات العربية تبني
    المفاهيم و القيم العلمية التي دعا إليها الإعلانين المذكورين إضافة إلى ما تضمنته
    توصيات مؤتمر جوهانسبرغ بهذا الخصوص و الذي حضره ممثلون عن معظم الدول العربية.


    مساهمة القطاعات غير الحكومية في
    تمويل البحث العلمي


    المساهمة الهزيلة للقطاعات
    الصناعية و الخدمية للبحث و التطوير في البلدان العربية و التي تبلغ 3% فقط من مصادر التمويل
    الكلية و التي تحتل أقل نسبة من بين جميع البلدان على الإطلاق، إنما تعكس انعداما
    تاما للوعي المجتمعي بضرورة دعم العلم و البحث العلمي من أجل النهوض بمتطلبات
    التنمية، ففي البلدان المتقدمة تقوم المؤسسات الصناعية و مؤسسات
    القطاع الخاص الربحية بتمويل نشاطات البحث العلمي لغرض خلق ديناميكية تمويل
    مستديمة تغذي باستمرار حركة البحث و التطوير و الابتكار مما يؤدي إلى
    تحويل النشاط البحثي إلى استثمار مربح يدعم الناتج القومي و يدفع
    بعجلة التنمية والبناء إلى الأمام.

    في بلداننا العربية ينظر معظم
    المسؤولين عن هذه القطاعات إلى تمويل البحث العلمي للجامعات و مراكز البحوث على أنه صدقة
    أو هبة يستجدي بها الأكاديميون من أجل إرضاء طموحاتهم العلمية و نشر
    الأبحاث لأغراض الترقية الأكاديمية و الصعود الوظيفي. أما و انهم يستوردون مصانع
    كاملة بمفاتيحها ومعادلاتها (على حد تعبيراتهم) فليسوا بحاجة إلى البحوث
    طالما أن الشركات الأجنبية تجهزّهم بكل ما يحتاجونه وتقوم بتدريبهم في
    مواقعها الرئيسية في بلدان المنشأ. وإذا ساهموا ببعض الفتات من أرباحهم في
    تمويل بعض الأبحاث فهي من أجل استجلاب الترضية الاجتماعية و الدعاية
    الإعلانية. كما وأن الاعتقاد بان البحث والتطوير لايستطيع القيام به سوى
    الدول المتقدمة علميا و تقنيا لايزال راسخا في أذهان القائمين على معظم هذه
    المؤسسات. لذلك نجد في معظم الشركات و المؤسسات الصناعية و الخدمية الكبيرة
    مراكز للتدريب و التطوير ولكن نادرا ما تتضمن هذه المراكز أية نشاطات
    بحثية. و غالبا ما تعزف هذه المؤسسات عن تشغيل أو توظيف حملة الشهادات
    العليا من القادرين على تنشيط البحوث لأسباب معظمها تتعلق بالرواتب و الأجور
    التي تترتب على توظيف هؤلاء بحجة نقص الخبرة الصناعية في مواقع الإنتاج
    على عكس ما هو شائع في مؤسسات مشابهة في الدول المتقدمة التي تستقطب هذه الكفاءات
    وتستثمر إمكانياتهم و خبراتهم
    البحثية .

    في سنة 2000 وحدها مّولت وزارة
    التجارة و الصناعة الإسرائيلية 1200 مشروع بحث اشترك فيها باحثون من دائرة العلوم
    التابعة للوزارة مع باحثين من مختلف الجامعات و المعاهد الإسرائيلية، و تشارك الوزارة
    مع الجامعات الإسرائيلية في استضافة ما يقرب من 100 مؤتمر علمي عالمي
    سنويا. وتفخر إسرائيل بكون عدد العاملين فيها من المهندسين و العلماء
    والبحث العلمي نسبة إلى عدد القوى العاملة الكلية هو الأعلى في العالم
    و حسب إحصائية نشرها معهد التخنيون مؤخرا (2004) فان 135 من كل 10000من
    القوى العاملة الاسرائيلية يعملون كمهندسين أو علماء و 9 من بين كل
    1000 يعملون في مجال البحث العلمي و هو ضعف النسبة تقريبا في كل من الولايات
    المتحدة و اليابان.
    (يعمل في مؤسسة العلوم الإسرائيلية ISF وحدها ، وهي مؤسسة متخصصة بالبحوث، حوالي 1000 باحث علمي متفرغ وتتعاون
    المؤسسة في 80% من مجموع أبحاثها مع الجامعات الإسرائيلية).

    مفاهيم خاطئة
    من المفاهيم الخاطئة و السائدة
    في الأوساط الأكاديمية في البلدان العربية هو أن البحوث الأساسية في العلوم هي مضيعة للوقت
    و هدر للموارد على اعتبار أنها أبحاث غير تطبيقية و لا جدوى اقتصادية
    منها متناسين أن أعظم الابتكارات و الاكتشافات إنما كان أساسها البحوث في
    العلوم الأساسية . كذلك فان
    البحث العلمي في هذه المجالات يعمل على تطوير المواهب و يساهم
    في خلق جو أكاديمي يشجع على
    الإبداع ناهيك عن الخبرة التي يكتسبها العاملون وما يرافق ذلك من خلق بنية تحتية
    صلبة للبحث العلمي. و ينتقد تقرير التنمية الإنسانية العربية 2003 البلدان العربية
    بهذا الخصوص حيث يشير الى أنه " رغم الزيادة في عدد البحوث العربية
    المنشورة في دوريات عالمية محكمّة خلال الثلاثين سنة الماضية إلا أن النشاط
    البحثي العربي مازال بعيدا عن عالم الابتكار، فجلّه تطبيقي (90%) و
    قلّة منه تتعلق بالبحوث الأساسية. أما البحوث في الحقول المتقدمة مثل
    تقنية المعلومات و البيولوجيا الجزيئية فتكاد تكون غير موجودة
    "

    البيروقراطية و سوء الإدارة
    وتلعب البيروقراطية وسوء
    الإدارة دورهما السيئ في إحباط جميع المبادرات الرامية إلى تنشيط و تطوير البحث العلمي
    وتتسبب في هجرة العقول العربية إلى الدول التي توفر لها الفرص وترضي طموحها
    العلمي و المادي . يقول العالم
    المصري فاروق الباز رئيس مركز الاستكشاف عن بعد في جامعة بوسطن (Chronicle of Higher
    Education عدد مارس 2004 ( ،

    بأنه كان ضحية لهذه
    البيروقراطية حيث أنه عندما عاد إلى مصر بعد حصوله على شهادة الدكتوراه في الجيولوجيا من جامعة
    ميسوري، في أواسط الستينيات، عين مدرسا للكيمياء في أحد المعاهد المتوسطة على الرغم من
    وجود حاجة لتخصصه في الجامعات المصرية آنذاك و هذا ما جعله يشد الرحال عائدا
    إلى الولايات المتحدة حيث أتيحت له فرصة العمل مع وكالة الفضاء
    الأمريكية (ناسا) و في برنامج رحلة أبو لوApollo إلى
    القمر . ربما كانت حالة الدكتور الباز أفضل من حالة دكتور في هندسة النفط ومن بلد نفطي
    عيّن في شركة حكومية مختصة في دباغة الجلود وذلك بتنسيب من الوزير المختص!!! و دكتور
    في الكيمياء يمارس اختصاصه في إدارة السكك الحديدية أحيل من وزارة التعليم
    العالي لعدم الحاجة إلى الاختصاص!!!.

    في مجال العلوم الاجتماعية و
    الإنسانيات

    تختلف البلدان العربية من حيث
    مستوى تطورها و عائدها المعرفي و الاجتماعي و السياسي و يشير تقرير التنمية الانسانية
    العربية الثاني 2003 الى خضوع هذه العلوم غالبا الى التوجه السياسي
    البيروقراطي للنظم الحاكمة، كما أن المراكز البحثية في هذه المجالات لازالت حديثة
    العهد لم تظهر الا بعد الحصول على الاستقلال الوطني ولم تترسخ فيها أصول
    البحث بعد. و تتميزهذه العلوم بنوع من التمحور حول الذات لا يكاد
    يتخلص منه مجال من مجالات العلوم الانسانية والاجتماعية حيث لعبت مقولة
    " الخصوصية " دورا
    سلبيا في هذا الاتجاه اذ أفضت الى عدم الاهتمام بما " لاعلاقة
    له بواقعنا"، فحالت بذلك
    دون تطور مقاربات مقارنة دون تحديد علمي لما يعتبر خصوصيا، حسب المقولة التي اتخذت شكل
    شعار لا ينتج المعرفة بل يكاد يحول دون انتاجها. فنجد متخصصين في اللغة العربية
    والتأريخ الاسلامي حصلوا على شهاداتهم العليا من جامعات أوربية أو أمريكية، مثلا
    أستاذ في علم الانثروبيولوجيا متخرج من جامعة فرنسية أطروحته في
    الدكتوراه حول أصل السلالات البشرية في بلدان المغرب العربي، و أستاذ في
    النقد الادبي العربي من جامعة دبلن وآخر في تأريخ العراق الحديث من جامعة
    ويسكونسون Wisconsin ، وهكذا نجد ان هؤلاء الباحثين
    يتغربون لدراسة ما تركوه في مجتمعاتهم في حين نجد أن الطلاب و الباحثين الاجانب ياتون
    الى البلدان العربية لدراسة و انجاز البحوث في التاريخ و الحضارة والثقافة الخاصة بهذه
    البلدان. هذا التمحور على الذات أدى الى عدم تراكم رصيد علمي عربي عن
    المجتمعات و الحضارات الآخرى وهذه ليست رغبة الباحثين بقدر ماهي
    ثقافة ينتمون اليها نتيجة خيارات سياسية حيث لاتوجد في العالم العربي مؤسسات
    تهتم بدراسة المجتمعات والحضارات الآخرى. و كنتيجة لذلك قل اندراج
    الأبحاث العربية في شبكات علمية عالمية، ومع عدم توفر شبكات عربية نجد
    الباحث العربي غير مندمج في مجموعة عالمية ولا في مجموعة عربية. هذه العزلة
    أدت في كثير من الأحيان

    إلى إحباط تحول إلى ظاهرة عامة
    تحولت إلى انكفاء في المشاغل الحياتية و لامبالاة بالأمور المعرفية بأشكالها. لذلك
    نجد إن الأبحاث في العلوم الإنسانية المنشورة في دوريات عالمية قليلة و معظمها
    منشورة من قبل بعض العرب الذين ينتجون أبحاثهم بلغات أجنبية ويتناولون
    موضوعات تهم الباحثين الأجانب.

    في مجال الفنون و الادب

    تختلف شروط الابداع في الادب و
    الفنون عنها في حالة البحث العلمي في مجال العلوم الطبيعية و التكنولوجيا، حيث ان الاولى
    لاتحتاج الى دعم مؤسساتي ومادي ا و بنية تحتية مساندة، فلايمكن مثلا
    لعالم في الكيمياء أو البيولوجيا أن يقدم انتاجا بمستوى العلماء الحاصلين على
    جائزة نوبل بدون أن تتوفرله مقومات البحث العلمي الاساسية من مؤسسات دعم
    البحوث والمعامل والمكتبات و الاجهزة والمساعدين والتمويل و غير ذلك، في
    حين يستطيع شاعر أو روائي عربي الحصول على أرقى الجوائز العالمية بجهوده
    الفردية حيث لا يوجد شرط بين الرخاء المادي و الابداع الادبي الجيد. بل
    احيانا نجد ان العكس هو الصحيح، حيث أن الظروف الصعبة و الحرمان و
    التحديات الفكرية و السياسية قد تصبح حافزا للإبداع الأدبي و الفني. غير أن
    ازدهار هذا الابداع ونموه و تأثيره الايجابي في البيئة المحيطة به
    يحتاج الى مناخ من الحرية والاستقرار كما يحتاج الى الدعم المادي
    والمؤسساتي لغرض نشره وهذا ما تفتقر إليه البلدان العربية.

    يورد تقريرا التنمية الانسانية
    العربية الاول و الثاني أرقاما حول الإنتاج الأدبي ونشر الكتب تضع البلدان العربية
    مجتمعة في أسفل القائمة من حيث الاصدارات تأليفا و ترجمة حيث لم يتجاوز إنتاج الكتب في
    البلدان العربية عام 2000 على 0.8% من الإنتاج العالمي رغم أن العرب
    يشكلون 5% من سكان العالم، وهو أقل مما أنتجته تركيا و التي لا يتعدى
    سكانها ربع سكان البلدان العربية. الازدهار الوحيد كان في مجال تأليف و
    نشر الكتب الدينية التي بلغت نسبتها 17% من الإنتاج العالمي. و يذكر
    التقرير أن معدل عدد الكتب العربية المنشورة في السنة خلال التسعينات بلغت
    5600 كتاب بالمقارنة مع 42000 كتابا في أمريكا اللاتينية و 102000 كتاب في
    امريكا الشمالية (تفاصيل أخرى
    في الجزء الأخير من الدراسة).


    نوعية التعليم العالي في الجامعات
    العربية


    بخصوص التعليم العالي النوعي
    تتلخص الأزمة (إضافة إلى ما ذكر سابقا) بفشل المؤسسات التعليمية في طريقة مخاطبة عقول
    الطلبة من خلال فشلها في تعليمهم كيفية التفكير و استخدام المعلومات بذكاء، و أصبحت طريقة
    الحفظ عن ظهر قلب هي الوسيلة التي يحصل فيها الطلبة على النتائج المتميزة
    حتى في مقررات العلوم الطبيعية. و سبب ذلك يعود إلى عادة سيئة اكتسبها
    الطلبة في مراحل الدراسة الأولية حيث اعتادوا أن يكونوا متلقين فقط في
    نظام تعليمي يكون فيه المعلم أو المدرس هو محور العملية التعليمية، ووسيلة
    المعلم الوحيدة هي كتابه المنهجي وتلخيصه الذي غالبا ما يكتبه على
    السبورة ولا يحيد عنه لعدة سنوات وهو ما ينطبق عليه قول الفيلسوف الألماني جو
    هان فان جوتة " لا أسوأ من معلم لا يعرف إلا ما ينبغي أن يعرفه التلاميذ"
    .

    للأسف الشديد يجد هذا الأسلوب
    رواجا واسعا لدى عدد كبير من أساتذة الجامعات أيضا أما بسبب الصعوبات التي يواجهونها لدى
    محاولاتهم للتغيير، أو بسبب الجمود وعدم الرغبة في التطوير، أو اللامبالاة
    بسبب انعدام الحوافز، وكذلك الأعباء الأكاديمية التي يثقل بها عضو
    هيئة التدريس. و هذا ما يجعل المخرجات التعليمية ضعيفة المستوى لا تستطيع
    المنافسة في العمل مع مثيلاتها من الدول المتطورة أو حتى مع أقل الدول النامية
    الأخرى تطورا .

    من إحدى مقولات الفيلسوف الصيني
    الشهير كونفوشيوس حوالي سنة 500 قبل الميلاد " لا يحصل المرء على المعرفة إلا بعد أن
    يتعلم التفكير" و مقولته الأشهر لطلبته" لكل حقيقة أربعة أركان و أنا كمعلم
    ليس علي إلا إعطائكم ركنا واحدا و عليكم أن تبحثوا بأنفسكم عن الأركان
    الثلاثة الأخرى" مقولة لا تحتاج إلى توضيح.

    وللأنصاف لابد من القول أيضا
    بان هناك العديد من الأساتذة الجامعيين ممن حاولوا و يحاولون تطبيق هذه المقولات و تغيير
    هذا الواقع بتغيير النمط التعليمي السائد، إلا أن محاولاتهم غالبا ما تصطدم بعدم
    قدرة الطلبة، الضعيفي المستوى، على التكيف مع هذه التغييرات حيث أنهم
    لم يعتادوا نمطا حديثا من التعليم يكونوا فيه طرفا فاعلا.

    و هذا ربما هو أحد أسباب التدني
    الواضح في نسبة أعداد الطلبة في تخصصات العلوم الطبيعية و الهندسية التي تتطلب
    مهارات تفكير و بحث أكثر من باقي التخصصات. و حسب البيانات التي يوردها تقرير التنمية
    الإنسانية العربية 2003 ، فان هذه النسبة تتراوح ما بين
    0.5% و 4% (في العلوم الطبيعية) من مجموع عدد طلبة الجامعات، في حين تجدها في كوريا
    الجنوبية مثلا بحدود 20 % . و ما لا يتطرق اليه التقرير هو أن أقساما علمية في
    جامعات عديدة بدأت تتوقف عن طرح برامجها بالكامل لعدم توفر الحد الأدنى من
    أعداد الطلبة الملتحقين بها، و هذا خلل خطير في محاولات بناء قدرة
    بشرية متوازنة، سينعكس مستقبلا على النمو الاقتصادي و الاجتماعي وكذلك
    التأثير السلبي على التعليم الأساسي و الثانوي. فليس من المعقول أن بلدانا
    نفطية لا تدرّس في جامعاتها تخصصات الفيزياء و الكيمياء التطبيقية و
    التقنيات الحيوية والبتروكيمياويات في حين تتكدس أعداد من خريجي العلوم
    الإنسانية ينضمون إلى قوافل من العاطلين عن العمل سنويا أو على أقل تقدير
    إلى قوائم البطالة المقنّعة مما يعني هدرا للجهد و المال. ومن الأسباب
    الأخرى لهذا الخلل هو عدم توفر ثقافة علمية عامة في المجتمع بسبب القصور في
    تعميم التربية العلمية و الضعف في نشر الثقافة العلمية و غياب المؤسسات
    اللازمة لاحتضان العلم و توطينه.

    و حول الهدر الأكاديمي تقول
    الأستاذة الدكتورة شيخة عبد الله المسند رئيس جامعة قطر في كلمة أمام مجلس الشورى ( جريدة
    الوطن القطرية عدد 720 في 18/1/2005) أن نسبة الهدر الأكاديمي في الجامعة بلغت 45
    % بسبب الرسوب و التسرب و الفصل. وتشير البيانات التي عرضتها الدكتورة
    شيخة إلى أن نسبة الذين لم يتمكنوا من إكمال دراستهم لعدم تمكنهم من تحقيق
    متطلبات التخرج تبلغ أكثر من 30% من كل دفعة تدخل الجامعة . إضافة إلى
    ذلك تبلغ نسبة الطلبة الذين يتخرجون بدرجة مقبول 44% من مجموع الخريجين
    وهؤلاء نادرا ما يحصلون على وظائف تتناسب مع تخصصاتهم حيث ،كما تقول
    الدكتورة المسند " أن هؤلاء لم يتمكنوا من الحصول على المستوى العلمي الذي
    يمكنهم من اكتساب الحد الأدنى من المعارف و المهارات التي يجب أن يكتسبها
    خريج الجامعة... لذلك نجد أن
    مؤسسات العمل بدأت تتجنب بل ترفض تعيين الخريجين بدرجة مقبول ..... ". هذا يعني أن (44% من نسبة الـ 70% من عدد
    الطلاب الذين يدخلون الجامعة يلاقون صعوبة أو لا يجدون عملا ) أي أن نسبة
    الهدر الفعلية هي حوالي 60% وليست 30% وهذه نسبة عالية و خطيرة. لقد انتبهت
    إدارة الجامعة إلى هذا التدني في المستوى الأكاديمي و الهدر المتراكم و
    بدأت باتخاذ خطوات إعادة الهيكلة والتطوير على كافة المستويات
    الإدارية و الأكاديمية من اجل " توفير نظام تعليمي نوعي حديث يتناسب مع
    احتياجات و إمكانات الطلاب " ومتطلبات التنمية الشاملة التي تشهدها
    الدولة. وقد تجلت أولى خطوات التغيير في جامعة قطر مؤخرا بتحقيق استقلالها
    الإداري و المالي والخطوات الحثيثة من أجل الحصول على شهادات الاعتماد
    الدولية لجميع برامجها الأكاديمية. و يتوافق هذا التحرك ، من أجل تطوير
    جامعة قطر، مع التغيرات التي تشهدها قطاعات التعليم الأساسي و الثانوي
    والتي بدأت مؤخرا بتجربة المدارس المستقلة التي تتبنى تغيير أنماط التدريس
    التقليدية إلى وسائل فعالة تعتمد على أسلوب التفكير العلمي التحليلي و
    النقدي و أسلوب البحث العلمي المنهجي والتي يكون فيها الطالب طرفا
    رئيسيا فاعلا وليس متلقيا فقط، مما سيؤدي إلى رفع المستوى الأكاديمي العام
    للملتحقين بالدراسة
    الجامعية مستقبلا . غير أن عملية التغيير هذه ،كأي عملية إعادة
    بناء، تحتاج إلى وقت ليس
    بالقليل لكي تعطي نتائج ملموسة و لا بأس من الانتظار " فليس المهم أن تسير بطيئا
    طالما انك لم تتوقف " (مثل صيني).

    ولا تنفرد جامعة قطر بهذه
    النسبة العالية من الهدر الأكاديمي وتسرب الطلاب من مقاعد الدراسة و إن كانت الأسباب تختلف من
    جامعة إلى أخرى. فمثلا يذكر تقرير التنمية البشرية العربية 2003 ، استنادا إلى
    إحصائيات الحكومة المغربية، أن نسبة التسرب من الجامعات المغربية خلال
    السنوات الأخيرة بلغت 50% من مجموع الطلبة الذين يلتحقون في هذه الجامعات إما لأسباب أكاديمية
    كما هو الحال في جامعة قطر، أو
    لأسباب اقتصادية بسبب الحالة المعيشية المتدنية لهؤلاء الطلبة. كما أن حوالي 40% من
    الخريجين يبقون دون عمل.

    إن الصعوبات التي جاء ذكرها
    أعلاه إضافة إلى ضعف الموارد المتوفرة و المطلوبة للتغيير تقف حاجزا في وجه جميع هذه
    المحاولات. فقلة المصادر و الدوريات ووسائل التعليم الحديثة وتقنية المعلومات تلعب
    دورها في تعطيل جميع المبادرات مهما كان مصدرها أو قوتها.

    مؤشر رأس المال المعرفي في
    الدول العربية
    يشير دليل التنمية البشرية
    الملحق بتقرير التنمية البشرية العالمي الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للتنمية (اليونيدب)
    لعام 2004 إلى ثمان مؤشرات يقاس فيها مستوى التنمية البشرية أحدها مؤشر التعليم
    الذي يتضمن تقييما لجميع أوجه و جوانب التعليم مجتمعة. ومن بين البلدان الـ
    177 التي وضعها التقرير في جدول مرتب حسب قيمة مؤشر التنمية البشرية
    النهائي من الأعلى إلى الأدنى تحتل بعض الدول العربية مواقعا لا باس بها
    استنادا إلى المؤشر الكلي للتنمية البشرية (و بالتحديد البحرين و الكويت و
    قطر و الإمارات) و لكن في مؤشر التعليم بشكل خاص يقترب معدل مؤشر الدول
    العربية من دول جنوب الصحراء الأفريقية الفقيرة (0.61 و 0.56 على التوالي).
    فدولة عريقة مثل مصر يتساوى فيها مؤشر التعليم مع دولة فقيرة مثل توغو، و
    يقل عن دولة أفقر هي راوندا، أو عن بلد لم يسمع به 99% من سكان العالم هو
    جزر سليمان، انما يشير الى المستوى المعرفي المتدني الذي يحتله عالمنا
    العربي بين الامم و الى التخلف الذي يثير الأسى و الحزن والألم.

    و يضع تقرير التنمية الإنسانية
    العربية 2003جدولا ملحقا عن مؤشرات رأس المال المعرفي في 109 من بلدان العالم حول
    العام 2000 تظهر فيه الدول العربية كأقل مجموعة منتجة للكتب المنشورة بالنسبة لعدد
    السكان (باستثناء دول جنوب الصحراء الأفريقية) فمثلا يبلغ معدل إنتاج
    الكتب في الجزائر 4.4 كتاب لكل مليون نسمة من السكان و في الأردن 5.5 و مصر
    20.4 ، في حين يبلغ في هاييتي 42 كتاب لكل مليون نسمة وفي السلفادور 105 و
    إسرائيل 328 و يبلغ في المجر 1035 وفي التشيك 1218 وفي أستو نيا 2332 . و
    يذكر التقرير الأسباب لهذا التدني في إنتاج الكتب و يعزيها إلى ارتفاع
    معدلات الأمية في بعض البلدان العربية و ضعف القوة الشرائية للقارئ العربي
    إضافة إلى قيود النشر بسبب الرقابة المشدّدة على كل ما يكتب. في هذا
    الصدد يقول السيد فتحي خليل نائب رئيس اتحاد الناشرين العرب: " تفرض
    على المؤلف و الناشر قيود كثيرة أهمها مراعاة أمزجة 22 رقيبا عربيا، فيؤدي
    ذلك إلى عدم انتقال الكتاب العربي بين أسواقه الطبيعية بيسر". ومن
    المفارقات الرقابية التي أوردها التقرير (في احد الهوامش!) أن روايات الاديب الذي
    حاز على الجائزة الاولى في أكبر معارض الكتاب العربية في العام 2000 كانت
    ممنوعة، كما أن الرواية التي حازت على جائزة الإبداع لعاصمة الثقافة
    العربية في العام 2002 منعت من التوزيع من قبل الرقيب في العاصمة ذاتها.

    أما الترجمة فان التقرير السابق
    يشير الى وجود حالة من الركود والفوضى في هذا المجال، فرغم ازدياد عدد الكتب المترجمة
    الى العربية من حوالي 175 عنوانا في السنة في النصف الاول من السبعينيات الى ما
    يقرب من 330 كتابا في نهاية التسعينات، وهو ربع ما تنتجه اليونان، ويعادل
    تقريبا كتاب واحد لكل مليون من السكان في السنة بينما يبلغ في المجر مثلا
    519 كتابا و 920 كتابا في أسبانيا لكل مليون من السكان. ومن المقارنات
    الغريبة التي وردت في التقرير نقلا عن كتاب للدكتور شوقي جلال هي " أن
    العدد الإجمالي التراكمي للكتب المترجمة الى العربية منذ عصر المأمون
    حتى الآن (1000عام تقريبا) يقدر بحوالي عشرة آلاف كتاب و هو ما يوازي ما
    تترجمه أسبانيا في عام واحد.

    لدى إشهارها تقرير التنمية
    الانسانية العربية لعام 2002 ، لخصت الدكتورة ريما خلف هنيدي، الامين العام المساعد للامم
    المتحدة و المدير الاقليمي لبرنامج الامم المتحدة في كلمتها، تحسين الوضع المعرفي
    الذي يدعو اليه التقرير بالاستناد الى مبادىء بسيطة وواضحة وهي "
    الدعوة الى تطوير المواقف و الحوافز المجتمعية حتى تصبح رحما للابداع و
    أرضا خصبة للابتكار. فيهما
    تتمكن البلدان العربية من خوض غمار المنافسة في الاسواق القائمة على
    المعرفة. و عليه ينبغي أن ينصب
    تغيير آليات النظام الاجتماعي باتجاه توفير الحوافز للبحث و الابداع و الابتكار، و اتاحة
    الفرص الحقيقية للتميز في المكانة الاجتماعية لمكتسبي المعرفة و الباحثين عن
    التجديد و التطوير. ان ادراك منزلة المتفوقين في الميدان المعرفي و العلمي رهن
    بتوفير علته و ايجاد أسبابه ولن يسوق العلماء و الفنانين والمتخصصين و
    الطلبة الى ميدان الابداع مراسيم تذاع و أوامر تتلى وانما آفاق مفتوحة
    للعمل تقودها الى مجاريه الصحيحة و قنواته السليمة اجراءات و قوانين
    مسهلّة و حافزة... " .

    وقد أشار التقرير إلى أن فجوة
    المعرفة وليس فجوة الدخل هي التي أصبحت المحدّد الرئيسي لمقدرات الدول في عالم
    اليوم. لذلك جاء تقرير التنمية الإنسانية الثاني (عام 2003) مرّكزا على التنمية
    المعرفية و العلمية فنشر تحت شعار ( نحو إقامة مجتمع المعرفة في البلدان العربية).

    إن تكاليف تحسين نظم التعليم
    كبيرة جدا، إلا أن تكلفة استمرار الجهل لا حدود لها، ورحم الله الشاعر الذي قال:

    العلم يبني بيوتا لاعماد لها ..
    و الجهل يهدم بيوت العز و الشرف.

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 07, 2024 10:17 am