الدوريات العلمية
إشكالية نشر الثقافة العلمية في الوطن العربي
أ. ليلى
غانم
تسعى هذه الدراسة
إلى معالجة موضوعها في ثلاثة محاور متكاملة في المنهج.
فالدوريات
العلمية الصادرة في الوطن العربي تعاني محدودية الإقبال والانتشار وهي
بمجملها أسيرة ما يصطلح على تسميته «غياب الثقافة العلمية» وهو المحور الأهم الذي تتناوله الدراسة من خلال رؤية نقدية
لمعتقدات خبراء نشر الثقافة
العلمية في الوطن العربي آملة إثارة حوار هادئ في فلسفة منقولة من حقول
المجتمعات الصناعية إلى مجتمعات ريفية - ريعية. وقد أفضت هذه الفلسفة إلى
شلل الطاقات في المجتمعات العربية، وإلى نشأة «ثقافة علمية» غيبية
تعيد إنتاج نفسها بالإحباط والتحسر على الواقع العربي. يحدو بنا هذا الأمر إلى البحث في
المحور الثالث عن حلول وبدائل فكرية وعملية لإعادة البناء،
وهي عملية تتحدد فيها المسئوليات وتشترك بها قطاعات واسعة وفئات اجتماعية تلبّي لها
الثقافة العلمية احتياجات مهنية ومعيشية، ويضمن لها تطوير
التقنيات استقرارها ومستقبلها.
توطئة في صعوبات البحث
يفتح هذا الموضوع
أكثر من ملف على مصراعيه، ملفات التعليم والإعلام والتاريخ
والتوثيق والبحث العلمي، ملفات تخص الماضي، والحاضر والمستقبل. وللحق بدت لنا مهمة دراسة تاريخ الدوريات العلمية العربية
شائكة منذ البداية،
فالموضوع لم يستحق حتى الآن دراسة متفردة، كما أن مادته مبعثرة لم تحصر من قبل. وتكتشف حين
تنتقل بين مكتبات القاهرة وبيروت أن المهمة شبه مستحيلة!
فكيف يمكن لدراسة عارضة أن تجمع شتات موضوع يطمح لتغطية فترة تاريخية تزيد على قرن ومنطقة
جغرافية مترامية، دون الاستناد إلى التوثيق، وهو المدماك الذي
لا نستطيع أن نسد صدوعه بالرؤية الشخصية أو المعارف المتعاونة، فنحن
أمام تواريخ تشير إلى وقائع محددة هي صدور تلك الدورية بذاك الاسم أو
نفي صدورها، وأمام أرقام تتناقض بين مرجع وآخر؟
ونتساءل: لماذا
لم يسبق أن لقي هذا الموضوع عناية من جهة عربية،مثل منظمة التربية للثقافة والعلوم
التابعة للجامعة العربية، أو مراكز التوثيق مثل مركز التوثيق
والإعلام الذي كان مقره بغداد، وكان يختص بالتوثيق في منطقة العراق والخليج، أو كليات
الإعلام أو العلوم، وهي كلها مصادر ليست متاحة في مكان واحد،
وحتى مواقعها على شبكة المعلومات الدولية ليست كاملة الفعالية أو غير
متاحة على الإطلاق في بعض أجزائها.
من هنا وهناك تجد
دليلاً تم العمل فيه بجد ثم توقف مثل مركز التوثيق والإعلام
العراقي، وتجد آخر لا يتيح لك معلوماته، وتجد ثالثًا - مثل الشبكة القومية للمعلومات في
مصر - تزعم أنها لا تدرج في دليلها إلا الدوريات العلمية
التي طابقت معايير الترقيم الدولي دون غيرها مما صدر وتوزع،بينما يحوي
دليلها كمًا مختلطًا من الدوريات التي سجلت عشوائيًا ودون معيار موحد،
كما تبين الجداول المرفقة بالبحث.
أما الدراسات
الأكاديمية النادرة التي وقعنا عليها - رسائل الماجستير والدكتوراه -
فإنها تجمع في تعدادها بين دوريات العلوم البحتة والتطبيقية والدوريات التي تبدو قابلة
للتداول بين الجمهور غير المتخصص، وهي لا تورد، على كل، إحصاءات
بالدوريات الصادرة.
اختلاف المعايير
والجهات كان عائقًا أمام رسم صورة كاملة وواضحة للدوريات العلمية العربية،
كما لدوريات الثقافة العلمية الموجهة لجمهور غير متخصص. جهات الإحصاء
تختلف أيضًا في وجهات نظرها، فشبكة المعلومات القومية التابعة
لأكاديمية البحث العلمي تورد على قوائمها المجلات والمطبوعات العربية والإنجليزية التي
استطاعت الحصول على الترقيم الدولي عبر الشبكة المصرية، ولا
تورد غيرها من الدوريات أو المطبوعات حتى لو كانت حاصلة على هذا الترقيم من جهة خارج
مصر. هذا عدا أنها لا تفرق في إحصائياتها بين دوريات العلوم
البحتة والتطبيقية ودوريات الثقافة العامة.
بعض هذه الدوريات
معروفة في بلد دون سواه، وبعضها غير معروف في بلده نفسه حتى للمتخصصين في
الثقافة العلمية من الأساتذة. ففي شهادة لأحدهم (وهو من سكان القاهرة)
اعترف أنه لم يسمع بمجلة «المستقبل» الصادرة عن المركز القومي للبحوث في
مصر، ولا مجلة «العلم» الصادرة عن أكاديمية البحث العلمي، فكيف
بالقارئ العادي الذي يشتري المجلة من باعة الصحف الذين يعرضونها على
أرصفة شوارع المدن؟
كان من المتوقع
في ظل التطوير التقني الذي تعيشه مصر منذ عقد على الأقل أن تكون المادة الإحصائية لهذا
البحث متوافرة عبر عدد من الجهات التي يناط بها الاهتمام
بالثقافة العلمية مثل أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا التي تضم في هيكلها التنظيمي
لجانًا متخصصة في الثقافة العلمية وتصدر مجلة العلم، أو مثل
المجلس الأعلى للثقافة، ولديه أيضًا لجنة متخصصة في الثقافة العلمية ناشطة في عقد
الندوات والمؤتمرات والنشر مثل كتاب «الثقافة العلمية». ووجود
اللجنة الوطنية لليونسكو التي تصدر المجلة العربية للعلوم والمعلومات. ومع ذلك فإن هذه
الجهات لم تول اهتمامًا بالدوريات العلمية ولا بتاريخها،
ولم يمكن بالمحصلة إحصاء عدد دوريات الثقافة العلمية الصادرة في مصر
بصورة دقيقة.
هذا التدهور في
مستوى أعمال التوثيق يعكس بكل تأكيد واقع الثقافة العلمية ويعكس تدني مستوى الأداء على
كل المستويات، وهدر الطاقات. يوجد في مصر حسب تقدير لأحد
الأساتذة العاملين في نشر الثقافة العلمية، 100 ألف باحث، يعملون بالجامعات الحكومية
أو الخاصة، أو بمراكز البحوث كبيرة العدد. فكيف نفسر التناقض
المفزع بين العدد الكبير لهؤلاء الباحثين والتدهور الكبير في مستوى انتشار الثقافة
العلمية، أو التفكير العلمي؟
لابد أن نسجل أن
هناك إحساسًا واضحًا من بعض هذه الجهات بتدهور مستوى الثقافة العلمية،
وأن جهودًا تبذل لتدارك هذا الوضع، وربما تكون الاستراتيجية
العربية لنشر الثقافة العلمية على رأس الجهود النظرية الواضحة في هذا
المجال، وهي نتاج جهد عربي لعدد كبير من الأساتذة والمختصين في
العلوم، وتمت برعاية المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.
إن الأهداف التي
وضعتها الاستراتيجية تكاد تشمل كل جوانب الأزمة، إلا أن كثيرًا منها
يجافي جوهر الأوضاع العربية، وتعمل كل منهما جاهدة ضد الأخرى، فكيف نجمع مثلاً في معادلة
واحدة بين تنمية قدرات المواطن العربي على الإدراك العلمي
السليم وتنمية قدراته وممارساته للنقد البنّاء وبين القوانين المقيدة
للحريات. ومن غريب الأهداف في الاستراتيجية أن يأتي الأمن العلمي في
نهاية هذه الأهداف، والذي يتمثل في قدرة المجتمع على اكتساب وإنتاج
المعرفة العلمية والتقانات الحديثة وتنمية الإمكانات للتطوير، وتأسيس
آليات قادرة على توظيف المعارف بحيوية، والأهم في ظل التشبث بعبثية
الخيارات السياسية والتنموية، التي كان أثرها مدمرًا على مجتمعاتنا، وهذا
ما سنعالجه في الجزء الثاني من الدراسة.
الدوريات العلمية
الدورية هي بحسب
قواعد الفهرسة الأنجلو - أمريكية، مطبوعة تصدر بوسيط ما، في أجزاء متتابعة
وتحمل مؤشرات رقمية أو زمنية يُقصد بها الاستمرار. ويشمل هذا التعريف
النشرات والصحف والمجلات والحوليات وسلاسل الكتب الدورية، وكذلك التقارير ومحاضر
الاجتماعات المنتظمة والنشرات الرسمية وأعمال الجمعيات.. إلخ،
إنما لا يتفق الأوربيون مع هذه القواعد ويستثنون منها الصحف اليومية
والحوليات ومحاضر الاجتماعات والتقارير وهي استثناءات تتفق مع ما هو متعارف عليه في
الوطن العربي.
نشأت الدوريات
العربية في غمرة انتشار الصحافة في القرن التاسع عشر. فمنذ إنشاء صحيفة «التنبيه عام
1800 إثر احتلال نابليون لمصر، توالت ولادة الصحافة في
القاهرة وبيروت واسطنبول.. وأخذت تشكّل ظاهرة في نقل المعرفة وإثارة الاهتمام في الشأن
العام. في عام 1828 أنشأ محمد علي باشا «الوقائع المصرية» التي
حرر فيها رفاعة الطهطاوي وأثار تساؤلاته المعروفة عن نقل العلم و«الثقافة
العلمية». في العقدين التاليين ولدت صحافة بإشكالات قامت بدور مؤثر في
بلورة أفكار «النهضة العربية» وانشغلت مليًا بإشكالات «التحديث» ونقل
العلم: إثر ذلك وفي عام 1936 نشأت أقدم دورية علمية - أدبية في الوطن
العربي هي مجلة «المقتطف» قام بتأسيسها يعقوب صروف وفارس نمر في بيروت ثم
نقلاها إلى القاهرة عام 1884 بحثًا عن حرية الصحافة التي تعرضت في بيروت
لضغط السلطة العثمانية.
في هذا المناخ
العام ولدت دوريات علمية متخصصة أطلق بوادرها «المجمع العلمي المصري»،
الذي أنشأه نابليون بونابرت في القاهرة «للكشف عن الخصائص التاريخية والطبيعية
والعلمية في المجتمع». في عام 1878 أسّس الدكتور جورج بوست أول دورية
طبية هي مجلة «الطبيب» وفي الفترة نفسها أسس مسيو غوتييه مجلة «الحرير
المصري»، للبحث في تربية دودة الحرير ومعالجة المسائل المتعلقة بإنتاج
هذه الصناعة، وقبل نهاية القرن أحصت مجلة «الهلال» سنة صدورها عام 1884،
14 جريدة ومجلة في بيروت و 16 مطبوعة توقفت عن الصدور قبل ذلك العام،
كما أحصت وجود 147 مطبوعة عربية في أنحاء العالم منها دوريات متخصصة
بالطباعة والزراعة (راجع الملحق).
غير أن بعض
الباحثين يعتقدون أنه لا يمكن تطبيق تعريف الدوريات المتخصصة على هذه المطبوعات حيث إن
الكثير منها كان أقرب إلى الدوريات الثقافية أو العامة، مثل
المقتطف أو الهلال، فيما يؤكد آخرون أنه ينبغي وضعها في سياق عصرها، إذ إن «مقتضيات
المنهج العلمي تستدعي الحكم على دوريات هذه الفترة بمعايير زمنها»،
كما يذكر د.عبدالرحمن محفوظ في أطروحته عن الدوريات المتخصصة، «فإذا
نظرنا إليها بمنظور عصرها، لاكتشفنا أنها دوريات متخصصة، وإن كانت لا تهدف
إلى تطوير النشاط العلمي وإنما إلى تبسيطه وتلخيصه». ويضيف: «لم يكن
هناك فرق ملحوظ في تلك الآونة بين الدورية المتخصصة والدورية العامة،
فكثير من الدوريات التي تبدو لنا عامة كانت منظمة البنيان ومقسمة
الأبواب، مثلها مثل نظائرها المتخصصة، كما كانت تحرص على استكتاب
المتخصصين في المجالات التخصصية المختلفة، لذا يمكن تصنيف جزء كبير من دوريات هذه الفترة
تحت تسمية: «متخصصة ذات توجه عام».
ومن جانبه، يفيد
د. محمود صابر رئيس «لجنة الموسوعات والكتب العلمية المبسطة
بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، في تقييمه للدوريات العلمية: «لا توجد فكرة
كاملة عن مدى خضوع الدوريات العربية المتخصصة الصادرة في تلك
الفترة لنظام التحكيم، فلا توجد دورية واحدة صرحت بأنها محكمة أو أفادت
بشيء عن سياسة التحكيم أو معايير مستوى ما تقبله من نشر، أو نشرت قائمة
بأسماء محكمين تستعين بهم في تقييم المقالات».
هذا ما ينقلنا
إلى جدال آخر طرحه رجال العلم، متعلق بالقيمة العلمية للدوريات العلمية
وهو موضوع آني، إذ لم تعتمد الدوريات لأسباب لها علاقة بالمنهج
وبالميزانيات وبنقص المبادرة والوعي من جانب رجال العلم لدينا، هيئات مراقبة كافية للمادة
مثل وجود مجلس علمي أو هيئة استشارية علمية تسهم بانتقاء
المادة والتحقق من جودتها قبل نشرها». يقول د. محفوظ في أطروحته: «نادرًا
ما تكون هناك لجان لفحص المقالات العلمية المنشورة بالمجلات
المتوجهة إلى القارئ العام، والسبب أن الثقافة العلمية لم تتحول إلى موضوع يستوجب التحكيم
عند النشر».
ولعل هناك سببًا
آخر في انعدام التعامل الجدي مع المادة العلمية المنشورة، لا يفصح عنه بسهولة، هو وجود
حالة من التشكيك بفعالية الثقافة العلمية وبالمردود الذي
يمكن أن تقدمه، حين يتم إسقاطه على بنية غير مؤهلة، لذلك يقول د.يوسف مرسي
مستشار رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، «إن الأكاديمية التي
تأسست عام 1971 ولم تبدأ بالنشر إلا عام 1991، استغرقت طيلة عقدين من
الزمن في التساؤل عن «حقيقة وجود ما يسمى بالثقافة العلمية»، بعدها
بدأت التفكير بوسائل نشر هذه «الثقافة العلمية»، فأصدرت مجلة «العلم»
ومجلة «المستقبل».
العلم ودوريات القرن العشرين في محيط شائك
في بداية القرن
العشرين توسعت ظاهرة الصحافة والدوريات وانتقلت إلى بلاد المهجر بانتقال
بعض الأدباء والمفكرين إلى الولايات المتحدة، وبعض الدول الأوربية. في عام
1920 أسس نسيب عامر مجلة «الحرية» في الولايات المتحدة، وتلاه رشيد تقي
الدين وعباس أبو شقرا بتأسيس مجلة «البرهان»، وكذلك فريد غصن بتأسيس
«الفجر» وغيرهم كثيرون في الوطن العربي وبلدان المهجر. وقد اعتُبرت هذه الدوريات مجلات
علمية قياسًا على الدوريات الأدبية والدوريات الدينية الوعظية
إذ كتب فيها متخصصون «عالمون» وتلاقت مع أفكار النهضة والتحديث، وهي
أفكار وضعت العلم والحداثة مقابل الجهالة والتخلف، ومازالت هذه الأفكار تأخذ الألباب
إلى يومنا هذا، كما سنرى في محور «الثقافة العلمية».
في الربع الثاني
من القرن العشرين بلغ عدد الدوريات العلمية المتخصصة في الوطن العربي 184
دورية متفاوتة الاستمرار والانقطاع أحصاها «الدليل الشامل للدوريات
الجارية الصادرة في الوطن العربي. وقد كانت في غالبيتها دوريات مترجمة
بسيطة أو مدونات لمحاضرات وتقارير أو أنشطة جمعيات علمية ومؤسسات حكومية
وقد توزعت هذه الدوريات كما يلي:
- الزراعة 71 دورية.
- الطب 71 دورية.
- العلوم الطبيعية
17 دورية.
- الهندسة
والصناعات 11 دورية.
- العلوم والتقنية
14 دورية.
لبّت هذه الدوريات
احتياجات فئات قليلة العدد، وأغراضا محدودة مرتبطة بالجاليات
الأجنبية. ولم تبدأ الدوريات المتخصصة الدخول إلى نسيج المجتمعات
العربية قبل الربع الثالث من القرن العشرين، حين نالت الدول العربية استقلالها السياسي،
وبدأت تبني جامعاتها ومؤسساتها. حينذاك أخذت الدوريات العلمية
المتخصصة تلبي احتياجات بعض الفئات من النسيج الاجتماعي العربي، وقد دعم
هذا الاتجاه تبني بعض الدول العربية تعريب البرامج والمناهج
التعليمية، فنشأت دوريات متخصصة بالعلوم الطبيعية والفيزياء والهندسة وغيرها، أعدّها
أساتذة الجامعات لتلامذتهم. وقد أعدّ «المجلس العربي للدراسات
العليا والبحث العلمي» دليلاً بالدوريات الأكاديمية الصادرة عن
الجامعات في الوطن العربي، إنما لم يستطع هذا الدليل، الصادر عام 1996، وأعيد تحديثه عام
1999، أن يقدّم إحصاء دقيقًا للدوريات الأكاديمية
والعلمية وظلت معلوماته ناقصة يعوزها التنسيق.
والحال أن
إحصاءات المراكز الأخرى ليست أفضل حالا، «فالشبكة القومية للمعلومات» تولّت إحصاء
الدوريات العلمية الصادرة في الوطن العربي التي طابقت «معايير
الترقيم الدولي»، إنما لم تقم بتنسيق هذه الدوريات. كما أن «مركز التوثيق والإعلام» الذي تولى توثيق الدوريات العلمية في
العراق ودول الخليج العربي،
لم يقم بعمله وفقًا للقواعد المتبعة في هذا المجال، فلم يقم بتنسيق
الدوريات وفق اختصاصاتها، أو بفصل الدوريات العلمية عن الدوريات الأخرى.
وفي هذا الخصوص يستخلص د. فراج: «يتسم الضبط الوراقي لأوعية المعلومات
العربية في أشكالها المختلفة بالقصور الشديد، ويمكن القول بصفة عامة
إن المجتمعات العربية مجتمعات منغلقة وراقيًا».
على الرغم من هذه
الفوضى الوراقية أحصت داليا عبدالستار الحلوجي، 133 دورية علمية
عربية على «الشبكة القومية للمعلومات». وهي دوريات تجمع بين مطبوعات البنوك والكليات
والاتحادات، وبين تخصصات العلوم الإنسانية والعلوم
التطبيقية. كما أحصت 535 دورية علمية باللغات الأجنبية في الوطن العربي يغلب عليها التخصص
العلمي دون أن يمنع اختلاطها بدوريات وكتب الاتحادات
الصناعية والجمعيات. كما سجلت 221 جهة وهيئة لإصدار الدوريات تتوزع بين الجمعيات العلمية
والمؤسسات الصحفية والشركات والسفارات والهيئات الدولية
والحكومية. غير أن سجل «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» في
القاهرة يقتصر على تصنيف 49 دورية عربية في باب «علوم بحتة وتطبيقية» منها 12 دورية عربية
في العلوم التطبيقية فضلاً عن 37 دورية بلغات أجنبية،
منها 34 في مجال العلوم التطبيقية.
أما دوافع نشأة
هذه الدوريات فعديدة، أبرزها إدراك أهمية الدوريات في نظام الاتصال العلمي، من جانب
رجال علم وصحافة تأثروا وأعجبوا بثورة التكنولوجيا في
الغرب فشاءوا نقل هذه المعارف، أو أيضًا لما تمثله الدورية من وعاء وقناة اتصال تصلح
لتدوين محاضرات أعضاء الهيئات الأكاديمية، أو أطروحات
المشتغلين في الجامعات من أساتذة وطلاب، أو لتغطية أنشطة جمعية علمية، أو تسجيل تقارير
بإنجازات مؤسسة حكومية، أو لتقديم إرشادات أيضًا. من بين الدوافع
أيضًا الحاجة إلى دوريات تبسيط العلوم وهو هاجس قديم وجديد فأول مجلة من هذا النوع رأت
النور عام 1895، مثل مجلة «طبيب العائلة» لصاحبها الفريد
عيد الذي يقول عن مجلته «إن التقدم لايزال محصورًا في خواص الأمة المصرية. بخلاف باقي
الطبقات الأخرى فإنها بمعزل كلي عن الطبيب والتطبيب. فلا
أقل لهذه الطوائف العديدة من الإلمام بنشرة هلالية أو أسبوعية يعول
عليها ويرجع إليها في مداواة ما يعرض للأجسام». من الدوافع أيضًا أن يكون للدورية
وظيفة، مثل الإرشاد الزراعي للفلاحين، أو توقع زيادة ناتج
اقتصادي من النشاط العلمي للدورية، مثل مجلة الحرير المصري التي استهدفت البحث في شئون
تربية الحرير ومعالجة المسائل المتعلقة بإنتاج هذه الصناعة.
يبدو أن هيئات
الإحصاء العربية لم تستطع تسجيل وتأريخ الدوريات العلمية التي صدرت في
الوطن العربي، في النصف الثاني من القرن العشرين لسببين:
1 - أن هذه الهيئات
اعتمدت على التسجيل الإداري للدوريات، ولم تحصل عليها بالاشتراك أو
بالشراء من السوق، فضلاً عن ذلك لم تجد ضرورة في تنسيق الدوريات
وتبويبها حسب قواعد المحفوظات المكتبية.
2 - أن الدوريات
العلمية في الوطن العربي فاقت حدود الحصر والإحصاء دليلا على كثرة
المبادرات، إنما لم تحافظ على التسلسل والاستمرار لمدة طويلة وهي بغالبيتها الساحقة تحتجب عن
الصدور في محيط شائك، ولا يبقى منها غير الدوريات الصادرة
عن المؤسسات الصحفية الكبيرة، أو المؤسسات الدولية والهيئات الحكومية
وبعض دور النشر.
والحال أن
المهتمين «بالثقافة العلمية» يؤكدون أن العقدين الأخيرين من القرن العشرين شهدا فورة من
إصدار الدوريات العلمية المتقطعة في أبواب النفط والمصارف
والطب والعلوم التطبيقية والصحة، ثم لاحقًا في أبواب علوم الكمبيوتر والتكنولوجيا
وعلوم البيئة، مثل «علم وعالم» اللبنانية، و«العلم»
المصرية، و«العلوم والتكنولوجيا»، و«التقدم العلمي» الكويتيتين، و«الفيصل العلمي» والخفجي
السعوديتين. كما تستمر مختلف أقسام كليات العلوم بإصدار مجلاتها
وهي محدودة الانتشار وأشبه بنشرة داخلية، إلا أن وجودها ضروري سواء
كوسيلة اتصال بين المختصين، وبينهم وبين طلابهم. ولكن هذه الدوريات لا تحظى بميزانيات
كافية ولا بهيئات متفرغة تخولها تطوير أدواتها، ولعب
دورها في تداول المعرفة وتبادل نتائج الأبحاث العلمية مع الكليات الأخرى
في الوطن العربي، أو حتى في داخل البلد الواحد.
في مجال البيئة،
شهد العام الحالي ظهور أكثر من 4 مجلات بيئية جديدة دفعة واحدة، وهو
اهتمام مستجد بعد أن كان هذا المجال مقصورًا لفترة طويلة على مجلة واحدة أو مجلتين.
فتعداد مجلات البيئة في المنطقة العربية منخفض بشكل لافت، حيث لا
يزيد على عشر مجلات تقريبا متناثرة في أرجاء 22 دولة. وهذا يعني أن هناك عددًا كبيرًا
من الدول العربية، لا تعرف صحافتها معنى «البيئة»، ولا
تخرج منها أي إصدارات بيئية، ومن تلك الدول على سبيل المثال، مصر.
أكثر هذه المجلات شيوعًا، هي مجلتا «البيئة والتنمية» في لبنان و«الوضيحي»
في السعودية، وهذا يعود لعدة أسباب أهمها الدعم المالي، الذي يسمح
بالترويج المرئي، وسياسة ناجحة في التوزيع، وربط الأواصر مع المؤسسات التعليمية، ولكن
أيضًا الإعلان الذي نأخذ على بعضه تغاضيه عن أغراض المجلات في
خدمة أهداف البيئة، ونضيف إلى القائمة مجلة بدائل الفصلية في لبنان
التي تتميز بمعالجة ملفات حيوية مثل المياه والزراعة والنفط وأثر
سياسات العولمة في البيئة والاقتصاد، وتتحصن بهيئة استشارية واسعة عربية وغربية،
بالتعاون مع «ذي إيكولوجيست» البريطانية.
ومن الملاحظ توجه
عدد من المجلات الثقافية العامة، وإن تكن قليلة جدًا، إلى تخصيص باب
منتظم وثابت لتناول قضايا علمية، ومن أبرز تلك المجلات مجلة «العربي» الكويتية، التي تهتم بالبيئة أيضًا حيث تواظب على
إصدار باب باسم «الإنسان والبيئة»، ومجلة
«القافلة» السعودية التي تصدر بابًا باسم «علوم وبيئة». أما
الصحف العربية المهتمة بالشأن العلمي والبيئي، فهي محدودة للغاية، قياسًا لإجمالي مئات
الصحف العربية الصادرة حاليًا، من هنا يمكن حصر أبرز الصحف
العربية التي تفرد صفحات متخصصة وهي الأهرام القاهرية، والنهار
اللبنانية، والحياة اللندنية، والجزيرة السعودية، وتشرين والعروبة السوريتان، والشرق القطرية،
والقبس الكويتية والخليج الإماراتية، والأيام البحرينية،
والدستور الأردنية.
ومازالت السنوات
القليلة الماضية تسجل إصدارات جديدة واحتجاب دوريات سالفة. يرتبط
مستوى هذه الإصدارات بصفة عامة بالإمكانات المهنية والمادية المتاحة، أكثر مما يرتبط
بالمعايير الحرفية المطلوبة، ولعل هذا ما يفسر ضعف مستواها،
ومحدودية توزيعها، مع تعثر صدورها في أحيان كثيرة. ويكاد يجمع أصحاب
المبادرات غير المدعومة على أن غياب «الثقافة العلمية» في المجتمعات العربية يفضي إلى
احتجاب الدورية بعد فترة قصيرة من إصدارها، وهم لا يعدمون
وسيلة في جمع الشواهد والأدلة على انتشار الأميّة والخرافات والجهل وكذلك العوائق
الأساسية الأخرى كالدعم والتشجيع وهي تبدو أدلة دامغة، إنما لا
تمثل إلا نصف الحقيقة التي يعيق عدم رؤية نصفها الآخر البحث في حلول
منطقية. فالدورية العلمية تواجه معوقات كثيرة تحول دون وصولها إلى
المهتمين بالاطلاع عليها من الذين تجاوزوا الأمية والخرافات.
إشكالية نشر الثقافة العلمية في الوطن العربي
أ. ليلى
غانم
تسعى هذه الدراسة
إلى معالجة موضوعها في ثلاثة محاور متكاملة في المنهج.
فالدوريات
العلمية الصادرة في الوطن العربي تعاني محدودية الإقبال والانتشار وهي
بمجملها أسيرة ما يصطلح على تسميته «غياب الثقافة العلمية» وهو المحور الأهم الذي تتناوله الدراسة من خلال رؤية نقدية
لمعتقدات خبراء نشر الثقافة
العلمية في الوطن العربي آملة إثارة حوار هادئ في فلسفة منقولة من حقول
المجتمعات الصناعية إلى مجتمعات ريفية - ريعية. وقد أفضت هذه الفلسفة إلى
شلل الطاقات في المجتمعات العربية، وإلى نشأة «ثقافة علمية» غيبية
تعيد إنتاج نفسها بالإحباط والتحسر على الواقع العربي. يحدو بنا هذا الأمر إلى البحث في
المحور الثالث عن حلول وبدائل فكرية وعملية لإعادة البناء،
وهي عملية تتحدد فيها المسئوليات وتشترك بها قطاعات واسعة وفئات اجتماعية تلبّي لها
الثقافة العلمية احتياجات مهنية ومعيشية، ويضمن لها تطوير
التقنيات استقرارها ومستقبلها.
توطئة في صعوبات البحث
يفتح هذا الموضوع
أكثر من ملف على مصراعيه، ملفات التعليم والإعلام والتاريخ
والتوثيق والبحث العلمي، ملفات تخص الماضي، والحاضر والمستقبل. وللحق بدت لنا مهمة دراسة تاريخ الدوريات العلمية العربية
شائكة منذ البداية،
فالموضوع لم يستحق حتى الآن دراسة متفردة، كما أن مادته مبعثرة لم تحصر من قبل. وتكتشف حين
تنتقل بين مكتبات القاهرة وبيروت أن المهمة شبه مستحيلة!
فكيف يمكن لدراسة عارضة أن تجمع شتات موضوع يطمح لتغطية فترة تاريخية تزيد على قرن ومنطقة
جغرافية مترامية، دون الاستناد إلى التوثيق، وهو المدماك الذي
لا نستطيع أن نسد صدوعه بالرؤية الشخصية أو المعارف المتعاونة، فنحن
أمام تواريخ تشير إلى وقائع محددة هي صدور تلك الدورية بذاك الاسم أو
نفي صدورها، وأمام أرقام تتناقض بين مرجع وآخر؟
ونتساءل: لماذا
لم يسبق أن لقي هذا الموضوع عناية من جهة عربية،مثل منظمة التربية للثقافة والعلوم
التابعة للجامعة العربية، أو مراكز التوثيق مثل مركز التوثيق
والإعلام الذي كان مقره بغداد، وكان يختص بالتوثيق في منطقة العراق والخليج، أو كليات
الإعلام أو العلوم، وهي كلها مصادر ليست متاحة في مكان واحد،
وحتى مواقعها على شبكة المعلومات الدولية ليست كاملة الفعالية أو غير
متاحة على الإطلاق في بعض أجزائها.
من هنا وهناك تجد
دليلاً تم العمل فيه بجد ثم توقف مثل مركز التوثيق والإعلام
العراقي، وتجد آخر لا يتيح لك معلوماته، وتجد ثالثًا - مثل الشبكة القومية للمعلومات في
مصر - تزعم أنها لا تدرج في دليلها إلا الدوريات العلمية
التي طابقت معايير الترقيم الدولي دون غيرها مما صدر وتوزع،بينما يحوي
دليلها كمًا مختلطًا من الدوريات التي سجلت عشوائيًا ودون معيار موحد،
كما تبين الجداول المرفقة بالبحث.
أما الدراسات
الأكاديمية النادرة التي وقعنا عليها - رسائل الماجستير والدكتوراه -
فإنها تجمع في تعدادها بين دوريات العلوم البحتة والتطبيقية والدوريات التي تبدو قابلة
للتداول بين الجمهور غير المتخصص، وهي لا تورد، على كل، إحصاءات
بالدوريات الصادرة.
اختلاف المعايير
والجهات كان عائقًا أمام رسم صورة كاملة وواضحة للدوريات العلمية العربية،
كما لدوريات الثقافة العلمية الموجهة لجمهور غير متخصص. جهات الإحصاء
تختلف أيضًا في وجهات نظرها، فشبكة المعلومات القومية التابعة
لأكاديمية البحث العلمي تورد على قوائمها المجلات والمطبوعات العربية والإنجليزية التي
استطاعت الحصول على الترقيم الدولي عبر الشبكة المصرية، ولا
تورد غيرها من الدوريات أو المطبوعات حتى لو كانت حاصلة على هذا الترقيم من جهة خارج
مصر. هذا عدا أنها لا تفرق في إحصائياتها بين دوريات العلوم
البحتة والتطبيقية ودوريات الثقافة العامة.
بعض هذه الدوريات
معروفة في بلد دون سواه، وبعضها غير معروف في بلده نفسه حتى للمتخصصين في
الثقافة العلمية من الأساتذة. ففي شهادة لأحدهم (وهو من سكان القاهرة)
اعترف أنه لم يسمع بمجلة «المستقبل» الصادرة عن المركز القومي للبحوث في
مصر، ولا مجلة «العلم» الصادرة عن أكاديمية البحث العلمي، فكيف
بالقارئ العادي الذي يشتري المجلة من باعة الصحف الذين يعرضونها على
أرصفة شوارع المدن؟
كان من المتوقع
في ظل التطوير التقني الذي تعيشه مصر منذ عقد على الأقل أن تكون المادة الإحصائية لهذا
البحث متوافرة عبر عدد من الجهات التي يناط بها الاهتمام
بالثقافة العلمية مثل أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا التي تضم في هيكلها التنظيمي
لجانًا متخصصة في الثقافة العلمية وتصدر مجلة العلم، أو مثل
المجلس الأعلى للثقافة، ولديه أيضًا لجنة متخصصة في الثقافة العلمية ناشطة في عقد
الندوات والمؤتمرات والنشر مثل كتاب «الثقافة العلمية». ووجود
اللجنة الوطنية لليونسكو التي تصدر المجلة العربية للعلوم والمعلومات. ومع ذلك فإن هذه
الجهات لم تول اهتمامًا بالدوريات العلمية ولا بتاريخها،
ولم يمكن بالمحصلة إحصاء عدد دوريات الثقافة العلمية الصادرة في مصر
بصورة دقيقة.
هذا التدهور في
مستوى أعمال التوثيق يعكس بكل تأكيد واقع الثقافة العلمية ويعكس تدني مستوى الأداء على
كل المستويات، وهدر الطاقات. يوجد في مصر حسب تقدير لأحد
الأساتذة العاملين في نشر الثقافة العلمية، 100 ألف باحث، يعملون بالجامعات الحكومية
أو الخاصة، أو بمراكز البحوث كبيرة العدد. فكيف نفسر التناقض
المفزع بين العدد الكبير لهؤلاء الباحثين والتدهور الكبير في مستوى انتشار الثقافة
العلمية، أو التفكير العلمي؟
لابد أن نسجل أن
هناك إحساسًا واضحًا من بعض هذه الجهات بتدهور مستوى الثقافة العلمية،
وأن جهودًا تبذل لتدارك هذا الوضع، وربما تكون الاستراتيجية
العربية لنشر الثقافة العلمية على رأس الجهود النظرية الواضحة في هذا
المجال، وهي نتاج جهد عربي لعدد كبير من الأساتذة والمختصين في
العلوم، وتمت برعاية المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.
إن الأهداف التي
وضعتها الاستراتيجية تكاد تشمل كل جوانب الأزمة، إلا أن كثيرًا منها
يجافي جوهر الأوضاع العربية، وتعمل كل منهما جاهدة ضد الأخرى، فكيف نجمع مثلاً في معادلة
واحدة بين تنمية قدرات المواطن العربي على الإدراك العلمي
السليم وتنمية قدراته وممارساته للنقد البنّاء وبين القوانين المقيدة
للحريات. ومن غريب الأهداف في الاستراتيجية أن يأتي الأمن العلمي في
نهاية هذه الأهداف، والذي يتمثل في قدرة المجتمع على اكتساب وإنتاج
المعرفة العلمية والتقانات الحديثة وتنمية الإمكانات للتطوير، وتأسيس
آليات قادرة على توظيف المعارف بحيوية، والأهم في ظل التشبث بعبثية
الخيارات السياسية والتنموية، التي كان أثرها مدمرًا على مجتمعاتنا، وهذا
ما سنعالجه في الجزء الثاني من الدراسة.
الدوريات العلمية
الدورية هي بحسب
قواعد الفهرسة الأنجلو - أمريكية، مطبوعة تصدر بوسيط ما، في أجزاء متتابعة
وتحمل مؤشرات رقمية أو زمنية يُقصد بها الاستمرار. ويشمل هذا التعريف
النشرات والصحف والمجلات والحوليات وسلاسل الكتب الدورية، وكذلك التقارير ومحاضر
الاجتماعات المنتظمة والنشرات الرسمية وأعمال الجمعيات.. إلخ،
إنما لا يتفق الأوربيون مع هذه القواعد ويستثنون منها الصحف اليومية
والحوليات ومحاضر الاجتماعات والتقارير وهي استثناءات تتفق مع ما هو متعارف عليه في
الوطن العربي.
نشأت الدوريات
العربية في غمرة انتشار الصحافة في القرن التاسع عشر. فمنذ إنشاء صحيفة «التنبيه عام
1800 إثر احتلال نابليون لمصر، توالت ولادة الصحافة في
القاهرة وبيروت واسطنبول.. وأخذت تشكّل ظاهرة في نقل المعرفة وإثارة الاهتمام في الشأن
العام. في عام 1828 أنشأ محمد علي باشا «الوقائع المصرية» التي
حرر فيها رفاعة الطهطاوي وأثار تساؤلاته المعروفة عن نقل العلم و«الثقافة
العلمية». في العقدين التاليين ولدت صحافة بإشكالات قامت بدور مؤثر في
بلورة أفكار «النهضة العربية» وانشغلت مليًا بإشكالات «التحديث» ونقل
العلم: إثر ذلك وفي عام 1936 نشأت أقدم دورية علمية - أدبية في الوطن
العربي هي مجلة «المقتطف» قام بتأسيسها يعقوب صروف وفارس نمر في بيروت ثم
نقلاها إلى القاهرة عام 1884 بحثًا عن حرية الصحافة التي تعرضت في بيروت
لضغط السلطة العثمانية.
في هذا المناخ
العام ولدت دوريات علمية متخصصة أطلق بوادرها «المجمع العلمي المصري»،
الذي أنشأه نابليون بونابرت في القاهرة «للكشف عن الخصائص التاريخية والطبيعية
والعلمية في المجتمع». في عام 1878 أسّس الدكتور جورج بوست أول دورية
طبية هي مجلة «الطبيب» وفي الفترة نفسها أسس مسيو غوتييه مجلة «الحرير
المصري»، للبحث في تربية دودة الحرير ومعالجة المسائل المتعلقة بإنتاج
هذه الصناعة، وقبل نهاية القرن أحصت مجلة «الهلال» سنة صدورها عام 1884،
14 جريدة ومجلة في بيروت و 16 مطبوعة توقفت عن الصدور قبل ذلك العام،
كما أحصت وجود 147 مطبوعة عربية في أنحاء العالم منها دوريات متخصصة
بالطباعة والزراعة (راجع الملحق).
غير أن بعض
الباحثين يعتقدون أنه لا يمكن تطبيق تعريف الدوريات المتخصصة على هذه المطبوعات حيث إن
الكثير منها كان أقرب إلى الدوريات الثقافية أو العامة، مثل
المقتطف أو الهلال، فيما يؤكد آخرون أنه ينبغي وضعها في سياق عصرها، إذ إن «مقتضيات
المنهج العلمي تستدعي الحكم على دوريات هذه الفترة بمعايير زمنها»،
كما يذكر د.عبدالرحمن محفوظ في أطروحته عن الدوريات المتخصصة، «فإذا
نظرنا إليها بمنظور عصرها، لاكتشفنا أنها دوريات متخصصة، وإن كانت لا تهدف
إلى تطوير النشاط العلمي وإنما إلى تبسيطه وتلخيصه». ويضيف: «لم يكن
هناك فرق ملحوظ في تلك الآونة بين الدورية المتخصصة والدورية العامة،
فكثير من الدوريات التي تبدو لنا عامة كانت منظمة البنيان ومقسمة
الأبواب، مثلها مثل نظائرها المتخصصة، كما كانت تحرص على استكتاب
المتخصصين في المجالات التخصصية المختلفة، لذا يمكن تصنيف جزء كبير من دوريات هذه الفترة
تحت تسمية: «متخصصة ذات توجه عام».
ومن جانبه، يفيد
د. محمود صابر رئيس «لجنة الموسوعات والكتب العلمية المبسطة
بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، في تقييمه للدوريات العلمية: «لا توجد فكرة
كاملة عن مدى خضوع الدوريات العربية المتخصصة الصادرة في تلك
الفترة لنظام التحكيم، فلا توجد دورية واحدة صرحت بأنها محكمة أو أفادت
بشيء عن سياسة التحكيم أو معايير مستوى ما تقبله من نشر، أو نشرت قائمة
بأسماء محكمين تستعين بهم في تقييم المقالات».
هذا ما ينقلنا
إلى جدال آخر طرحه رجال العلم، متعلق بالقيمة العلمية للدوريات العلمية
وهو موضوع آني، إذ لم تعتمد الدوريات لأسباب لها علاقة بالمنهج
وبالميزانيات وبنقص المبادرة والوعي من جانب رجال العلم لدينا، هيئات مراقبة كافية للمادة
مثل وجود مجلس علمي أو هيئة استشارية علمية تسهم بانتقاء
المادة والتحقق من جودتها قبل نشرها». يقول د. محفوظ في أطروحته: «نادرًا
ما تكون هناك لجان لفحص المقالات العلمية المنشورة بالمجلات
المتوجهة إلى القارئ العام، والسبب أن الثقافة العلمية لم تتحول إلى موضوع يستوجب التحكيم
عند النشر».
ولعل هناك سببًا
آخر في انعدام التعامل الجدي مع المادة العلمية المنشورة، لا يفصح عنه بسهولة، هو وجود
حالة من التشكيك بفعالية الثقافة العلمية وبالمردود الذي
يمكن أن تقدمه، حين يتم إسقاطه على بنية غير مؤهلة، لذلك يقول د.يوسف مرسي
مستشار رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، «إن الأكاديمية التي
تأسست عام 1971 ولم تبدأ بالنشر إلا عام 1991، استغرقت طيلة عقدين من
الزمن في التساؤل عن «حقيقة وجود ما يسمى بالثقافة العلمية»، بعدها
بدأت التفكير بوسائل نشر هذه «الثقافة العلمية»، فأصدرت مجلة «العلم»
ومجلة «المستقبل».
العلم ودوريات القرن العشرين في محيط شائك
في بداية القرن
العشرين توسعت ظاهرة الصحافة والدوريات وانتقلت إلى بلاد المهجر بانتقال
بعض الأدباء والمفكرين إلى الولايات المتحدة، وبعض الدول الأوربية. في عام
1920 أسس نسيب عامر مجلة «الحرية» في الولايات المتحدة، وتلاه رشيد تقي
الدين وعباس أبو شقرا بتأسيس مجلة «البرهان»، وكذلك فريد غصن بتأسيس
«الفجر» وغيرهم كثيرون في الوطن العربي وبلدان المهجر. وقد اعتُبرت هذه الدوريات مجلات
علمية قياسًا على الدوريات الأدبية والدوريات الدينية الوعظية
إذ كتب فيها متخصصون «عالمون» وتلاقت مع أفكار النهضة والتحديث، وهي
أفكار وضعت العلم والحداثة مقابل الجهالة والتخلف، ومازالت هذه الأفكار تأخذ الألباب
إلى يومنا هذا، كما سنرى في محور «الثقافة العلمية».
في الربع الثاني
من القرن العشرين بلغ عدد الدوريات العلمية المتخصصة في الوطن العربي 184
دورية متفاوتة الاستمرار والانقطاع أحصاها «الدليل الشامل للدوريات
الجارية الصادرة في الوطن العربي. وقد كانت في غالبيتها دوريات مترجمة
بسيطة أو مدونات لمحاضرات وتقارير أو أنشطة جمعيات علمية ومؤسسات حكومية
وقد توزعت هذه الدوريات كما يلي:
- الزراعة 71 دورية.
- الطب 71 دورية.
- العلوم الطبيعية
17 دورية.
- الهندسة
والصناعات 11 دورية.
- العلوم والتقنية
14 دورية.
لبّت هذه الدوريات
احتياجات فئات قليلة العدد، وأغراضا محدودة مرتبطة بالجاليات
الأجنبية. ولم تبدأ الدوريات المتخصصة الدخول إلى نسيج المجتمعات
العربية قبل الربع الثالث من القرن العشرين، حين نالت الدول العربية استقلالها السياسي،
وبدأت تبني جامعاتها ومؤسساتها. حينذاك أخذت الدوريات العلمية
المتخصصة تلبي احتياجات بعض الفئات من النسيج الاجتماعي العربي، وقد دعم
هذا الاتجاه تبني بعض الدول العربية تعريب البرامج والمناهج
التعليمية، فنشأت دوريات متخصصة بالعلوم الطبيعية والفيزياء والهندسة وغيرها، أعدّها
أساتذة الجامعات لتلامذتهم. وقد أعدّ «المجلس العربي للدراسات
العليا والبحث العلمي» دليلاً بالدوريات الأكاديمية الصادرة عن
الجامعات في الوطن العربي، إنما لم يستطع هذا الدليل، الصادر عام 1996، وأعيد تحديثه عام
1999، أن يقدّم إحصاء دقيقًا للدوريات الأكاديمية
والعلمية وظلت معلوماته ناقصة يعوزها التنسيق.
والحال أن
إحصاءات المراكز الأخرى ليست أفضل حالا، «فالشبكة القومية للمعلومات» تولّت إحصاء
الدوريات العلمية الصادرة في الوطن العربي التي طابقت «معايير
الترقيم الدولي»، إنما لم تقم بتنسيق هذه الدوريات. كما أن «مركز التوثيق والإعلام» الذي تولى توثيق الدوريات العلمية في
العراق ودول الخليج العربي،
لم يقم بعمله وفقًا للقواعد المتبعة في هذا المجال، فلم يقم بتنسيق
الدوريات وفق اختصاصاتها، أو بفصل الدوريات العلمية عن الدوريات الأخرى.
وفي هذا الخصوص يستخلص د. فراج: «يتسم الضبط الوراقي لأوعية المعلومات
العربية في أشكالها المختلفة بالقصور الشديد، ويمكن القول بصفة عامة
إن المجتمعات العربية مجتمعات منغلقة وراقيًا».
على الرغم من هذه
الفوضى الوراقية أحصت داليا عبدالستار الحلوجي، 133 دورية علمية
عربية على «الشبكة القومية للمعلومات». وهي دوريات تجمع بين مطبوعات البنوك والكليات
والاتحادات، وبين تخصصات العلوم الإنسانية والعلوم
التطبيقية. كما أحصت 535 دورية علمية باللغات الأجنبية في الوطن العربي يغلب عليها التخصص
العلمي دون أن يمنع اختلاطها بدوريات وكتب الاتحادات
الصناعية والجمعيات. كما سجلت 221 جهة وهيئة لإصدار الدوريات تتوزع بين الجمعيات العلمية
والمؤسسات الصحفية والشركات والسفارات والهيئات الدولية
والحكومية. غير أن سجل «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» في
القاهرة يقتصر على تصنيف 49 دورية عربية في باب «علوم بحتة وتطبيقية» منها 12 دورية عربية
في العلوم التطبيقية فضلاً عن 37 دورية بلغات أجنبية،
منها 34 في مجال العلوم التطبيقية.
أما دوافع نشأة
هذه الدوريات فعديدة، أبرزها إدراك أهمية الدوريات في نظام الاتصال العلمي، من جانب
رجال علم وصحافة تأثروا وأعجبوا بثورة التكنولوجيا في
الغرب فشاءوا نقل هذه المعارف، أو أيضًا لما تمثله الدورية من وعاء وقناة اتصال تصلح
لتدوين محاضرات أعضاء الهيئات الأكاديمية، أو أطروحات
المشتغلين في الجامعات من أساتذة وطلاب، أو لتغطية أنشطة جمعية علمية، أو تسجيل تقارير
بإنجازات مؤسسة حكومية، أو لتقديم إرشادات أيضًا. من بين الدوافع
أيضًا الحاجة إلى دوريات تبسيط العلوم وهو هاجس قديم وجديد فأول مجلة من هذا النوع رأت
النور عام 1895، مثل مجلة «طبيب العائلة» لصاحبها الفريد
عيد الذي يقول عن مجلته «إن التقدم لايزال محصورًا في خواص الأمة المصرية. بخلاف باقي
الطبقات الأخرى فإنها بمعزل كلي عن الطبيب والتطبيب. فلا
أقل لهذه الطوائف العديدة من الإلمام بنشرة هلالية أو أسبوعية يعول
عليها ويرجع إليها في مداواة ما يعرض للأجسام». من الدوافع أيضًا أن يكون للدورية
وظيفة، مثل الإرشاد الزراعي للفلاحين، أو توقع زيادة ناتج
اقتصادي من النشاط العلمي للدورية، مثل مجلة الحرير المصري التي استهدفت البحث في شئون
تربية الحرير ومعالجة المسائل المتعلقة بإنتاج هذه الصناعة.
يبدو أن هيئات
الإحصاء العربية لم تستطع تسجيل وتأريخ الدوريات العلمية التي صدرت في
الوطن العربي، في النصف الثاني من القرن العشرين لسببين:
1 - أن هذه الهيئات
اعتمدت على التسجيل الإداري للدوريات، ولم تحصل عليها بالاشتراك أو
بالشراء من السوق، فضلاً عن ذلك لم تجد ضرورة في تنسيق الدوريات
وتبويبها حسب قواعد المحفوظات المكتبية.
2 - أن الدوريات
العلمية في الوطن العربي فاقت حدود الحصر والإحصاء دليلا على كثرة
المبادرات، إنما لم تحافظ على التسلسل والاستمرار لمدة طويلة وهي بغالبيتها الساحقة تحتجب عن
الصدور في محيط شائك، ولا يبقى منها غير الدوريات الصادرة
عن المؤسسات الصحفية الكبيرة، أو المؤسسات الدولية والهيئات الحكومية
وبعض دور النشر.
والحال أن
المهتمين «بالثقافة العلمية» يؤكدون أن العقدين الأخيرين من القرن العشرين شهدا فورة من
إصدار الدوريات العلمية المتقطعة في أبواب النفط والمصارف
والطب والعلوم التطبيقية والصحة، ثم لاحقًا في أبواب علوم الكمبيوتر والتكنولوجيا
وعلوم البيئة، مثل «علم وعالم» اللبنانية، و«العلم»
المصرية، و«العلوم والتكنولوجيا»، و«التقدم العلمي» الكويتيتين، و«الفيصل العلمي» والخفجي
السعوديتين. كما تستمر مختلف أقسام كليات العلوم بإصدار مجلاتها
وهي محدودة الانتشار وأشبه بنشرة داخلية، إلا أن وجودها ضروري سواء
كوسيلة اتصال بين المختصين، وبينهم وبين طلابهم. ولكن هذه الدوريات لا تحظى بميزانيات
كافية ولا بهيئات متفرغة تخولها تطوير أدواتها، ولعب
دورها في تداول المعرفة وتبادل نتائج الأبحاث العلمية مع الكليات الأخرى
في الوطن العربي، أو حتى في داخل البلد الواحد.
في مجال البيئة،
شهد العام الحالي ظهور أكثر من 4 مجلات بيئية جديدة دفعة واحدة، وهو
اهتمام مستجد بعد أن كان هذا المجال مقصورًا لفترة طويلة على مجلة واحدة أو مجلتين.
فتعداد مجلات البيئة في المنطقة العربية منخفض بشكل لافت، حيث لا
يزيد على عشر مجلات تقريبا متناثرة في أرجاء 22 دولة. وهذا يعني أن هناك عددًا كبيرًا
من الدول العربية، لا تعرف صحافتها معنى «البيئة»، ولا
تخرج منها أي إصدارات بيئية، ومن تلك الدول على سبيل المثال، مصر.
أكثر هذه المجلات شيوعًا، هي مجلتا «البيئة والتنمية» في لبنان و«الوضيحي»
في السعودية، وهذا يعود لعدة أسباب أهمها الدعم المالي، الذي يسمح
بالترويج المرئي، وسياسة ناجحة في التوزيع، وربط الأواصر مع المؤسسات التعليمية، ولكن
أيضًا الإعلان الذي نأخذ على بعضه تغاضيه عن أغراض المجلات في
خدمة أهداف البيئة، ونضيف إلى القائمة مجلة بدائل الفصلية في لبنان
التي تتميز بمعالجة ملفات حيوية مثل المياه والزراعة والنفط وأثر
سياسات العولمة في البيئة والاقتصاد، وتتحصن بهيئة استشارية واسعة عربية وغربية،
بالتعاون مع «ذي إيكولوجيست» البريطانية.
ومن الملاحظ توجه
عدد من المجلات الثقافية العامة، وإن تكن قليلة جدًا، إلى تخصيص باب
منتظم وثابت لتناول قضايا علمية، ومن أبرز تلك المجلات مجلة «العربي» الكويتية، التي تهتم بالبيئة أيضًا حيث تواظب على
إصدار باب باسم «الإنسان والبيئة»، ومجلة
«القافلة» السعودية التي تصدر بابًا باسم «علوم وبيئة». أما
الصحف العربية المهتمة بالشأن العلمي والبيئي، فهي محدودة للغاية، قياسًا لإجمالي مئات
الصحف العربية الصادرة حاليًا، من هنا يمكن حصر أبرز الصحف
العربية التي تفرد صفحات متخصصة وهي الأهرام القاهرية، والنهار
اللبنانية، والحياة اللندنية، والجزيرة السعودية، وتشرين والعروبة السوريتان، والشرق القطرية،
والقبس الكويتية والخليج الإماراتية، والأيام البحرينية،
والدستور الأردنية.
ومازالت السنوات
القليلة الماضية تسجل إصدارات جديدة واحتجاب دوريات سالفة. يرتبط
مستوى هذه الإصدارات بصفة عامة بالإمكانات المهنية والمادية المتاحة، أكثر مما يرتبط
بالمعايير الحرفية المطلوبة، ولعل هذا ما يفسر ضعف مستواها،
ومحدودية توزيعها، مع تعثر صدورها في أحيان كثيرة. ويكاد يجمع أصحاب
المبادرات غير المدعومة على أن غياب «الثقافة العلمية» في المجتمعات العربية يفضي إلى
احتجاب الدورية بعد فترة قصيرة من إصدارها، وهم لا يعدمون
وسيلة في جمع الشواهد والأدلة على انتشار الأميّة والخرافات والجهل وكذلك العوائق
الأساسية الأخرى كالدعم والتشجيع وهي تبدو أدلة دامغة، إنما لا
تمثل إلا نصف الحقيقة التي يعيق عدم رؤية نصفها الآخر البحث في حلول
منطقية. فالدورية العلمية تواجه معوقات كثيرة تحول دون وصولها إلى
المهتمين بالاطلاع عليها من الذين تجاوزوا الأمية والخرافات.
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب