الملكية الفكرية للمصنفات الرقمية
1. في تحديد المصنفات الرقمية .
1-1 ما هو المصنف الرقمي ؟؟
يمكننا ان ندعي ان تحديد
مفهوم المصنف الرقمي سيبقى مثار جدل الى حين سيما وانه اصطلاح لم ينتشر بعد في حقل
الدراسات القانونية ، وربما يحتاج تحديد مفهومه الى شجاعة فقهية ليطلق احد ما
تعريفا او توصيفا له ويصار الى الحوار حوله تمهيدا للوصول الى راي غالب او اجماع
حوله ، ولسنا من مدعي الريادية في التعامل
مع المفاهيم القانونية ، لكننا نجد لزاما علينا في هذه الدراسة تحديدا ان نحدد
مفهوم المصنف الرقمي من واقع دراساتنا ومعارفنا في حقل دراسات القانون وتقنية
المعلومات ، وهو مفهوم مطروح للبحث والحوار وفي ذات الوقت الاطار الذي نعتمده
لتحديد المصنفات الرقمية .
كلنا يعلم ان علم الحوسبة
برمته قام على العددين (صفر وواحد) ، وان البرمجيات هي ترتيب لاوامر تتحول الى
ارقام تبادلية ، وان نقل البيانات ، رموزا او كتابة او اصواتا عبر وسائل الاتصال
انتقل من الوسائل الكهربية والالكترومغناطيسية والتناظرية الى الوسائل الرقمية ،
وان الصورة وكذا الصوت والموسيقى والنص في احدث تطور لوسائل إنشائها وتبادلها
اصبحت رقمية على نحو ما اوضحنا في القسم الاول من هذا الكتاب ، وحتى عنوان الموقع
على الانترنت وكذا العنوان البريدي الالكتروني ، تتحول من العبارات المكتوبة
بالاحرف الى ارقام تمثل هذه المواقع وتتعامل معها الشبكة بهذا الوصف . وصحيح انه
لما يزل هناك تبادل تناظري لا رقمي ، فالقارئ الالي في نظام الكمبيوتر ( سكانر )
يدخل الرسم وحتى الوثيقة على شكل صورة وليس على شكل نص ، وصحيح ان العديد من المواقع على الانترنت
واغلبها العربية ومواقع اللغات غير الانجليزية لما تزل تستخدم الوسائل التناظرية
في تثبيت المواد على الموقع وليس الوسائل الرقمية . لكن الموقع نفسه ، وعبر
مكوناته ، يتحول شيئا فشيئا نحو التبادل الرقمي لما يحققه من سرعة وجودة واداء
فاعل قياسا بالوسائل غير الرقمية.
ومن الوجهة القانونية ،
تعاملت النظم القانونية والدراسات القانونية والقواعد التشريعية مع مصنفات
المعلوماتية بوصفها تنتمي الى بيئة الكمبيوتر ، وهو اتجاه تعبر عنه دراسات فرع
قانون الكمبيوتر في النظم المقارنة ، وقد شملت هذه المصنفات ابتداء من منتصف اوائل
السبعينات وحتى وقتنا الحاضر ثلاثة انواع من المصنفات :- البرمجيات ، وقواعد البيانات وطبوغرافيا الدوائر المتكاملة . وهي مصنفات جاءت وليدة علوم الحوسبة مستقلة عن
علوم الاتصال وتبادل المعطيات وشبكات المعلومات ، ومع ظهور شبكات المعلومات ،
والتي ارتبطت في الذهنية العامة بشبكة الانترنت كمعبر عنها وعن التفاعل والدمج بين
وسائل الحوسبة والاتصال ، ظهرت انماط جديدة من المصنفات او عناصر مصنفات تثير
مسألة الحاجة الى الحماية القانونية وهي :- اسماء النطاقات او الميادين او المواقع
على الشبكة Domain Names ، وعناوين البريد الالكتروني ، وقواعد البيانات
على الخط التي تضمها مواقع الانترنت ، تحديدا ما يتعلق بالدخول اليها واسترجاع
البيانات منها والتبادل المتعلق بمحتواها الحاصل على الخط ، وهو تطور لمفهوم قواعد
البيانات السائدة قبل انتشار الشبكات التي كان مفهوما انها مخزنة داخل النظام او
تنقل على واسطة مادية تحتويها . ومادة او
محتوى موقع الانترنت من نصوص ورسوم واصوات ومؤثرات حركية (يطلق على المؤثرات
الصوتية والحركية لوسائط المتعددة - Multimedia ) ونحن
نرى ان المصنف الرقمي يشمل كافة المصنفات المتقدمة ، فبرنامج الكمبيوتر من حيث
البناء والاداء مصنف رقمي ، وقاعدة البيانات من حيث آلية ترتيبها وتبويبها
والاوامر التي تتحكم بذلك تنتمي الى البيئة الرقمية ، وذات القول يرد بالنسبة لكافة
العناصر المتقدمة ، وبالتالي نرى ان أي مصنف ابداعي عقلي ينتمي الى بيئة تقنية
المعلومات يعد مصنفا رقميا وفق المفهوم
المتطور للاداء التقني وفق اتجاهات تطور التقنية في المستثبل القريب ، وهذا لا
يؤثر على انتماء المصنف بذاته الى فرع او آخر من فروع الملكية الفكرية ، ونقصد هنا
ان اسماء النطاقات مثلا ينظر لها كاحد المسائل المتعين اخضاعها لنظام الاسماء
والعلامات التجارية بسبب ما اثارته من منازعات جراء تشابهها بالعلامات والاسماء
التجارية وتطابقها في حالات عديدة او لقيامها بذات المهمة تقريبا في البيئة
الرقمية ، والبرمجيات وقواعد المعلومات حسم الجدل بشانها بان اعتبرت مصنفات ادبية
تحمى بموجب قوانين حق المؤلف - مع وجود اتجاه حديث وتحديدا في امريكا واوروبا يعيد
طرح نجاعة حمايتها عبر آلية حماية براءات الاختراع - وسيثير محتوى موقع الانترنت
جدلا واسعا ، فهل تحمى محتوياته كحزمة واحدة ضمن مفهوم قانون حق المؤلف ، ام يجري
تفصيل هذه العناصر ليسند اسم الموقع الى الإسماء التجارية وشعار الموقع الى
العلامات التجارية - كعلامة خدمة مثلا - والنصوص والموسيقى والرسوم الى قانون حق
المؤلف كمصنفات ادبية ؟؟؟
1-2 تحديد المصنفات الرقمية .
من الوجهة التاريخية ابتدأ
التفكير بحماية اجهزة الكمبيوتر والاتصالات (المادية) بوصفها معدات ووسائل تقنية
المعلومات ، فكان نظام براءات الاختراع هو النظام المتناسب مع هذا الغرض باعتبار
براءة الاختراع ترد بشان مخترع جديد يتصف بالابتكارية والجدة وبالقابلية للاستغلال
الصناعي. وتتمثل المصنفات الرقمية ببرامج الحاسوب ( الكمبيوتر ) وبقواعد
البيانات وبالدوائر المتكاملة ، اما في
بيئة الانترنت فتتمثل باسماء نطاقات او مواقع الانترنت ، وبمحتوى المواقع من مواد
النشر الالكتروني نصوصا وصورا ومواد سمعية ومرئية ( الوسائط المتعددة ) .
1-2-1 برامج الحاسوب :-
تعد برامج الحاسوب اول واهم
مصنفات المعلوماتية او تقنية المعلومات التي حظيت باهتمام كبير من حيث وجوب
الاعتراف بها وتوفير الحماية القانونية لها ، والبرمجيات هي الكيان المعنوي لنظام
الكمبيوتر دونها لا يكون ثمة أي فائدة للمكونات المادية من الاجهزة والوسائط وهي
بوجه عام تنقسم من الزاوية التقنية الى برمجيات التشغيل المناط بها اتاحة عمل
مكونات النظام معا وتوفير بيئة عمل البرمجيات التطبيقية ، وتمثل البرمجيات التطبيقية النوع الثاني من
انواع البرمجيات وهي التي تقوم بمهام محددة كبرمجيات معالجة النصوص او الجداول
الحسابية او الرسم او غيرها ، وقد تطور هذا التقسيم للبرمجيات باتجاه ايجاد
برمجيات تطبيقية ثابتة وانواع مخصوصة من البرمجيات تزاوج في مهامها بين التشغيل
والتطبيق ، هذا من ناحية تقنية مبسطة جرى ايضاحه تفصيلا في القسم الاول من هذا
الكتاب ، اما من ناحية الدراسات والتشريعات القانونية فقد اثير فيها عدد من
المفاهيم المتصلة بانواع البرمجيات ، ابرزها برمجيات المصدر وبرمجيات الالة والخوارزميات ولغات البرمجة وبرامج الترجمة ،
ونعرض فيما يلي بايجاز لهذه المفاهيم :-
1-
برنامج المصدر :- هي الاوامر التي يضعها
المبرمج او مؤلف البرنامج وتكون مدركة له لكنها غير مدركة للالة التي هي الكمبيوتر
كجهاز مادي (وحدة المعالجة تحديدا) ويستخدم في تأليفها او وضعها لغات البرمجة التي
شهدت تطورا مذهلا عبر السنوات الخمسين المنصرمة ، هذه اللغات التي تختلف من حيث سهولتها
وتعقيدها ومن حيث فعاليتها في انجاز البرنامج للغرض المخصص له .
2-
برنامج الالة :- وهو عكس مفهوم برنامج المصدر تماما ، اذ تدركه الالة وتستطيع
التعامل معه وتشغيله ، وبين برنامجي المصدر والالة توجد برامج ذات غرض تحويلي او (
برامج ترجمة ) بموجبها تتحول برامج المصدر الى برامج آلة .
3-
الخوارزميات :- العناصر والرموز الرياضية التي يتكون منها بناء البرنامج وهي كالافكار والحقائق العلمية ليست محل حماية
لانها ليست موضعا للاستئثار ( مادة 9/2 من اتفاقية تربس ) لكنها متى ما نظمت على
شكل اوامر ابتكارية لتحقيق غرض معين اصبحنا امام برنامج ، وهو بهذا الوصف ان توفرت
له عناصر الجدة والابتكار والاصالة محل للحماية شانه شان أي من مصنفات الملكية
الفكرية الادبية الاخرى .
وقد اثارت برامج الحاسوب جدلا
واسعا في مطلع السبعينات بشان طبيعتها وموضع حمايتها من بين تشريعات الملكية
الفكرية ، وترددت الاراء بين من يدعو
لحمايتها عبر نظام براءات الاختراع لما تنطوي عليه من سمة الاستغلال الصناعي
واتصالها العضوي بمنتج مادي صناعي ، وبين من ذهب الى حمايتها عبر نظام الاسرار
التجارية اذ تنطوي في الغالب على سر تجاري يتجلى بالافكار التي انبنى عليها او
الغرض من ابتكارها ، وبين داع الى حمايتها عن طريق الشروط العقدية التي تجد مكانها
في رخص الاستخدام او اتفاقيات الاستغلال . لكن كافة هذه الاراء لم تصمد امام الراي
الذي وجد في البرمجيات عملا ابتكاريا ادبيا ، يضعها ضمن نطاق مصنفات الملكية
الادبية (حق المؤلف) اذ هي افكار وترتيب لخوارزميات تفرغ ضمن شكل ابتكاري ابداعي ،
وسماتها وصفاتها المميزة تتقابل مع عناصر الحماية لمصنفات الملكية الادبية ،
وبالرغم من استمرار وجود نظم قانونية توفر الحماية للبرمجيات عبر واحد او اكثر من
الاليات المتقدم الاشارة اليها الا ان الاتجاه التشريعي الغالب اعتبرها اعمالا
ادبية وحماها بموجب تشريعات حق المؤلف سيما بعد ان وضعت منظمة
الوايبو القانون النموذجي او الارشادي عام 1978 بشأن حماية البرمجيات وبعد سلسلة
اجتماعات خبراء الوايبو ومنظمة اليونسكو عامي 1983 و1985 التي اسفرت عن توجه عام
لاعتبارها من قبيل الاعمال الادبية ، كما
ان اتفاقية تربس اذ اعتبرتها كذلك واضافتها الى المصنفات الادبية والفنية محل
الحماية بموجب اتفاقية بيرن (م 10/1 ) فيكون الاتجاه الدولي قد حسم لصالح هذا
الموقف .
ووفق اتفاقية تربس فان
البرمجيات محل للحماية سواء اكانت بلغة الالة ام المصدر(م 10/1) ولمؤلفها كافة الحقوق المالية والمعنوية
لمصنفات حق المؤلف اضافة الى حقه في اجازة او منع تأجيرها - شأنها شأن التسجيلات
الصوتية والمرئية (م 11) ، ويستثنى وفق
هذه المادة حالة التأجير التي لا يكون فيها البرنامج الموضوع الاساسي للتأجير .
واما بخصوص مدة الحماية فانها تمتد الى 50 عاما محسوبة على اساس حياة الشخص
الطبيعي فان لم تكن كذلك فمن نهاية السنة التي اجيز فيها النشر او تم فيها انتاج
العمل (م 12 تربس) .
1-2-2 قواعد البيانات Database :-
قواعد البيانات هي تجميع مميز
للبيانات يتوافر فيه عنصر الابتكار او الترتيب او التبويب عبر مجهود شخصي باي لغة
او رمز ويكون مخزنا بواسطة الحاسوب ويمكن استرجاعه بواسطتها ايضا .
ومناط حماية قواعد البيانات -
بوجه عام - هو الابتكار كما عبرت عنه الاتفاقيات الدولية في هذا الحقل ، فالمادة
10/2 من اتفاقية تربس نصت على انه :- تتمتع بالحماية البيانات المجمعة او المواد
الاخرى سواء كانت في شكل مقروء آليا او أي شكل آخر اذا كانت تشكل خلقا فكريا نتيجة
انتفاء وترتيب محتواها ، كما نصت المادة 5 من الاتفاقية العالمية للملكية الفكرية
لسنة 1996 - غير نافذة - على انه :- تتمتع
مجموعات البيانات او المواد الاخرى بالحماية بصفتها هذه ايا كان شكلها اذا كانت
تعتبر ابتكارات فكرية بسبب محتواها او ترتيبها
. لكن لا تجرى كافة النظم القانونية والقوانين على هذا النهج ، فالتوجيهات
الصادرة عن الاتحاد الاوروبي في 11/3/1996 والقانون الفرنسي الصادر في عام 1998 لا
يشترطان شرط الابتكار لحماية قواعد البيانات ، بل يكفي ما بذل من جهد مالي او بشري
او مادي وما انفق من اجل اعداد قاعدة البيانات
وسندا لذلك فان القانون الفرنسي المشار اليه يحمي قواعد البيانات لمدة خمس
عشرة سنة ويحظر أي اعادة استعمال سواء لجزء او لمادة كلية من قاعدة البيانات عن طريق توزيع نسخ او الايجار او النقل على
الخط ويحظر النقل الكلي او الجزئي - الجوهري - من محتوى قاعدة البيانات باي شكل ،
متى كان الحصول او تقديم هذا المحتوى فد استلزم استثمارات جوهرية كما وكيفا ،
وسواء اكان النقل دائما ام مؤقتا على دعامة باي وسيلة او تحت أي شكل .
والابتكار يستمد اما من طبيعة
البيانات نفسها واما من طريقة ترتيبها او اخراجها او تجميعها او استرجاعها ،
ومحتوى البيانات في حد ذاته لا يعتبر عملا ابتكاريا ، ومن هنا فان الابتكار لا
يتحقق الا اذا عكست قاعدة البيانات سمات شخصية لواضعها ، وقد قضت محكمة ( نانت )
التجارية الفرنسية في عام 1998 بان الابتكار الذي يتعلق بقاعدة بيانات على
الانترنت يقتضي توافر جهد جاد في البحث والاختيار والتحليل والذي عندما يقارن
بمجرد التوثيق تظهر اهمية الجهد المبتكر للعمل
[مشار
الى هذا القرار في مؤلف جينشار وآخرين ، الانترنت والقانون ، منشورات مون كريستان
، 1999 باريس ، ص 192 ]
اما قضاء محكمة النقض المصرية فانه يتوسع في
مفهوم الابتكار ، فقد قضت محكمة النقض المصرية عام 1964 بان فهرسة احدى كتب
الاحاديث النبوية يعد عملا ابتكاريا لانه يكفي ان يكون عمل واضعه حديثا في نوعه
ويتميز بطابع شخصي خاص وانه يعتبر من قبيل الابتكار في الترتيب او التنسيق او باي
مجهود آخر ان يتسم بالطابع الشخصي.[ نقض مدني في 7 يوليو
1964 - مجموعة النقض المدني المصري سنة 1964 ، ص 920 . ]
وعليه ، فان البيانات او
المعلومات المخزنة في نظم الحواسيب ( بشكل مجرد) ليست محل حماية ، كما بالنسبة
للقوانين والانظمة وقرارات القضاء مثلا ، لكنها متى ما افرغت ضمن قاعدة بيانات وفق
تصنيف معين وبآلية استرجاع معين ومتى ما خضعت لعملية معالجة تتيح ذلك فانها تتحول
من مجرد بيانات الى قاعدة معطيات ، وينطوي انجازها بهذا الوصف على جهد ابتكاري
وابداعي يستوجب الحماية ، وبتزايد اهمية المعلومات ، ولما حققته بنوك المعلومات من
اهمية قصوى في الاعمال والنشاط الانساني بوصفها امست ذات قيمة مالية كبيرة بما
تمثله ، وباعتماد المشروعات عليها ، ولتحول المعلومة الى محدد استراتيجي لرأس
المال ، بل ان البعض يراه مرتكزا لا محددا فقط ، نشط الاتجاه التشريعي في العديد
من الدول لتوفير الحماية القانونية لقواعد البيانات ( انظر جدول 1 ) .
والاعتراف لقواعد البيانات بالحماية جاء وليد جهد واسع لمنظمة
الوايبو ولمجلس اوروبا الذي وضع عام 1996 قواعد ارشادية وقرارا يقضي بالنص على
حماية قواعد البيانات ضمن قوانين حق المؤلف .
1-2-3 طوبوغرافيا الدوائر المتكاملةTopographies of integrated Circuits
مثلت اشباه الموصلات فتحا جديدا ومميزا في حقل صناعة
الالكترونيات وتطوير وظائف التقنية العالية اعتبارا من منتصف القرن المنصرم ، ومع
تطور عمليات دمج الدارات الالكترونية على الشريحة للقيام بمهام ووظائف الكترونية
اصبح التميز والخلق الابداعي يتمثل بآليات ترتيب وتنظيم الدوائر المدمجة على شريحة
شبه الموصل ، بمعنى ان طوبوغرافيا الشريحة انطوى على جهد ابداعي مكن من تطوير اداء
نظم الحواسيب بشكل متسارع وهائل
وبالاعتماد على مشروع قانون الحماية التي اعدته اللجنة الاوروبية اصدر مجلس
اوروبا عام 1986 دليلا لحماية الدوائر المتكاملة بغرض توفير الانسجام التشريعي بين
دول اوروبا بهذا الخصوص ، وفي عام 1989 ابرمت اتفاقية واشنطن بشان الدوائر
المتكاملة ( أي المنتجات التي يكون غرضها اداء وظيفة الكترونية ) ووفقا لاحصاء
1999 فان عدد الدول الموقعة على هذه الاتفاقية 8 دول ليس من بينها سوى دولة عربية
واحدة هي مصر ، ولم تدخل هذه الاتفاقية حيز التنفيذ بعد ، لكن تنظيم اتفاقية تربس
لقواعد حماية الدوائر المتكاملة( المواد 35 - 38 ) ساهم في تزايد الجهد التشريعي
في هذا الحقل باعتبار ان من متطلبات العضوية انفاذ موجبات اتفاقية تربس التي من
بينها اتخاذ التدابير التشريعية المتفقة مع قواعدها ومن بينها طبعا قواعد حماية
الدوائر المتكاملة . ويظهر الجدول رقم 1 التدابير
تشريعية المتخذة من مختلف دول العالم بشان حماية الدوائر المتكاملة .
1-2-4
المصنفات
الرقمية في بيئة الانترنت
من الوجهة القانونية تثير
الانترنت العديد من المشكلات على نحو مستقل عن عالم الحوسبة والاتصالات ، وان كانت
هذه المشكلات في حقيقتها تمثل جزءا من مشكلات تقنية المعلومات برمتها ومثارة في
بيئتها ، ويمكن تاطير هذه المشاكل ضمن ثلاث طوائف :-
الاولى :- مشكلات عقود
الانترنت ابتداء من عقود الاشتراك في الخدمة مرورا بالعقود ذات المحتوى التقني ،
وعقود الجهات ذات العلاقة بمواقع الانترنت او عقود المستخدمين مع المواقع بما فيها
عقود طلب الخدمات والتسوق الالكتروني وعقود الخدمات المدفوعة والمجانية كعقود
البريد الالكتروني ورخص استخدام وتنزيل البرامج وعقود ورخص نقل التكنولوجيا وغيرها
من العقود التي تقع في نطاق العقود الالكترونية او العقود المبرمة عبر المراسلات
الالكترونية . والجامع المشترك بين هذه العقود والتصرفات المتصلة بالانترنت انها
تتعلق بالتنظيم القانوني للتعامل مع الانترنت وعبرها.
والثانية :- مشكلات حماية حقوق المستخدمين
والمتعاملين في بيئة الانترنت وتضم حقوق المستهلك بوجه عام وحماية الحق في الحياة
الخاصة وحماية حقوق الملكية الفكرية في بيئة الانترنت .
اما الثالثة :- فتتصل بمشكلات
امن المعلومات سواء بالنسبة لمواقع الانترنت او انظمة المستخدمين .
اما عن الطائفة الاولى فان
محل تناولها دراسات الاعمال الإلكترونية والتجارة الإلكترونية والبنوك الإلكترونية
، وبالنسبة للطائفة الثانية ، فان موضع دراستها يستتبع الفرع محل الدراسة ، فدراسة
حماية الحياة الخاصة مناطه دراسات حقوق الانسان وتاثرها بتقنية المعلومات او
الدراسات الجنائية الخاصة بامن العلومات محل دراسة الطائفة الثانية المشار اليها ،
ودراسة حماية المستهلك يكون مناطه الدراسات القانونية في حقل ميادين حماية
المستهلك من المخاطر الاقتصادية والصحية والثقافية والاجتماعية وغيرها . وبالنسبة
لحماية حقوق الملكية الفكرية في بيئة الانترنت فان محل تناولها دراسات الملكية
الفكرية عموما ودراسات حق المؤلف على وجه الخصوص . اما الطائفة الثالثة فان محل
تناولها دراسات امن المعلومات وجرائم الكمبيوتر والانترنت والاتصالات ،
والحماية القانونية لحقوق
الملكية الفكرية في بيئة الانترنت تثير التساؤل ابتداء بشان تحديد حقوق الملكية
الفكرية في بيئة الانترنت ، وتحديد المصنفات محل الحماية ، واستقصاء الحماية
اللازمة لمواجهة الاعتداءات والمخاطر التي تعترض هذه الحقوق ، وتقييم ما اذا
كانت القواعد القائمة ضمن تشريعات الملكية
الفكرية او غيرها من التشريعات كافية لتوفير الحماية لهذه الحقوق ام ان هناك ثمة
حاجة لتشريعات خاصة بالمصنفات محل الحماية في بيئة الانترنت ، وهذه المسائل لما
تزل مثار جدال ومحل بحث ، ونعرض فيما يلي لابرز المسائل المتصلة باسماء النطاقات
والنشر الالكتروني والوسائط المتعددة او محتوى الموقع كمقدمة لدراسات اكثر تعمقا
فيما تثيره هذه الموضوعات من اشكالات قانونية .
·
اسماء
نطاقات ( عناوين ) الانترنت Domain names
اسم النطاق أو الميدان أو
الموقع ( دومين نيم - Domain name ) هو في الحقيقة عنوان
إنترنت ، فالهاتف له رقم معين ( مثل
555555-6-0096) والعنوان البريدي له رقم صندوق مميز ورمز منطقة مميز ( وسط البلد ص.ب 2325 رمز 11118 ) وللإنترنت
أيضا عنوان مميز مثل ( www.arablaw.org )
ويتكون الدومين نيم من أجزاء
متعددة . الجزء الأكثر أهمية ومعرفة من قبل المستخدمين هو ما يعرف باسم النطاق
الأعلى( top-level
Domains ) وهو الجزء الأخير من العنوان ( com) وتدل على الشركات التجارية ، (edu) وتدل على مؤسسات التعليم ، (gov) وتدل على المواقع الحكومية ، ( net ) وهي الشبكات وعادة ما
تقدم خدمات عامة ، (mil) وهي للجيش الأمريكي (org) وهي للمنظمات .
أما الجزء الثاني من اسم
النطاق ، وهو على يسار اسم النطاق الأعلى ( أو الجزء المتوسط بين ثلاثة أجزاء )
فهو اسم أو رمز أو اختصار المؤسسة أو الشخص أو الجهة صاحبة الموقع ( CNN ) مثلا أو ( Arablaw ) …الخ
وقد احتدم النزاع حول أسماء
نطاقات الانترنت ، ومعمارية شبكة الانترنت والجهات التي تسيطر عليها ، وستكون
مسائل اسماء المواقع اكثر المسائل اثارة للجدل التنظيمي والقانوني في الفترة
القريبة القادمة ، وقد حسم جانب من الجدل مؤخرا حول اضافة مميزات جديدة للميزات
المشهورة (com,net,org,gov,edu ) وذلك باقرار اضافة
سبعة مميزات اخرى [INFO BIZ , PRO, NAME, AERO, COOP, MUSEUM,
] ، ويرجع الخبراء مشكلات اسماء النطاقات في بيئة
الانترنت الى استراتيجيات الشركات الكبرى
في هذا الشأن ، فهي التي قادت لواء معارضة
توسيع اسماء النطاقات ، حماية لأسمائها التجارية ، بل وتشكو في الوقت ذاته ، من
صعوبة السيطرة على النظام الحالي فهذه الشركات تخشى من أن تضطر لتسجيل مئات من
عناوين المواقع على شبكة ويب ، تفاديا للوقوع فريسة " المتوقعين
الفضائيين" cybersquatters ، الذين يعتمدون على التوقعات لكسب الاموال ( مثل ما يحدث في سوق
العلامات التجارية والمضاربات المالية ) ، والذين يقومون ، في عصر الانترنت ، بحجز
أسماء نطاقات شائعة الاستعمال ، لبيعها مستقبلا لمن يرغب .
غير أن المسألة ليست مقتصرة
على هذا الجانب وحده ، اذ توجد مسائل تقنية تستدعي الاجابة عليها ، مثل : كم
عنوانا يلزم اضافته ؟ وأي منها ؟ ومن الذي يتحكم بها ؟ ومن يبيع العناوين الجديدة
؟ ومن الذي سيفصل في النزاعات التي ستنشأ ؟
لقد اوجدت الحكومة الامريكية في
عام 1998 ، مؤسسة تسجيل اسماء وأرقام انترنت Internet Corporation for Assigned
Names and Numbers
- ICANN ، وهي منظمة غير ربحية ، مقرها في لوس انجلوس ، للاشراف على نظام
أسماء النطاقات على انترنت ، غير أن ICANN تورطت منذ انشائها ، في نزاع مكلف ومرير ، حول ميثاقها ، بشأن
السماح لشركات جديدة ببيع أسماء نطاقات شبكة ويب ذات الامتداد .com و .net و .org وهي عملية مدرة للارباح كانت مقيدة حصرا بشركة Network Solutions Inc ، بموجب عقد لها مع
الحكومة الامريكية . وقد توصلت شركة Network Solutions ، ومنظمة ICANN ، الى تسوية خلافاتهما ،
بموجب اتفاقية ، تحتفظ بموجبها Network Solutions ، بقائمة أساسية لأسماء النطاقات التجارية الحالية على شبكة ويب ،
مدة اربع سنوات اخرى مقابل دفع مبلغ لمنظمة ICANN .
ان السنوات القليلة القادمة
ستشهد حربا طاحنة بشان سياسات التعامل مع عناوين المواقع على الانترنت وكما تذهب
المعالجات والدراسات الاستراتيجية التي تنشر يشكل مكثف على شبكة الانترنت ، فان من
يسيطر على مقدرات هذا الموضوع سيسيطر على طريق المعلومات السريع .
وتعمل شركات عالمية في حقل
تسجيل المواقع اضافة الى خدمات استضافتها وتصميمها ، اما المواقع التي تنتهي باسم
الدولة فتختص بها جهة واحدة اضافة الى هيئة معنية في الدولة ، ونشارك البعض
اعتقادهم ان تاسيس هيئة ICANN خطوة للتمهيد الى خلق ما يسمى حكومة الانترنت
التي ستسيطر على مقدرات طريق المعلومات السريع وتتحكم بمصادر المعلومات في العالم
.
وحتى الان لا توجد ثمة
تشريعات شاملة ناظمة لمسائل اسماء
النطاقات وما اثارته من اشكالات قانونية خاصة عندما يكون الاسم مطابقا او مقاربا او
مشابها لاسم تجاري او علامة تجارية - طبعا اذا ما استثنينا القواعد التشريعية
التنظيمية للخدمات التقنية على الخط ومعايير تقديمها وقواعد حماية المستخدم من
مخاطر المحتوى الضار التي سنتها العديد من الدول الغربية - ، الا ان القضاء
الاوروبي وتحديدا في فرنسا تصدى لنظر عدد من الدعاوى بهذا الخصوص ، لكن مناط
التطبيق بشانها كان قوانين العلامات التجارية وقواعد حماية العلامات التجارية وليس
قواعد قانونية خاصة باسماء النطاقات ، وقد اثير في هذه الدعاوى مسائل التشابه بين
اسم النطاق والعلامة التجارية للغير او الاسم التجاري للغير ، وظهر جليا من هذه
الدعاوى ان التحدي القريب القادم سيكون في حقل ايجاد قواعد قانونية تنظم تسجيل اسماء النطاقات وتصنيفها وعلاقتها
بالعلامات والاسماء التجارية . وتعد الاستراتيجية التي انجزنها منظمة الوايبو في
حقل اسماء النطاقات ، وما تقوم به من نظر مثل هذه المنازعات عبر مركز التحكيم
والوساطة التابع للمنظمة الجهد الاميز نحو بناء نظام قانوني لاسماء المواقع وسنعمد
- على نحو تفصيلي - الى بيان ما يتصل بهذه الاستراتيجية ومحتواها وسياسات فض
منازعات اسماء المواقع والعلامات التجارية في الكتاب الثالث من هذه الموسوعة.
·
النشر
الالكتروني والوسائط المتعددة ( محتوى مواقع الانترنت)
الانترنت ، بوصفها طريقة اتصال تتيح تبادل المعلومات ونقلها
بكافة صورها ، مكتوبة ومرئية ومسموعة ، وباعتبارها ليست مجرد صفحات للمعلومات بل
مكانا للتسوق وموضعا للاعمال والخدمات ، وفضاء غير متناه من الصفحات لنشر الاخبار
والمعالجات والمؤلفات والابحاث والمواد ، فان محتوى مواقعها يتضمن الاعلان التجاري
والمادة المؤلفة والبث المرئي ، والتسجيل الصوتي و…. الخ ، وهذا يثير التساؤلات حول مدى
القدرة على حماية حقوق الملكية الفكرية على ما تتضمنه المواقع ، والذي قد يكون
علامة تجارية او اسما او نموذجا صناعيا او مادة تأليفية او مادة اعلان فنية او
رسما او صورة او … الخ .
ليس ثمة اشكال يثار في حالة كان محتوى الموقع مصنفا او عنصرا من
عناصر الملكية الفكرية التي يحظى بالحماية بشكل مجرد بعيدا عن موقع الانترنت ،
كعلامة تجارية لمنتجات شركة ما تتمتع بالحماية استخدمتها الشركة على موقعها على
الانترنت ، فما ينشر على الموقع هو بالاساس محل حماية بواحد او اكثر من تشريعات
الحماية في حقل الملكية الفكرية ، لكن الاشكال يثور بالنسبة للمواد والعلامات
والاشكال والرسومات التي لا يكون ثمة وجود لها الا عبر الموقع ، وبشكل خاص عناصر
وشكل تصميم الموقع والمواد المكتوبة التي لا تجد طريقا للنشر الا عبر الخط ( أي
على الانترنت ) ، ان هذه الاشكالات لما تزل في مرحلة بحث وتقصي واسعين من قبل
خبراء القانون والملكية الفكرية في مختلف الدول
، سيما بعد شيوع التجارة الالكترونية وانجاز العديد من الدول قوانين تنظمها
، باعتبار ان احد تحديات التجارة الالكترونية مسائل الملكية الفكرية ، وفي هذا الصدد فانه من المفيد الاشارة الى ان
لجنة التجارة الدولية في هيئة الامم المتحدة (اليونسترال) قد وضعت مشروع قانون نموذجي
للتجارة الالكترونية عام 1996 اعتمد اساسا لصياغة ووضع العديد من التشريعات
الاجنبية المنظمة للتجارة الالكترونية ، لكن هذا القانون النموذجي لم يتعرض لمسائل
الملكية الفكرية المثارة في بيئة التجارة الالكترونية لما تنطوي عليه من اشكاليات
وتناقضات حادة .
اما بالنسبة للوسائط المتعددة
المستخدمة على نحو متنام في ميدان بناء ومحتوى مواقع الانترنت ، فانه يقصد بها
وسائل تمثيل المعلومات باستخدام اكثر من
نوع من الوسائط مثل الصوت والصورة والحركة والمؤثر ويتميز هذا المصنف - ان جاز اعتباره
كذلك - بمزج عدة عناصر :- نص ، صورة ،صوت ،
وتفاعلها معا ،عن طريق برنامج من برامج الكمبيوتر ، وتسوق تجاريا عن طريق دعامة
مادية مثل الدسك او السي دي ( CD) او يتم توزيعها او انزالها عن طريق خط الاتصال بشبكة الانترنت ،
ويرى جانب من الفقه ان هذه المصنفات محمية بموجب القواعد العامة لحماية المصنفات
الادبية دون حاجة لافراد قواعد جديدة ، باعتبارها - لدى البعض - تتميز بتدخل
برنامج كمبيوتر يسمح بالتفاعل بين وسائل التعبير المتعددة ( وبرنامج الكمبيوتر محل
حماية ) او لانها بمفرداتها محل حماية باعتبار هذه المفردات من المصنفات الادبية
اصلا :- المواد المكتوبة ، المواد السمعية والمرئية ، الاداء .. الخ . وكلما توفر فيها عنصر الابتكار تحقق شرط
الحماية المطلوب لحماية المصنفات الادبية . او باعتبارها من قبيل قواعد البيانات
المحمية بموجب نصوص صريحة .
والابتكار في ميدان الانترنت
ليس شرط حماية فقط ، بل عنصرا رئيسا في وجود الموقع وتحقيق النجاح والقدرة على
المنافسة ، ويظهر الابتكار في تصميم صفحة الويب (الموقع) وما تتضمنه من رسومات او
ما يصاحبه من موسيقى او عناصر حركية كما يتوفر الابتكار في المواد الصحفية
والتقارير الاخبارية المنشورة عبر الانترنت
ان موضوع حق المؤلف والبيانات
الرقمية Copyright
and Digital Data لا يزال في نطاق البحث
والتقصي ، ومع ذلك فقد انجز الكثير منه في الوقت الحاضر سواء على المستوى الدولي
ام الوطني ، وتهيء اتفقيتا المنظمة العالمية للملكية الفكرية بشان حق المؤلف
والحقوق المجاورة لعام 1996 الى الانطلاق نحو بناء نظام قانوني لحماية المحتوى
الرقمي ، وهو ما سنتناوله تفصيلا في الكتاب الثالث من هذه الموسوعة . ونكتفي في
هذا المقام بالقول ان أحد اكثر الأخطاء الشائعة في حقل قانون الكمبيوتر أن حق
المؤلف لا ينطبق على البيانات الرقمية ( Digital Data ) وتحديدا في بيئة الإنترنت . ان قوانين حق المؤلف قد تنطبق على
بيئة الإنترنت وفقا للنظام القانوني مدار البحث
وثمة جهد دولي واسع لتمتد الحماية للبيئة الرقمية تماما كما تحققت في عالم الموجودات
والحسيات ، وليس معنى تخلف الحماية واحيانا الجدل حول توفرها اهدار حق المؤلف مثلا
في بيئة الانترنت ، فحتى في بيئة الإنترنت ، فانك
لا تزال بحاجة الى إذن المؤلف ( Author's permission )
2. الاتجاه التشريعي للاعتراف بالحماية القانونية للمصنفات الرقمية
ان حماية البرمجيات وقواعد
البيانات وطوبوغرافيا الدوائر المتكاملة ، كان واحدا من اهتمامات المؤسسات
التشريعية في العديد من الدول منذ الثمانينات ( وبعضها قبل ذلك ) ، وتعد موجة
التشريع في حقل حماية هذه المصنفات الموجة الثالثة لتشريعات عصر المعلومات او ما
يطلق عليه قانون الكمبيوتر سبقتها – كما
اوضحنا في الفصل الاول - تشريعات حماية البيانات الخاصة (الخصوصية) وتشريعات جرائم
الكمبيوتر .
وقد خضعت تشريعات الملكية
الفكرية في هذا الحقل الى العديد من التعديلات الناجمة عن ضرورة التقاطع والتواؤم
مع الطبيعة المتغيرة والسريعة لحقائق وابتكارات عصر المعلومات، الذي كانت سمته
التحولات الدراماتيكية في زمن قياسي .
ان الوقوف التفصيلي على محتوى
هذه التشريعات واتجاهات الحماية وقواعدها سيكون موضوع الكتاب الثالث من هذه
الموسوعة ، ونكتفي في هذا المقام بابراز ما اظهره البحث التحليلي بشان السمات العامة
لهذه التشريعات ، وتعداد قائمة القوانين
الوطنية التي تناولت بالمعالجة والتنظيم
الحماية القانونية لمصنفات المعلوماتية المذكورة ، وتسهيلا للعرض فاننا
نظمنا جداول تحدد السمات العامة والمحتوى العام لتشريعات حماية البرمجيات وقواعد
البيانات والدوائر المتكاملة وقائمة بهذه التشريعات على نحو ما انتهجنا بالنسبة
لبقية موضعات قانون الكمبيوتر (انظر الجدول رقم 1 وتفرعاته) . اما بالنسبة
للنشر الالكتروني واسماء المواقع فكما قدمنا فان الجهود التشريعية لما تزل في
مرحلة المخاض حتى بالنسبة للدول التي قطعت شوطا في التدابير التشريعية في هذا
الحقل ، اذ لما تزل عناصر هاتين المسالتين محل جدل واسع تلقي بظلالها على محتوى
التشريع وقواعد التنظيم . .
1. في تحديد المصنفات الرقمية .
1-1 ما هو المصنف الرقمي ؟؟
يمكننا ان ندعي ان تحديد
مفهوم المصنف الرقمي سيبقى مثار جدل الى حين سيما وانه اصطلاح لم ينتشر بعد في حقل
الدراسات القانونية ، وربما يحتاج تحديد مفهومه الى شجاعة فقهية ليطلق احد ما
تعريفا او توصيفا له ويصار الى الحوار حوله تمهيدا للوصول الى راي غالب او اجماع
حوله ، ولسنا من مدعي الريادية في التعامل
مع المفاهيم القانونية ، لكننا نجد لزاما علينا في هذه الدراسة تحديدا ان نحدد
مفهوم المصنف الرقمي من واقع دراساتنا ومعارفنا في حقل دراسات القانون وتقنية
المعلومات ، وهو مفهوم مطروح للبحث والحوار وفي ذات الوقت الاطار الذي نعتمده
لتحديد المصنفات الرقمية .
كلنا يعلم ان علم الحوسبة
برمته قام على العددين (صفر وواحد) ، وان البرمجيات هي ترتيب لاوامر تتحول الى
ارقام تبادلية ، وان نقل البيانات ، رموزا او كتابة او اصواتا عبر وسائل الاتصال
انتقل من الوسائل الكهربية والالكترومغناطيسية والتناظرية الى الوسائل الرقمية ،
وان الصورة وكذا الصوت والموسيقى والنص في احدث تطور لوسائل إنشائها وتبادلها
اصبحت رقمية على نحو ما اوضحنا في القسم الاول من هذا الكتاب ، وحتى عنوان الموقع
على الانترنت وكذا العنوان البريدي الالكتروني ، تتحول من العبارات المكتوبة
بالاحرف الى ارقام تمثل هذه المواقع وتتعامل معها الشبكة بهذا الوصف . وصحيح انه
لما يزل هناك تبادل تناظري لا رقمي ، فالقارئ الالي في نظام الكمبيوتر ( سكانر )
يدخل الرسم وحتى الوثيقة على شكل صورة وليس على شكل نص ، وصحيح ان العديد من المواقع على الانترنت
واغلبها العربية ومواقع اللغات غير الانجليزية لما تزل تستخدم الوسائل التناظرية
في تثبيت المواد على الموقع وليس الوسائل الرقمية . لكن الموقع نفسه ، وعبر
مكوناته ، يتحول شيئا فشيئا نحو التبادل الرقمي لما يحققه من سرعة وجودة واداء
فاعل قياسا بالوسائل غير الرقمية.
ومن الوجهة القانونية ،
تعاملت النظم القانونية والدراسات القانونية والقواعد التشريعية مع مصنفات
المعلوماتية بوصفها تنتمي الى بيئة الكمبيوتر ، وهو اتجاه تعبر عنه دراسات فرع
قانون الكمبيوتر في النظم المقارنة ، وقد شملت هذه المصنفات ابتداء من منتصف اوائل
السبعينات وحتى وقتنا الحاضر ثلاثة انواع من المصنفات :- البرمجيات ، وقواعد البيانات وطبوغرافيا الدوائر المتكاملة . وهي مصنفات جاءت وليدة علوم الحوسبة مستقلة عن
علوم الاتصال وتبادل المعطيات وشبكات المعلومات ، ومع ظهور شبكات المعلومات ،
والتي ارتبطت في الذهنية العامة بشبكة الانترنت كمعبر عنها وعن التفاعل والدمج بين
وسائل الحوسبة والاتصال ، ظهرت انماط جديدة من المصنفات او عناصر مصنفات تثير
مسألة الحاجة الى الحماية القانونية وهي :- اسماء النطاقات او الميادين او المواقع
على الشبكة Domain Names ، وعناوين البريد الالكتروني ، وقواعد البيانات
على الخط التي تضمها مواقع الانترنت ، تحديدا ما يتعلق بالدخول اليها واسترجاع
البيانات منها والتبادل المتعلق بمحتواها الحاصل على الخط ، وهو تطور لمفهوم قواعد
البيانات السائدة قبل انتشار الشبكات التي كان مفهوما انها مخزنة داخل النظام او
تنقل على واسطة مادية تحتويها . ومادة او
محتوى موقع الانترنت من نصوص ورسوم واصوات ومؤثرات حركية (يطلق على المؤثرات
الصوتية والحركية لوسائط المتعددة - Multimedia ) ونحن
نرى ان المصنف الرقمي يشمل كافة المصنفات المتقدمة ، فبرنامج الكمبيوتر من حيث
البناء والاداء مصنف رقمي ، وقاعدة البيانات من حيث آلية ترتيبها وتبويبها
والاوامر التي تتحكم بذلك تنتمي الى البيئة الرقمية ، وذات القول يرد بالنسبة لكافة
العناصر المتقدمة ، وبالتالي نرى ان أي مصنف ابداعي عقلي ينتمي الى بيئة تقنية
المعلومات يعد مصنفا رقميا وفق المفهوم
المتطور للاداء التقني وفق اتجاهات تطور التقنية في المستثبل القريب ، وهذا لا
يؤثر على انتماء المصنف بذاته الى فرع او آخر من فروع الملكية الفكرية ، ونقصد هنا
ان اسماء النطاقات مثلا ينظر لها كاحد المسائل المتعين اخضاعها لنظام الاسماء
والعلامات التجارية بسبب ما اثارته من منازعات جراء تشابهها بالعلامات والاسماء
التجارية وتطابقها في حالات عديدة او لقيامها بذات المهمة تقريبا في البيئة
الرقمية ، والبرمجيات وقواعد المعلومات حسم الجدل بشانها بان اعتبرت مصنفات ادبية
تحمى بموجب قوانين حق المؤلف - مع وجود اتجاه حديث وتحديدا في امريكا واوروبا يعيد
طرح نجاعة حمايتها عبر آلية حماية براءات الاختراع - وسيثير محتوى موقع الانترنت
جدلا واسعا ، فهل تحمى محتوياته كحزمة واحدة ضمن مفهوم قانون حق المؤلف ، ام يجري
تفصيل هذه العناصر ليسند اسم الموقع الى الإسماء التجارية وشعار الموقع الى
العلامات التجارية - كعلامة خدمة مثلا - والنصوص والموسيقى والرسوم الى قانون حق
المؤلف كمصنفات ادبية ؟؟؟
1-2 تحديد المصنفات الرقمية .
من الوجهة التاريخية ابتدأ
التفكير بحماية اجهزة الكمبيوتر والاتصالات (المادية) بوصفها معدات ووسائل تقنية
المعلومات ، فكان نظام براءات الاختراع هو النظام المتناسب مع هذا الغرض باعتبار
براءة الاختراع ترد بشان مخترع جديد يتصف بالابتكارية والجدة وبالقابلية للاستغلال
الصناعي. وتتمثل المصنفات الرقمية ببرامج الحاسوب ( الكمبيوتر ) وبقواعد
البيانات وبالدوائر المتكاملة ، اما في
بيئة الانترنت فتتمثل باسماء نطاقات او مواقع الانترنت ، وبمحتوى المواقع من مواد
النشر الالكتروني نصوصا وصورا ومواد سمعية ومرئية ( الوسائط المتعددة ) .
1-2-1 برامج الحاسوب :-
تعد برامج الحاسوب اول واهم
مصنفات المعلوماتية او تقنية المعلومات التي حظيت باهتمام كبير من حيث وجوب
الاعتراف بها وتوفير الحماية القانونية لها ، والبرمجيات هي الكيان المعنوي لنظام
الكمبيوتر دونها لا يكون ثمة أي فائدة للمكونات المادية من الاجهزة والوسائط وهي
بوجه عام تنقسم من الزاوية التقنية الى برمجيات التشغيل المناط بها اتاحة عمل
مكونات النظام معا وتوفير بيئة عمل البرمجيات التطبيقية ، وتمثل البرمجيات التطبيقية النوع الثاني من
انواع البرمجيات وهي التي تقوم بمهام محددة كبرمجيات معالجة النصوص او الجداول
الحسابية او الرسم او غيرها ، وقد تطور هذا التقسيم للبرمجيات باتجاه ايجاد
برمجيات تطبيقية ثابتة وانواع مخصوصة من البرمجيات تزاوج في مهامها بين التشغيل
والتطبيق ، هذا من ناحية تقنية مبسطة جرى ايضاحه تفصيلا في القسم الاول من هذا
الكتاب ، اما من ناحية الدراسات والتشريعات القانونية فقد اثير فيها عدد من
المفاهيم المتصلة بانواع البرمجيات ، ابرزها برمجيات المصدر وبرمجيات الالة والخوارزميات ولغات البرمجة وبرامج الترجمة ،
ونعرض فيما يلي بايجاز لهذه المفاهيم :-
1-
برنامج المصدر :- هي الاوامر التي يضعها
المبرمج او مؤلف البرنامج وتكون مدركة له لكنها غير مدركة للالة التي هي الكمبيوتر
كجهاز مادي (وحدة المعالجة تحديدا) ويستخدم في تأليفها او وضعها لغات البرمجة التي
شهدت تطورا مذهلا عبر السنوات الخمسين المنصرمة ، هذه اللغات التي تختلف من حيث سهولتها
وتعقيدها ومن حيث فعاليتها في انجاز البرنامج للغرض المخصص له .
2-
برنامج الالة :- وهو عكس مفهوم برنامج المصدر تماما ، اذ تدركه الالة وتستطيع
التعامل معه وتشغيله ، وبين برنامجي المصدر والالة توجد برامج ذات غرض تحويلي او (
برامج ترجمة ) بموجبها تتحول برامج المصدر الى برامج آلة .
3-
الخوارزميات :- العناصر والرموز الرياضية التي يتكون منها بناء البرنامج وهي كالافكار والحقائق العلمية ليست محل حماية
لانها ليست موضعا للاستئثار ( مادة 9/2 من اتفاقية تربس ) لكنها متى ما نظمت على
شكل اوامر ابتكارية لتحقيق غرض معين اصبحنا امام برنامج ، وهو بهذا الوصف ان توفرت
له عناصر الجدة والابتكار والاصالة محل للحماية شانه شان أي من مصنفات الملكية
الفكرية الادبية الاخرى .
وقد اثارت برامج الحاسوب جدلا
واسعا في مطلع السبعينات بشان طبيعتها وموضع حمايتها من بين تشريعات الملكية
الفكرية ، وترددت الاراء بين من يدعو
لحمايتها عبر نظام براءات الاختراع لما تنطوي عليه من سمة الاستغلال الصناعي
واتصالها العضوي بمنتج مادي صناعي ، وبين من ذهب الى حمايتها عبر نظام الاسرار
التجارية اذ تنطوي في الغالب على سر تجاري يتجلى بالافكار التي انبنى عليها او
الغرض من ابتكارها ، وبين داع الى حمايتها عن طريق الشروط العقدية التي تجد مكانها
في رخص الاستخدام او اتفاقيات الاستغلال . لكن كافة هذه الاراء لم تصمد امام الراي
الذي وجد في البرمجيات عملا ابتكاريا ادبيا ، يضعها ضمن نطاق مصنفات الملكية
الادبية (حق المؤلف) اذ هي افكار وترتيب لخوارزميات تفرغ ضمن شكل ابتكاري ابداعي ،
وسماتها وصفاتها المميزة تتقابل مع عناصر الحماية لمصنفات الملكية الادبية ،
وبالرغم من استمرار وجود نظم قانونية توفر الحماية للبرمجيات عبر واحد او اكثر من
الاليات المتقدم الاشارة اليها الا ان الاتجاه التشريعي الغالب اعتبرها اعمالا
ادبية وحماها بموجب تشريعات حق المؤلف سيما بعد ان وضعت منظمة
الوايبو القانون النموذجي او الارشادي عام 1978 بشأن حماية البرمجيات وبعد سلسلة
اجتماعات خبراء الوايبو ومنظمة اليونسكو عامي 1983 و1985 التي اسفرت عن توجه عام
لاعتبارها من قبيل الاعمال الادبية ، كما
ان اتفاقية تربس اذ اعتبرتها كذلك واضافتها الى المصنفات الادبية والفنية محل
الحماية بموجب اتفاقية بيرن (م 10/1 ) فيكون الاتجاه الدولي قد حسم لصالح هذا
الموقف .
ووفق اتفاقية تربس فان
البرمجيات محل للحماية سواء اكانت بلغة الالة ام المصدر(م 10/1) ولمؤلفها كافة الحقوق المالية والمعنوية
لمصنفات حق المؤلف اضافة الى حقه في اجازة او منع تأجيرها - شأنها شأن التسجيلات
الصوتية والمرئية (م 11) ، ويستثنى وفق
هذه المادة حالة التأجير التي لا يكون فيها البرنامج الموضوع الاساسي للتأجير .
واما بخصوص مدة الحماية فانها تمتد الى 50 عاما محسوبة على اساس حياة الشخص
الطبيعي فان لم تكن كذلك فمن نهاية السنة التي اجيز فيها النشر او تم فيها انتاج
العمل (م 12 تربس) .
1-2-2 قواعد البيانات Database :-
قواعد البيانات هي تجميع مميز
للبيانات يتوافر فيه عنصر الابتكار او الترتيب او التبويب عبر مجهود شخصي باي لغة
او رمز ويكون مخزنا بواسطة الحاسوب ويمكن استرجاعه بواسطتها ايضا .
ومناط حماية قواعد البيانات -
بوجه عام - هو الابتكار كما عبرت عنه الاتفاقيات الدولية في هذا الحقل ، فالمادة
10/2 من اتفاقية تربس نصت على انه :- تتمتع بالحماية البيانات المجمعة او المواد
الاخرى سواء كانت في شكل مقروء آليا او أي شكل آخر اذا كانت تشكل خلقا فكريا نتيجة
انتفاء وترتيب محتواها ، كما نصت المادة 5 من الاتفاقية العالمية للملكية الفكرية
لسنة 1996 - غير نافذة - على انه :- تتمتع
مجموعات البيانات او المواد الاخرى بالحماية بصفتها هذه ايا كان شكلها اذا كانت
تعتبر ابتكارات فكرية بسبب محتواها او ترتيبها
. لكن لا تجرى كافة النظم القانونية والقوانين على هذا النهج ، فالتوجيهات
الصادرة عن الاتحاد الاوروبي في 11/3/1996 والقانون الفرنسي الصادر في عام 1998 لا
يشترطان شرط الابتكار لحماية قواعد البيانات ، بل يكفي ما بذل من جهد مالي او بشري
او مادي وما انفق من اجل اعداد قاعدة البيانات
وسندا لذلك فان القانون الفرنسي المشار اليه يحمي قواعد البيانات لمدة خمس
عشرة سنة ويحظر أي اعادة استعمال سواء لجزء او لمادة كلية من قاعدة البيانات عن طريق توزيع نسخ او الايجار او النقل على
الخط ويحظر النقل الكلي او الجزئي - الجوهري - من محتوى قاعدة البيانات باي شكل ،
متى كان الحصول او تقديم هذا المحتوى فد استلزم استثمارات جوهرية كما وكيفا ،
وسواء اكان النقل دائما ام مؤقتا على دعامة باي وسيلة او تحت أي شكل .
والابتكار يستمد اما من طبيعة
البيانات نفسها واما من طريقة ترتيبها او اخراجها او تجميعها او استرجاعها ،
ومحتوى البيانات في حد ذاته لا يعتبر عملا ابتكاريا ، ومن هنا فان الابتكار لا
يتحقق الا اذا عكست قاعدة البيانات سمات شخصية لواضعها ، وقد قضت محكمة ( نانت )
التجارية الفرنسية في عام 1998 بان الابتكار الذي يتعلق بقاعدة بيانات على
الانترنت يقتضي توافر جهد جاد في البحث والاختيار والتحليل والذي عندما يقارن
بمجرد التوثيق تظهر اهمية الجهد المبتكر للعمل
[مشار
الى هذا القرار في مؤلف جينشار وآخرين ، الانترنت والقانون ، منشورات مون كريستان
، 1999 باريس ، ص 192 ]
اما قضاء محكمة النقض المصرية فانه يتوسع في
مفهوم الابتكار ، فقد قضت محكمة النقض المصرية عام 1964 بان فهرسة احدى كتب
الاحاديث النبوية يعد عملا ابتكاريا لانه يكفي ان يكون عمل واضعه حديثا في نوعه
ويتميز بطابع شخصي خاص وانه يعتبر من قبيل الابتكار في الترتيب او التنسيق او باي
مجهود آخر ان يتسم بالطابع الشخصي.[ نقض مدني في 7 يوليو
1964 - مجموعة النقض المدني المصري سنة 1964 ، ص 920 . ]
وعليه ، فان البيانات او
المعلومات المخزنة في نظم الحواسيب ( بشكل مجرد) ليست محل حماية ، كما بالنسبة
للقوانين والانظمة وقرارات القضاء مثلا ، لكنها متى ما افرغت ضمن قاعدة بيانات وفق
تصنيف معين وبآلية استرجاع معين ومتى ما خضعت لعملية معالجة تتيح ذلك فانها تتحول
من مجرد بيانات الى قاعدة معطيات ، وينطوي انجازها بهذا الوصف على جهد ابتكاري
وابداعي يستوجب الحماية ، وبتزايد اهمية المعلومات ، ولما حققته بنوك المعلومات من
اهمية قصوى في الاعمال والنشاط الانساني بوصفها امست ذات قيمة مالية كبيرة بما
تمثله ، وباعتماد المشروعات عليها ، ولتحول المعلومة الى محدد استراتيجي لرأس
المال ، بل ان البعض يراه مرتكزا لا محددا فقط ، نشط الاتجاه التشريعي في العديد
من الدول لتوفير الحماية القانونية لقواعد البيانات ( انظر جدول 1 ) .
والاعتراف لقواعد البيانات بالحماية جاء وليد جهد واسع لمنظمة
الوايبو ولمجلس اوروبا الذي وضع عام 1996 قواعد ارشادية وقرارا يقضي بالنص على
حماية قواعد البيانات ضمن قوانين حق المؤلف .
1-2-3 طوبوغرافيا الدوائر المتكاملةTopographies of integrated Circuits
مثلت اشباه الموصلات فتحا جديدا ومميزا في حقل صناعة
الالكترونيات وتطوير وظائف التقنية العالية اعتبارا من منتصف القرن المنصرم ، ومع
تطور عمليات دمج الدارات الالكترونية على الشريحة للقيام بمهام ووظائف الكترونية
اصبح التميز والخلق الابداعي يتمثل بآليات ترتيب وتنظيم الدوائر المدمجة على شريحة
شبه الموصل ، بمعنى ان طوبوغرافيا الشريحة انطوى على جهد ابداعي مكن من تطوير اداء
نظم الحواسيب بشكل متسارع وهائل
وبالاعتماد على مشروع قانون الحماية التي اعدته اللجنة الاوروبية اصدر مجلس
اوروبا عام 1986 دليلا لحماية الدوائر المتكاملة بغرض توفير الانسجام التشريعي بين
دول اوروبا بهذا الخصوص ، وفي عام 1989 ابرمت اتفاقية واشنطن بشان الدوائر
المتكاملة ( أي المنتجات التي يكون غرضها اداء وظيفة الكترونية ) ووفقا لاحصاء
1999 فان عدد الدول الموقعة على هذه الاتفاقية 8 دول ليس من بينها سوى دولة عربية
واحدة هي مصر ، ولم تدخل هذه الاتفاقية حيز التنفيذ بعد ، لكن تنظيم اتفاقية تربس
لقواعد حماية الدوائر المتكاملة( المواد 35 - 38 ) ساهم في تزايد الجهد التشريعي
في هذا الحقل باعتبار ان من متطلبات العضوية انفاذ موجبات اتفاقية تربس التي من
بينها اتخاذ التدابير التشريعية المتفقة مع قواعدها ومن بينها طبعا قواعد حماية
الدوائر المتكاملة . ويظهر الجدول رقم 1 التدابير
تشريعية المتخذة من مختلف دول العالم بشان حماية الدوائر المتكاملة .
1-2-4
المصنفات
الرقمية في بيئة الانترنت
من الوجهة القانونية تثير
الانترنت العديد من المشكلات على نحو مستقل عن عالم الحوسبة والاتصالات ، وان كانت
هذه المشكلات في حقيقتها تمثل جزءا من مشكلات تقنية المعلومات برمتها ومثارة في
بيئتها ، ويمكن تاطير هذه المشاكل ضمن ثلاث طوائف :-
الاولى :- مشكلات عقود
الانترنت ابتداء من عقود الاشتراك في الخدمة مرورا بالعقود ذات المحتوى التقني ،
وعقود الجهات ذات العلاقة بمواقع الانترنت او عقود المستخدمين مع المواقع بما فيها
عقود طلب الخدمات والتسوق الالكتروني وعقود الخدمات المدفوعة والمجانية كعقود
البريد الالكتروني ورخص استخدام وتنزيل البرامج وعقود ورخص نقل التكنولوجيا وغيرها
من العقود التي تقع في نطاق العقود الالكترونية او العقود المبرمة عبر المراسلات
الالكترونية . والجامع المشترك بين هذه العقود والتصرفات المتصلة بالانترنت انها
تتعلق بالتنظيم القانوني للتعامل مع الانترنت وعبرها.
والثانية :- مشكلات حماية حقوق المستخدمين
والمتعاملين في بيئة الانترنت وتضم حقوق المستهلك بوجه عام وحماية الحق في الحياة
الخاصة وحماية حقوق الملكية الفكرية في بيئة الانترنت .
اما الثالثة :- فتتصل بمشكلات
امن المعلومات سواء بالنسبة لمواقع الانترنت او انظمة المستخدمين .
اما عن الطائفة الاولى فان
محل تناولها دراسات الاعمال الإلكترونية والتجارة الإلكترونية والبنوك الإلكترونية
، وبالنسبة للطائفة الثانية ، فان موضع دراستها يستتبع الفرع محل الدراسة ، فدراسة
حماية الحياة الخاصة مناطه دراسات حقوق الانسان وتاثرها بتقنية المعلومات او
الدراسات الجنائية الخاصة بامن العلومات محل دراسة الطائفة الثانية المشار اليها ،
ودراسة حماية المستهلك يكون مناطه الدراسات القانونية في حقل ميادين حماية
المستهلك من المخاطر الاقتصادية والصحية والثقافية والاجتماعية وغيرها . وبالنسبة
لحماية حقوق الملكية الفكرية في بيئة الانترنت فان محل تناولها دراسات الملكية
الفكرية عموما ودراسات حق المؤلف على وجه الخصوص . اما الطائفة الثالثة فان محل
تناولها دراسات امن المعلومات وجرائم الكمبيوتر والانترنت والاتصالات ،
والحماية القانونية لحقوق
الملكية الفكرية في بيئة الانترنت تثير التساؤل ابتداء بشان تحديد حقوق الملكية
الفكرية في بيئة الانترنت ، وتحديد المصنفات محل الحماية ، واستقصاء الحماية
اللازمة لمواجهة الاعتداءات والمخاطر التي تعترض هذه الحقوق ، وتقييم ما اذا
كانت القواعد القائمة ضمن تشريعات الملكية
الفكرية او غيرها من التشريعات كافية لتوفير الحماية لهذه الحقوق ام ان هناك ثمة
حاجة لتشريعات خاصة بالمصنفات محل الحماية في بيئة الانترنت ، وهذه المسائل لما
تزل مثار جدال ومحل بحث ، ونعرض فيما يلي لابرز المسائل المتصلة باسماء النطاقات
والنشر الالكتروني والوسائط المتعددة او محتوى الموقع كمقدمة لدراسات اكثر تعمقا
فيما تثيره هذه الموضوعات من اشكالات قانونية .
·
اسماء
نطاقات ( عناوين ) الانترنت Domain names
اسم النطاق أو الميدان أو
الموقع ( دومين نيم - Domain name ) هو في الحقيقة عنوان
إنترنت ، فالهاتف له رقم معين ( مثل
555555-6-0096) والعنوان البريدي له رقم صندوق مميز ورمز منطقة مميز ( وسط البلد ص.ب 2325 رمز 11118 ) وللإنترنت
أيضا عنوان مميز مثل ( www.arablaw.org )
ويتكون الدومين نيم من أجزاء
متعددة . الجزء الأكثر أهمية ومعرفة من قبل المستخدمين هو ما يعرف باسم النطاق
الأعلى( top-level
Domains ) وهو الجزء الأخير من العنوان ( com) وتدل على الشركات التجارية ، (edu) وتدل على مؤسسات التعليم ، (gov) وتدل على المواقع الحكومية ، ( net ) وهي الشبكات وعادة ما
تقدم خدمات عامة ، (mil) وهي للجيش الأمريكي (org) وهي للمنظمات .
أما الجزء الثاني من اسم
النطاق ، وهو على يسار اسم النطاق الأعلى ( أو الجزء المتوسط بين ثلاثة أجزاء )
فهو اسم أو رمز أو اختصار المؤسسة أو الشخص أو الجهة صاحبة الموقع ( CNN ) مثلا أو ( Arablaw ) …الخ
وقد احتدم النزاع حول أسماء
نطاقات الانترنت ، ومعمارية شبكة الانترنت والجهات التي تسيطر عليها ، وستكون
مسائل اسماء المواقع اكثر المسائل اثارة للجدل التنظيمي والقانوني في الفترة
القريبة القادمة ، وقد حسم جانب من الجدل مؤخرا حول اضافة مميزات جديدة للميزات
المشهورة (com,net,org,gov,edu ) وذلك باقرار اضافة
سبعة مميزات اخرى [INFO BIZ , PRO, NAME, AERO, COOP, MUSEUM,
] ، ويرجع الخبراء مشكلات اسماء النطاقات في بيئة
الانترنت الى استراتيجيات الشركات الكبرى
في هذا الشأن ، فهي التي قادت لواء معارضة
توسيع اسماء النطاقات ، حماية لأسمائها التجارية ، بل وتشكو في الوقت ذاته ، من
صعوبة السيطرة على النظام الحالي فهذه الشركات تخشى من أن تضطر لتسجيل مئات من
عناوين المواقع على شبكة ويب ، تفاديا للوقوع فريسة " المتوقعين
الفضائيين" cybersquatters ، الذين يعتمدون على التوقعات لكسب الاموال ( مثل ما يحدث في سوق
العلامات التجارية والمضاربات المالية ) ، والذين يقومون ، في عصر الانترنت ، بحجز
أسماء نطاقات شائعة الاستعمال ، لبيعها مستقبلا لمن يرغب .
غير أن المسألة ليست مقتصرة
على هذا الجانب وحده ، اذ توجد مسائل تقنية تستدعي الاجابة عليها ، مثل : كم
عنوانا يلزم اضافته ؟ وأي منها ؟ ومن الذي يتحكم بها ؟ ومن يبيع العناوين الجديدة
؟ ومن الذي سيفصل في النزاعات التي ستنشأ ؟
لقد اوجدت الحكومة الامريكية في
عام 1998 ، مؤسسة تسجيل اسماء وأرقام انترنت Internet Corporation for Assigned
Names and Numbers
- ICANN ، وهي منظمة غير ربحية ، مقرها في لوس انجلوس ، للاشراف على نظام
أسماء النطاقات على انترنت ، غير أن ICANN تورطت منذ انشائها ، في نزاع مكلف ومرير ، حول ميثاقها ، بشأن
السماح لشركات جديدة ببيع أسماء نطاقات شبكة ويب ذات الامتداد .com و .net و .org وهي عملية مدرة للارباح كانت مقيدة حصرا بشركة Network Solutions Inc ، بموجب عقد لها مع
الحكومة الامريكية . وقد توصلت شركة Network Solutions ، ومنظمة ICANN ، الى تسوية خلافاتهما ،
بموجب اتفاقية ، تحتفظ بموجبها Network Solutions ، بقائمة أساسية لأسماء النطاقات التجارية الحالية على شبكة ويب ،
مدة اربع سنوات اخرى مقابل دفع مبلغ لمنظمة ICANN .
ان السنوات القليلة القادمة
ستشهد حربا طاحنة بشان سياسات التعامل مع عناوين المواقع على الانترنت وكما تذهب
المعالجات والدراسات الاستراتيجية التي تنشر يشكل مكثف على شبكة الانترنت ، فان من
يسيطر على مقدرات هذا الموضوع سيسيطر على طريق المعلومات السريع .
وتعمل شركات عالمية في حقل
تسجيل المواقع اضافة الى خدمات استضافتها وتصميمها ، اما المواقع التي تنتهي باسم
الدولة فتختص بها جهة واحدة اضافة الى هيئة معنية في الدولة ، ونشارك البعض
اعتقادهم ان تاسيس هيئة ICANN خطوة للتمهيد الى خلق ما يسمى حكومة الانترنت
التي ستسيطر على مقدرات طريق المعلومات السريع وتتحكم بمصادر المعلومات في العالم
.
وحتى الان لا توجد ثمة
تشريعات شاملة ناظمة لمسائل اسماء
النطاقات وما اثارته من اشكالات قانونية خاصة عندما يكون الاسم مطابقا او مقاربا او
مشابها لاسم تجاري او علامة تجارية - طبعا اذا ما استثنينا القواعد التشريعية
التنظيمية للخدمات التقنية على الخط ومعايير تقديمها وقواعد حماية المستخدم من
مخاطر المحتوى الضار التي سنتها العديد من الدول الغربية - ، الا ان القضاء
الاوروبي وتحديدا في فرنسا تصدى لنظر عدد من الدعاوى بهذا الخصوص ، لكن مناط
التطبيق بشانها كان قوانين العلامات التجارية وقواعد حماية العلامات التجارية وليس
قواعد قانونية خاصة باسماء النطاقات ، وقد اثير في هذه الدعاوى مسائل التشابه بين
اسم النطاق والعلامة التجارية للغير او الاسم التجاري للغير ، وظهر جليا من هذه
الدعاوى ان التحدي القريب القادم سيكون في حقل ايجاد قواعد قانونية تنظم تسجيل اسماء النطاقات وتصنيفها وعلاقتها
بالعلامات والاسماء التجارية . وتعد الاستراتيجية التي انجزنها منظمة الوايبو في
حقل اسماء النطاقات ، وما تقوم به من نظر مثل هذه المنازعات عبر مركز التحكيم
والوساطة التابع للمنظمة الجهد الاميز نحو بناء نظام قانوني لاسماء المواقع وسنعمد
- على نحو تفصيلي - الى بيان ما يتصل بهذه الاستراتيجية ومحتواها وسياسات فض
منازعات اسماء المواقع والعلامات التجارية في الكتاب الثالث من هذه الموسوعة.
·
النشر
الالكتروني والوسائط المتعددة ( محتوى مواقع الانترنت)
الانترنت ، بوصفها طريقة اتصال تتيح تبادل المعلومات ونقلها
بكافة صورها ، مكتوبة ومرئية ومسموعة ، وباعتبارها ليست مجرد صفحات للمعلومات بل
مكانا للتسوق وموضعا للاعمال والخدمات ، وفضاء غير متناه من الصفحات لنشر الاخبار
والمعالجات والمؤلفات والابحاث والمواد ، فان محتوى مواقعها يتضمن الاعلان التجاري
والمادة المؤلفة والبث المرئي ، والتسجيل الصوتي و…. الخ ، وهذا يثير التساؤلات حول مدى
القدرة على حماية حقوق الملكية الفكرية على ما تتضمنه المواقع ، والذي قد يكون
علامة تجارية او اسما او نموذجا صناعيا او مادة تأليفية او مادة اعلان فنية او
رسما او صورة او … الخ .
ليس ثمة اشكال يثار في حالة كان محتوى الموقع مصنفا او عنصرا من
عناصر الملكية الفكرية التي يحظى بالحماية بشكل مجرد بعيدا عن موقع الانترنت ،
كعلامة تجارية لمنتجات شركة ما تتمتع بالحماية استخدمتها الشركة على موقعها على
الانترنت ، فما ينشر على الموقع هو بالاساس محل حماية بواحد او اكثر من تشريعات
الحماية في حقل الملكية الفكرية ، لكن الاشكال يثور بالنسبة للمواد والعلامات
والاشكال والرسومات التي لا يكون ثمة وجود لها الا عبر الموقع ، وبشكل خاص عناصر
وشكل تصميم الموقع والمواد المكتوبة التي لا تجد طريقا للنشر الا عبر الخط ( أي
على الانترنت ) ، ان هذه الاشكالات لما تزل في مرحلة بحث وتقصي واسعين من قبل
خبراء القانون والملكية الفكرية في مختلف الدول
، سيما بعد شيوع التجارة الالكترونية وانجاز العديد من الدول قوانين تنظمها
، باعتبار ان احد تحديات التجارة الالكترونية مسائل الملكية الفكرية ، وفي هذا الصدد فانه من المفيد الاشارة الى ان
لجنة التجارة الدولية في هيئة الامم المتحدة (اليونسترال) قد وضعت مشروع قانون نموذجي
للتجارة الالكترونية عام 1996 اعتمد اساسا لصياغة ووضع العديد من التشريعات
الاجنبية المنظمة للتجارة الالكترونية ، لكن هذا القانون النموذجي لم يتعرض لمسائل
الملكية الفكرية المثارة في بيئة التجارة الالكترونية لما تنطوي عليه من اشكاليات
وتناقضات حادة .
اما بالنسبة للوسائط المتعددة
المستخدمة على نحو متنام في ميدان بناء ومحتوى مواقع الانترنت ، فانه يقصد بها
وسائل تمثيل المعلومات باستخدام اكثر من
نوع من الوسائط مثل الصوت والصورة والحركة والمؤثر ويتميز هذا المصنف - ان جاز اعتباره
كذلك - بمزج عدة عناصر :- نص ، صورة ،صوت ،
وتفاعلها معا ،عن طريق برنامج من برامج الكمبيوتر ، وتسوق تجاريا عن طريق دعامة
مادية مثل الدسك او السي دي ( CD) او يتم توزيعها او انزالها عن طريق خط الاتصال بشبكة الانترنت ،
ويرى جانب من الفقه ان هذه المصنفات محمية بموجب القواعد العامة لحماية المصنفات
الادبية دون حاجة لافراد قواعد جديدة ، باعتبارها - لدى البعض - تتميز بتدخل
برنامج كمبيوتر يسمح بالتفاعل بين وسائل التعبير المتعددة ( وبرنامج الكمبيوتر محل
حماية ) او لانها بمفرداتها محل حماية باعتبار هذه المفردات من المصنفات الادبية
اصلا :- المواد المكتوبة ، المواد السمعية والمرئية ، الاداء .. الخ . وكلما توفر فيها عنصر الابتكار تحقق شرط
الحماية المطلوب لحماية المصنفات الادبية . او باعتبارها من قبيل قواعد البيانات
المحمية بموجب نصوص صريحة .
والابتكار في ميدان الانترنت
ليس شرط حماية فقط ، بل عنصرا رئيسا في وجود الموقع وتحقيق النجاح والقدرة على
المنافسة ، ويظهر الابتكار في تصميم صفحة الويب (الموقع) وما تتضمنه من رسومات او
ما يصاحبه من موسيقى او عناصر حركية كما يتوفر الابتكار في المواد الصحفية
والتقارير الاخبارية المنشورة عبر الانترنت
ان موضوع حق المؤلف والبيانات
الرقمية Copyright
and Digital Data لا يزال في نطاق البحث
والتقصي ، ومع ذلك فقد انجز الكثير منه في الوقت الحاضر سواء على المستوى الدولي
ام الوطني ، وتهيء اتفقيتا المنظمة العالمية للملكية الفكرية بشان حق المؤلف
والحقوق المجاورة لعام 1996 الى الانطلاق نحو بناء نظام قانوني لحماية المحتوى
الرقمي ، وهو ما سنتناوله تفصيلا في الكتاب الثالث من هذه الموسوعة . ونكتفي في
هذا المقام بالقول ان أحد اكثر الأخطاء الشائعة في حقل قانون الكمبيوتر أن حق
المؤلف لا ينطبق على البيانات الرقمية ( Digital Data ) وتحديدا في بيئة الإنترنت . ان قوانين حق المؤلف قد تنطبق على
بيئة الإنترنت وفقا للنظام القانوني مدار البحث
وثمة جهد دولي واسع لتمتد الحماية للبيئة الرقمية تماما كما تحققت في عالم الموجودات
والحسيات ، وليس معنى تخلف الحماية واحيانا الجدل حول توفرها اهدار حق المؤلف مثلا
في بيئة الانترنت ، فحتى في بيئة الإنترنت ، فانك
لا تزال بحاجة الى إذن المؤلف ( Author's permission )
2. الاتجاه التشريعي للاعتراف بالحماية القانونية للمصنفات الرقمية
ان حماية البرمجيات وقواعد
البيانات وطوبوغرافيا الدوائر المتكاملة ، كان واحدا من اهتمامات المؤسسات
التشريعية في العديد من الدول منذ الثمانينات ( وبعضها قبل ذلك ) ، وتعد موجة
التشريع في حقل حماية هذه المصنفات الموجة الثالثة لتشريعات عصر المعلومات او ما
يطلق عليه قانون الكمبيوتر سبقتها – كما
اوضحنا في الفصل الاول - تشريعات حماية البيانات الخاصة (الخصوصية) وتشريعات جرائم
الكمبيوتر .
وقد خضعت تشريعات الملكية
الفكرية في هذا الحقل الى العديد من التعديلات الناجمة عن ضرورة التقاطع والتواؤم
مع الطبيعة المتغيرة والسريعة لحقائق وابتكارات عصر المعلومات، الذي كانت سمته
التحولات الدراماتيكية في زمن قياسي .
ان الوقوف التفصيلي على محتوى
هذه التشريعات واتجاهات الحماية وقواعدها سيكون موضوع الكتاب الثالث من هذه
الموسوعة ، ونكتفي في هذا المقام بابراز ما اظهره البحث التحليلي بشان السمات العامة
لهذه التشريعات ، وتعداد قائمة القوانين
الوطنية التي تناولت بالمعالجة والتنظيم
الحماية القانونية لمصنفات المعلوماتية المذكورة ، وتسهيلا للعرض فاننا
نظمنا جداول تحدد السمات العامة والمحتوى العام لتشريعات حماية البرمجيات وقواعد
البيانات والدوائر المتكاملة وقائمة بهذه التشريعات على نحو ما انتهجنا بالنسبة
لبقية موضعات قانون الكمبيوتر (انظر الجدول رقم 1 وتفرعاته) . اما بالنسبة
للنشر الالكتروني واسماء المواقع فكما قدمنا فان الجهود التشريعية لما تزل في
مرحلة المخاض حتى بالنسبة للدول التي قطعت شوطا في التدابير التشريعية في هذا
الحقل ، اذ لما تزل عناصر هاتين المسالتين محل جدل واسع تلقي بظلالها على محتوى
التشريع وقواعد التنظيم . .
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب