حواس للمحاماه

نشكركم على اختياركم لمنتدانا و نتمنى ان تقضى وقت ممتعا و يشرفنا ان تكون احد افراد اسرتنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

حواس للمحاماه

نشكركم على اختياركم لمنتدانا و نتمنى ان تقضى وقت ممتعا و يشرفنا ان تكون احد افراد اسرتنا

حواس للمحاماه

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
حواس للمحاماه

قانوني . اسلامي - برامج . صيغ - دعاوى - معلومات

انت الزائر رقم

.: عدد زوار المنتدى :.

مرحبا بالزائرين

المواضيع الأخيرة

» التفكر في الاية 42 من سورة الزمر (رقم 39)
ما المقصود بالأفغان العرب؟ I_icon_minitimeالخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود

»  "خواطر "يا حبيبتي
ما المقصود بالأفغان العرب؟ I_icon_minitimeالجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود

» خواطر "يا حياتي "
ما المقصود بالأفغان العرب؟ I_icon_minitimeالجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود

» الطريق الى الجنة
ما المقصود بالأفغان العرب؟ I_icon_minitimeالأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود

» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
ما المقصود بالأفغان العرب؟ I_icon_minitimeالأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
ما المقصود بالأفغان العرب؟ I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
ما المقصود بالأفغان العرب؟ I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
ما المقصود بالأفغان العرب؟ I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
ما المقصود بالأفغان العرب؟ I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

مرحبا بك


counter globe

الاكثر زياره


    ما المقصود بالأفغان العرب؟

    Admin
    Admin
    Admin


    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 2987
    تاريخ الميلاد : 18/06/1970
    تاريخ التسجيل : 27/09/2009
    العمر : 53

    ما المقصود بالأفغان العرب؟ Empty ما المقصود بالأفغان العرب؟

    مُساهمة من طرف Admin الأحد فبراير 20, 2011 3:19 pm

    ما المقصود بالأفغان العرب؟

    د. نشأت
    حامد عبد الماجد - أستاذ العلوم السياسية المشارك بجامعتي لندن والقاهرة


    كانت بداية ظاهرة
    الأفغان العرب مع انتهاء الحرب الأفغانية 1992م، حيث كان
    على المتطوعين العرب الذين اشتركوا في الجهاد الأفغاني
    ضد الروس، والذين
    قدرت
    بعض المصادر أعدادهم بحوالي ستة آلاف - ليسوا كلهم ممن تحولوا فيما
    بعد أفغانًا عربًا بالطبع - أن يبحثوا عن
    ساحات أخرى غير أفغانستان؛ لتصريف
    الرصيد
    المعنوي والديني، ولتوظيف الطاقات والخبرات الجهادية والقتالية
    فيها.

    أما المفهوم أو المصطلح
    المعبِّر عن الظاهرة فقد كان أسبق ظهورًا؛ إذ ظهر
    في سياق الأحداث الجزائرية 1990م، حيث تناقلت أجهزة
    الإعلام أخبارًا عن
    أحداث
    عنف سياسي قامت بها مجموعات من الشباب الجزائري تدرَّب في أفغانستان،
    وأطلقت عليهم "الأفغان
    الجزائريون"، ثم تردَّد المفهوم في بلاد أخرى
    مرتبطًا بأحداث عنف سياسي مماثلة، ومنذ ذلك الوقت
    والظاهرة مُثارة يرتفع
    الاهتمام
    بها مع كل حادثة من حوادث العنف السياسي، ثم يخبو مرة أخرى، غير
    أنها موجودة؛ ولذلك هي محل دراسة وموضع
    اهتمام من جهات متنوعة، الاهتمامات
    تبدأ
    من المراقبين والإعلاميين، وأجهزة الأمن، ورجال السياسة
    والإستراتيجية، بالإضافة إلى الباحثين والمحللين
    السياسيين. والجدير بالذكر
    أن هذا
    المفهوم والاصطلاح فيما يبدو مقبول أو على الأقل لم يَسْعَ الأفغان
    العرب لنفي إطلاقه عليهم أو استخدامه في
    التعبير عنهم، وهو ما يعطي للباحث
    المشروعية
    العلمية في استخدامه بوجه عام، دون تحميله بالضرورة بكل دلالات
    السياق الذي ظهر فيه.

    ونقصد
    بالأفغان العرب
    "مجموعات من المجاهدين العرب من غير الأفغان الذين شاركوا في الجهاد
    ضد السوفييت والحكم
    الشيوعي
    في كابول، والذين اتجهوا لمقاتلة حكومات بلادهم أو حكومات دول
    أجنبية، بعد أن انتهت مبررات الجهاد
    الأفغاني، ويمكن تسميتهم "مجاهدون بلا
    حدود" أو "مقاتلون عبر الدول" أو
    "المقاتلون متعدِّدو الجنسيات"، وهم من
    الظواهر التي برزت بعد انتهاء الحرب، وكانوا أحد
    المتغيرات المهمة التي
    ساعدت
    على انهيار الاتحاد السوفييتي، وتطوَّرت في إطار المتغيرات المتعلقة
    بما يطلق عليه ظاهرة العولمة؛ ولذلك فلم
    يقيموا اعتبارًا يُذكر لظاهرة
    السيادة
    المرتبطة بفكرة الدولة القومية، ومن ثَم لا يعتبرون الحدود
    السياسية بين بلاد العالم الإسلامي أو حتى
    على المستوى العالمي حائلاً عن
    نصرة
    القضايا العادلة من وجهة نظرهم، ومن ثَم يتجهون لنصرة إخوانهم
    المسلمين عامة، ومن تيارات العنف خاصة الذين
    يتصورنهم يتعرضون للإبادة، أو
    واقعين
    تحت ضغوط خارجية أو داخلية، ويتجهون لمحاربة ما يرونه قوى الظلم
    والشر على المستوى العالمي.

    فالأفغان العرب
    بالأساس خلاصة ما تبقَّى من المجاهدين غير الأفغان
    الذين احتضنتهم معسكرات بيشاور، وجلال آباد، وقندهار،
    ومعسكرات الحدود
    الباكستانية
    - الأفغانية ما بين 1979 - 1992م، ووفقًا لما يذهب إليه البعض
    فإن الأفغان العرب - رغم اختلاف جنسياتهم -
    يشكِّلون نوعًا من التنسيق فيما
    بينهم،
    يصل إلى ما يمكن تسميته "بالدولية الأممية" أو "الجيش الأممي
    "، وبالتالي
    أصبح لهم وجود مستقل عن دولهم، الأمر الذي يمكن معه إدراجهم في
    دائرة الفواعل أو القوى فوق أو عبر القومية ( Trans-NationalActors ) في إطار العلاقات والتفاعلات الدولية، والتي تملك إلى حد
    ما نوعًا من التأثير
    على
    هذا المستوى حسب التحديد العلمي لمفهوم القوى الشعبية الفاعلة على
    المستوى الدولي.



    1-
    الأفغان العرب ليسوا
    من المواطنين الأفغان بل من الشباب العربي والمسلم
    الذي التحق بالمجاهدين الأفغان، وبعد عودتهم إلى بلادهم
    – أو بلاد أخرى
    اتجهوا إلى ممارسة أعمال العنف السياسي
    والقتال، مستفيدين من خبرتهم
    ومهاراتهم
    العسكرية التي اكتسبوها أثناء الحرب وبعدها في أفغانستان،
    وبالتالي لا مجال للخلط بينهم وبين حركة
    طالبان أو أية مجموعة من مجموعات
    الأفغان..

    2-
    ينتمي معظم الأفغان
    العرب إلى أجيال شابة، أي من فئة عمرية غالبًا ما
    تتراوح بين 20 - 35 عامًا، وهذا يعني أنهم عندما ذهبوا
    إلى أفغانستان ربما
    كانت
    أعمارهم تتراوح بين 15 - 20 عامًا، وهي مرحلة تكوين فكري، حيث عاشوا
    سنوات عدة في المعسكرات الأفغانية في
    الثمانينيات ومطلع التسعينيات،
    وتدرَّبوا
    على الأسلحة الخفيفة والثقيلة، إلى جانب الخبرات العملية
    المتنوعة، إضافة إلى تلقينهم جرعات مكثَّفة من الأفكار
    التي تركز على
    استخدام
    القوة لإحداث التغيير المطلوب، وهذه إحدى الإستراتيجيات التي تستند
    إليها فلسفة الجماعات الإسلامية العنيفة.
    ويرى بعض علماء النفس أن هؤلاء
    الشباب
    عندما يقدمون على تنفيذ عملياتهم لا يراودهم أدنى شك في أخلاقية
    عملهم، وأنه مبرر دينيًّا؛ بسبب عمليات
    "غسيل الدماغ"، والتلقين الفكري
    والمذهبي التي تعرضوا لها في هذه السن المبكرة في
    معسكرات التدريب
    الأفغانية
    وسط أجواء الحرب، فقد تشكَّلت عقولهم، ووجهت سلوكياتهم بناء على
    هذه العمليات التي قام بها، خاصة بعض قادة
    حركتي الجهاد والجماعة الإسلامية
    المصريتين
    خاصة، وقادة الفكر السلفي الجهادي عامة
    .

    3-
    تأسَّست البنية
    التنظيمية المنتجة لظاهرة الأفغان العرب على جانبين
    الأول: الجانب الإغاثي، فالمتطوعين العرب في إطار
    الإغاثة "الإسلامية
    "
    شكَّلوا القطاع الأكبر،
    وقدَّموا العون للاجئين الأفغان المقيمين على
    الحدود الباكستانية - الأفغانية، أو داخل أفغانستان
    ذاتها، ويقدِّر البعض
    عددهم
    في بداية التسعينات بـ13 ألف متطوع من الأطباء والمهندسين والمدرسين
    وغيرهم، والثاني: الجانب القتالي يمثِّله
    مجموعات المتطوعين المقاتلين
    الذين
    دعَّموا الفصائل الأفغانية الذين جاءوا من معظم البلاد العربية،
    إضافة إلى متطوعين من أقليات إسلامية في
    بلدان أوربية وآسيوية، وقد تلقُّوا
    تدريبهم
    على أيدي عناصر تنتمي إلى الجماعات العنيفة في بلدانها، وطبقًا
    لأحد التقديرات حول أعدادهم فإنها قد تصل
    إلى نحو 6 آلاف شخص
    .

    4-
    تلقَّت عناصر
    الأفغان العرب المقاتلة ثلاثة أنواع من الإعداد خلال سنوات
    الحرب الأفغانية وما تلاها، تتمثل في إعداد
    عسكري واستخباراتي وأيديولوجي،
    فعلى
    صعيد الإعداد العسكري تلقّوا تدريبات تتصِّل بخوض حرب استنزاف، ما
    يتطلبه ذلك على مستوى العمليات العسكرية من
    القدرة على القيام بأعمال حرب
    العصابات،
    والمدن، والتفجيرات بمختلف مستوياتها، والقنص، والاغتيال، وغير
    ذلك، أما الإعداد الاستخباراتي فيتصِّل
    باستكمال الجوانب السابقة من
    استطلاع،
    ورصد، ومراقبة، واتصال، وتبادل معلومات، وتلقِّي التكليفات. أما
    الإعداد الفكري والأيديولوجي فيركِّز على
    التلقين الديني، وتوصيل مفاهيم
    ومضامين
    معينة، تتعلق بالتعامل مع الحكومات، والمجتمعات، والقوى السياسية
    والدينية المختلفة.

    5-
    أسفرت خبرة الحرب
    الأفغانية عن آثار متعددة ترجمت الملامح الهيكلية
    للوليد الجديد – الأفغان العرب - من أهمها: من ناحية أولى:
    إقامة علاقات
    واسعة
    مع الجماعات الإسلامية العنيفة على مستوى عالمي، ومن ناحية ثانية
    : إقامة شبكة علاقات واسعة بأثرياء العرب الذين قاموا
    بتمويل عمليات القتال
    في
    أفغانستان، ومن ناحية ثالثة: استخدام البيئة الأفغانية كفرصة للتدريب
    العسكري، ومن ناحية رابعة: تطوير علاقات
    واسعة مع الحركات والأحزاب
    الأفغانية
    الذين وفَّر بعضهم مظلَّة الحماية على هذه العناصر، وحال دون
    تسليمهم لحكومات، مثلما فعل الحزب الإسلامي
    بقياد قلب الدين حكمتيار، وحركة
    طالبان
    الحاكمة في أفغانستان حاليًا
    .

    6-
    انعكست الخبرات
    السابقة للجماعات الإسلامية العنيفة في الجهاد على ملامح
    أداء الأفغان العرب بعد ذلك خاصة في تقويته، وتكامل
    أبعاده، وتتمثل الخبرة
    في
    خمسة عناصر: الأول: إعداد "الطليعة المجاهدة" أو الكادر القتالي ذي
    المهارات العالية. والثاني: القدرة على
    التخطيط المحكم، وجمع المعلومات عن
    الأهداف،
    ومسرح العمليات وعناصره الثابتة والمتغيرة، والقدرة على متابعة
    الهدف. والثالث: تطوير القدرات الاتصالية
    الداخلية والخارجية. والرابع
    : تطوير نظام الأمن التنظيمي الصارم، والربط
    بين القيادات في الداخل والخارج
    . والخامس: استخدام الكادر "الجهادي
    الطليعي" المدرَّب في أفغانستان وإعادة
    زرعه داخل الدولة المستهدفة، سواء لتولي قيادة بعض
    العمليات
    أو
    المشاركة
    فيها
    مع عناصر أخرى بما لديها من خبرات واسعة، الأمر الذي ظهر في عملياتهم
    العنيفة ضد حكومات بعض الدول العربية وضد
    أهداف أمريكية
    .

    7-
    لا يدخل في نطاق
    ظاهرة الأفغان العرب كل من شارك في الجهاد الأفغاني من
    "المجاهدين
    العرب"، فكثير من المجاهدين العرب المشاركين في القتال ضد
    السوفييت عاد إلى بلاده، واندمج بعضهم في
    الحياة السياسية العامة، وقد نجحت
    حكومات
    عربية عدة، مثل: اليمن، والأردن، ودول خليجية في استيعاب معظم
    مواطنيها الذين شاركوا في الجهاد.

    8-
    يدخل ضمن الأفغان
    العرب قادة الحركات الإسلامية العنيفة الذين مكثوا في
    أفغانستان لفترات ممتدة، والكثير من المتطوعين العرب
    حتى وإن لم يشاركوا في
    القتال،
    فالذي يجمعهم مع وجودهم بداية في أفغانستان تقارب رؤاهم الفكرية
    والحركية، ودعوتهم لاستخدام العنف لتغيير
    الحكومات، ولمحاربة قوى الكفر
    العالمي
    وفق تصورهم، حتى وإن لم يمارسوا أنفسهم القتال. ويرى البعض أنه لا
    ينبغي المبالغة في حجمهم؛ إذ يعتقد أن نسبة
    الجماعات الجهادية المنظمة التي
    شاركت
    في الجهاد الأفغاني من العرب الذين توجهوا إلى أفغانستان ضئيلة من
    حيث العدد، وإن كانت مرتفعة المهارة من
    الناحية النوعية، وإن البعض الآخر
    يشير
    إلى النجاح الواسع الذي تلاقيه هذه الظاهرة في الانتشار، والتعمق
    الأفقي والرأسي، أي من حيث الكمية والعدد،
    أو من حيث النوعية، والكفاءة،
    والعدة


    أسباب نشأة الأفغان العرب


    تشكَّلت بدايات ظاهرة الأفغان العرب في إطار تفاعل متغيرات دولية، وإقليمية عربية وإسلامية، وداخلية أفغانية تدور حول الحرب الأفغانية، وما ارتبط بها بداية بحدوث الانقلاب الشيوعي عام 1978م، وتدخل القوات السوفييتية بالاستدعاء؛ لدعم الانقلاب في مواجهة الفصائل الإسلامية "المجاهدون الأفغان" التي قادت العمل المسلح ضد حكومة الانقلاب والقوات السوفيتية، وقد بدأت الولايات المتحدة في مساندة مجموعات المجاهدين في إطار عملية استنزاف ضد الاتحاد السوفييتي، فقامت بتقديم الدعم السياسي والمادي، وأطلقت وسائل الإعلام الأمريكية على المجاهدين الأفغان اسم
    "
    المقاتلين من أجل الحرية"
    (A fghan Freedom Fighters”).



    وعلى مستوى الإطار الإقليمي العربي والإسلامي بدأت بعض الحكومات بتقديم مساعدات متنوعة، وعلى المستوى غير الرسمي سمحت بحركة تطوع من مواطنيها لدعم أفغانستان، دخل في إطارها أعدادًا من أعضاء وقيادات الجماعات الإسلامية العربية المعتدلة والعنيفة لأسباب مختلفة منها قناعات جهادية من ناحية، أو للهروب من أحكام قضائية تصدرها المحاكم العسكرية ومطاردة السلطات لهم لتنفيذها من ناحية أخرى.


    وسوف نتناول فيما يلي الإطارين المحلي والإقليمي الذي شهد مولد الظاهرة وشكل ملامحها الأساسية، وبعد ذلك نتناول الإطار الدولي الذي شهد معظم تفاعلاتها.


    الإطار المحلي.. القضية الأفغانية
    وتداعياتها
    في الحرب الأهلية:


    مثَّلت للقضية الأفغانية في لحظة تاريخية معينة نموذجًا فريدًا لقضية إسلامية تجد خصائصها وفقًا لأحد الباحثين فيما يلي:


    1 - قضية شعب مسلم وقع تاريخيًّا في منطقة الدوامات العنيفة لصراع القوى الكبرى البريطانية والروسية، ثم الأمريكية والسوفييتية، وعرف عنه المقاومة العنيفة لكل أشكال هذا الوجود وعدم الاستسلام..


    2 - حالة جهاد شعبي ضد غزاة يمثلون إحدى القوتين الكبريين، حينئذ استخدموا عناصر محلية كمقدمة لقهر هذا النضال والجهاد.


    3 - صراع بين شعب يتمسك بإسلامه ضد قوى مصمِّمة على اقتلاع الطابع الإسلامي من حياته ومن حياة الأجيال القادمة.


    4 - صراع ذو طابع ديني يجري في إطار أوسع بين القوى المناهضة للإسلام، والعالم الإسلامي كله، ومن هذه الزاوية فالقضية هي محاولة اقتطاع دولة إسلامية من الحظيرة الإسلامية وإدخالها إلى دائرة الشيوعية حينئذ.


    في إطار التفاعلات الفكرية والتنظيمية والعسكرية للقضية الأفغانية، خاصة في مراحلها الأخيرة جاء مولد ظاهرة الأفغان العرب أو البذور الأولى لها، بحيث يمكن ربط مولدها بداية بتلك الأحداث، خاصة مع بداية الحرب الأهلية، وإن كانت تطوراتها وتبلورها فيما بعد قد ارتبط بتفاعلات أقوى على المستويين الإقليمي والدولي، حتى وصول حركة طالبان إلى السيطرة شبه الكاملة على الأوضاع في أفغانستان..


    الإطار الإقليمي العربي والإسلامي : - بناء على الرؤية والإدراك السابق للقضية الأفغانية كقضية إسلامية جاء الدعم من الإطار العربي والإسلامي، ويمكن رصده على المستويين التاليين:


    1) المستوى الرسمي:
    تمثل الدعم السياسي بداية في ردود الفعل الإقليمية الإسلامية والعربية الرسمية والتي جاءت ملتقية مع الاتجاه العام في الأمم المتحدة، وأدى هذا التوافق بفضل الدعم الأمريكي إلى استصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة بإدانة الغزو ومطالبة موسكو بسحب قواتها فورًا، وفي هذا الإطار انعقدت دورة طارئة لوزراء خارجية الدول الإسلامية في إسلام آباد بناء على طلب بنجلاديش خلال الفترة من 27 - 29 يناير 1980م تم فيها إدانة الغزو السوفييتي، والمطالبة بالانسحاب الفوري، ومقاطعة دورة الألعاب الأولمبية في موسكو، ووقف عضوية حكومة كابول في منظمة المؤتمر الإسلامي؛ بسبب تواطئها مع الغزاة، والمطالبة بقطع العلاقات معها، ومساندة اللاجئين الأفغان، واستمرت القضية الأفغانية تتصدر اجتماعات وقمم منظمة المؤتمر الإسلامي، ويلاحظ أنه على الرغم من ظهور حركة الجهاد بعد الغزو بقليل والسماح لقادته بعرض القضية أمام المؤتمرات الإسلامية، فإن ظهورها رسميًّا في سجلاتها لم يلحظ إلا في مؤتمر فاس الوزاري في يناير 1986م؛ ليقرر المؤتمر مساندته للمقاومة الأفغانية في تحرير بلادها، والحفاظ على استقلالها وهويتها الإسلامية.


    وقد قرَّر المؤتمر الوزاري الإسلامي في الرياض عام 1989م بمبادرة وجهود سعودية مكثَّفة أن تحل حكومة المجاهدين محل حكومة كابول في مقعد أفغانستان في المنظمة، وذلك دون الاعتراف بحكومة المجاهدين، وبأنها بديلاً عن حكومة كابول، وهو موقف وسط استهدف فيما يبدو الضغط على موسكو. ورغم أن الدعم الرسمي العربي والإسلامي كان حالة عامة، فإن الدور الذي لعبته كل من الباكستان والسعودية كان محوريًّا في هذا الإطار، فقد تحملت باكستان العبء الأكبر سياسيًّا وعسكريًّا وإنسانيًّا في القضية الأفغانية، حيث فتحت أراضيها خاصة في بيشاور لحكومة المجاهدين، واستقبلت حوالي خمسة ملايين لاجئ أفغاني. وقد تعرَّضت المدن الباكستانية الحدودية للقصف السوفييتي، وتحوَّلت مناطق من أراضيها إلى ساحات قتال بين أطراف الصراع الأفغاني فيما بعد من شكلت البيئة التي ولدت في أجوائها ظاهرة الأفغان العرب.


    أما الحكومة السعودية فقد ساندت الجهاد الأفغاني وتولت مهمة الدعم المادي واللوجستي عبر علاقات مباشرة بدرجة واسعة، وفي هذا الصدد أيضًا قدمت مصر أيضًا بعض السلاح والذخيرة والمعدات العسكرية عبر الهيئة العربية للتصنيع، كما قدمت دعمًا سياسيًّا رسميًّا، كما سمحت بجمع التبرعات، وسهَّلت مهمة التطوع أمام من يريد من المواطنين، والواقع أن المستوى غير الرسمي هو الأساس في نشأة الظاهرة كما سنرى، لكنه استفاد بدرجة كبيرة من الدعم الذي تم تقديمه على المستوى الرسمي، والذي جاء في بعض الأحيان عن طريق مؤسسات شبه رسمية وحكومية تولَّت العمل الإغاثي بالأساس، وكان أبرزها:
    الهلال الأحمر السعودي، ولجنة الدعوة الإسلامية، والهلال الأحمر الكويتي، وهيئة الإغاثة الإسلامية، ورابطة العالم الإسلامي، ولجنة البِرّ الإسلامية، والهلال الأحمر الإماراتي، والوكالة الإسلامية للإغاثة
    (
    إسراء)، ومكتب الخدمات العربي، وهي منظمات شبه رسمية حكومية - باستثناء الأخير - وقد تمَّت الموافقة على تأسيس فروع لها في بيشاور، وهي تعتبر امتدادًا لمنظمات خارج أفغانستان تعمل تحت إشراف دولها، وبالتنسيق معها، ومع وجود شعبي غير رسمي، حدث نوع من الخلط لدى بعض المحللين بين العاملين في هذه المؤسسات والعرب الذين قدموا للمساعدة في القتال والجهاد والذين أصبح يطلق على كثير منهم الأفغان العرب، وقد استمر العمل الإغاثي في أفغانستان على الرغم من انتهاء الحرب؛ نظرًا لاستمرار مشكلة اللاجئين. ولكن وجود عناصر من المجموعات المقاتلة في بيشاور، ويعمل بعضها في إطار مؤسسات الإغاثة سرعان ما أثار قلقًا لدى السلطات الباكستانية والحكومات العربية، وتم تقليص هذا الوجود حتى أنها صُفِّيت تقريبًا في أعقاب حادث تفجير السفارة المصرية في إسلام آباد في نوفمبر 1995م.
    Admin
    Admin
    Admin


    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 2987
    تاريخ الميلاد : 18/06/1970
    تاريخ التسجيل : 27/09/2009
    العمر : 53

    ما المقصود بالأفغان العرب؟ Empty رد: ما المقصود بالأفغان العرب؟

    مُساهمة من طرف Admin الأحد فبراير 20, 2011 3:23 pm

    2) المستوى غير الرسمي الذي ساهم في
    نشأة
    ظاهرة الأفغان العرب:


    يُعَدُّ هذا المستوى أساس نشأة الظاهرة، ويمكن أن نقسمه إلى قسمين: الأول:
    في مجال الإغاثة، والتعليم، والإعلام. والثاني: في ميدان القتال، وبالطبع لا يمكن نفي وجود علاقة ما بين البعدين، فلا شك أن من بين من تواجدوا في ميدان القتال والعمل العسكري من كان يحرص على أن يكون له دور في العمل الإغاثي، بل وممارسة دور إعلامي، كما أن بعض العاملين في مجال الإغاثة يمكن أن يكونوا تلقوا تدريبًا عسكريًّا؛ نظرًا لطبيعة عملهم في ساحة المعارك في بعض الأحيان، الأمر الذي أدى إلى صعوبة التمييز في الأحيان بين الفريقين، إلا أنه يبقى من الضروري والمفيد التمييز بين هذه القسمين، فالقسم الأول يغلب عليه الجانب الإغاثي، وشاركت فيه حركات إسلامية معتدلة، وبخاصة الإخوان المسلمين، وكثير من الدعاة المستقلين.. أما القسم الثاني الذي ركَّز على القتال والتدريب العسكري فيمكن أن نرصد فيه جانبين أيضًا: أحدهما المتطوعون العرب من أجل نصرة القضية الأفغانية، ومعظمهم غير مرتبط بتنظيمات، والثاني: أعضاء الجماعات الإسلامية العنيفة الذين أدركوا أهمية القضية الأفغانية كساحة للتدريب وممارسة العمل العسكري استعدادًا للجهاد مستقبليًّا ضد حكومات بلادهم أو القوى العالمية المحاربة للإسلام...


    العلاقة بين القسمين الإغاثي والقتالي وفَّرت - ولو بشكل غير مباشر - البيئة الملائمة لظهور الأفغان العرب، كأحد الآثار غير المباشرة للحرب الأفغانية وما رافقها وأعقبها من تداعيات، ولفهم ذلك يمكن أن نفصل بعض الشيء في
    القسمين من العمل في
    إطار القضية
    الأفغانية.


    (أ) القسم الأول: العمل الإغاثي غير الرسمي: - يمكن أن نرصد دور نقابة الأطباء المصرية التي كان يسيطر على مجلس إدارتها حينئذ جماعة الإخوان المسلمين، والتي قدَّمت الدعم المادي عن طريق جمع الأموال، وإرسال نخبة من الأطباء ذوي الكفاءة، وقد أمدَّت النقابة المؤسسات الإسلامية الإغاثية الحكومية منها والشعبية بطاقات بشرية كبيرة من الأطباء، وكانت النقابة قد بدأت جهودها منذ عام 1984م واستمرت حتى أوائل التسعينيات.


    كما قدَّم الإخوان المسلمون أشكالاً أخرى من الدعم المباشر، مثل: جمع التبرعات، والأموال، وإرسال مستشارين لقادة الجهاد، وإرسال مدرسين وأطباء من كافة أنحاء العالم، وتنظيم الندوات واللقاءات مع الجماهير. كما وفَّروا زخمًا إعلاميًّا من خلال الصحف والمجلات التي يصدرونها أو القريبة منهم، مثل: "الدعوة" و"لواء الإسلام" المصريتين، و"الإصلاح" الإماراتية، و"المجتمع" الكويتية، ومن خلال المراكز الإسلامية المنتشرة في أوروبا وأمريكا، وكذلك أسَّسوا مؤسسة إغاثية "لجنة الدعوة الإسلامية" اهتمت بإنشاء المدارس والمعاهد في المخيمات وفي بيشاور، وأنشأت معاهد عليا مثل المعهد "الشرعي"، وجامعة في ضواحي بيشاور أطلق عليها جامعة "الدعوة والجهاد"، وعلى صعيد الدور السياسي حرص الإخوان على الالتقاء بقادة الجهاد الأفغاني دوريًّا لتوحيد صفوفهم، وقد نجح المرحوم كمال السنانيري عام 1980م في جمع قادة المنظمات الأفغانية في مكة المكرمة، حيث وقَّعوا وثائق تنازل عن قياداتهم لمنظماتهم، واستعدوا للانضمام إلى تنظيم واحد هو "الاتحاد الإسلامي لمجاهدي أفغانستان" الذي جمع المنظمات المتصارعة ورأسه عبد ربِّ الرسول سيَّاف، ولكنه تمزَّق بعد شهور، وتُوفِّى السنانيري في السجن بمصر في ظروف غامضة بعد إلقاء القبض عليه ضمن حملة اعتقالات رموز المعارضة المصرية في آخر عصر السادات 1981م، وقد استمر الإخوان في القيام بدور الوساطة، وتقريب وجهات النظر بين فصائل المجاهدين، وبينهم والحكومة الباكستانية، فقد قام المرحوم صلاح شادي في 1989م بجهود من هذا القبيل عقب توقيع باكستان اتفاقية جنيف في أبريل 1989م والتي رفضتها الفصائل الأفغانية.


    (ب) العمل العسكري والنشأة الحقيقية للأفغان العرب:


    مثلت الحالة "الأفغانية حالة نموذجية لاستقطاب المتطوعين من جميع أنحاء العالم؛ نظرًا لما تمثله من تطبيق لفريضة دينية "الجهاد"، وكان لكثير من العلماء في مصر والسعودية وباكستان وأفغانستان دور كبير في تعبئة المتطوعين، وبخاصة من العرب للجهاد في أفغانستان؛ إذ وجَّه شيخ الأزهر حينئذ، وعلماء مسلمون مثل عبد العزيز بن باز، وسعيد حوى، وعبد الله علوان، والمطيعي، وعبد المجيد الزنداني نداءات بضرورة دعم الجهاد الأفغاني، واعتبروا ذلك فرض عين "وقد تدفَّق آلاف المتطوعين وأكثرهم من العرب للجهاد في أفغانستان، وإذا كان معظمهم التحق بأعمال الإغاثة، فإن بضعة آلاف منهم توجهوا لجبهة القتال. وقد زادت المشاركة العربية في النصف الثاني من الثمانينيات، خاصة في الفترة من 86 – 1988م، وبلغت ذروتها خلال عامي 1987م و1988م، حتى وصل وفق بعض التقديرات إلى ألفين. وأبرز المعارك العسكرية التي شارك فيها العرب مشاركة ملموسة هي معركة "جاجي" التي وقعت عام 1987م، كما كان العرب يقاتلون في هذه المعركة بوحدات مستقلة، ثم جاءت بعدها معارك "جلال آباد" التي استشهد فيها حوالي 70 عربيًّا، وكذلك معركة "مأسدة الأنصار" 1987م، وهي موقع أنشأه أسامة بن لادن للشباب العربي الداعم المجاهدين الأفغان، وقد كان البُعْد المعنوي أيضًا من أبرز أدوار المجاهدين العرب، وبذلك أعطوا بعدًا نوعيًّا وكيفيًّا للجهاد، وكانت وجهة نظرهم ضرورة الاشتراك في الجهاد الكشميري حال الفراغ من الجهاد الأفغاني. ومن جانب آخر كان للوجود العربي سلبياته، ومن أبرزها نقل الخلافات والصراعات بين الجماعات الإسلامية إلى أفغانستان، فمثلاً التراشق بين التيار العنيف والمعتدل، فقد كان تنظيم الجهاد يرى أن الإخوان المسلمين يميلون إلى السلام والدعة ويبتعدون عن القتال، وأنهم يتَّجهون في دعم المجاهدين إلى أعمال الإغاثة والخدمات. أما الجهاد والجماعة الإسلامية المصرية والسلفيون، فكانوا يعتقدون أن القتال مع المجاهدين الأفغان هو الطريق الوحيد لدعم الأفغان. وكانت تلك نقطة بداية ظهور "الأفغان العرب"، وتحول
    "المجاهدين
    العرب" إلى "الأفغان العرب".


    التحول من "المجاهدين العرب" إلى
    "الأفغان
    العرب".. ثمَّة بعدان رئيسان أسهما في تحول "المجاهدين عرب" إلى
    "
    أفغان عرب":


    أولهما: خروج القوات السوفييتية من أفغانستان في عام 1989م، ثم سقوط الحكومة المدعومة من الاتحاد السوفييتي في كابول في أبريل عام 1992م، والذي تم على إثره تفجر صراع عنيف وحرب أهلية ما زالت قائمة منذ يناير 1993م. بدأت بين حكمتيار وربَّاني وأحمد شاه مسعود إلى أن جاءت حركة طالبان، فاكتسحت الفريقين معًا، وسيطرت على معظم الأراضي الأفغاني لأسباب ليس هنا موضع تفصيلها، وقد نجم عن ذلك أن فقد وجود المتطوعين العرب مبرراته، فلم يَعُد هناك جهاد يمكن دعمه، وإنما حرب أهلية وفتنة بالمفهوم الإسلامي، وعندما شارك المتطوعون العرب في هذه الحرب الأهلية، فإنهم لم يصيروا "مجاهدين عربًا" وإنما "أفغانًا عربًا"، وصار دورهم فاقدًا للمبرر الشرعي - وفق الرؤية الفقهية الإسلامية وإن كان بعضهم يتأولها -، وكان هؤلاء في الفترة التي سبقت مباشرة سقوط نظام كابول وحكم نجيب الله في أبريل 1992م قد توزعوا على الفصائل الأفغانيةوفقًا لبعض المصادر- حزب إسلامي (حكمتيار) 600 عربي، واتحاد إسلامي (سياف) 500 عربي ، وجمعية أهل الحديث
    (مولاي جميل
    الرحمن) 300 عربي، وفي القتال بين الفصائل الأفغانية سقط عشرات قتلى من بين الموجودين في صفوف حكمتيار أثناء المواجهة مع قوات الجمعية الإسلامية بقيادة برهان الدين ربَّاني وأحمد شاه مسعود. وقد ناصروا حكمتيار عندما رفع شعاره الداعي إلى إقامة دولة إسلامية، بينما كانوا يعتبرون أحمد شاه مسعود ضد ما يرونه المشروع الإسلامي، وفي النهاية استقر البعض منهم في أفغانستان يقاتلون مع فصيل ضد الآخر؛ لضمان الإقامة في حماية ذلك الفصيل أو ذاك، وخاصة بعد انقطاع الأمل في العودة إلى بلادهم.


    ثانيهما: قدوم بعض قيادات حركتي "الجهاد والجماعة الإسلامية المصرية إلى أفغانستان منذ منتصف الثمانينيات، مدركين أهميتها كساحة وفرصة تاريخية للتدريب المسلح، وقد ساعد على ذلك أن نفس الفترة شهدت تراجعًا في دور الإخوان القيادي في الساحة الأفغانية بعد وفاة "السنانيري" في المعتقل بمصر، واغتيال "عبد الله عزام" بسيارة مفخَّخة، إضافة إلى خروج السوفييت كما أسلفنا، الأمر الذي صبَّ في مصلحة قادة حركات العنف، وأدى إلى ظهور وتبلور ظاهرة الأفغان العرب، فقد كان أيمن الظواهري من أوائل قيادات تنظيم الجهاد الذين وصلوا إلى أفغانستان (يناير 1985م) بعد الإفراج عنه في مصر، ويُعَدُّ مؤسس الوجود الجهادي فيها، والذي تحوَّل إلى الأفغان العرب فيما بعد، والتقى الظواهري بأسامة بن لادن وهو مليونير عربي سعودي كان يرغب في دعم الجهاد الأفغاني، ولم يكن يتبنَّى في البداية منهج العنف والتغيير بالقوة كالظواهري، بل كان أقرب إلى رؤية الإخوان المسلمين، وكان عبد الله عزَّام قد دعاه لتأسيس معسكرات للمجاهدين، ومنها معسكر "الخلافة" الشهير الذي مرَّ به كل الأفغان المصريين، كما شهدت الفترة من 87 - 94 نزوحًا جماعيًّا لكثير من قيادات الجهاد والجماعة الإسلامية إلى أفغانستان، مثل: رفاعي أحمد طه (1987م)، ومحمد شوقي الإسلامبولي، ومصطفى حمزة (1988م)، وهكذا أصبحت السيطرة على المتطوعين العرب شبه مطلقة للجماعات الإسلامية العنيفة. وقد كان المصريون يتجمعون فور وصولهم إلى بيشاور في "بيت الأنصار" أو "بيت القاعدة"، ثم يتم توزيعهم بعد ذلك على المعسكرات المختلفة في الأراضي الأفغانية، وقد أصرَّت الجماعة الإسلامية المصرية على إقامة معسكر خاص بها قبل نهاية الحرب، هو "الخلافة" في عام 1989م، وهو ما يؤكد على تفكير الجماعة في توظيف هذه الأوضاع، والتدريب على عمليات لا علاقة لها بالقتال في الجبهة الأفغانية. كما كانت التجربة الأفغانية فرصة لالتقاء العناصر العربية والتنسيق فيما بينها، ولعلَّ قيام سوريين وفلسطينيين بتدريب العناصر العربية، وهو ما يؤكد مدى قوة العلاقات بين هذه المجموعات، وقد استفادت عناصر "الأفغان المصريين" من هذه العلاقات فيما بعد، وبصفة خاصة مع عناصر "الأفغان اليمنيين"، حيث شكَّلت اليمن محطة أساسية للعناصر المصرية في طريق العودة، كما توَّرطت عناصر يمنية في نقل تكليفات من الظواهري إلى أتباعه في مصر المتهمين في قضية "طلائع الفتح"، حسبما أشارت تحقيقات القضية. كما شاركت عناصر مصرية في عدد من عمليات العنف التي جرت في اليمن عام 1994م، وحادث خطف السياح الأجانب في نهاية 1998م ومطلع 1999م، وقد سبق التعرض لتأثير خبرة التجربة الأفغانية على "الأفغان العرب"، خصوصًا فيما يتعلق بشبكة العلاقات والاتصالات الوثيقة بين مجموعات تنتمي إلى التيار الجهادي السلفي مختلفة من بلدان متعددة، وصلت إلى حد تشكيل ما يعتبره البعض "بالأممية الإسلامية" أو "الجيش الأممي الإسلامي"، وما استفادته عناصر الأفغان العرب من خبرة قتالية، وتكوين كادر قتالي محترف، كما مر وقدمنا في تعريف الأفغان العرب
    Admin
    Admin
    Admin


    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 2987
    تاريخ الميلاد : 18/06/1970
    تاريخ التسجيل : 27/09/2009
    العمر : 53

    ما المقصود بالأفغان العرب؟ Empty رد: ما المقصود بالأفغان العرب؟

    مُساهمة من طرف Admin الأحد فبراير 20, 2011 3:28 pm

    الرؤى
    الفكرية
    والخريطة التنظيمية
    للأفغان العرب

    تعطي ممارسات فصائل الأفغان العرب مؤشرا على طبيعة بنيتهم الفكرية والتنظيمية، ويمكن أن نرصد منها ستة مسارات يجمع بينها سمة غالبة هي استخدام العنف والقتال لتحقيق أهداف وغايات سياسية معينة يرونها من أولويات حركتهم على النحو التالي:


    أولا: محاولة الأفغان العرب إعلان إقامة خلافة إسلامية:
    في حين خرجت المجموعات الأساسية من الأفغان العرب المقاتلين خارج أفغانستان، فقد بقيت رموز منهم في أفغانستان في حين اتجهت مجموعات أخرى للاستقرار في منطقة الحدود الأفغانية الباكستانية بجوار بيشاور وهي مناطق تضعف قدرة الحكومة الباكستانية على التدخل والسيطرة، وفي عام 1992 قررت مجموعة منهم يطلق عليهم "جماعة الخلافة" التفكير في الأمر، وقد أدت المشاورات بينهم إلى خلاف كبير قاد إلى انقسامهم إلى فريقين: أحدهما يدعو إلى مبايعة حكمتيار أمير الحزب الإسلامي خليفة للمسلمين، والثاني يعارض ترشحيه لعدم شرعية تعامله مع إيران، وتحالفه مع حزب الوحدة الشيعي مما أدى إلى انقسامات وتوزع الأفغان العرب على الفصائل الأفغانية حسب ولاءهم، ولكن الجماعة سرعان ما أرادت الدخول في مشروع لإعلان "الخلافة الإسلامية" عمليا والبدء بتجربة ميدانية على الحدود الباكستانية-الأفغانية، وحمل لواء هذه الفكرة شاب فلسطيني، ولكنه تنازل عنها بعد جدل فقهي؛ نظراً لكونه غير قرشي، ومن شروط الخلافة – حسب الرؤية النصية للأفغان العرب- أن يكون الخليفة قرشياً؛ ولكن سرعان ما تجمعت المجموعة الساعية إلى إعلان الخلافة مرة أخرى حول أفغاني أردني ترجح توافر الشرط فيه، فوقع الاختيار عليه وأعلن نفسه خليفة للمسلمين، وبدأ بتعيين الولاة على العالم الإسلامي، وأخذ أنصاره يبحثون عن منطقة يعلنون فيها دولتهم، فأقنعوا رجال القبائل على الحدود الباكستانية-الأفغانية الذين وافقوا على تأييدهم طمعاً في المال، ونكاية في الحكومة الباكستانية، وقد استقرت المجموعة في منطاق "ثيرا" التابعة لـ "حزم أو بمتسي" على الحدود، والبعيدة عن سيطرة الحكومة الباكستانية، والتي تتيح إمكانية الحصول على دعم وتأييد قادة قبائل المنطقة المعارضين للحكومة الباكستانية، وعلى رأسهم زعماء قبيلة "أفريدي" مالك نادر خان زاكخيل وحاجي جل بات خان، ولكن سرعان ما دبت الخلافات والصراعات بين الطرفين، وخاصة بعد مقتل الزعيمين القبليين، ولعبت الاستخبارات الباكستانية دوراً رئيسياً في تفجير الصراع وتأليب رجال القبائل ضد الأفغان العرب، وأسفرت المعارك عن سقوط 11 قتيلاً من الأفغان العرب من بينهم الخليفتين المتنازل عنها والمعلن، و قد حاول حكمتيار التوسط بين الطرفين على الرغم من انشغاله بالحرب مع رباني، وتم وقف المعارك مقابل انسحاب الأفغان العرب من مناطق القبائل والاتجاه إلى داخل الأراضي الأفغانية.


    ثانيا: اشتراك الأفغان العرب في الحرب الأهلية الأفغانية إلى جانب حكمتيار ثم التحالف مع الطالبان: على الرغم من أن معظم الأفغان العرب قرروا أن مهمتهم انتهت في أفغانستان بسقوط الحكومة الشيوعية، إلا أن عدداً منهم انخرط في الحرب الأهلية بين الفصائل الأفغانية، خاصة إلى جانب قلب الدين حكمتيار زعيم الحزب الإسلامي، وكما رأينا وصل عدد المقاتلين العرب إلى جانبه إلى حوالي 600 مقاتل. وكان حكمتيار قد دعا الأفغان العرب الذين استقروا في بيشاور إلى دخول أفغانستان بعد أن بدأت السلطات الباكستانية في ملاحقتهم؛ مما دفع حكومة رباني إلى عقد اتفاقات أمنية مع حكومات عربية خاصة مصر لرصد نشاطات الأفغان المصريين، وبعد ظهور حركة طالبان وتمكنها من فرض سيطرتها على معظم الأراضي الأفغانية حدثت عمليات نزوح جماعي للأفغان العرب من باكستان إلى المناطق التي تسيطر عليها
    "طالبان"؛
    ليعيش معظمهم في منطقة قندهار، وشملت عمليات النزوح كل الأسماء البارزة في تنظيمي الجماعة والجهاد مثل العقيد محمد المكاوي، والظواهري، وأسامة بن لادن، والواقع أن ثمة علاقة وثيقة في الوقت الراهن بين حكومة طالبان والأفغان العرب لعل من أقوى مؤشراتها ما تسبغه حكومة طالبان من حماية على بن لادن ورفضها تسليمه لأمريكا التي تستميت في هذا الأمر، وإضافة إلى ذلك تقطن بعض فصائل الأفغان العرب في مناطق قبلية على الحدود الأفغانية الباكستانية التي لا يخضع سكانها لسيطرة الحكومة الباكستانية، وتمكنوا من الاندماج في مجتمعات هذه المنطقة.


    ثالثا: بحث الأفغان العرب عن ساحات قتال جديدة: اتجه فريق – كما أسلفنا- من الأفغان العرب الذين غادروا أفغانستان أو باكستان إلى البحث عن ساحات قتال جديدة "إسلامية" في الخارج، فقد انتقل بعضهم إلى المناطق الإسلامية الساخنة في الاتحاد السوفيتي السابق وبخاصة طاجكستان والشيشان، وكشمير؛ إذ اتهمت الهند بعض عناصرهم بالقيام بسلسلة من التفجيرات في عام 1993والمشاركة في عمليات المقاومة ضد جيشها ومن أبرزها عمليات التسلل في شهر مايو 1999، والسيطرة لفترة طويلة على مرتفعات إستراتيجية في جبال الهملايا مما أدى إلى اندلاع الصراع مجددا.


    وكانت البوسنة أبرز محطات وصول الأفغان العرب خلال الفترة من 92-1995؛ حيث دخلت مجموعات منهم إليها تحت غطاء لجان الإغاثة التي يديرها أمريكان وأوروبيون مسلمون، ومنذ عام 1992 بدأت حالات اللجوء السياسي لقيادات جماعتي الجهاد والجماعة الإسلامية إلى بلدان أوروبا الوسطى التي شهدت تشكيل مراكز لتجميع العناصر الجديدة والقديمة، وتسهيل دخولها إلى البوسنة، بل إن قيادات دخلت بالفعل فقد اعتقل طلعت فؤاد قاسم (أبو طلال القاسمي) في كرواتيا، ثم اختفى بعد ذلك في ظروف غامضة وهو من قيادات الجماعة الإسلامية المصرية، وكان أول مؤشر على تحولهم إلى مشكلة البوسنة عندما أعلن علي عزت بيجوفيتش أن بلاده لا تحتاج إلى رجال وإنما إلى أسلحة، أما وزير خارجيته فكان أكثر وضوحاً إذ طالب في عام 1993 الأفغان العرب بعدم التدخل في حرب البوسنة، وقد نص اتفاق دايتون للسلام في البوسنة على سحب كل القوات الأجنبية في البوسنة خلال عشرين يوماً خاصة بعد أن روج الصرب لادعاءات مبالغ فيها عن أعدادهم فجعلوها تصل إلى عشرين ألفا، في حين أنهم في الواقع لم يتجاوزوا خمسمائة فرد.


    ويعتقد البعض أن بناء الوحدات الإسلامية والذي اكتمل في البوسنة في ربيع 1995، كان على علاقة وثيقة بالأفغان العرب، فتم نشر وحدات استشهادية
    “martyrdom"
    والتحق بها بوسنيون إلى جانب أفغان عرب، وإن كان البعض يشير إلي أن هذه الوحدات كانت أيضا على علاقة وثيقة بإيران، وقد لجأ بعض الأفغان العرب إلى الجبال والوديان البوسنية، الأمر الذي دفع القيادات العسكرية البريطانية إلى إثارة قضيتهم مع الرئيس البوسني بيجوفيتش، وطالبت بسحب "المجاهدين الأجانب من قوات البوسنة" لتخفيف الخطر، وأعلنت أنها حصلت على تأييد الرئيس البوسني، وقد تشددت السلطات الكرواتية والدول المجاورة فأوقفت منح تأشيرات الدخول عبر أراضيها إلى البوسنة حتى لأفراد هيئات الإغاثة الدولية، وتمركز كثير منهم في ألبانيا وهو ما كشف عن إلقاء السلطات المصرية القبض على تنظيم "العائدون من ألبانيا" في يناير 1999.


    وباختصار فإن حركة الأفغان العرب في هذا المسار تابعة لمناطق النزاعات والصراعات على المستوى الدولي؛ حيث يصلون إليها لتقديم ما يعتقدون أنه واجب النصرة لإخوانهم المسلمين المضطهدين أو المعتدى عليهم في كل مكان يستطيعون الوصول إليه، وبذلك يشكلون قوة أو فاعلا ذا صفة دولية التأثير في الأزمات والصراعات التي يكون المسلمين أحد أطرافها علي المستوى العالمي.. وبحكم كونهم قوة غير حكومية أو شعبية يصعب التنبؤ بأفعالها وتصرفاتها وردود أفعالها وبالتالي يراها الكثيرون من أهم عوامل عدم الاستقرار على المستوى الدولي.


    رابعاً: انتشار الأفغان العرب في أوروبا وأمريكا وإفريقيا:
    تحرك الكثير من الأفغان العرب في اتجاهات متعددة بعيداً عما سبق للمعيشة المستقرة والقيام بواجبات إسلامية دعوية وغير قتالية، فبعضهم انضم إلى منظمات الإغاثة الإسلامية، وبعضهم قرر السفر إلى بلدان أوروبية أو إفريقية، وحاول بعضهم دخول إيران التي رفضت وكذا رفضت فرنسا دخول أفغان عرب من الجزائر وتونس، وسافر بعضهم إلى الولايات المتحدة، والتفوا حول الدكتور عمر عبد الرحمن، وفجروا مركز التجارة العالمي في نيويورك في عام 1993 كما سنرى. وقد بدأت قيادات حركتي الجهاد والجماعة الإسلامية الانتشار في عدد من البلاد العربية والأجنبية.


    خامساً: ممارسة الأفغان العرب العنف السياسي في بلدانهم الأصلية: يعد أخطر وأهم مسارات عناصر ظاهرة الأفغان العرب، وفيما يلي سنتناول أبرز عمليات
    العنف
    السياسي التي مارسوها في البلاد العربية:


    1-الأفغان العرب والعنف السياسي في مصر: يقدر البعض عدد الأفغان المصريين بنحو من خمسمائة إلى ألف فرد، استفادوا من التدريبات العسكرية التي تلقوها خلال سنوات القتال والحرب الأفغانية، ومن حصيلة العلاقات التي توفر لهم الدعم المادي والمعنوي في صراعهم مع النظام السياسي في مصر.


    وكانت مجموعاتهم بدأت تعود إلى مصر منذ عام 1992 إلا أن ذلك لا ينفي وجود ممارسات عنف سياسي لأفراد من الأفغان المصريين قبل ذلك فقد كشفت جهات التحقيق في قضيتي محاولة اغتيال زكي بدر وزير الداخلية السابق في 16 ديسمبر 1989 والثانية اغتيال الدكتور رفعت المحجوب في 12 أكتوبر 1990 قيام بعض المتهمين في القضيتين بالسفر إلى أفغانستان واشتراكهم في القتال هناك، وقد ترافقت مع عودتهم موجة واسعة من الاعتقالات في صفوفهم؛ إذ تم اعتقال حوالي 100 عنصر منهم في الموانئ ونقاط الحدود، بينما تمكن عدد منهم من دخول البلاد، وقد قضت المحكمة العسكرية العليا في الإسكندرية في ديسمبر1992 بإعدام ثمانية من تنظيم "العائدون من أفغانستان" الذي يضم قيادات من "تنظيم الجهاد" و"حزب الله" و"الجماعة الإسلامية"، وفي نفس الوقت تصاعدت معدلات العنف بصورة غير مسبوقة بسبب عمليات الأفغان المصريين ونجاح بعضهم في دخول مصر، وكان أبرزها محاولة اغتيال وزير الإعلام المصري ووزير الداخلية حسن الألفي، وقد شهد عام 1995 وقوع أربع عمليات عنف كبرى خارج الأراضي المصرية، وهي: اغتيال الملحق التجاري المصري في سويسرا في يناير 1995، وإطلاق النار على موظفة دبلوماسية بمدريد في أغسطس 1995، ولم تصدر بيانات تنسب العمليتين إلي الأفغان العرب، وإن كان البعض يؤكد انتساب العمليتين إليهم، أما الثالثة فهي محاولة اغتيال الرئيس مبارك في أديس أبابا (26 يونيو 1995) وكانت نقطة التحول التي أظهرت أن المواجهة مع الأفغان العرب انتقلت بؤرتها إلى خارج مصر، مما يعطي لهم عنصر المفاجأة وخضوع العمليات لحسابات أطراف خارجية قد توفر لها دعماً معينا، وقد أحدثت محاولة الاغتيال حينئذ توترات بالغة في علاقة مصر بالسودان وأثيوبيا وباكستان وسرعان ما تم احتواؤه لصالح مزيد من التنسيق والتعاون المتبادل. وقد نفذ محاولة الاغتيال مجموعة من الأفغان العرب المصريين المنتمين إلى الجماعة الإسلامية يقودهم مصطفى حمزة، مما كشف عن تزايد فعالية ومستوى قدرات أعضاء هذه الجماعة الذين تلقوا تدريبات في أفغانستان.


    أما الرابعة فقد كانت تفجير السفارة المصرية في إسلام آباد في نوفمبر 1995 والذي أشار إلى تحول في إستراتيجية الأفغان العرب العنيفة يتعلق مضمونه بكل من الأهداف والمكان الذي يتم فيه، ويبدو أن وطأة الضربات الأمنية في الداخل دفعتها إلى التحول للعمل في الخارج. وإذا كان ذلك يعكس انخفاضاً في قدرات الأفغان العرب المصريين في الداخل لكنه يعكس في نفس الوقت ارتفاعاً في ذات القدرات في الخارج مستفيدة من انتشار على المستوى الدولي، إلا أن قوة الأداء في الخارج قد عادت بنتائج سلبية عليهم؛ إذ ازداد التنسيق الأمني بين مصر وحكومات أجنبية عدة وبخاصة باكستان والولايات المتحدة. كما تلقى الأفغان العرب أعضاء الجماعات الإسلامية ضربتين قويتين في نفس العام (1995) حيث اختفى أبو طلال القاسمي في كرواتيا الناطق الإعلامي باسم الجماعة، فقامت بتفجير سيارة مفخخة في أحد مقار الشرطة في مدينة ريبكا الكرواتية في أكتوبر 1995 مما شكل تطوراً بارزاً في عمليات الأفغان العرب، أما الضربة الثانية فقد جاءت بعد إدانة الشيخ عمر عبد الرحمن والمحكوم عليه بالسجن مدى الحياة لتورطه في الدعوة والسعي لشن هجمات ضد منشآت عسكرية أمريكية ومبنى الأمم المتحدة.


    وتشير الضربتان اللتان تلقتهما الجماعة إلى وجود عنصر مشترك بينهما هو دور الولايات المتحدة الأمريكية بينهما، التي اتجهت نحو التشدد في مواجهة الأفغان العرب؛ حيث تجاوز دورهم الخطوط الحمر فيما يتعلق بالأمن القومي الأمريكي، وهكذا أدى التنسيق الدولي ونجاح قوات الأمن المصرية في ضبط وكشف العديد من المجموعات إلى تراجع عملياتها داخل وخارج مصر فيما عدا بعض العمليات الخطيرة كان أبرزها حادث الأقصر في نوفمبر 1997، والذي راح ضحيته أكثر من 60 سائحاً..


    وقد استمرت قوات الأمن المصرية في توجيه ضربات قوية للأفغان العرب، كان أبرزها في يناير 1999 حين ألقت القبض على تنظيم "العائدون من ألبانيا" الذين ينتمي غالبيتهم إلى جماعة الجهاد، وأقلية منهم إلى تنظيم "القاعدة" الذي يتزعمه أسامة بن لادن، وتتضمن القضية 107 متهمين، يُحاكم منهم فقط 44 حضورياً والباقون يحاكمون غيابياً، وأُطلق عليهم اسم "العائدون من ألبانيا"، وأخذت القضية اسمها من كون أربعة من قياداتها قد تسلمتهم مصر من الحكومة الألبانية في يونيو 1998، وعلى رأسهم مسؤول محطة التنظيم في تيرانا شوقي محمد سلامة عطية، والقيادي إبراهيم النجار الذي حكم عليه بالإعدام. وقد تراجعت عمليات الأفغان العرب في مصر في السنتين الأخيرتين تحت الضغوط الأمنية والإعلان عن وقف عمليات العنف السياسي من قبل التنظيمات المكونة للأفغان العرب المصريين بعدما تبين لهم عدم جدواه كأسلوب للعمل والتغيير...


    2- الأفغان العرب والعنف السياسي في الجزائر: شكل الأفغان الجزائريون القوة الثانية من حيث الحجم بعد الأفغان المصريين، وقد بدأ هؤلاء ممارسة العنف السياسي قبل إلغاء نتائج الجولة الثانية في الانتخابات البرلمانية في يناير 1992 والتي كانت جبهة الإنقاذ الإسلامية على وشك الفوز بها، وقد ترافقت مع موجات العودة من أفغانستان مع هذه الأحداث؛ مما أعطي زخماً قوياً لحركة الأفغان العرب الذين انضموا إلى الجماعة الإسلامية المسلحة (الجيا) الأكثر عنفاً في الجزائر، والتي تأسست في العام ذاته متأطرة حول جماعة محمد علال المعروف باسم محمد ليفيه( نسبة إلى حي ليفيه في العاصمة الجزائر)، والذي فرمن سجن البليدة في عام 1985وصعد الجبال مشكلا النواة الأولى للعمل المسلح في الجزائر كما تحولت لتأييدها جماعة التكفير والهجرة التي نشأت في أفغانستان في النصف الثاني من الثمانينيات.


    وقد توالت قيادات عدة على الجماعة الإسلامية المسلحة بعد نشأتها، منهم عبد الحق العيايدة الذي اعتقلته السلطات المغربية في يونيو 1993، وخلفه جعفر الأفغاني الذي تلقى تدريبه في أفغانستان حيث أمضى عامين، وشارك في الحرب ضد السوفيت، وعرف عنه شراسته؛ حيث نسب إلى مجموعته غالبية العمليات التي أودت بحياة الصحفيين والمثقفين، كما كان المسؤول عن خطف أعضاء السفارة الفرنسية، وعن محاولة اغتيال وزير الدفاع السابق خالد نزار، كما اتهم بعملية تفجير مطار هواري بومدين عام 1993، وقد أعلنت الجماعة
    المسلحة
    مسؤوليتها عن مقتل 12 كرواتياً في الجزائر، كما أنها المسؤولة عن خطف وقتل محمد بو سليماني أحد كبار قيادات "الإخوان المسلمون" الجزائريين، كما أعلنت الحكم بالإعدام على قيادة جبهة الإنقاذ الموجودة في الخارج، وقد استفاد الأفغان الجزائريون من علاقاتهم الجيدة مع عدد من فصائل المجاهدين الأفغان للحصول على الأسلحة وتدريب العناصر الجزائرية، وقد امتد نشاطهم لجزائريين – وفقا لتقارير فرنسية- إلى داخل الأراضي الفرنسية، حيث افتتحوا معسكرات للتدريب؛ وتشير معلومات نشرتها جريدة "الفيجارو" الفرنسية (6 نوفمبر 1994) إلى تقرير أعده جهاز مكافحة التجسس في فرنسا جاء فيه أن مئة شاب فرنسي إسلامي تلقوا تدريبات عسكرية في أفغانستان وباكستان، وقد اتهموا بالقيام بعدة عمليات داخل فرنسا، وبعد الهدنة التي أعلنها الجيش الإسلامي للإنقاذ منذ عام 1997، وتراجع العمليات النوعية للجماعة الإسلامية المسلحة، حاولت قيادات "الأفغان الجزائريين" إعادة تفعيل جبهة العنف في الجزائر عبر قيادة قمر الدين خربان زعيم الأفغان الجزائريين ذي العلاقة الوثيقة بأسامة بن لادن، منذ أن كان خربان مسؤولاً عن مراكز لتدريب "الأفغان العرب" في بيشاور، وذلك بقصد سحب البساط من التيار الموالي لرابح كبير الذي يدعم الهدنة التي أعلنها "جيش الانقاذ"، والقيام بتجميع عناصر التيار السلفي، ولهذا الغرض تم تأسيس "المكتب التنسيقي للإنقاذ في أوروبا" بإيع
    Admin
    Admin
    Admin


    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 2987
    تاريخ الميلاد : 18/06/1970
    تاريخ التسجيل : 27/09/2009
    العمر : 53

    ما المقصود بالأفغان العرب؟ Empty رد: ما المقصود بالأفغان العرب؟

    مُساهمة من طرف Admin الأحد فبراير 20, 2011 3:33 pm

    ولهذا الغرض تم تأسيس "المكتب التنسيقي للإنقاذ في أوروبا" بإيعاز من قمر الدين حزبان في عام 1999، وأسندت رئاسة هذا المكتب التنسيقي إلى أحمد الزاوي، وقد أصبح الأفغان الجزائريون عصب "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" من التنظيمات الأكثر قوة وممارسة للعنف في الجزائر، وتشير العديد من التقارير إلي عمق العلاقة بين الأفغان الجزائريين وحركة طالبان وأسامة بن لادن.


    3- نشاط الأفغان العرب في السودان والقرن الإفريقي: كانت منطقة القرن الإفريقي مسرحاً لنشاط الأفغان العرب الذين تكثف وجودهم في السودان والصومال، فقد تدفق الأفغان العرب على السودان بعد سماح الحكومة السودانية بدخول العرب والمسلمين بدون تأشيرة، وقد وصل بن لادن إلى الخرطوم قبل سقوط كابول في 1992، حيث وصلها في أول أكتوبر 1990، والتقى الدكتور الترابي عدة مرات، وركز مشروعاته في إقامة بنية تحتية، وحصل على مشروع سد الروصيرص من أكبر السدود السودانية، وطريق التحدي وهو الطريق الرئيسي لربط الخرطوم – شنديعطبرة، وقامت شركات بن لادن بشق ترعتي كنانة والرهد، واشترك ابن لادن في بناء مطار بور سودان الجديد، وقدر البعض استثماراته بحوالي 50 مليون دولارحينئذ، كما يذكرون أنه أسس في السودان معسكرين أحدهما للجهاد والآخر للجماعة الإسلامية وسرعان ما اكتشفت الحكومة السودانية الورطة التي دخلتها بسبب تدفق الأفغان العرب إلى أراضيها، واتخاذها منطلقاً لممارسة أعمال العنف في مصر والجزائر، وقد اعترف الكثير من عناصر تنظيم العائدون من أفغانستان بأن بن لادن كان يقوم بتمويل عملية عودتهم سراً إلى مصر عبر السودان، وقد استفاد مصطفى حمزة من وجوده في السودان في التخطيط والإشراف على عملية الاغتيال الفاشلة للرئيس مبارك في أديس أبابا في يونيو 1995، فتوترت علاقات مصر بالسودان وفرض مجلس الأمن عقوبات على السودان، قرر على إثرها السودان ترحيل جميع الأفغان العرب من أراضيه، فعاد أسامة بن لادن ومصطفى حمزة إلى أفغانستان، وقد تعرض السودان لهجوم جوي أمريكي في أغسطس 1998 عقب تفجير سفارتي أمريكا في نيروبي ودار السلام، وتم تدمير مصنع الشفاء بحجة أنه ينتج أسلحة كيماوية.


    وتتهم فصائل صومالية في صراعاتها الداخلية الحكومة السودانية بتهجير أعداد من الأفغان العرب إلى الصومال؛ حيث ينشطون في حركة الاتحاد الإسلامي، إلى جانب أفغان القرن الإفريقي، والواقع أن منطقة القرن الإفريقي أصبحت محط اهتمام الأفغان العرب في ظل التضييق الشديد عليهم في دول العالم المختلفة، وكان الإعلان عن غرق أبو عبيدة البنشيري القائد العسكري لتنظيم القاعدة الذي يتزعمه بن لادن في مايو 1996 في بحيرة فكتوريا قد لفت الأنظار إلى توغل الأفغان العرب في إفريقيا، والذين نجحوا في تفجير سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا في أغسطس 1998، وتشير بعض المصادر إلى اشتراك مجموعة من الأفغان العرب في تعقب القوات الأمريكية التي كانت موجودة في الصومال في إطار عملية إعادة الأمل في عام 1994، وذلك بالتنسيق مع جماعة محمد فارح عيديد "التحالف الوطني"، حيث شاركت في عمليات متعددة ضد القوات الأمريكية مما أدى إلى مقتل حوالي 20 جندياً أمريكياً، مما دفع القوات الأمريكية إلى الانسحاب من الصومال.


    4-الأفغان العرب في بلاد الشام:
    كان أبرز ظهور لعناصر الأفغان العرب في الأردن مطلع عام 1993، عندما وقعت مجموعة من حوادث التفجير في عدد من دور السينما بالإضافة إلى محاولات اغتيال شخصيات سياسية من الوفدين الأردني والفلسطيني المشاركين في مفاوضات السلام، وقد كثف المتهمون نشاطهم في يناير 1993، ويبدو أن هناك تداخلا تنظيميا بين مجموعات الأفغان العرب وما يعرف تنظيم جيش محمد، وفي يوليو 1996 اعتقلت سلطات الأمن السورية مجموعة من الأفغان العرب الذين دخلوا سوريا بطرق غير شرعية، من بينهم مصريين وفلسطينيين، وقررت سوريا محاكمتهم داخلها.


    5- الأفغان العرب والعنف السياسي في اليمن: كان للمتطوعين من أبناء اليمن الجنوبي السابق في أفغانستان وبيشاور معسكرات خاصة بهم، وظهرت فيما بينهم قيادات منها طارق الفضلي، وتردد الحديث فيما بينهم عن نقل الجهاد إلى اليمن المحكوم من قبل الشيوعيين بعد انتهاء الحرب الأفغانية، غير أن الشيخ عبد المجيد الزنداني - الذي أصبح في وقت لاحق من زعماء التجمع اليمني للإصلاح المعارض -كان يتردد كثيراً على بيشاور، وله تأثير كبير على المجاهدين العرب، طلب من "الأفغان اليمنيين" إلغاء أو على الأقل تأجيل مشروع الجهاد في اليمن بعد الانفتاح السياسي الذي شهدته البلاد، وقد اشترك بعض الأفغان اليمنيين في مقاتلة القوات الجنوبية أثناء الحرب الأهلية بين اليمن الشمالي والجنوبي في يونيو 1994، وأيضا مارست عناصر
    "الأفغان
    اليمنيين" بعض عمليات العنف السياسي، قامت بها منظمة الجهاد الإسلامي تحت زعامة الشيخ طارق الفضلي، وقد استهدفت بعض المنشآت السياحية، ومنها فندق أقام فيه عسكريون أمريكيون عاملون في الصومال في إطار عملية إعادة الأمل، واغتيال بعض قيادات الحزب الاشتراكي الذي كان "متحالفاً" مع موسكو، وأيد تدخلها في أفغانستان، وقد عقدت السلطات اليمنية صفقة مع الشيخ طارق الفضلي، وانضم في إثرها إلى حزب المؤتمر الحاكم، واستطاعت الحكومة اليمنية استيعاب مجموعته، وعلى الرغم من ذلك فإن بعض الأفغان اليمنيين عادوا إلى العمل ضد الحكومة اليمنية في عام 1998 في إطار تنظيم "جيش عدن الإسلامي"، وقد أعلن تأييده لأسامة بن لادن عقب الغارات الأمريكية على أفغانستان والسودان، وأشاد بتفجير السفارتين، وأبرز عملياته خطف رهائن لا نرى داع لتفصيلها حيث حوكم وأتباعه، كما كانت آخر العمليات التي قام بها الأفغان اليمنيين بالتعاون مع الأفغان المصريين ضرب المدمرة الأمريكية كول قرب سواحل عدن كما أسلفنا؛ وتعتبر اليمن أيضا محطة أساسية للأفغان العرب وبخاصة المصريون منهم، حيث استقر فيه لفترة بعض القيادات أثناء انتقالهم ما بين باكستان والسودان، وأفغانستان ومصر ويذكر أنه بداية من عام 1993 تمركزت في اليمن مجموعات من قيادات الأفغان المصريين كانوا على علاقة بتنفيذ عملية اغتيال رئيس الوزراء المصري حينئذ.


    نشاط الأفغان العرب في السعودية:
    لم يوجه الأفغان
    السعوديون
    نشاطهم ضد الحكومة السعودية التي نجحت في استيعاب معظمهم، إلا أن الأراضي السعودية كانت ساحة لنشاط الأفغان العرب في مواجهة القوات الأمريكية، وهذا ما سنعرض له بعد قليل.


    سادسا: الأفغان العرب والولايات المتحدة:
    التحول من التحالف إلى
    الصراع



    مرت السياسة الأمريكية تجاه الأفغان العرب بمرحلتين متعاقبتين ومتناقضتين، حيث تحولت العلاقة من النمط التحالفي إلى النمط الصراعي، النمط الأول (التحالف) كان مبرره وجود عدو مشترك (الاتحاد السوفيتي)، ومع زوال خطره بانهياره فقد التحالف
    مبرراته وتحول نحو
    العداء أي النمط
    الثاني.


    (1) مرحلة النمط التحالفي والمساهمة غير المباشرة في نشأة حركة الأفغان العرب وتطورها:
    ففي المرحلة الأولى التي استمرت طوال عقد الثمانينيات تدخلت الولايات المتحدة بكل ثقلها لدعم المجاهدين الأفغان في مواجهة الاتحاد السوفيتي لاعتبارات إستراتيجية، فقد شهد هذا العقد (70-1980) تقدماً شيوعياً في أمريكا اللاتينية وإفريقيا وآسيا، كان لا بد من وقفه من وجهة نظر الإستراتيجية الأمريكية، ومن ثم دفع الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريجان في استمرارية منطق الحرب الباردة، وفرض سباق التسلح، وشرع يؤكد كسر التمدد السوفيتي ولو في منطقة واحدة؛ تمهيداً لدفعه نحو التراجع، وكانت أفغانستان الساحة الرئيسية للنزال، وعلى ذلك نشأ تحالف عسكري بين المجاهدين الأفغان والولايات المتحدة لاستنزاف الاتحاد السوفيتي، ولم يكن يدور بخلد صناع القرار في البيت الأبيض في حينه ماذا يمكن أن يفعل المجاهدون الأفغان ومؤيدوهم من الأفغان العرب بعد هزيمة السوفيت؛ إذ إنه طوال عقد الثمانينيات كانت واشنطن مزارا معتادا لزعماء الجهاد الأفغاني، وأطلقت عليهم وسائل الإعلام الأمريكية كما أسلفنا "مقاتلو الحرية" “TheAfghan Freedom Fighters"، بجانب ثوار الكونترا في نيكاراجوا، ومقاتلي حركة يونيتا في أنجولا. وساندت الولايات المتحدة باكستان ورئيسها ضياء الحق الذي دعا المسلمين من كل مكان أن يشاركوا في الجهاد ضد السوفيت، وبدأ جهاز استخباراتها (سي. أي. إيه) في تقديم الدعم المالي والتسليحي عبر الجيش والاستخبارات الباكستانية إلى المجاهدين والأفغان العرب، وأقامت المخابرات الأمريكية قواعد عسكرية متطورة ما زال بعضها يعمل بفاعلية في مجال تدريب وتسليح العرب، ويتركز بعضها في محيط مدينة خوست على بعد 12 كلم جنوب كابول، و 200 كلم من الحدود الباكستانية وبالقرب من جلال آباد الشرقية الواقعة على بعد 120 كلم شرق كابول، ويرى البعض أن الدعم المادي السعودي للمجاهدين الأفغان كان أربعة أضعاف الدعم الأمريكي، كما استفادت المخابرات الأمريكية من جهود الملياردير السعودي "أسامة بن لادن" من أجل تنظيم عملية التطوع وتطويرها، وهكذا فقد التقى الطرفان: الإسلامي بشقيه الرسمي، وغير الرسمي، والأمريكي على هدف واحد وهو إلحاق الهزيمة بالسوفيت، وقدم كل منهما وسائل الدعم اللازمة، لكن انتهاء الحرب الباردة أدى إلى تغيير الأولويات من الولايات المتحدة والقسم الأكبر من التيارات المسلحة التي ساهمت في الجهاد الأفغاني، والتي تحولت أفغانا عرب كما أسلفنا فيما بعد؛ فبالنسبة لواشنطن اختفى خطر الاتحاد السوفيتي عدوها الإستراتيجي، وشهدت مؤسسات التفكير وصناعة القرار الإستراتيجي إبان حرب الخليج الثانية وبعدها بحثا عمن يكون العدو الجديد، وفي حين تحدث البعض عن "نهاية التاريخ" متعجلاً إصدار الحكم حول انتصار الليبرالية الغربية، أكد صموئيل هنتجتون وجود "صدام الحضارات" وكان يقصد إثبات أن الديمقراطية الليبرالية على النمط الغربي تواجه تحدياً إسلامياً وكونفوشوسيا، وأن الحروب المقبلة ستدور في هذا الإطار.


    لم تتبنَّ الإدارة الأمريكية رسمياً هذه الرؤية لكونها تدرك جيداً متانة علاقاتها بدول إسلامية عدة، غير أن ذلك لم يمنعها من أن تصنف الإرهاب في مقدمة الأعداء الجدد للولايات خاصة الإرهاب الأصولي الذي يقوده الأفغان العرب، والتقت إرادة الولايات المتحدة وكثير من حكومات الدول العربية والإسلامية، والتي بدأت منذ ذلك الوقت تعاني من أحداث العنف السياسي الداخلي التي يقف وراءها الأفغان العرب على اعتبار أن الإرهاب الخطر الذي يتعين التنسيق والتعاون بين الطرفين لمواجهته – بل إن "رابين" في رؤيته حول الشرق الأوسط الجديد طرح نفس الفكرة حول هذا التحدي، كما تجلى في عقد مؤتمر قمة "مكافحة الإرهاب" في شرم الشيخ في فبراير 1996 عقب عمليات حماس ضد إسرائيل، ولكن رؤية الطرفين لم تكن متطابقة تماما، ففي حين تركز الحكومات العربية جهدها في مقاومة خطر الإرهاب الداخلي الموجه ضدها، كان تركيز الولايات المتحدة على حماية أمن إسرائيل في وجه حركات المقاومة الإسلامية دون تمييز بين الإرهاب وحق المقاومة المشروع وفقا للمواثيق الدولية.


    وهكذا تجلى التغير في الموقف الأمريكي من المجاهدين الأفغان سريعاً بعد خروج السوفيت من أفغانستان، ثم تدعم أثناء حرب الخليج الثانية في مواجهة العراق، فبعد الانسحاب السوفيتي في عام 1989 حدث نزاع بين أجهزة صنع السياسة الخارجية الأمريكية؛ في حين أيدت الخارجية التعاطي مع الملف الأفغاني بالتنسيق والتشاور مع القيادة السوفيتية – قبل سقوط الاتحاد السوفيتيدعت الأجهزة العسكرية والاستخبارات إلى دعم الفصائل الأفغانية للقيام بعمل عسكري حاسم لإسقاط حكم نجيب الله، وبالنسبة للمعونات حدث تخفيض في قيمة الدعم المقرر للفصائل الأفغانية من 300 مليون دولار إلى 250 مليون دولار، ثم تقرر قطع هذه المعونات كلياً بالاتفاق مع المملكة العربية السعودية عن الأحزاب التي أيدت غزو العراق للكويت أو التي رفضت التدخل الأمريكي في الخليج، وتحديداً الحزب الإسلامي بزعامة حكمتيار والاتحاد الإسلامي بزعامة عبد رب الرسول سياف، وقد صاحب هذا التغير الأمريكي وتبعا له تغير سعودي وباكستاني انصب في اتجاه دعم أحزاب أفغانية ضد أخرى، بل والمساهمة في بروز فصائل جديدة كان أبرزها حركة طالبان، فقد فشلت المراهنة على الحزب الإسلامي بزعامة حكمتيار، ووجدت الولايات المتحدة في نظام الرئيس برهان الدين رباني – لا سيما بعد الصدام بين حكمتيار ورباني – النظام المؤهل للعب الأدوار الأساسية التي تخدم السياسة الأمريكية وأهدافها المتمثلة خصوصاً في إغلاق معسكرات الأفغان العرب، واعتقال قياداتها التي صارت متحالفة مع حكمتيار(53). وبعد ظهور حركة "طالبان" بدأت الولايات المتحدة وحكومتا السعودية والباكستانية في المراهنة عليها، خاصة بعد نجاحها في تقويض نفوذ وقوة حكمتيار. فمنذ ظهور حركة طالبان كان الدعم الأمريكي والباكستاني واضحاً، وذلك عبر تفاهم بين الطرفين منذ عام 1994وهوتاريخ ظهور الحركة، ونموها بصورة سريعة (54)، وامتلكت منذ البداية قوة عسكرية تقدر بحوالي 25 ألف فرد، و200 دبابة قتال رئيسية، بالإضافة إلى حوالي 200 طائرة، وكان هدف الدعم الأمريكي يتركز في ضبط الأوضاع في أفغانستان وتحقيق الاستقرار، ومطاردة الأفغان العرب، ووقف تجارة المخدرات وتحقيق الاستقرار في أفغانستان تحت حكم قريب أو موالٍ لواشنطن، يساهم في تقوية السيطرة الأمريكية على الثروة النفطية البازغة في آسيا الوسطى، وإبعاد إيران عن مشروع أنابيب النفط والغاز الطبيعي من خلال تهيئة ظروف تتيح تمرير هذه الخطوط من تركمانستان إلى باكستان عبر أفغانستان، وذلك كبديل عن مد خط الأنابيب عبر إيران، التي كانت واشنطن تركز جهودها حينئذ في حصارها.


    وفي بداية ظهور الطالبان قوضت نفوذ حكمتيار، وأغلقت معسكرات تدريب الأفغان العرب، وأحرقت حقول المخدرات. وعلى الرغم من ذلك أصرت الحركة على إيواء أسامة بن لادن وأنصاره بعد عودته من السودان، كما قاومت بشدة محاولة أمريكية في ديسمبر 1997 لاعتقاله، حين أرسلت مجموعة من القوات الخاصة إلى باكستان؛ تمهيداً لدخول أفغانستان من مناطق الحدود، إلا أن قوات طالبان منعت القوة الأمريكية من دخول أراضيها. والأكثر من ذلك أن الحركة سمحت لأسامة بن لادن بممارسة نشاط سياسي واسع لمناهضة السياسة الأمريكية، سواء فيما يتعلق بتكوين "الجبهة الإسلامية العالمية لجهاد اليهود والصليبيين" أو تنظيم مؤتمرات عدة للتنديد بالسياسة الأمريكية. ولكن تفجير السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا في 8 أغسطس 1998 جعل قضية إيواء طالبان للأفغان العرب مصدر خطورة بالغ، لاسيما بعد أن قامت واشنطن بتنفيذ عملية قصف صاروخي منفرد ضد معسكرات تابعة لأسامة بن لادن في أفغانستان في 20 أغسطس 1998.
    Admin
    Admin
    Admin


    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 2987
    تاريخ الميلاد : 18/06/1970
    تاريخ التسجيل : 27/09/2009
    العمر : 53

    ما المقصود بالأفغان العرب؟ Empty رد: ما المقصود بالأفغان العرب؟

    مُساهمة من طرف Admin الأحد فبراير 20, 2011 3:34 pm

    ويبدو أن الإدارة الأمريكية كانت تعاني ارتباكاً واضحاً في الرؤية الإستراتيجية في أفغانستان منذ البداية، ويتجلى ذلك فيما يلي:


    (أ) لم يكن الدعم الأمريكي للفصائل الأمريكية الأفغانية مبنياً على أساس إستراتيجية واضحة من أجل تأسيس نظام سياسي مستقر في أفغانستان، فالولايات المتحدة يبدو أنها لم تكن تهتم بالقدر الكافي بخريطة الأوضاع العرقية والقومية وانقسامات الفصائل وتعددها ومشاكلها المختلفة، ولكنها ركزت جهودها فقط في مواجهة الخطر الشيوعي، كما أن صانعي القرار في واشنطن لم يعطوا قضية المتطوعين العرب حقها من الاهتمام خاصة بعد خروج السوفيت؛ ولذلك كان الطبيعي أن يتحول "المجاهدون العرب" إلى "أفغان عرب"، فالولايات المتحدة في رأي الكثيرين لم تكن معنية بالأبعاد الداخلية للصراع، وإنما انحصر اهتمامها في الأبعاد الدولية والإقليمية.


    (ب) تردد الإدارة الأمريكية بين خيار:
    الأول مواصلة الرهان
    على طالبان
    باعتبارها الحركة الوحيدة القادرة على بسط سيطرتها وتحقيق الاستقرار، أو إسقاط هذا الرهان والتعامل معها باعتبارها تؤوي الإرهاب وتحميه. وإذا كان الرهان على طالبان من وجهة النظر الأمريكية – مفيدا في حصار إيران وتنفيذ مشروعات نقل البترول عبر أفغانستان دون المرور بإيران، إلا أن استقرار الأمور لطالبان قد يؤدي إلى زيادة المد الديني والإسلامي في آسيا الوسطى، مما يهز ويقلق الأنظمة الحاكمة في تلك المناطق. والخلاصة أن الولايات المتحدة قامت بتوظيف قضية الجهاد الأفغاني في مواجهة السوفيت خلال الثمانينيات، ولكن انتهاء القضية بخروج السوفيت، وانهيار الاتحاد السوفيتي، أدى إلى تغير الرؤية الإستراتيجية، فيبدو أنه بدلاً من الخطر الأحمر برز الخطر الأخضر الذي تمثله من وجهة نظرها الأفغان العرب.


    (2) التحول للصراع بين الأفغان العرب والولايات المتحدة :


    بتبلور النشأة الحقيقية للأفغان العرب صارت الولايات المتحدة هدفاً لهجماتهم في عالم غاب عنه الاتحاد السوفيتي، وتفرد فيه - القطب الواحد- بالنظام الدولي؛ بالطبع فإن عمليات الأفغان العرب ضد الأهداف الأمريكية لا تعدو عمليا سوي تعبير عن نوع معين من الاحتجاج على السياسات الأمريكية تجاه العرب والمسلمين ووجود إرادات يمكن أن تتجمع لممارسة ذلك، ولا تمثل تهديدا حقيقيا للمصالح الأمريكية؛ ولنتناول بعض الأمثلة من الممارسات
    التي قام بها الأفغان
    العرب ضد
    المصالح الأمريكية:


    (أ) تنفيذ سلسلة من الهجمات المسلحة على القوات الأمريكية في الصومال في عام 1993 والتي أدت إلى مقتل 18 أمريكياً بالتعاون مع الاتحاد الإسلامي الصومالي، والتي أدت إلي انسحاب القوات الأمريكية في نهاية الأمر..


    (ب) تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك فبراير1995 الذي أدى إلى مقتل ستة وجرح حوالي ألف شخص، وخسائر جملتها حوالي بليون دولار، واعتقلت السلطات الأمريكية أربعة فلسطينيين ومصريين وحكمت عليهم السجن لفترات طويلة (جملتها أكثر من ألف عام) وكان المنفذان الرئيسيان رمزي يوسف وأحمد عجاج قد تقابلا في أفغانستان خلال الحرب ضد السوفييت.


    (ج) انفجار الرياض ضد مكاتب بعثة عسكرية أمريكية ترتبط بعقود لتدريب الحرس الوطني السعودي منذ السبعينيات في نوفمبر 1995أدى إلى مقتل خمسة أمريكيين وهنديين، وإصابة 60 آخرين بجروح، وعمد المنفذون إلى استخدام جهاز تفجير متطور مربوط بجهاز توقيت، مما يشير إلى خبرة عالية وتنظيم جيد، وقد شارك في التحقيقات 19 خبيراً من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (أف. بي. آي) واثنان من الخارجية الأمريكية أشاروا إلى ترجيح اتهام الأفغان العرب.


    (د ) انفجار الخبر في الظهران فقد وقع في 25 يونيو 1996، وأدى إلى مقتل 19 أمريكياً، وإصابة 386 شخصاً بجروح بينهم 17 سعودياً و 118 بنغالياً، و 109 أمريكياً و 4 مصريين وأردنيين، ويعتبر الهجوم الأعنف الذي تتعرض له القوات الأمريكية في الشرق الأوسط منذ انفجار بيروت عام 1983 وقتل فيه أكثر من 241 جنديا أمريكيا.


    (ل) عاد الأفغان العرب بعد انقطاع لمدة عامين تقريباً متمثلين في "الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين" التي أسلفنا الحديث عنها إلى توجيه أقوى الضربات ضد الأهداف الأمريكية، ففي 7 أغسطس تم تفجير سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا، والذي أدى إلى مقتل 263 شخصاً من بينهم 12 أمريكياً وجرح أربعة آلاف آخرين، وقد أعلن "الجيش الإسلامي لتحرير المقدسات الإسلامية" مسؤوليته عن تنفيذ الانفجار، ويعتقد أنه الجناح العسكري لتنظيم القاعدة الذي يرأسه بن لادن، ويقدم البعض مؤشرات تؤكد قيام عناصر تابعة "للجبهة الإسلامية العالمية" بتفجير السفارتين منها البيان الذي أعلنه تنظيم الجهاد قبل وقوع التفجيرات بيومين، وهدد فيه الولايات بالانتقام بعد تسليم الاستخبارات الأمريكية أربعة من ناشطي تنظيم الجهاد إلى السلطات المصرية، وكما سبق القول فإن تنظيم الجهاد يعتبر جزءا من "الجبهة الإسلامية لقتال اليهود والصليبيين" التي تعتبر الولايات المتحدة "العدو الأول"، ويتحرك من منطلق فتوى توجب قتال الأمريكيين وضرب مصالحهم، إضافة إلى ذلك فإنه من الملاحظ تصاعد الوجود الجهادي في إفريقيا، فالرجل الثاني في التنظيم (نائب الظواهري) على الرشيدي كان مقيماً في مومباسا بكينيا ذاتها قبل أن تغرق به سفينة ركاب في بحيرة فكتوريا في مايو 1996، كان قد حارب في أفغانستان وقاتل القوات الأمريكية في الصومال، وقاد عناصر جهادية كثيرة في حربها ضد الأمريكان في أفريقيا وله العديد من الأتباع، الأمر الذي يمكن أن يكون قرينة على توافر الكوادر التي قامت بعملية التفجير؛ وقد ردت الولايات المتحدة بعنف على العملية لتستعيد هيبتها أمام الأفغان العرب، وعندما لم ينجح القصف الصاروخي، قررت وضع أسامة بن لادن على قائمة العشرة الفارين والمطلوبين للعدالة الأمريكية، وذلك بعد أن رفضت طالبان تسليمه، وأعلن مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي لويس مزي أن بن لادن ونائبه محمد عودة أبو حفص المصري لم يغادرا أفغانستان، وأكد أن منظمة القاعدة التي يديرها بن لادن واسعة ولديها القدرة والرغبة على ارتكاب عنف عشوائي واسع، وقد اتهمت الولايات المتحدة الأفغان العرب بالقيام بأعمال إرهابية تشمل قتل عسكريين أمريكيين في السعودية والصومال ورعايا أمريكيين في كينيا وتنزانيا.


    ويمكن الخروج مما سبق بثلاث دلالات بالغة الأهمية: الأولى:
    حدوث تحول في نمط عمليات الأفغان العرب عبر التركيز على تلك العمليات الموجهة للولايات المتحدة الأمريكية، فقد توصلت قياداتهم خاصة الظواهري وابن لادن إلى عدم جدوى العمليات ضد الحكومات داخل البلاد العربية الأخرى، وجدوى توجيهها ضد المصالح الأمريكية والإسرائيلية؛ حيث تكتسب دعما وتأييدا واسعا من الشعوب الإسلامية التي يعاني بعضها من الحصار الأمريكي، كما أن توسيع العمليات ضد الأمريكيين والإسرائيليين يعني توسيع الرقعة التي يمكن للأفغان العرب أن يتحركوا فيها علي المستوى الدولي، الثانية: أصبحت الولايات المتحدة تعتبر الأفغان العرب العدو الأول لها وجسدتهم في قيادة أسامة بن لادن، وفي نفس الوقت فإن الأفغان العرب بدورهم يعتبرونها عدوهم الأكبر الذي يقود الغرب الصليبي والاستعماري ضد العرب والمسلمين.


    ويمكن القول: إن خطر الأفغان العرب رمزي ضخمته الدعاية الإعلامية الأمريكية في سعيها للبحث عن عدو جديد، فالدعاية حولت الأفغان العرب إلى قطب دولي ينازع الولايات المتحدة الأمريكية على الرغم من عدم منطقية المقارنة بين قوة الطرفين، ولكنه من وجهة نظرنا يمثل ولو في أحد جوانبه وجود إرادة شعبية إسلامية رافضة للهيمنة الغربية والأمريكية تمارس تأثيرا على المستوى الدولي.


    الثالثة: تزايد توتر العلاقات مع الأمريكية-الطالبانية، حتى قررت الولايات المتحدة فرض عقوبات اقتصادية على طالبان في 6 يوليو 1999، معتبرة أن سياسة طالبان تشكل تهديداً غير عادي لأمن الولايات المتحدة؛ لأنها تسمح لابن لادن ومنظمة القاعدة باستعمال أراضٍ تحت سيطرتها، ومازالت العلاقات بين الطرفين تواصل تدهوره

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 07, 2024 6:32 pm