(حماية البيئة الدولية من التلوث)
إعداد:
طلال بن سيف بن عبد الله الحوسني.
مايو 2005م
شكر وتقدير
بكل معاني الشكر والعرفان ، أتوجه بها لكل من مد يد المساعدة سواءً من قريب أم بعيد ووقف إلى جانبي لإخراج هذاالبحث على هذه الصورة، وإن كان لي أن أخص أحدا بذلك، فلايسعني إلا أن أقدم خالص شكري وامتناني للأستاذ القدير الذي أشرف على هذا البحث ، مثنياً عليه تواضعه الكبير مع طلبتهوأسلوبه العلمي في تعامله مع الباحث، من خلال إعطائه مفاتيح البحث وتوجيههبالتسلسل المنطقي للأفكار ويترك في نفس الوقت مساحة رحبة وواسعة له في وصم بحثهباللمسات التي تميزه عن غيره، ويبرز فيها رأي الباحث مما يساعد على تنوع وإثراءشتى فروع المعرفة،كما أشكر القائمين على المكتباتالتي استقى منها هذا البحث معلوماته ، وما أبدوه لنا من تسهيل في إجراءات الوصولوالإعارة للكتب الموجودة عندهم ، ولا أنسى تقديم خالص الشكر كذلك لكل من ألفبإسهاب حول موضوع حماية البيئة ، وذلك لارتباطه بمستقبل البشرية والإنسانية بأسرها.
وأخيراً فإن وفق هذا البحث وحوى في طياته على إيجابيات ونجاح يذكر ، فهومنسوب لجميع من سعى وأعانني لإخراجه على هذه الصورة، ولا استثني منهم أحد، وما كانبه شيئاً من السلبيات أو التقصير أو النقد فهو راجع للباحث وحده.
سائلاً المولىالقدير التوفيق لما فيه خيري الدنيا والآخرة.
مقدمة
الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ،سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديهإلى يوم الدين. وبعد...
إن مشكلة التلوث البيئي ليست مشكلة جديدة أو طارئةبالنسبة للأرض، وإنما الجديد فيها هو زيادة شدة التلوث كماً وكيفاً في عصرناالحاضر.
باتتمشكلة التلوث البيئي تؤرق فكر المصلحين والعلماء والعقلاء وتقض مضاجعهم، فبدءوايدقون نواقيس الخطر ، ويدعون لوقف أو الحد من هذا التلوث الذي تتعرض لهالبيئة نتيجة للنهضة الصناعية والتقدمالتكنولوجي في هذا العصر،فالتلوث مشكلة عالمية ،لا تعترف بالحدود السياسية لذلكحظيت باهتمام دولي ،لأنها فرضت نفسها فرضاً، ولان التصدي لها يجاوز حدود وإمكانياتالتحرك الفردي لمواجهة هذا الخطر المخيف،والحق أن الأخطار البيئية لا تقل خطراً عنالنزاعات والحروب والأمراض الفتاكة إن لم تزد عليها.
وفيالآونة الأخيرة بدأت الدراسات والفكر القانوني يهتم بقضايا البيئة ، ويأخذها مأخذالجد ، وظهرت العديد من المؤلفات والبحوث والدراسات ، وعقدت عدة مؤتمرات ووقعتالكثير من الاتفاقيات التي تعالج هذا الموضوع، و مشكلة التلوث قد أخذت حيزاً منالاهتمام الدولي بسبب بعدها العالمي ،وأن البيئة الطبيعية وحدة واحدة لا تحدهاحدود،لذلك فهي تثير العديد من الإشكاليات وخاصة القانونية منها،نظراً لمراعاةالاعتبارات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تحيط بهذه المشكلة ، ونظراًللتجاذبات الحساسة بين أهل الشمال الغني(الدول المتقدمة) ،وأهل الجنوب الفقير(الدول النامية) حول تحمل تبعة التلوث ،فإن هذا البحث المتواضع يأتي مساهماً معالاتجاه الذي يبصر القارئ الكريم بهذه المشكلة وفق تسلسل بسيط وسهل،حيث تم تقسيمالبحث إلى فصلين، تكفل الفصل الأول منه ببيان تعريف التلوث البيئي وماهيته، مبيناًإلى ما وصلت إليه هذه المشكلة من أبعاد وتفاقم وما هي أهم قضاياها،باعتبار أن فهمالمشكلة هو بداية العلاج ، وكلما زادت معرفتنا بحجم المشكلة بقدر ما تزيد بهإرادتنا وعزمنا على التصدي لها ، ومن ثم إيجاد الحلول وابتكار الأساليب والوسائلالعلاجية والوقائية منها.
إلا أن الإشكالية التي أود إثارتها في هذا البحث،والنقطة التي تحتاج إلى تمحيص وعلاج هي المسؤولية الدولية عن منع الأضرار بالبيئة،هذا الموضوع حديث يتصدى لمشاكل البيئة عن طريق الوقاية منها قبل علاجها ،وهو أفضلأسلوب في رأيي لاستناده إلى مبدأ" الوقاية خير من العلاج"، إضافة إلى مايثيره من إشكالية قانونية مثل إقامة علاقة السببية بين الفعل غير المشروع والضررالناجم عنه وتعذر إثبات الخطأ أو التقصير في بعض الحالات. وهذا ما سيتناوله الفصلالثاني من البحث.
والله الموفقوالهادي إلى سواء السبيل.
الفهرس
الفصل الأول : مفهوم البيئة والتلوث ودور المنظماتالدولية في حماية البيئة
يأتي هذا الفصل تمهيداً للتعريف بالمفاهيم والمصطلحات المتعلقة بالتلوثالبيئي من كافة جوانبه اللغوية والاصطلاحية العلمية والقانونية منها، ثم يوضح هذاالفصل إلى أي مدى وصلت إليه مشكله التلوث ،وما هي أبعادها وآثارها،ثم ما هيالاتجاهات التي ظهرت لمعالجة فكرة التلوث بشتى أنواعه.
وعليه نقسم الدراسة في ثلاثة مباحث:
1- ماهية البيئةوالتلوث
2- الاتجاهاتالدولية المختلفة لمعالجة فكرة التلوث.
3- دور المنظماتالدولية في حماية البيئة من التلوث.
المبحث الأول : ماهيةالبيئة والتلوث
البيئة بمعناها اللغوي الواسع تعني الموضعالذي يرجع إليه الإنسان، فيتخذ فيه منزله وعيشه ،ولعل ارتباط البيئة بمعنى المنزلأو الدار دلالته الواضحة، ولاشك أن مثل هذه الدلالة تعني في أحد جوانبها تعلق قلبالمخلوق بالدار وسكنه إليها، ومن هذا المنطلق يتم التأكيد على وجوب أن تنال البيئةبمفهومها الشامل غاية الفرد واهتمامه تماماً كما ينال بيته ومنزله غايته وحرصهواهتمامه.
ولايختلف المعنى اللغوي للبيئة عن المعنى الاصطلاحي لها إلا بالتفاصيل المتعلقةبمكونات البيئة وعناصرها ،وهنا لابد أن يشتمل بحثنا عن المفهوم اللغوي والاصطلاحيللكلمة ليستطيع القارئ الربط بين المفهومين في ذهنه.
المطلب الأول : مفهوم البيئة والتلوث في اللغةوالاصطلاح
للبيئة مفهوم لغوي ،فهي مشتقة من"بوأ" وهي في اللغة تأتي بعده معاني منها :
1- المنزل أو الموضع ، يقال تبوأت منزلة أينزلته ، وبوأ له منزلاً وبوأه منزلاً : هيأه ومكن له فيه (1) . ومنهقوله تعالى :") وَكَذَلِكَ مَكَّنِّالِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَامَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)(2)
وقوله تعالى :" وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَوَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ ")3)
وقوله تعالى :" وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَاقُصُورًا " (4)
2-الرجوع ، ومنه قوله تعالى :" إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ " أي ترجع بها بسبب اعتدائك علي "
3-الاعتراف ، يقال : باء بحقه اعترف به (5)
4-الزواج : ومنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من استطاع منكم الباءةفليتزوج "
5-التساوي والتكافؤ : يقال باء دمه بدمه بواء ، أي عدله و فلان بواء فلان أي كفؤه إنقتل به . ) 6)
ولو نظرنا إلى هذه المعاني، نرى أن المعنىالأول هو الذي يتفق مع موضوعنا، وهو أشهر المعاني ،فالبيئة هي المنزل أو الموضعالذي يحيط بالفرد أو المجتمع ، فيقال بيئة طبيعية وبيئة اجتماعية وبيئة سياسية .
أما عن مفهوم التلوث في اللغة: فإن المعاجماللغوية تشير إلى أن التلوث يعني خلط الشيء بما هو خارج عنه فيقال : لوث الشيءبالشيء خلطه به .
وقد جاء في لسان العرب لأبن منظور في مادة لوث(أن كل ما خلطته ومرسته فقد لثته ولوثته ، كما تلوث الطين بالتبن والجص بالرملولوث ثيابه بالطين أي لطخها ، ولوث الماء : كدره )(1)
وجاءفي مختار الصحاح للإمام الرازي لوث ثيابه بالطين تلويثا لطخها ولوث الماء أيضاكدره
وجاءفي المصباح المنير ( لوث ثوبه بالطين ، لطخه ، وتلوث الثوب بذلك )(2)
وجاء في المعجم الوجيز ( لوث الشيء بالشيء خلطهبه...... وتلوث ثوبه بالطين : تلطخ به وتلوث الماء أو الهواء ونحوه : خالطه موادغريبة ضاره
مفهوم البيئة التلوث و في الاصطلاح
تعريف البيئة في الاصطلاح العلمي هي : ذلكالحيز الذي يمارس فيه البشر مختلف أنشطة حياتهم، وتشمل ضمن هذا الإطار كافةالكائنات الحية من حيوان ،
ونبات،والتي يتعايش معها الإنسان (3)
فالبيئةتشمل كل ما يحيط بالإنسان من ماء وهواء وأرض فهو يؤثر فيها ويتأثر بها.
وتتكون البيئة من أربعة أنظمة متكاملةومتفاعلة ،هي الغلاف الأرضي والغلاف المائي والغلاف الغازي أو الهوائي والمجالالحيوي للكرة الأرضية ،أما العناصر التي تتكون منها البيئة فتندرج ضمن مجموعتينأساسيتين هما :
أ-العناصر الطبيعية المادية :وهي تتكون من هبات الله الطبيعية كالهواء والماء والتراب والثروات الطبيعة ومختلف المخلوقات الحية من نبات وحيوان وبشر، وهيتتفاعل في ما بنيها ضمن دورة متكاملا ومنظمة.
ب-العناصر المصنوعة التي ابتكرها الإنسان وسخرها لخدمته من خلال تغيره للعناصرالطبيعية المادية .
وقدثبت حتى الآن أنه لا حياة للإنسان في غير بيئته التي نشأ فيها على كوكب الأرض ،هذهالبيئة التي وجدها تتناسب ظروفه وتكوينه وأكملها بما أقام عليها من منشآت ومؤسساتلسد مزيد من حاجاته .
كماأن تعريف التلوث في الاصطلاح العلمي هو : عبارة عن الحالة القائمة في البيئة الناتجة عنالتغيرات المستحدثة فيها ،والتي تسبب للإنسان الإزعاج أو الأضرار أو الأمراض أوالوفاة بطريقة مباشرة أو عن طريق الإخلال بالأنظمة البيئية . (1)
فالتلوثإذن هو كل ما يؤثر في جميع العناصر البيئية بما فيها من نبات وحيوان وإنسان، وكذلككل ما يؤثر في تركيب العناصر الطبيعية غيرالحية مثل الهواء والتربة والبحيرات والبحار وغيرها .
وأصبح تلوث البيئة ظاهرة نحس بها جميعاً فلمتعد البيئة قادرة على تجديد مواردها الطبيعية وأختل
التوازنبين عناصرها المختلفة ، ولم تعد هذه العناصر قادرة على تحليل مخلفات الإنسان أواستهلاك النفايات الناتجة من نشاطاته المختلفة، وأصبح جو المدن ملوثا بالدخانالمتصاعد من عوادم السيارات وبالغازات المتصاعدة من مداخن المصانع ومحطات القوى ،والتربةالزراعية قد تلوثت نتيجة الاستعمال المكثف للمخصبات الزراعية والمبيدات الحشرية ،وحتىالكائنات الحية لم تخل من هذا التلوث .
ولم تسلم المجاري المائية من التلوث فمياهالأنهار والبحيرات في كثير من الأماكن أصبحت في حالة يرثى لها نتيجة ما يلقي فيهامن مخلفات الصناعة من فضلات الإنسان كما أصاب التلوث البحيرات المقفلة والبحارالمفتوحة على السواء .
كذلك أدى التقدم في الصناعة الهائل الذي صحبالثورة الصناعية إلى إحداث ضغط هائل على كثير من الموارد الطبيعية ، خصوصا تلكالموارد غير المتجددة مثل الفحم وزيت البترول وبعض الخامات المعدنية والمياهالجوفية ،وهي الموارد الطبيعية التي احتاج تكوينها إلى انقضاء عصور جولوجية طويلةولا يمكن تعويضها في حياة الإنسان .
ولقد صحب هذا التقدم الصناعي الهائل الذيأحرزه الإنسان ظهور أصناف جديدة من المواد الكيميائية لم تكن تعرفها البيئة من قبل، فتصاعدت بعض الغازات الضاره من مداخن المصانع ولوثت الهواء وألقت هذه المصانع بمخلفاتها الكيميائية السامة في البحيرات والأنهار .
أسرف الناس في استخدام المبيدات الحشريةومبيدات الآفات والمخصبات الزراعية، وأدى كل ذلك إلى تلويث البيئة بكل صورها،فتلوث الهواء وتلوث الماء وتلوثت التربة واستهلكت ،واصبحت بعض الأراضي الزراعيةغير قادرة على الإنتاج، كذلك ازدادت مساحة الأراضي التي جردت من الأحراش والغابات ،وارتفعتأعداد الحيوانات والنباتات التي تنقرض كل عام ، كما ارتفعت نسبة الأنهار والبحيراتالتي فقدت كل ما بها من كائنات حية وتحولت إلى مستنقعات .
المطلب الثاني : أبعاد مشكلة التلوث
تزايد التلوث وأهم قضايا البيئة :
لقد بات مستقبل الحياة على كوكبالأرض مهددا ً بأخطار جسيمة بسبب سوء تصرف الإنسان واعتداءاته العمدية وغير العمدية المتزايدة على البيئة المحيطة والتي تشبع لهحاجاته ، بل وهي قوام حياته ، وبدأت البيئة بالفعل – رغم نظامها البديعوإمكانياتها الكبيرة – تنوء بما أصابها من جراء ذلك من تلوث وتعجز عن معالجتهتلقائياً بما يحقق خير الناس .
ومن تلوث البيئة أخذ الإنسان نفسه يعاني منالمشاكل، ويذوق من ألوان العذاب بما قدمت يداه.
وقد أصاب التلوث كل عناصر البيئة المحيطة بالإنسان منماء وهواء وغذاء وتربة ، وزادت الضجة المؤرقة والإشعاعات المؤذية فالماء في البحار والأنهار أصبح ملوث في حدود كبيرةأو قليلة بالكيماويات والفضلات وبقايا النفط والمعادن الثقيلة ، بل وبالماء المستعمل نفسه ،والهواء في أغلب المناطق المأهولة اختلت فيه نسب الغازات المكونة له لصالح الضارمنها بفعل آلات الاحتراق الداخلي في المصانع والسيارات مع تقلص المساحات الخضراء ،والغذاء وصل إليه التلوث عن طريق المبيدات والكيماويات الحافظة وغيرها من الإضافاتالضارة ،والتربة أصابها التلوث بسبب بقايا المبيدات والأسمدة الكيماوية والمخلفات الغريبة،والأملاح الزائدة وصار التلوث الصوتي من لوازم العصر بعد زيادة الضوضاء والأصوات المستنكرة بمصادرها الحديثة المختلفة ، وظهر التلوث الإشعاعي نتيجة استخدام الذرة سواء في الحرب أو في السلم.
وقد برزت مشكلة التلوث وتعاظم خطرها مع تقدمالصناعة واستخدام الآلات الحديثة وأسلحة الحرب المدمرة على نطاق واسع ، وكانت الدول الصناعية الكبرى سباقة إلى اكتشافالمشكلة ومخاطرها والبحث عن الحلول المناسبة لمعالجتها ، كما كانت سباقة في إحداثالتلوث والإخلال بالتوازن البيئي .
ومع التزايد المستمر في عدد سكان العالم تتفاقم مشكلة التلوث وتتضخممخاطرها ويتحتم البحث عن حلول جذرية لحماية البشرية من كوارث محققة .
وأول ما يمكن ملاحظته هو أنهذا التلوث أدى إلى حدوث انقلاب خطير في النظام الكوني ،حيث اختلطت الفصول فلايعرف الصيف من الشتاء أو الخريف أو الربيع ، وذلك بسبب التزايد المستمر لغاز ثانيأكسيد الكربون، وهو السبب أيضاً في تحريك الكتل الهوائية المحيطة بالكرة الأرضيةوهبوب العواصف وحلول كثير من الكوارث الطبيعية، كهطول الأمطار حول الكرةالأرضية وحدوث الفيضانات وانحسار حزام الأمطار حول الكرة الأرضية عن أماكن أخرىفيصيبها الجفاف.
ويمكن تشبيه بعض المدن الصناعية الكبرى مثل طوكيو ونيويورك ولندن وباريس والقاهرة ... إلخ بالبراكينالثائرة ، حيث يقذف سكان تلك المدن والآتهم ومصانعهم ومركباتهم بمئات الآلاف من الأطنان من الغازات السامة والأتربة وعوادم السيارات والمصانع ... إلخ إلى الهواءالجوي ،وتكون هذه الغازات والأتربة غلاله أو سحابة رمادية أو زرقاء اللون تغطي تلكالمدن . وتزحف هذه السحب السوداء فوق القارات بفعل تيارات الهواء لتلوث مناطق أخرى(1).
أنواع التلوث ذات الاهتمام الدولي :
أ-النوع الأول : هو الذي يطلق عليه اسم "التلوث عبرالحدود" وهذا النوع يكون مصدر التلوث في إحدى الدول التي ينتج عنه أضرار تعبر حدود دولة المصدر إلى إقليم دولة أخرى،وينتج عنها أضرار بهذا الإقليم ،والتلوث عبر الحدود قد ينتقل من اقليم دولة إلى أخرى عبر الهواء والمياه سواءاً مياه انهاراومياه بخار، وهذا النوع من التلوث وكما هو واضح يحتاجإلى تعاون دولي لمنع أو لتقليل الأضرار الناتجة منه ، وفي معظم الأحوال يتحملالإقليم المصدر للتلوث تكاليف مكافحة أضرار التلوث في الأقاليم المجاورة .
ب-النوع الثاني : من التلوث الذي يثير الاهتمام الدوليفهو الذي يضر بالمناطق المعروفة باسم "المال العام" وهي المناطق الواقعة فيماوراء حدود الولاية الإقليميةللدولة، والتي تعتبر ملكيتها شائعة بين كافة الدول، ومثال هذه المناطق أعاليالبحار، والفضاء الخارجي ،والقطب الجنوبي للكرة الأرضية.
ج-النوع الثالث : من التلوث الذي يلقي عناية واهتمامدوليين هو ما يطلق عليه التلوث الضار "بالتراث الثقافي والطبيعي العالمي" ويهدف هذا الاهتمام إلىحماية بعض الأشياء الطبيعية والتي قام الإنسان بصنعها وتمثل قيمة عالمية كبرى منوجهة النظر الفنية العلمية تدفع المجتمع الدوليفي أن يتحرك أما لحمايتها أولإيقاف مصادر التلوثالمؤثرة عليها ، ولا شك أن كثير من الدول قد تعاونت إيجابياً في السماح للمجتمعالدولي بالتدخل والعمل داخل أراضيها سواءاً من خلال اتفاقيات الدول أو من خلالالمنظمات الدولية كاليونسكو لإنقاذ التراث الثقافي والطبيعي العالمي من التلف أوالضرر وبما لا يمس سيادتها أو التدخل في شئونها الداخلية .
د-النوع الرابع : هو عبارة عن تلوث محلي أو داخلي :
وهو تلوث يكون مصدره وأثاره الضارة داخل نفسالإقليم، وفي نفس الوقت نجد أن طبيعة الاهتمام بهذا التلوث لا تدخل في أي نوع من الأنواع الثلاثة السابقة، وقد يرجعالاهتمام الدولي بمثل هذا التلوث المحلي أوالداخلي إلى باعثين أساسيين : الأول إذا تطلب مواجهة هذا الكون اشتراك عدد من الدولأو المنظمات الدولية من خلال خبرائها الدوليين في مجال هذا النوع من التلوث،فالدول الفقيرة لا يمكنها مواجهة كافة مصادر التلوث التي تؤثر بالضرر على بيئتها ،ومنهنا يمكن أن تطلب مساعدة المجتمع الدولي فنيا وماليا،
أما الباعث الثاني في حالة التلوث الداخلي إذاوصل إلى درجة تؤثر على حركة التجارة الدولية ،ولن يقتصر الأمر على وضع قيود علىالبضائع القادمة من هذه الدول بل أنها ستمر على عدة اختبارات علمية وفنية لقياسمدى تلوثها مما يضيف تكاليف على أسعار هذهالسلع قد تؤدي إلى إخراجها من مجال المنافسة مع البضائع المشابهة التي تنتجها دولأخرى لا تتعرض لنفس التلوث وأضراره . (1)
إعداد:
طلال بن سيف بن عبد الله الحوسني.
مايو 2005م
<table width="100%" cellpadding="0" cellspacing="0"> <tr> <td> إلى كل إنسان حمل همّ كوكبه المريض...الذي يئن ويرزح تحت وطئة التجاوزات الخطيرة لبني البشر... تحقيقاً لمصالحهم الوقتية....إلى كل من يسعى للمحافظة على هذا الكون ... في توازنه المحكم ...وتوافقه البديع...إلى كل متمتع بالشخصية الطبيعية أو حتى الاعتبارية ... يمكن أن يطلق عليه وصف ( من حماة البيئة) ، أهديك هذا البحث المتواضع. طلال الحوسني. </td> </tr> </table> |
شكر وتقدير
بكل معاني الشكر والعرفان ، أتوجه بها لكل من مد يد المساعدة سواءً من قريب أم بعيد ووقف إلى جانبي لإخراج هذاالبحث على هذه الصورة، وإن كان لي أن أخص أحدا بذلك، فلايسعني إلا أن أقدم خالص شكري وامتناني للأستاذ القدير الذي أشرف على هذا البحث ، مثنياً عليه تواضعه الكبير مع طلبتهوأسلوبه العلمي في تعامله مع الباحث، من خلال إعطائه مفاتيح البحث وتوجيههبالتسلسل المنطقي للأفكار ويترك في نفس الوقت مساحة رحبة وواسعة له في وصم بحثهباللمسات التي تميزه عن غيره، ويبرز فيها رأي الباحث مما يساعد على تنوع وإثراءشتى فروع المعرفة،كما أشكر القائمين على المكتباتالتي استقى منها هذا البحث معلوماته ، وما أبدوه لنا من تسهيل في إجراءات الوصولوالإعارة للكتب الموجودة عندهم ، ولا أنسى تقديم خالص الشكر كذلك لكل من ألفبإسهاب حول موضوع حماية البيئة ، وذلك لارتباطه بمستقبل البشرية والإنسانية بأسرها.
وأخيراً فإن وفق هذا البحث وحوى في طياته على إيجابيات ونجاح يذكر ، فهومنسوب لجميع من سعى وأعانني لإخراجه على هذه الصورة، ولا استثني منهم أحد، وما كانبه شيئاً من السلبيات أو التقصير أو النقد فهو راجع للباحث وحده.
سائلاً المولىالقدير التوفيق لما فيه خيري الدنيا والآخرة.
مقدمة
الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ،سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديهإلى يوم الدين. وبعد...
إن مشكلة التلوث البيئي ليست مشكلة جديدة أو طارئةبالنسبة للأرض، وإنما الجديد فيها هو زيادة شدة التلوث كماً وكيفاً في عصرناالحاضر.
باتتمشكلة التلوث البيئي تؤرق فكر المصلحين والعلماء والعقلاء وتقض مضاجعهم، فبدءوايدقون نواقيس الخطر ، ويدعون لوقف أو الحد من هذا التلوث الذي تتعرض لهالبيئة نتيجة للنهضة الصناعية والتقدمالتكنولوجي في هذا العصر،فالتلوث مشكلة عالمية ،لا تعترف بالحدود السياسية لذلكحظيت باهتمام دولي ،لأنها فرضت نفسها فرضاً، ولان التصدي لها يجاوز حدود وإمكانياتالتحرك الفردي لمواجهة هذا الخطر المخيف،والحق أن الأخطار البيئية لا تقل خطراً عنالنزاعات والحروب والأمراض الفتاكة إن لم تزد عليها.
وفيالآونة الأخيرة بدأت الدراسات والفكر القانوني يهتم بقضايا البيئة ، ويأخذها مأخذالجد ، وظهرت العديد من المؤلفات والبحوث والدراسات ، وعقدت عدة مؤتمرات ووقعتالكثير من الاتفاقيات التي تعالج هذا الموضوع، و مشكلة التلوث قد أخذت حيزاً منالاهتمام الدولي بسبب بعدها العالمي ،وأن البيئة الطبيعية وحدة واحدة لا تحدهاحدود،لذلك فهي تثير العديد من الإشكاليات وخاصة القانونية منها،نظراً لمراعاةالاعتبارات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تحيط بهذه المشكلة ، ونظراًللتجاذبات الحساسة بين أهل الشمال الغني(الدول المتقدمة) ،وأهل الجنوب الفقير(الدول النامية) حول تحمل تبعة التلوث ،فإن هذا البحث المتواضع يأتي مساهماً معالاتجاه الذي يبصر القارئ الكريم بهذه المشكلة وفق تسلسل بسيط وسهل،حيث تم تقسيمالبحث إلى فصلين، تكفل الفصل الأول منه ببيان تعريف التلوث البيئي وماهيته، مبيناًإلى ما وصلت إليه هذه المشكلة من أبعاد وتفاقم وما هي أهم قضاياها،باعتبار أن فهمالمشكلة هو بداية العلاج ، وكلما زادت معرفتنا بحجم المشكلة بقدر ما تزيد بهإرادتنا وعزمنا على التصدي لها ، ومن ثم إيجاد الحلول وابتكار الأساليب والوسائلالعلاجية والوقائية منها.
إلا أن الإشكالية التي أود إثارتها في هذا البحث،والنقطة التي تحتاج إلى تمحيص وعلاج هي المسؤولية الدولية عن منع الأضرار بالبيئة،هذا الموضوع حديث يتصدى لمشاكل البيئة عن طريق الوقاية منها قبل علاجها ،وهو أفضلأسلوب في رأيي لاستناده إلى مبدأ" الوقاية خير من العلاج"، إضافة إلى مايثيره من إشكالية قانونية مثل إقامة علاقة السببية بين الفعل غير المشروع والضررالناجم عنه وتعذر إثبات الخطأ أو التقصير في بعض الحالات. وهذا ما سيتناوله الفصلالثاني من البحث.
والله الموفقوالهادي إلى سواء السبيل.
الفهرس
الموضوع | رقم الصفحة |
إهداء | 2 |
شكر وتقدير | 3 |
مقدمة | 4 |
الفصل الأول : مفهوم البيئة والتلوث ودور المنظمات الدولية في حمايتها | |
المبحث الأول: ماهية البيئة والتلوث | 7 |
المطلب الأول: مفهوم البيئة والتلوث في اللغة والاصطلاح | 7 |
المطلب الثاني: أبعاد مشكلة التلوث . | 9 |
المبحث الثاني: الاتجاهات الدولية المختلفة لمعالجة فكرة التلوث. | 12 |
المطلب الأول: وسائل الحماية من التلوث. | 12 |
المطلب الثاني: الإجراءات الوقائية والحلول المقترحة لمعالجة فكرة التلوث | 13 |
المبحث الثالث: دور المنظمات الدولية في حماية البيئة من التلوث. | 15 |
المطلب الأول: تحديد المقصود بالمنظمات الدولية وأنواعها. | 15 |
المطلب الثاني:دراسة تطبيقية لدور المنظمات الدولية في مجال حماية البيئة. | 18 |
الفصل الثاني: المسؤولية الدولية عن الأضرار البيئية | |
المبحث الأول:الاتجاهات الدولية عن الأضرار البيئية | 27 |
المطلب الأول:مفهوم المسؤولية الدولية | 27 |
المطلب الثاني:الاتجاهات الحديثة للمسؤولية الدولية | 29 |
المبحث الثاني: التنظيم القانوني الدولي للمسؤولية الدولية عن الأضرار البيئية | 31 |
المطلب الأول:الصعوبات التي تعترض تطبيق القواعد التقليدية للمسؤولية الدولية في مجال حماية البيئة. | 31 |
المطلب الثاني: الحلول المناسبة للصعوبات التي تعترض تطبيق القواعد التقليدية للمسؤولية الدولية | 33 |
المبحث الثالث:حماية البيئة عن طريق العقوبات الرادعة | 35 |
المطلب الأول: مكافحة التلوث | 35 |
المطلب الثاني: أمثلة تطبيقية على بعض العقوبات المتعلقة بحماية البيئة | 36 |
الخاتمة. | 40 |
التوصيات والنتائج | 41 |
قائمة المراجع. | 42 |
الفصل الأول : مفهوم البيئة والتلوث ودور المنظماتالدولية في حماية البيئة
يأتي هذا الفصل تمهيداً للتعريف بالمفاهيم والمصطلحات المتعلقة بالتلوثالبيئي من كافة جوانبه اللغوية والاصطلاحية العلمية والقانونية منها، ثم يوضح هذاالفصل إلى أي مدى وصلت إليه مشكله التلوث ،وما هي أبعادها وآثارها،ثم ما هيالاتجاهات التي ظهرت لمعالجة فكرة التلوث بشتى أنواعه.
وعليه نقسم الدراسة في ثلاثة مباحث:
1- ماهية البيئةوالتلوث
2- الاتجاهاتالدولية المختلفة لمعالجة فكرة التلوث.
3- دور المنظماتالدولية في حماية البيئة من التلوث.
المبحث الأول : ماهيةالبيئة والتلوث
البيئة بمعناها اللغوي الواسع تعني الموضعالذي يرجع إليه الإنسان، فيتخذ فيه منزله وعيشه ،ولعل ارتباط البيئة بمعنى المنزلأو الدار دلالته الواضحة، ولاشك أن مثل هذه الدلالة تعني في أحد جوانبها تعلق قلبالمخلوق بالدار وسكنه إليها، ومن هذا المنطلق يتم التأكيد على وجوب أن تنال البيئةبمفهومها الشامل غاية الفرد واهتمامه تماماً كما ينال بيته ومنزله غايته وحرصهواهتمامه.
ولايختلف المعنى اللغوي للبيئة عن المعنى الاصطلاحي لها إلا بالتفاصيل المتعلقةبمكونات البيئة وعناصرها ،وهنا لابد أن يشتمل بحثنا عن المفهوم اللغوي والاصطلاحيللكلمة ليستطيع القارئ الربط بين المفهومين في ذهنه.
المطلب الأول : مفهوم البيئة والتلوث في اللغةوالاصطلاح
للبيئة مفهوم لغوي ،فهي مشتقة من"بوأ" وهي في اللغة تأتي بعده معاني منها :
1- المنزل أو الموضع ، يقال تبوأت منزلة أينزلته ، وبوأ له منزلاً وبوأه منزلاً : هيأه ومكن له فيه (1) . ومنهقوله تعالى :") وَكَذَلِكَ مَكَّنِّالِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَامَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)(2)
وقوله تعالى :" وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَوَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ ")3)
وقوله تعالى :" وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَاقُصُورًا " (4)
2-الرجوع ، ومنه قوله تعالى :" إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ " أي ترجع بها بسبب اعتدائك علي "
3-الاعتراف ، يقال : باء بحقه اعترف به (5)
4-الزواج : ومنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من استطاع منكم الباءةفليتزوج "
5-التساوي والتكافؤ : يقال باء دمه بدمه بواء ، أي عدله و فلان بواء فلان أي كفؤه إنقتل به . ) 6)
ولو نظرنا إلى هذه المعاني، نرى أن المعنىالأول هو الذي يتفق مع موضوعنا، وهو أشهر المعاني ،فالبيئة هي المنزل أو الموضعالذي يحيط بالفرد أو المجتمع ، فيقال بيئة طبيعية وبيئة اجتماعية وبيئة سياسية .
<table width="100%" cellpadding="0" cellspacing="0"> <tr> <td> 1 لسان العرب ، ابن منظور ، ج1 صـ530 ،دار احياء التراث العربي،1999م 2 سورة يوسف آية 56 3 سورة الحشر آية 9 4 سورة الأعراف آية 74 5 لسان العرب ج1 صـ531 دار احياء التراث العربي،1999م 6 لسان العرب ج1 صـ532 دار احياء التراث العربي،1999م </td> </tr> </table> |
وقد جاء في لسان العرب لأبن منظور في مادة لوث(أن كل ما خلطته ومرسته فقد لثته ولوثته ، كما تلوث الطين بالتبن والجص بالرملولوث ثيابه بالطين أي لطخها ، ولوث الماء : كدره )(1)
وجاءفي مختار الصحاح للإمام الرازي لوث ثيابه بالطين تلويثا لطخها ولوث الماء أيضاكدره
وجاءفي المصباح المنير ( لوث ثوبه بالطين ، لطخه ، وتلوث الثوب بذلك )(2)
وجاء في المعجم الوجيز ( لوث الشيء بالشيء خلطهبه...... وتلوث ثوبه بالطين : تلطخ به وتلوث الماء أو الهواء ونحوه : خالطه موادغريبة ضاره
مفهوم البيئة التلوث و في الاصطلاح
تعريف البيئة في الاصطلاح العلمي هي : ذلكالحيز الذي يمارس فيه البشر مختلف أنشطة حياتهم، وتشمل ضمن هذا الإطار كافةالكائنات الحية من حيوان ،
ونبات،والتي يتعايش معها الإنسان (3)
فالبيئةتشمل كل ما يحيط بالإنسان من ماء وهواء وأرض فهو يؤثر فيها ويتأثر بها.
وتتكون البيئة من أربعة أنظمة متكاملةومتفاعلة ،هي الغلاف الأرضي والغلاف المائي والغلاف الغازي أو الهوائي والمجالالحيوي للكرة الأرضية ،أما العناصر التي تتكون منها البيئة فتندرج ضمن مجموعتينأساسيتين هما :
أ-العناصر الطبيعية المادية :وهي تتكون من هبات الله الطبيعية كالهواء والماء والتراب والثروات الطبيعة ومختلف المخلوقات الحية من نبات وحيوان وبشر، وهيتتفاعل في ما بنيها ضمن دورة متكاملا ومنظمة.
ب-العناصر المصنوعة التي ابتكرها الإنسان وسخرها لخدمته من خلال تغيره للعناصرالطبيعية المادية .
وقدثبت حتى الآن أنه لا حياة للإنسان في غير بيئته التي نشأ فيها على كوكب الأرض ،هذهالبيئة التي وجدها تتناسب ظروفه وتكوينه وأكملها بما أقام عليها من منشآت ومؤسساتلسد مزيد من حاجاته .
كماأن تعريف التلوث في الاصطلاح العلمي هو : عبارة عن الحالة القائمة في البيئة الناتجة عنالتغيرات المستحدثة فيها ،والتي تسبب للإنسان الإزعاج أو الأضرار أو الأمراض أوالوفاة بطريقة مباشرة أو عن طريق الإخلال بالأنظمة البيئية . (1)
<table width="100%" cellpadding="0" cellspacing="0"> <tr> <td> (1) مادة ( لوث ) لسان العرب ،ج12 صـ352، دار إحياء التراث العربي،1999م (2) المصباح المنير، احمد بن محمد المقري، ص560،الجزء الثاني،دار الكتب العلمية،بيروت،1994م (3) خالد محمد القاسمي ووجيه جميل البعيني ، حماية البيئة الخليجية التلوث الصناعي وأثره على البيئة العربية والعالميه صـ11- المكتب الجامعي الحديث الأزاريطية, الإسكندرية, 1999م (4)محمد السيد أرناؤوط, الأنسان وتلوث البيئة,ص30،الدار المصرية اللبنانية, القاهرة, 1993م </td> </tr> </table> |
وأصبح تلوث البيئة ظاهرة نحس بها جميعاً فلمتعد البيئة قادرة على تجديد مواردها الطبيعية وأختل
التوازنبين عناصرها المختلفة ، ولم تعد هذه العناصر قادرة على تحليل مخلفات الإنسان أواستهلاك النفايات الناتجة من نشاطاته المختلفة، وأصبح جو المدن ملوثا بالدخانالمتصاعد من عوادم السيارات وبالغازات المتصاعدة من مداخن المصانع ومحطات القوى ،والتربةالزراعية قد تلوثت نتيجة الاستعمال المكثف للمخصبات الزراعية والمبيدات الحشرية ،وحتىالكائنات الحية لم تخل من هذا التلوث .
ولم تسلم المجاري المائية من التلوث فمياهالأنهار والبحيرات في كثير من الأماكن أصبحت في حالة يرثى لها نتيجة ما يلقي فيهامن مخلفات الصناعة من فضلات الإنسان كما أصاب التلوث البحيرات المقفلة والبحارالمفتوحة على السواء .
كذلك أدى التقدم في الصناعة الهائل الذي صحبالثورة الصناعية إلى إحداث ضغط هائل على كثير من الموارد الطبيعية ، خصوصا تلكالموارد غير المتجددة مثل الفحم وزيت البترول وبعض الخامات المعدنية والمياهالجوفية ،وهي الموارد الطبيعية التي احتاج تكوينها إلى انقضاء عصور جولوجية طويلةولا يمكن تعويضها في حياة الإنسان .
ولقد صحب هذا التقدم الصناعي الهائل الذيأحرزه الإنسان ظهور أصناف جديدة من المواد الكيميائية لم تكن تعرفها البيئة من قبل، فتصاعدت بعض الغازات الضاره من مداخن المصانع ولوثت الهواء وألقت هذه المصانع بمخلفاتها الكيميائية السامة في البحيرات والأنهار .
أسرف الناس في استخدام المبيدات الحشريةومبيدات الآفات والمخصبات الزراعية، وأدى كل ذلك إلى تلويث البيئة بكل صورها،فتلوث الهواء وتلوث الماء وتلوثت التربة واستهلكت ،واصبحت بعض الأراضي الزراعيةغير قادرة على الإنتاج، كذلك ازدادت مساحة الأراضي التي جردت من الأحراش والغابات ،وارتفعتأعداد الحيوانات والنباتات التي تنقرض كل عام ، كما ارتفعت نسبة الأنهار والبحيراتالتي فقدت كل ما بها من كائنات حية وتحولت إلى مستنقعات .
المطلب الثاني : أبعاد مشكلة التلوث
تزايد التلوث وأهم قضايا البيئة :
لقد بات مستقبل الحياة على كوكبالأرض مهددا ً بأخطار جسيمة بسبب سوء تصرف الإنسان واعتداءاته العمدية وغير العمدية المتزايدة على البيئة المحيطة والتي تشبع لهحاجاته ، بل وهي قوام حياته ، وبدأت البيئة بالفعل – رغم نظامها البديعوإمكانياتها الكبيرة – تنوء بما أصابها من جراء ذلك من تلوث وتعجز عن معالجتهتلقائياً بما يحقق خير الناس .
ومن تلوث البيئة أخذ الإنسان نفسه يعاني منالمشاكل، ويذوق من ألوان العذاب بما قدمت يداه.
وقد أصاب التلوث كل عناصر البيئة المحيطة بالإنسان منماء وهواء وغذاء وتربة ، وزادت الضجة المؤرقة والإشعاعات المؤذية فالماء في البحار والأنهار أصبح ملوث في حدود كبيرةأو قليلة بالكيماويات والفضلات وبقايا النفط والمعادن الثقيلة ، بل وبالماء المستعمل نفسه ،والهواء في أغلب المناطق المأهولة اختلت فيه نسب الغازات المكونة له لصالح الضارمنها بفعل آلات الاحتراق الداخلي في المصانع والسيارات مع تقلص المساحات الخضراء ،والغذاء وصل إليه التلوث عن طريق المبيدات والكيماويات الحافظة وغيرها من الإضافاتالضارة ،والتربة أصابها التلوث بسبب بقايا المبيدات والأسمدة الكيماوية والمخلفات الغريبة،والأملاح الزائدة وصار التلوث الصوتي من لوازم العصر بعد زيادة الضوضاء والأصوات المستنكرة بمصادرها الحديثة المختلفة ، وظهر التلوث الإشعاعي نتيجة استخدام الذرة سواء في الحرب أو في السلم.
وقد برزت مشكلة التلوث وتعاظم خطرها مع تقدمالصناعة واستخدام الآلات الحديثة وأسلحة الحرب المدمرة على نطاق واسع ، وكانت الدول الصناعية الكبرى سباقة إلى اكتشافالمشكلة ومخاطرها والبحث عن الحلول المناسبة لمعالجتها ، كما كانت سباقة في إحداثالتلوث والإخلال بالتوازن البيئي .
ومع التزايد المستمر في عدد سكان العالم تتفاقم مشكلة التلوث وتتضخممخاطرها ويتحتم البحث عن حلول جذرية لحماية البشرية من كوارث محققة .
وأول ما يمكن ملاحظته هو أنهذا التلوث أدى إلى حدوث انقلاب خطير في النظام الكوني ،حيث اختلطت الفصول فلايعرف الصيف من الشتاء أو الخريف أو الربيع ، وذلك بسبب التزايد المستمر لغاز ثانيأكسيد الكربون، وهو السبب أيضاً في تحريك الكتل الهوائية المحيطة بالكرة الأرضيةوهبوب العواصف وحلول كثير من الكوارث الطبيعية، كهطول الأمطار حول الكرةالأرضية وحدوث الفيضانات وانحسار حزام الأمطار حول الكرة الأرضية عن أماكن أخرىفيصيبها الجفاف.
<table width="100%" cellpadding="0" cellspacing="0"> <tr> <td> (1) محمد أمين عامر ومصطفى محمود سليمان . تلوث البيئة مشكلة العصر صـ98., دار الكتاب الحديث, القاهرة, 1999م </td> </tr> </table> |
أنواع التلوث ذات الاهتمام الدولي :
أ-النوع الأول : هو الذي يطلق عليه اسم "التلوث عبرالحدود" وهذا النوع يكون مصدر التلوث في إحدى الدول التي ينتج عنه أضرار تعبر حدود دولة المصدر إلى إقليم دولة أخرى،وينتج عنها أضرار بهذا الإقليم ،والتلوث عبر الحدود قد ينتقل من اقليم دولة إلى أخرى عبر الهواء والمياه سواءاً مياه انهاراومياه بخار، وهذا النوع من التلوث وكما هو واضح يحتاجإلى تعاون دولي لمنع أو لتقليل الأضرار الناتجة منه ، وفي معظم الأحوال يتحملالإقليم المصدر للتلوث تكاليف مكافحة أضرار التلوث في الأقاليم المجاورة .
ب-النوع الثاني : من التلوث الذي يثير الاهتمام الدوليفهو الذي يضر بالمناطق المعروفة باسم "المال العام" وهي المناطق الواقعة فيماوراء حدود الولاية الإقليميةللدولة، والتي تعتبر ملكيتها شائعة بين كافة الدول، ومثال هذه المناطق أعاليالبحار، والفضاء الخارجي ،والقطب الجنوبي للكرة الأرضية.
ج-النوع الثالث : من التلوث الذي يلقي عناية واهتمامدوليين هو ما يطلق عليه التلوث الضار "بالتراث الثقافي والطبيعي العالمي" ويهدف هذا الاهتمام إلىحماية بعض الأشياء الطبيعية والتي قام الإنسان بصنعها وتمثل قيمة عالمية كبرى منوجهة النظر الفنية العلمية تدفع المجتمع الدوليفي أن يتحرك أما لحمايتها أولإيقاف مصادر التلوثالمؤثرة عليها ، ولا شك أن كثير من الدول قد تعاونت إيجابياً في السماح للمجتمعالدولي بالتدخل والعمل داخل أراضيها سواءاً من خلال اتفاقيات الدول أو من خلالالمنظمات الدولية كاليونسكو لإنقاذ التراث الثقافي والطبيعي العالمي من التلف أوالضرر وبما لا يمس سيادتها أو التدخل في شئونها الداخلية .
د-النوع الرابع : هو عبارة عن تلوث محلي أو داخلي :
<table width="100%" cellpadding="0" cellspacing="0"> <tr> <td> (1) محمد إبراهيم حسن, البيئة والتلوث: دراسة تحليلية لأنواع البيئات ومظاهر التلوث, ص 27،جامعة الإسكندرية- مركز الإسكندرية للكتاب, الإسكندرية, 1997م </td> </tr> </table> |
أما الباعث الثاني في حالة التلوث الداخلي إذاوصل إلى درجة تؤثر على حركة التجارة الدولية ،ولن يقتصر الأمر على وضع قيود علىالبضائع القادمة من هذه الدول بل أنها ستمر على عدة اختبارات علمية وفنية لقياسمدى تلوثها مما يضيف تكاليف على أسعار هذهالسلع قد تؤدي إلى إخراجها من مجال المنافسة مع البضائع المشابهة التي تنتجها دولأخرى لا تتعرض لنفس التلوث وأضراره . (1)
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب