التخصيص
"دراسة
اقتصادية فقهية"
إعداد
د. عبدالله
بن محمد بن حسن السعيدي
جامعة الملك
سعود ـ كلية التربية
قسم الثقافة
الإسلامية
مقدمة:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستهديه، ونستغفره، ونعوذ
بالله من شرور أنفسها، ومن سيئات أعمالنا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك
له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه ، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً
كثيراً... أما بعد:
فقبل سنين قلائل هبت ريح عاتية من الغرب، لم يملك العالم
جملة إلا أن مال معها، وكان من مظاهر ميله أن سارعت كثير من دوله في تطبيق كثيرٍ
من مبادئ، وأفكار العولمة، التي لم تك من قبل شيئاً في تلك البلدان، وكان من ذلك:
تطبيق التأمين، وتطبيق الضرائب، وتطبيق التخصيص، وصار للأخير ـ التخصيص ـ صدى في
أوساط الاقتصاد، والاقتصاديين، وكان من رجع ذاك الصدى هذا البحث، الذي غايته بيان
حكم التخصيص من الناحية الشرعية، وقد لزم لذلك بيانه من الناحية الاقتصادية، على
النحو الذي يتمهد به الكلام على حكمه شرعاً، فإلى ثناياه، وعلى الله قصد السبيل.
المبحث
الأول
الدراسة
الاقتصادية
وهذه الدراسة غايتها تصور التخصيص من خلال مايلزم بيانه
من مسائله، لتتمهد بها دراسته من جهة فقهية.
المطلب الأول: تعريف التخصيص:
أولاً: في اللغة:
التخصيص مشتق من الفعل الثلاثي "خصص" من باب:
"قعد"، خلاف "عمَّ"([sup][1])[/sup]
والتخصيص: ضد التعميم([2])، ألا ترى
الأصوليين يطلقون التخصيص على مايفيد الاستثناء من العموم.
ولما كان التخصيص لدى الاقتصاديين مقصوداً به ضد التعميم،
من جهة الملكية، إذ تتحول به الملكية من كونها عامة، إلى كونها خاصة، فإن معنى
التخصيص اللغوي يصدق عليه، وهو مناسبة الاشتقاق.
وحينئذ يناسب أن يشتق اسم المعاملة التي يتم بها تحويل
الملكية من كونها عامة، إلى كونها خاصة من "خصص"، وتسمى
"تخصيصاً".
وتسميتها "تخصيصاً" ـ فيما يظهر لي ـ أنسب من
"خصخصة"، و"خوصصة" فإن مايشتق من "خصص" هو:
"تخصيص" حسبما وقفت عليه في معاجم اللغة.
ثانياً: في الاصطلاح:
معلوم أن غاية التخصيص هي: تنشيط القطاع الخاص، وإشراكه
في التنمية، لتخفيف العبء على الدولة، وذلك يتم بطرق ـ سيأتي بسطها في مبحث
أساليب، وطرق التخصيص ـ، وأظهرها:
1-
نقل ملكية المشاريع العامة إلى القطاع الخاص،
بالبيع كلياً، أو جزئياً.
2-
نقل إدارة المشاريع العامة إلى القطاع الخاص، إما
بنظام التأجير، أو التشغيل، ونحوه.
3-
تحرير الاقتصاد، برفع احتكار الدولة عن القطاع
الخاص، والسماح له بمزاولة ماكان حكراً على الدولة.
وهذه الغاية وماتتحقق به، يمكن أن تجمع في هذا التعريف:
(بيع المشاريع العامة، كلياً، أو جزئياً، أو تأجيرها على
القطاع الخاص، أو تكليفه بإدارتها، ورفع الاحتكار عن القطاع الخاص).
وقد أشار إلى قريب من هذا عدد من كتبوا في التخصيص([3]).
المطلب الثاني: تاريخ التخصيص:
كثيراً مايعيش
الناس واقع مفردات متناقضة، فما يرونه مذمة بالأمس يرونه اليوم محمدة، ومايطالبون
به بالأمس يطالبون بضده اليوم، ومن أمثلة مايتقلب الناس فيه من هذه المفاهيم،:
مفهوم التأميم وفيه تتحول الملكية من القطاع الخاص إلى القطاع العام، والتخصيص
وفيه تتحول الملكية من القطاع العام إلى القطاع الخاص، وهما فيهما بين انكفاء،
وارتماء، حسب الظروف، والتغيرات على اختلافها.
فلقد شهد القطاع العام نمواً كبيراً خلال الستينيات،
والسبعينيات من القرن الميلادي المنصرم انتُهجت فيه سياسة تدخل الحكومات في
الاقتصاد، وإدارة المشاريع بما في ذلك الدول الرأسمالية، رغم اعتناقها المذهب
الحر.
ولقد لقي هذا الاتجاه تشجيعاً من المؤسسات الدولية مثل:
منظمة الأمم المتحدة، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، حيث لاتتعامل إلا مع
القطاع العام.
وقد كان لهذا التوجه في حينه بعض المسوغات، إن كان على
مستوى الدول المتقدمة، أو الدول النامية.
أما الدول المتقدمة فقد نهجت سياسة التأميم بشكل بارز على
أعقاب الحربين العالميتين، لما يلي:
أ.
لإعادة بناء مادمرته الحربان.
ب.
وللتغلب على حالات الركود، والكساد الاقتصادي.
ج.
وللسيطرة والهيمنة على الاقتصاد.
د.
وللمنافسة الحادة في مجال التقنية لمسايرة التقدم
التقني في مجال الإنتاج.
وأما الدول النامية فقد نهجت سياسة التأميم لما
يلي:
أ.
للقيام بدورها التنموي.
ب.
ولتطبيق ماتعتقده من نظم، كالنظام الاشتراكي.
ج.
ولعدم توفر القطاع الخاص المؤهل في حينه.
ومع بداية السبعينيات ثار جدل حول كفاءة مؤسسات القطاع
العام، بسبب انخفاض إنتاجها وضعف فعاليتها في تحقيق أهداف التنمية، وقد قامت على
إثر ذلك دراسة علمية لتقويم هذه المؤسسات، كانت نتيجتها عدم الرضى عن هذه المؤسسات
العامة، ومن ثم قامت الدعوة إلى التخصيص، باعتباره بديلاً مطروحاً([4]).
ثم شهد العقد الثامن من القرن الميلادي المنصرم تطوراً
مهماً، تمثل في مبادرة رئيسة الوزراء البريطانية "مارجريت تاتشر" بطرح
برنامج واسع للتخصيص عام 1979م، شمل تخصيص قطاعات كاملة، ثم بيعها للقطاع الخاص،
ومن ذلك:
تحويل شركة الاتصالات البريطانية إلى القطاع الخاص، وشركة
الغاز والطيران([5]). ثم
تتابعت دول غربية، وشرقية على ذلك فقامت الحكومة الفرنسية عام1986م بوضح خطة خمسية
للتخصيص شملت 65شركة ومؤسسة مالية تم تحويل ثلاثين منها إلى القطاع الخاص، خلال
ثمانية عشر شهراً([6]).
وقامت ألمانيا الغربية في عام1986م ببيع 40% من أسهم
مجموعة شركات (VIAG) للألمونيوم والمواد
الكيميائية، كما قامت ببيع 45% من أسهم شركة (IVG)، ثم بدأت ألمانيا الاتحادية ـ بعد اتحاد الألمانيتين ـ في
عام1990م في تنفيذ برنامج شامل للتخصيص([7]).
وقامت الحكومة الأسبانية ببيع عدد من الشركات على القطاع
الخاص([8]).
وقامت الحكومة النمساوية بتحويل مايقارب 198 مؤسسة إلى
القطاع الخاص([9]).
أما أمريكا فقد ظهرت فكرة التخصيص فيها على مستوى السياسة
المحلية الأمريكية، في عهد الرئيس رونالد ريجان، من خلال خطابه الذي ألقاه في
عام1986م، وتعتبر متأخرة في هذا المجال بالنظر إلى غيرها من الدول المتقدمة([10]).
هذا عن دول الغرب.
أما دول الشرق: فقد قامت اليابان بتطبيق خطط التخصيص في
عام 1985م، فحولت شركة الهاتف، والخطوط الجوية، والخطوط الحديدية للقطاع الخاص([11]).
وقامت ماليزيا في حدود عام 1984م بتطبيق برنامج ضخم
للتخصيص انتقلت به إلى ملكية القطاع الخاص هيئة الاتصالات السلكية، واللاسلكية،
وخطوط الطيران، ومحطات الكهرباء، وغيرها([12]).
أما الدول العربية: فقد بدأت مصر في التخصيص كجزء من
برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل الذي تم الاتفاق عليه بين الحكومة المصرية،
وصندوق النقد الدولي في شهر مايو عام 1991م([13]).
وفي المغرب بدأ برنامج التخصيص في شهر إبريل عام 1985م،
لكنه طبق بقوة في عام 1992م([14]).
وفي دول مجلس التعاون الخليجي بدأ التخصيص بعد احتلال
الكويت، في حدود عام 1990م([15]).
ومن هذا السرد التاريخي يستخلص أن الدعوة إلى التأميم، أو
التخصيص، فوق أنها من مقتضيات الأنظمة الاقتصادية المختلفة التي بعضها يدعو إلى
التأميم، كالنظام الاشتراكي، وبعضها يدعو إلى التخصيص كالنظام الرأسمالي، إلا أنها
تخضع لاعتبارات عدة منها ماهو سياسي، ومنها ماهو اقتصادي.
ويبدو أن التحول إلى التخصيص الذي يشهده العالم اليوم كان
نتيجة للتحولات الدولية، كالتي شهدتها أوروبا الشرقية، والاتحاد السوفيتي من تبني
الفكر الرأسمالي، بعد فشل النظام الاشتراكي، مما أدى إلى هيمنة الفكر الرأسمالي
دولياً، ومن ثم نهجت الدول أسلوباً محاكياً لهذا التغير، ومنه: سياسة التخصيص.
المطلب الثالث: دوافع، وأسباب التخصيص:
الدوافع والأهداف بينهما تداخل من جهة أن كل هدف دافع،
ولاعكس.
ولهذا فإن الأهداف يمكن أن تصنف على أنها دوافع، لكن لما
كان ثمة دوافع لاتعد أهدافاً، فإن مبحث الدوافع سيكون محرراً لهذا النوع، أما
ماكان من الدوافع هدفاً، فسيكون موضع تصنيفه الأهداف، على أن مالم يكن هدفاً، فإنه
لاينفك عن هدف مختبئ وراءه.
إذا تقرر هذا، فأظهر دوافع التخصيص مايلي:
1-
العجز في موازنات الدول العامة: وهذا يدفع بالدول
إلى التخصيص للتخلص من الأعباء المالية، والإدارية للمشاريع، والمرافق العامة([16]).
2-
ضعف كفاءة مؤسسات القطاع العام، ومايتصل بذلك من
فساد مالي، وإداري: وهذا يدفع بالدول إلى التخصيص بغية تطوير هذه المؤسسات،
لتُحقِّق أهدافها، وتسهم في التنمية، وللتخلص من تبعاتها([17]).
3-
انهيار الاقتصاد الاشتراكي: حيث فسح انهياره
للهيمنة الرأسمالية، فضغطت دولها، ومؤسساتها على الدول النامية، لتتجه الوجهة الرأسمالية،
التي قوامها التخصيص.
ومن أظهر المؤسسات الرأسمالية التي تدفع بالدول
إلى التخصيص:
أ.
صندوق النقد الدولي.
ب.
البنك الدولي.
حيث تضغط على الدول النامية، وتدفع بها إلى التخصيص من
خلال ماتمليه عليها من شروط، مصاحبة لما تقدمه لها من قروض، وبرامج إصلاحية([18]).
هذا، ويتضح مما تقدم: أن تلك
الدوافع إنما هي ردود أفعال، لأزمات، وظروف طارئة، منها ماهو نابع من الدول نفسها،
ومنها ماهو خارج عنها.
على أن تطبيق التخصيص في الدول الرأسمالية هو مقتضى
رأسماليتها، أما تطبيق التأميم فيها فهو مخالف لمنهجها، لاتصير إليه إلا عند وجود
مايصرفها إليه، كما كانت عليه بعد الحربين العالميتين، من ظروف طارئة كانت دافعاً
إلى العدول عن التخصيص شيئاً، وكان العدول عن التخصيص أثراً لها.
المطلب الرابع: أهداف، وإيجابيات التخصيص:
التخصيص له أهداف لدى البلدان النامية، يعد تحقيقها
إيجابية من إيجابياته، وعلى هذا فإن إيجابيات التخصيص، مرتبطة بأهدافه، وهذا
يناسبه دمجهما في مبحث واحد، لاندماجهما واقعاً.
ومن أظهر أهدافه ماسيذكر مرتباً حسب مصداقيته، وأهميته في
تقديري، ومنه:
1-
تجنيب الموازنة العامة للدولة تبعة مؤسسات القطاع
العام المالية، والإدارية([19]): وهذا
الهدف كما لايخفى مختبيء وراء الدافعين الأول والثاني فيما تقدم.
2-
إيجاد موارد مالية للخزينة العامة: فإن بيع
المؤسسات العامة، من شأن إيراده أن يدعم الخزينة العامة([20]) وهذا
الهدف مختبئ خلف الدافع الأول.
3-
تحسين أداء المؤسسات المملوكة للقطاع العام،
وتحقيق كفاءتها وزيادة ربحها، وخفض تكاليفها: فإن القطاع الخاص أجدر بإدارة تلك
المؤسسات، وأبعد عن المحسوبيات([21])، وهذا
الهدف مختبئ خلف الدافع الثاني.
4-
تمكين القطاع الخاص من الإسهام في التنمية،
والاستفادة من خبرته الفنية([22]) ـ وهو مرتبط بسابقه ـ.
5-
إيجاد فرص عمل: وهذا ليس على إطلاقه، بل هو مرهون
بسوق العرض، والطلب، وظروف الطفرة، والركود، التي تمنى بها السوق الرأسمالية،
وتتذبذب بسببها الطبقة العاملة، وقد ينتج العكس، عندما تتجه المؤسسات الخاصة إلى
عمالة وافدة أقل كلفة، أو تفرض جهة أجنبية ذات نفوذ على المؤسسة تسريح بعض
موظفيها، لاستبدالهم بمن ينتسبون لجنسية الجهة المتنفذة.
كما قد ينتج عن التخصيص الاستغناء عن بعض العاملين في
المؤسسات التي يتم تخصيصها، كما حصل في نيوزيلاندا عند بداية التخصيص، حيث ارتفعت
البطالة في منتصف الثمانينيات إلى أكثر من 12%، وبعد مرور مايقارب عقد من بدء
الإصلاح الاقتصادي انخفض معدل البطالة إلى مادون 10%([23]).
6-
جلب الأموال المهجّرة في الأسواق الدولية: فإن في
التخصيص مجالاً لاستثمار هذه الأموال، داخلياً([24]).
7-
العمل على التكامل الاقتصادي بين الدول، ومنه: جذب
الاستثمارات الأجنبية: فإن في التخصيص مجالاً لهذه الاستثمارات، على مايمكن أن
يصحب الاستثمار الأجنبي في الداخل من مخاطر([25]).
المطلب
الخامس
سلبيات
التخصيص
التخصيص له سلبيات منها:
1- اختفاء
بعض الوظائف ـ ولو مؤقتاً ـ وظهور نوع من البطالة وذلك في الدول النامية([26]).
2- زيادة
الأعباء المالية، وانخفاض مستوى المعيشة، في الدول النامية، فإن ماينتجه القطاع
العام لايستهدف فيه الربح، لكن خدمة المجتمع، أما القطاع الخاص فيراعي معايير
التجارة، وتبعاً لذلك ترتفع الأسعار فيما تنتجه المؤسسة بعد التخصيص عما كانت عليه
قبل التخصيص، وقد لايكون مطَّرداً([27]).
3- حلول
احتكار القطاع الخاص محل احتكار القطاع العام، ومن ذلك:
أ- الاتجاه
إلى تحقيق الربح، وتقديم مبدأ المنفعة، على غيره من الأهداف الاجتماعية، مما ينتج
عنه ارتفاع الأسعار، وحرمان بعض المناطق من بعض الخدمات، لبعدها، أو لقلة سكانها.
ب- سيطرة
فئة قليلة من المستثمرين على مؤسسات القطاع الخاص، من خلال هيمنتهم على مجالس
إدارتها، ومن ثم توجيهها إلى خدمة أهدافهم بعيداً عن المصلحة العامة([28]).
4- تفويت
موارد تعد رافداً للاقتصاد في الدول التي يندر
فيها تنوع الموارد، فتفقد بذلك مايتحصل عنها من عوائد مالية، وتزيد بذلك
مخاطرها كلما تعرضت مواردها المحدودة للتقلبات الاقتصادية، وليس ثمة بديل([sup][29])[/sup].
5- السيطرة
الأجنبية، واستنزاف قدرات البلاد الاقتصادية، على فرض السماح لرأس المال الأجنبي
بالاستثمار دون تنظيم، ووعي يدرأ هذه المخاطر([sup][30])[/sup].
المطلب
السادس: أساليب، وطرق التخصيص:
التخصيص له أساليب، وطرق مختلفة متعددة، قد تصل إلى واحد
وعشرين طريقاً، واختيار أحدها دون الآخر يرجع لأسباب منها:
أ- أهداف
الدولة.
ب- الأوضاع
المتعلقة بالمشروع، تنظيمية كانت، أو مالية، أو إنتاجية.
ج- ظروف
السوق، ومدى استيعابه([31]).
هذا عن دوافع وأسباب الاختيار لواحد من الطرق والأساليب
المتعددة للتخصيص، أما الطرق، والأساليب، المتعددة، فمن أهمها، وأكثرها انتشاراً
مايلي:
1-
نقل الملكية من القطاع العام إلى القطاع الخاص،
ببيع أسهم المؤسسة العامة، كلاً، أو جزءاً، وذلك يتطلب تحويل المؤسسات العامة إلى
شركة مساهمة يشترك في ملكيتها القطاع العام والخاص إن كان البيع جزئياً، أو تتحول
من القطاع العام إلى القطاع الخاص إن كان البيع كلياً.
وهذه الطريقة تعتبر من الطرق
الأساسية عالمياً في التحول، لسهولة إجراءاتها، إلا أنه يشكل عليها ماتعانيه
مؤسسات القطاع العام ـ خاصة في الدول النامية ـ من خسائر ومشاكل مزمنة مما يعزف
بالقطاع الخاص عنها، ويفرض إعادة هيكلتها الإدارية، والمالية على نحو يجعلها
مقبولة لدى القطاع الخاص([32]).
ومما يدخل في هذه الطريقة: إعادة
تنظيم المؤسسة العامة بتقسيمها إلى شركات، كل منها له شخصيته المعنوية، لتكون
المؤسسة الأم التي تم تقسيمها شركة قابضة مشرفة على تلك الشركات المنشطرة عنها،
ومن ثم يمكن للقطاع الخاص شراء ماشاء من أسهم تلك الشركات المنشطرة بالطريق
المتقدم([33]).
وهذا الأسلوب يورده الكتّاب في
التخصيص باعتباره طريقة مستقلة، وهو بالنظر إلى الطريقة التي يتم بها التحول إلى
الملكية الخاصة لايعدو كونه من قبيل تحول الملكية ونقلها بطريق بيع الأسهم.
أما ما سبق ذلك من تقسيم المؤسسة
العامة إلى شركات مستقلة، فتلك طريقة تنظيمية، خاصة بالمؤسسة، سابقة على نقلها
وتحويلها إلى القطاع الخاص.
2-
نقل الإدارة من القطاع العام إلى القطاع الخاص:
وهذه الطريقة لاتنقل الملكية جزءاً، أو كلاً إلى القطاع الخاص، لكن القطاع الخاص إنما
يقوم بإدارة، وتشغيل المؤسسات العامة بموجب عقد بينه وبين الحكومة، وهذا العقد
لايخلو من أحد حالين:
الأولى: أن يكون موضوعه الإدارة،
بحيث تتعاقد الحكومة مع شركة من شركات القطاع الخاص على إدارة المؤسسة العامة،
وتشغيلها، مقابل رسوم متفق عليها، تدفعها الحكومة للقطاع الخاص، مقابل إدارته، وفي
هذه الحالة تكون الحكومة هي المسؤولة، فهي تتحمل تكاليف الصيانة، والإدارة، ويكون
الربح لها، والخسارة عليها.
الثانية: أن يكون موضوعه
الإجارة، حيث تقوم الحكومة بتأجير الأصول، والتسهيلات الخاصة بالمؤسسة العامة على
القطاع الخاص، وفي هذه الحال يكون القطاع الخاص هو المسؤول، فهو يتحمل تكاليف
الصيانة، وتكاليف الإجارة، ويكون الربح له والخسارة عليه.
وهذه الطريقة بنوعيها: الإدارة،
والإجارة تتميز بميزتين هما:
أ- بقاء
ملكية المؤسسة العامة للدولة.
ب- تعزيز
الأداء، ومن ثم انخفاض تكاليف التشغيل، وزيادة الربح([34]).
3-
رفع احتكار الدولة عن بعض الأنشطة الاقتصادية،
والخدمات العامة: من جهة أن الدولة تسمح للقطاع الخاص بمزاولة ماكان حِكْراً على
الدولة من أنشطة وخدمات.
فإن ذلك من شأنه أن يوجد قدراً
من المنافسة، فتتحسن بذلك الكفاءة الإدارية، ومن ثم تتحسن الخدمة([35]).
وهذه الطريقة ليس فيها نقل
للملكية من القطاع العام إلى القطاع الخاص، وهو المعنى السائد في التخصيص، لكنها
طريقة من طرق توظيف المال الخاص في الاستثمار، والتنمية، وهو معنى من معاني
التخصيص، ومقصود من مقاصده.
(1)
انظر: المصباح المنير، كتاب الخاء مع الصاد، ومايثلثهما، 1/184.
(2)
القاموس المحيط، فصل الخاء، باب الصاد، 2/312.
(1)
انظر: تخصيص الاقتصاد السعودي، ص8، نحو تصور فعال لاستراتيجية التخصيص، ص8، 19.
(1)
انظر: التخصيص أهدافه، وأسسه، ص7، نحو تصور فعال لاستراتيجية التخصيص، ص12،
التكييف الهيكلي في الدول النامية، ص57، تخصيص الاقتصاد السعودي، ص16.
(2)
انظر: المرجع السابق، نحو تصور فعال لاستراتيجية التخصيص، ص18، الخصخصة وثقافة
العاملين، ص379.
(3)
انظر: تخصيص الاقتصاد السعودي، ص23، الخصخصة وثقافة العاملين، ص379.
(1)
انظر: تخصيص الاقتصاد السعودي، ص26.
(2)
انظر: الخصخصة وثقافة العاملين، ص379، تخصيص الاقتصاد السعودي، ص26.
(3)
انظر: الخصخصة وثقافة العاملين، ص379.
(4)
انظر: تخصيص الاقتصاد السعودي، ص29، الخصخصة وثقافة العاملين،ص379.
(5)
انظر: المرجعين السابقين، ص28، ص379.
(1)
انظر: المرجعين السابقين، ص31، ص379.
(2)
انظر: تخصيص الاقتصاد السعودي، ص39.
(3)
انظر: المرجع السابق.
(4)
انظر: تجربة الخصخصة والتحديات، ص12، التخصيص أهدافه وأسسه، ص8، الخصخصة وثقافة
العاملين، ص373.
(1) انظر: تجربة الخصخصة والتحديات،
ص9، 15، التخصيص أهدافه وأسسه، ص8-12، الخصخصة وثقافة العاملين، ص378، الخصخصة في
ضوء الشريعة الإسلامية، ص26، 27.
(2) انظر: التكييف الهيكلي في الدول
النامية، ص57، التخصيص أهدافه وأسسه، ص7، الخصخصة وثقافة العاملين، ص378.
(1) انظر: الخصخصة في ضوء الشريعة
الإسلامية، ص25، 77، 78، نحو تصور فعال لاستراتيجية التخصيص، ص17، تخصيص الاقتصاد
السعودي، ص6، 36.
(1)
انظر: تجربة الخصخصة والتحديات، ص9، 15، التكييف الهيكلي في الدول النامية، ص59،
تخصيص الاقتصاد السعودي، ص6.
(2)
انظر: تجربة الخصخصة والتحديات، ص15، التخصيص أهدافه وأسسه، ص12، نحو تصور فعال لاستراتيجية التخصيص، ص16، الخصخصة
وثقافة العاملين، ص373.
(3)
انظر: تجربة الخصخصة والتحديات، ص15، التخصيص
أهدافه وأسسه، ص12، نحو تصور فعال لاستراتيجية التخصيص، ص16، تخصيص الاقتصاد
السعودي، ص6، 104.
(4)
انظر: تجربة الخصخصة والتحديات، ص15، التخصيص أهدافه وأسسه، ص12، نحو تصور فعال
لاستراتيجية التخصيص، ص16، تخصيص الاقتصاد السعودي، ص6.
(1) انظر: التخصيص أهدافه وأسسه،
ص13، 49، نحو تصور فعال لاستراتيجية التخصيص، ص83، تجربة الخصخصة والتحديات، ص20،
تجارب دولية في الخصخصة، ص146.
(2) انظر: تخصيص الاقتصاد السعودي،
ص6، تجربة الخصخصة والتحديات، ص18، التخصيص أهدافه وأسسه، ص13.
(3) انظر: تجربة الخصخصة والتحديات،
ص15، التخصيص أهدافه وأسسه، ص13.
(1) انظر: الخصخصة في ضوء الشريعة
الإسلامية، ص32، تجارب دولية في الخصخصة،
ص146، التخصيص رؤية اقتصادية، ص30، نحو تصور فعال لاستراتيجية التخصيص،
ص64، التخصيص أهدافه وأسسه، ص36، 39، كيف نحمي مجتمعاتنا الإسلامية، ص188.
(2) انظر: التخصيص أهدافه وأسسه،
ص36، التخصيص رؤية اقتصادية، ص31، 32، تخصيص الاقتصاد السعودي، ص102.
(1) انظر: نحو تصور فعال
لاستراتيجية التخصيص، ص55، 59، كيف نحمي مجتمعاتنا الإسلامية، ص190.
(2) انظر: نحو تصور فعال
لاستراتيجية التخصيص، ص58.
(3) انظر: الخصخصة في ضوء الشريعة
الإسلامية، ص32، كيف نحمي مجتمعاتنا الإسلامية، ص187.
(4) انظر: تجربة الخصخصة والتحديات،
ص24، الخصخصة في ضوء الشريعة الإسلامية، ص30.
(1)
انظر: تجربة الخصخصة والتحديات، ص25، التكييف الهيكلي في الدول النامية، ص69، نحو
تصور فعال لاستراتيجية التخصيص، ص21، 31.
(2)
انظر: التكييف الهيكلي في الدول النامية، ص70، تجربة الخصخصة والتحديات، ص36.
(1)
انظر: التكييف الهيكلي في الدول النامية، ص71، 72، تجربة الخصخصة والتحديات، ص31،
التخصيص رؤية اقتصادية، ص15، 16، نحو تصور فعال لاستراتيجية التخصيص، ص21، 30.
(2)
انظر: المرجع السابق، ص30.
"دراسة
اقتصادية فقهية"
إعداد
د. عبدالله
بن محمد بن حسن السعيدي
جامعة الملك
سعود ـ كلية التربية
قسم الثقافة
الإسلامية
مقدمة:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستهديه، ونستغفره، ونعوذ
بالله من شرور أنفسها، ومن سيئات أعمالنا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك
له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه ، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً
كثيراً... أما بعد:
فقبل سنين قلائل هبت ريح عاتية من الغرب، لم يملك العالم
جملة إلا أن مال معها، وكان من مظاهر ميله أن سارعت كثير من دوله في تطبيق كثيرٍ
من مبادئ، وأفكار العولمة، التي لم تك من قبل شيئاً في تلك البلدان، وكان من ذلك:
تطبيق التأمين، وتطبيق الضرائب، وتطبيق التخصيص، وصار للأخير ـ التخصيص ـ صدى في
أوساط الاقتصاد، والاقتصاديين، وكان من رجع ذاك الصدى هذا البحث، الذي غايته بيان
حكم التخصيص من الناحية الشرعية، وقد لزم لذلك بيانه من الناحية الاقتصادية، على
النحو الذي يتمهد به الكلام على حكمه شرعاً، فإلى ثناياه، وعلى الله قصد السبيل.
المبحث
الأول
الدراسة
الاقتصادية
وهذه الدراسة غايتها تصور التخصيص من خلال مايلزم بيانه
من مسائله، لتتمهد بها دراسته من جهة فقهية.
المطلب الأول: تعريف التخصيص:
أولاً: في اللغة:
التخصيص مشتق من الفعل الثلاثي "خصص" من باب:
"قعد"، خلاف "عمَّ"([sup][1])[/sup]
والتخصيص: ضد التعميم([2])، ألا ترى
الأصوليين يطلقون التخصيص على مايفيد الاستثناء من العموم.
ولما كان التخصيص لدى الاقتصاديين مقصوداً به ضد التعميم،
من جهة الملكية، إذ تتحول به الملكية من كونها عامة، إلى كونها خاصة، فإن معنى
التخصيص اللغوي يصدق عليه، وهو مناسبة الاشتقاق.
وحينئذ يناسب أن يشتق اسم المعاملة التي يتم بها تحويل
الملكية من كونها عامة، إلى كونها خاصة من "خصص"، وتسمى
"تخصيصاً".
وتسميتها "تخصيصاً" ـ فيما يظهر لي ـ أنسب من
"خصخصة"، و"خوصصة" فإن مايشتق من "خصص" هو:
"تخصيص" حسبما وقفت عليه في معاجم اللغة.
ثانياً: في الاصطلاح:
معلوم أن غاية التخصيص هي: تنشيط القطاع الخاص، وإشراكه
في التنمية، لتخفيف العبء على الدولة، وذلك يتم بطرق ـ سيأتي بسطها في مبحث
أساليب، وطرق التخصيص ـ، وأظهرها:
1-
نقل ملكية المشاريع العامة إلى القطاع الخاص،
بالبيع كلياً، أو جزئياً.
2-
نقل إدارة المشاريع العامة إلى القطاع الخاص، إما
بنظام التأجير، أو التشغيل، ونحوه.
3-
تحرير الاقتصاد، برفع احتكار الدولة عن القطاع
الخاص، والسماح له بمزاولة ماكان حكراً على الدولة.
وهذه الغاية وماتتحقق به، يمكن أن تجمع في هذا التعريف:
(بيع المشاريع العامة، كلياً، أو جزئياً، أو تأجيرها على
القطاع الخاص، أو تكليفه بإدارتها، ورفع الاحتكار عن القطاع الخاص).
وقد أشار إلى قريب من هذا عدد من كتبوا في التخصيص([3]).
المطلب الثاني: تاريخ التخصيص:
كثيراً مايعيش
الناس واقع مفردات متناقضة، فما يرونه مذمة بالأمس يرونه اليوم محمدة، ومايطالبون
به بالأمس يطالبون بضده اليوم، ومن أمثلة مايتقلب الناس فيه من هذه المفاهيم،:
مفهوم التأميم وفيه تتحول الملكية من القطاع الخاص إلى القطاع العام، والتخصيص
وفيه تتحول الملكية من القطاع العام إلى القطاع الخاص، وهما فيهما بين انكفاء،
وارتماء، حسب الظروف، والتغيرات على اختلافها.
فلقد شهد القطاع العام نمواً كبيراً خلال الستينيات،
والسبعينيات من القرن الميلادي المنصرم انتُهجت فيه سياسة تدخل الحكومات في
الاقتصاد، وإدارة المشاريع بما في ذلك الدول الرأسمالية، رغم اعتناقها المذهب
الحر.
ولقد لقي هذا الاتجاه تشجيعاً من المؤسسات الدولية مثل:
منظمة الأمم المتحدة، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، حيث لاتتعامل إلا مع
القطاع العام.
وقد كان لهذا التوجه في حينه بعض المسوغات، إن كان على
مستوى الدول المتقدمة، أو الدول النامية.
أما الدول المتقدمة فقد نهجت سياسة التأميم بشكل بارز على
أعقاب الحربين العالميتين، لما يلي:
أ.
لإعادة بناء مادمرته الحربان.
ب.
وللتغلب على حالات الركود، والكساد الاقتصادي.
ج.
وللسيطرة والهيمنة على الاقتصاد.
د.
وللمنافسة الحادة في مجال التقنية لمسايرة التقدم
التقني في مجال الإنتاج.
وأما الدول النامية فقد نهجت سياسة التأميم لما
يلي:
أ.
للقيام بدورها التنموي.
ب.
ولتطبيق ماتعتقده من نظم، كالنظام الاشتراكي.
ج.
ولعدم توفر القطاع الخاص المؤهل في حينه.
ومع بداية السبعينيات ثار جدل حول كفاءة مؤسسات القطاع
العام، بسبب انخفاض إنتاجها وضعف فعاليتها في تحقيق أهداف التنمية، وقد قامت على
إثر ذلك دراسة علمية لتقويم هذه المؤسسات، كانت نتيجتها عدم الرضى عن هذه المؤسسات
العامة، ومن ثم قامت الدعوة إلى التخصيص، باعتباره بديلاً مطروحاً([4]).
ثم شهد العقد الثامن من القرن الميلادي المنصرم تطوراً
مهماً، تمثل في مبادرة رئيسة الوزراء البريطانية "مارجريت تاتشر" بطرح
برنامج واسع للتخصيص عام 1979م، شمل تخصيص قطاعات كاملة، ثم بيعها للقطاع الخاص،
ومن ذلك:
تحويل شركة الاتصالات البريطانية إلى القطاع الخاص، وشركة
الغاز والطيران([5]). ثم
تتابعت دول غربية، وشرقية على ذلك فقامت الحكومة الفرنسية عام1986م بوضح خطة خمسية
للتخصيص شملت 65شركة ومؤسسة مالية تم تحويل ثلاثين منها إلى القطاع الخاص، خلال
ثمانية عشر شهراً([6]).
وقامت ألمانيا الغربية في عام1986م ببيع 40% من أسهم
مجموعة شركات (VIAG) للألمونيوم والمواد
الكيميائية، كما قامت ببيع 45% من أسهم شركة (IVG)، ثم بدأت ألمانيا الاتحادية ـ بعد اتحاد الألمانيتين ـ في
عام1990م في تنفيذ برنامج شامل للتخصيص([7]).
وقامت الحكومة الأسبانية ببيع عدد من الشركات على القطاع
الخاص([8]).
وقامت الحكومة النمساوية بتحويل مايقارب 198 مؤسسة إلى
القطاع الخاص([9]).
أما أمريكا فقد ظهرت فكرة التخصيص فيها على مستوى السياسة
المحلية الأمريكية، في عهد الرئيس رونالد ريجان، من خلال خطابه الذي ألقاه في
عام1986م، وتعتبر متأخرة في هذا المجال بالنظر إلى غيرها من الدول المتقدمة([10]).
هذا عن دول الغرب.
أما دول الشرق: فقد قامت اليابان بتطبيق خطط التخصيص في
عام 1985م، فحولت شركة الهاتف، والخطوط الجوية، والخطوط الحديدية للقطاع الخاص([11]).
وقامت ماليزيا في حدود عام 1984م بتطبيق برنامج ضخم
للتخصيص انتقلت به إلى ملكية القطاع الخاص هيئة الاتصالات السلكية، واللاسلكية،
وخطوط الطيران، ومحطات الكهرباء، وغيرها([12]).
أما الدول العربية: فقد بدأت مصر في التخصيص كجزء من
برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل الذي تم الاتفاق عليه بين الحكومة المصرية،
وصندوق النقد الدولي في شهر مايو عام 1991م([13]).
وفي المغرب بدأ برنامج التخصيص في شهر إبريل عام 1985م،
لكنه طبق بقوة في عام 1992م([14]).
وفي دول مجلس التعاون الخليجي بدأ التخصيص بعد احتلال
الكويت، في حدود عام 1990م([15]).
ومن هذا السرد التاريخي يستخلص أن الدعوة إلى التأميم، أو
التخصيص، فوق أنها من مقتضيات الأنظمة الاقتصادية المختلفة التي بعضها يدعو إلى
التأميم، كالنظام الاشتراكي، وبعضها يدعو إلى التخصيص كالنظام الرأسمالي، إلا أنها
تخضع لاعتبارات عدة منها ماهو سياسي، ومنها ماهو اقتصادي.
ويبدو أن التحول إلى التخصيص الذي يشهده العالم اليوم كان
نتيجة للتحولات الدولية، كالتي شهدتها أوروبا الشرقية، والاتحاد السوفيتي من تبني
الفكر الرأسمالي، بعد فشل النظام الاشتراكي، مما أدى إلى هيمنة الفكر الرأسمالي
دولياً، ومن ثم نهجت الدول أسلوباً محاكياً لهذا التغير، ومنه: سياسة التخصيص.
المطلب الثالث: دوافع، وأسباب التخصيص:
الدوافع والأهداف بينهما تداخل من جهة أن كل هدف دافع،
ولاعكس.
ولهذا فإن الأهداف يمكن أن تصنف على أنها دوافع، لكن لما
كان ثمة دوافع لاتعد أهدافاً، فإن مبحث الدوافع سيكون محرراً لهذا النوع، أما
ماكان من الدوافع هدفاً، فسيكون موضع تصنيفه الأهداف، على أن مالم يكن هدفاً، فإنه
لاينفك عن هدف مختبئ وراءه.
إذا تقرر هذا، فأظهر دوافع التخصيص مايلي:
1-
العجز في موازنات الدول العامة: وهذا يدفع بالدول
إلى التخصيص للتخلص من الأعباء المالية، والإدارية للمشاريع، والمرافق العامة([16]).
2-
ضعف كفاءة مؤسسات القطاع العام، ومايتصل بذلك من
فساد مالي، وإداري: وهذا يدفع بالدول إلى التخصيص بغية تطوير هذه المؤسسات،
لتُحقِّق أهدافها، وتسهم في التنمية، وللتخلص من تبعاتها([17]).
3-
انهيار الاقتصاد الاشتراكي: حيث فسح انهياره
للهيمنة الرأسمالية، فضغطت دولها، ومؤسساتها على الدول النامية، لتتجه الوجهة الرأسمالية،
التي قوامها التخصيص.
ومن أظهر المؤسسات الرأسمالية التي تدفع بالدول
إلى التخصيص:
أ.
صندوق النقد الدولي.
ب.
البنك الدولي.
حيث تضغط على الدول النامية، وتدفع بها إلى التخصيص من
خلال ماتمليه عليها من شروط، مصاحبة لما تقدمه لها من قروض، وبرامج إصلاحية([18]).
هذا، ويتضح مما تقدم: أن تلك
الدوافع إنما هي ردود أفعال، لأزمات، وظروف طارئة، منها ماهو نابع من الدول نفسها،
ومنها ماهو خارج عنها.
على أن تطبيق التخصيص في الدول الرأسمالية هو مقتضى
رأسماليتها، أما تطبيق التأميم فيها فهو مخالف لمنهجها، لاتصير إليه إلا عند وجود
مايصرفها إليه، كما كانت عليه بعد الحربين العالميتين، من ظروف طارئة كانت دافعاً
إلى العدول عن التخصيص شيئاً، وكان العدول عن التخصيص أثراً لها.
المطلب الرابع: أهداف، وإيجابيات التخصيص:
التخصيص له أهداف لدى البلدان النامية، يعد تحقيقها
إيجابية من إيجابياته، وعلى هذا فإن إيجابيات التخصيص، مرتبطة بأهدافه، وهذا
يناسبه دمجهما في مبحث واحد، لاندماجهما واقعاً.
ومن أظهر أهدافه ماسيذكر مرتباً حسب مصداقيته، وأهميته في
تقديري، ومنه:
1-
تجنيب الموازنة العامة للدولة تبعة مؤسسات القطاع
العام المالية، والإدارية([19]): وهذا
الهدف كما لايخفى مختبيء وراء الدافعين الأول والثاني فيما تقدم.
2-
إيجاد موارد مالية للخزينة العامة: فإن بيع
المؤسسات العامة، من شأن إيراده أن يدعم الخزينة العامة([20]) وهذا
الهدف مختبئ خلف الدافع الأول.
3-
تحسين أداء المؤسسات المملوكة للقطاع العام،
وتحقيق كفاءتها وزيادة ربحها، وخفض تكاليفها: فإن القطاع الخاص أجدر بإدارة تلك
المؤسسات، وأبعد عن المحسوبيات([21])، وهذا
الهدف مختبئ خلف الدافع الثاني.
4-
تمكين القطاع الخاص من الإسهام في التنمية،
والاستفادة من خبرته الفنية([22]) ـ وهو مرتبط بسابقه ـ.
5-
إيجاد فرص عمل: وهذا ليس على إطلاقه، بل هو مرهون
بسوق العرض، والطلب، وظروف الطفرة، والركود، التي تمنى بها السوق الرأسمالية،
وتتذبذب بسببها الطبقة العاملة، وقد ينتج العكس، عندما تتجه المؤسسات الخاصة إلى
عمالة وافدة أقل كلفة، أو تفرض جهة أجنبية ذات نفوذ على المؤسسة تسريح بعض
موظفيها، لاستبدالهم بمن ينتسبون لجنسية الجهة المتنفذة.
كما قد ينتج عن التخصيص الاستغناء عن بعض العاملين في
المؤسسات التي يتم تخصيصها، كما حصل في نيوزيلاندا عند بداية التخصيص، حيث ارتفعت
البطالة في منتصف الثمانينيات إلى أكثر من 12%، وبعد مرور مايقارب عقد من بدء
الإصلاح الاقتصادي انخفض معدل البطالة إلى مادون 10%([23]).
6-
جلب الأموال المهجّرة في الأسواق الدولية: فإن في
التخصيص مجالاً لاستثمار هذه الأموال، داخلياً([24]).
7-
العمل على التكامل الاقتصادي بين الدول، ومنه: جذب
الاستثمارات الأجنبية: فإن في التخصيص مجالاً لهذه الاستثمارات، على مايمكن أن
يصحب الاستثمار الأجنبي في الداخل من مخاطر([25]).
المطلب
الخامس
سلبيات
التخصيص
التخصيص له سلبيات منها:
1- اختفاء
بعض الوظائف ـ ولو مؤقتاً ـ وظهور نوع من البطالة وذلك في الدول النامية([26]).
2- زيادة
الأعباء المالية، وانخفاض مستوى المعيشة، في الدول النامية، فإن ماينتجه القطاع
العام لايستهدف فيه الربح، لكن خدمة المجتمع، أما القطاع الخاص فيراعي معايير
التجارة، وتبعاً لذلك ترتفع الأسعار فيما تنتجه المؤسسة بعد التخصيص عما كانت عليه
قبل التخصيص، وقد لايكون مطَّرداً([27]).
3- حلول
احتكار القطاع الخاص محل احتكار القطاع العام، ومن ذلك:
أ- الاتجاه
إلى تحقيق الربح، وتقديم مبدأ المنفعة، على غيره من الأهداف الاجتماعية، مما ينتج
عنه ارتفاع الأسعار، وحرمان بعض المناطق من بعض الخدمات، لبعدها، أو لقلة سكانها.
ب- سيطرة
فئة قليلة من المستثمرين على مؤسسات القطاع الخاص، من خلال هيمنتهم على مجالس
إدارتها، ومن ثم توجيهها إلى خدمة أهدافهم بعيداً عن المصلحة العامة([28]).
4- تفويت
موارد تعد رافداً للاقتصاد في الدول التي يندر
فيها تنوع الموارد، فتفقد بذلك مايتحصل عنها من عوائد مالية، وتزيد بذلك
مخاطرها كلما تعرضت مواردها المحدودة للتقلبات الاقتصادية، وليس ثمة بديل([sup][29])[/sup].
5- السيطرة
الأجنبية، واستنزاف قدرات البلاد الاقتصادية، على فرض السماح لرأس المال الأجنبي
بالاستثمار دون تنظيم، ووعي يدرأ هذه المخاطر([sup][30])[/sup].
المطلب
السادس: أساليب، وطرق التخصيص:
التخصيص له أساليب، وطرق مختلفة متعددة، قد تصل إلى واحد
وعشرين طريقاً، واختيار أحدها دون الآخر يرجع لأسباب منها:
أ- أهداف
الدولة.
ب- الأوضاع
المتعلقة بالمشروع، تنظيمية كانت، أو مالية، أو إنتاجية.
ج- ظروف
السوق، ومدى استيعابه([31]).
هذا عن دوافع وأسباب الاختيار لواحد من الطرق والأساليب
المتعددة للتخصيص، أما الطرق، والأساليب، المتعددة، فمن أهمها، وأكثرها انتشاراً
مايلي:
1-
نقل الملكية من القطاع العام إلى القطاع الخاص،
ببيع أسهم المؤسسة العامة، كلاً، أو جزءاً، وذلك يتطلب تحويل المؤسسات العامة إلى
شركة مساهمة يشترك في ملكيتها القطاع العام والخاص إن كان البيع جزئياً، أو تتحول
من القطاع العام إلى القطاع الخاص إن كان البيع كلياً.
وهذه الطريقة تعتبر من الطرق
الأساسية عالمياً في التحول، لسهولة إجراءاتها، إلا أنه يشكل عليها ماتعانيه
مؤسسات القطاع العام ـ خاصة في الدول النامية ـ من خسائر ومشاكل مزمنة مما يعزف
بالقطاع الخاص عنها، ويفرض إعادة هيكلتها الإدارية، والمالية على نحو يجعلها
مقبولة لدى القطاع الخاص([32]).
ومما يدخل في هذه الطريقة: إعادة
تنظيم المؤسسة العامة بتقسيمها إلى شركات، كل منها له شخصيته المعنوية، لتكون
المؤسسة الأم التي تم تقسيمها شركة قابضة مشرفة على تلك الشركات المنشطرة عنها،
ومن ثم يمكن للقطاع الخاص شراء ماشاء من أسهم تلك الشركات المنشطرة بالطريق
المتقدم([33]).
وهذا الأسلوب يورده الكتّاب في
التخصيص باعتباره طريقة مستقلة، وهو بالنظر إلى الطريقة التي يتم بها التحول إلى
الملكية الخاصة لايعدو كونه من قبيل تحول الملكية ونقلها بطريق بيع الأسهم.
أما ما سبق ذلك من تقسيم المؤسسة
العامة إلى شركات مستقلة، فتلك طريقة تنظيمية، خاصة بالمؤسسة، سابقة على نقلها
وتحويلها إلى القطاع الخاص.
2-
نقل الإدارة من القطاع العام إلى القطاع الخاص:
وهذه الطريقة لاتنقل الملكية جزءاً، أو كلاً إلى القطاع الخاص، لكن القطاع الخاص إنما
يقوم بإدارة، وتشغيل المؤسسات العامة بموجب عقد بينه وبين الحكومة، وهذا العقد
لايخلو من أحد حالين:
الأولى: أن يكون موضوعه الإدارة،
بحيث تتعاقد الحكومة مع شركة من شركات القطاع الخاص على إدارة المؤسسة العامة،
وتشغيلها، مقابل رسوم متفق عليها، تدفعها الحكومة للقطاع الخاص، مقابل إدارته، وفي
هذه الحالة تكون الحكومة هي المسؤولة، فهي تتحمل تكاليف الصيانة، والإدارة، ويكون
الربح لها، والخسارة عليها.
الثانية: أن يكون موضوعه
الإجارة، حيث تقوم الحكومة بتأجير الأصول، والتسهيلات الخاصة بالمؤسسة العامة على
القطاع الخاص، وفي هذه الحال يكون القطاع الخاص هو المسؤول، فهو يتحمل تكاليف
الصيانة، وتكاليف الإجارة، ويكون الربح له والخسارة عليه.
وهذه الطريقة بنوعيها: الإدارة،
والإجارة تتميز بميزتين هما:
أ- بقاء
ملكية المؤسسة العامة للدولة.
ب- تعزيز
الأداء، ومن ثم انخفاض تكاليف التشغيل، وزيادة الربح([34]).
3-
رفع احتكار الدولة عن بعض الأنشطة الاقتصادية،
والخدمات العامة: من جهة أن الدولة تسمح للقطاع الخاص بمزاولة ماكان حِكْراً على
الدولة من أنشطة وخدمات.
فإن ذلك من شأنه أن يوجد قدراً
من المنافسة، فتتحسن بذلك الكفاءة الإدارية، ومن ثم تتحسن الخدمة([35]).
وهذه الطريقة ليس فيها نقل
للملكية من القطاع العام إلى القطاع الخاص، وهو المعنى السائد في التخصيص، لكنها
طريقة من طرق توظيف المال الخاص في الاستثمار، والتنمية، وهو معنى من معاني
التخصيص، ومقصود من مقاصده.
(1)
انظر: المصباح المنير، كتاب الخاء مع الصاد، ومايثلثهما، 1/184.
(2)
القاموس المحيط، فصل الخاء، باب الصاد، 2/312.
(1)
انظر: تخصيص الاقتصاد السعودي، ص8، نحو تصور فعال لاستراتيجية التخصيص، ص8، 19.
(1)
انظر: التخصيص أهدافه، وأسسه، ص7، نحو تصور فعال لاستراتيجية التخصيص، ص12،
التكييف الهيكلي في الدول النامية، ص57، تخصيص الاقتصاد السعودي، ص16.
(2)
انظر: المرجع السابق، نحو تصور فعال لاستراتيجية التخصيص، ص18، الخصخصة وثقافة
العاملين، ص379.
(3)
انظر: تخصيص الاقتصاد السعودي، ص23، الخصخصة وثقافة العاملين، ص379.
(1)
انظر: تخصيص الاقتصاد السعودي، ص26.
(2)
انظر: الخصخصة وثقافة العاملين، ص379، تخصيص الاقتصاد السعودي، ص26.
(3)
انظر: الخصخصة وثقافة العاملين، ص379.
(4)
انظر: تخصيص الاقتصاد السعودي، ص29، الخصخصة وثقافة العاملين،ص379.
(5)
انظر: المرجعين السابقين، ص28، ص379.
(1)
انظر: المرجعين السابقين، ص31، ص379.
(2)
انظر: تخصيص الاقتصاد السعودي، ص39.
(3)
انظر: المرجع السابق.
(4)
انظر: تجربة الخصخصة والتحديات، ص12، التخصيص أهدافه وأسسه، ص8، الخصخصة وثقافة
العاملين، ص373.
(1) انظر: تجربة الخصخصة والتحديات،
ص9، 15، التخصيص أهدافه وأسسه، ص8-12، الخصخصة وثقافة العاملين، ص378، الخصخصة في
ضوء الشريعة الإسلامية، ص26، 27.
(2) انظر: التكييف الهيكلي في الدول
النامية، ص57، التخصيص أهدافه وأسسه، ص7، الخصخصة وثقافة العاملين، ص378.
(1) انظر: الخصخصة في ضوء الشريعة
الإسلامية، ص25، 77، 78، نحو تصور فعال لاستراتيجية التخصيص، ص17، تخصيص الاقتصاد
السعودي، ص6، 36.
(1)
انظر: تجربة الخصخصة والتحديات، ص9، 15، التكييف الهيكلي في الدول النامية، ص59،
تخصيص الاقتصاد السعودي، ص6.
(2)
انظر: تجربة الخصخصة والتحديات، ص15، التخصيص أهدافه وأسسه، ص12، نحو تصور فعال لاستراتيجية التخصيص، ص16، الخصخصة
وثقافة العاملين، ص373.
(3)
انظر: تجربة الخصخصة والتحديات، ص15، التخصيص
أهدافه وأسسه، ص12، نحو تصور فعال لاستراتيجية التخصيص، ص16، تخصيص الاقتصاد
السعودي، ص6، 104.
(4)
انظر: تجربة الخصخصة والتحديات، ص15، التخصيص أهدافه وأسسه، ص12، نحو تصور فعال
لاستراتيجية التخصيص، ص16، تخصيص الاقتصاد السعودي، ص6.
(1) انظر: التخصيص أهدافه وأسسه،
ص13، 49، نحو تصور فعال لاستراتيجية التخصيص، ص83، تجربة الخصخصة والتحديات، ص20،
تجارب دولية في الخصخصة، ص146.
(2) انظر: تخصيص الاقتصاد السعودي،
ص6، تجربة الخصخصة والتحديات، ص18، التخصيص أهدافه وأسسه، ص13.
(3) انظر: تجربة الخصخصة والتحديات،
ص15، التخصيص أهدافه وأسسه، ص13.
(1) انظر: الخصخصة في ضوء الشريعة
الإسلامية، ص32، تجارب دولية في الخصخصة،
ص146، التخصيص رؤية اقتصادية، ص30، نحو تصور فعال لاستراتيجية التخصيص،
ص64، التخصيص أهدافه وأسسه، ص36، 39، كيف نحمي مجتمعاتنا الإسلامية، ص188.
(2) انظر: التخصيص أهدافه وأسسه،
ص36، التخصيص رؤية اقتصادية، ص31، 32، تخصيص الاقتصاد السعودي، ص102.
(1) انظر: نحو تصور فعال
لاستراتيجية التخصيص، ص55، 59، كيف نحمي مجتمعاتنا الإسلامية، ص190.
(2) انظر: نحو تصور فعال
لاستراتيجية التخصيص، ص58.
(3) انظر: الخصخصة في ضوء الشريعة
الإسلامية، ص32، كيف نحمي مجتمعاتنا الإسلامية، ص187.
(4) انظر: تجربة الخصخصة والتحديات،
ص24، الخصخصة في ضوء الشريعة الإسلامية، ص30.
(1)
انظر: تجربة الخصخصة والتحديات، ص25، التكييف الهيكلي في الدول النامية، ص69، نحو
تصور فعال لاستراتيجية التخصيص، ص21، 31.
(2)
انظر: التكييف الهيكلي في الدول النامية، ص70، تجربة الخصخصة والتحديات، ص36.
(1)
انظر: التكييف الهيكلي في الدول النامية، ص71، 72، تجربة الخصخصة والتحديات، ص31،
التخصيص رؤية اقتصادية، ص15، 16، نحو تصور فعال لاستراتيجية التخصيص، ص21، 30.
(2)
انظر: المرجع السابق، ص30.
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب