أحكام المحكمة الدستورية العليا المتعلقة بالقانون رقم 136
لسنة 1981
قضية رقم 5 لسنة 5 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم
الشعب
المحكمة
الدستورية العليا
بالجلسة
العلنية المنعقدة يوم 17 مايو سنة 1986م.
برئاسة
السيد المستشار / محمد على بليغ
رئيس
المحكمة
وحضور
السادة المستشارين / ممـدوح مصطفـى حسـن ومنيـر أميـن عبـد المجيد ورابح لطفى جمعة وفوزى أسعد مرقس ومحمد كمال محفوظ
وواصل علاء الدين.
أعضاء
وحضور
السيد المستشار/ أحمد محمد الحفنى
المفوض
وحضور
السيد / أحمد على فضل الله أمين السر
أصدرت
الحكم الآتى
فى
القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم5
لسنة 5 قضائية " دستورية".
" الإجراءات"
بتاريخ
11 يناير سنة 1983، ورد إلى قلم كتاب
المحكمة
ملف الدعوى رقم 263 لسنة 1982 مدنى مستأنف المنيا، بعد أن قررت محكمة المنيا الابتدائية بجلسة 31 أكتوبر سنة 1982 وقف الدعوى
وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية كل من قرار
رئيس الجمهورية رقم 272 لسنة 1982 فى شأن نقل
بعض
الاختصاصات إلى الحكم المحلى، وقرار محافظ المنيا رقم 153 لسنة 1982 بمد نطاق سريان بعض أحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 فى
شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع
الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، إلى
جميع
قرى محافظة المنيا.
وقدمت
إدارة قضايا الحكومة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد
تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت
الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت
المحكمة
إصدار الحكم فيها بجلسة 5 أبريل سنة
1986 ثم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث
إن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية.
وحيث
إن الوقائع - على ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المستأنف عليه كان قد أقام الدعوى رقم 459 لسنة 1981
مدنى دير مواس الجزئية طالباً إخلاء
المستأنف من الشقة المؤجرة إليه الكائنة بقرية
الحسابية
لانتهاء عقد الإيجار المبرم بينهما، وإذ قضى له بطلباته بتاريخ 29 مارس سنة 1982، فقد طعن المستأنف على هذا الحكم بالاستئناف رقم
263 لسنة 1982 مدنى مستأنف
المنيا، تأسيساً على امتداد نطاق سريان أحكام
القانون
رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر إلى القرية الكائنة بها الشقة محل
النزاع بمقتضى قرار محافظ المنيا رقم 153 لسنة
1982 الصادر استناداً إلى قرار رئيس الجمهورية
رقم
272 لسنة 1982 فى شأن نقل بعض الاختصاصات إلى الحكم المحلى، وإذ تراءى لمحكمة المنيا الابتدائية عدم دستورية هذين القرارين،
فقد قررت بجلسة 31 أكتوبر سنة 1982 وقف
الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل
فى مدى دستوريتهما، تأسيساً على ما أوردته فى أسباب قرارها من أن الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 49
لسنة 1977 تجيز لوزير الإسكان والتعمير مد نطاق
سريان أحكام الباب الأول من هذا القانون كلها أو
بعضها
على القرى، وإذ كان قرار رئيس الجمهورية رقم 272 لسنة 1982 قد نقل هذا الاختصاص إلى المحافظين، بما نص عليه فى الفقرة
الثانية من مادته الأولى من استبدال عبارة
"المحافظ المختص" بعبارة " وزير الإسكان" أينما وردت فى القوانين واللوائح المعمول بها فى المجالات
الموضحة بهذا القرار ومن بينها تنظيم العلاقة
بين المؤجر والمستأجر، فإن قرار رئيس الجمهورية
المشار
إليه وقرار محافظ المنيا رقم 153 لسنة 1982 الصادر استناداً إليه يكونان قد عدلا من حكم القانون رقم 49 لسنة 1977 حال
أنهما لم يصدرا عن السلطة التشريعية مما
يتضمن مخالفة لنص المادة 86 من الدستور التى تقضى
بأن
يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع.
وحيث
إن الأصل ان السلطة التنفيذية لا تتولى التشريع، وإنما يقوم اختصاصها أساساً على اعمال القوانين وأحكام تنفيذها، غير أنه
استثناء من هذا الأصل وتحقيقاً لتعاون السلطات
وتساندها، فقد عهد الدستور إليها فى حالات محددة
إعمالاً
تدخل فى نطاق الأعمال التشريعية، ومن ذلك إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، فنصت المادة 144 من الدستور على
" أن يصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة
لتنفيذ القوانين، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل
لها
أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره فى إصدارها، ويجوز أن يعين القانون من يصدر القرارات اللازمة لتنفيذه" ومؤدى
هذا النص، أن الدستور حدد على سبيل الحصر الجهات
التى تختص بإصدار اللوائح التنفيذية فقصرها على
رئيس
الجمهورية أو من يفوضه فى ذلك أو من يعينه القانون لإصدارها، بحيث يمتنع على من عداهم ممارسة هذا الاختصاص الدستورى، وإلا
وقع عمله اللائحى مخالفاً لنص المادة 144
المشار إليها، كما أنه متى عهد القانون إلى جهة
معينة
بإصدار القرارات اللازمة لتنفيذه استقل من عينة القانون دون غيره بإصدارها.
وحيث
إن القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر المعدل بالقانون رقم 136
لسنة 1981 حدد فى بعض نصوصه الأحكام التى
يتوقف تنفيذها على صدور قرار وزير الإسكان
والتعمير،
ومن بينها ما نصت عليه الفقرة الثانية من مادته الأولى من أنه "يجوز بقرار من وزير الإسكان والتعمير مد نطاق سريان أحكام
(الباب الأول منه) كلها أو بعضها على
القرى بناء على اقتراح المجلس المحلى للمحافظة،
وكذلك
على المناطق السكنية التى لا ينطبق عليها قانون نظام الحكم المحلى..." وطبقاً لهذا النص، وإعمالاً لحكم
المادة 144 من الدستور – على ما تقدم بيانه – يكون وزير
الإسكان والتعمير هو المختص دون غيره بإصدار
القرارات
المنفذة للفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه، ويكون قرار محافظ المنيا رقم 135 لسنة 1982 بوصفه
لائحة تنفيذية لهذا القانون إذ
نص على مد نطاق أحكام بعض مواد القانون رقم 136
لسنة
1981 المعدل للقانون رقم 49 لسنة 1977 على جميع القرى الواقعة فى دائرة محافظة المنيا، قد صدر مشوباً بعيب دستورى لصدوره
من سلطة غير مختصة بإصداره بالمخالفة لحكم
المادة 144 من الدستور، الأمر الذى يتعين معه
الحكم
بعدم دستوريته.
وحيث
إن قرار رئيس الجمهورية رقم 272 لسنة 1982 فى شأن نقل بعض الاختصاصات إلى الحكم المحلى بعد أن نص فى الفقرة الأولى من مادته
الأولى على أن "تنقل إلى الوحدات المحلية
كل فى دائرة اختصاصها، الاختصاصات التى تباشرها
وزارة
الإسكان وفقاً للقوانين واللوائح والقرارات المعمول بها المجالات الآتية – تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر
والمستأجر - ..." نص فى الفقرة الثانية منها
– المطعون عليها – على أن "ويستبدل بعبارتى
وزارة
الإسكان، ووزير الإسكان عبارتا المحافظة المختصة والمحافظ المختص أينما وردتا فى القوانين واللوائح والقرارات المعمول
بها فى المجالات السابقة"، ومؤدى هذا
الاستبدال – وفى نطاق الدعوى المطروحة – نقل اختصاص
وزير
الإسكان اللائحى المنصوص عليه فى الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن
وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر المعدل
بالقانون رقم 136 لسنة 1981 إلى محافظ المنيا،
لما
كان ذلك وكان اختصاص وزير الإسكان فى إصدار اللوائح والقرارات اللازمة لتنفيذ القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه ومن بينها
القرارات المنصوص عليها فى الفقرة الثانية
من المادة الأولى منه يستند إلى المادة 144 من
الدستور
على نحو ما سلف بيانه، ومن ثم، فإن قرار رئيس الجمهورية 272 لسنة 1982 إذ جاء معدلاً لهذا الاختصاص
الدستورى
الذى سبق وأن عين القانون من له الحق فى ممارسته يكون
قد خالف المادة 144 من الدستور، الأمر الذى يتعين
معه
الحكم بعدم دستوريته، فيما تضمنته الفقرة الثانية من المادة الأولى منه من استبدال عبارة "المحافظ المختص"
بعبارة " وزير الإسكان" الواردة
بالفقرة
الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن، وتنظيم العلاقة بين المؤجر
والمستأجر المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1981.
وحيث
إنه لاينال مما تقدم، مانصت عليه الفقرة الأولى من المادة 27 من قانون نظام الحكم المحلى الصادر بالقرار بقانون رقم 43
لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981
من أن "يتولى المحافظ – بالنسبة إلى جميع
المرافق
العامة التى تدخل فى اختصاص وحدات الحكم المحلى وفقاً لأحكام هذا القانون – جميع السلطات والاختصاصات التنفيذية المقررة
للوزراء بمقتضى القوانين واللوائح، ويكون
المحافظ فى دائرة اختصاصه رئيساً لجميع الأجهزة
والمرافق
المحلية" ذلك أن القانون المشار إليه استهدف تنظيم الأمور المتعلقة بنظام الحكم المحلى بإنشاء وحدات إدارية تتولى
ممارسة السلطات والاختصاصات التنفيذية ذات
الطبيعة الإدارية اللازمة لإدارة الأعمال
المنوطة
بالمرافق العامة الواقعة فى دائراتها نقلاً إليها من الحكومة المركزية بوزارتها المختلفة، وقصد المشرع بنص المادة
27/1 المشار إليها أن يباشر المحافظون – بوصفهم
رؤساء الأجهزة والمرافق العامة التابعة لهم – السلطات والاختصاصات
المقررة للوزراء فى هذا الصدد، دون أن يتعدى ذلك إلى
الاختصاص
بإصدار اللوائح التنفيذية، والتى تكون القوانين قد عهدت بها إلى الوزراء، والتى يتسع لها مدلول عبارة السلطات
والاختصاصات التنفيذية الواردة بنص المادة (27)
المشار إليها.
"لهذه
الأسباب"
حكمت
المحكمة:
أولاً : بعدم دستورية قرار محافظ المنيا رقم 153 لسنة 1982.
ثانياً
: بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 272 لسنة 1982 فى شأن نقل بعض الاختصاصات
إلى الحكم المحلى فيما تضمنته من استبدال
عبارة "المحافظ المختص" بعبارة "وزير الإسكان" الواردة بالفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 49
لسنة 1977 فى فى شأن تأجير وبيع الأماكن
وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر المعدل
بالقانون
رقم 136 لسنة 1981.
قضية رقم 36لسنة 9 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم
الشعب
المحكمة
الدستورية العليا
بالجلسة
العلنية المنعقدة 14 مارس سنة 1992 .
برئاسة
السيد المستشار الدكتور /عوض محمد عوض المر
رئيس
المحكمة
وحضور
السادة المستشارين : الدكتور محمد ابراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال وفاروق عبدالرحيم غنيم وعبدالرحمن نصير
ومحمد على عبدالواحد وماهر البحيرى
وحضور
السيد المستشار / السيد عبدالحميد عمارة
المفوض
وحضور
السيد / رأفت محمد عبدالواحد أمين السر
أصدرت
الحكم الآتى
فى
القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 36 لسنة 9 قضائية " دستورية " .
الإجراءات
بتاريخ
22 ديسمبر سنة 1987 أودعت المدعية صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة بطلب الحكم بعدم دستورية نص القفرة الثانية من
المادة 22 من القانون رقم 136 لسنة 1981
فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن
وتنظيم
العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
وقدمت
هيئة قضايا الدولة مذكرة ، طلبت فيها رفض الدعوى .
وبعد
تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونظرت
الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم .
المحكمة
بعد
الاطلاع على الأوراق ، والمداولة
.
وحيث
إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى عليهم من الثانية إلى الرابع كانوا قد أقاموا
الدعوى رقم 3357 لسنة 1986 مدنى كلى المحلة
ضد المدعية والمدعى عليه الخامس طالبين الحكم
بإنهاء
عقد الإيجار المؤرخ أول يوليه سنة 1963 عن الوحدة السكنية المبينة بالعقد وصحيفة الدعوى والتى قام مورثهم بتأجيرها إلى
مورث المدعية والمدعى عليه الخامس ، تأسيساً على
إقامة الأخيرين – وهما خلف المستأجر – فى عامى 1984 و 1985 مبنى مملوكاً لهما
يتكون من أكثر من ثلاث وحدات ودون أن يوفرا
لهم
وحدة ملائمة بالمبنى الذى أقاماه .
وحيث
إن القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر ، ينص فى
الفقرة الثانية من مادته الثانية والعشرين
على انه " إذا أقام المستأجر مبنى مملوكاً له
يتكون
من أكثر من ثلاث وحدات فى تاريخ لاحق لاستئجاره ، يكون بالخيار بين الاحتفاظ بسكنه الذى يستأجره ، أو توفير مكان ملائم
لمالكه أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية
بالمبنى الذى إقامة ، بما لا يجاوز مثلى الأجرة
المستحقة
له عن الوحدة التى يستأجرها منه " .
وحيث
إن المدعية تنعى على الفقرة الثانية من المادة الثانية والعشرين المشار إليها مخالفتها للمادة الثانية من الدستور
باعتبار أن الملكية وفقاً لأحكام الشريعة
الإسلامية هى اختصاص حاجز يجوز للمالك بمقتضاه أن
يباشر
سلطته على الشئ الذى يملكه ليمنع غيره من استعماله ، هذا بالإضافة على مخالفة الفقرة الثانية المشار إليها لنص المادة
الرابعة والثلاثين من الدستور لإخلالها بالحماية
التى كفلها للملكية الخاصة ، وذلك بإلزامها
المالك
بتأجير إحدى وحدات العقار الذى يشيده – ولو كان هو وأسرته فى حاجة إليها – إلى أشخاص بعينهم – ولو كانوا غير أهل للجوار أو
فى غير حاجة إلى الوحدة السكنية .
وحيث
إن هذا النعى مردود ، ذلك أن الدستور حرص على النص على صون الملكية الخاصة وكفل عدم المساس بها إلا على سبيل الاستثناء ،
وفى الحدود وبالقيود التى أوردها ، باعتبار
أنها فى الأصل ثمرة مترتبة على الجهد الخاص الذى
بذله
الفرد بكده وعرقه وبوصفها حافز كل شخص إلا الانطلاق والتقدم ، إذ يختص دون غيره بالأموال التى يملكها وتهيئة الانتفاع
المفيد بها لتعود إليه ثمارها . وكانت
الأموال التى يرد عليها حق الملكية تعد كذلك من مصادر
الثروة
القومية التى لا يجوز التفريط فيها أو استخدامها على وجه يعوق التنمية أو يعطل مصالح الجماعة ، وكانت الملكية فى إطار
النظم الوضعية التى تزاوج بين الفردية
وتدخل الدولة ، لم تعد حقاً مطلقاً ولا هى عصية
على
التنظيم التشريعى ، وإنما يجوز تحميلها بالقيود التى تقتضيها وظيفتها الاجتماعية ، وهى وظيفة يتحدد نطاقها ومرماها على ضوء
طبيعة الأموال محل الملكية ، والأغراض التى
ينبغى توجيهها إليها ، وبمراعاة الموازنة التى
يجريها
المشرع ويرجح من خلالها ما يراه من المصالح أولى بالرعاية وأجدر بالحماية . متى كان ذلك ، تعين أن ينظم القانون أداء
هذه الوظيفة مستهدياً بوجه خاص بالقيم التى
تنحاز إليها الجماعة فى مرحلة من مراحل تطورها ،
وبمراعاة
أن القيود التى تفرضها الوظيفة الاجتماعية على حق الملكية للحد من إطلاقها ، لا تعتبر مقصودة لذاتها بل غايتها خير
الفرد والجماعة . ولقد كفل الدستور فى مادته
الثانية والثلاثين حماية الملكية الخاصة التى لا
تقوم
فى جوهرها على الاستغلال ، وهو يرد انحرافها كلما كان استخدامها متعارضاً مع الخير العام للشعب ، ويؤكد دعمها بشرط
قيامها على أداء الوظيفة الاجتماعية التى
يبين المشرع حدودها مراعياً أن تعمل فى خدمة
الاقتصاد
القومى وفى إطار خطة التنمية . ولا مخالفة فى ذلك كله لمبادئ الشريعة الإسلامية أو الأسس التى تقوم عليها ، إذ الأصل
أن الأموال جميعها مضافة إلى الله تعالى ،
فهو الذى خلقها وإليه تعود ، وقد عهد إلى عباده
عمارة
الأرض وهم مسئولون عما فى أيديهم من الأموال باعتبارهم مستخلفين فيها لقوله سبحانه وتعالى " وأنفقوا مما جعلناكم
مستخلفين فيه " ، ولم تعد
الملكية
بالتالى مجرد حق خالص لصاحبها ولا هى مزية فى ذاتها تتحرر بموجبها من القيود ، وإنما تتقيد بما لولى الأمر من سلطة فى
مجال تنظيمها بما يحقق المقاصد الشرعية فى نطاقها
، وهى مقاصد ينافيها أن يكون إنفاق الأموال او
إدارتها
متخذاً وجهة تناقض مصلحة الجماعة أو تخل بمصلحة الغير أولى بالاعتبار ، ومن ثم جاز لولى الأمر رد الضرر البين
الفاحش واختيار أهون الشرين – إذا تزاحما فى
مجال مباشرة المالك لسلطاته – لدفع أعظمهما . كذلك
فإن
العمل على دفع الضرر قدر الإمكان هو مما ينعقد لولى الأمر بشرط ألا يزال الضرر بمثله ، ولا يسوغ بالتالى لمن اختص بمال
معين بسبب سبق يده إليه أن يقوم على استخدامه
متشحاً بنزعة أنانية قوامها الغلو فى الفردية ،
وإنما
ينبغى أن يكون لحق الملكية إطار محدد تتوازن فيه المصالح ولا تتناقض ،
ذلك أن الملكية خلافة ، وهى باعتبارها كذلك ، تؤول إلى وظيفة اجتماعية تعكس بالقيود التى تفرضها على الملكية ، الحدود
المشروعة لممارسة سلطاتها ، وهى حدود لا يجوز تجاوزها لأن المروق منها يخرج الملكية عن وضعها
، ويحسر الحماية المقررة لها .
وحيث
إن الوظيفة الاجتماعية لحق الملكية تبرز بوجه خاص فى مجال الإسكان ، ذلك أن كثرة من القيود تتزاحم فى نطاق مباشرة المالك
لسلطته فى مجال استغلال ملكه ، وهى قيود
قصد بها فى الأصل مواجهة الأزمة المتفاقمة
الناشئة
عن قلة المعروض من الأماكن المهيأة للسكنى لمقابلة الزيادة فى الطلب عليها ، ولازم ذلك أن تدور هذه القيود – وأهمها
الامتداد القانونى لعقد الإيجار – وجوداً
وعدماً مع علة تقريرها . لما كان ذلك ، وكانت
الضرورة
تقدر بقدرها وكان توافرها يعتبر مناطاً للحماية التى يقرر المشرع بموجبها امتداد عقد الإيجار بحكم القانون ، وكان النص
التشريعى المطعون عليه قد تناول بالتنظيم
العلاقة الإيجارية فى بعض جوانبها ، موازناً بين
المصالح
المتنازعة لأطرافها ، كاشفاً بمضمونه عن أن تقرير الأحكام الاستثنائية لعقد الإيجار رهن بقيام مبرراتها ، وكان
هذا النص قد صدر لتحقيق غاية بعينها هى
تحقيق التوازن فى العلاقة الإيجارية ، ودل بعبارته
وفحواه
على انه إذا أقام مستأجر العين المؤجرة – فى تاريخ لاحق لإبرامه عقد الإيجار المتعلق بها – عقاراً مملوكاً له تزيد
وحداته السكنية على ثلاث ، اقتضاه ذلك أن يشغل
إحداها بدلاً من العين التى استأجرها ، فإذا
آثر
البقاء فيها كان ذلك تحكماً وانتهازاً من جهته لا سبيل لدفعه عنه إلا إذا وفر لمؤجر العين أو لأحد أقربائه حتى الدرجة
الثانية مكاناً بديلاً عنها فى العقار الذى أقامه
، على أن يكون هذا المكان ملائماً ، وألا تجاوز
الأجرة
التى يقتضيها مقابل منفعته مثلى الأجرة المستحقة عن العين التى استأجرها . تلك هى الأحكام التى تضمنها النص التشريعى
المطعون عليه ، ولا ينطوى إعمال المؤجر لها
على عدوان من جانبه على ملكية المدعية للعقار الذى
أقامته
بعد استئجارها لعين فى عقاره ، ذلك أن بقاءها فى العين المؤجرة إليها بعد انتهاء المدة الاتفاقية لعقدها ، يفترض فيه
استمرار حاجتها إليها بوصفها مكاناً
يأويها هى وأسرتها . وعلى خلاف ذلك يأتى العدوان من
جهتها
هى باقتران احتفاظها بالعين التى استأجرتها بامتناعها عن أن توفر فى عقارها مكاناً ملائماً بديلاً عنها لمؤجر العين أو لأحد
أقربائه حتى الدرجة الثانية . ولو أنها
كانت قد تخلت عن العين المؤجرة بعد انتفاء
حاجتها
إليها ، لعاد إليها الحق كاملاً فى استعمال عقارها واستغلاله بالطريقة التى تراها . وبذلك يكون النص التشريعى
المطعون عليه قد وازن بين مصلحتين مرجحاً ما ارتآه
منهما أحق بالحماية بما لا مخالفة فيه لأحكام
الدستور
ومن بينها المادة الثانية منه التى يتعين بموجبها رد النصوص التشريعية إلى مبادئ الشريعة الإسلامية لضمان توافقها
معها ، ذلك أن النص التشريعى المطعون عليه ،
وعلى ما سلف البيان ، لا يعمد إلى التضيحة
الكاملة
بحقوق المؤجر ولا يسقطها كلية من اعتباره متجاوزاً عن مصالحه المرتبطة بها ، وإنما اعتد بها فى الحدود التى قدرها
مؤكداً بالنص التشريعى المطعون عليه أن
المضرة المدفوعة مقدمة على المنفعة المجلوبة ،
وأنه
فى إطار هذا الأصل لا يجوز للمستأجر بعد أن صار مالكاً لعقار تتعدد وحداته السكنية أن يظل محتفظاً بالعين التى استأجرها
متسلطاً عليها رغم زوال الحاجة إليها دون أن
يوفر فى عقاره بديلاً عنها للأشخاص الذى عينهم
المشرع
وحددهم بأوصافهم ، وذلك نوع من التوازن ارتآه المشرع محققاً للمصلحة العامة .
وحيث
إن المدعية تنعى كذلك على النص التشريعى المطعون فيه إخلاله بحرية التعاقد إذ فرض عليها مستأجرين لعقارها وحملها على
التعاقد معهم ، كما حدد الأجرة التى يدفعونها دون
مراعاة لتكلفة المساكن الجديدة إذ جعلها مثلى
الأجرة
المستحقة عن المساكن المتهدمة بإيجارتها الضئيلة .
وحيث
إن المآخذ التى نسبتها المدعية على هذا النحو إلى النص التشريعى المطعون فيه ، مردها – وبفرض صحتها – إلى اختيارها
البقاء فى العين المؤجرة إضراراً بمالكها
ولضآلة أجرتها رغم حاجتها إليها . وكان الأصل هو
أن
يعتبر عقد إيجارها منتهياً بحكم القانون بمجرد إقامتها عقاراً مملوكاً لها . غير أن المشرع انتهاجاً من جانبه لسنة التدرج ،
خيرها بين التخلى نهائياً عن العين التى
استأجرتها لصاحبها لتعود إلى سلطاته الكاملة
المتفرعة
عن حق الملكية ، وبين مزاحمته فى ملكه بإيثارها البقاء فى هذه العين ، لتتحمل بعدئذ القيود التى فرضها المشرع عليها
بأن تمكن المؤجر أو بعض ذويه من اتخاذ مكان
ملائم فى عقارها سكناً ، وليس ذلك إلا تنظيماً
للحق
فى الملكية بما يكفل أداءها لوظيفتها الاجتماعية وبما لا مخالفة فيه للدستور . وما تنعاه المدعية على مقدار الأجرة التى
تستحقها مردود كذلك بأن الحكم التشريعى
المتعلق بها – والمطعون عليه – ما كان ليسرى عليها لو
أنها
قنعت بالسكنى فى عقارها منهية بذلك علاقاتها الإيجارية السابقة . هذا بالإضافة إلى ان تدخل المشرع – فى الأوضاع الاستثنائية
– لتقرير ضوابط للأجرة بما لا ينزل بها عن
الحدود التى تعتبر معها مقابلاً معقولاً لمنفعة
العين
المؤجرة هو مما يدخل فى نطاق سلطته التقديرية فى مجال تنظيم الحقوق بما لا يناقض الصالح العام .
وحيث
إن المدعية تنعى على النص التشريعى المطعون فيه إخلاله بمبدأ المساواة أمام القانون وذلك بأن وضع شروطاً غير عامة
ولا مجردة حدد بها المراكز القانونية فى
واقعة النزاع الماثل .
وحيث
إن هذا النعى مردود بأن عمود القاعدة لا يعنى انصرافها إلى جميع الموجودين على إقليم الدولة أو انبساطها على كل ما يصدر
عنهم من أعمال ، وإنما تتوافر للقاعدة
القانونية مقوماتها بانتفاء التخصيص ، ويتحقق ذلك
إذا
سنها المشرع مجردة عن الاعتداد بشخص معين أو بواقعة بذاتها معينه تحديداً . وكان النص المطعون فيه – بالشروط التى حدد
بها نطاق ومجال تطبيقه – يتمحض عن قاعدة
عامة مجردة لانسحابه إلى أشخاص بأوصافهم وتعلقه
بوقائع
غير محددة بذواتها ، وكان مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون لا يعنى أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت فى مراكزهم
القانونية معاملة قانونية متكافئة ، كذلك لا
يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها
، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس
موضوعية ولا ينطوى بالتالى على مخالفة
لنص
المادة 40 من الدستور بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه بموجبها هو ذلك الذى يكون تحكمياً ، ذلك أن كل تنظيم تشريعى لا يعتبر
مقصوداً لذاته ، بل لتحقيق أغراض بعينها يعتبر
هذا التنظيم ملبياً لها . وتعكس مشروعية هذه
الأغراض
إطاراً للمصلحة العامة التى يسعى المشرع لبلوغها متخذاً من القواعد القانونية التى يقوم عليها هذا التنظيم سبيلاً
إليها ، فإذا كان النص التشريعى المطعون
عليه – بما انطوى عليه من التمييز – مصادماً لهذه
الأغراض
مجافياً لها بما يحول دون ربطه منطقياً بها أو اعتباره مدخلاً إليها ، فإن ذلك النص يكون مستنداً إلى أسس غير موضوعية
، ومتبنياً تمييزاً تحكمياً بالمخالفة
لنص المادة 40 من الدستور . متى كان ذلك ، وكان
المشرع
قد أفرد العلاقة الإيجارية محل النزاع الماثل بتنظيم خاص محدداً قواعده وفق أسس موضوعية لا تقيم فى مجال تطبيقها
تمييزاً من أى نوع بين المخاطبين بها المتكافئة
مراكزهم القانونية بالنسبة إليها ، وكان قصر هذا
التنظيم
عليهم قد تقرر لأغراض بعينها تقتضيها المصلحة العامة باعتبار أن التوازن فى العلاقة الإيجارية هو الغاية النهائية التى
استهدفها التنظيم التشريعى المطعون عليه ،
وكانت القواعد التى يقوم عليها هذا التنظيم – وعلى ضوء دلالتها القاطعة
– تعتبر مرتبطة بأغراضه النهائية ومؤدية إليها ،
فإن
قالة الإخلال بمبدأ المساواة المنصوص عليه فى المادة الأربعين من الدستور تكون فاقدة لأساسها .
وحيث
إن المدعية تنعى كذلك على النص المطعون عليه مخالفته للدستور فى مادته الخمسين التى حظر بها منع المواطن من الإقامة فى
جهة معينة أو إلزامه بالإقامة فى مكان
معين ، إلا فى الأحوال المبينة فى القانون قولاً
منها
بأن النص المطعون فيه يقيد حريتها فى الإقامة فى الجهة التى تختارها ،
ويحملها على عدم الإقامة فى مسكنها الأصلى والسكنى فى العقار الذى أقامته .
وحيث
إن هذا النعى مردود بأن الإقامة التى يعنيها الدستور فى مادته الخمسين هى التى ينال تقييدها أو منعها من الحق فى
التنقل سواء بالانتقاص منه أو أهداره ، وهو حق
كفل الله عز وجل أصله بقوله " هو الذى جعل لكم
الأرض
ذلولاً فامشوا فى مناكبها " وهو كذلك من الحقوق التى تتكامل بها الشخصية الإنسانية التى تعكس حمايتها التطور الذى قطعته
البشرية نحو مثلها العليا على ما قررته
ديباجة الدستور ، ويعتبر من جهة أخرى متصلاً بالحرية
الشخصية
معززاً لصونها من العدوان ، ومن ثم نص الدستور على مادته الحادية والأربعين على انه فيما عدا حالة التلبس ، لا يجوز
القبض على أحد .... أو منعه من التنقل ، إلا بأمر
تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع . وتوكيداً لمضمون الحق فى
التنقل وتحديداً لأبعاده اعتبره الدستور من
الحقوق
العامة التى يتعين ضمانها لكل مواطن . وفى إطار هذا الحق نص الدستور فى مادته الحادية والخمسين على انه لا يجوز
إبعاد أى مواطن عن البلاد أو منعه من العودة
إليها ولو كان ذلك تدبيراً احترازياً لمواجهة
خطورة
إجرامية ولقد عنى الدستور كذلك فى مادته الثانية والخمسين بأن ينظم بعض صوره حين كفل للمواطنين حق الهجرة الدائمة أو
الموقوتة إلى الخارج وفقاً للقواعد التى يضعها
المشرع فى شأن شروط الهجرة وإجراءاتها . لما كان
ذلك ،
وكان النص التشريعى المطعون فيه لا يتوخى تنظيم الإقامة بالمعنى المتقدم ولا شأن له بها ، ولم يقصد إلى فرض قيود عليها
، بل تغيا بأحكامه إقامة توازن كان مفقوداً
فى العلاقة الإيجارية قبل صدوره . وكان جوهر
السلطة
التقديرية التى يملكها المشرع إنما يتمثل فى المفاضلة التى يجريها بين البدائل المختلفة المتصلة بالموضوع الذى تناوله
بالتنظيم ، وكان ما تثيره المدعية فى هذا
الوجه من مناعيها لا يعدو أن يكون تعقيباً من جانبها
على
ما ارتآه المشرع ملبياً للمصلحة العامة ومحققاً لمصلحة الغير الأولى بالاعتبار ، فإن نعيها يكون حرياً بالرفض .
فلهذه
الأسباب
حكمت
المحكمة برفض الدعوى ، ومصادرة الكفالة ، وألزمت المدعية المصروفات ، ومبلغ مائة
جنيه أتعاباً للمحاماة
لسنة 1981
قضية رقم 5 لسنة 5 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم
الشعب
المحكمة
الدستورية العليا
بالجلسة
العلنية المنعقدة يوم 17 مايو سنة 1986م.
برئاسة
السيد المستشار / محمد على بليغ
رئيس
المحكمة
وحضور
السادة المستشارين / ممـدوح مصطفـى حسـن ومنيـر أميـن عبـد المجيد ورابح لطفى جمعة وفوزى أسعد مرقس ومحمد كمال محفوظ
وواصل علاء الدين.
أعضاء
وحضور
السيد المستشار/ أحمد محمد الحفنى
المفوض
وحضور
السيد / أحمد على فضل الله أمين السر
أصدرت
الحكم الآتى
فى
القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم5
لسنة 5 قضائية " دستورية".
" الإجراءات"
بتاريخ
11 يناير سنة 1983، ورد إلى قلم كتاب
المحكمة
ملف الدعوى رقم 263 لسنة 1982 مدنى مستأنف المنيا، بعد أن قررت محكمة المنيا الابتدائية بجلسة 31 أكتوبر سنة 1982 وقف الدعوى
وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية كل من قرار
رئيس الجمهورية رقم 272 لسنة 1982 فى شأن نقل
بعض
الاختصاصات إلى الحكم المحلى، وقرار محافظ المنيا رقم 153 لسنة 1982 بمد نطاق سريان بعض أحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 فى
شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع
الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، إلى
جميع
قرى محافظة المنيا.
وقدمت
إدارة قضايا الحكومة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد
تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت
الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت
المحكمة
إصدار الحكم فيها بجلسة 5 أبريل سنة
1986 ثم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث
إن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية.
وحيث
إن الوقائع - على ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المستأنف عليه كان قد أقام الدعوى رقم 459 لسنة 1981
مدنى دير مواس الجزئية طالباً إخلاء
المستأنف من الشقة المؤجرة إليه الكائنة بقرية
الحسابية
لانتهاء عقد الإيجار المبرم بينهما، وإذ قضى له بطلباته بتاريخ 29 مارس سنة 1982، فقد طعن المستأنف على هذا الحكم بالاستئناف رقم
263 لسنة 1982 مدنى مستأنف
المنيا، تأسيساً على امتداد نطاق سريان أحكام
القانون
رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر إلى القرية الكائنة بها الشقة محل
النزاع بمقتضى قرار محافظ المنيا رقم 153 لسنة
1982 الصادر استناداً إلى قرار رئيس الجمهورية
رقم
272 لسنة 1982 فى شأن نقل بعض الاختصاصات إلى الحكم المحلى، وإذ تراءى لمحكمة المنيا الابتدائية عدم دستورية هذين القرارين،
فقد قررت بجلسة 31 أكتوبر سنة 1982 وقف
الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل
فى مدى دستوريتهما، تأسيساً على ما أوردته فى أسباب قرارها من أن الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 49
لسنة 1977 تجيز لوزير الإسكان والتعمير مد نطاق
سريان أحكام الباب الأول من هذا القانون كلها أو
بعضها
على القرى، وإذ كان قرار رئيس الجمهورية رقم 272 لسنة 1982 قد نقل هذا الاختصاص إلى المحافظين، بما نص عليه فى الفقرة
الثانية من مادته الأولى من استبدال عبارة
"المحافظ المختص" بعبارة " وزير الإسكان" أينما وردت فى القوانين واللوائح المعمول بها فى المجالات
الموضحة بهذا القرار ومن بينها تنظيم العلاقة
بين المؤجر والمستأجر، فإن قرار رئيس الجمهورية
المشار
إليه وقرار محافظ المنيا رقم 153 لسنة 1982 الصادر استناداً إليه يكونان قد عدلا من حكم القانون رقم 49 لسنة 1977 حال
أنهما لم يصدرا عن السلطة التشريعية مما
يتضمن مخالفة لنص المادة 86 من الدستور التى تقضى
بأن
يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع.
وحيث
إن الأصل ان السلطة التنفيذية لا تتولى التشريع، وإنما يقوم اختصاصها أساساً على اعمال القوانين وأحكام تنفيذها، غير أنه
استثناء من هذا الأصل وتحقيقاً لتعاون السلطات
وتساندها، فقد عهد الدستور إليها فى حالات محددة
إعمالاً
تدخل فى نطاق الأعمال التشريعية، ومن ذلك إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، فنصت المادة 144 من الدستور على
" أن يصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة
لتنفيذ القوانين، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل
لها
أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره فى إصدارها، ويجوز أن يعين القانون من يصدر القرارات اللازمة لتنفيذه" ومؤدى
هذا النص، أن الدستور حدد على سبيل الحصر الجهات
التى تختص بإصدار اللوائح التنفيذية فقصرها على
رئيس
الجمهورية أو من يفوضه فى ذلك أو من يعينه القانون لإصدارها، بحيث يمتنع على من عداهم ممارسة هذا الاختصاص الدستورى، وإلا
وقع عمله اللائحى مخالفاً لنص المادة 144
المشار إليها، كما أنه متى عهد القانون إلى جهة
معينة
بإصدار القرارات اللازمة لتنفيذه استقل من عينة القانون دون غيره بإصدارها.
وحيث
إن القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر المعدل بالقانون رقم 136
لسنة 1981 حدد فى بعض نصوصه الأحكام التى
يتوقف تنفيذها على صدور قرار وزير الإسكان
والتعمير،
ومن بينها ما نصت عليه الفقرة الثانية من مادته الأولى من أنه "يجوز بقرار من وزير الإسكان والتعمير مد نطاق سريان أحكام
(الباب الأول منه) كلها أو بعضها على
القرى بناء على اقتراح المجلس المحلى للمحافظة،
وكذلك
على المناطق السكنية التى لا ينطبق عليها قانون نظام الحكم المحلى..." وطبقاً لهذا النص، وإعمالاً لحكم
المادة 144 من الدستور – على ما تقدم بيانه – يكون وزير
الإسكان والتعمير هو المختص دون غيره بإصدار
القرارات
المنفذة للفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه، ويكون قرار محافظ المنيا رقم 135 لسنة 1982 بوصفه
لائحة تنفيذية لهذا القانون إذ
نص على مد نطاق أحكام بعض مواد القانون رقم 136
لسنة
1981 المعدل للقانون رقم 49 لسنة 1977 على جميع القرى الواقعة فى دائرة محافظة المنيا، قد صدر مشوباً بعيب دستورى لصدوره
من سلطة غير مختصة بإصداره بالمخالفة لحكم
المادة 144 من الدستور، الأمر الذى يتعين معه
الحكم
بعدم دستوريته.
وحيث
إن قرار رئيس الجمهورية رقم 272 لسنة 1982 فى شأن نقل بعض الاختصاصات إلى الحكم المحلى بعد أن نص فى الفقرة الأولى من مادته
الأولى على أن "تنقل إلى الوحدات المحلية
كل فى دائرة اختصاصها، الاختصاصات التى تباشرها
وزارة
الإسكان وفقاً للقوانين واللوائح والقرارات المعمول بها المجالات الآتية – تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر
والمستأجر - ..." نص فى الفقرة الثانية منها
– المطعون عليها – على أن "ويستبدل بعبارتى
وزارة
الإسكان، ووزير الإسكان عبارتا المحافظة المختصة والمحافظ المختص أينما وردتا فى القوانين واللوائح والقرارات المعمول
بها فى المجالات السابقة"، ومؤدى هذا
الاستبدال – وفى نطاق الدعوى المطروحة – نقل اختصاص
وزير
الإسكان اللائحى المنصوص عليه فى الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن
وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر المعدل
بالقانون رقم 136 لسنة 1981 إلى محافظ المنيا،
لما
كان ذلك وكان اختصاص وزير الإسكان فى إصدار اللوائح والقرارات اللازمة لتنفيذ القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه ومن بينها
القرارات المنصوص عليها فى الفقرة الثانية
من المادة الأولى منه يستند إلى المادة 144 من
الدستور
على نحو ما سلف بيانه، ومن ثم، فإن قرار رئيس الجمهورية 272 لسنة 1982 إذ جاء معدلاً لهذا الاختصاص
الدستورى
الذى سبق وأن عين القانون من له الحق فى ممارسته يكون
قد خالف المادة 144 من الدستور، الأمر الذى يتعين
معه
الحكم بعدم دستوريته، فيما تضمنته الفقرة الثانية من المادة الأولى منه من استبدال عبارة "المحافظ المختص"
بعبارة " وزير الإسكان" الواردة
بالفقرة
الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن، وتنظيم العلاقة بين المؤجر
والمستأجر المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1981.
وحيث
إنه لاينال مما تقدم، مانصت عليه الفقرة الأولى من المادة 27 من قانون نظام الحكم المحلى الصادر بالقرار بقانون رقم 43
لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981
من أن "يتولى المحافظ – بالنسبة إلى جميع
المرافق
العامة التى تدخل فى اختصاص وحدات الحكم المحلى وفقاً لأحكام هذا القانون – جميع السلطات والاختصاصات التنفيذية المقررة
للوزراء بمقتضى القوانين واللوائح، ويكون
المحافظ فى دائرة اختصاصه رئيساً لجميع الأجهزة
والمرافق
المحلية" ذلك أن القانون المشار إليه استهدف تنظيم الأمور المتعلقة بنظام الحكم المحلى بإنشاء وحدات إدارية تتولى
ممارسة السلطات والاختصاصات التنفيذية ذات
الطبيعة الإدارية اللازمة لإدارة الأعمال
المنوطة
بالمرافق العامة الواقعة فى دائراتها نقلاً إليها من الحكومة المركزية بوزارتها المختلفة، وقصد المشرع بنص المادة
27/1 المشار إليها أن يباشر المحافظون – بوصفهم
رؤساء الأجهزة والمرافق العامة التابعة لهم – السلطات والاختصاصات
المقررة للوزراء فى هذا الصدد، دون أن يتعدى ذلك إلى
الاختصاص
بإصدار اللوائح التنفيذية، والتى تكون القوانين قد عهدت بها إلى الوزراء، والتى يتسع لها مدلول عبارة السلطات
والاختصاصات التنفيذية الواردة بنص المادة (27)
المشار إليها.
"لهذه
الأسباب"
حكمت
المحكمة:
أولاً : بعدم دستورية قرار محافظ المنيا رقم 153 لسنة 1982.
ثانياً
: بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 272 لسنة 1982 فى شأن نقل بعض الاختصاصات
إلى الحكم المحلى فيما تضمنته من استبدال
عبارة "المحافظ المختص" بعبارة "وزير الإسكان" الواردة بالفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 49
لسنة 1977 فى فى شأن تأجير وبيع الأماكن
وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر المعدل
بالقانون
رقم 136 لسنة 1981.
قضية رقم 36لسنة 9 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم
الشعب
المحكمة
الدستورية العليا
بالجلسة
العلنية المنعقدة 14 مارس سنة 1992 .
برئاسة
السيد المستشار الدكتور /عوض محمد عوض المر
رئيس
المحكمة
وحضور
السادة المستشارين : الدكتور محمد ابراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال وفاروق عبدالرحيم غنيم وعبدالرحمن نصير
ومحمد على عبدالواحد وماهر البحيرى
وحضور
السيد المستشار / السيد عبدالحميد عمارة
المفوض
وحضور
السيد / رأفت محمد عبدالواحد أمين السر
أصدرت
الحكم الآتى
فى
القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 36 لسنة 9 قضائية " دستورية " .
الإجراءات
بتاريخ
22 ديسمبر سنة 1987 أودعت المدعية صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة بطلب الحكم بعدم دستورية نص القفرة الثانية من
المادة 22 من القانون رقم 136 لسنة 1981
فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن
وتنظيم
العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
وقدمت
هيئة قضايا الدولة مذكرة ، طلبت فيها رفض الدعوى .
وبعد
تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونظرت
الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم .
المحكمة
بعد
الاطلاع على الأوراق ، والمداولة
.
وحيث
إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى عليهم من الثانية إلى الرابع كانوا قد أقاموا
الدعوى رقم 3357 لسنة 1986 مدنى كلى المحلة
ضد المدعية والمدعى عليه الخامس طالبين الحكم
بإنهاء
عقد الإيجار المؤرخ أول يوليه سنة 1963 عن الوحدة السكنية المبينة بالعقد وصحيفة الدعوى والتى قام مورثهم بتأجيرها إلى
مورث المدعية والمدعى عليه الخامس ، تأسيساً على
إقامة الأخيرين – وهما خلف المستأجر – فى عامى 1984 و 1985 مبنى مملوكاً لهما
يتكون من أكثر من ثلاث وحدات ودون أن يوفرا
لهم
وحدة ملائمة بالمبنى الذى أقاماه .
وحيث
إن القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر ، ينص فى
الفقرة الثانية من مادته الثانية والعشرين
على انه " إذا أقام المستأجر مبنى مملوكاً له
يتكون
من أكثر من ثلاث وحدات فى تاريخ لاحق لاستئجاره ، يكون بالخيار بين الاحتفاظ بسكنه الذى يستأجره ، أو توفير مكان ملائم
لمالكه أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية
بالمبنى الذى إقامة ، بما لا يجاوز مثلى الأجرة
المستحقة
له عن الوحدة التى يستأجرها منه " .
وحيث
إن المدعية تنعى على الفقرة الثانية من المادة الثانية والعشرين المشار إليها مخالفتها للمادة الثانية من الدستور
باعتبار أن الملكية وفقاً لأحكام الشريعة
الإسلامية هى اختصاص حاجز يجوز للمالك بمقتضاه أن
يباشر
سلطته على الشئ الذى يملكه ليمنع غيره من استعماله ، هذا بالإضافة على مخالفة الفقرة الثانية المشار إليها لنص المادة
الرابعة والثلاثين من الدستور لإخلالها بالحماية
التى كفلها للملكية الخاصة ، وذلك بإلزامها
المالك
بتأجير إحدى وحدات العقار الذى يشيده – ولو كان هو وأسرته فى حاجة إليها – إلى أشخاص بعينهم – ولو كانوا غير أهل للجوار أو
فى غير حاجة إلى الوحدة السكنية .
وحيث
إن هذا النعى مردود ، ذلك أن الدستور حرص على النص على صون الملكية الخاصة وكفل عدم المساس بها إلا على سبيل الاستثناء ،
وفى الحدود وبالقيود التى أوردها ، باعتبار
أنها فى الأصل ثمرة مترتبة على الجهد الخاص الذى
بذله
الفرد بكده وعرقه وبوصفها حافز كل شخص إلا الانطلاق والتقدم ، إذ يختص دون غيره بالأموال التى يملكها وتهيئة الانتفاع
المفيد بها لتعود إليه ثمارها . وكانت
الأموال التى يرد عليها حق الملكية تعد كذلك من مصادر
الثروة
القومية التى لا يجوز التفريط فيها أو استخدامها على وجه يعوق التنمية أو يعطل مصالح الجماعة ، وكانت الملكية فى إطار
النظم الوضعية التى تزاوج بين الفردية
وتدخل الدولة ، لم تعد حقاً مطلقاً ولا هى عصية
على
التنظيم التشريعى ، وإنما يجوز تحميلها بالقيود التى تقتضيها وظيفتها الاجتماعية ، وهى وظيفة يتحدد نطاقها ومرماها على ضوء
طبيعة الأموال محل الملكية ، والأغراض التى
ينبغى توجيهها إليها ، وبمراعاة الموازنة التى
يجريها
المشرع ويرجح من خلالها ما يراه من المصالح أولى بالرعاية وأجدر بالحماية . متى كان ذلك ، تعين أن ينظم القانون أداء
هذه الوظيفة مستهدياً بوجه خاص بالقيم التى
تنحاز إليها الجماعة فى مرحلة من مراحل تطورها ،
وبمراعاة
أن القيود التى تفرضها الوظيفة الاجتماعية على حق الملكية للحد من إطلاقها ، لا تعتبر مقصودة لذاتها بل غايتها خير
الفرد والجماعة . ولقد كفل الدستور فى مادته
الثانية والثلاثين حماية الملكية الخاصة التى لا
تقوم
فى جوهرها على الاستغلال ، وهو يرد انحرافها كلما كان استخدامها متعارضاً مع الخير العام للشعب ، ويؤكد دعمها بشرط
قيامها على أداء الوظيفة الاجتماعية التى
يبين المشرع حدودها مراعياً أن تعمل فى خدمة
الاقتصاد
القومى وفى إطار خطة التنمية . ولا مخالفة فى ذلك كله لمبادئ الشريعة الإسلامية أو الأسس التى تقوم عليها ، إذ الأصل
أن الأموال جميعها مضافة إلى الله تعالى ،
فهو الذى خلقها وإليه تعود ، وقد عهد إلى عباده
عمارة
الأرض وهم مسئولون عما فى أيديهم من الأموال باعتبارهم مستخلفين فيها لقوله سبحانه وتعالى " وأنفقوا مما جعلناكم
مستخلفين فيه " ، ولم تعد
الملكية
بالتالى مجرد حق خالص لصاحبها ولا هى مزية فى ذاتها تتحرر بموجبها من القيود ، وإنما تتقيد بما لولى الأمر من سلطة فى
مجال تنظيمها بما يحقق المقاصد الشرعية فى نطاقها
، وهى مقاصد ينافيها أن يكون إنفاق الأموال او
إدارتها
متخذاً وجهة تناقض مصلحة الجماعة أو تخل بمصلحة الغير أولى بالاعتبار ، ومن ثم جاز لولى الأمر رد الضرر البين
الفاحش واختيار أهون الشرين – إذا تزاحما فى
مجال مباشرة المالك لسلطاته – لدفع أعظمهما . كذلك
فإن
العمل على دفع الضرر قدر الإمكان هو مما ينعقد لولى الأمر بشرط ألا يزال الضرر بمثله ، ولا يسوغ بالتالى لمن اختص بمال
معين بسبب سبق يده إليه أن يقوم على استخدامه
متشحاً بنزعة أنانية قوامها الغلو فى الفردية ،
وإنما
ينبغى أن يكون لحق الملكية إطار محدد تتوازن فيه المصالح ولا تتناقض ،
ذلك أن الملكية خلافة ، وهى باعتبارها كذلك ، تؤول إلى وظيفة اجتماعية تعكس بالقيود التى تفرضها على الملكية ، الحدود
المشروعة لممارسة سلطاتها ، وهى حدود لا يجوز تجاوزها لأن المروق منها يخرج الملكية عن وضعها
، ويحسر الحماية المقررة لها .
وحيث
إن الوظيفة الاجتماعية لحق الملكية تبرز بوجه خاص فى مجال الإسكان ، ذلك أن كثرة من القيود تتزاحم فى نطاق مباشرة المالك
لسلطته فى مجال استغلال ملكه ، وهى قيود
قصد بها فى الأصل مواجهة الأزمة المتفاقمة
الناشئة
عن قلة المعروض من الأماكن المهيأة للسكنى لمقابلة الزيادة فى الطلب عليها ، ولازم ذلك أن تدور هذه القيود – وأهمها
الامتداد القانونى لعقد الإيجار – وجوداً
وعدماً مع علة تقريرها . لما كان ذلك ، وكانت
الضرورة
تقدر بقدرها وكان توافرها يعتبر مناطاً للحماية التى يقرر المشرع بموجبها امتداد عقد الإيجار بحكم القانون ، وكان النص
التشريعى المطعون عليه قد تناول بالتنظيم
العلاقة الإيجارية فى بعض جوانبها ، موازناً بين
المصالح
المتنازعة لأطرافها ، كاشفاً بمضمونه عن أن تقرير الأحكام الاستثنائية لعقد الإيجار رهن بقيام مبرراتها ، وكان
هذا النص قد صدر لتحقيق غاية بعينها هى
تحقيق التوازن فى العلاقة الإيجارية ، ودل بعبارته
وفحواه
على انه إذا أقام مستأجر العين المؤجرة – فى تاريخ لاحق لإبرامه عقد الإيجار المتعلق بها – عقاراً مملوكاً له تزيد
وحداته السكنية على ثلاث ، اقتضاه ذلك أن يشغل
إحداها بدلاً من العين التى استأجرها ، فإذا
آثر
البقاء فيها كان ذلك تحكماً وانتهازاً من جهته لا سبيل لدفعه عنه إلا إذا وفر لمؤجر العين أو لأحد أقربائه حتى الدرجة
الثانية مكاناً بديلاً عنها فى العقار الذى أقامه
، على أن يكون هذا المكان ملائماً ، وألا تجاوز
الأجرة
التى يقتضيها مقابل منفعته مثلى الأجرة المستحقة عن العين التى استأجرها . تلك هى الأحكام التى تضمنها النص التشريعى
المطعون عليه ، ولا ينطوى إعمال المؤجر لها
على عدوان من جانبه على ملكية المدعية للعقار الذى
أقامته
بعد استئجارها لعين فى عقاره ، ذلك أن بقاءها فى العين المؤجرة إليها بعد انتهاء المدة الاتفاقية لعقدها ، يفترض فيه
استمرار حاجتها إليها بوصفها مكاناً
يأويها هى وأسرتها . وعلى خلاف ذلك يأتى العدوان من
جهتها
هى باقتران احتفاظها بالعين التى استأجرتها بامتناعها عن أن توفر فى عقارها مكاناً ملائماً بديلاً عنها لمؤجر العين أو لأحد
أقربائه حتى الدرجة الثانية . ولو أنها
كانت قد تخلت عن العين المؤجرة بعد انتفاء
حاجتها
إليها ، لعاد إليها الحق كاملاً فى استعمال عقارها واستغلاله بالطريقة التى تراها . وبذلك يكون النص التشريعى
المطعون عليه قد وازن بين مصلحتين مرجحاً ما ارتآه
منهما أحق بالحماية بما لا مخالفة فيه لأحكام
الدستور
ومن بينها المادة الثانية منه التى يتعين بموجبها رد النصوص التشريعية إلى مبادئ الشريعة الإسلامية لضمان توافقها
معها ، ذلك أن النص التشريعى المطعون عليه ،
وعلى ما سلف البيان ، لا يعمد إلى التضيحة
الكاملة
بحقوق المؤجر ولا يسقطها كلية من اعتباره متجاوزاً عن مصالحه المرتبطة بها ، وإنما اعتد بها فى الحدود التى قدرها
مؤكداً بالنص التشريعى المطعون عليه أن
المضرة المدفوعة مقدمة على المنفعة المجلوبة ،
وأنه
فى إطار هذا الأصل لا يجوز للمستأجر بعد أن صار مالكاً لعقار تتعدد وحداته السكنية أن يظل محتفظاً بالعين التى استأجرها
متسلطاً عليها رغم زوال الحاجة إليها دون أن
يوفر فى عقاره بديلاً عنها للأشخاص الذى عينهم
المشرع
وحددهم بأوصافهم ، وذلك نوع من التوازن ارتآه المشرع محققاً للمصلحة العامة .
وحيث
إن المدعية تنعى كذلك على النص التشريعى المطعون فيه إخلاله بحرية التعاقد إذ فرض عليها مستأجرين لعقارها وحملها على
التعاقد معهم ، كما حدد الأجرة التى يدفعونها دون
مراعاة لتكلفة المساكن الجديدة إذ جعلها مثلى
الأجرة
المستحقة عن المساكن المتهدمة بإيجارتها الضئيلة .
وحيث
إن المآخذ التى نسبتها المدعية على هذا النحو إلى النص التشريعى المطعون فيه ، مردها – وبفرض صحتها – إلى اختيارها
البقاء فى العين المؤجرة إضراراً بمالكها
ولضآلة أجرتها رغم حاجتها إليها . وكان الأصل هو
أن
يعتبر عقد إيجارها منتهياً بحكم القانون بمجرد إقامتها عقاراً مملوكاً لها . غير أن المشرع انتهاجاً من جانبه لسنة التدرج ،
خيرها بين التخلى نهائياً عن العين التى
استأجرتها لصاحبها لتعود إلى سلطاته الكاملة
المتفرعة
عن حق الملكية ، وبين مزاحمته فى ملكه بإيثارها البقاء فى هذه العين ، لتتحمل بعدئذ القيود التى فرضها المشرع عليها
بأن تمكن المؤجر أو بعض ذويه من اتخاذ مكان
ملائم فى عقارها سكناً ، وليس ذلك إلا تنظيماً
للحق
فى الملكية بما يكفل أداءها لوظيفتها الاجتماعية وبما لا مخالفة فيه للدستور . وما تنعاه المدعية على مقدار الأجرة التى
تستحقها مردود كذلك بأن الحكم التشريعى
المتعلق بها – والمطعون عليه – ما كان ليسرى عليها لو
أنها
قنعت بالسكنى فى عقارها منهية بذلك علاقاتها الإيجارية السابقة . هذا بالإضافة إلى ان تدخل المشرع – فى الأوضاع الاستثنائية
– لتقرير ضوابط للأجرة بما لا ينزل بها عن
الحدود التى تعتبر معها مقابلاً معقولاً لمنفعة
العين
المؤجرة هو مما يدخل فى نطاق سلطته التقديرية فى مجال تنظيم الحقوق بما لا يناقض الصالح العام .
وحيث
إن المدعية تنعى على النص التشريعى المطعون فيه إخلاله بمبدأ المساواة أمام القانون وذلك بأن وضع شروطاً غير عامة
ولا مجردة حدد بها المراكز القانونية فى
واقعة النزاع الماثل .
وحيث
إن هذا النعى مردود بأن عمود القاعدة لا يعنى انصرافها إلى جميع الموجودين على إقليم الدولة أو انبساطها على كل ما يصدر
عنهم من أعمال ، وإنما تتوافر للقاعدة
القانونية مقوماتها بانتفاء التخصيص ، ويتحقق ذلك
إذا
سنها المشرع مجردة عن الاعتداد بشخص معين أو بواقعة بذاتها معينه تحديداً . وكان النص المطعون فيه – بالشروط التى حدد
بها نطاق ومجال تطبيقه – يتمحض عن قاعدة
عامة مجردة لانسحابه إلى أشخاص بأوصافهم وتعلقه
بوقائع
غير محددة بذواتها ، وكان مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون لا يعنى أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت فى مراكزهم
القانونية معاملة قانونية متكافئة ، كذلك لا
يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها
، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس
موضوعية ولا ينطوى بالتالى على مخالفة
لنص
المادة 40 من الدستور بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه بموجبها هو ذلك الذى يكون تحكمياً ، ذلك أن كل تنظيم تشريعى لا يعتبر
مقصوداً لذاته ، بل لتحقيق أغراض بعينها يعتبر
هذا التنظيم ملبياً لها . وتعكس مشروعية هذه
الأغراض
إطاراً للمصلحة العامة التى يسعى المشرع لبلوغها متخذاً من القواعد القانونية التى يقوم عليها هذا التنظيم سبيلاً
إليها ، فإذا كان النص التشريعى المطعون
عليه – بما انطوى عليه من التمييز – مصادماً لهذه
الأغراض
مجافياً لها بما يحول دون ربطه منطقياً بها أو اعتباره مدخلاً إليها ، فإن ذلك النص يكون مستنداً إلى أسس غير موضوعية
، ومتبنياً تمييزاً تحكمياً بالمخالفة
لنص المادة 40 من الدستور . متى كان ذلك ، وكان
المشرع
قد أفرد العلاقة الإيجارية محل النزاع الماثل بتنظيم خاص محدداً قواعده وفق أسس موضوعية لا تقيم فى مجال تطبيقها
تمييزاً من أى نوع بين المخاطبين بها المتكافئة
مراكزهم القانونية بالنسبة إليها ، وكان قصر هذا
التنظيم
عليهم قد تقرر لأغراض بعينها تقتضيها المصلحة العامة باعتبار أن التوازن فى العلاقة الإيجارية هو الغاية النهائية التى
استهدفها التنظيم التشريعى المطعون عليه ،
وكانت القواعد التى يقوم عليها هذا التنظيم – وعلى ضوء دلالتها القاطعة
– تعتبر مرتبطة بأغراضه النهائية ومؤدية إليها ،
فإن
قالة الإخلال بمبدأ المساواة المنصوص عليه فى المادة الأربعين من الدستور تكون فاقدة لأساسها .
وحيث
إن المدعية تنعى كذلك على النص المطعون عليه مخالفته للدستور فى مادته الخمسين التى حظر بها منع المواطن من الإقامة فى
جهة معينة أو إلزامه بالإقامة فى مكان
معين ، إلا فى الأحوال المبينة فى القانون قولاً
منها
بأن النص المطعون فيه يقيد حريتها فى الإقامة فى الجهة التى تختارها ،
ويحملها على عدم الإقامة فى مسكنها الأصلى والسكنى فى العقار الذى أقامته .
وحيث
إن هذا النعى مردود بأن الإقامة التى يعنيها الدستور فى مادته الخمسين هى التى ينال تقييدها أو منعها من الحق فى
التنقل سواء بالانتقاص منه أو أهداره ، وهو حق
كفل الله عز وجل أصله بقوله " هو الذى جعل لكم
الأرض
ذلولاً فامشوا فى مناكبها " وهو كذلك من الحقوق التى تتكامل بها الشخصية الإنسانية التى تعكس حمايتها التطور الذى قطعته
البشرية نحو مثلها العليا على ما قررته
ديباجة الدستور ، ويعتبر من جهة أخرى متصلاً بالحرية
الشخصية
معززاً لصونها من العدوان ، ومن ثم نص الدستور على مادته الحادية والأربعين على انه فيما عدا حالة التلبس ، لا يجوز
القبض على أحد .... أو منعه من التنقل ، إلا بأمر
تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع . وتوكيداً لمضمون الحق فى
التنقل وتحديداً لأبعاده اعتبره الدستور من
الحقوق
العامة التى يتعين ضمانها لكل مواطن . وفى إطار هذا الحق نص الدستور فى مادته الحادية والخمسين على انه لا يجوز
إبعاد أى مواطن عن البلاد أو منعه من العودة
إليها ولو كان ذلك تدبيراً احترازياً لمواجهة
خطورة
إجرامية ولقد عنى الدستور كذلك فى مادته الثانية والخمسين بأن ينظم بعض صوره حين كفل للمواطنين حق الهجرة الدائمة أو
الموقوتة إلى الخارج وفقاً للقواعد التى يضعها
المشرع فى شأن شروط الهجرة وإجراءاتها . لما كان
ذلك ،
وكان النص التشريعى المطعون فيه لا يتوخى تنظيم الإقامة بالمعنى المتقدم ولا شأن له بها ، ولم يقصد إلى فرض قيود عليها
، بل تغيا بأحكامه إقامة توازن كان مفقوداً
فى العلاقة الإيجارية قبل صدوره . وكان جوهر
السلطة
التقديرية التى يملكها المشرع إنما يتمثل فى المفاضلة التى يجريها بين البدائل المختلفة المتصلة بالموضوع الذى تناوله
بالتنظيم ، وكان ما تثيره المدعية فى هذا
الوجه من مناعيها لا يعدو أن يكون تعقيباً من جانبها
على
ما ارتآه المشرع ملبياً للمصلحة العامة ومحققاً لمصلحة الغير الأولى بالاعتبار ، فإن نعيها يكون حرياً بالرفض .
فلهذه
الأسباب
حكمت
المحكمة برفض الدعوى ، ومصادرة الكفالة ، وألزمت المدعية المصروفات ، ومبلغ مائة
جنيه أتعاباً للمحاماة
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب