حكم الطهارة لمس القرآن الكريم
دراسة فقهية مقارنة
د. عمر بن محمد السبيل
أستاذ مساعد - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة أم القرى
ملخص البحث
يشتمل البحث على مقدمة ومبحثين ،
وخاتمة .
فالمقدمة في بيان سبب البحث ، ومنهجه
، أما المبحثان ؛ فالأول : في حكم الطهارة للبالغ، وقد بينت فيه إجماع العلماء على
تحريم مس المصحف لمن كان عليه حدث أكبر، ولم يخالف في ذلك إلا الظاهرية ، أما إن
كان عليه حدث أصغر ، فقد اختلف العلماء في حكم مسه للمصحف، على قولين :
الأول : أنه لا يجوز له مس القرآن .
وبه قال جمع من الصحابة ولم يعرف لهم مخالف ، وقال به كثير من التابعين ، وهو مذهب
الأئمة الأربعة .
الثاني : أنه يجوز له مس القرآن .
وبه قال بعض التابعين وهو مذهب الظاهرية . وقد ظهر لي رجحان القول الأول : لقوة
أدلته ورجحانها .
والمبحث الثاني : في حكم الطهارة
للصغير . وقد بينت فيه أنه لا يجوز تمكين الصغير غير المميز من مس المصحف ، أما
المميز فقد اختلف العلماء في حكم مسه للمصحف إذا كان محدثًا على ثلاثة أقوال :
الأول : أنه يجوز مسه للمصحف . وبه
قال الحنفية ، والمالكية ، والشافعية في الصحيح من مذاهبهم ، وبه قال الحنابلة في
رواية .
والثاني : أنه يكره له مسه . كراهية
تنزيه ، وهو قول للحنفية ، والمالكية .
الثالث : أنه يحرم عليه مسه . وهو
قول للشافعية، والصحيح عند الحنابلة.
وقد ظهر لي رجحان القول الأول ؛ لقوة
أدلته ، ورجحانها .
وأما الخاتمة فقد اشتملت على أهم
نتائج البحث .
المقدمـة
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله
وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد : فإن العناية بكتاب الله
الكريم ، وما يتعلق به من المعاني والأحكام من أفضل أنواع العلم الشرعي وأجله ،
لشرف موضوعه ؛ لأنه يتعلق بأشرف كلام ، وأعظم كتاب ، ولذا رأيت أن أسهم بجهدي
المتواضع في بيان حكم مسألة من المسائل المتعلقة به في هذا البحث الذي عنونت له بـ
(حكم الطهارة لمس القرآن الكريم)([1])
مجليًا آراء العلماء في هذه المسألة ، على سبيل الإيضاح والتفصيل ، لأنني لم أقف
على مؤلَّفٍ مستقل([2]) عني
ببيان أحكام هذه المسألة على التفصيل الذي ذكرته ، والنهج الذي سلكته ، وقد انتظم
هذا البحث في مقدمة ومبحثين وخاتمة .
وقد سلكت في هذا البحث المسلك العلمي
المتبع في بحث المسائل الشرعية بحثًا فقهيًا مقارنًا، بذكر آراء العلماء وأدلتهم،
ومناقشة ما يحتاج منها إلى مناقشة، مع بيان الراجح من تلك الآراء ، مبينًا وجه
الترجيح .
فأسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل
خالصًا لوجهه الكريم، وزلفى لديه إلى جنات النعيم ، وهو حسبنا ونعم الوكيل ، وصلى
الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
المبحث الأول : حكم الطهارة للبالغ
أجمع العلماء على أنه لا يجوز للمحدث
حدثًا أكبر أن يمس المصحف وخالف في ذلك داود لظاهري([3])
وتابعه على القول به أهل الظاهر([4]).
أما المحدث حدثًا أصغر؛ فقد اختلف
العلماء في حكم مسه للمصحف على قولين :
القول الأول
: أنه لا يجــــوز للمحـــدث حدثًا أصغر أن يمس المصحف كله أو بعضه .
وبهذا قال من الصحابة : علي بن أبي
طالب ، وعبد الله بن مسعود ، وسعد ابن أبي وقاص ، وعبد الله بن عمر، وسعيد بن زيد،
وسلمان الفارسي، وغيرهم .
وقال به من التابعين : عطاء بن أبي
رباح ، وابن شهاب الزهري ، والحسن البصري ، وطاووس بن كيسـان ، وسـالم بن عبد الله
بن عمر ، والنخعي([5]) ،
والفقهاء السبعة ([6]) .
وهو قول المذاهب الأربعة: الحنفية ([7])،
والمالكية ([8])،
والشافعية ([9])،
والحنابلة ([10]) .
واستدلوا على ما ذهبوا إليه بالكتاب
والسنة ، وإجماع الصحابة ودونك([11])
أدلتهم بالتفصيل :
أولاً : الكتاب :
استدلوا من الكتاب بقول الله عز وجل (
إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين )
[الواقعة77-80] .
وجه الدلالة :
أن الله عز وجل أخبر أن هذا القرآن
الكريم لا يمسه إلا المطهرون إجلالاً له وتعظيمًا ، وجاء الإخبار في الآية بصيغة
الحصر فاقتضى ذلك حصر الجواز في المطهرين ، وعموم سلبه في غيرهم([12])،
والمراد بالمطهرين ؛ المطهرون من الأحداث والأنجاس من بني آدم. والآية وإن كان
لفظها لفظ الخبر، إلا أنه خبر تضمن نهيًا([13]).
فهو نظير قوله تعالى: ) لا تضار والدة بولدها ([البقرة 233] فإنه خبر تضمن نهيًا ،
فدل ذلك على اشتراط الطهارة لمس المصحف([14])
.
ثانيًا : من السنة
:
استدلوا من السنة بعدد من الأحاديث ،
ورد فيها النهي عن مس المصحف لغير طاهر ، وأن المراد بالطاهر الطاهرُ من الحدث
الأكبر والأصغر، ومن النجاسة الحسية والمعنوية([15])
، ومن هذه الأحاديث :
1 – عن حكيم بن حزام _رضي الله عنه-
قال : (لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قال : (لا تمس القرآن
إلا وأنت طاهر) .
رواه الحاكم في المستدرك([16])
، وقال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي ، ورواه الدارقطني في سننه([17])
، والبيهقي في السنن الكبرى([18]).
قال في مجمع الزوائد : (رواه
الطبراني في الكبير والأوســـط ، وفيه ســـويد أبو حاتم ضعفـه النســـائي ، وابن
معين في رواية ، ووثقـه في روايـــــة، وقال أبو زرعة : ليس بالقوي ، حديثه حديث
أهل الصدق) ([19]) .
وقال ابن حجر : (وحسَّن الحازمي
إسناده) ([20]) .
2 – عن عبد الله بن عمر –رضي الله
عنه- قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يمس القرآن إلا طاهر ) . رواه
الدارقطني في سننه([21])،
وقال في مجمع الزوائد: (رواه الطبراني في الكبير ، والصغير ، ورجاله موثقون) ([22])
.
قال الأثرم : (واحتج أبو عبد الله
يعني أحمد بحديث ابن عمر) ([23])
وقال ابن حجروإسناده لا بأس به،ذكر
الأثرم أن أحمد احتج به)([24])
ونقل في إعلاء السنن([25])
: تصحيح إسناده عن بعض أهل العلم .
3 – عن عثمان بن أبي العاص قال :
(وفدنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدوني أفضلهم أخذًا للقرآن ، وقد
فضلتهم بسورة البقرة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد أمرتك على أصحابك وأنت
أصغرهم ، ولا تمس القرآن إلا وأنت طاهر).
رواه أبو داود في المصاحف([26])
، وقال في مجمع الزوائـد : (رواه الطبراني في الكبير في جملة حديث طويل ... وفيه
إسماعيل بن رافع ضعفه يحيى بن معين ، والنسائي وقال البخاري : ثقة مقارب) ([27])
.
4 – عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد
بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده قال: كان في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو
بن حزم : ( لا يمس القرآن إلا على طهر).
رواه عبد الرزاق في مصنفه ([28])
، ومالك في الموطأ ([29])
، وأبو داود في المصاحف([30])
والدارمي في سننه ([31])
، والحاكم في مستدركه ([32])،
والدارقطني في سننه([33])
، وقال: (مرسل ورواته ثقات)، والبيهقي في السنن الكبرى([34])،
وفي معرفة السنن والآثار([35])
.
قال البغوي : سمعت أحمد بن حنبل ،
وسئل عن هذا الحديث فقال : أرجو أن يكون صحيحًا) .
وقال أيضًا : (لا أشك أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم كتبه ) ([36])
.
وقال يعقوب بن سفيان : لا أعلم
كتابًا أصح من هذا الكتاب ، فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين
يرجعون إليه ويدعون رأيهم .
وقال الحاكم : قد شهد عمر بن عبد
العزيز ، والزهري لهذا الكتاب بالصحة([37]).
وقال الإمام ابن عبد البر : (وكتاب
عمرو بن حزم هذا تلقاه العلماء بالقبول والعمل، وهو عندهم أشهر وأظهر من الإسناد
الواحد المتصل)([38]).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية وهو كتاب
مشهور عند أهل العلم)([39]).
ثالثًا : الإجماع
:
أجمع الصحابة - رضوان الله عليهم- على
القول بعدم جواز مس المحدث المصحف ، حيث روي ذلك عمن تقدم ذكرهم من فقهاء الصحابة
ومشاهيرهم، ولم يعرف لهم في عصرهم مخالف([40])،
فكان إجماعًا سكوتيًا([41])،
بل كان ذلك هو المستقر عند الصحابة زمن النبوة وبعده ويدل عليه قصة إسلام عمر ،
فإنه حين دخل على أخته وزوجها وهم يقرؤن القرآن فقال : أعطوني الكتاب الذي عندكم
أقرؤه ، فقالت له أخته : إنك رجس ، ولا يمسه إلا المطهرون ، فقم واغتسـل، أو توضأ،
فقام عمر فتوضأ،ثم أخذ الكتاب ، فقرأ طه) رواه الدارقطني ([42])،
والبيهقي([43]).
وروي عن علقمة قال : كنا مع سلمان
الفارسي في سفر ، فقضى حاجته، فقلنا له : توضأ حتى نسألك عن آية من القرآن ، فقال
: سلوني ، فإني لست أمسه ، فقرأ علينا ما أردنا ، ولم يكن بيننا وبينه ماء) وفي
لفظ آخر أنه قال : (سلوني فإني لا أمسه ، إنه لا يمسه إلا المطهرون ) ([44])
.
قال البيهقي بعد روايته هذا الأثر :
(وكأنهم ذهبوا – القائلون بعدم جواز مس المصحف – في تأويل الآية إلى ما ذهب إليه
سلمان ، وعلى ذلك حملته أخت عمر ابن الخطاب في قصة إسلامه) ([45])
.
وروى الإمام مالك بسنده عن مصعب بن
سعد بن أبي وقاص أنه قال : كنت أمسك المصحف على سعد بن أبي وقاص فاحتككت ، فقال
سعد : لعلك مسست ذكرك ؟ قال : قلت : نعم ، فقال : قم فتوضأ ، فقمت فتوضأت ثم رجعت
)([46])
.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد سوقه
لهذه الآثار وغيرها : (وكذلك جاء عن خلق من التابعين من غير خلاف يعرف عن الصحابة
والتابعين وهذا يدل على أن ذلك كان معروفًا بينهم )([47])
.
القول
الثاني : أنه يجوز للمحدث حدثًا أصغر مس المصحف.
روي القول بهذا عن: ابن عباس ،
والشعبي ، والضحاك([48])،
والحكم ابن عتيبة، وحماد بن أبي سليمان، وداود الظاهري([49])،
وهو مذهب الظاهرية([50]).
واستدلوا على ما
ذهبوا إليه بما يأتي :
1 – ما ثبت في الصحيحين ([51])
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث دحية الكلبي إلى هرقــل عظيـــم الـروم بكتاب
يدعـوه فيه للإســــــلام ، وفيه قــــول الله تعالى : ) يا أهل الكتاب تعالوا إلى
كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ولا يتخذ بعضنا
بعضًا أربابًا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون( [ آل عمران 64].
قال ابن حزم : فهذا رسول الله صلى
الله عليه وسلم قد بعث كتابًا وفيه هذه الآية إلى النصارى، وقد أيقن أنهم يمسون
ذلك الكتاب ([52]). فإذا
جاز مس الكافر له ؛ جاز للمسلم المحدث من باب أولى([53])
.
2 – أنه لم يثبت النهي عن مس المصحف
لا في الكتاب ، ولا في السنة فيبقى الحكم على البراءة الأصلية، وهي الإباحة([54]).
3 – ولأن قراءة القرآن لا تحرم على
المحدث،فيكون المس أولى بعدم التحريم([55]).
4 – ولأن حمل المصحف في متاع ونحوه
لا يحرم على المحدث ، فكذلك المس قياسًا عليه([56])
.
5 – ولأن الصبيان يحملون ألواح
القرآن وهم محدثون من غير نكير في جميع العصور ، فدل على إباحة مسه لكل محدث ([57])
.
الإجابة عن أدلة
القول الأول :
أجاب القائلون بعدم تحريم مس المصحف
على المحدث عن أدلة الجمهور القائلين بتحريم مس المصحف بما يأتي :
1 – أن قـوله تعالى : ) لا يمسه إلا
المطهرون ( خبر ، وليس بأمر بدليل: رفع السين في قوله سبحانه : ) لا يمسه ( ولو
كان نهيًا لفــتح السين فلا يــجوز أن يصــرف لفـظ الخبر إلى معنى الأمر إلا بنص
جلي ، أو إجماع متيقن ، ولم يثبت شيء من ذلك .
ولأن المصحف يمسه الطاهر ، وغير
الطاهر ، فدل على أن الله عز وجل لم يعن بالمصحف المذكور في الآية هذا الذي بأيدي
الناس ، وإنما عني كتابًا آخر ، وهو الذي في السماء ([58])
.
كما أن المراد بالمطهرين في الآية
الملائكة لأنهم طهروا من الشرك والذنوب، وليسوا بني آدم ؛ لأن المطهر من طهره غيره
، ولو أريد بهم بنوا آدم لقيل : المتطهرون([59]).
2 – أن الأحاديث التي استدل بها على
تحريم مس المصحف على المحدث كلها ضعيفة ، ولا يخلوا إسناد واحد منها من قدح وعلة ،
فلا تقوم بها حجة ، ولا تصلح للاحتجاج ، قال ابن حزم : (فإن الآثار التي احتج بها
من لم يجز للجنب مسه ، فإنه لا يصح منها شيء ، لأنها إما مرسلة، وإما ضعيفة لا
تسند، وإما عن مجهول ، وإما عن ضعيف ، وقد تقصيناها في غير هذا المكان) ([60])
.
3 – أن دعوى الإجماع غير متيقن ،
بدليل وجود المخالف من التابعين ومن بعدهم([61])
.
الإجابة عن أدلة
القول الثاني :
أجاب الجمهور القائلون بعدم جواز مس
المصحف للمحدث عن أدلة القائلـين بالجواز بما يأتي :
1 – أجيب عن الدليل الأول : بأن
الحديث إنما يدل على جواز مس الرسالة أو الكتاب إذا تضمن آية من القـرآن
ونحوهــــا ، ومثل هذا لا يسمى مصحفًا ولا تثبت له حرمته ، وذكر الآيتين في الكتاب
إنما قصد بها تبليغ الدعوة فيختص الجواز بمثل ذلك ([62]).
قال الحافظ ابن حجر : (إن الكتاب
اشتمل على أشياء غير الآيتين ، فأشبه ما لو ذكر بعض القرآن في كتاب في الفقه أو
التفسير ، فإنه لا يمنع قراءته ولا مسه عند الجمهور ؛ لأنه لا يقصد منه التلاوة ،
ونص أحمد : أنه يجوز مثل ذلك في المكاتبة لمصلحة التبليغ وقال به كثير من الشافعية
، ومنهم من خص الجواز بالقليـل كالآية والآيتين ) ([63]).
2 – وأجيب عن الدليل الثاني : بعدم
التسليم بأنه لم يرد في الكتـاب ولا في السنة ما يدل على تحريم المس ، بل ورد
فيهما ما يدل على ذلك كما سبق ذكره في أدلة الجمهور ، فلا يبقى الحكم على البراءة
الأصلية ، لثبوت الدليل الناقل استنباطًا من القرآن ، ونصًا من السنة الصحيحة .
3 – وأجيب عن الدليل الثالث : بأن
القراءة على غير طهارة إنما أبيحت للمحدث حدثًا أصغر للحاجة ، ولعسر الوضوء
للقراءة كل وقت ، وإذا حصلت المشقة جاء التيسير ؛ لأن المشقة تجلب التيسير([64]).
4 – وأجيب عن الدليل الرابع : بأن
قياس مس المصحف على حمله في المتاع قياس مع الفارق ؛ لأن الحامل له في متاعه لا
يباشر مسه ؛ ولأنه غير مقصود بالحمل بخلاف حمله وحده فإنه مقصود لذاته([65]).
5 – وأجيب عن الدليل الخامس: بأن
الألواح التي يحملها الصغار وهم محدثـون لا تسمى مصحفًا؛ إذ لا يكتب فيها إلا شيء
يسير من القرآن تقتضيها ضرورة التعليم([66])
ولأنهم غير مكلفين([67]).
الإجابة عن اعتراض القائلين بالجواز
على أدلة المانعين :
أجاب جمهور العلماء عن اعتراض
القائلين بجواز مس المحدث المصحف على أدلة التحريم بما يأتي :
أولاً : أنا نمنع أن قوله سبحانه : )
لا يمسه ( خبر فقط ورفع السين فيه لا ينـفي إرادة النهي ، بل هو خبر تضمن نهيًا ؛
لأن خبر الله لا يكون خلافه، وقد وجد من يمس المصحف على غير طهارة ، فتبين بهذا أن
المراد النهي ، وليس الخبر، وقــــد ورد مثــل هذا كثــير في الكتاب والســــنة ،
ومنه قولـــه عز وجل : ) لا تضار والدة بولدها ([البقرة233] فإنه خبر تضمن نهيًا ،
ومنه في السنة قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يبيع أحدكم على بيع أخيه ) بإثبات
الياء، فإنه خبر تضمن نهيًا([68]).
وأما القول بأن الضمير في قوله
سبحانه : ) لا يمسه ( إنما يعود على الكتاب الذي في السماء وهو اللوح المحفوظ، لا
على المصحف الذي بأيدي الناس، فالجواب : أن قولــــه سبحانه : ) تنزيل من رب
العالمـــين( بعد قوله سبحانه : )لا يمسه إلا المطهرون ( فيه دلالة ظاهرة على
إرادة المصحف الذي بأيدي الناس، فلا يحمل على غيره إلا بدليل صحيح صريح([69])
.
كما أن القول بأن المراد بـ المطهرين
في الآية هم الملائكة وليسوا بني آدم؛ لأن المطهرين هم الذين طهرهم غيرهم ، وأنه
لو أريد بهم بنو آدم لقيل(المتطهرون).
فالجواب : أن المتوضئ يطلق عليه طاهر
ومتطهر، وهذا سائغ لغة ([70]).
ومع التسليم بأن المراد بـالمطهرين
الملائكة كما هو قول جمهور المفسرين، فإنه يمكن الاستدلال بالآية بقيـاس بنــي آدم
على الملائكة ([71]) ، أو
كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية (من باب التنبيه والإشارة ؛ لأنه إذا كانت الصحف
التي في السماء لا يمسها إلا المطهرون ، فكذلك الصحف التي بأيدينا من القرآن لا
ينبغي أن يمسها إلا طاهر ، والحديث مشتق من هذه الآية) ([72]).
وقال أيضًا : (الوجه في هذا والله
أعلم أن الذي في اللوح المحـفوظ هو القرآن الذي في المصحف كما أن الذي في هذا
المصحف هو الذي في هذا المصحف بعينه سواء كان المحل ورقًا أو أديمًا أو حجرًا أو
لحافًا ، فإذا كان مِنْ حكم الكتاب الذي في السماء أن لا يمسه إلا المطهرون وجب أن
يكون الكتاب الذي في الأرض كذلك ؛ لأن حرمته كحرمته ، أو يكون الكتاب اسم جنس يعم
كل ما فيه القرآن سواء كان في السـماء أو الأرض ، وقد أوحـــى إلى ذلك قوله تعالى
: )رسول من الله يتلو صحفًا مطهرة فيها كتب قيمة( [البينة2-3]، وكذلك قوله تعالى:
)في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة( [عبس 13-14] فوصفها أنها مطهرة فلا يصلح للمحدث
مسها)([73])
.
وقال أبو عبد الله الحَلِيمِي
الشافعي : (إن الملائكة إنما وصلت إلى مس ذلك الكتاب ؛ لأنهم مطهرون ، والمطهر هو
الميسر للعبادة ، والمرضي لها ، فثبت أن المطهر من الناس هو الذي ينبغي له أن يمس
المصحف ، والمحدث ليس كذلك ؛ لأنه ممنوع عن الصلاة والطواف ، والجنب والحائض
ممنوعان عنهما ، وعن قراءة القرآن فلم يكن لهم حمل المصحف ولا مسه ) ([74])
.
وقال الجصاص : ( إن حُمِلَ –لفظ
الآية – على النهي وإن كان في صورة الخبر كان عمومًا فينا ، وهذا أولى ، لما روي
عن النبي صلى الله عليه وسلم في أخبار متظاهرة أنه كتب في كتابه لعمرو بن حزم :
(ولا يمس القرآن إلا طاهر) ([75])
فوجب أن يكون نهيه ذلك بالآية إذ فيه احتمال له ) ([76])
.
ثانيًا:أن دعوى عدم صحة الأحاديث،
وأنها لا تصلح للاحتجاج بها والعمل بها غير مسلم ، فإن تلك الأحاديث التي استدل
بها الجمهور على تحريم مس المصحف على المحدث وإن كان لا يخلو إسناد كل واحد منها
من مقال إلا أنها بمجموع طرقها ترقى في أقل أحوالها إلى درجة الحسن، فصلح الاحتجاج
بها، ووجب العمل بها ، كما قال ذلك عدد من أئمة الحديث المشهورين كما تقدم نقل
كلام بعضهم .
ومن ذلك أيضًا أن الإمام أحمد وإسحاق
بن راهويه احتجا بهذا الحديث ، وصرح إسحاق بن راهويه بصحته ، فقد قال إسحاق بن
منصور المروزي في مسائله عنهما : (قلت –يعني لأحمد- هل يقرأ الرجل على غير وضوء ؟
قال : نعم، ولكن لا يقرأ في المصحف ما لم يتوضأ ، قال إسحاق – يعني ابن راهويه -
كما قال ، لما صح من قول النبي عليه الصــلاة والســــلام : (لا يمس القرآن إلا
طاهر) وكذلك فعل أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام والتابعون ) ([77]).
وقال الإمام ابن عبد البر : (لا خلاف
عن مالك في إرسال هذا الحديث بهذا الإسناد ، وقد روي مسندًا من وجه صالح ، وهو
كتاب مشهور عند أهل السير ، معروف ما فيه عند أهل العلم معرفة يستغنى بشهرتها عن
الإسناد ؛ لأنه أشبه المتواتر في مجيئــه لتلــقي الناس له بالقبـول
والمعرفــــــة …وما فيه فمتفق عليه إلا قليلاً)([78])
.
وقال الألبانـــــي : (صحيح . روي من
حديـــث عمرو بن حزم ، وحكيم ابن حزام، وابن عمر ، وعثمان بن أبي العاص) ثم ساق
أسانيد كل واحد منها ثم قال : (وجملة القول : أن الحديث طرقه كلها لا تخلو من ضعف
، ولكنه ضعف يسير ، إذ ليس في شيء منها من اتهــــم بكذب ، وإنما العلة الإرسـال ،
أو سوء الحفظ ، ومن المقرر في علم المصطلح أن الطرق يقوي بعضها بعضًا إذا لم يكن
فيها متهم ، كما قرره النووي في تقريبه ، ثم السيوطي في شرحه ، وعليه فالنفس تطمئن
لصحة هذا الحديث ، لا سيما وقد احتج به إمام السنة أحمد بن حنبل … وصححه أيضًا صاحبه
الإمام إسحاق بن راهويه) ([79]).
ثالثًا : وأما دعوى عدم ثبوت إجماع
الصحابة فغير مسلم ، لثبوت ذلك الحكم عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم زمن النبوة
وبعده ، ولم يعرف لهم في عصرهم مخالف ، فكان ذلك منهم إجماعًا سكوتيًا على تحريم
مس المصحف. قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (وهو قول سلمان الفارسي ، وعبد الله بن
عمر ، وغيرهما ، ولا يعلم لهما من الصحابة مخالف) ([80])
.
وقال الإمام النووي : (إنه قول علي
وسعد بن أبي وقاص وابن عمر رضي الله عنهم ، ولم يعرف لهم مخالف من الصحابة ) ([81])
فلا عبرة بالمخالف للصحابة، ولا اعتداد بقوله ، فهم أعلم الأمة ، وأعدلها وأوثقها
وقولها أقرب إلى الحق والصواب ممن سواهم .
الترجيح :
بعد بيان قولي العلماء في حكم مس
المحدث حدثًا أصغر للمصحف وأدلة كل قول ، وما أورد عليها من اعتراضات ، والإجابة
عما اعتُرض به على قول الجمهور، ظهر لي رجحان ما ذهب إليه جمهور العلماء من القول
بتحريم مس المصحف على المحدث حدثًا أصغر لما يأتي :
1 – قوة ما استدلوا به من الأدلة على
ما ذهبوا إليه .
2 – ضعف أدلة المخالف ، والرد عليها
، وبيان وجه ضعفها .
3 – أن القول بتحريم المس ناقل عن
الأصل ، وقد ذهب أكثر الأصوليين إلى أن الدليل الناقل عن الأصل مقدم على الدليل
المبقي على البراءة الأصلية([82]).
4 – أن القول بالتحريم أحوط للعبادة
، وأبرأ للذمة ، فالقول به أولى.
5 – أن القول بالتحريم هو الموافق
لتكريم القرآن وتعظيمه ، فإن الله عز وجل وصف القرآن بأنه كريم وأنه لا يمسه إلا
المطهرون ، فعظمه الله تعالى وكرمه ، فالأليق بتعظيمه والأنسب لإجلاله وتكريمه أن
لا يُمس إلا على طهارة كاملة ، لأن مسه بغير طهارة مخل بتعظيمه وتكريمه .
6 – أن القول بالتحريم هو المنقول عن
الصحابة زمن النبوة وبعدها ، من غير خلاف بينهم ، ولذا قال به أئمة المذاهب
الأربعة وغيرهم ، وجماهير أهل العلم حتى قال ابن عبد البر (أجمع فقهاء الأمصار
الذين تدور عليهم الفتوى وعلى أصحابهم بأن المصحف لا يمسه إلا طاهر)([83])
.
وقال شيخ الإسـلام ابن تيمية : ( وأما
مس المصحف فالصحيح أنه يجب له الوضوء كقول الجمهـور وهذا هو المعروف عن الصحابة
سـعد وسلمان وابن عمر) ([84])
فدل ذلك على عدم الاعتبار للمخالفين ، وعدم الاعتداد بقولهم لضعف أدلتهم .
فحسْب المسلم ما أجمع عليه الصحابة ،
وأفتى به أئمة التابعين ، واختاره من بعدهم من أئمة الإسلام المجتهدين في العصور
المفضلة وما بعدها إلى يومنا هذا، حيث هو القول المختار المفتى به عند المحققين من
علماء العصر وفقهائه([85])
.
[1]
- آثرت التعبير بـ ( مس القرآن الكريم) على التعبير بـ (مس المصحف) رغم أنه
التعبير الغالب عند كثير من العلماء والمصنفين وذلك موافقة للأحاديث الكثيرة والتي
ورد فيها النهي عن مس القرآن ، واتباعًا لاختيار بعض العلماء التعبير بهذا ، كابن
نجيم الحنفي في البحر الرائق، 1/211 .
[2]
- لا في القديم ولا في الحديث،سوى رسالة ألفها الشيخ/محمد بن علي بن حسين المالكي
المتوفى سنة (1368هـ) بعنوان : (إظهار الحق المبين بتأييد إجماع الأئمة الأربعة
على تحريم مس وحمل القرآن الكريم لغير المتطهرين) .
[3]
- الإفصاح ، 1/76؛ المغني ، /147، رحمة الأمة،ص، 21؛ نيل الأوطار، 1/260، موسوعة
الإجماع ، 2/878 .
[4]
- المحلى ، 1/77 .
[5]
- انظر : مصنـــــف عبد الـــــرزاق ، 1/341 ؛ الجامــــع لأحكام القرآن 17/626 ؛
المغني ، 1/147.
[6]
- السنن الكبرى للبيهقي ، 1/88 ، معرفة السنن والآثار للبيهقي ، 1/185 .
وقد ذكر
الإمام ابن القيم في إعلام الموقعين 1/23 الفقهاء السبعة وعدَّدَهم بقوله : (وكان
المُفْتُون بالمدينة من التابعين : ابن المسيب ، وعروة بن الزبير ، والقاسم بن
محمد ، وخارجة بن زيد، وأبا بكر بن عبد الرحمن بن حارث بن هشام، وسليمان بن يسار،
وعبيد الله بن عبد الله ابن عتبة بن مسعود ، وهؤلاء هم الفقهاء وقد نظمهم القائل
فقال :
إذا قيل
من في العلم ســبعة أبحر روايتهم ليست عن العلم خارجــة
فقل هم
عبيد الله عروة قاســـم سعيد أبو بكر سليمان خارجة) اهـ
وقد
ذكر ابن كثير في البداية والنهاية، 9/108أن أكثرهم توفي سنة 94هـ ولذا سميت تلك
السنة بـ(سنة الفقهاء) .
[7]
- الهداية ، 1/31 ؛ مجمع الأنهر ، 1/25 ؛ البحر الرائق ، 1/211 .
[8]
- المعونة ، 1/160 ؛ عقد الجواهر ، 1/62 ، الخرشي على خليل ، 1/160 إلا أن
المالكية ذهبوا إلى جواز مسه للمعلم والمتعلم إذا كان حدثه أصغر لمشقة الاستمرار
على الطهارة ، وكذا المرأة الحائض يجوز لها المس ؛ لضرورة التعليم بخلاف الجنب
لقدرته على إزالة المانع . انظر : الشرح الصغير ، 1/222 ، الشرح الكبير ، 1/126.
[9]
- المهذب ، 1/32 ؛ روضة الطالبين ، 1/190 ؛ مغني المحتاج ، 1/36 .
[10]
- المقنع ، 1/56 ، منتهى الإرادات ، 1/27 ، الروض المربع ، 1/26 .
[11]
- التعبير بلفظ (دونك) هو الصحيح لغة ؛ لأنه بمعنى (خذ) وهو الشائع عند العلماء
قديمًا وحديثًا ومن المصنفين المكثرين من ذلك في مصنفاتهم العلامة محمد الأمين
الشنقيطي في كتابه (أضواء البيان) .
أما
ما عليه كثير من المعاصرين من التعبير بلفظ (إليك) فهو خطأ شائع ؛ لأن معنى (إليك)
تنح وابتعد وهو غير مراد . فتنبه .
[12]
- انظر : الذخيرة للقرافي ، 1/238 .
[13]
- انظر : تفسير البغوي ، 5/301 ، تفسير ابن كثير ، 4/299 ؛ بداية المجتهد ، 1/30 ؛
مغني المحتاج ، 7/37 ؛ كشاف القناع ، 1/134 .
[14]
- انظر : المجموع شرح المهذب ، 2/79 .
والاستدلال
بهذه الآية إنما هو على قراءة من قرأ قوله تعالى : ) لا تضارُّ( بالرفع على الخبر
وهي قراءة أبي عمرو وابن كثير .
انظر
: فتح القدير 1/317
[15]
- قال في نيل الأوطار ، 1/259 : (والحديث يدل على أنه لا يجوز مس المصحف إلا لمن
كان طاهرًا ، ولكن الطاهر يطلق بالاشتراك على المؤمن والطاهر من الحدث الأكبر
والأصغر ، ومن ليس على بدنه نجاسة .. فمن أجاز حمل المشترك على جميع معانيه حمله
عليها هنا )
[16]
- 3/485 .
[17]
- 1/122 .
[18]
- 1/87 .
[19]
- 1/277 .
[20]
- التلخيص الحبير ، 1/131 .
[21]
- 1/121 .
[22]
- 1/276 .
[23]
- المنتقى للمجد ابن تيمية ، 1/127 .
[24]
- التلخيص الحبير ، 1/131 .
[25]
- 1/268 .
[26]
- ص ، 212 .
[27]
- 1/277 .
[28]
- 1/341 .
[29]
- 1/343 .
[30]
- ص ، 212 .
[31]
- 2/161 .
[32]
- 1/397 .
[33]
- 1/121 .
[34]
- 1/88 .
[35]
- 1/186 .
[36]
- التبيان لابن القيم ، 1/409 ، إرواء الغليل ، 1/161 .
[37]
- انظر : المستدرك 1/397 ، نيل الاوطار ، 1/259 .
[38]
- الاستذكار ، 8/10 .
[39]
- شرح العمدة ، 1/382 .
[40]
- انظر : المغني ، 1/147 ، المجموع للنووي ، 2/80 ، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ،
21/266 .
[41]
- إظهار الحق المبين ، ص ، 17 .
[42]
- 1/123 وقال في التعليق المغني على سنن الدارقطني : الحديث أخرجه أبو يعلى
الموصلي في مسنده مطولاً . قال المؤلف : تفرد به القاسم بن عثمان وليس بالقوي.
وقال البخاري : له أحاديث لا يتابع عليها .
[43]
- في السنن الكبرى ، 1/88 .
[44]
- مصنف ابن أبي شيبة ، 1/103 ؛ سنن الدارقطني ، 1/123 وقال في التعليق المغني على
سنن الدارقطــــــني : هذا إســـــناد صحيح موقوف على سلمان ، والسنن الكبرى
للبيهقي، 1/88، ومعرفة السنن والآثار ، 1/185، والمحلى ، 1/84 .
[45]
- معرفة السنن والآثار ، 1/185 .
[46]
- الموطأ ، 1/90،ورواه أبو داود في المصاحــــــف، ص ، 211 ، والبيهقي في السنن
الكبرى، 1/88.
قال
في إرواء الغليل ، 1/161 : (وسنده صحيح ) .
[47]
- شرح العمدة ، 1/383 .
[48]
- الجامع لأحكام القرآن ، 17/226 ، نيل الأوطار ، 1/261 .
[49]
- المغني 1/147 ، المجموع للنووي ، 1/79 ، وقالا أيضًا : وروي عن الحكم وحماد :
جواز مسه بظاهر الكف ، دون باطنه .
[50]
- وقد تقدمت الإشارة إلى أن أهل الظاهر يرون جواز مس المصحف للمحدث مطلقًا، سواء كان
حدثه أكبر أو أصغر . وانظر : المحلى ، 1/77 .
[51]
- صحيح البخاري ، 1/9 ، صحيح مسلم ، 5/165 .
[52]
- المحلى ، 1/83 .
[53]
- انظر : المجموع ، 1/79 ؛ إظهار الحق المبين ، ص ، 3 .
[54]
- انظر : المصدرين السابقين .
[55]
- انظر : بداية المجتهد ، 1/30 ؛ إظهار الحق المبين ، ص ، 3 .
[56]
- انظر : المجموع ، 1/79 ، إظهار الحق المبين ، ص ، 3 .
[57]
- انظر : المصدرين السابقين .
[58]
- انظر : المحلى ، 1/83 ، بداية المجتهد ، 1/30 .
[59]
- انظر : بداية المجتهد ، 1/30 ، شرح العمدة ، 1/384 .
[60]
- المحلى ، 1/81 .
[61]
- انظر : المحلى ، 1/83 .
[62]
- انظر : الشرح الكبير ، 1/95 ، إظهار الحق المبين ، ص ، 17 .
[63]
- فتح الباري ، 1/408 .
[64]
- انظر : المجموع شرح المهذب ، 1/80 ، إظهار الحق المبين ، ص ، 18 .
[65]
- انظر : المصدرين السابقين .
[66]
- انظر : المصدرين السابقين .
[67]
- انظر : بداية المجتهد ، 1/30 .
[68]
- انظر : المجموع شرح المهذب ، 1/80 ،
إظهار الحق المبين ، ص ، 18 .
[69]
- انظر : المصدرين السابقين . وقال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن ، 17/225 :
(وقيل : المراد بالكتاب المصحف الذي بأيدينا ، وهو الأظهر ) .
[70]
- انظر : المصدرين السابقين .
[71]
- انظر : كشاف القناع ، 1/134 .
[72]
- التبيان في أقسام القرآن، 1/402، وانظر نحوه في: البحر الرائق، 1/211 نقلاً عن
العلامة الطيبي.
[73]
- شرح العمدة ، 1/384 .
[74]
- معرفة السنن والآثار للبيهقي ، 1/187 .
[75]
- سبق تخريجه في ص ، 8 .
[76]
- أحكام القرآن ، 3/416 .
[77]
- مسائل إسحاق بن منصور ، ص ، 5 ، نقلاً عن إرواء الغليل ، 1/161 .
[78]
- التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأســــــانيد ، 17/338 ، ونقله عنه في
التبيان لابن القيم ، 1/409؛ نيل الأوطار ، 1/259 ، إظهار الحق المبين ، ص ، 20 .
[79]
- إرواء الغليل ، 1/158 ، 160-161 .
[80]
- مجموع الفتاوى ، 21/266 .
[81]
- المجموع شرح المهذب ، 2/80 .
[82]
- انظر : روضة الناظر ، 2/401 ، مذكرة أصول الفقه للشنقيطي ، ص ، 326 .
[83]
- الاستذكار ، 8/10 .
[84]
- مجموع فتاوى شيخ الإسلام 21/288 .
[85]
- حيث اختاره صاحب كتاب (إظهار الحق المبين ) وقد فرغ من تأليفه بمكة سنة 1351هـ
وذكر أن علماء المذاهب الأربعة في زمنه أجمعوا على الإفتاء به ، ص ، 19-20 ، وكذا
أفتى به سماحة مفتي المملكة العربية السعودية في زمنه العلامة الشيخ محمد بن
إبراهيم آل الشيخ كـما في مجموع الرسائل والفتاوى 2/77، وبه أفتت اللجنة الدائمة
للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة شيخنا العلامة الشيخ عبد العزيز ابن باز ، كما في
الفتاوى الصادرة عنها 4/72 وما بعدها ، وغيرهم من علماء العصر .
دراسة فقهية مقارنة
د. عمر بن محمد السبيل
أستاذ مساعد - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة أم القرى
ملخص البحث
يشتمل البحث على مقدمة ومبحثين ،
وخاتمة .
فالمقدمة في بيان سبب البحث ، ومنهجه
، أما المبحثان ؛ فالأول : في حكم الطهارة للبالغ، وقد بينت فيه إجماع العلماء على
تحريم مس المصحف لمن كان عليه حدث أكبر، ولم يخالف في ذلك إلا الظاهرية ، أما إن
كان عليه حدث أصغر ، فقد اختلف العلماء في حكم مسه للمصحف، على قولين :
الأول : أنه لا يجوز له مس القرآن .
وبه قال جمع من الصحابة ولم يعرف لهم مخالف ، وقال به كثير من التابعين ، وهو مذهب
الأئمة الأربعة .
الثاني : أنه يجوز له مس القرآن .
وبه قال بعض التابعين وهو مذهب الظاهرية . وقد ظهر لي رجحان القول الأول : لقوة
أدلته ورجحانها .
والمبحث الثاني : في حكم الطهارة
للصغير . وقد بينت فيه أنه لا يجوز تمكين الصغير غير المميز من مس المصحف ، أما
المميز فقد اختلف العلماء في حكم مسه للمصحف إذا كان محدثًا على ثلاثة أقوال :
الأول : أنه يجوز مسه للمصحف . وبه
قال الحنفية ، والمالكية ، والشافعية في الصحيح من مذاهبهم ، وبه قال الحنابلة في
رواية .
والثاني : أنه يكره له مسه . كراهية
تنزيه ، وهو قول للحنفية ، والمالكية .
الثالث : أنه يحرم عليه مسه . وهو
قول للشافعية، والصحيح عند الحنابلة.
وقد ظهر لي رجحان القول الأول ؛ لقوة
أدلته ، ورجحانها .
وأما الخاتمة فقد اشتملت على أهم
نتائج البحث .
المقدمـة
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله
وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد : فإن العناية بكتاب الله
الكريم ، وما يتعلق به من المعاني والأحكام من أفضل أنواع العلم الشرعي وأجله ،
لشرف موضوعه ؛ لأنه يتعلق بأشرف كلام ، وأعظم كتاب ، ولذا رأيت أن أسهم بجهدي
المتواضع في بيان حكم مسألة من المسائل المتعلقة به في هذا البحث الذي عنونت له بـ
(حكم الطهارة لمس القرآن الكريم)([1])
مجليًا آراء العلماء في هذه المسألة ، على سبيل الإيضاح والتفصيل ، لأنني لم أقف
على مؤلَّفٍ مستقل([2]) عني
ببيان أحكام هذه المسألة على التفصيل الذي ذكرته ، والنهج الذي سلكته ، وقد انتظم
هذا البحث في مقدمة ومبحثين وخاتمة .
وقد سلكت في هذا البحث المسلك العلمي
المتبع في بحث المسائل الشرعية بحثًا فقهيًا مقارنًا، بذكر آراء العلماء وأدلتهم،
ومناقشة ما يحتاج منها إلى مناقشة، مع بيان الراجح من تلك الآراء ، مبينًا وجه
الترجيح .
فأسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل
خالصًا لوجهه الكريم، وزلفى لديه إلى جنات النعيم ، وهو حسبنا ونعم الوكيل ، وصلى
الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
المبحث الأول : حكم الطهارة للبالغ
أجمع العلماء على أنه لا يجوز للمحدث
حدثًا أكبر أن يمس المصحف وخالف في ذلك داود لظاهري([3])
وتابعه على القول به أهل الظاهر([4]).
أما المحدث حدثًا أصغر؛ فقد اختلف
العلماء في حكم مسه للمصحف على قولين :
القول الأول
: أنه لا يجــــوز للمحـــدث حدثًا أصغر أن يمس المصحف كله أو بعضه .
وبهذا قال من الصحابة : علي بن أبي
طالب ، وعبد الله بن مسعود ، وسعد ابن أبي وقاص ، وعبد الله بن عمر، وسعيد بن زيد،
وسلمان الفارسي، وغيرهم .
وقال به من التابعين : عطاء بن أبي
رباح ، وابن شهاب الزهري ، والحسن البصري ، وطاووس بن كيسـان ، وسـالم بن عبد الله
بن عمر ، والنخعي([5]) ،
والفقهاء السبعة ([6]) .
وهو قول المذاهب الأربعة: الحنفية ([7])،
والمالكية ([8])،
والشافعية ([9])،
والحنابلة ([10]) .
واستدلوا على ما ذهبوا إليه بالكتاب
والسنة ، وإجماع الصحابة ودونك([11])
أدلتهم بالتفصيل :
أولاً : الكتاب :
استدلوا من الكتاب بقول الله عز وجل (
إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين )
[الواقعة77-80] .
وجه الدلالة :
أن الله عز وجل أخبر أن هذا القرآن
الكريم لا يمسه إلا المطهرون إجلالاً له وتعظيمًا ، وجاء الإخبار في الآية بصيغة
الحصر فاقتضى ذلك حصر الجواز في المطهرين ، وعموم سلبه في غيرهم([12])،
والمراد بالمطهرين ؛ المطهرون من الأحداث والأنجاس من بني آدم. والآية وإن كان
لفظها لفظ الخبر، إلا أنه خبر تضمن نهيًا([13]).
فهو نظير قوله تعالى: ) لا تضار والدة بولدها ([البقرة 233] فإنه خبر تضمن نهيًا ،
فدل ذلك على اشتراط الطهارة لمس المصحف([14])
.
ثانيًا : من السنة
:
استدلوا من السنة بعدد من الأحاديث ،
ورد فيها النهي عن مس المصحف لغير طاهر ، وأن المراد بالطاهر الطاهرُ من الحدث
الأكبر والأصغر، ومن النجاسة الحسية والمعنوية([15])
، ومن هذه الأحاديث :
1 – عن حكيم بن حزام _رضي الله عنه-
قال : (لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قال : (لا تمس القرآن
إلا وأنت طاهر) .
رواه الحاكم في المستدرك([16])
، وقال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي ، ورواه الدارقطني في سننه([17])
، والبيهقي في السنن الكبرى([18]).
قال في مجمع الزوائد : (رواه
الطبراني في الكبير والأوســـط ، وفيه ســـويد أبو حاتم ضعفـه النســـائي ، وابن
معين في رواية ، ووثقـه في روايـــــة، وقال أبو زرعة : ليس بالقوي ، حديثه حديث
أهل الصدق) ([19]) .
وقال ابن حجر : (وحسَّن الحازمي
إسناده) ([20]) .
2 – عن عبد الله بن عمر –رضي الله
عنه- قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يمس القرآن إلا طاهر ) . رواه
الدارقطني في سننه([21])،
وقال في مجمع الزوائد: (رواه الطبراني في الكبير ، والصغير ، ورجاله موثقون) ([22])
.
قال الأثرم : (واحتج أبو عبد الله
يعني أحمد بحديث ابن عمر) ([23])
وقال ابن حجروإسناده لا بأس به،ذكر
الأثرم أن أحمد احتج به)([24])
ونقل في إعلاء السنن([25])
: تصحيح إسناده عن بعض أهل العلم .
3 – عن عثمان بن أبي العاص قال :
(وفدنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدوني أفضلهم أخذًا للقرآن ، وقد
فضلتهم بسورة البقرة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد أمرتك على أصحابك وأنت
أصغرهم ، ولا تمس القرآن إلا وأنت طاهر).
رواه أبو داود في المصاحف([26])
، وقال في مجمع الزوائـد : (رواه الطبراني في الكبير في جملة حديث طويل ... وفيه
إسماعيل بن رافع ضعفه يحيى بن معين ، والنسائي وقال البخاري : ثقة مقارب) ([27])
.
4 – عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد
بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده قال: كان في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو
بن حزم : ( لا يمس القرآن إلا على طهر).
رواه عبد الرزاق في مصنفه ([28])
، ومالك في الموطأ ([29])
، وأبو داود في المصاحف([30])
والدارمي في سننه ([31])
، والحاكم في مستدركه ([32])،
والدارقطني في سننه([33])
، وقال: (مرسل ورواته ثقات)، والبيهقي في السنن الكبرى([34])،
وفي معرفة السنن والآثار([35])
.
قال البغوي : سمعت أحمد بن حنبل ،
وسئل عن هذا الحديث فقال : أرجو أن يكون صحيحًا) .
وقال أيضًا : (لا أشك أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم كتبه ) ([36])
.
وقال يعقوب بن سفيان : لا أعلم
كتابًا أصح من هذا الكتاب ، فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين
يرجعون إليه ويدعون رأيهم .
وقال الحاكم : قد شهد عمر بن عبد
العزيز ، والزهري لهذا الكتاب بالصحة([37]).
وقال الإمام ابن عبد البر : (وكتاب
عمرو بن حزم هذا تلقاه العلماء بالقبول والعمل، وهو عندهم أشهر وأظهر من الإسناد
الواحد المتصل)([38]).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية وهو كتاب
مشهور عند أهل العلم)([39]).
ثالثًا : الإجماع
:
أجمع الصحابة - رضوان الله عليهم- على
القول بعدم جواز مس المحدث المصحف ، حيث روي ذلك عمن تقدم ذكرهم من فقهاء الصحابة
ومشاهيرهم، ولم يعرف لهم في عصرهم مخالف([40])،
فكان إجماعًا سكوتيًا([41])،
بل كان ذلك هو المستقر عند الصحابة زمن النبوة وبعده ويدل عليه قصة إسلام عمر ،
فإنه حين دخل على أخته وزوجها وهم يقرؤن القرآن فقال : أعطوني الكتاب الذي عندكم
أقرؤه ، فقالت له أخته : إنك رجس ، ولا يمسه إلا المطهرون ، فقم واغتسـل، أو توضأ،
فقام عمر فتوضأ،ثم أخذ الكتاب ، فقرأ طه) رواه الدارقطني ([42])،
والبيهقي([43]).
وروي عن علقمة قال : كنا مع سلمان
الفارسي في سفر ، فقضى حاجته، فقلنا له : توضأ حتى نسألك عن آية من القرآن ، فقال
: سلوني ، فإني لست أمسه ، فقرأ علينا ما أردنا ، ولم يكن بيننا وبينه ماء) وفي
لفظ آخر أنه قال : (سلوني فإني لا أمسه ، إنه لا يمسه إلا المطهرون ) ([44])
.
قال البيهقي بعد روايته هذا الأثر :
(وكأنهم ذهبوا – القائلون بعدم جواز مس المصحف – في تأويل الآية إلى ما ذهب إليه
سلمان ، وعلى ذلك حملته أخت عمر ابن الخطاب في قصة إسلامه) ([45])
.
وروى الإمام مالك بسنده عن مصعب بن
سعد بن أبي وقاص أنه قال : كنت أمسك المصحف على سعد بن أبي وقاص فاحتككت ، فقال
سعد : لعلك مسست ذكرك ؟ قال : قلت : نعم ، فقال : قم فتوضأ ، فقمت فتوضأت ثم رجعت
)([46])
.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد سوقه
لهذه الآثار وغيرها : (وكذلك جاء عن خلق من التابعين من غير خلاف يعرف عن الصحابة
والتابعين وهذا يدل على أن ذلك كان معروفًا بينهم )([47])
.
القول
الثاني : أنه يجوز للمحدث حدثًا أصغر مس المصحف.
روي القول بهذا عن: ابن عباس ،
والشعبي ، والضحاك([48])،
والحكم ابن عتيبة، وحماد بن أبي سليمان، وداود الظاهري([49])،
وهو مذهب الظاهرية([50]).
واستدلوا على ما
ذهبوا إليه بما يأتي :
1 – ما ثبت في الصحيحين ([51])
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث دحية الكلبي إلى هرقــل عظيـــم الـروم بكتاب
يدعـوه فيه للإســــــلام ، وفيه قــــول الله تعالى : ) يا أهل الكتاب تعالوا إلى
كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ولا يتخذ بعضنا
بعضًا أربابًا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون( [ آل عمران 64].
قال ابن حزم : فهذا رسول الله صلى
الله عليه وسلم قد بعث كتابًا وفيه هذه الآية إلى النصارى، وقد أيقن أنهم يمسون
ذلك الكتاب ([52]). فإذا
جاز مس الكافر له ؛ جاز للمسلم المحدث من باب أولى([53])
.
2 – أنه لم يثبت النهي عن مس المصحف
لا في الكتاب ، ولا في السنة فيبقى الحكم على البراءة الأصلية، وهي الإباحة([54]).
3 – ولأن قراءة القرآن لا تحرم على
المحدث،فيكون المس أولى بعدم التحريم([55]).
4 – ولأن حمل المصحف في متاع ونحوه
لا يحرم على المحدث ، فكذلك المس قياسًا عليه([56])
.
5 – ولأن الصبيان يحملون ألواح
القرآن وهم محدثون من غير نكير في جميع العصور ، فدل على إباحة مسه لكل محدث ([57])
.
الإجابة عن أدلة
القول الأول :
أجاب القائلون بعدم تحريم مس المصحف
على المحدث عن أدلة الجمهور القائلين بتحريم مس المصحف بما يأتي :
1 – أن قـوله تعالى : ) لا يمسه إلا
المطهرون ( خبر ، وليس بأمر بدليل: رفع السين في قوله سبحانه : ) لا يمسه ( ولو
كان نهيًا لفــتح السين فلا يــجوز أن يصــرف لفـظ الخبر إلى معنى الأمر إلا بنص
جلي ، أو إجماع متيقن ، ولم يثبت شيء من ذلك .
ولأن المصحف يمسه الطاهر ، وغير
الطاهر ، فدل على أن الله عز وجل لم يعن بالمصحف المذكور في الآية هذا الذي بأيدي
الناس ، وإنما عني كتابًا آخر ، وهو الذي في السماء ([58])
.
كما أن المراد بالمطهرين في الآية
الملائكة لأنهم طهروا من الشرك والذنوب، وليسوا بني آدم ؛ لأن المطهر من طهره غيره
، ولو أريد بهم بنوا آدم لقيل : المتطهرون([59]).
2 – أن الأحاديث التي استدل بها على
تحريم مس المصحف على المحدث كلها ضعيفة ، ولا يخلوا إسناد واحد منها من قدح وعلة ،
فلا تقوم بها حجة ، ولا تصلح للاحتجاج ، قال ابن حزم : (فإن الآثار التي احتج بها
من لم يجز للجنب مسه ، فإنه لا يصح منها شيء ، لأنها إما مرسلة، وإما ضعيفة لا
تسند، وإما عن مجهول ، وإما عن ضعيف ، وقد تقصيناها في غير هذا المكان) ([60])
.
3 – أن دعوى الإجماع غير متيقن ،
بدليل وجود المخالف من التابعين ومن بعدهم([61])
.
الإجابة عن أدلة
القول الثاني :
أجاب الجمهور القائلون بعدم جواز مس
المصحف للمحدث عن أدلة القائلـين بالجواز بما يأتي :
1 – أجيب عن الدليل الأول : بأن
الحديث إنما يدل على جواز مس الرسالة أو الكتاب إذا تضمن آية من القـرآن
ونحوهــــا ، ومثل هذا لا يسمى مصحفًا ولا تثبت له حرمته ، وذكر الآيتين في الكتاب
إنما قصد بها تبليغ الدعوة فيختص الجواز بمثل ذلك ([62]).
قال الحافظ ابن حجر : (إن الكتاب
اشتمل على أشياء غير الآيتين ، فأشبه ما لو ذكر بعض القرآن في كتاب في الفقه أو
التفسير ، فإنه لا يمنع قراءته ولا مسه عند الجمهور ؛ لأنه لا يقصد منه التلاوة ،
ونص أحمد : أنه يجوز مثل ذلك في المكاتبة لمصلحة التبليغ وقال به كثير من الشافعية
، ومنهم من خص الجواز بالقليـل كالآية والآيتين ) ([63]).
2 – وأجيب عن الدليل الثاني : بعدم
التسليم بأنه لم يرد في الكتـاب ولا في السنة ما يدل على تحريم المس ، بل ورد
فيهما ما يدل على ذلك كما سبق ذكره في أدلة الجمهور ، فلا يبقى الحكم على البراءة
الأصلية ، لثبوت الدليل الناقل استنباطًا من القرآن ، ونصًا من السنة الصحيحة .
3 – وأجيب عن الدليل الثالث : بأن
القراءة على غير طهارة إنما أبيحت للمحدث حدثًا أصغر للحاجة ، ولعسر الوضوء
للقراءة كل وقت ، وإذا حصلت المشقة جاء التيسير ؛ لأن المشقة تجلب التيسير([64]).
4 – وأجيب عن الدليل الرابع : بأن
قياس مس المصحف على حمله في المتاع قياس مع الفارق ؛ لأن الحامل له في متاعه لا
يباشر مسه ؛ ولأنه غير مقصود بالحمل بخلاف حمله وحده فإنه مقصود لذاته([65]).
5 – وأجيب عن الدليل الخامس: بأن
الألواح التي يحملها الصغار وهم محدثـون لا تسمى مصحفًا؛ إذ لا يكتب فيها إلا شيء
يسير من القرآن تقتضيها ضرورة التعليم([66])
ولأنهم غير مكلفين([67]).
الإجابة عن اعتراض القائلين بالجواز
على أدلة المانعين :
أجاب جمهور العلماء عن اعتراض
القائلين بجواز مس المحدث المصحف على أدلة التحريم بما يأتي :
أولاً : أنا نمنع أن قوله سبحانه : )
لا يمسه ( خبر فقط ورفع السين فيه لا ينـفي إرادة النهي ، بل هو خبر تضمن نهيًا ؛
لأن خبر الله لا يكون خلافه، وقد وجد من يمس المصحف على غير طهارة ، فتبين بهذا أن
المراد النهي ، وليس الخبر، وقــــد ورد مثــل هذا كثــير في الكتاب والســــنة ،
ومنه قولـــه عز وجل : ) لا تضار والدة بولدها ([البقرة233] فإنه خبر تضمن نهيًا ،
ومنه في السنة قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يبيع أحدكم على بيع أخيه ) بإثبات
الياء، فإنه خبر تضمن نهيًا([68]).
وأما القول بأن الضمير في قوله
سبحانه : ) لا يمسه ( إنما يعود على الكتاب الذي في السماء وهو اللوح المحفوظ، لا
على المصحف الذي بأيدي الناس، فالجواب : أن قولــــه سبحانه : ) تنزيل من رب
العالمـــين( بعد قوله سبحانه : )لا يمسه إلا المطهرون ( فيه دلالة ظاهرة على
إرادة المصحف الذي بأيدي الناس، فلا يحمل على غيره إلا بدليل صحيح صريح([69])
.
كما أن القول بأن المراد بـ المطهرين
في الآية هم الملائكة وليسوا بني آدم؛ لأن المطهرين هم الذين طهرهم غيرهم ، وأنه
لو أريد بهم بنو آدم لقيل(المتطهرون).
فالجواب : أن المتوضئ يطلق عليه طاهر
ومتطهر، وهذا سائغ لغة ([70]).
ومع التسليم بأن المراد بـالمطهرين
الملائكة كما هو قول جمهور المفسرين، فإنه يمكن الاستدلال بالآية بقيـاس بنــي آدم
على الملائكة ([71]) ، أو
كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية (من باب التنبيه والإشارة ؛ لأنه إذا كانت الصحف
التي في السماء لا يمسها إلا المطهرون ، فكذلك الصحف التي بأيدينا من القرآن لا
ينبغي أن يمسها إلا طاهر ، والحديث مشتق من هذه الآية) ([72]).
وقال أيضًا : (الوجه في هذا والله
أعلم أن الذي في اللوح المحـفوظ هو القرآن الذي في المصحف كما أن الذي في هذا
المصحف هو الذي في هذا المصحف بعينه سواء كان المحل ورقًا أو أديمًا أو حجرًا أو
لحافًا ، فإذا كان مِنْ حكم الكتاب الذي في السماء أن لا يمسه إلا المطهرون وجب أن
يكون الكتاب الذي في الأرض كذلك ؛ لأن حرمته كحرمته ، أو يكون الكتاب اسم جنس يعم
كل ما فيه القرآن سواء كان في السـماء أو الأرض ، وقد أوحـــى إلى ذلك قوله تعالى
: )رسول من الله يتلو صحفًا مطهرة فيها كتب قيمة( [البينة2-3]، وكذلك قوله تعالى:
)في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة( [عبس 13-14] فوصفها أنها مطهرة فلا يصلح للمحدث
مسها)([73])
.
وقال أبو عبد الله الحَلِيمِي
الشافعي : (إن الملائكة إنما وصلت إلى مس ذلك الكتاب ؛ لأنهم مطهرون ، والمطهر هو
الميسر للعبادة ، والمرضي لها ، فثبت أن المطهر من الناس هو الذي ينبغي له أن يمس
المصحف ، والمحدث ليس كذلك ؛ لأنه ممنوع عن الصلاة والطواف ، والجنب والحائض
ممنوعان عنهما ، وعن قراءة القرآن فلم يكن لهم حمل المصحف ولا مسه ) ([74])
.
وقال الجصاص : ( إن حُمِلَ –لفظ
الآية – على النهي وإن كان في صورة الخبر كان عمومًا فينا ، وهذا أولى ، لما روي
عن النبي صلى الله عليه وسلم في أخبار متظاهرة أنه كتب في كتابه لعمرو بن حزم :
(ولا يمس القرآن إلا طاهر) ([75])
فوجب أن يكون نهيه ذلك بالآية إذ فيه احتمال له ) ([76])
.
ثانيًا:أن دعوى عدم صحة الأحاديث،
وأنها لا تصلح للاحتجاج بها والعمل بها غير مسلم ، فإن تلك الأحاديث التي استدل
بها الجمهور على تحريم مس المصحف على المحدث وإن كان لا يخلو إسناد كل واحد منها
من مقال إلا أنها بمجموع طرقها ترقى في أقل أحوالها إلى درجة الحسن، فصلح الاحتجاج
بها، ووجب العمل بها ، كما قال ذلك عدد من أئمة الحديث المشهورين كما تقدم نقل
كلام بعضهم .
ومن ذلك أيضًا أن الإمام أحمد وإسحاق
بن راهويه احتجا بهذا الحديث ، وصرح إسحاق بن راهويه بصحته ، فقد قال إسحاق بن
منصور المروزي في مسائله عنهما : (قلت –يعني لأحمد- هل يقرأ الرجل على غير وضوء ؟
قال : نعم، ولكن لا يقرأ في المصحف ما لم يتوضأ ، قال إسحاق – يعني ابن راهويه -
كما قال ، لما صح من قول النبي عليه الصــلاة والســــلام : (لا يمس القرآن إلا
طاهر) وكذلك فعل أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام والتابعون ) ([77]).
وقال الإمام ابن عبد البر : (لا خلاف
عن مالك في إرسال هذا الحديث بهذا الإسناد ، وقد روي مسندًا من وجه صالح ، وهو
كتاب مشهور عند أهل السير ، معروف ما فيه عند أهل العلم معرفة يستغنى بشهرتها عن
الإسناد ؛ لأنه أشبه المتواتر في مجيئــه لتلــقي الناس له بالقبـول
والمعرفــــــة …وما فيه فمتفق عليه إلا قليلاً)([78])
.
وقال الألبانـــــي : (صحيح . روي من
حديـــث عمرو بن حزم ، وحكيم ابن حزام، وابن عمر ، وعثمان بن أبي العاص) ثم ساق
أسانيد كل واحد منها ثم قال : (وجملة القول : أن الحديث طرقه كلها لا تخلو من ضعف
، ولكنه ضعف يسير ، إذ ليس في شيء منها من اتهــــم بكذب ، وإنما العلة الإرسـال ،
أو سوء الحفظ ، ومن المقرر في علم المصطلح أن الطرق يقوي بعضها بعضًا إذا لم يكن
فيها متهم ، كما قرره النووي في تقريبه ، ثم السيوطي في شرحه ، وعليه فالنفس تطمئن
لصحة هذا الحديث ، لا سيما وقد احتج به إمام السنة أحمد بن حنبل … وصححه أيضًا صاحبه
الإمام إسحاق بن راهويه) ([79]).
ثالثًا : وأما دعوى عدم ثبوت إجماع
الصحابة فغير مسلم ، لثبوت ذلك الحكم عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم زمن النبوة
وبعده ، ولم يعرف لهم في عصرهم مخالف ، فكان ذلك منهم إجماعًا سكوتيًا على تحريم
مس المصحف. قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (وهو قول سلمان الفارسي ، وعبد الله بن
عمر ، وغيرهما ، ولا يعلم لهما من الصحابة مخالف) ([80])
.
وقال الإمام النووي : (إنه قول علي
وسعد بن أبي وقاص وابن عمر رضي الله عنهم ، ولم يعرف لهم مخالف من الصحابة ) ([81])
فلا عبرة بالمخالف للصحابة، ولا اعتداد بقوله ، فهم أعلم الأمة ، وأعدلها وأوثقها
وقولها أقرب إلى الحق والصواب ممن سواهم .
الترجيح :
بعد بيان قولي العلماء في حكم مس
المحدث حدثًا أصغر للمصحف وأدلة كل قول ، وما أورد عليها من اعتراضات ، والإجابة
عما اعتُرض به على قول الجمهور، ظهر لي رجحان ما ذهب إليه جمهور العلماء من القول
بتحريم مس المصحف على المحدث حدثًا أصغر لما يأتي :
1 – قوة ما استدلوا به من الأدلة على
ما ذهبوا إليه .
2 – ضعف أدلة المخالف ، والرد عليها
، وبيان وجه ضعفها .
3 – أن القول بتحريم المس ناقل عن
الأصل ، وقد ذهب أكثر الأصوليين إلى أن الدليل الناقل عن الأصل مقدم على الدليل
المبقي على البراءة الأصلية([82]).
4 – أن القول بالتحريم أحوط للعبادة
، وأبرأ للذمة ، فالقول به أولى.
5 – أن القول بالتحريم هو الموافق
لتكريم القرآن وتعظيمه ، فإن الله عز وجل وصف القرآن بأنه كريم وأنه لا يمسه إلا
المطهرون ، فعظمه الله تعالى وكرمه ، فالأليق بتعظيمه والأنسب لإجلاله وتكريمه أن
لا يُمس إلا على طهارة كاملة ، لأن مسه بغير طهارة مخل بتعظيمه وتكريمه .
6 – أن القول بالتحريم هو المنقول عن
الصحابة زمن النبوة وبعدها ، من غير خلاف بينهم ، ولذا قال به أئمة المذاهب
الأربعة وغيرهم ، وجماهير أهل العلم حتى قال ابن عبد البر (أجمع فقهاء الأمصار
الذين تدور عليهم الفتوى وعلى أصحابهم بأن المصحف لا يمسه إلا طاهر)([83])
.
وقال شيخ الإسـلام ابن تيمية : ( وأما
مس المصحف فالصحيح أنه يجب له الوضوء كقول الجمهـور وهذا هو المعروف عن الصحابة
سـعد وسلمان وابن عمر) ([84])
فدل ذلك على عدم الاعتبار للمخالفين ، وعدم الاعتداد بقولهم لضعف أدلتهم .
فحسْب المسلم ما أجمع عليه الصحابة ،
وأفتى به أئمة التابعين ، واختاره من بعدهم من أئمة الإسلام المجتهدين في العصور
المفضلة وما بعدها إلى يومنا هذا، حيث هو القول المختار المفتى به عند المحققين من
علماء العصر وفقهائه([85])
.
[1]
- آثرت التعبير بـ ( مس القرآن الكريم) على التعبير بـ (مس المصحف) رغم أنه
التعبير الغالب عند كثير من العلماء والمصنفين وذلك موافقة للأحاديث الكثيرة والتي
ورد فيها النهي عن مس القرآن ، واتباعًا لاختيار بعض العلماء التعبير بهذا ، كابن
نجيم الحنفي في البحر الرائق، 1/211 .
[2]
- لا في القديم ولا في الحديث،سوى رسالة ألفها الشيخ/محمد بن علي بن حسين المالكي
المتوفى سنة (1368هـ) بعنوان : (إظهار الحق المبين بتأييد إجماع الأئمة الأربعة
على تحريم مس وحمل القرآن الكريم لغير المتطهرين) .
[3]
- الإفصاح ، 1/76؛ المغني ، /147، رحمة الأمة،ص، 21؛ نيل الأوطار، 1/260، موسوعة
الإجماع ، 2/878 .
[4]
- المحلى ، 1/77 .
[5]
- انظر : مصنـــــف عبد الـــــرزاق ، 1/341 ؛ الجامــــع لأحكام القرآن 17/626 ؛
المغني ، 1/147.
[6]
- السنن الكبرى للبيهقي ، 1/88 ، معرفة السنن والآثار للبيهقي ، 1/185 .
وقد ذكر
الإمام ابن القيم في إعلام الموقعين 1/23 الفقهاء السبعة وعدَّدَهم بقوله : (وكان
المُفْتُون بالمدينة من التابعين : ابن المسيب ، وعروة بن الزبير ، والقاسم بن
محمد ، وخارجة بن زيد، وأبا بكر بن عبد الرحمن بن حارث بن هشام، وسليمان بن يسار،
وعبيد الله بن عبد الله ابن عتبة بن مسعود ، وهؤلاء هم الفقهاء وقد نظمهم القائل
فقال :
إذا قيل
من في العلم ســبعة أبحر روايتهم ليست عن العلم خارجــة
فقل هم
عبيد الله عروة قاســـم سعيد أبو بكر سليمان خارجة) اهـ
وقد
ذكر ابن كثير في البداية والنهاية، 9/108أن أكثرهم توفي سنة 94هـ ولذا سميت تلك
السنة بـ(سنة الفقهاء) .
[7]
- الهداية ، 1/31 ؛ مجمع الأنهر ، 1/25 ؛ البحر الرائق ، 1/211 .
[8]
- المعونة ، 1/160 ؛ عقد الجواهر ، 1/62 ، الخرشي على خليل ، 1/160 إلا أن
المالكية ذهبوا إلى جواز مسه للمعلم والمتعلم إذا كان حدثه أصغر لمشقة الاستمرار
على الطهارة ، وكذا المرأة الحائض يجوز لها المس ؛ لضرورة التعليم بخلاف الجنب
لقدرته على إزالة المانع . انظر : الشرح الصغير ، 1/222 ، الشرح الكبير ، 1/126.
[9]
- المهذب ، 1/32 ؛ روضة الطالبين ، 1/190 ؛ مغني المحتاج ، 1/36 .
[10]
- المقنع ، 1/56 ، منتهى الإرادات ، 1/27 ، الروض المربع ، 1/26 .
[11]
- التعبير بلفظ (دونك) هو الصحيح لغة ؛ لأنه بمعنى (خذ) وهو الشائع عند العلماء
قديمًا وحديثًا ومن المصنفين المكثرين من ذلك في مصنفاتهم العلامة محمد الأمين
الشنقيطي في كتابه (أضواء البيان) .
أما
ما عليه كثير من المعاصرين من التعبير بلفظ (إليك) فهو خطأ شائع ؛ لأن معنى (إليك)
تنح وابتعد وهو غير مراد . فتنبه .
[12]
- انظر : الذخيرة للقرافي ، 1/238 .
[13]
- انظر : تفسير البغوي ، 5/301 ، تفسير ابن كثير ، 4/299 ؛ بداية المجتهد ، 1/30 ؛
مغني المحتاج ، 7/37 ؛ كشاف القناع ، 1/134 .
[14]
- انظر : المجموع شرح المهذب ، 2/79 .
والاستدلال
بهذه الآية إنما هو على قراءة من قرأ قوله تعالى : ) لا تضارُّ( بالرفع على الخبر
وهي قراءة أبي عمرو وابن كثير .
انظر
: فتح القدير 1/317
[15]
- قال في نيل الأوطار ، 1/259 : (والحديث يدل على أنه لا يجوز مس المصحف إلا لمن
كان طاهرًا ، ولكن الطاهر يطلق بالاشتراك على المؤمن والطاهر من الحدث الأكبر
والأصغر ، ومن ليس على بدنه نجاسة .. فمن أجاز حمل المشترك على جميع معانيه حمله
عليها هنا )
[16]
- 3/485 .
[17]
- 1/122 .
[18]
- 1/87 .
[19]
- 1/277 .
[20]
- التلخيص الحبير ، 1/131 .
[21]
- 1/121 .
[22]
- 1/276 .
[23]
- المنتقى للمجد ابن تيمية ، 1/127 .
[24]
- التلخيص الحبير ، 1/131 .
[25]
- 1/268 .
[26]
- ص ، 212 .
[27]
- 1/277 .
[28]
- 1/341 .
[29]
- 1/343 .
[30]
- ص ، 212 .
[31]
- 2/161 .
[32]
- 1/397 .
[33]
- 1/121 .
[34]
- 1/88 .
[35]
- 1/186 .
[36]
- التبيان لابن القيم ، 1/409 ، إرواء الغليل ، 1/161 .
[37]
- انظر : المستدرك 1/397 ، نيل الاوطار ، 1/259 .
[38]
- الاستذكار ، 8/10 .
[39]
- شرح العمدة ، 1/382 .
[40]
- انظر : المغني ، 1/147 ، المجموع للنووي ، 2/80 ، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ،
21/266 .
[41]
- إظهار الحق المبين ، ص ، 17 .
[42]
- 1/123 وقال في التعليق المغني على سنن الدارقطني : الحديث أخرجه أبو يعلى
الموصلي في مسنده مطولاً . قال المؤلف : تفرد به القاسم بن عثمان وليس بالقوي.
وقال البخاري : له أحاديث لا يتابع عليها .
[43]
- في السنن الكبرى ، 1/88 .
[44]
- مصنف ابن أبي شيبة ، 1/103 ؛ سنن الدارقطني ، 1/123 وقال في التعليق المغني على
سنن الدارقطــــــني : هذا إســـــناد صحيح موقوف على سلمان ، والسنن الكبرى
للبيهقي، 1/88، ومعرفة السنن والآثار ، 1/185، والمحلى ، 1/84 .
[45]
- معرفة السنن والآثار ، 1/185 .
[46]
- الموطأ ، 1/90،ورواه أبو داود في المصاحــــــف، ص ، 211 ، والبيهقي في السنن
الكبرى، 1/88.
قال
في إرواء الغليل ، 1/161 : (وسنده صحيح ) .
[47]
- شرح العمدة ، 1/383 .
[48]
- الجامع لأحكام القرآن ، 17/226 ، نيل الأوطار ، 1/261 .
[49]
- المغني 1/147 ، المجموع للنووي ، 1/79 ، وقالا أيضًا : وروي عن الحكم وحماد :
جواز مسه بظاهر الكف ، دون باطنه .
[50]
- وقد تقدمت الإشارة إلى أن أهل الظاهر يرون جواز مس المصحف للمحدث مطلقًا، سواء كان
حدثه أكبر أو أصغر . وانظر : المحلى ، 1/77 .
[51]
- صحيح البخاري ، 1/9 ، صحيح مسلم ، 5/165 .
[52]
- المحلى ، 1/83 .
[53]
- انظر : المجموع ، 1/79 ؛ إظهار الحق المبين ، ص ، 3 .
[54]
- انظر : المصدرين السابقين .
[55]
- انظر : بداية المجتهد ، 1/30 ؛ إظهار الحق المبين ، ص ، 3 .
[56]
- انظر : المجموع ، 1/79 ، إظهار الحق المبين ، ص ، 3 .
[57]
- انظر : المصدرين السابقين .
[58]
- انظر : المحلى ، 1/83 ، بداية المجتهد ، 1/30 .
[59]
- انظر : بداية المجتهد ، 1/30 ، شرح العمدة ، 1/384 .
[60]
- المحلى ، 1/81 .
[61]
- انظر : المحلى ، 1/83 .
[62]
- انظر : الشرح الكبير ، 1/95 ، إظهار الحق المبين ، ص ، 17 .
[63]
- فتح الباري ، 1/408 .
[64]
- انظر : المجموع شرح المهذب ، 1/80 ، إظهار الحق المبين ، ص ، 18 .
[65]
- انظر : المصدرين السابقين .
[66]
- انظر : المصدرين السابقين .
[67]
- انظر : بداية المجتهد ، 1/30 .
[68]
- انظر : المجموع شرح المهذب ، 1/80 ،
إظهار الحق المبين ، ص ، 18 .
[69]
- انظر : المصدرين السابقين . وقال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن ، 17/225 :
(وقيل : المراد بالكتاب المصحف الذي بأيدينا ، وهو الأظهر ) .
[70]
- انظر : المصدرين السابقين .
[71]
- انظر : كشاف القناع ، 1/134 .
[72]
- التبيان في أقسام القرآن، 1/402، وانظر نحوه في: البحر الرائق، 1/211 نقلاً عن
العلامة الطيبي.
[73]
- شرح العمدة ، 1/384 .
[74]
- معرفة السنن والآثار للبيهقي ، 1/187 .
[75]
- سبق تخريجه في ص ، 8 .
[76]
- أحكام القرآن ، 3/416 .
[77]
- مسائل إسحاق بن منصور ، ص ، 5 ، نقلاً عن إرواء الغليل ، 1/161 .
[78]
- التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأســــــانيد ، 17/338 ، ونقله عنه في
التبيان لابن القيم ، 1/409؛ نيل الأوطار ، 1/259 ، إظهار الحق المبين ، ص ، 20 .
[79]
- إرواء الغليل ، 1/158 ، 160-161 .
[80]
- مجموع الفتاوى ، 21/266 .
[81]
- المجموع شرح المهذب ، 2/80 .
[82]
- انظر : روضة الناظر ، 2/401 ، مذكرة أصول الفقه للشنقيطي ، ص ، 326 .
[83]
- الاستذكار ، 8/10 .
[84]
- مجموع فتاوى شيخ الإسلام 21/288 .
[85]
- حيث اختاره صاحب كتاب (إظهار الحق المبين ) وقد فرغ من تأليفه بمكة سنة 1351هـ
وذكر أن علماء المذاهب الأربعة في زمنه أجمعوا على الإفتاء به ، ص ، 19-20 ، وكذا
أفتى به سماحة مفتي المملكة العربية السعودية في زمنه العلامة الشيخ محمد بن
إبراهيم آل الشيخ كـما في مجموع الرسائل والفتاوى 2/77، وبه أفتت اللجنة الدائمة
للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة شيخنا العلامة الشيخ عبد العزيز ابن باز ، كما في
الفتاوى الصادرة عنها 4/72 وما بعدها ، وغيرهم من علماء العصر .
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب