حواس للمحاماه

نشكركم على اختياركم لمنتدانا و نتمنى ان تقضى وقت ممتعا و يشرفنا ان تكون احد افراد اسرتنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

حواس للمحاماه

نشكركم على اختياركم لمنتدانا و نتمنى ان تقضى وقت ممتعا و يشرفنا ان تكون احد افراد اسرتنا

حواس للمحاماه

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
حواس للمحاماه

قانوني . اسلامي - برامج . صيغ - دعاوى - معلومات

انت الزائر رقم

.: عدد زوار المنتدى :.

مرحبا بالزائرين

المواضيع الأخيرة

» التفكر في الاية 42 من سورة الزمر (رقم 39)
حماية حقوق الإنسان في زمن الصراعات المسلحة I_icon_minitimeالخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود

»  "خواطر "يا حبيبتي
حماية حقوق الإنسان في زمن الصراعات المسلحة I_icon_minitimeالجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود

» خواطر "يا حياتي "
حماية حقوق الإنسان في زمن الصراعات المسلحة I_icon_minitimeالجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود

» الطريق الى الجنة
حماية حقوق الإنسان في زمن الصراعات المسلحة I_icon_minitimeالأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود

» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
حماية حقوق الإنسان في زمن الصراعات المسلحة I_icon_minitimeالأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
حماية حقوق الإنسان في زمن الصراعات المسلحة I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
حماية حقوق الإنسان في زمن الصراعات المسلحة I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
حماية حقوق الإنسان في زمن الصراعات المسلحة I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
حماية حقوق الإنسان في زمن الصراعات المسلحة I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

مرحبا بك


counter globe

الاكثر زياره


    حماية حقوق الإنسان في زمن الصراعات المسلحة

    Admin
    Admin
    Admin


    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 2987
    تاريخ الميلاد : 18/06/1970
    تاريخ التسجيل : 27/09/2009
    العمر : 53

    حماية حقوق الإنسان في زمن الصراعات المسلحة Empty حماية حقوق الإنسان في زمن الصراعات المسلحة

    مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء فبراير 09, 2010 1:53 pm

    حماية حقوق الإنسان في زمن
    الصراعات المسلحة






    إعداد





    الدكتور براء
    منذر كمال


    أستاذ القانون
    الجنائي الدولي-كلية القانون –جامعة تكريت


    Braa_munther@yahoo.com





    المقدمة


    في زمن الصراعات المسلحة تزداد انتهاكات حقوق الانسان،
    وتبدو تلك الحماية المقررة لحقوق الإنسان في زمن السلم غير كافية، بل وحتى غير
    ملائمة لاختلاف ظروف الحرب عن ظروف السلم.


    ليس هذا فحسب، بل ان الحماية المقررة في القانون الدولي
    الانساني تعود للعقود الاخيرة من القرن الـ 19 وبذلك فهي قد سبقت الحماية المقررة
    لحقوق الانسان في زمن السلم والتي لم تشرع دولياً، الا في عام 1948 بإصدار الاعلان
    العالمي لحقوق الانسان.


    وسبب هذه الاسبقية معروف، ذلك ان ما ينجم عن الحروب من
    مآسي وكوارث واصابات وضحايا تعد ارهاصات تشكل الحاحاً على الضمير الانساني اخطر من
    الانتهاكات التي تقع في زمن السلم، لان اثار الدماء والحرائق والخرائب تكون اثقل
    على النفس البشرية من الانتهاكات ذات الاثار الاعتبارية او تلك المقيدة للحرية او
    المسيئة للكرامة الانسانية.


    من هذا المنطلق سنحاول أن نستعرض الحماية المقررة لحقوق
    الانسان في القانون الانساني ثم تلك المقررة في قانون حقوق الانسان لنصل الى
    الاجابة حول علاقة القانونين ببعضهما وهل هناك اية روابط بينهما وهل ان الحماية في
    زمن الحرب تكون قاصرة على القواعد المقررة في القانون الدولي الانساني، ام ان
    احكام حقوق الانسان المقررة في قانون حقوق الانسان تسري ايضاً في زمن الحرب والاهم
    من هذا وذاك هل ان في قواعد القانون الانساني نقصاً يحتاج معه الى ضرورة تدخل
    قانون حقوق الانسان لاكماله وهل هناك بعض التباين بين القانونيين هذا ما سنراه في
    الفصلين الاتيين.


    الفصل الأول


    الحماية
    المقررة في القانون الدولي الانساني



    يشير البعض الى حقيقة مخيفة وهي "أن الأصل في
    العلاقات الدولية على ما يبدو هو الحروب والاختصام وليس الوئام والسلام"(1).


    ولا شك انه على الرغم بشاعة الحروب فان البشرية لم تخل
    وعلى مر العصور من دعاة لسلام وصالحين ومفكرين كانوا ينادون ليس فقط بتخفيف معاناة
    الضحايا بل كانوا ينادون بوقف الحروب وويلاتها ومع هذا فالحرب لم تتوقف، ولا يمر
    قرن من الزمان حتى نشاهد حرائق الحروب وويلاتيها شاخصة كجزء من الطبيعة البشرية،
    ولهذا واذا كان ايقاف الحروب بشكل مطلق حلم يصعب تحقيقه فانه من غير الممكن ان
    تترك هذه الامور المأساوية على عواهنها ودون منطق ودون تنظيم او قيد.


    ولهذا كان دائماً هناك من ينادي بضرورة تنظيم الحروب للحد
    من ويلاتها او على الاقل التخفيف منها.


    وكان المسلمون في طليعة الامم التي نظمت الحروب على قواعد
    الرحمة والانسانية، اذا نظر المسلمون للحرب كضرورة مفروضة ولا يلجأ الى القتال الا
    لضرورة دفع العدوان ولا ينبغي الاستمرارية في النزاع ان لاحت بوادر السلام. ولعل
    الوصية التي اوصى بها الخليفة الراشد ابو بكر الصديقق ائد جيشه اسامة بن زيد تبرز
    بشكل واضح المبادئ الانسانية التي تشبع بها المسلمون الاوائل اذ جاء في الوصية: لا
    تخونا ولا تغلو ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا طفلاً صغيراً ولا شيخاً كبيراً
    ولا امرأه ولا تعقروا نخلا ولا تحرفوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تذبحوا شاة ولا
    بقرة ولا بعيراً الا لمأكلة وسوف تمرون باقوام قد فرغوا انفسهم في الصوامع فدعوهم
    ما فرغوا انفسهم له"(1).


    كما نجد ان مفكري عصر النهضة كجان جاك رسو وروفائيل ولك(2) قد نادوا
    بالتخفيف في ويلات الحروب، ولعل البلاغ الامريكي حول قواعد الحرب البرية لعام 1863
    من أول الوثائق المكتوبة في العصر الحديث لتنظيم امور الحرب.


    غير ان الامر اختلف في عام 1864 عند ابرام اتفاقية جنيف
    بتحسين احوال حرجى الحرب ثم بولادة فكرة الصليب الاحمر عام 1859(3). اذ نجد
    امامنا، تنظيماً دولياً واهتماماً منظماً بامور الحرب غير ان التنظيمات الأولى
    لقانون الحرب كانت تنصب على جزيئات معينة كاتفاقية جنيف 1864 انف الذكر لاسعاف
    المرضى والجرحى في الحرب البرية او اعلان سان بطرسبورك سنة 1868 بتحريم بعض انواع
    الرصاص او كانت تنصب على تقنينات خاصة او غير ملزمة لبعض قواعده كتقنين اكسفورد
    سنة 1880 لمجمع القانون الدولي او مشروع اعلان بروكسل سنة 1874(4).


    وقد تطور الامر بعد انعقاد مؤتمرات الصلح التي عقدت في
    هولندا عامي 1899 و1907 والتي اثمرة عن اتفاقيات سميت قانون لاهاي والتي ركزت على
    الوسائل السموح بها في اثناء العمليات الحربية(5).


    غير ان اهم حدث في تاريخ البشرية كان ابرام اتفاقيات حنيف
    الاربع المبرمة في 1949 والبرتوكولين الملحقين بهذه الاتفاقيات. اذ جرى بموجب هذه
    الاتفاقيات تحديد الاطار العام للتنظيم القانوني لقانون الحرب ولأول مرة تتسع
    الحماية لتشمل تنظيم اوضاع المدنيين في زمن الحرب.


    وتعد الاتفاقيات الاخيرة مع قانون لاهاي الاساس الذي يتكون
    منه القانون الانساني الذي عرفه البعض(1): هو مجموعة
    المبادئ والقواعد المتفق عليها دولياً والتي تهدف الى الحد من استخدام العنف في وقت
    النزاعات المسلحة عن طريق حماية الافراد المشتركين في العلميات الحربية او الذين
    توقفوا عن المشاركة فيها. والمرضى والمصابين والاسرى والمدنيين، وكذلك عن طريق جعل
    العنف في المعارك العسكرية مقتصراً على تلك الاعمال الضرورية لتحقيق الهدف
    العسكري.


    ولهذا نجد ان جل اهتمام واضعي الاتفاقية الخاصة باحترام
    قوانين واعراف الحرب البرية التي ابرمت في 18 اكتوبر/ تشرين الأول 1907 واللائحة
    الملحقة بها قد انصب على تعريف المحاربين ومعالجة موضوع اسرى الحرب وموضوع المرضى
    والجرحى والجواسيس والمفاوضون واتفاقيات الاستسلام واتفاقيات الهدنة ولكن مع هذا
    فان هذه الاتفاقية قد اشارت الى المدنيين من سكان المناطق المحتلة فهي في القسم
    الثاني في موضوع العمليات العدوانية غير ان المادة 23 منعت على وجه النصوص في
    الفقرة (ب) قتل او جرح افراد من الدولة المعادية او الجيش المعادي للجوء الى الغدر
    وكذلك منعت الفقرة (ج) الاعلان عن نقض حقوق ودعاوي مواطني الدولة المعادية او
    تعليقها او عدم قبولها ويمنع على الطرف المتحارب ايضا اكراه مواطني الطرف المعادي
    على الاشتراك في عمليات الحرب ضد بلدهم حتى ولو كانوا في خدمة طرف النزاع قبل
    اندلاع الحرب.


    والحقيقة ان القسم الثالث من اللائحة المتعلقة بقوانين
    واعراف الحرب البرية هو الاهم بالنسبة لحقوق الانسان ولحقوق المدنيين على درجة
    الخصوص اذ1 انصب ذلك القسم على كيفية ادارة اراضي العدو من قبل السلطة العسكرية.


    اذ فرضت المادة 43 على السلطة العسكرية للدولة المحتلة
    تحقيق الامن والنظام العام وضمانه، مع احترام القوانين السارية في البلاد وحظرت
    المادتين 44و45 اجبار سكان الاراضي المحتلة على الادلاء بمعلومات او تقديم الولاء
    للقوة المعادية كما حظرت المادة 47 السلب.


    وقد نصت المادة 46 على حماية حقوق الانسان عندما اوجبت
    "احترام شرف الاسرة، وحياة الاشخاص والملكية الخاصة، وكذلك المعتقدات
    والشعائر الدينية، ولا تجوز مصادرة الملكية الخاصة"(1).


    وهذه الحماية التي تقررها هذه المادة تتطابق مع الحماية
    المقررة في الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عام 1948 في العديد من المواد اذ
    نصت المادة 3. على ان "لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخص" ونصت
    المادة 16 فـ 3 على ان "الاسرة هي الوحدة الطبيعية الاساسية للمجتمع ولها حق
    التمتع بحماية المجتمع والدولة"، كما نصت المادة 17 على الاتي: "1- لكل
    شخص حق التملك بمفرده او بالاشتراك مع غيره. 2-لا يجوز تجريد احد من ملكه
    تعسفاً".


    كما نصت المادة 18 على حرية المعتقدات الدينية بقولها
    "لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين ويشمل هذا الحق حرية تغيير
    ديانته او عقيدته وحرية الاعراب عنهما بالتعليم والممارسة ومراعاتها سواء اكان ذلك
    سراً ام مع الجماعة"(2).


    وقد صدرت العديد من الاتفاقيات لتنظيم شؤون المنازعات
    المسلحة(3)
    كان من ابرزها اتفاقية منح الابادة الجماعية واتفاقيات جنيف الاربع.


    ففيما يتعلق باتفاقية منع جريمة الابادة الجمالية
    والمعاقبة عليها والتي اقرت بقرار الجمعية العامة للامم المتحدة(4) في
    9/كانون الأول/ ديسمبر/ 1948 واصبحت نافذة المفعول في 12 كانون الثاني/يناير/ 1951
    وتعني الابادة الجماعية بنظر المادة 2 من تلك الاتفاقية أي الافعال الاتية:


    أ- قتل اعضاء من الجماعة.


    ب- الحاق اذى جسدي او روحي خطير باعضاء من الجماعة.


    جـ- اخضاع الجماعة عمداً لظروف معيشية يراد بها تدميرها
    المادي كلياً او جزئياً.


    د- فرض تدابير تستهدف الحؤول دون انجاب الاطفال داخل
    الجماعة.


    هـ- نقل اطفال من الجماعة عنوة الى جماعة اخرى.


    وقد نصت المادة الثالثة من تلك الاتفاقية على ان يعاقب على
    الافعال التالية:


    أ- الابادة الجماعية.


    ب- التأمر على ارتكاب الابادة الجماعية.


    جـ- التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الابادة الجماعية.


    د- محاولة ارتكاب الابادة الجماعية.


    هـ- الاشتراك في الابادة الجماعية.


    ومن الملفت للنظر ان هذه الاتفاقية قد اعدت للسريان في وقت
    السلم وزمن الحرب(1).
    مما تعد من الاتفاقيات التي تدخل ضمن الميدان المشترك للقانون الدولي الانساني،
    وقانون حقوق الانسان وهي تقرر العقوبة ليس فقط على الافراد بل وحتى على حكام
    الدستوريين والموظفين العامين(2) كما ان
    تلك الاتفاقية لا تعد جرائم الابادة الجماعية من الجرائم السياسية(3).


    واذا انتقلنا الى اتفاقيات جنيف الاربع(4) فانها قد
    اوردت تنظيمات شاملة لفترات الحرب. ولعل اهم ما يلفت الانتباه في هذه الاتفاقيات
    هو اصرارها جميعاً على حماية حقوق الانسان مما حدا بها لوضع المادة 3(5) المشتركة
    في جميع هذه الاتفاقيات لحماية الاشخاص الدين لا يشتركون في الاعمال العدائية او
    الذين لا يشتركون مباشرة في الاعمال العدائية بمن فيهم "افراد القوات المسلحة
    الذين القوا عنهم السلاح، والاشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض او الجرح او
    الاحتجاز او لاي سبب اخر، يعاملون في جميع الاحوال معامل انسانية، دون أي تمييز
    ضار يقوم على العدو او اللون، او الدين او المعتقد او الجنس او المولد او الثروة
    او أي معيار اخر".


    وقد حظرت الاتفاقيات بالنسبة للاشخاص الذين لا يشتركون
    مباشرة في النشاطات العدائية، الاعمال التالية وتبقى محظورة في جميع الاوقات
    والاماكن:


    أ- الاعتداء على الحياة والسلامة المدنية، وخاصة القتل
    بجميع اشكاله والتشوية والمعاملة القاسية والتعذيب.


    ب- اخذ الرهائن.


    جـ- الاعتداءات على الكرامة الشخصية، وعلى الاخص المعاملة
    المهينة والحاطة بالكرامة.


    د- اصدار الاحكام وتنفيذ العقوبات دون اجراء محاكمة سابقة
    امام محكمة مشكلة تشكيلاً قانونياً وتكفل جميع الضمانات القضائية اللازمة في نظر
    الشعوب المتمدنة.


    وهذه النصوص تتطابق مع الاحكام المقررة في الاعلام العالمي
    لحقوق الانسان في العديد من موارده فحماية الحياه والسلامة البدنية مقررة في
    المادة 11 من الاعلان كما رأينا، ومنع التعذيب مقرر ايضا في المادة (5) من الاعلان
    التي نصت على الاتي: لا يعرض أي اسنان للتعذيب ولا للعقوبات او المعاملات القاسية
    او الوحشية او الحاطة بالكرامة" كما ان الاعراف بالكرامة الشخصية، مقرر في
    الاعلان العالي لحقوق الانسان اذ جاء في الديباجة ما يأتي "لما كان الاعتراف
    بالكرامة المتأصلة في جميع اعضاء الاسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو
    اساس الحرية والعدل والسلام.


    اما ما يتعلق بالمحاكمة العادلة فهو الاخر قد نص عليه
    الاعلان العالمي في المادة (10) التي نصت على انه "لكل انسان الحق على قدم
    المساواة مع الاخرين، في ان تنظر قضيته امام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً
    علنياً للفصل في حقوقه والتزاماته، واية تهمة جنائية توفق اليه، ولو رجعنا للاتفاقيات
    جفيف الاربع لوجدنا ان اتفاقية جفيف الاول انصبت على موضوع تحسين حال الجرحى
    والمرضى بالقوات المسلحة في الميدان(1).


    اما اتفاقية جنيضف الثانية فهي قد عالجت موضوع جرحى ومرضى
    وغرقى القوات المسلحة في البحار(2).


    وقد نصت المادة (12) من الاتفاقية على الاتي "يجب في
    جميع الاحوال احترام وحماية الجرحى والمرضى والغرقى ممن يكونون في البحر من افراد
    القوات المسلحة وغيرهم".


    وقد عدت الاتفاقية مخالفات جسيمة الافعال الاتية: اذا
    اقترفت ضد اشخاص محميين او ممتلكات محمية بالاتفاقية: القتل العمد التعذيب او
    المعاملة اللانسانية، بما في ذلك التجارب الخاصة بعلم الحياة تعمد احداث
    الام شديدة او الاضرار الخطيرة بالسلامة البدنية او بالصحة تدمير الممتلكات
    او الاستيلاء عليها على نطاق واسع لا تبرره الضرورات الحربية وبطريقة غير مشروعة
    وتعسفية(1).


    اما جنيف الثالثة فقد انصبت على معاملة اسرى الحرب(2) وقد جاءت
    المادة الثالثة بالاحكام السابقة بشأن حماية حقوق الانسان لغير المشتركين في
    الاعمال العسكرية وقد اوجبت المادة 13 من الاتفاقية معاملة اسرى الحرب
    "معاملة انسانية في جميع الاوقات، ويحضر ان تقترن الدولة الحائزة أي فعل او
    اهمال غير مشروع يسبب موت اسير في عهدتها، ويعتبر انتهاكاً جسيما لهذه الاتفاقية،
    وعلى الاخص لا يجوز تعريض أي اسير حرب للتشويه البدني او التجارب الطبية او
    العلمية من أي نوع كان مما لا تبرره المعالجة الطبية للاسير المعني او لا يكون في مصلحته.


    وبالمثل يجب حماية اسرى الحرب في جميع الاوقات وعلى الاخص
    ضد جميع اعمال العنف او التهديد وضد السباب وفضول الجماهير" وقد اكدت المادة
    4 على ان "لاسرى الحرب حق في احترام اشخاصهم وشرفهم في جميع الاحوال ويجب ان
    تعامل النساء الاسيرات بكل الاعتبار الواجب لجنسيهن ويجب على أي حال ان يلقين
    معاملة لا تقل ملائمة عن المعاملة التي يلقاها الرجال ويحتفظ اسرى الحرب بكامل
    اهليتهم المهنية التي كانت لهم عند وقوعهم في الاسر ولا يجوز للدولة الحاجزة تقييد
    ممارسة الحقوق التي تكفلها هذه الاهلية سوى في اقليمها او خارجه الا بالقدر الذي
    يقتضية الاسر" واوجبت المادة 15 على الدولة التي تحتجر اسرى الحرب ان تتكفل
    بانعاشتهم دون مقابل وتقديم الرعاية الطبية التي تتطلبها حالتهم الصحية مجاناً.


    واحكام هذه المادة تتفق والاحكام المقررة في الاعلان
    العالمي لحقوق الانسان وعلى الاخص المادة 6 التي نصت صعلى ان كل انسان اينما وجد
    الحق في ان يعترف في شخصيته القانونية.


    امات الاتفاقية الرابعة فهي الاهم على الاطلاق لانها عالجت
    موضوعاً مهماً هو موضوع حماية الاشخاص المدنيين في وقت الحرب ففضلاً عن الحكم
    الوارد في المادة 3 المشتركة فقد اوردت تلك الاتفاقية نصوصاً توفر اشكالاً متعددة
    من الحماية للمدنيين فالمادة الخامسة توجب معاملة الاشخاص المحميين بنسانية حتى
    ولو كانوا قد اتهموا بالجاسوسية او التخريب او بنشاطات تضر بامن دولة الاحتلال.


    كما اوجبت ضمان حقهم بمحاكمة عادلة. كما ان المادة 16
    اوجبت توفير حماية واحترام خاصين للجرحى والمرضى والغرقى والحوامل والمعرضين لخطر
    كبير وحمايتهم من السلب وسوء المعاملة وحرمت المادة 18 الهجوم على المستشفيات
    المدنية كما اوجبت المادة 24 اتخاذ التدابير الضرورية لضمان عدم اهمال الاطفال
    منمن هم دون 15 من العمر الذين افترقوا عن عوائلهم بسبب الحرب وقد خصصت الاتفاقية
    الرابعة الباب الثالث من القسم الأول للاقرار بحقوق المحميين بل ان بعض مواد هذا
    القسم تعد مجرد تكرار لما جاء في المادة 3 المشتركة مما يوحي بان المقصود هو
    التأكيد واعطاء تفصيل بماهية الحماية فقد نصت المادة 27 على ان: "للاشخاص المحميين
    في جميع الاحوال حق الاحترام لاشخاصهم وشرفهم وحقوقهم العائلية وعقائدهم الدينية
    وعاداتهم وتقاليدهم ويجب معاملتهم في جميع الاوقات معاملة انسانية وحمايتهم بشكل
    خاص ضد جميع اعمالهم او التهديد وضد السباب وفضول الجماهير ويجب حماية النساء بصفة
    خاصة ضد أي اعتداء على شرفهن ولا سيما ضد الاغتصاب والاكراه على الدعاره او هتك
    عرضهن. ومع مراعاة الاحكام المتعلقة بالحالة الصحية والسن والجنس، يعامل جميع
    الاشخاص المحميين دون أي تمييز ضار على اساس العنصر او الدين او الاراء السياسية
    على ان لاطراف النزاع ان تتخذ ازاء اشخاص المحميين تدابير المراقبة او الامن التي
    تكون ضرورية بسبب الحرب(1).


    ونصت المادة 31 على حظر ممارسة أي اكراه بدني او معنوي
    ازاء الاشخاص المحميين خصوصاً بهدف الحصول على معلومات منهم او من غيرهم. وتحظر
    المادة 32 "جميع التدابير التي من شأنها ان تسبب معاناة بدنية او اباذة
    للاشخاص المحميين الموجودين تحت سلطتها ولا يقتصر هذا الحظر على القتل او التعذيب
    او العقوبات البدنية او التشوية والتجارب الطبية والعلمية التي لا تقتضيها
    المعالجة الطبية للشخص المحمي وحسب ولكنه يشمل ايضاً أي اعمال وحشية اخرى سواء قام
    بها وكلاء مدنيون او وكلاء عسكريون.


    وقررت المادة 37 بانه: "لا يجوز معاقبة أي شخص محمي
    عن مخالفة لم يقترفها شخصياً وتحظر العقوبات الجماعية وبالمثل جميع تدابير التهديد
    او الارهاب والسلب محظور وتحظر تدابير الاقتصاص من الاشخاص المحميين وممتلكاتهم
    وقد اكدت المادة 35 على حق التنقل وهو من حقوق المقررة في الاعلان العالمي لحقوق
    الانسان في المادة 13 منه(1).


    واكدت المادة 38 على حقوق الاجانب وعلى الاخص مفي الحصول
    على امدادات الاغاثة والعلاج الطبي والسماح لهم بممارسة عقائدهم الدينية والحصول
    على المعاونة الروحية من رجال دينهم والاهم في هذه المادة انها اقرت بمعاملة
    تفضيلية لذوي الاحتياجات الخاصة(2).


    وقد نصت المادة 39 على الحق بالعمل ولكنه خاص بالاشخاص
    المحميين الذين فقدوا بسبب الحرب عملهم الذي يتكسبون منه في حين ان المادة 23 من
    الاعلان العالمي لحقوق الانسان قد نصت على هذا الحق بشكل مطلق اذ نصت الفقرة
    الاولى من تلك المادة على ما يأتي "لكل شخص الحق في العمل وله حرية اختياره
    بشروط عادلة مرضية كما ان له حق الحماية من البطالة" وقد نظمت المواد 41،43
    امر تدابير المراقبة او فرض الاقامة الجبرية او الاعتقال كما حظرت المادة 49 النقل
    الجبري الجماعي او الفردي للاشخاص المحميين او نفيهم من الاراضي المحتلة الى اراضي
    دولة الاحتلال او الى اراضي أي دولة اخرى كما منعت المادة 51 ارغام الاشخاص
    المحميين على الخدمة في يالقوات المسلحة في دولة الاحتلال ونظمت المادة نفسها
    موضوع عدم جواز إرغام الأشخاص المحميين على العمل كما حظرت المادة 53 تدمير أي ممتلكات
    خاصة ثابتة او منقولة تتعلق بإفراد او جماعات او بالسلطات العامة او المنظمات
    الاجتماعية او التعاونية الا اذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتما هذا التدبير.


    ويجري التأكيد على ان القانون الدولي الإنساني هو قانون
    نشأ على مبادئ أساسية أهمها مبدأ الفروسية الذي يمنع المقاتل من الإجهاز على جريح
    او أسير او مهاجمة الممتلكات الخاصة للأشخاص المدنيين غير المشاركين في العمليات
    القتالية وعلى مبدأ الضرورة الذي يقوم على فكرة قوامها أن استعمال أساليب العنف
    والقسوة والخداع في الحرب يقف عند حد قهر العدو وتحقيق الهدف من الحرب وهي هزيمة
    العدو وكسر شوكته فاذا ما تحقق الهدف من الحرب على هذا النحو امتنع التمادي او
    الاستمرار في توجيه الأعمال العدائية ضد الطرف الأخر وكذلك على مبدأ الإنسانية
    الذي يدعو "الى تجنب أعمال القسوة والوحشية في القتال خاصة اذا كان استعمال
    هذه الأساليب لا يجدي في تحقيق الهدف من الحرب"(1).





    الفصل الثاني


    تطبيق قانون
    حقوق الإنسان في ظروف الحرب



    من الأمور المسلم بها أن حالة الحرب والنزاعات
    المسلحة تعد من الأمور الطارئة وهي بهذا الوصف تدخل ضمن حالات الطوارئ التي يجوز
    بها الدولة تقييد بعض حقوق الإنسان استناداً لحالة الطوارئ هذه(1).


    وبمعنى أخر ان حالة الحرب تعد ظرفاً طارئاً تستطيع به
    الدول أن تتحلل من بعض الحقوق المنصوص عليها في قانون حقوق الانسان(2).


    اما بقيت الحقوق المصانة والاساسية فلا يجوز المساس بها في
    فترة الحروب والنزاعات المسلحة وفي فترة الطوارئ لانها من الحقوق غير القابلة
    للتقييد او السقوط لذلك يمكن القول ان حقوق الإنسان المصانة والتي لا يجوز المساس
    بها والمقررة في حقوق الإنسان تسري هي أيضا في وقت الحرب جنباً الى جنب مع أحكام
    قانون الدولي الإنساني وتعد مكملة وداعمة ومعززة للقانون الإنساني وهذه الحقوق هي
    الحق في الحياة(3).
    وحظر اعمال التعذيب والعقوبات الا إنسانية او المهينة وعدم جواز تطبيق القوانين
    الجنائية بأثر رجعي وتحريم الرق والعبودية واعمال السخرة وحظر إخضاع أي إنسان دون
    رضائه الحر للتجارب الطبية او العلمية وعدم جواز سجن الشخص بسبب عدم قدرته على
    الوفاء بالتزامه التعاقدي وحرية الفكر والضمير والمعتقد الديني ويرى البعض(4) ان
    الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان قد إضافة الى هذه الحقوق ذات الحصانة حقوقاً أخرى
    لا يجوز المساس بها في ظروف الطوارئ والظروف الاستثنائية وهي الحق في الاسم وحقوق الأسرى
    وحقوق الطفل والحق في الجنسية والحقوق السياسية اما الحقوق غير الأساسية فيجري
    تقييدها استناداً الى حالة الطوارئ والى ظروف الحرب.


    ومن المناسب
    الإشارة الى ان القواعد المقررة في بعض المواثيق الدولية وعلى الاخص حقوق الطفل
    وحقوق المراة يجب ان تبقى سارية في زمن الحرب بوصفهم من أصحاب الاحتياجات الخاصة
    ممن يتوجب تقرير الحماية لهم بشكل اقوى واشد في زمن الحرب(1) لذلك
    فيفترض ان تبقى الضمانات المقررة لهم سارية زمن الحرب استناداً الى مبدأ التطبيق
    من باب أولى، ذلك انه اذا كنا نوجب تطبيق تلك القواعد في شأنهم زمن السلم فان
    تطبيقها يكون اوجب في زمن الحرب وزمن المنازعات المسلحة ولذلك فيمكن تقرير مبدأ
    يقوم على اساس ان قواعد حقوق الانسان تكون واجبة التطبيق في زمن الحرب كلما كنا
    ازاء اشخاص لهم احتياجات خاصة، وهذه المشاركة والتأزر بين القانون الدولي الانساني
    وقانون حقوق الانسان مسألة طبيعية لانها تعود الى حقيقة يتفق عليها الجميع وهي:
    "ان حماية الانسان من ويلات الحروب وشرورها هي الغاية العظمة للقانون الدولي
    الانساني كما ان حماية الانسان ذاته من بطش وتعسف السلطة هو الغاية العظمة للقانون
    الدولي لحقوق الانسان ومن هنا فان نقطة الالتقاء الاولية بين القاننين تكمن في ان
    الانسان هو محور الاحماية ومحلها فكلاهما مكرس لتحقيق هذه الغاية"(2).


    وبالنظر
    لتداخل مجال التطبيق للقانونين فقد وصل الامر بالبعض الى المناداة بالدمج بين
    القانونيين فجان بيكتيه(3) يذهب
    "الى اهمية النظر الى القانون الدولي الانساني نظرة شمولية عريضة بحيث يمكن
    القول ان هذا القانون يشتمل على فرعي قانون الحرب وحقوق الانسان وبهذا يمكن القول
    بان القانون الدولي الانساني يتكون من كافة الاحكام القانونية الدولية سواء في
    التشريعات او القوانين العامة التي تكفل احترام الفرد وتعزز ازدهاره وذلك في
    محاولة منه لايجاد علاقة ترابط بين القانونيين بحيث يمكن إعطاءها تسمية أفضل ويطلق
    عليها اسم مشترك هو (القانون الانساني) بمعنى العريض لهذه المشكلة".


    ولكن المشكلة التي تواجه البشرية اليوم هي مشكلات النزاعات
    المسلحة غير الدولية فمع انحسار الحروب بانتهاء الحرب العالمية الثانية تفجرت
    العديد من النزاعات الاقليمة والداخلية في بؤر مختلفة من العالم(4).


    وعلى الرغم من ان هذه النزاعات مشمولة بإحكام القانون
    الدولي الإنساني إلا ان تلك الأحكام يجري تجاوزها بشكل مستمر والسبب في ذلك يعود
    الى انه كثيراً ما يصعب تشخيص الجهة التي خرقت القانون الدولي لأنها قد تكون ميلشيات
    سرية لا يعرف احد حقيقتها ولا أماكن تواجدها كما قد ترتكب من إفراد او مجموعات
    صغيرة يصعب كشفها وتشخيصها وقد كشفت إحداث راوندا ويوغسلافيا السابقة الى ان
    القائمين بها ينتمون الى مجموعات عرقية او طائفية توفر لهم الحماية والملجأ الامن
    وان الجنات قد يتوارون بين الجماهير المؤيد لهم بشكل يصعب لهم الوصول اليهم لانهم
    لا عنوان لهم ولا مناصب وظيفية معلومة ولهذا فقد حصلت مجازر لا مثيل لها في
    التاريخ دون ان يعاقب مرتكبوها جميعاً فقد ابيدت جماعات عرقية كاملة وشرد الملايين
    واغتصبت نسوه ودفن البعض احياء ويكفي ان نشير الى بشاعة ما حدث ضد المسلمين في
    البوسنة والهرسك والتي وصلت الى حد ان بعض المناطق غطت جثث القتلة مسافة 50 – 70
    متراً(1).


    والغريب "ان عالمنا بكل ما حققه من ثورات علمية
    وتكنلوجية ومن مكتسبات في مجال الديمقراطية في حقوق الانسان ومن تحولات سياسية
    عميقة لا زال يشر ماسي إنسانية مهولة ناتجة عن الحروب والتصفية الاثنية والعنصرية
    والتعصب واهدار حقوق الافراد والشعوب احياناً(2).


    وقد سلط البعض الضوء على جانب اخر مهم من المشكلة في ان
    التعاون بين القانون الدولي الانساني وقانون حقوق الانسان يمكن ان يأتي من خلال
    دوراً اخر للقانون الاخير اذ بأمكان قانون حقوق الانسان المساهمة في التخفيف من
    السراعات العرقية والطائفية ولا سيما الداخلية وينطلقون في توضيح هذه الفكرة من
    حقيقة ان انتهاكات الداخلية لحقوق الانسان والتي تقع على الشعوب من قبل السلطات
    الحاكمة ذات الانظمة الشمولية والاستبدادية هي ارضية الخصبة لاثارة النعرات
    الطائفية والعنصرية وكثيراً ما تتشكل جماعات متطرفة نتيجة لمعاناتها من التهميش في
    بلادها ومن الفقر والاهمال وتعبر عن احتجاجاتها عن الواقع من خلال اعمال عنفاً
    عشوائية تستهدف الضحايا الأبرياء(3) فاذا ما
    طبقت مبادء ديمقراطية وحقوق الانسان والمساواة بين ابناء البلد الواحد بمختلف
    مكوناته واعراقه ودياناته وتمت المساواة في توزيع الثروات القومية والقضاء على
    الفساد امكن معالجة الأزمات وامكن حلول دون اثارة الصراعات الداخلية.


    وهذه الحلول المبنية على معالجة أسباب الأزمات والصراعات
    الداخلية يمكن ان تكون أجدى من تطبيق أحكام القانون الدولي الإنساني التي تطبق أحكامها
    بعد نشوء الصراعات والعمليات العسكرية ذلك لانه على الرغم من ان المادة 3 من
    البروتوكلو الثاني توجب على قادة القوات المشقة التزام أعمال الحظر وقمع
    الانتهاكات التي يرتكبها افراد منظماتهم ان حدثت(1). الا ان
    من الصعوبة بمكان تنفيذ المواثيق الدولية بحق هذه الجماعات لصعوبة رصد مرتكبيها
    وامكانية تواريهم بين الاهالي المدنيين.


    وعلى الرغم من نقاط التلاقي والاتفاق بين القانون الدولي الإنساني
    وقانون حقوق الإنسان وان احدهما يكمل ويعزز الأخر الا ان ذلك لا يمنع من وجود بعض
    الاختلافات ذات الطبيعة الفنية في الغالب اذ يختلف مضمون القانون الدولي الانساني
    عن مضمون القانون الدولي لحقوق الإنسان في أن الأول يعنى بصفة أساسية بحماية الفرد
    والممتلاكات المدنية من الإضرار التي قد تنجم عن العمليات العسكرية في حين ان
    قانون حقوق الإنسان يعنى بصفة أساسية بالفرد لضمان حقوقه اتجاه سلطة دولته
    والقانون الدولي الإنساني انما يعالج ارتباط حقوق المواطنين في دولة هي طرف في
    نزاع مسلح في مواجهة القوات المسلحة لدولة اخرى طرف في ذات النزاع(2).


    كما تختلف اليات تنفيذ القانون الدولي الانساني عن اليات
    قانون حقوق الانسان فاليات تطبيق القانون الدولي الانساني انما تعتمد على دور
    اللجنة الدولية للصليب الاحمر وعلى دور الدولة الحامية كما ان هناك دوراً جنائيا
    في تطبيق ذلك القانون على المستوى الوطني اذ توجب اتفاقيات جنيف الأربع وتقرر وجوب
    اعمال قاعدة الاختصاص الجزائي العالمي أي ان على كل طرف متعاقد ملاحقة مجرمي حرب
    لمحاكمتهم امام القضاء(3) وعلى
    المستوى الدولي فقد جرى استحداث محاكم خاصة لمحاكمة مجرمي حرب عقب الحرب العالمية
    وهي محاكم نورتنبورغ المشهور وكذلك المحاكم الخاصة التي استحدثت لمحاكمة مجرمي
    الحرب في راوندا ويوغسلافيا ويمكن ان يشار الى ان تطور الية تطبيق القانون الدولي
    الانساني وصل الى مداه بتشكيل المحكمة الجنائية الدولية التي اعتبرت نظاماً
    قضائياً متكاملاً في هذا المجال(1).


    اما اليات تطبيق قانون حقوق الانسان فانه يخضع لرقابة
    عالمية تتمثل في الامم المتحدة والاجهزة المخصصة والتابعة لها.





    الخاتمة


    ان ظروف الحروب والصراعات المسلحة وما ينجم عنها من الآم
    وضحايا وكوارث استدعت وضع قواعد خاصة لحماية حقوق الانسان في تلك الازمنة اصطلح
    على تسميتها بقواعد القانون الدولي الانساني والى جانب هذه القواعد نجد ان بعض
    احكام قانون حقوق الانسان يجب تطبيقها فاحكام قانون حقوق الانسان على نوعين النوع
    الاول هو الحقوق الأساسية التي تحيطها حصانة لا يجوز معه المساس بها سواء كان ذلك
    في زمن الحرب او السلم او الأزمات والطوارئ والقسم الاخر يمكن تقليده في زمن
    الطوارئ ولكون الحرب تدخل ضمن مفهوم الطوارئ فان النوع الثاني يمكن تقييده وتعطيله
    في زمن الحروب الأزمات ومع هذا فان الحقوق الأساسية كالحق في الحياة والحق في
    السلامة البدنية والحق في عدم التعذيب والحق في المحاكمة عادلة وغيرها هي حقوق يجب
    احترامها في زمن السلم والحرب ولهذا وجدنا ان اتفاقيات جنيف الاربع تعود للتأكيد
    عليها في المادة 3 المشتركة والتي اعتبرت دستوراً لجميع الاتفاقيات واعتبرت محور
    الحقوق الاساسية بالسعة تلك الاتفاقيات الاشارة الى منظمة الصليب الاحمر في مراقبة
    احترام اطراف النزاع لهذه الحقوق كما اننا وجدنا ان المسألة لا تقف عند حدود
    الحقوق الاساسية التي لا يجوز المساس بها حتى في اوقات الازمات لان هناك مسائل
    خطيرة اخرى لا تقل اهميتاً عن تلك الحقوق وهي مراعاة اصحاب الاحتياجات الخاصة من
    نساء واطفال وشيوخ وعاجزين اذ نجد ان وقع الحروب يكون عليهم اشد واعظم لذلك فقد
    تكفلت المواثيق الدولية بتوفير ضمانات خاصة بهم.


    ولقد كشفت الصراعات التي وقعت بعد الحرب العالمية الثانية
    ان انحصار الحروب الدولية قابله وبشكلاً خطير مزيد من الصراعات الداخلية كانت اشد
    قسوة وضراوة على المدنيين فقد ذبح الالوف وشرد وهجر الملايين واغتصبت نسوة ولذلك
    فان محاولة السيطرة وضبط الافعال في الصراعات الداخلية هي اصعب بكثير من تلك التي
    تكون في الصراعات الدولية لان المواثيق الدولية لا تتعامل في الصراعات الداخلية مع
    دول يمكن التخاطب معها ومساءلتها على الاقل من الناحية الادبية والمعنوية واحراجها
    امام الدول الاخرى وامام الرأي العام العالمي او فضح سجلها في مجال حقوق الانسان
    في حين ان المجوعات المسلحة بل حتى الافراد الذين يشتركون في المنازعات الداخلية
    فمن الصعوبة بمكان الوصول اليهم او حتى معرفتهم وكثيراً ما ارتكبت مجازر كان
    مرتكبوها عصبة لا تتجاوز اصابع اليد والمجازر التي وقعت في يوغسلافيا السابقة
    والبوسنا والهرسك وراوندا وجنوب افريقيا هي امثلة على خطورة هذه الصراعات على حقوق
    الانسان لان المشكلة فيها انه لا يمكن توجيه الاتهام لاحد، واذا ما عرف المسؤول
    فانه قد يصعب اقتفاء اثره بسبب اختفائه بين ابناء جلدته الذين يحاولن التستر عليه
    ومن يتابع المحاكم الخاصة في راوندا ويوغسلافيا السابقة يكتشف مدى صعوبات التي
    تواجه المجتمع الدولي في هذا المجال.


    لذلك فان قواعد القانون الدولي الانساني وقانون حقوق
    الانسان بحاجة الى تطوير على الاقل في مجال الاليات فيما يخص مسؤولية الميلشيات
    المسلحة والافراد عن ارتكاب جرائم ضد الانسانية في زمن الصراعات مما يحتاج الامر
    الى اليات جديدة ومتطورة للحد من الخروقات التي تحدث كل يوم في مختلف ارجاع
    المعمورة.











    (1) د. محمد
    عزيز شكري، تاريخ القانون الدولي الانساني وطبيعته، دراسات في القانون الدولي
    الانساني، دار المستقبل العربي من منشورات اللجنة الدولية للصليب الاحمر الدولي،
    دون بيان مكان الطبع ولا زمانه، ص11.


    (1) د. مفيد
    شهاب، تقديم لدراسات في القانون الدولي الانساني، دار المستقبل العربي من منشورات
    اللجنة الدولية للصليب الاحمر الدولي، ص9.


    (2) سلم
    اللغماني، مفهوم حقوق الانسان، نشأته وتطوره من منشورات المعهد العربي لحقوق
    الانسان، دراسات 4، ص24، وانظر ايضاً طارق زيادة الاسس التاريخية والفلسفية لحقوق
    الانسان، منشورات المعهد العربي لحقوق الانسان، دراسات 4، ص39 وما بعدها.


    (3) يرجع
    الفضل الى السويسرى هنري دونان، الاب الروحي للصليب الاحمر في شحذ الضمير العالمي
    ضد ويلات الحروب فقد شاء القدرات ان يشهد ما تركته معركة (سولفرينو في ايطاليا) من
    اثار مدمرة وهالة رؤية الجرحى الذين ماتوت وهم ينادون دون عناية واسعاف من جراء
    نزف دمائهم وهم يستنجدون ولا منجد فالف كتاباً يكشف مأسييها وكان له صدى عظيماً في
    اوربا كلها.


    (4) انظر
    هذه التقنينات في جورج ابي صعب، اتفاقيات جنيف 1949 بين الامس والغد، ورقة عمل
    قدمت الى المؤتمر الاقليمي العربي الذي انعقد في القاهرة للفترة من 14 – 16 نوفمبر
    1999 بمناسبة الاحتفال بالبديل الذهبي لاتفاقيات جفيف (1949 – 1999) دراسات في
    القانون الدولي الانساني، دار المستقبل العربي، منشورات اللجنة الدولية للصليب
    الاحمر الدولي، ص411.


    (5) د. محمد
    نور فرحان، تاريخ القانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان، جوانب
    الوحدة والتمييز، دراسات في القانون الدولي الانساني، دار المستقبل، ص84.


    (1) د. محمد
    نور فرحان، تاريخ القانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان، جوانب
    الوحدة والتمييز، دراسات في القانون الدولي الانساني، دار المستقبل، ص84.


    (1) راجع
    شريف عتلم ومحمد ماهر عبد الواحد، موسوعة اتفاقيات القانون الدولي الانساني،
    النصوص الرسمية للاتفاقيات والدول المصرفة والموقعة اصدار بعثت اللجنة الدولية
    للصليب الاحمر بالقاهرة، 2002، ص7.


    (2) تراجع
    هذه المواد في كراس: حقوق الانسان الشرعة الدولية لحقوق الانسان صحيفة الوقائع رقم
    2 اصدارات الامم المتحدة لعام 2003.


    (3) من هذه
    الاتفاقيات اتفاقية حول حقوق وواجبات الدول المحايدة في الحرب البرية لاهاي في
    18/اكتوبر/ت1 1907 واتفاقية بشأن حقوق وواجبات الدول المحايدة والاشخاص المحايدين
    في زمن الحرب البرية لاهاي في 18 اكتوبر/ت1/ 1907، وكذلك بروتوكول بشأن حظر
    استعمال الغازات الخانقة والسامة او ما يشابهها والوسائل الجرثومية في الحرب جنيف
    17/يونيو/ حزيران 1925.


    (4) المرقم
    260 الف (د.3).


    (1) وهذا
    ما قررت المادة الأولى في الاتفاقية "تصادق الاطراف المتعاقدة على الابادة
    الجماعية، سواء ارتكبت في ايام السلم واثناء الحرب هي جريمة بمقتضى القانون الدولي
    وتتعهد بمنعها والمعاقبة عليها.


    (2) المادة
    4 من الاتفاقية.


    (3) المادة
    7 من الاتفاقية وهذا يسمح بتسليم الى ممن ارتكب تلك الجرائم اذا طلب ذلك.


    (4) هذه
    الاتفاقيات مؤرخة في 12/اغسطس/اب/ 1949.


    (5) ويبدو
    ان سبب تكرار النص على هذه المادة في الاتفاقيات الاربع قد جاء للتاكيد على خطورة
    الحقوق المحمية في هذه المادة ومدى حرص المجتمع الدولي على حماية هذه الحقوق.


    (1) مؤرخة
    في 12 اب اغسطس، 1949.


    (2)
    اتفاقية جنيف الثانية المقررة في 12/اب/ اغسطس/ 1949.


    (1) وهذا
    ما نصت عليه المادة (51) من الاتفاقية المذكورة لابد من الاشارة الى ان المادة 3
    من الاتفاقية قد اكدت على ضمان حقوق غير المشتركين في العمليات وهي مادة مشتركة في
    الاتفاقيات الاربع.


    (2)
    المؤرخة في 12/اب/اغسطس/1949.


    (1) قارن
    ذلك باحكام المواد 1، 2 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان.


    (1) تنص
    المادة 13 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان "1. لكل فرد حرية التنقل واختيار
    محل اقامته داخل حدود كل دولة. 2. يحق لكل فرد ان يغادر اية بلاد فيما ذلك بلده
    كما يحق له العودة اليه".


    (2) فقد
    نصت المادة 38 فقرة 5 "يجب ان ينتفع الاطفال دون 15 عشر من العمر والحوامل
    والامهات والاطفال دون 7 من العمر بمعاملة تفضيلية يعامل بها رعاية الدولة
    المعنية".


    (1) تراجع
    هذه المبادئ في: دكتور اسماعيل عبد الرحمن الاسس الاولية للقانون الانساني الدولي،
    من منشورات اللجنة الدولية للصليب الاحمر بعثة القاهرة دار المستقبل العربي سنة
    2003 صفحة 33.


    (1) د.
    محمد نور فرحان، مصدر سابق، صفحة 89.


    (2) قانون
    حقوق الانسان يشمل الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر 1948 والذي اعتمد بموجب
    قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 217 الف (د.3) في 10 كانون الاول ديسمبر
    1948 والعهد الدولي الخاص بحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي
    اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 220 الف (د. 21) المؤرخ في 16
    كانون الأول/ ديسمبر/ 1966 وكذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
    الذي اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة رقم 2200 الف (د.21) في 16/كانون الأول/
    ديسمبر/ 1966 (راجع هذه المواثيق في عماد عمر، سؤال حول حقوق الانسان، منشورات
    شرقيات عمان الاردن سنة 2000 صفحة 22 وما بعدها.


    (3) ولذلك
    فان سماح سلطات الاحتلال الامريكية بقتل المدنيين العراقيين دون محاكمة جنود
    الاحتلال يعد خرقاً فاضحاً لقانون حقوق الانسان.


    (4) د.
    عماد عمر، مصدر سابق، صفحة (89-90).


    (1) د.
    جعفر عبد السلام القانون الدولي الانساني في الاسلام، القاهرة، 2003، صفحة 70.


    (2) د.
    اسماعيل عبد الرحمن، الاسس الاولية للقانون الانساني الدولي، دار المستقبل العربي
    القاهرة، صفحة 20.


    (3) هو جان
    بيكتيه مشار اليه في: اسماعيل عبد الرحمن، مصدر سابق، صفحة20.


    (4) حازم
    محمد عدلم، قانون النزاعات المسلحة غير الدولية، القاهرة 2003، صفحة 209.


    (1) د.
    احمد ابو الوفا، الفئات المشمولة بحماية القانون الدولي الانساني، دار المستقبل
    العربي، 2003، صفحة 149.


    (2) الحبيب
    بلكوش في تقديمه لكتاب عماد عمر سؤال حقوق الانسان، مصدر سابق، صفحة 12.


    (3) عمر عماد
    عمر، مصدر سابق، صفحة 154.


    (1) هانز –
    بييتر غاسر، حظر الاعمال الارهابية في القانون الدولي الانساني دار المستقبل
    العربي، صفحة 386.


    (2) د.
    اسماعيل عبد الرحمن، مصدر سابق، صفحة 22.


    (3) د.
    عامر الزمالي، اليات تنفيذ قانون الدولي الانساني، منشورات اللجنة الدولية للصليب
    الاحمر، القاهرة، 2003، صفحة 264 منظر شريف علتم، تطبيق القانون الدولي الانساني
    على الاصعدة الوطنية، 2003، صفحة 291 وما بعدها.


    (1)
    المستشار شريف علتم، المحكمة الجنائية الدولية المواءمات الدستورية والتشريعية،
    2003، صفحة 13 وما بعدا.

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت مايو 18, 2024 10:44 pm