حواس للمحاماه

نشكركم على اختياركم لمنتدانا و نتمنى ان تقضى وقت ممتعا و يشرفنا ان تكون احد افراد اسرتنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

حواس للمحاماه

نشكركم على اختياركم لمنتدانا و نتمنى ان تقضى وقت ممتعا و يشرفنا ان تكون احد افراد اسرتنا

حواس للمحاماه

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
حواس للمحاماه

قانوني . اسلامي - برامج . صيغ - دعاوى - معلومات

انت الزائر رقم

.: عدد زوار المنتدى :.

مرحبا بالزائرين

المواضيع الأخيرة

» التفكر في الاية 42 من سورة الزمر (رقم 39)
اختيار المحكَّمين  وواجباتهم  وحقوقهم    I_icon_minitimeالخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود

»  "خواطر "يا حبيبتي
اختيار المحكَّمين  وواجباتهم  وحقوقهم    I_icon_minitimeالجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود

» خواطر "يا حياتي "
اختيار المحكَّمين  وواجباتهم  وحقوقهم    I_icon_minitimeالجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود

» الطريق الى الجنة
اختيار المحكَّمين  وواجباتهم  وحقوقهم    I_icon_minitimeالأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود

» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
اختيار المحكَّمين  وواجباتهم  وحقوقهم    I_icon_minitimeالأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
اختيار المحكَّمين  وواجباتهم  وحقوقهم    I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
اختيار المحكَّمين  وواجباتهم  وحقوقهم    I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
اختيار المحكَّمين  وواجباتهم  وحقوقهم    I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
اختيار المحكَّمين  وواجباتهم  وحقوقهم    I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

مرحبا بك


counter globe

الاكثر زياره


    اختيار المحكَّمين وواجباتهم وحقوقهم

    Admin
    Admin
    Admin


    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 2987
    تاريخ الميلاد : 18/06/1970
    تاريخ التسجيل : 27/09/2009
    العمر : 53

    اختيار المحكَّمين  وواجباتهم  وحقوقهم    Empty اختيار المحكَّمين وواجباتهم وحقوقهم

    مُساهمة من طرف Admin الإثنين سبتمبر 20, 2010 2:21 pm

    اختيار المحكَّمين
    وواجباتهم
    وحقوقهم


    إعداد
    المهندس/ عادل بن محمد أمين روزي
















    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله الملك المالك لجميع الأكوان ، الذي قامت بعدله السماواتوالأرض الحاكم بين عباده فيما كانوا فيهيختلفون ، ولا يكون قضاؤه إلا بالعدل والإحسان ، فأنزل الرسائل وشرع الوسائل ليظهرالحق وليُعرف العدل ويزهق العدوان .
    والصلاة والسلام على خير خلقه ، القاضيالأحكم ، والإمام الأقوم ، والرسول الأعظم محمد بن عبد الله ، صلى الله عليه وعلىآله وأصحابه وأزواجه ومن تبعهم بإحسان وبعد ..
    فقد شرع سبحانه القضاء ، والغاية منه هيتحقيق العدل ، والعدل أساس الحكم والملك ، وقد بعث الله جلَّ وعلا الرسل ، وأنزلمعهم الشرائع لتحقيق العدل وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالىSad( ولقد أرسلنا رسلنابالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناسبالقسط )) [ سورة الحديدمن الآية 25] .
    واليوم يشهد العالم تحولاً واسعاً فيطبيعة الأنشطة التجارية والاقتصادية التي يمارسها الأفراد والمنشآت ، ونتيجةلمبادئ السوق المفتوحة في توجيه الاقتصاد العالمي ، كان لزاما لمواكبة هذا التحولأن تتطور العديد من الأدوات المساندة للأنشطة الإنسانية ، خاصة وأن الأعمال أخذتطابع التعقيد المتخصص ؛ لذا أصبح البناء القضائي بحاجة إلى أعوان متخصصين في مختلفالنشاطات لمساعدة القضاء في البت فيما يعرض عليه من منازعات تنشأ من تلك الأنشطة ،وليس في ذلك بأس لأن القاضي لا يمكن أن تتوفر فيه جميع جوانب العلم والخبرة فيسائر العلوم ، بل يندر أن تتوفر جميع الصفات العلمية المطلوبة في تخصصه ، وقد قالبعض العلماء : من يجيب في كل مسألة فهو غير عاقل وإذا ترك العالم كلمة لا أدريأصيبت مقاتله .
    وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهأقر حكم مُجَزِّزاً المُدلجي في إلحاق نسب أسامة بن زيد إلى أبيه ، وكان حكممُجَزِر مبنياً على القيافة ، وهي خبرة في معرفة الأنساب ، فقد ثبت في الصحيحين منحديث عائشة رضي الله عنها قالت : دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوممسروراً ، فقال : يا عائشة ألم تري أن مُجَزِّزاً المُدلجي دخل عليَّ ، فرأى أسامةوزيداً وعليهما قطيفة قد غطيا رؤوسهما ، وبدت أقدامهما ، فقال : إن هذه الأقدامبعضها من بعض . ومما يروى في استعانة القاضي بالخبير ، قصة هجاء الحطيئة للزبرقانبن بدر في قصيدته التي يقول فيها :
    لمَّا بدا لي منكم عيبُأنفسكم ولم يكن لجراحي فيكم آسي
    أزمعتيأساً مبيناً من نوالكم ولنيُرى طارداً للحر كألياس
    دَعِالمكارم لا ترحل لبغيتها واقعدفأنت الطاعم الكاسي
    وعندما علم الزبرقان بن بدر بهجاءالحطيئة له ، رفع أمره إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وقد استُشكل الأمر علىعمر رضي الله عنه ، وقال للزبرقان : ما أسمع هجاءً ولكنها معاتبة ، أو قال : ماأرى لك بأسا ، وعندما أصر الزبرقان على موقفه استعان عمر بحسان بن ثابت رضي اللهعنه لخبرته بمعاني الشعر فقال له حسان : قد هجاه وأقبح به ، أو قال : لم يهجهولكنه سلح عليه ، وقيل أن عمر سأل لبيداً عن ذلك .
    وهنا أيضا نجد عمر رضي الله عنه قداستعان بخبير أو خبيرين في فهم معنى الهجاء الوارد في أبيات الحطيئة ، وبناءً علىرأي الخبير أصدر عمر حكمه بحبس الحطيئة في قعر بئر إلى أن استعطفه بقصيدة بين فيهالعمر حاله وحال أطفاله ، فعفا عنه عمر وشرط عليه الاَّ يتصدى لأعراض المسلمين .
    إذاً يلجأ القضاة أحيانا إلى الاستعانةبالخبراء الفنيين كوسيلة مساعدة للتوصل إلى حقيقة وكنه النزاع المعروض عليهم ،وإلى النتائج التي تؤدي إلى الفصل في موضوع النزاع .
    وفي مقام الحكم على مستوى العون الحقيقيالذي يقدمه الخبراء للقضاة ، فإن الخبراء قد يقدمون عادة تقارير متقنة من الناحيةالفنية ، ومع ذلك يؤخذ عليهم أولا: عندما يكون الخبير بيتا من البيوتالاستشارية المعروفة ، فإنه كثيرا ما يُسند تنفيذ المهام إلى أكثر من خبير تتفاوتمستوياتهم فيخرج تقريرهم مفتقرا إلى الوحدة المنطقية بل وربما الوحدة الفنية ،ويؤخذ على الخبراء ثانيا: أنهم كثيراً ما لا يقطعون برأي واضح في النزاعالمطروح عليهم ، إما توقيا للمسئولية ، وإما مجاملة لزملائهم من الفنيين الذينقاموا بالعمل موضوع النزاع أو للاعتبارين معا ، ورغم أن ما يتوقعه القضاة منالخبراء هو القطع والوضوح ، وعلى سبيل المثال في نزاع حول مبنى ضخم تم تنفيذه علىشاطئ البحر ، ثم ظهرت به بعض العيوب الفنية ، وكان السؤال الموجه إلى الخبير ماإذا كان المبنى معيبا يجب هدمه وإعادة بنائه ؟ أم سليما لا خوف من احتمال سقوطه ؟
    وانتهى الخبير في تقريره إلى أنه بعدالفحص الشامل للمبنى ولأساساته حتى عمق عشرين مترا تحت سطح الأرض اتضح أن تصميمالمبنى تصميم يتصف بالجرأة والجسارة .
    هذا اللفظ الذي وضعه الخبير ألقى ظلالامن الشك حول ما انتهى إليه التقرير من أن المبنى غير معرض للسقوط وتكفي بعضالأعمال الإصلاحية ؛ لأن قوله إن التصميم يتصف بالجرأة يعطي انطباعاً بأن المصمملم يأخذ بعوامل الأمان كما يجب في تصميم ذلك المبنى ، وإلا لما وصف الخبير ذلكالتصميم بأنه يتصف بالجرأة والجسارة . كذلك قد تأتي تقارير الخبراء متفاوتة فيتقدير حجم التعويض اللازم لأحد طرفي النزاع أو في تقدير الخسائر أو الكميات ،فمثلا في تحكيم بترولي ثار البحث فيه عن كمية البترول في باطن الأرض بمنطقة امتياز، تفاوتت تقديرات الخبراء فيه بنسبة ( 1 : 5 ) .
    وقد مرَّ علي تكليف بالترجيح بين تقريرينلخبيرين مختلفين أحدهما قدر المبلغ المستحق للمدعي بخمسة وثلاثين ألف ريال ،والآخر قدر المبلغ المستحق له بمليون ريال وهنا نسبة الاختلاف كبيرة جدا(1 : 28.5).
    من شأن مثل هذه التفاوتات بين التقاريرالفنية للمتخصصين أن يضاعف العبء الواقع على القضاة الذين يجب عليهم أن يلتزمواالحرص وتجنب المبالغات صعودا وهبوطا ، وهو لا شك أمر عسير ويسبب الكثير منالاضطراب والحيرة خاصة في النزاعات المعقدة التي تتطلب اطلاعا واسعا وخبرة دقيقةفي تفاصيل تلك النزاعات .
    هنا تتجلى وتظهر أهمية دراسة تلكالمنازعات بواسطة محكَّمين خبراء لديهم الخبرة في موضوع النزاع والخبرة في مجالالتحكيم .
    وحتى نكون منصفين ، لا بد من بيان أنالاختلاف في وجهات النظر بين تقارير الخبرة في بعض ، لا يعني على الدوام عدمالحياد أو عدم الإنصاف لدى معدي التقارير ، فالخلاف في وجهة النظر في الأمورالفنية يحصل كما يحصل في غيرها من الأمور غير الفنية ، فليست كل الأمور الفنيةثوابت ، فلا ينبغي لنا أن نظن أن كل الأمور الفنية كالعملية الحسابية 1+1=2 ، فلا شك أن هناك حقائق وثوابت لا يمكنأن يحيد عنها اثنان ، وفي نفس الوقت هناك بعض الأمور ليست ثابتة عند الجميع ، وهيتختلف باختلاف الحضارات والبيئات المحيطة بالمشروع والأنظمة المعمول بها في مكانتنفيذ المشروع وهذه قد يحصل فيها اختلاف في وجهات النظر .
    هذه الاختلافات في التقديرات وفي وجهاتالنظر التي تقدم للقضاء بصورة تقارير فنية غالبا ، أو شفاهة في مجلس القضاء في بعضالأحيان تسبب الحيرة للقضاة عند الرغبة في معرفة القول الصائب في الموضوع ، وخاصةعندما تعطى الفرصة للخصوم في اختيار الخبراء ، فيختار كل واحد خبيرا لعمل تقرير أوللإدلاء بقوله في قاعة المحكمة ، وعند اختلاف الخبيرين في تقاريرهما أو أقوالهما ،يتمّ تحديد خبير ثالث مرجح ليقرر ما هو الرأي أو القول الصائب منها ، ولاشك أنهإذا أتى الخبير الثالث بقول جديد مخالف للأولين ، سيؤدي ذلك إلى إرباك واضطراب ،مما يؤخر إصدار الحكم في القضية لمدة ليست بقصيرة في غالب الأحيان . وهذا الكلاملا يختص بقضاء دولة معينة دون أخرى ، بل الأخبار تدل على أن هذا يعم جميع الدول فيالعالم ، حتى الدول المتقدمة في مجال العلوم التقنية والفنية ، وهذا ما دفع أصحابالأعمال التجارية والصناعية في كثير من تلك الدول إلى اللجوء إلى التحكيم ، وقيامتلك الدول نتيجة لذلك بسن قوانين وأنظمة خاصة بالتحكيم التجاري لتنظيم إجراءاتالتحكيم ولتيسيرها ، و قامت في دول الغرب منظمات وهيئات ومراكز ومعاهد متخصصة فيمجال التحكيم ، بل أصبحت المطالبة بتيسير التحكيم وتنفيذ قراراته شرطا من شروطالانضمام لمنظمة التجارة الدولية ، فهناك اتجاه عالمي لإعطاء التحكيم أولوية الفصلفي المنازعات ، خاصة في العقود والاتفاقات الدولية ، ولا يقف الأمر عند هذا الحدبل إن هناك معاهدات واتفاقات على مستوى العالم ، تنص على وجوب تنفيذ حكم التحكيمطالما أن العقد الموقع بين الخصوم ينص على التحكيم ، دون النظر إلى سيادة الدولة وحقها في تنفيذ الحكم أو عدم تنفيذه ، وتجارنا في هذه البلاد كغيرهم من التجار فيدول العالم لديهم أعمال ومبادلات تجارية مع نظرائهم في دول العالم ، ويوقعون علىعقود تتضمن أن يتم اللجوء للتحكيم عند نشوء النزاع ، وقد يكون شرط التحكيم هذامتضمنا أن يكون التحكيم عن طريق إحدى منظمات التحكيم الدولية ، في غرفة التجارةالدولية بباريس مثلا أو غيرها ، ولا يخفى ما يترتب على ذلك من محظور شرعي نتيجةلتحكيم غير المسلمين. مما تقدم أصبح واضحا وجليا أنه من الأهمية بمكان أن يتمتأهيل عدد من الخبراء والفنيين في شتى التخصصات والمجالات من المسلمين ، حتىيكونوا قادرين بصورة رائدة على القيام بالتحكيم والفصل في القضايا التي يتفق فيهاالخصوم على اللجوء إلى التحكيم عند حصول النزاع ، كما تظهر الحاجة إلى عمل قوائمبأسماء هؤلاء الخبراء وتخصصاتهم الدقيقة ، للاستعانة بهم كمحكمين أو كخبراءيستشارون من قبل القضاة عند الحاجة .
    كما لا يخفى مدى أهمية توعية التجاروالصناع من المسلمين أنه عند الاضطرار لكتابة شرط تحكيم ، أن يكون من ضمن الشروطتحكيم شرع الله جل وعلا ، وأن لا يساقوا نتيجة لحاجاتهم التعاقدية إلى القبولبتحكيم غير المسلمين بأي حال من الأحوال .

    كيف يتم اختيار المحكَّمين :
    عند نشوء النزاع ينبغي على كل من طرفيالنزاع ومستشاريهما القانونيين الأخذ في الاعتبار بكلَّ العوامل ذات العلاقةبالخصومة بعد ظهورها وعند اتخاذ قرار باختيار محكَّم أو هيئة تحكيم لدراسة القضيةوإصدار حكم فيها فليس هناك شئ أهم من اختيار المحكَّم المناسب أو هيئة التحكيمالمناسبة .
    إن هذا الاختيار ليس مهما فقط لطرفي النزاع فيالقضية بعينها بل إنه مهم أيضا :
    1- لإظهار سمعة وصورة الإجراءاتالتحكيمية في أي بلد .
    2- للمحكَّمين أنفسهم الذين يجب أن تبرزقدراتهم على القيام بالإجراءات التحكيمية على أفضل وجه ، وأنهم مؤهلين لما انتدبواله ، وإلا انهدمت القناعات بهم إن كانوا غير مؤهلون .
    لذا فإن اختيار المحكَّم أو هيئة التحكيملنزاع لم تظهر معالمه بصورة واضحة يعد من الأمور الصعبة في الغاية . وهناك أسئلة يجب أن يجاب عليها قبل اختيارالمحكَّم أو هيئة التحكيم .
    هل قضية الدعوى كبيرة أم صغيرة ؟
    هل القضية مبدئيا مشكلة شرعية – قانونية، نظامية – ؟
    هل القضية تدور حول حقائق فنية ثابتة فقط؟
    هل القضية خليط من أمور شرعية و فنيةوغير ذلك ؟
    هل هناك حاجة إلى خبرة معينة و محددةلتقييم الحقائق الثابتة بسرعة وبطريقة سليمة ؟
    إن عملية اختيار المحكَّم دقيقة و شبيهةبعملية اختيار الجياد التي ستدخل مضمار السباق ، حيث يتم التدقيق في الجياد وتقسمإلى مستويات منها ما يدخل في سباقات الدرجة الأولى ومنها الثانية وهكذا .
    عند اختيار المحكَّم نجد أن معظم الأنظمةوالقوانين العالمية تعطي طرفي النزاع الحرية الكاملة في اختيار المحكَّمين ، حتىيتم حل النزاع بواسطة قضاة من اختيارهما ، وتنص المادة السادسة من اللائحةالتنفيذية لنظام التحكيم السعودي على أنيتم تعيين المحكَّم أو المحكَّمين باتفاق المحتكِمين في وثيقة تحكيم تحدد موضوعالنزاع تحديدا كافيا فمن نص هذه المادة يتبين لنا أن النظام السعودي أعطى طرفيالنزاع الحرية المطلقة في اختيار وتعيين المحكَّم أو المحكَّمين ، فليس هناك وصايةعلى الأطراف في اختيار محكَّميهم ، إذ يتحمل كل طرف مسئولية اختياره ، حيث يطمئنإلى الإجراءات بمساهمته في تشكيل هيئة التحكيم بتعيين محكَّم يثق في علمه وعدالته.
    ولكن في بعض الأحيان قد لا يجد طرفاالنزاع أي فرصة مؤثرة في اختيار محكَّميهما ، سواء من حيث عدد المحكَّمين أومؤهلاتهم ، فقد يكون الطرفان قد نصا مسبقا في شرط التحكيم على عدد المحكَّمين ،وهذا يكون خاصة عندما يستطيع الطرفان أن يخمنا نوع النزاع الذي قد يظهر بينهماأثناء تنفيذ العقد . ولكن الأهم من العدد هو مؤهلات المحكم ، وقد تكون مقررة مسبقاومكتوبة في شرط التحكيم قبل ظهور النزاع ، فمثلا قد يكتب أن يكون المحكَّم محاميالا تقل خبرته عن خمس سنوات ، أو أن يكون تاجرا عمل في تجارة كذا لمدة
    لا تقل عن ثمان سنوات ، وهذا قد يسببتأخيرا بين الطرفين لتقرير ما إذا كان المحكَّم بعينه يدخل في حدود المؤهلات أم لاعند ظهور النزاع ؟
    فشرط التحكيم لا يمكن أن يلغى أو تلغىبعض بنوده إلا باتفاق طرفي النزاع .
    وقد يسلم طرفا النزاع حقهما في الاختيارإلى جهة أخرى ، عندما يتفقان على أن يتم اختيار هيئة التحكيم من قبل جهة مختصةتقوم باختيار المحكَّمين ، أو ينصا في شرط التحكيم أن يتم التحكيم عن طريق إحدىالمؤسسات التي تفرض وصاية على اختيار الأطراف ، حيث تنص مثلا قواعد غرفة التجارةالدولية بباريس ، على أن لمحكمة التحكيم أن تثبت تسمية المحكَّم الذي يختارهالخصوم أو لا تثبت تسميته وفقا لتقديرها ، كما تنص قواعد محكمة لندن للتحكيمالتجاري الدولي ، على أنه أيا كانت التسميات من الأطراف أو من سلطات التعيين ، فإنمحكمة التحكيم هي التي تعين المحكَّمين وفقا لتقديراتها ، إن هذه الجهات التي تقررالمحكَّمين دون استشارة طرفي النزاع أو الرجوع لهما قد تعرف عن محكمَّين محددينمعروفين و مسجلين لديها أكثر مما يعرفه طرفا النزاع ، ولكن بالتأكيد هي لا تعرف عنالنزاع وتفاصيله وأسباب نشوئه أكثر مما يعرفه طرفا النزاع ومستشاروهما ، وحيث قد بينافي أول البحث ، أنه في الغالب ليس من الممكن تحديد نوعية المحكَّم المطلوب حتىيظهر موضوع النزاع ويعرف ، فإنه يفضل أن يحرص طرفا النزاع على أن لا يحددا عددالمحكَّمين ولا مؤهلاتهم مسبقا ، وإن قررا إحالة النزاع إلى تحكيم مؤسسي أن يختاراجهة لا تفرض عليهما وصاية في اختيار محكَّميهما . إذا وثيقة التحكيم التي يتفقعليها الطرفان لها أهمية كبرى في إجراءات التحكيم وقد تلعب دورا في اختيارالمحكَّمين .

    وثيقة التحكيم الخطوة الأولىفي اختيار المحكَّمين:
    لقد نصت المادة الأولى من نظام التحكيمالسعودي بأنه يجوز الاتفاق على التحكيمفي نزاع معين قائم ، كما يجوز الاتفاق مسبقا على التحكيم في أي نزاع يقوم نتيجةلتنفيذ عقد معين هذه المادة تبين أنهيصح أن يتفق على التحكيم بعد ظهور النزاع ، وفي هذه الحالة تسمى الوثيقة عندالمستشارين القانونيين مشارطة التحكيم ، كما يجوز أن يكون هناك اتفاق مسبق في أحدبنود العقد الأصلي الموقع من الطرفين ، أن يحال أي نزاع ينشأ من العقد إلى التحكيم، وفي هذه الحالة يطلق المستشارون القانونيون على هذا الشرط مسمى شرط التحكيم ،وفي الحالة الثانية لا يكون النزاع قد ظهر ولذا يفضل أن لا يتضمن الشرط بنودا تحددمؤهلات المحكَّمين ، حتى تكون هناك فرصة لتقرير الخبرات والمؤهلات المناسبةوالمطلوبة عند ظهور النزاع .

    العوامل التي يجب الاعتداد بهاعند اختيار المحكَّمين:
    هناك عوامل كثيرة يجب أن يؤخذ بها عند اختيار المحكَّمين ومن هذهالعوامل ما هو شرعي أو نظامي ( قانوني ) ،وهناك عوامل فنية عندما يكون النزاع في أمر فني ، وهناك أيضا عوامل أخلاقية تدخلتحت باب آداب القضاء التي توسع في بيانها فقهاء الإسلام رحمهم الله جميعا .
    أولا : أن يستوفي الشروط الشرعيةالمؤهلة لأن يكون محكَّما :
    اختلف الفقهاء رحمهم الله في الشروط التييجب توافرها في المحكَّم ، فمنهم من قال أن يكون المحكَّم أهلا للقضاء ، فهؤلاءاشترطوا في المحكَّم شروط القاضي ، ومنهم من اشترط في المحكَّم أن يكون مستجمعالبعض شروط الفتوى ، ومنهم من قال المحكَّم أي مسلم إن أنفذ حقا فهو نافذ وإن أنفذباطلا فهو مردود .
    وفي الحقيقة بتتبع أقوال الفقهاءوالتدقيق فيها نجد أنه توجد بعض الشروط التي اشترطها الفقهاء في القضاة لا بد أنتتوفر في المحكَّم بلا شك ، منها شروط متفق عليها بين عامة فقهاء الإسلام ، ومنهاشروط مختلف فيها ، وأخرى مستحبة .
    1- شروط صحة متفق عليها لتولي القضاء :
    الإسلام : فلا يصح أن يتولى التحكيم بينالمسلمين كافر مطلقا سواء كان يهوديا أو نصرانيا ، أو ممن لا يؤمنون باللهوملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ؛ لأن القضاء ولاية ، ولا ولاية لكافر على مسلموقد ثبت ذلك بقوله تعالى ( ولن يجعلالله للكافرين على المؤمنين سبيلا ) .[ النساء من الآية 141 ] وشرط الإسلام في القضاء لم يختلف عليه المسلمون وبه قالجميع العلماء قاطبة وعليه انعقد الإجماع ، وهذا ما نصت عليه المادة الثالثة مناللائحة التنفيذية لنظام التحكيم السعودي " يكون المحكم من الوطنيين أوالأجانب المسلمين ...
    أن يكون بالغا عاقلا : لأن الصغيروالمجنون والمعتوه لا يتعلق بهم تكليف ، ولأنهم لا يملكون الولاية على أنفسهم ،فمن باب أولى أن لا يملكونها على غيرهم ، وقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلمقوله ( فع القلم عن ثلاثة عن المجنون حتىيفيق وعن الصبي حتى يحتلم وعن النائم حتى يستيقظ ). والعقل مطلوب أن يكون مستمرامن أول وقت اختيار المحكَّم وأثناء نظر الدعوى وعند الحكم فيها ، فإذا شاب ذلك ماينقصه أو يعدمه في أي مرحلة من هذه المراحل كان الحكم باطلا .
    أن يكون حرا : فلا تصح تولية العبدالقضاء ؛ لأنه مسلوب التصرف لكونه مملوكاً لسيده ، فإذا كان لا يملك التصرف لنفسهفمن باب أولى أن لا يملك التصرف لغيره .
    أن يكون عدلا: اختلف الفقهاء في تعريفوتحديد صفة الإنسان المسلم العدل ، والصحيح والله أعلم هو من لا يظهر عليه الفسق ،فمن كان فاسقا ظاهر الفسق لا يكون عدلا ، ولذا فلعل أقرب التعاريف لمعنى العدل هوأن يكون صادقا ظاهر الأمانة عفيفا عن المحارم متوقيا الآثام بعيدا عن الريب مأمونافي الرضا والغضب ، فمن كانت هذه حاله كان عدلا أما من عرف بالجرأة على الحراموالمجاهرة بالمعصية ، أو كان غير مبال بها أو معروفا بعدم الاستقامة كان فاسقافالعدل يقابله الفاسق .
    وشرط العدالة قال به الحنفية في روايةوالمالكية والشافعية والحنابلة فلا بد أن يكون متولي منصب القضاء عدلا ، وللحنفيةرواية بجواز تولي الفاسق القضاء مع الكراهة وهو قول مرجوح والله أعلم .
    أن يكون سليم الحواس : فسلامة الحواسضرورية لإدراك الأشياء وفهمها ، وعدموجود الحواس يورث تعطيل العقل قال سبحانه وتعالى ( صم بكم عمي فهم لا يعقلون) [ البقرة من الآية 171] .
    أن يكون عالما بالأحكام الشرعية : ذهببعض العلماء من المالكية خاصة ، إلى أنه لا يشترط علمه بجميع الأحكام الفقهية إلاإن كان مولًى في جميع الأحكام ، فإن كان مولًى في شئ خاص كالمعاملات التجاريةاشترط علمه بها فقط وهكذا . ( اكتفي هنا بهذا القول حيث سأفصل أكثر عند حديثي عنشرط الاجتهاد ).
    2- شروط صحة مختلف فيهالتولي القضاء :
    أ- الاجتهاد : ذهب فريق من العلماءالمالكية في رواية والشافعية والحنابلة إلى اشتراط أن يكون من يتولى منصب القضاء قد حاز على درجة الاجتهاد المطلق.
    وقد تكلم الفقهاء في حدود تحقيق مرتبةالاجتهاد المطلق ، فنجد ابن قدامه في المغني جمعها بقوله ( شرط الاجتهاد معرفة ستةأشياء الكتاب والسنة والإجماع والاختلاف والقياس ولسان العرب – ثم فصل القول فيبيان المراد – فقال : فأما الكتاب فيحتاجأن يعرف منه عشرة أشياء : الخاص والعاموالمطلق والمقيد والمحكم والمتشابه والمجمل والمفسر والناسخ والمنسوخ ، والمنسوخفي الآيات المتعلقة بالأحكام وذلك نحو خمسمائة ولا يلزم معرفة سائر القرآن .
    أما السنة فيحتاج إلى ما يتعلق منهابالأحكام دون سائر الأخبار من ذكر الجنة والنار، ويحتاج أن يعرف منها ما يعرف منالكتاب ، ويزيد معرفة التواتر والآحادوالمرسل والمتصل والمسند والمنقطع والصحيح والضعيف ، ويحتاج إلى معرفة ما أجمع عليه وما اختلف فيه ومعرفة القياس وشروطه وأنواعه ، وكيفية استنباط الأحكامومعرفة لسان العرب فيما يتعلق بما ذكرنا ليتعرف به استنباط الأحكام من أصناف علومالكتاب والسنة ) إلى أن قال : فإن قيل هذه شروط لا تجتمع فكيف بجواز اشتراطها ؟
    وقد أكثر العلماء في بيان صفة المجتهد ،فذكرها النووي في المنهاج والماوردي فيالأحكام السلطانية وكان أوفاهم عرضا صاحب كتاب سبل السلام الذي أورد شروط المجتهد على صفة تجعلنانجزم بعدم وجوده في الدنيا .
    وقال بعض العلماء من المالكية والشافعيةأنه لا يشترط أن يكون القاضي مجتهدا ، وإنما لا بد أن يكون عالما قادرا على إنزالالحكم الشرعي على الواقعة المطروحة في الدعوى القائمة.
    قال العلامة الدردير في كتابه الشرحالصغير على أقرب المسالك : ( لا يستحق القضاء شرعا إلا من كان فقيها أي : عالمابالأحكام الشرعية التي ولِّي القضاء بها ولو كان مقلدا لمجتهد عند وجود مجتهد مطلق) .
    وذهب جمهور الحنفية إلى عدم اشتراط العلمأصلا ، فلم يشترطوا أن يكون متولي منصبالقضاء مجتهدا مطلقا ، ولا مجتهد مذهب ، ولا حتى مجتهد مسألة ، بل أجازوا تقليد العامي عند عدم وجود من هو أكفأ منه .
    ويرى الحنفية أن شرط الاجتهاد المطلق هوشرط أولوية وليس بشرط صحة قال السروجي في كتابه أدب القضاء : ( الصحيح عند الحنفيةوهو قول بعض المالكية أن الاجتهاد شرطالأولوية وليس بشرط الصحة ).

    الرأي الذي نرجحه
    بعد هذا العرض المختصر لأقوال العلماء فيشرط الاجتهاد لتولي منصب القضاء ، فإننيأرجح عدم اشتراط الاجتهاد المطلق ويؤيد هذا الترجيح ما قاله ابن قدامة في المغنيمستدلا على عدم اشتراط الاجتهاد المطلق : ( فقد كان أبو بكر الصديق وعمر بن الخطابخليفتين لرسول الله صلى الله عليه وسلمووزيريه يسألا الناس فيخبرا ، فسئل أبو بكر عن ميراث الجدة فقال : مالكِ في كتابالله شئ ولا أعلم في سنة رسول الله صلىالله عليه وسلم شيئا ولكن ارجعي حتى أسال الناس ، ثم قام فقال :أنشد الله من يعلمقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجدة فقام المغيرة بن شعبة فقال : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس. وسأل الفاروق عمر بن الخطاب عن إملاصالمرأة ، فأخبره المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى فيه بغرة ...وليس من شرط الاجتهاد في مسألة أن يكون مجتهدا في كل المسائل ... كمن يعرف الفرائضوأصولها ، ليس من شرط اجتهاده فيها معرفته بأحكام البيع ولا بأحكام المعاهدات ).
    وختم ابن قدامة رحمه الله كلامه السابقبقوله : ( ما من إمام إلا وقد توقف في مسائل ، وقيل من يجيب في كل مسألة فهو مجنون، وإذا ترك العالم لا أدري أصيبت مقاتله ).
    وقال ابن هبيرة في كتابه الإفصاح Sadولقدأهملنا هذا القول ولم نذكره ، ومشينا على طريق التغافل التي يمشي فيها من يمشي منالفقهاء ، الذين يذكر كل منهم في كتاب إن صنفه أو كلام إن قاله ، إنه لا يصح أنيكون أحد قاضيا حتى يكون من أهل الاجتهاد ، ثم يذكر من شروط الاجتهاد أشياء ليستموجودة في الحكام ، فإن هذا كالإحالة على التناقض ، وكأنه تعطيل للأحكام وسد لبابالحكم ولا ينفذ حق ولا يكاتب به ولا تقام بينة ).ولعل ما ذكره ابن فرحون في كتابهتبصرة الحكام نقلا عن إمام المدينة مالك رحمه الله تعالى أنه قال : لا أرى خصالالقضاء تجتمع في واحد ، فإن اجتمع منهاخصلتان ولِّي القضاء وهما العلم والورع ، قال ابن حبيب فإن لم يكن فالعقل والورعفإنه بالعقل يسأل وبالورع يعف وهو قول مالك في أهل زمانه فما ظنك بأهل زماننا ) !!
    وفي كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمهالله في مجموع الفتاوى قال : ( ويقدم في ولاية القضاء الأعلم و الأورع والأكفأ ،فإن كان أحدهما أعلم والآخر أورع قدم فيما يظهر حكمه ويخاف فيه الهوى الأورع ،وفيما يدق حكمه ويخاف فيه الاشتباه الأعلم ، ويقدمان على الأكفأ إن كان القاضيمؤيدا تأييدا تاما من جهة والي الحرب أو العامة ، ويقدم الأكفأ إن كان القضاءيحتاج إلى قوة وإعانة للقاضي أكثر من حاجته إلى مزيد من العلم والورع . فإن القاضييحتاج أن يكون عالما عادلا قادرا ، بل وكذلك كل وال للمسلمين فأي صفة من هذه الصفات نقصت ظهر الخلل بسببه ،والكفاءة إما بقهر ورهبة وإما بإحسان ورغبة وفي الحقيقة فلا بد منهما ) .
    بعد هذه المؤيدات من أقوال العلماء التيسقتها لتأييد ترجيح عدم اشتراط أن يكون القاضي مجتهدا مطلقا بل يولَّى من أهل كل زمان أفضلهم وأكملهم علما خاصة في هذاالزمان الذي فترت فيه الهمم عن طلب العلم وتحصيله والإقبال عليه .
    هذا في جانب القضاة فهل الأمر يشملالمحكمين كذلك ؟
    في هذا الزمن الذي تشعبت فيه الخصوماتوتفرعت وشملت جميع جوانب الحياة ، وفي ظل التحول الواسع في طبيعة الأنشطة التجاريةوالاقتصادية والصناعية ، خاصة وأن هذه الأعمال أخذت طابع التعقيد المتخصص ، وأصبحمن الضروري أن يوجد خبراء متخصصين للنظر في النزاعات المعقدة الناشئة من هذهالأعمال كل في تخصصه ، فإنني أرى أنه متى كانت القضايا بحاجة إلى دراية شرعية ،فإنه يكتفى بأن يكون الخبير على دراية بالأمور الشرعية ذات العلاقة بموضوع النزاع، كما قال ابن قدامة في آخر كلامه المتقدم
    ( وليس من شرط الاجتهاد في مسألة أن يكون مجتهدا في كل المسائل . كمن يعرف الفرائض وأصولهاليس من شرط اجتهاده فيها معرفته بأحكام البيع ولا بأحكام المعاهدات ).
    وذكر الإمام الطحاوي في كتابه الشروطالصغير مبينا ما يجب أن يكتب في وثيقة التحكيم
    ( إن فلانا الذي جعلا له الحكومة بينهما فيماذُكر ووصف في هذا الكتاب ، حر مسلم بالغ عاقل في شهادته ، صحيح العقل والبصر ، غيرمحدود في قذف ، عالم بوجوب الأحكام فيما حكماه فيه مما ذكر ووصف في هذا الكتاب ).
    والشاهد في كلام الإمام الطحاوي قوله ( عالم بوجوب الأحكامفيما حكماه فيه مما ذكر ووصف في هذا الكتاب ) . فلم يشترط رحمه الله أن يكونعلمه شاملا كل جوانب الشرع
    وفي الغالب فإن المحكَّمين إنما ينظرونفي المسائل التجارية والاقتصادية والصناعية وبالتالي عليهم أن يتقنوا تعلم فقهالمعاملات .
    ولا بأس أن يكون المحكَّم غير ملم بأحكامالشريعة الإسلامية عندما يكون المحكمَّ ضمن هيئة تحكيم مكونة من عدة أشخاص وأحدهمعلى علم بالشريعة بقدر كاف ، وهذا ما نصت عليه المادة الثالثة مناللائحة التنفيذية لنظام التحكيم السعودي
    (وعند تعدد المحكمين يكون رئسهم علىدراية بالقواعد الشرعية والأنظمة التجارية والعرف والتقاليد السارية بالمملكة) .
    وأرى كذلك أنه لا بأس أن يكون المحكَّم غير ملمبأحكام الشريعة عندما تكون القضية فنية بحتة وليس فيها شئ من الأمور الشرعية ،خاصة وأن التحكيم في بلادنا ولله الحمد والمنة مراقب بواسطة الشرع عن طريق الجهةالمختصة أصلا بنظر النزاع فإن كان الحكم مخالفا للشرع فلن تنفذه .
    ولا شك أنه من الأفضل أن يكون هؤلاءالخبراء الذين يعملون في مجال التحكيم على دراية كافية بالعلوم الشرعية ، وأنيجتهدوا في تحصيل تلك العلوم ليكونوا مؤهلين أكثر للنظر في تلك القضايا ، وليكونواأكثر اطمئنانا على أن اجتهاداتهم في تلك الأحكام صحيحة ، و لم تتجاوز ما شرع الله ورسوله .


    عدل سابقا من قبل Admin في الإثنين سبتمبر 20, 2010 2:23 pm عدل 1 مرات
    Admin
    Admin
    Admin


    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 2987
    تاريخ الميلاد : 18/06/1970
    تاريخ التسجيل : 27/09/2009
    العمر : 53

    اختيار المحكَّمين  وواجباتهم  وحقوقهم    Empty تابع

    مُساهمة من طرف Admin الإثنين سبتمبر 20, 2010 2:22 pm

    3- شروطاستحباب لتولي القضاء :
    استحب الفقهاء أن يتوفر في القاضي بعضالشروط لغاية الكمال وهي لا شك مستحبة أيضا لمن يتولَّى التحكيم ، من هذه الشروط :
    أن يكون كفؤا ؛ أي لائقا قضائيا ، بأنيكون فيه قوة على تنفيذ الحق بنفسه ، فلا يكون ضعيف النفس أحيانا حتى لا يطمع فيجانبه .
    ألا يكون مستكبرا عن مشورة من معه من أهلالعلم .
    أن يكون غنيا عفيفا ورعا فطنا ، متأنياغير عجول ، كثير التحرز من الحيل غير مخدوع ، لكلامه لين إذا قرب ، وهيبة إذا أوعد، ووفاء إذا وعد ، لا يطَّلع الناس منه على عورة ، ولا يخشى في الله لومة لائم .

    ثانيا : أن يكون خبيرا فيالمجال الذي انتدب له وفي المهام الإجرائية :
    أول ما يطرأ على الخاطر عند نشوء نزاععلى أمور فنية منصوص على حلها عن طريق التحكيم كيف يتم تحديد مواصفات المحكَّم ؟
    هنا تظهر الخبرةكعامل أساسي ومهم ، وعندما نتحدث عن الخبرة لا يقصد بها الخبرة في الجانب الفنيفقط بل أيضا في الجانب النظامي ( القانوني ) لإجراءات التحكيم ، فمن الناحيةالفنية يجب أن تتوفر في المحكَّم الخبرة العلمية والعملية والتدريبية ، ومنالناحية النظامية ( القانونية ) من المهم جدا أن يكون المحكَّم ذا خبرة في الأنظمةوالقوانين المعمول بها في مكان التحكيم ، فليس من المعقول مثلا أن يعين محكَّمصاحب خبرة في المحاماة والاستشارات القانونية إذا كانت خبرته لا تتضمن الخبرة فيممارسة التحكيم ، والأمر كذلك بالنسبة لمهندس مدني أو إنشائي أو خبير في الفيزياءالنووية مهما كانت قدراته ومهما كانت خبرته مرتبطة بمواضيع النزاع ، إلا إذا كانتلديه خبرة في إجراءات عملية التحكيم .وقد تكون الخبرة في النواحي النظامية (القانونية ) اقل أهمية عندما تكون هيئة التحكيم مكونة من ثلاثة أشخاص أو أكثر،وكان أحدهم على الأقل له خبرة وباع في ممارسة التحكيم
    إن توفر الخبرة العملية والعلمية فيالمجال الفني والنظامي ( القانوني ) ، وفي ممارسة التحكيم ، كلها على حد سواء هيعامل مساعد في استخلاص الحقائق وصولا إلى الحق .
    وعلى المحكَّم الذي يعمل في مجال التحكيمالدولي أن يظهر اهتماما بزيادة خبراته العملية والاطلاع على العلاقات التجاريةالدولية والعادات المختلفة وأهداف وتوقعات الناس في دول العالم ، فالمحكَّم كغيرهيتأثر بالعلم الذي حصل عليه والمجتمع الذي نما فيه .

    ثالثا : تعدد المحكَّمين :
    إن معرفة موضوع النزاع وكنهه وحجمهبالتفصيل قد يعطي لطرفي النزاع ومستشاريهما قناعة بعدد المحكَّمين اللازمين للنظرفي القضية ، فقد تكون الحاجة لمحكَّم واحد ، خاصة إذا كانت القضية صغيرة وفي حدودخبرة المحكَّم المختار وكان طرفا النزاع يثقان في عدالته و نزاهته .
    وفي منازعات صناعة التشييد الهندسي قدنجد خليطا من المشاكل التي تطرح على المحكَّم لحسمها ، وقد تتعلق هذه المشاكلبأمور تعاقدية ومسائل هندسية وفنية بالغة التعقيد ، وتتطلب تخصصات متعددة لحسمها ،ومن ثم فقد يكون من الأوفق أن تتكون هيئة التحكيم من ثلاثة أشخاص أو أكثر .
    على العموم إن الذي يحدد ذلك همالمحتكمون ومستشاروهم في الغالب ، ويفضل إذا تعدد المحكَّمون أن يكون العدد وتراحتى يحسم النزاع بالأغلبية ، وقد نصتالمادة الرابعة من نظام التحكيم السعودي على ذلك ( يشترط في المحكَّم أن يكون من ذوي الخبرةوحسن السيرة والسلوك كامل الأهلية ، وإذا تعدد المحكَّمون وجب أن يكون عددهم وترا) .

    رابعا : اللغة :
    من المهم جدا أن يكون المحكَّم على علمدقيق وعملي باللغة المستخدمة في عملية التحكيم ؛ لأنه إذا عين محكَّم لا يجيداللغة المستخدمة في عملية التحكيم ، فإنه يجب أن يعين مترجما ليترجم له الإثباتاتوأقوال الشهود والمداولات مع المحامين ومع هيئة التحكيم إن كانت أكثر من واحد .
    إن ترجمة المحادثات بدقة يعتبر أمرا بالغالصعوبة ، خاصة عندما يدلي شاهد بأقواله بتفصيل دقيق ، كما أن الترجمة تضيف تكاليفإضافية إلى عملية التحكيم أولا لدفع أتعاب المترجم المعين ، وثانيا للوقت الإضافيالذي ستستغرقه عملية التحكيم من وقت المحكَّمين .
    إنه من الواجب أن يعي طرفا النزاع جميعالعوامل السابقة المؤثرة في اختيار المحكَّم ، وأن تكون واضحة لدى الطرفين ، وأنتراعى عند صياغة وثيقة التحكيم سواء كانت شرطاً في عقد أو مشارطة بعد ظهور النزاع، ولأهمية صياغة وثيقة التحكيم أرى أن يتنبه طرفا النزاع للنقاط التالية وإدراجهافي وثيقة التحكيم عند صياغتها :
    طريقة اختيار المحكَّمين .
    وصف النزاع الذي يتضمنه التحكيم .
    عدد المحكَّمين .
    تخويل هيئة التحكيم بالاستمرار فيالإجراءات عند تقاعس أحد طرفي النزاع التحكيم وفق الشريعة الإسلامية ( في حال كون المتنازعان مسلمين أو أحدهما )
    التحكيم وفق الشريعة الإسلامية ( في حالكون المتنازعين غير مسلمين أو أحدهما )
    تحديد لغة التحكيم .
    تخويل المحكَّم أو هيئة التحكيم بزيارةالموقع لفحصه كلما لزم الأمر .
    الاتفاق على طريقة وخطوات الترافع أوتخويل المحكَّم أو هيئة التحكيم لتحديد طريقة وخطوات الترافع إذا لم يتفق عليهاالطرفان .
    تحديد أسلوب السماع للشهود .
    تحديد طريقة استدعاء الشهود .
    تحديد إمكانية الاستعانة بخبراء من خارجهيئة التحكيم إذا لزم الأمر وطريقة تعيينهم
    تحديد إمكانية تمثيل الطرفين بمحامين أووكلاء .
    تحديد إمكانية إصدار حكم مؤقت .
    تحديد المدة التي يجب أن يصدر فيها الحكم.
    بيان التكاليف وطريقة احتسابها .
    الواجبات والمهام التي علىالمحكَّمين أداؤها :
    بما أن المحكَّم قاضٍ يختاره الخصومليقوم بدراسة القضية ويصدر فيها حكما، لكونهم يثقون في عدالته ونزاهته ، ويغلب علىظنهم أنه سيصل إلى حكم عادل ومنصف ، لذا يترتب على المحكَّم واجبات من ثلاث جهات :
    أولا : واجبات من جهة الخصوم .
    ثانيا : واجبات من جهة الشرع والنظام (القانون ) .
    ثالثا : واجبات من جهة الأخلاق والآداب .

    أولا : الواجبات المحددة منجهة الخصوم :
    قد يحصل أن يضع طرفا النزاع مهام محددةليؤديها المحكَّم أو هيئة التحكيم ، إما عند توقيع العقد ، أو بعد ظهور النزاع ،ولذا يتوجب على المحكَّم المعين أو هيئة التحكيم المعينة أن يدققوا بحرص شرطالتحكيم أو مشارطة التحكيم ، للإطلاع عما إذا تضمنت مهام وشروطاً على المحكَّم غيرمقنعة ، أو مستحيلة ، على سبيل المثال طلب إصدار الحكم في مدة قصيرة جدا يستحيلخلالها الوصول إلى حكم . وقد يطلب طرفا النزاع بعض المهام أثناء فترات عمليةالتحكيم ، وفي هذه الحالة يمكن تنفيذها بالتشاور مع المحكَّم أو هيئة التحكيم .
    وإذا كانت تلك المهام الجديدة ذات أهميةعظيمة للوصول إلى حل منصف في القضية ، فإن على المحكَّمين الذين يشعرون بعدمقدرتهم على تحقيق تلك المهام الجديدة ، أن يقدموا استقالتهم فليس أمامهم خيار آخر. وعلى الرغم من أن طرفي النزاع لهما الحق في طلب تلك المهام الإضافية المهمة ،ويعتبر تصرفهما موضوعيا ، إلا أنه ليس لهما الحق بالمطالبة بالأجور الضائعة التيغرموها أو خسروها لما مضى من عمل المحكَّم أو هيئة التحكيم ؛ لأن طلب تلك المهامجاء بعد التكليف .

    ثانيا : الواجبات المحددة منجهة الشرع والنظام ( القانون ):
    أن يعمل كقاضي : إن مهمة المحكَّم بأنيتصرف كقاضي مهمة تمتد لكل جوانب الإجراءات التحكيمية ، فلا بد من أمور يجب أنيتقيد بها وهي :
    العدل بين الخصمين : المقصود بالعدل بينالخصمين هنا ليس العدل في الحكم ، فهذا أمر مفروغ منه ، إذ أن العدل في الحكم هوالقضاء كله أصلا وغاية ، إنما المقصود العدل في التعامل مع الخصمين ، وهو على قدركبير من الأهمية في تأكيد عامل النزاهة والموضوعية والمساواة ، فعن عبد الله بنالزبير رضي الله عنه قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أن الخصمين يقعدانبين يدي الحكم ) ، لذا على المحكَّم أن يعدل بين الخصمين في كل شئ ، بدءً بدخولالخصمين عليه وإقباله عليهما ، وفي الخطاب وفي اللحظ واللفظ والإنصات ، وفي القياموالجلوس والكلام ، حتى في النظر إليهما ، وإعطاء كل منهما فرصة عادلة لعرض قضيته ،ومن الواضح أنه ليس لهيئة التحكيم ككل ، ولا لأي أحد من أعضائها منفردا أن يناقشالقضية مع أحد الخصوم في ظل غياب الطرف الثاني ، إلا في حالة تغيبه عن الجلسة بعدأن أعطي خبرا بموعد الجلسة وبطريقة سليمة وفي وقت كاف ، وإن عدم الالتزام بهذاالواجب يؤدي إلى تحمل المسئولية وإقالة المحكَّم .
    أن لا يحكم أثناء الغضب أو عند عدماستقامة الفكر: الغضب يؤثر في توازن الإنسان بسبب الانفعال ، فلا يكون حكمه سديدا غالبا ، ولذاقال صلى الله عليه وسلم ( لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان ) . ويمكن أن يقاس علىالغضب جميع الحالات التي تؤثر في فكر الإنسان ، فتمنع إصدار حكم عادل أو تشغل عن استيفاء النظر في القضية كالجوعوالعطش والألم ، فلا يكون الحكم إلا عند استقامة الفكر .
    العمل بحرص والرجوع عن الخطأ عند وقوعه : ،لا شك أن المحكَّمينالذين يقبلون تعيينهم ، ويدخلون في عقد مع طرفي النزاع لإتمام إجراءات التحكيم ،مطلوب منهم أن يتأكدوا من أن إجراءات التحكيم تنفذ بطريقة صحيحة ، وأن يصدروا حكماعادلا ومحكما ومبررا ، وهذا يتطلب منهم أن يعملوا بحرص وبدقة فائقة ، وعلىالمحكَّم إذا تبين له أنه أخطأ في قضائه فعليه أن يظهر رجوعه عن ذلك ، ولا يمنعهالاستحياء من الناس ولا الخوف ، فالله تعالى يحفظه من الناس ، والناس لا يحفظونهمن عذاب الله جل و علا .
    العمل بجد ومثابرة : ليس هناك آكد من أن يعملالمحكَّم في إنهاء مهمته بجد ومثابرة ؛ لأن تأخير العدالة جور ، ولذا فإن بعضالأنظمة والقوانين التي تنظم عملية التحكيم ، تؤكد على أن تنتهي إجراءات التحكيمفي سرعة معقولة ، وذلك بتحديد مدة محددة لإصدار الحكم ، بل إن بعض الأنظمة تنص علىأن المحكَّمين الذين يفشلون في إنهاء الإجراءات وإصدار الحكم بسرعة محددة ، قديقالون بواسطة محكمة مختصة ويحرمون من أي استحقاق للتعويض ، أو الحصول على أتعابلقاء ما قاموا به من عمل في القضية ، لذا من المهم جدا أن يتأكد المحكَّمون منأنهم ليسوا فقط مختصين في موضوع النزاع وقادرين على إنهاء الإجراءات بما يتناسب معسرعة متطلبات الطرفين ، ومتمكنين من الوصول إلى قرار في الحقائق التي تظهر منمراجعة المستندات ، بل لا بد أن يتأكدوا أيضا أن لديهم الوقت لتكريس الجهد ،والرجوع إلى المراجع العلمية اللازمة عند الحاجة ، لإصدار حكم منصف للطرفين وإعطاءالاهتمام بكل الظروف المحيطة بالقضية .

    ثالثا : الواجبات من جهةالآداب والأخلاق :
    عندما نتحدث عن الآداب والأخلاقياتالمتعلقة بالمحكَّمين لا يعني ذلك أنها مجرد آداب وأخلاقيات ، وأنه لا تأثير قويلها في عملية التحكيم ، بل إن افتقاد هذه الآداب والأخلاقيات يؤدي حتما إلى الطعنفي المحكَّم وإبطال حكمه في حالة ثبوت فقدانها وعدم العمل بها ، وفيما يلي نعرضبعض تلك الآداب والأخلاقيات المطلوبة من المحكَّم :
    ألا يقبل النظر في مطالبة تثير الشك فيتحيزه لأحد الطرفين ، كأن يكون أحد الخصمين قريبا له ، أو بينه وبين المحكَّممصلحة ، أو علاقة خاصة أو مشتركة في عمل أو تجارة ونحو ذلك ، وهذا الواجب يجب أنيكون مستمرا قبل وأثناء التعيين وبعد إصدار الحكم أيضا ، ويمكن للمحكَّم أن يقبلالتعيين في مثل هذه الحالة إذا بين تلك العلاقة لجميع الأطراف ، وقبل الخصم به علىالرغم من معرفته بتلك العلاقة التي بينها المحكَّم ، وعندئذ ينبغي أن يسجل ذلككتابيا بمحضر ويوقع عليه الجميع .
    أن يحذر من أي اتصال غير ملائم مع أحدالطرفين ، وأن لا يقبل أي هدية منهما أو احتفاء به أو إكرام .
    ألا يقبل التعيين كمحكَّم إلا إذا كانيملك الخبرة المناسبة والقدرة على حل النزاع ، وأن يكون لديه الوقت الكافي لأداءالمهمة .
    أن يخلص للعلاقة الموثوقة والقناعة التيتأصلت لدى الطرفين بكفاءته وحياده وعدله .
    أن لا يستجدي أو يلتمس التعيين كمحكَّم في قضيةما ، وإن كان لا مانع أن يعلن بطريقة مقبولة عن خبراته ومهاراته .
    أن لا يحكم إلا بما طالب به الخصمان من حقوق ،فإن ظهر له أثناء دراسته للقضية استحقاق لأي من الطرفين لشيء لم يطالب به فليس لهأن يحكم له به .
    ألا يستفيد من المعلومات التي حصل عليهاأثناء إجراءات التحكيم لتحقيق أي مغنم لنفسه أو للغير أو المساس بمصالح الطرفين .
    أن يلتزم بالمحافظة على سرية كافةالمسائل المتعلقة بإجراءات التحكيم بما فيها المداولات وقرار التحكيم.
    ولعله من المناسب بعد أن وضحنا الواجباتالملقاة على المحكَّم ، الذي يعد في الحقيقة قاضيا ينال ولايته باختيار الخصوم أننتأمل في رسالة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، التي أرسلها إلى أبي موسىالأشعري يوصيه ويرشده ويوجهه إلى ما يعينه على القيام بمهمته في القضاء ، وهذانصها ( أما بعد فإن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة فافهم إذا أدلي إليك ، فإنهلا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له ، آس بين الناس في مجلسك وفي وجهك وقضائك ، حتى لايطمع شريف في حيفك ، ولا ييأس ضعيف في عدلك ، البينة على المدعي واليمين على منأنكر ، والصلح جائز بين المسلمين ألا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا ، ومن ادعى حقاغائبا أو بينة ، فاضرب له أمدا ينتهي إليه ، فإن بينه أعطيته بحقه ، وإن أعجزه ذلكاستحللت عليه قضيته ، فإن ذلك هو أبلغ في العذر وأجلى للعماء . ولا يمنعك قضاءقضيت فيه اليوم فراجعت فيه رأيك ، فهديت فيه لرشدك ، أن تراجع فيه الحق ، فإن الحققديم لا يبطله شئ ، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل . والمسلمون عدول بعضهمعلى بعض ، إلا مجربا عليه شهادة زور ، أو مجلودا في حد ، أو ظنينا في ولاء أوقرابة ، فإن الله تولى من العباد السرائر ، وستر عليهم الحدود إلا بالبيناتوالأيمان . ثم الفهم الفهم فيما أدلي إليك مما ورد عليك مما ليس في قرآن ولا سنة ،ثم قايس الأمور عند ذلك واعرف الأمثال ، ثم اعمد فيما ترى إلى أحبها إلى اللهوأشبهها بالحق .
    وإياك والغضب والقلق والضجر والتأذيبالناس والتنكر عند الخصومة ، فإن القضاء في مواطن الحق مما يوجب الله به الأجرويحسن به الذكر ، فمن خلصت نيته في الحق ولو على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن تزين بما ليس في نفسه شانه الله ، فإن الله تعالى لا يقبل إلا ما كان خالصا، فما ظنك بثواب عند الله في عاجل رزقه وخزائن رحمته ، والسلام عليك ورحمة الله ).
    فيا لها من كلمات سديدة جاءت على جل ماذكرناه آنفا من الواجبات بألفاظ مختصرة وبيان محكم ، وهذه الكلمات ليست وليدة عصورالتقدم العلمي ، بل هي رسالة موجهة لكل راغب في العدل وإحقاق الحق منذ أربعة عشرقرنا من الزمان ، ولكنه الإسلام الذي شع في قلب الفاروق فجعله يبصر الأمور بجلاء .



    حقوق المحكَّمين:
    كما إن على المحكمين واجبات تجاه الخصوموتجاه الشرع والنظام وتجاه القضية فإنهم أيضا لهم حقوق ومن حقوقهم :
    1- الحصول على أتعاب مقابل أعمالهم في التحكيم :
    من حق المحكمين أن يحصلوا علىأتعاب مقابل عملهم في التحكيم ، و ذلك سائغ شرعا حيث إن المحكم كالقاضي ، وقد أجازالعلماء أن يجعل للقاضي مبلغا من المال مقابل تفرغه للقضاء بين الناس ، ولتسدحاجته وحاجة عياله وذلك قياسا على الحاكم حيث إن الصحابة رضي الله عنهم بعدمبايعتهم لأبي بكر رضي الله عنه بالخلافة ورأوه في اليوم التالي من توليه الخلافةفي الصباح الباكر حاملا متاعا من متاع أهله ، فسألوه عن وجهته ، فأخبرهم أنه ذاهبإلى السوق لغرض الاتجار والتكسب بحثا عن رزقه ورزق عياله ، فقرر الصحابة أنه يجبأن يكفى الخليفة مؤنة ذلك ، وأن يجعل له جعلا من بيت المال يكفيه هو وعياله .
    وهذا يقتضي جواز حصول المحكَّمين علىأتعاب مقابل ما يبذلونه من جهد في القضية ، ومقابل ما يقضونه من وقت فيها ، ولكنيجب أن تكون أتعاب المحكَّمين معقولة ومعتدلة ومقبولة ، مع الأخذ في الاعتبار كلالظروف المحيطة بنظر القضية ، من أجور التنقل وعمل الفحوصات والسفر والسكن والوقتوالجهد ، ويجب على المحكَّم أن يوضح أسس احتساب الأتعاب والمصاريف .
    وإن كان هناك بعض الجهات المختصةبالتحكيم تقدر الأتعاب بحسب نسب وجداول تعمل بها ، ولكنني أرى أن تحتسب الأتعاببحسب كل قضية والظروف المحيطة بها ، وقد نصت المادة الثانية والعشرون من نظامالتحكيم على أن ( تحدد أتعاب المحكَّمين باتفاق الخصوم ،ويودع ما لم يدفع منها لهم خلال خمسة أيام من صدور القرار باعتماد وثيقة التحكيملدى الجهة المختصة أصلا بنظر النزاع ، وتصرف خلال أسبوع من تاريخ صدور الأمربتنفيذ الحكم ) .
    2- الحصانة من المقاضاة :
    لا شك أن المتخصصين فيالأعمال الحرة والخدمية ، كالمحامين والأطباء والمهندسين والمحاسبين وغيرهم ، عليهمأن يؤدوا أعمالهم المتخصصة بمهارة صحيحة واهتمام بالغ ، ويتحملون مسئولية الأضرارالناتجة عن تقاعسهم أمام الطرف المتضرر إذا فشلوا في أداء مهمتهم على الوجه الصحيح، وعليه فإن الأخصائيين الذين لا يتصرفون بحرص ويسببون الخسارة للغير قد يتحملوننتائج ذلك بحكم قضائي .
    ولكن هؤلاء إذا عملوا في التحكيم وأصدرواحكما ، وتولدت قناعة عند لدى الطرف المحكوم عليه أنه قد ظلم وهذا قد يحدث غالبا ،فهل يحق له لمجرد هذا الشعور أن يقيم دعوى ضد المحكَّم أو هيئة التحكيم مطالبابالتعويض .
    ولم أجد في النظام السعودي - للتحكيمفيما قرأت - عن وجود مادة تحمي المحكَّمين من مقاضاة الخصوم لهم على الأحكام التييصدرونها .
    فيما نجد في الفقه الإسلامي أنه إذا ثبتعلى المحكَّم الجور والتقصير المتعمد فإنه يلزمه الضمان في ماله قياسا على القاضي، حيث قرر الفقهاء على أن القاضي إذا تعمد الجور وأقر بأنه حكم متعمدا بغير حقلزمه الضمان في ماله ، قال ابن فرحون في تبصرة الحكام نقلا عن مختصر الواضحة : ( على القاضي إذا أقر بأنه حكم بالجورأو ثبت ذلك عليه بالبينة العقوبة الموجعة ، ويعزل ويشهر ويفضح ، ولا تجوز ولايتهأبدا ولا شهادته ، وإن صلحت حاله وأحدث توبة لما اجترم في حكم الله تعالى ، ويكتبأمره في كتاب لئلا يندرس الزمان فتقبل شهادته ، والقاضي أقبح من شاهد الزور حالا ).
    وهذا الذي ذكره ابن فرحون رحمه الله ،إنما يكون عندما يتعمد القاضي الجور ويقر بأنه تعمد ذلك ، أو يثبت عليه ببينةقطعية أنه تعمد الجور ، ولكن لو أنه اجتهد فأخطأ ، ثم تبين له الخطأ ، وكانالمحكوم عليه قد دفع مالا للمحكوم له فتصرف فيه ، فالضمان في هذه الحالة لا يكونمن مال القاضي ، وإنما من مال الذي حُكم له حتى وإن كان قد تصرف فيما اخذ . وينبغيأن يكون المحكَّم كالقاضي في ذلك ، وإلا لترك المؤهلين للتحكيم العمل في هذاالمجال وزهدوا فيه .
    ونجد أن القوانين في الدول الغربية تنحىمنحيين في هذا الموضوع ، فالدول التي تطبق القانون المدني لا توفر للمحكَّمالحصانة ضد المقاضاة ، فنجد في القانون الأسترالي على سبيل المثال أنه ينص على أنالمحكَّم الذي لا يؤدي مهامه كاملة ، والمفترضة لقبوله أن يعين كمحكَّم ، أو لايؤديها خلال المدة المحددة قد يتحمل المسئولية أمام الأطراف لجميع الخسائر الناتجةمن تصرفه الخاطئ ، ومع ذلك لا يكون ذلك في كل الأحوال فالمسئولية الناتجة عن أخطاءإجراءات التحكيم ، والقرارات الخاطئة محددة بالأضرار الناتجة عن العمد أو التقاعسوالإهمال ، والقانون الألماني يقف نفس الموقف .
    بينما نجد في الدول التي تطبق القانونالعام أنها تعتبر المحكَّم محصناً من المسئولية ، وهذا مؤسس على أرضية دستوراجتماعي ، بأن المحكمين يؤدون عملا قضائيا أو شبه قضائي ، ويجب أن يخولوا بحصانةمن الشكاوى حتى يؤدوا مهامهم باستقلالية ، فلا يمكن في دول القانون العام أن يتحملالمحكَّم المسئولية عن أدائه لمهامه التحكيمية إلا إذا ثبت عليه سوء النية . إذاحق المحكَّم بوجود نظام يحميه من دعاوى الخصوم أمر في غاية الأهمية حتى يعمل باستقلالوحرية واطمئنان ، وإلا لأحجم المؤهلون لسد هذه الثغرة من ثغور الإسلام عن القيامبهذه المهمة خوفا من ما قد يلحقهم من أضرار مادية أو معنوية .

    ( وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين )
    إن أصبت فمن الله وتوفيقه ، وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان.

    المصادر:
    أولا : الكتب
    1- شرح صحيح مسلم للنووي
    2- الشروط الصغير أحمد بن محمد الطحاوي
    3- الإحكام في تمييز الفتاوي عن الأحكام أحمد بن إدريس القافي
    4- تبصرة الحكام ابن فرحون
    5- المغني ابن قدامة
    6- الحاوي الماوردي
    7- مجموع الفتاوى ابن تيمية
    8- الشرح الصغير الدردير
    9- أدب القضاء السروجي

    ثانيا : بحوث وأوراق مقدمةلبعض الندوات :
    1- أهلية المحكم في القضاء الإسلامي د. محمود عبد المجيد الخالدي
    2- الخبرة في التحكيم ونظامهاالقانوني د. أكثم الخولي
    الطبيعة الخاصة والمميزة لصناعةالتشييد د . محمد أبو العينين
    وأثرها على وسائل حسم المنازعات .
    ثالثا : نظام التحكيم واللائحةالتنفيذية.

    السيرة الذاتية للمهندس عادل بن محمدأمين روزي
    بكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعةالملك سعود ( جامعة الرياض سابقا ) .
    بكالوريوس في الدراسات الإسلامية منجامعة الملك عبد العزيز بجدة .
    ماجستير في الشريعة من جامعة أم القرى(فقه وأصول ) .
    عمل كمهندس في العمل الحكومي وبعضالشركات الخاصة في مجال التشييد لمدة ست سنوات .
    العمل في مجال الاستشارات الهندسية منذعام 1406 هـ وحتى تاريخه .
    حصل على أكثر من ثلاثة وعشرين دورة فيمجال التحكيم والخبرة الهندسية .
    شارك كمحاضر في عدد من المؤتمراتوالندوات والدورات في مجال التحكيم الهندسي .
    شارك في بعض القضايا التحكيمية والعديدمن تقارير الخبرة المقدمة للمحاكم وديوان المظالم و جلسات الصلح والتوفيق بينالخصوم .
    عضو شعبة التحكيم بالهيئة السعودية للمهندسين.
    محكم معتمد فئة ( أ ) لدى الهيئةالسعودية للمهندسين .
    محكم معتمد فئة ( أ ) لدى اتحاد المنظماتالهندسية في الدول الإسلامية .
    محكم معتمد في جدول محكمي مركز التحكيمالتجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية .

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 16, 2024 3:47 pm