حقوق الإنسان
في ظل النظام العالمي الجديد
( مابين الإسلام وإعلان حقوق الإنسان )
د. عبد الحفيظ
عبد الرحيم محبوب
ملخص
يتناول هذا البحث موضوعاً على جانب من الأهمية في الوقت الحاضر بعد ان تعرض
الإنسان في أماكن مختلفة من العالم لحروب ابادة ، وحوادث سفك دماء بريئة ومعصومة
وغيرها من الأعمال الاجرامية في حق الإنسان والمجتمعات . وقد درس البحث القضايا
التالية : حقوق الإنسان في الإسلام والفرق بين عالمية حقوق الإنسان في الإسلام
كتشريع ديني ، وبين اعلان حقوق الإنسان العالمية ذات المنشأ السياسي الوضعي ،
والقيم والأفكار التي أثرت على نشأة اعلان حقوق الإنسان العالمي ، والعوامل التي
جعلت من اعلان حقوق الإنسان العالمية مجرد اعلان ، وتفريطها لحقوق الإنسان في عصر
العولمة مما أدى إلى انتهاك حقوق الإنسان المعلنة ، وخاصة ضد المسلمين بسبب العداء
التاريخي ، والهجوم على الإسلام والمسلمين ، واعتباره العدو القادم خاصة بعد احداث
الحادي عشر من سبتمبر مما أصبحت حقوق الإنسان مجرد دعاوى ومظلة تحتمي بها هيئة
الأمم المتحدة . ما جعل الإنسان يتساءل كيف يتفاعل مع العولمة في إطار البحث عن
العوامل التي من شأنها ان تحقق عولمة آمنه لايخاف فيها أحد على هويته وثقافته مع
تعظيم عقيدته والانطلاق فيها نحو التعامل مع العالم ( المعولم ) .
وكنظرة مستقبلية فان العرب والمسلمين بحاجة إلى صياغة مشروع حضاري مغاير ومواز
للمشروع الأمريكي الأوربي .
مقدمة :
تعد قضية حقوق الإنسان من أهم القضايا التي احتلت الصدارة والاهتمام العالمي
والمحلي . وذلك مباشرة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، حيث ظهرت الحاجة للسلم
العالمي ، وضرورة خلق توازن دولي ، إضافة إلى سعى عدد من الشعوب لتحقيق استقلالها
، ومشروعها في بناء الدولة الوطنية ، هذه الدولة التي واجهتها عدة مشاكل وعقبات
مهمه ، كان على رأسها الاختيارات السياسية والاقتصادية والايدلوجية التي تبين ان
لها علاقة مباشرة بموضوع حقوق الإنسان .
هذه الاختيارات كان لها وقع مزدوج داخل العالم الإسلامي ، فهي إلى جانب اسهامها في
احداث تغييرات جذرية في جميع البنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية
التقليدية ، احدثت تطوراً ملموساً في مجال الحقوق الإنسانية ، الا انها في المقابل
، فجرت مجموعة من الاشكاليات التي عولجت وتمت مناقشتها بشكل واسع تحت عناوين
مختلفة مثل : الاصالة والمعاصرة ، الخصوصية والعالمية ، الهوية والغزو الثقافي
وغيرهامن العناوين التي تدل على فداحة التحديات التي تعرض لها العام الإسلامي بعد
ما فقد السيطرة على حدوده السياسية والثقافية بالخصوص ( دكير ، 2001: 1 ) .
وان حاجة الناس إلى نظام عالمي يقيم حياتهم على العدل والأمن والإخاء والسلام مطلب
قديم تحدث بشأنه الفلاسفة والمصلحون وتنادى العرب في جاهليتهم إلى حلف الفضول
ينصرون به المظلوم ، وجاء الإسلام فلبى حاجة فطرة الإنسان وحقق للناس احلامهم ،
ووضع لذلك قواعد ومبادىء وقيماً داخل سلوكيات وأدبيات . وعاش الناس في ذلك فروناً
عديدة ينعمون بالأمن والرخاء والسلام والعدل وحجب الإسلام عن حياة الناس فكان
اضطراب كبير في الأرض واشعلت حروبا أكلت الأخضر واليابس مما اضطر صناع القرار ان
يتنادوا إلى نظام يجنب البقية الباقية من الأرض ويلات مااقترفته أيديهم ، فكانت
عصبة الأمم التي تطورت شأنها إلى هيئة الأمم المتحدة لتكون الاطار المؤسس للنظام
الدولي يومئذ على أسس المساواة وحب السلام والعضوية المفتوحة للجميع ( الرفاعي ،
1416هـ : 126 )
إلا أن انهيار امبراطورية الاتحاد السوفيتي قلب موازين القوى الدولية واحداث
تغيرات واسعة في البنية الدولية ومعادلاتها الاقليمية والعالمية .
وعززت حرب الخليج الثانية بأن الولايات المتحدة تسعى لأن تكون الأقوى في اتخاذ
القرارات الدولية وان الظروف أصبحت مهيئة لزعامة القطب الواحد في العالم وأعلن
الرئيس الأمريكي السابق بوش عن نظام عالمي جديد دون تصورات ومفاهيم وبروز تيار
ثقافي في الغرب يقدم الإسلام والمسلمين على أنهم العدو الأخطر على الحضارة الغربية
وسيادتها بعد سقوط المعسكر الشيوعي .
كما ان القوة التي تتمتع بها أمريكا الآن قد ساهمت بشكل أو بآخر في خلق الارهاصات
التي أدت إلى وجود ظواهر التطرف والتنظيمات المعادية لأمريكا والتي تضم في صفوفها
جمعيات أخرى غير إسلامية .
أهداف ومنهج الدراسة :
تهدف الدراسة إلى التعرف على :
* حقوق الإنسان
بين الإسلام والإعلان العالمي.
* حقوق الإنسان
بين العالمية والخصوصية .
* الأفكار
والمبادىء التي نشأت في ظلها حقوق الإنسان .
* مساهمة الثقافة
العربية والإسلامية في صياغة حقوق الإنسان .
* واقع حقوق
الإنسان في عصر العولمة وفي ظل النظام العالمي الجديد .
ولتحقيق أهداف الدراسة هناك عدد من التساؤلات تجيب عليها الدراسة وهي:
- هل
مبادىء اعلان حقوق الإنسان عالمية أم أنها تتعارض مع خصوصيات المجتمعات الأخرى ؟
- هل
قرارات مجلس الأمن الصادرة هي تأييد لحقوق الإنسان أم تغليب لمصالح الدول الكبرى
على حساب حقوق الإنسان المعلنة ؟
-
لماذا يتغاضى العالم عن انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين وفي اماكن أخرى من
العالم؟
-
لماذا يستغل ملف حقوق الإنسان كسلاح ضغط ضد دول معينة ؟
- هل
هناك حقوق إنسان فعلية في العالم ؟
-
وإذا كانت هناك حقوق إنسان فعلية في العالم فهي مخصصة لمن ؟
وتعتمد هذه الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي للوصول إلى مفاهيم واجابات واضحة
على الأسئلة المثارة ضمن هذه الدراسة .
هذا وقد قسم البحث إلى عدة مباحث تسبقها مقدمة وتليها خاتمة وتوصيات ، الأول منها
حقوق الإنسان في الإسلام كتأكيد عالمية حقوق الإنسان في الإسلام والفرق بينها وبين
اعلان حقوق الإنسان ، إذ أن حقوق الإنسان في الإسلام تشريع وفي اعلان حقوق الإنسان
سياسي ، أما المبحث الثاني فيتعلق باعلان حقوق الإنسان من حيث تاريخ نشأته وقيم
وأفكار حقوق الإنسان والعوامل التي جعلت من حقوق الإنسان مجرد اعلان ، أما المبحث
الثالث فيعالج حقوق الإنسان في عصر العولمة وتفريطها لحقوق الإنسان ، ويأتي المبحث
الرابع الذي يناقش استغلال ملف حقوق الإنسان كسلاح ، وخاصة ضد المسلمين ، ويتناول
المبحث الخامس معاداة الإسلام والمسلمين على مر العصور حتى وقتنا الحاضر وهو
انتهاك لحقوق الإنسان المعلنة أو معرفة الأسباب الحقيقية وراء هذا العداء ،
والهجوم على الإسلام والمسلمين ، أما المبحث الأخير والسادس الذي يختتم البحث
ويتعلق بانتهاكات حقوق المسلمين في العالم ، مما يؤكد على ان حقوق الإنسان مجرد
مظلة تحتمي بها هيئة الأمم المتحدة ، وان حقوق الإنسان المعلنة مجرد دعاوى بسبب
نظرة الغرب إلى العرب والمسلمين بنظرة دونية نتيجة تخلفهم . ويقترح الباحث على
العرب والمسلمين كنظرة مستقبلية إلى ضرورة صياغة مشروع حضاري مغاير ومواز للمشروع
الأمريكي الأوروبي ، وان يتكاتف فيه الإسلام الحضاري مع القوى الأسيوية بجانب
تحقيق أسباب النصر التى وعد الله بها عباده المؤمنين .
مصطلحات الدراسة :
تعريف الحق بين الإسلام والقانون
الدولي :
الحق نقيض الباطل ، وجمعه حقوق كما في قوله تعالى { لقد حق القول على أكثرهم فهم
لايؤمنون } ( يس : 7 ) . { لينذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين } ( يس : 70
) {بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه } ( الأنبياء : 18 ) . والحق لفظ من أسماء
الله تعالى ، وقيل من صفاته { ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق } ( الانعام : 62
) وفي أموالهم حق للسائل والمحروم } ( الذاريات : 19 ) ويختلف المراد من لفظ
الحق باختلاف المقام الذي وردت فيه الآيات السابقة والغرض منها ومعناه العام
لايخلو من معنى الثبوت والمطابقة للواقع .
فتعريف كلمة حق في اللغة العربية معناها الثابت والواجب { قال الذين حق عليهم
القول } ( القصص : 63 ) أي ثبت { ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين } ( الزمر :71)
أي وجبت .
وفي الاصطلاح : اختلفت معانيه الاصطلاحية لاختلاف النظرة إليه والاستعمال فنظر
إليه أهل المعاني على انه الحكم المطابق للواقع ويقابله الباطل ( الجرجاني ،
1403هـ : 89 ) .
واستعمل بعض الفقهاء المتقدمين الحق بمعنى الاختصاص وبمعنى الأولوية والاستئثار
(الدريني ، 1404هـ : 193 ) .
ويستعمل لفظ الحق في الفقه الإسلامي للدلالة على معان متعددة : فهو يستعمل لبيان
مالشخص ، أو ماينبغي ان يكون له من التزام قبل شخص أو أشخاص آخرين كحق الرعية على
الراعي وحق الراعي على الرعية ، وهو من الحقوق العامة .
ويطلق الحق على الحقوق الشخصية في العلاقات الأسرية كحق الزوج على زوجته وحق
الزوجة على زوجها .
كما يطلق على الحقوق المالية كما في قوله تعالى : { والذين في أموالهم حق معلوم
للسائل والمحروم } ( المعارج : 24 ، 25 ) . ويكون اخلاقياً إنسانياً كما في قول
الرسول صلى الله عليه وسلم ( حق المسلم على المسلم ست : إذا لقيته فسلم عليه
.....) ( صحيح مسلم ، 4/1705 )
وكثيراً مايستخدم بمعنى الواجب كقول النبي صلى الله عليه وسلم ( أعطوا الطريق حقه)
( الإمام أحمد بن حنبل ، المسند 3/36 ، 47 ) .
وإذا نظرنا إلى أحكام الشريعة الإسلامية في تقريرها للحقوق نجد أنها مقصود بها
تحقيق مصالح الناس على سبيل الاختصاص والاستئثار . وهذه المصالح قد تكون مصالح
عامة للمجتمع بأسره ، وقد تكون مصالح خاصة للأفراد ، وقد تكون مصالح مشتركة بينهما
.
بينما تعريف الحق في القانون هو مايحمل الاختصاص بميزه معينه على وجه الانفراد .
وقد ثار خلاف كبير عند القانونيين والمفكرين الغربيين حول تعريف الحق ومرجع هذا
الخلاف ، مايميل إليه كل شخص من أفكار وايديولوجيات فلسفية رأسمالية كانت أو
اشتراكية .
فالحق عند القانونيين بصفة عام هو : تعبير في بعض أوجه العلاقات القائمة بين
الأفراد ، شأنه في ذلك ، شأن القانون ذاته : فكلاهما من لوازم الحياة في المجتمع (
عبد الرحمن ، 1978:3) والبعض يعرف الحق بأنه أرادة ومصلحة . فان المجتمع
الدولي ممثلاً في الأمم المتحدة قد عمل ويعمل اليوم على تحديد حقوق الإنسان
وحرياته ، وأبرزها القيم المشتركة بين دول العالم أجمع وذلك بالنص عليها في العديد
من الوثائق الصادرة عن تلك المنظمة العالمية ولجانها وأجهزتها المختلفة ، وأهمها
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .
النظام العالمي الجديد :
استخدم مصطلح النظام الدولي الجديد عدة مرات في التاريخ ، وكان دائماً يطلق من قبل
الدول المنتصرة في الحروب ، فقد استخدمه البريطانيون والفرنسيون ،كما استخدمه
الرئيس الأميركي ويلسون في عام 1917م عندم طرح مشروعاً للسلام عن طريق قيام عصبة
الأمم ، حيث طالب بعدم فرض سياسة دولة على أخرى ، وعدم انتهاء حقوق الإنسان وضرورة
السلام من دون غالب أو مغلوب، والحد من التسلح العسكري .
وكان من نتائج الحرب العالمية الأولى اقرار مشروع ميثاق عصبة الأمم في 28 نيسان في
عام 1919م ، وتم انعقاد أول اجتماع لها في 16 كانون الثاني من عام 1920م ، والدول
التي وقعت كان عددها 32 دولة ، ولكن الولايات المتحدة الامريكية لم تنضم إلى عصبة
الأمم بسبب رفض الكونجرس الامريكي كما ان بريطانيا وفرنسا وقفتا حائلاً دون تطبيق
أهداف العصبة لأسباب تخص افضلية مصالح البلدين على غيرهم من الدول الأعضاء .
ويمكن اعتبار نشوء منظمة الأمم المتحدة في عام 1945 م انتصاراً مهما على
صعيد صياغة قوانين حقوق الإنسان ، واتفاق الدول على أسس التعاون والترابط بينها ،
وارجاء العلائق فيما يخص الوضع الدولي سياسياً واقتصادياً وعسكرياً ، وبلورة حالة
التفاهم بين الدول في اروقة الأمم المتحدة ، ولكن هذا الانتصار لم يتمكن من القضاء
على محورية التحرك الدولي لصالح القوى العظمى ( الحلى ، 2001 م : 1 - 3 ) .
وبعد انتصار الولايات المتحدة وحلفائها على صدام حسين وارجاع الكويت في 28 شباط
1991م طرح الرئيس الأمريكي الأسبق بوش مصطلح ( النظام العالمي الجديد) أمام
الكونجرس في 5 آذار 1991م ودعا بوش الرأي العام العالمي إلى السير على حل المشاكل
بالوسائل السلمية واحترام حرية الشعوب وارادتها وحقوق الإنسان والقيم الأخلاقية
الأخرى .وكذلك يركز الميثاق على عدم استغلال الدول أو ابتزازها اقتصادياً والتي
ترفض العدوان والحروب وتنص علىحل المشاكل بالوسائل السليمة واحترام حرية الشعوب
وارادتها وحقوق الإنسان والقيم الأخلاقية الأخرى وكذلك يركز الميثاق على عدم
استغلال الدول او ابتزازها اقتصادياً وإلى تحقيق العدالة في العالم .
ويكشف حقية النظام العالمي الجديد عالم السياسة جون ايكنبري في مجلة قضايا خارجية
، الامريكية في مايو 1996م يقول ( ليست القضية إيجاد نظام عالمي جديد ، بل هي قضية
الحفاظ على الوضع الذي نشأ واستقر وقف التوجه الذي بدأ في الاربعيننيات الميلادية
) .
وبالفعل عززت الولايات المتحدة من هيمنتها من خلال النظام العالمي الجديد
واثبت التفوق العسكري الأمريكي في ساحة الحرب ومواقفها القسرية في اروقة الأمم
المتحدة ان الولايات المتحدة لاتسمح لأي قوة دولية ان تتحدى أو تجابه أو تشاركها
في زعامتها للنظام الدولي الجديد .
ويبين الجدول التالي أربعة أنظمة جيوبولوتيكية عالمية ، موازية لدورات كوندراتيف
ثنائية الابعاد ، ومنها يتضح ان كل نظام عالمي يظهر عبر فترة انتقال جيوبولوتيكية
سريعة تأتي في أعقاب فترة اضمحلال النظام العالمي الأسبق ، وفترات الانتقال هذه أوقات
تميع ينقلب فيها النظم القديمة وثوابتها ( رأساً على عقب ) ويعدو ( مستحيل ) الأمر
امراً عادياً في النظام الجديد وبمعنى آخر ، فإن مثل هذه الفترات الانتقالية تفصل
بين عوالم سياسية متمايزة ( تيلور ، ترجمة رضوان ، 2002م : 133 ).
دورات النظم
العالمية
العولمة :
العولمة هي أعلى مراحل الامبريالية ( بلقزيز ، 1998: 92 ) والامبرياليه في عصر
المعلوماتية ( لسيمان ، 1998: 144 ) والفرق بين العولمة Globalistion
التي هي ارادة الهيمنة وبالتالي فهي قمع للخصوص - بينما العالمية Universalism
التي تعبر عن طموح إلى الارتفاع بالخصوصية إلى مستوى عالمي . بمعنى ان العولمة
احتواء للعالم . والعالمية تفتح على ماهو عالمي وكوني ( الجابري ، 1998: 17 ) .
فالعولمه تعتمد على القوة المادية في احتواء العالم ، وتستهدف نواه الثقافة
المغايرة بهدف القضاء عليها نهائياً .
بينما العالمية تعني الانفتاح ورغبة التعرف على الآخرين ليس بدافع النفس ولكن
برغبة التفاعل والتكامل .
أصبحت العولمة ظاهرة محسوسة نتيجة للتطور المذهل لوسائل الاتصال وحركة السفر
والسياحة والهجرة وماتفرضه تلك التطورات من تغيرات وقيم وأذواق واتجاهات للبشر في
مختلف انحاء المعمورة ومن هنا فإن العولمة تكمن في فلسفة ومماسات استيراتيجية
السياسة الامريكية باعتبارها فلسفة برجماتية تعتمد على تضليل عقول البشر من خلال
استخدام وسائل الاعلام المنظمة وتوفر شروط قواعد السوق والحرية الشخصية وظهور
المكافآت المادية وأوقات الفراغ مما ساعد على التحدث إلى شعوب العالم بمنطق المنقذ
للشعوب .
وفي ضوء ماتقدم يمكننا ان نحدد ثمانية أبعاد للعولمة :
1 - العولمة المالية : وتصف السوق العالمية الآنية
للنتاجات المالية المتعامل بها في ( المدن المالية ) عبر العالم على مدى أربع
وعشرين ساعة يومياً .
2 - العولمة التكنولوجية وتصف المجموعة المترابطة من
تكنولوجيات الكومبيوتر والاتصالات وعمليات ربطها بالأقمار الصناعية والتي نجم عنها
( انضغاط الزمان / المكان ) والانتقال الفوري للمعلومات عبر العالم .
3 - العولمة الاقتصادية : وتصف نظم الانتاج المتكامل
الجديدة التي تمكن ( الشركات الكونية ) من استغلال المال والعمل عبر العالم على اتساعه
.
4 - العولمة الثقافية : وتشير إلى استهلاك النتاجات
الكونية عبر العالم وتعني ضمناً في أكثر الأحيان التأثير المهيمن .
5 - العولمة السياسية : والتي تمثل انتشار الاجندة (
الليبرالية الجديدة ) المؤيدة لخفض انفاق الدولة ، والتحرير التشريعي ، والخصخصة (
والاقتصادات المفتوحة ) بوجه عام .
6 - العولمة البيئية : وهي الخشية من ان تتجاوز
الاتجاهات الاجتماعية الراهنة قدرة كوكب الأرض على البقاء ككوكب حي ، وهي تطمح إلى
أن تصبح ( عولمه سياسة خضراء ) .
7 - العولمة الجغرافية : وتتعلق باعادة تنظيم الحيز أو
المساحة في الكوكب ، باحلال الممارسات المتعددة للدولة القومية محل الممارسات
الدولية في عالم تذوب فيه التواصل الحدودية بصورة متزايدة ، عالم سينظر إليه في
أغلب الاحيان على انه شبكة من ( المدن العالمية ) .
8 - العولمة السوسيولوجية : هي ذلك الخيال الجديد الذي
يستشرف ظهور مجتمع عالمي ، واحد أو ( كل ) اجتماعي مترابط يتجاوز حدود المجتمعات
القومية .
ان هذه الأبعاد الثمانية مترابطة بطرق عديدة ومعقدة وهي ذاتها موضوع نقاش وخلاف
اكاديمي كبير ( تيلور ، ترجمة رضوان ، 2002 : 20 ) .
وحينما لم يتمكن الغرب من جعل ثقافتهم وفكرهم ومذاهبهم ( عالمية ) اعتمد على القوة
والسيطرة والاقتصاد والسياسة لكي يعولم ثقافته ويسيطر على الآخر ويسعى لإلقاء مصدر
الثقافة ومفهوم الأمة والدولة والسيادة وهي أهم خصوصيات الأمم .
المبحث الأول
حقوق الإنسان في الإسلام
عالمية مبادىء حقوق الإنسان في
الإسلام
مع التطور الذي عرفه مجال حقوق الإنسان على المستوى العالمي ، خلال العقود الخمسة
المادية ، أضيف إلى التحديات السابقة تحد جديد ، جعل الفكر الإسلامي الذي انشغل
طويلاً بالدفاع عن النظم الإسلامية ، يتوجه بسرعة نحو الإسهام بمعالجة قضاياً حقوق
الإنسان ، لإبراز اسهام الإسلام في هذا المجال كذلك .وصولاً إلى تأكيد تفوق
التشريع الحقوقي الإسلامي ، وموافقة هذا التشريع ورؤاه الفكرية لحقوق الإنسان
الشاملة لذلك عرفت السنوات العشرون الآخير حركة نشطه في مجال التأليف الإسلامي في
محاولة لتأصيل الحقوق الإنسانية . والكشف عن اسهام الإسلام في هذا المجال الذي حظي
باهتمام كبير في الآونة الأخيرة .
وجاءت سرعة الاستجابة من طرف الفكر الإسلامي ، رد فعل مباشراً للتحدث الذي طرحته
المواثيق والاعلانات العالمية ، من جهة وتصاعد وتيرة الاهتمام بحقوق الإنسان من جهة
أخرى ( دكير ، 2000 : 1 ) .
ولم يأنس البشر بحضارة تحترم حقوق الإنسان تطيب لها النفس وتشرح الصدر ويستقيم
الفكر كحضارة الإسلام .
لأن هذه الحضارة تميزت بخصائص عدة تليق بعظمتها وريادتها كخصيصة العالمية وخصيصة
السماحة النبيلة ، وخصيصة العدالة النزيهه حتى مع الاعداء وخصيصة احقاق العدل ورفع
الظلم وخصيصة تكريم الأدمية واحاطتها بالتبجيل والتفضيل ، وخصيصة التنسيق المتكامل
لجميع شئون الحياة وخصيصة الإلقاء لأي قيد على العقيدة والرأي ، وخصيصة الترابط
القوىمع الحضارات البناءه في تاريخ البشر وخصيصة الحد من التكالب على الدنيا (
محمد ، 2003: 59)
وقد حث الله سبحانه وتعالى عباده بعدم تخلف العمل
النبيل عن القول في قوله تعالى { ياأيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون كبر
مقتاً عند الله ان تقولوا مالا تفعلون } ( الصف :312) .
وتتطلب حقوق الإنسان في الإسلام أصلاً من التسامح الديني المتمثل في الصفح والعفو
والاحسان وترفض التعنت والتعصب والتطرف والغلو .
والتسامح هو نظرة إنسانية عظيمة لايمتلكها إلا الإسلام ، فينبما يقبل المسلمون
بينهم وجود أديان مغايرة لدينهم ، ويرفضون اكراه أحد على ترك ملته ، ويرفضون ان
يتألف المجتمع بصفة عامة من مسلمين وغير مسلمين ويضعون نظماً عادلة لتطبق عليهم ،
وعلى من في ذمتهم من أصحاب الآديان الأخرى بعضهم البعض من أجل اعمار الأرض واسعاد
البشرية انطلاقاً من قوله تعالى { وتعاونوا على البر والتقوى ولاتعاونوا على الأثم
والعدوان }
بين عولمة حقوق الإنسان وعالمية حقوق
الإنسان في الإسلام :
ان الفرق بيين عولمة حقوق الإنسان وعالمية حقوق الإنسان في الإسلام فهي تختلف في
الشكل والمضمون ، فعالمية الإسلام قامت على القاسم المشترك بين حضارات العالم
فقبلت الآخر وتفاعلت معه أخذاً وعطاء بل ان عالمية الإسلام تعاملت مع الاختلاف بين
البشر باعتباره من حقائق الكون لذلك دعا الخطاب القرآني إلى اعتبار فوارق الجنس
واللون واللغة من عوامل التعارف بين البشر .
وان توحيد الله هو الأساس في عالمية الإسلامية التي تأخذ خصائصها الايجابية والفعالية
والخلاقة من خلال هذا الاطار .
وان هذا المعنى ينطبق على جميع المفردات التفصيلية في الحياة كالعدل والعمل والعلم
والأخلاق ، أما العولمة والمتمثلة بالإنسان الغربي الذي جعل من الحرية مثلاً أعلى
لأنه كان محطماً ومقيداً في كل ساحات الحياة في عقائده العلمية والدينية بحكم
الكنسية وتعنتها .
وجعل الغرب الحرية هدفاً ولم يكتفي بل صنع منه المثل الأعلى وهو ما جر الغرب اليوم
والتي صنعت للبشرية كل وسائل الدمار .
أما التوحيد فإنه يؤدي دورين اساسيين فهو يعطي الحرية مضمونها الحقيقي على الصعيد
الاجتماعي والشخصي والسياسي والفكري. والاسلام بفضل اطاره التوحيدي ، ثورة
اجتماعية على الظلم والاستبداد وعلى كل الوان الاستغلال ( الاسدي ، 2002 : 5 )
ويعتبر قادة الفكر ان المجتمعات الغربية الراسمالية تعلى قيمة الحرية كقيمة سياسية
عليا في المجتمعات الرأسمالية المعاصرة فقط وكذلك المساواة كقيمة سياسية عليا في
المجتمعات الشيوعية والاشتراكية سابقاً اما في المجتمعات الإسلامية فالعدالة هي
القيمة السياسية العليا في المجتمع . واظهاره لمجموعة متكاملةمن القيم السياسية
المثالية في الحياة للمسلم وللمجتمع الإسلامي ، وهذه المجموعة المتكاملة من القيم
السياسية الإسلامية تبرز عظمة التشريع الإسلامي ، وعظمة خلود الدين الإسلامي ، لان
به المثاليات التي تسعد بها الشعوب وتسود بها الألفة والمحبة والأخوة الإسلامية
المتكاملة . وتآلف المصالح الفردية وعدم تعارضها مع المصالح المجتمعية الشاملة
ومصلحة الجماعة ولذلك فان الحضارة الإسلامية تزهو بالإسلام وليس بالقيم المادية ،
وليس هناك في الإسلام شريعة ومنهاجاً ، وفكراً تفضيل لقيمة سياسية على قيمة سياسية
أخرى بل تتكامل القيم في الإسلام ، لانه دين حياة شامل كامل ارتضاه الله ديناً لعباده
إلى يوم يبعثون .
وكل القيم السياسية والاجتماعية في مرتبة ( امر ) يجب الالتزام به في كافة الأمور
، لأن الإسلام دين الخلق القويم والمثاليات الرفيعة والقيم الخالدة التي تقوى
اركان المجتمع والفرد من اجل حياة سعيدة ( ربيع ، 1974: 70 ) ( رسلان ، 1986 : 149
).
كما ان الإسلام بين ابتداءً الحقوق المتوجبة لكل إنسان ، ثم حض على حفظها ،
وصيانتهاقبل أربعةعشر قرنا من قيام المنظمات الدولية .
ففي دستور الله الخالد قوله تعالى في تكريم الإنسان وتمييزه عن سائر المخلوفات {
ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على
كثير ممن خلقنا تفضيلا } ( الاسراء : 70 ) .
ان هذا التكريم الرباني يشكل قاعدة لكل مفردة من مفردات التكريم الأخرى ، وارضية
لكل قانون وشرعه ، من شأنها حفظ كرامة الإنسان ابتداءً ، ومن ثم ضمان حقوقه ( يكن
، 2002: 66 ) .
وقد اعلن الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع الموقف الإسلامي المميز من حقوق
الإنسان إذا قال " ان الله حرم عليكم دماءكم وأعراضكم وأموالكم " (رواه
البخاري )
احترام حقوق الآخرين في الإسلام :
إذا كانت النصوص العبريه المقدسة التي تحرم مؤاكلة الآخر ( لاويين22/10 - 17 ) أو
مصاهرته والاختلاط به ( تكوين 134 ، خروج 34/12 - 16 ) يشوع 23/12- 13 وغيرها )
بالإضافة إلى وجود تشريعات تقنن التعامل مع الآخر في شتى المجالات ، لتعكس الرؤية
الاسرائيلية للآخر فهي الرؤية التي حددت سلوك الاسرائيليين ومنهجهم في التعامل مع
الأمم والشعوب منذ فجر تاريخهم - كما يسطرنه اسفار العهد القديم - وحين راهن على
وجودهم كما نشهده على أرض الواقع .( أدريس ، 2002 : 136 )
بينما الإسلام اقر بوجود الآخر غير المسلم كسنه من سنن الخلق ، واباح التعارف بين
البشر جميعاً ، مع وضع معيار الهي للتفاضل بين البشر ، لايعتمد على عرق أو جنس ،
ومن ثم جاءت دائرة ( الأنا ) مفتوحة ، يمكن لكل إنسان ان يدخل في حدودها إذا ما
التزم بمتطلباتها {ياأيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل
لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير } ( الحجرات : 13 ) .
كما ان الإسلام يقر حق اختلاف الآخر عن الإنسان ومايترتب على هذا الحق من حقوق
اخرى ، كحق الوجودوالحياة والعدل والمساواة { ومن آياته خلق السموات والأرض
واختلاف السنتكم وألوانكم ان في ذلك لآيات للعالمين } ( الروم : 22 ) .
وقوله تعالى : { ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولايجرمنكم
شنئان قوم على إلا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى واتقوا الله ان الله خبير بما
تعملون } ( المائدة:8 ) .
لقد حطم الإسلام كل قيد يحول دون التقاء الإنسان بالآخر لتحقيق هدف التعارف الذي
نصت عليه آية الحجرات : 13 .
فلاتجد آية في القرآن تدعو إلى تدمير الآخر ومظاهر حضارته ولا على الافساد في
الأرض.
ولذلك يعيش تحت كنف الدولة الإسلامية الآخر الديني ( الكافرون ) والآخر العرقي (
الحجرات : 17 ) والآخر اللغوي ( الروم : 22 ) والآخر الكوني بوجه عام { ألم تر ان
الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلف ألوانها كذلك انما يخش الله من
عباده العلماء ان الله عزيز غفور } فاطر : 27 - 28 ) .
وسبق ان عانى المسيحيين الأرثوذكس في مصر من الدولة الرومانية ومن المسيحيين
الكاثوليك على عكس ما وجدوه من التسامح الديني الذي حققته الدولة الإسلامية في مصر
وحرية العقيدة الدينية لغير المسلمين التي أقرها الإسلام .
كما أن الجزية التي فرضت على غير المسلمين في الدولة الإسلامية بموجب عقود الامان
التي وقعت معهم وهي ضريبة دفاع عنهم في مقابل حمايتهم والدفاع عنهم لاعفائهم من
الاشتراك في الجيش الإسلامي حتى لايدخلوا حرباً يدافعون عنها عن دين لا يؤمنون به
، وفي الوقت نفسه نظير التمتع بالخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين ( عبد العليم
، 2002 :13).
إذن الإسلام يعترف بوجود الاضداد من خلال قوله تعالى : { ولو شاء ربك لجعل الناس
أمة واحدة } ( هود : 118 ) كما يدعو الكل للتعاون على الخير من خلال قوله
تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الأثم والعدوان واتقوا الله ان
الله شديد العقاب } ( المائدة : 2 ) وينهى الإسلام اعتماد سياسة القمع والاكراه مع
الآخر من خلال قوله تعالى { لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي } ( البقرة :
256 ) وهذا منتهى الانفتاح على الآخر والاعتراف به . ويحذر الإسلام من الاساءة إلى
الآخر ولوكان مشركاً أو غير ذلك كما في قوله تعالى : { ولاتسبوا الذين يدعون من
دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم } ( الانعام : 108 ) . ولايكتفي بالنهي عن
الاساءة إلى الآخر بل يدعو إلى البحث في القواسم المشتركة في دعوة الآخرين حرصاً
على استجابتهم واستيعابهم فيقول { قل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا
وبينكم ألا نعبد إلا الله ولاتشرك به شيئاً ولايتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون
الله } ( آل عمران : 64 ) والإسلام يدعو إلى التعاون والتضامن مع الآخر كائناً من
كان لدرء المفاسد وجلب المصالح ، كرفع الظلم ، وتعزيز الحرية ، والعدالة والمساواة
، وصون حقوق الانسان ، ومن أجل
ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "
لقد حضرت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ، ما احب ان لي به حمر النعم ، ولو دعيت
إلى مثله في الإسلام لأجبت " .
حض الإسلام المسلمين على الاستفادة مما عند الآخر من خير ومالديه من حكمة كما في
قول الرسول صلى الله عليه وسلم " خذوا الحكمة من أي وعاء خرجت " (
والحكمة ضالة المؤمن انى وجدها فهو أحق بها ) ( واقبلوا الحق ممن جاء به من صغير
أو كبير ولو كان بغيضاً بعيداً ، وارددوا الباطل على من جاء به من قريب أو بعيد
ولو كان حبيباً نسيباً )
وقد أكد ذلك الإسلام بالبر والإحسان إلى الآخر ممن لم يحمل السلاح لقتالنا كما في
قوله تعالى :{ لا ينهاكم الله عن الذين يقاتلوكم في الدين ولم يخرحوكم من دياركم
ان تبروهم وتقسطوا إليهم ان الله يحب المقسطين } ( الممتحنة : 8 ) .
في ظل النظام العالمي الجديد
( مابين الإسلام وإعلان حقوق الإنسان )
د. عبد الحفيظ
عبد الرحيم محبوب
ملخص
يتناول هذا البحث موضوعاً على جانب من الأهمية في الوقت الحاضر بعد ان تعرض
الإنسان في أماكن مختلفة من العالم لحروب ابادة ، وحوادث سفك دماء بريئة ومعصومة
وغيرها من الأعمال الاجرامية في حق الإنسان والمجتمعات . وقد درس البحث القضايا
التالية : حقوق الإنسان في الإسلام والفرق بين عالمية حقوق الإنسان في الإسلام
كتشريع ديني ، وبين اعلان حقوق الإنسان العالمية ذات المنشأ السياسي الوضعي ،
والقيم والأفكار التي أثرت على نشأة اعلان حقوق الإنسان العالمي ، والعوامل التي
جعلت من اعلان حقوق الإنسان العالمية مجرد اعلان ، وتفريطها لحقوق الإنسان في عصر
العولمة مما أدى إلى انتهاك حقوق الإنسان المعلنة ، وخاصة ضد المسلمين بسبب العداء
التاريخي ، والهجوم على الإسلام والمسلمين ، واعتباره العدو القادم خاصة بعد احداث
الحادي عشر من سبتمبر مما أصبحت حقوق الإنسان مجرد دعاوى ومظلة تحتمي بها هيئة
الأمم المتحدة . ما جعل الإنسان يتساءل كيف يتفاعل مع العولمة في إطار البحث عن
العوامل التي من شأنها ان تحقق عولمة آمنه لايخاف فيها أحد على هويته وثقافته مع
تعظيم عقيدته والانطلاق فيها نحو التعامل مع العالم ( المعولم ) .
وكنظرة مستقبلية فان العرب والمسلمين بحاجة إلى صياغة مشروع حضاري مغاير ومواز
للمشروع الأمريكي الأوربي .
مقدمة :
تعد قضية حقوق الإنسان من أهم القضايا التي احتلت الصدارة والاهتمام العالمي
والمحلي . وذلك مباشرة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، حيث ظهرت الحاجة للسلم
العالمي ، وضرورة خلق توازن دولي ، إضافة إلى سعى عدد من الشعوب لتحقيق استقلالها
، ومشروعها في بناء الدولة الوطنية ، هذه الدولة التي واجهتها عدة مشاكل وعقبات
مهمه ، كان على رأسها الاختيارات السياسية والاقتصادية والايدلوجية التي تبين ان
لها علاقة مباشرة بموضوع حقوق الإنسان .
هذه الاختيارات كان لها وقع مزدوج داخل العالم الإسلامي ، فهي إلى جانب اسهامها في
احداث تغييرات جذرية في جميع البنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية
التقليدية ، احدثت تطوراً ملموساً في مجال الحقوق الإنسانية ، الا انها في المقابل
، فجرت مجموعة من الاشكاليات التي عولجت وتمت مناقشتها بشكل واسع تحت عناوين
مختلفة مثل : الاصالة والمعاصرة ، الخصوصية والعالمية ، الهوية والغزو الثقافي
وغيرهامن العناوين التي تدل على فداحة التحديات التي تعرض لها العام الإسلامي بعد
ما فقد السيطرة على حدوده السياسية والثقافية بالخصوص ( دكير ، 2001: 1 ) .
وان حاجة الناس إلى نظام عالمي يقيم حياتهم على العدل والأمن والإخاء والسلام مطلب
قديم تحدث بشأنه الفلاسفة والمصلحون وتنادى العرب في جاهليتهم إلى حلف الفضول
ينصرون به المظلوم ، وجاء الإسلام فلبى حاجة فطرة الإنسان وحقق للناس احلامهم ،
ووضع لذلك قواعد ومبادىء وقيماً داخل سلوكيات وأدبيات . وعاش الناس في ذلك فروناً
عديدة ينعمون بالأمن والرخاء والسلام والعدل وحجب الإسلام عن حياة الناس فكان
اضطراب كبير في الأرض واشعلت حروبا أكلت الأخضر واليابس مما اضطر صناع القرار ان
يتنادوا إلى نظام يجنب البقية الباقية من الأرض ويلات مااقترفته أيديهم ، فكانت
عصبة الأمم التي تطورت شأنها إلى هيئة الأمم المتحدة لتكون الاطار المؤسس للنظام
الدولي يومئذ على أسس المساواة وحب السلام والعضوية المفتوحة للجميع ( الرفاعي ،
1416هـ : 126 )
إلا أن انهيار امبراطورية الاتحاد السوفيتي قلب موازين القوى الدولية واحداث
تغيرات واسعة في البنية الدولية ومعادلاتها الاقليمية والعالمية .
وعززت حرب الخليج الثانية بأن الولايات المتحدة تسعى لأن تكون الأقوى في اتخاذ
القرارات الدولية وان الظروف أصبحت مهيئة لزعامة القطب الواحد في العالم وأعلن
الرئيس الأمريكي السابق بوش عن نظام عالمي جديد دون تصورات ومفاهيم وبروز تيار
ثقافي في الغرب يقدم الإسلام والمسلمين على أنهم العدو الأخطر على الحضارة الغربية
وسيادتها بعد سقوط المعسكر الشيوعي .
كما ان القوة التي تتمتع بها أمريكا الآن قد ساهمت بشكل أو بآخر في خلق الارهاصات
التي أدت إلى وجود ظواهر التطرف والتنظيمات المعادية لأمريكا والتي تضم في صفوفها
جمعيات أخرى غير إسلامية .
أهداف ومنهج الدراسة :
تهدف الدراسة إلى التعرف على :
* حقوق الإنسان
بين الإسلام والإعلان العالمي.
* حقوق الإنسان
بين العالمية والخصوصية .
* الأفكار
والمبادىء التي نشأت في ظلها حقوق الإنسان .
* مساهمة الثقافة
العربية والإسلامية في صياغة حقوق الإنسان .
* واقع حقوق
الإنسان في عصر العولمة وفي ظل النظام العالمي الجديد .
ولتحقيق أهداف الدراسة هناك عدد من التساؤلات تجيب عليها الدراسة وهي:
- هل
مبادىء اعلان حقوق الإنسان عالمية أم أنها تتعارض مع خصوصيات المجتمعات الأخرى ؟
- هل
قرارات مجلس الأمن الصادرة هي تأييد لحقوق الإنسان أم تغليب لمصالح الدول الكبرى
على حساب حقوق الإنسان المعلنة ؟
-
لماذا يتغاضى العالم عن انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين وفي اماكن أخرى من
العالم؟
-
لماذا يستغل ملف حقوق الإنسان كسلاح ضغط ضد دول معينة ؟
- هل
هناك حقوق إنسان فعلية في العالم ؟
-
وإذا كانت هناك حقوق إنسان فعلية في العالم فهي مخصصة لمن ؟
وتعتمد هذه الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي للوصول إلى مفاهيم واجابات واضحة
على الأسئلة المثارة ضمن هذه الدراسة .
هذا وقد قسم البحث إلى عدة مباحث تسبقها مقدمة وتليها خاتمة وتوصيات ، الأول منها
حقوق الإنسان في الإسلام كتأكيد عالمية حقوق الإنسان في الإسلام والفرق بينها وبين
اعلان حقوق الإنسان ، إذ أن حقوق الإنسان في الإسلام تشريع وفي اعلان حقوق الإنسان
سياسي ، أما المبحث الثاني فيتعلق باعلان حقوق الإنسان من حيث تاريخ نشأته وقيم
وأفكار حقوق الإنسان والعوامل التي جعلت من حقوق الإنسان مجرد اعلان ، أما المبحث
الثالث فيعالج حقوق الإنسان في عصر العولمة وتفريطها لحقوق الإنسان ، ويأتي المبحث
الرابع الذي يناقش استغلال ملف حقوق الإنسان كسلاح ، وخاصة ضد المسلمين ، ويتناول
المبحث الخامس معاداة الإسلام والمسلمين على مر العصور حتى وقتنا الحاضر وهو
انتهاك لحقوق الإنسان المعلنة أو معرفة الأسباب الحقيقية وراء هذا العداء ،
والهجوم على الإسلام والمسلمين ، أما المبحث الأخير والسادس الذي يختتم البحث
ويتعلق بانتهاكات حقوق المسلمين في العالم ، مما يؤكد على ان حقوق الإنسان مجرد
مظلة تحتمي بها هيئة الأمم المتحدة ، وان حقوق الإنسان المعلنة مجرد دعاوى بسبب
نظرة الغرب إلى العرب والمسلمين بنظرة دونية نتيجة تخلفهم . ويقترح الباحث على
العرب والمسلمين كنظرة مستقبلية إلى ضرورة صياغة مشروع حضاري مغاير ومواز للمشروع
الأمريكي الأوروبي ، وان يتكاتف فيه الإسلام الحضاري مع القوى الأسيوية بجانب
تحقيق أسباب النصر التى وعد الله بها عباده المؤمنين .
مصطلحات الدراسة :
تعريف الحق بين الإسلام والقانون
الدولي :
الحق نقيض الباطل ، وجمعه حقوق كما في قوله تعالى { لقد حق القول على أكثرهم فهم
لايؤمنون } ( يس : 7 ) . { لينذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين } ( يس : 70
) {بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه } ( الأنبياء : 18 ) . والحق لفظ من أسماء
الله تعالى ، وقيل من صفاته { ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق } ( الانعام : 62
) وفي أموالهم حق للسائل والمحروم } ( الذاريات : 19 ) ويختلف المراد من لفظ
الحق باختلاف المقام الذي وردت فيه الآيات السابقة والغرض منها ومعناه العام
لايخلو من معنى الثبوت والمطابقة للواقع .
فتعريف كلمة حق في اللغة العربية معناها الثابت والواجب { قال الذين حق عليهم
القول } ( القصص : 63 ) أي ثبت { ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين } ( الزمر :71)
أي وجبت .
وفي الاصطلاح : اختلفت معانيه الاصطلاحية لاختلاف النظرة إليه والاستعمال فنظر
إليه أهل المعاني على انه الحكم المطابق للواقع ويقابله الباطل ( الجرجاني ،
1403هـ : 89 ) .
واستعمل بعض الفقهاء المتقدمين الحق بمعنى الاختصاص وبمعنى الأولوية والاستئثار
(الدريني ، 1404هـ : 193 ) .
ويستعمل لفظ الحق في الفقه الإسلامي للدلالة على معان متعددة : فهو يستعمل لبيان
مالشخص ، أو ماينبغي ان يكون له من التزام قبل شخص أو أشخاص آخرين كحق الرعية على
الراعي وحق الراعي على الرعية ، وهو من الحقوق العامة .
ويطلق الحق على الحقوق الشخصية في العلاقات الأسرية كحق الزوج على زوجته وحق
الزوجة على زوجها .
كما يطلق على الحقوق المالية كما في قوله تعالى : { والذين في أموالهم حق معلوم
للسائل والمحروم } ( المعارج : 24 ، 25 ) . ويكون اخلاقياً إنسانياً كما في قول
الرسول صلى الله عليه وسلم ( حق المسلم على المسلم ست : إذا لقيته فسلم عليه
.....) ( صحيح مسلم ، 4/1705 )
وكثيراً مايستخدم بمعنى الواجب كقول النبي صلى الله عليه وسلم ( أعطوا الطريق حقه)
( الإمام أحمد بن حنبل ، المسند 3/36 ، 47 ) .
وإذا نظرنا إلى أحكام الشريعة الإسلامية في تقريرها للحقوق نجد أنها مقصود بها
تحقيق مصالح الناس على سبيل الاختصاص والاستئثار . وهذه المصالح قد تكون مصالح
عامة للمجتمع بأسره ، وقد تكون مصالح خاصة للأفراد ، وقد تكون مصالح مشتركة بينهما
.
بينما تعريف الحق في القانون هو مايحمل الاختصاص بميزه معينه على وجه الانفراد .
وقد ثار خلاف كبير عند القانونيين والمفكرين الغربيين حول تعريف الحق ومرجع هذا
الخلاف ، مايميل إليه كل شخص من أفكار وايديولوجيات فلسفية رأسمالية كانت أو
اشتراكية .
فالحق عند القانونيين بصفة عام هو : تعبير في بعض أوجه العلاقات القائمة بين
الأفراد ، شأنه في ذلك ، شأن القانون ذاته : فكلاهما من لوازم الحياة في المجتمع (
عبد الرحمن ، 1978:3) والبعض يعرف الحق بأنه أرادة ومصلحة . فان المجتمع
الدولي ممثلاً في الأمم المتحدة قد عمل ويعمل اليوم على تحديد حقوق الإنسان
وحرياته ، وأبرزها القيم المشتركة بين دول العالم أجمع وذلك بالنص عليها في العديد
من الوثائق الصادرة عن تلك المنظمة العالمية ولجانها وأجهزتها المختلفة ، وأهمها
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .
النظام العالمي الجديد :
استخدم مصطلح النظام الدولي الجديد عدة مرات في التاريخ ، وكان دائماً يطلق من قبل
الدول المنتصرة في الحروب ، فقد استخدمه البريطانيون والفرنسيون ،كما استخدمه
الرئيس الأميركي ويلسون في عام 1917م عندم طرح مشروعاً للسلام عن طريق قيام عصبة
الأمم ، حيث طالب بعدم فرض سياسة دولة على أخرى ، وعدم انتهاء حقوق الإنسان وضرورة
السلام من دون غالب أو مغلوب، والحد من التسلح العسكري .
وكان من نتائج الحرب العالمية الأولى اقرار مشروع ميثاق عصبة الأمم في 28 نيسان في
عام 1919م ، وتم انعقاد أول اجتماع لها في 16 كانون الثاني من عام 1920م ، والدول
التي وقعت كان عددها 32 دولة ، ولكن الولايات المتحدة الامريكية لم تنضم إلى عصبة
الأمم بسبب رفض الكونجرس الامريكي كما ان بريطانيا وفرنسا وقفتا حائلاً دون تطبيق
أهداف العصبة لأسباب تخص افضلية مصالح البلدين على غيرهم من الدول الأعضاء .
ويمكن اعتبار نشوء منظمة الأمم المتحدة في عام 1945 م انتصاراً مهما على
صعيد صياغة قوانين حقوق الإنسان ، واتفاق الدول على أسس التعاون والترابط بينها ،
وارجاء العلائق فيما يخص الوضع الدولي سياسياً واقتصادياً وعسكرياً ، وبلورة حالة
التفاهم بين الدول في اروقة الأمم المتحدة ، ولكن هذا الانتصار لم يتمكن من القضاء
على محورية التحرك الدولي لصالح القوى العظمى ( الحلى ، 2001 م : 1 - 3 ) .
وبعد انتصار الولايات المتحدة وحلفائها على صدام حسين وارجاع الكويت في 28 شباط
1991م طرح الرئيس الأمريكي الأسبق بوش مصطلح ( النظام العالمي الجديد) أمام
الكونجرس في 5 آذار 1991م ودعا بوش الرأي العام العالمي إلى السير على حل المشاكل
بالوسائل السلمية واحترام حرية الشعوب وارادتها وحقوق الإنسان والقيم الأخلاقية
الأخرى .وكذلك يركز الميثاق على عدم استغلال الدول أو ابتزازها اقتصادياً والتي
ترفض العدوان والحروب وتنص علىحل المشاكل بالوسائل السليمة واحترام حرية الشعوب
وارادتها وحقوق الإنسان والقيم الأخلاقية الأخرى وكذلك يركز الميثاق على عدم
استغلال الدول او ابتزازها اقتصادياً وإلى تحقيق العدالة في العالم .
ويكشف حقية النظام العالمي الجديد عالم السياسة جون ايكنبري في مجلة قضايا خارجية
، الامريكية في مايو 1996م يقول ( ليست القضية إيجاد نظام عالمي جديد ، بل هي قضية
الحفاظ على الوضع الذي نشأ واستقر وقف التوجه الذي بدأ في الاربعيننيات الميلادية
) .
وبالفعل عززت الولايات المتحدة من هيمنتها من خلال النظام العالمي الجديد
واثبت التفوق العسكري الأمريكي في ساحة الحرب ومواقفها القسرية في اروقة الأمم
المتحدة ان الولايات المتحدة لاتسمح لأي قوة دولية ان تتحدى أو تجابه أو تشاركها
في زعامتها للنظام الدولي الجديد .
ويبين الجدول التالي أربعة أنظمة جيوبولوتيكية عالمية ، موازية لدورات كوندراتيف
ثنائية الابعاد ، ومنها يتضح ان كل نظام عالمي يظهر عبر فترة انتقال جيوبولوتيكية
سريعة تأتي في أعقاب فترة اضمحلال النظام العالمي الأسبق ، وفترات الانتقال هذه أوقات
تميع ينقلب فيها النظم القديمة وثوابتها ( رأساً على عقب ) ويعدو ( مستحيل ) الأمر
امراً عادياً في النظام الجديد وبمعنى آخر ، فإن مثل هذه الفترات الانتقالية تفصل
بين عوالم سياسية متمايزة ( تيلور ، ترجمة رضوان ، 2002م : 133 ).
دورات النظم
العالمية
دورات كوندراتيف | دورات الهيمنة | الأنظمة الجيوبولوتيكية العالمية |
1790 - 1798 | دورة الهيمنه البريطانية | (الحروب النابليونية كعنصر مقاومة فرنسية - الهيمنة البريطانية الصاعدة ) |
المرحلة ( أ ) | الهيمنة الصاعدة ( الحلف الكبير ) | |
1815 - 1825 م | الهيمنة المنتصرة (توازن القوى عبر تفاهم اوربا ). | تفكك النظام العالمي القائم على ( الهيمنة والتنسيق المشترك ) . |
مرحلة ( ب) 1844 - 1850 | نضج الهيمنة ( الهيمنة العليا ، حقبة حرية التجارة ) | توازن القوى في أوربا يطلق يد بريطانيا للسيطرة على بقية العالم . |
المرحلة (أ) 1870- 1875 | اضمحلال الهيمنة ( عصر الامبريالية الميركنتيلية الجديدة ) | النظام العالمي القائم على المنافسة والتنسيق فترة انتقال (1866 - 1871 ) المانيا تهيمن على اوربا وبريطانيا لاتزال القوة العالمية الأعظم . |
المرحلة ( ب ) 1890 - 1896 م | دورة الهيمنة الأمريكية / الهيمنة الصاعدة ( قوة عظمى تتجاوز حدود الامريكتين ) | تفكك النظام العالمي لما بعد الهيمنة البريطانية فترة انتقال ( 1904 - 1907 ). |
المرحلة ( أ ) 1913 - 1920م | الهيمنة المنتصرة ( فراغ لم يشغل بعد في موقع القوةالعظمى | المانيا والولايات المتحدة تلحقان ببريطانيا كقوة عظمى ، حربان عالميتان تحسمان أمر الخلافه |
المرحلة ( ب ) 1940 - 1945م | نضج الهيمنة (زعامة لاتنازع للعالم الحر ) . | تفكك النظام العالمي القائم على ( الحرب الباردة ، فترة انتقال ( 1944 - 1946 ). |
المرحلة ( أ ) 1967 - 1973م | اصمحلال الهيمنة المنافسة الأوربية واليابانية . | الهيمنةالامريكية يتحداها البديل الايديولوجي المطروح من قبل الاتحاد السوفيتي . |
المرحلة(ب ) | دورهيمنة جديدة | تفكك نظام عالمي جديدفترة انتقال (1989- .؟) |
العولمة :
العولمة هي أعلى مراحل الامبريالية ( بلقزيز ، 1998: 92 ) والامبرياليه في عصر
المعلوماتية ( لسيمان ، 1998: 144 ) والفرق بين العولمة Globalistion
التي هي ارادة الهيمنة وبالتالي فهي قمع للخصوص - بينما العالمية Universalism
التي تعبر عن طموح إلى الارتفاع بالخصوصية إلى مستوى عالمي . بمعنى ان العولمة
احتواء للعالم . والعالمية تفتح على ماهو عالمي وكوني ( الجابري ، 1998: 17 ) .
فالعولمه تعتمد على القوة المادية في احتواء العالم ، وتستهدف نواه الثقافة
المغايرة بهدف القضاء عليها نهائياً .
بينما العالمية تعني الانفتاح ورغبة التعرف على الآخرين ليس بدافع النفس ولكن
برغبة التفاعل والتكامل .
أصبحت العولمة ظاهرة محسوسة نتيجة للتطور المذهل لوسائل الاتصال وحركة السفر
والسياحة والهجرة وماتفرضه تلك التطورات من تغيرات وقيم وأذواق واتجاهات للبشر في
مختلف انحاء المعمورة ومن هنا فإن العولمة تكمن في فلسفة ومماسات استيراتيجية
السياسة الامريكية باعتبارها فلسفة برجماتية تعتمد على تضليل عقول البشر من خلال
استخدام وسائل الاعلام المنظمة وتوفر شروط قواعد السوق والحرية الشخصية وظهور
المكافآت المادية وأوقات الفراغ مما ساعد على التحدث إلى شعوب العالم بمنطق المنقذ
للشعوب .
وفي ضوء ماتقدم يمكننا ان نحدد ثمانية أبعاد للعولمة :
1 - العولمة المالية : وتصف السوق العالمية الآنية
للنتاجات المالية المتعامل بها في ( المدن المالية ) عبر العالم على مدى أربع
وعشرين ساعة يومياً .
2 - العولمة التكنولوجية وتصف المجموعة المترابطة من
تكنولوجيات الكومبيوتر والاتصالات وعمليات ربطها بالأقمار الصناعية والتي نجم عنها
( انضغاط الزمان / المكان ) والانتقال الفوري للمعلومات عبر العالم .
3 - العولمة الاقتصادية : وتصف نظم الانتاج المتكامل
الجديدة التي تمكن ( الشركات الكونية ) من استغلال المال والعمل عبر العالم على اتساعه
.
4 - العولمة الثقافية : وتشير إلى استهلاك النتاجات
الكونية عبر العالم وتعني ضمناً في أكثر الأحيان التأثير المهيمن .
5 - العولمة السياسية : والتي تمثل انتشار الاجندة (
الليبرالية الجديدة ) المؤيدة لخفض انفاق الدولة ، والتحرير التشريعي ، والخصخصة (
والاقتصادات المفتوحة ) بوجه عام .
6 - العولمة البيئية : وهي الخشية من ان تتجاوز
الاتجاهات الاجتماعية الراهنة قدرة كوكب الأرض على البقاء ككوكب حي ، وهي تطمح إلى
أن تصبح ( عولمه سياسة خضراء ) .
7 - العولمة الجغرافية : وتتعلق باعادة تنظيم الحيز أو
المساحة في الكوكب ، باحلال الممارسات المتعددة للدولة القومية محل الممارسات
الدولية في عالم تذوب فيه التواصل الحدودية بصورة متزايدة ، عالم سينظر إليه في
أغلب الاحيان على انه شبكة من ( المدن العالمية ) .
8 - العولمة السوسيولوجية : هي ذلك الخيال الجديد الذي
يستشرف ظهور مجتمع عالمي ، واحد أو ( كل ) اجتماعي مترابط يتجاوز حدود المجتمعات
القومية .
ان هذه الأبعاد الثمانية مترابطة بطرق عديدة ومعقدة وهي ذاتها موضوع نقاش وخلاف
اكاديمي كبير ( تيلور ، ترجمة رضوان ، 2002 : 20 ) .
وحينما لم يتمكن الغرب من جعل ثقافتهم وفكرهم ومذاهبهم ( عالمية ) اعتمد على القوة
والسيطرة والاقتصاد والسياسة لكي يعولم ثقافته ويسيطر على الآخر ويسعى لإلقاء مصدر
الثقافة ومفهوم الأمة والدولة والسيادة وهي أهم خصوصيات الأمم .
المبحث الأول
حقوق الإنسان في الإسلام
عالمية مبادىء حقوق الإنسان في
الإسلام
مع التطور الذي عرفه مجال حقوق الإنسان على المستوى العالمي ، خلال العقود الخمسة
المادية ، أضيف إلى التحديات السابقة تحد جديد ، جعل الفكر الإسلامي الذي انشغل
طويلاً بالدفاع عن النظم الإسلامية ، يتوجه بسرعة نحو الإسهام بمعالجة قضاياً حقوق
الإنسان ، لإبراز اسهام الإسلام في هذا المجال كذلك .وصولاً إلى تأكيد تفوق
التشريع الحقوقي الإسلامي ، وموافقة هذا التشريع ورؤاه الفكرية لحقوق الإنسان
الشاملة لذلك عرفت السنوات العشرون الآخير حركة نشطه في مجال التأليف الإسلامي في
محاولة لتأصيل الحقوق الإنسانية . والكشف عن اسهام الإسلام في هذا المجال الذي حظي
باهتمام كبير في الآونة الأخيرة .
وجاءت سرعة الاستجابة من طرف الفكر الإسلامي ، رد فعل مباشراً للتحدث الذي طرحته
المواثيق والاعلانات العالمية ، من جهة وتصاعد وتيرة الاهتمام بحقوق الإنسان من جهة
أخرى ( دكير ، 2000 : 1 ) .
ولم يأنس البشر بحضارة تحترم حقوق الإنسان تطيب لها النفس وتشرح الصدر ويستقيم
الفكر كحضارة الإسلام .
لأن هذه الحضارة تميزت بخصائص عدة تليق بعظمتها وريادتها كخصيصة العالمية وخصيصة
السماحة النبيلة ، وخصيصة العدالة النزيهه حتى مع الاعداء وخصيصة احقاق العدل ورفع
الظلم وخصيصة تكريم الأدمية واحاطتها بالتبجيل والتفضيل ، وخصيصة التنسيق المتكامل
لجميع شئون الحياة وخصيصة الإلقاء لأي قيد على العقيدة والرأي ، وخصيصة الترابط
القوىمع الحضارات البناءه في تاريخ البشر وخصيصة الحد من التكالب على الدنيا (
محمد ، 2003: 59)
وقد حث الله سبحانه وتعالى عباده بعدم تخلف العمل
النبيل عن القول في قوله تعالى { ياأيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون كبر
مقتاً عند الله ان تقولوا مالا تفعلون } ( الصف :312) .
وتتطلب حقوق الإنسان في الإسلام أصلاً من التسامح الديني المتمثل في الصفح والعفو
والاحسان وترفض التعنت والتعصب والتطرف والغلو .
والتسامح هو نظرة إنسانية عظيمة لايمتلكها إلا الإسلام ، فينبما يقبل المسلمون
بينهم وجود أديان مغايرة لدينهم ، ويرفضون اكراه أحد على ترك ملته ، ويرفضون ان
يتألف المجتمع بصفة عامة من مسلمين وغير مسلمين ويضعون نظماً عادلة لتطبق عليهم ،
وعلى من في ذمتهم من أصحاب الآديان الأخرى بعضهم البعض من أجل اعمار الأرض واسعاد
البشرية انطلاقاً من قوله تعالى { وتعاونوا على البر والتقوى ولاتعاونوا على الأثم
والعدوان }
بين عولمة حقوق الإنسان وعالمية حقوق
الإنسان في الإسلام :
ان الفرق بيين عولمة حقوق الإنسان وعالمية حقوق الإنسان في الإسلام فهي تختلف في
الشكل والمضمون ، فعالمية الإسلام قامت على القاسم المشترك بين حضارات العالم
فقبلت الآخر وتفاعلت معه أخذاً وعطاء بل ان عالمية الإسلام تعاملت مع الاختلاف بين
البشر باعتباره من حقائق الكون لذلك دعا الخطاب القرآني إلى اعتبار فوارق الجنس
واللون واللغة من عوامل التعارف بين البشر .
وان توحيد الله هو الأساس في عالمية الإسلامية التي تأخذ خصائصها الايجابية والفعالية
والخلاقة من خلال هذا الاطار .
وان هذا المعنى ينطبق على جميع المفردات التفصيلية في الحياة كالعدل والعمل والعلم
والأخلاق ، أما العولمة والمتمثلة بالإنسان الغربي الذي جعل من الحرية مثلاً أعلى
لأنه كان محطماً ومقيداً في كل ساحات الحياة في عقائده العلمية والدينية بحكم
الكنسية وتعنتها .
وجعل الغرب الحرية هدفاً ولم يكتفي بل صنع منه المثل الأعلى وهو ما جر الغرب اليوم
والتي صنعت للبشرية كل وسائل الدمار .
أما التوحيد فإنه يؤدي دورين اساسيين فهو يعطي الحرية مضمونها الحقيقي على الصعيد
الاجتماعي والشخصي والسياسي والفكري. والاسلام بفضل اطاره التوحيدي ، ثورة
اجتماعية على الظلم والاستبداد وعلى كل الوان الاستغلال ( الاسدي ، 2002 : 5 )
ويعتبر قادة الفكر ان المجتمعات الغربية الراسمالية تعلى قيمة الحرية كقيمة سياسية
عليا في المجتمعات الرأسمالية المعاصرة فقط وكذلك المساواة كقيمة سياسية عليا في
المجتمعات الشيوعية والاشتراكية سابقاً اما في المجتمعات الإسلامية فالعدالة هي
القيمة السياسية العليا في المجتمع . واظهاره لمجموعة متكاملةمن القيم السياسية
المثالية في الحياة للمسلم وللمجتمع الإسلامي ، وهذه المجموعة المتكاملة من القيم
السياسية الإسلامية تبرز عظمة التشريع الإسلامي ، وعظمة خلود الدين الإسلامي ، لان
به المثاليات التي تسعد بها الشعوب وتسود بها الألفة والمحبة والأخوة الإسلامية
المتكاملة . وتآلف المصالح الفردية وعدم تعارضها مع المصالح المجتمعية الشاملة
ومصلحة الجماعة ولذلك فان الحضارة الإسلامية تزهو بالإسلام وليس بالقيم المادية ،
وليس هناك في الإسلام شريعة ومنهاجاً ، وفكراً تفضيل لقيمة سياسية على قيمة سياسية
أخرى بل تتكامل القيم في الإسلام ، لانه دين حياة شامل كامل ارتضاه الله ديناً لعباده
إلى يوم يبعثون .
وكل القيم السياسية والاجتماعية في مرتبة ( امر ) يجب الالتزام به في كافة الأمور
، لأن الإسلام دين الخلق القويم والمثاليات الرفيعة والقيم الخالدة التي تقوى
اركان المجتمع والفرد من اجل حياة سعيدة ( ربيع ، 1974: 70 ) ( رسلان ، 1986 : 149
).
كما ان الإسلام بين ابتداءً الحقوق المتوجبة لكل إنسان ، ثم حض على حفظها ،
وصيانتهاقبل أربعةعشر قرنا من قيام المنظمات الدولية .
ففي دستور الله الخالد قوله تعالى في تكريم الإنسان وتمييزه عن سائر المخلوفات {
ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على
كثير ممن خلقنا تفضيلا } ( الاسراء : 70 ) .
ان هذا التكريم الرباني يشكل قاعدة لكل مفردة من مفردات التكريم الأخرى ، وارضية
لكل قانون وشرعه ، من شأنها حفظ كرامة الإنسان ابتداءً ، ومن ثم ضمان حقوقه ( يكن
، 2002: 66 ) .
وقد اعلن الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع الموقف الإسلامي المميز من حقوق
الإنسان إذا قال " ان الله حرم عليكم دماءكم وأعراضكم وأموالكم " (رواه
البخاري )
احترام حقوق الآخرين في الإسلام :
إذا كانت النصوص العبريه المقدسة التي تحرم مؤاكلة الآخر ( لاويين22/10 - 17 ) أو
مصاهرته والاختلاط به ( تكوين 134 ، خروج 34/12 - 16 ) يشوع 23/12- 13 وغيرها )
بالإضافة إلى وجود تشريعات تقنن التعامل مع الآخر في شتى المجالات ، لتعكس الرؤية
الاسرائيلية للآخر فهي الرؤية التي حددت سلوك الاسرائيليين ومنهجهم في التعامل مع
الأمم والشعوب منذ فجر تاريخهم - كما يسطرنه اسفار العهد القديم - وحين راهن على
وجودهم كما نشهده على أرض الواقع .( أدريس ، 2002 : 136 )
بينما الإسلام اقر بوجود الآخر غير المسلم كسنه من سنن الخلق ، واباح التعارف بين
البشر جميعاً ، مع وضع معيار الهي للتفاضل بين البشر ، لايعتمد على عرق أو جنس ،
ومن ثم جاءت دائرة ( الأنا ) مفتوحة ، يمكن لكل إنسان ان يدخل في حدودها إذا ما
التزم بمتطلباتها {ياأيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل
لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير } ( الحجرات : 13 ) .
كما ان الإسلام يقر حق اختلاف الآخر عن الإنسان ومايترتب على هذا الحق من حقوق
اخرى ، كحق الوجودوالحياة والعدل والمساواة { ومن آياته خلق السموات والأرض
واختلاف السنتكم وألوانكم ان في ذلك لآيات للعالمين } ( الروم : 22 ) .
وقوله تعالى : { ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولايجرمنكم
شنئان قوم على إلا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى واتقوا الله ان الله خبير بما
تعملون } ( المائدة:8 ) .
لقد حطم الإسلام كل قيد يحول دون التقاء الإنسان بالآخر لتحقيق هدف التعارف الذي
نصت عليه آية الحجرات : 13 .
فلاتجد آية في القرآن تدعو إلى تدمير الآخر ومظاهر حضارته ولا على الافساد في
الأرض.
ولذلك يعيش تحت كنف الدولة الإسلامية الآخر الديني ( الكافرون ) والآخر العرقي (
الحجرات : 17 ) والآخر اللغوي ( الروم : 22 ) والآخر الكوني بوجه عام { ألم تر ان
الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلف ألوانها كذلك انما يخش الله من
عباده العلماء ان الله عزيز غفور } فاطر : 27 - 28 ) .
وسبق ان عانى المسيحيين الأرثوذكس في مصر من الدولة الرومانية ومن المسيحيين
الكاثوليك على عكس ما وجدوه من التسامح الديني الذي حققته الدولة الإسلامية في مصر
وحرية العقيدة الدينية لغير المسلمين التي أقرها الإسلام .
كما أن الجزية التي فرضت على غير المسلمين في الدولة الإسلامية بموجب عقود الامان
التي وقعت معهم وهي ضريبة دفاع عنهم في مقابل حمايتهم والدفاع عنهم لاعفائهم من
الاشتراك في الجيش الإسلامي حتى لايدخلوا حرباً يدافعون عنها عن دين لا يؤمنون به
، وفي الوقت نفسه نظير التمتع بالخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين ( عبد العليم
، 2002 :13).
إذن الإسلام يعترف بوجود الاضداد من خلال قوله تعالى : { ولو شاء ربك لجعل الناس
أمة واحدة } ( هود : 118 ) كما يدعو الكل للتعاون على الخير من خلال قوله
تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الأثم والعدوان واتقوا الله ان
الله شديد العقاب } ( المائدة : 2 ) وينهى الإسلام اعتماد سياسة القمع والاكراه مع
الآخر من خلال قوله تعالى { لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي } ( البقرة :
256 ) وهذا منتهى الانفتاح على الآخر والاعتراف به . ويحذر الإسلام من الاساءة إلى
الآخر ولوكان مشركاً أو غير ذلك كما في قوله تعالى : { ولاتسبوا الذين يدعون من
دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم } ( الانعام : 108 ) . ولايكتفي بالنهي عن
الاساءة إلى الآخر بل يدعو إلى البحث في القواسم المشتركة في دعوة الآخرين حرصاً
على استجابتهم واستيعابهم فيقول { قل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا
وبينكم ألا نعبد إلا الله ولاتشرك به شيئاً ولايتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون
الله } ( آل عمران : 64 ) والإسلام يدعو إلى التعاون والتضامن مع الآخر كائناً من
كان لدرء المفاسد وجلب المصالح ، كرفع الظلم ، وتعزيز الحرية ، والعدالة والمساواة
، وصون حقوق الانسان ، ومن أجل
ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "
لقد حضرت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ، ما احب ان لي به حمر النعم ، ولو دعيت
إلى مثله في الإسلام لأجبت " .
حض الإسلام المسلمين على الاستفادة مما عند الآخر من خير ومالديه من حكمة كما في
قول الرسول صلى الله عليه وسلم " خذوا الحكمة من أي وعاء خرجت " (
والحكمة ضالة المؤمن انى وجدها فهو أحق بها ) ( واقبلوا الحق ممن جاء به من صغير
أو كبير ولو كان بغيضاً بعيداً ، وارددوا الباطل على من جاء به من قريب أو بعيد
ولو كان حبيباً نسيباً )
وقد أكد ذلك الإسلام بالبر والإحسان إلى الآخر ممن لم يحمل السلاح لقتالنا كما في
قوله تعالى :{ لا ينهاكم الله عن الذين يقاتلوكم في الدين ولم يخرحوكم من دياركم
ان تبروهم وتقسطوا إليهم ان الله يحب المقسطين } ( الممتحنة : 8 ) .
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب