بحث عن الفساد الإدارى
أحمد محمد عطية على قاعود
وكيل النيابة
مقدمة:
يعد
الفساد من أشد الأمراض خطورة علي عمليات التنمية التي ينبغي أن تقوم بها الدول.
خاصة الدول النامية لحل مشاكلها الإقتصادية والسياسية والإجتماعية المتفاقمة فالفساد
يقوض التنمية ويحول دون قدرة المجتمع علي استغلال موارده وإمكانياته الإقتصادية
الإستغلال الأمثل ، كما يعوق عمليات التوزيع العادل للدخول بين المواطنين ، فتزداد
مشكلة البطالة وتتدهور الأخلاق والقيم النبيلة ويعجز المجتمع عن الوصول لحالة
التشغيل الكامل والأمثل وأيضا يؤدي الي الفساد إلي سيادة حالة من عدم الاستقرار
الإجتماعي والسياسي والتي لا يمكن مواجهتها إلا بالقضاء علي الفساد واسئصاله من
المجتمع ، وسوف نقوم باستعراض الآتي:
-
الفصل الأول: مفهوم الفساد الإداري
-
الفصل الثاني: حاضر الفساد الإداري في مصر
-
الفصل الثالث: اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد
-
الفصل الرابع: جريمة غسل الأموال
-
الفصل الخامس: تجربة دولة نيجيريا في مكافحة الفساد
الفصل الأول
مفهوم الفساد الادارى
تعريف الفساد
الفساد
لغة:
يعني التلف والعطب والاضطراب والحاق الضرر
بالآخرين.
الفساد
اصطلاحا:
هو
سلوك غير سوي ينطوى علي قيام شخص باستغلال مركزه وسلطاته فى مخالفة القوانين
واللوائح والتعليمات لتحقيق منعفعة لنفسه أو لذويه من الأقارب ولأصدقاء والمعارف
وذلك على حساب المصلحة العامة.
ويظهر
هذا السلوك المخالف في شكل جرائم ومخالفات كالرشوة والتربح والسرقة وسوء استخدام
المال العام والانفاق غير القانونى للمال العام مما ينتج عنه اهدار الموارد
الاقتصادية للدولة وينعكس سلبا علي عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وعدم
الاستقرار السياسي.
عناصر الفساد الاداري:-
1- سلوك غير سوى مخالف للقانون
واللوائح والتعليمات والأخلاق.
2- الفاعل
غالبا هو الموظف العام بالحكومة أو شركات قطاع الأعمال.
3- هدف
الفساد هو تحقيق مصلحة خاصة للموظف أو لذويه علي حساب المصلحة العامة كما قد تكون
المصلحة الخاصة مادية أو أدبية.
4- خطر
الفساد هو الاضرار بالمصالح الاقتصادية أالاجتماعية أو السياسية أو الثقافية
للمجتمع.
أسباب تفشي ظاهرة الفساد:-
تتعدد الأسباب الكامنة وراء بروز ظاهرة
الفساد وتفشيها في المجتمعات بالرغم من وجود شبه إجماع على كون هذه الظاهرة سلوكا
إنسانيا سلبيا تحركه المصلحة الذاتية، ويمكن إجمال مجموعة من الأسباب العامة لهذه
الظاهرة التي تشكل في مجملها ما يسمى بمنظومة الفساد، إلا انه ينبغي الملاحظة بان
هذه الأسباب وان كانت متواجدة بشكل أو بآخر في كل المجتمعات إلا أنها تتدرج وتختلف
في الأهمية بين مجتمع وآخر فقد يكون لأحد الأسباب الأهمية الأولى في انتشار الفساد
بينما يكون في مجتمع آخر سببا ثانويا، وبشكل عام يمكن إجمال هذه الأسباب كما يلي:
1- انتشار الفقر والجهل ونقص المعرفة بالحقوق
الفردية، وسيادة القيم التقليدية والروابط القائمة على النسب والقرابة.
2- عدم الالتزام بمبدأ الفصل المتوازن بين
السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية في النظام السياسي وطغيان السلطة
التنفيذية على السلطة التشريعية وهو ما يؤدي إلى الإخلال بمبدأ الرقابة المتبادلة,
كما أن ضعف الجهاز القضائي وغياب استقلاليته ونزاهته يعتبر سبباً مشجعاً على
الفساد.
3- ضعف أجهزة الرقابة في الدولة وعدم
استقلاليتها.
4- وتزداد الفرص لممارسة الفساد في المراحل
الانتقالية والفترات التي تشهد تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية كتلك التي يمر
بها الشعب الفلسطيني (الانتقال من مرحلة الاحتلال إلى مرحلة الدولة) ويساعد على
ذلك حداثة أو عدم اكتمال البناء المؤسسي والإطار القانوني التي توفر بيئة مناسبة
للفاسدين مستغلين ضعف الجهاز الرقابي على الوظائف العامة في هذه المراحل.
5- ضعف الإرادة لدى القيادة السياسية لمكافحة
الفساد، وذلك بعدم اتخاذ أية إجراءات وقائية أو عقابية جادة بحق عناصر الفساد بسبب
انغماسها نفسها أو بعض أطرافها في الفساد.
6- ضعف وانحسار المرافق والخدمات والمؤسسات
العامة التي تخدم المواطنين، مما يشجع على التنافس بين العامة للحصول عليها ويعزز
من استعدادهم لسلوك طرق مستقيمة للحصول عليها ويشجع بعض المتمكنين من ممارسة
الواسطة والمحسوبية والمحاباة وتقبل الرشوة.
7- تدني رواتب العاملين في القطاع العام
وارتفاع مستوى المعيشة مما يشكل بيئة ملائمة لقيام بعض العاملين بالبحث عن مصادر
مالية أخرى حتى لو كان من خلال الرشوة.
8- غياب قواعد العمل والإجراءات المكتوبة
ومدونات السلوك للموظفين في قطاعات العمل العام والأهلي والخاص، وهو ما يفتح
المجال لممارسة الفساد.
9- غياب حرية الأعلام وعدم السماح لها أو
للمواطنين بالوصول إلى المعلومات والسجلات العامة، مما يحول دون ممارستهم لدورهم
الرقابي على أعمال الوزارات والمؤسسات العامة.
10- ضعف دور مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات
الخاصة في الرقابة على الأداء الحكومي أو عدم تمتعها بالحيادية في عملها.
11- غياب التشريعات والأنظمة التي تكافح
الفساد وتفرض العقوبات على مرتكبيه.
12- الأسباب الخارجية للفساد، وهي تنتج عن
وجود مصالح وعلاقات تجارية مع شركاء خارجيين أو منتجين من دول أخرى، واستخدام
وسائل غير قانونية من قبل شركات خارجية للحصول على امتيازات واحتكارات داخل
الدولة، أو قيامها بتصريف بضائع فاسدة.
أشكال الفساد:
تتعدد مظاهر وصور الفساد ولا يمكن حصر هذه
المظاهر بشكل كامل ودقيق فهو يختلف باختلاف الجهة التي تمارسه أو
المصلحة التي يسعى لتحقيقها، فقد يمارسه فرد أو جماعة أو مؤسسة خاصة أو
مؤسسة رسمية أو أهلية، وقد يهدف لتحقيق منفعة مادية أو مكسب سياسي أو مكسب
اجتماعي.
وقد يكون الفساد فرديا يمارسه الفرد بمبادرة
شخصية ودون تنسيق مع أفراد أوجهات أخرى، وقد تمارسه مجموعة بشكل منظم ومنسق، ويشكل
ذلك اخطرأنواع الفساد فهو يتغلغل في كافة بنيان المجتمع سياسيا واقتصاديا
واجتماعيا.
وينقسم الفساد وفقا لمرتبة من يمارسه إلى
فساد أفقي (فساد صغير Minor Corruption) يشمل قطاع
الموظفين العموميين الصغار بحيث يتطلب إنجاز أية معاملة مهما كانت صغيرة تقديم
رشوة للموظف المسؤول، وفساد عمودي (فساد كبير Corruption Gross) يقوم به كبار المسؤولين
ويتعلق بقضايا اكبر من مجرد معاملات إدارية يومية، كما يهدف إلى تحقيق مكاسب اكبر
من مجرد رشوة صغيرة.
وعلى وجه العموم يمكن تحديد مجموعة من صور
الفساد وأشكاله
على النحو التالي:
1- استخدام المنصب العام من قبل بعض الشخصيات
المتنفذة (وزراء، وكلاء، مستشارون ...الخ) للحصول على امتياز خاصة كالاحتكارات
المتعلقة بالخدمات العامة ومشاريع البنية التحتية، والوكالات التجارية للمواد
الأساسية، اوالحصول من آخرين على العمولات مقابل تسهيل حصولهم على هذه
الامتيازات دون وجه حق.
2- غياب النزاهة والشفافية في طرح العطاءات
الحكومية، كإحالة عطاءات بطرق غير شرعية على شركات ذات علاقة بالمسؤولين، أو
أفراد عائلاتهم، أو إحالة العطاءات الحكومية على شركات معينة دون إتباع
الإجراءات القانونية المطلوبة كالإعلان عنها أو فتح المجال للتنافس الحقيقي
عليها أو ضمان تكافؤ الفرص للجميع.
3- المحسوبية والمحاباة والوساطة في
التعيينات الحكومية، كقيام بعض المسؤولين بتعيين أشخاص في الوظائف العامة على
أسس القرابة أو الولاء السياسي أو بهدف تعزيز نفوذهم الشخصي، وذلك على
حساب الكفاءة والمساواة في الفرص، أو قيام بعض المسؤولين بتوزيع
المساعدات العينية أو المبالغ المالية من المال العام على فئات معينة أو
مناطق جغرافية محددة على أسس عشائرية أو مناطقية أو بهدف تحقيق مكاسب سياسية.
4- تبذير المال العام من خلال منح تراخيص أو
إعفاءات ضريبية أو جمركية لأشخاص أو شركات بدون وجه حق بهدف استرضاء بعض الشخصيات
في المجتمع أو تحقيق مصالح متبادلة أو مقابل رشوة، مما يؤدي إلى حرمان الخزينة
العامة من أهم مواردها.
5- سرقة الأموال أو الممتلكات العامة كسرقة أموال
الضرائب أو من خلال توزيع أموال وخدمات على مؤسسات وهمية.
6- استغلال المنصب العام لتحقيق مصالح سياسية
مثل تزوير الانتخابات أو شراء أصوات الناخبين، أو التمويل غير المشروع للحملات
الانتخابية، أو التأثير على قرارات المحاكم، أو شراء ولاء الأفراد
والجماعات.
وبالرغم من وجود العديد من أشكال وصور الفساد
السابقة في فلسطين ، إلا أن المحسوبية والواسطة والاحتكارات في العطاءات
الحكومية وسرقة المال العام تعد ابرز صور الفساد في التي يشهدها المجتمع
الفلسطيني، وهذا لا يعني عدم وجود فساد في عمل وسلوك الأفراد العاملين في بعض
المجالس المحلية ومؤسسات المجتمع المدني بما فيها القطاع الخاص و الإعلام و
المنظمات الأهلية أو حتى الأحزاب السياسية.
الآثار المترتبة على الفساد:-
للفساد نتائج مكلفة على مختلف نواحي الحياة
السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويمكن إجمال أهم هذه النتائج على النحو التالي:
1- اثر الفساد على النواحي الاجتماعية: يؤدي الفساد إلى خلخلة القيم الأخلاقية والى الإحباط وانتشار اللامبالاة
والسلبية بين أفراد المجتمع، وبروز التعصب والتطرف في الآراء وانتشار الجريمة كرد
فعل لانهيار القيم وعدم تكافؤ الفرص.
كما يؤدي الفساد إلى عدم المهنية وفقدان قيمة
العمل والتقبل النفسي لفكرة التفريط في معايير أداء الواجب الوظيفي والرقابي
وتراجع الاهتمام بالحق العام. والشعور بالظلم لدى الغالبية مما يؤدي إلى الاحتقان
الاجتماعي وانتشار الحقد بين شرائح المجتمع وانتشار الفقر وزيادة حجم المجموعات
المهمشة والمتضررة وبشكل خاص النساء والأطفال والشباب .
2- تأثير الفساد على التنمية الاقتصادية: يقود الفساد إلى العديد من النتائج السلبية على التنمية الاقتصادية منها:
- الفشل في جذب الاستثمارات الخارجية، وهروب
رؤوس الأموال المحلية، فالفساد يتعارض مع وجود بيئة تنافسية حرة التي تشكل شرطا
أساسيا لجذب الاستثمارات المحلية والخارجية على حد سواء، وهو ما يؤدي إلى ضعف عام
في توفير فرص العمل ويوسع ظاهرة البطالة والفقر.
- هدر الموارد بسبب تداخل المصالح الشخصية
بالمشاريع التنموية العامة، والكلفة المادية الكبيرة للفساد على الخزينة العامة
كنتيجة لهدر الإيرادات العامة.
- الفشل في الحصول على المساعدات الأجنبية،
كنتيجة لسوء سمعة النظام السياسي.
- هجرة الكفاءات الاقتصادية نظرا لغياب
التقدير وبروز المحسوبية والمحاباة في أشغال المناصب العامة.
3- تأثير الفساد على النظام السياسي: يترك الفساد آثارا سلبية على النظام السياسي
برمته سواء من حيث شرعيته أو استقراره أو سمعته، وذلك كما يلي:
- يؤثر على مدى تمتع النظام بالديمقراطية
وقدرته على احترام حقوق المواطنين الأساسية وفي مقدمتها الحق في المساواة وتكافؤ
الفرص وحرية الوصول إلى المعلومات وحرية الإعلام، كما يحد من شفافية النظام
وانفتاحه.
- يؤدي إلى حالة يتم فيها اتخاذ القرارات حتى
المصيرية منها طبقا لمصالح شخصية ودون مراعاة للمصالح العامة.
- يقود إلى الصراعات الكبيرة إذا ما تعارضت
المصالح بين مجموعات مختلفة.
- يؤدي إلى خلق جو من النفاق السياسي كنتيجة
لشراء الولاءات السياسية.
- يؤدي إلى ضعف المؤسسات العامة ومؤسسات
المجتمع المدني ويعزز دور المؤسسات التقليدية، وهو ما يحول دون وجود حياة
ديمقراطية.
- يسيء إلى سمعة النظام السياسي وعلاقاته
الخارجية خاصة مع الدول التي يمكن أن تقدم الدعم المادي له، وبشكل يجعل هذه الدول
تضع شروطا قد تمس بسيادة الدولة لمنح مساعداتها.
- يضعف المشاركة السياسية نتيجة لغياب الثقة
بالمؤسسات العامة وأجهزة الرقابة والمساءلة.
الفساد الخارجي:-
والفساد ليس ظاهرة محلية لصيقة بالأنظمة
السياسة أو الدول فقط، فقد يكون الفساد عابرا للحدود ومصدره شركات متعددة الجنسيات
ومنظمات دولية حكومية وغير حكومية.
وتمارس العديد من الشركات العالمية الكبرى
التي تمتد عبر الحدود العديد من السلوكيات التي تشكل صورا للفساد الخارجي كاللجوء
للضغط على الحكومات من اجل فتح الأسواق لمنتجاتها أو من اجل الحصول على عقود
امتياز لاستغلال الموارد الطبيعية أو إقامة البنى التحتية، كما قد تلجأ إلى أساليب
الرشوة للمسؤولين في المناصب العامة لضمان الحصول على هذه الامتيازات، أو لتصريف
بضائع فاسدة أو غير مطابقة للمواصفات.
وتبرز السلوكيات الفاسدة لبعض الشركات متعددة
الجنسيات خاصة في ظل الدول التي تمر في مراحل انتقالية أو في الأقطار حديثة
الاستقلال.
ونظرا لما يمكن أن يلحقه الفساد من أضرار ليس
على المستوى المحلي فحسب بل وأيضا على المستوى الدولي خاصة في ظل التوجه نحو حرية
التجارة وحرية المنافسة، فقد لجأت العديد من الدول والمنظمات الدولية والكتل
الاقتصادية الدولية إلى إبرام اتفاقيات دولية لمكافحة الفساد، منها اتفاقية الأمم
المتحدة لمكافحة الفساد واتفاقية الأمريكتين لمكافحة الفساد، واتفاقية المجلس
الأوروبي للقانون الجنائي بشأن الفساد، التي لا تقتصر على مجرد حث الحكومات على
تجريم مختلف أشكال الفساد، ولكنها تبرز الحاجة إلى وجود قوى محايدة في مجال
التحقيقات والمتابعة القانونية والقضائية لكشف الفساد العام واستئصال جذوره وكذلك
بادرت بعض الدول الإفريقية لبلورة اتفاقية لمقاومة الفساد.
وتساعد الاتفاقيات الدولية متعددة الأطراف ضد
الفساد على إنجاح جهود مكافحة الفساد في مختلف الدول كما تضفي الصفة الرسمية على
الالتزام الحكومي بتنفيذ مبادئ مكافحة الفساد.
الفساد في القطاع الخاص:-
الا
أنه يلاحظ أن الفساد لا يقتصر على القطاع الحكومى أو العام بل أن يتخذ أشكالا
متنوعة فيمكن أن يوجد الفساد في ظل جميع الديمقراطيات أي الحكومات النامية أو
المتقدمة أو الرأسمالية أو الشيوعية أو الاشتراكية أو الديمقراطية أو
الديكتاتورية.
فالقطاع
الخاص تقع فيه حالات فساد أكثر فداحة من فساد القطاع العام في العديد من دول
العالم والفساد في القطاع الخاص يتحدد حجمه وقوته مدي القوي الأحتكارية التى يتمتع
بها القطاع الخاص ومدي الحرية في التصرف وقيمة الرقابة والمحاسبة فكلما زادت القوي
الاحتكارية وحرية التصرف وتضاءلت قوة الرقابة والمحاسبة كلما قويت شوكة الفساد
والمفسدين في القطاع الخاص والعكس صحيح
الفساد الاداري في الدول النامية:-
كما
لاحظ علماء الأجتماع أن احتمالات الفساد تتزايد في المجتمعات التى تكون فيها
السلطة أو القوة أكثر تركزا تماما كما هو الحال في الدول النامية.
وتفسير
ذلك أن السلطة أو القوة في دول العالم الثالث هي نتاج منطقي لخط انتاجي قائم علي
الاستغلال كذلك هو نتاج طبقي قائم على الصراع الذى يتسم دوما في صالح الطبقات
القادرة هذا من جهة ومن جهة أخري يفرز مثل هذا البناء أنم من الغترلب السياسي
متمثلة في السلبية فضلا علي ممارسة وسائل الاعلام التي توجهها المصالح الطبيقية
الكثير من الأساليب لتزييف وعي الجمهور.
عوامل تجذر الفساد الادارى في الدول النامية:-
تأتي
علي رأس هذه العوامل العوامل الداخلية والتى تتمثل في القوة الا جتماعية المؤثرة
من السياسيين ورجال الأعمال وكبار المسئولين في الخدمة المدنية بالاضافة الي ذلك
تأتي العوامل الخارجية و المتمثلة في
الشركات متعددة الجنسيات الغربية والمنظمات المالية الدولية فضلا عن مراعاة أن
معظم العاملين في الدول النامية يتركزون في الحكومة والقطاع العام اللذان لهما
تأثيرا كبيرا على حياة الناس فيما يتعلق توزيع السلع والخدمات فكلما كبر حجم
القطاع الحكومى و العام واتسعت مجالاتها ازداد الميل نحو الفساد كما أن تدخل
الدولة في الحياة الاقتصادية يؤدي الي خلق أنماط متباينة من الفساد الاداري.
أخطار الفساد الاداري:-
1- افساد
السلوك الأخلاقى للموظفين اذ أن الفساد يتحول الي سلوك مستقر ومتعارف عليه.
2- احداث
خلل في القيم الاجتماعية فالثراء السريع وما شابه ذلك كلها مظاهر سوف تتصدر القيم
السائدة متقدمة على قيم الأخلاق والعلم والمناصب العليا.
3-
فقدان الثقة في الجهاز الاداري للدولة فاستقرار الفساد وانتشاره يؤدي الى فقدان
الثقة في الجهاز الاداري للدولة.
4- عرقلة
التنمية الاقتصادية خاصة في الدول النامية اذ يضعف ويعرقل من أداء اقتصاد السوق في
الدول التي تمر بمرحلة التحول ويقوض الكفاءة والرخاء الاقتصادى.
5- الاضرار
بصحة الحيوان و الانسان اذ أن الفساد هو الذي يدفع الي استيراد أغذية ومحاصيل
ملوثة أو منتهية الصلاحية.
6- اهدار
القوانين واللوائح من خلال نشوء قواعد وأعراف جديدة وتنظيم غير رسمى في التعامل مع
الأجهزة الحكومية.
آليات مكافحة الفساد:-
يتصل بمفهوم الفساد مجموعة من المفاهيم
الأخرى التي تشكل عناصر أساسية في إستراتيجية مكافحته كالمحاسبة والمساءلة
والشفافية والنزاهة، ويمكن توضيح كل منها كمايلي:
1.المحاسبة: هي خضوع الأشخاص الذين يتولون المناصب
العامة للمساءلة القانونية والإدارية والأخلاقية عن نتائج أعمالهم، أي أن يكون
الموظفون الحكوميون مسؤولين أمام رؤسائهم (الذين هم في الغالب يشغلون قمة الهرم في
المؤسسة أي الوزراء ومن هم في مراتبهم) الذين يكونون مسؤولين بدورهم أمام السلطة
التشريعية التي تتولى الرقابة على أعمال السلطة
التنفيذية.
2.المساءلة: هي واجب المسؤولين عن الوظائف العامة، سواء كانوا
منتخبين أو معينين، تقديم تقارير دورية عن نتائج أعمالهم ومدى نجاعتهم في تنفيذها،
وحق المواطنين في الحصول على المعلومات اللازمة عن أعمال الإدارات العامة (أعمال
النواب والوزراء والموظفين العموميين) حتى يتم التأكد من أن عمل هؤلاء يتفق مع
القيم الديمقراطية ومع تعريف القانون لوظائفهم ومهامهم، وهو ما يشكل أساسا
لاستمرار اكتسابهم للشرعية والدعم من الشعب.
3.الشفافية: هي الوضوح داخل المؤسسة وفي العلاقة مع المواطنين
(المنتفعين من الخدمة أو مموليها) وعلنية الإجراءات والغايات والأهداف، وهو ما
ينطبق على أعمال الحكومة كما ينطبق على أعمال المؤسسات الأخرى غير الحكومية.
4.النزاهة: هي منظومة القيم المتعلقة بالصدق والأمانة والإخلاص في
العمل، وبالرغم من التقارب بين مفهومي الشفافية و النزاهة إلا أن الثاني يتصل بقيم
أخلاقية معنوية بينما يتصل الأول بنظم وإجراءات عملية.
إن تعقد ظاهرة الفساد وإمكانية تغلغلها في
كافة جوانب الحياة يقتضي تبني إستراتيجية تقوم على الشمولية والتكامل لمكافحة هذه
الظاهرة، على ان يسبق ذلك تحديدا لمفهوم الفساد وأسبابه وأشكاله ومن ثم العمل على
التقليل من الفرص والمجالات التي تؤدي إلى وجوده أو تضفي عليه الشرعية والمقبولية
من المجتمع. وتعزيز فرص اكتشافه عند حدوثه، ووضع العقوبات الرادعة بحق مقترفيه.
وينبغي الإشارة إلى أن القضاء على الفساد
يتطلب كذلك صحوة ثقافية تبين مخاطره السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتنشر
الوعي بتكاليفه العالية.
كما ينبغي توفر الإرادة من قبل القيادة
السياسية لمحاربة الفساد حتى يكون ذلك على مستوى الدولة والمجتمع أو على
الأقل بان لا تصطدم توجهات مكافحة الفساد مع السلطة السياسية.
أن محاربة الفساد تتطلب رأيا عاما نشطا
وواعيا يتابع الأحداث، ويهتم بالكشف عن حالات الفساد ويعاقب عليها من خلال الحرمان
من التأييد الشعبي للعناصر الفاسدة في النظام
السياسي.
إن إستراتيجية محاربة الفساد تتطلب
استخدام وسائل شاملة ومتواصلة ومتنوعة سياسية وقانونية وجماهيرية وذلك على النحو
التالي:
1- تبني نظام ديمقراطي يقوم على مبدأ فصل
السلطات، وسيادة القانون، من خلال خضوع الجميع للقانون واحترامه والمساواة أمامه
وتنفيذ أحكامه من جميع الأطراف، نظام يقوم على الشفافية والمساءلة.
2- بناء جهاز قضائي مستقل وقوي ونزيه،
وتحريره من كل المؤثرات التي يمكن أن تضعف عمله، والالتزام من قبل السلطة
التنفيذية على احترام أحكامه .
3- إعمال القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد
على جميع المستويات، كقانون الإفصاح عن الذمم المالية لذوي المناصب العليا،
وقانون الكسب غير المشروع، وقانون حرية الوصول إلى المعلومات، وتشديد الأحكام
المتعلقة بمكافحة الرشوة والمحسوبية واستغلال الوظيفة العامة في قانون
العقوبات.
4- تطوير دور الرقابة والمساءلة للهيئات
التشريعية من خلال الأدوات البرلمانية المختلفة في هذا المجال مثل الأسئلة
الموجهة للوزراء وطرح المواضيع للنقاش العلني، وإجراء التحقيق
والاستجواب، وطرح الثقة بالحكومة.
5- تعزيز دور هيئات الرقابة العامة كمراقب
الدولة أو دواوين الرقابة المالية والإدارية أو دواوين المظالم، التي تتابع حالات
سوء الإدارة في مؤسسات الدولة والتعسف في استعمال السلطة، وعدم الالتزام المالي
والإداري ، وغياب الشفافية في الإجراءات المتعلقة بممارسة الوظيفة العامة.
6- التركيز على البعد الأخلاقي في محاربة
الفساد في قطاعات العمل العام والخاص والأهلي وذلك من خلال التركيز على دعوة
كل الأديان إلى محاربة الفساد بأشكاله المختلفة، وكذلك من خلال قوانين الخدمة
المدنية أو الأنظمة والمواثيق المتعلقة بشرف ممارسة الوظيفة (مدونات السلوك).
7- إعطاء الحرية للصحافة وتمكينها من الوصول
إلى المعلومات ومنح الحصانة للصحفيين للقيام بدورهم في نشر المعلومات وعمل
التحقيقات التي تكشف عن قضايا الفساد ومرتكبيها.
8- تنمية الدور الجماهيري في مكافحة الفساد
من خلال برامج التوعية بهذه الآفة ومخاطرها وتكلفتها الباهضة على الوطن والمواطن،
وتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني• والجامعات والمعاهد التعليمية والمثقفين في
محاربة الفساد والقيام بدور التوعية القطاعية والجماهيرية.
أحمد محمد عطية على قاعود
وكيل النيابة
مقدمة:
يعد
الفساد من أشد الأمراض خطورة علي عمليات التنمية التي ينبغي أن تقوم بها الدول.
خاصة الدول النامية لحل مشاكلها الإقتصادية والسياسية والإجتماعية المتفاقمة فالفساد
يقوض التنمية ويحول دون قدرة المجتمع علي استغلال موارده وإمكانياته الإقتصادية
الإستغلال الأمثل ، كما يعوق عمليات التوزيع العادل للدخول بين المواطنين ، فتزداد
مشكلة البطالة وتتدهور الأخلاق والقيم النبيلة ويعجز المجتمع عن الوصول لحالة
التشغيل الكامل والأمثل وأيضا يؤدي الي الفساد إلي سيادة حالة من عدم الاستقرار
الإجتماعي والسياسي والتي لا يمكن مواجهتها إلا بالقضاء علي الفساد واسئصاله من
المجتمع ، وسوف نقوم باستعراض الآتي:
-
الفصل الأول: مفهوم الفساد الإداري
-
الفصل الثاني: حاضر الفساد الإداري في مصر
-
الفصل الثالث: اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد
-
الفصل الرابع: جريمة غسل الأموال
-
الفصل الخامس: تجربة دولة نيجيريا في مكافحة الفساد
الفصل الأول
مفهوم الفساد الادارى
تعريف الفساد
الفساد
لغة:
يعني التلف والعطب والاضطراب والحاق الضرر
بالآخرين.
الفساد
اصطلاحا:
هو
سلوك غير سوي ينطوى علي قيام شخص باستغلال مركزه وسلطاته فى مخالفة القوانين
واللوائح والتعليمات لتحقيق منعفعة لنفسه أو لذويه من الأقارب ولأصدقاء والمعارف
وذلك على حساب المصلحة العامة.
ويظهر
هذا السلوك المخالف في شكل جرائم ومخالفات كالرشوة والتربح والسرقة وسوء استخدام
المال العام والانفاق غير القانونى للمال العام مما ينتج عنه اهدار الموارد
الاقتصادية للدولة وينعكس سلبا علي عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وعدم
الاستقرار السياسي.
عناصر الفساد الاداري:-
1- سلوك غير سوى مخالف للقانون
واللوائح والتعليمات والأخلاق.
2- الفاعل
غالبا هو الموظف العام بالحكومة أو شركات قطاع الأعمال.
3- هدف
الفساد هو تحقيق مصلحة خاصة للموظف أو لذويه علي حساب المصلحة العامة كما قد تكون
المصلحة الخاصة مادية أو أدبية.
4- خطر
الفساد هو الاضرار بالمصالح الاقتصادية أالاجتماعية أو السياسية أو الثقافية
للمجتمع.
أسباب تفشي ظاهرة الفساد:-
تتعدد الأسباب الكامنة وراء بروز ظاهرة
الفساد وتفشيها في المجتمعات بالرغم من وجود شبه إجماع على كون هذه الظاهرة سلوكا
إنسانيا سلبيا تحركه المصلحة الذاتية، ويمكن إجمال مجموعة من الأسباب العامة لهذه
الظاهرة التي تشكل في مجملها ما يسمى بمنظومة الفساد، إلا انه ينبغي الملاحظة بان
هذه الأسباب وان كانت متواجدة بشكل أو بآخر في كل المجتمعات إلا أنها تتدرج وتختلف
في الأهمية بين مجتمع وآخر فقد يكون لأحد الأسباب الأهمية الأولى في انتشار الفساد
بينما يكون في مجتمع آخر سببا ثانويا، وبشكل عام يمكن إجمال هذه الأسباب كما يلي:
1- انتشار الفقر والجهل ونقص المعرفة بالحقوق
الفردية، وسيادة القيم التقليدية والروابط القائمة على النسب والقرابة.
2- عدم الالتزام بمبدأ الفصل المتوازن بين
السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية في النظام السياسي وطغيان السلطة
التنفيذية على السلطة التشريعية وهو ما يؤدي إلى الإخلال بمبدأ الرقابة المتبادلة,
كما أن ضعف الجهاز القضائي وغياب استقلاليته ونزاهته يعتبر سبباً مشجعاً على
الفساد.
3- ضعف أجهزة الرقابة في الدولة وعدم
استقلاليتها.
4- وتزداد الفرص لممارسة الفساد في المراحل
الانتقالية والفترات التي تشهد تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية كتلك التي يمر
بها الشعب الفلسطيني (الانتقال من مرحلة الاحتلال إلى مرحلة الدولة) ويساعد على
ذلك حداثة أو عدم اكتمال البناء المؤسسي والإطار القانوني التي توفر بيئة مناسبة
للفاسدين مستغلين ضعف الجهاز الرقابي على الوظائف العامة في هذه المراحل.
5- ضعف الإرادة لدى القيادة السياسية لمكافحة
الفساد، وذلك بعدم اتخاذ أية إجراءات وقائية أو عقابية جادة بحق عناصر الفساد بسبب
انغماسها نفسها أو بعض أطرافها في الفساد.
6- ضعف وانحسار المرافق والخدمات والمؤسسات
العامة التي تخدم المواطنين، مما يشجع على التنافس بين العامة للحصول عليها ويعزز
من استعدادهم لسلوك طرق مستقيمة للحصول عليها ويشجع بعض المتمكنين من ممارسة
الواسطة والمحسوبية والمحاباة وتقبل الرشوة.
7- تدني رواتب العاملين في القطاع العام
وارتفاع مستوى المعيشة مما يشكل بيئة ملائمة لقيام بعض العاملين بالبحث عن مصادر
مالية أخرى حتى لو كان من خلال الرشوة.
8- غياب قواعد العمل والإجراءات المكتوبة
ومدونات السلوك للموظفين في قطاعات العمل العام والأهلي والخاص، وهو ما يفتح
المجال لممارسة الفساد.
9- غياب حرية الأعلام وعدم السماح لها أو
للمواطنين بالوصول إلى المعلومات والسجلات العامة، مما يحول دون ممارستهم لدورهم
الرقابي على أعمال الوزارات والمؤسسات العامة.
10- ضعف دور مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات
الخاصة في الرقابة على الأداء الحكومي أو عدم تمتعها بالحيادية في عملها.
11- غياب التشريعات والأنظمة التي تكافح
الفساد وتفرض العقوبات على مرتكبيه.
12- الأسباب الخارجية للفساد، وهي تنتج عن
وجود مصالح وعلاقات تجارية مع شركاء خارجيين أو منتجين من دول أخرى، واستخدام
وسائل غير قانونية من قبل شركات خارجية للحصول على امتيازات واحتكارات داخل
الدولة، أو قيامها بتصريف بضائع فاسدة.
أشكال الفساد:
تتعدد مظاهر وصور الفساد ولا يمكن حصر هذه
المظاهر بشكل كامل ودقيق فهو يختلف باختلاف الجهة التي تمارسه أو
المصلحة التي يسعى لتحقيقها، فقد يمارسه فرد أو جماعة أو مؤسسة خاصة أو
مؤسسة رسمية أو أهلية، وقد يهدف لتحقيق منفعة مادية أو مكسب سياسي أو مكسب
اجتماعي.
وقد يكون الفساد فرديا يمارسه الفرد بمبادرة
شخصية ودون تنسيق مع أفراد أوجهات أخرى، وقد تمارسه مجموعة بشكل منظم ومنسق، ويشكل
ذلك اخطرأنواع الفساد فهو يتغلغل في كافة بنيان المجتمع سياسيا واقتصاديا
واجتماعيا.
وينقسم الفساد وفقا لمرتبة من يمارسه إلى
فساد أفقي (فساد صغير Minor Corruption) يشمل قطاع
الموظفين العموميين الصغار بحيث يتطلب إنجاز أية معاملة مهما كانت صغيرة تقديم
رشوة للموظف المسؤول، وفساد عمودي (فساد كبير Corruption Gross) يقوم به كبار المسؤولين
ويتعلق بقضايا اكبر من مجرد معاملات إدارية يومية، كما يهدف إلى تحقيق مكاسب اكبر
من مجرد رشوة صغيرة.
وعلى وجه العموم يمكن تحديد مجموعة من صور
الفساد وأشكاله
على النحو التالي:
1- استخدام المنصب العام من قبل بعض الشخصيات
المتنفذة (وزراء، وكلاء، مستشارون ...الخ) للحصول على امتياز خاصة كالاحتكارات
المتعلقة بالخدمات العامة ومشاريع البنية التحتية، والوكالات التجارية للمواد
الأساسية، اوالحصول من آخرين على العمولات مقابل تسهيل حصولهم على هذه
الامتيازات دون وجه حق.
2- غياب النزاهة والشفافية في طرح العطاءات
الحكومية، كإحالة عطاءات بطرق غير شرعية على شركات ذات علاقة بالمسؤولين، أو
أفراد عائلاتهم، أو إحالة العطاءات الحكومية على شركات معينة دون إتباع
الإجراءات القانونية المطلوبة كالإعلان عنها أو فتح المجال للتنافس الحقيقي
عليها أو ضمان تكافؤ الفرص للجميع.
3- المحسوبية والمحاباة والوساطة في
التعيينات الحكومية، كقيام بعض المسؤولين بتعيين أشخاص في الوظائف العامة على
أسس القرابة أو الولاء السياسي أو بهدف تعزيز نفوذهم الشخصي، وذلك على
حساب الكفاءة والمساواة في الفرص، أو قيام بعض المسؤولين بتوزيع
المساعدات العينية أو المبالغ المالية من المال العام على فئات معينة أو
مناطق جغرافية محددة على أسس عشائرية أو مناطقية أو بهدف تحقيق مكاسب سياسية.
4- تبذير المال العام من خلال منح تراخيص أو
إعفاءات ضريبية أو جمركية لأشخاص أو شركات بدون وجه حق بهدف استرضاء بعض الشخصيات
في المجتمع أو تحقيق مصالح متبادلة أو مقابل رشوة، مما يؤدي إلى حرمان الخزينة
العامة من أهم مواردها.
5- سرقة الأموال أو الممتلكات العامة كسرقة أموال
الضرائب أو من خلال توزيع أموال وخدمات على مؤسسات وهمية.
6- استغلال المنصب العام لتحقيق مصالح سياسية
مثل تزوير الانتخابات أو شراء أصوات الناخبين، أو التمويل غير المشروع للحملات
الانتخابية، أو التأثير على قرارات المحاكم، أو شراء ولاء الأفراد
والجماعات.
وبالرغم من وجود العديد من أشكال وصور الفساد
السابقة في فلسطين ، إلا أن المحسوبية والواسطة والاحتكارات في العطاءات
الحكومية وسرقة المال العام تعد ابرز صور الفساد في التي يشهدها المجتمع
الفلسطيني، وهذا لا يعني عدم وجود فساد في عمل وسلوك الأفراد العاملين في بعض
المجالس المحلية ومؤسسات المجتمع المدني بما فيها القطاع الخاص و الإعلام و
المنظمات الأهلية أو حتى الأحزاب السياسية.
الآثار المترتبة على الفساد:-
للفساد نتائج مكلفة على مختلف نواحي الحياة
السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويمكن إجمال أهم هذه النتائج على النحو التالي:
1- اثر الفساد على النواحي الاجتماعية: يؤدي الفساد إلى خلخلة القيم الأخلاقية والى الإحباط وانتشار اللامبالاة
والسلبية بين أفراد المجتمع، وبروز التعصب والتطرف في الآراء وانتشار الجريمة كرد
فعل لانهيار القيم وعدم تكافؤ الفرص.
كما يؤدي الفساد إلى عدم المهنية وفقدان قيمة
العمل والتقبل النفسي لفكرة التفريط في معايير أداء الواجب الوظيفي والرقابي
وتراجع الاهتمام بالحق العام. والشعور بالظلم لدى الغالبية مما يؤدي إلى الاحتقان
الاجتماعي وانتشار الحقد بين شرائح المجتمع وانتشار الفقر وزيادة حجم المجموعات
المهمشة والمتضررة وبشكل خاص النساء والأطفال والشباب .
2- تأثير الفساد على التنمية الاقتصادية: يقود الفساد إلى العديد من النتائج السلبية على التنمية الاقتصادية منها:
- الفشل في جذب الاستثمارات الخارجية، وهروب
رؤوس الأموال المحلية، فالفساد يتعارض مع وجود بيئة تنافسية حرة التي تشكل شرطا
أساسيا لجذب الاستثمارات المحلية والخارجية على حد سواء، وهو ما يؤدي إلى ضعف عام
في توفير فرص العمل ويوسع ظاهرة البطالة والفقر.
- هدر الموارد بسبب تداخل المصالح الشخصية
بالمشاريع التنموية العامة، والكلفة المادية الكبيرة للفساد على الخزينة العامة
كنتيجة لهدر الإيرادات العامة.
- الفشل في الحصول على المساعدات الأجنبية،
كنتيجة لسوء سمعة النظام السياسي.
- هجرة الكفاءات الاقتصادية نظرا لغياب
التقدير وبروز المحسوبية والمحاباة في أشغال المناصب العامة.
3- تأثير الفساد على النظام السياسي: يترك الفساد آثارا سلبية على النظام السياسي
برمته سواء من حيث شرعيته أو استقراره أو سمعته، وذلك كما يلي:
- يؤثر على مدى تمتع النظام بالديمقراطية
وقدرته على احترام حقوق المواطنين الأساسية وفي مقدمتها الحق في المساواة وتكافؤ
الفرص وحرية الوصول إلى المعلومات وحرية الإعلام، كما يحد من شفافية النظام
وانفتاحه.
- يؤدي إلى حالة يتم فيها اتخاذ القرارات حتى
المصيرية منها طبقا لمصالح شخصية ودون مراعاة للمصالح العامة.
- يقود إلى الصراعات الكبيرة إذا ما تعارضت
المصالح بين مجموعات مختلفة.
- يؤدي إلى خلق جو من النفاق السياسي كنتيجة
لشراء الولاءات السياسية.
- يؤدي إلى ضعف المؤسسات العامة ومؤسسات
المجتمع المدني ويعزز دور المؤسسات التقليدية، وهو ما يحول دون وجود حياة
ديمقراطية.
- يسيء إلى سمعة النظام السياسي وعلاقاته
الخارجية خاصة مع الدول التي يمكن أن تقدم الدعم المادي له، وبشكل يجعل هذه الدول
تضع شروطا قد تمس بسيادة الدولة لمنح مساعداتها.
- يضعف المشاركة السياسية نتيجة لغياب الثقة
بالمؤسسات العامة وأجهزة الرقابة والمساءلة.
الفساد الخارجي:-
والفساد ليس ظاهرة محلية لصيقة بالأنظمة
السياسة أو الدول فقط، فقد يكون الفساد عابرا للحدود ومصدره شركات متعددة الجنسيات
ومنظمات دولية حكومية وغير حكومية.
وتمارس العديد من الشركات العالمية الكبرى
التي تمتد عبر الحدود العديد من السلوكيات التي تشكل صورا للفساد الخارجي كاللجوء
للضغط على الحكومات من اجل فتح الأسواق لمنتجاتها أو من اجل الحصول على عقود
امتياز لاستغلال الموارد الطبيعية أو إقامة البنى التحتية، كما قد تلجأ إلى أساليب
الرشوة للمسؤولين في المناصب العامة لضمان الحصول على هذه الامتيازات، أو لتصريف
بضائع فاسدة أو غير مطابقة للمواصفات.
وتبرز السلوكيات الفاسدة لبعض الشركات متعددة
الجنسيات خاصة في ظل الدول التي تمر في مراحل انتقالية أو في الأقطار حديثة
الاستقلال.
ونظرا لما يمكن أن يلحقه الفساد من أضرار ليس
على المستوى المحلي فحسب بل وأيضا على المستوى الدولي خاصة في ظل التوجه نحو حرية
التجارة وحرية المنافسة، فقد لجأت العديد من الدول والمنظمات الدولية والكتل
الاقتصادية الدولية إلى إبرام اتفاقيات دولية لمكافحة الفساد، منها اتفاقية الأمم
المتحدة لمكافحة الفساد واتفاقية الأمريكتين لمكافحة الفساد، واتفاقية المجلس
الأوروبي للقانون الجنائي بشأن الفساد، التي لا تقتصر على مجرد حث الحكومات على
تجريم مختلف أشكال الفساد، ولكنها تبرز الحاجة إلى وجود قوى محايدة في مجال
التحقيقات والمتابعة القانونية والقضائية لكشف الفساد العام واستئصال جذوره وكذلك
بادرت بعض الدول الإفريقية لبلورة اتفاقية لمقاومة الفساد.
وتساعد الاتفاقيات الدولية متعددة الأطراف ضد
الفساد على إنجاح جهود مكافحة الفساد في مختلف الدول كما تضفي الصفة الرسمية على
الالتزام الحكومي بتنفيذ مبادئ مكافحة الفساد.
الفساد في القطاع الخاص:-
الا
أنه يلاحظ أن الفساد لا يقتصر على القطاع الحكومى أو العام بل أن يتخذ أشكالا
متنوعة فيمكن أن يوجد الفساد في ظل جميع الديمقراطيات أي الحكومات النامية أو
المتقدمة أو الرأسمالية أو الشيوعية أو الاشتراكية أو الديمقراطية أو
الديكتاتورية.
فالقطاع
الخاص تقع فيه حالات فساد أكثر فداحة من فساد القطاع العام في العديد من دول
العالم والفساد في القطاع الخاص يتحدد حجمه وقوته مدي القوي الأحتكارية التى يتمتع
بها القطاع الخاص ومدي الحرية في التصرف وقيمة الرقابة والمحاسبة فكلما زادت القوي
الاحتكارية وحرية التصرف وتضاءلت قوة الرقابة والمحاسبة كلما قويت شوكة الفساد
والمفسدين في القطاع الخاص والعكس صحيح
الفساد الاداري في الدول النامية:-
كما
لاحظ علماء الأجتماع أن احتمالات الفساد تتزايد في المجتمعات التى تكون فيها
السلطة أو القوة أكثر تركزا تماما كما هو الحال في الدول النامية.
وتفسير
ذلك أن السلطة أو القوة في دول العالم الثالث هي نتاج منطقي لخط انتاجي قائم علي
الاستغلال كذلك هو نتاج طبقي قائم على الصراع الذى يتسم دوما في صالح الطبقات
القادرة هذا من جهة ومن جهة أخري يفرز مثل هذا البناء أنم من الغترلب السياسي
متمثلة في السلبية فضلا علي ممارسة وسائل الاعلام التي توجهها المصالح الطبيقية
الكثير من الأساليب لتزييف وعي الجمهور.
عوامل تجذر الفساد الادارى في الدول النامية:-
تأتي
علي رأس هذه العوامل العوامل الداخلية والتى تتمثل في القوة الا جتماعية المؤثرة
من السياسيين ورجال الأعمال وكبار المسئولين في الخدمة المدنية بالاضافة الي ذلك
تأتي العوامل الخارجية و المتمثلة في
الشركات متعددة الجنسيات الغربية والمنظمات المالية الدولية فضلا عن مراعاة أن
معظم العاملين في الدول النامية يتركزون في الحكومة والقطاع العام اللذان لهما
تأثيرا كبيرا على حياة الناس فيما يتعلق توزيع السلع والخدمات فكلما كبر حجم
القطاع الحكومى و العام واتسعت مجالاتها ازداد الميل نحو الفساد كما أن تدخل
الدولة في الحياة الاقتصادية يؤدي الي خلق أنماط متباينة من الفساد الاداري.
أخطار الفساد الاداري:-
1- افساد
السلوك الأخلاقى للموظفين اذ أن الفساد يتحول الي سلوك مستقر ومتعارف عليه.
2- احداث
خلل في القيم الاجتماعية فالثراء السريع وما شابه ذلك كلها مظاهر سوف تتصدر القيم
السائدة متقدمة على قيم الأخلاق والعلم والمناصب العليا.
3-
فقدان الثقة في الجهاز الاداري للدولة فاستقرار الفساد وانتشاره يؤدي الى فقدان
الثقة في الجهاز الاداري للدولة.
4- عرقلة
التنمية الاقتصادية خاصة في الدول النامية اذ يضعف ويعرقل من أداء اقتصاد السوق في
الدول التي تمر بمرحلة التحول ويقوض الكفاءة والرخاء الاقتصادى.
5- الاضرار
بصحة الحيوان و الانسان اذ أن الفساد هو الذي يدفع الي استيراد أغذية ومحاصيل
ملوثة أو منتهية الصلاحية.
6- اهدار
القوانين واللوائح من خلال نشوء قواعد وأعراف جديدة وتنظيم غير رسمى في التعامل مع
الأجهزة الحكومية.
آليات مكافحة الفساد:-
يتصل بمفهوم الفساد مجموعة من المفاهيم
الأخرى التي تشكل عناصر أساسية في إستراتيجية مكافحته كالمحاسبة والمساءلة
والشفافية والنزاهة، ويمكن توضيح كل منها كمايلي:
1.المحاسبة: هي خضوع الأشخاص الذين يتولون المناصب
العامة للمساءلة القانونية والإدارية والأخلاقية عن نتائج أعمالهم، أي أن يكون
الموظفون الحكوميون مسؤولين أمام رؤسائهم (الذين هم في الغالب يشغلون قمة الهرم في
المؤسسة أي الوزراء ومن هم في مراتبهم) الذين يكونون مسؤولين بدورهم أمام السلطة
التشريعية التي تتولى الرقابة على أعمال السلطة
التنفيذية.
2.المساءلة: هي واجب المسؤولين عن الوظائف العامة، سواء كانوا
منتخبين أو معينين، تقديم تقارير دورية عن نتائج أعمالهم ومدى نجاعتهم في تنفيذها،
وحق المواطنين في الحصول على المعلومات اللازمة عن أعمال الإدارات العامة (أعمال
النواب والوزراء والموظفين العموميين) حتى يتم التأكد من أن عمل هؤلاء يتفق مع
القيم الديمقراطية ومع تعريف القانون لوظائفهم ومهامهم، وهو ما يشكل أساسا
لاستمرار اكتسابهم للشرعية والدعم من الشعب.
3.الشفافية: هي الوضوح داخل المؤسسة وفي العلاقة مع المواطنين
(المنتفعين من الخدمة أو مموليها) وعلنية الإجراءات والغايات والأهداف، وهو ما
ينطبق على أعمال الحكومة كما ينطبق على أعمال المؤسسات الأخرى غير الحكومية.
4.النزاهة: هي منظومة القيم المتعلقة بالصدق والأمانة والإخلاص في
العمل، وبالرغم من التقارب بين مفهومي الشفافية و النزاهة إلا أن الثاني يتصل بقيم
أخلاقية معنوية بينما يتصل الأول بنظم وإجراءات عملية.
إن تعقد ظاهرة الفساد وإمكانية تغلغلها في
كافة جوانب الحياة يقتضي تبني إستراتيجية تقوم على الشمولية والتكامل لمكافحة هذه
الظاهرة، على ان يسبق ذلك تحديدا لمفهوم الفساد وأسبابه وأشكاله ومن ثم العمل على
التقليل من الفرص والمجالات التي تؤدي إلى وجوده أو تضفي عليه الشرعية والمقبولية
من المجتمع. وتعزيز فرص اكتشافه عند حدوثه، ووضع العقوبات الرادعة بحق مقترفيه.
وينبغي الإشارة إلى أن القضاء على الفساد
يتطلب كذلك صحوة ثقافية تبين مخاطره السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتنشر
الوعي بتكاليفه العالية.
كما ينبغي توفر الإرادة من قبل القيادة
السياسية لمحاربة الفساد حتى يكون ذلك على مستوى الدولة والمجتمع أو على
الأقل بان لا تصطدم توجهات مكافحة الفساد مع السلطة السياسية.
أن محاربة الفساد تتطلب رأيا عاما نشطا
وواعيا يتابع الأحداث، ويهتم بالكشف عن حالات الفساد ويعاقب عليها من خلال الحرمان
من التأييد الشعبي للعناصر الفاسدة في النظام
السياسي.
إن إستراتيجية محاربة الفساد تتطلب
استخدام وسائل شاملة ومتواصلة ومتنوعة سياسية وقانونية وجماهيرية وذلك على النحو
التالي:
1- تبني نظام ديمقراطي يقوم على مبدأ فصل
السلطات، وسيادة القانون، من خلال خضوع الجميع للقانون واحترامه والمساواة أمامه
وتنفيذ أحكامه من جميع الأطراف، نظام يقوم على الشفافية والمساءلة.
2- بناء جهاز قضائي مستقل وقوي ونزيه،
وتحريره من كل المؤثرات التي يمكن أن تضعف عمله، والالتزام من قبل السلطة
التنفيذية على احترام أحكامه .
3- إعمال القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد
على جميع المستويات، كقانون الإفصاح عن الذمم المالية لذوي المناصب العليا،
وقانون الكسب غير المشروع، وقانون حرية الوصول إلى المعلومات، وتشديد الأحكام
المتعلقة بمكافحة الرشوة والمحسوبية واستغلال الوظيفة العامة في قانون
العقوبات.
4- تطوير دور الرقابة والمساءلة للهيئات
التشريعية من خلال الأدوات البرلمانية المختلفة في هذا المجال مثل الأسئلة
الموجهة للوزراء وطرح المواضيع للنقاش العلني، وإجراء التحقيق
والاستجواب، وطرح الثقة بالحكومة.
5- تعزيز دور هيئات الرقابة العامة كمراقب
الدولة أو دواوين الرقابة المالية والإدارية أو دواوين المظالم، التي تتابع حالات
سوء الإدارة في مؤسسات الدولة والتعسف في استعمال السلطة، وعدم الالتزام المالي
والإداري ، وغياب الشفافية في الإجراءات المتعلقة بممارسة الوظيفة العامة.
6- التركيز على البعد الأخلاقي في محاربة
الفساد في قطاعات العمل العام والخاص والأهلي وذلك من خلال التركيز على دعوة
كل الأديان إلى محاربة الفساد بأشكاله المختلفة، وكذلك من خلال قوانين الخدمة
المدنية أو الأنظمة والمواثيق المتعلقة بشرف ممارسة الوظيفة (مدونات السلوك).
7- إعطاء الحرية للصحافة وتمكينها من الوصول
إلى المعلومات ومنح الحصانة للصحفيين للقيام بدورهم في نشر المعلومات وعمل
التحقيقات التي تكشف عن قضايا الفساد ومرتكبيها.
8- تنمية الدور الجماهيري في مكافحة الفساد
من خلال برامج التوعية بهذه الآفة ومخاطرها وتكلفتها الباهضة على الوطن والمواطن،
وتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني• والجامعات والمعاهد التعليمية والمثقفين في
محاربة الفساد والقيام بدور التوعية القطاعية والجماهيرية.
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب