أحكام التعويض
المبحث الأول
القواعد الدستورية للتعويض
المطلب الأول
عدالة التعويض
• يجب أن يكون التعويض الذى
يمنح للمضرور عادلا واشتراط عالة التعويض أحد المبادئ
الدستورية المر الذى يعني أن يكون التعويض كاملا ومع ذلك فإن التعويض الجزئي
لا يخالف تماما الدستور
الفرع الأول
عدالة التعويض أحد المبادئ الدستورية
الأساس الدستوري لعدالة التعويض :
• ترجع قاعدة التعويض إلى النصوص
الدستورية كما أنها نتيجة حتمية لمبدأ احترام حقوق الأفراد وخصوصا احترام حق
الملكية
• فى مصر تنص المادة 57 من دستور 1971 على أنه "
تكفل الدولة تعويضا عادلا لمن وقع عليه اعتداء فى الحقوق والحريات
التى يكفلها الدستور والقانون فالتعويض عن الضرر يجب أن
يكون عادلا
• تستند قاعدة عدالة التعويض إلى اعتبارات
ترجع إلى منطق المسئولية المدنية وهي أن جوهر هذه المسئولية يقتضي إعادة
التوازن الذى انهار بسبب الضرر بشكل تام وبقدر الإمكان وإعادة المضرور على نفقة المسئول إلى الوضع الذى كان يمكن أن يوجد فيه إذا لم
يكن قد حدث الفعل الضار أبدا
• تطبق قاعدة عدالة التعويض حتى فى الحالات التى لا يشترط فيها صراحة أن يكون التعويض عادلا وعلى ذلك إذا كان
التأميم
أو نزع الملكية للمنفعة العامة إنما يكون مقابل إلا أن
التعويض فى كل من الحالتين يجب أن يكون عادلا
عدم دستورية مخالفة التشريع لعدالة
التعويض :
• إذا كانت قاعدة عدالة التعويض ذات
قيمة دستورية فإنه لا يجوز للمشرع مخالفتها وتتحقق هذه
المخالفة بأن يستبعد المشرع صراحة التعويض عن بعض عناصر الضرر
بطريقة تحكمية أو حين يحدد أسس التعويض على نحو يخالف هذه القاعدة
• قضت المحكمة العليا بعدم مخالفة القانون بشأن إعادة العاملين المدنيين المفصولين بغير الطرق التأديبي ماليه أو تعويضات عن الماضي وقد استندت المحكمة فى هذا القضاء إلى أن تقدير التعويض أمر
تملكه
السلطة التشريعية بما لها من سلطة تقديرية فى ما تراه
مجزيا فى تعويض العاملين المفصولين بغير أسباب تبرر
فصلهم عما أصابهم من أضرار بسبب هذا الفصل
• هذا القضاء يحتمل النظر لأن المشرع مقيد بأن يكون
التعويض
الذى يقوم بتحديد أسسه عادلا ويستتبع ذلك عدم جواز
استبعاد بعض عناصر الضرر من التعويض بطريقة تحكمية غير
مبررة ولاشك أن النص على عدم حصول الموظفين الذين أعيدوا إلى
الخدمة على تعويضات على الفترة السابقة على هذه الإعادة يعد
مخالفة ظاهرة لقاعدة عدالة التعويض فالمشرع يستبعد من التعويض عناصر أساسية من الأضرار القابلة للتعويض وهذه الأضرار تتمثل فى فقد مرتباتهم بالإضافة إلى أضرار أدبية والاضطراب فى المعيشة
• فى مجال التأميم يكون التعويض
عادلا غير أن مجرد عدم النص فى التشريع على اشتراط عدالة التعويض
لا يتضمن فى ذاته أى مخالفة للدستور
استبعاد التعويض عن ارتفاقات
التنظيم العمراني
• فى فرنسا لا يؤدي إنشاء
ارتفاقات إلى اى حق فى التعويض فى مجالات الطرق والصحة وتجميل
الأماكن وتتعلق باستخدام الأرض وارتفاعات المباني والتناسب بين الأراضي
المبنية وغير المبنية فى كل قطعة وحظر البناء فى بعض المناطق وبالقرب من جزء
من الطريق وتوزيع المباني بين مختلف المناطق
• يرجع هذا الحكم إلى أن هذه
القيود تتم لاعتبارات المصلحة العامة وخصوصا مع تطور الوظيفة
الاجتماعية لحق الملكية وبالإضافة إلى ذلك فإنه من الصعب تقدير الأعباء الناجمة عن القيود الناشئة عن قواعد التنظيم العمراني وأخيرا
فإن هذه القيود لا تجرد المالك من ملكه وبالتالي فإن هذه القيود لا تخالف
أية مبادئ دستورية
• تفترض عدالة التعويض أن يكون التعويض كاملا لكنها لا
تستبعد دائما التعويض الجزئي أو الجزافي
الفرع الثاني
التعويض الكامل للضرر
التعويض الكامل فى المسئولية القائمة على الخطأ :
• يقصد بالتعويض الكامل أن يكون متكافئا مع نطاق وقيمة
الضرر القابل للتعويض عنه ويرجع استحقاق التعويض الكامل فى هذه
الحالات إلى مبدأ مهم هو الكرامة الإنسانية غير أن تطبيق
التعويض الكامل عن الأضرار مقيد بقيدين
1- أن للمضرور لا يستحق تعويضا
كاملا إلا عن الأضرار الفعلية التى أصابته نتيجة الفعل الضار
ويرجع هذا القيد إلى تبرير عام مؤداه أن التعويض لا يجوز أن يكون مصدرا
لإثراء المدين مثلما لا يجوز أن يكون مؤديا إلى افتقاره ويرجع هذا القيد إلى تبرير خاص بالمسئولية الإدارية مؤداه أنه لا يجوز إلزام أشخاص القانون العام أن تدفع مبالغ غير مدينة بها
2- أن القضاء بالتعويض
الكامل يجد حده الأقصى فى قيمة التعويض التى يطالب بها المدعي ومقتضي ذلك أن القاضي يحكم بالتعويض الذى يطلبه المدعي إذا كان أقل من التعويض الكامل ويرجع هذا القيد إلى قاعدة أساسة تسود الإجراءات
القضائية
مؤداه أنه لا يجوز للقاضي أن يحكم بما يجاوز طلبات الخصوم
• إذا كان القانون لا يستطيع أن
يخالف قاعدة عدالة التعويض فإنه لا يجوز للقرار الإداري من باب
أولي أن يخرج على قاعدة التعويض الكامل للأضرار
تطبيقات التعويض الكامل عن الأضرار
الاقتصادية :
• إن التعويض عن الأضرار الاقتصادية
يمكن تقديره تقديرا كاملا على نحو دقيق ونقتصر هنا على الإشارة إلى بعض التطبيقات
المتنوعة
• التعويض عن فقد الدخل يتحدد حسب الدخل الذى فقده
المضرور الذى يقع عليه عبء إثبات هذا الدخل بمختلف الوسائل ويحتج
بهذه الإقرارات فى مواجهة الخلف إلا إذا لم يقدم أدلة من
شأنها إثبات حقيقة الدخل المدعي به
• التعويض عن التأميم يجب أن يكون معادلا للقيمة الحقيقية
لحصص وأنصبة أصحاب المشروعات بعد تقويمها
• التعويض عن الأضرار التى تصيب العقارات المبنية من تلف
فإنه يتحدد بقيمة الإصلاح بشرط ألا يجوز أن يزيد عن القيمة
السوقية للعقار قبل الحادث وهذا التحديد لا يخلو من النقد
لأن التعويض الكامل يعني إعادة الأمر إلى ما كان عليه قبل الفعل
الضار
• التعويض عن غضب الأراضي يتم تقديره وفقا لسعر الأرض
وريعها حتى تاريخ الحكم فى الدعوى
التعويض الكامل فى نطاق المسئولية دون
خطأ
:
• الأصل أن التعويض فى المسئولية
دون خطا والمقررة بنصوص تشريعية يتمتع المشرع فى
تحديده بسلطة تقديرية واسعة فقد يكون جزئيا أو كاملا وقد كان هذا التعويض فى
البداية رمزيا غير أن المشرع قد هجر فكرة التعويض الرمزي وأن كان مقداره
يتفاوت باختلاف موضوع المسئولية الذى ينظمه المشرع
• قد يقرر المشرع مبدأ التعويض الكامل ويفسر التعويض
الكامل فى بعض حالات المسئولية دون خطأ بسببين
1- أن المجتمعات المتقدمة لم تعد تقبل الأوضاع الظالمة
وأن الأضرار الجسيمة التى تصيب الإنسان تنشئ نوعا من
المسئولية الأخلاقية التى يتعذر استبعادها
2- أن هذه المجتمعات تتميز بأنها غنية وقادرة على تحمل
عبء التعويض
• كرس المشرع مبدأ التعويض الكامل لتعويض ضحايا أعمال
الإرهاب عن الأضرار الجسمانية وضحايا الإيدز كما يكون
التعويض كاملا لضحايا بعض الجرائم وذلك فى حالات
الاعتداء الجسيم على الأشخاص
• تطورا مهما قد حدث بالنسبة لتعويض ضحايا
الجرائم فقد كان الاتجاه القضائي يعتبر أن التعويض الذى تمنحه لجان
تعويض ضحايا الجرائم يجد مصدره فى التضامن القومي وأنه يتم تحديده وفقا
للأموال المتاحة فى صناديق الضمان غير أن محكمة النقض قضت بأن التعويض يجب أن يحدد وفقا لقواعد المسئولية وأنه يقع على عاتق لجان
تعويض
ضحايا الجرائم تقدير كل عنصر من عناصر الضرر الأمر الذى
يتعارض معه أن تمنح اللجنة تعويضا جزافيا
قاعدة عدم جواز الجمع بين التعويضات :
• القاعدة الأساسية هى حق المضرور
فى أن يحصل على تعويض متكافئ مع الأضرار التى أصابته
وتؤدي هذه القاعدة إلى نتيجة مؤداها عدم جواز الجمع بين التعويضات لأن
الغاية من التعويض جبر الأضرار جبرا متكافئا وليس زائدا حتى لا يكون
التعويض مصدر إثراء للمضرور
• نشير إلى تطبيقين لقاعدة عدم جواز الجمع بين التعويضات
1- القانون الذى تناول احكام تنظم المعاشات والمكافآت
والتأمين والتعويض لأفراد القوات المسلحة عن الوفاة أو
العجز بسبب الخدمة والعمليات الحربية وهذه الأحكام
يقتصر تطبيقها على الحالات المنصوص عليها فى القانون ولا تتعداها إلى
التعويض المستحق وفقا لقواعد القانون المدني وبالتالي لا تحول دون مطالبة المضرور بحقه فى التعويض الكامل الجابر للضرر الذى لحقه
ويظل هذا الحق قائما وفقا لأحكام القانون المدني إذا كان سبب الضرر الخطأ التقصيرى إلا أنه لا يسمح للمضرور أن يجمع بين التعويضين فإذا قضى
الحكم
المطعون فيه بالتعويض استنادا إلى الخطأ التقصيري ثم ادخل
فى اعتباره كافة المبالغ التى صرفت للمضرور فإنه يكون قد
التزم صحيح القانون وإذا لم يحصل المضرور على أى تعويض
فيكون له الحق فى المطالبة بالتعويض الكامل وفقا لقواعد القانون
المدني
2- التعويض المستحق عن الأضرار الناشئة نتيجة الأعمال الحربية فلا يصح للمضرور أن يحصل على أكثر من التعويض المتكافئ
مع الأضرار فيراعي القاضي عند تقدير التعويض ما صرف للمضرور من إعانة
تعويضية
وبناء على ذلك قضت محكمة النقض أنه إذا قضى الحكم المطعون
فيه بعدم
قبول الدعوى استنادا إلى أن للمضرور أن يختار إما سبيل
الالتجاء إلى
اللجنة المنصوص عليها فى القانون رقم 44 لسنة 1967 أو
سبيل الدعوى امام المحكمة المدنية للمطالبة بالتعويض
استنادا إلى احكام المسئولية التقصيرية ونظرا لأن
الطاعن قد اختار السبيل الأول فإن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وحجب عن نفسه بحث مدي أحقية الطاعن فى المطالبة بالتعويض الكامل الجابر للضرر طبقا لأحكام القانون المدني مما يستوجب نقضه
الفرع الثالث
التعويض الجزئي للضرر
تعويض تفويت الفرصة :
يتحدد تعويض تفويت الفرصة بمقدار
الفرصة القائتة وكثيرا ما يثور تحديد التعويض عن تفويت
الفرصة فى مجال المسئولية الطبية إذا لم يتم تبصير المريض بمخاطر التدخل الطبي فالخطأ المنسوب إلى المرفق ليس خطأ طبيا غير أنه نتيجة الإخلال بالالتزام بالتبصير فقد المريض الفرصة فى تجنب مخاطر التدخل
الطبي
الذى حدث
والقاعدة أن تعويض تفويت الفرصة فى المجال الطبي يتحدد
بجزء من مختلف عناصر الضرر التى أصابت المريض ويأخذ القاضي فى الاعتبار
الأضرار
الناشئة عن التدخل الطبي بالمقارنة بالأضرار التى كان
يمكن أن تقع فى حالة العدول عن هذا التدخل
اقتصار التعويض على ما أصاب المضرور من
خسارة
:
إذا كانت القاعدة العامة
الواردة فى المادة 221 من التقنين المدني هي أن التعويض يشمل
ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب إلا أنه فى مجال المسئولية
الإدارية فإن التعويض قد يقتصر على ما لحق المضرور من خسارة ولا يشمل ما فاته من كسب
ففى مجال إخلال الإدارة بالوعد فإن التعويض يقتصر على ما
أصاب من صدر الوعد فى مواجهته من خسارة ولا يغطي بأى حال ما فاته من كسب
وإذا كان التجنيد المخالف
للقانون يشكل ركن الخطأ إلا أن القضاء لا يجيز التعويض عما
فات المجند من فرصة للكسب استنادا إلى أن الأداء الخدمة العسكرية شرف
لا يدانيه شرف أخر
وأخيرا ليس لجهة الإدارة أن تطالب بالتعويض عما
فاتها من كسب نتيجة خطأ ارتكبه أحد العاملين فى جهة عامة أخرى وتطبيقا
لذلك أفتي مجلس الدولة أنه إذا تسبب سائق تابع لهيئة النقل العام فى إحداث
تلفيات بسيارة تابعة لهيئة الاستعلامات فإن حق الأخيرة فى التعويض يقتصر
على المبالغ اللازمة لإصلاح السيارة دون المبالغ التى قدرتها عما
فاتها من كسب نتيجة تعطيل السيارة بسبب الحادث لأنه ينبغي على الإدارة أن تتجرد عن المطالبة بها إعمالا للمقتضيات التى من أجلها ضرب الصفح عن المطالبة بالفوائد التأخيرية فيما يثور من منازعات بين الجهات الإدارية
عدم استحقاق الفوائد التأخيرية :
لا تستحق الإدارة فوائد تأخيرية
عن المبالغ المحكوم بها لها وفقا للمادة 226 من التقنين المدني وذلك فى
مجال علاقاتها بموظفيها لأنه مما لا يتفق مع طبيعة الرابطة اللائحية بين
الموظف والحكومة أن يلزم الموظف بفوائد مبالغ مالية مستحقة عليه ويلزم
بردها كما أن الحكومة لا تلتزم بفوائد مبالغ المرتبات والبدلات التى يحكم بها قضائية فى حالة تأخرها عن صرفها
ولا مجال أيضا للمطالبة
بالفوائد التأخيرية بين الجهات الإدارية المختلفة لأنه مناط القضاء
بالفوائد التأخيرية أن يكون محل الالتزام مبلغا من النقود معلوم المقدار تتم المطالبة القضائية به فى حين أن المنازعة بين الجهات
الإدارية
ليست من اختصاص القضاء وإنما من اختصاص الجمعية العمومية
لقسمي الفتوى
والتشريع بمجلس الدولة التى تصدر فى النزاع رأيا ملزما
فله يسبغ القانون عليها ولاية القضاء وإنما ولاية الافتاء
التعويض عن الأضرار غير العادية فى
المسئولية دون خطأ :
• إذا كان يشترط فى الضرر الذى يسوغ
المسئولية دون خطأ أن يكون غير عادي فإن النتيجة
المنطقية لهذا الشرط أن التعويض يقتصر على الجزء من الضرر الذى يتجاوز الحدود العادية ويتم تقدير هذه الحدود حسب العيوب أو المساوئ العادية للحياة الاجتماعية وبالتالي يترك على عاتق المضرور الجزء من
الضرر
الذى يتفق مع هذه العيوب أو المساوئ أى الجزء من الضرر
الذى يتمتع بالصفة العادية
• ففى مجال رفض تقديم القوة العامة لتنفيذ حكم قضائي
استنادا
إلى اعتبارات مستمدة من المحافظة على النظام العام فإن
التعويض يقتصر على الأضرار التى تحدث بعد تقديم الاستعانة
بالقوة العامة وانقضاء مدة معقولة على هذا الطلب
• وقد أكد المجلس الدستوري فى فرنسا أن الضرر فى مجال المسئولية دون خطأ استنادا إلى مبدأ المساواة امام الأعباء العامة يجب
أن يكون غير عادي
التعويض الجزئي فى بعض حالات المسئولية
على أساس مبدأ التضامن القومي :
يمكن أن يكون التعويض جزئيا فى
حالات المسئولية على اساس مبدأ التضامن القومي ووفقا للمادة
706/31 من تقنين الإجراءات الجنائية فإنه يجوز للجان تعويض المجني عليهم
عن الجرائم الجنائية أن تقرر تخفيض أو إلغاء التعويض بسبب خطا المجني
عليهم وقد استبدل المشرع الإصطلاح الذى كان مستخدما من قبل وهو سلوك المجني عليه وذلك منذ قانون 6 يوليو 1990 حتى تستطيع اللجنة أن
تستند
على فكرة قانونية أكثر تحديدا ومقررة وفقا للقواعد العامة
فى المسئولية
المدنية
ولا يؤثر خطأ المضرور على التعويض المستحق له فقط وإنما
يمكن أن يحتج بخطئه أيضا فى مواجهة المضرور ضررا مرتدا على الرغم من أنه
يطالب
بتعويض عن ضرر شخصي خاص به وليس بصفته خلفا للمضرور وذلك
لأن المادة 706/3 من تقنين الإجراءات الجنائية لا تميز بين
المضرور المباشر والمضرور بالارتداد من الجريمة وبناء على ذلك قضى
بأنه لا يجوز للأم أن تطالب بتعويض عن الضرر الأدبي الذى أصابها عن
مقتل ابنتها نظرا لإعطائها جرعة مخدرات بواسطة آخرين
الفرع الرابع
الحد الأقصى للتعويض وتقديره جزافيا
قد يضع المشرع حدا أقصى للتعويض وقد يقوم القاضي
بتقديره جزافيا
فرض حد أقصى للتعويض :
يضع المشرع حدا أقصى للتعويض فى مجال المسئولية دون خطأ
ففى فرنسا فإن تعويض ضحايا
الجرائم يخضع لحد أقصى وذلك بالنسبة لطائفة من المضرورين وهم
ضحايا السرقة والنصب وخيانة الأمانة وابتزاز الأموال وتدمير الأموال أو
إتلافها وكذلك أيضا فى حالة الاعتداءات غير الجسيمة على الأشخاص وهى
التى يترتب عليها عجز كامل عن العمل أقل من شهر
ويشترط القانون لتعويض ضحايا هذه
الجرائم أن تكون الموارد المالية لهؤلاء الضحايا أقل من تلك
التى تسمح لأصحابها بالاستفادة من المساعدة القضائية جزئيا
والحد الأقصى للتعويض يعادل
ثلاثة أضعاف الموارد الشهرية للمضرور وفى مجال المسئولية عن
الكوارث الزراعية وفقا لقانون 10 يوليو 1964 فإنه لا يجوز أن يزيد التعويض
الممنوح على 75% من الأضرار التى يتحملها المضرور أو من قيمة العناصر
الأساسية للاستغلال الزراعي فى حالة التلف أو التدمير
وفى مصر فرض المشرع فى القانون
رقم 16 لسنة 1970 حدا أقصى للمسئولية هيئة البريد فى
مواجهة المرسل فى حالة فقد الرسالة أو اختلاسها أو سرقتها أو تلفها بأن قصر
التعويض بما لا يجاوز قيمة التأمين على الرسالة إذا كان مؤمن عليها أو
اداء تعويض لا يجاوز ستة جنيهات عن الرسالة المسجلة داخليا وغير المؤمن
عليها وهذا النص فيما يبدو يتضمن مخالفة القاعدة عدالة التعويض
وقد رأي مجلس الدولة أنه لا مجال للنظر فى تحديد التعويض
على أى أساس آخر أو المطالبة بأن يشتمل التعويض على ما لحق المرسل من خسارة وما فاته من كسب وذلك استنادا إلى الحكم العام الوارد فى القانون
المدني
لأن مسئولية هيئة البريد فى هذه الحالة تحكمها نصوص خاصة
ومن ثم لا تلتزم بمصروفات النشر عن المراسلات المفقودة
وفى فرنسا توجد نصوص عديدة تفرض الحد
الأقصى للتعويض فى غير حالات المسئولية الناشئة عن التضامن القومي ومن هذه
القوانين قانون 6 يوليو 1992 بشأن سرقة أو فقد أو تلف الأشياء
المودعة فى المؤسسات الصحية الذى يفرض حدا أقصى للتعويض إلا إذا كانت السرقة أو التلف ناشئا عن خطأ ويمكن أن يكون الحد الأقصى للتعويض تطبيقا لمعاهدة دولية مثل المعاهدة التى تنظم النقل الدولي للطرود البريدية ويلتزم القضاء بتطبيق هذا الحد الأقصى حتى فى حالة ارتكاب خطأ جسيم من جانب الناقل
ولا شك أن وضع حد أقصى للتعويض يخالف الدستور إذا كان هذا الحد الأقصى يبعد كثيرا عن عناصر الضرر لأنه يكون مخالفا لقاعدة عدالة التعويض كما أن يكون مخالفا للدستور أيضا إذا تضمن اعتداء على حق الملكية وتطبيقا لذلك قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية
المادة
الأولي من القرار بقانون 134 لسنة 1964 فيما تضمنته من
تعويض أسهم ورءوس أموال الشركات والمنشآت المؤممة وفقا
لأحكام القوانين أرقام 117 و 118 و 119 لسنة 1961 والقوانين التالية لها
بتعويض إجمالي لا يجاوز خمسة عشر ألف جنيه أيا كان
مجموع ما يملكونه ما لم يكن مجموع القيمة اقل من ذلك فيتم التعويض بمقدار
هذا المجموع
وقد استندت المحكمة بحق إلى أن مقتضي هذا النص استيلاء الدولة دون مقابل على السندات الاسمية المملوكة لأصحابها والزائدة على هذا الحد وتجريدهم بالتالي من ملكيتها الأمر الذى يشمل اعتداء على الملكية الخاصة ومصادرة الأموال بالمخالفة لحكم المادة 34
من الدستور التى تنص على أن الملكية الخاصة مصونة والمادة 36 منه التى
تحظر المصادرة العامة ولا تجيز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي والمادة 37
التى لا تجيز فرض حد أقصى إلا بالنسبة للملكية الزراعية
التقدير الجزافي للتعويض
يمكن أن يقوم القاضي بتقدير التعويض تقديرا
جزافيا وليس من المستبعد أن يكون هذا التحديد بواسطة المشرع
فالقاضي يقدر التعويض بصورة جزافية بالنسبة لبعض الأضرار
مثل الأضرار الأدبية والأضرار الناجمة عن الاضطراب فى أوضاع المعيشة بالتعويض عن هذه الأضرار وإن لم يكن مقيدا بحد أقصى
إلا أنه يتم تقديره على نحو تقريبي وهو ما يبرر وصف التعويض بأنه جزاف
ومع ذلك فإن القضاء المصري يري أن التعويض عن الضرر الأدبي
ليس سوى تعويض رمزي يهدف إلى تطبيق نفس المحكوم له وإعلان ما به من ظلم وهذا التحليل لا يبدو دقيقا لأن التعويض
الرمزي ليس تقديرا تقريبيا للضرر وهو يختلف بالتالي عن التقدير الجزاف بل أن التعويض عن الضرر الأدبي يجب أن يكون
مرتفعا فى حالات الاعتداء على السمعة والاعتبار
ويحدث أن يقرر المشرع التقدير الجزافي كما هو الأمر
بالنسبة لتعويض إصابة العمل فى القانون الفرنسي فإذا وقع أحد العاملين العموميين ضحية حادث ينسب إلى الشخص العام الذى يستخدمه فإن
المضرور يكون مستحقا لتعويض إصابة عمل
ووفقا لقضاء قديم لمجلس الدولة الفرنسي فإن تعويض إصابة
العمل يعتبر تعويضا جابرا لجميع الأضرار وأنه يستبعد أى تعويض آخر ويفسر القاضي النية المفترضة للمشرع بتشدد ملحوظ
ولا يهم ما إذا كان تعويض إصابة العمل أقل كثيرا من التعويض وفقا للقواعد العامة كما لا تهم
أيضا
جسامة الخطأ المنسوب للإدارة بينما يؤدي تطبيق
قانون العمل على عمال الإدارة غير
العموميين إلى أن يؤخذ فى الاعتبار عند تقدير التعويض الخطأ العمدى
أو الخطأ غير
المغتفر
ويحتج بتعويض إصابة العمل ليس فقط فى مواجهة المستفيد من
التعويض ولكن أيضا فى مواجهة خلفه وايضا فى مواجهة مؤمن المضرور فى إطار دعوى الحلول كما يرفض القضاء أيضا
منح تعويض تكميلي عن الضرر الأدبي للخلف وهو ضرر متميز عن الاعتداء على السلامة الجسمانية للمضرور المباشر فى حالة
الخطأ الجسيم
غير أن مجلس الدولة الفرنسي أدخل مؤجرا تغييرا محدودا على
قضائه السابق حين أجاز منح المضرور من حادث يرجع إلى المرفق تعويضا عن ضرر لا يرجع إلى هذا
الحادث وإنما عن الرعاية الطبية المقدمة له فى نفس المؤسسة الطبية التى يعمل بها استنادا إلى أن النتائج الضارة للرعاية
الطبية ليست قابلة للانفصال عن الحادث ومن ثم يكون للمدعي الحق فى طلب التعويض الكامل عن الضرر
أما فى مصر فقد مر نظام تعويض إصابة العمل بتطور ملحوظ
فقد استقر القضاء فى ظل القانون رقم 63 لسنة 1964 بشأن
التأمينات الاجتماعية على أن حصول العامل أو الموظف على المبالغ المقررة بهذا القانون يمنعه من مطالبة رب العمل بالتعويض
طبقا لأحكام القانون المدني إلا إذا وقع الحادث بسبب خطئه الجسيم ومن ثم إذا كان المدعي قد أورد فى
دعواه أنه بينما كان فى مقر عمله ذات مساء انقطع التيار الكهربائي فى الوقت الذى كان ذاهبا فيه إلى دورة المياه وأنه عند
مغادرتها فى الظلام اصطدم رأسه ببابها فأصيبت عينه اليمني بانفصال شبكي تخلفت عنه عاهة مستديمة
وأنه إذا أقام حكم محكمة الاستئناف قضاءه بمسئولية الوزارة الطاعنة على قوله أنه كان على وزارة الداخلية أن يكون فى دورها من
المعدات والأدوات التى تكفل الإضاءة فيها فى الحالات التى تفاجئ فيها إدارة الكهرباء المواطنين
من أعمال دون أن يبين ما إذا كان هذا الفعل الذى أسنده للطاعنة يتوافر فيه الخطأ من عدمه فإنه يكون قاصرا
أما قانون التأمنيات الاجتماعية الحالي رقم 79 لسنة 1975 فقد تضمن
نصا أكثر تشددا من النص السابق إذ تنص المادة 68 منه على أنه لا يجوز للمصاب أو المستحقين عنه
التمسك ضد الهيئة المختصة بالتعويضات التى تستحق عن الإصابة طبقا لأي قانون آخر واستنادا إلى
هذا النص قضت المحكمة الإدارية العليا أن القواعد التى قررها المشرع بشان تأمين إصابة العمل والتعويض عنه كافية لجبر
الأضرار المادية والأدبية التى يمكن أن تلحق العامل ولا يجوز بالتالي إلزام الهيئة بتعويضات
أخرى بناء على أن قانون آخر
وبالمقابل فإن قضاء محكمة النقض لم يتقيد بظاهر المادة
68 من القانون رقم 79 لسنة 1975 فأجاز للمضرور أن يتمسك بتعويض فى مواجهة صاحب العمل إذا كانت الإصابة قد
نشأت عن خطئه الذى ارتكبه
المطلب الثاني
المساواة فى التعويض
وحدة النظام التشريعي
لمستحقي التعويضات :
إن مبدأ المساواة أحد المبادئ الدستورية وبالتالي لا
تجوز مخالفته سواء من جانب المشرع أو من جانب الإدارة ويقتضي هذا المبدأ ضرورة وضع قواعد متماثلة للمراكز المتماثلة
وبالتالي فإن المحظور على المشرع هو أن يعامل أصحاب المراكز المتماثلة معاملة مختلفة وتؤكد
المحكمة الدستورية هذا المعني بقولها " إن مبدأ المساواة أمام القانون غدا فى جوهره وسيلة
لتقرير الحماية
المتكافئة التى لا تمييز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة
ومجالات تطبيق مبدأ المساواة كثيرة ومتنوعة مثل المساواة
امام القضاء والمساواة امام الوظائف والمساواة امام الضرائب وأخيرا يجب على المشرع احترام مبدأ المساواة فى مجال التعويض عن
مسئولية السلطة العامة وبالتالي فإنه يمتنع عليه التمييز بين مستحقي التعويض الذين يوجدون فى
مركز قانوني واحد من ذلك على سبيل المثال أن القرار بقانون رقم 124 لسنة 1964 قد قرر تعويض أصحاب جميع الأسهم ورؤوس أموال
الشركات والمنشآت التى آلت ملكيتها إلى الدولة وفقا لبعض القوانين بتعويض إجمالي قدره 15 الف جنيه
لكنه استثني من الخضوع لهذا الحد الأقصى للتعويض البنوك وشركات التأمين وأجهزة الادخار والتأمين والمعاشات وصناديق التوفير
والتأمين بالشركات وبالهيئات المختلفة فالقرار بقانون المذكور يميز بين طائفتين من مستحقي التعويض
فيمنح الأولي تعويضا إجماليا بحد أقصى 15 الف جنيه بينما يستثني الثانية من الخضوع لهذا الحد الأقصى بحيث يكون التعويض
كاملا وهو تمييز بين فئتين تتماثل أوضاعهم القانونية
وبناء على ذلك قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم
دستورية الفقرة الأولي من المادة 80 من قانون ضريبة الدمغة رقم 111 لسنة 1980 فيما تضمنته من فرض ضريبة دمغة
نسبية وإضافية على مبالغ التعويضات المحكوم بها التى تقوم الجهات الحكومية بصرفها وأوضحت المحكمة
فى حكمها أن نص الفقرة الأولي من المادة 80 من القانون المشار إليه قضى بخضوع كافة المبالغ التى تقوم الجهات بصرفها من
الأموال المملوكة لها لنوعين من ضريبة الدمغة هما الضريبة النسبية والضريبة الإضافية حتى ولو كانت
هذه المبالغ تمثل تعويضات محكوم بإلزام تلك الجهات بأدائها من جراء الأعمال الضارة التى يرتكبها تابعوهما حال أن هذه المبالغ
وبحسبان أنها تمثل تعويضا متكافئا للأضرار التى لحقت بالغير يجب أن تخضع لذات المعاملة
القانونية التى تخضع لها مبالغ التعويضات التى يقضي بها ضد الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة لأن مستحي هذه التعويضات فى مركز
قانوني واحد فهم جميعا مضرورون صدرت أحكام بأحقيتهم فى تعويضات عن أفعال ألحقت بهم ضررا ومن
ثم لزموا أن يعاملوا معاملة قانونية متكافئة وإذا اختص النص الطعين طائفة منهم بحكمه دون يستند فى هذا التمييز إلى أسس
موضوعية تبرره فإنه يكون قد أقام تمييزا تحكميا غير مبرر بالمخالفة لنص المادة 40 من الدستور
عدم تمتع الإدارة بسلطة تقديرية فى
منح التعويض
:
القاعدة أنه إذا قرر القانون ميزة أو حقا
لطائفة من الأفراد فإنه يجب على الإدارة منح هذه الميزة أو هذا الحق طالما توافرت فى
المستفيد الشروط المطلوبة قانونا.
ولا يجوز للإدارة أن تمارس سلطة تقديرية فى منح الميزة
أو الحق فتقرر المنح لشخص بينما تقرر منع شخص آخر من الاستفادة من الميزة أو الحق واستنادا إلى هذه
القاعدة لا يجوز للإدارة أن تقرر منح إعفاء ضريبي لبعض الممولين وان تمنعه عن البعض الآخر مادامت
أوضاعهم متشابهة
واستنادا إلى هذه القاعدة أيضا قضت المحكمة الإدارية العليا
بأنه إذا كان المشرع قد قرر بنصوص خاصة استحقاق إعانات لما قد يحيق بأموال القطاعين العام والخاص من خسائر نتيجة للأعمال
الحربية فإنه يترتب على ذلك التزام على عاتق الدولة بتعويض كل شخص توفرت فيه شروط الاستحقاق
ويكون فى مركز قانوني بمقتضاه استحقاق التعويض المقرر قانونا دون تفرقة بين الأشخاص المتساوين فى المراكز القانونية وأنه لا
يغير من هذا الالتزام لفظ " يجوز " الذى استخدمه المشرع فى النص المانح للإعانة فطالما أن
المشرع حدد أسس صرف المبالغ المذكورة فإن الأمر لا يرجع لا محض تقدير الإدارة بحيث تعملها بالنسبة لبعض الأشخاص وتهملها
بالنسبة للبعض الآخر كما تلتزم الإدارة
بتفسير القرارات الصادرة فى هذا الشأن تفسيرا منضبطا بلا توسعه أو
تضييق لا تحتمله
النصوص بمقولة أنها استثناء من أصل يقضي بعدم مسئولية الدولة عن الخسائر المترتبة على الأعمال
الحربية
وبالمخالفة للقاعدة المتقدمة قضت المحكمة الإدارية العليا فى
حكم آخر بأن نص المادة 10 من القانون رقم 9 لسنة 1959 فى شأن الاستيراد جعل
التعويض جوازيا للوزير المختص واعتبر أن ثبوت حسن نية المستورد مجرد عنصر
يتعين توافره بداءة قبل استخدام الرخصة
فى التعويض فى حالة مصادرة سلع مستوردة بالمخالفة لشروط الترخيص بالاستيراد وأن حسن النية ليس
هو العنصر الوحيد الذى يتحققه يستمد
المستورد حقا فى التعويض مباشرة من القانون وأن الأمر بالتعويض
الوارد فى النص
المتقدم يدخل فى نطاق الملاءمة التقديرية التى تملكها الإدارة بغير معقب عليها القضاء
المبحث الثاني
القواعد الخاصة بتقدير التعويض
يخضع تقدير التعويض فى المسئولية
الإدارة لعدد من القواعد التى تتعلق بوقت تقدير التعويض وكيفية تقديره وطرقه والمبالغ التى
تخصم منه وإذا تم تقدير التعويض فالقاعدة هي نهائية هذا التقدير
المطلب الأول
وقت التعويض
يجب أن نميز بين وقت نشوء الحق فى
التعويض ووقت تقدير التعويض فبينما يتم
تقدير التعويض وقت الحكم به أو الاتفاق عليه فإن الحق فى التعويض
ينشأ وقت أركان
المسئولية الإدارية ويختلف وقت تقدير التعويض فى القانون المصري فى حدود معينة عن القانون
الفرنسي
وقت نشوء الحق فى التعويض :
الضرر لا يكون قابلا للتعويض إلا من
اليوم الذى تتوافر فيه شروط المسئولية
الإدارية وهذا التاريخ يبدو مهما من الناحية العملية أحيانا وعلى
سبيل المثال فإن
تنحية المشرف على الرسالة واختيار مشرف آخر بدلا منه فى غير الحالات الواردة فى القانون يحدث ضررا بهذا المشرف
ويكون النظر فى مدى توافر أركان المسئولية وفقا لتاريخ صدور القرار غير المشروع محل المنازعة وإذا تأخرت الإدارة فى اتخاذ
إجراءات لتنفيذ القانون فلا ينشأ الحق فى التعويض إلا عند انقضاء مدة معقولة لاتخاذ هذه
الإجراءات لأنه اعتبارا من هذا الوقت فإن عدم تصرف الإدارة يكون خاطئا ومن ثم فإن النتائج الضارة اللاحقة على عدم التصرف هى
وحدها التى يكون جائزا التعويض عنها وإذا خالفت الإدارة قاعدة قانونية مخالفة من شأنها أن تعقد
مسئوليتها ثم ألغيت هذه القاعدة القانونية بعد ذلك فإن هذا الإلغاء لا يحول دون التعويض عن الضرر الذى يحدث بعد هذا الإلغاء
لأنه من وقت حدوث الضرر ينشأ الحق فى التعويض
كذلك أيضا فى مجال المسئولية القائمة على أساس مبدأ
المساواة أمام الأعباء العامة فإنها لا تكون إلا عن الأضرار غير العادية ومن ثم لا ينشأ الحق فى التعويض إلا من اليوم الذى
يصبح فيه الضرر غير عادي لأن الصفة غير العادية شرط لتحقق هذه المسئولية وبناء على ذلك إذا استمر
بقاء السفن فى ميناء مدة طويلة بسبب اعتصام العمال المضربين فإن التعويض يقتصر على مدة الإيقاف التى تزيد على الأسبوعين
الأولين
وقت تقدير التعويض فى القانون المصري :
استقر القضاء الإداري فى مصر على تطبيق المادة
170 من التقنين المدني التى تنص على أنه
وهذا النص يقرر الأصل العام وهو أن تحديد وقت تقدير
التعويض هو وقت صدور الحكم به عند عدم الاتفاق عليه
فقد يتم تقدير التعويض بالاتفاق فتتحدد قيمته وقت
الاتفاق وليس وقت حدوث الفعل الضار وعلى ذلك إذا تم الاستيلاء على أرض مملوكة لأحد الأفراد بالمخالفة للقانون فإن تقدير التعويض
يتم وقت الاتفاق وليس وقت الاستيلاء ويجب أن يتم الاتفاق بين المسئول عن الضرر والمضرور فإذا
انفردت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بتحديد ويض بمنأى عن صاحب الشأن فإن هذا التحديد لا يمكن اعتباره اتفاقات ولا يفترض
رضاء صاحب الشأن به
فإذا لم يوجد اتفاق فإن وقت تقدير التعويض يكون وقت
الحكم وتبرر المحكمة الإدارية العليا هذه القاعدة فى أحد أحكامها قابلة وإذا كان المقرر
قانونا أنه يتعين تعويض كامل الضرر حتى لا يكون تأخير الفصل فى الدعاوى مع تغير الأوضاع الاقتصادية سبيلا لإنقاص قيمة
التعويض الكاملة الجابرة للضرر
وتطبق محكمة النقض أيضا القاعدة المتقدمة على مسئولية
الإدارة فقضت بأن العبرة بتقدير التعويض عن واقعة الاستيلاء على الأرض بوقت الحكم بالتعويض وليس بوقت الاستيلاء وأنه إذا قضى
الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائي فيما أخذ به تقرير لجنة الخبراء التى قامت بتقدير
قيمة أرض النزاع وقت الاستيلاء عليها دون أن يعرض لدفاع الطاعنين بشأن تقدير التعويض وقت الحكم فى الدعوى وهو دفاع جوهري
يتغير به وجه الرأي فى الحكم وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور فى التسبيب والإخلال بحق
الدفاع الذى جره إلى مخالفة القانون
أهمية تحديد التعويض بوقت الحكم
بالتعويض
:
يترتب على أن يتم تقدير التعويض وقت الحكم عدة
نتائج مهمة ومن هذه النتائج :
1- يأخذ القاضي فى الاعتبار عند تقدير التعويض تطور
الضرر منذ وقوع الفعل
الضار فيزيد التعويض بمقدار ما زاد من ضرر وينقص التعويض بمقدار ما
نقص من ضرر
بالمقارنة بوقت وقوع الفعل الضار وبناء على ذلك استقر قضاء محكمة النقض على أنه لمالك الأرض
التى تم الاستيلاء عليها على نحو غير مشروع أن يطالب بتعويض الضرر سواء ما كانت قائما وقت الغصب
أو ما تفاقم من ضرر بعد ذلك إلى تاريخ الحكم كما قضت ايضا بأن التعويض فى حالة الغصب يحسب على أساس سعر الأرض وريعها حتى
تاريخ الحكم فى الدعوى وليس وقت رفع الدعوى
وقد أجازت المادة 170 من التقنين المدني للقاضي أن ينص
فى الحكم الصادر بالتعويض
على حق المضرور فى العودة إلى المطالبة بزيادة التعويض خلال المدة التى يعينها الحكم وذلك إذا لم يتيسر للقاضي
وقت الحكم بالتعويض أن يعين مقداره تعينا نهائيا
2- إذا كان تقدير حكم المحكمة أول درجة للتعويض
صحيحا فإن الطعن فيه لا يحدث إعادة تقدير للتعويض وعلى العكس إذا لم يكن هذا الحكم قد قدر
التعويض تقديرا صحيحا فإن المحكمة التى تفصل فى الطعن تقوم بإعادة التقييم فى تاريخ حكمها
ومع ذلك تختص محكمة الاستئناف بالتعويض عن جميع
الأضرار المستحدثة لحين صدور الحكم الاستئنافي بالإضافة على النظر فى طلب التعويض الإضافي عن
تفاقم الضرر ولا يعتبر هذا الطلب أو ذاك طلبا جديد لا يجوز طرحه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف
وعلى العكس إذا أقام المدعي دعواه أمام محكمة أول درجة
بطلب التعويض عن الضرر الذى أصابه نتيجة رفض المدعي عليها التعاقد معه دون غيره من الأفعال فإن مطالبته المطعون عليها أمام
محكمة الدرجة الثانية بتعويض عن الضرر الذى لحقه لما نسبته إليه من وقائع فى دفاعها أمام محكمة
أول درجة الثانية بتعويض عن الضرر الذى لحقه لما نسبته إليه من وقائع فى دفاعها أمام محكمة أول درجة يكون طلبا جديدا مما
لا يجوز لمحكمة الاستئناف قبوله وعليها أن تقضى بذلك ولو من تلقاء نفسها
وإذا صدر الحكم النهائي بتحديد التعويض فإنه لا
يجوز للمضرور المطالبة بزيادة التعويض المحدد فى الحكم حتى ولو تغيرت القيمة الشرائية للنقود
وذلك احتراما لقوة الحكم القضائي النهائي
استثناء من القاعدة العامة تقدير قيمة
التعويض وقت إصلاح الضرر :
إذا قام المضرور بإصلاح الضرر فإن
تقدير قيمة التعويض يتم وفقا لقيمة إصلاح الضرر وفى هذا الوقت أيضا وليس فى تاريخ الحكم فإذا
أقام المضرور بدفع نفقات العلاج الطبي أو قام بإصلاح العقار أو السيارة فإن القاضي يقدر التعويض وقت إصلاح الضرر وهذا
الاستثناء مسلم به فى الفقه والقضاء فى مصر
ويرجع هذا الحكم إلى اعتبارين :
أما الاعتبار الأول فهو أن وظيفة التعويض هي جبر الضرر
وبالتالي إذا قام المضرور بإصلاح الضرر فإنه يكون منطقيا أن يكون تقدير التعويض وقت هذا الإصلاح متكافئا مع الضرر
لأنه يجبر النفقات التى أنفقها المضرور أى نفقات الإصلاح وهي الخسارة التى أصابت المضرور ولا يجوز
أن يتحدد التعويض بناء على قيمة الضرر فى وقت لاحق على إصلاح الضرر حتى لا يكون التعويض مصدر إثراء للمضرور
وأما الاعتبار الثاني فهو أنه حيث تتحدد خسارة المضرور فيما دفعه
من نفقات نقدية فإنه يكون ملائما الاعتداد بقدر ما دفعه من نقود بصرف النظر عن تغير قوتها
الشرائية فى وقت لاحق لأن حق المضرور فى التعويض تحول إلى حق نقدي يقدر بقيمة الإصلاح
موقف مجلس الدولة الفرنسي من تحديد
وقت تقدير التعويض :
يميز مجلس الدولة الفرنسي فيما يتعلق بتحديد وقت
تقدير التعويض بين الأضرار الجسمانية والأضرار الناشئة عن الاعتداء على الأموال
ففيما يتعلق بالأضرار الجسمانية فإن العبرة بوقت صدور
قرار الإدارة أو الحكم القضائي بتقدير التعويض وبحيث يكفل هذا التقدير للمضرور تعويضا كاملا وذلك بتعويضه عن الخسارة الفعلية
للدخل الذى فقده بسبب الحادث وبحيث يؤخذ فى الاعتبار تطور أو تغير الأجور ومستوى المعيشة حتى
التاريخ الذى يفصل فيه القاضي فى الطلب ويأخذ القاضي فى الاعتبار التطورات اللاحقة للضرر سواء بتفاقمه أو بتحسنه
غير أنه إذا تأخر المضرور كثيرا فى تقديم طلب التعويض
فإنه لن يستفيد من هذا التأخير ومن ثم يقوم القاضي بتقدير الضرر آخذا فى الاعتبار الظروف
القائمة فى الوقت الذى كان يجب أن يصدر فيه القرار عادة
وأما فيما يتعلق بالأضرار الناشئة عن الاعتداء على الأموال فإن
المبدأ هو أن التعويض يتم تقديره فى تاريخ حدوث الضرر وأنه إذا استغرق حدوثه بعضا من الوقت فإن تقدير التعويض
يتم فى التاريخ الذى ينتهي فيه سبب الضرر ويتحدد فيه نطاقه أى فى الوقت الذى يكون ممكنا فيه إجراء الأشغال اللازمة لإصلاح
الضرر
وهذا القضاء يعني أنه فى حالة عدم وجود اتفاق بين الخصوم
فإن حساب التعويض يتم عملا وقت تقديم تقرير الخبرة
ويأخذ القاضي أيضا فى الاعتبار التاريخ الذى تمكن فيه
المضرور فعلا من القيام بالأشغال اللازمة وإذا لم يستطع المضرور لسبب لا يد له فيه أن يقوم بالإصلاح أو بإحلال مال بديل
فإن تاريخ تقدير التعويض يكون هو التاريخ الذى أصبح فيه تنفيذ الأشغال أو الإحلال ممكنا وقد
تكون الأسباب التى تحول دون قيام المضرور بالإصلاح أو الإحلال فنية أو قانونية أو مالية
وينتقد بعض الفقه هذا القضاء لأنه من غير المنطقي أن يكون
الضرر بالنسبة لمن يعاني منه مصدرا للالتزام وإجباره على أن يدفع تكاليف الإصلاح أو الإحلال
المبحث الأول
القواعد الدستورية للتعويض
المطلب الأول
عدالة التعويض
• يجب أن يكون التعويض الذى
يمنح للمضرور عادلا واشتراط عالة التعويض أحد المبادئ
الدستورية المر الذى يعني أن يكون التعويض كاملا ومع ذلك فإن التعويض الجزئي
لا يخالف تماما الدستور
الفرع الأول
عدالة التعويض أحد المبادئ الدستورية
الأساس الدستوري لعدالة التعويض :
• ترجع قاعدة التعويض إلى النصوص
الدستورية كما أنها نتيجة حتمية لمبدأ احترام حقوق الأفراد وخصوصا احترام حق
الملكية
• فى مصر تنص المادة 57 من دستور 1971 على أنه "
تكفل الدولة تعويضا عادلا لمن وقع عليه اعتداء فى الحقوق والحريات
التى يكفلها الدستور والقانون فالتعويض عن الضرر يجب أن
يكون عادلا
• تستند قاعدة عدالة التعويض إلى اعتبارات
ترجع إلى منطق المسئولية المدنية وهي أن جوهر هذه المسئولية يقتضي إعادة
التوازن الذى انهار بسبب الضرر بشكل تام وبقدر الإمكان وإعادة المضرور على نفقة المسئول إلى الوضع الذى كان يمكن أن يوجد فيه إذا لم
يكن قد حدث الفعل الضار أبدا
• تطبق قاعدة عدالة التعويض حتى فى الحالات التى لا يشترط فيها صراحة أن يكون التعويض عادلا وعلى ذلك إذا كان
التأميم
أو نزع الملكية للمنفعة العامة إنما يكون مقابل إلا أن
التعويض فى كل من الحالتين يجب أن يكون عادلا
عدم دستورية مخالفة التشريع لعدالة
التعويض :
• إذا كانت قاعدة عدالة التعويض ذات
قيمة دستورية فإنه لا يجوز للمشرع مخالفتها وتتحقق هذه
المخالفة بأن يستبعد المشرع صراحة التعويض عن بعض عناصر الضرر
بطريقة تحكمية أو حين يحدد أسس التعويض على نحو يخالف هذه القاعدة
• قضت المحكمة العليا بعدم مخالفة القانون بشأن إعادة العاملين المدنيين المفصولين بغير الطرق التأديبي ماليه أو تعويضات عن الماضي وقد استندت المحكمة فى هذا القضاء إلى أن تقدير التعويض أمر
تملكه
السلطة التشريعية بما لها من سلطة تقديرية فى ما تراه
مجزيا فى تعويض العاملين المفصولين بغير أسباب تبرر
فصلهم عما أصابهم من أضرار بسبب هذا الفصل
• هذا القضاء يحتمل النظر لأن المشرع مقيد بأن يكون
التعويض
الذى يقوم بتحديد أسسه عادلا ويستتبع ذلك عدم جواز
استبعاد بعض عناصر الضرر من التعويض بطريقة تحكمية غير
مبررة ولاشك أن النص على عدم حصول الموظفين الذين أعيدوا إلى
الخدمة على تعويضات على الفترة السابقة على هذه الإعادة يعد
مخالفة ظاهرة لقاعدة عدالة التعويض فالمشرع يستبعد من التعويض عناصر أساسية من الأضرار القابلة للتعويض وهذه الأضرار تتمثل فى فقد مرتباتهم بالإضافة إلى أضرار أدبية والاضطراب فى المعيشة
• فى مجال التأميم يكون التعويض
عادلا غير أن مجرد عدم النص فى التشريع على اشتراط عدالة التعويض
لا يتضمن فى ذاته أى مخالفة للدستور
استبعاد التعويض عن ارتفاقات
التنظيم العمراني
• فى فرنسا لا يؤدي إنشاء
ارتفاقات إلى اى حق فى التعويض فى مجالات الطرق والصحة وتجميل
الأماكن وتتعلق باستخدام الأرض وارتفاعات المباني والتناسب بين الأراضي
المبنية وغير المبنية فى كل قطعة وحظر البناء فى بعض المناطق وبالقرب من جزء
من الطريق وتوزيع المباني بين مختلف المناطق
• يرجع هذا الحكم إلى أن هذه
القيود تتم لاعتبارات المصلحة العامة وخصوصا مع تطور الوظيفة
الاجتماعية لحق الملكية وبالإضافة إلى ذلك فإنه من الصعب تقدير الأعباء الناجمة عن القيود الناشئة عن قواعد التنظيم العمراني وأخيرا
فإن هذه القيود لا تجرد المالك من ملكه وبالتالي فإن هذه القيود لا تخالف
أية مبادئ دستورية
• تفترض عدالة التعويض أن يكون التعويض كاملا لكنها لا
تستبعد دائما التعويض الجزئي أو الجزافي
الفرع الثاني
التعويض الكامل للضرر
التعويض الكامل فى المسئولية القائمة على الخطأ :
• يقصد بالتعويض الكامل أن يكون متكافئا مع نطاق وقيمة
الضرر القابل للتعويض عنه ويرجع استحقاق التعويض الكامل فى هذه
الحالات إلى مبدأ مهم هو الكرامة الإنسانية غير أن تطبيق
التعويض الكامل عن الأضرار مقيد بقيدين
1- أن للمضرور لا يستحق تعويضا
كاملا إلا عن الأضرار الفعلية التى أصابته نتيجة الفعل الضار
ويرجع هذا القيد إلى تبرير عام مؤداه أن التعويض لا يجوز أن يكون مصدرا
لإثراء المدين مثلما لا يجوز أن يكون مؤديا إلى افتقاره ويرجع هذا القيد إلى تبرير خاص بالمسئولية الإدارية مؤداه أنه لا يجوز إلزام أشخاص القانون العام أن تدفع مبالغ غير مدينة بها
2- أن القضاء بالتعويض
الكامل يجد حده الأقصى فى قيمة التعويض التى يطالب بها المدعي ومقتضي ذلك أن القاضي يحكم بالتعويض الذى يطلبه المدعي إذا كان أقل من التعويض الكامل ويرجع هذا القيد إلى قاعدة أساسة تسود الإجراءات
القضائية
مؤداه أنه لا يجوز للقاضي أن يحكم بما يجاوز طلبات الخصوم
• إذا كان القانون لا يستطيع أن
يخالف قاعدة عدالة التعويض فإنه لا يجوز للقرار الإداري من باب
أولي أن يخرج على قاعدة التعويض الكامل للأضرار
تطبيقات التعويض الكامل عن الأضرار
الاقتصادية :
• إن التعويض عن الأضرار الاقتصادية
يمكن تقديره تقديرا كاملا على نحو دقيق ونقتصر هنا على الإشارة إلى بعض التطبيقات
المتنوعة
• التعويض عن فقد الدخل يتحدد حسب الدخل الذى فقده
المضرور الذى يقع عليه عبء إثبات هذا الدخل بمختلف الوسائل ويحتج
بهذه الإقرارات فى مواجهة الخلف إلا إذا لم يقدم أدلة من
شأنها إثبات حقيقة الدخل المدعي به
• التعويض عن التأميم يجب أن يكون معادلا للقيمة الحقيقية
لحصص وأنصبة أصحاب المشروعات بعد تقويمها
• التعويض عن الأضرار التى تصيب العقارات المبنية من تلف
فإنه يتحدد بقيمة الإصلاح بشرط ألا يجوز أن يزيد عن القيمة
السوقية للعقار قبل الحادث وهذا التحديد لا يخلو من النقد
لأن التعويض الكامل يعني إعادة الأمر إلى ما كان عليه قبل الفعل
الضار
• التعويض عن غضب الأراضي يتم تقديره وفقا لسعر الأرض
وريعها حتى تاريخ الحكم فى الدعوى
التعويض الكامل فى نطاق المسئولية دون
خطأ
:
• الأصل أن التعويض فى المسئولية
دون خطا والمقررة بنصوص تشريعية يتمتع المشرع فى
تحديده بسلطة تقديرية واسعة فقد يكون جزئيا أو كاملا وقد كان هذا التعويض فى
البداية رمزيا غير أن المشرع قد هجر فكرة التعويض الرمزي وأن كان مقداره
يتفاوت باختلاف موضوع المسئولية الذى ينظمه المشرع
• قد يقرر المشرع مبدأ التعويض الكامل ويفسر التعويض
الكامل فى بعض حالات المسئولية دون خطأ بسببين
1- أن المجتمعات المتقدمة لم تعد تقبل الأوضاع الظالمة
وأن الأضرار الجسيمة التى تصيب الإنسان تنشئ نوعا من
المسئولية الأخلاقية التى يتعذر استبعادها
2- أن هذه المجتمعات تتميز بأنها غنية وقادرة على تحمل
عبء التعويض
• كرس المشرع مبدأ التعويض الكامل لتعويض ضحايا أعمال
الإرهاب عن الأضرار الجسمانية وضحايا الإيدز كما يكون
التعويض كاملا لضحايا بعض الجرائم وذلك فى حالات
الاعتداء الجسيم على الأشخاص
• تطورا مهما قد حدث بالنسبة لتعويض ضحايا
الجرائم فقد كان الاتجاه القضائي يعتبر أن التعويض الذى تمنحه لجان
تعويض ضحايا الجرائم يجد مصدره فى التضامن القومي وأنه يتم تحديده وفقا
للأموال المتاحة فى صناديق الضمان غير أن محكمة النقض قضت بأن التعويض يجب أن يحدد وفقا لقواعد المسئولية وأنه يقع على عاتق لجان
تعويض
ضحايا الجرائم تقدير كل عنصر من عناصر الضرر الأمر الذى
يتعارض معه أن تمنح اللجنة تعويضا جزافيا
قاعدة عدم جواز الجمع بين التعويضات :
• القاعدة الأساسية هى حق المضرور
فى أن يحصل على تعويض متكافئ مع الأضرار التى أصابته
وتؤدي هذه القاعدة إلى نتيجة مؤداها عدم جواز الجمع بين التعويضات لأن
الغاية من التعويض جبر الأضرار جبرا متكافئا وليس زائدا حتى لا يكون
التعويض مصدر إثراء للمضرور
• نشير إلى تطبيقين لقاعدة عدم جواز الجمع بين التعويضات
1- القانون الذى تناول احكام تنظم المعاشات والمكافآت
والتأمين والتعويض لأفراد القوات المسلحة عن الوفاة أو
العجز بسبب الخدمة والعمليات الحربية وهذه الأحكام
يقتصر تطبيقها على الحالات المنصوص عليها فى القانون ولا تتعداها إلى
التعويض المستحق وفقا لقواعد القانون المدني وبالتالي لا تحول دون مطالبة المضرور بحقه فى التعويض الكامل الجابر للضرر الذى لحقه
ويظل هذا الحق قائما وفقا لأحكام القانون المدني إذا كان سبب الضرر الخطأ التقصيرى إلا أنه لا يسمح للمضرور أن يجمع بين التعويضين فإذا قضى
الحكم
المطعون فيه بالتعويض استنادا إلى الخطأ التقصيري ثم ادخل
فى اعتباره كافة المبالغ التى صرفت للمضرور فإنه يكون قد
التزم صحيح القانون وإذا لم يحصل المضرور على أى تعويض
فيكون له الحق فى المطالبة بالتعويض الكامل وفقا لقواعد القانون
المدني
2- التعويض المستحق عن الأضرار الناشئة نتيجة الأعمال الحربية فلا يصح للمضرور أن يحصل على أكثر من التعويض المتكافئ
مع الأضرار فيراعي القاضي عند تقدير التعويض ما صرف للمضرور من إعانة
تعويضية
وبناء على ذلك قضت محكمة النقض أنه إذا قضى الحكم المطعون
فيه بعدم
قبول الدعوى استنادا إلى أن للمضرور أن يختار إما سبيل
الالتجاء إلى
اللجنة المنصوص عليها فى القانون رقم 44 لسنة 1967 أو
سبيل الدعوى امام المحكمة المدنية للمطالبة بالتعويض
استنادا إلى احكام المسئولية التقصيرية ونظرا لأن
الطاعن قد اختار السبيل الأول فإن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وحجب عن نفسه بحث مدي أحقية الطاعن فى المطالبة بالتعويض الكامل الجابر للضرر طبقا لأحكام القانون المدني مما يستوجب نقضه
الفرع الثالث
التعويض الجزئي للضرر
تعويض تفويت الفرصة :
يتحدد تعويض تفويت الفرصة بمقدار
الفرصة القائتة وكثيرا ما يثور تحديد التعويض عن تفويت
الفرصة فى مجال المسئولية الطبية إذا لم يتم تبصير المريض بمخاطر التدخل الطبي فالخطأ المنسوب إلى المرفق ليس خطأ طبيا غير أنه نتيجة الإخلال بالالتزام بالتبصير فقد المريض الفرصة فى تجنب مخاطر التدخل
الطبي
الذى حدث
والقاعدة أن تعويض تفويت الفرصة فى المجال الطبي يتحدد
بجزء من مختلف عناصر الضرر التى أصابت المريض ويأخذ القاضي فى الاعتبار
الأضرار
الناشئة عن التدخل الطبي بالمقارنة بالأضرار التى كان
يمكن أن تقع فى حالة العدول عن هذا التدخل
اقتصار التعويض على ما أصاب المضرور من
خسارة
:
إذا كانت القاعدة العامة
الواردة فى المادة 221 من التقنين المدني هي أن التعويض يشمل
ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب إلا أنه فى مجال المسئولية
الإدارية فإن التعويض قد يقتصر على ما لحق المضرور من خسارة ولا يشمل ما فاته من كسب
ففى مجال إخلال الإدارة بالوعد فإن التعويض يقتصر على ما
أصاب من صدر الوعد فى مواجهته من خسارة ولا يغطي بأى حال ما فاته من كسب
وإذا كان التجنيد المخالف
للقانون يشكل ركن الخطأ إلا أن القضاء لا يجيز التعويض عما
فات المجند من فرصة للكسب استنادا إلى أن الأداء الخدمة العسكرية شرف
لا يدانيه شرف أخر
وأخيرا ليس لجهة الإدارة أن تطالب بالتعويض عما
فاتها من كسب نتيجة خطأ ارتكبه أحد العاملين فى جهة عامة أخرى وتطبيقا
لذلك أفتي مجلس الدولة أنه إذا تسبب سائق تابع لهيئة النقل العام فى إحداث
تلفيات بسيارة تابعة لهيئة الاستعلامات فإن حق الأخيرة فى التعويض يقتصر
على المبالغ اللازمة لإصلاح السيارة دون المبالغ التى قدرتها عما
فاتها من كسب نتيجة تعطيل السيارة بسبب الحادث لأنه ينبغي على الإدارة أن تتجرد عن المطالبة بها إعمالا للمقتضيات التى من أجلها ضرب الصفح عن المطالبة بالفوائد التأخيرية فيما يثور من منازعات بين الجهات الإدارية
عدم استحقاق الفوائد التأخيرية :
لا تستحق الإدارة فوائد تأخيرية
عن المبالغ المحكوم بها لها وفقا للمادة 226 من التقنين المدني وذلك فى
مجال علاقاتها بموظفيها لأنه مما لا يتفق مع طبيعة الرابطة اللائحية بين
الموظف والحكومة أن يلزم الموظف بفوائد مبالغ مالية مستحقة عليه ويلزم
بردها كما أن الحكومة لا تلتزم بفوائد مبالغ المرتبات والبدلات التى يحكم بها قضائية فى حالة تأخرها عن صرفها
ولا مجال أيضا للمطالبة
بالفوائد التأخيرية بين الجهات الإدارية المختلفة لأنه مناط القضاء
بالفوائد التأخيرية أن يكون محل الالتزام مبلغا من النقود معلوم المقدار تتم المطالبة القضائية به فى حين أن المنازعة بين الجهات
الإدارية
ليست من اختصاص القضاء وإنما من اختصاص الجمعية العمومية
لقسمي الفتوى
والتشريع بمجلس الدولة التى تصدر فى النزاع رأيا ملزما
فله يسبغ القانون عليها ولاية القضاء وإنما ولاية الافتاء
التعويض عن الأضرار غير العادية فى
المسئولية دون خطأ :
• إذا كان يشترط فى الضرر الذى يسوغ
المسئولية دون خطأ أن يكون غير عادي فإن النتيجة
المنطقية لهذا الشرط أن التعويض يقتصر على الجزء من الضرر الذى يتجاوز الحدود العادية ويتم تقدير هذه الحدود حسب العيوب أو المساوئ العادية للحياة الاجتماعية وبالتالي يترك على عاتق المضرور الجزء من
الضرر
الذى يتفق مع هذه العيوب أو المساوئ أى الجزء من الضرر
الذى يتمتع بالصفة العادية
• ففى مجال رفض تقديم القوة العامة لتنفيذ حكم قضائي
استنادا
إلى اعتبارات مستمدة من المحافظة على النظام العام فإن
التعويض يقتصر على الأضرار التى تحدث بعد تقديم الاستعانة
بالقوة العامة وانقضاء مدة معقولة على هذا الطلب
• وقد أكد المجلس الدستوري فى فرنسا أن الضرر فى مجال المسئولية دون خطأ استنادا إلى مبدأ المساواة امام الأعباء العامة يجب
أن يكون غير عادي
التعويض الجزئي فى بعض حالات المسئولية
على أساس مبدأ التضامن القومي :
يمكن أن يكون التعويض جزئيا فى
حالات المسئولية على اساس مبدأ التضامن القومي ووفقا للمادة
706/31 من تقنين الإجراءات الجنائية فإنه يجوز للجان تعويض المجني عليهم
عن الجرائم الجنائية أن تقرر تخفيض أو إلغاء التعويض بسبب خطا المجني
عليهم وقد استبدل المشرع الإصطلاح الذى كان مستخدما من قبل وهو سلوك المجني عليه وذلك منذ قانون 6 يوليو 1990 حتى تستطيع اللجنة أن
تستند
على فكرة قانونية أكثر تحديدا ومقررة وفقا للقواعد العامة
فى المسئولية
المدنية
ولا يؤثر خطأ المضرور على التعويض المستحق له فقط وإنما
يمكن أن يحتج بخطئه أيضا فى مواجهة المضرور ضررا مرتدا على الرغم من أنه
يطالب
بتعويض عن ضرر شخصي خاص به وليس بصفته خلفا للمضرور وذلك
لأن المادة 706/3 من تقنين الإجراءات الجنائية لا تميز بين
المضرور المباشر والمضرور بالارتداد من الجريمة وبناء على ذلك قضى
بأنه لا يجوز للأم أن تطالب بتعويض عن الضرر الأدبي الذى أصابها عن
مقتل ابنتها نظرا لإعطائها جرعة مخدرات بواسطة آخرين
الفرع الرابع
الحد الأقصى للتعويض وتقديره جزافيا
قد يضع المشرع حدا أقصى للتعويض وقد يقوم القاضي
بتقديره جزافيا
فرض حد أقصى للتعويض :
يضع المشرع حدا أقصى للتعويض فى مجال المسئولية دون خطأ
ففى فرنسا فإن تعويض ضحايا
الجرائم يخضع لحد أقصى وذلك بالنسبة لطائفة من المضرورين وهم
ضحايا السرقة والنصب وخيانة الأمانة وابتزاز الأموال وتدمير الأموال أو
إتلافها وكذلك أيضا فى حالة الاعتداءات غير الجسيمة على الأشخاص وهى
التى يترتب عليها عجز كامل عن العمل أقل من شهر
ويشترط القانون لتعويض ضحايا هذه
الجرائم أن تكون الموارد المالية لهؤلاء الضحايا أقل من تلك
التى تسمح لأصحابها بالاستفادة من المساعدة القضائية جزئيا
والحد الأقصى للتعويض يعادل
ثلاثة أضعاف الموارد الشهرية للمضرور وفى مجال المسئولية عن
الكوارث الزراعية وفقا لقانون 10 يوليو 1964 فإنه لا يجوز أن يزيد التعويض
الممنوح على 75% من الأضرار التى يتحملها المضرور أو من قيمة العناصر
الأساسية للاستغلال الزراعي فى حالة التلف أو التدمير
وفى مصر فرض المشرع فى القانون
رقم 16 لسنة 1970 حدا أقصى للمسئولية هيئة البريد فى
مواجهة المرسل فى حالة فقد الرسالة أو اختلاسها أو سرقتها أو تلفها بأن قصر
التعويض بما لا يجاوز قيمة التأمين على الرسالة إذا كان مؤمن عليها أو
اداء تعويض لا يجاوز ستة جنيهات عن الرسالة المسجلة داخليا وغير المؤمن
عليها وهذا النص فيما يبدو يتضمن مخالفة القاعدة عدالة التعويض
وقد رأي مجلس الدولة أنه لا مجال للنظر فى تحديد التعويض
على أى أساس آخر أو المطالبة بأن يشتمل التعويض على ما لحق المرسل من خسارة وما فاته من كسب وذلك استنادا إلى الحكم العام الوارد فى القانون
المدني
لأن مسئولية هيئة البريد فى هذه الحالة تحكمها نصوص خاصة
ومن ثم لا تلتزم بمصروفات النشر عن المراسلات المفقودة
وفى فرنسا توجد نصوص عديدة تفرض الحد
الأقصى للتعويض فى غير حالات المسئولية الناشئة عن التضامن القومي ومن هذه
القوانين قانون 6 يوليو 1992 بشأن سرقة أو فقد أو تلف الأشياء
المودعة فى المؤسسات الصحية الذى يفرض حدا أقصى للتعويض إلا إذا كانت السرقة أو التلف ناشئا عن خطأ ويمكن أن يكون الحد الأقصى للتعويض تطبيقا لمعاهدة دولية مثل المعاهدة التى تنظم النقل الدولي للطرود البريدية ويلتزم القضاء بتطبيق هذا الحد الأقصى حتى فى حالة ارتكاب خطأ جسيم من جانب الناقل
ولا شك أن وضع حد أقصى للتعويض يخالف الدستور إذا كان هذا الحد الأقصى يبعد كثيرا عن عناصر الضرر لأنه يكون مخالفا لقاعدة عدالة التعويض كما أن يكون مخالفا للدستور أيضا إذا تضمن اعتداء على حق الملكية وتطبيقا لذلك قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية
المادة
الأولي من القرار بقانون 134 لسنة 1964 فيما تضمنته من
تعويض أسهم ورءوس أموال الشركات والمنشآت المؤممة وفقا
لأحكام القوانين أرقام 117 و 118 و 119 لسنة 1961 والقوانين التالية لها
بتعويض إجمالي لا يجاوز خمسة عشر ألف جنيه أيا كان
مجموع ما يملكونه ما لم يكن مجموع القيمة اقل من ذلك فيتم التعويض بمقدار
هذا المجموع
وقد استندت المحكمة بحق إلى أن مقتضي هذا النص استيلاء الدولة دون مقابل على السندات الاسمية المملوكة لأصحابها والزائدة على هذا الحد وتجريدهم بالتالي من ملكيتها الأمر الذى يشمل اعتداء على الملكية الخاصة ومصادرة الأموال بالمخالفة لحكم المادة 34
من الدستور التى تنص على أن الملكية الخاصة مصونة والمادة 36 منه التى
تحظر المصادرة العامة ولا تجيز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي والمادة 37
التى لا تجيز فرض حد أقصى إلا بالنسبة للملكية الزراعية
التقدير الجزافي للتعويض
يمكن أن يقوم القاضي بتقدير التعويض تقديرا
جزافيا وليس من المستبعد أن يكون هذا التحديد بواسطة المشرع
فالقاضي يقدر التعويض بصورة جزافية بالنسبة لبعض الأضرار
مثل الأضرار الأدبية والأضرار الناجمة عن الاضطراب فى أوضاع المعيشة بالتعويض عن هذه الأضرار وإن لم يكن مقيدا بحد أقصى
إلا أنه يتم تقديره على نحو تقريبي وهو ما يبرر وصف التعويض بأنه جزاف
ومع ذلك فإن القضاء المصري يري أن التعويض عن الضرر الأدبي
ليس سوى تعويض رمزي يهدف إلى تطبيق نفس المحكوم له وإعلان ما به من ظلم وهذا التحليل لا يبدو دقيقا لأن التعويض
الرمزي ليس تقديرا تقريبيا للضرر وهو يختلف بالتالي عن التقدير الجزاف بل أن التعويض عن الضرر الأدبي يجب أن يكون
مرتفعا فى حالات الاعتداء على السمعة والاعتبار
ويحدث أن يقرر المشرع التقدير الجزافي كما هو الأمر
بالنسبة لتعويض إصابة العمل فى القانون الفرنسي فإذا وقع أحد العاملين العموميين ضحية حادث ينسب إلى الشخص العام الذى يستخدمه فإن
المضرور يكون مستحقا لتعويض إصابة عمل
ووفقا لقضاء قديم لمجلس الدولة الفرنسي فإن تعويض إصابة
العمل يعتبر تعويضا جابرا لجميع الأضرار وأنه يستبعد أى تعويض آخر ويفسر القاضي النية المفترضة للمشرع بتشدد ملحوظ
ولا يهم ما إذا كان تعويض إصابة العمل أقل كثيرا من التعويض وفقا للقواعد العامة كما لا تهم
أيضا
جسامة الخطأ المنسوب للإدارة بينما يؤدي تطبيق
قانون العمل على عمال الإدارة غير
العموميين إلى أن يؤخذ فى الاعتبار عند تقدير التعويض الخطأ العمدى
أو الخطأ غير
المغتفر
ويحتج بتعويض إصابة العمل ليس فقط فى مواجهة المستفيد من
التعويض ولكن أيضا فى مواجهة خلفه وايضا فى مواجهة مؤمن المضرور فى إطار دعوى الحلول كما يرفض القضاء أيضا
منح تعويض تكميلي عن الضرر الأدبي للخلف وهو ضرر متميز عن الاعتداء على السلامة الجسمانية للمضرور المباشر فى حالة
الخطأ الجسيم
غير أن مجلس الدولة الفرنسي أدخل مؤجرا تغييرا محدودا على
قضائه السابق حين أجاز منح المضرور من حادث يرجع إلى المرفق تعويضا عن ضرر لا يرجع إلى هذا
الحادث وإنما عن الرعاية الطبية المقدمة له فى نفس المؤسسة الطبية التى يعمل بها استنادا إلى أن النتائج الضارة للرعاية
الطبية ليست قابلة للانفصال عن الحادث ومن ثم يكون للمدعي الحق فى طلب التعويض الكامل عن الضرر
أما فى مصر فقد مر نظام تعويض إصابة العمل بتطور ملحوظ
فقد استقر القضاء فى ظل القانون رقم 63 لسنة 1964 بشأن
التأمينات الاجتماعية على أن حصول العامل أو الموظف على المبالغ المقررة بهذا القانون يمنعه من مطالبة رب العمل بالتعويض
طبقا لأحكام القانون المدني إلا إذا وقع الحادث بسبب خطئه الجسيم ومن ثم إذا كان المدعي قد أورد فى
دعواه أنه بينما كان فى مقر عمله ذات مساء انقطع التيار الكهربائي فى الوقت الذى كان ذاهبا فيه إلى دورة المياه وأنه عند
مغادرتها فى الظلام اصطدم رأسه ببابها فأصيبت عينه اليمني بانفصال شبكي تخلفت عنه عاهة مستديمة
وأنه إذا أقام حكم محكمة الاستئناف قضاءه بمسئولية الوزارة الطاعنة على قوله أنه كان على وزارة الداخلية أن يكون فى دورها من
المعدات والأدوات التى تكفل الإضاءة فيها فى الحالات التى تفاجئ فيها إدارة الكهرباء المواطنين
من أعمال دون أن يبين ما إذا كان هذا الفعل الذى أسنده للطاعنة يتوافر فيه الخطأ من عدمه فإنه يكون قاصرا
أما قانون التأمنيات الاجتماعية الحالي رقم 79 لسنة 1975 فقد تضمن
نصا أكثر تشددا من النص السابق إذ تنص المادة 68 منه على أنه لا يجوز للمصاب أو المستحقين عنه
التمسك ضد الهيئة المختصة بالتعويضات التى تستحق عن الإصابة طبقا لأي قانون آخر واستنادا إلى
هذا النص قضت المحكمة الإدارية العليا أن القواعد التى قررها المشرع بشان تأمين إصابة العمل والتعويض عنه كافية لجبر
الأضرار المادية والأدبية التى يمكن أن تلحق العامل ولا يجوز بالتالي إلزام الهيئة بتعويضات
أخرى بناء على أن قانون آخر
وبالمقابل فإن قضاء محكمة النقض لم يتقيد بظاهر المادة
68 من القانون رقم 79 لسنة 1975 فأجاز للمضرور أن يتمسك بتعويض فى مواجهة صاحب العمل إذا كانت الإصابة قد
نشأت عن خطئه الذى ارتكبه
المطلب الثاني
المساواة فى التعويض
وحدة النظام التشريعي
لمستحقي التعويضات :
إن مبدأ المساواة أحد المبادئ الدستورية وبالتالي لا
تجوز مخالفته سواء من جانب المشرع أو من جانب الإدارة ويقتضي هذا المبدأ ضرورة وضع قواعد متماثلة للمراكز المتماثلة
وبالتالي فإن المحظور على المشرع هو أن يعامل أصحاب المراكز المتماثلة معاملة مختلفة وتؤكد
المحكمة الدستورية هذا المعني بقولها " إن مبدأ المساواة أمام القانون غدا فى جوهره وسيلة
لتقرير الحماية
المتكافئة التى لا تمييز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة
ومجالات تطبيق مبدأ المساواة كثيرة ومتنوعة مثل المساواة
امام القضاء والمساواة امام الوظائف والمساواة امام الضرائب وأخيرا يجب على المشرع احترام مبدأ المساواة فى مجال التعويض عن
مسئولية السلطة العامة وبالتالي فإنه يمتنع عليه التمييز بين مستحقي التعويض الذين يوجدون فى
مركز قانوني واحد من ذلك على سبيل المثال أن القرار بقانون رقم 124 لسنة 1964 قد قرر تعويض أصحاب جميع الأسهم ورؤوس أموال
الشركات والمنشآت التى آلت ملكيتها إلى الدولة وفقا لبعض القوانين بتعويض إجمالي قدره 15 الف جنيه
لكنه استثني من الخضوع لهذا الحد الأقصى للتعويض البنوك وشركات التأمين وأجهزة الادخار والتأمين والمعاشات وصناديق التوفير
والتأمين بالشركات وبالهيئات المختلفة فالقرار بقانون المذكور يميز بين طائفتين من مستحقي التعويض
فيمنح الأولي تعويضا إجماليا بحد أقصى 15 الف جنيه بينما يستثني الثانية من الخضوع لهذا الحد الأقصى بحيث يكون التعويض
كاملا وهو تمييز بين فئتين تتماثل أوضاعهم القانونية
وبناء على ذلك قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم
دستورية الفقرة الأولي من المادة 80 من قانون ضريبة الدمغة رقم 111 لسنة 1980 فيما تضمنته من فرض ضريبة دمغة
نسبية وإضافية على مبالغ التعويضات المحكوم بها التى تقوم الجهات الحكومية بصرفها وأوضحت المحكمة
فى حكمها أن نص الفقرة الأولي من المادة 80 من القانون المشار إليه قضى بخضوع كافة المبالغ التى تقوم الجهات بصرفها من
الأموال المملوكة لها لنوعين من ضريبة الدمغة هما الضريبة النسبية والضريبة الإضافية حتى ولو كانت
هذه المبالغ تمثل تعويضات محكوم بإلزام تلك الجهات بأدائها من جراء الأعمال الضارة التى يرتكبها تابعوهما حال أن هذه المبالغ
وبحسبان أنها تمثل تعويضا متكافئا للأضرار التى لحقت بالغير يجب أن تخضع لذات المعاملة
القانونية التى تخضع لها مبالغ التعويضات التى يقضي بها ضد الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة لأن مستحي هذه التعويضات فى مركز
قانوني واحد فهم جميعا مضرورون صدرت أحكام بأحقيتهم فى تعويضات عن أفعال ألحقت بهم ضررا ومن
ثم لزموا أن يعاملوا معاملة قانونية متكافئة وإذا اختص النص الطعين طائفة منهم بحكمه دون يستند فى هذا التمييز إلى أسس
موضوعية تبرره فإنه يكون قد أقام تمييزا تحكميا غير مبرر بالمخالفة لنص المادة 40 من الدستور
عدم تمتع الإدارة بسلطة تقديرية فى
منح التعويض
:
القاعدة أنه إذا قرر القانون ميزة أو حقا
لطائفة من الأفراد فإنه يجب على الإدارة منح هذه الميزة أو هذا الحق طالما توافرت فى
المستفيد الشروط المطلوبة قانونا.
ولا يجوز للإدارة أن تمارس سلطة تقديرية فى منح الميزة
أو الحق فتقرر المنح لشخص بينما تقرر منع شخص آخر من الاستفادة من الميزة أو الحق واستنادا إلى هذه
القاعدة لا يجوز للإدارة أن تقرر منح إعفاء ضريبي لبعض الممولين وان تمنعه عن البعض الآخر مادامت
أوضاعهم متشابهة
واستنادا إلى هذه القاعدة أيضا قضت المحكمة الإدارية العليا
بأنه إذا كان المشرع قد قرر بنصوص خاصة استحقاق إعانات لما قد يحيق بأموال القطاعين العام والخاص من خسائر نتيجة للأعمال
الحربية فإنه يترتب على ذلك التزام على عاتق الدولة بتعويض كل شخص توفرت فيه شروط الاستحقاق
ويكون فى مركز قانوني بمقتضاه استحقاق التعويض المقرر قانونا دون تفرقة بين الأشخاص المتساوين فى المراكز القانونية وأنه لا
يغير من هذا الالتزام لفظ " يجوز " الذى استخدمه المشرع فى النص المانح للإعانة فطالما أن
المشرع حدد أسس صرف المبالغ المذكورة فإن الأمر لا يرجع لا محض تقدير الإدارة بحيث تعملها بالنسبة لبعض الأشخاص وتهملها
بالنسبة للبعض الآخر كما تلتزم الإدارة
بتفسير القرارات الصادرة فى هذا الشأن تفسيرا منضبطا بلا توسعه أو
تضييق لا تحتمله
النصوص بمقولة أنها استثناء من أصل يقضي بعدم مسئولية الدولة عن الخسائر المترتبة على الأعمال
الحربية
وبالمخالفة للقاعدة المتقدمة قضت المحكمة الإدارية العليا فى
حكم آخر بأن نص المادة 10 من القانون رقم 9 لسنة 1959 فى شأن الاستيراد جعل
التعويض جوازيا للوزير المختص واعتبر أن ثبوت حسن نية المستورد مجرد عنصر
يتعين توافره بداءة قبل استخدام الرخصة
فى التعويض فى حالة مصادرة سلع مستوردة بالمخالفة لشروط الترخيص بالاستيراد وأن حسن النية ليس
هو العنصر الوحيد الذى يتحققه يستمد
المستورد حقا فى التعويض مباشرة من القانون وأن الأمر بالتعويض
الوارد فى النص
المتقدم يدخل فى نطاق الملاءمة التقديرية التى تملكها الإدارة بغير معقب عليها القضاء
المبحث الثاني
القواعد الخاصة بتقدير التعويض
يخضع تقدير التعويض فى المسئولية
الإدارة لعدد من القواعد التى تتعلق بوقت تقدير التعويض وكيفية تقديره وطرقه والمبالغ التى
تخصم منه وإذا تم تقدير التعويض فالقاعدة هي نهائية هذا التقدير
المطلب الأول
وقت التعويض
يجب أن نميز بين وقت نشوء الحق فى
التعويض ووقت تقدير التعويض فبينما يتم
تقدير التعويض وقت الحكم به أو الاتفاق عليه فإن الحق فى التعويض
ينشأ وقت أركان
المسئولية الإدارية ويختلف وقت تقدير التعويض فى القانون المصري فى حدود معينة عن القانون
الفرنسي
وقت نشوء الحق فى التعويض :
الضرر لا يكون قابلا للتعويض إلا من
اليوم الذى تتوافر فيه شروط المسئولية
الإدارية وهذا التاريخ يبدو مهما من الناحية العملية أحيانا وعلى
سبيل المثال فإن
تنحية المشرف على الرسالة واختيار مشرف آخر بدلا منه فى غير الحالات الواردة فى القانون يحدث ضررا بهذا المشرف
ويكون النظر فى مدى توافر أركان المسئولية وفقا لتاريخ صدور القرار غير المشروع محل المنازعة وإذا تأخرت الإدارة فى اتخاذ
إجراءات لتنفيذ القانون فلا ينشأ الحق فى التعويض إلا عند انقضاء مدة معقولة لاتخاذ هذه
الإجراءات لأنه اعتبارا من هذا الوقت فإن عدم تصرف الإدارة يكون خاطئا ومن ثم فإن النتائج الضارة اللاحقة على عدم التصرف هى
وحدها التى يكون جائزا التعويض عنها وإذا خالفت الإدارة قاعدة قانونية مخالفة من شأنها أن تعقد
مسئوليتها ثم ألغيت هذه القاعدة القانونية بعد ذلك فإن هذا الإلغاء لا يحول دون التعويض عن الضرر الذى يحدث بعد هذا الإلغاء
لأنه من وقت حدوث الضرر ينشأ الحق فى التعويض
كذلك أيضا فى مجال المسئولية القائمة على أساس مبدأ
المساواة أمام الأعباء العامة فإنها لا تكون إلا عن الأضرار غير العادية ومن ثم لا ينشأ الحق فى التعويض إلا من اليوم الذى
يصبح فيه الضرر غير عادي لأن الصفة غير العادية شرط لتحقق هذه المسئولية وبناء على ذلك إذا استمر
بقاء السفن فى ميناء مدة طويلة بسبب اعتصام العمال المضربين فإن التعويض يقتصر على مدة الإيقاف التى تزيد على الأسبوعين
الأولين
وقت تقدير التعويض فى القانون المصري :
استقر القضاء الإداري فى مصر على تطبيق المادة
170 من التقنين المدني التى تنص على أنه
وهذا النص يقرر الأصل العام وهو أن تحديد وقت تقدير
التعويض هو وقت صدور الحكم به عند عدم الاتفاق عليه
فقد يتم تقدير التعويض بالاتفاق فتتحدد قيمته وقت
الاتفاق وليس وقت حدوث الفعل الضار وعلى ذلك إذا تم الاستيلاء على أرض مملوكة لأحد الأفراد بالمخالفة للقانون فإن تقدير التعويض
يتم وقت الاتفاق وليس وقت الاستيلاء ويجب أن يتم الاتفاق بين المسئول عن الضرر والمضرور فإذا
انفردت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بتحديد ويض بمنأى عن صاحب الشأن فإن هذا التحديد لا يمكن اعتباره اتفاقات ولا يفترض
رضاء صاحب الشأن به
فإذا لم يوجد اتفاق فإن وقت تقدير التعويض يكون وقت
الحكم وتبرر المحكمة الإدارية العليا هذه القاعدة فى أحد أحكامها قابلة وإذا كان المقرر
قانونا أنه يتعين تعويض كامل الضرر حتى لا يكون تأخير الفصل فى الدعاوى مع تغير الأوضاع الاقتصادية سبيلا لإنقاص قيمة
التعويض الكاملة الجابرة للضرر
وتطبق محكمة النقض أيضا القاعدة المتقدمة على مسئولية
الإدارة فقضت بأن العبرة بتقدير التعويض عن واقعة الاستيلاء على الأرض بوقت الحكم بالتعويض وليس بوقت الاستيلاء وأنه إذا قضى
الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائي فيما أخذ به تقرير لجنة الخبراء التى قامت بتقدير
قيمة أرض النزاع وقت الاستيلاء عليها دون أن يعرض لدفاع الطاعنين بشأن تقدير التعويض وقت الحكم فى الدعوى وهو دفاع جوهري
يتغير به وجه الرأي فى الحكم وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور فى التسبيب والإخلال بحق
الدفاع الذى جره إلى مخالفة القانون
أهمية تحديد التعويض بوقت الحكم
بالتعويض
:
يترتب على أن يتم تقدير التعويض وقت الحكم عدة
نتائج مهمة ومن هذه النتائج :
1- يأخذ القاضي فى الاعتبار عند تقدير التعويض تطور
الضرر منذ وقوع الفعل
الضار فيزيد التعويض بمقدار ما زاد من ضرر وينقص التعويض بمقدار ما
نقص من ضرر
بالمقارنة بوقت وقوع الفعل الضار وبناء على ذلك استقر قضاء محكمة النقض على أنه لمالك الأرض
التى تم الاستيلاء عليها على نحو غير مشروع أن يطالب بتعويض الضرر سواء ما كانت قائما وقت الغصب
أو ما تفاقم من ضرر بعد ذلك إلى تاريخ الحكم كما قضت ايضا بأن التعويض فى حالة الغصب يحسب على أساس سعر الأرض وريعها حتى
تاريخ الحكم فى الدعوى وليس وقت رفع الدعوى
وقد أجازت المادة 170 من التقنين المدني للقاضي أن ينص
فى الحكم الصادر بالتعويض
على حق المضرور فى العودة إلى المطالبة بزيادة التعويض خلال المدة التى يعينها الحكم وذلك إذا لم يتيسر للقاضي
وقت الحكم بالتعويض أن يعين مقداره تعينا نهائيا
2- إذا كان تقدير حكم المحكمة أول درجة للتعويض
صحيحا فإن الطعن فيه لا يحدث إعادة تقدير للتعويض وعلى العكس إذا لم يكن هذا الحكم قد قدر
التعويض تقديرا صحيحا فإن المحكمة التى تفصل فى الطعن تقوم بإعادة التقييم فى تاريخ حكمها
ومع ذلك تختص محكمة الاستئناف بالتعويض عن جميع
الأضرار المستحدثة لحين صدور الحكم الاستئنافي بالإضافة على النظر فى طلب التعويض الإضافي عن
تفاقم الضرر ولا يعتبر هذا الطلب أو ذاك طلبا جديد لا يجوز طرحه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف
وعلى العكس إذا أقام المدعي دعواه أمام محكمة أول درجة
بطلب التعويض عن الضرر الذى أصابه نتيجة رفض المدعي عليها التعاقد معه دون غيره من الأفعال فإن مطالبته المطعون عليها أمام
محكمة الدرجة الثانية بتعويض عن الضرر الذى لحقه لما نسبته إليه من وقائع فى دفاعها أمام محكمة
أول درجة الثانية بتعويض عن الضرر الذى لحقه لما نسبته إليه من وقائع فى دفاعها أمام محكمة أول درجة يكون طلبا جديدا مما
لا يجوز لمحكمة الاستئناف قبوله وعليها أن تقضى بذلك ولو من تلقاء نفسها
وإذا صدر الحكم النهائي بتحديد التعويض فإنه لا
يجوز للمضرور المطالبة بزيادة التعويض المحدد فى الحكم حتى ولو تغيرت القيمة الشرائية للنقود
وذلك احتراما لقوة الحكم القضائي النهائي
استثناء من القاعدة العامة تقدير قيمة
التعويض وقت إصلاح الضرر :
إذا قام المضرور بإصلاح الضرر فإن
تقدير قيمة التعويض يتم وفقا لقيمة إصلاح الضرر وفى هذا الوقت أيضا وليس فى تاريخ الحكم فإذا
أقام المضرور بدفع نفقات العلاج الطبي أو قام بإصلاح العقار أو السيارة فإن القاضي يقدر التعويض وقت إصلاح الضرر وهذا
الاستثناء مسلم به فى الفقه والقضاء فى مصر
ويرجع هذا الحكم إلى اعتبارين :
أما الاعتبار الأول فهو أن وظيفة التعويض هي جبر الضرر
وبالتالي إذا قام المضرور بإصلاح الضرر فإنه يكون منطقيا أن يكون تقدير التعويض وقت هذا الإصلاح متكافئا مع الضرر
لأنه يجبر النفقات التى أنفقها المضرور أى نفقات الإصلاح وهي الخسارة التى أصابت المضرور ولا يجوز
أن يتحدد التعويض بناء على قيمة الضرر فى وقت لاحق على إصلاح الضرر حتى لا يكون التعويض مصدر إثراء للمضرور
وأما الاعتبار الثاني فهو أنه حيث تتحدد خسارة المضرور فيما دفعه
من نفقات نقدية فإنه يكون ملائما الاعتداد بقدر ما دفعه من نقود بصرف النظر عن تغير قوتها
الشرائية فى وقت لاحق لأن حق المضرور فى التعويض تحول إلى حق نقدي يقدر بقيمة الإصلاح
موقف مجلس الدولة الفرنسي من تحديد
وقت تقدير التعويض :
يميز مجلس الدولة الفرنسي فيما يتعلق بتحديد وقت
تقدير التعويض بين الأضرار الجسمانية والأضرار الناشئة عن الاعتداء على الأموال
ففيما يتعلق بالأضرار الجسمانية فإن العبرة بوقت صدور
قرار الإدارة أو الحكم القضائي بتقدير التعويض وبحيث يكفل هذا التقدير للمضرور تعويضا كاملا وذلك بتعويضه عن الخسارة الفعلية
للدخل الذى فقده بسبب الحادث وبحيث يؤخذ فى الاعتبار تطور أو تغير الأجور ومستوى المعيشة حتى
التاريخ الذى يفصل فيه القاضي فى الطلب ويأخذ القاضي فى الاعتبار التطورات اللاحقة للضرر سواء بتفاقمه أو بتحسنه
غير أنه إذا تأخر المضرور كثيرا فى تقديم طلب التعويض
فإنه لن يستفيد من هذا التأخير ومن ثم يقوم القاضي بتقدير الضرر آخذا فى الاعتبار الظروف
القائمة فى الوقت الذى كان يجب أن يصدر فيه القرار عادة
وأما فيما يتعلق بالأضرار الناشئة عن الاعتداء على الأموال فإن
المبدأ هو أن التعويض يتم تقديره فى تاريخ حدوث الضرر وأنه إذا استغرق حدوثه بعضا من الوقت فإن تقدير التعويض
يتم فى التاريخ الذى ينتهي فيه سبب الضرر ويتحدد فيه نطاقه أى فى الوقت الذى يكون ممكنا فيه إجراء الأشغال اللازمة لإصلاح
الضرر
وهذا القضاء يعني أنه فى حالة عدم وجود اتفاق بين الخصوم
فإن حساب التعويض يتم عملا وقت تقديم تقرير الخبرة
ويأخذ القاضي أيضا فى الاعتبار التاريخ الذى تمكن فيه
المضرور فعلا من القيام بالأشغال اللازمة وإذا لم يستطع المضرور لسبب لا يد له فيه أن يقوم بالإصلاح أو بإحلال مال بديل
فإن تاريخ تقدير التعويض يكون هو التاريخ الذى أصبح فيه تنفيذ الأشغال أو الإحلال ممكنا وقد
تكون الأسباب التى تحول دون قيام المضرور بالإصلاح أو الإحلال فنية أو قانونية أو مالية
وينتقد بعض الفقه هذا القضاء لأنه من غير المنطقي أن يكون
الضرر بالنسبة لمن يعاني منه مصدرا للالتزام وإجباره على أن يدفع تكاليف الإصلاح أو الإحلال
الخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود
» "خواطر "يا حبيبتي
الجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود
» خواطر "يا حياتي "
الجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود
» الطريق الى الجنة
الأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود
» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
الأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب
» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
الأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب