حواس للمحاماه

نشكركم على اختياركم لمنتدانا و نتمنى ان تقضى وقت ممتعا و يشرفنا ان تكون احد افراد اسرتنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

حواس للمحاماه

نشكركم على اختياركم لمنتدانا و نتمنى ان تقضى وقت ممتعا و يشرفنا ان تكون احد افراد اسرتنا

حواس للمحاماه

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
حواس للمحاماه

قانوني . اسلامي - برامج . صيغ - دعاوى - معلومات

انت الزائر رقم

.: عدد زوار المنتدى :.

مرحبا بالزائرين

المواضيع الأخيرة

» التفكر في الاية 42 من سورة الزمر (رقم 39)
من أبناء مدينة رشيد الأديب والشاعر على الجارم I_icon_minitimeالخميس سبتمبر 08, 2016 10:34 am من طرف د.خالد محمود

»  "خواطر "يا حبيبتي
من أبناء مدينة رشيد الأديب والشاعر على الجارم I_icon_minitimeالجمعة أبريل 08, 2016 8:25 am من طرف د.خالد محمود

» خواطر "يا حياتي "
من أبناء مدينة رشيد الأديب والشاعر على الجارم I_icon_minitimeالجمعة أبريل 08, 2016 8:15 am من طرف د.خالد محمود

» الطريق الى الجنة
من أبناء مدينة رشيد الأديب والشاعر على الجارم I_icon_minitimeالأحد مارس 06, 2016 4:19 pm من طرف د.خالد محمود

» الحديث الاول من الأربعين النووية "الاخلاص والنية "
من أبناء مدينة رشيد الأديب والشاعر على الجارم I_icon_minitimeالأحد مارس 06, 2016 4:02 pm من طرف د.خالد محمود

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
من أبناء مدينة رشيد الأديب والشاعر على الجارم I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
من أبناء مدينة رشيد الأديب والشاعر على الجارم I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
من أبناء مدينة رشيد الأديب والشاعر على الجارم I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:04 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

» البرنامج التدريبي أكتوبر - نوفمبر - ديسمبر 2015
من أبناء مدينة رشيد الأديب والشاعر على الجارم I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 16, 2015 1:03 am من طرف معهد تيب توب للتدريب

مرحبا بك


counter globe

الاكثر زياره


    من أبناء مدينة رشيد الأديب والشاعر على الجارم

    Admin
    Admin
    Admin


    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 2987
    تاريخ الميلاد : 18/06/1970
    تاريخ التسجيل : 27/09/2009
    العمر : 53

    من أبناء مدينة رشيد الأديب والشاعر على الجارم Empty من أبناء مدينة رشيد الأديب والشاعر على الجارم

    مُساهمة من طرف Admin الأحد مايو 02, 2010 4:21 pm

    من أبناء
    مدينة رشيد الأديب والشاعر على الجارم






    هو علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم. من شعراء العصر الحديث ولد سنة 1299 هـ / 1881 م - توفي سنة 1368 هـ / 1949 م

    أديب مصري، من رجال التعليم له شعر ونظم كثير، ولد في
    رشيد، وتعلم في القاهرة وإنجلترا، واختير ليكون كبير
    مفتشي اللغة العربية بمصر. ثم وكيلاً لدار العلوم حتى عام (1942)، مثل مصر في بعض المؤتمرات
    العلمية والثقافية، وكان من أعضاء المجمع اللغوي. وتوفي بالقاهرة فجأة، وهو مصغ إلى أحد أبنائه يلقي قصيدة له في حفلة
    تأبين لمحمود فهمي النقراش.

    له (ديوان الجارم) أربعة أجزاء. وله (قصة العرب في إسبانيا) ترجمة عن الإنكليزية. وله (فارس بن حمدان)، وله (شاعر ملك).

    وقد شارك في تأليف كتب أدبية منها: (المجمل)، و(المفصل) وكتب مدرسية في النحو والتربية


    وكان يحب مدينته وكتب يقول فيها :
    جــدّدي يـــا رشيدُ للـــحـبّ عَهْدَا
    حَسْبُنا حســــــبُنا مِطالاً وصــدَّا
    جــدّدي يـــا مدينة َ السحرِ أحــلا
    ماً وعْيشاً طَلْقَ الأسارير رَغـْـدا
    جــدّدي لمحة ً مضتْ مــن شبابٍ
    مــثــل زهـر الربا يرِفُّ ويندَى
    وابعثي صَحْوة ً أغار عليها الشــ
    يْبُ حتَّى غـدتْ عَــنـاءً وسـُهـدا
    وتعالَى ْ نــعــيـشُ في جَنَّة ِ الـمـا
    ضـي إذا لم نجِدْ مـن العيشِ بـُدّا
    ذِكْرياتٌ لــو كــان للــدهـــرِ عِقْدٌ
    كـنّ فــي جِيدِ سالفِ الدهر عِقدا
    أولى قصائد الجارم كانت بعنوان
    "الوباء" عام 1895م، عندما اجتاحت

    جرثومة "الكوليرا" بلده رشيد
    وحصدت الأرواح، وقد قال فيها مخاطبًا هذا

    المكروب اللعين:
    أي هــذا الــمـكـروب مــهــلا قليلا
    قد تجاوزت في سـراك الـسـبـيلا
    لست كالواو أنت كالمنجل الحصاد
    إن أحــسـنـوا لك الـتــمــثـــيـــلا

    العلم ميزان الحياة عند الشاعر تعلم الجارم في الأزهر ودار العلوم وتخرج منها سنة
    1908، ثم بعث على انجلترا فأقام سنة بمدينة توتنجهام درس اللغة
    الإنجليزية ، وكان محبا للعلم بصورة كبيرة مرددا :
    والْعِلْمُ مِيزانُ الْحَياة ِ فإِنْ هَوَى
    هَوَتِ الْحَياة ُ لأَسْفلِ الأَدْرَاك

    ومن النوادر
    أنه في عام 1910م شاهد الضباب في إنجلترا يتكاثف، فإذا
    المبصرون أنفسهم يضلون الطريق حائرين، وإذا العميان
    يقودونهم خلال هذا
    الضباب، فكتب يقول :
    أبصرت أعمى في الضباب بلندن
    يــمـشـي فـلا يـشـكـو ولا يــتــأوه
    فـأتـاه يـسـألـه الـهـدايـة مـبـصـــر
    حـيـران يـخبـط في الظلام ويعمه
    فـاقـتـاده الأعـمـى فــســار وراءه
    أنـىّ تــوجـــه خــطــوه يـتـوجـــه

    التحق الجارم بالكلية الجامعة بـ اكستر ومكث بها ثلاث
    سنوات درس
    خلالها علم النفس وعلوم التربية والمنطق والأدب
    الإنجليزي، حصل على إجازة في كل المواد وعاد إلى مصر في أغسطس سنة
    1912 ، ثم عين مدرسا بمدرسة التجارة المتوسطة ثم نقل منها بعد سنة
    على دار العلوم مدرسا لعلوم التربية، في مايو سنة 1917 نقل مفتشا
    بوزارة المعارف..ثم رقي إلى وظيفة كبير مفتشي اللغة العربية
    وظل فيها حتي 1940 حين نقلا وكيلا لدار العلوم وظل فيها إلى
    أن أحيل إلى المعاش سنة 1942.
    ابنه أحمد علي الجارم وهو طبيب وأستاذ
    الأمراض الباطنة بكلية الطب جامعة القاهرة 1972 ، أنشأ قسم الأمراض
    المتوطنة بكليات الطب بجامعة القاهرة وطنطا والأزهر ،
    عضو مجمع اللغة العربية 2003 ، أعاد طبع الأعمال الشعرية
    والنثرية والأدبية واللغوية الكاملة للمرحوم والده الشاعر الكبير.

    كان أديبا موسوعيا متعدد المواهب، جمع بين موهبة الشعر
    والنثر
    الأدبي.. فكان شاعرًا وقاصًا وروائيًا وناقدا ولغويا
    ونحويًا وتربويًا، عاصر كبار الشعراء والأدباء مثل شوقي
    وحافظ وطه حسين ومطران، وأسهم بزاد
    وافر في مجال الشعر والقصة والبلاغة والتاريخ الأدبي ،
    تفرغ الجارم للأدب بعد إحالته على المعاش وحينما انشأ
    ..مجمع اللغة العربية كان من أعضائه المؤسسين، وكانت له جهود
    في التعريب , إذ عرب كتاب "قصة العرب في أسبانيا".

    وأسهم في التأريخ للأدب العربي بتأليفه كتاب "تاريخ
    الأدب العربي" مع آخرين، وفي مجال اللغة ألف الكثير من
    الكتب منها "النحو الواضح" و"البلاغة الواضحة",
    ترك الجارم تراثا نثريا يكاد يزيد عن تراثه الشعري كما أن بعض معاصريه اعتبروا رواياته التاريخية أهم من نثر أحمد شوقي وكان أبرزها الأعمال النثرية الكاملة التي صدرت في القاهرة عن الدار المصرية
    اللبنانية
    وتقع في 1040 صفحة تضمها ثلاثة مجلدات.

    وقال أحمد علي الجارم – نجل الأديب الراحل- في مقدمة
    الجزء الأول إن والده كتب عشر روايات، مشيرا إلى أن ما
    اعتبره تأخرا في اهتمام الدارسين بتراث الجارم يعود إلى عدم
    إتاحة أعماله لفترة زمنية طويلة، حين منعت
    الرقابة العسكرية إبان حكم الرئيس المصري الراحل جمال عبد
    الناصر إعادة
    طبع مؤلفات الجارم بالإضافة إلى "مؤامرة الصمت"
    التي حيكت حوله في هذا العهد.

    وضم المجلد الأول روايات فارس بني حمدان التي كتبها في
    العام 1945
    والشاعر الطموح المتنبي وخاتمة المطاف في نهاية المتنبي ،
    في حين ضم
    المجلدان الثاني والثالث قصتي الفارس الملثم (1949)
    والسهم المسموم التي نشرت عام 1950 بعد وفاته إضافة إلى
    روايات مرح الوليد في سيرة يزيد الأموي ، وسيدة القصور آخر أيام الفاطميين في مصر(1944)
    وغادة رشيد التي كانت في السنوات الماضية مقررة على طلاب المدارس
    الثانوية في مصر وتتناول كفاح الشعب ضد الاستعمار
    الفرنسي (1798 – 1801)، رواية هاتف من الأندلس (1949) وشاعر ملك قصة المعتمد بن
    عباد إضافة إلى ترجمته عام 1944 لكتاب المستشرق البريطاني
    أستانلي لين بول وعنوانه "قصة العرب في إسبانيا".

    كما ترك الجارم أعمالا مثل المعارضات في الشعر العربي،
    شارك في تأليف كتب أدبية منها المجمل في الأدب العربي،
    المفصل في الأدب العربي، النحو الواضح في 6 أجزاء
    بالاشتراك مع زميله الأستاذ مصطفي أمين إبراهيم، البلاغة
    الواضحة جزآن بالاشتراك مع زميله الأستاذ مصطفي أمين إبراهيم أيضا، علم
    النفس وآثاره في التربية والتعليم بالاشتراك مع نفس الزميل وكان هذا الكتاب من أوائل الكتب التي ألفت بالعربية في علم النفس .

    أبيات تقطر حباً للإسلام

    كان الإسلام محورًا لأغلب أعمال علي الجارم، إذ استوحى في
    رواياته
    وقصصه وأشعاره العديد من المعاني القرآنية، واستمد من
    السيرة النبوية المطهرة والتاريخ الإسلامي أروع
    إبداعاته، مثل "هاتف من الأندلس" و"غادة
    رشيد" و"الشاعر الطموح".
    نقرأ له جزء من قصيدة يشدو فيها حبا للإسلام والنور الذي
    عم البشرية بسيد الخلق محمد – صلى الله عليه وسلم - تقول :
    أطـلـّـت على سُحبِ الظلامِ ذُكـاءُ
    وفُـجـِّرَ مـن صـخـرِ التنـُوفة ِ مَاءُ
    وخُــبــّرت الأوثـــانُ أنَّ زمانَـهـا
    تــولـى ّ وراحَ الـجـهـلُ والجهلاءُ

    فما سجدت إلاّ لذي العرشِ جـبهة
    ولــــم يَــرتـفـعْ إلاّ إلــيـه دُعـــَاءُ
    تبسم ثغرُ الصبحِ عن مولدِ الهُدى
    فـــللأرضِ إشــراقٌ بــه وزُهــاءُ
    وعادت به الصحراءُ وهـي جديبة
    عـلـيـهـا مـن الـدينِ الجـديد رُوَاءُ
    ونافـست الأرضُ السماءَ بكوكـبٍ
    وضـِيء الـمـحـّيا مـا حَوَتْه سماءُ
    لـه الـحـق والإيـمـانُ بــاللّه هــالة
    وفـي كـلِّ أجـواءِ الـعـقولِ فَضاءُ
    تــألــّق فــي الـدنـيا يُزيـح ظلامَها
    فـــزال عـمى ً مــن حولهِ وعَماءُ
    وردّ إلــى الـعـُـرْب الــحـَيـاة وقـد
    مـضى عليهم زمانٌ والأمامُ وراءُ



    ويقول :

    عــجبـتُ لأمرِ القومِ يحمونَ ناقـة
    وســاداتـهــم مــن أجـْلـِهـا قُتلاءُ
    بدا في دُجى الصحراء نورُ محمدٍ
    وجـلجـلَ في الصحراء منهُ نِداءُ
    نــبـيُ بـه ازدانـت أبـاطـِحُ مــكـة
    وعــزَّ بـــهِ ثــَوْرٌ وتـــاه حِــرَاءُ
    ُنادي جريء الأصغريْن بــدعـوة
    أكـبَّ لهـا الأصـنـامُ والزُعــمـاءُ
    دعـاهـم لـربٍ واحـدٍ جـلَّ شـأنــه
    له الأمرُ يولى الأمرَ كيف يَـشاءُ
    الجارم ..عروبة حتى النخاع

    لقد كان علي الجارم عاشقًا للغة القرآن الكريم، احتفى بها
    في زمن سعى
    الاستعمار فيه إلى الحد من قوتها عبر عمليات غسيل مخ
    لأدمغة أناس، اعتقدوا أن لغتهم تحول دون التقدم، فدعوا إلى
    إحلال الحروف اللاتينية محل حروفها، وكان يرى أن اللغة العربية
    هي المدخل الطبيعي لوحدة الأمة العربية، فهو القائل :
    نـــــــزل القرآن بالضاد فــــلـــو
    لــــــم يـــــكن فيها ســــواه لكفاها

    ولعل من أبرز قصائده قصيدة "العروبة" التي جاءت من 77 بيتا، وألقاها في مؤتمر
    الثقافة العربي الأول الذي أقامته الجامعة العربية في لبنان عام1947م،
    وجاء فيها :

    تــوحـد حـتتى صـار قـلـبـا تحوطـه
    قـلـوب مـن الـعـرب الكرام وأضلـع
    وأرسـلـهــا فـي الخافـقـيـن وثـيـقــة
    لها الحـب يـمـلـى والـوفــاء يـوقـــع
    لقد كان حلما أن نرى الشرق وحـدة
    ولـكــن مــن الأحـلام مــا يــتــوقــع
    ويقول :

    بــــنــــي العروبة إن الله يـجمعـنـا
    فلا يفرقنا فـــــي الأرض إنــسـان
    لــــــنـــا بها وطـن حـر نـلـوذ بـــه

    إذا تنـاءت مــســافــات وأوطـــان

    ويقول أيضا :

    بــلــغ العـرب بالبلاغة والإســلام
    أوجــــا أعــيــا عــلــى كــيـــوان
    لبسوا شمـس دولـة الفـرس تـاجــا
    ومــضـوا فـي مـغافــر الــرومـان
    وجروا ينشرون فـي الأرض هديا
    من سنا العـلـم أو ســنــا الــقــرآن

    نستمع له في افتتاح دورة الانعقاد
    الثالث لمجمع اللغة العربية يردد
    :



    جــزيــرة أجـدبـت فـي كــل نـاحـية
    وأخصبت في نواحي الخلق والأدب
    جــدب بــه تـنـبـت الأحـلام زاكـيـة
    إن الـحجـارة قـد تـنـشـق عـن ذهب
    تـود كـل ريـاض الأرض لو منحت
    أزهـارهـا قـبـلـة مـن خـدهـا التـرب

    كان علي الجارم كما وصفه معاصروه شاعر العروبة والإسلام،
    فقد عايش
    قضايا أمته وتفاعل معها، وجاءت أروع النماذج الشعرية
    معبرة عن انتمائه الوطني والقومي والإسلامي، فنجد قصيدته
    "فلسطين" التي بلغت ثلاثة وسبعين بيتًا، منها :

    نفـسـي فداء فلسطين ومـا لقيـت
    وهل يناجي الهـوى إلا فلسطيـنا
    نفسي فداء لأولى القبلتين غـدت
    نهبا يزاحــم فــيه الذئـب تـنـيــنا

    ويقول :

    ومصرُ والنيلُ ماذا اليْومَ خطبُهما
    فــقـد سَرى بحديثِ النيلِ رُكْبان
    كنانة ُاللّه حصنُ الشرقِ تُحرســُه
    شِيبٌ خِفافٌ إلــى الْجُلَّى وشُبَّان

    ويستعرض الجارم في مقدمته حياة وآثار العرب في الأندلس
    التي يراها
    عجيبة ومثيرة أيضا حيث يشير إلى أن العرب عاشوا في الفتن
    نحو 800 عاما قل أن تستطيع أمة سواهم البقاء في مثلها
    وينفي الجارم على سبيل المثال عن العرب تهمة الهدم وعدم
    التحضر مشددا على أن الهدامين لآثارهم ومدنياتهم إنما هم
    أعداؤهم من البربر والإفرنج والتتار.

    شاعر إنسان

    كتب الجارم أشعارا كثيرة في وصف الطبيعة الغناء بربوع
    الوطن العربي
    وجمالها ولعلنا نختار واحدة من أروع ما سطر يخاطب فيها
    طائر بقوله :

    طائـرٌ يـشـدو عـلـى فـنـن
    جدَّد الذكرى لذي شـــجــن
    قــام والأكــوانُ صامـتــةٌ

    ونسيمُ الصُّبْحِ فـي وَهــــَن
    هاج في نفسي وقـد هدأت
    لـوعـةً لــولاه لــم تــكــــن ْ
    هــزَّه شـــوقٌ إلـى سـكـنٍ
    فـبـكـى للأهـل والـسـَّكـــَن
    وَيْــكَ لا تـجــزعْ لـنـازلـةٍ
    ما لطيرِ الـجـوِّ مـن وطــن

    أما الموت فيقول عنه :

    إن جرد الموتُ نصلاً ما صَمدت لـه
    فــطالَـمـا رَدَّ نـصـلٌ مـنــك أرواحـا
    قــد كـنـت تـَهزِمُه فِــي كــل مُعْتَـركٍ
    يـزاحـم الشَّمـسَ أسـيـافــاً وأرمـاحـا
    وكان جَرْحُك يأسو كلَّ مــا جـرحَـتْ
    يَـدُ الـزَّمـان ويَحيـَى كـلَّ ما اجتاحـا
    الــيـــومَ يَــثْـــأَرُ والأيـــامُ عُـــدّتُــــه
    لا الطبُّ يُجدي ولا الجرَّاح جراحـا

    جوائز حصل عليها


    قدر العالم العربي على الجارم حق قدره فمنحته مصر وسام
    النيل 1919
    والرتبة الثانية سنة 1935 ، انعم عليه العراق بوسام
    الرافدين سنة 1936 وانعم عليه لبنان بوسام الأرز من رتبة
    كومندور سنة 1947 ، توفي بالقاهرة
    فجأة وهو مصغ إلى أحد أبنائه يلقي قصيدة له في حفل تأبين
    محمود فهمي
    النقراشي وذلك عام 1949م .

    قالوا عنه : معاصروه من الأدباء : شاعر العروبة والإسلام

    الأديب الكبير عباس العقاد في تقديمه لديوانه الشعري :
    "الجارم عالم باللغة، وعالم مع اللغة بفنون التربية
    وفروعها، وهو الشاعر الذي زوده الأدب والعلم بأسباب الإجادة
    والصحة، فكان شعره زادا لطالب البيان في عصره، ومثالاً
    صالحًا للثقافة التي أسهم فيها بأدبه وعلمه".

    الدكتور حلمي قاعود : " علي الجارم شاعر وواحد من مدرسة البيان في النثر الحديث .

    الناقد محمد أبوبكر حميد : كانت شاعريته تكمن خلف وقوفه عند أعلام شعرنا
    القديم، مثل ابن زيدون في رواية (هاتف من الأندلس) والمعتمد بن عباد في
    (شاعر ملك) والمُتنبي في (الشاعر الطموح) و(خاتمة
    المطاف الشاعر
    الكبير علي الجارم رحلة الحياة والريادة بقلم: إبراهيم أمين الزرزموني



    الشاعر والسياسة
    والحرب
    :
    لم يكن الجارم سياسيا، فلقد
    كان يكره السياسة ، ولذا فانك لا تجد أثرا
    للسياسة والأحداث السياسية فى شعره إلا فى
    القليل النادر، ولم يكن موقف
    الجارم السياسة هروبا بقدره ما كان اقتناعا،
    إذ كان شخصا مسالما لا يجيد

    ما تتطلبه السياسة من مكر،
    ومداورات وغيرها
    . ولم
    تكن علاقاته بأهل السياسة لاهتمامه بالسياسة ، وإنما كانت لصداقات
    ،وصلات ، فعلاقته بسعد زغلول ، لأنه زعيم الأمة ،
    وكان يزور الجارم ،

    فيرحب به الجارم ، فيقول له سعد
    : جول يا بلدياتى
    . وكذلك
    علاقته بطلعت حرب ، حيث " فوجئ مرة بزيارة طلعت حرب له فى مسكنه
    بالسلحدار،
    ففرش له ( ملاية ) على (الدكة ) وأجلسه عليها
    ...."( ) .
    ويرى الدكتور محمد عبد المنعم
    خاطر أن الفقر هو السبب الرئيسى لابتعاد
    الجارم عن السياسة ، حيث يقول : " كان
    يكره السياسة ، ولا يحسنها .. لأنه
    كان فقيرا ، ولم يكن عنده إيراد خارجى يكفيه
    عندما تجر عليه السياسة

    ويلاتها فيفقد وظيفته مثلا
    "( ).
    وما أراه أن الجارم
    - كما سبق - ابتعد عن السياسة ، لأنه لم ينشأ سياسيا ،

    ولأن نفسه لم تكن مهيأة
    للسياسة ، ولم يكن - كشخصية مسالمة وادعة – ليورط نفسه فى مواقف سياسية حادة ولم
    يكن الفقر عائقا أمامه ، وهل كان الفقر
    عائقاً أمام حافظ ، أو العقاد ، اللذين
    نالهما شيء غير يسير من أذى

    السياسة ؟! ولم ينضم الجارم إلى حزب من الأحزاب "
    ولم يتصل بزعيم مؤيدا ، أو معارضا
    طلب منه أن ينضم لحزب الوفد فأبى ، واتصل به
    مكرم عبيد لينضم إلى حزب
    الكتلة فامتنع ... " ( ) ، وكان الجارم يمدح
    الزعماء الذين لهم دور وطنى
    بارز، وذلك دون النظر إلى أى الأحزاب ينتمون . وأما من علاقاته برجال القصر، فقد أشرنا إلى
    أنه ولد ومات فى ظل الاستعمار
    الكئيب ، ولد فى عصر توفيق ، وأظلته عهود كل
    من عباس الثانى، حسين كامل ،
    فؤاد، فاروق ، وقد مدح حسين كامل بقصيدة
    حماسية عند زيارته لدار العلوم
    ( ) . ثم مدح كلا من فؤاد، وفاروق ، بقصائد عديدة ، وخصوصا
    الملك فاروق ، ولن
    نكون مع الذين اتهموا الجارم بأنه كان يهدف من وراء
    مدحه لمنصب ، أو رتبة
    ، لأن الرجل ما نال
    مكانته إلا بإخلاصه فى العمل وحبه للغة قومه ، وأما

    رتبة البكوية فكان يحصل عليها
    أى موظف يحال للمعاش ولم تكن قصرً على
    الجارم وحده"( ) . يقول ا الأستاذ محمد الغزالى حرب : "
    فعندما مدح الجارم هذين ا لملكين
    ( فؤاد وفاروق )، كان بمدحهما باعتبار أنهما على قمة
    المجتمع الذى يعيش ف ، وكأنه كان يفاخر بهما غيرهما من المجتمعات الأخرى ، وكان
    الملك فى نظر

    الشاعر مرادفا للوطن ، فكان
    يمدح الملك ، وعينه على مصر فى حضارتها
    وثقافتها ونهضتها المأمولة "( ). ولقد
    كان الملك تركيا لا يفهم الشعر ولا
    يثيب عليه .



    ونحن إذا ما تأملنا أية قصيدة
    فيها مدح لهذين الملكين ، سنجد الكلام عن
    الملك محدودا وسنجد القصيدة تتناول أغراضا
    شتى فقد يصف الربيع ، أوقد
    يفتخر بشعره ، ويتوجه للشباب بالنصيحة فيدعوه للتحضر،
    والتطور، والتمسك
    بفضائل الأخلاق ، والأعمال ، أما نصيب الملك فأبيات
    معدودة محدودة
    . ولنأخذ
    مثالا قصيدة (عيد الجلوس الملكى)( ). نظمها الجارم سنة 938ام ،
    بمناسبة تولى
    فاروق سلطته الدستورية ، يبدؤها الجارم بفخر بشعره فى ثمانية
    أبيات ، ثم يتحدث عن الشعر كعاطفة وفكرة
    ودور فى المجتمعات فى سبعة عشر
    بيتا، ثم يمدح الملك ، ثم يذكر مصر فى بيتين
    ، ثم يفخر بشعره فى بيتين ،
    ثم يصف النيل ، والربيع فى ثلاثة أبيات ، ويختم قصيدته
    بالدعوة للعلم
    فالقصيدة كلها سبعة وخمسون بيتا منها ثلاثة وثلاثون
    بيتاً بعيدة من الملك
    ، وأربعة وعشرون للملك
    " وهكذا لو راجعت أى قصيدة " ملكية " وجدت فيها
    أغراضا أخرى
    كثيرة جال وصال فيها الشاعر كيفما أراد، وعبر عن شاعريته
    بحرية كاملة ، ولم يتقيد أبدا بالغرض
    الأساسى من نظمها . وفى أغلب الظن أن
    النقاد الذين عابوا على الجارم ملكياته قد
    قرأوا عناوين هذه القصائد ولم
    يقرءوا القصائد والشعر نفسه"(
    ).
    ومن هنا فإننا لا نرى أن
    الجارم قد استفاد من القصر، كما أنه لم يستفد من
    السياسة بل كان يرثى الزعماء السياسيين من
    أصدقائه ، أومن الوطنيين الذين
    لهم مواقف يقدرها، ولقد تجمعت فى شخصية (سعد
    زغلول ) الصفات التى كان يطمح
    إليها الجارم فى الوطنى المخلص ، وبعد وفاة
    سعد تفرقت الأهواء، وتعددت

    الأحزاب ، فنأى الجارم بنفسه
    عن كل هذا






    وإذا ما تصفحنا ديوان الجارم الضخم ، نجده صديقا للجميع ما داموا فى خدمة مصر يعملون
    لتحقيق أهدافها، فنجده يمدح مصطفى النحاس باشا ، بقصيدتين
    كرئيس حزب الوفد، ووطنى كبير( ). ثم انحرف
    النحاس - فى نظره - فأرسل إلى
    عامل المطبعة وأحضر القصيدة وأعدمها "(
    ). وذلك يدل على أن الجارم يمدح ،
    ثم ينسحب لمصلحة الوطن فقط ، ثم رثى الجارم
    (محمد محمود ) زعيم حزب
    الأحرار الدستوريين عام 1941، ورثى محمود فهمى النقراشى
    رئيس السعديين
    1949م . فلقد عاش الجارم مخلصاً لمصر، وأبنائها بعيداً عن التيارات والفتن وليس أدل على
    إباء الجارم من أنه طلب منه " مدح الملكين فاروق ، وعبد العزيز آل سعود حين
    زيارة الأخير مصرسنه 1947م فاعتذر
    " ( ). وعندما تبين فساد الملك السابق (فاروق ) -
    فى أخريات أيامه – فترت عاطفة
    الجارم وابتعد عن مدحه ، والقليل الذى صاغه
    بارد العاطفة لا يدل إلا على

    أن الشاعر غير مقتنع بممدوحه . ولقد صرح الجارم نفسه بأنه يرفض أن يعيش من
    شعره ، فهو يخبئ شعره عمن لا يفهمه ولا يقدره
    يقول :


    وخزنت
    الغريب من مرجانى
    فى كساد القريض أخفيت درى
    سوى أن أعيش من أوزانى وتمنيت كل شىء
    على الله

    ج جدب الثرى على الفنان( )
    كل شبر بمصر خصب على الهرا



    وقال فى موضع آخر :
    م وأجدر بشعرنا أن يصانا قد حبسنا
    المديح عن كل مستا

    ح لوى الشعر رأسه فهجانا( )
    لو مدحنا من لا يحق له المد



    وأما عن علاقة
    الجارم بالحرب
    ، فإنها مأخوذة
    من سمت حياته العامة ، فلقد
    قلنا، إنه شخصية مسالمة وادعة ، ينشر المحبة ، ويصلح
    بين المختلفين ، يخلص
    لعمله ، وفنه أشد الإخلاص . إذن ، فليس غريبأ أن يقف
    الجارم من الحرب موقفاً شديد العداء -، وقد صرح - فى شعره - بذلك فقال
    :
    ليس لى فى الظبا ولا فى النصال أنا فى السلم
    عبقرى القوافى

    ويرتاع من حفيف النبال أنا شعرى
    كالطير يفزعه الفخ

    راكب رأسه وبين نضال( )
    لا تعيش الفنون بين كفاح



    فالشاعر عبقرى فى وقت السلم ،
    فشعره طير مغرد يخاف الفخاخ ، ويخشى القنا،
    ويرهب النبال والسيوف ، وهو معلل ذلك بأن
    الحرب تدمير، والفنون لا تعيش
    إلا فى السلم .



    وقد وصف الجارم الحرب فى شعره وصفاً
    بليغاً، ليكره فيها، وينفر منها،
    فنجده فياض الشاعرية بسبب الحرب العالمية
    الأولى سنة 1914 ، فيكتب قصيدة
    الحرب ) فى اثنين وخمسين بيتاً يصور فيها
    ويلات الحروب ، وأثرها المدمر
    لما أبدعته يد الإنسان من تحضر ورقى، ومنها
    قوله

    وأصبح البحر بها مترعا قد غصت الأض
    بأشلائهم

    وآن للحيتان أن تشبعا وآن للعقبان
    أن تكتفى

    وصولة الألغام لن تدفعا (
    )
    ضواعق المنطاد لا تتقى



    ثم يصف الحرب أيضا فى قصيدته
    (الحب والحرب )، عام 1916م( ). ويحتفل الشاعر
    بيوم السلام صباح إعلان انتهاء الحرب
    العالمية الثانية حيث يصور الحرب
    قائلا :
    وشر بمن عليها أريدا إنما الحرب
    لعنة الله

    قى فيها فوج صاحت تزيد المزيدا (
    )
    ذكرتنا جهنما كلما ألـــ



    ثم يصف فرحته وفرحة شعره بانتهاء الحرب
    قائلا
    :



    ـون وهزى أعطافه تغريدا فاسجعى يا
    حمامة السلم
    للكـــ
    ـشر وأضحى نوح الثكالى نشيدا غردى فالدموع
    طاح بها البـــ

    أسمعت الرتيل والترديدا واسمعى إن فى
    السماء لحونا




    وصف الشاعر وأخلاقه
    :

    وصف الشاعر نفسه فى شعره فقال - وهو يتذكر شبابه بدار العلوم :
    وعاد الصبا نضير الإهاب فكأنى أرى
    الزمان وقد دا

    ـحشد فى جحفل من الطلاب وأرى الجرام
    الفتى يقود الـ

    غير ما واجل ولا هياب واثبا لا هيا
    لعوبا ضحوكا

    ـب سوى أن تهاب خوض الصعاب واثقا بالإله
    ليس يرى الضعـ

    فى وهاد ومرة فى هضاب قهو كالطائر
    تالطليق فحينا

    مال فى صدره نسيج العباب (
    )
    يحمل الكتب فى الصباح وللآ



    فلقد كان الجارم - فى شبابه –
    طويلاً ، ممشوق القوام ، كثير الحركة ، دائم
    الإطلاع ، وها هو ذا يصف نفسه بأنه فتى،
    قائد للطلاب ، يذهب ويجيء فى
    حماسة ، وعنفوان ، يثق بالله- تعالى - فلا
    يخاف ولا يرهب ، فهو طائر مغرد
    لعوب متنقل بين جبال وهضاب ، يحمل كتبه
    وأماله ؟ فهما سبيل مجد وعلو شأنه
    . ويصفه أستاذه الأستاذ أحمد العوامرى بك قائلاً : "
    وبهرنى من الجارم أول
    ما بهرنى ، شباب رائع كأتم ما يكون الشباب بهاء وروعة ،
    ثم حيوية فائقة
    يزينها مرح ، ودعابة عذبة هذبتها طبيعة سليمة ، حتى لقد
    كان يبعث فى مجلسه

    ، وبين أقرانه ، بل فى الدرس نفسه من فكاهاته ، ومداعباته ما يجلو
    عن
    النفس صدأ
    الملل . وغريب أن يلازمه هذا المرح طول عمره : ما رأيته مرة
    مطرقاً، ولا واجماً، ولا مكتئباً، ولا
    ساهماً .. وغريب - أيضا - أن المرض
    نفسه لم ينل من تلك الروح المتفائلة
    المستبشرة ، فظل يطرفنا بملحه فى
    جلسات المجمع، ويرفه منا، ويذود عنا سأم
    الجدل ، وعنت المناقشة حتى آخر
    جلسة قبل وفاته بيوم واحد"
    ( ).




    ويصفه الأستاذ العقاد قائلاً :
    " كان على الجارم زينة المجالس - كما كان
    يقال فى وصف الظرفاء من أدباء الحضارتين
    العباسية والأندلسية - تجلس إليه
    ، فتسمع ما شئت من
    نادرة أدبية ، أوملحة اجتماعية ، أو شاهد من شواهد
    اللغة ، أو نكتة من نكت الفكاهة....
    "( ).




    ويقول الأستاذ أنيس منصور:
    " فالذين يعرفون الجارم يجدونه ظريفاً يعرف ما لا نهاية له من النكت الأدبية
    ، أو النوادر التاريخية
    "( ).
    إذن فالجارم كان فتيا نشيطا،
    مثقفاً ، ذا ظرف ، ونكتة ، وروح مرحة حتى فى أحلك ظروفه وحتى فى أخريات حياته
    .



    وأما عن الأخلاق فإنه يقول:
    وثنيت عن لهو الصبابة جيدى إنى طرحت من
    الشباب رداءه

    وجعلت مأثور تالبيان عقيدى( )
    واخترت من صحف الأوائل صاحبى



    ويقول أيضاً : فرأينا الأخلاق باب النجاة (
    )
    قد ولجنا الحياة من كل باب



    إذن فلقد اختط الجارم لننسه
    الأخلاق طريقاً، ومنهجاً، وسلوكاً، وذلك منذ

    نعومة أظفاره ، يمجد الأخلاق ،
    ويدعو الشباب ليتمسك بها، ويعظم الحياء،

    ويدعو الفتيات ، ليتمسكن به :
    فهو بالغادة الكريمة أولى واجعلى شيمة
    الحياء خمارا

    إن تنأى الحياء عنها وولى ليس للبنت فى
    السعادة حظ

    كل ثوب سواه يفنى ويبلى( )
    والبسى من عفاف نفسك ثوبا



    ولعل هذه الروح الأخلاقية
    أساسها أسرته المتدينة ، ونشأته الدينية ، وحفظه
    للقرآن الكريم ونسبه للرسول -
    r -
    فلم يكن يشرب الخمر، وليس
    فى شعره بيت
    واحد فيه تمجن واستهتار، " وحرص الجارم - عند
    تكوينه لآسرته - على التمسك
    بمكارم الأخلاق ، والحفاظ على مبادئ الدين والشرع ، فلا
    شرب لخمر، ولا
    ارتياد لأماكن اللهو، وحرص طوال حياته على تجنب الشبهات
    ، فكان مثالا
    وقدوة لتلاميذه فى التمسك بمبادئ الأخلاق ، والدين ،
    والسلوك القويم ،
    والعمل الجاد من أجل رفعة مصر، ومستقبلها، حتى يمكننا
    القول بحق إنه كان

    شاعر الأصالة والأخلاق الكريمة"
    ( ).
    وليس أدل على حرصه على
    التمسك بالأخلاق من هذه الحادثة الطريفة التى
    يرويها الدكتور محمد عبد المنعم خاطر حيث
    يقول : " ولعل هذا الاتجاه
    الأخلاقى الدينى عنده هو الذى جعله يقف فى
    طريق (نجيب محفوظ ) حينما تقدم
    بثلاث من رواياته إلى مسابقة الرواية التى يقيمها
    المجمع اللغوى ، وكانت
    الروايات ( القاهرة الجديدة ، خان الخليلى، زقاق المدق
    )، واستقر رأى
    أغلبية أعضاء اللجنة على أن تكون الجائزة لرواية (زقاق
    المدق ) ما عدا
    عضواً واحداً رفضها رفضاً باتا، بل هدد بالاستقالة ،
    كان ذلك العضو
    هرالمرحوم الأستاذ (على الجارم )، وكان رفضه مبنيا على
    أن رواية زقاق
    المدق تضم عدداً كبيرا من الشخصيات ذات الأخلاق الفاسدة
    ، وأنها لا يمكن
    أن تحظى بجائزة من هيئة موقرة كالمجمع اللغوى ، وأن
    صاحبها يستحق العقاب
    اكثر مما يستحق التقدير ......"( ).



    وأيضا - عندما ابتلى الجارم
    بوفاة نجله البكر سنة 1935م بحمى التيفود، صبر
    الرجل ، ولم يجزع ، وظهرت أخلاقه ، وإيمانه
    العميق ، ولم ينطق بما يدل على
    عدم استسلامه للقضاء . ولذا فقد كانت غاية الفن عنده – ( أخلاقية )
    ، يدعوه من خلال شعره الشباب والناشئة للأخلاق ، وللتمسك بالدين ، ولخدمة أوطانهم
    : عزم الشباب ويهدى ليلة السارى (
    )
    أعددته قبسا يذكى توقده ويقول عن شعره
    – أيضاً
    - ولو عرف الرياء لمات عبدا تلثم بالإباء
    فعاش حرا
    ويحشد
    رابض العزمات جندا
    يهز حمية الفتيان نصلا كنيران " الكليم " هدى
    ورشدا
    ويشعل
    فى القلوب وميض نار
    وبالصنع الجميل إذا تبدى ( ) ويشدوا بالمروء إن تراءت كذلك كان
    الجارم بطبعه " أسريا حريصا على أسرته المحافظة ، وأولاده السبعة وحريصا لعى
    تنشئتهم وتربيتهم وتعليمهم وتثقيفهم
    " ( ).

    نهاية الدورة
    :
    يقول الأستاذ أحمد الشايب :
    " وإلى هنا كان الجارم قد اتخذ وضعه الأخير فى
    الحياة الأديبة ، فهو شاعر غنائى يتغنى
    عواطفه ، وهو شاعر ملكى متصل
    بالقصر، وهو شاعر رسمى يقول فى ا لمواقف
    الحكومية ، وهو شاعر قومى يتناول
    الشئون الوطنية ، وهو شاعر عربى يتصل ببلاد
    الشرق العربى، وحوادثه ،
    ومؤتمراته ، ورجاله ، كما يتناول بعصر الشئون العامة ،
    فحل بذلك محل شوقى
    وحافظ ، وقد شاركه - فى بعض ذلك - بعض الشعراء ، ولكن
    الجارم كان أبعد
    صيتا، وأوسع مجالا ، لنصاعة أسلوبه ، وجمال موسيقاه ،
    وجودة إلقائه . ثم
    توافر له مع اجتهاده ذلك أن يتخذ معانيه من الواقع فلا
    يلجأ للمعانى

    العامة دائمأ . ولذلك كان عهد فاروق (من سنة 1936م حتى وفاة
    الشاعر سنة 1949) أخصب عهود
    الشاعر إنتاجاً ، وأكثرها أبواباً ، لطول المدة ، وتعدد
    الحوادث
    والمناسبات
    ، وفراغ الشاعر لهذه المواقف - لحد ما - ولا سيما بعد أن أحيل
    على المعاش
    سنة 1940
    "( ).
    ويصف ناقد آخر الفترة نفسها
    فيقول : " كانت أخصب المراحل بالأشعار
    الجارمية التى توهجت بنيران الآلام ،
    والأوجاع ، واستطاعت أن تصبر، وتصابر حتى آحالت الآلالم آمالا، والأشواك وردا ، و
    الدموع بسمات
    "( ).
    وإذا كان الأمر كذلك ، فإنا
    متعرضون - فى عجالة - لأهم القصائد التى تميز
    المرحلة الأخيرة من شعر، ومن حياة الجارم
    منذ أحيل للمعاش 1942، إلى وفاته
    1949م ففى عامى 1943، 1948تفيض شاعرية الجارم بقصيدتين فى
    مدح الرسول
    الأعظم محمد r الأولى : قصيدة (محمد رسول الله ) بمناسبة الاحتفال
    بالمولد

    النبوى الشريف ، ومنها قوله تنكبت الدنيا بهم وتنكبوا محمد ، أنقذت الخلائق بعدما فدان له سر
    الوجود المحجب
    وأطلقت عقلا كان بالأمس مصفدا من الصبح أهدى أو من النجم أثقب (
    )
    وبلغت آيات ، روائع لفظها
    وأما القصيدة الثانية ( أبو
    الزهراء ) ومنها قوله
    : وجلجل فى الصحراء منه نداء بدا فى دجى
    الصحراء نور محمد
    وعز به نور وتاه حراء نبى به ازدادت أباطح مكة له الأمر يولى
    الأمر كيف يشاء
    دعاهم لرب واحد جل شأنه سماح ورفق شامل ووفاء ( ) دعاهم إلى دين من النور والهدى ثم يقام حفل
    حاشد يصم زعماء الأقطار العربية سنة 1944م بمناسبة إنشاء
    جامعة الدول العربية ، فيصدح الجارم مغردأ
    بقصيدة (الجامعة العربية ) التى
    ألقيت فى هذا الاحتفال ، ومنها أبياته
    المشهورة
    : وليس لمن
    رام الكواكب مضجع
    صحا الشرق وإنجاب الكرى عن عيونه فنهضة الكبرى أجل وأروع إذا كان فى
    أحلام ماضيه رائعا
    قلوب من العرب الكرام وأضلع توحد حتى صار قلبا تحوطه لها الحب يملى
    والوفاء يوقع
    ( ) وأرسلها
    فى الخافقين وثيقة
    وفى عام 1945م تحتفل مصر بعيد جلوس الملك فاروق آخر ملوك
    مصر فينشد الجارم
    : وبشير
    وحدتها وزيد كفاحها
    فاروق أنت فتى العروبة وأبنها أقوى وأصلب من حديد رماحها جمعت فرقها
    فأضحت أمة
    ضاق
    الزمان وطبه بجراحها
    ( ) وشفى الزمان جراحها ولطالما وفى عام 1948م تدخل الجيوش العربية - وعلى
    رأسها جيش مصر- فى حرب مع
    عصابات صهيون ، فيكون النصر للعرب . وجيش مصر- فى
    البداية -، ثم يحدث ما
    حدت من خيانة ، وأسلحة فاسدة وتآمر، ومتاجرة بمقدرات
    الأمم والشعوب ،
    فينفعل شاعرنا معجباً بما حققه جيش مصر من انتصارات
    فيسجل ذلك فى قصيدة
    فلسطين ) بعد الانتصارات المصرية مباشرة ومنها :
    وهل يناجى الهوى إلا فلسطينا نفسى فداء
    فلسطين وما لقيت

    نهبا يزاحم فيه الذئب تنينا نفسى فداء
    لأولى القبلتين غدت

    ونكفى بدموع فى ماقينا ؟ أترضى أن نرى
    ميراثنا بددا

    الله صور فيها الذل والهوانا ما قيمة النفس
    إن هانت لطائفة

    إذا تهدم كانوا يشيدونا (
    )
    وما نقول لأبطال لنا سلفوا



    والحق أنها قصيدة رائعة ، بل
    درة يتيمة فى شعرنا العربى كله ، صور الجارم
    فيها (فلسطين ) بأنها أولى القبلتين ، وأرض
    النبيين ، ثم صورها أندلسا
    تضيع مثل الأندلس الضائع ، وعرض فيها صورا غير مسبوقة
    لإسرائيل ساخراً من
    دولتها، وعقيدتها، وأصلها، وأهاب صارخا بالعرب أن
    يتحدوا ليجددوا مجد
    عمرو، وخالد، وسعد، وليعيدوا صلاح الدين حياً أمام
    الناس
    . ويعلق أحد
    النقاد على قصيدة فلسطين للجارم قائلا: قصيدة فلسطين ، بل
    معلقته الرائعة التى بلغت ثلاثة وسبعين بيتا
    ... وكانت هذه المعلقة الفذة
    قبل رحيل الشاعر العربى العملاق إلى جوار
    ربه بأشهر معدودات ... وإن
    التاريخ ليسجل له بحروف من مجد وفخار أنه – وهو يحيى
    الجيش المصري بهذه
    التحية الكبرى – لم يلتفت فى بيت واحد منها أدنى التفات
    إلى القائد الأعلى
    لجيش وهو الملك السابق فاروق .. وما أروع استهلاله لهذه
    المعلقة العصماء
    لتى لا أعرف لها مثيلا مما قاله جميع الشعراء
    ... " ( ).



    للعروبة
    نصيب كبير فى شعر الجارم (على ما سيأتى تفصيله )، حيث اشتهر بأنه
    شاعر العروبة
    التى عاش مخلصاً لها، مدافعا عنها، داعيا لها، واتخذ هذا
    الحب للعروبة أشكالا عديدة من حب الدين ،
    وحب الوطن ، والدعوة للوحدة
    العربية التى كانت حلما كبيرا جميلا فى خيال الشعراء
    قبل أن تطرق فكر
    الساسة ، ومن الدعوة لحب اللغة العربية ، والتمسك بها،
    وحمايتها من
    الهجمات الشرسة التى قادها الاستعمار، وأعوانه
    باعتبارها - مع الدين – أهم
    عوامل الوحدة العربية .
    وفى عام 1947م يكتب الجارم
    قصيدة (العروبة ) بمناسبة زيارته للبنان مدعوا
    من جامعة الدول العربية ، لحضور مؤتمر
    الثقافة العربى الأول ، فألقى
    قصيدته فى المؤتمر، وهى من درر الجارم التى
    تبلغ سبعة وسبعين بيتا، حيث
    يبدأ بالغزل الرقيق ، ثم يسير مع مجد العروبة التليد،
    ثم حاضر العروبة
    الممزق ، ويستعرض أسباب هذا التمزق من استعمار، وأطماع
    شخصية ، ويأمل
    الشاعر أن ينبذ الحكام خلافاتهم من أجل اتحاد أمتهم :

    فلا يفرقنا فى الأرض إنسان بنى العروبة
    إن الله يجمعنا

    إذا تناءت مسافات وأوطان لنا بها وطن
    حر نلوذ به

    وجمع القوم إنجيل وقرآن غدا الصليب
    هلالا فى توحدنا

    وكلنا فى رحاب الشرق إخوان (
    )
    أواصر الدم والتاريخ تجمعنا



    وفى نهاية الدورة يضعف القوى ،
    ويضحى الشباب شيبا، ويمسى القوى ضعيفا
    . إنها سنة
    الحياة ، حيث تصطلح الأمراض على الشاعر - وقد كان ضعيف المقاومة
    للأمراض -،
    فنجده يتجه للنثر أكثر من الشعر، ويوصيه الأطباء المعالجون بأن
    يمتنع عن
    القراءة والكتابة ، فيسخر من هذه الوصية ، وأنى لمن عاش مع الكتب
    ، والثقافة أن يتخلى عنها مهما كانت الظروف ؟إ وأصبح
    لسان حال الشاعر يقول

    :
    نى وحيدا أبطى على خلانى (
    )
    ومضى الركب بالرفاق وخلا

    آثاره ومؤلفاته :



    أولا : ديوانه

    يقع ديوان الجارم القديم - كما
    يقول الدكتور محمد عبد النعم خاطر فى أربعة
    أجزاء، كل جزء يحتوى على مائة وستين صحيفة
    فى المتوسط ، ويضم الديوان
    بأكمله اثنتين وعشرين ومائة قصيدة أكثرها يطول حتى يكاد
    يصل إلى المائة ،
    وأقلها يقصر حتى لا يتعدى حدود المقطوعة ، وقليل من هذه
    القصائد يقع بين

    الاثنين " ( ). أما الطبعة الثانية من ديوانه فأصدرته (دار
    الشروق ) جزأين فى مجلد واحد،
    وكانت طبعته الأولى سنة 986ام ، وأعيد طبعه
    سنة 990ام ، وسوف يكون
    اعتمادنا على هذه الطبعة الحديثة القشيبة : نظرا لصعوبة
    الوصول إلى
    الديوان القديم ، ولأن الطبعة الحديثة قد ذكرت بدقة
    تاريخ ومناسبة كل
    قصيدة مما يعين الباحث فى تتبع المراحل المختلفة
    لشعر الجارم
    . و الجارم
    يهتم بديوانه غاية الاهتمام ، فلقد شرح الأجزاء الثلاثة الأولى
    الأساتذة
    إبراهيم الإبيارى ومحمد شفيق معروف ، وحسنين مخلوف ، ولقد رتب هو
    مع هؤلاء
    الشراح فهارس الأجزاء الثلاثة ترتيبا يدل على العناية والاهتمام
    فهذا فهرس للقصائد، وذاك فهرس يشتمل على أهم موضوعات
    الديوان مرتبة حسب
    حروف الهجاء، أما الفهرسان الآخران فأحدهما للأعلام على
    حسب الحروف
    الهجائية ، والآخر للقوافى على حسب الحروف الهجائية ،
    وعلى حسب تاريخ

    النظم " ( ).



    ومن أهم ملامح الديوان طول
    القصائد التى تصل إلى مائة بيت ، ونادرا فى
    شعره أن تجد قصائد قصيرة ، وقليلا من
    المقطوعات . ولقد كان الجارم – فى
    هذه المطولات - صاحب أسلوب بديع رائق لا تحس
    معه مللا ، وصاحب موسيقى
    صاخبة تجتذبك رغما عنك لتكمل وتستمع ، يقول أحد النقاد
    : " والجارم – فى
    المطولات - مثله فى المقطعات ، وقصار القصائد سمح فياض
    لا يأخذه إعياء ؛
    ولا يعتر به نضوب ، سواء مبادئه ، ومقاطعه كالجدول
    السلسال ... ولا شك فى
    أن الذين ينظمون المطولات كثير، والذين يتنقلون فيها من
    مختلف المقاصد،
    والفنون كثير كذلك ، ولكن الذين يوفقون فيها توفيق
    الجارم قليل ، فإنك إذ
    تقرأ إحدى مطولاته لا تكاد تحس ضجرا ، أو تجد فتورا
    كالذى تحسه من كثير من
    مطولات غيره. وهو حين ينتقل ، أو يستطرد - لا الانتقال
    ، أو الاستطراد
    .. فإذا أنت معه لا تؤخذ بالفجاءة ، ولا تحس نبوة ، ولا عنفا، ولكن تنساب هنا، وهناك فى
    دنيا الخيال انسيابا لطيفا كله هينة ورفق
    " ( ). وقد تعددت أغراض ، وموضوعات شعراء الجارم
    ويكفى - فى هذه ا لنبذة – قول أحمد العوامرى بك فى شعر الجارم يوم تأبينه : "
    وقد انعقد إجماع المثقفين
    فى الشرق العربى على شاعريته الفذة ، وتناقلوا شعر فى
    أنديتهم ، وسوامرهم
    ، وتدارسوه فى مجامعهم
    ، ومحافلهم ، ،عنيت ا لمجلات ، وكتب الأدب الحديثة
    به ، فأفردت الفصول لنقده ، والفحص عن
    خصائصه ، والاستشهاد بنوادره
    " ( ) .

    Admin
    Admin
    Admin


    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 2987
    تاريخ الميلاد : 18/06/1970
    تاريخ التسجيل : 27/09/2009
    العمر : 53

    من أبناء مدينة رشيد الأديب والشاعر على الجارم Empty تابع

    مُساهمة من طرف Admin الأحد مايو 02, 2010 4:28 pm

    ثانيا : آثاره النثرية :
    و للجارم باع طويل شهد له بالمقدرة
    والكفاية فى التألبف - على الرغم – من
    كثرة أشغال الرجل - وأهم مؤلفاته تنحصر فى
    المجالات الآتية
    ( ):
    *
    القصص التاريخى : ويشمل
    ...
    -
    فارس بنى حمدان .
    -
    الشاعر الطموح
    -
    خاتمة المطاف .
    -
    شاعر ملك
    -
    هاتف من الأندلس
    -
    الفارس الملثم
    -
    مرح الوليد
    -
    سيدة القصور
    -
    غادة رشيد .
    وقد جمع ابنه الدكتور أحمد على
    الجارم قصصه التاريخى الكامل فى مجلد قشيب ضخم صدر عن دار الشروق سنة 1989م بعنوان
    " سلاسل الذهب
    ".

    *
    أبحاثه ومقالاته :
    من كتاباته من المعارضات
    الشعرية ، ومقالاته من المتنبى ، وعن إصلاح
    الأخلاق الشائعة فى اللغة العربية ، وغيرها
    من المقالات والدراسات الجادة
    التى تنم عن سعة علمه ، وثقافته ، وقد جمع
    تراث الجارم فى هذا المجال ،
    وصدر فى كتاب جارميات من دار الشروق ، 1992م.
    *
    كثب علمية بالاشتراك مع الأستاذ مصطفى أمين إبراهيم
    :
    - علم النفس وآثاره فى التربية والتعليم .
    -
    النحو الواضح (ابتدانى)
    أجزاء 1- 3
    .
    -
    النحو الواضح (الثانوى )
    أجزاء 1 – 3
    .
    -
    البلاغة الواضحة .
    -
    دليل البلاغة الواضحة .

    *
    شرح كتب التراث :
    - شرح كتاب (البخلاء) للجاحظ : بالاشتراك مع الأستاذ أحمد
    العوامرى
    .
    -
    شرح كتاب ( الفخرى فى الآداب
    السلطانية والدول الإسلامية ) لمؤلفه محمد

    بن على بن طباطبا المعروف بابن
    الطقطقى : بالاشتراك مع الأستاذ محمد عوض

    إبراهيم .
    -
    شرح كتاب (المكافأة ) لمؤلفه
    أبى جعغر أحمد بن يوسف الكاتب : بالاشتراك مع الأستاذ أحمد أمين
    .
    -
    شرح ( ديوان البارودى ) جزء 1، جزء 2 : بالاشتراك مع الأستاذ محمد
    شفيق معروف
    .

    *
    مراجعة ترجمة قصص عالمية :
    - قصة ( ترويض النمرة ) تأليف وليم شكسبير ترجمة إبراهيم
    رمزى ، راجعها بالاشتراك مع محمد فهيم بك ، والأستاذ محمود مظهر سعيد
    .
    -
    قصة (البخيل ) لموليير ترجمة
    الأستاذ محمد محمود، راجعها بالاشتراك مع الأستاذ على عبد الواحد
    .

    *
    كتب دراسية اشترك فى تأليفها :
    - كتاب (تاريخ الأدب العربى) : بالاشتراك مع الأساتذة :
    أحمد الإسكندرى ،

    أحمد أمين عبد العزيز البثرى ،
    أحمد ضيف ، فى أربعة أجزاء للمدارس

    الثانوية.
    -
    كتاب ( المجمل فى تاريخ
    الأدب العربى ) : بالاشتراك مع الأساتذة : طه حسين ، أحمد الإسكندرى ، عبد العزيز
    البشرى ، أحمد ضيف
    .
    -
    كتاب (المفصل فى تاريخ الأدب
    العربي) : بالاشتراك مع الأساتذة : أحمد الإسكندرى ، أحمد أمين ، عبد العزيز
    البشرى ، أحمد ضيف
    .
    -
    كتاب (المنتخب من أدب العرب
    ) : بالاشتراك مع الأساتذة : أحمد الإسكندرى ،
    أحمد أمين ، عبد العزيز البشرى ، أحمد ضيف .
    -
    كتاب (المطالعة التوجيهية )
    : بالاشتراك مع الأساتذة : أحمد أمين ، محمد أحمد جاد المولى، السباعى بيومى، أحمد
    زكى صفوت
    .
    -
    كتاب (التوجيه فى الأدب
    العربى) : بالأشتراك مع الأساتذة محمد أحمد جاد

    المولى، محمد أبو بكر ، إبراهيم
    ، محمد السيد عامر، عبده زيادة عبده ،

    حسنين حسن مخلوف .
    -
    كتاب (تاريخ الأدب العربى)
    لتلاميذ السنتين الأولى والثانية للمدارس

    الثانوية بالاشتراك مع
    الأساتذة : أحمد أمين ، أحمد ضيف ، أحمد الإسكندرى

    ، عبد العزيز البشرى.

    *
    كتب دراسية اشترك فى تأليفها وراجعها : .

    كتاب ( أدب الإسلام ) للمدارس
    الثانوية : تأليف محمد أبو بكر إبراهيم ،

    مصطفى خفاجى، على محمد حسب
    الله ، محمد عبد الرؤوف بهنسى، اشترك فى تأليفه

    وراجعه على الجارم ، محمد أحمد
    جاد المولى
    .
    -
    كتاب ( أدب الإسلام )
    للمدارس الثانوية بنات لنفس المؤلفين والمراجعين
    .
    -
    كتاب ( أدب الإسلام )
    للمدارس الصناعية بنات لنفس المؤلفين والمراجعين
    .
    -
    كتاب ( أدب الإسلام )
    للمدارس الزراعية المتوسطة لنفس المؤلفين والمراجعين ، الجزء الأول و الثانى
    .
    -
    كتاب تهذيب الأخلاق لمدارس
    الصناعات الأولية لنفس المراجعين والمؤلفين
    .
    -
    كتاب تهذيب الأخلاق لمدارس
    الصناعات الابتدائية لنفس المؤلفين والمراجعين
    .



    ومن هنا ندرك تعدد مجالات
    إبداع الجارم من الشعر إلى القصص التاريخى إلى
    الترجمة وغيرهما، مما يدل على سعة ثقافته ،
    ورحابة آفاقه ، وعمق إطلاعه فى
    ميادين شتى .

    مكانة الجارم
    الأدبية والاجتماعية
    :

    إن علما كالجارم - لا تخفى
    مكانته الاجتماعية ، والأدبية ، والشعرية ،
    فالرجل كان بحترى زمانه ، وصناجة الأثير،
    وملء السمع والبصر، حتى أنه ملأ
    الدنيا، وشغل الناس شغلهم مدرسا بالتعليم
    ومفتشا، وشغلهم أستاذاً بدار
    العلوم ، وعميد أ لها، شغلهم بشعره الرائع ،
    وديباجته الناصعة فى مصر،
    وغيرها من البلاد العربية ، وشغلهم فى أخريات أيامه
    بقصصه التاريخى الرائع
    وشغلهم بالمجمع عضوا نشيطا عاملا، وشغلهم بالمجلات ،
    وبدار الإذاعة
    . ونقتطف من
    مقال للأستاذ الشاعر، كمال النجمى بعنوان (صناجة الأثير..شاعر
    مصر الرسمى )
    يقول الرجل : " وبعد رحيل شوقى دارت الأيام حتى صار – أى
    الجارم - صاحب
    الصوت الرنان ، وهو شاعر مصر الرسمى فى محافل القاهرة ،
    والعواصم العربية " ( ) و أقول
    بالتأكيد لن يصل لهذه المنزلة- منزلة شاعر
    مصر الرسمى فى محافل القاهرة ، والعواصم
    العربية - إلا من كان ذا شعر يشرف
    مصر داخليا ، وخارجيا، ومن لها سوى الصداح
    الغريد ؟
    ! .
    ويقول ا الأستاذ النجمى :
    " وفى العشرينيات كان الجارم أبرع من يلقى
    الشعر، لذا كان مقربا من أمير الشعراء
    ينتدبه لإلقاء قصائده فى المحافل إذ
    كان شوقى على جلالة قدره فى الشعر – ضعيف
    الصوت ، مبهم الإلقاء، فاتر
    الأداء " ( ).
    ثم يقول فى موضع آخر: "
    وصار بعض فضلاء العراقيين ، والشاميين يلقبونه
    - بحترى الكنانة - تشبيها له بالبحترى الشاعر
    العظيم المشهور
    " ( ) .ويقول : " إن أحدا من شعراء مصر لم يتح له أن يمثل
    مصر رسميا كما أتيح
    للجارم الذى انتزع قصب السبق فى جميع المجاهل العربية
    الشهادة أصحابها
    ..."
    ( ).
    ويقول الدكتور محمد رجب
    البيومى : " كان الشاعر الكبير الأستاذ على الجارم
    -رحمه ا لله - ملء ، السمع والبصر فى حياته ،
    ترن قصائده فى العالم
    العربى ،فتلقى من الاحتفاء، والترحيب مالا يزيد
    عليه" : ويقول الدكتور
    البيومى - أيضا - : يقول الأستاذ أحمد الشايب : "
    إذا التمست فى الشعر
    الحديث ذلك الأسلوب العربى الصافى الذى يجمع إلى القوة
    والجزالة رقة ،
    وسلاسة ، ونصوع ألفاظ وسمو أساليب ، فلن تجد ذلك إلا
    عند الجارم . تلك
    ميزته بين المعاصريين لا يشاركه فيها أحد (
    ).
    وهل هناك أبلغ مما قاله
    الأستاذ أحمد العوامرى بك عضو مجمع اللغة العربية
    عن الجارم : " وقد انعقد إجماع
    المثقفين فى الشرق العربى على شاعريته
    الفذة ، وتناقلوا شعره فى أنديتهم وسوامرهم
    ، وتدارسوه فى مجامعهم ،
    ومحافلهم ، وعنيت به المجلات ، وكتب ا لآدب الحديث ،
    فأفردت الفصول لنقده
    ، والفحص من خصائصه
    والاستشهاد بنوادره
    ( ) . ويقول الدكتور أحمد أمين عضو مجمع اللغة العربية : " كان - أى الجارم -
    شاعراً من الطراز الأول ، مشرق
    الديباجة ، رصين الأسلوب ، جيد المعنى
    والمبنى" ( ) . هذا إلى جانب مفاخر العديدة الأخرى كرائد من
    رواد التأليف القصصى التاريخى
    ، وكتبه المدرسية فى
    النحو والبلاغة والأدب وعلم النفس هذا إلى نشاطه
    المجمعى الملحوظ ، والذى ترك أثراً عظيماً
    بشهادة زملائه فى المجمع
    -
    رحمهم الله - ويقول الدكتور محمد عبد المنعم خاطر:
    "ولقد تمتع الرجل (الجارم ) فى حياته
    بمكانة يحسده عليها الكثيرون ، وطن اسمه فى
    كثير من الآذان ، وبخاصة فى
    ميدان التربية والتعليم ... ويرجع كل ذلك إلى إخلاص
    الرجل ، وتفانيه فى
    عمله ، وحبه لقومه ولغته ... وظل الرجل يتمتع بتقدير
    واحترام كعالم ،

    وشاعر، وانسان ذى علاقات
    اجتماعية أضفت عليه كثيراً من الهيبة ، والتقدير
    إلى أن وافه الأجل المحتوم"(
    ).
    ويقول الدكتور أحمد هيكل :
    " فالجارم - إذن – شاعر كبير، وروائى كبير، وهو
    فى المجالين يعلو إلى مرتبة الرواد الكبار،
    والجارم لغوى عظيم ، كان من
    الجيل الأول من أجيال مجمع الخالدين وله فى مجال المجمع
    كثير من البحوث
    والدراسات التى ارتبطت باسمه ، والتي أسهمت فى نشاط هذا
    المجمع بحظ موفور

    العملاء ، ومنحته من الغنى
    والثراء
    " ( ). ويقول
    الدكتور جون . أ. هايوود مدرس اللغة العربية بجامعة ديرهام فى كتابه
    الأدب العربى
    الحديث) : " ولقد تميز شعر الجارم ، وكتاباته بحس مرهف ،
    وذوق متميز ،
    وأسلوب رفيع راق ، وإحساس مرهف للشكل الكلاسيكى التقليدى
    العربى الأصيل ..فقدم شعرا من أجمل ما كتب
    فى العربية
    "( ). ويقول
    الأستاذ سعد اللبان : " ذاع اسم الجارم ، ويرق فى المجتمعات الأديبة
    خطيبا، وشاعرا
    ملء القلوب والأسماع ، وتهادته المحافل ، فإذا هو شاعر من شعراء النهضة و خطيب من
    خطبائها
    ... "( ). ويقول الأستاذ
    ثروت أباظة : " فالجارم أحد العمالقة العظام فى تاريخ الشعر
    العربى ، تقرأ
    شعر فتقرأ النغم المسترسل الجميل ، والجرس الفخم المتألق ،
    واللفظ المختار المستقر فى موضعه كأن العرب
    ما قالوه إلا ليكون فى هذا

    المكان ... أما الشعر الذى
    جمعه هذا المجلد الجديد فهو شعر يقف مع ارفع
    قصائد العربية كافة " ( ) . ويقول الدكتور محمد مهدى علام :
    (
    على الجارم ) أحد الشعراء
    المعدودين فى مصر، والعالم العربى ، وأديب نابه ، ولغوى ضليع
    " ( ). إلى غير ذلك من الكلمات التى تعبر من
    المكانة الاجتماعية الكبيرة التى احتلها الجارم - من جدارة
    - فى المجتمع المصري. وقد احتلت (الصورة ) مكانا بارزا عند الجارم
    ، وهذا ما أثبته أحد الباحثين

    حين يفضل شوقى والجارم على
    البارودى وحافظ فى مجال الصورة والخيال
    : " فإذا كان البارودى يمثل قمة هذا الإخفاق ،
    فإن شوقيا يمثل أقل درجاته ،
    ويكفى أن نقف عند تلك الصور التى كانت تدخل
    العمل ( فى حالة البارودى
    )، وهى جاهزة
    تماما، وبينها شوقى، وهى فى مرحلة الإعداد، ودور التحضير
    معتمدا، هو والجارم من بعده على العلاقة (
    أو) يبنهما
    " ( ). ويقول
    الناقد نفسه
    : الصورة الفنية فى الشعر التقليدى
    "
    الإشارة الصور اللوحات عدد الأبيات عدد القصائد الشاعر
    250 10 3168 158
    البارودى
    1800 100 10159 240
    شوقى
    180 8 5521 208
    حافظ
    450 25 5365 116
    الجارم

    فالجارم فى المرتبة الثانية
    بعد شوقى، وحافظ أقلهم قدرة على الخيال والتصوير
    ( ) . ومما يؤكد مكانة الجارم العظمى ما صدر بعد
    وفاته من كتب وأبحاث تتناول هذا
    الجبل الأشم ، وشعره بالتحليل والنقد وان
    كانت هذه الكتب أقل من قدر الرجل
    بكثير وأهمها - حسب ترتيب صدورها .

    *
    الجارم الشاعر، عصره - حياته
    - شعره للأستاذ
    / أحمد
    الشايب الطبعة الأولى ، مكتبة النهضة
    المصرية ، 1961 .
    *
    على الجارم لمحمد عبد المنعم
    خاطر، سلسلة أعلام العرب ، رقم 95، سنة 1971، الهيئة المصرية العامة للتأليف
    والنشر
    .
    *
    على الجارم باحثاً وأديباً،
    لمحمد الغزالى حرب ، دار الفكر العربى، الطبعة الأولى ، عام 1916م
    .



    وقد قام بعض عارفى فضل الجارم
    من الباحثين - ولعل ذلك كان بتوجيه من
    أساتذتهم المشرفين الكرام - بإعداد رسائل
    ماجستير أو دكتوراه عن الجارم
    كالآتى :

    * (
    على الجارم حياته وشعره ) .
    محمد عبد المنعم خاطر، دار العلوم ، 1966م

    ، رسالة ماجستير، (هذه الرسالة أصل الكتاب المشار إليه سابقا) .
    * (
    على الجارم وآثاره الأدبية
    ) السيد محمد عبد الله حواء معهد الدراسات
    العربية، رسالة ماجستير 1967م ، بإشراف
    الأستاذ الدكتور أحمد الحوفى
    .
    * (
    القصة فى الأدب الأندلسى
    للجارم )، رسالة دكتوراه لمحروس المتولى فرحات
    ،
    كلية اللغة العربية بالمنصورة جامعة الأزهر الشريف ، بإشراف الدكتورمحمد
    السعدى فرهود
    سنة 1990م
    .
    * (
    على الجارم والقصة
    التاريخية للباحثة ) مونا خيرى عبد العزيز الأعصر، كلية الألسن جامعة عين شمس،
    رسالة ماجستير مايو 1990م
    .
    * (
    الصور البيانية فى شعر على
    الجارم ) ، رسالة ماجستير كلية اللغة
    العربية بالمنصورة - جامعة الأزهر الشريف ،
    للباحث السعيد محمد عبد الحى
    بإشراف الدكتور فرج كامل سليم عام 1993م .

    وقد كرم الجارم فى مصر وفى
    البلاد العربية التى زارها، وكان أبلغ تكريم
    للجارم تلك الحفاوة التى كان يستقبل بها،
    وتلك المناقشات التى تستمر حول
    شعره ، وما كان يحققه من شعبية وحب فى قلوب
    المصريين والعرب على السواء
    . ولكن ذلك لا يمنع أن تكرمه الحكومات كما كرمته الشعوب ،
    فتمنحه مصر وسام
    النيل الخامس سنة 9ا9ام ، وبالرتبة الثانية سنة 935ام ،
    وبرتبة البكوية من
    الدرجة الأولى سنة 942ام . كما أنعمت عليه العراق بوسام
    الرافدين من
    الطبقة الأولى سنة 1936م ، كما منحته لبنان وسام العلوم
    والفنون من الطبقة

    الأولى " ( ). وقد كرمته وزارة الثقافة بعد وفاته بإقامة
    مؤتمر حول أدب وشعر الجارم فى

    8
    فبراير1987م ، وذلك فى بلدتى
    دمنهور ورشيد، وقد حاضر فيه عدد كبير من
    النقاد فى مصر ومن البلاد العربية ، ومن بين
    هذه الموضوعات بحث (الصورة
    الشعرية عند الجارم ) الذى ألقاه د. على صبح عميد كلية
    اللغة العربية
    - وقتها - ،
    وغيره من الأبحاث المتعلقة بالرجل والتى ضمها كتاب الجارم فى

    ضمير التاريخ ، وهذا التكريم
    الشعبى و الرسمى لشاعر مصر، والعروبة المرحوم الجارم بك ما كان ، لو لم يكن الرجل
    يستحقه ، وإنما أرى أن هذا بعض من
    التكريم الذى يستحقه الجارم بمكانته
    الاجتماعية والشعرية ، والنثرية
    وغيرها .

    وفاته :
    كان الجارم - يرحمه ا لله -
    مرهف الحس ، رقيق الشعور، ويبدو أنه أحس بقرب
    نهايته فكان فى أخريات أيامه يتحسر على ضياع
    الشباب ، ولا يفتأ يذكر أيامه
    العواطر تحسرا عليها، باكيا شيبه وضعفه فى
    قصيدة " الشباب " عام 1947م
    .
    فعشت من بعده وحيدا كان شبابى
    رفيق عمرى

    ماذا دهى الكأس والورودا أين وردى ؟
    وأين كأسى

    يجيد ما شاء أن يجيدا لم يبق منى
    سوى لسان

    وحكمة نظمت عقودا (
    )
    وفكرة صورت نضارا

    و هو يخاطب صاحبيه القديمين (
    شوقى وحافظ ) فى قصيدة ( خلود ) عام 1947م ،

    يطلب أن يمهدا إلى جوارهما
    مثوى حيث صاحبنا قد مل الحياة ، وهو راغب فى

    جوار أخويه :
    وولت بشاشة البستان أيها الشاعر
    قد صوح الدوح

    ضاحكات ولا رنين قيان وخلا الربع لا
    قراع كؤوس

    حسرات لفرقة القطان وتولى القطان
    لم يبق إلا

    نى وحيدا أبكى على خلانى ومضى الركب
    بالرفاق وخلا

    ـوى إذا آن للرحيل أوانى (
    )
    مهدا لى إلى جواركما مثـ



    ثم تحين منيته فيسقط البطل فى
    ميدانه .. وكان ذلك فى الثامن من فبراير سنة
    1949م وكان حفلا أقيم بمناسبة ذكرى الأربعين
    لوفاة رئيس وزراء مصر محمود
    فهمى النقراشى الذى استشهد فى ديسمبر عام 948ام ، وكان
    النقراشى باشا
    زميلا للجارم فى بعثة إنجلترا سنة 1908م ، وكان الجارم
    قد أعد قصيدة لتلقى
    بهذه المناسبة وكان ينشدها - نيابة عنه - ابنه الشاعر
    الأستاذ بدر الدين
    على الجارم ، وكان مما قال فيها عن الموت : يرمى البرية من وراء سجاف الموت أعمى فى
    يديه سهامه
    هفافة أو فى رحيق سلاف والموق قد يخفى حماه بنسمة
    فى الجو أو فى غمرة الرجاف (
    )
    يغشى الفتى ولو اطمئن لموئل ويواصل ابنه
    إلقاء القصيدة وسط حشد الحاضرين حتى يصل إلى قوله
    : تزهى بأكرم تربة وقطاف نم هادئا إن الغراس وريفة وما يكاد
    الابن ينشد هذا البيت ، إلا ويسلم الجارم العظيم روحه لخالقها وبارئها - جل وعلا
    - ولعل موت الجارم - رحمه الله - بهذه الطريقة
    كان وفاء، وفاء للمرثى ،
    ووفاء لعمر قضاه الشاعر فى خدمة اللغة ، فلم لا يسقط فى
    ميدانه ؟

    ويصف الأستاذ سعد اللبان منظر
    الجارم وهو يستمع للشعر قائلا : " فلو أنت
    ملأت عينيك فى لحظة من تلك اللحظات ، لرأيت
    منظرا عجيبا تشفق منه على
    الشاعر أن تودى به نوبة من نوبات ذلك الانفعال ومن يدرى
    فلعله حين سقط فى
    مجلسه صريعا – وهو يستمع إلى إنشاد ولده ببعض شعره فى
    رثاء المرحوم
    النقراشى باشا . كان فى نوبة من تلك النوبات الانفعالية
    تصدع بها قلبه ،
    وتحطمت الآلة الموسيقية التى صنعها الله من لحم ودم
    وإنسانية
    " ( ). ويعلق
    الأستاذ محمد الغزالى حرب على موت الجارم ، وهو يسمع شعره : " وكأن
    الجارم كان
    يشير إلى ميتته هو ( يقصد قوله للنقراشى ، نم هادئا ) ، فقد
    فاضت روحه فى ثوان قليلة فى حادث درامى مؤثر
    يعبر عن صدق المشاعر، وصدق
    الوفاء لدى الجارم نحو إخوانه الذين عاش معهم"
    ( ).
    وتقول الدكتورة روحية
    محمد عجيمة : " ولقد كلفه هذا الصفاء فى أحساسيه ،
    وشاعريته حياته ذاتها، عندما فاضت روحه
    الطاهرة - انفعالا -، وكان جالسا
    يستمع إلى نجله فى القصيدة التى كتبها فى
    رثاء النقراشى
    " ( ). ولعل
    هذا ما دفع الأستاذ محمد الغزالى حرب - رحمه الله - إلى أن يصف
    الحادث بأنه
    (شهيد)، حيث مات في ميدانه وفاءً وإخلاصاً ، كما عاش عمره كله
    وفاء وإخلاصا،
    يقول : " وهذا الشاعر الراثى المرثى ، أحسبه قضى نحبه شهيدا
    من شهداء
    الآخرة ، تحت وطأة انفعاله ، وتأثره الشديد بشعره ، ومشاعره،
    فموته هكذا - فيما أرى - لا يقل عن شهداء
    الآخرة الذين ذكر فقهاؤنا منهم
    -مثلا – من يموت غريقا، أو محترقا، أوفى عملية جراحية ،
    أو حادثة قاتلة ،
    أو نحو ذلك .. فلماذا لا نضيف إليهم شاعرا مات فجأة تحت
    وطأة صدقه مع شعره
    ، ومشاعره ، وهو يسمع
    قول ابنه له : نم هادئا ؟
    " ( ). والعجيب أن الجارم يستجيب للأمر الصادرمن
    ابنه ( نم هادئا ) فينام نومته
    الأبدية عن سبعة وستين عاما، بعد ما سمع
    سبعة وستين بيتا من قصيدته التى
    تبلغ اثنين وسبعين بيتا، فصار كما قال
    العقاد
    : شاعر لازم
    القريض إلى أن
    كان يوم الفراق حرف روى فرحمة الله على الجارم بأخلاقه ، وشمائله ، وأدبه ، وغيرته على الضاد
    العظيمة لغة القرآن ولغة أهل الجنة
    . ونذكر هنا بعضا مما قيل فى رثاء الجارم - وما أكثره - ،
    ونبدأ بهذه
    الأبيات للأستاذ الشاعر محمود غنيم التى يصف فيها موت
    الحارم - رحمه الله

    -
    يبدؤها بقوله
    قد غاب كسرى الشعر عن إيوانه عرش ينوح أس
    على سلطانه

    ما شادها هاروم فى بغدانه طوت المنون من
    الفصاحة دولة

    من ذا يؤبنه بمثل بيانه؟ سقط المؤبن
    وهو يسمع شعره

    إن الشجاع يموت فى ميدانه (
    )
    لا تعجبوا من موته فى حفله



    ويقول الأستاذ محمد هيكل أحمد
    : " للغة العربية أن تحزن ما شاء لها الحزن
    ،
    ولأبنائها أن يرفعوا علم الحداد أياما، وشهورا، وأعواما، وللأدب أن يذرف
    الدمع الثخين
    ، ولأنصاره أن يضموا جوانحهم على أسى مكبوت ، وحزن دفين ،
    وللعروبة أن تبكى علما من أعلامها، وقطبا من
    أقطابها
    " . ومن
    قصيدة الأستاذ محمود حسن إسماعيل ، نجتزئ هذه الأبيات
    : ما خف إمعانه ولا حذره وأنت كناد حارس أبدا فعشبه فى صداك أو مدره غنيت بالشعر كل موطنها جناح غيب شآى به قدره عروبة للسماك طرت بها سحر لها لا تزال تبتكره (
    )
    بكتك دار العلوم أنت صدى ومن رثاء
    المازنى للجارم : " وكان إل هذا - أى جانب نشاطه المجمعى الملحوظ

    -
    واسع العلم والاطلاع ، حاضر
    البديهة سريع الخاطر" ثم يقول : " الحقيقة
    أن هذا الرجل فقده الأدب ، وفقدته اللغة ،
    وقليل من يخلص لواجبه مثل
    إخلاصه على قلة الجزاء أو عدمه " ( ).



    وأخيرا نستمع إلى أبيات
    العملاق المرحوم عباس العقاد فى رثاء الجارم ، حيث يقول
    :
    بالأديب الفهامة الألمعى فجعت مصر يوم
    نعى " على
    "
    كان يوم الفراق حرف روى شاعر لازم
    القريض إلى أن

    ثم يقول
    "
    لعلى " يغنى غناء
    السمى
    لست
    اوفيه وصفه إن وصفا

    ركن فى المجمع اللغوى علم فى الديار
    صناجة فى الحفل

    وفى الشعر وارث البحارى وارث الأصمعى
    فى لغة الضاد

    ثم يقول عن شعر الجارم
    وفخور وناصح ونجى سوف يبقى
    لمنشد وطروب

    حيث يروى فى العالم العربى سوف يبقى
    مجددا لك ذكرا

    فعش فى تراثه الأبدى (
    )
    أنت أحييته تراثا على الدهر


    وكتبه ابتغاء مرضاة
    الله تعالى، وخدمة للغة الشريفة

    أبو جهاد إبراهيم
    أمين الزرزموني



    الشاعر الكبير علي الجارم رحلة الحياة والريادة (1)

    بقلم: إبراهيم أمين
    الزرزموني


    الشاعر والنشأة :
    إذا كنا نؤمن بأن لكل عصر
    دولة ورجالاً، فإن شاعرنا الأستاذ على الجارم

    رحمه الله - (1881 - 1949م )
    كان من أعلام عصره ، وأشهرهم خلقا ، وعلماً ،

    وإبداعاً.
    ولد الجارم فى مدينة رشيد، تلك
    التى يلتقى عندها البحران : هذا عذب فرات ،
    وذلك ملح أجاج ، حيث كان الشاطئ الغربى
    للنيل عند مصبه فى البحرالأبيض
    المتوسط يسمى - قدميأ - (بوليتين ) فلما
    قامت عليه مدينة رشيد صار يعرف
    بفرع رشيد ،وفى رشيد، هذه التى يقال : إن
    كثيراً من أهلها من سلالة قريش

    ، أفصح العرب ، وفى بيت أسرة حسيبة نسيبة من نسل الإمام على بن أبى
    طالب ،
    ولد
    شاعرنا " على " فى الخامس والعشرين من ديسمبر عام واحد وثمانين
    وثمانمائة
    وألف واسمه الأصلى كاملا : على محمد صالح عبد الفتاح إبراهيم
    محمد الجارم ( ). فعلى ( سفوح ) رشيد الخلابة ، وحول مناظرها
    الساحرة ، وعلى رباها الخضراء
    ،، وبين نخيلها الباسق
    نشأ الشاعرمحباً للجمال ، مفتوناً بالطبيعة ، ولقد
    ظلت هذه0الصورة لرشيد عالقة فى ذهن الشاعر،
    على الرغم من ابتعاده عنها،
    وتنقله بين مدن عديدة مع والده ، أو حيث قضى جل عمره فى
    القاهرة . فيكتب
    عن بلدته (رشيد) قصيدتين : الأولى: ( مصيف رشيد) عام
    1939، والثانية
    :
    (
    رشيد) عام 1941. وفى القصيدة
    الأولى يقول
    : .
    تزهى بها الأغصان والأكمــام يا ورده بين
    الرمال نضــيرة

    ضحك الصباح ، وأشرق الإظلام با درة0البحر
    التى بوميضهـا

    فأصولها وفروعها إلهــــام يا دوحة نبت
    القريض بأرضها

    وتحدثت بأريجها الأنســــام يا روضة فتن العيون
    جمالها

    لو كان للأمل الوسيم كـــلام يا همسة الأمل
    الوسيم رواؤه

    وإنجاب عنها البحر وهو لئـام (
    )
    يا طلعة للحسن شاع ضياؤها
    ولقد سمى (على الجارم) بهذا
    الاسم رغبة من أبيه فى تجديد اسم جده الأكبر

    (
    على بن أبى طالب )
    t
    وكان الجارم كثيراً ما يفتخر
    بهذا النسب الشريف لبيت

    النبوة المطهر، والذى حق لمثله
    أن يفتخر به ، يقول فى قصيدة (أبوالزهراء
    )
    :
    وصانته منى عزة وإباء (
    )
    ولى نسب ينمى لبيك صاننى
    ويقول فى قصيدة ( دارالعلوم )
    :
    سددتنا كرائم الأحساب (
    )
    إن دعانا الهوى لغير سديد
    ويقول فى قصيدة ( اللغة
    العربية
    ) :
    سقى العهود الخوالى كل منسكب يا جيرة الحرم
    المزهو ساكنه

    لأنها صلة القرآن والنسب( )
    لى بينكم صلة عزت أواصرها
    ولقد كان لبيئة الجارم أثرها
    فى تكوين شخصيته وثقافته ، فالإنسان كما

    يقولون ابن بيئته ، حيث كانت
    أمه سيدة ثرية طيبة ، كما كان أبوه عالماً

    دينيا ولغوياً، فحمل الجارم
    الصفات المشتركة بين أم طيبة من أسرة اشتهرت

    بالتجارة ، ووالد عالم جليل ،
    وشاعر، ولغوى مجيد، فأصبح الشاعر ثمرة ناضجة

    لالتقاء عنصرين بعيدين : عنصر
    العلماء الذى يتميز بالطيبة ، والمحافظة ،

    والاعتزاز بالنفس نتيجة لنظرة
    العامة ، وعنصر التجار الذى يتميز بالحرص ،

    واليقظة ، وخفة الروح ،
    والمساومة من أجل الربح
    " ( ).



    ويتذكر على الجارم هذه الفترة
    من حياته ، وتأثير والده عليه فيقول – فى
    رسالة لصديقه أحمد شوقى: - نشأت فى أسرة
    فتنت بالأدب ، وأغرمت بفطرتها،
    وباستعدادها الموروث - براوئع الشعر على
    اختلاف ألوانه وفنونه ، وكان أبى
    إذا جلس بعد العشاء، التف حوله أبناؤه فتنقل
    بهم من أدب إلى تاريخ إلى
    بحوث سلسلة فى اللغة ، ثم شعر جزل رصين ، ولقد كان -
    رحمه الله – كثير
    القراءة ، قوى الحافظة ، حسن العرض والأداء ، فكان
    متاعاً أن نستمع له ،
    وأن ترف نفوسنا حوله طليقة مرحة فى هذا الجو العجيب"(
    ).
    ولقد أرسل الجارم - صبيا - إلى الكتاب " حيث حفظ
    القرآن الكريم ملحوظاًَ
    برعاية والده العالم الدينى واللغوى الأديب ، والذى كان
    (مفتى المحافظة
    )، ولمح فى ابنه على - الذى سماه باسم جده
    الأكبر على بن أبى طالب - مخايل

    الذكاء ورهافة الإحساس
    والعاطفة ، فحرص على تنمية كل ذلك بالتشجيع

    والدراسة والتذكرة
    " ( ).
    ولأسرة الجارم مواقف تاريخية
    مشهورة ، فيذكر(الجبرتى) فى تاريخه : " أن
    القائد الفرنسى ( مينو) - عندما كان يحكم
    رشيدا - أراد الزواج ، فأراد أن
    يصاهر أكبر عائلاتها فأعلن إسلامه وتقدم إلى
    كبير عائلة الجارم - فى ذلك
    الوقت – وهو الشيخ إبراهيم الجارم ، لكى يزوجه إحدى
    ابنتيه : رقية أو آمنة
    ، إلا أن الجارم رفض
    هذا النسب مما أغضب الحاكم الفرنسى غضباً شديدا فتزوج
    رشيدية أخرى هى زينب بنت البواب"
    ( ).
    ويلفت الأستاذ أحمد الشايب
    أنظارنا إلى استفادة الجارم الكبيرة من أصله
    وأسرته" ويتصل بهذه الوراثة أو يعقبها
    مباشرة - ما كان لأبيه من أثر مبكر
    فى نشأته ، فقد كان أبوه (مفتى المحافظة )،
    وكان - إلى جانب تضلعه فى
    العلوم الدينية - عالماً لغوياً، وأديباً شاعراً، فكان
    يجمع أولاده ،
    ويدرس لهم العلوم المختلفة ، ويطارحهم الشعر، ويحثهم
    على قراءته فى دواوين
    الشعراء والمرانة على نظمه ، وبذلك نجد هذه الظاهرة
    الفنية متصلة فى هذه
    الأسرة من والد شاعرنا إلى بنيه ، وطبيعى أن يكون فى
    يفوعة الأبناء، حتى
    لتعحب حين تقرأ للجارم قصيدته فى وباء رشيد (الكوليرا )
    وسنه خمسة عشر
    عاما"( ).
    قد تجاوزت فى سراك السبيلا أى هذا ( المكرب ) مهلا قليلا
    الحصاد، إن أحسنوا لك التمثيلا لست كالواو،
    أنت كالمنجل

    لم تزايل جنبيه حق يزول( )
    أنت كالشيب إن دهت ابن أنثى
    وهذه القصيدة لها دلائل قوية
    على موهبة الشاعر المبكرة ، وعلى ثقافته العلمية ، والطبية ، وسعة نظرته وإحاطته
    بالأشياء
    .



    !
    تعليمه :
    " ولما بلغ السادسة من عمره ، ألحقه أبوه
    بالمدرسة الابتدائية بمدينة رشيد
    ، حيث تعلم القراءة
    والكتابة ، ولعله كان بسبيل الانتظام فى هذا التعليم المدنى الذى كان يسلك به
    مسلكاً آخر بحيث يصبح (أفندياً لا شيخاً )، ولكن

    القدر كان يريد غير ذلك ،
    فألغيت المدرسة الابتدائية ، وانتظر من الطفل ،
    أو اليافع هذا النسق من التعليم ، وهنا يضطر
    أبوه إلى تحويل مجرى حياته ،
    فيدخله جامع (المحلى) برشيد"(
    ).
    وتتعدد وظائف الوالد،
    وتتغير به البلاد، فيدور الجارم حيث يدور أبوه ، فمن
    رشيد إلى دمنهور إلى الفيوم التى كتب لها
    هذه القصيدة (الغيوم ) عام 1898م

    :
    عهدكم والذكر فى البعد وفاء ساكنى الفيوم إنى ذاكر
    أى شعر غرد ، أى غناء كم شد شعرى
    على دوحتكم

    بين أظلال وأنسام وماء (
    )
    بلد كالزهر حسنا وشذا
    وكذلك ينتقل مع والده إلى
    الجيزة ، فيلتحق بالأزهر الشريف ، وينتقل أبوه

    إلى الزقازيق ، ويظل بها الى
    أن تحين منيته " فينتقل جثمانه إلى مدافن

    الأسرة فى رشيد سنة 0ا9ا
    " ( ).

    الجارم فى الأزهر :
    ويلتحق الجارم بالأزهر
    الشريف مجاوراً ، ويظل بالأزهر فترة ينهل من علومه العديدة
    التفسير، والحديث ، والفقه ، والبلاغة وا
    لمنطق ، وغيرها، وقد التحق
    بالأزهر وهو فى " الحادية عشرة من عمره مع شقيقه
    الشيخ محمد نعمان الجارم
    ، وسكنا فى درب
    السلحدار بحى الأزهر فى غرفة بسطح أحد المنازل ، وكان من
    زملائه : الدكتور طله حسين ، و الأستاذ أحمد
    أمين ، ومن أساتذته الشيخ
    محمد عبده .. والشيخ سيد بن على المرصفى"
    ( ).
    ولقد أحب الجارم أستاذه
    الشيخ محمد عبده (1849جـ1905)، الذى كان مجددا بين
    شيوخ عصره الأزهريين ، فترك تفسيرا لم يكمله
    ، وجدد، وخرج ، وحقق كتب
    الإمام عبد القاهر الجرجانى، وكان إمام مدرسة عرفت
    باسمه " ، وقد كان
    الشيخ محمد عبده يقرأ فى الأزهر، أو ملحقاته درسأ فى
    المنطق ، والفسلفة ،

    والتوحيد، كما كان يقرأ على
    تلاميذه دروسا فى البلاغة ، لا على نمط
    البلاغة التى أفسدتها الفلسفة ، بل على
    النمط الذى يربى الذوق ، ويرقى
    الأسلوب ، ولقد قرأ كتابى دلائل الإعجاز،
    وأسرار البلاغة لعبد

    القاهرالجرجانى، وكان هو السبب
    فى نشرهما، فقدم بهما معنى للبلاغة لم يكن
    مفهوما للناس من قبل"( ) .
    وبعجب الطالب على الجارم بشيخه
    ، وأستاذه الشيخ محمد عبده ، فيخصه بقصيدة عام ا 90ام

    وفل عزمى سبف منه محدود أطوى الدجى
    فإذا ما اليأس أدركنى

    عزيمتى بين إقدام وتسديد ذكرت عزما من
    الأستاذ فاتجهت

    لم يسرك الرعب قلبا غير مزءود( )
    مولاى أنت علمتنى كيف الثبات
    إذا




    فى دار العلوم
    :




    ويترك الجارم الأزهر، وينتقل
    إلى دار العلوم التى أنشئت فى عام 1871م ،
    لتكون معهداً يتوسط بين الأزهر القديم ،
    والتعليم المدنى الحديث ، " و دار
    العلوم كانت نواة لفكرة الدراسة الجامعية ،
    ومن اسمها نستطيع أن ندرك منهج
    الدراسة فيها، فهى دار العلوم التى تضم بين
    أرجائها العلوم المتعددة من
    دينية ، ولغوية ، وأدبية ، ومدنية ، بالإضافة إلى
    الأساتذة الأكفاء الذين
    يتميزون على أساتذة الأزهر فى ذلك الوقت ، والذين
    حاولوا مخلصين أن يوقظوا
    العربية من رقدتها بعد أن نامت مع أهل الكهف مئين
    السنين
    "
    ( ).
    ويحدثنا الأستاذ أحمد
    الشايب - رحمه الله - من كيفية التحاق الجارم بدار
    العلوم فيقول : " ودخل الجارم دار
    العلوم سنة 903ام بعد ما أدى امتحان ا
    لمسابقة فى القرآن الكريم ، وعلوم اللغة ،
    والأدب ، والرياضة فكان أول
    الناجحين ، واحتفظ بهذه الأولية طول سنى الدراسة حتى
    تخرج سنة 1908م
    "( ) . ويقول الأستاذ أحمد العوامرى بك - فى معرض رثائه للجارم
    ، وهو يتذكر طلابه
    فى دار العلوم -: فجعلت أتفحص فيهم ، وأسبر غورهم ، فلم
    ألبث حتى تبينت من
    بينهم طالبين ، امتازا بسعة الأفق ، ودقة الحس ، وكمال
    الاستعداد الأدبى
    كان هذان الطالبان : (على الجارم ، وأحمد ضيف ) د. أحمد
    ضيف – رحمهما
    الله" ( ).



    ويستطرد العوامرى بك رحمه الله
    – " كان على الجارم زعيم هذا الفصل
    : علماً، وذكاء ، ولساناً، حاضر البديهة ، قوى
    المنطق ، حتى لقد كنت أعهد
    إليه أحياناً وأنا مطمئن النفس فى أن يلقى بعض دروسى وأنا
    حاضر بعد أن
    أكون قد دفعتها إليه من قبل ، مذكرات مكتوبة على عجل
    فكان يعدها إعداد
    الفطن ، ويلقيها إلقاء من درب بالتدريس . ولم يكن
    الجارم بعد مارس منه
    شيئا اللهم إلا ما كان على سبيل التمرين فى المدارس
    الابتدائية
    "( ). ويظهر
    أن دار العلوم كانت المعهد الطبعى للجارم الشاب ، فيهيم بدار العلوم
    حباً حيث كان
    يجد متنفساً لمواهبه الفنية ، كان يدرس العلوم الأزهرية
    بأسلوب مهذب موضوعى تطبيقى، وكذلك الشأن فى
    علوم اللغة العربية .. وقد حلت
    الدار من نفسه محلا كريما إذا كانت معهده
    الطبعى، وموئل مواهبه وآماله
    "( ).
    ويتعرض الجارم لتجربة عاطفية
    فاشلة مع فتاة (زينب )، والتى كانت زميلة له فى دار العلوم ويظهر أنها كانت فتاة
    لعوباً تتعدد بغرامياتها، وتلهو كيفما
    شاءت ، بينما شاعرنا يؤمن بالتوحد فى الحب ،
    وقد صور ذلك فى قصيدته
    العاشق الغضبان )عام 1904م ، وفيها يستنكر من الفتاة
    مسلكها حيث يقول
    :

    عجبا مما ترجى عجبا علقت غيرى
    وترجو صلتى

    أويضم الغيل إلا أغلبا (
    ).
    هل يحل الغمد سيفان معا



    ويظل الجارم وفياً لدار العلوم
    طول حياته ، حيث كان يراها - دائماًًً
    كعبة بمصر تحمى اللغة العربية ، وتنقيها من الشوائب ،
    وتدافع عنها، وقد
    سجل ذلك فى شعره فى غير موضع . ففى قصيدة (دار العلوم )
    التى ألقاها عام

    1927
    م بمناسبة مرور خمسين
    عاماً على إنشائها يقول
    :

    ذكرتها بداوة الأعراب تخذت الحسن
    بنت عدنان دارا

    على على غلة نمير الشباب عادها الحسن
    فى ذراك وروا

    أثر الفين فى صقال الحراب لك دار العلوم
    فى كل نفس

    هزه بالنماء والإخصاب (
    )
    أنت كالنيل كلما مس جدبا
    Admin
    Admin
    Admin


    الجنس : ذكر
    عدد المساهمات : 2987
    تاريخ الميلاد : 18/06/1970
    تاريخ التسجيل : 27/09/2009
    العمر : 53

    من أبناء مدينة رشيد الأديب والشاعر على الجارم Empty تابع

    مُساهمة من طرف Admin الأحد مايو 02, 2010 4:31 pm

    ويبرز
    الأيادى البيضاء لدار العلوم على اللغة العربية فى قصيدة (اللغة العربية
    ودارالعلوم ) عام 1934م
    :
    ق إليها طرائف الركبان هى فى مصر
    كعبة بعث الئر

    ـر إلى ناعم من القيش هانى قد أعادت عهد
    الأعاريب فىمصـ

    ـل بأفياء دوحها الفينان (
    )
    وأظلت بئت الفدافد والسبيـ
    وينهى الشاعر دراسته بدار
    العلوم ، حيث يحتفظ بصدارة الطلاب طوال فترة

    الدراسة بها، وقد ظفر الشاعر
    بالشهادة من دار العلوم فى سنة 1908، وكان

    أول دفعته
    ..." ( ).

    فى البعثة :
    كانت العادة قد جرت على أن
    يبعث أول ( دارالعلوم ) إلى إنجلتر" فأقام
    الجارم بمدينة ( نونتجهام ) درس اللغة
    الإنجليزية ثم التحق بالكلية
    الجامعية بإكستر ومكث بها ثلاث سنوات درس
    خلالها علم النفس، وعلوم التربية

    ، والمنطق ، والأدب الإنجليزي ، وحصل على إجازة فى كل هذه المواد،
    وعاد
    إلى
    مصر فى اغسطس سنة 1912م
    " ( ). يقول الأستاذ أحمد الشايب : " وفى
    إنجلترا أتقن شاعرنا اللغة الإنجليزية ،
    وألم بآدابها، وعرف تقاليد الإنجليز، واتخذ
    منهم أصدقاء، وعاش فى بعض
    الأسر، وتأثرت نفسه بمظاهر الطبيعة والحياة البريطانية
    ، والفتاة
    الإنجليزية
    وكانت هذه الدراسة والحياة خليقة أن تغير من شعره كثيراً
    ولكننا سنجد أنها لم تكن من العمق ،
    والتبكير، والقوة ، بحيث تغلب طبعه
    الشرقى وأدبه العربى . فكان تأثيرها بقدر.
    ومع ذلك لم يخل شعره من سمات
    إنجلترا وآثارها، وهو فى لندن ، ثم بعد عودته
    فى القاهرة
    "( ). ولا
    شك أن البعثة أفادت الجارم كثيراً ، حيث اطل على الآداب الأجنبية ،
    وعلوم
    الإنجليز ولا سيما التربية وعلم النفس ، فأكسبه ذلك كله قدرا من سعة
    الأفق ، وقدرة
    على التقصى والتحليل ، وان لم يفد كثيراً فى ناحية التجديد
    الشعرى .



    وأول ما يطالعنا من شعر الجارم
    – وهو طالب بالبعثة - بيتان طريفان كتبهما
    على صورة له ، وأرسلها لوالده بعدما استبدل
    الجارم زى الشيوخ بزى الإفرنج
    ( البدلة ) يقول :
    عن الأوطان معتاد الشجون لبست الآن
    قبعة بعيدا

    "
    متى أضع العمامة تعرفونى (
    )
    فإن هى غيرت شكلى فإنى



    وعندى أن لهذين البيتين أثراً
    نفسياً خفيًاً ، حيث أستشف من ورائهما أن
    الجارم الذى ألمح إلى أنه سيعود لزيه العربى
    الأزهرى ، لن يخالف الأقدمين
    فى طريقة نظمه ، بل سيظل وافياً لتراثه
    وماضيه ، فهو معتاد الشجون ، متذكر
    غير ناس لما جبل عليه . ويعلق الأستاذ العقاد - رحمه الله - على
    البيتين السابقين قائلأ : " قافية ( معتاد الشجون ) قد تكون من ضرورات
    القوافى التى يقبلها الشعراء
    غير مختارين ، ولكن لا يسعك ، وأنت تتوقف
    لديها أن تنسى أن لابس القبعة
    الذى قالها قد وضعها فى دار الغربة ، وان
    الشجون ترد هنا على البال ، ولا

    ترد كلمة أخرى بديلا عنها
    "( ).




    ويتكاثف الضباب بلندن ، حتى
    ليعجزا لمبصر على السير، كأن الشمس لم تسطع ،
    وكأن الليل مستمر بلا انقطاع ، فيرى شاعرنا
    أعمى يقود مبصراً فى مقطوعته
    ضحك القدر ) ، والتى تتضح فيها خفة روحه ،
    حيث يقول
    :

    يمشى فلا يشكو ولا يتأؤه أبصرت أعمى فى
    الضباب بلندن
    حيران يخبط فى الظلام ويعمه فأتاه يسأله الهداية مبصر أنى توجه خطوة
    يتوجه
    فاقتاده
    الأعمى فسار وراءه
    ومضى الضباب ولا يزال يقهقه ( ) وهنا بدا القدر المعربد ضاحكا ولابد أن نشير
    إلى إتقان الجارم للغة الإنجليزية إتقاناً تاماً لا تشوبه
    شائبة ، لدرجة جعلته يبرع فى إلقاء الشعر
    باللغة الإنجليزية ، " واشتهر
    عنه إجادته لفن الإلقاء، دعته سيدة إنجليزية
    صاحبة مسرح ليؤدى بعض الأدوار التمثيلية من مسرحيات شكسبير فلبى الدعوة ، واعتلى
    خشبة المسرح
    وأدى ما عهد إليه خير أداء أثار إعجاب المشاهدين
    "( ).




    ويقول الدكتور محمد مهدى علام
    : " وكان من حملى أن أدرس فى جامعة إنجليزية
    ،
    كان قد سبقنى إليها - أى الجارم - بأربعة عشر عاماً، وكنت مولعاً بالشعر
    الإنجليزى ،
    ألقيه فى حفلات الاتحاد الجامعية، وندوات الأدب ، ولا أنسى
    وساماً شفوياً أهدته لى الأستاذة (ووكر)
    التى كانت فى الجامعة منذ أيام
    دراسة الجارم : لقد فاجأتنى، على أثر إلقائى
    إحدى قصائد الشاعر (ووردرزورث
    ) بقولها
    : أنت تذكرنى بإلقاء الجارم
    "( ).



    ويقول فى موضع آخر- رحمه ا لله
    – " لم أجد أحدا لغته الإنجليزية أسلوباً
    ونبرا، وتدفقا كأنه عاد من إنجلترا أمس سوى
    اثنين : على الجارم ، وعب
    الحميد
    حسن - رحمهما الله
    – "( ). وحتى بعد عودة الجارم من إنجلترا يظل متذكراً لها،
    متحسراً على فوات هذه
    الأيام الجميلة ويظهر ذلك فى قصيدة (ذكرى الغرب ) 912ام
    ، حيث يتذكر
    محبوبته ، ويصف أبنا، الإنجليز، والطبيعة الغناء. وفيها
    يقول
    : سيرت فيك
    وفيمن فيك أشعارى
    يا دار فاتنى حييت من دار فى العين والقلب من ماء ومن نار رحلت محنثا
    وللاشجان ما تركت
    ومستراض لبانات وأوطار( ). كانت مجال صبابات لهؤت بهاوفى عام 1915م
    يتذكر إنجلترا ، ويهيج حنينه لمحبوبته ، فيكتب
    قصيدة (حنين طائر)، وفيها يصور نفسه طائراً متنقلاً بين الحدائق
    والأزهار، والأغصان ،
    و يتحسر على ضياع حبه الذ1ى نعم به فترة وشقى به آخر
    الأمر
    : قدر عنى
    وأبعدنى
    كان
    لى ألف فأبعده
    وهو مد الدهر يذكرنى أنا مد الدهر اذكره
    إلى أن يقول
    وشقينا آخر الزمن (
    )
    قد نعمنا بالهوى زمنا



    فى الوظيفة :



    ويعود الجارم لمصر عام 1912م ،
    فيعين مدرساً بدار العلوم يدرس علوم
    التربية النظرية والعملية ، والنفس ، والصحة
    المدرسية ، ويلبس زى الشيوخ
    مزهواً بشباب مصر، وثقافة عربية أصيلة ، وغربية طريفة ،
    ويمتاز بفصاحة
    اللسان ، وقوة البيان ، ينقل دروسه عن الإنجليزية ،
    ويختال بين ا لأساتذة
    والطلاب بوسامة الشكل وجاه المنصب ، وبراعة السلوك ،
    يرهبه الطلاب مخافة
    عتابه ، ويتقرب إليه معارفه ومتعشقوا أدبه"
    ( ) .
    ويقول الناقد نفسه فى موضع
    آخر: " ولا شك أن اعتزاز الجارم بنفسه بين
    الأساتذة والطلاب يعود أكثره إلى أدبه :
    شعرا أو نثراً وفصاحته وحسن تأتيه
    للأمور، وإلا فغير كثير قد أتموا دراستهم فى
    إنجلترا، وألمانيا، وفرنسا،
    ولكن أحدا منهم لم يحتل ما كان يحتله الجارم من مكانة ،
    أولم يظفر بما ظفر

    به من نباهة شأن ، وبعد
    صيت
    " ( ) .
    وفى هذه الأثناء ينضم الشاعر
    إلى قافلة المتزوجين " فقد أصهر الشاعر إلى
    أسرة كبيرة من رشيد هى أسرة ( بدر الدين )،
    فتزوج منها بسيدة كريمة ،
    والدها على بدر الدين بك نقيب محامى الإسكندرية سالفاً،
    وهذه السيدة ظفرت
    بحظ من التعليم فى بعض المدارس العربية والأجنبية ،
    فكانت سندا قوياً
    لزوجها الشاعر الكبير، خطبت إليه سنة 1912 عقب عودته من
    إنجلترا وبقيت
    مخطوبة له حتى سنة 6ا9ا حين تزوجها، ولشاعرنا منها أولاد
    وبنات : محمد،
    وبدر الدين ، وحسن ، وأحمد، وفاروق ، وبنتان ، وبنوه ما
    بين مهندس وحقوقى

    وطبيب "( ). وهو يصور مهجته بالزفاف ويصف متعته وسعادته
    فى خماسيته التى كتبها عام اا9ام ، وفيها يصف زوجته بعنوان ( ليلة وليلى
    ) .
    مشرقة الطلعة والجبين فيكن ذات حسب
    ودين
    من
    عاذرى فيها ومن معينى
    كأنها إحدى الظباء العين عيل بها صبرى وطاش حلمى (
    )
    ويعلق الأستاذ محمد الغزالى
    حرب على هذه الخماسية بأنها " كانت من وحى ما
    يسمونه (شهرالعسل) ، ،هو الشهر الأول عتب
    القران الميمون ، والزواج السعيد

    " ( ).
    وقبل أن ينتقل بنا
    الجارم لوظيفة أخرى ، يجدر بنا أن نشير إلى أن علاقة
    الجارم بالولاة ، وأولى الأمر قد بدأت فى
    دار العلوم ، حيث كتب الجارم
    قصيدة حماسية خطابية بمناسبة زيارة السلطان
    (حسين كامل ) لدار العلوم سنة
    1915م ، ودفعها الجارم لأحد طلابه ، ليلقيها أمام السلطان
    ومنها
    .


    ب ولم أشتات الرعية يا مالكا ملك
    القلـــو
    فى
    المارم حاتمية
    لك فى العلا كعب وكف ــرار طاهرة نقية( )
    لك سيرة كصحيفة الأبـــ ثم ينتقل
    الجارم من دار العلوم ليصبح مفتشا لأعمال مدرسى اللغة العربية
    بوزارة
    المعارف وكان الرجل - رحمه الله - يوجه مدرسيه بما يملى عليه ضميره
    ويوجبه حبه
    للضاد، ورغبته الأكيدة فى إعلاء شأنها، وإزالة ما علق بها من
    شوائب عصور الضعف ، ولم يكن فى تفتيشه
    (روتينيا) كما يحدث الآن ، حيث صار
    التوجيه - فى الأعم الأغلب - مجرد حضور،
    وتوقيعات ، وإمضاءات دونما دور
    حقيقى فى رفعة شأن اللغة ، أو المدرس ،
    " وكان الجارم بلاء مسلطلاً على
    ضعاف المدرسين ، يرهبهم ويخافونه ، فإذا حل
    بمدرسة كان شغل المدرسين
    الشاغل ، فإن كلمة منه كثيراً ما تنقل المدرس، أو تؤخر
    ترقيته ، أو تهوى

    به من المدرسة الثانوية إلى ما
    دونها، وكان ينال المدرس الضعيف بالتوبيخ
    وينبه على ضعفه ، وربما غمزه أمام التلاميذ
    بما يغيظه ، كما كان مشجعأ
    للنابهين من المدرسين يتخذ منهم الأصدقاء، ويسعى لوضعهم
    فى المراكز
    الممتازة" ( ) .
    ويقول ناقد آخر: " ا ثم
    يعود إلى وزارة المعارف فى سنة 1917م ، فيعمل
    مفتشا للغة العربية حيث يجعل من نفسه
    نموذجاً ممتازا للمفتش ، فهو أول من
    نبه المعلمين على المراجعة ، والبحث فى
    دواوين اللغة ومعجماتها فكانت
    مهملة منسية ، وكان السجع ، ومحسنات البديع
    لا تزال تجد سبيلها إلى كراسات
    التلاميذ، فنهض - رحمه الله - باللغة نهضة
    قوية بما أسداه للمعلمين من
    إرشاد موقنا أن ذلك هو مبدأ الإصلاح ، وأن المدارس - بعد
    البيوت – هى
    الحقل الأول الصالح لاستنبات اللغة الصحيحة التى لا
    تقوم حضارة إلا عليها

    " ( ).
    ويقول الأستاذ العوامرى بك -
    رحمه الله - : " ورجل كالجارم لا يقنع بدورة
    التفتيش الآلية ولا يشبع مطامعه عمل كهذا،
    بل هو رجل همه الدءوب والإتقان
    ، وانه بصدد خدمة اللغة
    وتخليصها من شوائبها، وما علق بها من العامى
    والدخيل ... وكان من بين المعلمين نبراساً يفزعون إليه
    فى المشكلات ، ويلجئون إليه

    فيما انبهم عليهم من المسألة .
    لا يترفع ، ولا يستعلى، أخ لهم وصديق
    وأستاذ وكان بين التلاميذ أبا عطوفا، ومرشدا
    رؤوفا، لا يعنف ولا يتسخط
    متحدب فى امتحانهم متلطف . لا تفارقه الابتسامة العذبة
    ، ولا البشاشة

    المؤنسة ، والقول اللين ،
    والدعابة الحلوة . فقد ضرب للمعلمين المثل الحي
    فيما ينبغى أن يكون عليه الأستاذ من صفات ،
    تربط بينه وبين تلميذه ، وتحكم
    بينهما أواصر الإلف ، ولم يكن الجارم فى كل
    أولئك بمتعمل ولا متكلف ، بل
    كانت هكذا فطرته . فالذين عاشروه من غير
    المعلمين والمتعلمين يرون فيه
    الإنسان الوادع السلس ، الذى لا يريد أن
    يعتد حبل الحياة ، ولا أن يخلق
    المشاكل أو يثير الخصومة
    "( ).
    ويظل الجارم فى
    وظيفته يؤدى واجبه على أكمل وجه ، وينهض باللغة الجميلة من
    مثراتها، إلى أن يرتقى ليصبر ( مفتش أول
    اللغة العربية ) أو(كبير مفتشى
    اللغة العربية )، .. وكان يشاركه فى هذا
    المنصب محمد أحمد جاد المولى ،
    وكانت هذه هى المرة الأولى التى يعين فيها
    مفتشان أولان للغة العربية
    . ويعلل الجارم لذلك " بأن رجال وزارة المعارف قدموا
    جاد المولى لأقدميته ،
    ورشحوا الجارم لعلمه ، وكاد يكون إشكالا انتهى بتعيين
    الاثنين
    "( ).
    وأثناء عمل الجارم فى وزارة
    المعارف كمفتش للغة العربية ، يلاحظ الصعوبات
    فى تدريس النحو والبلاغة ، فيؤلف بالاشتراك
    مع زميله الأستاذ مصطفى أمين
    إبراهيم - رحمهما الله - سلسلة النحو الواضح
    للمدارس الابتدائية
    فى ثلاثة أجزاء، والنحو الواضح للمدارس الثانوية فى
    ثلاثة أجزاء " وقد أقرته وزارة

    المعارف فعلا فى سنة 925ام"
    ( ).
    وقد حظى هذان الكتابان
    بشهرة واسعة كانا يستحقانها، وقد أشاد بهما كل من
    طالعهما . يقول د. محمد عبد المنعم خاطر:
    "... الجارم ومصطفى أمين قد
    ابتكرا - بتأليف النحو الواضح - طريقة فذة
    رائدة فى هذا المجال ... وفى
    الحق أن هذا الكتاب قد أفاد العربية والنحو
    العربى فائدة عظيمة ،

    فالمؤلفان بأسلوبهما العلمى
    المتأدب ، وفهمهما العميق لقواعد اللغة ،
    وتفانيهما فى سبيل خدمة العربية يعتبران أول
    رائدين فى هذا المجال
    "( ). وينقل الناقد نفسه قول الأستاذ إبراهيم مصطفى فى كتابه
    (إحياء النحو
    ) : "
    لقد أراحت كتب النحو الواضح
    مئات من المعلمين ، ويسرت على ألوف من
    المتعلمين ، وأن أزاحت عن هذا العلم سحباً
    من النفور والكراهية كانت تحيط
    به ، وتصد المتعلمين ، ثم شاعت فى البلاد
    العربية فصارت كالمنهاج لتعليم
    النحو، وأحدث أسلوبها فى الشرح والتأليف
    مدرسة أخذ المعلمون يتبعونها،
    ويؤلفون على مثالها محاكين أو مقلدين"(
    ).
    وليس أدل على شهرة هذه
    الكتب من أن تتعدد طبعاتها حتى بلغت الخمسين ،
    وقررت أجزاؤه فى مدارس الشام ، والعراق ،
    والأردن ، والسعودية حينا طويلا
    من الدهر"( ).
    "
    وما تزال كتب النحو
    الواضح تدرس - إلى الآن - فى جامعة كامبردج ، وجامعة
    اكسفورد، ولا يحظى الطلاب بشهادتيهما - يقصد
    دارس القسم العربى إلا إذا
    اجتازا امتحانا فى النحو من كتاب النحو الواضح"(
    ).
    وعندى أن عبقرية الجارم وزميله
    فى تأليف هذه الكتب راجعة إلى
    :
    *
    القدرة على تحديد مواضع
    الصعوبة فى النحو العربى
    .
    *
    القدرة على صوغ ا لأمثلة ،
    واتباع الطرق التربوية فى الشرح والتحليل ،

    وقد استفاد ا لمؤلفان من
    دراستهما لعلم النفس ، وعلوم التربية ، والمنطق
    .
    *
    الإيمان بأن النحو العربى
    جميعه يمكن درسه بتبسط ، وفهمه بطرق ممكنة ،
    بدلاً من الذين نادوا بحذف أبواب كاملة من
    النحو، وليست صعوبة النحو وكذلك نال كتاب (البلاغة الواضحة ) من الشهرة والذيوع
    والانتشار مثلما لاقى صاحباه فالكتاب يتميز بطريقة مرض مبتكرة محببة ، وأمثلته من
    عيون الشعر والنثر، وتدريباته المجابة وغيرها من روائع الإبداع العربى ، ثم يأتى
    دليل البلاغة
    الواضحة ) ليتمم الفائدة بحل النماذج والتدريبات ، وشرح ما
    استعجم منها ، يقول الدكتور محمد مبد المنعم
    خاطر: " فالجارم وصاحبه قد
    بلغا القمة ، ومن منا لا يعترف للبلاغة
    الواضحة بهذا الفضل الذى حل عقدة
    السعد للتفتازانى وأمثاله ؟، ومن منا لم
    يشعر بهذه الهزة القوية التى
    سيطرت على انفعالاته وهويدرس البلاغة
    الواضحة فيتذوق بلاغة العرب ، وفنون

    البلاغة الثلاثة ويتقنها
    "( ).
    ويصرخ المخلصون للضاد صرخات
    متوالية منذ أمد بعيد لتنهض وزارة المعارف ،
    أو وزارة التربية والتعليم فتفك القيد من
    هذه الكتب ، وتعيدها لتدرس
    لأبنائنا عسى الله أن يمن عليهم بحب لغتهم وتذوقها .
    يقول أحد النقاد " إن
    أقلام التاريخ المنصف لتطالبنا فى إلحاح بإطلاق سراح
    هذه الكتب ... إن
    الثقافة المصرية فى حاجة ملحة إلى هذه الكتب .. فإلى
    متى نبخس الناس
    أشيائهم ونحارب الأدباء فى قبورهم ... ؟"
    ( ).




    ثم ينتقل الجارم إلى متنه الذى
    تربى وترعرع فيه ، ينتقل عميداً لدار
    العلوم ، ويظل عميداً بالنيابة لها إلى أن
    يبلع سن المعاش سنة 1942م
    . وقد استمرت مرحلة الوظيفة فى حياة الجارم حوالى ثلاثين
    سنة ( 1912 :1942
    ) حفلت
    بإنتاجه الشعرى المميز، والمختلف ا لأغراض ، وا لمتفاوت الروح
    والعاطفة ،
    ونستطيع أن نقف قليلاً أمام أهم الأحداث التى مرت بالشاعرفى
    هذه الحقبة الزمنية ، والتى عالجها فى شعره. كتب الجارم قصيدتين عن الحب والغرام فى عام
    1916،

    *
    الأولى : (الحب والحرب )
    .
    *
    والثانية : (الحب )
    .
    ومن القصيدة الأولى :
    وسلوت كل مليحة إلاك مالى فتنت
    بلحظك الفتاك

    ومضلتى وهداى فى يمناك يسراك قد ملكت
    زمام صبابتى

    وإذا هجرت فكل شيء باك (
    )
    فإذا وصلت فكل شيء باسم
    وقد غنت ا لمطربة أم كلثوم
    ثلثى القصيدة ، فانتشرت وزادت شهرة القصيدة على
    شهرتها السابقة . وفى عام 1921 ، يلقى
    الجارم قصيدة بين يدى سعد زغلول
    باشا زعيم الأمة ، يمتدح فيها السلام
    الداخلى، وتوحد عنصرى الأمة قائلا
    :


    وكنت
    للرحمن حزبا
    ألفت بين العنصرين م
    لمصر إخلاصا وحبا نبذوا الشجار
    وأبدوله م

    وأقبلا جنبا فجنبا (
    )
    وسعى الهلال إلى الصليب م



    وتفيض شاعرية الجارم العذبة ،
    ويبرز وفاؤه للراحلين من أصدقائه وأساتذته ،
    فيرثى إسماعيل صبرى 1923م ، ثم يرثى عاطف
    بركات باشا الذى كان وكيلاً
    للمعارف عام 1924م، ويرثى الشيخ عبد العزيز جاويش عام 1927 م ، ويرثى سعد زغلول عام
    1927، ويرثى داود بركات 1933، ويرثى أبا الفتح الفقى عام 1936م

    ، ويرثى عبد الوهاب النجار 1942 ، وغيرها من المراثى التى يحفل بها
    ديوانه
    الضخم
    ، ومن رثائه للشيخ النجار
    :
    عليه بعده باب وقفل مضى (النجار)
    والعلياء حصن

    فبدد بعده للعلم شمل به جممع الحجا
    للعلم شملا

    وما هى غير أسياف تسل له حجج يسميها
    كلاما

    علمت بأن ماء البحر ضحل إذا فاضت
    بنابعة خطيبا

    وقول صادق النيرات فصل (
    )
    بيان مشرق اللمحات زاه



    ويصاب الجارم فى بكره (محمد)
    وفى فلذة كبده النابغة طالب الهندسة عام
    1935م عن تسعة عشر ربيعاً ، فتخور قوى الشاعر،
    فقد كان يعده ليكون سنده
    وعونه ولكنه يحتسبه عند الله- تعالى - والغريب أن
    الجارم لم يفرد ابنه
    بمرثية خاصة ، كأن الحزن قد أحاط به ، وامتلك عليه
    جوانبه فسد عليه منافذ
    القول إلا قليلا ، فقد كان يضمن رثاء ابنه فى مرثياته
    للآخرين مثل مرثيته
    لأبى الفتح الفقى، ومرثيته لعبد الوهاب النجار. وفى مرثيته للشيخ النجار يهتاج لابنه
    الفقيد، والحزن يجدد الحزن والرثاء بالرثاء يذكر ، فيقول
    : وتعذيب الذبيحة لا يحل أشرتم بالرثاء فهجتمونى ومنها قوله فى
    رثاء ولده
    : يرف من
    الشباب ويخضل
    بنفسى فى الثرى غصنا رطيبا
    ويلثمه لدى الإمساء طل تضاحكه لدى
    الإصباح شمس
    سمعى حلى غانية يصل كأن حفيفة نضرا وريقا
    يميل بصدرها الخفاق طفل يميل به
    النسيم كأن أما
    فليس لقده فى الحسن شكل إذا اتبهت غصون الروض شكلا
    وإن الحب تبذير وبخل ضننت به وجدت
    له بنفسى
    وأهنأ
    فى ذراه واستظل
    وكنت أشم ريح الخلد منه
    بدوحته فما نفعت لعل وقلت : لعله
    يبقى ورائى أطاح به ؟ وأى سرى يحل ؟
    فسل عنه العواصف : أى نوء
    يذوب أسى عليه ويضمحل نأى عنى وخلف
    لى فؤدا
    وجرح
    القلب دام لا يبل
    ( ) يبل على التداوى كل جرح
    وفى عام 1927م تحتفل العروبة
    بأسرها بتكريم شوقى بك ( 1868جـ1932
    ) ومبايعته بإمارة الشعر، وقد كان الجارم لسان شوقى
    الناطق بقصائده ، فلم يكن
    أمير الشعراء- رحمه الله - ذا لسان طلق ، ولم يكن يأمن
    على قصائده أن يلقيها إلا
    البلبل الصداح الغريد على الجارم ، فينفعل الجارم بهذه
    المناسبة ، ويذهب ليحيى أستاذه وصديقه شوقى
    برائعة من روائعه . ومنها : تفتح للنور أبصارها وجئت لمصر كعيسى المسيح كأن من الوحى أفكارها بآى تفصلها محكمات وترجع للدين هتارها ترد الشبيبة للصالحات تجازى الخمائل أمطارها جزيت بشعرك شعرا وهل وكنت بفضلك مهيارها ( ) فكنت شريف قوافى البيان وقد ألمح
    الجارم فى البيتين الأخيرين إلى منزلة شوقى الكبيرة من نفسه ،
    حيث اعتبر
    الجارم نفسه بالنسبة لشوقى كمهيارالديلمى ( ت 428 هـ ) بالنسبة
    للشريف الرضى
    (159-6402)، وهى علاقة التلميذ بأستاذه
    .



    وقبل أن نترك ( شوقى والجارم
    )، نشير إلى مرتبة الجارم الرائعة فى أستاذه
    ،
    وصديقه الأثير شوقى، وذلك فى حفل تأبين المرحوم شوقى بك فى دار الأوبرا
    سنة 1932م ،
    وقد حضر بعض شعراء الدول الأوروبية ، وفى هذه المناسبة ،
    وبهذه القصيدة اطمأن الغيورون من أبناء مصر
    إلى أن إمارة الشعر بعد شوقى
    باقية فى مصر على يد الجارم ، ولن تتحول
    لدولة عربية أخرى، إذ كان
    الحاضرون فى وجل بعد سماع ( الأخطل الصغير) بشارة عبدا
    لله الخورى
    (1885جـ1968)،
    وأدع المجال لشاهد على
    تلك الحادثة رأتها عيناه ، وسمعتها أذناه ، ألا وهو
    الأستاذ (سعد اللبان
    ) وزير
    المعارف السابق ورئيس جمعية دار العلوم ) من كلمته فى تأبين الجارم،

    حيث يصف حفل تأبين شوقى، وقد
    كان مشرفا عليه ، يقول : " وبدأ الاحتفال ،
    وتبارى شعراء العروبة وخطباؤها يتعاقبون على
    المنبر يؤبنون ، ويصورون من
    فجيعة البلاد، ووقف الأخطل الصغير بشارة الخورى يلقى
    مرثيته ، وأنشد
    قصيدته التى مطلعها : قف فى ربا الخلد واهتف باسم شاعره
    ... وتعالى هتاف
    الإعجاب من كل الجوانب ، وهمس هامس : ذلك ( أى بشارة )
    شاعرالعربية اليوم،
    وهمس آخر: لقد انتقلت زعامة الشعر من مصر إلى لبنان ،
    وتلفت المصريون
    حواليهم فى الحفل يفتقدون ( شوقى ) إشفاقا على زعامة
    الشعر أن يطوى لواؤها
    الذى رفعه شوقى خفاقا على رأسهم ، ثم جاء دور الجارم،
    فصعد المنصة ، وأخذ
    فى إنشاده : أرأيت القلوب الواجفة حين تسكن ؟ والنفوس
    القلقة كيف تستقر؟
    والنظرات الحائرة كيف يعاودها - بعد الحيرة - الهدوء ؟
    فإن كان من حق أحد
    بعد شوقى أن يزعم أنه أحق بإمارة الشعر، فلن يكون ذلك
    الشاعر إلا فى مصر،

    وحفظ الجارم لمصر مجدا أديبا
    كادت تفتقده
    " ( ). ولسنا
    فى حاجة لنزيد على هذا التقرير البليغ لشاهد عيان رأى، وسمع كيف
    احتفظ الجارم
    - رحمه الله - بإمارة الشعر فى مصر، فلم يجرؤ أحد على
    منازعته ، وظلت مصر- كما هى عادتها - زعيمة
    الشرق فى الشعر
    . والقصيدة
    المشار إليها للجارم (رثاء شوقى
    ) تقع فى خمسة وتسعين بيتا ، جمع فيها الجارم كل ما يرفع
    شوقى إلى القمة الشماء التى لا تدانى، ويستهلها
    الجارم ببراعة الاستهلال - كعادة كل قصائده
    - حيث جعل شوقى (كالبحترى
    ) ، وموسيقاه
    كغناء ( معبد ) المغنى المشهور فى بدايات الدولة الأموية فيقول
    : أوبكيم لمعبد ألحانه ؟ هل نعيم للبحثرى بيانه؟ بعد ما قصف
    الردى ريحانه؟
    أو رأيتم روض القريض هشيما إذا رجع الصدى تحنانه مات يا طير صادح تسجد الطير صائب الرمى من
    سهام الكنانة
    مات ( شوقى ) وكان أنفذ سهم وأبك للدهر قلبه ولسانه (
    )
    أبك للشمس فى السماء أخاها ويكثر شعر
    الرثاء عند الجارم فى أواخر هذه الفترة ، وتمتلئ نفسه حزناً
    علىالراحلين ، فيعرف حقيقة الدنيا وهو الذى
    عاشها محافظاً متديناً، تمتلئ
    نفسه بالحكمة ، ثم نراه فى عامى 1937،
    1938وقد " ارتفعت شاعرية الجارم

    الإنسان الشاعر إلى أرفع مستوى
    تزهى به الإنسانية لأى شاعر آخر فى القديم
    والحديث على السواء ، وذلك فى قصيدتيه ، بل
    معلقتيه الإنسانيتين الخالدتين
    معلقة (الأعمى ) وتبلغ سبعة وسبعين بيتا، ومعلقة (الشريد) وتبلغ ستة وثمانين بيتاً
    " ( ).
    ويقول الناقد نفسه : "
    وأرونى شاعرا آخره - كائنا من كان - له مثل هاتين
    المعلقتين الجامعتين الرائعتين كماً وكيفاً
    من تحلل نفسى ، وتحليل اجتماعى
    لا يباريان" ( ).
    ففى قصيدة (الأعمى) التى
    ألقاها فى حفل أقامته جمعية العميان لحث المحسنين
    على التبرع لهذه الفئة حتى تزداد العناية
    بهم ، ومنها يقول الجارم على
    لسان الأعمى مصورا حياته الرهيبة المرعبة فى
    صورة رائعة تأخذ بالألباب
    :
    لاهث فوق شامخات جبال مترد فى
    هاويات وهاد

    ضحك الجن أو نحيب السعالى عند صحراء
    للأعاصير فيها

    لك ما شئت من نسيج الرمال لم يزرها وشى
    الربيع ولكن

    أو بنى الإنس حولها من مجال ليس للطير
    فوقها من مطار

    أديم وعر كحد النصال رهبة تملأ
    الجوانح رعبا

    ئش ما ضاق ذرعه بمحال (
    )
    وامتداد كأنه الأمل الطا
    وفى القصيدة الثانية (الشريد)
    يمسك الجارم بمبضع المحلل النفسى الذى يشرر

    أمراض المجتمع ، ويضع طرق
    العلاج الناجح ، حيث رأى أن هذا (الشريد) إذا لم يجد مأوى ، ولم يجد من يحنو عليه
    ، فإنه سوف ينقلب أداة تدمير لنفسه
    ولمجتمعه ، كما يرى أن إصلاح المجتمع بأسره
    يبدأ من إصلاح الأسرة
    .
    من عديد يسخر من حصره ! كم شارد فى صر يا كثرة
    فصال يبغى الثأر من مصره ألقته مصر
    هملا ضائعا

    يكرع ملئ الفم من مره غاص من الآثام
    فى آسن

    وضاق بالسخط على عصره كم ضاق من
    شقوة عصره

    وشوكه كالنصل فى ظهره شجا بحلق
    الوطن المفتدى

    فكل شيء ضاع فى إثره إذا هوى الخلق
    وضاع الحجا

    ما دمر الإفساد فى قطره (
    )
    من يصلح الأسرة يصلح بها



    فى المجمع اللغوى
    :
    يصف العقاد - رحمه الله - الجارم فى قصيدته التى يرثيه فيها بقوله :
    "
    لعلى " يغنى غناء
    السمى
    لست
    أوفيه وصفه إن وصفا

    ركن فى المجمع اللغوى( )
    علم فى الديار صناجة فى الحفل نعم ، لقد
    أصاب أستاذنا العقاد، عندما وصف الجارم بأنه علم الديار، وصناجة الحفل ، وركن فى
    المجمع اللغوى
    .



    فلقد كان الجارم أحد المؤسسين
    للمجمع اللغوى ، حيث صدر الأمر من الملك
    فؤاد ) فى أكتوبر 933ا بتأسيس المجمع اللغوى وظل الجارم - رحمه الله – عضواً
    بالمجمع حتى وفاته سنة 1949م
    . ولم يكن الجارم بالعضو الخامل ، الذى يكتفى بحضور
    الجلسات وكفى، وإنما كان
    عضواً عاملاً فى. معظم لجان المجمع ، لا يدع فرصة إلا
    ويتحدث ، ولا يترك
    قصيدة إلا وتجد له رأياً صائبا فيها، يصفه الأستاذ
    إبراهيم عبد القادر
    المازنى : " كان الجارم معنا يوم الاثنين فى
    المجمع " وكان أعلانا صوتاً
    وأكثرنا حركة ، والواقع أنه عضو فى المجمع
    لا يعوض ، فقد كان من أكثر
    أعضائه عملاً فى اللجان . فقد كان عضواً فى لجنة الأدب
    ، ولجنة تيسير
    الكتابة ، ولجنة المعجم الوسيط ، فقد كان لا يتخلف من
    جلسة للجنة ، أو
    لمجلس المجمع أو مؤتمره ، وكان يدرس ، ويعد ويحضر،
    ويقترح ، ويناقش،
    ويجادل بقوة ، ،لا يكتفى بالحضور لمجرد أداة الواجب ،
    وكما قال لى الأستاذ

    أحمد أمين بك : " كان
    عضواً نافعاً جداً، خسارة المجتمع بوفاته عظيمة ،
    ذلك أنه كان رجلاً جاداً مخلصا يعرف واجبه
    قبل أن يعرف حقه ، وكان – إلى
    هذا - واسع العلم ، والاطلاع ، حاضر البديهة
    سريع الخاطر لبقا فى علاج
    المعضلات والمشكلات ، وفى التوفيق بين المختلفين ، وكان
    - فوق هذا ، أو
    قبله أديبا شاعراً، ما فى ذالك شك أو خلاف"
    ( ).
    وإذا كان المازنى - رحمه
    الله – وهو زميل الجارم فى المجمع اللغوى – شهد

    له هذا الشهادة الرائعة ،
    فإننا نود أن نستعرض - فى عجالة - بعضاً من
    نشاطه المجمعى كما جاء فى كتاب (المجمعيون
    فى خمسين عاماً ) للدكتور محمد
    مهدى علام . حيث يقول : نشاط الجارم فى
    المجمع
    .

    q
    اشترك الجارم فى كثير من
    لجان المجمع مثل
    :
    *
    لجنة العلوم الاجتماعية
    والفلسفية
    .
    *
    لجنة الأدب
    *
    لجنة اللهجات ونشر النصوص .
    *
    لجنة الأصول .
    *
    لجنة الكيمياء
    *
    لجنة معجم ألفاظ القرآن
    الكريم
    .
    *
    لجنة المعجم الوسيط .



    q
    المقالات والبحوث التى ألقاها أو نشرت له فى المجلة
    :
    - الترادف (المجلة ج ا ص 303) .
    -
    مصطلحات الشئون العامة ،
    شرحها وجوع شواهدها (المجلة ج 3ص 110
    ).
    -
    طريق تكميل المواد اللغوية
    (المجلة ج 3ص اا2
    ) .
    -
    المصادر التى لا أفعال لها
    (المجلة ج 4ص 225
    ) .
    -
    الجملة الفعلية أساس التعبير
    فى اللغة العربية (د 15 جلسة للمؤتمر - المجلة
    ج 3 ص 347) .
    -
    هذا عدا عدة قصائد ألقاها
    فى مفتتح بعض الدورات ، أوفى تأبين بعض الأعضاء، مثل المرحومين : الإسكندرى ،
    ونلينو، وأنطوان الجميل
    .
    q
    اقتراح باختيار المجمع
    مختصين بشئون العلوم العربية لإخراج المصطلحات

    العلمية القديمة من الكتب
    العربية القديمة ويعرض كل نوع على اللجنة

    المختصة (د4ا جلسة 7 للمؤتمر) .
    q
    قدم للمجمع مشروعا بتيسير
    الكتابة العربية ( د10 جلسة 9 للمؤتمر- تيسير

    الكتابة العربية ،112) ، وكان
    من المعارضين لمقترح المرحوم ) الأستاذ عبد

    العزيز فهمى بإحلال الحروف
    اللاتينية محل العربية ، وله تعليق عليه ( د 1

    جلسة 15 للمؤتمر تيسير الكتابة
    ، ص 50
    ).
    q
    مثل المجمع فى عدة مؤتمرات ،
    مثل المؤتمر العاشر للجمعية الطبية المصرية

    (
    د5 جلسة 22 ) والمؤتمر
    الثقافى للجامعة العربية ( د3 جلسة 20للمجلس
    ) (
    ) .
    ومن العرض السابق يتأكد لنا
    مدى الجهد العظيم الذى كان الجارم يبذله فى
    المجمع ، هذا الجهد النابع من إخلاصه
    الشديد، وحبه النادر المثال للغته
    الجميلة وغيرته الشديدة عليها، ورغبته
    الأكيدة فى بعثها صافية نقية مطهرة
    تواكب ركب التقدم والتحضر، لا بحذف أبواب
    منها، ولكن بتجديدها، وتنقيحها،
    وإعادة عرضها عرضا شيقا مثيرا ، فقد كان
    يرمى إلى تطويع اللغة المحافظة
    التامة على قواعدها وحدودها . وعندما يضع العضو ( عبد العزيز فهمى باشا)
    مشروعاً لإصلاح الحروف العربية
    يتضمن استبدال الحروف اللاتينية بها، تصدى
    له الجارم وعارض مقترحه بمقترح
    آخر، كان فيه ابن عذرته مع الإبقاء على
    الحروف العربية كما هى ، فاضطر عبد
    العزيز فهمى باشا لأن يعترف للجارم قائلا :
    " ا الجارم أستاذى وأستاذ غيرى
    فى النحو والصرف ورسم الكتابة غير منازع
    والطاعة والتسليم له واجبان
    "( ).

    وقد كانت قصائده الرنانة تملأ
    قاعات المجلس فى افتتاح الدورات ، وفى تأبين
    أعضاء المجمع وغيرها، وله فى ذلك قصائده ،
    بل معلقاته ، ووحيه الرائع
    . فله قصيدة أرسلها لصديقه أحمد لطفى السيد بمناسبة
    انتخابه رئيسا لمجمع
    اللغة العربية ، سنة 1945 ، وقصيدة يرثى فيها أعضاء
    المجمع الأستاذ أحمد
    الإسكندرى ، وحسين والى ، ونيلنو المستشرق الإيطالى عام
    939ام ، وقصيدة فى
    افتتاح دورة الانعقاد الثانية لمجمع اللغة العربية
    1939م ، وقصيدة فى
    افتتاح الدورة الثالثة 934ام ، ويرثى أنطون الجميل باشا
    عضو المجمع سنة

    948
    ام"( ).
    ونلتقط خيطا سريعا من قصيدته
    التى ألقاها فى افتتاح دور الانعقاد الثالث
    سنة 1934م ، وتقع فى مائة بيت ، وهى درة
    فريدة ، استعرض فيها الجارم تطور
    اللغة العربية منذ العصر الجاهلى إلى العصر
    الحديث ، مرورا بصدر الإسلام ،
    ودور القرآن فى الحفاظ عليها، ثم الحرب
    الضروس التى تواجهها اللغة من
    الترجمات ، وممن يكيدون للإسلام . وأهله ،
    ولغته من الأعاجم وغيرهم
    . وفيها يقول الجارم : على الفصيح فيا للويل والحرب ! والترجمات تشن الحرب لاقحة ناء وأمثاتله
    منا على كثب
    نطير للفظ تستجديه من بلد لعينة بارق من عراض كذب كمهرق الماء
    فى الصحراء حين بدا
    من لا يفرق بين النبع والغرب أزرى ببنت قريش ثم حاربها يصول
    بالخائبين : الجهل والشغب
    وراح فى حملة رعناء طائشة إلى دخيل من الألفاظ مغترب ؟ أنترك العربى
    السمح منطقه
    لمن يميز بين الدر والسخب وفى المعاجم كنز لا نفاد له حتى لقد لهثت
    من شدة التعب
    كم لفظة جهدت مما نكررها لم تنظر الشمس منها عين مرتقب ولفظة سجنت فى
    جوف مظلمة
    هنا
    يؤسس ما تبنون للعقب
    يا شيحة الضاد والذكرى مخلدة بمثله فى مدى الأدهار والحقب (
    )
    هنا تخطون مجدا ما جرى قلم ونأخذ من كلمة
    الأستاذ أحمد العوامرى بك خلاصة نافعة عن جهد الجارم فى
    المجمع اللغوى. يقول الرجل : " كان
    عضوا نشطا فى مؤتمر المجمع ، ومجلسه ،
    ولجانه ، قوى الحجة ، ساطع البرهان . تسعفه
    ذلاقة لسان ، وقوة بديهة ،

    وشدة عارضة ، وتزينه تؤدة فى
    القول ، ورزانة من الجدل ، وهدوء فى النقاش
    . والمتتبع لمحاضر المجمع منذ إنشائه يعجب مما للجارم فيه من نشاط متصل ، وماله من جهد دائب فى كل ما تناوله من بحوث ، وما
    انتهى إليه من قرارات
    وإذا ذهبت أحصى بحوثه واقتراحاته ، وأعرض لها واحدا
    واحدا، ولما بذله
    معنا من جهد فى إخراج مجلة المجمع ومحاضر جلساته ، لأبى
    على الوقت
    " ( ).



    الجارم والرواية
    التاريخية
    :
    وكما شغل شوقى - رحمه الله
    - الناس قبيل وفاته بمسرحياته الشعرية ، يشغل
    الجارم الناس - أيضا - قبيل وفاته برواياته
    التاريخية ، وهى
    : فارس
    بنى حمدان ، الشاعر الطموح ، خاتمة المطاف ، شاعر ملك ، هاتف من
    الأندلس ،
    الفارس الملثم ، مرح الوليد، سيدة القصور، غادة رشيد
    . وعلى الرغم من أن حديثنا الأصلى من الصورة
    الفنية فى شعر الجارم ، إلا
    أننا لا نرى غضاضة - ونحن نستعرض بعض الجوانب الهامة من
    حياته - أن نتعرض
    لدوره فى تأليف الرواية التاريخية . يقول العوامرى بك : " وهذا الرجل
    المرهق بالعمل ، المحلق ليلاً ونهارا فى
    شعره وقصيده - يخرج علينا فى الأعوام الستة
    الأخيرة – وهو أحوج ما يكون
    إلى الراحة والجمام . بثمانى روايات هى من مفاخر ما كتب
    فى القصص التاريخى
    بالعربية ... والعجب من الجارم الذى لا مهد لنا به من
    قبل قصاصا، كيف
    استوت له هذه الملكة في كهولته ، وكيف حذق أن ينسج من
    خيوط التاريخ الجافة هذا النسيج البديع
    " ( ).
    ولن أطيل فى هذا المجال ، ولكن
    سأكتفى برأى الأستاذ (عباس حسن ) فى كتابه
    المتنبى وشوقى ) المطبوع عام 1370هـ ، ا95ام
    . قال فى ص 312ما نصه
    : بقى من خصائص شوقى التى امتاز بها على
    المتنبى النثر الرائع حقا، فله فى
    هذا الميدان كتاب سماه " أسواق الذهب
    " ، وما أحسبنى مغاليا إذا قلت : إن
    النثر الأدبى البليغ ، والنثر العلمى
    المتأدب الرفيع لأديبنا المرحوم
    الأستاذ على الجارم ، ليمتاز به الجارم على
    المتنبى، وشوقى، وسائرشعراء
    العرب قديما، وحديثاً كما تنطق بذلك كتاباته النثرية
    الصادرة عن موهبة
    فنية أصيلة جعلت منها جميعاً سلاسل الذهب لا مجرد
    (أسواق الذهب
    ) ( ). ومن هنا
    ندرك أن الأستاذ على الجارم - رحمه الله - وهبه الله – تعالى
    - القدرة الشعرية فحلق فى سماواتها العلى،
    وكذلك منح القدرة النثرية فكان
    رائدا كبي

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مارس 28, 2024 3:57 am